*** المغامرة المفيدة (الجزء السابع والأخير) ***

[المهذب]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد عدد الحصى وعدد الثرى و عدد ما نرى وعدد النجوم وعدد ما في الكون، وعدد ما تقول له كن فيكون.
أيها الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
قلت أيها الأحبة لما قال صاحب محل العطارة أنا أعرف شخصا يمكنه ان يكون متطوعا وهو رجل غني من هؤلاء الأثرياء قد وهب كل ما يملك حتى يجد الشفاء وينعم بالصحة ، عندها تفطن الصديق رقم 02 وقال هذا هو المقصود ولعل كل مشاكل المدينة تحل عن طريق هذا الرجل ، وذهب العطار الى هذا الرجل ، وفرح الرجل الغني بالاقتراح وكان أخر أمل له بالشفاء ، وطلب حضور أصحاب الدواء الى منزله وذلك بتخصيص غرفة
خاصة ليتم تقديم العلاج له بها ،ولما وصل أصحاب العقار الى منزل الرجل الثري ، رأو منظرا يؤرق النفس ، إن لهذا الرجل أولادا صغارا ، فغمرت الرحمة قلوب مخترعي العقار، ولما وضع الرجل الثري على سرير العلاج ، قالا له إن الله هو الشافي ، ومع انك متطوع وترجو الشفاء فاطلب ذلك من رب العالمين ، ولنا طلب نريد أن تلبيه لنا وهو يتعلق بأصدقائك الأثرياء ، حيث بعد تعافيك إن شاء الله نريدك أن تطلب منهم الرحيل من المدينة أو يعيشوا بينا كبقية أهلها لا تمييز، فقال لهم الرجل الثري إن لي عليهم أفضال كثيرة و على الأقل ألتقي بهم مرة في كل أسبوع من أجل المحاسبة على التجارة وتداول الأموال بيننا، ولكن هذه الأيام بعد ما مرضت أصبح جلهم يأتي عندي لنتحاسب ، فعلما الصديقان رقم 01 ورقم02 إضافة للعطار بأن هذا الثري طريح الفراش له تأثير بالغ على جميع أغنياء المدينة وأصحاب النفوذ ، وقالا له أيضا ونريد منك أيضا أن تعلم جميع الناس بأنك متطوع ولا نتحمل نتائج ما سيحصل بعد إعطائك العقار فقال لهم هذا الرجل المريض الذي أفنى عمره سعيا وراء الدنيا والمال ، لا تأبهوا فإن كل من بالمدينة لا يأبه لأمري ماعدا أبنائي الصغار ، فقدموا السبب ولعلى الله يجعل على أيديكم لشفائي سبب وتنعموا بالخير و يصبح لكم شان بالعلم والطب
فتأثرا أبطال قصتنا كثيرا وقالا له إذا فلنبدأ بسم الله وإن شاء الله خلطت عقارنا ستفعل العجب كما ان حساء اليقطين أساس طب ، إحتسى المريض شربة اليقطين ثم بعدها إستعمل العقار ، وما هي إلا لحضة من الزمن حتى نام هذا السقيم ، فأسرع الصديق رقم 02 بإخراج مجموعة من دود العلق وبدا بوضعها على بعض القروح الخارجية لتلتهم الأنسجة المريضة ، واستغل فرصة نوم المريض حتى لا يرى الديدان وهي على القروح، وبعد ساعة من الزمان نزع الصديقان العلق من على جسم السقيم وانتظراه حتى يستفيق لكن الرجل نام ليلة كاملة ولم يفق حتى اليوم التالي بنفس توقيت إعطائه الدواء .
أفاق الرجل الثري من غيبوبته وعلى شفتيه ابتسامة فسأله العطار ما الذي تشعر به فقال له إني أحس وكانني خفيف جدا والحكة التي كانت بجسمي لم أعد أشعر بها ، فقال له الصديقان سنعطيك المزيد من العقاقير وسنرعاك بإذن الله لمدة سبعة أيام ثم نرى المفعول الحقيقي ومرحلة تقدم العلاج فقال لهم حسنا ، وانأ عند وعدي بل لن أنسى هذا المعروف يا خيرة الناس ، عندها قال له الصديقان والعطار كذلك ، لا تتعب نفسك الآن بهذا وعند ما تشفى ويذهب سقمك فسيكون الأمر كذلك إن شاء الله ، اما الآن فإننا نستأذنك في تلك المستودعات الفارغة قصد جعلها عيادة نستقبل فيها المرضى الذين ازداد عددهم بالمدينة فقال الرجل الثري نادوني على مساعدي ومحاسب أموالي فلما جاء قال له أكتب وصلا بذلك وأتني به وسأوقعه لك وسلمه لأمام المسجد و إن تلك المستودعات هبة مني لهذا الحي و حبوس باسم المسجد ، وتم ذلك وفرح الأصدقاء بذلك وعلم كل من بالمدينة الخبر وسروا لذلك وهرع بعض الأثرياء المفسدين لصاحبهم الغني وطلبوا منه تفسير ذلك ، وقال لهم بالحرف الواحد هذا قرار سليم من أجل عيش كريم ، لأهل القرية التي لم يكن منهم إلا قول حكيم ، وانتم أفسدتم بثرائكم واشتريتم ذمم الضعفاء وكل يتيم ، لكنني إن شفيت من سقمي فإني لتجارتكم لست زعيم وإن مت فالله الله لوعدتم الى طريق الله المستقيم .
استمع كل الأثرياء لقوله ثم غدوا الى تجارتهم وأموالهم وهم غير مصدقين مما سمعوا ووقر بقلبهم لأنه قول رجل لابد وأنه استقاه من حكيم ،راجع
كل هؤلاء الأثرياء أنفسهم ووصل بهم الحال أن عادوا لسابقي عهدهم بالمساعدة لكل محتاج ومسكين وضرير ومن للقوت عديم ، وشفي الرجل الثري من مرضه كما شفي العديد من أهل المدينة وشكرهم موصول لله وللأصدقاءووصفته التي أحكمت بعناية وتدقيق وحساب سليم .
وبخطبة الجمعة وقف الأمام بالمنبر خاطبا لأهل المدينة قائلا ، الله الله من كد وجد ومن زرع حصد ومن قصد باب ربه الغفور الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، طالبا المغفرة والتوبة من كل قول أو عمل نكد ، إلا جازه الله بالدنيا و إنه إن شاء الله بالآخرة في رفاه وسعد.
أيها الناس اليوم إكتملت فرحتنا بهذه المدينة لما شفي جميع من بها من المرض الخبيث والبلاء الذي حل من ذنب بالمدينة حتما قد حصل وتآخى الكل الغني والفقير والجميع قد فهم الدرس والمغزى و الحكمة وتنعم بالوصل .
ولا ننسى أيها الناس مغامرة الصديقين ولهم من الأهوال ما لاقوا لكنهم أتقنوا العمل ، حيث إنفرد كل واحد منهم بطريق وكل واحد منهم من العلم ما حمل ، عانوا وعثاء الطريق وأهوالها وبعض الشدائد لكنهم لم يكونوا في عجل ، جاءوا بعلم وباجتهادهم تم التغلب على هذا الوباء الذي عجز عنه الأطباء وقالوا ليس هناك أمل أو دواء ، مرحى لكم أيها الأصدقاء فقد أنقضتم المدينة من مرض عضل وأنقضتموها لما تفطنتم لجمع كل أفراد المدينة ولم الشمل.
اليوم أيها الناس عيشوا إخوانا متاحبين دون أن يقول أي أحد منكم لغيره أنا كنت البطل.
نعم أيها الأحبة انتهت قصتنا بخطبة الإمام ولربما العبرة منها جد وعمل محبة ووصل إخاء و ود لكل الناس دون باطل ودون زعل ، و يسير الجميع على طريق الحق ولا يفقدوا الأمل و لا مكان للمفسدين بأي أرض بها المؤذن يصعد على المئذنة رافعا صوته عاليا حيا على الصلاة وحيا على الفلاح وكله يقين وكله أمل بان الأرض والمسجد سوف تعمر ويطلب الناس المغفرة والتوبة ودخول الجنة برحمة الرب عز وجل.
والسلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الهن وبركاته والى اللقاء بقصة أخرى أخوكم المهذب.