قادة بن عمار 18 فبراير 2015
وزيرة* "آيلة للزوال*"*!
قادة بن عمار
لو احتاج الأساتذة مبررا واحدا لإقناع الرأي* العام بإضرابهم المستمر واحتجاجهم الذي* لا* يتوقف،* لقلت إن عبارة* "أساتذة آيلين للزوال*" التي* تستعملها السلطة في* الحديث عن عدد هام من الذين أفنوا حياتهم في* التعليم،* ثم قررت فجأة التخلص منهم،* يعتبر عاملا كافيا وحجة مقنعة*!!
لا* يوجد أقسى من عبارة* "آيل للزوال*" للحديث عن نهاية مشوار مهني* طويل،* مليء بالانتصارات والانكسارات،* ولتقزيم حياةٍ* لا* يختلف اثنان على أنها متعبة وغاية في* الامتهان،* والإذلال،* ففرق كبير بين أستاذ الأمس الذي* كاد أن* يكون رسولا وأستاذ اليوم الذي* بات* (ونتيجة عوامل كثيرة*).. "مهبولا*"*!!
إنهم* يريدون حاليا،* القضاء على آخر* "المهن المحترمة في* المجتمع*" وهي* التعليم*..من خلال تعبئة الناس* "إعلاميا*" بالحديث عن الأستاذ وكأنه* *"مرتزق*" لا* يبحث سوى عن مزيد من المال و"كثير من العطل*" وقليل من النتائج العلمية والإبداع في* العمل*..ولعل الإعلام* يتحمل مسؤولية كبيرة في* *"تشكيل*" هذه الصورة النمطية المخطئة،* تضاف إليه النقابات التي* باتت كالمحامي* الفاشل في* قضية ناجحة،* لكن المسؤول الأول عن هذا الوضع*.. هي* السلطة التي* يراها البعض أو* يتصور مخطئا أنها تتجسد في* وزارة التربية،* والواقع أن الأمر* يتجاوز شخص المسؤول الجالس على كرسي* هذه الأخيرة،* ليصل إلى ثقافة سلطوية ونمط حكم* يقصي* حملة العلم ورواد التربية،* ويرفع من شأن لاعبي* الكرة ويعلّي* من قيمة الجهلة*!!
ما معنى* "أستاذ آيل للزوال*" وكيف تستعملها سلطة لا ترى نفسها* "مستمرة*" و"أبدية*" وغير آيلة للزوال"؟ ثم كيف تروّج الوزيرة الحالية نورية بن* غبريط لهذا التعبير القاسي* والمبتذل،* إن كانت هي* أصلا* "آيلة للزوال*" بمناسبة التعديل الحكومي* الوشيك*!؟
يتحمل عدد من الأساتذة جزءا كبيرا من تدهور مستوى التعليم،* ليس بسبب كثرة الاحتجاجات فقط،* وإن كانت شرعية،* ومطالبها واقعية جدا،* لكن أيضا لأنهم سكتوا عن* "ذنب السلطة*" في* اعتماد سياسة* "كور واعطي* لعور*"..لم* يخرجوا للشارع دفاعا عن كرامة التعليم*..بل وافقوا على لعب الدور الذي* اختزلتهم فيه الإدارة،* وهو دور المعلم اللاهث وراء راتب شهري* أحسن وخدمات اجتماعية أكبر*.. لقد اغتالتهم هذه السياسة بموافقة من النقابات،* وتواطؤ من طرف الإعلام،* وتعبئة سلبية وسط المجتمع*.
حبذا لو قررت النقابات أن تتكتل المرة المقبلة للتعبير عن* غضبها من انهيار قيمة البكالوريا،* ومن سقوط قيمة الأستاذ في* بورصة المجتمع،* وللاحتجاج ضد إقصاء تلاميذ من ممارسة حقهم* خمس سنوات في* إعادة المسابقات،* والامتحانات بحجة أنهم* "غشاشون*" في* مجتمع منافق،* يعتبر الغش فضيلة حين* يتلاءم معه،* وينبذه حين* يريد التخلص من بعض روافده وتبعاته*!
على النقابات أن تفكر في* تغيير استراتيجيتها حتى تستعيد ثقة الأولياء،* وعلى الإعلام أن* ينصت لآهات الأساتذة بعيدا عن التربص بالزيادات في* أجورهم،* وعلى الأساتذة أن* يتطهروا من لوثة الدروس الخصوصية التي* ارتبطت بأدائهم،* وعلى الأولياء أن* يقفوا على مسافة واحدة من النقابات والوزارة الوصية،* فإن كانت هذه الأخيرة تملك الحزم،* فإن الأساتذة* يملكون* "مصير أبنائهم*" طيلة اليوم*..حينها سيكون بوسع هؤلاء جميعا أن* يواجهوا إرادة سياسية* "عاجزة*" تسعى لاغتيال مهنة التعليم وامتهان كرامة المعلم*.. سلطة تنظر لنا جميعا على أننا* "آيلون للزوال*" حتى تحافظ على أبديتها واستمرارها لمزيد من الوقت*.