لماذا السعودية ؟؟

[مواطن وخلاص]

بقلم الأستاذ : عبد العالي رزاقي

هل يحق وضع اسم "ملك أو أمير أو رئيس أو زعيم" على إحدى صفحات القرآن الكريم مسبوقا بعبارة طبع تحت رعاية جلالة الملك أو سمو الأمير أو قيادة الزعيم ؟ إن طباعة القرآن على نفقة أي شخص ليست حجة على وضع اسمه فيه لأنه كتاب الله عز وجل، ووجود أي اسم فيه هو بمثابة حصانة لصاحبه أكثر مما هو عملية إشهاريه قد تعيق المواطنين في دعوتهم إلى الإصلاح إذا كان حاكما.
.
الإصلاح السياسي والسياحة الدينية
تواجه المعارضة السعودية صعوبات في الإفصاح عن آرائها بسبب إطلاق صفة "خادم الحرمين" على الملك فما بالك بطبع القرآن الكريم على نفقته مع الإشارة إلى الرعاية السامية لجلالته، والذين تجرؤا على مطالبته بالإصلاح صدرت في حقهم أحكام مثيرة للاستغراب فالطبيب سعود المختار وهو من آل البيت حكم عليه بـ30 سنة سجنا نافذا و30 سنة إقامة جبرية لأنه عقد جلسات ديوانية في حضور رئيس حزب جزائري تحدث فيها عن إصلاحات دستورية تسمح بإنشاء أحزاب وجمعيات، والأستاذ الجامعي موسى القرني فصل من الجامعة بمجرد أن أفصح عن فكره الإصلاحي وحين انتقل من المحاماة وعقد اجتماعات مع بعض الإصلاحيين عام 2006م اعتقل وحكم عليه بعد ذلك بالسجن لمدة 20 سنة سجنا نافذا و20 سنة أخرى إقامة جبرية.
إذا كانت المطالبة بالإصلاح في السعودية فلماذا قبل "الانقلابيون في مصر" بدعمها لهم؟ وما الذي سيجلبه هذا الانقلاب للسعوديين؟ يعتقد الكثير بأن ظهور "دولة دينية" في مصر قد يلحق الضرر بالسعودية لكن الحقيقة هي أن مصر هي الحارس الشمالي للسعودية واليمن هي الحارس الجنوبي لها، وقيام ثورة فيهما قد تكون لها تداعيات على الشأن السعودي خاصة وأن أطروحات التقسيم ليست مستبعدة بالمنظور الأمريكي.
تقوم السعودية على ثلاث ركائز أساسية وهي: البترول (السلطة المالية) وأل سعود (السلطة العسكرية والسياسية) وآل الشيخ (السلطة الدينية والإيديولوجية الرسمية)، يرى الكثير من الدارسين الإسلاميين بأن الوهابية هي تجديد للمذهب الحنبلي، فقد قام محمد بن عبد الوهاب لمحاربة البدع ممثلة في قبور الأولياء والزوايا من منطلق أن الإبقاء على الآثار يفتح باب انتشار البدع والضلالات وإزالتها خدمة للعقيد والتوحيد الخالص، وهو ما تنفذه حاليا السعودية فيما يتعلق بآثار الرسول محمد (ص)
إن أغلب شعوب العالم تلجأ إلى الآثار الدينية السماوية والوضعية لتدعيم اقتصادها وتسمى في بعض البلدان بالسياحة الدينية فهل يطالب المسلمون السعودية بإنشاء متحف في مكة المكرمة قبل أن يزحف الاسمنت على الآثار الإسلامية؟.

قد يقول البعض إن السعودية أنشأت متحفا بمناسبة اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية وأطلقت عليه: "السيرة النبوية: من المولد إلى الوفاة" وهو مجموعة من المجسمات التي تجسد السيرة والحقيقة التي لا تقال إن البيت الذي ولد فيه الرسول محمد (ص) تحول إلى مكتبة تمنع زيارتها في أوقات الحج أو العمرة، وأن "سقيفة بني ساعدة" قد تحولت إلى مبنى إداري؟، وحتى مكان صلح الحديبية تحول هو الآخر إلى حاجز أمني كبير معروف بـ"الشميسي" ولا توجد إشارة إلى أنه كان مكانا أثريا لعقد صلح الحديبية قبل فتح مكة.
أما معالم "الخندق" الذي بناه الرسول والصحابة في غزوة الأحزاب فقد تم تهديمها كما أن مكان "غزوة بدر" ما تزال من الممنوعات في السعودية، والجديد في عملية تهديم الآثار الإسلامية هي اختفاء تلك الأقواس التي بناها العثمانيون في الحرم المكي الشريف، وكأن السعودية تريد طمس آثار النبي (ص) دون أن تعمل على تحويلها إلى منتوج ثقافي ديني مثلما يفعل المسيحيون واليهود والبوذيون وغيرهم.

يبدو أن النظام السعودي يتجه نحو تشجيع السلفية التكفيرية بعد أن فشل في تشجيع السلفية العلمية والهدف هو توسيع الهوة بين الطائفتين السنية والشيعية دون الاهتمام بتقريب وجهتي النظر خدمة للإسلام والمسلمين.