نساء عظيمات خلدهن التاريخ - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتدى الأسرة و المجتمع > منتدى المجتمع

منتدى المجتمع مواضيعه اجتماعية تهتم بالحياة اليومية للمجتمع

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

نساء عظيمات خلدهن التاريخ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2021-06-20, 18:34   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 15
بلقيس ملكة سبأ


نسبهــــا:
تنسب الملكة بلقيس إلى الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر، وهناك اختلاف كبير بين المراجع التاريخية في تحديد اسم ونسب هذه الملكة الحِمْيَرية اليمانية، كما أنه لا يوجد تأريخ لسنة ولادتها ووفاتها.

حُكمهــــــــــا:
كانت بلقيس سليلة حسبٍ ونسب، فأبوها كان ملكاً، وقد ورثت الملك بولاية منه؛ لأنه على ما يبدو لم يرزق بأبناء بنين. لكن أشراف وعلية قومها استنكروا توليها العرش وقابلوا هذا الأمر بالازدراء والاستياء، فكيف تتولى زمام الأمور في مملكة مترامية الأطراف مثل مملكتهم امرأة، أليس منهم رجلٌ رشيد؟ وكان لهذا التشتت بين قوم بلقيس أصداء خارج حدود مملكتها، فقد أثار الطمع في قلوب الطامحين الاستيلاء على مملكة سبأ، ومنهم الملك "عمرو بن أبرهة" الملقب بذي الأذعار. فحشر ذو الأذعار جنده وتوجه ناحية مملكة سبأ للاستيلاء عليها وعلى ملكتها بلقيس، إلا أن بلقيس علمت بما في نفس ذي الأذعار فخشيت على نفسها، واستخفت في ثياب أعرابي ولاذت بالفرار.
وعادت بلقيس بعد أن عم الفساد أرجاء مملكتها فقررت التخلص من ذي الأذعار، فدخلت عليه ذات يوم في قصره و ظلت تسقيه الخمر وهو ظانٌ أنها تسامره وعندما بلغ الخمر منه مبلغه، استلت سكيناً و ذبحته بها. إلا أن رواياتٍ أخرى تشير إلى أن بلقيس أرسلت إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها بغية الانتقام منه، وعندما دخلت عليه فعلت فعلتها التي في الرواية الأولى. وهذه الحادثة هي دليلٌ جليّ وواضح على رباطة جأشها وقوة نفسها، وفطنة عقلها وحسن تدبيرها للأمور، وخلصت بذلك أهل سبأ من شر ذي الأذعار وفساده.

وازدهر زمن حكم بلقيس مملكة سبأ أيمّا ازدهار، واستقرت البلاد أيمّا استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء و الحضارة والعمران والمدنية. كما حاربت بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة.
ومما أذاع صيتها و حببها إلى الناس قيامها بترميم سد مأرب الذي كان قد نال منه الزمن وأهرم بنيانه وأضعف أوصاله. وبلقيس هي أول ملكة اتخذت من سبأ مقراً لحكمها.

قصة بلقيس في القرآن :
ورد ذكر الملكة بلقيس في القرآن الكريم، فهي صاحبة الصرح المُمَرد من قوارير وذات القصة المشهورة مع النبي سليمان بن داود عليه السلام في سورة النمل.

وقد كان قوم بلقيس يعبدون الأجرام السماوية والشمس على وجه الخصوص، و كانوا يتقربون إليها بالقرابين، و يسجدون لها من دون الله، وهذا ما لفت انتباه الهدهد الذي كان قد بعثه سليمان عليه السلام ليبحث عن موردٍ للماء.
وبعد الوعيد الذي كان قد توعده سليمان إياه لتأخره عليه بأن يعذبه إن لم يأت بعذرٍ مقبول عاد الهدهد وعذره معه “أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين” فقد وجد الهدهد أن أهل سبأ على الرغم مما آتاهم الله من النعم إلا أنهم” يسجدون للشمس من دون الله “

فما كان من سليمان –عليه السلام- المعروف بكمال عقله وسعة حكمته إلا أن يتحرّى صدق كلام الهدهد، فقال " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين" وأرسل إلى بلقيس ملكة سبأ بكتابٍ يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله ورسوله والإنابة والإذعان، وأن يأتوه مسلمين خاضعين لحكمه وسلطانه، ونصه " إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين"

كانت بلقيس حينها جالسة على سرير مملكتها المزخرف بأنواع من الجواهر واللآلئ والذهب مما يسلب الألباب ويذهب بالمنطق والأسباب . ولما عُرف عن بلقيس من رجاحة وركازة العقل فإنها جمعت وزراءها وعلية قومها، وشاورتهم في أمر هذا الكتاب. في ذلك الوقت كانت مملكة سبأ تشهد من القوة ما يجعل الممالك الأخرى تخشاها، وتحسب لها ألف حساب. فكان رأي وزرائها “ نحن أولوا قوةٍ و أولوا بأس شديدٍ “ في إشارةٍ منهم إلى اللجوء للحرب والقوة.
إلا أن بلقيس صاحبة العلم والحكمة والبصيرة النافذة ارتأت رأياً مخالفاً لرأيهم، فهي تعلم بخبرتها وتجاربها في الحياة أن “ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون”.
وبصرت بما لم يبصروا ورأت أن ترسل إلى سليمان بهديةٍ مع علية قومها وقلائهم، عله يلين أو يغير رأيه، منتظرةٌ بما يرجع المرسلون.
ولكن سليمان عليه السلام رد عليهم برد قوي منكر صنيعهم ومتوعد إياهم بالوعيد الشديد قائلاً “أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتكم، بل أنتم بهديتكم تفرحون” .

عندها أيقنت بلقيس بقوة سليمان وعظمة سلطانه، وأنه لا ريب نبي من عند الله –عز وجل، فجمعت حرسها وجنودها واتجهت إلى الشام حيث سليمان عليه السلام.

وكان عرش بلقيس وهي في طريقها إلى سليمان عليه السلام مستقراً عنده، فقد أمر جنوده بأن يجلبوا له عرشها، فأتاه به رجلٌ عنده علم الكتاب قبل أن يرتد إليه طرفه.
ومن ثم غّير لها معالم عرشها، ليعلم أهي بالذكاء والفطنة بما يليق بمقامها وملكها .

ومشت بلقيس على الصرح الممرد من قوارير والذي كان ممتداً على عرشها، إلا أنها حسبته لجةً فكشفت عن ساقيها وكانت مخطئة بذلك عندها عرفت أنها وقومها كانوا ظالمين لأنفسهم بعبادتهم لغير الله –تعالى- وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.

وتقول المراجع التاريخية أن سليمان –عليه السلام- تزوج من بلقيس، وأنه كان يزورها في سبأ بين الحين والآخر. وأقامت معه سبع سنين وأشهراً، و توفيت فدفنها في تدمر. وتعلل المراجع سبب وفاة بلقيس أنها بسبب وفاة ابنها رَحْـبَم بن سليمان .

وقد ظهر تابوت بلقيس في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك و عليه كتابات تشير إلى أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من حكم سليمان. وفتح التابوت فإذا هي غضّة لم يتغير جسمها، فرفع الأمر إلى الخليفة فأمر بترك التابوت مكانه وبنى عليه الصخر

قراءةٌ في شخصية الملكة بلقيس :
ذكر بلقيس في القرآن الكريم
إن بلقيس لم تكن امرأة عادية، أو ملكة حكمت في زمن من الأزمان و مر ذكرها مرور الكرام شأن كثير من الملوك والأمراء. ودليل ذلك ورود ذكرها في القرآن. فقد خلد القرآن الكريم بلقيس، و تعرض لها دون أن يمسّها بسوء، ويكفيها شرفاً أن ورد ذكرها في كتابٍ منزلٍ من لدن حكيم عليم، وهو كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولم ولن يعتريه أي تحريف أو تبديل على مر الزمان، لأن رب العزة جل وعلا تكفل بحفظه وصونه “ إنا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون".
فذِكر بلقيس في آخر الكتب السماوية وأعظمها وأخلدها هو تقدير للمرأة في كل زمان ومكان، هذه المرأة التي استضعفتها الشعوب والأجناس البشرية وحرمتها من حقوقها، وأنصفها الإسلام وكرمها أعظم تكريم. وهذا في مجمله وتفصيله يصب في منبع واحد، ألا وهو أن الملكة بلقيس كان لها شأنٌ عظيم جعل قصتها مع النبي سليمان عليه السلام تذكر في القرآن الكريم .

رجاحة عقل بلقيس، وبليغ حكمتها، وحسن مشاورتها :
إن الملكة بلقيس ما كان لها هذا الشأن العظيم لولا اتصافها برجاحة العقل وسعة الحكمة وغزارة الفهم. فحسن التفكير وحزم التدبير أسعفاها في كثيرٍ من المواقف الصعيبة والمحن الشديدة التي تعرضت لها هي ومملكتها؛ ومنها قصتها مع الملك ذي الأذعار الذي كان يضمر الشر لها ولمملكتها، ولكن دهاءها وحنكتها خلصاها من براثن ذي الأذعار وخلص قومها من فساده وطغيانه وجبروته.

كما أنها عرفت بحسن المشاورة إلى جانب البراعة في المناورة، فهي لم تكن كبقية الملوك متسلطة في أحكامها، متزمتة لآرائها، لا تقبل النقاش أو المجادلة، بل كانت كما أجرى الله على لسانها “ قالت أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون}، وذلك على الرغم من أنه كان بمقدورها أن تكتفي برأيها وهي الملكة العظيمة صاحبة الملك المهيب . فهي ببصيرتها النيّرة كانت ترى أبعد من مصلحة الفرد، فهّمها كان فيما يحقق مصلحة الجماعة.

ذكاء بلقيس وفطنتها :
كانت بلقيس فطينة رزينة، و كانت فطنتها نابعة من أساس كونها امرأة، فالمرأة خلقها الله عز وجل وجعلها تتمتع بحاسة تمكنها من التبصر في نتائج الأمور وعواقبها. والشاهد على ذلك أنه كان لبلقيس كعادة الملوك عدد كبير من الجواري اللاتي يقمن على خدمتها، فإذا بلغن استدعتهن فرادى، فتحدث كل واحدة عن الرجال فإن رأت أن لونها قد تغير فطنت إلى أن جاريتها راغبة في الزواج، فتُزوجها بلقيس رجلاً من أشراف قومها وتكرم مثواها.
أما إذا لم تضطرب جاريتها ولم تتغير تعابير وجهها، فطنت بلقيس إلى أنها عازفة عن الرجال، وراغبة في البقاء عندها ولم تكن بلقيس لتقصر معها.
ومن أمارات فطنتها أيضا أنه لما ألقي عليها كتاب سليمان علمت من ألفاظه أنه ليس ملكاً كسائر الملوك، وأنه لا بد وأن يكون رسول كريم وله شأنٌ عظيم؛ لذلك خالفت وزراءها الرأي عندما أشاروا عليها باللجوء إلى القوة، وارتأت بأن ترسل إلى سليمان بهدية، و كان المراد من وراء هذه الهدية ليس فقط لتغري وتلهي سليمان عليه السلام بها، وإنما لتعرف أتغير الهدية رأيه و تخدعه؟
و لتتفقد أحواله و تعرف عن سلطانه و ملكه و جنوده. ومن علامة ذكائها أيضا أن سليمان – عليه السلام - عندما قال لها متسائلاً “ أهكذا عرشك؟ قالت: كأنه هو" ولم تؤكد أنه هو لعلمها أنها خلفت عرشها وراءها في سبأ ولم تعلم أن لأحد هذه القدرة العجيبة على جلبه من مملكتها إلى الشام. كما أنها لم تنفِ أن يكون هو؛ لأنه يشبه عرشها لولا التغيير والتنكير الذي كان فيه

إسلام الملكة بلقيس مع سليمان :
كثيرةٌ هي القصص المذكورة في القرآن عن أقوامٍ لم يؤمنوا برسل الله و ظلوا على كفرهم على الرغم مما جاءهم من العلم . إلا أن بلقيس وقومها آمنوا برسول الله سليمان عليه السلام ولم يتمادوا في الكفر بعدما علموا أن رسالته هي الحق وأن ما كانوا يعبدون من دون الله كان باطلاً. واعترفت بلقيس بأنها كانت ظالمة لنفسها بعبادتها لغير الله “ قالت ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين “

إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 16
تحياتي








 


رد مع اقتباس
قديم 2021-06-22, 18:40   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 16
الخنساء


حياتها ونشأتها:
هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية، ولدت سنة 575 للميلاد، لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه. عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلا معه؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله،لكنها أنجبت منه ولدا، ثم تزوجت بعدها من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي، وأنجبت منه أربعة أولاد، وهم يزيد ومعاوية وعمرو وعمرة. وتعد الخنساء من المخضرمين؛ لأنها عاشت في عصرين عصر الجاهلية وعصر الإسلام ، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها.
ويقال إنها توفيت سنة 664 ميلادية.

مقتل أخويها معاوية وصخر واستشهاد أولادها الأربعة :
قتل معاوية على يد هاشم ودريد ابنا حرملة يوم حوزة الأول سنة 612 م ،فحرضت الخنساء أخاها صخر بالأخذ بثأر أخيه، ثم قام صخر بقتل دريد قاتل أخيه. ولكن صخر أصيب بطعنة دام إثرها حولا كاملا، وكان ذلك في يوم كلاب سنة 615 م. فبكت الخنساء على أخيها صخر قبل الإسلام وبعده حتى عميت .
وفي الإسلام حرضت الخنساء أبناءها الأربعة على الجهاد وقد رافقتهم مع الجيش زمن عمر بن الخطاب، وهي تقول لهم (( يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).
فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فأعدوا على قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها تظفروا بالغنم والكرامة في الخلد والمقامة…)).
وأصغى أبناؤها إلى كلامها، فذهبوا إلى القتال واستشهدوا جميعا، في موقعة القادسية .
وعندما بلغ الخنساء خبر وفاة أبنائها لم تجزع ولم تبك ، ولكنها صبرت، فقالت قولتها المشهورة ((الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته)).
ولم تحزن عليهم كحزنها على أخيها صخر، وهذا من أثر الإسلام في النفوس المؤمنة، فاستشهاد في الجهاد لا يعني انقطاعه وخسارته بل يعني انتقاله إلى عالم آخر هو خير له من عالم الدنيا لما فيه من النعيم والتكريم والفرح ما لا عين رأت ولا أن سمعت ولا خطر على قلب بشر " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم ربهم "

شعرهـــا وخصائصه:
تعـد الخنساء من الشعراء المخضرمين، تفجر شعرها بعد مقتل أخويها صخر ومعاوية، وخصوصا أخوها صخر، فقد كانت تحبه حبا لا يوصف، ورثته رثاء حزينا وبالغت فيه حتى عدت أعظم شعراء الرثاء. ويغلب على شعر الخنساء البكاء والتفجع والمدح والتكرار؛ لأنها سارت على وتيرة واحدة، ألا وهي وتيرة الحزن والأسى وذرف الدموع، وعاطفتها صادقة نابعة من أحاسيسها الصادقة ونلاحظ ذلك من خلال أشعارها. وهناك بعض الأقوال والآراء التي وردت عن أشعار الخنساء ومنها
يغلب عند علماء الشعر على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها. كان بشار يقول إنه لم تكن امرأة تقول الشعر إلا يظهر فيه ضعف، فقيل له وهل الخنساء كذلك، فقال تلك التي غلبت الرجال.

قال نابغة الذبياني (( الخنساء أشعر الجن والإنس )) . فإنكان كذلك فلم لم تكن من أصحاب المعلقات، وأظن أن في هذا القول مبالغة . أنشدت الخنساء قصيدتها التي مطلعها
قذى بعينيك أم بالعين عوار ذرفت إذ خلت من أهلها الدار

لنابغة الذبياني في سوق عكاظ فرد عليها قائلا لولا أن الأعشى (أبا البصير) أنشدني قبلك لقلت أنك أشعر من بالسوق . وسئل جرير عن أشعر الناس فـأجابهم أنا لولا الخنساء قيل فيم فضل شعرها عنك، قال بقولها
إن الزمان ومـا يفنى له عجـب أبقى لنا ذنبا واستؤصل الــرأس
إن الجديدين في طول اختلافهما لا يفسدان ولكن يفســد النــاس

وكان الرسول صل الله عليه وسلم يعجبه شعرها وينشدها بقوله لها (( هيه يا خناس ويوميء بيده )).

أتى عدي عند رسول الله فقال له يا رسول الله إن فينا أشعـر الناس، وأسخى الناس وأفرس الناس. فقال له النبي صل الله عليه وسلم سمِّهم فقال فأما عن أشعر الناس فهو امرؤ القيس بن حجر، وأسخى الناس فهو حاتم بن عدي (أباه) وأما عن أفرس الناس فهو عمرو بن معد يكرب. فقال له الرسول صل الله عليه وسلم (( ليس كما قلت يا عدي، أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو، وأما أسخى الناس فمحمد يعني نفسه وأما أفرس الناس فعلي بن أبي طالب )) رضي الله عنه وأرضاه.

بعض أشعارها في الرثاء:
تعكس أبيات الخنساء عن حزنها الأليم على أخويها وبالأخص على أخيها صخر، فقد ذكرته في أكثر أشعارها. وقد اقتطفت بعض من أشعارها التي تتعلق بالدموع والحزن، فهي في هذه القصائد تجبر عينيها على البكاء وعلى ذر ف الدموع لأخيها صخر، وكأنها تجبرهما على فعل ذلك رغما عنهما، وفي متناول أيدينا هذه القصائد
ألا يا عين فانهمري بغدر وفيضـي فيضـة مـن غـير نــــزر
ولا تعدي عزاء بعد صخـر فقد غلب العزاء وعيل صبري
لمرزئة كأن الجوف منهـا بعيد النـوم يشعــر حـــر جمـــر

في هذه الأبيات نرى أن الخنساء دائمة البكاء والحزن والألم على أخيها ولم تعد تقوى على الصبر، ودموعها لا تجف، فهي دائما منهمرة بغزارة كالمطر، وعزاؤها لأخيها صخر مستمر.
من حس لي الأخوين كالغصنين أو من راهما
أخوين كالصقرين لم ير ناظر شرواهمـا
قرميــن لا يتظالمان ولا يرام حماهـا
أبكي على أخـوي والقبــر الذي واراهما
لا مثل كهلي في الكهول ولا فتى كفتاهما

وهنا يظهر في أبياتها المدح والثناء لأخويها صخر ومعاوية وذكر مآثرهما، والبكاء عليهما، وعلى القبر الذي واراهما .

ومن شعرها أيضا :
يذكرني طلوع الشمس صخراً وأذكره لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكيـن حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون على أخي، ولكن أعـزي النفس عنه بالتأسي
فلا، والله، لا أنساك حتى أفارق مهجتي ويشص رمسي
فيا لهفي عليه، ولهف نفسي أيصبح في الضريح وفيه يمسي

وفي الأبيات السابقة، وصفت الخنساء أخاها صخر بصفتين جميلتين أولاها طلوع الشمس، وفيه دلالة على الشجاعة، وثانيهما وغروب الشمس، وفيه دلالة على الكرم، وأيضا تبكيه وتعزي نفسها بالتأسي عليه وأكدت بالقسم ( فلا والله ) على أنها لن تنساه أبداً.
وفي يوم من الأيام طلب من الخنساء أن تصف أخويها معاوية وصخر، فقالت أن صخرا كان الزمان الأغبر، وذعاف الخميس الأحمر. وكان معاوية القائل الفاعل. فقيل لها أي منهما كان أسنى وأفخر ؟ فأجابتهم بأن صخر حر الشتاء، ومعاوية برد الهواء. قيل أيهما أوجع وأفجع؟ فقالت: أما صخر فجمر الكبد وأما معاوية فسقام الجسد.
ثم قالت
أسدان محمرا المخالب نجدة بحران في الزمن الغضوب الأنمر
قمران في النادي رفيعا محتد في المجد فرعا سؤدد مخير

وعندما كانت وقعة بدر قتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فكانت هند بنت عتبة ترثيهم، وتقول بأنها أعظم العرب مصيبة. وأمرت بأن تقارن مصيبتها بمصيبة الخنساء في سوق عكاظ، وعندما أتى ذلك اليوم، سألتها الخنساء من أنت يا أختاه؟ فأجابتها أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك فبم تعاظمينهم أنت؟ فقالت بأبي عمرو الشريد وأخي صخر ومعاوية . فبم أنت تعاظمينهم؟ قالت الخنساء أوهم سواء عندك؟ ثم أنشدت هند بنت عتبة تقول
أبكي عميد الأبطحين كليهما ومانعها من كل باغ يريدها
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي وشيبة والحامي الذمار وليدها
أولئك آل المجد من آل غالب وفي العز منها حين ينمي عديدها

فقالت الخنساء:
أبكي أبي عمراً بعين غزيـرة قليل إذا نام الخلـي هجودها
وصنوي لا أنسى معاوية الذي له من سراة الحرتيـن وفودها
و صخرا ومن ذا مثل صخر إذا غدا بساحته الأبطال قــزم يقودها
فذلك يا هند الرزية فاعلمي ونيران حرب حين شب وقودها


إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 17
تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-06-23, 17:34   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ -17
مريم ابنة عمران


الحياة الدنيوية لمريم ابنة عمران وابنها عيسى عليهما السلام [ وجعلناها وابنها آية للعالمين]
كانت الحياة الدنيوية لروح الله وكلمته ورسوله الخاتم لرسل لبني إسرائيل عيسى بن مريم، ولأمه مريم بنت عمران عليهما السلام سلسلة متواصلة من الابتلاءات والاختبارات، وكانت حياتهما الدنيوية نموذجاً للزهد والبعد عن الدنيا، والرغبة فيما عند الله.

فأما مريـم عليها السلام فإن الله سبحانه وتعالى اصطفاها واختارها على كل نساء الأرض.
قال تعالى وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمي .

ولمكانة هذه المرأة العذراء الشريفة قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كَمُلَ من الرجال كثير ولم تَكْمُل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون ) ( رواه البخاري ومسلم ) وقال أيضا عليه الصلاة والسلام ( خير نسائها مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد ) ( رواه البخاري ومسلم ) .

مريم ابنة عمران :
إن مريم ابنة عمران آية من آيات الله في الأرض، لقد كانت في مولدها آية، وكانت في نسبها آية.

نسبها :
فقد كانت مريم من آل عمران الذي اصطفاهم الله قال تعالى " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم" آل عمران الآيتان 34–35. وهي من سلالة سيدنا داوود عليه السلام.

جاءت أنثى فيما ترجو أمها أن يكون مولودها ذكراً:
وأول امتحان لمريم عليها السلام أن أمها التي كانت ترجو أن ترزق غلاماً لتهبه لخدمة بيت المقدس رزقت بنتاً، والبنت لا تقوم بالخدمة في المسجد كما يقوم الرجل، وأسفت أم مريم امرأة عمران واعتذرت للرب جل وعلا فقالت { رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم، وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } وأوفت بنذرها كما اشترطته على الله {رب أني نذرت لك ما في بطني محرراً } !!وكان لا بد من الوفاء بالنذر..

وقبل الله سبحانه وتعالى هذا النذر وجعله نذراً مباركاً.. بل لا يعرف نذر أعظم منه بركة، فقد أعقب خير نساء العالمين ورسولاً من أولي العزم من الرسل يجعل الله ولادته وحياته، ورفعه إلى السماء، ونزوله آخر الدنيا، وما أجرى على يديه من المعجزات آية كبرى من آيات الله سبحانه وتعالى... فأي نذر أعظم من هذا؟

مريم عليها السلام اليتيمة في بيت الله:
ولدت مريم عليها السلام يتيمة فآواها الله عند زوج خالتها والخالة بمنزلة الأم وزوج خالتها هو زكريا عليه السلام وهو نبي قومه..

وكان هذا من رحمة الله بمريم، ورعايته لها. قال تعالى ( فتقبلها ربها بقبول حسن، وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا) .

وشبت مريم عليها السلام وبيتها المسجد، وخلوتها فيه، ويلطف الله بها فيأتيها الطعام من الغيب وكلما زارها زوج الخالة، وجد عندها رزقاً، وهو الذي يقوم بكفالتها فمن أين يأتيها شيء لم يأت هو به؟!

ويقول لها { يا مريم أنى لك هذا } فتقول { هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب } ولم تكن في هذا في جنة قبل الجنة، وإنما هو بلغة من الرزق يتحف الله به أولياءه، ويكرم به أهل طاعته اتحافاً وإكراماً، إذا ضاق بهم الحال واشتد بهم الأمر، وتذكيراً لهم بأن الله لا يضيع أهله، كما صنع الرب الإله لهاجر عليها السلام وابنها إسماعيل فقد فجر الله لهما زمزم ماءاً معيناً عندما تركهما إبراهيم في هذا المكان القفر.

وكما فعل الرب سبحانه بخبيب بن عدي رضي الله عنه صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم الذي حبسه أهل مكة ليقتلوه، فرأوا في يده وهو في سجنهم قطفاً من عنب يأكل منه، وليس بمكة كلها عنب، ولا هو بأوان عنب، وإطعام الله أهله وأولياؤه من الغيب، وهم في الدنيا هو من باب اللطف بهم، وإظهاره معجزاته لهم فكم نبع الماء من بين أصابع النبي الخاتم محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه؟!
وكم بارك النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام القليل الذي لا يكفي خمسة من الناس فيأكل منه الجيش كله، وكانوا ثمانمائة رجل أكلوا لحماً وثريداً حتى شبعوا من عناق واحدة، وصاع من شعير لا يكفي خمسة.

مريم عليها السلام وأحلام الأنثى:
لم يكن لمريم عليها السلام التي سكنت في محراب المسجد ( المحراب غرفة في المسجد يعتزل فيه المقيم بها عن الناس ) وكان بنو إسرائيل يتخذون المحاريب في المساجد للخلوة والعبادة ( وسمي هذا المكان في المسجد بالمحراب لأن المقيم فيه كأنه محارب للناس مبتعد عنهم أو كأنه بيت الأسد ).

أقول: لم يكن لمريم المنذورة لبيت الله من أحلام الأنثى في الزوج المنشود والمرآة، وصندوق أدوات التجميل شيء!! بل كان زادها وحلمها وآمالها الطاعة والعبادة!!
فقد جاءها أمر الله: (يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين .

وهكذا نشأت مريـم فتاة عابدة في خلوة في المسجد تحيي ليلها بالذكر والعبادة والصلاة وتصوم نهارها، وتعيش لآخرتها.

المحنة الكبرى لمريم عليها السلام:
كانت المحنة الكبرى لمريم عليها السلام العابدة الزاهدة البتول أن يبشرها الله سبحانه وتعالى بولد منها وهي غير ذات زوج فقالت: { أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر } وحاولت دفع هذا عن نفسها، ولكن جاءها الأمر الإلهي: {كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً }

فكذلك قال الله، فلا راد لكلمته، وكان أمراً مقضياً فمن الذي يستطيع أن يمنع قضاء الله؟! ولله سبحانه وتعالى شأن في إخراج هذه الآية للناس: امرأة عابدة صالحة تبتلى بحمل من غير زوج يصدقها الصادقون المؤمنون، ويكذبها الكافرون المجرمون، ويكون ابنها الذي قضاه الله وقدره على هذه الصورة المعجزة آية في خَلْقِه، آية في خُلُقِه، آية في معجزاته، رحمة للناس في زمانه، وبعد زمانه، فتنة لعميان البصائر الذين يغالون فيه ويعبدونه ويجعلونه خالقاً رازقاً مدبراً موجوداً قبل الدهور مولوداً بطبيعة بشرية وهو في ذاته إله من إله!! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً...
وهكذا يهلك فيه من اعتقده ابن من الزنا!! ومن اعتقده الإله الخالق وينجو به أهل الصدق والتصديق {قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً، وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً }

مريم عليه السلام تفر من المسجد خوفاً من الفضيحة والعار:
وتخرج مريم عليها السـلام من محرابها في بيت المقدس بعد أن رأت حملها في بطنها قد كبر، وبعد أن خافت الفضيحة، تخرج إلى مكان بعيد تتوارى فيه عن الأنظار، وفي بيت لحم يلجئها المخاض إلى جذع نخلة وهي وحيدة غريبة طريدة فتضع حملها ولا أم هناك، ولا خالة ولا قابلة!!
ولا بيت دافئاً، ولا ستر تتوارى فيه عن أعين الناس إلا هـذه الأحراش!!*تضع حملها ودموعها تملأ مآقيها، والهموم والآلام تلفها من كل جانب: هم الغربة والوحشة، وفقد الأهل والناصر، والستر وفقد الإرفاق بالوالد، وكم تحتاج الوالد من الإرفاق تحتاج إلى دفء، وحنان زوج، وشفقة أهل، وطعام مخصوص، وفراش، وتهنئة بالسلامة والعافية بالمولود الجديد... وأما مريم عليها السلام فلا شيء من ذلك وهي تنتظر الفضيحة بوليدها الجديد..

وعندما تجتمع كل هذه الهموم والمصاعب تتمنى أن تكون قد ماتت قبل هذا الامتحان!!*ولم تعش إلى هذه المحنة الشديدة قالت { يا ليتني مت قبل هذا، وكنت نسياً منسياً }.
(أي شيء متروكاً محتقراً والنسي في كلام العرب الشيء الحقير الذي من شأنه أن ينسى، فلا يتألم لفقده).

وفي هذه اللحظة التي يبلغ بها الحزن والأسى مداه يأتيها الأمن والأمان والبشرى والإرفاق.. فيناديها مولودها من تحتها { ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً } أي سيداً عظيماً { وهـزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً فكلي واشربي وقري عيناً فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً }

إن مع العسر يسراً:
وهنا تأتيها المعجزات بالجملة فهذا جدول ماء رقراق يفجره الله لها، وهاهي تستطيع وهي والد ضعيفة أن تهز جذع النخلة فيتساقط عليها الرطب رطباً جنيا، وأما القوم وخوف الفضيحة فدعي هذا لنا!! وعليك أنت بالصوم عن الكلام، ودعي هذا السيد العظيم الذي تحملينه يتولى الدفاع عنك، وبيان المهمة التي أرسل بها.
قال تعالى {فأتت به من قومها تحمله، قالوا يا مريم لقـد جئت شيئاً فرياً يا أخت هارون ما كان أبوك امرأً سوء وما كانت أمك بغياً فأشارت إليه، قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً } وهنا أنطقه الله ليبين لهم الآية في خلقه على هذا النحو...

وينشأ عيسى في قومه من بني إسرائيل وبدلاً من أن يقابل اليهود المعجزة بالإيمان والتصديق يقابلونها بالجحود والنكران، يتوجسون شراً من هذا المولود الذي تكلم في المهد، والذي ينشأ لا كما ينشأ الصبيان، فالأولاد يلهـون بالطين فيجعلون منه عصفوراً حجراً تمثالاً، ولكنه يصنع لهم عصفوراً من الطين ثم ينفخ فيه أمامهم فإذا بالعصفور حي يطير فيكون ردهم أن هذا ساحر كبير!!

إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 18
تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-06-25, 18:55   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 18
ليلى الأخيلية


اسمها ونسبها:
هي من أهم شاعرات العرب المتقدمات في الإسلام ولا يتقدمها أحد من النساء سوى الخنساء. هي ليلى بنت عبدالله بن الرحال وسميت الرحالة، وآخر أجدادها كان يعرف بالأخيل وهم ينتسبون إلى قبيلة بني عامر، وعرفت قبيلتهم بأنهم كانوا من عشاق العرب، ولكن كانوا بالإضافة إلى الشعر من أوائل المسلمين الذين ساهموا في .
معارك الإسلام

معاصرتها للأحداث السياسية:
عاصرت ليلى الأخيلية أهم أحداث عصرها السياسية، ولكن شعرها خلا من تلك الأحداث باستثناء رثائها لعثمان الذي استشهد سنة 35هـ.
وبرزت ليلى بجمالها الذي سلب عقل توبة، وشجاعتها التي مكنتها من التصدي لأكبر الشخصيات، ومقدرتها على إسكات فحول الشعراء بشاعريتها الواضحة في شعرها، وعفتها التي حافظت عليها مع من تعشقه طوال عمرها .

ونشأت ليلى منذ صغرها مع ابن عمها توبة بن الحمير والمشهور عنها أنها عشقت توبة وعشقها، وكان يوصف بالشجاعة ومكارم الأخلاق والفصاحة.
وكان اللقاء عند الكبر عندما كانت ليلى من النساء اللواتي ينتظرن الغزاة، وكان توبة مع الغزاة فرأى ليلى وافتتن بها، وهكذا توطدت علاقة حب عذري.
ولكن رفض والد ليلى كان عائق زواجهما، لانتشار أمرهما، وقصة الحب بين الناس. وبعد ذلك

زوجها أبوها من أبي الأذلع. ولكن زواج ليلى لم يمنع توبة من زيارتها وكثرت زياراته لها، من بعد ذلك تظلم بنو الأذلع إلى السلطان الذي أهدر دم توبة، إذا عاود زيارة ليلى،فأخذوا يترصدون له في المكان المعتاد، وذات يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه واستغرب خروجها سافرة، ولكنه فطن أنها أرادت أن تعلمه عن كمين نصب له فأخذ فرسه وركض، وكانت ليلى هي السبب في نجاته.
وفي هذا الحدث يقول توبة
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت فقد رابني منها الغداة سفورها

تزوجت ليلى مرتين وكان زواجها الأول من الأذلعي ومن أهم صفات زوجها الأول أنه كان غيوراً جداً وبعض القصص تقول أنه طلقها لغيرته الشديدة من توبة، وقصص أخرى أنه مات عنها.
أما عن زوجها الثاني فهو سوار بن أوفي القشيري والملقب بابن الحيا.وكان سوار شاعراً مخضرماً من الصحابة ويقال أنها أنجبت العديد من الأولاد.

وفي ذلك الزمان كانت ليلى مشهورة بين الأمراء والخلفاء. فحظيت بمكانة لائقة واحترام كبير، وكانت تُسمِـع الخلفاء شعرها سواء كان من الرثاء أو المديح، فنالت منهم الأعطيات والرغبات، وكذلك كان الشعراء يحتكمون إليها وكانت .تفاضل بينهم

ليلى وكبار الأمراء:
أ - ذات يوم وفدت ليلى على معاوية بن أبي سفيان ولديها عدة قصائد مدحته فيها .وقصيدة لها وصفت فيها ناقتها التي كانت تجوب الأرض لتصل إلى معاوية فيجود عليها من كرمه، وسأل معاوية ذات يوم ليلى عن توبة العشيق إذ كان يصفه الناس بالجمال والشجاعة والكرم . فقالت " يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان، شجى للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر، وهو كما قلت له أمير المؤمنين " ثم قال معاوية وما قلت له ؟ قالت : "قلت ولم أتعد الحق وعلمي فنه .
فأعجب من وصفها وأمر لها بجائزة عظيمة واستنشدها المزيد.

ب - وكانت ليلى على علاقة وثيقة بالحجاج بن يوسف وبالأمويين عامة . ويذكر ذات يوم أنها دخلت على الحجاج، فاستؤذن لليلى فقال الحجاج من ليلى ؟
قيل الأخيلية صاحبة توبة . فقال : ادخلوها ، فدخلت امرأة طويلة دعجاء العينين، حسنة المشية، حسنة الثغر، وعند دخولها سلمت فرد عليها الحجاج ورحب بها . وبعد جلوسها سألها عن سبب مجيئها فقالت السلام على الأمير والقضاء لحقه والتعرض لمعروفه،ثم قال لها وكيف خلفت قومك؟
قالت تركتهم في حال خصب وأمن ودعة، أما الخصب ففي الأموال والكلأ، وأما الأمن فقد أمنه الله عز وجل، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح بينهم ثم قالت: ألا أنشدك؟ فقال: إذا شئت فقالت :
أحــجاج لا يفـلل سلاحك إنما المنـايا بكـف الله حيث تراها
إذا هبـط الحجاج أرضاً مريضة تتبـع أقصـى دائـها فشفـاها
شفاها من الداء العضال الذي بها غـلام إذا هـز القنـا سقـاها
سقاها دمــاء المارقين وعلـها إذا جمحت يوماً وخفيـف أذاها
إذا سمـع الحجـاج صوت كتيبة أعـد لها قبـل النـزول قراها

وبعد انتهائها قال الحجاج: لله ما أشعرها. وأمر لها بخمسمائة درهم، وخمسة أثواب وخمسة جِمال.وبعد مسيرها أقبل الحجاج على مجلسه، وقال:أتدرون من هذه؟
قالوا:لا والله ما رأينا امرأة أفصح وأبلغ ولا أحسن إنشاداً .قال: هذه ليلى صاحبة توبة، ولم يكن الحجاج يظهر بشاشته ولا سماحته في الخلق إلا في اليوم الذي دخلت عليه ليلى الأخيلية.

خصائص شعرها:
إن أغلب القدماء أشادوا بأن ليلى الأخيلية شاعرة فاقت أغلب الفحول من الشعراء، وشهدوا لها بالفصاحة والإبداع. وبعضهم كان يقدمها على الخنساء عندما كان أشراف قريش مجتمعين في مجلس يتذاكرون الخنساء الأخيلية ثم أجمعوا أن الأخيلية أفصحهما، وإن ليلى أكثر تصرفاً وأغزر بحراً وأقوى لفظاً ولكن الخنساء أغلب قصائدها الرثاء.

وهناك الكثير الذين أعجبوا بشعرها ومنهم الفرزدق حتى أنه فضل ليلى على نفسه، وأبو نواس الذي حفظ العديد من قصائدها، وأبو تمام الذي ضرب بشعرها المثل، وأبو العلاء المعري الذي وصف شعرها بأنه حسن ظاهره.

والناظر في شعرها وشعر الخنساء يرى أن شعر الخنساء من خيال ضعيف وخلو شعرها من الحكمة، واقتصار أشعارها على موضوع واحد بالإضافة إلى تكرار المطالع والألفاظ عدد الأغراض الشعرية من مديح وهجاء وفخر وغزل وكذلك الرثاء واحتواء شعرها على العديد من الحكم والأمثال مثل
ولا تقولن لشيء سوف أفعله قد قدر الله ما كل امرئ لاق :
امتزاج شعرها بفيض العاطفة وخاصة رثائها لتوبة
فآليت لا أنفك أبكيك ما دعت على فنن ورقاء أو طار طائر
قتل بني عوف فيا لهفتا لـه وما كنت إياهـم عليه أحـاذر

وتتسم العطفة في شعرها بالهدوء والاستسلام للقدر على شيء من التفلسف .والتأمل في الوجود من خلال شعرها يتبين تأثير البيئة الأموية التي عادت فيها العصبيات القبلية إلى الظهور، وتفاخر الشعراء بقبائلهم كقول الأخيلية وذكر ما فعله قومها :لبني مذحج وهمدان، ومن أشعارها التي كانت تفتخر فيها بقومها:
نحن الأخايل لا يزال غلامنا حتى يدب على العصا، مشهوراً
تبـكي الرماح إذا فقدن أكفنا جزعاً، وتعرفنا الرفاق بحـوراً

ويلاحظ التأنق اللفظي في شعر الأخيلية وهذا التأنق يأتي بعيداً عن التكلف والتعقيد :والذي ساعد في الموسيقى الشعرية وتميز شعرها عن غيرها، كما في قولها
فوارس أحلى نشأها عن عقيرة لعاقرها فيها عقيرة عاقر
والقصد بعقيرة عاقر إن توبة أعظم الناس جميعاً.

ومن أساليب التأنق اللفظي يلاحظ في شعرها الطباق ، وهناك غموض خفيف وبساطة قريبة من عالم الشعر والخيال. ويمكن ملاحظة الطباق من خلال هذا :البيت
إن يصدروا الأمر تطلعه موارده أو يوردوا الأمر تحلله بإصدار

ومن سمات شعر الأخيلية التكرار اللفظي، وهذا التكرار مستحسن لدى الأخيلية :وغايته تأكيد المعنى والإكثار من الألفاظ المتشابهة ومنه
أما توبة بن الحمير فشاعر غزل رقيق فصيح الألفاظ سهل التراكيب وقوي العاطفة :ومن أشعاره التي كان يتشوق فيها ليلى
أرى اليوم يمر دون ليلى كأنما أتت حـجج من دونها وشهوراً
حمامـة بطن الواديين، ترنمي سقاك من الغر الغوادي مطيرها

وفاتها:
أقبلت ليلى من سفر وأرادت أن تزور قبر توبة ذات يوم ومعها زوجها الذي كان يمنعها، ولكنها قالت: "والله لا أبرح حتى أسلم على توبة" فلما رأى زوجها إصرارها تركها تفعل ما تشاء.
ووقفت أمام قبر توبة وقالت:"السلام عليك يا توبة" ثم قالت لقومها ما عرفت له كذبة قط قبل هذا فلما سألوها عن ذلك :فقالت أليس هو القائل
ولو أن ليلى الأخيلية سلمـت علـي، ودوني تربـة وصـفائح
لسلمت تسليم البشاشة أوصاح إليها صدى من جانب القبر صائح

فما باله لم يسلم علي كما قال ؟! وكانت بجانب القبر بومة فلما رأت الهودج فزعت وطارت في وجه الجمل، الذي أدى إلى اضطرابه ورمى ليلى على رأسها وماتت في نفس الوقت ودفنت بجانب قبر توبة. وكانت المنطقة تعرف بالري. وكان ذلك في سنة 85هـ.


إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 19
تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-07-02, 17:55   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 19
أم سليم الغميصاء رضي الله عنها


"الشرف العظيم في محبة الرسول الكريم"

نسبها :
أُمُّ سُلَيْمٍ، الغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ الأَنْصَارِيَّةُ
وَيُقَالُ: الرُّمَيْصَاءُ.
وَيُقَالُ: سَهْلَةُ.
بِنْتُ مِلْحَانَ بنِ خَالِدِ بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ الأَنْصَارِيَّةُ، الخَزْرَجِيَّةُ.

أُمُّ خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
مَاتَ زَوْجُهَا مَالِكُ بنُ النَّضْرِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بنُ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَبَا عُمَيْرٍ، وَعَبْدَ اللهِ.
شَهِدَتْ حُنَيْناً وَأُحُداً.
مِنْ أَفَاضِلِ النِّسَاءِ.

نبذة يسيرة عن قبيلة أم سليم رضي الله عنها :
وهي كما تقدم من الأنصار التي آوت رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين من المؤمنين، وتكونت اللبنة الأولى للدعوة الإسلامية في ربوع بلدهم ( المدينة ) وقد تنزلت في شأنهم آيات من كتاب الله، فهم والمهاجرون هم السابقون الأولون.

وهم الذين عناهم الله بقوله جل ثناؤه [ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ] {الحشر:9} وكانوا هم الغالبية العظمى في غزوة بدر وأحد ، وبيعة الرضوان وغير ذلك من المشاهد المتميزة في الإسلام.

فمناقب الأنصار رضي الله عنهم وثناؤهم في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة جداً يصعب على المرء حصرها، وإيواؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين في دارهم منقبة لم يشاركهم فيها أحد، ودورهم في الدعوة وتضحيتهم بالمال والنفس في سبيلها غير خاف على أحد، فرحم الله الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء ا لأنصار.

أم سليم الأنصارية والزواج :
عاشت في بداية حياتها كغيرها من الفتيات في الجاهلية قبل مجيء الإسلام فتزوجت مالك بن النضر، فلما جاء الله بالإسلام، وظهرت شمسه في الأفق واستجابت وفود من الأنصار أسلمت مع السابقين إلى الإسلام وعرضت الإسلام على زوجها مالك بن النضر، فغضب عليها، وكان قد عشش الشيطان في رأسه، فلم يقبل هدى الله، ولم يستطع أن يقاوم الدعوة لأن المدينة صارت دار إسلام فخرج إلى الشام فهلك هناك والذي يظهر لي أن زوجها لم يخرج إلى الشام تاركا وراءه زوجته وابنه الوحيد إلا بعد أن يئس أن يثني أم سليم عن الإسلام فصار هذا أول موقف يسجل لأم سليم رضى الله عنها وأرضاها لأننا نعلم حجم تأثير الزوج في زوجته وأولاده، فاختيار أم سليم الأنصارية الإسلام على زوجها في ذلك الوقت المبكر ينبئ عن عزيمة أكيدة، وإيمان راسخ في وقت كان الاعتماد في تدبير البيت والمعاش وغير ذلك من أمور الحياة على الرجل، ولم تكن المرأة قبيل مجيء الإسلام تساوي شيئا، فكونها أخذت هذا القرار من الانفصال بسبب الإسلام عن زوجها الذي في نظرها يعتبر كل شيء في ذلك الوقت فيه دلالة على ما تمتاز به هذه المرأة المسلمة من الثبات على المبدأ مهما كلفها من متاعب.

زواجها في الإسلام :
أما زواجها في الإسلام فذاك هو العجب بعينه ولم يتكرر في التاريخ مثله فعن أنس رضي الله عنه قال " خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم فقالت أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسأل غيره، فأسلم وتزوجها أبو طلحة .

وفي رواية عند الحاكم أن أبا طلحة خطب أم سليم يعني قبل أن يسلم فقالت يا أبا طلحة الست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبت من الأرض نجرها حبشي بني فلان، إن أنت أسلمت لا أريد من الصداق غيره، قال حتى أنظر في أمري فذهب فجاء فقال أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، فقالت يا أنس زوج أبا طلحة.

فانظر كيف أن أم سليم أرخصت نفسها في سبيل دينها ومبدئها وكيف أنها استعملت الحكمة للوصول إلى هدفها، فهي من جهة بينت له ضلال ما هو عليه من عبادة الأشجار والأوثان وذلك ما تستقبحه الطبائع السليمة ومن جهة ثانية مدحته بما فيه من الخصال الطيبة وأثنت عليه بقولها ( مثلك لا يرد ) أي أن فيك من صفات الرجولة والحسب والجاه ما يدعو للزواج منك لولا هذه الخصلة من الكفر، ثم لم تقف عند هذا الحد بل رغبته في الزواج منها بأن أسقطت مهرها مقابل إسلامه، فكانت بذلك أول امرأة جعلت مهرها إسلام زوجها فصارت سببا في دخول أبي طلحة في الإسلام فحازت بذلك على الفضيلة التي وعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله " فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم ".

مواقف من حياتها :
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَمَعَهَا خِنْجَرٌ.
عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ خِنْجَراً يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ.
فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنْ دَنَا مِنِّي مُشْرِكٌ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ.

- عن إسحاق بن عبد الله ، عن جدته أم سُليم :
أنها آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت فجاء أبو يونس، وكان غائباً ، فقالت أصبوت ؟ فقالت ما صبوت، ولكني آمنت !وجعلت تُلقن أنساً
قل لا إله إلا الله، قل أشهد أن محمداً رسول الله، ففعل فيقول لها أبوه لا تفسدي علي ابني، فتقول إني لا أفسده ! فخرج مالك فلقيه عدوٌّ له، فقتله .
فقالت لا جرم لا أفطِم أنساً حتى يدع الثدي، ولا أتزوج حتى يأمرني أنس، فخطبها أبو طلحة وهو يومئذ مُشرك، فأبت.

- عن أنس قال خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركاً، أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبدُ آل فلان
وأنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت ؟ قال فانصرف وفي قلبه ذلك، ثم أتاها وقال الذي عرضت علي قد قبلتُ، قال فما كان لها مهرٌ إلا الإسلام .

- قال الجارود حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور أم سُليم، فتتحفه بالشيء تصنعه له، و أخ لي أصغر مني يُكنى أبا عُمير، فزارنا يوماً، فقال مالي أرى أبا عُمير خاثر النفس ؟ قالت ماتت صعوة له كان يلعب بها أي طير صغير . فجعل النبي يمسح رأسه، ويقول (( يا أبا عمير ، ما فعل النغير ))

- عن أنس قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل بيتاً غير بيت أم سليم، فقيل له، فقال : (( إني أرحمُها ، قُتل أخوها معي ))

- قلت : أخوها هو حرام بن ملحان، الشهيد الذي قال يوم بئر معونة : فزت ورب الكعبة، لما طُعن من ورائه فطلعت الحربة من صدره رضي الله عنه.

- عن أم سليم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيل في بيتي، وكنت أبسُط له نطعاً، فيقيل عليه، فيعرق، كنت آخذ سُكاً فأعجنه بعرقه .

- قال ابن سيرين : فاستوهبت من أم سليم من ذلك السُك، فوهبت لي منه .
قال أيوب : فاستوهبت من محمد من ذلك السُك، فوهب لي منه، فإنه عندي الآن .
قال : ولما مات محمد حُنط بذلك السُك .

- عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سليم وقربة معلقة، فشرب منها قائماً ، فقامت إلى فـيّ السقاء فقطعته . رواه عبيد الله بن عمرو، فزاد : و أمسكته عندها .

- عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يحلق رأسه بمنى، أخذ أبو طلحة شِق شعره فجاء به إلى أم سليم، فكانت تجعله في سُكها .

- عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي، فإذا أنا بالغميصاء بنت ملحان .

- قال حُميد : قال أنس : ثقل ابن لأم سليم، فخرج أبو طلحة إلى المسجد ،فتوفي الغلام، فهيأت أم سليم أمره، وقالت : لا تخبروه، فرجع، وقد سيرت له عشاءه فتعشى ، ثم أصاب من أهله .
فلما كان آخر الليل قالت : يا أبا طلحة . ألم تر إلى آل أبي فلان استعاروا عارية، فمنعوها ، وطُلبت منهم فشق عليهم ، فقال : ما أنصفوا، قالت : فإن ابنك كان عارية من الله فقبضه . فاسترجع وحمد الله، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال ( بارك الله لكما في ليلتكما ).

فحملت بعبد الله بن أبي طلحة فولدت ليلاً، فأرسلت به معي، وأخذت تمرات عجوة، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يهنأ أباعر له، ويَسمها، فقلت : يا رسول الله ولدت أم سُليم الليلة ،فمضغ بعض التمرات بريقه فأوجره إياه فتلمظ الصبي، فقال ( حبُّ الأنصار التمر )) فقلت :سمّه يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هو عبد الله

- عن عباية بن رفاعة قال : كانت أم أنس تحت أبي طلحة فذكر نحوه . وفيه : فقــال رسول الله : (( اللهم بارك لهما في ليلتهما )) . قال عباية : فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين كلهم قد ختم القرآن .

وفاة أم سليم الأنصارية:
توفيت في حدود الأربعين في خلافة معاوية فرضي الله عن أم سليم وأرضاها.

الخاتمة :
تبين لنا من خلال ما تقدم أن أم سليم الأنصارية قد أسهمت في بناء المجتمع بكل ما تقدر عليه من التضحية بالنفس والمال في سبيل الدعوة وحازت بذلك مناقب جمة أورثتها ذكرا حسنا في الدنيا عند المؤمنين وتنال بها الأجر والمثوبة عند الله يوم القيامة كما أخبر عنها بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم

وأعطت بذلك صوره مشرقة عن المرأة المسلمة وكيف أنها تستطيع أن تؤدي دورها المنوط بها في المجتمع كامرأة مع المحافظة على القيم والتعاليم الإنسانية.

أفلا يجدر بالمرأة المسلمة أن تتخـذ بأم سليم وغيرها من الصحابيات قدوة لـها دون أن تغتر بدعوات المغرضين الذين يتخذون المرأة وسيلة لتحقيق أهدافهم في المجتمع باسم الحرية والمساواة.

وحتى لا تقع المرأة المسلمة فريسة لكل الأهواء لابد أن تتفقه في دين الله لتكون على بصيرة من أمرها حينها تستطيع أن تؤدي رسالتها على الوجه المطلوب بعيدة كل البعد عن كل ما يخدش كرامتها ويسيء إلى سمعتها كمسلمة.

والله المسئول أن يوفق الجميع لما فيه خير هذه الأمة دنيا وأخرى إنه ولي ذلك والقادر عليه ة وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

منقول عن الأخت سهى درويش وماسبقة.
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 20

تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-07-05, 18:31   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 20
الشيماء بنت الحارث السعدية


- الشيماء بنت الحارث السعدية امرأة بدوية من بني سعد .

- وهي ابنة حليمة السعدية التي كانت من بين مراضع بني سعد حين انطلقن إلى مكة يلتمسن الأطفال لإرضاعهم، فلم يطل مكثها بمكة حتى عادت تحمل معها طفلاً ولم يكن هذا الطفل الرضيع سوى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي أرضعته حليمة وطرحت البركة في كل ما عندها .

- وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحراء سنتين ترضعه حليمة وتحضنه ابنتها الشيماء بنت الحارث بن عبدالعزى بن رفاعة السعدية أخت الرسول صلى الله عليه وسلم من الرضاعة.

- وقد كان عليه الصلاة والسلام يخرج مع أولاد حليمة إلى المراعي، وأخته الشيماء تحضنه وتراعيه، فتحمله أحياناً إذا اشتد الحر، وطال الطريق، وتتركه أحياناً يدرج هنا وهناك، ثم تدركه فتأخذه بين ذراعيها وتضمه إلى صدرها، وأحياناً تجلس في الظل، فتلعبه وتقول :
يا ربنــــا أبق لنا محمداً..................حتى أراه يافـــعاً وأمـــردا
ثم أراه سيداً مســــــــــــوداً................واكبت أعاديه معاً والحسدا
وأعطه عزاً يدوم أبداً

- قال محمد بن المعلى الأزدي : وكان أبو عروة الأزدي إذا أنشد هذا يقول : ما أحسن ما أجاب الله دعاءها.

- وأقام النبي صلى الله عليه وسلم في بني سعد إلى الخامسة من عمره ينهل من جو البادية الطلق الصحة والنماء، ويتعلم من بني سعد اللغة المصفاة الفصيحة.
وقد تركت هذه السنوات الخمس في نفسه الكريمة أجمل الأثر وأبقاه، وبقيت الشيماء وأهلها وقومها موضع محبته وإكرامه طوال حياته عليه الصلاة والسلام.

- ذكر الإمام ابن حجر في الإصابة أن الشيماء لما كان يوم هوازن ظفر المسلمون بهم، وأخذوا الشيماء فيمن أخذوا من السبي، فلما انتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله إني لأختك من الرضاعة. قال : وما علامة ذلك قالت : عضة عضضتها في ظهري، وأنا متوركتك، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه ثم قال لها : ههنا فأجلسها عليه وخيّرها، فقال : إن أحببت فأقيمي عندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك فارجعي إلى قومك، فقالت : بل تمتعني وتردني إلى قومي، فمتعها وردها إلى قومها.

- ولم يتوقف إكرام النبي صلى الله عليه وسلم للشيماء عند هذا فحسب، بل شمل ذلك بني سعد جميعهم ومعلوم أن بني سعد من هوازن، وذلك أنه لما انتصر عليهم يوم حنين وغنم أموالهم ونسائهم وذراريهم، عند ذلك جاءه وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا، فقالوا : يا رسول الله إنا أصل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك.
وقام خطيبهم زهير بن صرد أبو صرد فقال : يا رسول الله إنما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك، ولو أنك ملحنا لابن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم أصابنا منها مثل الذي أصابنا منك، رجونا عائدتهما وعطفهما وأنت رسول الله خير المكفولين ثم أنشأ يقول :
امنن علينا رسول الله في كرم.....................فإنك المرء نرجوه وننتظر
امنن على بيضة قد عاقها قدر....................ممزق شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهر هتافاً على حزن.................على قلوبهم الغمّاء والغمر
يا خير طفل ومولود ومنتجب .................في العالمين إذا ما حصل البشر
إن لم تداركها نعماء تنشرهـــــا...........يا أرجح الناس حلماً حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها................إذ فوك تملؤه من محضها الدرر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها.................وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامتــــــه.............. واستبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر آلاء وإن كفـــــرت................ وعندنا بعد هذا اليوم مدخر

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نساؤكم وأبناؤكم أحب إليكم أم أموالكم ) ؟ فقالوا: يا رسول الله خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا، بل أبناؤنا ونساؤنا أحب إلينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أما ما كان ولي ولبني عبد المطلب فهو لكم وإذا أنا صليت بالناس فقوموا فقولوا : إنا نستشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبنائنا ونسائنا فإني سأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم )
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر قاموا فقالوا ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : ( إما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ) فقال المهاجرون : وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت الأنصار : وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن كثير : ( ولقد كان هذا سبب إعتاقهم عن بكرة أبيهم، فعادت فواضله عليه الصلاة والسلام قديماً وحديثاً، خصوصاً وعموماً ) .


منقوووول
- المصدر : (كتاب : صور من سير الصحابيات ، لعبد الحميد السحيباني ، ص249)
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 21

تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-07-05, 19:26   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 21
أم المنذر بنت قيس


اسمها : سلمى بنت قيس بن عمرو بن عبيد .
- إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم .

المصلية للقبلتين ..... المحافظة على البيعتين
إن الإيمان ليس أمرا على هامش الوجود .
انه سعادة الأبد أو شقاوته انه الجنة أبدا أو النار أبدا .
عندما نتحدث عن الإيمان ونتحدث عن آثاره في النفس إنما نعنى الإيمان القوى الدافق الإيمان حين يبلغ مداه ويشرق على القلوب سناه ويخط في أعماق النفوس مجراه، لا نتحدث عن الإيمان الضعيف المزعزع، الأيمان المخدر النائم، إنما نتحدث عن الأيمان الحي اليقظ .
هنا نتحدث عن صحابية ظهر أثر الأيمان وبركته عليها فقامت لتسطر على جبين التاريخ سطورا من النور
إنها أم المنذر بنت قيس .
إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم التي وبايعت البيعتين وصلت القبلتين

في رحاب المكارم
لها مكارم كثيرة منها :
1- إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم
2- أخت سليط بن قيس وهو فارس من فرسان مدرسة النبوة شهد بدر وأحد والخندق، أحد أبطال معركة الجسر الشهيرة مع أبى عبيدة حيث قتل يوم الجسر شهيدا سنة 14 هـ
3- لام منذر أختان هما ( أم سليم – عميرة ) قد أسلمت وبايعت الرسول صل الله عليه وسلم .

ثمرات الدعوة المباركة
بعد بيعة العقبة الأولى أرسل النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى المدينة المنورة ليكون سفيرا للدعوة بعد أن تعلم على يد رسول الله صل الله عليه وسلم .
قد أسلم على يده كثير من أصحاب القلوب الطيبة النقية .
كان من بين من أسلم كانت أم المنذر بنت قيس ولامس الأيمان قلبها فأصبحت في مضمار السباقات .

وها هي تبايع الرسول صل الله عليه وسلم
كان الرسول صل الله عليه وسلم يحمل لها في قلبه كثير من الحب والتقدير والاحترام
بل كان يخصها بالزيارة ويأكل عندها ويشير إلى أن طعامها ذو بركه وذو نفع
عن أم المنذر بنت قيس قالت:
دخل على رسول صل الله عليه وسلم ومعه (علي ) (وعلي ) ناقة أي في فترة النقاهة من المرض ولنا (دوالي ) معلقة وهو ما تدلى من الشجر المثمر فقام رسول الله صل الله عليه وسلم يأكل منها فقام على ليأكل فطفق الرسول صل الله عليه وسلم يقول لعلي (( مه إنك ناقه )) حتى كف علي قالت : فصنعت شعيرا وسلقا فجئت به فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ( يا على أصب من هذا فهو أنفع لك) .

موقف كريم في غزوة بني قريظة
لما اجتمعت كتائب الكفر في غزوة الأحزاب ( الخندق) لمحاربة النبي صل الله عليه وسلم وأصحابه وكان هناك معاهدة بين النبي صل الله عليه وسلم ويهود بني قريظة على أن يقفوا في وجه كل من أراد المدينة بسوء .
ولكن اليهود نقضوا العهد مع رسول الله صل الله عليه وسلم ولكن الله أنزل نصره على المؤمنين وهزم الأحزاب وحده .
في اليوم الذي رجع فيه الرسول صل الله عليه وسلم جاءه جبريل (عليه السلام) عند الظهر وهو يغتسل في بيت أم سلمة فقال: أوضعت السلاح؟
فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم ؟ وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، فانهض بمن معك إلى بنى قريظه فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف في قلوبهم الرعب فسار جبريل في موكبه من الملائكة فأمر رسول الله صل الله عليه وسلم مؤذنا في الناس (( من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة فأتاهم رسول الله صل الله عليه وسلم فحاصرهم 25 ليله .
فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صل الله عليه وسلم فاستشاروا ( أبا لبابه بن عبد المنذر) فأشار إليهم أنه الذبح، فقالوا ننزل على حكم
( سعد بن معاذ) وبعث رسول الله صل الله عليه وسلم إلى معاذ فأتى به على حمار عليه أكاف من ليف قد حمل عليه وحف به قومه وقالوا له : يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت فلم يرجع إليهم شيئا ولا يلتفت إليهم حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه وقال : دقد أتى لي أن لا يأخذني في الله لومة لائم *قال أبو سعيد فلما طلع قال رسول الله صل الله عليه وسلم قوموا إلى سيدكم فانزلوه فقال عمر: سيدنا الله قال : أنزلوه فأنزلوه قال رسول الله صل الله عليه وسلم أحكم فيهم أن تقتل مقاتلهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم فقال رسول الله صل الله عليه وسلم *لقد حكمت فيهم بحكم الله (عز وجل ) .
وحكم رسوله قال : ثم دعا سعد فقال : اللهم أن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني لها، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فابقنى إليك فانفجر( كلمه ) اى جرحه وكان قد برأ مثل الخرص وهى الحلقة الصغيرة من الحلمة .
قالت: ورجع إلى قبته التي ضرب عليه رسول الله صل الله عليه وسلم قالت عائشة: فحضرت رسول الله صل الله عليه وسلم وابوبكر وعمر قالت والذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي وكانوا كما قال الله (عز وجل) { رحماء بينهم } قال علقمة: فقلت: اى أمه فكيف كان رسول الله صل الله عليه وسلم يصنع ؟ قالت: كانت عينيه لا تدمع على احد، ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته ,

في بني قريظة نزل قول الله تعالى {وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا (26) تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شئ قديرا} (الأحزاب: 26-27).
عندما كان المسلمون ينفذون ما حكم به سيدنا سعد بن معاذ في بني قريظه، وفي تلك اللحظات كانت أم المنذر قرب النبي صل الله عليه وسلم ترى نهاية بني قريظة .
كان ( رفاعة بن سموأل القرظي ) له انقطاع إليها والى أخيها سليط بن قيس وأهل الدار .
وحين حبس رفاعة أرسل إلى أم المنذر أن كلمى محمد صل الله عليه وسلم في أن يتركه فإن لي بكم حرمه وانتى احد أمهاته ورأى النبي صلى الله عليه وسلم ملامح الحيرة على وجهها فسألها" ما لك يا أم منذر ؟" قالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله رفاعة كان يزورنا وله بنا حرمه فهبه لي.
فقال لها الرسول صل الله عليه وسلم هو " نعم هو لك " ثم قالت: يا رسول الله، أنه يصلي ويأكل لحم الجمل.
فتبسم الرسول صل الله عليه وسلم ثم قال:" أن يصل فهو خير له، وان يثبت على دينه فهو شر له " ثم أطلقه الرسول الكريم صل الله عليه وسلم .
قالت أم المنذر: فأسلم رفاعة وهذه من حسناتها .
رفاعة هو خال صفية بنت حيي أم المؤمنين .

فازت بالرضوان يوم بيعة الرضوان
لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى مكة لأداء العمرة فعلمت قريش فصدوا المسلمين عن البيت .
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ليخبرهم أنه القتال .
فانطلق عثمان واحتبسته قريش عندها وتشاوروا بينهم وأرسلوا عثمان بالجواب .
ولكن طال الاحتباس فشاع بين المسلمين أن عثمان قتل .
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : " لا نبرح حتى نناجز القوم " .
ثم دعا أصحابه إلى البيعة فسارعوا إليه يبايعونه على أن لا يفروا وبايعته جماعة على الموت .
أول من بايعه أبو سنان الاسدى .
وبايعه سلمة بن الأكوع على الموت ثلاث مرات .
أخذ رسول الله صل الله عليه وسلم بيده قال هذه يد عثمان ولما تمت البيعة جاء عثمان وبايعه .
ولم يتخلف عن البيعة إلا رجل من المنافقين هو ( جد بن قيس ) .
أخذ رسول الله صل الله عليه وسلم هذه البيعة تحت الشجرة وكان عمر آخذا بيد الرسول ومعقل بن يسار أخذ بغصن الشجرة يرفعه عن رسول الله صل الله عليه وسلم .
هذه بيعة الرضوان الذي أنزل الله فيها قوله تعالى: { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } ( الفتح : 18 ) .
وكانت أم المنذر ممن بايعن رسول الله صل الله عليه وسلم ففازت بخيري الدنيا والآخرة فلقد رضي الله عنها وحرم جسدها على النار .
فقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم " لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة " .

ان المتقين في جنات ونهر
قد كانت تحفظ الكثير والكثير من روايات النبي صل الله عليه وسلم حتى روت عنها أم سليط بن أيوب بن حكم وأيوب بن عبد الرحمن ويعقوب بن أبى يعقوب المدني
وبعد هذا العمر المبارك وتلك الرحلة الإيمانية الطويلة نامت على فراش الموت وفاضت روحها إلى بارئها (جل وعلا ) .
ولا نملك إلا أن نقول ونحن نودعها إلا قول الله تعالى : { أن المتقين في جنات ونهر (54) في مقعد صدق عند مليك مقتدر } ( القمر :54-55 ) .

فرضي الله عنها وأرضاها وجعل جنة الفردوس مثواها .
سهى درويش
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 22

تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-07-09, 18:39   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 22
أميمة بنت خلف

تكن من النساء ذوات الشهرة، بل كانت امرأة بسيطة لا تتعدى شهرتها منزلها أو أهلها، وقد هبطت عليها البركة بعد إسلامها وإيمانها بدعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى غدت بذلك إحدى شهيرات النساء في الإسلام .

ومع أن كتب التاريخ الإسلامي لم تذكر الكثير عن تلك الصحابية الجليلة إلا أنها كانت أنموذجاً يحتذي به في الدفاع عن الإسلام وعن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وكان لها الكثير من المواقف التي توضح بجلاء عظيم قدرها وإخلاصها في حب الإسلام وإيمانها الخالص لله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .

إنها الصحابية الجليلة أميمة بنت خلف بن أسعد الخزاعية وإحدى فضليات نساء الصحابة التي أسلمت عن يقين واقتناع بعد رؤيا رآها زوجها خالد بن سعيد بن العاص .

وتذكر كتب السيرة الكثير من المواقف للصحابية العظيمة أميمة بنت خلف بن أسعد الخزاعية، حيث إنه حينما بدأت الدعوة الإسلامية بالظهور في مكة المكرمة كانت تلك الصحابية ممن صادفت همسات الإيمان قلبها خاليا فتمكنت منه وملأ قلبها الإيمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم .

ويروى عن قصة إسلامها أن زوجها خالد بن سعيد بن العاص حدثها عن إسلامه واتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت وصدقت....وكانت أميمة بنت خلف إلى جانب زوجها ابن سعيد تتحمل الشدائد وتقهر العذاب بالتضحية وتتفوق على الحرمان بزاد الإيمان الذي لا ينفد .

رؤيا صادقة :
وتؤكد المصادر التاريخية أن لإسلام أميمة بنت خلف وزوجها قصة، حيث إن زوجها خالد بن سعيد بن العاص، رأى ذات ليلة في نومه رؤيا قادته للإسلام حيث رأى فى النوم أنه واقف على شفير النار، فذكر من سعتها ما الله به أعلم، ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها .

ويشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذاً بمنكبيه لئلا يقع، ففزع من نومه فقال : أحلف بالله ان هذه الرؤيا حق. فلقى أبا بكر رضي الله عنه .

فذكر ذلك له فقال أبو بكر :أريد بك خير، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه، فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام الذي يحول بينك وبين أن تقع فيها. وأسلم خالد وحسن إسلامه، ودعا زوجته أميمة بنت خلف بن أسعد الخزاعية إلى الإسلام فأسلمت كذلك .

وعندما علم أبو خالد بإسلام ابنه غضب بشدة وأرسل يطلبه وأنبه وبكته وضربه بمقرعة كانت في يده حتى كسرها على رأسه غير أن هذا لم يثنه عن الإسلام ودين الله وإتباع رسوله بل إن كل هذا الغضب والضرب من ابيه زاده قوة وعزيمه فكان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وعندما اشتد أذى المشركين برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته ممن دخلوا في الإسلام مبكرا قرر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقي هؤلاء الصحابة عذاب الكفار فأمرهم بالهجرة إلى أرض الحبشة حيث يوجد بها ملك عادل لا يظلم عنده أحد وكانت أميمة بنت خلف وزوجها ممن هاجروا مع صحابة رسول الله إلى الحبشة .

وهناك أنجبت أميمة لزوجها خالد ابنه سعيد بن خالد، وبعد ذلك أنجبت له ابنته أمة بنت خالد التي اشتهرت بكنيتها فيما بعد أم خالد بنت خالد .

ومكثت أميمة مع زوجها في أرض الحبشة حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري، فحملهم في سفينتين وقد فرحت أميمة بنت خلف بلقاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد غيبة طويلة.

وذكر ابن إسحاق في سيرته أن المهاجرين إلى الحبشة كانوا ثلاثة وثمانين رجلا وثماني عشرة امرأة وأكثرهم قرشيون من أشراف بطون قريش.

وكان من بينهم أميمة بنت خلف بن أسعد بن عامر الخزاعية وزوجها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.

العودة إلى المدينة :
وكان لأميمة بنت خلف بن أسعد دور كبير في نصرة الإسلام وإعلاء كلمة الحق والدين، حيث صبرت مع زوجها على تعذيب الكفار لهما، وعندما أمرهما الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة امتثلا لطلبه من أجل نشر دعوة الإسلام في شتى بقاع الأرض .

وظلت أميمة بنت خلف وزوجها خالد مع طفليهما بأرض الحبشة حتى عام فتح خيبر في السابع من الهجرة، فعادت إلى المدينة مع المهاجرين وعاشت وزوجها وطفلاهما بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان زوجها كاتبا للوحي وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميرا على بلاد اليمن.

والثابت أن أميمة بنت خلف ربت ابنها وابنتها على الإيمان والصدق، فكانت ابنتها أمة بنت خالد من الراويات لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وعاشت الابنة البارة مع أبويها أكثر من عشر سنوات فى الحبشة وكان الابن من المدافعين عن الإسلام والرافعين لراية الحق والدين.

وانتقلت أميمة بنت خلف بعد قدومها من الحبشة لتعيش في المدينة المنورة وتشاهد وتسمع وترى الأحداث المهمة في الإسلام وتسعد بأن تكون إحدى الصحابيات المؤمنات اللاتي شاهدن رسول صلى الله عليه وسلم وسمعن منه.

وعاشت أميمة بنت خلف بن أسعد مع زوجها خالد إلى زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قتل زوجها فى معركة مرج الصفر في المحرم سنة أربع عشرة، وعلمت أميمة رضي الله عنها بوفاة زوجها فصبرت واحتسبت، فكيف لا تفعل ذلك وقد قال الذي قتل خالد بعد أن أسلم :
من هذا الرجل ؟ فإني رأيت نورا ساطعا الى السماء.

وكانت أميمة بنت خلف من الصحابيات المبكرات إلى الإسلام وقد نالت شرف رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم والسماع إليه ولبثت أميمة في أرض الحبشة مع زوجها وولديهما بضعة عشرة سنة، ولم تذكر كتب التاريخ يوم وفاتها، فرضي الله عنها وادخلها فسيح جناته .


المصدر موقع واحة المرأة
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 23

تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-07-10, 20:04   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 23
صفية عمة الرسول صلى الله عليه وسلم


صفيـة بنت عبـد المطلـب بن هاشم بن عبـد مناف القرشيـة الهاشمية شقيقة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، أمهما هالة بنت وهيب بن مناف بن زهرة، نشأت في بيت عبدالمطلب أبيها سيد قريش وزعيمها بلا منازع وقائدها ورائدها، صاحب السؤدد والمجد، حكيم مكة ورأس الأمر فيها، كما اجتمعت له بالإضافة إلى كل تلك الأمجاد سقاية حجاج بيت الله الحرام، فتأثرت صفية رضي الله عنها بكل تلك العوامل ومن خلالها تكونت شخصيتها القوية النافذة، فكانت فصيحة بليغة قارئة عالمة شجاعة فارسة، تمتطي صهوة الخيل كأبرع الفرسان وتقاتل بالسيف والرمح كأمهر الشجعان، وكانت في الجاهلية زوجـة الحارث بن حـرب بن أمية، أخ أبي سفيان فمـات عنها، فتزوجها العوام بن خويـلد فولدت له الزبيـر والسائب وعبـد الكعبة، أسلمت صفيـة رضي الله عنها قديما وهاجـرت إلى المدينـة، وكانت أول مسلمة قتلت يهوديا، وكانت قد قاتلت يوم أحد .

إسلامها :
حين أشرقت مكة بنور الإسلام وتشرفت بدعوة سيد الأنام ، محمد صلى الله عليه وسلم كانت صفية رضى الله عنها من أوائل الذين آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وصدقوا برسالته واتبعوا النور الذي انزل معه.

ولقد بايع الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابيات على الإسلام وما مست يده يد امرأة منهن، وكانت عمته صفية رضي الله عنها معهن، فكان لبيعتها أثر واضح في حياتها بإيمانها بالله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم ومعروفها لزوجها، وحفاظها على نفسها، والأمانة والإخلاص في القول والعمل .

هجرتها :
هاجرت صفية رضى الله عنها إلى المدينة مع ولدها الزبير بن العوام رضي الله عنـــه إلى المدينة، أقامت هناك تعيش أهم أدوار وفصول تاريخ الإسلام، ولقد شاركت في صنعه في بعض الأحيان.

فضلها :
حفظت صفية رضى الله عنها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و اتصفت رضى الله عنها بالورع والتقوى .
ولم تكن رضي الله عنها لتنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول أيام إسلامها، لما نزل قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين )

حين قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :
" يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئت " فخصها بالذكر كما خص ابنته فاطمة رضي الله عنها أحب الناس إليه .

وحين لحق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى كانت صفية رضي الله عنها من أكثر أهله ونساء المؤمنين جزعا وحزنا عليه ولقد رثته بأبيات تفيض باللوعة والأسى.
وعاشت رضي الله عنها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم معززة مكرمة يعرف الخلفاء والصحابة رضي الله عنهم قدرها ومكانتها.

جهادها :
لم يفرض الإسلام على المرأة الجهاد كما فرضه على الرجل، ولكنه لم يمنعها من التطوع له إن كانت قد رأت في ذلك ضرورة، ولقد كانت صفية رضي الله عنها من اللواتي قد شاركن المجاهدين وشهدت واقعة يوم أحد، وكانت في طليعة النساء اللواتي خرجن لخدمة المجاهدين وتحميسهن للجهاد ومداواة الجرحى، ولما انهزم المسلمون بعد أن خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثبات سواء كان النصر أم كانت الهزيمة وانفض أكثر الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبق حوله سوى القلائل من أصحابه قامت صفية رضي الله عنها وبيدها رمح تضربه في وجوه الناس الفارين المنهزمين والأعداء والمشركين ، وتقول لهم :
( انهزمتم عن رسول الله ؟ )

فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم أشفق عليها وقال لابنها الزبير بن العوام رضى الله عنه :
" إلحقها فأرجعها لا ترى ما بشقيقها حمزة بن عبدالمطلب "
فلقيها الزبير رضي الله عنه فقال :
( يا أماه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي)

فقالت صفية رضي الله عنها :
(ولم ؟ فقد بلغني انه مُثل بأخي وذلك في الله عز وجل قليل فما أرضانا بما كان من ذلك ولأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله تعالى)
وعاد الزبير رضى الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره بذلك فقال صلى الله عليه وسلم :
" خل سبيلها "

فأتت صفية إلى حمزة فنظرت إليه وصلت عليه واسترجعت واستغفرت ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به فدفن.

سبحان الله إنه الإيمان .. انه الإسلام ويوم غزوة الخندق قامت رضي الله عنها بعبء ثقيل يدل على شجاعتها وجرأتها ودفاعها عن دين الله وحميتها للإسلام، فقد كان من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم إذا خرج من المدينة لقتال عدوه دفع نساءه وأزواجه ونساء المؤمنين إلى حصن حسان بن ثابت الأنصاري وكان من امنع حصون المدينة.

وبينما كان النسوة في قلقهن على المسلمين الذين خرجوا لملاقاة الأحزاب عند الخندق وخوفهن من اليهود الذين نقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يترقبن بحذر وخيفة ، كان رجل من اليهود يطوف بالحصن وكان من بني قريظة الغادرين الماكرين.

فرأته صفية رضى الله عنها فقالت لحسان رضى الله عنه الذي لم يخرج للقتال :
( يا حسان هذا اليهودي كما ترى يطوف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا اليهود الذين هم وراءنا وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه )
فقال حسان رضى الله عنه : ( يغفر الله لك يا بنت عبدالمطلب والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا )

فلما سمعت صفية رضي الله عنها كلام حسان رضي الله عنه ورأت تقاعسه عن نجدتهن دبت فيها الحماسة فقامت فأخذت عمودا غليظا ثم نزلت من الحصن وفتحت بابه على مهل، وتحينت فرصة غفلة اليهودي وضربته بالعمود على أم رأسه فقتلته وقطعت رأسه، وقالت لحسان رضى الله عنه :
( قم فاطرح رأسه على اليهود ، وهم في أسفل الحصن )
فقال : ( والله ما ذلك إلي )

فأخذت صفية رضى الله عنها رأسه فرمت به عليهم فقالوا : قد علمنا أن هذا لم يكن ليترك أهله خلواً ليس معهم أحد .. فتفرقوا

وفاتها:
توفيت رضي الله عنها في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة عشرين وقد بلغت من العمر ثلاث وسبعين سنة وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ودفنت في البقيع .

منقوول عم سهى درويش .
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 24

تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-07-14, 15:55   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 24
هند بنت عتبة بطلة في الجاهلية والإسلام


- إنها هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس العبشمية القرشية .

- إحدى نساء العرب اللاتي كان لهم شهر عالية قبل الإسلام وبعده، وهي أم الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.

- كانت هند ذات صفات ترفع قدرها بين النساء من العرب، ففيها فصاحة، وجرأة، وثقة، وحزم، ورأي. تقول الشعر وترسل الحكمة، وكانت امرأة لها نفس وأنفة.
زوجها أبوها من الفاكهة بن المغيرة المخزومي، فولدت له أباناً ، ثم تركته.

- وقالت لأبيها ذات يوم: إني امرأة قد ملكت أمري فلا تزوجني رجلاً حتى تعرضه علي. فقال لها: ذلك لك. ثم قال لها يوماً: إنه قد خطبك رجلان من قومك، ولست مسمياً لك واحداً منهما حتى أصفه لك، أما الأول : ففي الشرف والصميم، والحسب الكريم، تخالين به هوجاً من غفلته، وذلك إسجاح من شيمته، حسن الصحابة، حسن الإجابة، إن تابعته تابعك، وإن ملت كان معك، تقضين عليه في ماله، وتكتفين برأيك في ضعفه، وأما الآخر ففي الحسب الحسيب، والرأي الأريب، بدر أرومته، وعز عشيرته، يؤدب أهله ولا يؤدبونه، إن اتبعوه أسهل بهم، وإن جانبوه توعر بهم، شديد الغيرة، سريع الطيرة، وشديد حجاب القبة، إن جاع فغير منزور، وإن نوزع فغير مقهور، قد بينت لك حالهما.

قالت: أما الأول فسيد مضياع لكريمته، مؤات لها فيما عسى إن لم تعصم أن تلين بعد إبائها، وتضيع تحت جفائها، إن جاءت له بولد أحمقت، وإن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت. اطو ذكر هذا عني فلا تسمه لي، وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة : إني لأخلاق هذا لوامقة، وإني له لموافقة ، وإني آخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي ، وقلة تلفتي، وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته، والذائد عن كتيبتها، المحامي عن حقيقتها، الزائن لأرومتها، غير مواكل ولا زميّل عند ضعضعة الحوادث، فمن هو ؟
قال : ذاك أبو سفيان بن حرب، قالت : فزوجه ولا تلقني إليه إلقاء المتسلس السلس، ولا تمسه سوم المواطس الضرس، استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء.

- وتزوجت هند من أبي سفيان بن حرب، وكانت تحرص دوماً على محامد الفعال، كما كانت ذات طموح واسع، ففي ذات يوم رآها بعض الناس ومعها ابنها معاوية، فتوسموا فيه النبوغ، فقالوا لها عنه : إن عاش ساد قومه. فلم يعجبها هذا المديح فقالت في إباء وتطلع واسع : ثكلته إن لم يسد إلا قومه.

- ولما كانت موقعة بدر الكبرى قتل في هذه العركة والد هند وعمها شيبة، وأخوها الوليد بن عتبة، فراحت ترثيهم مر الرثاء، وفي عكاظ التقت مع الخنساء، فسألتها من تبكين يا هند فأجابت :
أبكي عميد الأبطحين كليهما................... وحاميهما من كل باغ يريدها
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي.............. وشيبة والحامي الذمار وليدها
أولئك آل المجد من آل طالب ............. وفي العز منها حين ينمى عديدها

- وفي يوم أحد كان لهند بنت عتبة دورها العسكري البارز، فقد خرجت مع المشركين من قريش، وكان يقودهم زوجها أبو سفيان، وراحت هند تحرض القرشيين على القتال، وتزعمت فئة من النساء، فرحن يضر بن الدفوف، وهي ترتجز :
نحن بنات طارق ........................................نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعانق ...................................وإن تدبروا نفـــارق

وتردد قولها:
أيها بني عبد الدار....................................ويها حماة الأدبار
ضرباً بكل بتار

- وفي هذه المعركة كانت هند بنت عتبة قد حرضت وحشي بن حرب على قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، حيث وعدته بالحرية وكان عبداً لها إن هو قتل حمزة، فكانت تؤجج في صدره نيران العدوان، وتقول له : إيه أبا دسمة، اشف واشتف.

ولما قتل وحشي حمزة رضي الله عنه جاءت هند إلى حمزة وقد فارق الحياة، فشقت بطنه ونزعت كبده، ومضغتها ثم لفظتها وعلت صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها :
نحن جزيناكم بيوم بدر..........................والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر..................... ولا أخــي وعـمــه وبكــري
شفيت نفسي وقضيت نذري...............................شفيت وحشي غليل صدري
فشكر وحشي على عمري ..............................حتى ترم أعظمي في قبري

- وبقيت هند على الشرك حتى شرح الله تعالى صدرها للإسلام يوم فتح مكة، حيث شاءت إرادة الله تعالى أن تنقلب بطلة الجاهلية إلى بطلة في ظل الإسلام، ففي عشية ليلة الفتح، فتح مكة، عاد أبو سفيان بن حرب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً وهو يصيح : يا معشر قريش ألا إني قد أسلمت فأسلموا، إن محمداً صلى الله عليه وسلم قد أتاكم بما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
فقامت إليه هند فأخذت بشاربه وهي تردد: بئس طليعة القوم أنت يا أهل مكة اقتلوا الحميت الدسم الأحمس، قبح من طليعة قوم ، فقال أبو سفيان : ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فقالوا: قاتلك الله، وما تغني عنا دارك. قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.

- وفي اليوم الثاني لفتح مكة قالت هند لزوجها أبي سفيان: إنما أريد أن أتابع محمداً فخذني إليه. فقالت لها: قد رأيتك تكرهين هذا الحديث بالأمس. فقالت: إني والله لم أر أن الله قد عبد حق عبادته في هذا المسجد إلا في هذه الليلة، والله إن باتوا إلا مصلين قياماً وركوعاً وسجوداً. فقال لها: فإنك قد فعلت ما فعلت، فاذهبي برجل من قومك معك، فذهبت إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت وبايعت.

- وتمضي الأيام، وتزداد هند المسلمة ثقافة إيمانية، حيث اشتركت في الجهاد مع زوجها أبي سفيان في غزوة اليرموك الشهيرة، وأبلت فيها بلاء حسناً، وكانت تحرض المسلمين على قتال الروم فتقول : عاجلوهم بسيوفكم يا معشر المسلمين.

- وظلت هند بقية حياتها مسلمة مؤمنة مجاهدة حتى توفيت سنة أربع عشرة للهجرة. فرضي الله عنها وأرضاها، وغفر لها ورحمها، إنه على كل شيء قدير.


صور من سير الصحابيات لعبد الحميد السحيباني ص287
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 25

تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-07-14, 16:04   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 25
مارية القبطية

نسبها :
مارية القبطية بنت شمعون، أباها قبطي وأمها مسيحية رومية.

ومارية القبطية مولاة رسول الله صلى الله علية وسلم وسريتة، أهداها له المقوقس صاحب الإسكندرية وأهدى معها أختها سيرين وخصيا يقال له مأبور وبغلة شهباء وحلة من حرير.

هدية من مصر :
لما أرسل الرسول صلى الله علية وسلم كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفاً بحكمته وبلاغته وفصاحته. فأخذ حاطب كتاب الرسول صلى الله علية وسلم إلى مصر وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به واخذ يستمع إلى كلمات حاطب فقال له: (يا هذا إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منة ).

وأعجب المقوقس بمقالة حاطب فقال لحاطب : ( إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهود فيه ولا ينهي عن مرغوب فيه ولم أجده بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر ).

أخذ المقوقس كتاب النبي صلى الله علية وسلم وختم عليه وكتب إلى النبي صلى الله علية وسلم : ( بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام عليك أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت أن نبياً بقي وكنت أظن أنه سيخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام عليك) .

إسلام مارية القبطية :
وفي طريق عودت حاطب إلى المدينة عرض على ماريه وأختها الإسلام ورغبهما فيه فأسلمت وأسلمت أختها وأقام الخصي على دينه حتى أسلم بالمدينة، وفي المدينة أختار الرسول صلى الله علية وسلم مارية لنفسه ووهب أختها سيرين لشاعرة حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه ، كانت ماريه رضي الله عنها بيضاء جميلة الطلعة وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة رضي الله عنها فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الله صلى الله علية وسلم بها وقالت عائشة رضي الله عنها : ( ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية وذلك أنها كانت جميلة جعدة أو دعجة فأعجب بها صلى الله علية وسلم وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها حتى فرغنا لها فجزعت فحولها إلى العالية وكان يختلف إليها هناك فكان ذلك أشد علينا) .

ولادة مارية لإبراهيم :
كانت عندما تخلوا بنفسها تفكر في هاجر ومصريتها وأمومتها لإسماعيل فكلتاهما جارية مصرية وكانت هاجر هبة من سارة للنبي إبراهيم علية السلام كما أن مارية هبة من المقوقس للنبي محمد صلى الله علية وسلم وقد أثارت كلتاهما غيرة الزوجات الأخريات ولكن هاجر كانت أم لولد إبراهيم علية السلام فهل تغدوا مارية أم لولد محمد صلى الله علية وسلم.

وبعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة أحست بوادر حمل مستكن فكذبت إحساسها و خيل إليها أنه وهما لشوقها الملح إلى الأمومة وتفكيرها الدائم بهاجر وإسماعيل، وكتمت مابها شهرين وهي في ريب من الأمر حتى أصبحت البوادر أوضح من أن تتهم، وأخبرت أختها سيرين فأكدت لها أن الأمر ليس وهما وإنما هو جنين حي، ففرحت وأخبرت النبي صلى الله علية وسلم وفرح لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمره وفقد أولاده ما عدا فاطمة الزهراء رضوان الله عليها وتذكر ما كان يلحظه من توعكها وهي أعراض عرفها في خديجة، وسرعان ما سرت البشرى أنحاء المدينة، وسهر عليها صلى الله علية وسلم وأختها سيرين حتى حانت ساعة الوضع في شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة ودعا صلى الله علية وسلم قابلتها سلمى زوجت أبي رافع و ولدت طفلاً جميلاً يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم فجاءته سلمى بالبشرى وأكرمها وأقبل على مارية فهنأها بولدها الذي أعتقها من الرق ثم حمل وليده وسماه إبراهيم تيمنا باسم جد الأنبياء .

وتصدق صلى الله علية وسلم على مساكين المدينة بوزن شعر الوليد، وعاش إبراهيم ابن الرسول صلى الله علية وسلم سنة وبضع شهور يحظى برعاية والده ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني وذات يوم اشتد مرضه ومات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهراً، وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة، وحزنت مارية حزناً شديداً على موت إبراهيم كما حزن عليه صلى الله علية وسلم فقال : ( إن العين لتدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) ثم نظر إلى مارية في عطف ورثاء وقال يواسيها : ( إن إبراهيم ابني وانه مات في الثدي وان له لظئرين تكملان رضاعة في الجنة )

مكانة مارية في القرآن الكريم :
لمارية رضي الله عنها شأن كبير في الآيات المباركة وفي أحداث السيرة النبوية، أنزل الله عز وجل صدر سورة التحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصنيفهم. وقد توفي الرسول صلى الله علية وسلم عنها وهو راض عن مارية، التي تشرفت بالبيت النبوي الطاهر، وعدت من أهله وكانت مارية شديدة الحرص على اكتساب مرضاة الرسول صلى الله علية وسلم كما عرفت بدينها وورعها وعبادتها.

وفاة مارية :
عاشت مارية ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في السنة السادسة عشر من محرم دعا عمر الناس وجمعهم للصلاة عليها فاجتمع عدد كبير من الصحابة من الهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مارية القبطية، وصلى عليها سيدنا عمر رضي الله عنه في البقيع ودفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي وإلى جانب ابنها إبراهيم.


إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 26
تحياتي









آخر تعديل Ali Harmal 2021-08-11 في 20:23.
رد مع اقتباس
قديم 2021-07-24, 19:09   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 26
حفصة بنت عمر بن الخطاب


- الستر الرفيع بنت أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب .

- تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء عدتها من خُنيس بن حذافة السهمي، أحد المهاجرين، في سنة ثلاث من الهجرة .

- وروي أن مولدها كان قبل المبعث بخمس سنين . فعلى هذا يكون دخول النبي صلى الله عليه وسلم بها ولها نحو من عشرين سنة .

- وكانت لمّا تأيّمت عرضها أبوها على أبي بكر فلم يجبه بشيء، وعرضها على عثمان فقال : بدا لي ألاّ أتزوج اليوم . فوجد عليهما، وانكسر، وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( يتزوج حفصة من خيرٌ من عثمان ، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة ) ثم خطبها، فزوجه عمر، وزوج رسول الله عثمان بابنته رقية بعد وفاة أختها .
- ولما أن زوجها عمر، لقيه أبو بكر فاعتذر وقال : لا تجد عليّ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد ذكر حفصة فلم أكن لأفشي سره، ولو تركها لتزوجتها .

- وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقةً، ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام له بذلك وقال : ( إنها صوّامة، قوّامة، وهي زوجتك في الجنة ) .
إسناده صالح .

- وحفصة وعائشة هما اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيهما {إن تَتُوبَا إلى الله فَقَد صَغَتْ قُلوبُكُما، وإن تَظَاهَرا عَلَيِهِ فإن الله هُو مولاه وجبريل }.. الآية (التحريم :4 ) .

- توفيت حفصة سنة إحدى وأربعين عام الجماعة .


نزهة الفضلاء 1/138-139
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 27

تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-07-27, 18:10   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 27
فاطمة بنت عبدالملك بن مروان سيدة القصور


على ضفاف نهر بردى.. حيث غوطة دمشق .. وبين أشجار اللوز والليمون ..
ولدت سيدة لم تر العين أبهى من حظها، ولا أعرق من نسبها.. حين تطل بمحياها يختبأ المجد خجلاً من أصالتها وعظيم شرفها.
تلك هي فاطمة بنت عبد الملك بن مروان.. وليدة قصر الخضراء بيت الخلافة الأموي.. سيدة منذ نعومة أظفارها..
حملت بين آثارها خطوات ثابتة لامرأة عربية أصيلة توجت عقلها بعظمة الإسلام وأخلاق العرب المثلى .. فشبت يافعة طلقة المحيا دمثة الخلق رصينة بجمالها القرشي.. فهفت نحوها قلوب الأمراء الأمويين كل يطرق بابها خاطباً وراغباً.. لكن والدها عبد الملك تاقت نفسه لأفضلهم عقلاً وأكثرهم عزاً وأنبلهم خلقاً ابن أخيه عمر بن عبد العزيز.. ولم يتردد خليفة المسلمين في أن يعرض عليه الأمر قائلاً له: قد زوجك أمير المؤمنين ببنته فاطمة..

فرد عليه عمر: وصلك الله يا أمير المؤمنين فقد أجزيت وكفيت.. لتدخل فاطمة مروج التاريخ من أبهى بساتينه كشجرة باسقة طيبة الريح وعظيمة الأثر.. فعاشت مع زوجها عيشة الرغد والحب المعطاء.. تجمع السكينة والألفة بين نفسيهما لتصنع من زواجهما نموذجاً جميلاً في التضحية لأجل الهدف النبيل.. فاجتمع لها ما لم يجتمع لنساء الأرض قاطبة من العظمة والسؤدد والجاه والزواج السعيد.

ثم توجت أقدار السماء نعيمها على سيدة بني أمية حين توفي أخوها سليمان بن عبد الملك تاركاً الأمر من بعده لعمر بن عبد العزيز.. لتصبح حفيدة لخليفة وابنة لخليفة وأختاً لأربعة خلفاء، ثم زوجة لخليفة.. غير أن هذا الأمر العظيم لم يكن لعمر بن عبدا لعزيز طمع فيه.. فقد وصلت إليه الخلافة مختالة تجر أذيالها وهو غير راغب بها ولا آبه لتيجانها.. بل تلقفها بوجل كبير وهم تخر له الجبال.. ناظراً إلى عرشها بقدر التكليف لا التعظيم.. ليعود أدراجه إلى منزله بعد سماعه النبأ وقد عرج على الجامع الأموي معتلياً منبره يخاطب الناس بصوت متحشرج باك.. يتوسل إليهم أن يعفوه من هم الخلافة! فيزداد الناس به تمسكاً وله إكباراً.. فيغادرهم على ظهر دابته رافضاً مواكب الخلافة المحلاة بأثمن الجواهر وأعظم الخيول.. تلك المواكب التي اعتاد خلفاء بني أمية ركوبها بعد اعتلائهم سدة الحكم..

ليصل إلى بيته وقد لبسه الهم والحزن.. لا يقوى على تحمل المصاب.. في وقت كانت فاطمة سعيدة بما حباها القدر من حظوة حين صارت زوجة لخليفة المسلمين فتخرج لاستقباله فرحة متزينة كعادة النساء، بأنفس اللآلئ والحلي.. وقد علت وجنتيها إمارات السعادة والابتهاج.. لتفاجأ به مهموماً يذرف الدموع ولا يقوى لسانه على وصف الحال.. فتهدئ من روعه وتسأله عما أصابه وهو اليوم خليفة للمسلمين والآمر المطاع.. فيجيبها وقد أجهش في البكاء: يا فاطمة لقد أصبت كرباً ففكرت بالفقير الجائع والمسكين الضعيف والمظلوم المقهور فعلمت أن الله عز وجل سائلي عنهم يوم القيامة.. لتخبو بهذه الكلمات شمعة الفرح التي اشتعلت في قلبها وتستيقظ على الواقع الجديد الذي فرضته أعباء الخلافة على زوجها الحبيب.. فتعي الدرس العمري الجديد لترجع بخطاها إلى عهد خلفاء الرسول عليه الصلاة والسلام حين نظروا إلى الحكم مكلفين لا محبين.. فتعلم أنها الآن لا تقف أمام ابن عمها الأمير الأموي المدلل.. بل تقف أمام حفيد عمر بن الخطاب الذي فرق الحق عن الباطل.. وأنها منذ هذه اللحظة مقبلة على حياة ربما لن ترتضيها الكثير من النساء حين تطغى الدنيا بزخرفها الفاني على نعيم الآخرة الباقي عند ضعيفات النفوس..

لكن عمر لم يترك لها المجال لكثرة التساؤلات فقد بادرها مخاطباً بما يرتضيه لنفسه من رد الضيع والهبات التي وصلته وهو أمير إلى بيت مال المسلمين.. فلم يبق مما تحت يده إلا ما كان من حر ماله .. ولم يكن ذاك سوى بيتاً متواضعاً بسيطاً.. ويعلم عمر بن عبد العزيز بأن ابنة عمه سليلة الأمجاد وليدة القصور لن تقدر على ما اختاره لنفسه من زهد الطلب وضنك الحياة ومشقة التكليف.

فيخيرها في أمرها بين عيشة البساطة كما أراد أو يسرحها إلى بيت أبيها لتعيش كما اعتادت عليه من النعيم.. وهنا يكمن الفرق بين النساء حين تشتري المرأة عظمه القرار بكل ما في الدنيا من متاع.

فتأبى فاطمة بنت عبد الملك إلا الرضا بما اختاره زوجها الحبيب تقاسمه الدنيا بكل ما فيها من حلوها ومرها لتتوج حبها في الجنة حين تصبح أجمل الحوريات وأحبهن إلى قلب زوجها..

ولم يكتف الخليفة الزاهد بذلك.. بل ينظر إلى بريق الجواهر في معصمها وقدها كأنه جمار من نار جهنم فيردها إلى بيت مال المسلمين وفاطمة راضية بذلك.. لا تحولها الأيام عن قرارها.. فحينما توفي عمر بن عبد العزيز وآلت الخلافة الأموية إلى أخيها يزيد بن عبد الملك أعاد إليها يزيد جواهرها قائلاً: هذه جواهرك التي وهبها عمر لبيت المال قد ردت لك.. فتجيبه وقد تملكها الحزن على وفاة عمر: والله لا أطيعه حياً وأعصيه ميتاً...

وجاء التحول السريع لحياة فاطمة من سيدة آمرة ناهية إلى امرأة بسيطة تغسل ثوب زوجها الأوحد الذي لا يملك سواه.. وتعجن العجين وتطهو الطعام بلا خدم ولا حشم.. راضية النفس مطمئنة البال باختيار لم يغير حياتها فحسب بل غير نظام الحكم الأموي، بزمن وجيز لم يتجاوز العامين وبضعة أشهر، وشعر به أهل الأرض قاطبة.. فقد هدأت له النفوس وعم الخير أرجاء البلاد من أقاصي الشرق عند نهر سيحون إلى أقاصي الغرب في المغرب والأندلس.. حتى أن عامل الخليفة على الصدقات ليطوف بالصدقة فلا يجد من يقبلها فلله درك يا حفيد الفاروق

حين جاءت الأعرابية تريد لقاء الخليفة فدلها الناس على بيته البسيط.. فطرقته لتفتح لها الباب امرأة امتلأت يداها بالعجين، فسألتها الأعرابية عن الخليفة عمر بن عبد العزيز، فطلبت منها المرأة أن تنتظر للحظات ريثما يأتي الخليفة.. وإذا بجانب حائط البيت رجل يصلح الجدار، وقد علقت بقع الطين بيديه وثوبه.. فنظرت الأعرابية إليه مستغربة من جلوس هذه المرأة التي تعجن العجين أمام هذا الطيان الغريب لم تتستر منه.. فبادرتها بالسؤال عن هذا الطيان ؟ وكيف تجلس أمامه دون أن تستر نفسها؟ فتجيبها ضاحكة: إنه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وأنا زوجته فاطمة..

تلك هي سيدة بني أمية التي حفرت في أعماق التاريخ بصمات واضحة لحسن الاختيار.. فكانت نبراساً يهتدي بها نساء المسلمين إلى قمة العظماء..
رحم الله فاطمة بنت عبد الملك.

نقلا عن كتب التاريخ - سهى درويش .
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 28

تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-07-27, 18:25   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 28
فاطمة بنت أسد بن هاشم أم الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه


اسمها:
فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أول امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة على قدميها .

إيمانها:
كانت فاطمة بنت أسد صُلبةَ الإيمان، لا تتزحزح عن توحيد الله المتعال، لم تركع لصنمٍ لا يقدر على استجلاب النفع لنفسه ولا الإضرار بها، ظلت مرفوعة الرأس في الامتحان الذي خسر فيه الكثيرون، لم تأكل ممّا ذُبح على الأنصاب، فآلَ ذلك إلى طهارة روحها وجسدها .

زواجها:
مرّت على فاطمة بنت أسد في أحد أيّام مكّة الحارّة لحظات حسّاسة لا تُنسى، لحظات تمرّ بها جميع الفتيات في مثل هذه المرحلة من العمر، فقد تقدّم لخطبتها شابّ مؤمن موحّد يُدعى أبو طالب شاب ينحدر من سلالة كريمة ومَحتِد أصيل .

وقيل لها بأنّ جدّه هو عبد المطّلب ومَن مِن فتيات مكّة فضلاً عن رجالها لم يَقرَع سمعها اسمُ عبد المطّلب، ومَن منهنّ لم تبلغها جلالة قدره وكرم نسبه .

عنايتها بالنبي صلى الله عليه وآله :
عُرف عنها أنّ أبا طالب لمّا أتاها بالنبي صلى الله عليه وآله بعد وفاة عبد المطّلب وقال لها : اعلمي أنّ هذا ابنُ أخي، وهو أعزّ عِندي من نَفسي ومالي، وإيّاكِ أن يتعرّض علَيه أحدٌ فيما يريد، فتبسّمت من قوله وقالت له : توصيني في وَلدي محمّد، وإنّه أحبُّ إليّ من نفسي وأولادي ففرح أبو طالب بذلك .

وبعدها اعتَنَت فاطمةُ بالنبي صلى الله عليه وآله عناية فائقة، وأولَتْه رعايتها وحبّها، وكانت تُؤثِره على أولادها في المطعم والملبس، وكانت تغسّله وتدهن شَعره وتُرجّله، وكان النبي صلى الله عليه وآله يحبّها ولا يناديها إلاّ بـ ( أمّي ) .

فعبدُ الله بنُ عبد المطّلب الصُّلب الذي أخرجه، والبطن الذي حمله آمنة بنت وهب، والحِجر الذي كفله فاطمة بنت أسد، وأمّا أهل البيت الذين آوَوه فأبو طالب .

ولقد رَعَت فاطمة بنت أسد رسول الله صلى الله عليه وآله في صِغره ورَبَّته وحَنَت عليه حُنوَّ الأم الشفيق على ولدها فجزاها الله تعالى عن حُسن صنيعها في نبيّه الكريم بأنْ حرّم عليها النار .

وفاتها:
نقل المؤرّخون أن وفاتها كانت في السنة الثالثة ـ أو الرابعة ـ من الهجرة النبويّة، ودُفنت في المدينة المنوّرة، وكان لها عند وفاتها 65 عاماً تقريباً .

منقول عن سهى درويش .
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 29

تحياتي









رد مع اقتباس
قديم 2021-08-01, 17:38   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 29
دُرة بنت أبي لهب بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم


الصحابية الهاشمية درَّة بنت أبي لهب وأمها أم جميل بنت حرب بن أمية اللذان بشرهما القرآن الكريم بالنار .

كان إسلامها وفرارها من أبيها وأمها إلى الله ورسوله مثاراً للإعجاب ولعجب، كانا أبويها يتعاونون على إلحاق، وإيذائه بكل وسيلة، فأبو لهب يمشي الضرر برسول الله صلى الله عليه وسلم ويحذر الناس منه، وعندما يسمع الناس كلامه يقولون إذا كان هذا رأي وراء النبي لذلك، ويزداد هماً وغماً عمه فيه ، فما يضرنا أن نجافيه، ويتأذى رسول الله .

وأما أمها أم جميل حمالة الحطب وهي امرأة أبي لهب فكلها مُلئت شراً حتى كان من كرهها له أن تضع الحسك والشوك في طريقه وحقداً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسية أن الله هو كافيه وناصره، وهو قادر على أن يمنع الأذى عنه .

وكان عتيبة بكل الوسائل بعد أن طلق أم كلثوم، حيث ذهب وهو أخوها يحاول أذية رسول الله وسطا عليه وشق قميصه أمام الملأ من قريش، وأبو طالب حاضر، فقال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم سلط عليه كلباً من كلابك" . فوجم لها وقال ما كان أغناك يا ابن النبي أخي عن هذه الدعوة فرجع عتبة إلى أبيه فأخبره وحزنت درة لما صنع عتيبة أخوها برسول الله صلى الله عليه وسلم وأيقنت أنه لن يفلت من العقاب .
ولم يلبث أبو لهب أن خرجوا إلى الشام الله فنـزلوا منـزلا فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم : إن هذه أرض مسبعة فقال أبو لهب لأصحابه : أغيثونا يا معشر قريش هذه الليلة فإني أخاف على ابني من دعوة محمد ، فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم وأحدقوا بعتبة ، فجاء الأسد يتشمَّمُ وجوههم حتى ضرب عتبة فقتله .
نعم وثب عليه فإذا هو فوقه فمزقه وقد كان أبوه ندبه وبكى وقال : ما قال محمد شيئا قط إلا كان.

تَبَّتْ ]وعندما نزلت سورة المسد : يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَب وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ . جن جنون أبي لهب وامرأته أم جميل ، فقالت لزوجها : إذاً ابن أخيك شاعر[ مَسَدٍ وقد هجاني ، وأنا أيضاً شاعرة وسأهجوه .

عن أسماء بنت بكر رضي الله تعالى عنهما، قالت : لما نزلت سورة تبت يدا أبي لهب أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهر، وهي تقول :
مـذمـماً عـصـيـنـا وأمره أبـيـنـا
وديـنـه قلـيـنـا .
قلينا : أي أبغضنا .

قاعد في المسجد ومعه أبو بكر رضي والنبي الله عنه فلما رآها أبو بكر، قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أقبلت وأنا أخاف أن تراك ، قال : "إنها لن تراني" وفي رواية : قال : "لا ما زال ملك بيني وبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم وَإِذَا قَرَأْتَ]يسترني حتى ذهبت" وقرأ قرآنا فاعتصم به، كما قال وقرأ : الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ . فوقفت على أبي بكر رضي الله عنه ولم تر رسول الله [ حِجَاباً مَسْتُوراً فقالت : يا أبا بكر أخبرت أن صاحبك هجاني ، فقال : لا ورب هذا البيت ما هجاك قال : فولت وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها .

ومع كل ذلك تحدت درة رضي الله عنها أسرتها وبيئتها من أجـــل الإسلام ، وأعلنت كلمة التوحيد، وأسلمت وحسن إسلامها وكانت من المهاجرات إلى المدينة .

وبعد أن دخلت درة رضي الله عنها رحاب الإسلام تقدم لخطبتها الصحابي الجليل دحية الكلبي وتم الزواج الميمون .

وكانت درة قد تزوجت في الجاهلية من الحارث بن نوفل بن عبد المطلب وقد أنجت له عقبة والوليد وأبا مسلم، وقتل عنها الحارث مشركاً في يوم بدر، هذا اليوم الذي نصر الله فيه الإسلام وأذل فيه الكفر .

أبدلها الله تعالى بالصحابي الجليل دحية، وهو من أجمل الناس طلعة، وكان جبريل علي السلام يأتي بصورته، فأي شرف أصابت درة بعد أن أسلمت .

وقويت علاقتها بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وأخذت تكثر الدخول عليها لتأخذ منها العلم والفقه في دينها .

توفيت رضي الله عنها في سنة عشرين للهجرة في خلافة عمر بن الخطاب .


إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 30
تحياتي









رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:28

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc