صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من عمدة الاحكام - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها ..

قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها .. يعنى بجميع المتون من نظم و قصائد و نثر و كذا الكتب و شروحاتها في جميع الفنون على منهج أهل السنة و الجماعة ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من عمدة الاحكام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-01-21, 20:12   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










B18 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من عمدة الاحكام

الدَّرسُ الأَوَّلُ من / ﺑﺎﺏُ ﺻﻔﺔِ ﺻﻼﺓِ اﻟﻨﺒﻲِّ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ من عمدة الأحكام للمقدسي رحمه الله 24 من شهر ربيع الأَول 1437 .



ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ الإمامُ اﻟﺤﺎﻓﻆ، ، ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﺳﺮﻭﺭ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ - ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ

ﺗﻌﺎﻟﻰ

-:
86 - ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻗَﺎﻝَ: (ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺇﺫَا ﻛَﺒَّﺮَ

ﻓِﻲ اﻟﺼَّﻼﺓِﺳَﻜَﺖَ ﻫُﻨَﻴْﻬَﺔً ﻗَﺒْﻞَ ﺃَﻥْ ﻳَﻘْﺮَﺃَ , ﻓَﻘُﻠْﺖُ: ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ , ﺑِﺄَﺑِﻲ ﺃَﻧْﺖَ ﻭَﺃُﻣِّﻲ , ﺃَﺭَﺃَﻳْﺖَ ﺳُﻜُﻮﺗَﻚَ ﺑَﻴْﻦَ

اﻟﺘَّﻜْﺒِﻴﺮِ ﻭَاﻟْﻘِﺮَاءَﺓِ: ﻣَﺎﺗَﻘُﻮﻝُ؟ ﻗَﺎﻝَ: ﺃَﻗُﻮﻝُ: اﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺑَﺎﻋِﺪْ ﺑَﻴْﻨِﻲ ﻭَﺑَﻴْﻦَ ﺧَﻄَﺎﻳَﺎﻱَ ﻛَﻤَﺎ ﺑَﺎﻋَﺪْﺕَ ﺑَﻴْﻦَ اﻟْﻤَﺸْﺮِﻕِ

ﻭَاﻟْﻤَﻐْﺮِﺏِ. اﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﻧَﻘِّﻨِﻲ ﻣِﻦْ ﺧَﻄَﺎﻳَﺎﻱَ ﻛَﻤَﺎﻳُﻨَﻘَّﻰ اﻟﺜَّﻮْﺏُ اﻷَﺑْﻴَﺾُ ﻣِﻦْ اﻟﺪَّﻧَﺲِ. اﻟﻠَّﻬُﻢَّ اﻏْﺴِﻠْﻨِﻲ ﻣِﻦْ ﺧَﻄَﺎﻳَﺎﻱَ

ﺑِﺎﻟْﻤَﺎءِ ﻭَاﻟﺜَّﻠْﺞِ ﻭَاﻟْﺒَﺮَﺩِ) .

ﻫُﻨَﻴﻬﺔً: ﺯﻣﻨﺎً ﻳﺴﻴﺮاً.

ﺃَﺭﺃﻳﺖَ : ﺃَﺧﺒﺮْﻧﻲ .

اﻟﺪَّﻧﺲ: اﻟﻮﺳَﺦ.


****************


في هذا الحديث من الفوائد

1-حرصُ أبي هريرة رضي اللهُ عنه على العلم وقد شهِد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .

بوَّب الإمامُ البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في" كتاب العلم"

(ﺑَﺎﺏُ اﻟﺤِﺮْﺹِ ﻋَﻠَﻰ اﻟﺤَﺪِﻳﺚ)

ثُمَّ ذكَرَ حديْثَ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ﺃَﻧَّﻪُ ﻗَﺎﻝَ: ﻗِﻴﻞَ ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ ﻣَﻦْ ﺃَﺳْﻌَﺪُ اﻟﻨَّﺎﺱِ ﺑِﺸَﻔَﺎﻋَﺘِﻚَ ﻳَﻮْﻡَ اﻟﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ؟ ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ

اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «ﻟَﻘَﺪْ ﻇَﻨَﻨْﺖُ ﻳَﺎ ﺃَﺑَﺎ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ﺃَﻥْ ﻻَ ﻳَﺴْﺄَﻟُﻨِﻲ ﻋَﻦْ ﻫَﺬَا اﻟﺤَﺪِﻳﺚِ ﺃَﺣَﺪٌ ﺃَﻭَّﻝُ ﻣِﻨْﻚَ ﻟِﻤَﺎ ﺭَﺃَﻳْﺖُ ﻣِﻦْ ﺣِﺮْﺻِﻚَ ﻋَﻠَﻰ

اﻟﺤَﺪِﻳﺚِ ﺃَﺳْﻌَﺪُاﻟﻨَّﺎﺱِ ﺑِﺸَﻔَﺎﻋَﺘِﻲ ﻳَﻮْﻡَ اﻟﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ، ﻣَﻦْ ﻗَﺎﻝَ ﻻَ ﺇِﻟَﻪَ ﺇِﻻَّ اﻟﻠَّﻪُ، ﺧَﺎﻟِﺼًﺎ ﻣِﻦْ ﻗَﻠْﺒِﻪِ، ﺃَﻭْ ﻧَﻔْﺴِﻪِ» .

والسائلُ هو أبوهريرة ففي روايةٍ أخرى عند البخاري(6570) : قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ..بدل قيل .

وكان أبوهريرةَ حافظا كبيرا وهذا من ثمار الحرص على العلم .

وقد أخرجَ مسلِمٌ (2664) ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ، ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «اﻟْﻤُﺆْﻣِﻦُ اﻟْﻘَﻮِﻱُّ، ﺧَﻴْﺮٌ

ﻭَﺃَﺣَﺐُّ ﺇِﻟَﻰاﻟﻠﻪِ ﻣِﻦَ اﻟْﻤُﺆْﻣِﻦِ اﻟﻀَّﻌِﻴﻒِ، ﻭَﻓِﻲ ﻛُﻞٍّ ﺧَﻴْﺮٌ اﺣْﺮِﺹْ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﻳَﻨْﻔَﻌُﻚَ، ﻭَاﺳْﺘَﻌِﻦْ ﺑِﺎﻟﻠﻪِ ﻭَﻻَ ﺗَﻌْﺠَﺰْ، ﻭَﺇِﻥْ ﺃَﺻَﺎﺑَﻚَ


ﺷَﻲْءٌ، ﻓَﻼَ ﺗَﻘُﻞْ ﻟَﻮْﺃَﻧِّﻲ ﻓَﻌَﻠْﺖُ ﻛَﺎﻥَ ﻛَﺬَا ﻭَﻛَﺬَا، ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﻗُﻞْ ﻗَﺪَﺭُ اﻟﻠﻪِ ﻭَﻣَﺎ ﺷَﺎءَ ﻓَﻌَﻞَ، ﻓَﺈِﻥَّ ﻟَﻮْ ﺗَﻔْﺘَﺢُ ﻋَﻤَﻞَ اﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥِ) .

ومن أعظم ما ينفع ، العلم النافع ،الذي يفتح للإنسان أبوابَ الخير ، ويهديه إلى طريقِ الحقِّ ، ويُضيءُ له

في سيره واتِّجاهِهُ ، ويُوْصِلُهُ إلى الجنة .

وهذا من آداب الطالب أنْ يكونَ عنده نهمةٌ في العلم وحرص عليه .

وقد ثبت من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم

(منهومان لايشبعان منهوم في علم لايشبع ومنهوم في دنيا لايشبع ) .

النَّهْمَةُ: بُلُوغُ الهِمَّة فِي الشَّيْءِ كما في النهاية .

ومن ثمار الحرص على العلم أيضًا : النبوغُ في العلم والتفوُّق في العلم إذا صدق وأخلص في طلبه للعلم .

2-شرعية تكبيرة الإحرام .

وتكبيرةالإحرام ركنٌ لاتصح الصلاة إلا بها .

لحديث المسيء صلاتَه عندَ البخاري (757) ومسلم (397) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ وَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ

تُصَلِّ» ، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ،

فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثَلاَثًا، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ

اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا،

ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» .

وكلُّ ما ذُكِرَ في حديث المسيء صلاته أركان .

ولما رواه أبوداود (857) من حديث رفاعة رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنَ

النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، فَيَضَعَ الْوُضُوءَ - يَعْنِي مَوَاضِعَهُ - ثُمَّ يُكَبِّرُ الحديث .

وروى الترمذي في سننه ﻋَﻦْ ﻋَﻠِﻲٍّ، ﻋَﻦِ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ، ﻗَﺎﻝَ: «ﻣِﻔْﺘَﺎﺡُ اﻟﺼَّﻼَﺓِ اﻟﻄُّﻬُﻮﺭُ، ﻭَﺗَﺤْﺮِﻳﻤُﻬَﺎ

اﻟﺘَّﻜْﺒِﻴﺮُ،ﻭَﺗَﺤْﻠِﻴﻠُﻬَﺎ اﻟﺘَّﺴْﻠِﻴﻢ» . والحديثُ له طُرُق .

فلاتنعقد الصلاةُ فريضةً أو نافلةً إلا بتكبيرة الإِحرام .

وعلى هذا من دخل مع الإمام وقد فاته شيءٌ منها يكبر تكبيرة الإحرام ولايتركها .


فائدة : جملة عدد تكبيرات الصلوات الخمس 94 تكبيرة ، في الثنائية 11 تكبيرة وفي الثلاثية 17
تكبيرة وفي الرباعية 22 تكبيرة .

3-السكوت بعد تكبيرة الإحرام لقراة دعاء الاستفتاح .

وسميت سكْتَةً ، مع أنه يقول دعاء الاستفتاح؛ لأنه لا يسمع أحدٌ كلامه؛ فهو كالساكت .

«المجموع شرحُ المهذِّب » (3/350).

والسكوتُ في هذا الموضِعِ مستحب وعليه الجمهور .

وذهبَ مالك بن أنس رحمه الله إلى أنه لايشرع دعاءالاستفتاح ولا الاستعاذة ولاالبسملة بعد تكبيرة الإِحرام

وإنما يقرأسورةَ الفاتحة وذلك لما رواه البُخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَاللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِ {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] " .

وفي روايةٍ لمسلم (399/52)، ﻻَ ﻳَﺬْﻛُﺮُﻭﻥَ {ﺑِﺴْﻢِ اﻟﻠﻪِ اﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ اﻟﺮَّﺣِﻴﻢِ} [اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ: 1] ﻓِﻲ ﺃَﻭَّﻝِ ﻗِﺮَاءَﺓٍ ﻭَﻻَ ﻓِﻲ

ﺁﺧِﺮِﻫَﺎ» .
قال الحافظ في بلوغ المرام 280 عن حديث أنس : وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ , وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ: - لَا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اَللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
وَفِي أُخْرَى لِابْنِ خُزَيْمَةَ: - كَانُوا يُسِرُّونَ .
وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ اَلنَّفْيُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ , خِلَافًا لِمَنْ أَعَلَّهَا اهـ .

فالحديث الذي استدَّل به الإمامُ مالِك فيه نفي الجهر ولاينفِي الإسرار والأحاديثُ والروايات يُفَسِّرُ بعضُها بعْضَا .

وهذا أَحدُ المواضع التي يسكت فيها المصلي ،السكوت بعد تكبيرة الإحرام .

وعند أبي حنيفة إلى أنه ليس في الصلاة إلا سكوت واحد للاستفتاح؛ لحديث أبي هريرة في الباب .


وقد ذكِرَ في كتُبِ الفقه أربعُ سكتات .

1- بعد تكبيرَة الإحرام .

2-السكوت بعد {وَلَا الضَّالِّينَ} سكته لطِيْفَةٌ أي يسيرة من أجل أن يفصل بين الفاتحة والتأمين .

3-السكوت بعد التأمين ليقرأ المأمومُ الفاتحة وهذا ليس عليه دليل يثبت .

وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لايستحب أن يسكت وذلك لأنه عند جمهور العلماء أن المأموم في الصلاة

الجهرية لا يَقرَأُ الفاتحةَ .

والصحيحُ أن المأمومَ يقرأُها في السرية والجهرية ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم قال ﻷصحابه :

(لعلكم تقرأون خلف أئمتكم قالوا نعم قال فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ) .

ولعمومات اﻷدلة كحديث ﻋُﺒَﺎﺩَﺓَ ﺑْﻦِ اﻟﺼَّﺎﻣِﺖِ في الصحيحين:« ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ - ﻗَﺎﻝَ:

«ﻻَ ﺻَﻼَﺓَ ﻟِﻤَﻦْ ﻟَﻢْ ﻳَﻘْﺮَﺃْ ﺑِﻔَﺎﺗِﺤَﺔِ اﻟﻜِﺘَﺎﺏ» .


أما قوله تعالى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}

[الأعراف : 204]

فاﻵية عامَّة مخصوصة بفاتحة الكتاب -يعني إذا سمعنا القرآن نستمع له إلَّافاتحةَ الكتاب لأنها تخصُّ العموم .

وصرَّح شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (22/338) : أن السكوت بعد آمين سكتة طويلة تتسع لقراءة

الفاتحة بدعة؛لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لو كان يسكت كذلك لكان هذا مما تتوفر الهمم

والدواعي على نقله، فلما لم ينقلهذا أحد عُلم على أنه لم يكن .

وقال ابنُ القيم رحمه الله في (كتابِ الصلاة ) وبالجملة فلم يُنقل عنه صلى الله عليه وسلم بإسنادٍ صحيح ولا

ضعيف أنهكان يسكت بعد قراءة الفاتحة حتى يقرأَها مَن خلفه, وليس في سكوته في هذا المحل إلا هذا الحديث

المختلف فيه كمارأيت –يشير إلى حديث سمرة الآتي بيانه - , ولو كان يسكت هنا سكتة طويلة يدرك فيها

قراءة الفاتحة لما اختفى ذلك على الصحابة ولكان معرفتهم به ونقلهم أهم من سكتة الافتتاح . اهـ

4-السكوت عقب القراءة قبل الركوع قال ابنُ القيم رحمه الله في زاد المعاد (1/ 201) عن هذه

السكتةِ :
لَطِيفَةٌ جِدًّا لِأَجْلِ تَرَادِّ النَّفَسِ، وَلَمْ يَكُنْ يَصِلُ الْقِرَاءَةَ بِالرُّكُوعِ بِخِلَافِ السَّكْتَةِ الْأُولَى .

وذكر أيضاً : أنها لِلرَّاحَةِ وَالنَّفَسِ فَقَطْ وَهِيَ سَكْتَةٌ لَطِيفَةٌ، فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فَلِقِصَرِهَا، وَمَنِ اعْتَبَرَهَا جَعَلَهَا سَكْتَةً ثَالِثَةً .اهـ

وفيه حديثٌ رواهُ أبوداود (777) عن سمُرَةَ رضي اللهُ عنه «حَفِظْتُ سَكْتَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ- أي عَنِ

النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سَكْتَةً إِذَاكَبَّرَ الْإِمَامُ حَتَّى يَقْرَأَ، وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ،

وَسُورَةٍ عِنْدَ الرُّكُوعِ» .

وهذاحديث منقطع؛ الراوي عن سمرة الحسن البصري. وهولم يسمع من سمرة سوى حديث العقيقة .

وأخرجه أبوداود في سننه (779) من طريق الْحَسَنِ، أَنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، وَعِمْرَانَ بْنَ

حُصَيْنٍ، تَذَاكَرَا فَحَدَّثَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، أَنَّهُ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

سَكْتَتَيْنِ: سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ، وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
[الفاتحة: 7] "، فَحَفِظَ ذَلِكَ سَمُرَةُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَكَتَبَا فِي ذَلِكَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَكَانَ فِي كِتَابِهِ إِلَيْهِمَا أَوْ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِمَا: أَنَّ سَمُرَةَ قَدْ حَفِظَ .

وهذه الروايةُ تختلف عن التي قبلها في جعل السكتة الثانية بعد قراءة الفاتحة .

والحسن مدلِّسٌ وقد عنعن فهو حديث ضعيف السند .

وقد ذهب إلى أن في الصلاة سكتتين فقط : سكتة الاستفتاح، والسكوت عند الفراغ من القراءة للاستراحة، والفصل بينها وبين

الركوع جماعة من العلماء . وهو اختيار شيخ الإسلام.


ينظر:«السلسلةالضعيفة»تحت رقم(547)،و«تمام المنة»(ص187)،و«المجموع»(3/324).

4-وفي حديث أبي هريرة في الباب النَّصُّ على نوعٍ من أدعيةِ الاستفتاح .

وحديث أبي هريرة أصح ماجاء في أدعية الاستفتاح .

ومن أدعية الاستفتاح ما رواه البُخاري (6317) بَابُ الدُّعَاءِ إِذَا انْتَبَهَ بِاللَّيْلِ ومسلم (769)عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ، قَالَ: " اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ

الحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ
حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ،
وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ
إِلَّا أَنْتَ، أَوْ: لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ " .
واختُلِفَ في موضعِ قراءة هذا الدَّعاءِ ،وتبويبُ البُخاري هنا يدل على أنه من أدعيةِ الاستيقاظِ من النوم .
ولكن قال الإمامُ ابنُ خزيمة رحمه الله في صحيحه( 2/ 184) : بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا
كَانَ يَحْمَدُ بِهَذَا التَّحْمِيدِ وَيَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِافْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ لَا قَبْلُ .
ثم ذكر الحديث بإسناده من طريق عِمْرَانَ وَهُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ قَالَ بَعْدَمَا يُكَبِّرُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الحديث .

وهذا إسنادٌ حسن .

قيس بن سعد هو المكي ترجمته في تهذيب الكمال بروايته عن طاوس وعنه عمران بن مسلم القصير ثقة

عمران بن مسلم : القصير قال الحافظ في تقريب التهذيب : صدوق ربما وهِم .

ومن أدعية الاستفتاح مارواه الإمام مسلم (771) ﻋَﻦْ ﻋَﻠِﻲِّ ﺑْﻦِ ﺃَﺑِﻲ ﻃَﺎﻟِﺐٍ، ﻋَﻦْ ﺭَﺳُﻮﻝِ اﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ، ﺃَﻧَّﻪُ ﻛَﺎﻥَ
ﺇِﺫَا ﻗَﺎﻡَ ﺇِﻟَﻰ اﻟﺼَّﻼَﺓِ، ﻗَﺎﻝَ: «ﻭَﺟَّﻬْﺖُ ﻭَﺟْﻬِﻲَ ﻟِﻠَّﺬِﻱ ﻓَﻄَﺮَ اﻟﺴَّﻤَﺎﻭَاﺕِ ﻭَاﻷَْﺭْﺽَ ﺣَﻨِﻴﻔًﺎ، ﻭَﻣَﺎ ﺃَﻧَﺎ ﻣِﻦَ اﻟْﻤُﺸْﺮِﻛِﻴﻦَ، ﺇِﻥَّ ﺻَﻼَﺗِﻲ،
ﻭَﻧُﺴُﻜِﻲ، ﻭَﻣَﺤْﻴَﺎﻱَ، ﻭَﻣَﻤَﺎﺗِﻲ ﻟِﻠَّﻪِ ﺭَﺏِّ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﻴﻦَ، ﻻَ ﺷَﺮِﻳﻚَ ﻟَﻪُ، ﻭَﺑِﺬَﻟِﻚَ ﺃُﻣِﺮْﺕُ ﻭَﺃَﻧَﺎ ﻣِﻦَ اﻟْﻤُﺴْﻠِﻤِﻴﻦَ، اﻟﻠﻬُﻢَّ ﺃَﻧْﺖَ اﻟْﻤَﻠِﻚُ ﻻَ ﺇِﻟَﻪَ ﺇِﻻَّ ﺃَﻧْﺖَ
ﺃَﻧْﺖَ ﺭَﺑِّﻲ، ﻭَﺃَﻧَﺎ ﻋَﺒْﺪُﻙَ، ﻇَﻠَﻤْﺖُ ﻧَﻔْﺴِﻲ، ﻭَاﻋْﺘَﺮَﻓْﺖُ ﺑِﺬَﻧْﺒِﻲ، ﻓَﺎﻏْﻔِﺮْ ﻟِﻲ ﺫُﻧُﻮﺑِﻲ ﺟَﻤِﻴﻌًﺎ، ﺇِﻧَّﻪُ ﻻَ ﻳَﻐْﻔِﺮُ اﻟﺬُّﻧُﻮﺏَ ﺇِﻻَّ ﺃَﻧْﺖَ، ﻭَاﻫْﺪِﻧِﻲ
ﻷَِﺣْﺴَﻦِ اﻷَْﺧْﻼَﻕِ ﻻَ ﻳَﻬْﺪِﻱ ﻷَِﺣْﺴَﻨِﻬَﺎ ﺇِﻻَّ ﺃَﻧْﺖَ، ﻭَاﺻْﺮِﻑْ ﻋَﻨِّﻲ ﺳَﻴِّﺌَﻬَﺎ ﻻَ ﻳَﺼْﺮِﻑُ ﻋَﻨِّﻲ ﺳَﻴِّﺌَﻬَﺎ ﺇِﻻَّ ﺃَﻧْﺖَ، ﻟَﺒَّﻴْﻚَ ﻭَﺳَﻌْﺪَﻳْﻚَ ﻭَاﻟْﺨَﻴْﺮُ ﻛُﻠُّﻪُ
ﻓِﻲ ﻳَﺪَﻳْﻚَ، ﻭَاﻟﺸَّﺮُّ ﻟَﻴْﺲَ ﺇِﻟَﻴْﻚَ، ﺃَﻧَﺎ ﺑِﻚَ ﻭَﺇِﻟَﻴْﻚَ، ﺗَﺒَﺎﺭَﻛْﺖَ ﻭَﺗَﻌَﺎﻟَﻴْﺖَ، ﺃَﺳْﺘَﻐْﻔِﺮُﻙَ ﻭَﺃَﺗُﻮﺏُ ﺇِﻟَﻴْﻚَ» .

وجاء عن عمر موقوفا عليه أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه(1/ 208) موقوفاً من طرق منها : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي
وَائِلٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ . وهذا إسنادٌ صحيح .

وأثر عمر قد أخرجه مسلم (399) موقوفاً من طريق الأوزاعي عن عَبْدَةَ وهو ابن أبي لبابة، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ يَقُولُ: «سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» .

لكنه منقطع .قال النووي في شرح صحيح مسلم تحت الرقم المذكور : قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ هَكَذَا وَقَعَ عَنْ عَبْدَةَ أَنَّ عُمَرَ وَهُوَ مرسل يعني أن عبدة وهو ابن أَبِي لُبَابَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ

عُمَرَ ثم ذكر أن الإمام مسلماً إنما أورده عرضاً و المقصود غيره قال :وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ .

وقال الحافظ في التلخيص الحبير (1/414) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مَظِنَّتِهِ اسْتِطْرَادًا وَفِي إسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ .اهـ

وجاء مرفوعاً عن عمر ذكره الدارقطني في العلل (2/142) وذكر أنه يَرْوِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي غُنَيَّةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

السَّبِيعِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَخَالَفَهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، رَوَاهُ عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ، قَوْلُهُ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
وقال ابن رجب في فتح الباري (4/346) وقد روي فِي ذَلِكَ أحاديث مرفوعة من وجوه متعددة، أجودها: من حَدِيْث أَبِي سَعِيد وعائشة. قَالَ الإمام أحمد: نذهب فِيهِ إلى حَدِيْث عُمَر ، وقد روي فِيهِ من وجوه ليست بذاك - فذكر حَدِيْث عَائِشَة وأبي هُرَيْرَةَ . فصرح بأن الأحاديث المرفوعة ليست قوية، وأن الاعتماد عَلَى الموقوف عَن الصَّحَابَة؛ لصحة مَا روي عَن عُمَر اهـ .
وهذا ما استفدناه من والدي رحمه الله تضعيف المرفوع .

وأكثر أهل العلم على العمل بحديث سبحانك اللهم وبحمدك ... قال الترمذي في سننه

(242) وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَغَيْرِهِمْ .

وذهب طائفة إلى الاستفتاح بقول: ((وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً)) - الآيات،وما بعده من الدعاء. وممن ذهب إلى الاستفتاح بهذا: الشَّافِعِيّ وأصحابه وإسحاق - فِي رِوَايَة. وظاهر كلام الشَّافِعِيّ وبعض أصحابه: أَنَّهُ يستفتح بِهِ كله الإمام وغيره.
وَقَالَ كثير من أصحابه: يقتصر الإمام عَلَى قوله: (وأنا من المُسْلِمِين) .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي اسحق الْمَرْوَزِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيَّ ذَلِكَ قَالَ أَجْزَأَهُ وَأَنَا إلَى حَدِيثِ وَجَّهْتُ وَجْهِي أَمِيلُ .
يراجع فتح ابن رجب والمجموع للنووي .
والخلاف عندهم إنما هو على وجه الأفضلية قال ابن رجب في فتح الباري (4/346 ) وكل هَذَا عَلَى وجه الاستحباب، فلو لَمْ يستفتح الصلاة بذكر، بل بدأ بالقراءة صحت صلاته، ولو استفتح بشيء مِمَّا ورد حصلت بِهِ سَنَة الاستفتاح عِنْدَ الإمام أحمد وغيره من العلماء، ولو كَانَ الأفضل عِنْدَ بعضهم غيره . اهـ

وَعَامّة أدعيَةِ الاستفتاح فِي قِيَامِ اللَّيْلِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَحْمَد كما في مجموع الفتاوى (22/347) .

قال الشيخُ الألباني رحمه الله في أصل صفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (1/ 265 ) : ولا ينفي ذلك مشروعيتها في الفرائض أيضاً كما لا يخفى؛ إلا
الإمام؛ كي لا يطيلَ على المؤتمين . اهـ

ولايشرع جمع أكثر من دعاء من أدعية الاستفتاح ﻷنه لم يأتِ دليلٌ في هذا ولكن هذا من تنوِّعِ العبادات فيُنوِّع المصلي تارة يقرأُ بهذا وتارةً بهذا ، حتى إنه في
صلاة الليلة الواحدة في القيام ممكن يُنَوٍّع وتنوع العبادات يعين على استحضار الذهن.


5-أنَّ دعاءَ الاستفتاح يُقرَاُ سرَّا .

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (22/275) : لَا نِزَاعَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ:
أنَّ النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْهَرْ بِالِاسْتِفْتَاحِ وَلَا بِالِاسْتِعَاذَةِ . اهـ

وما جاء أن عمرَ رضي الله عنه كان يجهرُ بدعاء الاستفتاح فهذا للتَّعليم .

6- الحديث عامٌ في الفريضة والنافلة وهو صريح في الصلاةِ المكتوبة .

7- الرد على من يقول إن الإمام لايخص نفسه بالدعاء ﻷنه في هذا الدعاء يقول

(اﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺑَﺎﻋِﺪْ ﺑَﻴْﻨِﻲ ﻭَﺑَﻴْﻦَ ﺧَﻄَﺎﻳَﺎﻱَ )

ما قال باعد بيننا وبين خطايانا أتى بلفظ الإفراد وهكذا ما بعدهُ .

ومن ذلك دعاءُ الاستفتاح عن علي بن أبي طالب وقد تقدم .


وأخرج البخاري (832) ومسلم (589) عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي
الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا، وَفِتْنَةِ المَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ
وَالمَغْرَمِ " فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ، حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ» .
وأخرج مسلم (477)عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: "
رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ
عَبْدٌ: اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ " .

وأخرجَ ابنُ ماجةَ ﻋَﻦْ ﺣُﺬَﻳْﻔَﺔَ، ﺃَﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻛَﺎﻥَ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﺑَﻴْﻦَ اﻟﺴَّﺠْﺪَﺗَﻴْﻦِ: «ﺭَﺏِّ اﻏْﻔِﺮْ ﻟِﻲ، ﺭَﺏِّ اﻏْﻔِﺮْ ﻟِﻲ» .

فهذه الأدعية فيها تخصيص الإمام نفسه بالدُّعاء .

وهناك حديث يعارضُ جواز تخصيص الإمامِ نفسه بالدعاء .

أخرج أبوداود في سننه (90) من طريق ابنِ عَيَّاشٍ وهو إسماعيلُ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ
الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ، عَنْ ثَوْبَانَﻋَﻦْ ﺛَﻮْﺑَﺎﻥَ، ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «ﻻَ ﻳَﺆُﻡُّ ﻋَﺒْﺪٌ ﻓَﻴَﺨُﺺَّ
ﻧَﻔْﺴَﻪُ ﺑِﺪَﻋْﻮَﺓٍ ﺩُﻭﻧَﻬُﻢْ، ﻓَﺈِﻥْ ﻓَﻌَﻞَ ﻓَﻘَﺪْ ﺧَﺎﻧَﻬُﻢ » .
ابْنُ عَيَّاشٍ هو إسماعيل بن عياش أحاديثه مستقيمة عن الشاميين .
حَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ : الحمصي ثقة .
حِمْص :من الشام .
أبوحي : شداد ابن حي صدوق .
فالحديث ظاهره الحجيَّة .

ولكنه مخالف للأدلَّة الثابتة في دعاء الإمامِ لنفسه وحده .

وقد ضعفَّ الحديثَ ابنُ خزيمة في صحيحه (2/ 63) وقال : بَابُ الرُّخْصَةِ فِي خُصُوصِيَّةِ الْإِمَامِ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ
الْمَأْمُومِينَ خِلَافَ الْخَبَرِ غَيْرِ الثَّابِتِ الْمَرْوِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَدْ خَانَهُمْ إِذَا خَصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ .

وقال شيخ الإسلام : وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا صَرِيحًا مُعَارِضًا لِلْأَحَادِيثِ الْمُسْتَفِيضَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَلِعَمَلِ الْأُمَّةِ وَالْأَئِمَّةِ
لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ فَكَيْفَ وَلَيْسَ مِنْ الصَّحِيحِ اهـ المرادُ .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في تمامِ المنَّة 279 .. الصواب أن هذه الزيادةَ لا تصح بل هي منكرة لمخالفتها
لأدعية النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يدعو بها في الصلاة وهو إمامُهم .اهـ

وقد تكلم على المسألة شيخ الإسلام في فتاواه (23/ 118) وقال بعد أن ذكرَ جُملة من الأدلة التي تقدَّم بعضها :

هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَدْعُو فِي هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ .

وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ حَيْثُ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَشْرَعُ مِثْلُ هَذِهِ الْأَدْعِيَةِ .
وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ إنْ صَحَّ فَالْمُرَادُ بِهِ الدُّعَاءُ الَّذِي يُؤَمِّنُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ: كَدُعَاءِ الْقُنُوتِ فَإِنَّ
الْمَأْمُومَ إذَا أَمَّنَ كَانَ دَاعِيًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى وَهَارُونَ: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَدْعُو وَالْآخَرُ يُؤَمِّنُ .
وَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مُؤَمِّنًا عَلَى دُعَاءِ الْإِمَامِ فَيَدْعُو بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَمَا فِي دُعَاءِ الْفَاتِحَةِ فِي قَوْلِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}

فَإِنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا أَمَّنَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَدْعُو لَهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ خَانَ الْإِمَامُ الْمَأْمُومَ .

وقال : وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا صَرِيحًا مُعَارِضًا لِلْأَحَادِيثِ الْمُسْتَفِيضَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَلِعَمَلِ الْأُمَّةِ وَالْأَئِمَّةِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ

فَكَيْفَ وَلَيْسَ مِنْ الصَّحِيحِ اهـ المرادُ .

8- جوازُ التفدية بأبي أنتَ وأمي .

وقد بَوَّب الإمامُ البخاريُّ رحمه الله في صحيحه .

(ﺑَﺎﺏُ ﻗَﻮْﻝِ اﻟﺮَّﺟُﻞِ:ﻓَﺪَاﻙَ ﺃَﺑِﻲ ﻭَﺃُﻣِّﻲ)

ثم ذكر حديث ﻋَﻠِﻲٍَّ بن أبي طالب ﺭَﺿِﻲَ اﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻨْﻪُ برقم (6184) وهو عند مسلم (2411) ﻗَﺎﻝَ: ﻣَﺎ ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ
ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻳُﻔَﺪِّﻱ ﺃَﺣَﺪًا ﻏَﻴْﺮَ ﺳَﻌْﺪٍ، ﺳَﻤِﻌْﺘُﻪُ ﻳَﻘُﻮﻝُ: «اﺭْﻡِ ﻓَﺪَاﻙَ ﺃَﺑِﻲ ﻭَﺃُﻣِّﻲ» ﺃَﻇُﻨُّﻪُ ﻳَﻮْﻡَ ﺃُﺣُﺪٍ » .

وحديث ﺃَﻧَﺲِ ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ: ﺃَﻧَّﻪُ ﺃَﻗْﺒَﻞَ ﻫُﻮَ ﻭَﺃَﺑُﻮ ﻃَﻠْﺤَﺔَ ﻣَﻊَ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ، ﻭَﻣَﻊَ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺻَﻔِﻴَّﺔُ،
ﻣُﺮْﺩِﻓُﻬَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﺭَاﺣِﻠَﺘِﻪِ، ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﻛَﺎﻧُﻮا ﺑِﺒَﻌْﺾِ اﻟﻄَّﺮِﻳﻖِ ﻋَﺜَﺮَﺕِ اﻟﻨَّﺎﻗَﺔُ، ﻓَﺼُﺮِﻉَ اﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻭَاﻟﻤَﺮْﺃَﺓُ، ﻭَﺃَﻥَّ ﺃَﺑَﺎ ﻃَﻠْﺤَﺔَ
- قال أي راوي الحديث : أحسبُ -اﻗْﺘَﺤَﻢَ ﻋَﻦْ ﺑَﻌِﻴﺮِﻩِ، ﻓَﺄَﺗَﻰ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻓَﻘَﺎﻝَ: ﻳَﺎ ﻧَﺒِﻲَّ اﻟﻠَّﻪِ ﺟَﻌَﻠَﻨِﻲ اﻟﻠَّﻪُ
ﻓِﺪَاﻙَ، ﻫَﻞْ ﺃَﺻَﺎﺑَﻚَ ﻣِﻦْ ﺷَﻲْءٍ؟ ﻗَﺎﻝَ: «ﻻَ، ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﻋَﻠَﻴْﻚَ ﺑِﺎﻟْﻤَﺮْﺃَﺓِ» ﻓَﺄَﻟْﻘَﻰ ﺃَﺑُﻮ ﻃَﻠْﺤَﺔَ ﺛَﻮْﺑَﻪُ ﻋَﻠَﻰ ﻭَﺟْﻬِﻪِ ﻓَﻘَﺼَﺪَ ﻗَﺼْﺪَﻫَﺎ، ﻓَﺄَﻟْﻘَﻰ ﺛَﻮْﺑَﻪُ
ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ، ﻓَﻘَﺎﻣَﺖِ اﻟﻤَﺮْﺃَﺓُ، ﻓَﺸَﺪَّ ﻟَﻬُﻤَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﺭَاﺣِﻠَﺘِﻬِﻤَﺎ ﻓَﺮَﻛِﺒَﺎ، ﻓَﺴَﺎﺭُﻭا ﺣَﺘَّﻰ ﺇِﺫَا ﻛَﺎﻧُﻮا ﺑِﻈَﻬْﺮِ اﻟﻤَﺪِﻳﻨَﺔِ - ﺃَﻭْ ﻗَﺎﻝَ: ﺃَﺷْﺮَﻓُﻮا ﻋَﻠَﻰ اﻟﻤَﺪِﻳﻨَﺔِ –
ﻗَﺎﻝَ اﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «ﺁﻳِﺒُﻮﻥَ ﺗَﺎﺋِﺒُﻮﻥَ ﻋَﺎﺑِﺪُﻭﻥَ، ﻟِﺮَﺑِّﻨَﺎ ﺣَﺎﻣِﺪُﻭﻥَ» ﻓَﻠَﻢْ ﻳَﺰَﻝْ ﻳَﻘُﻮﻟُﻬَﺎ ﺣَﺘَّﻰ ﺩَﺧَﻞَ اﻟﻤَﺪِﻳﻨَﺔَ » .

قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم شرح حديث علي : فِيهِ جَوَازُ التَّفْدِيَةِ بِالْأَبَوَيْنِ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ

وَكَرِهَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .

وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ فِي التَّفْدِيَةِ بِالْمُسْلِمِ مِنْ أَبَوَيْهِ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقِيقَةُ فِدَاءٍ وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ وَأَلْطَافٌ

وَإِعْلَامٌ بِمَحَبَّتِهِ لَهُ وَمَنْزِلَتِهِ وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالتَّفْدِيَةِ مُطْلَقًا. اهـ

9- جوازُ الطهارة بالثلج والبرد .وقد قال تعالى { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا } .

وهذا ماءٌ نزل من السماء .

ولكن يقيده بعض العلماء بالذائبِ منهما ليجري الماء على العُضو .

قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (13) : الذَّائِبُ مِنْ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ طَهُورٌ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ فَإِنْ أَخَذَ الثَّلْجَ

فَأَمَرَّهُ عَلَى أَعْضَائِهِ لَمْ تَحْصُلْ الطَّهَارَةُ، وَلَوْ انْبَلَّ بِهِ الْعُضْوُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْغَسْلُ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ عَلَى الْعُضْوِ،

إلَّا أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا فَيَذُوبَ وَيَجْرِيَ مَاؤُهُ عَلَى الْأَعْضَاءِ، فَيَحْصُلَ بِهِ الْغَسْلُ، فَيُجْزِئُهُ.

وذكر النووي رحمه الله في المجموع ( 1/ 81)تفصيلا للشافعية بأنه قَبْلَ إذَابَتِهِمَا فَإِنْ كَانَ يَسِيلُ عَلَى الْعُضْوِ لِشِدَّةِ حَرٍّ

وَحَرَارَةِ الْجِسْمِ وَرَخَاوَةِ الثَّلْجِ صَحَّ الْوُضُوءُ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ لِحُصُولِ جَرَيَانِ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ وَقِيلَ لَا

يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُسْلًا وَإِنْ كَانَ لَا يَسِيلُ لَمْ يَصِحَّ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ .

قال النووي : وَيَصِحُّ مَسْحُ الْمَمْسُوحِ وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْخُفُّ وَالْجَبِيرَةُ . اهـ المراد .

10-الحديث لهُ تعلُّقٌ بالطِّبِّ .
قال ابنُ القيم رحمه الله في زاد المعاد (4/ 269) : فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ: أَنَّ الدَّاءَ يُدَاوَى بِضِدِّهِ، فَإِنَّ فِي الْخَطَايَا
مِنَ الْحَرَارَةِ وَالْحَرِيقِ مَا يُضَادُّهُ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ، وَالْمَاءُ الْبَارِدُ .

قال : وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَاءَ الْحَارَّ أَبْلَغُ فِي إِزَالَةِ الْوَسَخِ، لِأَنَّ فِي الْمَاءِ الْبَارِدِ مِنْ تَصْلِيبِ الْجِسْمِ وَتَقْوِيَتِهِ مَا لَيْسَ فِي الْحَارِّ
وَالْخَطَايَا تُوجِبُ أَثَرَيْنِ: التَّدْنِيسَ وَالْإِرْخَاءَ، فَالْمَطْلُوبُ مُدَاوَاتُهَا بِمَا يُنَظِّفُ الْقَلْبَ وَيُصَلِّبُهُ، فَذَكَرَ الْمَاءَ الْبَارِدَ وَالثَّلْجَ
وَالْبَرَدَ إِشَارَةً إِلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ.

ففي كلامِ ابنِ القيم ما يُزِيلُ الإشكالَ الوارِد أن الماء الحار أبلغ في إزالة الوسخ من ماء الثلج والبرد .
وقال شيخ الإسلامُ في مجموع الفتاوى (10/634 ) : هَذِهِ الْأُمُورُ تُوجِبُ تَبْرِيدَ الْمَغْسُولِ بِهَا .
وَ" الْبَرَدُ " يُعْطِي قُوَّةً وَصَلَابَةً ، وَمَا يَسُرُّ يُوصَفُ بِالْبَرَدِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ وَلِهَذَا كَانَ دَمْعُ السُّرُورِ بَارِدًا وَدَمْعُ الْحُزْنِ حَارًّا؛
لِأَنَّ مَا يَسُوءُ النَّفْسَ يُوجِبُ حُزْنَهَا وَغَمَّهَا وَمَا يَسُرُّهَا يُوجِبُ فَرَحَهَا وَسُرُورَهَا وَذَلِكَ مِمَّا يُبَرِّدُ الْبَاطِنَ.
فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْسِلَ الذُّنُوبَ عَلَى وَجْهٍ يُبَرِّدُ الْقُلُوبَ أَعْظَمَ بَرْدٍ يَكُونُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ
الَّذِي أَزَالَ عَنْهُ مَا يَسُوءُ النَّفْسَ مِنْ الذُّنُوبِ.
قال : وَقَوْلُهُ: " بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ " تَمْثِيلٌ بِمَا فِيهِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَإِلَّا فَنَفْسُ الذُّنُوبِ لَا تُغْسَلُ بِذَلِكَ كَمَا يُقَالُ:
أَذِقْنَا بَرْدَ عَفْوِك وَحَلَاوَةَ مَغْفِرَتِكَ.

11-مكانةُ هذا الدعاء العظيم فالمصلي يدعوربه أن يقيَه من ذنوبه وأن يرزقه التوبة الصادقة التي لايبقى معها ذنب فيكون
نقيا من الذنوب .

نسألُ الله مغفرتَه ولُطْفَهُ .


ونكون بهذا انتهينا ولله الحمد .أم عبدالله الوادعية









 


رد مع اقتباس
قديم 2016-01-21, 20:20   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الدَّرْسُ الثاني من / ﺑﺎﺏُ ﺻﻔﺔِ ﺻﻼﺓِ اﻟﻨﺒﻲِّ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -من عمدة اﻷحكام للمقدَسِيِّ رحمه الله 8 من شهر ربيع الثاني 1437 .


87 - ﻋَﻦْ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻗَﺎﻟَﺖْ: (ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻳَﺴْﺘَﻔْﺘِﺢُ اﻟﺼَّﻼﺓَ ﺑِﺎﻟﺘَّﻜْﺒِﻴﺮِ , ﻭَاﻟْﻘِﺮَاءَﺓَ ﺑـ «اﻟْﺤَﻤْﺪُ ﻟِﻠَّﻪِ ﺭَﺏِّ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﻴﻦَ» ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺭَﻛَﻊَ ﻟَﻢْ ﻳُﺸْﺨِﺺْ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻭَﻟَﻢْ ﻳُﺼَﻮِّﺑْﻪُ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﺑَﻴْﻦَ ﺫَﻟِﻚَ , ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺮُّﻛُﻮﻉِ ﻟَﻢْ ﻳَﺴْﺠُﺪْ ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﺴْﺘَﻮِﻱَ ﻗَﺎﺋِﻤﺎً , ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﺠْﺪَﺓِ ﻟَﻢْ ﻳَﺴْﺠُﺪْ , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﺴْﺘَﻮِﻱَ ﻗَﺎﻋِﺪاً , ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﻓِﻲ ﻛُﻞِّ ﺭَﻛْﻌَﺘَﻴْﻦِ اﻟﺘَّﺤِﻴَّﺔَ , ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﻔْﺮِﺵُ ﺭِﺟْﻠَﻪُ اﻟْﻴُﺴْﺮَﻯ ﻭَﻳَﻨْﺼِﺐُ ﺭِﺟْﻠَﻪُ اﻟْﻴُﻤْﻨَﻰ , ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦْ ﻋُﻘْﺒَﺔِ اﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥِ، ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﺃَﻥْ ﻳَﻔْﺘَﺮِﺵَ اﻟﺮَّﺟُﻞُ ﺫِﺭَاﻋَﻴْﻪِ اﻓْﺘِﺮَاﺵَ اﻟﺴَّﺒُﻊِ , ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﺨْﺘِﻢُ اﻟﺼَّﻼﺓَ ﺑِﺎﻟﺘَّﺴْﻠِﻴﻢِ) .
****************
حديث عائشة في صحيح مسلم ولم يخرجه البخاري.
اشتملَ على مسائل كثيرة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
1-افتتاحُ الصلاةِ بالتكبير .
وهذا ركن من أركان الصلاة وقد تقدم معنا هذا في الدرس السابق .
2-ظاهر الحديث اختصاصُ افتتاح الصلاة بالتكبير وقد ذهب إلى هذا جمهور العلماء .
وذهب أبو حنيفة إلى أنه يقوم غير التكبير مقامه من ألفاظ التعظيم وهذا غيرصحيح فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير دون غيره .
3- الإسرار بالبسملة وتقدم في الذي قبله .
4-قراءة الفاتحة .
وقراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة لاتصح بدونها لحديثﻋُﺒَﺎﺩَﺓَ ﺑْﻦِ اﻟﺼَّﺎﻣِﺖِ المتفق عليه : ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻗَﺎﻝَ: «ﻻَ ﺻَﻼَﺓَ ﻟِﻤَﻦْ ﻟَﻢْ ﻳَﻘْﺮَﺃْ ﺑِﻔَﺎﺗِﺤَﺔِ اﻟﻜِﺘَﺎﺏ»ِ .

ويستثنى منه من كان عاجزا عن قراءة الفاتحة فيجزئه ما جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ، قَالَ: " قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ " رواه أبوداود .
5-صفة الركوع وهوأنه يجعل ظهرَه مستويا ولايرفع رأسه ولاينزله بل يجعله مساويا لظهره فهذاهو السنَّة .
وفي صحيح البخاري(828) عن أبي حُميد السَّاعِدِي رضي الله عنه : أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ ..
هصر ظهره : أي سوَّاه من غير تقويس .
قال النووي رحمه الله في المجموع (3/409) :أَكْمَلُ الرُّكُوعِ فِي الْهَيْئَةِ أَنْ يَنْحَنِيَ بِحَيْثُ يَسْتَوِي ظَهْرُهُ وَعُنُقُهُ وَيَمُدَّهُمَا كَالصَّفِيحَةِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَلَا يُثْنِي رُكْبَتَيْهِ . اهـ
والصَفيحة: السَيْفُ العَريض كما في الصحاح للجوهري .
6- القيام من الركوع .
وهذا ركن لما في الصحيحين البخاري (757) ومسلم (397) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ وَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ،فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثَلاَثًا، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ راكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» .
7- الطمأنينة في الصلاة .
وهذا ركن من أركان الصلاة فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم به
المسيئ صلاته .
وهذا عليه جمهور العلماء أن الطمأنينه في الصلاة ركن فمن أسرع في الصلاة ولم يطمئن فيها فصلاته باطلة وقد ثبت في سنن أبي داود (855)عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» .

وذم النبي صلى الله عليه وسلم من ينقر الصلاة كما في صحيح مسلم عن أنس بن مالك
(622) عن أنس ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ، ﻳَﻘُﻮﻝُ: «ﺗِﻠْﻚَ ﺻَﻼَﺓُ اﻟْﻤُﻨَﺎﻓِﻖِ، ﻳَﺠْﻠِﺲُ ﻳَﺮْﻗُﺐُ اﻟﺸَّﻤْﺲَ ﺣَﺘَّﻰ ﺇِﺫَا ﻛَﺎﻧَﺖْ ﺑَﻴْﻦَ ﻗَﺮْﻧَﻲِ اﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥِ، ﻗَﺎﻡَ ﻓَﻨَﻘَﺮَﻫَﺎ ﺃَﺭْﺑَﻌًﺎ، ﻻَ ﻳَﺬْﻛُﺮُ اﻟﻠﻪَ ﻓِﻴﻬَﺎ ﺇِﻻَّ ﻗَﻠِﻴﻼ» .
ودلَّ حديث أنس أنَّ عدمَ الطمأنينة في الصلاة من صفات المنافقين والله المستعان .
فعلينا أن نحذر من صفاتهم .
وقدِ اشتهر عند الحنفية أنَّ الطمأنينة مستَحَبةٌ .
8-أنه يقول في كلِّ ركعتين التحية .
وهذا عام في التشهد اﻷوسط وفي التشهد اﻷخير .
وقد اختلف العلماءُ في حكم التشهد فذهب جُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ إلى وجوب التشهد اﻷول والثاني .
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَكْثَرُونَ هُمَا سُنَّتَانِ لَيْسَا وَاجِبَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي وَاجِبٌ .
وذلك استدلاﻻ بحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ المتفق عليه «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمُ الظَّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ ولَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ» .
قالوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَجَبَرَهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَلَوْ وَجَبَ لَمْ يَصِحَّ جَبْرُهُ كَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَرْكَانِ قَالُوا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْأَوَّلِ فَالْأَخِيرُ بِمَعْنَاهُ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَلِّمْهُ الْأَعْرَابِيَّ حِينَ عَلَّمَهُ فروض الصلاة والله أعلم .
يُراجَعُ / شرح صحيح مسلم للنووي لحديث عائشة في الباب .

والصحيح الوجوب لما في الصحيحين عن ابنِ مسعود رضي الله عنه كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِين أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) متفق عليه.
وهذا فيه الأمر وهوعام في التشهد اﻷول والثاني .
9- الجلوس بين السجدتين لقوله
(ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﺠْﺪَﺓِ ﻟَﻢْ ﻳَﺴْﺠُﺪْ , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﺴْﺘَﻮِﻱَ ﻗَﺎﻋِﺪاً ,)
وهذا ركن من أركان الصلاة .
والجلوس في الصلاة أربع جلسات.
1-الجلوس بين السجدتين وهذا رُكْنٌ.
2-جِلْسَةُ الاستراحة وهي جلسة خفيفة بغير طمأنينة وفِعْلُها سُنَّةٌ.
3- الجلوس في التشهد اﻷول .
4-الجلوس في التشهد الثاني .

10- الافتراش في الجلوس ونصب الرِّجْل اليمنى .
وقد أخذ بعمومه أَبُو حنيفة أنه يجلس مفترشا في الصلاة في جَمِيعِ الْجِلْسَاتِ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُسَنُّ الجلوس مُتَوَرِّكًا بِأَنْ يُخْرِجُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ وَيُفْضِي بِوَرِكِهِ إِلَى الْأَرْضِ .
وعند الشافعي أنه إذا جلس في التشهد الأوَّلِ يفترش ، وإذا جلس في التشهد الذي يعقبه سلامٌ يتورَّكُ سواء كان من ركعتينِ أو غيرها استدلالا بعموم قوله (ﻭَﺇِﺫَا ﺟَﻠَﺲَ ﻓِﻲ اﻟﺮَّﻛْﻌَﺔِ اﻵﺧِﺮَﺓِ ﻗَﺪَّﻡَ ﺭِﺟْﻠَﻪُ اﻟﻴُﺴْﺮَﻯ، ﻭَﻧَﺼَﺐَ اﻷُﺧْﺮَﻯ ﻭَﻗَﻌَﺪَ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﻘْﻌَﺪَﺗِﻪِ).

والصحيح في المسألة مادل عليه حديث أبي حميد الساعدي في صحيح البخاري(828) في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

قال :ﺃَﻧَﺎ ﻛُﻨْﺖُ ﺃَﺣْﻔَﻈَﻜُﻢْ ﻟِﺼَﻼَﺓِ ﺭَﺳُﻮﻝِ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ الحديث وفيه : ﻓَﺈِﺫَا ﺟَﻠَﺲَ ﻓِﻲ اﻟﺮَّﻛْﻌَﺘَﻴْﻦِ ﺟَﻠَﺲَ ﻋَﻠَﻰ ﺭِﺟْﻠِﻪِ اﻟﻴُﺴْﺮَﻯ، ﻭَﻧَﺼَﺐَ اﻟﻴُﻤْﻨَﻰ، ﻭَﺇِﺫَا ﺟَﻠَﺲَ ﻓِﻲ اﻟﺮَّﻛْﻌَﺔِ اﻵﺧِﺮَﺓِ ﻗَﺪَّﻡَ ﺭِﺟْﻠَﻪُ اﻟﻴُﺴْﺮَﻯ، ﻭَﻧَﺼَﺐَ اﻷُﺧْﺮَﻯ ﻭَﻗَﻌَﺪَ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﻘْﻌَﺪَﺗِﻪِ» .
فهذا الحديث فيه تفصيل أنه إذا جلس في الركعتين للتشهد يجلس مفترشا سواء كان آخر صلاته أو لا وفي التشهد الثاني يتورك .
وهذا قولُ أحمد .
وهو قولُ والدي الشيخ مقبل رحمه الله فقد سألته فأجابني بهذا التفصيل واستدل بحديث أبي حميد رضي الله عنه .
يُراجعُ / المغني (743) لا بن قدامة وشرحُ صحيح مسلم للنووي شرح حديث الباب وفتح الباري (828) لابن حجر.

فائدة :
قال الحافظ في فتح الباري (828)وَقَدْ قِيلَ فِي حِكْمَةِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا إِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى عَدَمِ اشْتِبَاهِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ تَعْقُبُهُ حَرَكَةٌ بِخِلَافِ الثَّانِي وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إِذَا رَآهُ عَلِمَ قَدْرَ مَا سُبِقَ بِهِ . اهـ
11- النهي عن صفة من صفات الجلوس وهي عُقْبَةُ الشيطان وذلك أن يجلس على أليتيه وينصب ساقه ويضع يديه على اﻷرض هذا منهي عنه .
وتسمى هذه الجلسه إقعاءًا .

والإقعاء نوعان .
1-أحدهما: هذه الصفة المذكورة .
2-والثاني مافي صحيح مسلم (536) من طريق طاووس: ﻗُﻠْﻨَﺎ ﻻِﺑْﻦِ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ ﻓِﻲ اﻹِْﻗْﻌَﺎءِ ﻋَﻠَﻰ اﻟْﻘَﺪَﻣَﻴْﻦِ، ﻓَﻘَﺎﻝَ: «ﻫِﻲَ اﻟﺴُّﻨَّﺔُ»، ﻓَﻘُﻠْﻨَﺎ ﻟَﻪُ: ﺇِﻧَّﺎ ﻟَﻨَﺮَاﻩُ ﺟَﻔَﺎءً ﺑِﺎﻟﺮَّﺟُﻞِ ﻓَﻘَﺎﻝَ اﺑْﻦُ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ: «ﺑَﻞْ ﻫِﻲَ ﺳُﻨَّﺔُ ﻧَﺒِﻴِّﻚَ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ» .
وصفته : أن ينصب ساقيه ويضع أليتيه على عقبيه .
وهذا سنة يفعلها أحيانا في الجلوس بين السجدتين .
واﻷكثر يجلس بين السجدتين مفترشا .
وبمشروعية الإقعاء بين السجدتين يقول ابن عباس كما في حديثه المذكور .
وقال ابنُ قدامة رحمه الله في المغني (731) :وَقَدْ نَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَفْعَلُهُ، وَلَا أَعِيبُ مَنْ فَعَلَهُ. وَقَالَ: الْعَبَادِلَةُ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ. وَقَالَ طَاوُسٌ: رَأَيْت الْعَبَادِلَةَ يَفْعَلُونَهُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ. اهـ

وقد خالف في هذا جمهور العلماء ورأوا أنه لايجلس في الصلاة بين السجدتين مُقْعِيَا .
قال الترمذيُّ رحمه الله في سُننه(283)عَقِبَ حديث ابن عباس وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى هَذَا الحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَرَوْنَ بِالإِقْعَاءِ بَأْسًا، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الفِقْهِ، وَالعِلْمِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ يَكْرَهُونَ الإِقْعَاءَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ .اهـ
ولكن عرفنا أن الإقعاء نوعان
1-أحدهما : منهي عنه وهو المراد في حديث عائشة في الباب .
2-والثاني : يُسْتحبُّ فعلُه أحيانا .
12- أن السنة أن يرفعَ ذراعيه عن اﻷرض و في صحيح مسلم (494) ﻋَﻦِ اﻟْﺒَﺮَاءِ، ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «ﺇِﺫَا ﺳَﺠَﺪْﺕَ، ﻓَﻀَﻊْ ﻛَﻔَّﻴْﻚَ ﻭَاﺭْﻓَﻊْ ﻣِﺮْﻓَﻘَﻴْﻚَ» .
13- النهي عن التشبُّهِ بالشيطان لقوله (ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦْ ﻋُﻘْﺒَﺔِ اﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥِ)والنهي عن التشبه بالحيوان لقوله (اﻓْﺘِﺮَاﺵَ اﻟﺴَّﺒُﻊِ) .

14
- خَتْمُ الصلاةِ بالتسليم .
وهذا ركن - لماروى الترمذي في سننه(3)ﻋَﻦْ ﻋَﻠِﻲٍّ، ﻋَﻦِ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ، ﻗَﺎﻝَ: ﻣِﻔْﺘَﺎﺡُ اﻟﺼَّﻼَﺓِ اﻟﻄُّﻬُﻮﺭُ، ﻭَﺗَﺤْﺮِﻳﻤُﻬَﺎ اﻟﺘَّﻜْﺒِﻴﺮُ، ﻭَﺗَﺤْﻠِﻴﻠُﻬَﺎ اﻟﺘَّﺴْﻠِﻴﻢُ .

وهذا عليه جمهورُ العلماء أنه لايخرجُ من صلاته إلا بسلام .
وخالف أبوحنيفة في المسألة .
قال ابنُ قدامة رحمه الله في المغني (769) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَتَعَيَّنُ السَّلَامُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، بَلْ إذَا خَرَجَ بِمَا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ عَمَلٍ أَوْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، جَازَ، إلَّا أَنَّ السَّلَامَ مَسْنُونٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ، وَلَوْ وَجَبَ لَأَمَرَهُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَلِأَنَّ إحْدَى التَّسْلِيمَتَيْنِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَكَذَلِكَ الْأُخْرَى.اهـ
وهذا قولٌ مخالِفٌ للدليل فلو أحدثَ قبل أن يسلم فأنه تبطل صلاته للدليل المتقدم(وتحليلها التسليم) .والله أعلم.
والتسليمةُ اﻷولى ركن لما تقدم في (وتحليلها التسليم) .
وأما التسليمةُ الثانية فهي مستحبة ﻷنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اكتفى بتسليمة واحدة .
فلو اقتصر على تسليمة واحدة كان جائزا .
قال ابنُ المنذر رحمه الله في الإشراف على مذاهب العلماء(2/ 47) : وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة.اهـ
وقال ابنُ قدامة في المغني (771َ) والْوَاجِبُ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَالثَّانِيَةُ سُنَّةٌ ثم ذكر قول ابن المنذر المذكور .
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم شرح حديث عائشة في الباب :وَمَنْ قَالَ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ عِنْدَهُ سُنَّةٌ وَشَذَّ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فَأَوْجَبَهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ مَنْ قبله والله أعلم .اهـ
وقال ابنُ رجبٍ رحمه الله في فتح الباري(7/ 373): القائلون بالتسليمتين أكثرهم على أنه لو اقتصر على تسليمة واحدة أجزأه، وصحت صلاته، وذكره ابن المنذر إجماعاً ممن يحفظ عنه من أهل العلم.
وذهب طائفة منهم إلى أنه لا يخرج من الصلاة إلا بالتسليمتين معاً، وهو قول الحسن بن حي وأحمد -في روايةٍ عنه - وبعض المالكية وبعض أهل الظاهر.
واستدلوا بقوله عليه السلام: (تحليلها التسليم) ، وقالوا: التسليم إلى ما عهد منه فعله، وهو التسليمتان، وبقوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ، وقدكان يسلم تسليمتين.اهـ
والله تعالى أعلم .
قلتُ : وبجوازِ الآقتصار على تسليمة واحدةٍ هو قول والدي رحمه الله .
وكانً مما يطرَحُ من الأسئِلة .
من أحدث بعد التسليمة الأولى ما حكم صلاته ؟.
ثم يفيد أنَّ صلاته صحيحة لأنه يجوز الاقتصارُ على تسليمة واحدة .


نسأل الله أن يفقهنا جميعا في دينه .










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-23, 09:07   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
زكرياء2222
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-23, 09:50   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

و فيكم بارك الله


يتبع ان شاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2016-02-09, 11:14   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الدرس الثالث من / ﺑﺎﺏُ ﺻﻔﺔِ ﺻﻼﺓِ اﻟﻨﺒﻲِّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠم من عمدة الأحكام 30 من شهر ربيع الثاني 1437.


- ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺤﺎﻓﻆ، ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ، ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﺳﺮﻭﺭ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ - ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ -:
الحديث اﻷول:
88- ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﻋُﻤَﺮَ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ: (ﺃَﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻛَﺎﻥَ ﻳَﺮْﻓَﻊُ ﻳَﺪَﻳْﻪِ ﺣَﺬْﻭَ ﻣَﻨْﻜِﺒَﻴْﻪِ ﺇﺫَا اﻓْﺘَﺘَﺢَ اﻟﺼَّﻼﺓَ , ﻭَﺇِﺫَا ﻛَﺒَّﺮَ ﻟِﻠﺮُّﻛُﻮﻉِ , ﻭَﺇِﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺮُّﻛُﻮﻉِ ﺭَﻓَﻌَﻬُﻤَﺎ ﻛَﺬَﻟِﻚَ , ﻭَﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ , ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻟَﻚَ اﻟْﺤَﻤْﺪُ. ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻻ ﻳَﻔْﻌَﻞُ ﺫَﻟِﻚَ ﻓِﻲ اﻟﺴُّﺠُﻮﺩِ) .
***********************

حذوا منكبيه/أي مقابل منكبيه .
المنكب/ مجمع العضد والكتف .
في هذا الحديث من
< الفوائد>
1-رفع اليدين إلى المنكبين في الصلاة .

وأخرج البخاري (737) ومسلم (391) واللفظ له عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ» فَقَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ .
وفي رواية لمسلم عن مالك بن الحويرث أَنَّهُ رَأَى نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ .

وفروع أذنيه أعاليها .وهذا من تنوع العبادات .

فأحيانا يرفع المصلي يديه إلى حذوا المنكبين وأحيانا إلى أعالي أُذنيه .
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (1/مسألة 656): وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي رَفْعِهِمَا إلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ أَوْ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَبْلُغَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، وَإِنَّمَا خُيِّرَ لِأَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ مَرْوِيٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالرَّفْعُ إلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ؛ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ عَلِيٌّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ .اهـ المراد.
وقد نقل النووي رحمه الله عن الجمهور الجمع بين الروايتين بما يأتي وأنه كيفية واحدة .
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : وَأَمَّا صِفَةُ الرَّفْعِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ بِحَيْثُ تُحَاذِي أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ فُرُوعَ أُذُنَيْهِ أَيْ أَعْلَى أُذُنَيْهِ وَإِبْهَامَاهُ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ وَرَاحَتَاهُ مَنْكِبَيْهِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَبِهَذَا جَمَعَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ رِوَايَاتِ الْأَحَادِيثِ فَاسْتَحْسَنَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ . اهـ.

وهذا عام للرجل والمرأة.
وقد جاء عن الحنفية تفصيلٌ في المسألة بدون دليل قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار (3/46 ) : وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ السُّنَّةُ يشْتَرِكُ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَلَمْ يَرِد مَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِيهَا، وَكَذَا لَمْ يَرِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الرَّجُلَ يَرْفَعُ إلَى الْأُذُنَيْنِ وَالْمَرْأَةَ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا عَرَفْت اهـ .

الحكمة من رفع اليدين
قال النووي في شرح صحيح مسلم : اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ فِي الْحِكْمَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَعَلْتُهُ إِعْظَامًا لِلَّهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ غَيْرُهُ :هُوَ اسْتِكَانَةٌ وَاسْتِسْلَامٌ وَانْقِيَادٌ وَكَانَ الْأَسِيرُ إِذَا غُلِبَ مَدَّ يَدَيْهِ عَلَامَةٌ لِلِاسْتِسْلَامِ.
وَقِيلَ :هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ .
وَقِيلَ :إِشَارَةٌ إِلَى طَرْحِ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الصَّلَاةِ وَمُنَاجَاةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَيُطَابِقُ فِعْلُهُ قَوْلَهُ .
وَقِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا الْأَخِيرُ مُخْتَصٌّ بِالرَّفْعِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ .
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ .
وَفِي أَكْثَرِهَا نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

ورفع اليدين متى يكون ؟.
بوَّب البخاري في صحيحه (رفع اليدين في التكبيرة الأولى معَ الافتتاح سواءً ) قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري : ومراده بالافتتاح: التكبيرة نفسها؛ فإن هَذهِ التكبيرة هي افتتاح الصلاة، كَما في حديث عائشة: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفتتح الصلاة بالتكبير.
ثم أخرج البخاري حديث ابن عمر في الباب عَنْ ابن عمر: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا، وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ .
وهو معنا في الباب .
و أخرج مسلم (390) من طريق سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ لِلصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَفْعَلُهُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ» .
وظاهر رواية مسلم المذكورة تقديم الرفع على التكبير .
وأخرج ابن ماجة في سننه(862) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ،عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ، وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «كَانَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ، اعْتَدَلَ قَائِمًا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ» ثُمَّ قَالَ «اللَّهُ أَكَبْرُ» الحديث .
ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ : ثقة .
وأخرج مسلم (391 ) من طريق أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ، «إِذَا صَلَّى كَبَّرَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ» ، وَحَدَّثَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ هَكَذَا» .
وحديث مالك بن الحويرث يفيد أن التكبير قبل الرفع كما يفيده كلمة ثم فإنها للترتيب والتراخي .
وقد قال الصنعاني في سبل السلام وقبله الحافظ في فتح الباري : وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَقْدِيمِ التَّكْبِيرِ عَلَى الرَّفْعِ اهـ .
وتعقَّب ذلك الشيخ الألباني في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (1/199 ) وقال :قلت: هو قول في مذهب الحنفية. والحق: أن كلاً من هذه الصفات الثلاث سنة ثابتة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فعلى المسلم أن يأخذ بها في صلواته، فلا يدع واحدة منها للأخرى؛ بل يفعل هذه تارة، وهذه تارة وتلك أخرى اهـ .

< وفيه من الفوائد>
2-استحباب رفع اليدين في ثلاثة مواضع

1- عند تكبيرة الإحرام .
2-وإذا كبر للركوع .
3-وإذا رفع رأسه من الركوع .
وفي صحيح البخاري(739) من طريق ﻧَﺎﻓِﻊٍ، ﺃَﻥَّ اﺑْﻦَ ﻋُﻤَﺮَ، ﻛَﺎﻥَ " ﺇِﺫَا ﺩَﺧَﻞَ ﻓِﻲ اﻟﺼَّﻼَﺓِ ﻛَﺒَّﺮَ ﻭَﺭَﻓَﻊَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ، ﻭَﺇِﺫَا ﺭَﻛَﻊَ ﺭَﻓَﻊَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ، ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ، ﺭَﻓَﻊَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ، ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻡَ ﻣِﻦَ اﻟﺮَّﻛْﻌَﺘَﻴْﻦِ ﺭَﻓَﻊَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ "، ﻭَﺭَﻓَﻊَ ﺫَﻟِﻚَ اﺑْﻦُ ﻋُﻤَﺮَ ﺇِﻟَﻰ ﻧَﺒِﻲِّ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ .

4-وهذا موضع رابع يستحب فيه رفع اليدين عند القيام من التشهد الأوسط .
ورفع اليدين عند تكبيرة الإحرام مشروع وليس هناك خلاف بين أهل العلم في مشروعية رفع اليدين في تكبيرة الإحرام .
والحنفية عندهم أنه لاترفع اﻷيدي إلاعند تكبيرة الإحرام استدلالا ببعض اﻷحاديث الضعيفة .
عبد الله بن المبارك رحمه الله يقول: كُنْتُ أُصَلِّي إِلَى جَنْبِ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ -يعني أبا حنيفة- فَرَفَعْتُ يَدَيَّ فَقَالَ: مَا خَشِيتَ أَنْ تَطِيرَ؟ فَقُلْتُ إِنْ لَمْ أَطِرْ فِي الْأُولَى لَمْ أَطِرْ فِي الثَّانِيَةِ .
قَالَ وَكِيعٌ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ كَانَ حَاضِرَ الْجَوَابِ فَتَحَيَّرَ الْآخَرُ , وَهَذَا أَشْبَهُ مِنَ الَّذِينَ يَتَمَادُونَ فِي غَيِّهِمْ إِذَا لَمْ يُبْصِرُوا .
والأثر علقه البخاري في جزء " رفع اليدين "رقم 45 .
وهو موصول يراجع "نشر الصحيفة "للوالد رحمه الله .

وقول عبدالله بن عمر(وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ) قد جاءت أدلةأخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في السجود وفي الرفع منه .
أخرج النسائي في سننه(1085) وأحمد (34/ 162)من طريق قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَإِذَا سَجَدَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ» .
قال الشيخ الألباني في «تمام المنة» (ص172): أخرجه النسائي وأحمد وابن حزم بسند صحيح على شرط مسلم. اهـ.
وأصلُ حديث مالك بن الحويرث في مسلم (391) .
وجاء من حديث وائل بن حجر عند أبي داود (723) وفيه (وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ أَيْضًا رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ) .
وأصله أيضا عند مسلم(401) .

قال ابن رجب في فتح الباري (4/326) :ويجاب عن هذه الرويات كلها على تقدير أن يكون ذكر الرفع فيها محفوظا، ولم يكن قد اشتبه بذكر التكبير بالرفع - بأن مالك بن الحويرث ووائل بن حجر لم يكونا من أهل المدينة، وإنما كانا قد قدما إليها مرة أو مرتين، فلعلهما رأيا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعل ذَلِكَ مرة، وقد عارض ذَلِكَ نفي ابن عمر، مع شدة وملازمته للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشدة حرصه على حفظ أفعاله واقتدائه به فيها، فهذا يدل على أن أكثر أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ ترك الرفع فيما عدا المواضع الثلاثة والقيام من الركعتين اهـ .

وكان الوالد رحمه الله يذاكرنا في مسألة المواضع التي تُرفَع فيها الأيدي في الصلاة أكثر من مرة فيذكر الأربعة المواضع المتقدمة من حديث ابن عمر .
ويقول الوالد رحمه الله : ونفيُّ ابنِ عمر لرفع اليدين في السجود في قوله (وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ " )محمول على أنه ما رآه، فقد جاء عن مالك بن الحويرث عند النسائي، ووائل بن حجر عند الدارقطني الرفع من السجود والمثبت مقدمٌ على النافي، ولكن ابن عمر أكثر ملازمة لرسول الله من مالك بن الحويرث ووائل بن حجر فيحمل على أنه فعله في بعض الأحيان.اهـ.
فهذه ستة مواضع فيها رفع اليدين .
اﻷربعة اﻷولى ينبغي للمصلي أن يلازمها ، وأما رفع اليدين عندالسجود وعند الرفع من السجود فهذا يفعل أحيانا .
والله أعلم .
وللإمام البخاري رحمه الله جزء في هذه المسألة وهو (جزء رفع اليدين في الصلاة).

***********************
الحديث الثاني:
89 - ﻋَﻦْ اﺑْﻦِ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: (ﺃُﻣِﺮْﺕُ ﺃَﻥْ ﺃَﺳْﺠُﺪَ ﻋَﻠَﻰ ﺳَﺒْﻌَﺔِ ﺃَﻋْﻈُﻢٍ: ﻋَﻠَﻰ اﻟْﺠَﺒْﻬَﺔِ - ﻭَﺃَﺷَﺎﺭَ ﺑِﻴَﺪِﻩِ ﺇﻟَﻰ ﺃَﻧْﻔِﻪِ - ﻭَاﻟْﻴَﺪَﻳْﻦِ , ﻭَاﻟﺮُّﻛْﺒَﺘَﻴْﻦِ , ﻭَﺃَﻃْﺮَاﻑِ اﻟْﻘَﺪَﻣَﻴْﻦِ).
ﺃَﻃﺮاﻑ اﻟﻘﺪﻣﻴﻦ: ﺃَﺻﺎﺑﻊ اﻟﻘﺪﻣﻴﻦ.


***********************


-في هذا الحديث من الفوائد
1- أن أعضاء السجود سبعة وهي اليدان والركبتان وأطراف القدمين والجبهة مع الأنف .
والحديث أخرجه الترمذي في سننه(272) وقال عقبه : وَعَلَيْهِ العَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ " .
وقوله: ﻭَﺃَﺷَﺎﺭَ ﺑِﻴَﺪِﻩِ ﺇﻟَﻰ ﺃَﻧْﻔِﻪِ )
وذلك ﻷن الجبهة واﻷنف كعضو واحد .
2-قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام (1/271): وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَشْفُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، لِأَنَّ مُسَمَّى السُّجُودِ عَلَيْهَا يَصْدُقُ بِوَضْعِهَا مِنْ دُونِ كَشْفِهَا .
قال : وَلَا خِلَافَ أَنَّ كَشْفَ الرُّكْبَتَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ، لِمَا يَخَافُ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ. اهـ
وهذا بالنسبة لغير المرأة ، أما المرأة فلا يجوز لها كشف الركبتين باتفاق العلماء .
وقال ابن القاسم في حاشية الروض المربع (2/53)في شرح (لا تجب مباشرة المصلي بشيء منها )قال : وأجمعوا عليه في الركبتين والقدمين .اهـ .
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : وَفِي الْكَفَّيْنِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدُهُمَا يَجِبُ كَشْفُهُمَا كَالْجَبْهَةِ وَأَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ .اهـ .
3-ظاهر حديث الباب العموم في الجبهة وغيرها .
ولكن روى البخاري (813) ومسلم (1167)عن أبي سعيدٍ الخدري عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحديث وفيه :وَإِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَسْجُدُ فِي طِينٍ وَمَاءٍ» وَكَانَ سَقْفُ المَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ شَيْئًا، فَجَاءَتْ قَزَعَةٌ، فَأُمْطِرْنَا، فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ وَالمَاءِ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْنَبَتِهِ .
فهذا دليل على أن اﻷفضل كشف الجبهة في الصلاة لكن لايلزم وقد نقل النووي رحمه الله في المجموع(3/ 426) أَنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَارَ مُبَاشَرَةُ الْجَبْهَةِ لِلْأَرْضِ .اهـ.
وعند الشافعي رحمه الله يلزم كشف الجبهةِ في الصلاة حتى ولوجزءا منها لما روى مسلم في صحيحه (619)عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ، فَلَمْ يُشْكِنَا».
والصحيح أنه لايلزم لعدم ما يفيد الوجوب وحديث خباب له توجيه يأتي إن شاءالله .
ولكن اﻷفضل أن يكشف جبهته لحديث أبي سعيد المتقدم ونقل النووي الاتفاق على أن المختار ذلك .

وله أن يسجد على شيء متصل به ككمه وطرف ثوبه ونحوهما للحاجة .
روى البخاري(1208)ومسلم (620) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ مِنَ الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ» .
وهذا دليلٌ على أنه عند الحاجة كالحر والبرد وصلابة الأرض له أن يسجد على حائلٍ متصلٍ به من طرف ثوبه أو ذيله أو عمامته .
أما إذا كان غير متصلٍ به كوضعه لشيء يسجد عليه فقد أخرج البخاري(379) ومسلم (513)عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُصَلِّي وَأَنَا حِذَاءَهُ، وَأَنَا حَائِضٌ، وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ، قَالَتْ: وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى الخُمْرَةِ " .
الخمرة قال ابنُ الأثير في النهاية : هِيَ مقدارُ مَا يَضَع الرجُل عَلَيْهِ وجْهه فِي سُجُودِهِ مِنْ حَصِير أَوْ نَسِيجة خُوص وَنَحْوِهِ مِنَ النَّباتِ، وَلَا تَكُونُ خُمْرَة إِلَّا فِي هذا المقدار. اهـ.
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (21/176):ولم يكن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ دَائِمًا بَلْ أَحْيَانًا كَأَنَّهُ كَانَ إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَتَّقِي بِهَا الْحَرَّ وَنَحْوَ ذَلِكَ .اهـ.
وقد ذكر النووي رحمه الله في المجموع(3/ 425) قولين للعلماء في هذه المسألة وقال :فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي السُّجُودِ عَلَى كُمِّهِ وَذَيْلِهِ وَيَدِهِ وَكَوْرِ عِمَامَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ .
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ سجودُه علي شئ مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ دَاوُد وَأَحْمَدُ فِي رواية .
وقال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وإسحق وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَصِحُّ قَالَ صَاحِبُ التهذيب وبه قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ثم ذكر دليل هذا القول الثاني وهوحديث أنسٍ المتقدم وفيه (بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ) . قال :وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ثَوْبٍ مُنْفَصِلٍ .
وذكر من أدلة الشافعية ما روى مسلم في صحيحه (619)عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ، فَلَمْ يُشْكِنَا».
وقوله(فَلَمْ يُشْكِنَا) قال ابنُ الأثير في النهاية : أَيْ لَمْ يُجِبْهم إِلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يُزِل شَكْوَاهُمْ. يُقَالُ أَشْكَيْتُ الرجُلَ إِذَا أزَلْتَ شَكْوَاهُ، وَإِذَا حَملتَه عَلَى الشَّكْوَى.
لكن الحديث لادلالة فيه على المنع قال ابنُ رجب رحمه الله في فتح الباري (3/38):أما معنى الحديث: فقد فسره جمهور العلماء بأنهم شكوا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة في شدة الحر، وطلبوا منه الإبراد بها، فلم يجبهم، وبهذا فسره رواة الحديث، منهم: أبو إسحاق وشريك.
.اهـ.
ويشكل على هذا المعنى أدلة الإبراد في صلاة الظهر في شدة الحر قال ابن رجب في فتح الباري (4/243):وقد أجيب عنه بوجهين:
أحدهما: أنهم طلبوا منه التأخير الفاحش المقارب آخر الوقت، فلم يجبهم إليه.
والثاني: أنه منسوخ بالأمر بالإبراد، وهو جواب الإمام أحمد والأثرم.
واستدلا بحديث المغيرة بن شعبة، قال: كنا نصلي مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر بالهاجرة، فقال لنا: (أبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم) .اهـ.
وعلمنا أن الأفضل كشف الجبهة ، وأنه للحاجة لا بأس أن يضع شيئا يسجد عليه .
ومما ذكر الشيخ ابنُ عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع (3/115) أنَّ الرافضة يتَّخذون هذا تديناً يُصلُّون على قطعة من المَدَر كالفخَّار يصنعونها مما يسمونه «النَّجف الأشرف» ، يضعون الجبهة عليه فقط، ولهذا تَجِدُ عند أبواب مساجدهم «دواليب» ممتلئة من هذه الحجارة، فإذا أراد الإنسان أن يدخل المسجد أخذ حجارة ليسجد عليها، ومنهم من يفعل ذلك؛ لأنه يرى أنه لا يجوز السجود إلا على شيء من جنس الأرض، فلا يجوز السجود على الفراش ولو من خصيف النخل، مع أنه ثبت عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه سجد على خصيف النخل، كما في حديث أنس حينما غَسَل للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الحصير الذي اسْوَدَّ من طُولِ ما لُبِسَ وصَلَّى عليه صلّى الله عليه وسلّم .اهـ .

4-وقوله: ﻭَﺃَﻃْﺮَاﻑِ اﻟْﻘَﺪَﻣَﻴْﻦِ) .
في صحيح البخاري (828)عن أبي حميدٍ الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحديث وفيه : فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلاَ قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ .
ومن السنة أن يضم عقبي قدميه وهو ساجد . روى الإمامُ مسلم (486) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع(3/ 122) اليد الواحدة لا تقع على القدمين إلا في حال التَّراصِّ .اهـ .
وبوَّب ابن خزيمة رحمه الله في صحيحه( بَابُ ضَمِّ الْعَقِبَيْنِ فِي السُّجُودِ)ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها رقم (654) قالت : فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَعِي عَلَى فِرَاشِي، فَوَجَدْتُهُ سَاجِدًا رَاصًّا عَقِبَيْهِ مُسْتَقْبِلًا بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ...» ثم ذكر حديث عائشة المتقدم مع زيادة في آخره.

والعقب /مؤخرة القدم وهذا من سُنن الصلاة أنه ما يجعل المصلي القدمين متفرقتين .
***********************
الحديث الثالث والرابع :

90 - ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻗَﺎﻝَ: (ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺇﺫَا ﻗَﺎﻡَ ﺇﻟَﻰ اﻟﺼَّﻼﺓِ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﻘُﻮﻡُ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻛَﻊُ , ﺛُﻢَّ ﻳَﻘُﻮﻝُ: ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ , ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻓَﻊُ ﺻُﻠْﺒَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺮَّﻛْﻌَﺔِ , ﺛُﻢَّ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﻭَﻫُﻮَ ﻗَﺎﺋِﻢٌ: ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻟَﻚَ اﻟْﺤَﻤْﺪُ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﻬْﻮِﻱ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻓَﻊُ ﺭَﺃْﺳَﻪُ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺴْﺠُﺪُ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻓَﻊ ﺭَﺃْﺳَﻪُ , ﺛُﻢَّ ﻳَﻔْﻌَﻞُ ﺫَﻟِﻚَ ﻓِﻲ ﺻَﻼﺗِﻪِ ﻛُﻠِّﻬَﺎ , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﻘْﻀِﻴَﻬَﺎ , ﻭَﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﻘُﻮﻡُ ﻣِﻦْ اﻟﺜِّﻨْﺘَﻴْﻦِ ﺑَﻌْﺪَ اﻟْﺠُﻠُﻮﺱِ).
***********************
91 - ﻋَﻦْ ﻣُﻄَﺮِّﻑِ ﺑْﻦِ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﻗَﺎﻝَ: (ﺻَﻠَّﻴْﺖُ ﺃَﻧَﺎ ﻭَﻋِﻤْﺮَاﻥُ ﺑْﻦُ ﺣُﺼَﻴْﻦٍ ﺧَﻠْﻒَ ﻋَﻠِﻲِّ ﺑْﻦِ ﺃَﺑِﻲ ﻃَﺎﻟِﺐٍ. ﻓَﻜَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺳَﺠَﺪَ ﻛَﺒَّﺮَ , ﻭَﺇِﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻛَﺒَّﺮَ , ﻭَﺇِﺫَا ﻧَﻬَﺾَ ﻣِﻦْ اﻟﺮَّﻛْﻌَﺘَﻴْﻦِ ﻛَﺒَّﺮَ , ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﻗَﻀَﻰ اﻟﺼَّﻼﺓَ ﺃَﺧَﺬَ ﺑِﻴَﺪِﻱ ﻋِﻤْﺮَاﻥُ ﺑْﻦُ ﺣُﺼَﻴْﻦٍ , ﻭَﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺪْ ﺫَﻛَّﺮَﻧِﻲ ﻫَﺬَا ﺻَﻼﺓَ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃَﻭْ ﻗَﺎﻝَ: ﺻَﻠَّﻰ ﺑِﻨَﺎ ﺻَﻼﺓَ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) .

***********************
حتى يقضيها/ حتى يفرغ منها
-في هذين الحديثين من الفوائد
1-مشروعية تكبيرات الانتقال .
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب تكبيرات الانتقال لفعل النبي صلى الله عليه وعلي آله وسلم لذلك .
قال الترمذي في سننه (253) وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَغَيْرُهُمْ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الفُقَهَاءِ وَالعُلَمَاءِ اهـ .
وذهب أحمد وبعض أهل الظاهر إلى وجوب تكبيرات الانتقال و اختاره الشيخ الألباني في تمام المنة ص 186 .
لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) .وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يكبرهن ويداوم على فعلها .
ولحديث المسئ صلاته عند أبي داود (857) من طريق عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ عَمِّهِ – رفاعة بن رافع -، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ فِيهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، فَيَضَعَ الْوُضُوءَ - يَعْنِي مَوَاضِعَهُ - ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيُكَبِّرُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ " .
وهذا إسناد منقطع ٌفقد رواه أبوداود بعدة أسانيد عن عَلِي بْن يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ .
قال أبوحاتم كما في العلل لابنه رقم 221 : الصحيح عن أبيه عن عمه رفاعة .
ونُقل عن بعض السلف أنه لايُشرع إلا تكبيرة الإحرام فقط ولا يكبر غيرها وهذا منقول عن سعيد بن جبير وعمر بن عبدالعزيز والحسن البصري وغيرهم .
واحتُج لهذا القول بما رواه أبو داود (3/47 مع عون المعبود) من طريق الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ الْعَسْقَلَانِي - عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ «صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ» .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مَعْنَاهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ لَمْ يُكَبِّرْ وَإِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ لَمْ يُكَبِّرْ» اهـ.
ابن أبزى :عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى كما في سنن البيهقي .
وهذا إسناد ضعيف الحسن بن عمران العسقلاني (لين الحديث ) . وعلى ثبوته فقد وجهه البيهقي في السنن (2/68)وقال : قَدْ يَكُونُ كَبَّرَ وَلَمْ يَسْمَعْ، وَقَدْ يَكُونُ تَرَكَ مَرَّةً لِيُبَيِّنَ الْجَوَازَ، وَاللهُ أَعْلَمُ " اهـ .
هذا وقد اعتنى الصحابة رضوان الله عليهم بنقل تكبيرات الانتقال . يقول والدي رحمه الله : الصحابة اهتموا بنقل تكبيرات الانتقال لأن بعض بني أمية حذف بعض تكبيرات الانتقال .اهـ
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (22/588) قَالَ إسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت: لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَا الَّذِي نَقَصُوا مِنْ التَّكْبِيرِ؟ قَالَ: إذَا انْحَطَّ إلَى السُّجُودِ مِنْ الرُّكُوعِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ.
وقال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام (2/ص210)قَدْ كَانَ وقع مِنْ بَعْضِ أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ تَرَكَهُ تَسَاهُلًا، وَلَكِنَّهُ اسْتَقَرَّ الْعَمَلُ مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى فِعْلِهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ اهـ المراد .

2-ظاهر حديث أبي هريرة أن التكبير يكون مقارنا للانتقال إلى الركن الآخر

لقوله (ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻛَﻊُ)هذا فيه المقارنة وهكذا مابعده.


والله تعالى أعلم.والله المستعان.










رد مع اقتباس
قديم 2016-02-26, 16:59   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
Mouhcine-Ben
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على المرور










رد مع اقتباس
قديم 2016-02-29, 22:32   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ككوثر
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-03, 09:27   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

و اياكم جزى الله خيرا وزيادة










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-03, 09:35   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الدرس الرابع من / ﺑﺎﺏُ ﺻﻔﺔِ ﺻﻼﺓِ اﻟﻨﺒﻲِّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ من عمدة اﻷحكام 21من شهر جمادى الأُولى 1437.

بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيم
الدرس الرابع من /
ﺑﺎﺏُ ﺻﻔﺔِ ﺻﻼﺓِ اﻟﻨﺒﻲِّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ من
( عمدة اﻷحكام) .

<الحديث اﻷول>

ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﺳﺮﻭﺭ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ

92 ( ﻋَﻦْ اﻟْﺒَﺮَاءِ ﺑْﻦِ ﻋَﺎﺯِﺏٍ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗَﺎﻝَ: (ﺭَﻣَﻘْﺖُ اﻟﺼَّﻼﺓَ ﻣَﻊَ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓَﻮَﺟَﺪْﺕُ ﻗِﻴَﺎﻣَﻪُ , ﻓَﺮَﻛْﻌَﺘَﻪُ ﻓَﺎﻋْﺘِﺪَاﻟَﻪُ ﺑَﻌْﺪَ ﺭُﻛُﻮﻋِﻪِ , ﻓَﺴَﺠْﺪَﺗَﻪُ , ﻓَﺠِﻠْﺴَﺘَﻪُ ﺑَﻴْﻦَ اﻟﺴَّﺠْﺪَﺗَﻴْﻦِ , ﻓَﺴَﺠْﺪَﺗَﻪُ ﻓَﺠِﻠْﺴَﺘَﻪُ ﻣَﺎ ﺑَﻴْﻦَ اﻟﺘَّﺴْﻠِﻴﻢِ ﻭَاﻻﻧْﺼِﺮَاﻑِ: ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﻮَاءِ) . ﻭَﻓِﻲ ﺭِﻭَاﻳَﺔِ اﻟْﺒُﺨَﺎﺭِﻱِّ (ﻣَﺎ ﺧَﻼ اﻟْﻘِﻴَﺎﻡَ ﻭَاﻟْﻘُﻌُﻮﺩَ ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﻮَاءِ) .


***********************
البراء بن عازب /صحابي بن صحابي رضي الله عنهما .
رمقت/نظرت .
فيه من الفوائد
1-أن الطمأنينة في الركوع والاعتدال بعد الركوع والسجود والجلوس بين السجدتين كانت متقاربة في التساوي لقوله(ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﻮَاءِ) .
-رﻭَايةُ اﻟْﺒُﺨَﺎﺭِﻱِّ (ﻣَﺎ ﺧَﻼ اﻟْﻘِﻴَﺎﻡَ ﻭَاﻟْﻘُﻌُﻮﺩَ ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﻮَاءِ) .
تكلم أهل العلم على الاستثناء في هذا والذي ذكره الحافظ في فتح الباري(800) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ الْمُسْتَثْنَى : الْقِيَامُ لِلْقِرَاءَةِ وَكَذَا الْقُعُودُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُعُودُ لِلتَّشَهُّدِ .اهـ.
وقال صاحب عون المعبود(3/ 63):قُلْتُ الظَّاهِرُ هُوَ مَا قَالَ الْحَافِظُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ .وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وهذا يدلُّ على استثناء القيام للقراءة والجلوس للتشهد فالطول فيهما أكثر .
3-حرص البراء رضي الله عنه على العلم وتعلُّم الصلاة .
4- أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يبقى في مصلاه بعد السلام شيئًا .
وكان بعد صلاة الفجر يجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس أخرج الإمام مسلم في صحيحه(670)من طريق سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيرًا، «كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ، أَوِ الْغَدَاةَ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ».
قال القاضي رحمه الله في إكمال المعلم (3/359):وهذا من المستحبات والفضائل لزوم موضع صلاة الفجر والإقبال على الذكر والدعاء إلى وقت إباحة الصلاة وكراهية الحديث حينئذٍ .
وفيه دليلٌ على جواز التحدث بأخبار الزمان وأمور الأمم .
قال :وليس المعنى أنهم كانوا يتحدثون فى ذلك الوقت فإنه وقت الذكر والدعاء ، وإنما هو فصلٌ آخر وسيرة أخرى فى وقت آخر وصلَهما بالحديث الأَوَّل .اهـ.
وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يختم مجلسه بدعاء كفارة المجلس .
روى النسائي في عمل اليوم والليلة ص309عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جلس مَجْلِسا أَو صلى صَلَاة تكلم بِكَلِمَات فَسَأَلت عَائِشَة عَن الْكَلِمَات فَقَالَ إِن تكلم بِخَير كَانَ طابعاً عَلَيْهِنَّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَإِن تكلم بِغَيْر ذَلِك كَانَ كَفَّارَة لَهُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك .
***********************
<الحديث الثاني>
93 ﻋَﻦْ ﺛَﺎﺑِﺖٍ اﻟْﺒُﻨَﺎﻧِﻲِّ ﻋَﻦْ ﺃَﻧَﺲِ ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗَﺎﻝَ: (ﺇﻧِّﻲ ﻻ ﺁﻟُﻮ ﺃَﻥْ ﺃُﺻَﻠِّﻲَ ﺑِﻜُﻢْ ﻛَﻤَﺎ ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﺑِﻨَﺎ .ﻗَﺎﻝَ ﺛَﺎﺑِﺖٌ ﻓَﻜَﺎﻥَ ﺃَﻧَﺲٌ ﻳَﺼْﻨَﻊُ ﺷَﻴْﺌﺎً ﻻ ﺃَﺭَاﻛُﻢْ ﺗَﺼْﻨَﻌُﻮﻧَﻪُ. ﻛَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺮُّﻛُﻮﻉِ: اﻧْﺘَﺼَﺐَ ﻗَﺎﺋِﻤﺎً , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﻘُﻮﻝَ اﻟْﻘَﺎﺋِﻞُ: ﻗَﺪْ ﻧَﺴِﻲَ , ﻭَﺇِﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﺠْﺪَﺓِ: ﻣَﻜَﺚَ , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﻘُﻮﻝَ اﻟْﻘَﺎﺋِﻞُ: ﻗَﺪْ ﻧَﺴِﻲَ).
ﻻﺁﻟﻮ: أُقُصِّرُ .

***********************
عن ثابت البناني/هو ثابت بن أسلم من كبار تلاميذ أنس بن مالك رضي الله عنه.
وجاء عن أنس بن مالك أثرٌ في الثناءعليه .
قال عبدالله بن أحمد في زوائد العلل (2/ 434 ) حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ :إِنَّ للخير مَفَاتِيح وَإِن ثَابتًا مِنْ مَفَاتِيحِ الْخَيْرِ .
محمد ابن أبي بكر :هو المقدَّمي ترجمته في تهذيب الكمال بروايته عن حماد بن زيد وعنه عبدالله بن أحمد بن حنبل .
وإسناده ضعيف. زيد هو ابن درهم والد حماد: مقبول .
أنس بن مالك خادم رسول صلى الله عليه وسلم وهو أبو حمزة .
في هذا الحديث من الفوائد
1-الرفع من الركوع والاعتدال فيه .وفي حديث المسيء صلاته المتفق عليه(ثم ارفع حتى تعتدل قائما)وقد تقدم .
وهذا ركن وعليه جمهور العلماء .
قال ابن عبدالبرفي التمهيد(19/8): قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ صَارَ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَى السُّجُودِ وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِنَّهُ يُجْزِئُهُ .
قال:وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَقَدَّمَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ غَيْرَ أَبِي حَنِيفَةَ .وَالْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ تَرُدُّهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وفي المغني رقم (704)وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ، فَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ.اهـ.
هذا مذهب أبي حنيفة أنه له أن يركع ثم يسجد من دون أن يعتدل قائمًا من الركوع .وهذا مخالفٌ للدليل .
وقد ثبت الأمر به في حديث المسيء صلاته .
فالاعتدال فيه واجب ،وكذلك الطمأنينة فيه واجبة .وهذا عليه جمهور العلماء.
وقد ثبت في سنن أبي داود (855)عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» .
2- استحباب إطالة الطمأنينة في الاعتدال بعد الركوع وفي الجلوس بين السجدتين.
3-قول ثابت (ﻓَﻜَﺎﻥَ ﺃَﻧَﺲٌ ﻳَﺼْﻨَﻊُ ﺷَﻴْﺌﺎً ﻻ ﺃَﺭَاﻛُﻢْ ﺗَﺼْﻨَﻌُﻮﻧَﻪُ) قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن (3/ 76):هذا يبين أن إطالة ركني الاعتدالين(أي الرفع من الركوع والرفع من السجود) مِمَّا ضُيِّعَ مِنْ عَهْدِ ثَابِتٍ وَلِهَذَا قَالَ فَكَانَ أَنَسٌ يَصْنَع شَيْئًا لَا أَرَاكُمْ تَفْعَلُونَهُ وأَنَّ تَقْصِير هَذَيْنَ الرُّكْنَيْنِ هُوَ مِمَّا أُحْدِثَ فِيهَا اهـ المراد.
وقوله : ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﻘُﻮﻝَ اﻟْﻘَﺎﺋِﻞُ: ﻗَﺪْ ﻧَﺴِﻲَ)
أي قد نسي أنه في الصلاة للإطالة في الذكر بعدالرفع من الركوع وبين السجدتين .
ومن الأذكار التي كان يقولها صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد الرفع من الركوع مافي صحيح مسلم (476)عن عبدالله ابن أبي أوفى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاءِ، وَمِلْءُ الْأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ اللهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَالْمَاءِ الْبَارِدِ اللهُمَّ طَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْوَسَخِ» .
وروى مسلم (477) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: " رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ: اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ " .
ومن الأدعية التي كان يقولها بين السجدتين ما أخرج ابن ماجة (897) عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي».
4 -حرص الصحابة رضوان الله عليهم على التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم .
وقد كانوا يمتثلون كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله أشد مما يمتثل المريض كلام الطبيب .
رضي الله عنهم كانوا في أشد الحرص على الخير وعلى المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم .
5-قال ابن دقيق العيد رحمه الله في شرح هذا الحديث : وَتَقْدِيمُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِهَذَا الْكَلَامِ أَمَامَ رِوَايَتِهِ: لِيَدُلَّ السَّامِعِينَ عَلَى التَّحَفُّظِ لِمَا يَأْتِي بِهِ وَيُحَقِّقُ عِنْدَهُمْ الْمُرَاقَبَةَ لِاتِّبَاعِ أَفْعَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
***********************
<الحديث الثالث>
94 (ﻋَﻦْ ﺃَﻧَﺲِ ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗَﺎﻝَ: (ﻣَﺎ ﺻَﻠَّﻴْﺖُ ﺧَﻠْﻒَ ﺇﻣَﺎﻡٍ ﻗَﻂُّ ﺃَﺧَﻒَّ ﺻَﻼﺓً ﻭَﻻ ﺃَﺗَﻢَّ ﺻّﻼﺓً ﻣِﻦَ اﻟﻨَّﺒﻲِّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ)
.
***********************
قط /أي أبدًا.
من فوائد الحديث
1- فيه التيسير على الناس والرحمة بهم وعدم تنفيرهم .
2-أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت خفيفة لاتشق على المأمومين .وظاهره عمومُ التخفيف في القراءة وغيرها .
وقد تكلم أهل العلم في الحث على التخفيف وضابط التخفيف المطلوب .
قال الحافظ في فتح الباري(706) مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِيجَازِ وَالْإِتْمَامِ لَا يُشْكَى مِنْهُ تَطْوِيلٌ .اهـ.
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : قَالَ الْعُلَمَاءُ كَانَتْ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تَخْتَلِفُ فِي الْإِطَالَةِ وَالتَّخْفِيفِ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ يُؤْثِرُونَ التَّطْوِيلَ وَلَا شُغْلَ هُنَاكَ لَهُ وَلَا لَهُمْ طَوَّلُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ خَفَّفَ.
قال: وَقَدْ يُرِيدُ الْإِطَالَةَ ثُمَّ يَعْرِضُ مَا يَقْتَضِي التَّخْفِيفَ كَبُكَاءِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ .
وَيَنْضَمُّ إِلَى هَذَا: أَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ فَيُخَفِّفُ .
وَقِيلَ :إِنَّمَا طَوَّلَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ الْأَقَلُّ وَخَفَّفَ فِي مُعْظَمِهَا فَالْإِطَالَةُ لِبَيَانِ جَوَازِهَا وَالتَّخْفِيفِ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَقَدْ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّخْفِيفِ وَقَالَ( إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ السَّقِيمَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ ).
وَقِيلَ :طَوَّلَ فِي وَقْتٍ وَخَفَّفَ فِي وَقْتٍ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَا تَقْدِيرَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الِاشْتِرَاطِ بَلْ يَجُوزُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَإِنَّمَا الْمُشْتَرَطُ الْفَاتِحَةُ وَلِهَذَا اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ فِيمَا زَادَ .
وَعَلَى الْجُمْلَةِ :السُّنَّةُ التَّخْفِيفُ كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي بَيَّنَهَا وَإِنَّمَا طَوَّلَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِتَحَقُّقِهِ انْتِفَاءَ الْعِلَّةِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَحَدٌ انْتِفَاءَ الْعِلَّةِ طَوَّلَ .اهـ.
ومما قرأ به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم به في الصلاة
ما أخرج البخاري (764) عن زيد بن ثابت سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ».أي سورة الأعراف .
وأخرج أحمد في مسنده(8/ 415)عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِالتَّخْفِيفِ، وَإِنْ كَانَ لَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ ".
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه(1606) وبوب عليه بَابُ قَدْرِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الَّذِي لَا يَكُونُ تَطْوِيلًا .
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه (880)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ، وَهَلْ أَتَى ".
وعلَّق ابن حزم رحمه الله في المحلى مسألة (444)على حديث عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إمَامَ قَوْمِي، قَالَ: أَنْتَ إمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا .
وقَالَ : هَذَا حَدُّ التَّخْفِيفِ، وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ مَا يَحْتَمِلُ أَضْعَفُ مَنْ خَلْفَهُ وَأَمَسُّهُمْ حَاجَةً مِنْ الْوُقُوفِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ فَلْيُصَلِّ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ؟ .اهـ .
فالحاصل : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يأمر الأئمة بالتخفيف وكان أيضًا يُخَفِّف ، وأنه قد يخفف لعارضٍ كبكاء الصبي أو خشيةَ المشقة على المأمومين .وأنه أحيانًا قد يطيل إذا علم من حال المأمومين الرغبة ،وعند عدم
الا نشغال ،وقد يطيل إطالةً ليس فيها تنفير كقراءته في فجر الجمعة بسورة السجدة والإنسان .
وبيَّن حديث أنس المراد بالتخفيف: أنه تخفيف مع إتمام فهذا هو التخفيف المطلوب الموافق للسنة لا على ما يوافق هوى المأمومين .
وليس المراد بالتخفيف الإخلال بأركانها وواجباتها ومستحباتها.

***********************
<الحديث الرابع>
95 ((ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻗِﻼﺑَﺔَ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﺯَﻳْﺪٍ اﻟْﺠَﺮْﻣِﻲِّ اﻟْﺒَﺼْﺮِﻱِّ ﻗَﺎﻝَ: (ﺟَﺎءَﻧَﺎ ﻣَﺎﻟِﻚُ ﺑْﻦُ اﻟْﺤُﻮَﻳْﺮِﺙِ ﻓِﻲ ﻣَﺴْﺠِﺪِﻧَﺎ ﻫَﺬَا , ﻓَﻘَﺎﻝَ: ﺇﻧِّﻲ ﻷُﺻَﻠِّﻲ ﺑِﻜُﻢْ , ﻭَﻣَﺎ ﺃُﺭِﻳﺪُ اﻟﺼَّﻼﺓَ , ﺃُﺻَﻠِّﻲ ﻛَﻴْﻒَ ﺭَﺃَﻳْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳُﺼَﻠِّﻲ , ﻓَﻘُﻠْﺖُ ﻷَﺑِﻲ ﻗِﻼﺑَﺔَ: ﻛَﻴْﻒَ ﻛَﺎﻥَ ﻳُﺼَﻠِّﻲ؟ ﻓَﻘَﺎﻝَ: ﻣِﺜْﻞَ ﺻَﻼﺓِ ﺷَﻴْﺨِﻨَﺎ ﻫَﺬَا , ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﺠْﻠِﺲُ ﺇﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺴُّﺠُﻮﺩِ ﻗَﺒْﻞَ ﺃَﻥْ ﻳَﻨْﻬَﺾَ).
ﺃَﺭاﺩَ ﺑﺸﻴﺨِﻬﻢْ، ﺃَﺑﺎ ﻳﺰﻳﺪَ، ﻋَﻤﺮَﻭ ﺑﻦَ ﺳَﻠَﻤَﺔ اﻟﺠَﺮْﻣﻲَّ.

***********************
هذا الحديث انفرد به البخاري (677)عن مسلم .
أبو قلابة/ عبدالله بن زيد الجرمي (تابعي).
وهوالقائل :لاتجالسوا أهل اﻷهواء ولاتجادلوهم فإني لاآمن أن يغمسوكم في ضلالهم ويلبسوا عليكم بعض ماتعرفون .
وأخرج الدارمي في سننه(100) والآجري في الشريعة (135) عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: «مَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إِلَّا اسْتَحَلَّ السَّيْفَ» .والأثر صحيحٌ .
أي الخروج على الحكام الظلمة .
فلايخرج على ولاة اﻷمور إلامن كان على بدعة أما من كان على سنة فإنه أبعد الناس عن الخروج على الحكام .
وكل من خرج على الحاكم الظالم فعنده نزعةٌ خارجية معتزلية .سواء من الشيعة أو من الإخوان المسلمين أو غيرهم .
وهذه طريقة من أبرز صفات أهل البدع الذميمة الخروج على الحكام الظلمة وحث الناس على ذلك وهذا مخالف للشرع ،ومخالف للعقيدة الصحيحة .
النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسمع والطاعة للإمام وحذَّر من الخروج عليه وأمر بالصبر على جوره وضرب عنق من خرج عليه .
روى البخاري(3793) عن أنس بن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي وَمَوْعِدُكُمُ الحَوْضُ».
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه (1846)عن وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَالَ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ».
وما خرج أحد على إمامه إلاوفتح باب فساد وشر أكثر وأعظم مما كانت عليه البلاد من قبل ،سفك دماء، وزعزعة أمن ،وتعطيل المساجد وتعطيل إقامة شعائر الله، وتعطيل المصالح الدينية والدنيوية .
وأهل البدع شؤم على العبادوالبلاد في دعوتهم وفي تعليمهم وفي ثوراتهم وإبعاد الناس عن التمسك بدينهم وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةُ الْمُضِلِّينَ.أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (456)عن ثوبان بسندٍ حسن .
في هذا الحديث من الفوائد
1-بيان كيف كانت مجالس السلف، وأنها كانت عامرة بالعلم والتعليم .
2 - التعليم بالفعل .

3-دليل على استحباب جِلْسَةِ الاستراحة .
وجاء الحديث عند البخاري (823 )عن مالك بن الحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيّ،بلفظ: «رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا» .
وأخرجه الترمذي في سننه (287) وقال عقبه : العَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ، وَبِهِ يَقُولُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا اهـ.
وإذا قال الترمذي (وَبِهِ يَقُولُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا) أو (وهو قول أصحابنا) . فالمراد أصحاب الحديث كما أفاده المباركفوري في شرح هذا الحديث في تحفة الأحوذي . وذكر أنه قد نبَّه على هذا في المقدمة .
قال الحافظ في الفتح في فوائد الحديث : فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَأَخَذَ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ . وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا .
قال :وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا الْأَكْثَرُ .
وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِخُلُوِّ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْهَا فَإِنَّهُ سَاقَهُ بِلَفْظِ فَقَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ . وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا كَذَلِكَ قَالَ فَلَمَّا تَخَالَفَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ فَقَعَدَ لِأَجْلِهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ. ثُمَّ قَوَّى ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَقْصُودَةً لَشُرِعَ لَهَا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ . وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلَّةِ وَبِأَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ هُوَ رَاوِي حَدِيثِ (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي )فَحِكَايَتُهُ لِصِفَاتِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ هَذَا الْأَمْرِ. وَيُسْتَدَلُّ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ الْمَذْكُورِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فَكَأَنَّهُ تَرَكَهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ.
قال : وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَذَكَرَهَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ فَيُقَوِّي أَنَّهُ فَعَلَهَا لِلْحَاجَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السُّنَنَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ وَصَفَ وَإِنَّمَا أُخِذَ مَجْمُوعُهَا عَنْ مجموعهم .اهـ .
وجاء ذِكْرُ جِلْسَةِ الاستراحة عن أبي هريرة في حديث المسيء صلاته عند البخاري (6251) ...ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» .
وقد أشار البخاري إلى إعلالها فإنه قال عقب ذلك : وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، فِي الأَخِيرِ: «حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا» .
قال الحافظ في الفتح : قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي الْأَخِيرِ (حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا) وَصَلَ الْمُصَنِّفُ رِوَايَةَ أَبِي أُسَامَةَ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ النُّكْتَةَ فِي اقْتِصَارِ الْبُخَارِيِّ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا فِي الْأَخِيرِ (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا) فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ رَاوِيَهَا خُولِفَ فَذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي أُسَامَةَ مُشِيرًا إِلَى تَرْجِيحِهَا ثم ذكر الحافظ بعض المناقشة ثم قال :وَفِي الْجُمْلَة الْمُعْتَمد للترجيح كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ .وَاللَّهُ أَعْلَمُ اهـ .
جِلْسةُ الاستراحة تكون عند القيام للركعة الثانية وللقيام للركعة الرابعة ،وهي جِلسة خفيفة وليس فيها طمأنينة وليس فيها ذكر أيضا.
***********************
<الحديث الخامس >
96 ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ اﺑْﻦِ ﺑُﺤَﻴْﻨَﺔَ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ (ﺃَﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺻَﻠَّﻰ ﻓَﺮَّﺝَ ﺑَﻴْﻦَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﺒْﺪُﻭَ ﺑَﻴَﺎﺽُ ﺇﺑْﻄَﻴْﻪِ) .

***********************
عبد الله بن مالك: بن القِشْب .
وبحينة : أم عبدالله بن مالك.
وقد بيَّن الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم تحت رقم (95) السبب في الجمع بين الأب والأم وقال : وَمُرَادُهُمْ فِي هَذَا كُلِّهِ تَعْرِيفُ الشَّخْصِ بِوَصْفَيْهِ لِيَكْمُلَ تَعْرِيفُهُ فَقَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ عَارِفًا بِأَحَدِ وَصْفَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَيَجْمَعُونَ بَيْنَهُمَا لِيَتِمَّ التَّعْرِيفُ لِكُلِّ أَحَدٍ .
في هذا الحديث من الفوائد
استحباب تفريج اليدين عن الجنبين في السجود. فلايضم يديه إلى جنبيه هذا ليس من السنة .وهو عام للرجل وللمرأة إذِاﻷصل عموم التشريع إلاما خصه الدليل .
وأخرج النسائي في سُننه(1105) بسندٍ صحيح من طريق أَبِي إِسْحَقَ، عَنْ الْبَرَاءِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى جَخَّى» .
(جَخَّى )قال في النهاية :أَيْ فتَح عَضُدَيه عَنْ جَنْبَيْه، وجَافاهُما عَنْهُمَا.
وأخرج النسائي (2/186 ) وأحمد (28/311)من طريق زَائِدَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو: أَلَا أُرِيكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: " فَقَامَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَافَى يَدَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ مِنْ وَرَاءِ رُكْبَتَيْهِ، حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَجَافَى حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ ". قَالَ: فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي أَوْ هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وهذا إسنادٌ حسن . وعطاء بن السائب مختلط ولكن رواية زائدة عنه قبل الاختلاط كما قال الطبراني كما في تهذيب التهذيب .
وسالم أبوعبدالله هو البراد ثقة .
قال الترمذي في سننه تحت رقم (260) هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَهْلُ العِلْمِ: أَنْ يُجَافِيَ الرَّجُلُ يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ .
وقال النووي في المجموع (3/367)وَالْحِكْمَةُ فِي اسْتِحْبَابِ مُجَافَاةِ الرَّجُلِ مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَنَّهَا أَكْمَلُ فِي هَيْئَةِ الصَّلَاةِ وَصُورَتِهَا .
قال :وَلَا أَعْلَمُ فِي اسْتِحْبَابِهَا خِلَافًا لِأَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ اهـ .
وقد قال جمهورُ الفقهاء :الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي الصلاة سواء إلَّا أَنَّهَا تَجْمَعُ نَفْسَهَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ . قال المَرداوي في الإنصاف (2/ 90 ) بِلَا نِزَاعٍ .
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (1/250): الْفُقَهَاءُ خَصُّوا ذَلِكَ بِالرِّجَالِ، وَقَالُوا: الْمَرْأَةُ تَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّصَوُّنُ وَالتَّجَمُّعُ وَالتَّسَتُّرُ. وَتِلْكَ الْحَالَةُ أَقْرَبُ إلَى هَذَا الْمَقْصُودِ اهـ .
قلت: حجة هذا القول أن المرأة لا تجافي يديها عن جنبيها في الركوع والسجود قالوا :لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وذلك أسترُ لها اهـ
ولكن الأصل عمومُ التشريع للرجال والنساء قال تعالى { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } .
وروى الإمامُ البخاري في صحيحه عن مالك بن الحُويرث رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي .
وقد نصَّ على ذلكَ ابنُ حزم رحمه الله في المحلَّى مسألة (453) وقال : الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ .
وهو قول الشيخ الألباني رحمه الله فقد قال في آخر صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الخاتمة:
كل ما تقدم من صفة صلاته صلى الله عليه وسلم يستوي فيه الرجال والنساء ولم يرد في السنة ما يقتضي استثناء النساء من بعض ذلك بل إن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) يشملهن .
قال :وهو قول إبراهيم النخعي قال:
(تفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل)
أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 75 / 2) بسند صحيح عنه.
وحديث انضمام المرأة في السجود وأنها ليست في ذلك كالرجل مرسل لا حجة فيه. رواه أبو داود في (المراسيل) (117 / 87) عن يزيد بن أبي حبيب وهو مخرج في (الضعيفة) (2652) .اهـ .
وهذا ما استفدناه من والدي الشيخ مقبل رحمه الله أن الحكمَ عامٌ للرجل والمرأة لأن الأصل عموم التشريع .
ونصَّ عليه الشيخُ ابنُ عُثيمين رحمه الله في الشرح الممتع( 3/ 219) وقال: القول الرَّاجح: أن المرأة تصنعُ كما يصنعُ الرَّجُلُ في كلِّ شيء، فترفَعُ يديها وتجافِي، وتمدُّ الظَّهرَ في حال الرُّكوعِ، وترفعُ بطنَها عن الفخذين، والفخذين عن الساقين في حال السُّجود.
وذكر الشيخُ ابنُ عثيمين رحمه الله أنَّ قولهم ينتقض فيما لو صَلَّت وحدَها، والغالبُ والمشروعُ للمرأة أن تُصلِّي وحدها في بيتها بدون حضرة الرِّجال، وحينئذٍ لا حاجة إلى الانضمام ما دام لا يشهدها رِجَال.
وأنه ينتقض قولُهم إنها ترفع يديها، في مواضع الرَّفْعِ، ورَفْعُ اليدين أقربُ إلى التكشُّف مِن المجافاة، ومع ذلك يقولون: يُسَنُّ لها رَفْعُ اليدين؛ لأن الأصل تساوي الرِّجَال والنِّساء في الأحكام .اهـ.
تبيَّن لنا مما تقدَّم على ضوء الأدلة أنَّ المرأة تُصلِّي كما يُصلي
الرجل لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) .
أم الدرداء الصُغرى اسمها هُجيمة وقيل جُهيمة تابعية علّق
البخاري لها أثراً في صحيحه وقال:
وَكَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: «تَجْلِسُ فِي صَلاَتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ وَكَانَتْ فقِيهَةً» .
والأصل هو عموم التشريع فالمرأة تصلي كما يصلي الرجل (صلوا كما رأيتموني أصلي) .ومن فرَّق بين صلاة الرجل وصلاة المرأة وقال : المرأةُ تضُمُّ نفسها إنما هو اجتهاد مخالِفٌ للدليل .

**********************
<الحديث السادس>
97 ((ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻣَﺴْﻠَﻤَﺔَ ﺳَﻌِﻴﺪِ ﺑْﻦِ ﻳَﺰِﻳﺪَ ﻗَﺎﻝَ: (ﺳَﺄَﻟْﺖُ ﺃَﻧَﺲَ ﺑْﻦَ ﻣَﺎﻟِﻚٍ: ﺃَﻛَﺎﻥَ اﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﻓِﻲ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻪِ؟ ﻗَﺎﻝَ: ﻧَﻌَﻢْ) .

***********************
في هذا الحديث من الفوائد
1-حرص السلف على العلم، وأنَّ أسئلتهم كانت أسئلة علمية فقهية، ولم تكن أسئلتهم للثقافة ،كانت أسئلتهم للعمل بها .
2- استحباب الصلاة في النعال .
وروى أبو داود (652)عن ﺷَﺪَّاﺩِ ﺑْﻦِ ﺃَﻭْﺱٍ ، ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «ﺧَﺎﻟِﻔُﻮا اﻟْﻴَﻬُﻮﺩَ ﻓَﺈِﻧَّﻬُﻢْ ﻻَ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻓِﻲ ﻧِﻌَﺎﻟِﻬِﻢْ، ﻭَﻻَ ﺧِﻔَﺎﻓِﻬِﻢْ».
وأخرجه ابن حبان كما في موارد الظمآن (1/107) بلفظ "خَالِفُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي خِفَافِهِمْ وَلا فِي نعَالهمْ".
وهذا فيه الحكمة من الصلاة في النعلين وهو مخالفةُ اليهود والنصارى .
وهذا ليس بواجب ولكن فيه الترغيب ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم صلى حافيا ومنتعلا.
روى أبوداود في سننه (1038)بسند حسن ﻋَﻦْ ﻋَﻤْﺮِﻭ ﺑْﻦِ ﺷُﻌَﻴْﺐٍ، ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ، ﻋَﻦْ ﺟَﺪِّﻩِ، ﻗَﺎﻝَ: «ﺭَﺃَﻳْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﺣَﺎﻓِﻴًﺎ ﻭَﻣُﻨْﺘَﻌِﻼً».
ومن اﻷدلة على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في نعليه
حديث أبي سعيد الخدري عند أبي داود(650)ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﺳَﻌِﻴﺪٍ اﻟْﺨُﺪْﺭِﻱِّ، ﻗَﺎﻝَ: ﺑَﻴْﻨَﻤَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﺑِﺄَﺻْﺤَﺎﺑِﻪِ ﺇِﺫْ ﺧَﻠَﻊَ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻪِ ﻓَﻮَﺿَﻌَﻬُﻤَﺎ ﻋَﻦْ ﻳَﺴَﺎﺭِﻩِ، ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﺭَﺃَﻯ ﺫَﻟِﻚَ اﻟْﻘَﻮْﻡُ ﺃَﻟْﻘَﻮْا ﻧِﻌَﺎﻟَﻬُﻢْ، ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﻗَﻀَﻰ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺻَﻼَﺗَﻪُ، ﻗَﺎﻝَ: «ﻣَﺎ ﺣَﻤَﻠَﻜُﻢْ ﻋَﻠَﻰ ﺇِﻟْﻘَﺎءِ ﻧِﻌَﺎﻟِﻜُﻢْ»، ﻗَﺎﻟُﻮا: ﺭَﺃَﻳْﻨَﺎﻙَ ﺃَﻟْﻘَﻴْﺖَ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻚَ ﻓَﺄَﻟْﻘَﻴْﻨَﺎ ﻧِﻌَﺎﻟَﻨَﺎ، ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: " ﺇِﻥَّ ﺟِﺒْﺮِﻳﻞَ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺃَﺗَﺎﻧِﻲ ﻓَﺄَﺧْﺒَﺮَﻧِﻲ ﺃَﻥَّ ﻓِﻴﻬِﻤَﺎ ﻗَﺬَﺭًا ﺃَﻭْ ﻗَﺎﻝَ: ﺃَﺫًﻯ " ﻭَﻗَﺎﻝَ: " ﺇِﺫَا ﺟَﺎءَ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﺇِﻟَﻰ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ ﻓَﻠْﻴَﻨْﻈُﺮْ: ﻓَﺈِﻥْ ﺭَﺃَﻯ ﻓِﻲ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻪِ ﻗَﺬَﺭًا ﺃَﻭْ ﺃَﺫًﻯ ﻓَﻠْﻴَﻤْﺴَﺤْﻪُ ﻭَﻟْﻴُﺼَﻞِّ ﻓِﻴﻬِﻤَﺎ ".
وحديث أبي سعيدٍ الخدري فيه دليل على استسلام واستجابة الصحابة رضوان الله عليهم ،وسرعة امتثالهم للشرع رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة خلع نعليه فبادروا إلى خلع نعالهم ولم يترددوا طرفةَ عين .
وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم فيها سرعة الامتثال رجالا ونساء .
وفي الصحيحين ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﻋُﻤَﺮَ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗَﺎﻝَ: (ﺑَﻴْﻨَﻤَﺎ اﻟﻨَّﺎﺱُ ﺑِﻘُﺒَﺎءَ ﻓِﻲ ﺻَﻼﺓِ اﻟﺼُّﺒْﺢِ ﺇﺫْ ﺟَﺎءَﻫُﻢْ ﺁﺕٍ , ﻓَﻘَﺎﻝَ: ﺇﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺪْ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ اﻟﻠَّﻴْﻠَﺔَ ﻗُﺮْﺁﻥٌ , ﻭَﻗَﺪْ ﺃُﻣِﺮَ ﺃَﻥْ ﻳَﺴْﺘَﻘْﺒِﻞَ اﻟْﻘِﺒْﻠَﺔَ , ﻓَﺎﺳْﺘَﻘْﺒِﻠُﻮﻫَﺎ. ﻭَﻛَﺎﻧَﺖْ ﻭُﺟُﻮﻫُﻬُﻢْ ﺇﻟَﻰ اﻟﺸَّﺎﻡِ , ﻓَﺎﺳْﺘَﺪَاﺭُﻭا ﺇﻟَﻰ اﻟْﻜَﻌْﺒَﺔِ) .
وأخرج البخاري(4758) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ".
في غاية الامتثال .وهذا من أعظم صفات المسابقين إلى الخير سرعة الاستجابة والمبادرة إلى العمل بالدليل .
الصلاة في النعال سنة ولكن إذا كان الصلاة في النعال سيؤدي إلى فتنة فيجتنب.
وقد كان والدي رحمه الله ينبه الطلاب على هذا وأنه يكون الداعي إلى الله حكيما فلايصلي في نعليه قبل توعية الناس وتعليمهم ماينفعهم ويقول هذا سنة .
فكان ينبه على هذا أن الطالب لايحدث فتنة في اﻷمور التي اﻷمر فيها واسع فإن الصلاة بدون نعال جائزةٌ.
وكان يحثُّ الطلاب على الصلاة في نعالهم .وقال ذات مرة(إلا يوم الجمعة وأستغفر الله) .
استثنى يوم الجمعة ﻷنه يحضر يوم الجمعة جمعٌ كبير وفيهم العوام والجهال وقد يكون في الصلاة في النعال فتنة .
فإذا كان فيه فتنة لايصلي فيهافأكثر الناس على جهل والدعوة تقوم على الحكمة. والله المستعان .
هناك رسالة للوالد رحمه الله (شرعية الصلاة في النعال).
ومرَّةً كان رجل من العوام من أقربائنا ينكرهذا لكن عنده استسلام فقال للوالد: هاتِ دليلًا من القرآن على الصلاة في النعلين ونحن نسكت فسكت الوالد قليلًا وكان واقفًا ثم قال :{ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى }.فقال: أما الآن صلوا كيفما شئتم .اهـ.
لا إله إلا الله ،العوام ما يفهمون الدليل ،وكان هذا قديمًا.
وقد ذهب إلى استحباب الصلاة في النعال الشوكاني في نيل الأوطار (2/153) فقد ذكر الأقوال وناقش المسألة ثم قال : وَهَذَا أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ وَأَقْوَاهَا عِنْدِي.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (1/109) عن حديث أبي سعيد في الباب:قال الشيخ أحمد الطحطاوي في" حاشيته على مراقي الفلاح " (1/93) :
" فيه دليل على استحباب الصلاة في النعال الطاهرة، وهو منصوص عليه في
المذهب ". اهـ.
وقال رحمه الله عن حديث خالفوا اليهود ..وهذا الحديث يفيد استحباب الصلاة في النعال؛ لأنه أمر بذلك، وعلَّله
بمخالفة اليهود.
رحم الله علماءنا وحفظ أحياءهم .

ومن آداب الصلاة في النعال ما روى أبوداود (650) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أن النبي صلى الله عليه وسلم ﻗَﺎﻝَ: " ﺇِﺫَا ﺟَﺎءَ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﺇِﻟَﻰ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ ﻓَﻠْﻴَﻨْﻈُﺮْ: ﻓَﺈِﻥْ ﺭَﺃَﻯ ﻓِﻲ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻪِ ﻗَﺬَﺭًا ﺃَﻭْ ﺃَﺫًﻯ ﻓَﻠْﻴَﻤْﺴَﺤْﻪُ ﻭَﻟْﻴُﺼَﻞِّ ﻓِﻴﻬِﻤَﺎ " .
فهذا من الآداب ومن المحافظةِ على المساجد واحترامها.
والله يقول ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾.[النور : 36].
***********************
<الحديث السابع>
98 ( ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻗَﺘَﺎﺩَﺓَ اﻷَﻧْﺼَﺎﺭِﻱِّ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : (ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛَﺎﻥَ ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﻭَﻫُﻮَ ﺣَﺎﻣِﻞٌ ﺃُﻣَﺎﻣَﺔَ ﺑِﻨْﺖَ ﺯَﻳْﻨَﺐَ ﺑِﻨْﺖِ ﺭَﺳُﻮﻝِ اﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
99( ﻭَﻷَﺑِﻲ اﻟْﻌَﺎﺹِ ﺑْﻦِ اﻟﺮَّﺑِﻴﻊِ ﺑْﻦِ ﻋَﺒْﺪِ ﺷَﻤْﺲٍ , ﻓَﺈِﺫَا ﺳَﺠَﺪَ ﻭَﺿَﻌَﻬَﺎ , ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻡَ ﺣَﻤَﻠَﻬَﺎ).

***********************
أبو قتادة الأنصاري /الحارث بن ربعي .
في هذا الحديث من الفوائد
1-جواز إدخال الصبيان المساجد.
وأما حديث ﻭَاﺛِﻠَﺔَ بنِ اﻷَْﺳْﻘَﻊِ، ﺃَﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻗَﺎﻝَ: «ﺟَﻨِّﺒُﻮا ﻣَﺴَﺎﺟِﺪَﻛُﻢْ ﺻِﺒْﻴَﺎﻧَﻜُﻢْ، ﻭَﻣَﺠَﺎﻧِﻴﻨَﻜُﻢْ».
فهو حديث ضعيف جدًا .فيه الحارث بن نبهان متروك.
2- جواز حمل المصلي الصبي الصغير .
3-شفقةُ النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته فهو يحمل أمامة بنت بنته زينب وهو يصلي.
4-( ﻓَﺈِﺫَا ﺳَﺠَﺪ ﻭَﺿَﻌَﻬَﺎ , ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻡَ ﺣَﻤَﻠَﻬَﺎ)وفي رواية أخرى في مسلم (543/ 42) (فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا) دليلٌ أن المصلي يضع الصبيَّ في اﻷرض من أجل أن يتمكن من الركوع والسجود .
4-خصَّ بعض العلماء هذا بالنافلة دون الفريضة ولكن قد ثبت في صحيح مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا». وهذا دليلٌ على أنه كان في فريضة.
5 - طهارة ثياب الصغير ،فاﻷصل الطهارة.
***********************
<الحديث الثامن>
100 (ﻋَﻦْ ﺃَﻧَﺲِ ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋَﻦْ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺎﻝَ: (اﻋْﺘَﺪِﻟُﻮا ﻓِﻲ اﻟﺴُّﺠُﻮﺩِ ﻭَﻻ ﻳَﺒْﺴُﻂْ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﺫِﺭَاﻋَﻴْﻪِ اﻧْﺒِﺴَﺎﻁَ اﻟْﻜَﻠْﺐِ) .

***********************
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم عن هذا الحديث وما في معناه: مَقْصُودُ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلسَّاجِدِ أَنْ يَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعَ مِرْفَقَيْهِ عَنِ الْأَرْضِ وَعَنْ جَنْبَيْهِ رَفْعًا بَلِيغًا بِحَيْثُ يَظْهَرُ بَاطِنُ إِبْطَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَسْتُورًا .
وَهَذَا أَدَبٌ مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ مُسِيئًا مُرْتَكِبًا وَالنَّهْي لِلتَّنْزِيهِ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ.
وقال الشيخ ابنُ عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع (3/ 121)أي: اجعلوه سجوداً معتدلاً، لا تهصِرون فينزل البطنُ على الفخذ، والفخذ على السَّاق، ولا تمتدُّون أيضاً؛ كما يفعل بعضُ الناس إذا سجد يمتدُّ حتى يَقْرُبَ من الانبطاح، فهذا لا شَكَّ أنه من البدع، وليس بسُنَّة، فما ثَبَتَ عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، ولا عن الصَّحابةِ ـ فيما نعلم ـ أن الإنسان يمدُّ ظهره في السُّجود، إنما مدُّ الظَّهر في حال الرُّكوع. أما السجود فإنه يرتفع ببطنه ولا يمدُّه.اهـ.
استفدنا مما تقدم من كلام أهل العلم أن الاعتدال في السجود رفع البطن عن الفخذين ورفع الذراعين والمرفقين عن الأرض .
وتنبيه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن مدَّ الظَّهر في السجود لا دليل عليه. وهذا بخلاف الركوع فمدُّ الظَّهر مستحبٌ فيه .
الحكمة من الاعتدال في السجود
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي هَذَا أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَأَبْلَغُ فِي تَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مِنَ الْأَرْضِ وَأَبْعَدُ مِنْ هَيْئَاتِ الْكَسَالَى فَإِنَّ الْمُتَبَسِّطَ كَشَبَهِ الْكَلْبِ وَيُشْعِرُ حَالُهُ بِالتَّهَاوُنِ بِالصَّلَاةِ وَقِلَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِهَا وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ.
في هذا الحديث من الفوائد
1-الاعتدال في السجود .
2- عدم مشابهة الحيوان .
نكون انتهينا بحمد ربي سبحانه وفضله من باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ونسألُ اللهَ التوفيق .

ويتلوه إن شاء الله (باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود )فما زِلْنا في كتاب الصلاة من عمدة الأحكام .










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-11, 09:10   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
mahdadi
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mahdadi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مجهود قيم
بارك الله فيكم










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-14, 12:10   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
issam b 21
عضو جديد
 
إحصائية العضو










A7

شكرا بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-14, 12:55   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
muhibbat rrasoul sws
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية muhibbat rrasoul sws
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عيكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيكم و جزاكم الله خيرا.
فقط ان أمكن صورة توضح التورك










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-17, 16:37   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
genttilmen
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-19, 10:13   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
bahi65b
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية bahi65b
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيل جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-21, 19:20   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
karim2016
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
النبي, صلاة, صفة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc