كتاب فتاوى أكابر العلماء حول فتنة الجزائر.. - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كتاب فتاوى أكابر العلماء حول فتنة الجزائر..

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-12-11, 08:47   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



فتواه الأخيرة رحمه الله ( )

لستُ أعني بهذا أنَّ للشيخ فتوى قديمةً وأخرى جديدةً، وإنَّما أردتُ بيان تاريخ هذه الفتوى، وقُربَ عهدها برحيله.
فقد طُرح عليه أسئلةٌ ستَّة أذكرها كما جاءت في جريدة (الخبر الأسبوعي) عدد 16 ـ 23 إلى 29 جوان 1999م، وهي:
1- بروز التنظيمات في العالم العربي والإسلامي تُطلق على نفسها مسمَّيات مختلفة، وذات طابع إسلامي، وتسعى من خلال ذلك إلى تولِّي السلطة، قامت بتكفير الحُكَّام المسلمين، وأجازت من ناحية أخرى الخروجَ عليهم، فما حكم الشرع في قضية الخروج على الحاكم المسلم؟
2- الملاحظ أنَّ أتباع المنهج السلفيِّ الصحيح لم يقوموا بتأطير العمل السلفيِّ ضمن إطار حزبيٍّ ما، فما حكم هذه التنظيمات التي تصف نفسها بأنَّها ذات منهج سلفيٍّ؟
3- ما الحكم الشرعي لتلك التنظيمات التي تنتهج ما تسميه بالعمل الجهادي ضدَّ أنظمة الحكم، التي هي بنظرها تعتبرها كافرة؟ وما تقوم به من أعمالِ ذبح وتقتيل للأطفال والشيوخ والنساء؛ وذلك بحجة أنَّهم كفار وموالون لهذه الأنظمة، على حدِّ زعمهم؟
4- ما الحكم الشرعي لاغتصاب النساء من طرف تلك الجماعات؟
5- ما الحكم الشرعي فيمن يُصدر فتاوى التكفير والقتل؟
6- ما هي النصيحة التي تُقدَّم لهؤلاء؟
فأجاب الشيخ رحمه الله:
(( لقد سمعتُ كلام إخواننا محمد وعليٍّ( ) حول مسألة الخروج على الحُكَّام وتكفيرهم، وأنا أقول: لا شكَّ أنَّ ما ذكروه هو الصواب الذي لا رَيب فيه، ولكنَّني أُضيف إلى ما قالوا أنَّ علماءَ المسلمين مِمَّن ينتمون إلى أهل السنَّة وهم بلا شك تجمعهم ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: مذهب أهل الحديث، ومذهبُ أهل الحديث الذي نحن ـ والحمد لله ـ ننتمي إليه وعلى منهج السلف الصالح.
ومنهم مَن يُعرفون بالماتريدية.
ومن هم المعروفون بالأشعرية.
كلُّ هؤلاء تجمعهم كلمةُ الانتساب إلى أهل السنة.
هؤلاء في هذه المسألة اتفقوا جميعًا على أنَّه لا يجوز الخروجُ على الحُكَّام مهما ظلموا ومهما جَنَوْا، وما دام أنَّهم لا يزالون يريدون الإسلام ويُقيمون الصلاة للأئمَّة المسلمين وفي أنفسهم أيضًا.
لذلك فهذه الجماعات التي تعلنُ كتابةً ومحاضرةً الخروجَ على الحكَّام، هؤلاء في نقدي أنا أولًا: جهلة بحكم الشرع؛ لأنَّ الرسولَ عليه السلام تواترت عنه الأحاديثُ في طاعة الحُكام إلاَّ في معصية الله؛ كما قال في حديث البخاري: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » ( )، وفي أحاديث أخرى أنَّه تجب طاعتهم ولو ظلموك، ولو ضربوا ظهرَك ما لَم تروا كفرًا [موصدًا].
هذا النقل الذي [يحد] لكلِّ من يؤمن بالكتاب والسنة؛ لذلك اتفقت هذه المذاهب الثلاثة التي ذكرناها أنَّه لا يجوزُ الخروجُ على الحُكَّام( ).
وهناك قاعدةٌ فقهيةٌ أصولية: أنَّه إذا وقع المسلمُ أو المسلمون بين مفسدتين كلٌّ منهما مفسدةٌ، لكن إحداهما أخطر من الأخرى، تُدفعُ الكبرى بالصغرى، أي نَرضى رغم الأنوف بالمفسدة الصغرى حتى نُبعدَ عن أنفسنا المفسدةَ الكبرى.
بالإضافة إلى ما ذكرتُه وأشرتُ من أحاديث، القاعدة الأصولية لا خلاف فيها بين علماء الأصول والفقه.
إنَّ الخروجَ على الحُكَّام فتنةٌ أكبر منها، قد يصدر من بعض الحُكَّام من ظلمٍ وجَور وإهمال لتطبيق بعض أحكام الشريعة، هذا شيء.
وشيء آخر: أنا أقوله تفقُّهًا هو أنَّه ـ وأعود لأُؤَكِّدَ هذا ـ فقه من عندي، لكن استندتُ إلى النصوص التي ذكرتها آنفًا، فأقول: لو كان هناك خروجٌ جائزٌ على حُكَّام المسلمين لم يَجُز أيضًا، إنَّما نحن اليوم مع الأسف الشديد نشكو من اعتداء المشركين الكفار على بلاد الإسلام، فإذا أراد هؤلاء الخارجون أن يخرجوا على بعض الحكام المسلمين فلْيخرجوا على الكفار المشركين، ولكنَّهم يريدون أن يَبُثُّوا الفتنَ بين المسلمين.
ولذلك فأنا في الحقيقة في شكٍّ كبير من أمرين اثنين:
ـ من إسلام هؤلاء حقيقة، أي: أخشى أن يكونوا من أعداء الإسلام تلبَّسوا بثياب المسلمين.
وإن كانت الأخرى، وهي أنَّهم مسلمون فعلًا، ولكنَّهم جهلة في منتهى الجهالة( ).
إذن الخروجُ اليوم لا يجوز إطلاقًا، لذلك نحن نرى هؤلاء الخارجين أو الدَّاعين إلى الخروج، هم: إمَّا أنَّهم مدسوسون على الإسلام، أو أنَّهم مسلمون، لكنَّهم في منتهى الجهل بالإسلام الذي أنزله الله على قلب محمدٍ عليه الصلاة والسلام( ).
يبقى كلمة (التكفير): لا يجوز تكفيرُ الحُكَّام إطلاقًا، ما دام أنَّهم يشهدون أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمدًا رسول الله( )، ولذلك فنحن نؤيِّدُ كلَّ مَن يدعو إلى الرَدِّ على هؤلاء الخارجين على الحُكَّام، والذين يحُثُّون المسلمين على الخروج على الحُكَّام( )؛ لأنَّ هذا الخروج خروجٌ عن الإسلام( ).
مَن ادَّعى السلفيَّةَ والتي هي الكتاب والسنَّة، فعليه أن يسير مسيرةَ السلف، وإلاَّ الاسم لا يُغني عن حقيقة المسمَّى.
قد ذكرتُ آنفًا بأنَّ مِن دعوة العلماء قاطبة أنَّه لا يجوز الخروج، ولا يجوز التكفير، فمَن خرج عن دعوة هؤلاء لا نُسمِّيه بأنَّه (سلفي)!
كذلك المسلم الذي يُسمِّي نفسَه مسلمًا، ولكنَّه لا يعمل بالإسلام، ولذلك قال ربُّنا تبارك وتعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [التوبة 105].
الدعوةُ السلفية هي تُحاربُ الحزبية بكلِّ أشكالِها وأنواعها، والسببُ واضحٌ جدًّا، الدعوة السلفية تنتمي إلى شخص معصوم وهو رسول الله .
أمَّا الأحزابُ الأخرى فينتمون إلى أشخاصٍ غير معصومين، قد يكونون في أنفسهم صالحين، قد يكونون في ذواتهم من العلماء العاملين، ولكن أتباعهم ليسوا كذلك.









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 08:49   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


أخيرًا وختامًا، فلان سلفي أو الجماعة الفلانية سلفية، لكنهم لا يعملون بالدعوة السلفية التي هي الكتاب والسنة والتمسك بما كان عليه السلف، وإلاَّ فهم خارجون عن الدعوة السلفية؛ والدليل الذي أختم به هذا الجواب هو قوله تبارك وتعالى: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء 115].
ولذلك فكلُّ الجماعات التي تدَّعي الانتسابَ إلى السلفِ، إذا لَم يعملوا بما كان عليه السلف، ومِن ذلك ما نحن بصددِه أنَّه لا يجوز تكفير الحُكَّام ولا الخروج عليهم، فإنَّما هي دعوى يدَّعونها.
هذه مسألة واضحةُ البطلان جدًّا.
وأعتقدُ أنَّ جوابَ هذا السؤال يُؤخذ من الجوابين السابق ذكرُهما.
قتلُ المسلم لا يجوز إلاَّ في الحدود المنصوص عليها في الكتاب والسنة، فقَتْل الرجال وقَتْل النساء وقَتْل الأطفال!
أنا أستبعدُ أن يكون هؤلاء من المسلمين، وإنَّما هم من المتزيِّنين بزِيِّ الإسلام، ويريدون أن يُشوِّهوا نصاعةَ الإسلام وبياضَه ونقاوتَه بأن ينسُبوا إليه أفعالًا، الإسلام والمسلمون حقًّا هم برآء (أبرياء) مِمَّا يُنسبُ إليهم براءةَ الذئب من دم ابن يعقوب.
المرأة طبعًا المَجني عليها هي مظلومة ولا يُقام عليها حدٌّ ولا تؤاخذ أيةَ مؤاخذة( ).
أمَّا الجنين فلا يجوز أن يُساء إليه إذا ما عاش، وينبغي أن يُعنَى بتربيته، ولا يجوز المبادرة إلى إجهاض هاته النسوة المغتصبات من أولئك الظلمة.
الإجابة عمَّا يقع الآن في الجزائر مع الأسف الشديد من اغتصابٍ للنساء وحملهنَّ بالزنا، نقول: إنَّه لا يجوز قتل هؤلاء سواء كانوا أجنَّة في بطون أمَّهاتهم أو بعد ولادتهم؛ لأنَّه يجب عليهم إكرامُهم وتأديبُهم وتربيتُهم تربيةً إسلامية.
هذا ينبغي أن يُؤدَّب.
هناك بابٌ من أبواب الفقه اسمه باب: التعزير، وهذا الباب يعود رأيُه إلى القاضي الشرعي، العمل في مثل هؤلاء من التعزير ما يُحقِّق المصلحة، والمصلحة هنا تأديبه.
أمثال هؤلاء الذين يُصدرون هذه الفتاوى ويَستحلُّون دماءَ المسلمين بدون استثناء كما ذكرت، هذا الحكم يُحيل هذا الإنسان إلى القضاء الشرعي، والقضاءُ الشرعي هو الذي يحكم وليس فردًا من أفراد، ومن عامة العلماء في بلاد الإسلام. نصيحتنا نحن دائمًا تتوجَّه إلى عامة المسلمين فضلًا عن هؤلاء.
أولًا: أن يرتدعوا عن سفك دماء المسلمين وتكفير المسلمين، وأن يلزموا التفقهَ في الدِّين، والعمل بما جاء به القرآنُ الكريم وسنةُ النبي ، فهؤلاء نأمرهم أن يتفقَّهوا في الدِّين، فذلك أفضل لهم من قيام الليل وصيام النهار، وفي ذلك هدى لهم ورَدْعٌ فكري وعلمي عمَّا هم ضالعون فيه من التكفير وسفك الدِّماء.
نسأل الله أن يهديهم جميعًا سواء الصراط ))( ).










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 08:51   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أربع ملاحظات
الملاحظة الأولى:

ما يتناقله بعضُ الثوار من أنَّ الشيخَ الألبانيَّ ـ رحمه الله ـ قال لهم:
(( عجِّلوا عجِّلوا! ))، أي: عجِّلوا بالخروج ـ حسب زعمهم! ـ لا يصحُّ؛ فإنَّ الشيخَ من أبعدِ الناسِ عن مثل هذا، بل هو من أوضحهم في هذه المسألة( ).
ففي فتنة حماة بسورية كان (الإخوان المسلمون) يضحكون عليه؛ لأنَّه كان ينهاهم عن الخروج، بل كاد ـ رحمه الله ـ يتفرَّد يومذاك بهذا الرأي، لا يُزحزحه عنه بهرج المفارق، ولا قلَّة المُرافق.
وعند فتنة جُهيمان بالحرم المكي سنة (1400هـ) كان الشيخُ يُعارض الخارجين بشدَّة، حتى سمَّاهم (خوارج)، كما بيَّنتُ ذلك في كتابي مدارك النظر في السياسة (ص:404 ـ حاشية).
وعند فتنة مصر سنة (1402هـ) وما بعدها، فإنَّه لا يُعرف من أهل العلم مَن كسر شوكة جماعة الهجرة والتكفير ومَن انشقَّ عنها مثلُ الشيخ، قال الدكتور عاصم القريوتي حفظه الله: (( ولستُ مبالغًا إن قلتُ:
إنَّ أعظمَ ما قام به الشيخُ مـن جهود ـ بعد نشره التوحيد وإحياء السنة النبوية ـ هو الوقوف أمام فكر التكفير العصري، الذي فاق فكرَ الخوارج في هذه البليَّة ))( ).
وأنا أقول: لقد ناقش يومها الشيخُ زعيمَ التكفير وأدحض حُجَّتَه، ثمَّ نُشرت الأشرطةُ المسموعة في تلك المناقشة، فمن ذلك اليوم لَم يُرَ لذلك الزعيم أثرٌ، ولَم يُعرف عنه خبرٌ!
وعند فتنة الجزائر هذه التي أَوْقدَ فتيلَها جبهةُ الإنقاذ الإسلامية، لا أعلمُ عالِمًا تابعَ أخبارَها، وحذَّر أحبارَها، كما فعل الشيخُ الألبانيُّ رحمه الله.
ولقد كنتُ أزورُه آنذاك في كلِّ سنة، بل أكثر، فلَم أسمعه يومًا من دهره يُبارِك مهاتراتهم السياسية، أو يُؤيِّد أعمالَهم الدموية، بل كان يُقابل هؤلاء جميعًا بالتنديد الشديد، كما أنذرَ قائدَهم الروحيَّ أليمَ الوعيد، وذكَّره بالله ذِكرى بليغة عظيمة، وصوَّر له وقوعَ ما وقع، وهذه النتائج بين عينيك وخيمة.
وقد جُرَّ إلى الشيخ على كُرهٍ وضَجرٍ يختِلُه حذر! ثُمَّ نَظرَ ثُمَّ عَبَسَ وبَسَر ثُمَّ أَدْبرَ وَاستَكبر! فقال: إنْ هذا إلاَّ شيخ جامدٌ، وسلفيٌّ بارد!!
وعاد إلى الجزائر وكأنَّ به الصَمَم، وتنكَّب نصيحة الشيخ، بل حرَّف الكَلِم، والأُمَّة كلُّها أُذُن!
وقد كان عاهد الشيخَ بالعَوْد، فنقض العهد، وأخلَفَ الوعدَ، قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِالعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا! [الإسراء 34].
وهكذا (فقه الحركة اليوم!):
كذبٌ لمصلحة الدعوة!
خيانةٌ لمصلحة الدعوة!
نقضٌ للعهد لمصلحة الدعوة!
خُلْفٌ للوعد لمصلحة الدعوة!
وبمثله قال ما قال حتى قام سوق التفجير على بوق التكفير، وتشنَّجت أفكارُ القوم وتلاقحت، وهاجت جحافل الثوار وتلاحقت؛ لقتال المسلمين لا الكفار!!
كما قال النبيُّ  في الخوارج: « يقتلون أهل الإسلام ويَدعون أهل الأوثان » ( )، وقد كان أَرَاه الشيخُ ما يرى اليوم، فتمارى بالنذر!
ويا ليتَه حاوَل الانفتاح والنِّقاش مع الشيخ، ولكنَّه لم يفعل؛ لأنَّه علِم أنَّه كما قيل: يساجل بحرًا لا تخاضُ لجَّته، وحَبرًا لا تنقض حجَّتُه.
وأحياه الله تعالى حتى رأى الأشلاء والدِّماء، وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ [الصافات 137 ـ 138]، والرَّجٌلُ هو الرَّجل؛ يُحرِّض وما يُعرِّض، يتكلم بوحشيِّ القول وما يتلعثم! وقد ظنَّ العُقلاء أنَّ عِظةَ الدهر بالغةٌ، ولكن هيهات هيهات أن يستغفر أو يستعتب؛ قال الله تعالى: وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ! [المائدة 41].
* * *
الملاحظة الثانية:
ليس للأتباع عذرٌ في انخداعهم بكذِبٍ نُسب إلى الشيخ؛ لأنَّ مَن رَخُصت عليه نفسُه ليبذلَها في (سبيل الله!) زعم، كيف يَسْتَغلي مكالمةً مباشرةً مع الشيخ ليزيلَ الشكَّ عن نفسه؟! ولا سيما في ذلك الوقت الذي كان يتلقَّى فيه المكالمات من الجزائر أكثر مِمَّا يتلقَّى من ذَويه الأقربين رحمه الله.
وكلُّ مَن طلب الحقَّ طرَق بابَه، ولكنَّه الهوى الذي إذا استحوذ على صاحبه تعاظم في نفسه، وصغَّر في عينه قدرَ العلماءِ، واستولى على قلبه غرورٌ كبير، تحدُوهُ نزعة إلى الاستقلالية! يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة 119].
ولو كانوا صادقين في نُصرة الحقِّ لتحرَّوا الحقَّ ولم يكتفوا بنقل أخبارٍ لا زمامَ لها ولا خِطام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله  قال: « إنَّما العلمُ بالتعلُّم، والحِلمُ بالتحلُّم، ومَن يتحرَّ الخيرَ يُعطه، ومن يتَوَقَّ الشرَّ يُوَقَّه » ( ).
* * *
الملاحظة الثالثة:
إنَّ ادِّعاءَ بعض الثُوار في الجزائر أنَّ الشيخَ الألبانيَّ هو الذي أفتاهم بالثورة هو الذي مكَّن للفتنة، وأطال عُمرَها إلى ثمان سنوات، بل أكثر؛ وذلك لسببين هما:
1- أنَّ للشيخ ـ رحمه الله ـ تأثيرًا تربويًّا في النفوس، ومهابةً وتوقيرًا، فكان الشبابُ يترامَوْن بين أحضان الفتنة واحدًا بعد آخر، وجماعةً تِلوَ أخرى، دونما تحقُّق أو تريُّث، والشباب جُنون كما قيل!
2- أنَّ ذلك جعل بعض المسؤولين يَحُطُّ من قدر الشيخ؛ ظَنًّا منه صِدق ما نُسبَ إليه، وهذا حرَم الأمَّةَ الجزائرية من خير عظيم.
ولو أنَّهم استعانوا بالشيخ مِن أول يومٍ ـ كما فعلوا الآن ـ لخرجنا من فتنة الخوارج في الجزائر منذ أمدٍ بإذن الله، وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا [الأحزاب 38].
وهذا يُذكِّرُ القراءَ بمنع بعض البلاد دخول كتب ابن تيمية؛ لأنَّ جماعات التكفير كانت تعزو كلامَها إليه زورًا تارة، وتحريفًا تارة أخرى، والأمر لله.
* * *
الملاحظة الرابعة:
ظهر كتابٌ باسم (( فتاوى الشيخ الألباني ومقارنتُها بفتاوى العلماء )) من تأليف المجهول: عكاشة عبد المنان الطيبِي! نشر مكتبة التراث الإسلامي بمصر( ).
وهذا العنوان الاستفزازيّ ـ كما يُلاحظ ـ غير معهود لدى أهل العلم، ولا سيما إذا كان يُؤدِّي ذلك إلى إثارة الأقران بعضهم على بعض!!
وقد سمعتُ جمعًا من الأفاضل ينقلون عن الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ عدمَ رضاه بِما فيه، منهم: الشيخ سليم الهلالي، والشيخ علي حسن عبد الحميد، وغيرهما، وهما من خاصَّة مَن صحبَ الشيخَ إلى أُخريات أيَّامه( ).
وعلى هذا، فإنَّني مُحذِّرٌ القراءَ مِمَّا نُسب فيه إلى الشيخ، ولا سيما الفتوى بتكفير الدولة الجزائرية، فيما زعمه هذا الجامع: عكاشة!
ومِمَّا يُبيِّن الأمرَ جليًّا إنكارُ الشيخ على الذين يُكفِّرون الدولةَ الجزائريَّة كما مرَّ بك هنا في فتواه الأولى، ثم الأخيرة هنا أيضًا، ومثلها أيضًا في فتواه الآتية.
نص كلام العلاَّمة الألباني الذي تدَّعي بعض الجماعات المسلحة في الجزائر الاعتماد عليه
جاء في سلسلة الهدى والنور، شريط سمعي برقم: (440/1)( ).
قال السائل: (( ما موقفنا من الحاكم الذي يُعطِّل شريعة الله سبحانه وتعالى ولا يحكم بها، وهل يجوز الخروج عنه؟
قال الشيخ الألباني: تقصد بـ (هل يجوز الخروج عنه؟): هل يجوز الخروج عليه؟
السائل: عليه، نعم!
الشيخ: ليس عنه؛ لأنَّ الخروجَ عنه سهلٌ، وهذا هو الواجب إذا وجدتَ حاكمًا خيرًا منه، واضح؟
السائل: نعم!
الشيخ: هذا جواب لِما لم تَسأل عنه.
السائل: ومحاربته ـ كما يقول ـ البعض؟
الشيخ: أمَّا الخروج عليه، فهو سؤال ـ كما يُقال اليوم ـ (موضة) الساعة، بالنسبة للشباب في العالم الإسلامي، منهم من يَسأل ويقف عند جواب أهل العلم، ومنهم من لا يسأل ويتحمَّس ويُحاول الخروج على الحاكم، ثم هو لا يستطيع أن يفعل شيئًا( ).
فالذي أريد أن أقوله: الخروج على الحاكم من الناحية الشرعية هو أمر جائز، وقد يجب، لكن بشرط أن نرى الكفرَ الصريح البواحَ.
الشرط الثاني: أن يكون بإمكان الشعب أن يخرج على هذا الحاكم ويُسيطر عليه، ويحلَّ محلَّه دون إراقة دماء كثيرة وكثيرة جدًّا، فضلًا عمَّا إذا كان الشعب ـ كما هو الواقع اليوم في كلِّ البلاد الإسلامية ـ لا يستطيع الخروج على الحكام؛ ذلك لأنَّ الحكام قد أحاطوا أنفسهم بأنواع من القوة والسلاح، وجعلوا ذلك حائطًا وسياجًا يدفعون به شرَّ من قد يخرج عليهم من شعبهم وأُمَّتهم.
ولذلك فأنا في اعتقادي لو كان الجوابُ: يجوز الخروج على الحُكَّام قولًا واحدًا وبدون أيِّ تفصيل، فأنا أقول: السؤال في هذه الأيام هو غير ذي موضوع؛ لأنَّه لا يوجد مَن يخرج، ولو وجدنا شعوبًا يستطيعون أن يخرجوا على حُكَّامهم لقلنا لهم: اخرجوا على الكُفَّار قبلهم( ).
فإذًا هذا السؤال ليس له محلٌّ من الإعراب كما يقول النحويُّون، لكن من الناحية الشرعية: يجوز الخروج على الحاكم إذا أعلن كفرَه، وهذا موجودٌ في بعض البلاد مع الأسف الشديد، ولكن ليس هناك شعبٌ يستطيع أن يخرج على الحاكم ويَكسب الجَولة، ويحلَّ محلَّه.
ولِهذا نحن نقول: على الشعوب الإسلامية أن يُعنَوا بما يُمكنهم، أن يُعنَوا بما يُمكنهم من القيام بأن يتعلَّموا الإسلام إسلامًا مُصَفًّى، ثمَّ أن يُربُّوا أنفسهم على هذا الإسلام الصحيح.
هذا يُمكنهم أن يقوموا به، ولو كان الحاكمُ كافرًا أو مُلحدًا، فلا ينشغلون عمَّا هو في طَوْعهم وفي قدرتهم بتفكيرهم بالقيام بما ليس في طاقتهم.
السائل: سؤال ثان، وهو مُلِحٌّ جدًّا الآن في الجزائر عندنا، وهو: ما حكم دخول الإسلاميِّين البرلمان، برلمان الدولة؟
الشيخ: طبعًا! نحن لا نرى هذا جائزًا، بل هو إضاعةٌ للجهود الإسلامية فيما لا فائدة من دخولهم في البرلمان؛ لأنَّ أَوَّلَ ذلك: هذه البرلمانات ـ كما هو معلوم ـ تحكم بغير ما أنزل الله، وثانيًا: هؤلاء الذين يدخلون هذه البرلمانات قد ـ بعضهم ـ يدخلون بنيَّة طيِّبة وصالحة، يعني يظنُّون أنَّ بإمكانهم أن يُغيِّروا من النظام الحاكم، لكنَّهم يتناسون ـ إن لم نَقُل: يَنسَوْن ـ حقيقةً مُرَّة، وهي أنَّ هؤلاء الذين يدخلون في البرلمان محكومون وليسوا حُكَّامًا، وإذِ الأمرُ كذلك فَهُم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا، بل هم سَيَضْطرُّون أن يُسايِروا النِّظامَ الحاكم، ولو كان مخالفًا للإسلام!
ونحن الآن نعيش في مشكلة ما يُسمَّى بالميثاق الوطني، ولعلكم سمعتم، أو لعلَّكم ابتُليتم أيضًا بما ابتُلينا نحن به؟
فالميثاق الوطني معناه الاعتراف بكلِّ الأديان والأحزاب الكافرة التي تُعارض الإسلامَ، والاعتراف بوجودها في البرلمان، وحينئذٍ ستقوم معارك كلامية وجدليَّة في البرلمان، وتؤخَذ القضيَّةُ بالتصويت، وحينئذٍ الذي صوتُه أكثر يكون هو المنتصر ولو كان مبطلًا!
فلهذا لا يجوز أن يدخل الشبابُ المسلمُ البرلمان بقصد إصلاح النظام.
لا يكون إصلاح النِّظام بهذه الطريقة المبتدعة، من أصلها هي بدعة؛ لأنَّكم تعلمون نظام البرلمان قائم على أساس الانتخابات، والانتخابات أيضًا تشمل الرَّجلَ والمرأة، ومِن هنا يبدأ بطلان هذا النظام ومخالفته للإسلام.
ثمَّ نظام الانتخاب يشمل الصالح ويشمل الطالح، فلا فرق بين الصالح والطالح، لكلٍّ منهما حقٌّ أن يَنتخِب أو يُنتخَب!
ثمَّ لا فرق في هذه الأجناس كلِّها بين العالم وبين الجاهل، بينما الإسلام لا يريد أن يكون مجلسُ البرلمان الذي هو مجلس الشورى إلاَّ أن يكون من نخبة الشعب المسلم عِلمًا وصلاحًا ورجالًا، وليس نساءً!
فإذًا مبيَّنٌ المخالفة من أول خطوة في موضوع البرلمان القائم على الانتخاب الذي يتناسب مع الكفار ـ نظام الكفار ـ ولا يتناسب مع نظام الإسلام.
وعلى هذا فيجب أن يظلَّ المسلمون يُعْنَون بالعلم النافع والعمل الصالح، وأن يُربُّوا أنفسهم وشعوبَهم على هذه التصفية والتربية، وأن يبتعدوا عن البرلمانات الجاهلية هذه.










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 08:53   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال الشيخ محمد شقرة:
تتمَّة للسؤال ـ شيخنا ـ إخواننا في الجزائر دخلوا تجربة، وهذه التجربة نجحوا فيها إلى حدٍّ كبير، وهي تجربة البلديات، و ـ يعني ـ تقريبًا 85 % ـ كما علمتُ من بعض الإخوان ـ كانت في بعض البلديات حقَّقوا فيها 90 ـ 95 %، وبعض البلديات أقلّ من هذا، إلى غير ذلك.
المهمُّ أنَّه كان لهم نجاح ظاهر في هذا المضمار، فهم (بيرتِّبوا) دخول البرلمان ـ يعني النجاح الذي حقَّقوه في البلديات ـ بَدْهم (أي بوُدِّهم) يقيسوا عليه نجاح دخول البرلمان، بيقولوا على أنَّه ـ طبعًا ـ حتى البلديات، الشعب الجزائري أقبل على البلديات التي غالبيتها مسلمين؛ لأنَّهم رأوا الإصلاحات ظاهرة فيها، وما كانوا حتى بعض الذين تخلَّفوا عن انتخاب المسلمين في هذه المناطق نَدِموا على عدم انتخابهم؛ لأنَّهم رأوا ـ يعني ـ دورَ المسلمين في هذه البلديات ظاهرًا وبارزًا، ويَعِدونهم أنَّه ـ يعني ـ حتى لو دخلوا الانتخابات البرلمانية أن يكونوا معهم وإلى جانبهم( )، فالإخوان في الجزائر ـ يعني ـ لعله هذا النجاح الذي حقَّقوه في البلديات يُؤَمِّلون مثلَه إذا دخلوا انتخابات البرلمان، وبخاصة الآن فيه ما يُعرف بـ (الجبهة الإسلامية للإنقاذ)، وهذه مجموعة مَن ـ يعني ـ ائتلفت فيها بعض الحركات الإسلامية، وإخواننا السلفيِّين ـ يعني ـ أيضًا دخلوا هذه الجبهة، مش مضبوط؟ يعني صحيح؟
فهم يقولون بأنَّ هذا الائتلاف الإسلامي القويِّ الذي حقَّق نجاح
في البلديات يُؤْمل أن يُحقِّق ـ أو يُرجى أو يؤمل أن يُحقِّق إن شاء الله ـ
مثله في نَجاح البرلَمان، هذا الذي يُدندِنون حولَه الآن، لذلك [نريد]( ) من شيخنا أيضًا أن يُبيِّن الفصل بين هذه وتلك، حتى يتبيَّن لهم الحقُّ إن شاء الله؟
الشيخ: مِمَّا سمعتم آنفًا ـ يعني ـ أليس ما بُني على فاسد فهو فاسد؟
أليس أنَّ دخولَ البرلمان هو في معناه تأييد للنظام القائم؟
قال الشيخ شقرة: لا! أنا ـ شيخنا ـ [نريد] أن يسمع الإخوان، أنا أريد أن تُبيِّن لهم.
الشيخ: صحيح أنَّ المشكلة ليست بيني وبينك، لكن قصدي أنَّ الكلامَ السابق هو جوابٌ لمثل هذا الأمر، يعني: النظام ليس نظامًا إسلاميًّا، فهذا (التكتُّل الإسلامي!) إذا صحَّ التعبير، أنَّهم كلّهم جماعات إسلامية وأحزاب إسلامية هم سينضمُّون تحت هذا النظام الذي يُعتبر نظامًا غير إسلامي، وهذه نقطة ما أظن فيها خلاف عند الجميع.
إذا كان الأمر كذلك فهل يبدأ الإصلاح بهذه الطريقة ـ طريق الانضمام إلى حكم واضح جدًّا أنَّه يُخالف شريعة الإسلام ـ بقَصْد محاولة إصلاح هذا النظام؟!
هل هكذا يكون طريق الإصلاح أم طريق الإصلاح يبدأ من التأسيس وليس رأسًا من الوصول إلى البرلمان( )؟!
نحن رأينا في تاريخ العصر الحاضر كثيرًا من الجماعات الإسلامية
ـ سواء في سوريا أو هنا أو في مصر ـ دخلوا البرلمان وما استطاعوا أن يعملوا شيئًا!
وصل الأمرُ عندنا في سوريا أنَّ أحد الجماعات الإسلامية صار وزير الإعلام أو نحو ذلك، ما أذكر جيِّدًا، المهمُّ كان له صلاحية أن أوعز إلى الإذاعة ألاَّ تسمح بتلاوة أحد من القراء لعشر من القرآن فيه ذمٌّ للنصارى؛ محافظة على أيْش؟ العلاقات الحسنة والطيِّبة بين المسلمين وبين هؤلاء الكفار!!
قال الشيخ شقرة: اليوم ـ شيخنا ـ اتَّصل بي واحدٌ من الإخوان ...( ) وقال لي: يا أخي، أيش المصيبة اللي بِتْصير في إذاعات المسلمين هذه؟! كأنَّهم لا يريدون أو يريدون أن يسلخوا المسلمين عن دينهم، ويجعلوا الإسلام دينًا للنصارى واليهود؟!
قلت له: كيف؟
قال: سمعتُ في إذاعة دمشق ـ أظن ـ أو في التلفزيون السوري يقول: واحد يسأل أحد المشايخ هناك، هو أحب يسأل أحد المشايخ: سؤال عن العلاقات الاجتماعية بين أصحاب الأديان المختلفة.
فأيش بِيقول له هو الرجل ـ الشيخ المستفتَى ـ؟ فيقول له: هناك قولَةٌ تقول: (لا فرق بين عربيٍّ أو أجنبيٍّ إلاَّ بالتقوى)!!
قال الشيخ: يا سيدي! ما فيه غرابة، الحكم ـ كما تعلمون يعني ـ بَعثي! لكن يومئذ كان فيه شباب مسلمين دخلوا البرلمان بنفس الغاية هذه، وإذا هم يدخلون، فبَدَل أن يُطوِّروا يتطوَّرون! يعني مثلًا نحن نضرب لكم مثلًا سهلًا جدًّا.
يَدخُل المسلمُ المتحمِّسُ البرلمان بلباسه العربي، وبلِحيَته الجليلة، فلا يكاد يمضي عليه شهر شهرين ثلاثة إلاَّ ينزع الثياب العربي ويلبس (الجاكيت والبنطلون) وربما (الكرافيت)، واللحية هذه يبدأ يأخذ منها ويأخذ منها، حتى تكاد تصير ـ كما يقولون عندنا في الشام ـ: خير الذقون إشارة تكون!!
يدخلون من أجل الإصلاح والتطوير، وإذا هم أنفسهم يتطوَّرون، ويتطوَّرون ليس إلى صالح، وإنَّما إلى طالح.
السائل: ولكن ..
الشيخ: ولكن؟
السائل: بارك الله فيكم، قد يكون الجزائر مُغايرٌ عمَّا هو في مصر أو في سوريا، والحمد لله ـ يعنِي ـ إخواننا في الجزائر قد ـ كما يقول البعض ـ متعصِّبون أكثر من غيرهم لدينهم.
ولحدِّ الآن تجربة البلديات والولايات التي نجحوا فيها ـ يعني ـ لم يتنازلوا ـ بشهادة حتى الخصوم ـ على أدنى المبادئ، ولا شيء من الشريعة أبدًا! لا تنازل ولا مساومة!
هذا ما يُؤْمَل ـ يعني ـ أن يكون في البرلمان! وهم ـ يعني ـ إخواننا متمسِّكين بهذا، ولما يدخلون البرلمان ـ هم عند دخولهم ـ هم كافرون بهذا النظام، يكفرون بهذا النظام ويُصرِّحون بهذا، قبل الدخول وأثناء الدخول( )، يعني حتى هذا كان ـ يعنِي ـ شدَّ غرابة الغرب! كيف ـ يعنِي ـ يُسمح لهؤلاء لا يعترفون بالنظام الذي منحهم الرخصة لكي يعملوا تحت مظلَّة هذا النظام ويكفرون به؟
وعلى هذا الأساس هم يدخلون البرلمان، ولنا أملٌ فيهم ـ يعني ـ في تاريخهم وفي دعوتهم، على غير ما هو موجود في مصر أو حتى في الأردن أو في الشام( ).
فإن شاء الله أملنا في التجربة في الجزائر تكون ـ يعني ـ ناجحة؛ لِما نراه من تشبُّث إخواننا وتمسّكهم بدينهم، وأملنا في الرجال القائمين على الجبهة الإسلامية للإنقاذ!
وهذا من باب دفع أكبر المفسدتين ـ إن كان ولا بدّ ـ إذا أخذنا بهذه القاعدة الأصولية( ).
قال الشيخ محمد شقرة: شيخنا! تسمح لي أسأل الأخ؟
الشيخ: عفوًا! تفضَّل.
الشيخ شقرة: أخ أحمد! أنا أسأل الآن، بعد ما حلُّوا في مراكز البلديات، هل يتحاكمون إلى القوانين والأنظمة المعمول بها، والتي تتأسَّس على ما أُسِّست البلديات من قبل أم غيَّروا وبدَّلوا؟
السائل: الآن، الشيء الجاري ما موجود من القوانين ولا يتعارض مع الشريعة الإسلامية في المعاملات يمضون على هذا، وما تعارض مع الشريعة الإسلامية ضربوه عرض الحائط.
أعطي لكم أمثلة:
مثلًا عندنا في بعض المحافظات أو ما تُسمَّى بالولايات ..
قال الشيخ شقرة: يعني عفوًا! لما تقول لي ضربوا به عرض الحائط كأنَّه ـ يعني ـ في مقدورهم أو مستطاعهم التغيير؟
قال السائل: أعطي مثالًا: مثلًا هناك بيوت الدعارة في بعض الولايات المحافظات، والخمَّارات يعني ... فالآن مثلًا عندنا في ولايات ومعظم الولايات أُغلقت بيوت الدعارة، أغلقت( )، النظام اعترض، قال: هذا ليس من صلاحية رؤساء البلديات، هي من صلاحيات وزارة الداخلية، وكذا وكذا، ولكن رغم هذا إخواننا حملوا بقوة وكانت هناك مسيرات شعبية، وأغلقت.
وأذكر في مدينة قسنطينة ـ مركز البغاء في الجزائر ـ فأُغلقت كل البيوت إلخ ـ والحمد لله ـ قبل شهر، وكذلك في كثير من الولايات، ولاية سطيف كبيرة، وبعض الولايات أُغلقت كل الخمَّارات، وأذكر في مدينة عنابة ـ مشهورة على الحدود التونسية ـ فيها خمر، مصنع للخمر كبير يُصدِّر للخارج، أُغلق هذا المصنع، وكانت عليه مشاكل كبيرة، ولكن أُغلق رغم هذا( ).
الحمد لله، لما النظام يعترض على رؤساء البلديات يأتون بالشعب مع (الجبهة الإسلامية) تكون مسيرة ضخمة فيها الآلاف، فيُطبَّق القانون.
والآن ـ الحق إخواننا ـ رغم فيه النظام يُعرقل، ولكن هم ينفعون في هذا، وحقَّقوا نجاحات طيِّبة جدًّا في هذا المجال، ولكن ـ يعني ـ الذي ما من شيء يتعارض مع الشريعة الإسلامية لا يأخذون به، ولو تسبَّب هذا في
ـ مثلًا عندنا في بعض المحافظات ـ اعتقلوا بعض رؤساء البلديات؛ لأنَّهم تحدَّوا النظام، ولكن إخواننا ماضين في هذا الطريق، ويَسْعَون حتَّى يَفُكُّوا هذه العقدة أن يأخذوا البرلمان بالأغلبية كما يَتمنَّون، والآمال ـ يعني ـ كل المؤشرات تدلُّ ـ إن شاء الله وإذا ما وفَّق ـ أن يصلوا إلى البرلمان بالأغلبية، والشعب ـ والحمد لله ـ كلُّه ملتَفٌّ وارء (الجبهة الإسلامية) والله أعلى وأعلم!
قال الشيخ ـ غيرَ عابئ بهذه المبالغات ـ: ماذا تتصوَّرون: النظام القائم الآن مُدعمٌ من قِبَل الكفار الذين احتلوا الخليج، وفعلوا ما فعلوا أم لا؟ ( ).
وإلاَّ ناحية السياسة [لا ترغب]؟
السائل: أَعِد السؤال!
الشيخ: كأنِّي شعرت أنَّه انحرج من هذا!
السائل: لا! لا! أبدًا والله ما كنتُ معك!
الشيخ: إذن ما هو الجواب؟
السائل: لو سمحتَ السؤال .. ما أذكر السؤال، سيِّدي! السؤال، أريد إعادة السؤال.
الشيخ: لا بأس، أقول: ماذا تعتقد: النظام الحاكم الآن في دولتكم وفي كلِّ الدول التي نقول: إنَّها دول إسلامية؛ نظرًا إلى شعوبها ... الشعب مستعدٌّ للخروج على الحاكم؟
نعود إلى البحث الأول: هل الشعب مستعدٌّ للخروج على الحاكم استعدادًا من النوعين: الاستعداد المعنوي الروحي، والاستعداد المادي؟
إن كان كذلك فأنا أقول: عجِّلوا! ولا تتَّخذوا هذه الوسائل الدبلوماسية أنَّه: نحن نريد أن ندخل في البرلمان من أجل الإصلاح بطريقة لا يشعر الحاكم كيف تُؤكَل الكتف!!( ).
لكن هل تظنُّ أنَّ الشعوب المسلمة ـ في أيِّ شعب يعني ـ عندها مثل هذا الاستعداد للخروج على الحاكم، ولو بهذه الطرق المُلْتويَّة الوئيدة اللطيفة الناعمة.
فحينما تَسلْسَلنا في تصوُّر الموضوع حتى وقع الصِّدام بين الحاكم والمحكوم، هل الشعب عنده استعداد لمقاومة الحاكم وقُوَّته ومَن وراءه؟
السائل: بالنسبة للجزائر ـ حسب ما هو موجود وظاهر ـ أنَّ الشعبَ مستعدٌّ بقيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ أن يخرج على الحاكم بإذن الله!!
الشيخ: أرجوك ما تحِدْ عن الجواب، أنا ما أسأل: مستعدٌّ أو لا، أنا سألتُ عن شيئين هناك موجودين أم لا: الاستعداد الإيماني الروحي، والاستعداد الماديّ السلاحي؟ هذا الاستعداد موجود؟ واضح سُؤالي؟
السائل: نعم! واضح السؤال.
الشيخ: فليكن إذًا الجواب واضحًا أيضًا!
السائل: واضحًا إن شاء الله.
فأمَّا عن الجانب الروحي: فهناك ـ يعني ـ من ما يكفي أن يجعل الشعب الجزائري يهبُّ، وتدفعه عقيدتُه إلى أن يخرج على الظالم إذا كان في مقدِّمة هذا الشعب الشيوخُ الذين نذروا أنفسهم لله سبحانه وتعالى( )، فهناك ما يدفع ـ يعني ـ ما أقول هناك الجانب الكافي الكلِّي، ولكن هناك ما يدفع الشعب لكي يخرج في وجه الظالم وليُسقطَه، هذا من الجانب الروحي!!!
أما الاستعداد المادي: قد لا تكون عندي معرفة ـ يعني ـ كبيرة بهذا الجانب، ولكن فيه ما يمكن يؤدي لإسقاط النظام، أقلُّ شيء فيه!!
الشيخ: يا شيخ ـ بارك الله فيك ـ أرجو أن تكون نظرتكم بعيدة.
السائل: إن شاء الله.
الشيخ: لأنَّه أنا حينما أتكلَّم عن النظام أربط معه الراضي عنه، وأنت حينما تُجيب لا تربط معه الراضي عنه.
السائل: صح! هو هذا موجود، لا سيما .. نحن .. فرنسا تلعب دور كبير في الجزائر!
الشيخ: طيِّب! فإذًا ما هي الاستعدادات ـ بارك الله فيكم ـ فيما إذا وقعت الواقعة؛ لأنَّه أخشى أن يُصيبكم ما أصاب غيرَكم في مصر وغيرها، أن ترجعوا مهزومين مقهورين مقتولين بلا فائدة( ).
ولذلك فأنا أُلفِتُ نظرَكم أخيرًا إلى المبدأ الإسلاميِّ: « خيرُ الهُدى هُدى محمد  ».
ما هو السبيل الذي طرَقه الرسول عليه السلام حتى أوجَد الحكم الإسلامي؟
هلاَّ سايرَ الكفار وشاركهم في نظامهم؛ لكي يستوليَ عليهم أم دعاهم إلى كلمة الحقِّ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ؟! [النحل 36].
أليس هذا هو السبيل الذي نؤمن به نحن معشر المسلمين، وبخاصة السلفيِّين جميعًا؟!
إذًا هل هذا هو السبيل الذي يُراد سلوكُه بالانضمام إلى البرلمان؟
هل هو سبيل الرسول عليه السلام الذي قال لنا ربُّنا في القرآن: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب 21]( ).
فمَن رأى العبرة بغيره فليعتبر!
الشعوب الإسلامية، الحركة القائمة الآن في الجزائر ما هي الأُولى من نوعها، ولعلَّكم تَعلمون هذه الحقيقة؟
طيِّب! فماذا استفادت هذه الحركات التي حاولت .. أوَّل حركة قامت هم جماعة (الإخوان المسلمين) الذين أرادوا أن يَصلوا إلى الحكم في مصر من طريق أيش؟ الانتخابات!
شُو كانت العاقبة؟
دَسُّوا واحدًا يرمي حسن البنا، وإذا به قُتل، راحت القوَّةُ كلُّها هباءً منثورًا!
لماذا؟ لأنَّ الشعبَ ما رُبِّيَ تربيةً إسلاميةً، بأفرادها، وإنَّما رُبِّيَ تربية حزبية للوصول إلى أَيْش؟ الحكم، ثمَّ نحن بعد ذلك نُصلحُ الشعبَ!!
أوْردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل ما هكذا يا سعد تورَد الإبل
ولذلك لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب 21]، فأنا أرجو أنَّ إخواننا هناك، تكون نظرتُهم بعيدةً، وألاَّ يصْدُق فيهم المثل العربي القديم: (( فلانٌ لا ينظر إلى أبعد من أَرنَبة أنفه ))، هذه العين، وهذه الأرنبة!
نرجو أن تكون نظرتُكم بعيدةً، وبعيدةً جدًّا!
هَبْ أنَّ الشعب الجزائري الآن هو من القوة المادية كالجيش العراقي، كالجيش العراقي، ماذا يُفيد؟ ماذا أفاد الجيش العراقي؟!
ولذلك فالإيمان قبل كلِّ شيء، ولا يكفي الإيمان بخمسة، بعشرة، بألف، بألوف مؤلَّفة، الشعب نفسُه لازم يكون ـ إيش؟ ـ مسلمًا.
أنا ما أدري الآن كيف الحياة عندكم، لكنَّني أتساءل: هذه الجماعات الإسلامية ـ على تنوُّعاتها ـ لا يوجد فيهم ناس يتعاملون بالربا؟
السائل: عند القواعد؟ قاعدة الجماعة ـ مثلًا ـ أتباعها؟
الشيخ: أه (نعم)!
السائل: طبعًا! فيها الصالح، وفيها المخطئ، ودون ذلك، وفيها ..
الشيخ: طيِّب، وهكذا كان الأمر في العهد الأول في الإسلام؟
السائل: أبدًا!
الشيخ: فإذًا ـ بارك الله فيك ـ (( المكتوب مبيَّن من عنوانه )) يقولون، فما يحتاج الأمر إلى أكثر من التروِّي والتفكير ومعالجة الأمر جذريًّا.
السائل: سؤال فقهي، يقول السائل ـ هذا السؤال من عندي ـ: إذا عَرضت لنا أو عُرضت لنا قضية فقهية فيها رأيين( ): فيها رأي عند الفقهاء راجح ومرجوح، فإذا أخذنا بالقول الراجح فيها تسبَّبنا في فتنة أو مشكلة أو تفرقة بين المسلمين، فهل يجوز لنا أن نأخذ بالقول المرجوح لمصلحة وحدة المسلمين؟
الشيخ ـ على وجه الإنكار ـ: هذه هي السياسة! هذه هي السياسة!
فقال الشيخ محمد إبراهيم شقرة: هذه السياسة ليست شرعية.
الشيخ: أي نعم! ثم قال: المسألة في الحقيقة مهمة جدًّا، أنا سمعت أن الجبهة أو النهضة ـ ما أدري الأسماء ما حفظتها بعد جيِّدًا ـ فيها ملايين، أليس صحيحًا هذا؟
السائل مستبشرًا: نعم!
الشيخ: كم ألف عالم فيهم؟
السائل: ما فيه!
الشيخ: كم مائة عالم؟
السائل: لا، ما هو موجود!!
الشيخ: طيب من يقودهم ـ يا جماعة! ـ هؤلاء؟
السائل: الشيوخ قليلين( ) يعني؟
الشيخ: هل يستطيع هؤلاء الشيوخ أن يقودوا ملايين؟
السائل: طبعًا لا!
الشيخ: هل يمكنهم أن يعلّموا ملايين؟
السائل: أبدًا!
الشيخ: إذن أنتم تعيشون في الأوهام( )!!
ومن ذلك هذا السؤال الذي أنت تطرحه الآن حينما، يكون في هؤلاء الملايين من المسلمين علماء يستطيعون أن يُديروا دفة المحكومين من أهل العلم، حينما يوجد فيهم المئات ـ ولا أقول الألوف ـ ليس هناك حاجة أن يُطرح مثل هذا السؤال: راجح ومرجوح، هل يجوز لنا أن نأخذ بالقول المرجوح ونترك القول الراجح؟
هذا: الفقيه هو الذي يجيب عن هذا.
وأنا أضرب لكم مثلًا من واقع حياتنا مع الأحزاب، أنا قلت مرة لأحد أفراد حزب التحرير: يا جماعة! أنتم تريدون أن تقيموا الدولة المسلمة، وأنتم لا تدرسون الشريعة من أصولها وقواعدها، وأنتم تحتجّون في كتبكم ببعض الأحاديث غير الصحيحة؟!
قال: أخي! نحن نستعين بأمثالكم.
قال الشيخ: هذا الجواب هو أول الهزيمة؛ لأنَّه حينما يكون هناك حزب يعتمد على غيره، معناها أنه حزب في قوته مُشْ مكتمل، وكان هذا الرجل قال لي: لا زلتم أنتم تضيّعون وقتكم في الكتب الصفراء!!
فالشاهد ـ بارك الله فيكم ـ في الوقت الذي نحن مسرورون بالحركة الإسلامية في الجزائر التي شملت فعلًا الملايين، لكن أنا أخشى أن تُصاب الحركة بشيء من الوَكْسَة بسبب الاستعجال في تحقيق الأهداف التي لا يُمكن تحقيقُها إلاَّ بالعلم والعمل الصالح، ومن ذلك التأنِّي، مَن تأنَّى نال ما تَمنَّى.
فإذا أنتَ كنتَ تعترف بهذه الحقيقة ـ فهي من جانب تسُرُّ، ومن ناحية ـ يعني تُزعج ـ أنَّ هناك ملايين من المسلمين ينضمُّون إلى هذه الكتلة أو إلى هذه الجماعة!
لكن هؤلاء أليسوا بحاجة إلى أطباء بدن؟
لا شك أنه عندكم أطباء بدن بالمئات، بل بالألوف.
طيِّب! أليسوا بِحاجة إلى أطباء ـ كما يقولون في العصر الحاضر ـ في الرّوح؟
هذا أَوْلَى وأحوج وأحوج!













رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 08:58   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تتمة

لذلك فأنا أعتقد أنَّ الجهادَ الأكبر الآن هو: هذه الملايين المملينة أن تُخرِج العشرات من العلماء المسلمين هناك، حتى يتولَّوا توجيه الملايين إلى تعريفهم بدينهم وتربيتهم على هذا الإسلام( )، أما الوصول إلى الحكم، فكل طائفة تحاول أن تصل إلى الحكم، ثم تستعمل القوّة في تنفيذ قراراتها وقوانينها، سواء كانت حقًّا أو باطلًا، الإسلام ليس كذلك!
قال الشيخ محمد شقرة: هو ـ شيخنـا بارك الله فيكم وفي الإخوان أيضًا ـ يبدو أنَّ إخوانَنا في الجزائر هم يُشبهون إلى حدٍّ كبير في أمر من الأمور أو في معظم الأمور جماعة التبليغ، في جهة التي هي عدم وجود العلماء!
جماعة التبليغ جماعةٌ كثيرة جدًّا، هم يُعدُّون أيضًا بالملايين، إذا أردنا أن نقول عن جماعة التبليغ في العالم، يُعدُّون بالملايين فعلًا ـ يعني ـ لكن ما عندهم علماء، لا يوجد عندهم علماء!
الفرق بين إخواننا في الجزائر وبين إخواننا في .. وبين جماعة التبليغ أنَّ إخواننا في الجزائر ملتزمون بالعمل بالكتاب والسنة، وفيهم الدعاة، ولكن هؤلاء الدعاة ـ الذين هم طبعًا حرَّكوا هذه الملايين ـ ينقصهم العلم الذي ينبغي أن يكون في العلماء، مثل ما تفضَّل به شيخنا وقال: الأطباء، الذين يُقدِّمون لِهؤلاء الدعاة، يقدِّمون لهم العلاج الذي يحملونه عندما يخرجون لدعوة هؤلاء الألوف أو الملايين الموجودة.
فيه مسألة أخرى ينبغي أن يتنبَّهوا لها ـ يا إخوان ـ أنَّه أحيانًا يأتيكم من الخارج ـ يعني ـ تستضيفونهم عندكم، وقد يَغُرُّكم كلامُه أو شكلُه أو صورتُه أو حديثُه أو دعواه؛ لأنَّ كثيرًا مِمَّن يأتون إلى الجزائر وغيرها، ربَّما يَدَّعون دعاوى باطلة، ويُلبِسون أنفسهم ثيابًا ليست لهم على الإطلاق، ثياب لا تصلح لهم ولا يصلحون لها أبدًا، فهؤلاء الحقيقة ـ ربما يُدخِلون بعض الأفكار لبعض الإخوان الموجودين في الجزائر، فيُؤّثِّرون فيهم تأثيرًا مباشرًا، ويتركون آثارًا يُحدِثون بها فيما بعد فتنةً في داخل صفوف الإخوان هناك.
ولذلك هؤلاء يُحذَرون أشدَّ الحَذر، ولا يُلتَفتُ لهم!
والذي أرجوه ـ طبعًا ـ لو كان الأخ علي ـ جزاه الله خيرًا ـ الأخ علي بن حاج لو أنَّه عندما جاء إلى هنا ـ يعني ـ مكث عندنا أيامًا وليالي نتشاور معه في بعض الموضوعات لكان ربما ـ يعني ـ أخذ بعض الأشياء التي تفيد الدعوة هناك في الجزائر، ـ يعني مثلا ـ خلِّيني أقول لكم شيئًا:
الأخ علي جاء إلى هنا، وجلس مع بعض الناس الذين لا يَمُتُّون إلى الدعوة الإسلامية الصحيحة بصلة بالإطلاق، ولا يعرفون من الكتاب والسنة إلاَّ اسميهما فقط.

أما العمل بالكتاب والسنة فأَمْر هذا شيءٌ بعيدٌ عنهم، فربَّما لقي بعضَهم، وهؤلاء يَتَحدَّثون عن موضوع الجهاد في وسط الجماهير الغفيرة، ويَدْعونهم إلى الجهاد في سبيل الله وإلى غير ذلك.
الأخ علي بن حاج، نحن حريصون كلَّ الحرص، وبِحُبِّنا له في الله، وبرغبتنا أن يستقيم الأمرُ في الجزائر على نحو ما نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون، لو أنَّه التقى بالشيخ وجلسنا معه بعضَ الوقت وتحدَّثنا لكان ربَّما أفاد بعض الأشياء التي منعت أو حالت دون مجيئكم أنتم ـ يعني لا مؤاخذة ـ أنا الذي أقول أنا الآن يعني ـ مجيئكم كان ارتجالًا، لم يكن

ـ يعني ـ مؤسَّسًا على أساس من النظر الدقيق؛ لأنَّ النَّظرَ الدقيق يقتضي أن نعرِف الأحوال التي حملتنا ـ يعني حفَّزتنا ـ على المجيء من الجزائر إلى هنا.
الآن ـ يعني ـ هذه مسألة يجب أن تكون موضع تجربة ونظر في حياتكم أنتم، وتنقلونها أيضًا للأخ، يعني تنقلون نقلًا أمينًا، وتعرِّفونه حقيقة ما رأيتم، وربَّما لَم يرَ شيئًا مِمَّا رأيتم( ).
قال الشيخ الألباني: على كلِّ حال، أنا أُذكِّرُك بأنَّ الشيخ عليًّا وَعَدنا بأن يعود، ما أدري كنتَ حاضرًا وإلاَّ بعدما ذهبتَ؟ أليس كذلك؟
وَعَدنا بأن يعود إلينا؛ لنَّه ـ مع الأسف ـ ما أُتيحت لنا فرصة جلوس طويل، ونتباحث ـ فيما بعضنا البعض ـ في كثير من المسائل التي يحتاجها مثل هذه الكتلة المباركة من إخواننا السلفيِّين الجزائريِّين( ).
قال الشيخ شقرة: والله! إخواننا ـ يا شيخنا يعني ـ لا بأس أيضًا حتى لو دعا الأمرُ إلى ـ يعني ـ إذا استطعنا أن نذهب إلى الجزائر ونَلقَى إخواننا هناك، هذا يكون فيه خير إن شاء الله.
الشيخ: فهو بلا شك، لكن بيقولوا عندنا في الشام: (( ما بقي في الكَرْن إلاَّ الحطب )).
قال الشيخ: فيه عندك شيءٌ غيره؟
ثمَّ كان الكلام حول الاختلاط في الدراسة.
ثمَّ بعده قال السائل: ما زال سؤالين، أولًا: فيه سؤال أصول أو سؤال ...:
ما هي نصيحتكم للجبهة الإسلامية للإنقاذ وتصل إليهم إن شاء الله وإلى رجالها، وإلى الشباب المسلم في الجزائر، وبارك الله فيكم؟
الشيخ: وفيكم بارك، على ضوء ما سبق من الكلام والبيان ما أظنُّ عندي شيءٌ جديد أُقدِّمه جوابًا على هذا السؤال، لكني أُلخِّص، فأقول: أنا أنصح إخواننا في الجزائر وفي كلِّ البلاد الإسلامية الذين قيَّض الله لهم منزلة ومكانًا بين إخوانهم المسلمين أن يُعنَوا بالعلم، بدراسة العلم، وأن ـ مع الزمن ـ يُخرجون علماء، يتولَّون تعليم الشعب المسلم، وبالتالي ننصح هذا الشعب المسلم ... )).
وهنا انقطع الشريط، وانتهت مادته.
قال جامعه غفر الله له ولوالديه: هذا محتوى الشريط من أوَّله إلى آخره فيما يخُصُّ مسألة الجزائر، فأين مُدَّعى مَن ادَّعى أنَّه ـ في حمله للسلاح ـ تابعٌ لفتوى الشيخ الألباني؟! أين هي التقوى التي بها النصر على الأعداء؟ وأين هو الصدق الذي به النجاة بين يدي رب الأرض والسماء؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة 119].
****
فتاوى العلاَّمة محمد بن صالح بن عثيمين
حفظه الله
فتوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
بقية السلف حفظه الله

عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
وإمام وخطيب بالمسجد الكبير بعنيزة وأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم
سألتُ فضيلة الشيخ ابن عثيمين عن مسألة الخروج على الحكام فقال:‎
أوَّلًا: لا يجوزُ الخروجُ على الأئِمَّة ومنابذتُهم إلا حين يكفرون كفرًا صريحًا لقول النبي : « إلا أن تروا كفرًا بواحًا ... » الحديث متفق عليه( ).
ثانيًا: العلم بكفرهم، والعلماء هم الذين يقدّرونه، وأنا لا أَقْدر على أن أحكم على حكوماتكم؛ لأنَّنِي لا أعرفها، وفي الحديث السابق:
« عندكم فيه من الله برهان ».
ثالثًا: تحقّق المصلحة في ذلك وانتفاء المفسدة( )، وتقديرها لأهل العلم أيضًا.

رابعًا: القدرة لدى المسلمين على إزاحة الحاكم الكافر.
ثم قدّم نصيحة ذهبيّة ـ حفظه الله ـ فقال ما معناه: (( وعلى كل حال، فهذا الكلام نظريّ؛ لأنّ الغالب أنّ الشّوكة والقوّة لهذه الحكومات، وأنا أنصح بالرويّة والدعوة بالحكمة وترك الدّخول في هذه المواجهات ... إلخ ))( ).

* * *
قيد خامس مهمّ
الغالب على مُحْدِثي الثورات أن يَدخلوها من باب التصعيد السياسي، فما تكاد تقوم فتنةُ إراقة الدِّماء إلاَّ على أنقاض السياسة، ولَمَّا كان الغالبُ على الحُدثاء في أسنانهم وعلمِهم وُلوجَ هذا الباب من غير تهيُّب ولا تورُّع فإنَّ الشيخَ اشترط فيمن يُمارس السياسة أن يكون من أهل العلم الذين بلغوا درجة الاستنباط؛ بدليل قوله: (( السياسة لها قوم، والدين له قوم؛ وقد أشار الله إلى هذا في قوله تعالى: وإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ... [النساء 83].
وليس قولي هذا فصل السياسة عن الدين أبدًا! الدينُ نفسُه سياسة ))( ).
* * *

ههل أَمَر ابنُ عثيمين بِمُواجهة النِّظام الجزائري؟
• وسُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين في شوال (1414هـ) عمَّا يأتي( ):

وهل كذلك أنكم قلتم باستمرار المواجهة ضد النظام بالجزائر؟
فأجاب: (( ما قلنا بشيء من ذلك! )).
قال السائل: في اشتداد هذه المضايقات هل تُشرَع الهجرة إلى بلاد الكفر؟
قال: (( الواجبُ الصبر؛ لأن البلاد بلاد إسلام، يُنادَى بها للصلوات وتقام فيها الجمعة والجماعات، فالواجب الصبر حتى يأتي الله بأمره ))( ).
* * *
فتواه في المظاهرات
* سُئل أيضًا في محرّم (1416هـ) عمَّا يأتي:
ما مدى شرعية ما يسمّونه بالاعتصام في المسـاجــد وهم ـ كما يزعمون ـ يعتمدون على فتوى لكم في أحوال الجزائر سابقًا أنَّها تجوز إن لم يكن فيها شغب ولا معارضة بسلاح أو شِبهِه، فما الحكم في نظركم؟ وما توجيهكم لنا؟
فأجاب:
(( أمَّا أنا، فما أكثر ما يُكْذَب عليَّ! وأسأل الله أن يهدي من كذب عليَّ وألاّ يعود لمثلها.
والعجبُ من قوم يفعلون هذا ولم يتفطَّنوا لما حصل في البلاد الأخرى التي سار شبابها على مثل هذا المنوال! ماذا حصل؟ هل أنتجوا شيئًا؟
بالأمس تقول إذاعة لندن: إن الذين قُتلوا من الجزائريين في خلال ثلاث سنوات بلغوا أربعين ألفًا!( ) أربعون ألفًا!! عدد كبير خسرهم المسلمون من أجل إحداث مثل هذه الفوضى!
والنار ـ كما تعلمون ـ أوّلها شرارة ثم تكون جحيمًا؛ لأن الناس إذا كره بعضُهم بعضًا وكرهوا ولاة أمورهم حملوا السلاح ـ ما الذي يمنعهم؟ـ فيحصل الشرّ والفوضى ...
وقد أمر النبيّ عليه الصلاة والسلام من رأى من أميره شيئا يكرهه أن يصبر( )، وقال: « من مات على غير إمام مات ميتة جاهلية » ( ).
الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نُظْهر المبارزة والاحتجاجات عَلَنًا فهذا خلاف هَدي السلف، وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تَمُتّ إلى الشريعة بصلة ولا إلى الإصلاح بصلة، ما هي إلا مضرّة ...
الخليفة المأمون قَتل مِن العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خَلْق القرآن( )، قتل جمعًا من العلماء وأجبر الناسَ على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحدًا منهم اعتصم في أي مسجد أبدًا، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يَحمل الناسُ عليه الحقد والبغضاء والكراهية ...( ).
ولا نؤيِّد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نؤيِّدها إطلاقًا، ويمكن الإصلاح بدونها، لكن لا بدّ أن هناك أصابع خفيّة داخلية أو خارجية تحاول بثّ مثل هذه الأمور ))( ).
* * *
• وهذه أسئلةٌ وَجَّهتُ بها إلى فضيلة الشيخ محمد بن عُثيمين، وقد قُرئت عليه عصر يوم الجمعة بتاريخ (13 من صفر 1420 هـ)، الموافق لـ (28 ـ 5 ـ 1999 م)، في بيته بمدينة عنيزة، فكان منها ما يأتي:
سؤال: (( ما حكمُ ما يُنسبُ إليكم ـ حفظكم الله ـ من تأييد الجماعات المسلَّحة الخارجة على الحكومة الجزائرية، وأنَّكم معهم إلاَّ أنَّكم عاجزون عن التصريح بذلك؛ لأسباب أمنية وسياسية؟
الجواب: هذا ليس بصحيح! ولا يُمكن أن نؤلِّب أحدًا على الحكومة؛ لأنَّ هذا تحصل به فتنة كبيرة، إذ أنَّ هؤلاء الذين يريدون أن يُقابلوا الحكومة ليس عندهم من القدرة ما يمكن أن يغلبوا الحكومةَ به، فما يبقى إلاَّ القتل وإراقة الدِّماء والفتنة، كما هو الواقع.
وما أكثر ما يُنسب إلينا هنا في السعودية أو خارج السعودية، وليس له أصلٌ عنَّا!
والحامل لذلك ـ والله أعلم ـ أنَّ الناس لهم أهواء، فإذا هَوَوْا شيئًا نسبوه إلى عالم من العلماء، من أجل أن يكون له قبول، وهذه مسألة خطيرة.
وليس الكذب عليَّ وعلى غيري من العلماء بغريب إذا كان الكذب وقع على الله عزَّ وجلَّ، قال الله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَه [الزمر 32]( ).
فأرجو من إخواننا في الجزائر وفي غير الجزائر إذا سمعوا منَّا شيئًا تنكره أفئِدتُهم أن يتَّصلوا بنا، ويستفهموا، فرُبَّما نُسب إلينا ما لم نَقُله.
سؤال: تنطلق بعض الجماعات في محاربتها لأنظمتها من قاعدة تقول: (( إنَّ محاربة الدول الإسلامية أَوْلَى من محاربة الدول الكافرة كفرًا أصليًّا؛ لأنَّ الدول الإسلامية مرتدَّةٌ، والمرتدُّ مقدَّمٌ في المحاربة على الكافر، فما مدى صحة هذه القاعدة؟
فأجاب الشيخ بقوله: هذه القاعدة هي قاعدة الخوارج الذين يقتلون المسلمين ويَدَعون الكافرين، وهي باطلة( ).
والواجب أن تلتمس العذر لكلِّ من أخطأ من المسلمين، ما دام يمكن أن يكون معذورًا، حتى تبقى الألفة والمودَّة والصفاء، وتتمُّ الأمور على ما ينبغي.
فهذا القول لا أساس له من الصِّحة( ).
سؤال: بدأ الوضع في الجزائر يتحسَّن، ونعرف جماعات غفيرة من الشباب يريد وضع السِّلاح، والرجوع إلى حياته الطبيعية، لكنه لا يدري: هل يُسلِّم نفسه أو يبقى معتصمًا بالجبال، علمًا بأنَّ الحكومةَ قد أمَّنت التائبين من حملة السِّلاح؟ نرجو النصيحة لهذه الجماعات للعودة بالأمة إلى أمنِها وتديُّنها، ودُمتم ذخرًا للمسلمين.
الجواب: نصيحتي لإخواني الذين حملوا السلاح ويحملونه الآن أن يضعوا السِّلاح، وأن يدخلوا من هذا الباب الذي فتحته الحكومة.
ونصيحتي للحكومة ألاَّ تؤذي هؤلاء الذين وضعوا السلاح، وألاَّ تمسَّهم بعذاب، وألاَّ تحرمهم من حقوقهم الوظيفية والاجتماعية ما داموا أهلًا لذلك، بمعنى أنَّها تعفو عن كلِّ ما سلف، وكأن شيئًا لم يكن، حتى تطيب النفوس، وتهدأ الأمور، فما من قلب من قلوب بني آدم إلاَّ وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن، يُصرِّفه تعالى كيف يشاء، فلا ييأس هؤلاء المقاتِلون، والحكومة يجب أن ترحمهم، وأن تعفو عنهم ما سلف، حتى تهدأ الأمور وتستقرَّ إن شاء الله ))( ).
* * *
مكالمة مباشرة من ثوار الجزائر برؤوس الجبال مع العلاَّمة ابن عثيمين
بتاريخ: 1 رمضان 1420هـ
بعد أن اتَّصل أحدُهم بالشيخ بادره الشيخُ بهذا السؤال:
(( الإخوان الذين عندك عددهم كبير أو قليل؟
قال السائل مُعرِضًا عن الجواب: نحن ـ يعني ـ أوَّلًا: نُعلمكم أنَّ الذي يُخاطبكم الآن هم إخوانك المقاتلون، وبالضبط المقاتلون من (الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، ونحن طبعًا سننقل كلامَكم ـ إن شاء الله عزَّ وجلَّ ـ إلى جميع إخواننا المقاتلين في هذه الجماعة وغيرها أيضًا.
وذلك بعد أن بلغنا نداؤكم ونصيحتكم المؤرَّخة بتاريخ 13 من شهر صفر من العام الحالي( ).
والجدير بالذِّكر أنَّ نداءَكم ذلك لم يصل إلينا إلاَّ منذ شهر ونصف، وهناك من الإخوة من لم يصلهم حتى الآن، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإنَّ الكثير من الإخوة مِمَّن بلغَتْهم نصيحتكم وقعت لهم شبهةٌ حالت دون الاستجابة لِما دعوتم إليه، فكان لابدَّ إذًا من إجراء هذا الحوار الجديد مع فضيلتكم؛ أملًا أن نتمكَّن من خلاله من الإجابة على جميع التساؤلات المطروحة، وإزاحة جميع الشُّبه، وبيان الحقِّ البواح؛ حتى نصبح على مثل المحجَّة البيضاء، لا يزيغ عنها إلاَّ هالك.
وعلى هذا الأساس، فإنَّنا نلتمس من سماحتكم ـ حفظكم الله ـ إعطاءنا أكبر قدر من وقتكم، وأن تُسهِبوا في الشرح والبيان؛ لأنَّه لا يخفى عليكم ـ يا شيخنا! ـ أنَّ الإخوة عندنا قد رسَّخَتْ فيهم سنواتُ القتال أفكارًا وعقائد ليس من السهل ـ يا شيخ! ـ ولا من البسيط التخلِّي عنها واعتقاد بطلانها، إلاَّ ببيان شافٍ منكم، وذلك لِمَا لكم في قلوب الإخوة عندنا من عظيم المنزلة، ووافر التقدير والإجلال والاحترام؛ لأنَّنا نعتقد أنَّكم من أعلام أهل السنة والجماعة في هذا العصر.
وإليكم الآن الشبه المطروحة ـ يعني ـ عندنا.
الشيخ: دعنِي أتكلَّم قليلًا، ثمَّ قال:
الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلِّي وأسلِّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
أما بعد، فإنَّني من عنيزة القصيم ـ المملكة العربية السعودية ـ وفي أول يوم من رمضان عام عشرين وأربعمائة وألف، أتحدَّث إلى إخواني في الجزائر، وأنا [محبُّهم]( ): محمد بن صالح آل عثيمين.
أقول لهم: إنَّ النبيَّ  قرَّر في حجَّة الوداع تحريمَ دمائنا وأموالنا وأعراضنا تقريرًا واضحًا جليًّا بعد أن سأل أصحابه عن هذا اليوم، والشهر، والبلد، وقال: « إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟» ( ).

فهذا أمرٌ مجمعٌ عليه، لا يختلف فيه اثنان، والإخوة الذين قاتلوا في الجزائر منذ سنوات قد يكون لهم شبهة ففي أوَّل الأمر، حينما اتَّجه الشعب الجزائري إلى جبهة الإنقاذ، وعَلَت أصواتهم لصالح الجبهة، ولكن ... هذه الجبهة حتى سيطر غيرُها، ولا شكَّ أنَّ هذا مؤسفٌ، وأنَّ الواجب اتِّباع الأكثر الذي وافق ما ينبغي أن تكون عليه الأمة الجزائرية، من قول الحقِّ واتِّباع الحقِّ.
ولكن هذا لا يقتضي ولا يسوِّغ حمل الإخوة السلاحَ بعضُهم على بعض، وكان الواجب عليهم من أول الأمر أن يمشوا ويُكثِّفوا الدعوة إلى تحكيم الكتاب والسنة، وفي الجولة الأخرى، تكون أصواتهم ...، ويكون وزنُهم في الشعب الجزائري أكبر، ولكن نقول: قَدَر الله وما شاء فعل؛ لو أراد الله أن يكون ما ذكرتُ لكان.
والآن، أرى أنَّه يجب على الإخوة أن يَدَعوا هذا القتال، لا سيما وأنَّ الحكومة الجزائرية عرضت هذا، وأمَّنت من يَضَع السلاح، فلم يبق عذرٌ.
والجزائر الآن تحمل الويلات بعد الويلات مِمَّا كانت عليه، وكنَّا قد تفاءلنا خيرًا، حينما تولَّى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهدأت الأمور بعض الشيء.
لكنَّنا ـ مع الأسف ـ سمعنا أنَّه حصل بعضُ العنف في هذه الأيام القريبة، وهو مِمَّا يُؤسف له أن يعود العنفُ إلى الجزائر المسلمة ... شهر رمضان المبارك.
والذي يجب على المسلمين أن يجمعوا كلمتَهم على الحقِّ، في رمضان وفي غيره، لكن في رمضان أوكد.
فنصيحتي لإخوتنا المقاتلين ..
ثم قاطعه السائل قائلًا: ... أحيطكم به علمًا ـ يعني ـ حتى يخرج جوابكم موافقًا أو نافعًا للإخوة، يعني كأنَّكم تعتقدون أو تظنون أنَّ الذي يخاطبكم الآن هم أنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟ يا شيخ! الآن الساحة القتالية الجزائرية تضمُّ ثلاث فصائل:
ـ أتباع (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) الذين خرجوا من أجل الانتخابات، وهلمَّ جرًّا تلك الأمور.
ـ وهناك (الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، التي نكلِّمكم باسمها، ونحن من أعضائها، هذه ـ يا شيخ ـ ليس لها علاقة بالجبهة الإسلامية للإنقاذ، وليس لها علاقة بالتحزُّب، وليس لها علاقة بالانتخاب، إنَّما خرجت بناء على اعتقادها كفر هذا الحاكم، وجواز الخروج عليه.
ـ وهناك طائفة ثالثة ـ يا شيخ ـ (الهجرة والتكفير)، هذه التي لا زالت تمارس العنف، ولا تستمع إلى العلماء، أمَّا نحن المقاتلون في (الجماعة السلفية للدعوة والقتال) فكما أسلفتُ لك منذ قليل نحبُّ العلماء ونجلُّهم، خصوصًا علماء أهل السنة والجماعة كأمثالكم، ونأخذ بأقوالهم غير أنَّه ـ كما ذكرتُ لك ـ هناك بعض التساؤلات والشُّبَه حالت دون أن يُتلقَّى كلامُكم بالقبول التامِّ.
الشيخ: فهمتُ من كلامِك الآن أنَّكم ثلاثة أقسام: جبهة الإنقاذ، الجماعة السلفية، والجماعة التكفيرية، هكذا؟
السائل: أي نعم، جيِّد يا شيخ!
الشيخ: أمَّا جبهة الإنقاذ، فأظنُّها أنَّها وافقت المصالحة؟
السائل: أي نعم، هم الآن في هُدنة يا شيخ!
الشيخ: أما الجماعة السلفية فأرى أن يُوافقوا؛ لأنَّه مهما كان الأمر، الخروج على الحاكم ـ ولو كان كفرُه صريحًا مثل الشمس ـ له شروط، فمِن الشروط: ألاَّ يترتَّب على ذلك ضررٌ أكبر، بأن يكون مع الذين خرجوا عليه قدرة على إزالته بدون سفك دماء، أما إذا كان لا يمكن بدون سفك دماء، فلا يجوز؛ لأنَّ هذا الحاكمَ ـ الذي يحكم بما يقتضي كفره ـ له أنصار وأعوان لن يَدَعوه.
ثمَّ ما هو ميزان الكفر؟ هل هو الميزان المزاجي ـ يعني ـ الذي يوافق مزاج الإنسان لا يكفر، والذي لا يوافقه يكفر؟! من قال هذا؟!
الكفر لا يكون إلاَّ من عند الله ومن عند رسوله، ثمَّ إنَّ له شروطًا، ولهذا قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلَّم لَمَّا تحدَّث عن أئمَّة الجَوْر ـ وقيل له: أفلا ننابذهم ـ قال: « لا، إلاَّ أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان » ( )، وأين هذا؟
كثيرٌ من الإخوة ولا سيما الشباب، الكفر عندهم عاطفي، مزاجي، ليس مبنيًّا على شريعة، ولا صدر عن معرفة بشروط التكفير، لهذا نشير إلى إخواننا في الجزائر أن يضعوا السِّلاحَ، وأن يدخلوا في الأمان، وأن يُصلحوا بقدر المستطاع بدون إراقة دماء، هذا هو الذي يجب علينا أن نناصحهم به، ومن وُجِّهت إليه النصيحة، فالواجب عليه على الأقل أن يتأنَّى وينظر في هذه النصيحة، لا أن يردَّها بانزعاج واستكبار وعناد، نسأل الله تعالى أن يُطفئ الفتنة، وأن يزيل الغُمَّة عن إخواننا في الجزائر.
السائل: هم الإخوة عندنا يعتمدون في الحكم بكفر حاكمهم على فتوى للشيخ ناصر الدِّين الألباني قديمة بُنيت ـ والله أعلم ـ على واقع غير صحيح( )، يعتمدون على هذا ـ يعني في تكفير حاكمهم ـ وبالتالي، وكذلك هناك بعض طلبة العلم أيضًا يعتمدون عليهم في هذه المسألة، وعلى هذا الأساس فعندما ناديتموهم بوضع السلاح ـ مع اعتقادهم كفر حاكمهم ـ شقَّ ذلك عليهم كثيرًا ـ يعني ـ وكبُر عليهم كثيرًا ـ يعني ـ وضع السلاح والعودة تحت حكم من يعتقدون كفرَه ـ يعني ـ هذه معضلة كيف حلُّها يا شيخ؟
الشيخ: والله ليست معضلة؛ أوَّلًا: ننظر هل هناك دليل على كفر هذا الحاكم، والنظر هنا من وجهين:
الوجه الأول: الدليل على أنَّ هذا الشيءَ كفرٌ.
الثاني: تحقق الكفر في حقِّ هذا الفاعل؛ لأنَّ الكلمة قد تكون كفرًا صريحًا، ولكن لا يكفر القائل، ولا يخفى علينا جميعًا قول الله عزَّ وجلَّ: مَن كَفَرَ مِن بَعْدِ إِيـمَانِه إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإِيمَانِ وَلَكِن مَن شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل 106]، رفع الله عزَّ وجلَّ حكم الكفر عن المكره وإن نطق به.
ولقد أخبر النبيُّ  أنَّ الربَّ عزَّ وجلَّ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده من رجل فَقَدَ راحلتَه، وعليها طعامه وشرابُه، فلمَّا أَيِس منها اضطجع تحت شجرة، فبينما هو كذلك إذا بناقته حضرت،فأخذ بزمامها وقال: اللَّهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك، قال النبيُّ : « أخطأ من شدَّة الفرح » ( ).

وكذلك الرجل الذي كان ... وقال: « لئن قدر الله عليَّ ليعذِّبنِّي عذابًا ما يعذِّبه أحدًا من العالمين، فأمر أهله إذا مات أن يحرقوه ويسحقوه في اليمِّ، فجمعه الله وسأله؟ فقال: فعلتُ ذلك خوفًا منك يا ربِّ » ( )، ولم يكفر.
الحاكم قد يكون عنده حاشية خبيثة، تُرقِّقُ له الأمور العظيمة وتسهِّلها عليه، وتُزيِّنها في نفسه، فيمضي فيما يعتقد أنَّه حلال، [ولكنه] ليس بكفر، ولا أظنُّ أحدًا من الجزائريِّين يقول: نعم! أنا أعلم أنَّ هذا حكم الله ولكنِّي أخالفه، ما أظنُّ أحدًا يقول ذلك عن عقيدة، فإن كان قد يقوله في باب المناظرة، لكن عن عقيدة لا يمكن فيما أظن؛ لأنَّ شعبَ الجزائر شعبٌ مسلم، وهو الذي أخرج الفرنسيِّين عن إكراه من أرضه، فالواجب على هؤلاء أن ينظروا في أمرهم، وأن يُلقوا السلاح، وأن يصطلحوا مع أمَّتهم، وأن يبثوا الدعوة إلى الله بتيسير ... لا بعنف، نعم!
السائل: شيخنا ـ حفظكم الله ـ هل يستلزم ـ يعني لو فرضنا كفر الحاكم ـ هل يستلزم الخروج عليه بدون شروط يعني؟
الشيخ: لا! لا بدَّ من شروط، ذكرتها آنفًا.
السائل: أي نعم!
الشيخ: لو فُرض أنَّه كافر مثل الشمس في رابعة النهار، فلا يجوز الخروجُ عليه إذا كان يستلزم إراقة الدِّماء، واستحلال الأموال.
السائل: الآن ـ يعني ـ بعض الإخوة عندنا مثلًا يقولون إنَّهم ما داموا خرجوا وحملوا السلاح وخاضوا هذه الحرب مع هذا النظام، هم اليوم وإن اعتقدوا أنَّ ما هم فيه ليس بجهاد؛ لأنَّهم كما ذكرتم لم يَستَوفوا الشروط، لكن رغم ذلك يسألون: هل يمكنهم رغم ذلك المواصلة وإن أيقنوا الفناءَ والهلاك، أم يُهاجرون، أم ماذا؟
الشيخ: والله! لا يجوز لهم، والله! لا يجوز لهم المضيُّ فيما هم عليه من الحرب الآن؛ إذ أنَّها حرب عقيم ليس لها فائدة ولا تولِّد إلاَّ الشرَّ والشَّرَر.
السائل: أي نعم، شيخنا هم ـ يعني ـ إذًا أنتم لا تعتقدون كفر حاكم الجزائر يعني، فترون ذلك؟
الشيخ: لا نرى أنَّ أحدًا كافر إلاَّ مَن كفَّره الله ورسوله وصدقت عليه شروط التكفير، من أي بلد، ومن أي إنسان، الكفر ليس بأيدينا، وليس إلينا، بل هو إلى الله ورسوله، إنَّ الرَّجلَ إذا كفَّر أخاه وليس بكافر عاد الأمر إليه: المكفِّر، وكفر إلاَّ أن يتوب.
السائل: شيخنا! بعض الإخوة عندنا ـ بعد أن سلَّموا بأنَّ هذا ليس بجهاد على وفق ما ذكرتم يعني ـ لم يثقوا في الحكومة ـ يعني ـ نسبيًّا، فيسألون هل يجوز لهم المكث في الجبال دون الرجوع إلى الحياة المدنية بدون قتال ـ يعني ـ يبقون بأسلحتهم في الجبال ويتوقَّفون عن القتال، لكن لا يرجعون إلى الحياة المدنية؟
الشيخ: أقول: إنَّهم لن يبقوا على هذه الحال، مهما كان الحال، ولا بدَّ أن تحرِّكهم نفوسُهم في يوم من الأيام حتى ينقضُّوا على أهل القرى والمدن؛ فالإنسانُ مدنيٌّ بالطبع.
يبقى في رؤوس الجبال وفي تلالها وشعابها، ومعه السلاح؟!
في يوم من الأيام لا بدَّ أن تُهيِّجهم النفوسُ حتى يكونوا قطَّاعَ طرق!
السائل: إذًا لا يجوز لهم المكث على هذه الحال؟
الشيخ: هذا ما أراه، أرى أن ينزلوا للمدن والقرى ولأهليهم وذويهم وأصحابهم.
السائل: يعني الآن ما يجب على كلِّ ـ في حالةِ إذا لم تستجب القيادة لندائكم هذا، إذا لم تستجب يعني ـ إذا لم يستجب رؤوس المقاتلين لندائكم هذا، ما واجب كل مقاتل في حقِّ نفسه؟
الشيخ: الواجب وضع السلاح، وأن لا يطيعوا أمراءَهم إذا أمروهم بمعصية؛ لأنَّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
السائل: شيخنا! هل يجوز أو هل يمكن ـ يعني ـ هل يجوز مخالفة ندائكم هذا من أجل فتاوى لبعض الدعاة؟
الشيخ: هذا يرجع إلى الإنسان نفسه، إن اعتقد أنَّ ما يقوله أولئك القوم الذين يَدْعون إلى الاستمرار، هو الحق لا يلزمهم الرجوع، ولكن يجب أن يتأمَّل الإنسان ويتدبَّر وينظر ما النتيجة في الاستمرار، كم للشعب الجزائري من سَنَةٍ، وهو يرقب الويلات بعد الويلات ولم يستفد شيئًا؟!
السائل: الملاحظة أنَّ هؤلاء الدعاة الذين ذكرتهم ـ يعني ـ دعاة غير معروفون ـ يعني ـ من أمثالهم أبو قتادة الفلسطيني الماكث في بريطانيا، هل تعرفونه يا شيخنا؟
الشيخ: لا نعرفه.
السائل: تعرفونه؟!
الشيخ: لا!
السائل: أبو مصعب السوري، ما تعرفونه؟
الشيخ: كلٌّ لا نعرفه، لكني أقول لك، إنَّ بعضَ الناس ولا أخصُّ هذا ولا هذا؛ إذا رأى الشباب اجتمعوا حوله، انفرد بما يُذكرُ به، كما يقول القائل: خالِف تُذكر، نعم!
السائل: شيخنا! هناك أحدهم يُسمى أبا حنيفة الأريتيري، يدَّعي أنَّه تلميذكم، ويَدَّعي أنَّ الاتصالَ بكم أمرٌ صعب، وأنَّكم محاطون بالمخابرات ـ يعني ـ وغير ذلك، والإخوة ههنا، الإخوة المقاتلين يعتقدون أنَّ الاتصال بكم بين الاستحالة والصعوبة، بناءً على كلام هذا الإنسان، هل هذا صحيح؟
الشيخ: غير صحيح، أبدًا كلُّ الناس يأتون ويتصلون بنا، ونحن نمشي ـ والحمد لله ـ من المسجد إلى البيت، في خلال عشر دقائق في الطريق، وكل يأتي ... ويمشي، والدروس ـ والحمد لله ـ مستمرة، ونقول ما شئنا مِمَّا نعتقده أنَّه الحق.
السائل: هذا أبو حنيفة هل تعرفونه، أبو حنيفة الأريتيري هذا؟
الشيخ: والله! أنا لا أعرفه الآن، لكن ربَّما لو رأيته لعرفته، لكن كلامه الذي قاله كذب، لا أساس له من الصحة ...
وبعد حوار بينهم وبين الشيخ حول الذين قُتلوا، وحول تأجيل هذه المكالمة.
قال الشيخ: والله! لو أجَّلتمونا إلى ما بعد رمضان إذا أمكن؟
السائل: يا شيخ! مستحيل؛ القضية جِدُّ شائكة كما ترى، وقضية دماء، وقضية أمة يا شيخ!
الشيخ: إذًا غدًا ...
ثمَّ تقدَّم سائلٌ آخر فقال: يا شيخ! لو تعطينا الآن خمس دقائق لسؤال أخير؟
الشيخ: طيِّب!
السائل: إخواننا من الجماعة السلفية للدعوة والقتال يُحبُّونكم، وينظرون إليكم على أنَّكم من علمائنا الذين يَجب أن نسير وراءكم، لكن ..
الشيخ: جزاهم الله خيرًا.
السائل: لكن هناك أسئلة تدور في رؤوسهم، ومن بين هذه الأسئلة يقولون: أنَّنا إذا نقلنا إلى الشيخ عن طريق أشرطة مصورة ـ يعني ـ وبيَّنا له فيها قتالنا أنَّنا لا نقتل الصبيان، ولا نقتل الشيوخ، ولا نفجِّر في المدن، بل نقتل من يُقاتلنا من هؤلاء الذين لا يُحكِّمون كتاب الله عزَّ وجلَّ فينا، فإنَّ الشيخ ـ يعني ـ بعد أن يعرف بأنَّ عقيدتنا سليمة، وأنَّ منهجنا سليمًا وأنَّ قتالنا سليم، فإنَّ فتواه ستتغيَّر، ما قولكم في هذا بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرًا؟
الشيخ: لا! قولي: إنَّ الفتوى لا تتغيَّر ـ مهما كانت نيَّة المقاتل ـ فإنَّها لا تتغيَّر؛ لأنَّه يترتَّب على هذا أمور عظيمة، قتل نفوس بريئة، استحلال أموال، فوضى!
السائل: شيخنا! حفظك الله، إذا كان في صعودنا إلى الجبال اعتمدنا على فتاوى، وإن كانت كما قال الأخ ـ يعني ـ ظهر خطؤها، ولو كانت من عند أهل العلم، وبعض فتاوى بعض الدعاة ظنًّا منَّا أنَّ ذلك حجة في القتال، فصعدنا إلى الجبال وقاتلنا سنين، يعني فما دور المجتمع الآن في معاملتنا؟ هل يعاملنا كمجرمين، أم أنَّنا كمجاهدين أخطأنا في هذه الطريق؟
الشيخ: أنت تعرف أنَّ جميع المجتمعات لا تتفق على رأي واحد، فيكون الناس نحوكم على ثلاثة أقسام:
ـ قسم يكره هؤلاء ويقول: إنَّهم جلبوا الدَّمار وأزهقوا الأرواح وأتلفوا الأموال، ولن يرضى إلاَّ بعد مدَّة طويلة.
ـ وقسم آخر راضٍ يُشجِّع، وربَّما يلومهم إذا وضعوا السلاح!
ـ القسم الثالث: ساكت، يقول: هؤلاء تأوَّلوا وأخطأوا، وإذا رجعوا فالرجوع إلى الحقِّ فضيلة.
السائل: شيخنا! حفظك الله، نريد كلمة توجيهية إلى الطرفين، أقصد إلى الإخوة الذين سينزلون إلى الحياة المدنية وإلى المجتمع، يعني: كيف نتعامل الآن؟ وأن ينسوا الأحقاد، نريد نصيحة في هذا الباب حفظكم الله؟
الشيخ: بارك الله فيكم، أقول: إنَّ الواجب أن يكون المؤمنون إخوة، وأنَّه إذا زالت أسباب الخلاف وأسباب العداوة والبغضاء فلنترك الكراهية، ولنرجع إلى ما يجب أن نكون عليه من المحبة والائتلاف، كما قال الله
عزَّ وجلَّ: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ [الحجرات 10].
نسأل الله التوفيق والسداد، وهل أنتم على عزم أن تتصلوا غدًا أم لا؟ أما الآن فنقطع، وما يمكن أن نزيد ...
وعند الموعد قال السائل: المهم ـ يعني ـ أنا أركِّز على أهم ما يمكن أن يؤثِّر على الإخوة عندنا ـ يعني ـ المقاتلين حتى يرجعوا إلى الحقِّ.
الشيخ: طيِّب! توكَّل على الله.
السائل: إن شاء الله، أهمّ قضية ـ يا شيخ ـ ادعاؤهم أنَّكم لا تعلمون واقعنا في الجزائر، وأنَّ العلماء لا يعرفون الواقع في الجزائر، وأنَّكم لو عرفتم أنَّنا [سلفيِّين] أنَّ هذا سيغيِّر فتواكم، فهل هذا صحيح؟
الشيخ: هذا غير صحيح، وقد أجبنا عنه بالأمس، وقلنا مهما كانت المبالغات فإراقة الدِّماء صعب، فالواجب الكفّ الآن والدخول في السِّلم.
السائل: شيخنا! ما رأيكم فيمن يعتقد أنَّ الرجوع إلى الحياة المدنية يُعتبر رِدَّة؟
الشيخ: رأينا أنَّ من قال هذا فقد جاء في الحديث الصحيح أنَّ من كفَّر مسلمًا أو دعا رجلًا بالكفر وليس كذلك عاد إليه( ).
السائل: شيخنا! ما رأيكم في قولهم أنَّه لا هدنة ولا صلح ولا حوار مع المرتدِّين؟
الشيخ: رأينا أنَّ هؤلاء ليسوا بمرتدِّين، ولا يجوز أن نقول إنَّهم مرتدُّون حتى يثبُت ذلك شرعًا.
السائل: بناءً على ماذا شيخنا؟
الشيخ: بناء على أنَّهم يُصلُّون ويصومون ويحجُّون ويعتمرون ويشهدون أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمدًا رسول الله.
السائل: نعم! نعم يا شيخنا!
الشيخ: فكيف نقول إنَّهم كفار على هذه الحال؟! إنَّ النبيَّ  قال لأسامة بن زيد لَمَّا قتل الرَّجل الذي ... بالسيف، فشهد أن لا إله إلاَّ الله، أنكر الرسول  على أسامة، مع أنَّ الرَّجل قال ذلك تعوُّذًا كما ظنَّه أسامة، والقصة مشهورة( ).
السائل: شيخنا! سؤال عقائدي ـ يعني ـ قضية الفرق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله؟
الشيخ: يعني مثلًا من ترك الصلاة فهو كافر، من سجد لصنم فهو كافر، من قال إنَّ مع الله خالقًا فهو كافر، وهذا كفر عملي، وأمَّا الكفر الاعتقادي ففي القلب.
السائل: شيخنا! الكفر العملي هل يُخرج من الملة؟
الشيخ: بعضه مخرجٌ وبعضه غير مخرج، كقتال المؤمن، فقد قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم: « قتاله كُفْرٌ » ( )، ومع ذلك لا يخرج من المِلَّة مَن قاتل أخاه المؤمن بدليل آية الحجرات: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا قال: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات 9 ـ 10].
السائل: متى يُصبح الكفر العملي كفرًا اعتقاديًّا شيخنا؟
الشيخ: إذا سجد لصنم، فهو كافر كفرًا مخرجًا عن الملة، إلاَّ أن يكون مكرهًا.
السائل: وفي قضية الحكم بغير ما أنزل الله؟
الشيخ: هذا باب واسع، هذا باب واسع، قد يحكم بغير ما أنزل الله عدوانًا وظلمًا، مع اعترافه بأنَّ حكم الله هو الحق، فهذا لا يكفر كفرًا مخرجًا عن الملة، وقد يحكم بغير ما أنزل الله تشهيًّا ومحاباة لنفسه، أو لقريبه، لا لقصد ظلم المحكوم عليه ... ولا لكراهة حكم الله، فهذا لا يخرج عن الملة، إنَّما هو فاسق، وقد يحكم بغير ما أنزل الله كارهًا لِحُكم الله، فهذا كافرٌ كفرًا مُخرجًا عن الملَّة، وقد يحكم بغير ما أنزل الله طالبًا موافقة حكم الله، لكنَّه أخطأ في فهمه، فهذا لا يكفر، بل ولا يأثم؛ لقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « إذا حكم الحاكمُ فاجتهدَ فأخطأ فله أجرٌ واحد، وإن أصاب فله أجران » ( ).
السائل: شيخنا! مثلًا عندنا للأسف الشديد مسجد حُوِّل إلى ثكنة عسكرية، تشرب فيها الخمور، وتسمع فيها الموسيقى، وتُعطل فيها الصلاة ويسبُّ فيها الله ورسوله ـ يعني ـ هذا ما حكمه؟
الشيخ: هذا فسوق، فلا يَحلُّ تحويل المسجد إلى ثكنة عسكريَّة؛ لأنَّه تحويل للوقف عن جهته وتعطيل للصلاة فيه.
السائل: شيخنا! كلامكم واضح والحمد لله، وبهذه الصيغة يزيح ـ إن شاء الله ـ الشبهَ التي تحول دون أن يعملَ الحقُّ عملَه إن شاء الله.
الشيخ: نسأل الله أن يهديهم، وأن يرزقهم البصيرة في دينه، ويحقن دماء المسلمين.
السائل: هلاَّ شرحتم لنا قوله : « مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده .. » ( )، الحديث؟
الشيخ: لا يتَّسع المجال؛ لأنَّه ما بقي إلاَّ دقيقة واحدة.
السائل: أعطِنا تاريخ المكالمة واسمك.
الشيخ: هذه المكالمة يوم الجمعة في شهر رمضان، أجراها مع إخوانه محمد بن صالح العثيمين من عنيزة بالمملكة العربية السعودية (1420هـ)، نسأل الله أن ينفع بهذا ))( ).
تنبيه:
ما كان في فتاوى الشيخ هذه من زيادة أو نقصٍ فمِن تهذيب الشيخ نفسِه، كما سبق ذكرُه في أول الكتاب.
* * *










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 09:00   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نصيحة الشيخ ابن عثيمين إلى الجماعات المسلحة بالجزائر
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد الصالح العثيمين إلى إخواني في الجزائر الذين ما زالوا يحملون السلاح في الجبال والرِّمال وفَّقهم الله لِما فيه الخير والصلاح.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وبعد: فإنَّ الواجب عليَّ أن أُبدي النصيحة لكم؛ لأنَّ ذلك من الدِّين كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم أنَّ: « الدِّين النصيحة: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمَّة المسلمين وعامَّتهم » ( ).
فنصيحتي لكم أن تُلقوا السِّلاحَ وتحملوا السلام، وتُجيبوا ما دعت إليه الحكومة من المصالحة والسلام، ثمَّ يجري بين الجميع التفاهم وتحكيم الكتاب والسنة، وهذا سيكون فيه خيرٌ كثيرٌ، والخلاص من الفتن والقتال.
وهذا ـ أعني ـ وضع السلاح وحمل السلام واجب على الجميع.
فالله الله أيُّها الإخوة بالمبادرة إلى المصالحة والتفاهم!
وأسأل الله لنا ولكم التوفيق وأن يجعلنا من دعاة الخير وأنصار الحقِّ، إنَّه جوادٌ كريم، وصلى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
كتبه الفقير إلى الله تعالى محمد بن صالح العثيمين .
في مكة المكرمة يوم الأربعاء السادس عشر من ذي الحجة عام (1420هـ).

صورة من النصيحة التي وجَّهها الشيخ ابن عثيمين إلى الجماعات المسلحة بخط يده
لقاء الجزائريين مع الشيخ ابن عثيمين
يوم (17 من ذي الحجَّة 1420هـ)
السائل: (( فضيلة الشيخ حفظك الله! ما هي نصيحتُكم وتوجيهُكم لأولئك الذين غُرِّرَ بهم ثمَّ تابوا وأَلقَوا السِّلاحَ، ورجعوا إلى حظيرَة المسلمين، وهم الآن يُصلُّون في مساجدهم، ويعيشون مع النَّاسِ، وقد يَجدون بعضَ الحرَج أو الإحراجَ من طرَف الغير، فما هي نصيحتُكم للناسِ في معاملتِهم لهم، ونصيحتكم لهم؟ كيف يُعاملون الناسَ؟ وكيف يُستَقبَلون؟ وكيف يعيشون في هذا الجوِّ الجديد بالنِّسبة إليهم؟ جزاكم الله خيرًا.
الشيخ: الحمد لله ربِّ العالَمين، نصيحتي للإخوان الذين مَنَّ اللهُ عليهم بإلقاءِ السِّلاحِ، ورجعوا إلى مُدُنهم وديارِهم أن يَشكروا اللهَ عزَّ وجلَّ على هذه النِّعمَةِ قبل كلِّ شيءٍ؛ لأنَّ هذه نعمةٌ من الله عليهم وعلى الجزائريِّين الآخرين.
ثانيًا: أن يَنسوا ما سبق، وألاَّ يعيشوا في أفكارهم السابقة، يمحضونها محضًا تامًّا من أفكارهم، ولا يتذاكروها، حتى إذا تذاكروها فليقولوا: أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم.
ثالثًا: أن يعيشوا مع النَّاسِ وكأنَّهم لَم يفعلوا شيئًا؛ لأنَّهم إذا عاشوا وهم يشعرون بأنَّهم فعلوا ما فعلوا بقُوا في نفْرَةٍ من الناس وبُعدٍ منهم، وهذا يَضُرُّ بالمصلحةِ العامة.
رابعًا: أن يُقبِلوا على علم الكتاب والسُّنَّة، وعلى معاملة السَّلَف لحُكَّامهم، فها هو أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ إمام أهل السنة يقول للمأمون: (يا أمير المؤمنين)! وهو الذي آذاه في القول بخلق القرآن، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مخاطبتِه لِمَن حبَسَه، تَجد خطابًا ليِّنًا، قال الله لموسى وهارون: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَونَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه 43 ـ 44].
خامسًا: بالنسبة للآخرين: أن يتلقَّوا هؤلاءِ بوجهٍ طلْقٍ وصدرٍ مُنشرِحٍ، وأن يفرحوا بهم، وأن يُكرموهم، وألاَّ يروهم جفاءً أو كراهيةً أو عبوسًا في وجوههم؛ لأنَّ الحالَ بعد وضع السِّلاح ليس كالحال قبل وضع السِّلاح، وأن يتناسَوا كلَّ ما جرى.
سادسًا: بالنسبة للدُّعاة أيضًا: يَحثُّون الناسَ على أن يتآلفوا ويتقاربوا، ويتعاونوا على البرِّ والتقوى، ويتناسَوا ما سبق، وتبدأ الحياة من جديد.
أمَّا ما سمعناه ـ والحمد لله ـ عن رجوع الكثير منهم إلى الصواب وإلقاء السِّلاح، وما سمعنا كذلك عن العفوِ العامِّ من قِبَل الدولة، فقد سرَّنا هذا كثيرًا، والحمد لله ربِّ العالَمين، نرجو اللهَ عزَّ وجلَّ أن يُتَمِّمَ في الباقي، هذا رأيي في المسألة.
السائل: يا شيخ! البقيَّةُ الباقية التي بقيت في الجبال، يعني الحكومة
ـ كما قلتَ الآن يا شيخ ـ أعطت العفوَ، والكثير منهم بقوا في الجبال على أساس أنَّهم لا يُعطون الأمان للحكومة.
الشيخ: لا يأمنونها؟
السائل: إي! لا يأمنونها، لكن الحكومة وعدت أنَّها لن تُصيبَهم بأذى، وقد نفَّذت هذا في الذين نزلوا، يعني: لَم تُصبهم بأذى، وهي فقط تقول: سلِّموا السِّلاحَ، وعودوا إلى حياتكم الطبيعيَّة، فالكثيرُ منهم يتردَّد ويقول: نحتاجُ إلى فتوى من مشايخِنا؛ حتى إمَّا ننزل، وإمَّا نجلس.
وبعضُهم نزل ـ والحمد لله ـ خاصَّة بعدما أُذيعت فتوى الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ في التلفاز، وفتوى الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ بعدَم جواز هذا الأمر، والبعضُ لا زال شاكًّا في هذا الأمر، فماذا تقولون في هذا؟
الشيخ: نرى أنَّه يجبُ عليهم وضعُ السِّلاح وإلقاءُ السَّلام، وإلاَّ فكلُّ ما يترتَّب على بقائهم من قتلٍ ونهب أموالٍ واغتصابِ نساءٍ فإنَّهم مسئولون عنه أمام الله عزَّ وجلَّ، والواجب عليهم الرجوع، وقد سمعنا ـ والحمد لله ـ أنَّ الكثيرَ منهم رجع، وهذا هو الواجب.
ونحن نشكرُ الدولةَ على العفوِ العام، ونشكرُ مَن ألقى السِّلاحَ على استجابتِه.
ولا يتشكَّكون في هذا أبدًا، وليرجِعوا إلى حياتهم الطبيعية.
السائل: فيما يَخُصُّ الذين تورَّطوا ورجعوا، وقد قضوا مدَّة طويلةً
في الأودية والجبال، فما هي أنفعُ السُّبُل لتعليمهم وإرشادِهم حتى يعودوا إلى حياتهم الطبيعيَّة؛ لأنَّه ليس من السَّهل أن يَقضيَ رجلٌ منهم مدَّةً مديدةً في الجبال ثمَّ يعود كأن لم يكن شيء؟! فما هي أنفع السبل لتعليمهم وإرشادهم وتوجيههم؟
الشيخ: هذا يرجع إلى الحكومة والمجتمع، فينشأ لهم مدارس لتعليمهم حسب حالهم.
السائل: من الفساد الذي حدث في هذه الفتنة: هو أنَّ بعضَ النساء أو الفتيات تعرَّضْنَ للاغتصاب من طرف هؤلاء الذين يصعدون الجبال!
الشيخ: نسأل الله العافية!
السائل: فكثيرٌ منهنَّ حوامل، وبعضُهم أصدر فتوى ... بجواز الإجهاض في مثل هذه الحالة ... أنَّ هؤلاء الفتيات اغتُصبن، والآن وقعنَ في هذه المشكلة، فكثيرٌ منهنَّ يسأل؟
الشيخ: إفتاؤهنَّ هؤلاء المغتصَبات بإجهاضِ الحمل صحيحٌ، ما لَم يبلغ الحملُ أربعةَ أشهر، فإذا بلغ أربعةَ أشهرٍ نُفخت فيه الرُّوح ولا يُمكن إسقاطه، أمَّا قبل ذلك فإسقاطُه أولى من إبقائه.
السائل: مِن الذين تابوا بقيَ في أيديهم أموالٌ قد اغتصبوها وسلبوها أيامَ الفتنة، حُكمُ هذه الأموال بعد ما تابوا وقد جُهل أصحابها؟
الشيخ: الأموال التي انتهبوها من المواطنين لا شكَّ أنَّها حرامٌ عليهم، فالمواطنُ مسلمٌ، والمسلمُ حرامٌ دمُه ومالُه وعِرضُه، فعليهم أن يَردُّوها إلى أصحابها إن عَلِموهم، أو إلى وَرثَتهم إن كانوا قد ماتوا، فإن لم يمكن فإمَّا أن تُجعلَ في بيت المال، وإمَّا أن يُتصَدَّق بها عن أصحابها.
السائل: لعلَّه هذا المتيسِّر؛ لأنَّه لا يُمكن إرجاعُها إلى بيت المال.
الشيخ: يُتصَدَّقُ بها عن أصحابها، والله يعلَم بهم عزَّ وجلَّ.
السائل: بالنسبة للحاكم الجزائري يا شيخ! الآن الشباب الذين طلعوا من السجون أكثرُهم لا زال فيهم بعض الدَّخَن، حتى وإن طلعوا من السجون وعُفي عنهم، لكن لا زالوا يتكلَّمون في مسألة التكفير، ومسألة تكفير الحاكم بالعين، وأن هذا الحاكم الذي في الجزائر حاكمٌ كافرٌ، ولا بيعة له، ولا سمع ولا طاعة لا في معروفٍ ولا في منكرٍ؛ لأنَّهم يُكفِّرونهم، ويجعلون الجزائر ـ يا شيخ! ـ أرض ـ يعني ـ أرض كفر.
الشيخ: دار كفر؟
السائل: إي، دار كفر، نعم يا شيخ! لأنَّهم يقولون: إنَّ القوانينَ التي فيها قوانين غربية، ليست بقوانين إسلامية، فما نصيحتُكم أولًا لهؤلاء الشباب؟ وهل للحاكم الجزائري بَيْعَة، علمًا ـ يا شيخ! ـ بأنَّه يأتي يعتمِر ويُظهرُ شعائرَ الإسلام؟
الشيخ: يُصلِّي أو لا يُصلِّي؟
السائل: يُصلِّي يا شيخ!
الشيخ: إذن هو مسلمٌ.
السائل: وأتى واعتمر هنا من حوالي عشرين يومًا أو شهر، كان هنا في المملكة.
الشيخ: ما دام يُصلِّي فهو مسلمٌ، ولا يجوز تكفيرُه، ولهذا لَمَّا سُئل النَّبِيُّ  عن الخروج على الحُكَّام قال: « لا ما صلَّوا » ( )، فلا يجوز الخروجُ عليه، ولا يجوزُ تكفيرُه، من كفَّره فهذا ... بتكفيره يُريد أن تعودَ المسألة جَذَعًا( )، فله بيعة، وهو حاكمٌ شرعيٌّ.
أما موضوعُ القوانين، فالقوانينُ يجب قبول الحقِّ الذي فيها؛ لأنَّ قبول الحقِّ واجبٌ على كلِّ إنسانٍ، حتى لو جاء بها أكفرُ الناس، فقد قال الله عزَّ وجلَّ: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا فقال الله تعالى: قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ [الأعراف 28]. وسكت عن قولهم: وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا؛ لأنَّها حقٌّ، فإذا كان تعالى قبِل كلمةَ الحقِّ من المشركين فهذا دليلٌ على أنَّ كلمةَ الحقِّ تُقبلُ من كلِّ واحد، وكذلك في قصة الشيطان لَمَّا قال لأبي هريرة: « إنَّك إذا قرأتَ آيةَ الكرسي لَم يزل عليك من الله حافظ ولا يَقرَبْك الشيطان حتى تُصبح )) قبِل ذلك النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم» ( )، وكذلك اليهودي الذي قال: « إنَّا نجد في التوراة أنَّ الله جعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع ـ وذكر الحديث ـ فضحك النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى بَدَت أنيابُه أو نواجِذُه؛ تصديقًا لقوله، وقرأ: وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر 67] ))( ).
فالحقُّ الذي في القوانين ـ وإن كـان مِن وَضعِ البشرِ ـ مقبولٌ، لا لأنَّه قول فلان وفلان أو وضْعُ فلان وفلان، ولكن لأنَّه حقٌّ.
وأمَّا ما فيه من خطأ، فهذا يُمكنُ تعديلُه باجتماع أهل الحلِّ العقدِ والعلماء والوُجهاء، ودراسة القوانين، فيُرفَضُ ما خالف الحقَّ، ويُقبلُ ما يُوافِقُ الحقَّ.
أمَّا أن يُكفَّرَ الحاكم لأجل هذا؟!
مع أنَّ الجزائر كم بقيت مستعمَرة للفرنسيين؟
السائل: 130 سنة.
الشيخ: 130سنة! طيِّب! هل يُمكن أن يُغيَّر هذا القانون الذي دوَّنه الفر













رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 09:02   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تتمة

ثم هؤلاء الذين يستقيمون على منهج الله لن يُضيِّعهم الله تبارك وتعالى، ولن يضيِّع أعمالهم إن شاء الله.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُجنِّبنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومسألة الجهاد ليست مسألة سهلة ـ يعني ـ بهذه السهولة، يعني ... يَقتُل ثم يُكتب في المجتهدين وفي المؤوِّلين ... والله أعلم؟! هذا مصيرهم بيد الله عزَّ وجلَّ ... وأنَّهم مخطئون عليهم مسئولية أمام الله تبارك وتعالى.
فلينصحوا أنفسهم جميعًا بتقوى الله و بلزوم كتابه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، والسير على نهج السلف الصالح في العقيدة والعمل والمنهج، فلا سداد إلاَّ للعلم النافع، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح.
السائل: يا شيخنا! ههنا أخ مقاتل يريد أن يسألكم، نحوِّل إليه المكالمة.
السائل: شيخنا! حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: لقد سألك أخونا ـ وكانت الأجوبة شافية كافية، وعلى أتَمِّ البيان ـ والحمد لله تبارك وتعالى ـ غير أنِّي في الختام أطلب منكم شيئًا بعد هذا الذي أصابنا وأصاب الأمة، ألا وهو أن تألِّفوا رسالة توجِّهونها إلى الشباب في الجزائر، تحثُّونهم فيها على الأخذ من أهل العلم، وتبيِّنون أسماء العلماء المعاصرين، وتبيِّنون كذلك رؤوس الخوارج؛ لأنَّ في هذه البلاد ينعدم العلماء السلفيُّون.
ربَّما في بعض البلدان يجد الشباب من يوجِّههم إلى السنة ومنهجهم ويبيِّن لهم الحقَّ والباطلَ، لكن في أماكن كثيرة من هذا الوطن تجد الشباب لا يعرف، ويقرأ الرسائل ويسمع الأشرطة، وتجده في حيرة من أمره: هذا يقول هكذا، وذلك يقول هكذا، وحيثما أوقع الشباب في ضلال الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ولذلك ـ يا شيخنا ـ نتمنى أن تجيبوا لنا هذه الدعوة وهذا الذي طلبناه منكم.
الشيخ: أرجو الله تبارك وتعالى أن يحقق هذا الأمل الذي تقترحه ...
السائل: شيخنا! اذكر لنا تاريخ المكالمة والاسم حتى يتأكَّد الإخوة أنَّ هذه المكالمة حديثة.
الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فهذه المكالمة جرت بيني وبين بعض الإخوة الجزائريِّين الذين يُهمّهم حقنُ دماء المسلمين، جرت هذه المكالمة في الثاني من رمضان عام 1420هـ، وأنا ربيع بن هادي عمير المدخلي، أسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبَّل منِّي هذه النصيحة، وأن ينفع بها، وأن يهدي إخواننا الذين يخالفوننا أن يعودوا إلى الصواب والرشد والهدى ))( ).

* * *
الخـاتـمـة
قال جامِعُه عفا الله عنه وعن والديه:
نخلص ـ معشر القرَّاء ـ من هذا الجمع إلى خمس نتائج هي:
النتيجة الأولى: وجوب الحذر من الخروج على السلاطين
بعد هذا العرض الطيِّب من هؤلاء الأعلام المُجتهدين، يتبيَّن القارئُ أنَّ مسألةَ الدِّماء التي تحياها كثيرٌ من بلاد الإسلام مع الأسف، ويستعدُّ آخرون لِلِقَاءِ مصرعِهم على عتبة هذا الفكر، دون التفاتٍ إلى نصوص الشارع الحكيم، ولا استفادةٍ من الواقع الأليم! يتبيَّن القارئُ أنَّ هذه المسألةَ ليست قضية واقعٍ، يختلف الجوابُ فيها من بيئةٍ إلى أخرى؛ لأنَّ أسوأ أحوال هؤلاء الحُكَّام الذين يُراد الخروجُ عليهم، أنَّهم كفَّار كما يُصوِّرُ منازعوهم، مع هذا لَم يُجَوِّز أحدٌ من هؤلاء المفتين الخروجَ عليهم؛ لأنَّ الدِّماءَ ستُراق بساحة الفتن بلا جدوى، فلا الحقُّ يُنصر، ولا الكفر يُكسَر؛ إذ الشوكةُ ـ كعادتها ـ تنوء بعصبة السلطان.
وإلاَّ فلماذا لَم يُقاتِل إبراهيم ـ عليه السلام ـ النمرودَ؟!
ولماذا لم يُقاتِل موسى ـ عليه السلام ـ فرعونَ، بل كان فارًّا منه؟! ولماذا لَم يُقاتِل موسى والخضر ـ عليهما الصلاة والسلام ـ المَلِك الذي كان يأخذ كلَّ سفينةٍ غصبًا؟!
ولماذا نهى الله رسولَه محمدًا  عن قتال الكفار وهو في مكة مستضعَفٌ... ؟!

قال القرطبي ـ رحمه الله ـ عند قصة الخضر مع الملك الذي يأخذ كل سفينة غصبًا: (( وتحصَّل من هذا: الحضُّ على الصبر في الشدائد، فكم في ضمن ذلك المكروه من الفوائد، وهذا معنى قوله: وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة 216] ))( ).
ولئن كانت الحال ـ كما هي الحال ـ على أنَّ الحُكام مسلمون، فقد سبق بيانُ أنَّ الشارع الحكيم ـ الذي أوْجب الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر كما أوْجَب الجهاد ـ هو الذي نهى عن قتالِهم، وهذا هو الذي استظهر أدلَّتَه هؤلاء الأكابرُ العلماءُ، إذن فـ:
ـ الحُكام إذا كانوا كفَّارًا
ـ أو كانوا مسلمين بغضِّ النظر عن برِّهم وفجورهم
ومناط الحكم الأوَّل هو: المصلحة والمفسدة، وهو من مدارك أهل الاجتهاد من العلماء.
ومناط الحكم الثاني: هو النصُّ الصريحُ الدَّالُ على ذلك.
فرحم الله امرأً نظر بعين الحقِّ: الكتاب والسنة، وفهمهما كما فهمهما السلفُ الصالِح، وجرَّد عقلَه عن الهوى، وجاهد نفسَه من سَوْرَة الغضب، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ [العنكبوت 69].
وقال رسول الله : « ليس الشديدُ بالصُّرَعة، إنَّما الشَّديد الَّذي يَملك نفسَه عند الغضب » ( ).
واعلم أنَّ صلاح الخارجين لا يُغيِّر من الحكم شيئًا؛ لأنَّه لَم يُنَط به الحكمُ كما سبق، وعلى هذا يكون من اللَّغْوِ أن يسأل بعضُ الإخوة عن أحوال الخارجين، فيقولون: هل هم من أهل السنة أو سلفيُّون؟
وذلك لأنَّ الخروجَ على إمامٍ مسلمٍ لا يشفعُ له صلاحُ صالِحٍ ولا عِلمُ عالمٍ، ولو كان الخارجون سلفيِّين حقيقةً لَما خرجوا بعد أن استقرَّ الأمرُ على ما نقلتُه عن السلف في مقدِّمة الكتاب!
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فيمَن خرج على بعض خلفاء بني أميَّة كابن الأشعث، وابن المهلب: (( فهُزموا وهُزم أصحابُهم، فلا أقاموا دِينًا، ولا أبْقوا دُنيا، والله تعالى لا يأمر بأمرٍ لا يحصل به صلاحُ الدِّين ولا صلاحُ الدنيا، وإن كان فاعلُ ذلك من أولياء الله المتَّقين ومن أهل الجنَّة ... ))( ).

*
* *










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 09:26   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

النتيجة الثانية: عِظَم شأن الدِّماء
على كلِّ حالٍ، فإنَّه بعد هذا الإجماع التام من قِبل هؤلاء الأكابر الفضلاء، لم تَبْقَ لمخالفٍ حجَّةٌ يتعلَّق بها، ولا سيما للتَّقيِّ العاقل الذي يتخايل بين عينيه القيام بين يدي الله، وقد قال الله تعالى في صفات عباد الرحمن: والَّذينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إلـهًا آخَرَ ولا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتي حرَّم الله إلاَّ بالحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ومَن يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثامًا يُضَاعَفْ لَهُ العَذابُ يَوْمَ القِيَامَةِ ويَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [الفرقان 68 ـ 69].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله  قال: « لو أنَّ أهلَ السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأَكَبَّهم الله في النار » ( ).
وعن عبد الله بن عمرو أنَّ النبي  قال: « لَزَوالُ الدنيا أَهْوَن على الله من قَتل رجل مسلم » ( ).
واعلم أنَّ للمقتول كلمة يقولها تحت عرش الرحمن، فعن ابن عباس أنَّه سُئل عمَّن قَتَل مؤمنًا متعمِّدًا، ثم تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى؟ فقال ابن عباس: وأنَّى له التوبة؟‍‍‍! سمعتُ نبيَّكم  يقول: « يا ربِّ! سَلْ هذا فيم قتلني؟ حتى يُدنيه من العرش، فتلا هذه الآية: ومَن يقتل مؤمنًا متعمِّدًا فجزاؤُه جَهنَّم خَالِدًا فيهَا وغَضبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء 93] » ( ).
وعن أبي الدرداء عن رسول الله  قال: « يَجْثو المقتولُ يوم القيامة على الجادَّة( )، وإذا مرَّ به قاتِلُه قال: يا ربِّ! قتَلني هذا، فيقول له: لِمَ قَتَلتَه؟ فيقول: أمَرَنِي فلانٌ! فَيُعذَّبُ القاتلُ والآمِرُ » ( ).
ثمَّ اعلم أنَّ لكلمة التوحيد (لا إله إلاَّ الله) حُرمةً عظيمةً؛ فقد كان رسول الله  يتوقَّف عن قتل قوم من المنافقين ـ استحقوا القتل ـ من أجل هذه الكلمة.
فعن النعمان بن بشير قال: « كنَّا مع النبي ، فجاء رجلٌ فسارَّه، فقال: اقتلوه ، ثم قال: أيَشهد أن لا إله إلاَّ الله؟ قال: نعم! ولكنَّما يقولها تعوُّذًا، فقال رسول الله : : لا تقتلوه، فإنَّما أُمرتُ أن أُقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلاَّ الله، فإذا قالوها عصموا منِّي دِماءَهم وأموالَهم إلاَّ بحقِّها، وحسابهم على الله » ( ).
وينبغي للمسلمِ أن يكون على وَجَلٍ من ربِّه من أن يَموتَ المسلمون من أجله، فقد قال مروان لابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (( هَلُمَّ أُبايعك؛ لأنَّك سيِّدُ العربِ وابنُ سيِّدها، فقال له ابن عمر: كيف أصنَع بأهل المشرق (يريد أنَّ الشوكةَ لهم)، والله ما أحبُّ أنَّها دانت لِيَ سبعين سنة وأنَّه قُتل في سببِي رجلٌ واحد! فخرج مروان وهو يقول:
إنِّي أرى فتنةً تغلي مراجِلُها والمُلك بعد أبي ليلى لِمَن غلبا( )
النتيجة الثالثة: تصحيح التوبة
إنَّني أتقدَّم بالنُّصح للتائبين من العمل المسلَّح بأن يُخلِصوا لله في رجوعهم، وذلك هو وصف التوبة النَّصوح، ومنه رجوعهم إلى الاستقامة على مذهب أهل السنة، وعدم الرَّتع في المذاهب المنحرفة عنهم، وترك الروغان، كما قال الله تعالى: وَإِنّيِ لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه 82]، قال سعيد بن جُبير: (( ثمَّ استقام، قال: لزوم السنة والجماعة ))( ).
ولئن زادوا على هذا بيانَ فساد ما كانوا عليه لكان ذلك أدلَّ على صدق التوبة.
وتفصيلُه يكون بأن يعرفوا خطأَهم حقَّ المعرفة، ثمَّ يُصلحوه ثانيًا ما استطاعوا، ثمَّ يُبيِّنوا لغيرهم ثالثًا، حتى يعلمَ الناسُ حقيقةَ هذه الدعواتِ الدموية، ويتجنَّبوا سبيلَها؛ لأنَّها شؤمٌ على الأمَّة الإسلامية، قال الله تعالى: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة 160].
أمَّا معرفتهم خطأَهم فهذا أصلُ توبتِهم الصادقة؛ إذ لو لَم يعرفوا خطأَهم معرفةً شرعيةً، لَما تَمكَّنوا من أن يتوبوا توبةً شرعيةً، وإنَّما قد يتوبون توبة سياسةً! فليتوبوا على بيِّنات من الكتاب والسنة، لا تحت إرهاب السجون ودقِّ الأسنَّة.
وهذا يكون بالاتِّصال بأهل العلم؛ لِيُطْلِعوهم على الحقِّ في هذه المسائل، حتى لو هاجت فتنةُ ـ لا قدَّر الله ـ لَم يكونوا إحدى أدواتها، بل ثبتوا فيها ثبات الجبال الرواسي، وإن تمالأ عليها الجنُّ والأناسي.
وليَحذروا من توبةِ مَن ردَّه الجدار وهو حريصٌ على خَرْقه؛ فإنَّ (( من العصمة ألاَّ تجد! ))، ولكن ليتوبوا توبة قادرٍ على الرجوع إلى القديم الفاسد، ولكن يتركه لوجهِ الله.
وليكونوا مغاليقَ للشرِّ، وليحذروا أسبابَ الفتن؛ فإنَّ منها نشرَ مساوئ السلاطين، والتحزُّب ضدَّهم، وانتهاز فُرَص ضعفهم، لإثارة العامَّة عليهم وغيرها من أسباب الشرور؛ فإنَّ التنزُّهَ عن هذا كلِّه دليلٌ على صدق التوبة، وصفاء السريرة.
قال عبد الله بن عُكيم رحمه الله: (( لا أُعينُ على دم خليفة أبدًا بعد عثمان، فقيل له: يا أبا معبد! أَوَ أَعَنْتَ عليه؟ قال: كنتُ أَعُدُّ ذِكرَ مساويهِ عَوْنًا على دمه ))( ).
وليَكن همُّهم الأكبر أن يرضى اللهُ عنهم وأن يغفر لهم ما سلف؛ فإنَّه الواحد القهار، والعزيز الجبَّار والكبير المتعال الذي تُخشى سَطوتُه، وغضبُه هو الغضبُ الذي ما بعده غضبٌ يُبالى، وليَكبُر طمعُهم في عفو الله، ولا يَضيرُهم ما يقوله الناسُ، كما قال خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء 82].
وإليكم هذه العبرة:
كان مسلم بنُ يَسَار ـ رحمه الله ـ مِمَّن خرج مع ابن الأشعث زمن الحَجَّاج بن يوسف، ثمَّ تاب من ذلك وندم ندامةً شديدةً، مع أنَّ الحجَّاجَ ليس بالوالي الذي تُحمَدُ سيرتُه، فقد قال مكحول: (( رأيتُ سيِّدًا من ساداتكم دخل الكعبةَ، فقلت: مَن هو يا أبا عبد الله؟ قال: مسلم بن يسار، فقلتُ: لأنظُرنَّ ما يصنعُ مسلمٌ اليوم.
فلمَّا دخل قام في الزاوية التي فيها الحَجَر الأسود يدعو قدر أربعين آية، ثمَّ تحوَّل إلى الزاوية التي فيها الركن فقام يدعو قدر أربعين آية، ثمَّ تحوَّل إلى الزاوية التي فيها الدرجة فقام يدعو قدر أربعين آية، ثمَّ جاء حتى قام بين العمودين عند الرُّخامة الحمراء، فصلَّى ركعتين، فلمَّا سجد قال: اللَّهمَّ اغفِر لي ذنوبي وما قدَّمتْ يداي، اللَّهمَّ اغفِر لي ذنوبي وما قدَّمتْ يداي، ثمَّ بكى حتى بلَّ الـمرمر ))( ).
ولأبي نعيم زيادة قال فيها الراوي: (( فيَرَون أنَّه ذَكر ذلك المشهدَ الذي شهدَه يوم دير الجماجم! )).
يريد خروجَه، فتأمَّل هذه التوبة، ما أصدقها!
مع أنَّه يجب التنبُّه إلى أنَّ مسلمَ بنَ يسار أُخرجَ مع ابن الأشعث مُكرَهًا، فقد قال أيوب السختياني: (( قيل لابن الأشعث: إن سرَّك أن يُقتَلوا حولك كما قُتلوا حول جمل عائشة فأخرِج مسلمَ بنَ يسار معك، قال: فأخرجه مُكرَهًا! ))( ).
قلت: فإذا كانت هذه هي توبةُ مَن شارك في الخروج على مثل الحَجَّاج وهو مُكرَهٌ، مع أنَّه لَم يُعمِل فيه سيفًا ولم يُرِق دمًا، فأنْعِم بها توبة!
والذي يظهر أنَّ مسلمًا ـ رحمه الله ـ فزع هذا الفزع العظيم؛ لأنَّه قد قيل له: ربما رآك بعضُ الناس في صفِّ الخوارج فانخدع بك، وخرج تأسِّيًا بك حتى قُتل، فقد روى أبو قِلابة: (( أنَّ مسلم بنَ يسار صَحِبَه إلى مكة، قال: فقال لي ـ وذكر الفتنة ـ: إنِّي أحمدُ الله إليك أنِّي لَم أرْمِ فيها بسهمٍ، ولم أطعن فيها برُمحٍ، ولَم أضرب فيها بسيفٍ، قال: قلت له: يا أبا عبد الله! فكيف بِمَن رآك واقفًا في الصفِّ، فقال: (هذا مسلمُ بنُ يسار، والله! ما وقف هذا الموقفَ إلاَّ وهو على الحقِّ)، فتقدَّم فقاتَل حتى قُتل؟!
قال: فبكى وبكى حتى تَمنَّيتُ أنّي لم أكن قلتُ له شيئًا!! ))( ).
وفي رواية: (( فبكى ـ والله! ـ حتى وَدِدتُ أنَّ الأرضَ انشقَّت فدخلتُ فيها!! )).
هذه هي سيرةُ السلف، وتلك هي توبتُهم، فخذها سمحةً طيِّبة بها نفسُك، واحذر من التأويلات الفاسدة، والاعتذارات الباردة!
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق: 37].
النتيجة الرابعة: الضرورة إلى العلم وأهله
كما أتقدَّم بالنصح للجميع بأن يتعلَّموا دينَ الله عزَّ وجلَّ، وأن يجتهدوا لتكوين علماء لبلدهم؛ فإنَّ جميع بلاد المسلمين بحاجة إلى علماء ربَّانيِّين.
والجزائر أحوجُ بلاد الله إليهم، فقد أقفرت أرضُها منهم، والشعبُ متديِّنٌ، لكنَّه أضحى ـ بعد جمعية العلماء المسلمين الجزائريِّين ـ كغنَم بلا راعٍ، فلذلك استخفَّه كلُّ داعٍ، كما قيل:
أتاني هواها قبل أن أعرفَ الهوى فصادف قلبًا خاليًا فتمكَّنا
فأدرِكوا أُمَّتَكم بصناعةِ علماء يحميكم بهم الله، قبل أن يُداهمكم ما هو شرٌّ من هذه الدواهي، وتغشاكم حيرةٌ ليس لها من دون الله كاشفة!!
وانتخبوا لَها من أبنائكم أوقدَهم قريحة، وأبرَّهم نصيحة، وأسدَّهم نظرًا، وأوفرَهم ذكاءً، وأغزرهم حفظًا، وأزكاهم زكاءً.
وما وُجد العلماء إلاَّ كانوا لقومهم أمنةً من كلِّ مبتدِعٍ معاندٍ، وحفظًا من كلِّ شيطان مارِد!
وأرجو أن تتأمَّلوا هذه القصَّةَ الآتية: فعن يزيد الفقير قال: (( كنتُ قد شَغَفَنِي رأيٌ من رأي الخوارج( )، فخرجنا في عِصابةٍ ذوي عدد نريد أن نَحجَّ، ثمَّ نخرجَ على الناس( )، قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يُحدِّث القومَ ـ جالسٌ إلى ساريةٍ ـ عن رسول الله ، قال: فإذا هو قد ذكر الجهنَّميِّين( )، قال: فقلتُ له: يا صاحبَ رسول الله! ما هذا الذي تُحدِّثون؟ والله يقول: إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ [آل عمران 192]، وكُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ أُعِيدُوا فِيهَا [السجدة 30]، فما هذا الذي تقولون؟
قال: فقال: أتقرأُ القرآنَ؟ قلتُ: نعم!
قال: فهل سمعتَ بِمقام محمد ، يعني الذي يبعثه فيه؟ قلتُ: نعم!
قال: فإنَّه مقام محمد  المحمود الذي يُخرج اللهُ به مَن يُخرج( ).
قال: ثمَّ نَعتَ وضعَ الصِّراط ومرَّ الناس عليه، قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك.
قال: غير أنَّه قد زعم أنَّ قومًا يَخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال: يعني فيخرجون كأنَّهم عيدان السماسم، قال: فيدخلون نهرًا من أنهار الجنَّة فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنَّهم القراطيس.
فرجعنا، قلنا: وَيْحَكم! أَتَروْنَ الشيخَ يَكذِبُ على رسول الله ؟!
فرجعنا، فلا ـ والله! ـ ما خرج منَّا غيرُ رَجل واحد ))، أو كما قال أبو نعيم( ).
والشاهدُ من القصَّة ظاهرٌ من فقرته الأخيرة؛ إذ عَصَم الله المسلمينَ من شرِّ الخوارج يومئذٍ بِما بثَّه جابرٌ من علمٍ وَرِثه من رسول الله .
وينبغي التنبُّه هنا إلى أثر العقيدة الصحيحة في تثبيت الحقِّ وردِّ الباطل، مع ذلك فقد طاب لقومٍ دعوةٌ مع الإعراض عنها استهانة بأثرها، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 09:36   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وواقعُ الجزائر مَخوفٌ، ولو زالت عنه الفتنة الآن؛ فإنَّ بلادًا بلا عُلماء ثغرٌ لا يُسَدُّ، ما حلَّ به عدوٌ فكريٌّ إلاَّ توطَّن، وفي مثل هذه المجتمعات البريئة تعيش الأوبِئةُ.
وهذا البلد قد أغناه الله عزَّ وجلَّ بعلماء في الطبِّ والهندسة والرياضيات وما إليها، والحمد لله.
كما أغناه الله بـ (فقهاء الواقع!)، أعني الذين يَستَهويهم مُطاردة الإذاعات والجرائد، والأمر لله.
لكن العلماء الذين أعني هم طِرازٌ نَدَرَ فأَنذَرَ!
لذلك أقول: علماء لا مُفكِّرين! وفقهاء لا متفقِّهة مزَوِّرين! ومجتهدين لا (دعاة)( )!
على موائد الكتاب والسنة تربَّوا، ومِن معتقَد السَّلف نَهَلوا حتَّى ارتوَوْا.
النتيجة الخامسة: المُعرِضون عن الهدي النبوي لا يَجنون إلاَّ الخيبة
إنَّ المتضَلِّعَ من العلوم الشرعية يستفيد أولَّ ما يستفيد من سيرة الرسول  في مجاهدة الباطل؛ حتى يرسخَ في القلب أنَّ ما من جماعةٍ تُخالفُ هديَ النبيِّ  إلاَّ نتجَ عن ذلك الذِّلَّة والهَوَان، كما قال رسول الله : « جُعل الذِّلَّةُ والصَّغارُ على من خالف أمري » ( ).
وما يَعيشُه كثيرٌ من الجماعات الإسلامية ليس ابتلاءً بقَدْر ما هو عقوبة من الله؛ لأنَّ الابتلاءَ يعقبُه النَّصر كما هو معلوم، فأين انتصارُ الحقِّ عند هؤلاء، وقد شُوِّهت صورتُه بسببهم؟!
وهذه نتيجةٌ حتميَّةٌ للمخالفة، وعلى هذا فليست العبرة في تكثيف النشاط والتظاهر بالغيرة على الدين في ليلٍ من ظلمات المخالفات، ولكن العبرة في إصابة طريق النبيِّ  الذي قال: « مَن رغِبَ عن سُنَّتِي فليس منِّي » ( )، والله المستعان.
هذا، وقد جمعت هذه النخبة الطيِّبة من أقاويل أهل العلم المعتَبَرين؛ حفظًا لدِين المسلمين وصيانةً لأعراضهم، وحفاظًا على أموالهم، وحقنًا لدمائهم، والله من وراء القصد وهو يهدي السَّبيل.










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 09:37   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفهارس
فهرس الآيات
الآية رقم الآية الصفحة
البقرة
أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ 61 35
إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا 160 208
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ الله الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُم 190 21
وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ 216 204
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ 247 94
فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ 279 177
آل عمران
إنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلامَ 19 59
يا أيّها الذين آمنوا اتقوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ 102 80
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا 103 178
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنتَ لَهُم 159 74
إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ 192 213
النساء
يا أيّها الناسُ اتّقُوا ربَّكمُ الَّذي خَلَقَكُم 1 80
إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا 35 178
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ 59 69
إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا 62 39
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُم كُفُّوا أَيْدِيَكُم 77 20، 22
وإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ 83 137
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ 83 11، 25
ومَن يقتل مؤمنًا متعمِّدًا فجزاؤُه جَهنَّم 93 6، 20، 206
وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى 115 98
المائدة
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ 32 11، 41
وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا 41 103
الأنعام
وأُوحِيَ إليّ هذا القرءانُ لأُنْذِرَكم به 19 66
وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ 151 6
الأعراف
وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا 28 174
فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ 79 100
الأنفال
فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ 1 178
ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً 53 86
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ 60 190
التوبة
قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ باللهِ وَلا بِاليَوْمِ الآخِرِ 29 21، 131
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ 105 97
أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَه عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ 109 113
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ 119 104
هود
إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ واللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ 12 66
إبراهيم
وأَنذِرِ النّاسَ 44 66
هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ 52 65
النحل
أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ 36 122
مَن كَفَرَ مِن بَعْدِ إِيـمَانِه إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ 106 155
ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ 125 62
الإسراء
وَأَوْفُوا بِالعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا 34 102
طه
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَونَ إِنَّهُ طَغَى 43 ـ 44 170
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا 82 208
الحج
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا 39 21
فإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ  46 119
الفرقان
والَّذينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إلـهًا آخَرَ 68 ـ 69 206
الشعراء
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ 82 209
القصص
قَالَ رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي 13 22
وَدَخَلَ المَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا 15 22
العنكبوت
وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ  43 122
ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ 46 62، 63
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا 69 204
الروم
وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ 31 ـ 32 85
وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ 47 116
السجدة
كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ أُعِيدُوا فِيهَا 30 213
الأحزاب
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ 21 81، 82، 122، 123
وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا 38 105
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا 70 80
الصافات
وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ 137 ـ 138 103
الزمر
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ 9 7
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ 32 145
قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ 50 115
لئن أشركتَ ليَحبَطنَّ عملُك 65 118
وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ 67 174
فصلت
ومَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّن دَعَا إلى اللهِ 33 67
اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ 40 119
الزخرف
قُلْ إِنْ كَانَ لِلْرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ العَابِدِينَ 81 119
الدخان
ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ 49 120
الفتح
تُقَاتِلُونَهُم أَوْ يُسْلِمُونَ 16 21
الحجرات
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا 9 164
إنَّما المؤمنون إخوة فأصلحوا 10 162، 164
ق
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى 37 211
النجم
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى 36 ـ 39 87
الرحمن
يا معشر الجنِّ والإنس إن استطعتم 33 120
التغابن
فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ 16 75
الماعون
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ 4 ـ 5 119
فهرس الأحاديث
الحديث الصفحة
أخطأ من شدَّة الفرح 156
أَدُّوا إليهم حقَّهم وسَلوا اللهَ حقَّكم 70
إذا حكم الحاكمُ 165
إذا مِتُّ فأحرقوني ثم ذَرُّوني في اليمِّ 177
أفلا شقَقْتَ عن قلبه حتى تعلمَ أقالها 12
أقال: لا إله إلاَّ الله؟ 12
إلاَّ أن تروا كفرًا بواحًا 70، 96، 135
أَلا مَن وَلِيَ عليه والٍ فرآه يأتي 70
أمَّتي كالمطر لا يُدرى الخير في أوله أم في آخره 84
إن ضربك فاصبر 141
إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام 150
إن ربِّي قد غضب اليوم 22
إنّ الرّفق لا يكون في شيء إلا زانه 63
إنَّ اللهَ يبعثُ لهذه الأمَّة على رأس كلِّ مائة 8
إنَّ مِن أشراط الساعة أن يُلتَمسَ العلمُ 36
إنَّا نجد في التوراة 175
أنتم أعلم بأمور دنياكم 176
إنَّك إذا قرأت آية الكرسي 174
إنَّما الأعمال بالخواتيم 116
إنَّما الأعمال كالوِعاء 113
إنَّما جُعل الإمام جُنَّة يُقاتَل مِن ورائه 25
إنَّما الطاعة في المعروف 92
إنَّما العلمُ بالتعلُّم، والحِلمُ بالتحلُّم 104
إنَّهم يَمرقون من الإسلام ثمَّ لا يعودون فيه 73
أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ 6
بايَعْنا رسولَ الله  على السمع والطاعة 70
جُعل الذِّلَّةُ والصَّغارُ على من خالف أمري 215
خِيارُ أئمَّتكم الذين تُحبُّونهم ويُحبُّونكم 24
خير الهدى هدى محمد 122
الدِّين النصيحة: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمَّة المسلمين 167
على المرءِ السمعُ والطاعة فيما أحبَّ وكرِه 70
عندكم فيه من الله برهان 137
فاعتَزِلْ تلكَ الفرق كلَّها 26
فكيف تصنع بـ (لا إله إلاَّ الله) 13
قتاله كفرٌ 164
قَتْلُ المُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ 6
قتلوه قتَلَهم الله 13
كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا 96
كنَّا مع النبي ، فجاء رجلٌ فسارَّه 208
كونوا عباد الله إخوانًا 178
لَزَوالُ الدنيا أَهْوَن على الله من قَتل رجل مسلم 207
لِمَ قتَلتَه؟ 13
لله أشدُّ فرحا بتوبة عبده 176
اللَّهمَّ أنتَ عبدي وأنا ربُّك 177
اللَّهمَّ إنَّما أنا بشرٌ، أغضبُ 16
اللَّهمَّ هل بلغتُ 151
لو أنَّ أهلَ السماء والأرض اشتركوا في دم 207
ليس الشديدُ بالصُّرَعة 204
لئن قدر الله عليَّ ليعذبني 156
ما أظن ذلك يغني شيئًا 177
ما أنا عليه اليوم وأصحابي 59
ما كانت هذه لتقاتِل 88
من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر 140
مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده 165
مَن رغِبَ عن سُنَّتِي فليس منِّي 97، 215
من قاتل معاهدًا 75
من كفَّر مسلمًا 162
من مات على غير إمام مات ميتة جاهلية 140
مَن يُحْرَم الرّفق يحرم الخير كله 63
لا إلاَّ أن تروا كفرًا بواحًا 154
لا تزال طائفةٌ مِن أمَّتِي ظاهرين على الحقِّ 84 ـ 85
لا تقتلوه، فإنَّما أُمرتُ 208
لا صلاة لمن لا وضوء له 81
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق 92
لا ما أقاموا فيكم الصلاة 189
لا ما صلَّوا 174
لا يَزَالُ العَبْدُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ 6
وإنَّ هذه الملَّةَ ستفترق إلى ثلاث وسبعين 59
والذي نفسي بيده! ليأتينَّ على الناسِ زمانٌ 18
ومَن خرج من الطاعة وفارق الجماعةَ 70
يا أسامة! أقَتَلتَه بعد ما قال 12
يا ربِّ! سَلْ هذا فيم قتلني 207
يَجْثو المقتولُ يوم القيامة على الجادَّة 208
يخرج من ضِئضئ هذا 95
يقتلون أهل الإسلام ويَدعون أهل الأوثان 103، 146
يهتدون بغير هديي ويستنُّون بغير سنَّتي 189
* * *

فهرس الآثار
الأثر الصفحة
أَحْصَوا ما قتل الحجاج 36
أدركنا العلماء في جميع الأمصار 30
ألا أدلك على خير الجهاد 86
إنَّ قوما ابتغوا العبادة 27
إنَّ من وَرْطات الأمور 14
إنَّك ستجد قوما زعموا أنَّهم حبسوا أنفسهم لله 87
إنَّه ليبلغني موت الرجل من أهل السنة 41
إنِّي أحمد الله إليك أنِّي لم أَرمِ فيها بسهم 211
ثم استقام قال: لزم السنة 208
جئتكم من عند أصحاب رسول الله  34
رأيت سيدًا من ساداتكم دخل الكعبة 210
سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل: الرجل إذا أراد الغزو 142
عليكم بالنُّكرة بقلوبكم 141
فوالذي نفسي بيده إنَّه لوصيته إلى أمَّته 151
قيل لابن الأشعث: إن سرَّك أن يُقتلوا حولك 210
قَعَدُ الخوارج أخبث 95
كذب على الحسن ضربان من الناس 146
كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج 212
كيف أصنع بأهل المشرق 207
لقيت أكثر من ألف رجل 29
لما أُخرج النَّبِيُّ  من مكة 21
لما كان أمر بابِك 141
لما كانت الفتنة: فتنة ابن الأشعث 36
لو أنَّ لي دعوة مستجابة 65
ما ابتدع أحد بدعة 72
متى يعلم الرجل أنَّه على السنة 28
لا أعين على دم خليفة أبدًا 209
لا تقتلن امرأة 87
لا يزال الناس صالحين 33
لا يصلح آخر هذا الأمر 59
هل تدرون كيف ينقص الإسلام 41
ولما صاحت بنا امرأته 88
ومن خرج عن إمام من أئمة المسلمين 28
يا أيها الناس إنَّه والله ما سلط اللهُ الحجاجَ 37
* * *
المحتويات
ـ كلمة الشيخ ابن عُثيمين 5
ـ قالوا عن مُجدِّدي هذا القرن 8
ـ المقدِّمة 9
الجماعات المشاركة في الدِّماء 10
مراحل الجهاد 20
الإجماع على المنع الخروج على السلطان 27
ـ أثرُ أهل العلم في بعث الأمم 39
ـ تعريفات ووثائق 39
شهادة تائب من الجماعات المسلحة 48
تكفير الجماعة المسلحة للعلماء 55
ـ فتاوى العلاَّمة ابن باز 60
سماحته يُجيب على مسائل في الخروج 69
فتواه في المظاهرات 76
ـ فتاوى العلاَّمة الألباني 77
• فتواه الأخيرة 90
• إدانة الحركيِّين من الأشاعرة والماتريدية بمذهبهم في الخروج 91
• كلامه هو وابن عثيمين في أنَّ الإثارة ضد الحُكام نوع من الخروج 94
• أربع ملاحظات 101
• نص كلام الألباني الذي تدَّعي الجماعات المسلحة الاعتماد عليه 107
ـ فتاوى العلاَّمة ابن عثيمين 133
• فتواه في الخروج 135
• فتواه في ممارسة السياسة 137
• هل أَمَر ابن عثيمين بمواجهة النظام الجزائري؟ 138
• فتواه في المظاهرات 139
• آثار عظيمة عن الإمام أحمد في نهيه عن الخروج عمَّن دعاه إلى الكفر 140
• مكالمة بين الثوار وابن عثيمين 149
• هل لحاكم الجزائر بيعة؟ 174
• رسالة ابن عثيمين لأمير الجماعة الإسلامية المسلحة 178
ـ فتوى العلاَّمة ربيع المدخلي 180
ـ الخاتمة 201
ـ الفهارس 217
• فهرس الآيات 219
• فهرس الأحاديث 224
• فهرس الآثار 228
ـ المحتويات 230










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 10:05   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




رحم الله موتى المسلمين

ضريبة الخروج على الحكام ضريبة الاسلام المشوه ضريبة التكفير بدون الرجوع لكلام العلماء دماء أبرياء سالت في جزائرنا الحبيبة مازال أثارها في نفوس من عاشوها حتى اليوم لن تتنسى تلك الايام الجهنمية ...حسبي الله ونعم الوكيل آسفة على الصور لكن من حقنا التذكير لمن نسو أو تناسوا أو لم عيشوا تلك الفترة ...










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-11, 14:44   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
جويرية بنت أبي العاص الفاروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جويرية بنت أبي العاص الفاروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكي اختي قطوف على الموضوع القيم
وجزى ورحم واكرم مثواهم هؤلاء العلماء الربانيين
اللهم احفظ جميع الدول الاسلامية من خطر الارهاب










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-13, 00:29   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هو مفتي تنظيم القاعدة في جميع انحاء العالم

معروف بالفتوى الشهيرة عندما ساله شاب جزائري متحمس على حكم موافقة امه وابيه على تزويج اخته لشرطي فافتى له بقتل امه وابيه متعللا بالاية الكريمة=لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ءابائهم او ابنائهم او اخوانهم او عشيرتهم......................سورة المجادلة الاية22

هو يعيش في بريطانيا بلاد الكفر ومن هناك يكفر المسلمين

كان تحت الاقامة الجبرية في بريطانيا ورغم دلك فتاويه الغريبة تصل في اتباعه في جميع انحاء العالم.

مشكوك فيه انه يعمل لصالح اجهزة المخابرات البريطانية والاسرائيلية.


ملقب بابو قتاد ة الفلسطيني

هو مفتي تنظيم القاعدة في جميع انحاء العالم

معروف بالفتوى الشهيرة عندما سأله شاب جزائري متحمس على حكم موافقة امه وابيه على تزويج اخته لشرطي فافتى له بقتل امه وابيه متعللا بالاية الكريمة=لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ءابائهم او ابنائهم او اخوانهم او عشيرتهم......................سورة المجادلة الاية22

هو يعيش في بريطانيا بلاد الكفر ومن هناك يكفر المسلمين

كان تحت الاقامة الجبرية في بريطانيا ورغم دلك فتاويه الغريبة تصل في اتباعه في جميع انحاء العالم.
نتيجة ضريبة فتواه وهو في بريطانيا يركب أفخم السيارات ويشرب كوكولا ويتسوق مع أهله ...










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-14, 21:26   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
max.dz
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

الكراهية الدينية، الطائفية، والتحريض على القتل

المرجعية الوهابية لتنظيمات القاعدة

الجزء الأول ـ كتائب عبدالله عزّام

سعد الشريف

بات ملحوظاً نزوع القاعدة نحو الإنغماس في النزاعات المحلية في أكثر من بلد عربي وإسلامي، وقد واجهت، أي القاعدة، في السنوات الأخيرة إتهامات بالضلوع في مؤامرات خارجية أو التواطؤ مع أنظمة طالما وصمتها بـ (الكفر) أو الموالية للكفار من اليهود والنصارى، بحسب الأدبيات القاعدية. هناك أحاديث في اليمن، على سبيل المثال، عن دور لتنظيم قاعدة الجهاد في الجزيرة العربية في حروب النظام اليمني مع الحوثيين، وفي اختطاف الأجانب، وحتى في استدراج الدعم من السعوديين والأميركيين عبر تصعيد خطر القاعدة، وهناك أحاديث عن دور لتنظيم (كتائب عبد الله عزام) في التجاذب السياسي الداخلي بين الموالاة والمعارضة في لبنان على خلفية المحكمة الدولية، والخطاب الطائفي المتصاعد والمتناغم بين قيادات القاعدة في لبنان وقيادات في (تيار المستقبل)، وهناك أكثر من حديث عن روابط سرّية ومشبوهة لتنظيمات قاعدية مع أنظمة عربية ودولية لها أجندات خاصة في العراق، ما يثير أسئلة عن حقيقة مايجري خلف الستار، مع تعطيل دور القيادات العليا للقاعدة، حيث تتحوّل الفروع إلى أوراق في (لعبة أمم) محدودة أو واسعة النطاق.
الكتائب وارثة (فتح الإسلام) وإذا ما فتحنا الأفق على أدوار سابقة للقاعدة مع البعثيين في العراق في علاقة غير شرعية أفضت الى سفك دماء الأبرياء في شوارع وأسواق ومدارس العراق، فإن ثمة كلاماً طويلاً يجب أن يصل إلى أسماع من لا يزالون يترددون في وضع الإصبع على نقطة الجدل الحقيقية، خصوصاً بعد تفجيرات سيدة النجاة في بغداد، والكنيسة القبطية في الاسكندرية، والتي تثير، دون ريب، سؤالاً مشروعاً وكبيراً عن مشاريع التفتيت الخفيّة، وكأن (القاعدة) يراد لها أن تتحوّل الى أداة تشظي فاعلة في الأمة على اختلاف مكوّناتها القومية، والدينية، والمذهبية، فقد أوهمت أنصارها الظاهرين والباطنين بالمتعالي لتخوض معارك الفروع والدنى.
فالقاعدة تشعل معركة الطوائف والأديان في كل مكان تتواجد فيه بدءً من الهند ما دفع بكبار المراقبين لأن يتوخوا الحذر من دور للقاعدة في تفجير حرب كبرى بين الهند وباكستان، خصوصاَ بعد هجمات ديسمبر (كانون الأول) العام 2008 على فندق (تاج محل) في مومبي والذي أودى بحياة العشرات، ومروراً بباكستان التي تضع الوهابية بصمتها الحمراء في تصفيات السنة والشيعة تحت مسميّات متعددة، والعراق الذي كادت الفتنة المذهبية تفضي الى تفكيكه، وصولاً الى لبنان الذي دخلت الفتنة الطائفية إليه عبر تنظيم (فتح الإسلام) القاعدي الذي كان فيه للعناصر للسعودية، مقاتلين وممولين وقياديين، حجمٌ وازنٌ، وجاء دور (كتائب عبد الله عزّام) كوارث فتنوي لسابقه القاعدي (فتح الإسلام)، لاستكمال ما فشل الأخير في تحقيقه.
كل الحالات، مهما تشابهت من حيث الاستهدافات والنتائج الدموية، تنبىء عن نفور في السياق الموضوعي، فكل التجارب القاعدية في شبه القارة الهندية، أو في الجزيرة العربية، أو في بلاد الشام والعراق أو في شمال أفريقيا، وصولاً الى الشيشان وقرغيرستان والبوسنه والهرسك هي ليست منتجات أصيلة وليست منسجمة مع التاريخ والهوية والثقافة المحلية، بل جرى تهريبها مع منتجات أخرى جرى السماح بدخولها منفردة، ولكن مالبثت أن كشفت عن ملامح، وغايات أخرى كانت مكتومة. لخّص أحد المراقبين ذلك بأن السعودية حاربت العنف في الداخل ولكنّها شجّعت على هجرته للخارج، فالفائض من التشدّد المنتج وهابياً جرى نقله الى الخارج مع منتجات أخرى تبدو عادية أو لا تشكّل خطراً على البلدان المضيفة. فماذا سيشكّل بناء، على سبيل المثال، مسجدٍ للمسلمين في الشيشان، من خطر على الأمن والاستقرار في هذا البلد؟ ومن السذاجة بمكان تقديم إجابة بريئة على سؤال ليس بريئاً البته. فالمسجد قد جرى تحويله الى وظيفة غير عبادية، ولا حتى إجتماعية، بمعنى معالجة مشكلات المسلمين الاقتصادية والاجتماعية وحتى الدينية، أو المساهمة في تحقيق مفهوم الاندماج مع المكوّنات الاجتماعية والدينية الأخرى وصولاً الى تحقيق مبدأ الدولة التعاقدية. لا، ليس الأمر على هذا النحو، فقد جرى تحويل المساجد والمراكز الدينية، كما الجمعيات الخيرية أحياناً، الى سواتر لمهمات قتالية، وإذا ما طرأ عامل خارجي، متمكّن في مجال استغلال (فائض الغباء) لدى الإنتحاريين المجانيين، فإن بنك الأهداف يبدو أجنبياً بامتياز.
في ضوء ما سبق يمكن قراءة تجربة (كتائب عبد الله عزام)، كأحد أذرع تنظيم القاعدة. ونحاول هنا اقتفاء جذور هذه التجربة، وتكوينها التنظيمي، ومصادر الإلهام التي تستمد منها رؤى، ومواقف، واستراتيجيات في التغيير والمواجهة مع الخصوم. وأول سؤال تثيره هذه التجربة يتّصل حميمياً بالعلاقة بين التنظيم والبيئة التي نشأ فيها أو بالأحرى برز فيها، لأن النشأة قد تشير الى علاقة مشروعة بين التنظيم والأرض، أو بكلمات أخرى قد تعني ولادة طبيعية له، بينما البروز قد يعني غير ذلك.
لئن إتفقنا على التباين بين نشأة وبروز (كتائب عبد الله عزّام)، لا يمكن أن تكون، على سبيل المثال، بيئة لبنانية بأطيافها الدينية (السنيّة على وجه التحديد) تنبثق منها بيانات حملت عنواناً قرآنياً (ولتستبين سبيل المجرمين)، الصادرة بإسم كتائب عبد الله عزام، الأب الروحي والملهم الجهادي لتنظيم القاعدة، ما لم يكن عنصر خارجي قد طرأ على البيئة اللبنانية، وكذلك على بيئات أخرى مماثلة أو متقاربة من حيث شروط التحوّل الاجتماعي والثقافي للدول والمجتمعات. نشير هنا الى ما ذكره الشيخ عمر بكري، الداعية والناشط السلفي القريب من فكر حزب التحرير، قبل أن يقترب فكرياً، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، من تنظيم القاعدة، في مقابلة مع قناة (الجديد) اللبنانية في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2010، من أن (كتائب عبد الله عزام) المقربة من تنظيم (القاعدة) قد تكون مخترقة أمنيا لافتاً إلى أن (البيانات الأخيرة للكتائب تركز على موضوع واحد وهو الهجوم على حزب الله وعلى مخابرات الجيش اللبناني من دون التعرض بمثل هذه النوعية من الهجوم لباقي القوى الامنية).
سلوك الجماعة لا يتطلب كبير جهد لتحديد الوجهة السياسية التي تنتمي اليها، أو على الأقل تخدمها، هذا ما تكشف عنه قائمة الأعداء التي رصدتها الكتائب في بياناتها (سوريا، إيران، المعارضة في لبنان بكل خلفياتها الدينية والمذهبية، الجيش اللبناني) ليسهّل مهمة اختبار المرجعية ليس السياسية فحسب، بل والأيديولوجية، لأن ثمة معجمية خاصة لا يتقنها سوى المتحدّرون من المدرسة السلفية بثرائها الخصامي، ذاك الذي ينضح من بيانات التنظيمات الفرعية للقاعدة خصوصاً (تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب) في اليمن والسعودية، و(كتائب عبد الله عزّام) في بلاد الشام، وتنظيم (دولة العراق الاسلامية).
كتائب عبد الله عزام.. من مصر الى العراق الى بلاد الشام

برز إسم كتائب عبد الله عزام أول مرة بعد إعلانها مسؤوليتها عن تنفيذ هجمات منتجع طابا في مصر في 7 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 2004، عن طريق سيارة مفخّخة أمام فندق هيلتون طابا، بالإضافة إلى انفجارين آخرين، نجم جميعها عن قتل 30 شخصاً وإصابة أكثر من مائة آخرين، وكان أغلب الضحايا من السيّاح الأجانب. لم يتم التعامل، حينذاك، مع إسم كتائب عبد الله عزّام بصورة جديّة، ولربما نظر إليه كثيرون على أنه مجرد إسم وهمي لإخفاء هوية الجهة الضالعة في التفجيرات، بالرغم من الإشارة البالغة التي تحملها الى كون عبد الله عزّام هو أحد الشخصيات الملهمة لتنظيم القاعدة، ولكن في تفجيرات شرم الشيخ في 23 يوليو (تموز) 2005 بدا واضحاً بأن الجماعة بعثت برسالة مباشرة إلى من يهمه الأمر بأنها تنظيم حقيقي. ومع ذلك، هناك من المراقبين لنشاطات الجماعات الجهادية والقاعدية من توقّف أمام هذه الظاهرة الجديدة، التي ربما زادت الشكوك حولها حين اختفت مجدداً في مصر، لتظهر في العراق في وقت لاحق كجماعة قتالية بإسم (كتيبة عبد الله عزام) كأحد أذرعة جماعة أطلقت على نفسها (كتائب ثورة العشرين)، وقامت بتنفيذ عملية تفجير في عدد من المدن العراقية من بينها العاصمة بغداد، مع ما قد يتردد من تشابكات في الأسماء لتنظيمات فرعية متعدّدة، ترتبط جميعها بالتنظيم الأم.
برز تنظيم بإسم (تنظيم القاعدة في بلاد الشام وأرض الكنانة/ كتائب الشهيد عبد الله عزام)، بعد إعلانه مسؤوليته عن إطلاق ثلاث قذائف صاروخية من نوع كاتيوشا (بإستهداف تجمع للبوارج الحربية الأميركية الراسية في ميناء العقبة إضافة إلى ميناء إيلات) في 19 آب (أغسطس) 2005، وقد أفادت التحقيقات الأولية بأن الصواريخ أطلقت من سطح أحد المخازن التجارية في المنطقة الحرفية (حوالي ثمانية كيلو مترات) شمال الميناء، فيما أفادت مصادر أخرى بأن الصواريخ أطقت من أحد المستودعات في إحدى مناطق العقبة حيث أصاب أحدها مستودعاً للقوات المسلحة الأردنية يقع على رصيف الميناء تسبب في مقتل جندي وإصابة آخر بجروح، فيما انفجر الصاروخ الثاني قرب المستشفى العسكري في حين انفجر الثالث في منطقة إيلات الإسرائيلية. وقال مصدر أمني أردني بأن البحث جار عن سوري وعراقيين في العقبة استخدموا لوحة أرقام سيارة كويتية.
السعودي صالح القرعاوي، قائد الكتائب ومنظرها وفي منتصف أغسطس (آب) 2005، أعلنت جماعة حملت نفس الإسم (كتائب عبد الله عزّام) مسؤوليتها عن ضرب ناقلة يابانية بواسطة قارب محمّل بالمتفجّرات عند مضيق هرمز، وأعلن عن إسم منفّذ العملية (أيوب الطيشان) والهدف كان بحسب بيان صادر عن المجموعة (توجيه ضربة إقتصادية) إلى ما أسمته (نظام الكفر العالمي) الذي (يغزو البلاد الاسلامية ويستنزف ثرواتها).
الإعلان المتكرّر عن إسم (كتائب عبد الله عزّام) في مصر والعراق والأردن، قد يلقي شكوكاً ليس على هوية الكتائب، فالثابت أن جميعها ينتمي الى تنظيم القاعدة، فكراً وسلوكاً، ولكن الشكوك تحوم حول ما إذا كانت جماعة واحدة أو جماعات عدّة، تحمل الإسم ذاته. ومهما اختلفت الإجابات، فإنه وبحسب تقارير إعلامية سابقة، فإن (كتائب عبد الله عزام) بزغت من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يقودها السعودي صالح القرعاوي، الذي شارك في قتال القوات الأميركية في العراق، وكان علىى صلة وثيقة مع زعيم تنظيم القاعدة في العراق، أبو مصعب الزرقاوي. وقد يكون تاريخ تشكيل الكتائب مختلفاً، نظراً للطبيعة السائلة لتنظيم القاعدة، فقد يضمحل تشكيل قاعدي ويرثه تشكيل آخر، وإن هي الإ أسماء متعدّدة مع وحدة الأفراد، والايديولوجيا، والتكتيكات.
يفرض الكلام عن الكتائب إضاءة مباشرة على شخصية القرعاوي، القائد الميداني لكتائب عبد الله عزّام. وكان صالح بن عبد الله بن صالح القرعاوي (28 عاماً) قد غادر المملكة في العام 2006، وسافر للشام قبل ذلك واعتقلته السلطات السورية، والتي سلّمته للسلطات السعودية وتم توقيفه لنحو أربعة أشهر، ثم أطلق سراحه، ومالبث أن غادر المملكة، والتحق بتنظيم القاعدة في العراق. ويعتبر القرعاوي من أخطر العناصر السعودية في الخارج ويوصف بأنه (من أهم مقدّمي التسهيلات والدعم المالي والتزوير وتنسيق سفر عناصر ومطلوبين من التنظيم الإرهابي للخارج). وكان يقوم بتهريب أشخاص الى العراق للالتحاق بتنظيم القاعدة.
القرعاوي هو خريج المعهد العلمي المختص بالدراسات الدينية في بريدة، ومنذ العام 2003 أصبح مداوماً على حضور الحلقات الدعوية وكان من تلاميذ أحد رجال الدين الملهمين لتنظيمات القاعدة في الجزيرة العربية وهو الشيخ سليمان العلوان، قبل اعتقاله بتهمة التحريض على الجهاد ضد الدولة. عمل القرعاوي ضمن لجنة المساجد والمشاريع الخيرية، وكان حينذاك يقوم بأعمال قاعدية كتوزيع مجلة (صوت الجهاد) الناطقة بإسم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، وعزم على السفر الى العراق عبر سوريا ولكنه أوقف وجرى تسليمه الى السعودية، وسجن ثم أطلق سراحه، وغادر بعدها الى العراق ليبدأ مرحلة جديدة يكون فيه أحد العناصر القيادية في تنظيم القاعدة في بلاد الشام.
وكان القرعاوي قد غادر إلى الإمارات في 29 شعبان 1427هـ الموافق 23 أيلول (سبتمبر) 2006، حيث تلقى تدريبات مكثّفة على الالكترونيات واستخدامها في عمليات التفجير، وحاول توحيد فروع تنظيم القاعدة في العراق ولبنان، وعمل نائباً لمسؤول التنسهيلات للتنظيم (ياسر السوري)، وله علاقات وثيقة مع تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب. ونجح القرعاوي في تهريب بعض المطلوبين من داخل المملكة الى العراق، وكذلك انتقال عناصر من المملكة الى لبنان للإلتحاق بـ (كتائب عبد الله عزام). نشير الى أن تاريخ خروج القرعاوي من المملكة يقع قبل فترة قصيرة من المواجهة العسكرية بين تنظيم (فتح الإسلام) والجيش اللبناني في مخيم نهر البارد، حيث شهدت تلك الفترة خروج عدد كبير من العناصر السعودية القاعدية عبر مطارات الإمارات والبحرين والتحقت بالتنظيم في القتال ضد الجيش اللبناني.
وبحسب أسرة القرعاوي، فإنه تزوج من إبنة القيادي الميداني في تنظيم القاعدة المصري محمد خليل الحكايمة (أبو جهاد)، الذي قتل في ضربة صاروخية أمريكية نفّذتها طائرة من دون طيار في المنطقة القبلية الباكستانية.
وقد نشرت صحيفة (عكاظ) في 15 سبتمبر 2009 بأن صالح عبد الله صالح القرعاوي، المطلوب أمنياً في قائمة الـ 85، قام في 4 سبتمبر (2009) باتصال هاتفي بعائلته التي تقطن مدينة بريدة في منطقة القصيم (بعد انقطاع لنحو عامين). وقد أثار الاتصال علامات استفهام عدّة من حيث توقيته وظروفه، كونه جاء بعد إسبوع من فشل محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف. وروى عبد الرحمن شقيق صالح القرعاوي تفاصيل الإتصال حيث أبلغه الأخير بأنه (يتّصل من أفغانستان).
في مقابلة أجراها (مركز الفجر للإعلام) التابع لـ (كتائب عبد الله عزام) مع القرعاوي في شهر إبريل 2010، حول (رؤيته للصراع في بلاد الشام) جرى الحديث عن ساحتين: الجزيرة العربية (جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم بحسب نص المقابلة)، وبلاد الشام (معقل الطائفة المنصورة أرض الشام، وأيضاً بحسب نص المقابلة). وكشف القرعاوي بأن الزرقاوي كلّفه للقيام بمهمة خارج العراق. ولكن تم اعتقاله في سوريا وجرى تسليمه للسلطات الأمنية السعودية، وتم إيقافه مدّة يسيرة وخرج من السجن ليعود الى العراق مع عدد من رفاق دربه بعد الإفراج عنهم (فقررنا خروج الإخوة من الجزيرة وإعادة الكرة فيما بعد، كما خرج محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مكة ورجع إليها فاتحاً..) وبلغ عدد من خرج أكثر من خمسة عشر عنصراً.
ورغم أن القرعاوي لم ينف تهمة خطف الأجانب واستهداف المصالح الأجنبية، بل اعتبر (المصالح الأميركية) هي من أهم أهداف التنظيم، إلا أن البيانات الأخيرة التي صدرت عن (كتائب عبد الله عزام) في بلاد الشام تكشف بوضوح عن أن ثمة استراتيجية جديدة وربما تكون طارئة للتنظيم، وقد تكون على صلة بأوضاع لبنان، وتحديداً المحكمة الدولية.
عرّف القرعاوي (كتائب عبد الله عزّام) بصواريخ أطلقوها على شمال فلسطين المحتلة، وقسمّها الى عدّة سرايا منها سرية (زياد الجراح) لضرب اليهود في فلسطين، فتم إطلاق صواريخ على فلسطين المحتلة في 28 أكتوبر (تشرين الأول) 2009. ووصف القرعاوي العملية بأنها (خرق الحصون)، في إشارة الى حزب الله وقوات اليونيفيل ومخابرات الجيش اللبناني.
بدا القرعاوي كما لو أنه يحاول، ظاهراً، تفادي الإنغماس في الشأن اللبناني على أساس أن أولويات الكتائب هي (توعية المسلمين عقدياً وسياسياً وتجييشهم ليقوموا بدورهم في معركة الأمة مع القوى الصليبية واليهودية الغربية، وقتال اليهود لتخفيف الضغط على إخواننا المسلمين في غزة وإعانة لكل من يحمل سلاحه لقتال اليهود لإعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين). ولكن الاجابات اللاحقة والبيانات الثلاثة من سلسلة (ولتستبين سبيل المجرمين) تعكس انخراطاً كثيفاً لدى القرعاوي وكتائبه في الشأن اللبناني، بل توارت الساحة الأخرى، أي (جزيرة محمد)، ولم يعد هناك سوى لبنان، ساحة حرب، بما يوحي وكأن ثمة أجندة جرى تعديلها أو بالأحرى إعدادها لهذه المجموعة كيما تقوم بها في مرحلة قريبة.
القرعاوي الذي بدا وكأنه يقف وراء البيانات الثلاثة، بحسب ما تكشف عنه محتويات ولغة المقابلة، هاجم الجيش اللبناني، وقال بأنه يكيل بمكيالين، وأنه (يعامل أهل السنة في لبنان بالبطش والقتل والتعذيب والسجن والقهر والمداهمات..)، وأنه (خاضع للنفوذ الشيعي المتمثل في حركتي حزب الله وأمل برعاية إيرانية سورية..). وهاجم أيضاً قائد الجيش بعد أن قال بأن من قام باطلاق الصواريخ على فلسطين المحتلة بأنهم مشبوهون وعملاء. وشنّ هجوماً شرساً على الشيعة وحزب الله واعتبر كل المواجهات بين الأخير والكيان الاسرائيلي هي مؤامرة متفق عليها بين الطرفين، وأن حزب الله يمارس دور حراسة الحدود الاسرائيلية، ويحاول التضييق على أهل السنة في لبنان. من اللافت أن القرعاوي وضع من بين أهداف تنظيمه (إحياء الإنتماء لأهل السنة في قلوب الشباب..)، في إشارة واضحة الى مفهوم محدد لدى القرعاوي، يستبعد منه كثيرين بمن فيهم حركات المقاومة السنيّة في فلسطين التي يضعها في خانة (حرس الحدود) وينسحب ذلك على حركة حماس في غزّة بقوله (وترون الفرق بيننا وبين من يدعي النصرة وحقيقته أنه من جند اليهود وحرّاس الحدود، فلا هو بالذي ساهم في تخفيف الحصار عنكم بإطلاق صاروخ واحد على اليهود من ترسانته المتخمة بأحدث الصواريخ وأقواها، ولا هو بالذي تركنا نعمل على ذلك، بل هو يشتد في طلبنا والتضييق علينا حماية للحدود مع اليهود، فاعرفوا هؤلاء واكشفوا حقيقتهم للعامة..).
بيانات (ولتستبين سبيل المجرمين)

في البيان الأول لكتائب عبد الله عزام بعنوان (ولتستبين سبيل المجرمين) يبدأ بالمقطع التالي:
(فتدنس أرضُ لبنانَ الأسيرةُ اليوم بمقدمٍ غيرِ ميمون، للرئيس الإيرانيِّ أحمدي نجاد، الذي قدم متفقِّداً الأرضَ التي أقطعه إياها الصليبيون، في صفقةٍ خسيسةٍ آثمةٍ بين إيران الصفوية المتمددة الطامعة، وأمريكا الصليبية المنسحبة الحسيرة؛ فلبنان وغيرها هي المثمن، وتحمل إيران لمشاقِّ الحرب على الإسلام هو الثمن، وأهل السنة هم الشاهد الغافل الخاسر إن سكت وظل معلِّقًا أمله على عدوه وعملاء عدوه، ورضي بالتبعية لمن يقتسمون السيطرة عليه، وأبى أن ينتزع حقَّه واستقلال قراره بيده وبجهد أبنائه).
المقدسي والظواهري: هل هناك حدود للتكفير؟ لغة يدرك المراقب لحركة التاريخ والثقافة والإجتماع في لبنان، أنها لا يمكن أن تنتمي اليه في أي لحظة، وأنها لاشك قد دخلت خلال سنوات قليلة لا تتجاوز الخمس أو الست سنوات. وهي دون ريب لا تنتمي إلى تجربة الحركة الاسلامية السنيّة في الشمال اللبناني التي كانت وثيقة الصلة بتجربة حركة الإخوان المسلمين أو إلى حد ما حزب التحرير (رغم نجاحاته المحدودة)، وبالتالي فالحديث يدور عن ثقافة إرتبطت على وجه التحديد بحركة الصحوة السلفية التي انشقت في مرحلة لاحقة عن تنظيم القاعدة.
مصطلح (السنّة) بغزارته الطائفية، ورد نحو 131 مرة في البيانات الثلاثة، محمولاً على لغة طائفية تحريضية، لا تعكس بحال ثقافة أصيلة. بل إن المراقب لكثافة البيانات وشحنات الطائفية المندّسة فيها يدرك بأن ثمة جماعة خارجية تسللت الى المجتمع الإسلامي السني اللبناني وفرضت نفسها عليه كناطق قهري بإسمه، وممثلاً عنه. لا شك، أن في الطبقة السياسية السنيّة المقرّبة من الحكومة من ساعد الجماعة السلفية القاعدية القادمة من الخارج على الإضطلاع بدور كهذا. ولا يستبعد أن تكون (كتائب عبد الله عزّام) هي النسخّة المعدّلة وراثياً لتنظيم (فتح الإسلام) الذي يعتبر ورقة محروقة لبنانياً، بعد دخوله في مواجهة مسلّحة مع الجيش اللبناني في العام 2007.
في البيان الأول لكتائب عبد الله عزّام والصادر في 13 أكتوبر 2010 ثمة نبوءة ذات طبيعة إيحائية بأن مواجهة حتمية بين السنّة والشيعة (وإننا في كتائب عبد الله عزام نتوقع أن المعركة قادمة لا محالة..)، فيما يتم توظيف التحذير من الفتنة الذي أطلقته قيادات سورية ولبنانية محسوبة على حزب الله لتعزيز النبوءة القاعدية، وكأنها تفصح عن استبطانات سابقة لمعركة يراد إشعالها، حيث يرسم البيان صورة طائفية للمعركة، تكون فيها إيران وسورية وحزب الله طرفاً في مقابل أهل السنّة، فيما يخرج العاملان الأميركي والاسرائيلي من المعادلة، في إيحاء واضح بأن المعركة يراد لها أن تكون طائفية بحت.
نظرت (كتائب عبد الله عزام) الى زيارة الرئيس الايراني أحمدي نجاد الى لبنان على أنها (التوقيع على قرار الشروع في إبادة أهل السنة)، فهل تكون زيارة رجب طيب اردوغان، رئيس الوزراء التركي، الى لبنان للتوقيع على قرار الشروع في إبادة أهل الشيعة مثلاً، باستعمال نفس المنطق؟!.
ينسج البيان، وهذا يشي بمنزع سلفي/ وهابي سافر، قصة المؤامرة الصهيوصليبية والشيعية ضد أهل السنّة، وهي مؤامرة يتقن الوهابيون في وسط الجزيرة العربية دون سواها من مناطق العالم تصميمها، حتى صارت دليلاً إرشادياً لا يخيب إلى مصدرها. فهم يضعون المواجهة بين حزب الله والكيان الاسرائيلي في سياق لعبة متفق عليها بين الطرفين، وكذلك المواجهة بين الولايات المتحدة والغرب عموماً من جهة وإيران من جهة ثانية، بل إن المواجهة بين معسكر الممانعة بكل أطيافه السنيّة والشيعية من جهة والغرب والكيان الاسرائيلي من جهة أخرى لا تعدو أن تكون لعبة تواطؤ بين طرفين..فما هو موقع معسكر الإعتدال في هذه المعادلة؟!
في البيان رقم (2) من سلسلة (ولتستبين سبيل المجرمين) بتاريخ 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010، وهو عبارة عن رسالة من (صالح بن عبد الله القرعاوي) إلى أهل السنة في بلاد الشام. يبدأ القرعاوي رسالته الى (أهل السنة والجماعة في بلاد الشام) بحسب البيان، بالتعريف بنفسه لا من خلال الهوية ولكن من خلال الرسالة التي يحملها (..وليست تحلو الدنيا في عيني، ولو حزتُها كلها، وأنا أرى قومي وأهلي يتسلّط عليهم عدوّهم، فيمنعهم من دينهم، ويسلب منهم دنياهم، وكيف ينامُ ذو المروءةِ ولو ملك الدنيا كلَّها، وأهلُه مستضعفون يعيشون الذلَّ والهوان، يُسَجَّنُ أبناؤهم، ويُهانُ شِيبُهم، ويُخرجونَ مِن أرضِهم، وتؤكلُ حقوقُهم كلُّها؟..). من يتأمل في طريقة صوغ البيان، والسبك لابد أن يستحضر أسلوب الخلفاء والمصلحين الذين جاءوا لأقوامهم برسالة إنقاذية وتحذيرية (..فاسمعوا مني وتأمّلوا في خطابي، فإن وجدتم كلامي كلام نصحٍ ورشدٍ وهدى فخذوه، وإلا يكن كذلك فاطرحوا، لكن ليكن حكمكم بنظرٍ متجرّدٍ في طلب الرشد، ولا يؤثّر فيه ما يلقيه إليكم شياطين الإنس الذين يزعمون أنّهم إخوانكم..الخ).
البيان يحمل تحريضاً واضحاً ضد النظام في سورية وينسحب ليشمل الشيعة عموماً (ويكون الدين لله، إذا ارتفع تسلّط الظلمة ـ من الباطنية والشيعة وغيرهم ـ عن أهل الإسلام وبلاد المسلمين..) وفي مكان لاحق يلفت القرعاوي الى حال أهل السنّة (ونحن إذا نظرنا الى أحوال أهلنا في لبنان وسوريّة وسائر بلاد الشام، وجدنا أنهم من أعظم الطوائف المظلومة المستضعفة في هذا الزمان، فالظلمُ نازلٌ بهم بكلِّ صورِه، وبأعظمِ مستوياتِه؛ فهو ظلمٌ في الدينِ وظلمٌ في الدنيا؛ على يَدِ الطوائفِ المهيمنةِ على عبادِ اللهِ في أرضِ الشام، الناهبةِ لثرَواتِها، المفسدةِ لها؛ مِنَ الباطنيةِ العلويةِ والشيعةِ الصفويةِ..). والبيان يستهدف، كما أسلفنا، ثلاث جهات: حزب الله، والنظام السياسي في سورية، والجيش اللبناني، كما يظهر من الأسئلة الاستنكارية التي أوردها في بيانه.
تبدي لغة البيان الثاني إشارة ذات إيحاءات سياسية لبنانية خاصة. ولنتأمل في هذه الفقرة (يا أهلَنا أهلَ السنةِ والجماعةِ، لقد سمعتُم ما صدَرَ مِن أقطابِ ما يُسمَّى بالمعارضةِ أخيرًا مِن رفضِهم التعاملَ معَ المؤسساتِ الأمنيةِ لمخالفيهِم، وطَلَبِهم التمَرُّدَ عليها، وعدمَ الاستجابةِ لها، وأنها ما هي إلا عصابةٌ ومافْياتٌ كما ذكروا، فإن كان ما ذكروه حقًّا مِن كونِها مافيات؛ كان مِن حقِّهم أن يَدعوا لذلك جلبًا لمصالحِ طوائفِهم..)، وهنا يميل القرعاوي الى الكشف عن ميوله السياسية لبنايناً، فهو يدخل في لعبة الاصطفافات، ويضع نفسه في معسكر الموالاة في مقابل معسكر المعارضة، كما ينبىء دفاعه عن قوى الأمن الداخلي (بقيادة سنية)، في مقابل الجيش، وخصوصاً جهاز المخابرات التابع له (بقيادة شيعية). يقول القرعاوي (فندعوكُمْ إلى مقاطعةِ المؤسساتِ الظالمةِ لكُم والمضيعةِ لحقوقِكُمْ أيًّا كان انتماؤها، وبخاصةٍ مخابراتِ الجيشِ وعساكرَه؛ فلترفضوا التعاملَ مع حواجزِه، ولتدعوا إلى عدمِ الانصياعِ لمطالبِه..)..حاول القرعاوي نفي الاصطفاف السياسي عن كتائبه في مكان لاحق، معتصماً بدعوى الدفاع عن أهل السنة في بلاد الشام، ولكن البيان برمته يفصح عن حقيقة أخرى، وهي أن مضمون البيانات الصادرة عن كتائب عبد الله عزام تلفت إلى جنوح سياسي واضح نحو فريق 14 آذار الحاكم، وأن الكتائب نفسها تحوّلت الى أحد الأدوات الرئيسية في المعركة/الفتنة الداخلية التي يجري تحضيرها لمرحلة مابعد صدور القرار الظني.
وما هو أهم، أن هوية القرعاوي السعودية تتوارى هنا، في محاولة لإعادة تموضع وافتئات على السنّة في لبنان. يبدو القرعاوي كما لو أنه بات لبنانياً، أو ممثلاً مستعاراً إن لم يكن قهرياً لأهل السنة في لبنان. فالرجل يستخدم عبارات حميمية من قبيل (أهلنا)، و(نحن) بنيّة مبيّتة بمصادرة حق الإختيار لدى السنّة في لبنان، عبر النطق بإسمهم وتخويل نفسه حق تشخيص مظلومية السنة وتحديد خياراتهم السياسية أيضاً.
عوداً الى محتويات البيان، نقرأ عن سورية، التي وصفها بالأسيرة فقال عنها القرعاوي بأنها (القائد الميداني للمعركة في بلاد الشام عموماً، وفي لبنان بنحوٍ مؤثر، وأمن لبنان واستقراره مرتبط بتقليل نفوذ الحكومة العلوية في لبنان وتحركاتها فيها..ولا يجوز بحال أن يبادَ أهلكم في فلسطين ولبنان، بأيدي اليهود والحكومة العلوية، ثم يسلمون، أعني اليهود والعلوية وتابعيهم من الطوائف الباطنية ـ من المقابلة والردود المماثلة..).
وحول زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الى لبنان وجنوبه، عاد القرعاوي لتأكيد موقفه مرة أخرى، في سياق ما يمكن وصفه بعقلية بارانويا ثرية في إنتاج القصص المواربة، حيث تتحوّل شجاعة نجاد خلال جولته إلى لبنان إلى مجرد مسرحية بهلوانية في نظر الخط السلفي الوهابي في تنظيم القاعدة، الى حد بالغ القرعاوي في توصيف قوة الكيان الاسرائيلي بما يجعل من إفلات نجاد من القتل مستحيلاً، لو شاء الاسرائيليون له ذلك (ولو كان اليهود يريدون قتله لقتلوه بيسر، فطائراتهم تحتل سماء لبنان وتحلّق فيها، لكن حماية له لا تهديداً..)!.
وفي السياق نفسه، يضع القرعاوي حزب الله مكوّناً في قصة المؤامرة بقوله: (واعلموا أن الحزب ـ أي حزب الله ـ قد جمع السلاح ليستعمله في الصراعات الداخلية، في ذبح أهل السنّة والجماعة..). وهنا تبدو عملية الشحن للغرائز الطائفية في أقصى طاقاتها، وكأن ثمة من يريد لها أن تندلع كيما تكون جاهزة لمعركة ينذر القرعاوي ورفاقه بوقوعها: (لكننا نحسب أن لحم أهل الشام سيكون مرّاً علقماً على أبناء العلقمي الباطنية..). لغة لا نجد أثراً لها سوى في الأدبيات الوهابية، تماماً كما هو التصوير السكاتالوجي الذي يجمع الشيعة واليهود تحت راية المسيح الدجّال لحرب أهل الاسلام في آخر الزمان، بحسب القرعاوي، الذي لا ينسى أن يجد في حديث نبوي زعماً لما يؤكد تصويره.
شملت حملة انتقادات القرعاوي أهل السنّة في لبنان والمحسوبين على معسكر المعارضة، فانتهى للحكم عليهم قائلاً: (فهم عند كل ذي فطرةٍ خونةٌ عملاء، خانوا دينهم، وباعوا أهلهم، وانحازوا لعدوّهم الذي يحارب المسلمين حرباً صريحة..).. ويقصد بالعدو، بطبيعة الحال، حزب الله. ويقسّم القرعاوي أعداء أهل السنة الى قسمين: خارجي يتمثل في الكيان الاسرائيلي، وداخلي وهو (المتمثل في الشيعة الحاقدين الطامعين، ومن كان عميلاً لهؤلاء فهم في ميزان العدل كالعميل للسابقين..)، بل يعتبر المقاومة في لبنان بأنها ليست (إلا مقاومة الوجود السنّي بالقتل والتهديد والإذلال..)..وهذا التقسيم مخالف لما ذكرته قيادات القاعدة، وعلى وجه الخصوص الشيخ أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري كما سيأتي.
ثمة تطابق ملفت في عبارة وردت في البيان الثاني (فإن الطائقة المظلومة أهل السنة ستتحرّك ولابدّ، للإقتصاص ونصرة نفسها من عدوّها الرئيس رأس الأفعى، ومن أدواته الخسيسة في لبنان)، مع كلام ظهر في وثائق ويكيليكس منسوب الى الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي طالب بقطع رأس الأفعى، في إشارة إلى إيران..هل ثمة مطبخ مشترك للبيانات؟!
وفي البيان رقم (3) ضمن سلسلة (ولتستبين سبيل المجرمين) والصادر بتاريخ 23 كانون الأول (ديسمبر) 2010 وفيه رسائل محددة الى كل من: الجيش اللبناني، طوائف لبنان من غير الشيعة، سجن رومية. يبدأ البيان بعرض للنظام السياسي الطائفي في لبنان، وحصص كل طائفة في هذا النظام. ثم يتناول دور سورية في لبنان حتى خروجها في العام 2005، ويقول (وبعد خروج السوريين العلويين وجزء كبير من مخابراتهم من لبنان، وكل الأمر لحزب الله، فمن رضي عنه الحزب والشيعة عموماً..حُمي ودعم ويقوى جانبه، ومن خالف الحزب ولم يرض عنه قادة الحزب، فإن التهميش والإقصاء عن الساحة مصيره..)، ويعتبر أن الجيش ظاهراً تحت قيادة النصارى متمثلين في قيادته، ورئيس مخابراته، ولكن واقع الحال غير ذلك، حسب البيان، بمعنى أن الشيعة هم يسيطرون فعلياً على الجيش ومخابراته. ويذكر البيان عميداً في الجيش اللبناني إسمه عباس إبراهيم ويعتبره البيان (العقل المدبّر للحرب على أهل السنة، وهو من يقف وراء سفك دمائهم وظلمهم..). وبالغ البيان في تصوير دور للعميد إبراهيم بما يجعل بقية الأجهزة العسكرية والأمنية وحتى السياسية عاجزة عن الوقوف أمامه وكبح جماح سلطانه.
يقول البيان بأن (كتائب عبد الله عزام..لا نرى مواجهة الجيش ابتداءً..ولا نرى العمل الداخلي في لبنان، وليس لنا هدفٌ في أولوياتنا إلا مقاتلة اليهود المحتلين، والدفاع عن أهل السنة المظلومين..)، فلماذا تشكّلت الكتائب في لبنان، ولماذا اقتصرت لغة البيانات واستهدافاتها على الداخل اللبناني وفي أقصى الأحوال بلاد الشام، فيما لم يأت ذكر الإحتلال الإسرائيلي لجزءٍ من لبنان، أو حتى الاحتلال الأميركي للعراق، أو الوجود العسكري الأميركي في الخليج..كل ذلك كان غائباً في بيانات الكتائب، فأين هي الأولويات؟!
كل ما جاء لاحقاً في البيان لا يخرج عن إطار التحريض الطائفي، ودعوة للتمرد على المؤسسة العسكرية، الممثلة في الجيش اللبناني ونفي كونه مؤسسة وطنية، وكأن ما لا يقوله فريق الموالاة تتولى كتائب عبد الله عزام الجهر به عالياً، كالقول (أن العدوّ الذي يسيّر الجيش وأفراده وعساكره، هم الشيعة..وإن هؤلاء العساكر ماهم إلا أدوات في أيدي أولئك يحرّكونها كيف شاؤوا..وإنكم إذا قطعتم رأس الأفعى ماتت..ومات ذيلها..فلا يشغلكم السعي وراء الأدوات التي كلما ذهب بعضها جاء غيرها..)، ألا يعني ذلك سوى الفتنة السنية الشيعية؟!
في المحور الثاني: كلمة إلى طوائف لبنان، ثمة خطاب يراد توجيهه الى الطوائف الأخرى لتحذيرها من سيطرة الشيعة على الجيش ومخابراته، والهدف هو دعوة هذه الطوائف لأبنائها في الجيش بعدم الخضوع للشيعة للبطش بأهل السنة! (فندعوكم إلى أمر رشدٌ لا يرفضه عاقل، وهو أن لا تقحموا أنفسكم في معركة عليكم ضررها ولغيركم نفعها، بمساعدة الظالم على ظلمه، ونحن لا نرضى أن يثبت أحدٌ وجوده على حسابنا..).
في المحور الثالث: جوانتنامو لبنان (سجن رومية) ثمة توجيه مقصود الى إقحام حزب الله في اعتقال وتعذيب عناصر القاعدة المسجونين في سجن رومية، (نحمّل المسئولية الكبرى لحزب الشيعة ومتنفّذيهم، لأنهم هم من يدير المحاكم العسكرية، والدولة الفعلية تحت سيطرتهم فهم يحبسون من يشاؤون ويفرجون عمّن يشاؤون، بحسب ولاء السجين لهم..).
القاعدة والشيعة.. الخطاب المتحوّل

بعد العرض السابق نقف أمام مفصل هام وخطير، وعليه مدار الإنشعاب الكبير في خطاب القاعدة. حين نقرأ مسار الخطاب القاعدي خصوصاً إزاء الشيعة، نقف أمام خطّين متنافرين داخل تنظيم القاعدة، وقد يرشد ذلك الى مرجعية فكرية من جهة ومرجعية سياسية وتنظيمية من جهة ثانية، وكلاهما يعملان بصورة مستقلة أحياناً أو متنافرة حيناً آخر. برنارد هيكل، الأكاديمي المتخصّص في شؤون الحركات الاسلامية، يقرأ القاعدة على أنها (نتاج مسارين أيديولوجي وديني غالباً ما كانا في حالة توتّر، وخصوصاً فيما يرتبط بالتعامل مع الشيعة)، المسار الأول يمثّله الإخوان المسلمون، وهي حركة لطالما شدّدت على الوحدة الاسلامية، وعارضت الإنغماس في الخلافات بين المسلمين خشية إضعاف الجهود لتأسيس دولة يتم فيها تطبيق الشريعة. أما المسار الثاني في القاعدة فهو السلفية، وهي الحركة التيولوجية التي تشدّد أولاً على تطهير المعتقدات وممارسات المسلمين الغاوين. (برنارد هيكل، الجهاديين والشيعة، الفصل التاسع، ص 202، بحث في كتاب مشترك باللغة الانجليزية صادر عن مركز مكافحة الارهاب بعنوان (جروح البلاء الذاتي..مناظرات وانقسامات داخل القاعدة وأطرافها) تحرير كل من عسّاف مقدم، وبريان فيشمان والصادر بتاريخ 16 ديسمبر 2010.
لا يمكن، قبل العام 2003، أن نعثر في كتابات وخطابات أسامة بن لادن وأيمن الظواهري ما يشير إلى موقف خصامي ضد الشيعة، ولم ينخرط أي منهما في مناظرات مذهبية، وكان بن لادن متحفظاً في مهاجمة الشيعة، وهذا دون ريب إنعكاس لتأثير الاخوان المسلمين على فكره، كما أن هناك عاملاً آخر وهو أن بن لادن سعى لأن يقدّم نفسه باعتباره شخصية وحدوية لجميع المسلمين ضد (الكفار)، ويمكن أن يقال الشيء ذاته بالنسبة لأيمن الظواهري، مع أن الأخير ينتمي فكرياً وحركياً الى الاخوان المسلمين في مصر. في واحد من أبرز أعماله الفكرية (فرسان تحت راية النبي صلى الله عليه وسلم)، كان الظواهري واضحاً في رسم مسار الحركة الجهادية التي ينتمي اليها، والتي شكّلت مصر في منتصف الستينيات نقطة انطلاقتها، وهناك افترقت الخطوط على أساس تحديد جهة وهوية العدو، فقد اختار الخط العام في الاخوان المسلمين العدو الخارجي كجهة إستهداف، بينما اختار خط آخر يمثّله سيد قطب العدو الداخلي، الذي يقول عنه الظواهري: (لا يقل خطورة عن العدو الخارجي، بل إنه الأداة التي يستخدمها العدو الخارجي والستار الذي يحتمي وراءه في شن حربه على الإسلام) (أيمن الظواهري، فرسان تحت راية النبي صلى الله عليه وسلم، ص 11). والمائز الآخر، أن المجموعة المقرّبة من سيد قطب إختارت أن تقرن الأقوال بالأفعال، فقرّرت الجهاد منهجاً في التغيير. ومن هناك يؤسس الظواهري لتنظيم القاعدة صيرورته التاريخية.
في الباب الأول من الجزء الثاني بعنوان (أعداء الإسلام) يحدّد الظواهري ثلاثة أعداء: الامريكان، اليهود، الأنظمة الموالية لهما. وفي تناوله في الباب الثاني بعنوان التيارات الاسلامية، كانت مرجعية الظواهري ليست سلفية، بل لم يذكر من بين أسماء العلماء المؤسسين للحركة الجهادية سوى الشيخ محمد بن ابراهيم، المفتي العام للمملكة في عهد الملك فيصل والذي كتب نقداً في تحكيم القوانين الوضعية في السعودية حينذاك. حين نقارن ما يقوله الظواهري مع بيانات القرعاوي نجد بوضوح التباين في الخطاب لدى كل منهما إزء هوية الأعداء.
يلحظ هيكل تحوّلاً في موقف القاعدة منذ العام 2003، وهو العام الذي سقط فيه النظام البعثي في العراق، حيث غادرت الطبقة القيادية في تنظيم القاعدة رؤيتها الاخوانية تجاه الشيعة، وأصبحت تتبنى منذ ذلك التاريخ الموقف السلفي المتشدّد (هيكل، المصدر السابق، ص 203) وقد لعب أبو مصعب الزرقاوي دوراً في استدراج قيادة القاعدة نحو موقف أكثر تشدّداً تجاه الشيعة، ما دفع الشيخ محمد المقدسي أحد أبرز منظّري الفكر الجهادي الى معارضة الزرقاوي في تكفير عموم الشيعة وقتلهم، وقال بأنه (لا يجوز تكفير عموم الشيعة، وأنه يستند في ذلك إلى أقوال أئمة أهل السنّة خصوصا شيخ الإسلام بن تيمية، وبالتالي فان استهدافهم بالقتل عمل غير شرعي)، بحسب مقابلة مع قناة (الجزيرة) في تموز (يوليو) 2005.
أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، بعث برسالة من 12 صفحة في تشرين الثاني (أكتوبر) 2005 الى أبي مصعب الزرقاوي يدعوه فيه الى تجنّب قتل الشيعة وقال له (الكثير من أنصارك المسلمين من عامة الشعب يتساءلون حول هجماتك على الشيعة). وأضاف الظواهري بحسب هذه الرسالة (حدة هذه التساؤلات تزداد عندما تستهدف الهجمات أحد مساجدهم وتزداد أكثر عندما تستهدف الهجمات مقام الإمام علي). ومضى يقول (بنظري فإن الشعوب المسلمة لن تقبل بذلك مهما حاولت التفسير وستواصل مناهضتها لذلك). وطالبه بعدم الإنغماس في خصومات جانبية تؤدي الى ضياع أهداف التنظيم وقد تخلق بيئة معادية له.
بعد مقتل الزرقاوي ونشوء قيادات فرعية متعدّدة في ظل شبه قطيعة بين ابن لادن والظواهري مع فروع التنظيم، بدأ التيار السلفي الوهابي بلونه الطائفي يفرض هيمنته على الإتجاهات الفكرية لدى القاعدة، بل ويسمح بدخول أجهزة استخبارية إقليمية ودولية لتوظيف فروع التنظيم في معارك داخلية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجيل الجديد من كوادر القاعدة، بمن فيهم الكوادر القيادية قد تخرّج من المدرسة السلفية الوهابية في القصيم، ولم يختلط أفراده أو يتعرّفوا على الأفكار الإسلامية الحركية المتسامحة لدى الاخوان المسلمين، ولذلك كان من الطبيعي أن ينشأ هذا الجيل على التشدّد الديني والنزعة الطائفية الحادة إزاء بقية المذاهب الأخرى، ومن بينها المذهب الشيعي.
المفتي وتوبة الخارجين على الدولة

في كلمة مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ خلال استقباله لمن أطلق عليهم (التائبين عن الفكر الإرهابي) في 14 محرم 1432هـ ـ 21 ديسمبر 2010 ما يلفت إلى أن التوبة ليست عن فكر إرهابي ضد الآخر، الديني، ولا الخارجي، بل هي توبة عن فكرة الخروج على الدولة (مما نحمد الله عليه أن جعلنا وإياكم في بلد يحكمه رجال ذوو القلوب الكبيرة، ملؤها العطف والشفقة والحنان والحرص.. أعظم دليل وأجلى حجة.. احتضان أمثالكم من شباب وأبناء هذا الوطن الذين أخطئوا الطريق.. لكن رغم كل ذلك شملهم العفو والصلح من ذوي أصحاب القلوب الكبيرة من ولاة الأمر.. ومن هنا جاءت مبادرة الحوار والمناصحة من القيادة الرشيدة من قبل السوط والعقاب.. فكانت من ثمرة هذه السياسة الحكيمة ما نراه اليوم من هذه الوجوه الكريمة من ثلة من الشباب الذين قد أنقذهم الله من تأثير دعوة أصحاب الفكر المنحرف والفئة الضالة ، فأدركوا الحقيقة واهتدوا سبيل الرشد والصواب ، ونأوا بأنفسهم عن سلوك طريق الشذوذ والضلال والتكفير والتفجير... نشكر قيادتنا الرشيدة، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين ونائبه الثاني، وغيرهم من المسؤولين بما تحلوا من الشفقة والرحمة والصفح عن الأخطاء والزلات، وفتح أبوابهم لأبنائهم بالتوبة والأوبة، والاندماج في المجتمع وإعادة مكانتهم الاجتماعية لهم).









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-14, 21:27   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
max.dz
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

تحالف قاعدة اليمن والسعودية
الكراهية الدينية، الطائفية، التحريض على القتل

المرجعية الوهابية لتنظيمات القاعدة

الجزء الثاني ـ تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب

سعد الشريف

صحيح أن تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب تشكّل في العام 2009، بعد اندماج فرعين من تنظيم القاعدة في السعودية (أعلن عن وجوده العملي في مايو 2003) واليمن، وتعّهد بتوجيه ضرباته للمنشآت النفطية والأجانب وقوات الأمن بهدف إطاحة العائلة المالكة في السعودية والحكومة اليمنية برئاسة علي عبد الله صالح وصولاً الى إقامة إمارة إسلامية تمهيداً للدخول في مشروع إقامة الخلافة أو الإمامة الكبرى، بحسب الأدبيات السلفية.
وجّهت للتنظيم تهمة محاولة تفجير طائرة ركاب أميركية في ديترويت خلال عيد الميلاد من العام 2009، واعترف شاب نيجيري يدعى عمر فاروق عبد المطلب بأنه تلقى تدريبات على أيدي ناشطين في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وجهّزوه بالأسلحة والمتفجّرات، واعترف بأن آخرين أيضاً قد تلقوا تدريببات مماثلة.
بعد سلسلة ضربات تلقّاها تنظيم القاعدة في السعودية عقب مقتل قادته مثل خالد الحاج، وعبد العزيز المقرن، وصالح العوفي، إضطر عناصر التنظيم للهرب الى اليمن، التي مثّلت خياراً مريحاً لتنظيم القاعدة، حيث تمّ الاستفادة من ضعف الحكومة المركزية اليمنية، وبدأوا في تشكيل خلايا وقواعد لهم في أبين وشبوه في الجنوب اليمني. ويتحدث الحوثيون عن استغلال الحكومة اليمنية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب في حربها مع المقاتلين من أتباع المذهب الزيدي، ولكن الخسائر التي تلقّاها التنظيم دفعته الى إخلاء ساحات القتال والتوجّه الى مناطق نائية في الجنوب.
نشاط القاعدة في اليمن يعود الى استهداف المدمرة كول الأميركية في العام 2000 والذي أسفر عن مقتل سبعة عشر بحاراً أميركياً، الا أن القاعدة لم تأخذ شكلها التنظيمي الا في منتصف العقد الأخير، خصوصاً بعد أن تكشّفت حقيقة الرواية المبالغ فيها عن حجم القاعدة، فلم يكن، بحسب تقييم أحد القادة الحوثيين، حتى 2009 سوى تنظيم ضعيف مبعثر، غير قادر على خوض مواجهات مسلّحة واسعة بالطريقة التي تعكسها وسائل الإعلام الرسمية سواء في اليمن أو حتى وسائل الاعلام الأجنبية.
تكّثفت عمليات تنظيم (قاعدة الجهاد في جزيرة العرب) في الجنوب اليمني وخصوصاً في محافظات أبين وشبوة ومأرب وفي حضرموت عموماً، وهي المناطق التي قصدها أسامة بن لادن لتعبئة المقاتلين وتشكيل التنظيم، إلى جانب عمليات نوعية محدودة ومتقطعة للتنظيم في العاصمة صنعاء، كالعملية التي قامت بها سرية الشيخ أبي عمر البغدادي في 26 إبريل 2010 واستهدفت السفير البريطاني. وفي بيان حول عملية اقتحام (كتائب الشهيد جميل العنبري) لمبنى الأمن السياسي بعدن في يوم السبت 8/7/1431هـ ـ الموافق 19 يونيو 2010 أسفرت العملية عن قتل عدد من ضباط وجنود الأمن السياسي في رد على عمليات المداهمة التي تقوم بها أجهزة الأمن اليمنية في محافظة مأرب.
من وجهة النظر الأميركية، أن معيار قوة التنظيم برز في قدرة عناصره وعددهم 23 سجيناً من الهرب من سجن في صنعاء في الثالث من فبراير 2006 عبر نفق طوله 25 متراً تم حفره على مدار شهرين، وأن يكون من بين الفارّين العقل المدبّر للهجوم على المدمّرة كول، ويدعى جمال البداوي. وبالرغم من أنه تم القاء القبض على معظم السجناء الفارين، باستثناء مساعد بن لادن، عبد الكريم الوحيشي (أمير التنظيم)، وآخر يدعى قاسم الرايمي، وكانا مسؤولين عن تجنيد عناصر جديدة من جنسيات عربية وأجنبية.
أعلن التنظيم في العام 2008 عن عدد من العمليات الانتحارية ضد سوّاح غربيين، وكذلك هجوم صاروخي ضد السفارة الاميركية أدى إلى مقتل عشرة حراس يمنيين وأربعة مدنيين قبل أن يلقوا مصرعهم. وبعد أربعة شهور من الحادث، خرج الوحيشي ليعلن في تسجيل مصوّر عن اندماج فرعي القاعدة فى السعودية و اليمن ليشكلا معا (القاعدة ومنظمة الجهاد فى شبة الجزيرة العربية )، وظهر خلالها نائب زعيم التنظيم الجديد سعيد علي الشهري وهو سعودي الجنسية تم اطلاق سراحه من معتقل جوانتانامو فى نوفمبر/تشرين الثاني 2007 ومعتقل سابق آخر و يدعي محمد عاتق الحربي القائد الميداني للتنظيم. لابد من الاشارة الى أن التنظيم بدّل إسمه لاحقاً من (تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ـ أرض اليمن) الى (تنظيم قاعدة الجهاد في جنوب جزيرة العرب). وكان هروب عناصر قيادية في القاعدة من السعوديين أمثال سعيد الشهري وصهره يوسف الشهري ومحمد العوفي وإبراهيم الربيش وغيرهم قد التحقوا بالإئتلاف القاعدي الجديد في اليمن، بعد أن فشل برنامج (المناصحة) في تصحيح أفكارهم حول الجهاد والولاء والبراء والنصرة والطائفة المنصورة..
المدمرة كول بعد تفجيرها كانت العملية الأولى المزعومة للتنظيم الجديد خارج البلاد فى أغسطس 2009 في السعودية هي محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية السعودي لشؤون الأمن. نقول المزعومة لأن تقارير أخرى شكّكت في صحة الرواية بالطريقة التي ذكرتها الحكومة السعودية.
كثرة العناصر اليمنية في تنظيم القاعدة لا تعكس على الإطلاق إشارة أيديولوجية من أي نوع، بل هي مرتبطة بطبيعة اليمن، الأرض والإنسان، فقد كانت اليمن وافغانستان بيئتين نموذجيتين لاحتضان مشروع السلفية الجهادية، لأسباب عديدة من بينها الطبيعة الجبلية المناسبة لحرب العصابات، والفقر (60 بالمئة من سكان اليمن تحت خط الفقر بحسب تقارير الامام المتحدة)، وانخفاض المستوى التعليمي، وضعف الحكومة المركزية المفضي الى انفلات الأوضاع الأمنية، انتشار السلاح بكثافة بين السكّان المحليين. وبحسب قائد حوثي (بإمكانك العثور على الرصاصة والدبابة في سوق السلاح اليمنية).
فقد شارك عناصر القاعدة العائدين من أفغانستان في الحرب الاهلية في اليمن العام 1994 الى جانب الجيش اليمني الشمالي، وكان اليمن ملاذاً آمناً لآلاف المقاتلين العرب الذين عادوا بالإنتصار ضد الإحتلال الروسي في أفغانستان أواخر الثمانينات من القرن الماضي.
حين ننتقل الى البعد الأيديولوجي للقاعدة، نجد أن كيمياء العلاقة الأيديولوجية بين أسامة بن لادن والدكتور عبد الله عزّام، تعود الى بداية الثمانينات حين انتقل عزّام الى السعودية بعد طرده من الأردن الذي منع من التدريس في جامعاتها، ثم فصله من جماعة الاخوان المسلمين في الأردن بسبب إقامته معسكراً للتدريب على الحدود مع فلسطين، موطنه الأصلي.
في السعودية، تعرّف عزّام على الفكر السلفي الجهادي والتقى بابن لادن وكان في العشرينات من عمره، حيث التقى مبدءا الهجرة والجهاد، فبينما تشبّع ابن لادن بفكرة الهجرة من عزّام الذي عاش حياته مطروداً من بلده الأصلي من قبل الصهاينة، ثم من الأردن التي كانت وطناً بديلاً له، فيما تشبّع عزّام بفكرة الجهاد التي عثر على تأصيل عميق لها في الأدبيات السلفية. وكانت ثقافة الهجرة والجهاد ما يميز العقيدة السلفية الوهابية التي شرعنت سفك دماء السكّان المحللين والمناطق المجاورة، وتالياً إقامة دولة آل سعود، ومن مكوّناتها ولد تنظيم القاعدة.
تتلمذ إبن لادن على يد عبد الله عزّام في السعودية، قبل أن يعملا سويّاً في أفغانستان من خلال (مكتب خدمات المجاهدين) الذي أسسه عزّام سنة 1983 لتعبئة وتجنيد المقاتلين العرب المتطوّعين للجهاد في أفغانستان ضد الإحتلال السوفياتي، وكان يقوم المكتب بمهمات إغاثية وطبية إلى جانب وظيفة التعبئة الاعلامية. نشير هنا الى أن انتقال عزّام الى أفغانستان جاء وظيفياً، حيث كان يعمل أستاذاً في جامعة الملك عبد العزيز بجدة وتمّت إعارته الى الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد، سنة 1981. وحين التقى عزّام وابن لادن في أفغانستان لم يرق للأخير طريقة أستاذه في العمل، حيث كان ينزع الى تكثيف كل جهوده في العمل العسكري، فيما واصل عزّام مشروعه في توفير خدمات إغاثية وثقافية للمشروع الجهادي الأفغاني، الى لحظة قتله مع إثنين من أبنائه في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1989 في بيشاور بعد تفخيخ سيارتهم.
قاد إبن لادن حملات التعبئة الإيديولوجية في اليمن الجنوبي، وخصوصاً حضرموت، في سبيل التحريض على القتال ضد السوفييت في أفغانستان، فدفعت القبائل أبناءها للهجرة الى (دار الحرب) و(أرض الجهاد)، فتقاطروا بوحي من الفتاوى الجهادية على أفغانستان، قابلتها رغبة أميركية في توجيه كل السهام ضد الروس في (لعبة أمم) لم تتقن الكتل البشرية القادمة من الجزيرة العربية كنهها.
كان عبد العزيز المقرن (قتل في يونيو 2004)، قائد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، حينذاك يخوض مواجهات عسكرية ضد القوات الأميركية في الصومال العام 1992، وكان شباب يمنيون من القاعدة مثل أبو طارق الفضلي وجمال النهدي يقودون حرب عصابات ضد الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في الجنوب، ولكن بعد نهاية الحرب في صيف 1994، قرر الفضلي والنهدي قطع صلاتهما بالقاعدة والقبول بمكافأة مادية ووظيفية من قبل القيادة السياسية اليمنية في الشمال.
مهما تبدّلت هوية قيادة التنظيمات الفرعية لشبكة القاعدة، فإن ثمة ثابتاً راسخاً لا يخضع لقوانين التغيّر، ذاك هو الثابت الأيديولوجي الذي يمثّل حجر الزاوية، بل الدافع الرئيسي للإلتحاق بتنظيم جهادي، والانغماس في عمليات ذات طابع سادي بإسم الجهاد. من منطقة القبائل في باكستان مروراً بأفغانستان والعراق وبلاد الشام واليمن وشمال أفريقيا وصولاً الى أوروبا غرباً والى شبه القارة الهندية شرقاً وجمهوريات الاتحاد السوفياتي ـ سابقاً ـ شمالاً، وإلى القارة الأفريقية جنوباً، ثمة لغة مشتركة تتداولها التنظيمات الجهادية، لغة تستمد مفرداتها من الأدبيات السلفية الوهابية في الجزيرة العربية. إنها مرجعية ضخمة تراكمت منذ ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد وصولاً الى الجيل الصحوي الذي برز في التسعينيات من القرن الماضي، رغم تنصّله لاحقاً من كل ما صدر عنه من فتاوى، وبيانات، وتصريحات تحرّض على القتال..
قد تختلط الأوراق حين يجري الحديث عن هوية الأعضاء في التنظيمات القاعدية، ولكن بإمكان الدراس للمدرسة الوهابية أن يعثر وبسهولة وسرعة فائقة على المرجعية الأيديولوجية الأصلية لهذه التنظيمات.
مجلة صدى الملاحم الناطق باسم القاعدة في جزيرة العرب صدى الملاحم.. نشرة وهابية

حين نقرأ مجلة (صدى الملاحم) الناطقة بإسم تنظيم (قاعدة الجهاد في جزيرة العرب)، إلى جانب نشريات، وأفلام دعائية، وبيانات صوتية صادرة عنه، فإن النتيجة التي يمكن للمرء أن يخرج بها هي أن المرجعية الفكرية لدى هذا التنظيم هي ذاتها لدى التنظيمات الفرعية الأخرى في بلاد الشام والعراق وافغانستان. الجدل الدائر حول موقف تنظيمات القاعدة من علماء المؤسسة الدينية الرسمية في السعودية لا يدور حول صحة النص السلفي أو سقمه، بل حول تطبيقاته. وغالباً ما يتركّز الخلاف بين الطرفين حول الموقف من الحكومة السعودية حصرياً، إن كانت تدخل في إطار (الطوائف الممتنعة)، أي الطائفة التي تمتنع عن الامتثال لأحكام الاسلام.
وقد جاء في كتاب (السياسة الشرعية، ج1 ص 106 ومابعدها) لشيخ الاسلام ابن تيمية: (وأيما طائفة ممتنعة انتسبت إلى الإسلام وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين، حتى يكون الدين كله لله). وقد أدخلت أجهزة الأمن والاستخبارات في مسمى الطوائف الممتنعة، ما برر استهداف عناصرها من قبل التنظيمات القاعدية. قد يستحضر ذلك ماورد في محاضرة للشيخ الصحوي السابق سلمان بن فهد العودة بعنوان (رسالة الى أخي رجل الأمن) يحذّره فيه من الوقوف الى جانب الدولة من خلال اعتماد مبدأ (الطاعة العمياء)، وقال بأن واجب رجال الأمن هو الدفاع عن الدين من أي اعتداء فهو حسب قوله (الجريمةُ العظمى التي تأخذ رقم واحد، والتي يجب أن يجعل رجل الأمن من جهده جهداً كبيراً في مقاومتها وكشفِ من يعملها أو يمارسها وإيقافه عند حده). كما نبّه رجل الأمن من دعاية الحكومة الرامية الى التهويل من خطر رجال الصحوة (ملأوا قلبك أخي رجل الأمن خوفاً وذعراً، حتى أصبحت إذا رأيت ذا اللحية فكأنما رأيت بعبعاً مخيفاً أو شيئاً عنيفا؛ وبالمقابل خوفوه بك، وجعلوك سيفاً مسلّطاً على رقبته، فصار ما إن يراك ببزتك وبدلتك حتى يرى الموت الأحمر ويدري أنه إن لم يَقتُل يُقْتَل، وصرت أنت وإياه حينئذ ضدين لا يجتمعان.. إنه الدم، إنه القصاص، قال الله تعالى {ولكم في القصاصِ حياةٌ يا أولي الألباب} والقاتلُ مقتول ولو بعد حين، وسيقضي القاتل أياً كان بقية عمره في قلق لا يهدأ وتوتر لا يسكن، وذلك أن يزرع الله تعالى في قلب القاتل شقاء لا سعادة معه قط..). وفي مكان آخر ينذر العودة رجل الأمن من سوء العاقبة في الدنيا (فلماذا تنـزعج أخي أو ينزعج غيرك من خبرٍ يقول: مقتل ضابط أو شرطي في بلد كذا؟ ثم تسر بخبرٍ يقول لك اقتحام منـزل وقتل عشرين من المتطرفين..).
كثافة الرمزية العقدية والتاريخية بطابعها الديني في الثقافة الجهادوية السلفية ينبىء عن نزوع شديد الضراوة نحو التميّز عن الآخر، والانعزال في شكله المتعالي والمتمرد، تضاف إلى نزعة مبيّتة نحو اختطاف التمثيل الشعبي والمدرسي للدين (=الإسلام). مفردات ذات دلالة دينية وتاريخية مثل (بدر، أبو هريرة، أمير الجماعة، وعد، غزوة، معركة، ملحمة، القصاص العادل)، إلى جانب عناوين ذات تركيبة سجعية من قبيل (القول الصراح في حكم استهداف السياح). نقرأ في سلسلة الافلام التعبوية التي صدرت عن تنظيمات القاعدة في اليمن والسعودية في العام 2009 عناوين مثل (فزت ورب الكعبة) وتتضمن وصايا منفذي عملية استهداف الكوريين الجنوبيين في اليمن، وفيلم (غزوة الفرقان) والذي يشتمل على صور عن تنفيذ الهجوم على السفارة الأميركية في صنعاء وفيه وصايا المنّفذين، وفيلم (معركة مأرب) ويوثّق الاشتباكات التي دارت بين وحدات من الحرس الجمهوري اليمني في آب (أغسطس) 2009، مع عناصر القاعدة في محافظة مأرب، 170 كم شمال شرق صنعاء.
يمكن قراءة الأدبيات القاعدية بوصفها تمظهرات أمينة عن الهوية الأيديولوجية الأصلية للتنظيمات القاعدية. في مجلة (صدى الملاحم) التي صدر العدد الأول منها في شهر محرم 1429هـ (الموافق يناير 2008)، أول ما تلحظه هي أسماء المحررين الذين يحملون دلالات تاريخية ودينية مثل (أبو بصير، أبو بالقعقاع الجنوبي، أبو العلاء الحضرمي، أبي فراس، ذو الفقار)، ثم تأتي العناوين بنفس الزخم الدلالي: (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن)، (أضواء على عملية أبين)، (منبر حسان)، (لا تكلف إلا نفسك)، ( وعلى الطريق رجال)، (في ظلال الظلال)، (حادي الجهاد)..
في مقالة (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن) والتي تروى قصة نبي الله يوسف (عليه السلام)، رسم ملاحم استراتيجية عمل التنظيم وقال بأن (الفرار سنّة من سنن الأنبياء) في ضوء عدد من الآيات القرآنية التي تحدّثت عن مبدأ الفرار، وقال (ينال المسلم بالفرار الحكم في الأرض والعلم والمعرفة بالله (ففرت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين ـ الشعراء 21)، وأن الفرار الى الله من الدنيا والقعود فيها يهب للمسلم القوة والتمكين (ففروا الى الله إني لكم منه نذير مبين ـ الذاريات 59) ليختم بعد ذلك بدعوة (فأين الفارين (هكذا) من الدنيا المقبلين على الآخرة فليلجوا باب التمكين وليلحقوا بإخوانهم وليوحدوا جهودهم وليبذلوا أموالهم). والفرار لا تعني مجرد انتقال مكاني للجسد، بل هي تعبّر عن حالة تمرّد وجحود بالواقع الذي يراد الانقلاب عليه وتغييره من وجهة نظر إيمانية.
عبارات لها وقع خاص في البيئة السلفية مثل (ممسكون بالراية.. ماضون على الجهاد.. مراغمة الطواغيت.. بلاد الرافدين.. ذرى خراسان، أرض الصومال.. أذناب الصليبيين.. اليهود والنصارى..)
ونقرأ في العدد الآول موضوعاً عن الجهاد وأنواعه، من بينها جهاد الدفع، أي دفع الكفّار عن بلاد المسلمين ويكون فرض عين على جميع المسلمين؟
محاولة اغتيال محمد بن نايف من أهم نشاطات قاعدة جزيرة العرب ولم يغفل محررو العدد إيلاء المرأة أهمية جهادية، حيث أضيء على دور المرأة، داعية، ومحرّضة على القتال والجهاد، على غرار ما فعلت أم عمارة في أحد وحنين واليمامة.. وحتى الطب الشعبي أو ما يطلق عليه النبوي الذي يرجع فيه الى ابن القيم.
في اقتتاحية العدد الثاني من (صدى الملاحم) في ربيع أول 1429هـ بعنوان ثابت (هذا بيان للناس)، وعنوان متغيّر (براءة) ثمة موقف واضح (أننا نبرأ من كل كافر داخل جزيرة العرب وأنه حلال الدم والمال، ولا أمان له، لعدم شرعية حكومة الأسود العنسي بل هي أولى بالخروج من جزيرة العرب وبناءً على ذلك فلا تصح عقودهم وأمانهم لأن فاقد الأهلية الشرعية لا يعطيها فهذه العهود لا تلزمنا ويسعنا ما وسع الصحابي الجليل أبو بصير رضي الله عنه وأرضاه). ويضيف (فنبرأ إلى الله من هذه العهود والمواثيق التي عقدها الكافر المرتد الخائن الذي أباح جزيرة العرب لهؤلاء الكفرة المحاربين والمشركين من اليهود والنصارى وغيرهم). وهذا الرأي يستدعي ما ورد في كتاب (تحكيم القوانين) للمفتي الأسبق للملكة الشيخ محمد بن ابراهيم، وكتب شرحاً عليه الشيخ سفر الحوالي، وأفصح عن موقف عملي إزائه الشيخ حمود التويجري.
وعلى النسق نفسه تبدو الاعداد اللاحقة التي تتناول موضوعات مشابهة بذات الزخم الديني والعاطفي حيث لا يكّف محررو المجلة عن استثارة الجمهور من أجل الالتحاق بركب (القاعدة).
في العدد 14 من (صدى الملاحم) الصادر في شهر رجب 1431هـ نقرأ في الافتتاحية (والعاقبة للمتقين) أن عملية عمر الفاروق جاءت بعد القصف الأميركي على أبين وشبوة، أو (بمثابة رسالة مفادها أننا لن نترك الثأر لإخواننا المظلومين في كل مكان، وكرسالة أخرى للمسلمين في كل مكان أن يحذوا هذا الحذو ويخطوا نفس الخطى..) وأوضحت (أن المجاهدين ماضون في مشروعهم في التربّص بأئمة الكفر المجرمين ودهاقنة الشر الصليبيين..).
وتميّز العدد بسرد سيرة الشيخ عبد الكريم حميد الذي التقاه أحد عناصر التنظيم في سجن بريدة في القصيم العام 1425 هـ ـ 2004، حيث جاء فيه: (أن أعظم ما يمكننا الحديث عنه من حياة الشيخ هو مناصرته لقضايا الجهاد والمجاهدين، وصدعه بالحق، وبغضه وتكفيره للطواغيت). وينقل عنه (سمعته كثيراً ما يؤكد على كفر الدولة السعودية وكان يقسم على ذلك، وقد حدّثني أحد تلامذته أنه وفي يوم من الأيام وفي أحد مجالسه كان الشيخ يتحدث عن الزهد وعن طبيعة حياة السلف، وفجأة دخل مجموعة من الناس وكأنهم ليسوا من أهل البلد، فظن الشيخ أنهم ممن قطع الفيافي والقفار وجاء ليشاهد حياة الشيخ وزهده كما يفعل كثير من الناس، فتفحص الشيخ وجوههم ثم قال: أيها الإخوة، ومع أن الزهد والبعد عن مظاهر الترف والرجوع إلى حياة السلف هي من الأمور التي ينبغي على المسلم الاهتمام بها في هذا الزمان، إلا أن هناك أمورٌ أهم منها ويجب أن نذكرها، وهي ما يحصل في هذه الأيام من قتال في بلادنا، ولعل بعضكم يتساءل: كيف للشباب أن يقاتلوا دولة تزعم أنها مسلمة وأنها تطبق شرع الله، وأنا أقول لكم وأختصر عليكم الجواب: لعنة الله عليَّ إن كانت الحكومة السعودية مسلمة، ورددها مراراً).
ونقل حديثاً بين الشيخ حميد وعدد من مشايخ المناصحة:
(حدثني الشيخ ذات مرة فقال: جاءني وفد من أحدى الجامعات - التي تسير على منهج الإسلام السعودي - أرسلتهم الدولة لكي يثنوني عن مناصرة المجاهدين وطلبوا الجلوس معي فرفضت الجلوس معهم، وقلت لهم: إنكم قوم تستحقون الهجر لأنكم تأكلون بدينكم، وقد جعلتكم الدولة بوقاً لها تحارب به المجاهدين، قال: فألحوا عليّ وقالوا: إن الأمر ضروري جداً يا شيخ، قال: فجلست معهم على مضض، فكان مما قالوه لي: يا شيخ نحن نعلم صدقك ومحبتك لنصرة دين الله، ولكنك تزكي أشخاصاً هم ليسوا على جادة الصواب، ولا يمثلون الجهاد كأسامة بن لادن وعبد العزيز المقرن ويوسف العييري وغيرهم، يقول: فقلت لهم مستهجناً: أصحيح أن هؤلاء ليسوا بمجاهدين ؟ قالوا: نعم ليسوا بمجاهدين وطمعوا مني بذلك، قال: فقلت لهم: الذي أعرفه أن بلاد المسلمين محتلة خاصة العراق وأفغانستان ولا بد من جهاد هؤلاء المحتلين فإن لم يكن أسامة ومن معه مجاهدون فأين المجاهدون ؟ قالوا: لا يوجد يا شيخ مجاهدون في زماننا، قال: إذا لماذا لا تذهبون أنتم لجهاد الأمريكان في العراق وأفغانستان؟ قالوا: نحن ضعفاء يا شيخ ولا نستطيع جهاد الأمريكان، قال: فلماذا لا تعدون العدة، وتقيمون المعسكرات لتدريب الشباب على السلاح ؟ قالوا: لا نستطيع يا شيخ نحن عاجزون عن ذلك، فقال: إليكم عني، لا يوجد مجاهدين في هذا الزمان؟ ولا تريدون أنتم الجهاد؟ ولا تريدون الإعداد فما أبقيتم لدينكم؟، ثم قال لهم: والله أن أسامة ومن معه على خير وجهاد وسأبقى مناصراً لهم ماداموا على الحق ثم قام وتركهم).
دخل التنظيم في مناقشة الاختلاط في الجامعات السعودية، واعتبر دعاة الاختلاط بالانهزاميين، وجاء (يخرج على الأمة نشاز من دعاة الانهزامية المنبهرين أمام انحطاط الغرب، فاقدي الثقة في ثقافتهم الاسلامية ممن يتحدث عن جواز الاختلاط..)، وقال (إن الحديث عما يحصل في جامعة عبد الله آل سعود لم يعد حديثاً عن الاختلاط، وإنما حديث عن التداخل والامتزاج بين ذكر وانثى بدون محرم، أو ضرورة في ظل وجود الفضائيات الفاسدة المتخلية عن القيم والمتنكرة لها..). ويرجع في ذلك الى كتب المدرسة السلفية مثل ابن القيم الجوزية، وابن تيمية، وغيرهما.
وفي مقالة بعنوان (منهج الكتاب والسيف) نقل عن ابن تيمية قوله (ولن يقوم الدين الا بالكتاب والميزان والحديد، كتاب يهدي به وحديد ينصره). وأن المدافعة والمقاتلة تحتاج الى أمرين أساسيين هما: الرجال والأرض، (فإذا وجد الرجال وجب وجود الأرض) (فإذا أردنا أن نقيم دولة العدل التي جاء بها الإسلام على أرض الواقع -وهذا واجب شرعي- فلابد أن نجد المكان المناسب لإقامتها كما فعل قدوتنا محمد..). واعتبروا أن أرض اليمن هي (أرض مدد وجهاد) و(أنها مهيأة للدعوة بالكتاب أكثر من فعل السيف، وهذا ما جعلنا بفضل الله نكثف أمر الدعوة، ويكون العمل العسكري يقوم على العمليات النوعية..) ويختم (وما نراه بفضل الله من استدراج الله لحكام الجزيرة المرتدين، وكيف بدأت عروشهم تتهاوى وتنهار، وشعوبهم تلعنهم بالليل والنهار..).
منظّرا القاعدة فكرياً: العودة والحوالي ولابد من الإشارة الى أن محرّري مجلة (صدى الملاحم) والبيانات الصادرة عن التنظيم لا يمكن إلا يكونوا من طلبة العلم الشرعي، كما تخبر سعة اطلاعهم على الفتاوى الشرعية، وإتقانهم لضوابط اللغة الدارجة في حقل العلم الشرعي، كما تكشف عن قدرتهم على المحاجّة وبيان أوجه القضايا الخلافية في المستوى الفقهي، وكثافة حضور النصوص القرآنية والنبوية وكذلك التفاسير والفتاوى والآراء المتباينة. في مقالة بعنوان (الفتوى بين قيود الشرع والقيود الدخيلة) في العدد الرابع عشر من (صدى الملاحم) جاء بأن (العلماء موقعون عن رب العالمين، وعليه فيجب ألا يكون لغير الله عليهم سلطان، حتى تكون الفتوى على الحاكم الأعلى لهذا الكون، وهو الذي وكلهم في التوقيع، وأخذ عليهم الميثاق بالبيان، وعدم الكتمان)، ويذكّر هذا الرأي بما ورد في مقالة للشيخ ناصر بن سليمان العمر بعنوان (على بصيرة) من جزئين وجاء في الجزء الأول منه (فالأمراء والحكّام يرجعون إلى العلماء فيما يشكل عليها من أمر الشرع، وما يقرّره العلماء يلتزم به الأمراء، لأن العلماء هم الموقعون عن رب العالمين) ـ أنظر موقع المسلم، على بصيرة (1 ـ2) بتاريخ 17/4/1427هـ.
ويضع التقوى معياراً في الفتوى، وأن من صفات صلاح العالم (الصدع بالحق دون النظر لهوى الحاكم، بخلاف من يصدع بالحق الذي لا يخالف هوى الحاكم) ، ويضرب مثلالاً (فمثلا نرى بعضهم هذه الأيام يسب الرافضة الحوثيين، ويتغاضى عن رافضة المدينة والقطيف، فعلمنا أنه ليس غضباً لأعراض الصحابة، ولكنه غضب لجبل الدخان).
ويقسّم العلماء من حيث الاستقلالية الى ثلاثة أقسام: علماء رسميون، وهم الذين يعتاشون على مرتّبات الدولة (فهؤلاء ستكون فتاواهم متأثرة بأقواتهم)، وذكر مثالين: الشيخ الشثري الذي أفتى بحرمة الاختلاط وفصل من منصبه، والشيخ إبراهيم الدبيان، وفصله من مهنة التدريس، وكان الدبيان من بين الموقّعين على (بيان حول تغيير المناهج في السعودية) في يناير 2004.
والقسم الآخر: علماء ليسوا رسميين ولكنهم مقيّدون، وضرب مثالاً لذلك الموقعين على (مذكرة النصيحة): (حيث تضمنت المذكرة ذكر مكفرات عدة، ثم نراهم اليوم يعلنون الولاء التام لولاة أمرهم، مع أن الولاة لم يزدادوا إلا سوءً، فما الذي تغير؟ أهو الحق أم الرجال؟).
أما القسم الثالث: علماء مستقلون، ومن الأمثلة على ذلك الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي، صاحب الموقف المعروف من هجمات الحادي عش من سبتمبر ومن تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن. يقول الكاتب (فقد مرّت بالأمة قضايا كانت ساحة الفتوى خالية من التجرّد من القيود، لولا فتاوى معدودة من الشيخ حمود وقلة من العلماء المستقلين). وذكر أيضاً الشيخ سلمان العلوان الذي لا يزال معتقلاً في السجون السعودية. وذكر الكاتب بأن الحكومة عرضت عليه خيارين: (إما أن يقبل عضوية هيئة كبار العلماء، أو أن يستمر في التدريس، لكن لا يتكلم في أي حدث داخلي أو خارجي، ولمّا لم يقبل الشيخ أحد هذين العرضين لم يجدوا له دواء إلا جامعة يوسف عليه السلام). ثم يختم بكلمات ذات دلالة ايديولوجية:
(كم نحن بحاجة إلى مثل ثبات أحمد بن حنبل في وجه الخليفة، وجرأة ابن تيمية والعز بن عبد السلام في الإنكار على الحكام، وشجاعة محمد بن عبد الوهاب في مواجهة أهل عصره، حتى حولهم من البدعة إلى السنة، ومن الشرك إلى التوحيد، أما مجرد التدريس الذي لا يعالج ما في الواقع من أمراض المعاصي، فهو أسلوب ناجح في حفظ العلم في صدور المتعلمين، لكنه علم لا يتجاوز صدور الطلبة، وجدران المكتبات).
وتعرّض الكاتب لـ (هيئة كبار العلماء)، ليس من منطق إيديولوجي فهؤلاء (شابت لحاهم في طلب العلم وتعليمه، ونشر التوحيد والصدع بالحق) كما تربّى على ذلك منذ نعومة أظفاره، ولكن اكتشف بعد ذلك (أنهم حولوا جزيرة العرب ومهبط الوحي وقلب الإسلام إلى قاعدة للصليبيين الأمريكان..).
في المقابل، أورد الكاتب صوراً من مواقف العلماء في (الصدع بالحق) على حد قوله، وكلهم ينتمون للمدرسة الحنبلية في القديم، أما الجديد فذكر سيد قطب ثم ذكر قائمة كلهم ينتمون الى المدرسة الوهابية مثل الشيخ عبد الله عزام، والشيخ حمود الشعيبي (الذي صدع بفتوى ضرب أبراج التجارة العالمية) حسب قوله، والشيخ يوسف العييري، والشيخ عبد الله الرشود، والشيخ وليد السناني، والشيخ محمد الصقعبي، والشيخ حمد الحميدي والشيخ فارس آل شويل الزهراني، والشيخ أبي قتادة الفلسطيني، والشيخ خالد الراشد..
في مقابلة مع نايف بن محمد القحطاني الملقّب (أبو همام القحطاني)، يقول بأن ما دفعه لاختيار الجهاد في جزير العرب وليس أفغانستان أو العراق هو آية قرآنية طالما ترددت في أدبيات الصحوة في التسعينيات من القرن الماضي (قاتلوا الذين يلونكم من الكفّار وليجدوا فيكم غلظة)، وكذلك حديث منسوب الى الرسول (صلى الله عليه وسلم) (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)، وهو حديث إعتمده زعيم القاعدة أسامة بن لادن في رسالته المعنونة (إعلان الجهاد على الأمريكيين المحتلين لبلاد الحرمين (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) واعتمد فيها على كتاب ألّفه الشيخ سفر الحوالي في 1991 بعنوان (كشف الغمة عن علماء الأمة).وبإمكان القارىء للكتيّب أن يلحظ بسهولة اللغة السائدة في الأدبيات القاعدية، ونختار هنا عينة عشوائية من بعض العبارات الدارجة في بيانات تنظيمات القاعدة (تداعي أمم الغرب النصرانية.. إتحاد أوروبا الصليبية.. الغرب الصليبي، الرويبضات، العلمانيين، أمة التوحيد، الرافضة..).
وكان الحوالي من أصحاب الرأي القائل، كما جاء في المقدمة، بأن الوجود العسكري الاميركي في السعودية هو احتلال عسكري مخطط له مسبقاً.
عبدالله عزام، ابتعثته السعودية الى افغانستان ففرخ القاعدة يقول الحوالي في نفس الكتاب سالف الذكر (ص61) ما نصّه: (لقد ظهر الكفر والإلحاد في صحفنا وفشا المنكر في نوادينا ودعي إلى الزنا في إذاعتنا وتلفزيوننا واستبحنا الربا حتى أن بنوك دول الكفر لا تبعد عن بيت الله الحرام إلا خطوات معدودات). وعن تحكيم القوانين الوضعية يقول الحوالي (أما التحاكم الى الشرع ـ تلك الدعوى القديمة ـ فالحق أنه لم يبق للشريعة عندنا إلا ما يسميه أصحاب الطاغوت الوضعي الأحوال الشخصية وبعض الحدود التي غرضها ضبط الأمن (ومنذ أشهر لم نسمع شيئاً منهم عن حد أقيم) ومع ذلك وضعنا الأغلال الثقيلة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصفدنا الدعوة والموعظة بالقيود المحكمة، وهذا من استحكام الخذلان وشدّة الهوان ومن يهن الله فما له من مكرم). ويختم بالقول، بأن الصراع الدائر خلال التاريخ المعاصر بين دولة العقيدة ودولة الرفاهية، وكانت وسيلة الثانية هي التغريب التي أفضت الى أن سلّط الله الذل على الدولة السعودية (ووقعت النازلة فارتجف منا كل قلب وذهل كل لب بعد أن كنا منصورين بالرعب، واستيقظنا فإذا جيشنا الذي كان أيام سيادة المبدأ الأول (قبل سبعين سنة) أكثر من (400.000) مجاهد وعجزت أمهر الاستخبارات العالمية عن اختراقه لا يتجاوز اليوم خُمُس ذلك العدد وبينهم كثير من متبعي الشهوات ومضيعي الصلوات وأصبحنا نستجدي لحمايتنا أمم الأرض كافرها ومسلمها حتى دويلات أفريقيا الفقيرة). وتساءل (أفيكون المغضوب عليهم أحرص على الموت وأخلص لدينهم وأمتهم وأحفظ لأموالهم منا). وفي محاولة أخيرة منه لتعبئة العلماء في مواجهة قرار استقدام القوات الأجنبية (أو الصليبية كما يسمونها)، ولكن ظنه كما يقول (قد خاب إذ سرعان ما عادت السكرة واستحكمت الغفلة ورانت الذنوب وضاع صوت النصح بل حُورِب ومُنِع)(ص ص 61 ـ62).
في سياق موازٍ، يضع الشيخ الحوالي تصوّراً لما أطلق عليه لاحقاً الهلال الشيعي، وقد أسماه الحوالي بالقوس الرافضي، والذي جرى استعماله بكثافة من قبل حكومات وأخيراً ورد في أدبيات القاعدة:
(إذا تصورنا ذلك أدركنا خطراً كبيراً يهدد المنطقة في حالة تدمير العراق وإحلال التحالف الشيعي محله (إيران-سوريا-العراق الذي سيصبح دولة شيعية بعد فصل الأكراد- ثم بقية المناطق الخليجية كالبحرين والإمارات وشرق السعودية- والوجود الشيعي واضح فيها، ولا ننسى أن نذكر أن كثيراً من الناطقين بالعربية في جنوب تركيا من النصيرية أيضاً، أما باكستان فكثير من قادة جيشها الكبار شيعة ومعهم إخوانهم القاديانية والبريلوية). يقول (إنها مصيبة عظمى لو أصبح هذا القوس الكبير قوساً رافضياً يهودياً توجهه الصليبية الغربية المتحالفة).
وأوصى الحوالي في مكان آخر من كتابه (ص ص 37 ـ38) العلماء بضرورة (تنبيه وسائل إعلامنا إلى الخطر الرافضي القادم وبيان فداحة الخطر الذي تقع فيه عندما تؤيّد المعارضة العراقية الرافضية وتسميها المعارضة الإسلامية وتصف آيات ضلالها بأنهم علماء الإسلام في حين تهاجم بلا هوادة جبهة السودان وجبهة الجزائر وأمثالها من الحركات الإسلامية التي مهما أخطأت فهي لا تقارن بخطر الرافضة!!) وزيادة في تهويل خطر الشيعة يقول الحوالي (إن الرافضة هم أولياء اليهود والنصارى في قديم الدهر وحديثه، ولا أظن الغربيين إلا قد أدركوا الفرق بينهم وبين أهل السنة جيداً وأخشى -لا قدَّر الله- أن نصحو على إمبراطورية مجوسية تمتد من الهند إلى مصر!!) ويستدرك في الأخير (أما إن صحونا الآن فسنقطع عليهم الطريق بإذن الله).
ونجد أصداء لمقولات الحوالي وعلماء وهابيين آخرين في بيانات القاعدة ونشرياتها، فقد جاء في منبر التوحيد والجهاد (6) (هذه عقيدتنا ومنهجنا، ص 4)، تقول اللجنة الشرعية لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين: (والرافضة عندنا طائفة شرك وردّة)، وهو نفس رأي عضو هيئة كبار العلماء السابق الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين بحسب فتوى رقم (11092) في موقعه الرسمي على الإنترنت (الرافضة غالبا مشركون حيث يدعون علي بن أبي طالب دائما في الشدة والرخاء حتى في عرفات والطواف والسعي، ويدعون أبناءه وأئمتهم كما سمعناهم مراراً وهذا شرك أكبر وردة عن الإسلام يستحقون القتل عليها، كما هم يغلون في وصف علي رضي الله عنه ويصفونه بأوصاف لا تصلح إلا لله كما سمعناهم في عرفات، وهم بذلك مرتدون..).
نقرأ في (صدى الملاحم) العدد 14 أيضاً:
(وإذا أخذنا بالاعتبار الحصار المطبق من دول الطوق، التي تخنق الفلسطينين وتقوم بدور الحارس لحدود "دولة إسرائيل" من جميع الاتجاهات، ومن هذه الأطواق الطوق الشمالي لـ"إسرائيل" الذي يفرضه حزب الله الرافضي الذي يقوم بحراسة شمال "إسرائيل" منذ زمن بحكم سيطرته التامة على جنوب لبنان، ويقوم بتأمين حدود "إسرائيل"، ولم يكتفي الحزب بهذا الدور الخبيث، بل انسحب قرابة الثلاثين كيلومتر داخل الأراضي اللبنانية، وقَبِلَ بقرار 1701 بعد حرب "تموز" والذي كان يقضي بأن يضاف إلى انسحاب حزب الله نزول وتمركز قوات "اليونيفل" الصليبية، لتقوم بدور حماية حدود إسرائيل الشمالية، ولمنع المجاهدين من استهدافها عبر جنوب لبنان، ومع ذلك فقد اخترقت صواريخ المجاهدين من كتائب الشهيد عبد الله عزام هذا الطوق المحكم ووصلت إلى إسرائيل، وإذا كان هذا الطوق من جنوب لبنان يأتي بتواطؤ "حزب الله الرافضي" الذي يزعم أن إسرائيل عدوة له وأنه يحاربها وأنه حزب يمثل "المقاومة" ، فكيف سيكون الطوق من قبل دول قبلت بإسرائيل وطَبَعت معها وتبادلت السفارات والسفراء مثل الأردن ومصر، وتمد الأخيرة إسرائيل بكميات ضخمة من الغاز بأقل من سعره في السوق، في حين تغلق المعبر الوحيد لنفوذ البضائع والمواد الغذائية والطبية إلى المحاصرين في غزة؟ إذا وضعنا في اعتبارنا هذا الطوق المحكم؛ علمنا مدى الصعوبات التي تواجه المجاهدين الصادقين في سبيل المواجهة والتلاحم المباشر مع "دولة إسرائيل"..). وهو نفس ما ورد في بيان (ولتستبين سبيل المجرمين) التابع لكتائب عبد الله عزّام.
وفي 29 كانون الثاني (يناير) 2011 أطلق الرجل الثاني في تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب سعيد الشهري المعروف بإسم (أبو سفيان الأزدي) تحذيراً للمسلمين السنة مما أسماه (الحلف النصراني الرافضي)، في رسالة صوتية بثّت على مواقع دينية مقرّبة من تنظيم القاعدة.
الرسالة التي استغرقت مدتها دقيقة، قال الشهري الذي أمضى ست سنوات في سجن غوانتماموا ثم أطلق سراحه من السجون السعودية ضمن برنامج (المناصحة)، (أصبحت أمريكا وايران حلفا واحدا ضد الشعوب السنية في المنطقة). وأضاف أن (ما شاهدناه في المنامة بين وزيرة الخارجية الاميركية (هيلاري كلينتون) ووزير الخارجية الايراني (السابق منوشهر متقي) في الإجتماع الذي عقد لحرب الارهاب في اليمن خاصة والذي حضره أكثر من عشرين دولة لهو أكبر شاهد على الحلف النصراني الرافضي). الشهري يشير الى حوار المنامة، وهو منتدى حول الأمن الإقليمي، عقد في بداية كانون الأول (ديسمبر) 2010، في العاصمة البحرينية وشاركت فيه الوزيرة كلينتون ومتكي (الذي عزل في وقت بعد ذلك)، وبمشاركة أغلب الدول العربية (السنيّة).
يقول الشهري (ها هي ايران اليوم تتهيأ لحرب عدوها الاول من أهل السنة والذين ليس للرافضة عدواً سواهم). وتساءل الشهري (أين هي صواريخ كروز" الاميركية التي استخدمت في ضربات على اليمن، من حزب الله الشيعي اللبناني الذي يتجمع في لبنان "بعشرات الالاف يوم عاشوراء).
نستدعي هنا ما عكف مشايخ الصحوة على التشديد عليه من توصيفات تهكمية وازدرائية ضد حزب الله في لبنان وإيران. يقول الشيخ ناصر العمر المشرف على موقع (المسلم)، في مقابلة معه بتاريخ 22/6/1431هـ ("حزب الشيطان" "حزب اللات" وأنا أسميه "حزب الشيطان" ولا أتردد في ذلك، وأقوى المتآمرين مع اليهود هم إيران على مر التاريخ، والخطورة على المسلمين من اليهود وأمريكا وإيران, على حد سواء، وهذه قناعتي أرددها منذ أكثر من عشرين سنة، وما زلت مقتنعاً بها، و "حزب اللات" حمى الحدود الإسرائيلية منذ زمن, ولا يستطيع مسلم العبور بسبب هذا الحزب، والذين دفعوا الثمن باهظاً في لبنان هم أهل السنة..).
وهو نفس موقف أغلب مشايخ السلفية من الشيخ عبد الله بن جبرين، والشيخ سفر الحوالي، والشيخ صالح الفوزان، وغيرهم الكثير ممن يحملون نفس النظرة عن حزب الله، بل الشيعة عموماً.. وإضاف تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب الى ذلك حركة حماس التي تمارس دور الحارس أيضاً لحدود الكيان الاسرائيلي، وإن جاءت العبارة مخفّفة لأسباب معروفة، مذهبية بدرجة أساسية، كقولهم بأن ثمة بطولات وملاحم يسطرها المجاهدون الصادقون في داخل فلسطين، (على الرغم من المضايقات التي يواجهونها مؤخراً للأسف من حركة حماس التي يفترض بها أن تكون داعمة للجهاد والمجاهدين لا أن تكون عائقاً دون ذلك)، ونقل عن أحد قادة التنظيم المدعو الشيخ أبو بصير في لقاءه مع الصحفي عبد الإله شائع أن محاولات كانت تجري لإدخال مجاهدين لقطاع غزة إلا أن حركة حماس رفضت ذلك)، وقال (ثم إننا رغم الحصار نرسل المدد إلى العراق وإلى أفغانستان وإلى الصومال والحمد لله، وحتى إلى فلسطين، لكن حركة حماس للأسف رفضت استقبال مهاجرين ذهبوا إليها فترة تفجير معبر رفح، بل إنها أخرجتهم من قطاع غزة).









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أكابر, الجزائر.., العملاء, فتاوى, فتنة, كتاب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc