الرد علي شبهات أثيرت حول بعض العلماء - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الرد علي شبهات أثيرت حول بعض العلماء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-12-26, 15:09   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 الرد علي شبهات أثيرت حول بعض العلماء

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

الرد علي شبهات أثيرت حول بعض العلماء

السؤال

أنا قرأت كثيرا ، واختلط علي الأمر، وهو إذا كان التأويل لا يعذر فيه صاحبه. إذا كان في الشهادتين ، فلم لم يكفر بعض العلماء البكري والسبكي مع أنهما يجوزان الاستغاثة بغير الله ؟! كيف وهما عالمان ؟

كيف وأحدهما أو كلاهما قد رد عليه أحد كبار علماء السنة - ابن تيمية - ؟

ولم لم تقم الحجة هنا على هذين مع كل هذا ؟

هذا غير أن التأويل في الشهادتين غير مقبول؟


الجواب

الحمد لله

أولا:

سبق الكلام على العذر بالتأويل في جواب السؤال القادم

وفيه بيان أن المتأول أولى بالعذر من الجاهل؛ لأنه لا يجهل ما هو عليه ، بل يعتقده حقّاً ويستدل له وينافح عنه، وأن التأويل عذر في المسائل العملية أو العلمية .

وأنه لا تأويل في الشهادتين ووحدانية الله تعالى وثبوت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، والبعث والجنة والنار، أي في أصل الإيمان بهذه الأمور.

وأما من أثبت التوحيد، وآمن بالرسول واليوم الآخر، ثم نازع في صفة من صفات الله تعالى ، كالكلام والعلو، أو جوز الاستغاثة بغير الله، واعتمد في ذلك على بعض الشبهات، وهو قاصد للحق

غير معاند للشرع: فهذا جاهل أو متأول، وكلاهما معذور، فلا يكفر إلا بعد قيام الحجة عليه ، وإزالة الشبهة عنه، ولو كان عالما؛ فإن قصد الحق مع قيام الشبهة ، أوجب عذره.

وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا الإعذار في مواضع من كتبه، حتى في رده على من جوز الاستغاثة الشركية ممن ينتسب للعلم.

قال رحمه الله في "الرد على البكري" ص 411: "

وقد قيل: إنما يفسد الناس نصف متكلم ، ونصف فقيه ، ونصف نحوي ، ونصف طبيب؛ هذا يفسد الأديان، وهذا يفسد البلدان، وهذا يفسد اللسان، وهذا يفسد الأبدان

لا سيما إذا خاض هذا في مسألة لم يسبق إليها عالم ، ولا معه فيها نقل عن أحد، ولا هي من مسائل النزال بين العلماء فيختار أحد القولين، بل هجم فيها على ما يخالف دين الإسلام المعلوم بالضرورة عن الرسول.

فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسول ، نعلم بالضرورة أنه لم يشرع لأمته أن يدعو أحدًا من الأموات ، لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة ولا بعيرها

ولا بلفظ الاستعاذة ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ، ولا إلى ميت ونحو ذلك؛ بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله ورسوله.

لكن لغلبة الجهل ، وقلة العلم بآثار الرسالة ، في كثير من المتأخرين؛ لم يمكن تكفيرهم بذلك ، حتى يتبيّن لهم ما جاء به الرسول مما يخالفه.

ولهذا ما بينّت هذه المسألة قط لمن يعرف أصل الدين ؛ إلا تفطن، وقال هذا أصل دين الإسلام، وكان بعض الأكابر [من] الشيوخ العارفين من أصحابنا يقول هذا أعظم ما بيّنته لنا ، لعلمه بأنّ هذا أصل الدين.

وكان هذا وأمثاله في ناحية أخرى يدعون الأموات، ويسألونهم ويستجيرون بهم، ويتضرعون إليهم، وربما كان ما يفعلونه بالأموات أعظم، لأنهم إنما يقصدون الميت في ضرورة نزلت بهم

فيدعونه دعاء المضطر، راجين قضاء حاجاتهم بدعائه ، أو الدعاء به ، أو الدعاء عند قبره ؛ بخلاف عبادتهم لله ودعائهم إياه

[فإنهم] يفعلونه في كثير من الأوقات على وجه العادة والتكلف. حتى إن العدو الخارج عن شريعة الإسلام [لما] قدم دمشق ، خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضرهم، وقال بعض الشعراء:

يا خائفين من التتر ... لوذوا بقبر أبي عمر" انتهى.

وقد صرح شيخ الإسلام بأنه لا يكفّر البكري، لأجل الشبهات التي عرضت له، مع كونه فقيها منتسبا للعلم، ومع كونه قد كفّر شيخ الإسلام نفسه.

قال رحمه الله: " فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفّرون من خالفهم، وإن كان ذلك المخالف يكفرهم

لأن الكفر حكم شرعي ، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك ، وزنى بأهلك؛ ليس لك أن تكذب عليه ، وتزني بأهله، لأن الكذب والزنا حرام لحق الله.

وكذلك التكفير حق لله ، فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله.

وأيضاً : فإن تكفير الشخص المعيّن ، وجواز قتله : موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها، وإلا فليس كل من جهل شيئاً من الدين يُكفر".

وساق أدلة على العذر، ثم قال:

" ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة ، الذين نفوا أن يكون الله -تعالى- فوق العرش لما وقعت محنتهم: أنا لو وافقتكم كنت كافراً؛ لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون

لأنكم جهال، وكان هذا خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم.

وأصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم في قصور من معرفة المنقول الصحيح والمعقول الصريح الموافق له، فكان هذا خطابنا.

فلهذا لم نقابل جهلُه [أي البكري] وافتراءه بالتكفير، بمثله، كما لو شهد شخص بالزور على شخص، أو قذفه بالفاحشة كذباً عليه ، لم يكن له أن يشهد عليه بالزور ، ولا أن يقذفه بالفاحشة"

انتهى من "الرد على البكري"، ص252 .

ومنه يستفاد أن من اعتمد الشبهات الباطلة مع إرادته للحق فهو جاهل، ولو كان قاضيا وشيخا وعالما.

وقال رحمه الله في تقرير العذر بالتأويل وأنه يكون في المسائل العلمية والعميلة:

" وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها :

قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها

وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ ، فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية .

هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وجماهير أئمة الإسلام"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/ 346).

والذي عرضت له الشبهات، هو المتأول الذي يجتهد في طلب الحق ويخطئ، وهو معذور فيما قاله أو من نصره من الأقوال التي يكفر قائلها.

وفصل الكلام في مسائل التكفير: أن من ثبت إسلامه بيقين ، لم يكفر حتى تقام عليه الحجة ، وتزال عنه الشبهة.

ولهذا لا نعلم أحدا من العلماء كفّر من جوز الاستغاثة الشركية من الفقهاء كالبكري والسبكي وابن حجر الهيتمي وغيرهم.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين ، وإن أخطأ وغلط ؛ حتى تقام عليه الحجة ، وتبين له المحجة.

ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة"

الفتاوى (12/ 466).

وينظر للفائدة: جواب السؤال بعد القادم

والله أعلم.










 


رد مع اقتباس
قديم 2019-12-26, 15:22   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

ضوابط التأويل الذي لا يكفر به المتأول وفوائد في المسألة

السؤال

في موقعكم المبارك فصلتم تفصيلا جيِّدا بفتاوى متعددة بخصوص العذر بالجهل وكيفية إقامة الحجة ، لكن لم أجد ضابطا بيِّناً بخصوص ضابط المتأول على الموقع

وقرأت في المسألة لكن أجد تناقضاً في تطبيق ما قرأت للعلماء الذي بينوا الضابط ، فمثلا : بعض العلماء قالوا : إذا كان تأولهم تحتمله اللغة نعذرهم به أما إذا لم تحمله اللغة لا نعذرهم به ونكفرهم

ولما تجد تطبيقهم لها على الأشاعرة الذين يقولون بدل " استوى " استولى في الرد عليهم يُقال : هذا لا تحتمله اللغة ، مع ذلك لا يحكم بكفر من أنكر علو الله

مع أن شيخ الإسلام نقل عن أبي حنيفة تكفيره لمن أنكر علو الله .

ونريد إيضاحاً بخصوص تكفير العلماء لكثير من الفرق كالجهمية والقدرية .

وهل ثبت عن أحد من العلماء أنه كفر الأشاعرة ؟


الجواب

الحمد لله

هذه مسألة جليلة القدر ، وسيكون البحث فيها في نقاط محددة :

1. لا فرق بين العذر بالتأويل والعذر بالجهل في الدين ، بل إن المتأول أولى بالعذر من الجاهل

لأنه لا يجهل ما هو عليه بل يعتقده حقّاً ويستدل له وينافح عنه ، ولا فرق في كون هذا الأمر عذراً في المسائل العملية أو العلمية .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:

" إن المتأوِّل الذي قصد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكفر ، بل ولا يفسق إذا اجتهد فأخطأ ، وهذا مشهور عند الناس في المسائل العملية

وأما مسائل العقائد : فكثير من الناس كفَّر المخطئين فيها ، وهذا القول لا يُعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا عن أحد من أئمة المسلمين ، وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع "

انتهى من " منهاج السنَّة " ( 5 / 239 ).

2. ولا يعني هذا عدم استحقاقهم للحد - كما حُدَّ قدامة بن مظعون لما تأول في شرب الخمر - ولا يعني عدم استحقاقه للتعزير والذم

بل ولا وصف اعتقاده بالضلال أو الكفر - كما سيأتي تفصيله - بل قد يصل الأمر لقتالهم ؛ لأن المقصود من ذلك تنفير الناس من بدعته وحماية الدين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -

: " وهذا الذي ذكرتُه فيما تركه المسلم من واجب أو فعله من محرم بتأويل اجتهاد أو تقليد : واضح عندي ، وحاله فيه أحسن من حال الكافر المتأول

وهذا لا يمنع أن أقاتل الباغي المتأول ، وأجلد الشارب المتأول ، ونحو ذلك ؛ فإن التأويل لا يرفع عقوبة الدنيا مطلقا ؛ إذ الغرض بالعقوبة دفع فساد الاعتداء " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 14 ) .

وقال - رحمه الله - :

" وأما من أظهر ما فيه مضرة : فإنه تدفع مضرته ولو بعقابه ، وإن كان مسلماً فاسقاً أو عاصياً ، أو عدلاً مجتهداً مخطئاً ، بل صالحا أو عالما ، سواء في ذلك المقدور عليه والممتنع ..

. وكذلك يعاقب من دعا إلى بدعة تضر الناس في دينهم ؛ وإن كان قد يكون معذوراً فيها في نفس الأمر لاجتهاد أو تقليد "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 10 / 375 ) .

3. ليس كل تأويل يكون سائغاً في الشرع ؛ فلا تأويل في الشهادتين ووحدانية الله تعالى وثبوت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

والبعث والجنة والنار ، وتسمية هذا تأويلاً ابتداء غير مقبول ، بل هي باطنية وزندقة تعود على الدين بالإبطال .

قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله - :

" ولا بد من التنبه لقاعدة أخرى وهي : أن المخالف قد يخالف نصّاً متواتراً ويزعم أنه مؤول ، ولكن ذكر تأويله لا انقداح له أصلا في اللسان ، لا على بُعد ولا على قرب

فذلك كفر وصاحبه مكذِّب ولو زعم أنه مؤول ، ومثاله : ما رأيته في كلام بعض الباطنية أن الله تعالى واحد بمعنى أنه يعطي الوحدة ويخلقها

وعالِم بمعنى أنه يعطي العلم لغيره ويخلقه , وموجود بمعنى أنه يوجد غيره ,

وأما أن يكون واحدا في نفسه وموجوداً وعالماً على معنى اتصافه به : فلا , وهذا كفر صراح ؛ لأن حمل الوحدة على إيجاد الوحدة ليس من التأويل في شيء ، ولا تحتمله لغة العرب أصلا ...

. فأمثلة هذه المقالات تكذيبات عَبَّر عنها بالتأويلات "

انتهى من " فيصل التفرقة " ( ص 66 ، 67 ) .

وقال ابن الوزير - رحمه الله - :

" وكذلك لا خلاف في كفر من جحد ذلك المعلوم بالضرورة للجميع ، وتستر باسم التأويل فيما لا يمكن تأويله ،

كالملاحدة في تأويل جميع الأسماء الحسنى ، بل جميع القرآن والشرائع والمعاد الأخروي من البعث والقيامة والجنة والنار " .

انتهى من " إيثار الحق على الخلق " ( ص 377 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-26, 15:24   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18



4. والتأويل السائغ هو ما لا يعود على الدين بالإبطال ، ويكون مقبولا في لغة العرب

ويكون صاحبه قاله قاصداً أن يصيب الحق ، وقاله وفق قواعد العلم ، ومثل هؤلاء لهم أعذار في وقوعهم في التأويل ، وهي نفسها الأعذار التي ذكرها العلماء في أسباب الاختلاف في المسائل العملية .

قال شيخ الإسلام - رحمه الله - :

" وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها ، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من فهمها

وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها ، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ

: فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان ، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية ، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 23 / 346 ) .

وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :

" قال العلماء : كل متأول معذور بتأويله : ليس بآثم ، إذا كان تأويله سائغا في لسان العرب ، وكان له وجه في العلم "

انتهى من " فتح الباري " ( 12 / 304 ) .

5. وثمة حديث صحيح يدل على عدم كفر المتأولين في الاعتقاد إذا كان تأويلهم ليس يعود على الدين بالإبطال

وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَافْتَرَقَتْ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ

وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ الْجَمَاعَةُ )

رواه ابن ماجه ( 3992 ) وصححه الألباني .

قال أبو سليمان الخطابي - رحمه الله -

: " قوله ( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) فيه دلالة على أن هذه الفرق كلها غير خارجين من الدين ؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم من أمته

وفيه : أن المتأول لا يخرج من الملة وإن أخطأ في تأوله "

انتهى من " معالم السنن " الخطابي (4/295)

وانظر " السنن الكبرى للبيهقي " ( 10 / 208 ) .

وقال ابن تيمية - رحمه الله - : " وكذلك سائر الثنتين وسبعين فرقة ، من كان منهم منافقاً : فهو كافر في الباطن

ومن لم يكن منافقاً ، بل كان مؤمناً بالله ورسوله في الباطن : لم يكن كافراً في الباطن ، وإن أخطأ في التأويل ، كائناً ما كان خطؤه ... .

ومن قال : إن الثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفراً ينقل عن الملة : فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين

بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة ؛ فليس فيهم من كفَّر كل واحد من الثنتين وسبعين فرقة ، وإنما يكفِّر بعضهم بعضا ببعض المقالات "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 7 / 218 ، 218 ) .

6. من حكم من العلماء على أهل البدع - غير المكفرة - بالكفر فإنما يريد الكفر غير المخرج من الملة .

قال الإمام البيهقي - رحمه الله - :" والذي روينا عن الشافعي وغيره من الأئمة من تكفير هؤلاء المبتدعة فإنما أرادوا به كفراً دون كفر "

انتهى من " سنن البيهقي الكبرى " ( 10 / 207 ) .

وقال الإمام البغوي - رحمه الله - :

" وأجاز الشافعي شهادة أهل البدع والصلاة خلفهم مع الكراهية ، على الإطلاق

فهذا القول منه دليل على أنه إن أطلق على بعضهم اسم الكفر في موضع : أراد به كفراً دون كفر ، كما قال الله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) المائدة/ 44 "

انتهى من " شرح السنة " ( 1 / 228 ) .

وقد يريد الإمام بلفظ الكفر : التحذير من الاعتقاد .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " قد يُنقل عن أحدهم أنه كفَّر من قال بعض الأقوال ويكون مقصوده أن هذا القول كفر ليُحذر ، ولا يلزم إذا كان القول كفراً

أن يكفر كل من قاله مع الجهل والتأويل ؛ فإن ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في الآخرة في حقه وذلك له شروط وموانع "

انتهى من " منهاج السنَّة النبوية " ( 5 / 240 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-26, 15:25   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18


7. وأما اختلاف أقوال الأئمة على أهل البدع المكفرة بين الكفر وعدمه فراجع إلى التفصيل بين النوع والعين ، فهم يحكمون على الاعتقاد نفسه بالكفر

لكنهم لا يطبقونه على من اعتقده بعينه إلا بعد تحقيق شروط وانتفاء موانع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :

" ولكن المقصود هنا أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين ، ولهذا حكى طائفة عنهم الخلاف في ذلك ، ولم يفهموا غور قولهم ، فطائفة تحكي عن أحمد في تكفير أهل البدع روايتين مطلقا

حتى تجعل الخلاف في تكفير المرجئة والشيعة المفضِّلة لعلي ، وربما رجحت التكفير والتخليد في النار ، وليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام

بل لا يختلف قوله أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل ، ولا يكفر من يفضل عليّاً على عثمان ، بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم

وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته

لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بيِّنة ، ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق ، وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم وأنه يدور على التعطيل

وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة ، لكن ما كان يكفر أعيانهم ، فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به ، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط

والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه ، ومع هذا : فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية : أن القرآن مخلوق ، وأن الله لا يُرى في الآخرة وغير ذلك

ويدعون الناس إلى ذلك ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ، ويكفرون من لم يجبهم حتى إنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية أن القرآن مخلوق وغير ذلك

ولا يولون متوليا ، ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك

ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحم عليهم ، واستغفر لهم ، لعلمه بأنهم لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا جاحدون لما جاء به ، ولكن تأولوا فأخطأوا وقلدوا من قال لهم ذلك .

وكذلك الشافعي لما قال لحفص الفرد حين قال القرآن مخلوق : كفرت بالله العظيم ، بيَّن له أن هذا القول كُفر ، ولم يحكم بردة حفص بمجرد ذلك ، لأنه لم يتبين له الحجة التي يكفر بها

ولو اعتقد أنه مرتد لسعى في قتله ، وقد صرح في كتبه بقبول شهادة أهل الأهواء والصلاة خلفهم "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 23 / 348 ، 349 ) .

8. وأما الكلام عن الأشعرية تحديداً : فلا شك أن لهم شبهاً في اعتقادهم المخالف لاعتقاد السلف ، وصار لهم رؤوس من أهل العلم يرجعون إليهم ويقلدونهم

وهم ليسوا على درجة واحدة من الاعتقاد بل هم مدارس ومنهاج ، وأقربهم للقرون الثلاثة أقربهم للحق ، وبتطبيق التفصيل الذي ذكرناه سابقا على الأشعرية يعلم أن من تكلم في حقهم بشيء من التكفير

فإنما مراده ما وقع في عقائدهم من قضايا الكفر ، لا أنه حكم بذلك على أعيانهم ، أو أنه أطلق القول ، ومراده به : كفر دون كفر

فليست الطائفة من الفرق الخارجة من الإسلام ، وليس أفرادها كفارا ؛ بل هم من أهل العذر بالتأويل فيما يقررون من مسائل وعقائد .

وقد قال الشيخ العثيمين رحمه الله

: " ولا أعلم أحداً كفَّر الأشاعرة "

انتهى من " ثمرات التدوين " ( مسألة رقم 9 ) للدكتور أحمد بن عبد الرحمن القاضي .

9. ويمكننا تلخيص الحكم الشرعي من الفرق المبتدعة بما قاله الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في كلام علمي متين ، حيث قال :

فمن جحد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو جحد بعضه غير متأول من أهل البدع فهو كافر ؛ لأنه كذَّب الله ورسوله واستكبر على الحق وعانده .

أ. فكل مبتدع من جهمي وقدري وخارجي ورافضي ونحوهم : عرف أن بدعته مناقضة لما جاء به الكتاب والسنة ، ثم أصر عليها ونصرها : فهو كافر بالله العظيم ، مشاق لله ورسوله من بعد ما تبين له الهدى .

ب. ومن كان من أهل البدع مؤمناً بالله ورسوله ظاهراً وباطناً ، معظماً لله ورسوله ملتزماً ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه خالف الحق وأخطأ في بعض المقالات

وأخطأ في تأويله من غير كفر وجحد للهدى الذي تبين له : لم يكن كافرا ً، ولكنه يكون فاسقاً مبتدعاً ، أو مبتدعاً ضالاًّ ، أو معفوّاً عنه لخفاء المقالة وقوة اجتهاده في طلب الحق الذي لم يظفر به .

ولهذا كان الخوارج والمعتزلة والقدرية ونحوهم من أهل البدع أقساماً متنوعة :

أ. منهم من هو كافر بلا ريب كغلاة الجهمية الذين نفوا الأسماء والصفات ، وقد عرفوا أن بدعتهم مخالفة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء مكذبون للرسول عالمون بذلك .

ب. ومنهم من هو مبتدع ضال فاسق كالخوارج المتأولين والمعتزلة الذين ليس عندهم تكذيب للرسول ، ولكنهم ضلوا ببدعتهم ، وظنوا أن ما هم عليه هو الحق

ولهذا اتفق الصحابة رضي الله عنهم في الحكم على بدعة الخوارج ومروقهم

كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة فيهم ، واتفقوا - أيضاً - على عدم خروجهم من الإسلام مع أنهم استحلوا دماء المسلمين وأنكروا الشفاعة في أهل الكبائر وكثيراً من الأصول الدينية ، ولكن تأويلهم منع من تكفيرهم .

ج. ومن أهل البدع من هو دون هؤلاء ككثير من القدرية وكالكلابية والأشعرية ، فهؤلاء مبتدعة ضالون في الأصول التي خالفوا فيها الكتاب والسنة

وهي معروفة مشهورة ، وهم في بدعهم مراتب بحسب بُعدهم عن الحق وقربهم

وبحسب بغيهم على أهل الحق بالتكفير والتفسيق والتبديع ، وبحسب قدرتهم على الوصول إلى الحق واجتهادهم فيه وضد ذلك ، وتفصيل القول فيه يطول جدّاً "

انتهى من " توضيح الكافية الشافية " ( 156 - 158 ) .

نرجو بما ذكرناه سابقا أن تكون المسألة قد اتضحت لك ، ونسأل الله لنا ولك التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-26, 15:40   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

التعامل مع المخالف والتماس العذر للأشاعرة كالبيهقي والنووي وابن حجر

السؤال

انا والحمدلله ربي قد هداني للسنة ، ولكن هناك شيء حيرني كثيرا . أولا : لماذا علماء كبار مثل النووي والبيهقي وابن حجر وقعوا في خطأ التأويل

هل يعقل أنهم لم يقرؤوا كتب الحنابلة وأقوال السلف وخاصة الكتب المتقدمة مثل كتاب الإمام احمد والسنة لابنه والتمهيد لابن عبد البر؟

وثم لماذا نعدهم من أهل السنة مع أنهم خالفوهم في مثل هذه المسائل والبعض قد خالف أكثر من هذا مثل الإمام الغزالي فلماذا نعده من أهل السنة ؟

ثانيا : ما موقفنا من العلماء المعاصرين وكيف نحكم عليهم أنهم منحرفون أم لا

يعني مثل الإمام الشعرواي معروف في فضله وعلمه لكن في مسألة القبور شطح وخالف خلافا عظيما فما موقفنا منه وكذا غيره من الأئمة المعروفين بنصحهم لدين الله كمحمد الغزالي

وكيف نستطيع أن نميز بين أهل البدع والاهواء المنحرفين وبين من قصده النصح لله ولرسوله ولكن قد يخطئ مثل أي واحد من البشر ثالثا :

هل مثل هؤلاء العلماء يعني الشعرواي ومحمد الغزالي وابن عاشور وغيرهم من العلماء هل يصح أن نأخذ منهم رغم مخالفاتهم؟ وإن كان نعم فمن هم الذين يجب علينا أن نحذر منهم وندع كتبهم ؟ رابعا :

هل يصح في هذا العصر اثارة الخلاف على هذه المسائل والتحذير من العلماء وإثارة النزاعات بيننا وبين الاشاعرة وغيرهم وخاصة مع ضعف الإسلام وأمته أليس من الأبدى التركيز على الإصلاح الاجتماعي ومحاربة الفساد والالحاد

..كما يقول البعض؟

وما موقفي من العامة ممن لديه مغالطات ويتبع علماء الضلال أو يتبع أهل الاشاعرة ولا يرضى بالسلفية وما حكم من يقول بان الاستغاثة بغير الله ليست شركاً هل يكفر؟

ويثير بعضهم الشبه بقول الله فارزقوهم منه. أرجو التبيان الكافي ولو دللتموني على كتاب موجود على الشبكة يؤصل مسالة التعامل مع المخالف وجزاكم الله خيرا


الجواب

الحمد لله

أولا:

من كان من أهل العلم المعظمين للكتاب والسنة، وخالف اعتقاد السلف في جملة من المسائل، كالبيهقي والغزالي، والنووي وابن حجر رحمهم الله

فذلك لتأويل أو تقليد، ومقصدهم الوصول للحق، وتنزيه الخالق سبحانه وتعالى، وقد يحصل لهم الوقوف على كلام السلف أو بعضهم، فيحملونه على التفويض، أو يتأولونه لقيام الدليل المخالف له في نظرهم واجتهادهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه

بعد ذكر جماعة من الأشاعرة كأبي بكر الباقلاني، وأبي المعالي الجويني، ومن تبعهما:

" ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة وحسنات مبرورة

, وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم , وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف.

لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة وهم فضلاء عقلاء احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه؛ فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون

من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل. وخيار الأمور أوسطها.

وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين، والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات، ويتجاوز لهم عن السيئات

ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم (الحشر: 10).

ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخطأ في بعض ذلك فالله يغفر له خطأه، تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين

حيث قالوا: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا (البقرة: 286) "

انتهى من درء تعارض العقل والنقل (2/ 102).

وقد أثنى رحمه الله على كبار أئمة الأشاعرة كأبي الحسن الأشعري، والغزالي، والرازي

فيما أصابوا فيه السنة، وردوا به شبهات الفلاسفة والمعتزلة وغيرهم، ومن ذلك قوله عن أبي حامد الغزالي لما نسب التأويل للإمام أحمد:

"ولم يكن ممن يتعمد الكذب، كان أجلّ قدراً من ذلك، وكان من أعظم الناس ذكاء وطلباً للعلم وبحثاً عن الأمور

وكان من أعظم الناس قصداً للحق، وله من الكلام الحسن المقبول أشياء عظيمة، بليغة، ومن حسن التقسيم والترتيب ما هو به من أحسن المصنفين .

لكن كونه لم يصل إلى ما جاء به الرسول من الطرق الصحيحة ، كان ينقل ذلك بحسب ما بلغه، لاسيما مع هذا الأصل الفاسد؛ إذ جعل النبوات فرعاً على غيرها"

انتهى، من بيان تلبيس الجهمية (6/ 127).

وقال الإمام الذهبي رحمه الله :

" وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ - مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ، وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ - أَهْدَرْنَاهُ، وَبَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ."

انتهى ، من "سير أعلام النبلاء" (14/376)

وينظر أيضا : (14/40) منه .

وانظر: جواب السؤال القادم في موقف علمائنا من النووي وابن حجر رحمهما الله.

وينظر أيضا للأهمية جواب السؤال بعد القادم

ثانيا:

الأشاعرة يعدّون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم.

قال شيخ الإسلام رحمه الله عن الأشاعرة:

" ومباحثهم في مسألة حدوث العالم والكلام في الأجسام والأعراض هو من الكلام الذي ذمه الأئمة والسلف، حتى

قال محمد بن خويز منداد: أهل البدع والأهواء عند مالك وأصحابه هم أهل الكلام ؛ فكل متكلم في الإسلام فهو من أهل البدع والأهواء ، أشعريًّا كان أو غير أشعري.

وذكر ابن خزيمة وغيره أن الإمام أحمد كان يحذر مما ابتدعه عبد الله بن سعيد بن كلاب وعن أصحابه كالحارث ؛ وذلك لما علموه في كلامهم من المسائل والدلائل الفاسدة

وإن كان في كلامهم من الأدلة الصحيحة ، وموافقة السنة ، ما لا يوجد في كلام عامة الطوائف .

فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة والحديث، وهم يعدّون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم

بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم"

انتهى من بيان تلبيس الجهمية (3/ 536).

وانظر: جواب السؤال الثالث القادم

وانظر أيضا للفائدة جواب السؤال الرابع القادم

ثالثا:

العلماء والدعاة المعاصرون كالشيخ الشعراوي والشيخ محمد الغزالي، يُعرف لهم علمهم وفضلهم

ولا يقرون على ما خالفوا فيه السنة، فيبين خطؤهم بعلم وإنصاف، ويذكر ما لهم من الفضائل والحسنات، ويستفاد مما أصابوا فيه في التفسير وغيره

ولا يترك صوابهم لخطئهم، لكن من كثر الخطأ في كلامه ، فلا ينبغي أن يقرأ له إلا المتمكن القادر على معرفة الخطأ، ورد الشبهة.

فالعالم والداعية إذا كان معظما للكتاب والسنة، ثم خالفهما لاجتهاد أو تقليد، فإنه يلتمس له العذر، ويستفاد منه فيما أصاب فيه.

وأما أصحاب البدع المغلظة، المفارقون للكتاب والسنة كالخوارج، والمعتزلة، والرافضة ، والإباضية ، فالأصل أن يحذّر منهم، وينفّر عنهم، لئلا يغمسوا الناس في أهوائهم، ويفتموهم بشبهاتهم.

قال ابن القيم رحمه الله :

"من قواعد الشرع ، وَالْحكمَة أيضا : أن من كثرت حَسَنَاته وعظمت ، وَكَانَ لَهُ فِي الإسلام ، تَأْثِير ظَاهر : فَإِنَّهُ يُحْتَمل لَهُ مَالا يُحْتَمل لغيره ، ويُعفى عَنهُ مَالا يُعفى عَن غَيره .

فَإِن الْمعْصِيَة خبث ؛ وَالْمَاء إِذا بلغ قُلَّتَيْنِ لم يحمل الْخبث ؛ بِخِلَاف المَاء الْقَلِيل ، فَإِنَّهُ يحمل ادنى خبث يقع فيه " .

انتهى ، من "مفتاح دار السعادة" (1/504) ط عالم الفوائد .

والنصيحة لك أن تتدارس ، على أناة وروية ، الرسالة العظيمة : "رفع الملام عن الإئمة الأعلام" ، لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وأن تستمع شيئا من شروحها ، مثل شرح فضيلة الشيخ يوسف الغفيص ، حفظه الله .

رابعا:

ينبغي أن يحرص المسلمون على وحدة الكلمة، والتآلف والتكاتف في مواجهة أعدائهم، دون تمييع القضايا

أو جعل الباطل حقا، وإنما يكون التناصح والتحاور بينهم في مسائل الخلاف قائما على العدل والإحسان ومراعاة حقوق الأخوة الإيمانية، والبعد عن البغي والظلم وإهدار الحقوق لأجل الخلاف.

وأيضا فإن كثيرا من مسائل الخلاف لا يحسن إيرادها للعامة، وإنما يخاطبون بالجمل والأصول، ولا يثار أمامهم ما يكون سببا في النزاع والشقاق.

وقد سبق بيان هذا المعنى بشيء من التفصيل في جواب السؤال الخامس القادم

خامسا:

الواجب مع العوام الذين يقلدون أهل البدع والأهواء، أن يناصحوا، وأن يُدعوا إلى طلب العلم، ومعرفة الحق، ونبذ التعصب، وأن يسلك معهم مسلك التأليف والتقريب

لا العداوة والخصومة، فإنهم متى آنسوا قربا من الداعية أحبوه ولانوا له وأخذوا بقوله.

سادسا:

دعاء الأموات والاستغاثة بهم شرك بالله تعالى، كما دل عليه القرآن في مواضع.

وينظر: جواب السؤال السادس و السابع و الثامن القادمين

والمنازع في هذا إن كان متأولا أو مقلدا فهو معذور، ولا يكفر إلا من قامت عليه الحجة الرسالية التي يكفر تاركها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين ، وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة ، وإزالة الشبهة"

انتهى من مجموع الفتاوى (12/ 466).

ولا حجة لمن جوز الاستغاثة في قوله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا النساء/8

فالرزق هنا معناه العطية، أي أعطوهم من المال الذي حضروا قسمته.

قال ابن الجوزي رحمه الله: " فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ أي: أعطوهم منه، وقيل: أطعموهم .

وهذا على الاستحباب عند الأكثرين، وذهب قوم إِلى أنه واجب في المال، فإن كان الورثة كباراً، تولوا إِعطاءهم

وإِن كانوا صغاراً تولّى ذلك عنهم وليّ مالهم، فروي عن عبيدة أنه قسم مال أيتام، فأمر بشاة، فاشتريت من مالهم، وبطعام فصنع

وقال: لولا هذه الآية لأحببت أن يكون من مالي، وكذلك فعل محمّد بن سيرين في أيتامِ ولِيَهم، وكذلك روي عن مجاهد: أن ما تضمّنتْه هذه الآية واجب"

انتهى من زاد المسير (1/ 375).

فليس في الآية إلا تسمية العطية رزقا، ونسبة الرزق إلى المخلوق المعطي، والمخلوق ينسب إليه الرزق فيما يقدر عليه ، كما قال تعالى: وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ الحج/58

لكن لا يجوز طلب الرزق ، أو الاستغاثة بأحد دون الله ، إلا إذا كان حيا ، فيما يقدر عليه.

فإن أريد أن سؤال الميت من باب المجاز، وأنه يشرع سؤاله على ذلك، كان هذا فتحا لباب الشرك على مصراعيه

وأن يقول المسلمون: يا محمد يا أبا بكر يا عمر يا عثمان يا علي يا طلحة، يا جبريل يا ميكائيل، وهم يريدون يا رب محمد ورب أبي بكر إلخ !!

وهل يجيز هذا من يعرف دين الإسلام، ويعرف قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ البقرة/186 .

على أن كثيرا من المستغيثين ، بل غالبهم ، لا يعرفون مجازا ولا كناية ، ولا يرومون بقولهم ذلك

إنما هم يريدون من الميت نفسه، ويزعمون أن الله أعطاه التصرف، أو أنهم يسألون الأموات، والأموات يقربونهم إلى الله زلفى، كما كان يعتقد أهل الجاهلية.

قال في كشاف القناع في باب حكم المرتد (6/ 168):

" أو جعل بينه وبين الله وسائط ، يتوكل عليهم ، ويدعوهم ، ويسألهم ؛ إجماعا انتهى) : أي كفر؛ لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [الزمر: 3] " انتهى.

والمجيزون للاستغاثة الشركية لهم شبهات كثيرة، أجاب عنها أهل العلم، وينصح بالرجوع إلى:

1-صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، للعلامة محمد بشير السهسواني.

2-هذه مفاهيمنا، للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ.

ويمكنك الاستفادة في موضوع التعامل مع المخالف، من كتاب "دعوة أهل البدع" للشيخ خالد بن أحمد الزهراني، وهو موجود على الشبكة.

وأيضا كتاب : "منهج أهل السنة في النقد والحكم على الآخرين" ، لهشام بن إسماعيل الصيني .

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد



اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-27, 15:43   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

موقف علمائنا من الحافظين ابن حجر والنووي رحمهما الله

السؤال

قال واحد من العلماء المسلمين في المدينة التي أسكن بها : إن الإمام ابن حجر ، والإمام النووي مبتدعان ، وساق بعض الأدلة من "فتح الباري" لتبرير رأيه

وأعطى مثالاً على ذلك بشرح الإمام ابن حجر للمقصود بوجه الله أنه رحمته ، ما رأيكم ؟


الجواب

الحمد لله

أهل السنَّة والجماعة منصفون في الحكم على الآخرين ، لا يرفعون الناس فوق ما يستحقون ، ولا ينقصون قدرهم ، ومن الإنصاف بيان خطأ المخطئ من أهل العلم والفضل ، والتأول له ، والترحم عليه

كما أن من الإنصاف التحذير من خطئه ؛ لئلا يغتر أحد بمكانته فيقلده فيما أخطأ فيه ، وأهل السنَّة لا يتوانون عن الحكم على المخالف المتعمد للسنَّة بأنه مبتدع ضال .

وقد وُجد في زماننا هذا من نال من الإمامين ابن حجر والنووي ، فحكم عليهما بأنهم مبتدعة ضالون ! ، وبلغت السفاهة ببعضهم أن قال بوجوب إحراق كتابيهما "فتح الباري" و "شرح مسلم " ! .

وليس معنى هذا أنهما لم يخطئا في مسائل من الشرع ، وبخاصة في باب صفات الله تعالى ، وقد علَّق عليها علماؤنا ، وبينوها ، وردوا عليهما

مع الترحم عليهما ، والثناء بما يستحقانه ، والدعاء لهما ، والوصية بالاستفادة من كتبهما ، وهذا هو الإنصاف الذي عُرف به أهل السنَّة والجماعة

بخلاف من بدَّعهما ، وضلَّلهما ، وقال بإحراق كتبهما ، وبخلاف من استدل بكلامهما كأنه شرع منزَّل ، وجعل ما يعتقدانه هو الحق الذي لا ريب فيه

وسنذكر ما يتيسر من كلام علمائنا ليقف المسلم على الإنصاف ، والعلم ، والحكم بالعدل على هذين الإمامين .

1- سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

ما هو موقفنا من العلماء الذين أوَّلوا في الصفات ، مثل ابن حجر ، والنووي ، وابن الجوزي ، وغيرهم ، هل نعتبرهم من أئمة أهل السنَّة والجماعة أم ماذا ؟

وهل نقول : إنهم أخطأوا في تأويلاتهم ، أم كانوا ضالين في ذلك ؟

فأجابوا :

" موقفنا من أبي بكر الباقلاني ، والبيهقي ، وأبي الفرج بن الجوزي ، وأبي زكريا النووي ، وابن حجر ، وأمثالهم ممن تأول بعض صفات الله تعالى

أو فوَّضوا في أصل معناها : أنهم في نظرنا من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم ، فرحمهم الله رحمة واسعة ، وجزاهم عنا خير الجزاء

وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير

وأنهم أخطأوا فيما تأولوه من نصوص الصفات وخالفوا فيه سلف الأمة وأئمة السنة رحمهم الله ، سواء تأولوا الصفات الذاتية ، وصفات الأفعال ، أم بعض ذلك .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز. الشيخ عبد الرزاق عفيفي . الشيخ عبد الله بن قعود

"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/241) .

2- وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

بالنسبة للعلماء الذين وقعوا في بعض الأخطاء في العقيدة ، كالأسماء والصفات ، وغيرها ، تمر علينا أسماؤهم في الجامعة حال الدراسة ، فما حكم الترحُّم عليهم ؟ .

الشيخ : مثل مَن ؟ .

السائل : مثل : الزمخشري ، والزركشي ، وغيرهما .

الشيخ : الزركشي في ماذا ؟ .

السائل : في باب الأسماء والصفات .

فأجاب :

"على كل حال ، هناك أناس ينتسبون لطائفة معينة شعارها البدعة ، كالمعتزلة مثلاً ، ومنهم الزمخشري ، فالزمخشري مُعتزلي ، ويصف المثْبِتِين للصفات بأنهم : حَشَوِية

مُجَسِّمة ، ويُضَلِّلهم فهو معتزلي ، ولهذا يجب على مَن طالع كتابه "الكشاف" في تفسير القرآن أن يحترز من كلامه في باب الصفات ، لكنه من حيث البلاغة ، والدلالات البلاغية اللغوية جيد

يُنْتَفع بكتابه كثيراً ، إلا أنه خَطَرٌ على الإنسان الذي لا يعرف في باب الأسماء والصفات شيئاً ، لكن هناك علماء مشهودٌ لهم بالخير

لا ينتسبون إلى طائفة معينة مِن أهل البدع ، لكن في كلامهم شيءٌ من كلام أهل البدع ؛ مثل ابن حجر العسقلاني ، والنووي رحمهما الله

فإن بعض السفهاء من الناس قدحوا فيهما قدحاً تامّاً مطلقاً من كل وجه ، حتى قيل لي : إن بعض الناس يقول : يجب أن يُحْرَقَ " فتح الباري " ؛ لأن ابن حجر أشعري ، وهذا غير صحيح

فهذان الرجلان بالذات ما أعلم اليوم أن أحداً قدَّم للإسلام في باب أحاديث الرسول مثلما قدَّماه

ويدلك على أن الله سبحانه وتعالى بحوله وقوته - ولا أَتَأَلَّى على الله - قد قبلها : ما كان لمؤلفاتهما من القبول لدى الناس ، لدى طلبة العلم

بل حتى عند العامة ، فالآن كتاب " رياض الصالحين " يُقرأ في كل مجلس , ويُقرأ في كل مسجد ، وينتفع الناس به انتفاعاً عظيماً

وأتمنى أن يجعل الله لي كتاباً مثل هذا الكتاب ، كلٌّ ينتفع به في بيته ، وفي مسجده

فكيف يقال عن هذين : إنهما مبتِدعان ضالان ، لا يجوز الترحُّم عليهما ، ولا يجوز القراءة في كتبهما ! ويجب إحراق " فتح الباري "

و " شرح صحيح مسلم " ؟! سبحان الله ! فإني أقول لهؤلاء بلسان الحال ، وبلسان المقال :

أَقِلُّوا عليهمُ لا أبا لأبيكمُ مِن اللومِ أو سدوا المكان الذي سدوا

من كان يستطيع أن يقدم للإسلام والمسلمين مثلما قدَّم هذان الرجلان ، إلا أن يشاء الله ، فأنا أقول : غفر الله للنووي ، ولابن حجر العسقلاني

ولمن كان على شاكلتهما ممن نفع الله بهم الإسلام والمسلمين ، وأمِّنوا على ذلك " انتهى .

"لقاءات الباب المفتوح" (43/السؤال رقم 9) .

3- وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :

لقد ظهر بين طلاب العلم اختلاف في تعريف المبتدع ، فقال بعضهم : هو من قال أو فعل البدعة ، ولو لم تقع عليه الحجة ، ومنهم من قال لابد من إقامة الحجة عليه

ومنهم من فرَّق بين العالم المجتهد وغيره من الذين أصلوا أصولهم المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة ، وظهر من بعض هذه الأقوال تبديع ابن حجر والنووي ، وعدم الترحم عليهم ؟

فأجاب :

" أولاً: لا ينبغي للطلبة المبتدئين وغيرهم من العامة أن يشتغلوا بالتبديع والتفسيق ؛ لأن ذلك أمر خطير وهم ليس عندهم علم ودراية في هذا الموضوع

وأيضاً هذا يُحدث العداوة والبغضاء بينهم ، فالواجب عليهم الاشتغال بطلب العلم ، وكف ألسنتهم عما لا فائدة فيه ، بل فيه مضرة عليهم ، وعلى غيرهم .

ثانياً: البدعة : ما أحدث في الدين مما ليس منه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) - رواه البخاري -

وإذا فعل الشيء المخالف جاهلاً : فإنه يعذر بجهله ، ولا يحكم عليه بأنه مبتدع ، لكن ما عمله يعتبر بدعة .

ثالثاً: من كان عنده أخطاء اجتهادية تأوَّل فيها غيره ، كابن حجر ، والنووي ، وما قد يقع منهما من تأويل بعض الصفات : لا يُحكم عليه بأنه مبتدع

ولكن يُقال : هذا الذي حصل منهما خطأ ، ويرجى لهما المغفرة بما قدماه من خدمة عظيمة لسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهما إمامان جليلان ، موثوقان عند أهل العلم " انتهى .

"المنتقى من فتاوى الفوزان" (2/211 ، 212) .

4- وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله :

" مثل النووي ، وابن حجر العسقلاني ، وأمثالهم ، من الظلم أن يقال عنهم : إنهم من أهل البدع

أنا أعرف أنهما من " الأشاعرة " ، لكنهما ما قصدوا مخالفة الكتاب والسنَّة ، وإنما وهِموا ، وظنُّوا أنما ورثوه من العقيدة الأشعرية : ظنوا شيئين اثنين :

أولاً: أن الإمام الأشعري يقول ذلك ، وهو لا يقول ذلك إلاَّ قديماً ؛ لأنه رجع عنه .

وثانياً: توهموه صواباً ، وليس بصواب .

انتهى من (شريط رقم 666) "من هو الكافر ومن هو المبتدع ".

فرحم الله الإمامين : النووي وابن حجر ، وغفر لهما ما أخطآ فيه .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-27, 15:54   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

الترحم على أهل البدع، وكيف يتعامل طالب العلم مع كتبهم ؟

السؤال


ما هي الكتب الأثرية لشتى علوم الدين لأصحاب السنة المحضة الذين لم يعرفوا ببدعة ؟

وما هو سبب اتخاذ المتأخرين من كتب أصحاب البدع الذين ضلوا في أبواب العقيدة وغيرها وهل يجوز الترحم عليهم ، كمثال العز بن عبدالسلام وابن العربي وغيرهم ؟


الجواب

الحمد لله

أولا:

أهل السنة والحديث والأثر المتبعون للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، المجانبون للأهواء والبدع، لهم مؤلفات كثيرة في شتى أبواب العلم، في التفسير والحديث والعقيدة والفقه واللغة وغيرها.

فأما كتبهم في الحديث وعلومه : فقد ملأت الدنيا ، وطبقت الآفاق ؛ فدونك صحيح البخاري ، وصحيح مسلم

والسنن الأربعة ، وموطأ مالك ، ومصنف ابن أبي شيبة ، ومصنف عبد الرزاق .... وغير ذلك مما لا يسع المقام عده ولا إحصاءه .

ومن مصنفاتهم في التفسير : تفسير الإمام محمد بن جرير الطبري ، وابن أبي حاتم ، والسمعاني ، والبغوي ، وابن كثير ، وابن سعدي ، وغيرهم .

ومن كتبهم في السنة وأصول الاعتقاد : ما هو معروف ظاهر ، كثير ؛ مثل مصنفات الإمام عثمان بن سعيد الدارمي ، والسنة للخلال

ولعبد الله بن أحمد ، وابن أبي عاصم ، والتوحيد لابن خزيمة ، والشريعة للآجري ، والإبانة لابن بطة ، والسنة للالكائي ، وغيرها .

ثانيا:

الفرق المخالفة لما كان عليه السلف الصالح كثيرة، منها الخوارج والمرجئة، والجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة

ولهذه الفرق أتباعها ومقلدوها، وربما قويت البدعة وانتشرت في أزمنة معينة ، أو أمكنة معينة لعوامل كثيرة، منها تبني الدولة لها، ومحاربة خصومها.

ويجوز الترحم على أهل البدع غير المكفرة؛ لأنهم مسلمون. وكل مسلم يجوز الدعاء له والترحم عليه. وهذا أمر ظاهر ، لا إشكال فيه ، ولا تردد ، وهو من حقوق المسلم على أخيه ، باعتبار أصل إيمانه .

قال ابن القيم رحمه الله : " لَا خلاف فِي جَوَاز الترحم على الْمُؤمنِينَ "

انتهى من "جلاء الأفهام" (159) .

وأما ما يوجد من الكلام والآثار في ترك الأخذ عن بعض أهل البدع

أو ترك السماع منهم، أو نحو ذلك : فليست هذه قاعدة شرعية كلية مضطردة في حق كل أحد ، بل هي باب من أبواب الزجر والتأديب ، المبني على مراعاة المصلحة الشرعية في مثل ذلك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"فكل مسلم لم يُعلم أنه منافق جاز الاستغفار له والصلاة عليه، وإن كان فيه بدعة أو فسق .

لكن لا يجب على كل أحد أن يصلي عليه . وإذا كان في ترك الصلاة على الداعي إلى البدعة والمظهر للفجور : مصلحة من جهة انزجار الناس

فالكف عن الصلاة كان مشروعا لمن كان يؤثّر ترك صلاته في الزجر بأن لا يصلى عليه. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن قتل نفسه: " صلوا على صاحبكم "

وكذلك قال في الغال: " صلوا على صاحبكم ". وقد قيل لسمرة بن جندب: إن ابنك لم ينم البارحة. فقال: أبشما ؟ قالوا: بشما. قال: لو مات لم أصل عليه. يعني: لأنه يكون قد قتل نفسه"

انتهى من "منهاج السنة" (5/ 235).

وأي مصلحة لطالب العلم في أن يهجر ما صنفه أهل العلم من الأشاعرة ونحوهم

لأجل أن صاحب هذا التصنيف قد وقع في بدعة ، أو خطأ ما في مسألة قد بذل وسعه في طلبها ، كما هو الظن في أهل العلم والديانة ، فلم يوفق لوجه الصواب فيها ؟!

وكم يصفو لطالب العلم مما في أيدي الناس ، من كتب فقه الفقهاء ، وشروحهم ، وحواشيهم ، وشروح الحديث ، وكتب التفاسير ، وكتب أصول الفقه ، وعلوم الآلة ونحو ذلك .

" فالهجران قد يكون مقصوده ترك سيئة البدعة التي هي ظلم وذنب وإثم وفساد ، وقد يكون مقصوده فعل حسنة الجهاد والنهي عن المنكر وعقوبة الظالمين لينزجروا ويرتدعوا

وليقوى الإيمان والعمل الصالح عند أهله . فإن عقوبة الظالم تمنع النفوس عن ظلمه ، وتحضها على فعل ضد ظلمه : من الإيمان والسنة ونحو ذلك .

فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ولا انتهاء أحد ؛ بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها لم تكن هجرة مأمورا بها ، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك: أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية .

فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة ، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي .

وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة ، فلو ترك رواية الحديث عنهم لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم ...

فإن أقواما جعلوا ذلك عاما ، فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به ، فلا يجب ولا يستحب ، وربما تركوا به واجبات أو مستحبات وفعلوا به محرمات . وآخرون أعرضوا عن ذلك بالكلية

فلم يهجروا ما أمروا بهجره من السيئات البدعية ؛ بل تركوها ترك المعرض ؛ لا ترك المنتهي الكاره ، أو وقعوا فيها ، وقد يتركونها ترك المنتهي الكاره ، ولا ينهون عنها غيرهم

ولا يعاقبون بالهجرة ونحوها من يستحق العقوبة عليها ، فيكونون قد ضيعوا من النهي عن المنكر ما أمروا به إيجابا أو استحبابا ، فهم بين فعل المنكر أو ترك النهي عنه

وذلك فعل ما نهوا عنه وترك ما أمروا به . فهذا هذا . ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه . والله سبحانه أعلم "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 28 / 212 - 213 ) .

وينظر جواب السؤال القادم

ثم يتأكد جانب : ترك الهجر ، والمداراة ، والاستصلاح : إذا كان مثل ذلك في زمان ، أو مكان : تضعف فيه السنة ، وأهلها ، وتزداد فيه غربة القائمين عليها ، وتضعف فيها آثار النبوة والرسالة ، والبينات الشرعية .

جاء في "مسائل إسحاق الكوسج" ، للإمام أحمد(2/565) :

" مَن يقولُ : القرآن مخلوق ؟

قَالَ : ألحق به كل بلية . ...

قُلْتُ : فتظهرُ العداوة لهم ، أو تداريهم ؟

قَالَ : أهل خراسان لا يَقْوَوْن بهم ، يقول : كأن المداراة " !! انتهى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، تعليقا على ذلك :

" وهذا الجواب منه ، مع قوله في القدرية: لو تركنا الرواية عن القدرية لتركناها عن أكثر أهل البصرة ، ومع ما كان يعاملهم به في المحنة: من الدفع بالتي هي أحسن

ومخاطبتهم بالحجج يفسر ما في كلامه وأفعاله من هجرهم ، والنهي عن مجالستهم ومكالمتهم ...

فإن الهجرة نوع من أنواع التعزير، والعقوبة نوع من أنواع الهجرة التي هي ترك السيئات ...

وعقوبة الظالم وتعزيره مشروط بالقدرة ؛ فلهذا اختلف حكم الشرع .. بين القادر والعاجز ، وبين قلة نوع الظالم المبتدع وكثرته ، وقوته وضعفه ، كما يختلف الحكم بذلك في سائر أنواع الظلم من الكفر والفسوق والعصيان.

فإن كل ما حرمه الله فهو ظلم ؛ إما في حق الله فقط ، وإما في حق عباده ، وإما فيهما.

وما أمر به من هجر الترك والانتهاء ، وهجر العقوبة والتعزير : إنما هو إذا لم يكن فيه مصلحة دينية راجحة على فعله .

وإلا ؛ فإذا كان في السيئة حسنة راجحة : لم تكن سيئة .

وإذا كان في العقوبة مفسدة راجحة على الجريمة : لم تكن حسنة؛ بل تكون سيئة .

وإن كانت مكافئة : لم تكن حسنة ، ولا سيئة .

فالهجران : قد يكون مقصوده ترك سيئة البدعة ، التي هي ظلم وذنب وإثم وفساد .

وقد يكون مقصوده فعل حسنة الجهاد ، والنهي عن المنكر ، وعقوبة الظالمين لينزجروا ويرتدعوا

وليقوى الإيمان والعمل الصالح عند أهله. فإن عقوبة الظالم تمنع النفوس عن ظلمه ، وتحضها على فعل ضد ظلمه: من الإيمان والسنة ونحو ذلك.

فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ، ولا انتهاء أحد؛ بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها لم تكن هجرةً مأمورا بها ، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك: أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية !!

فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم : سقط الأمر بفعل هذه الحسنة ، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي.

وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة : فلو ترك رواية الحديث عنهم ، لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم.

فإذا تعذر إقامة الواجبات ، من العلم والجهاد وغير ذلك ، إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب كان تحصيل مصلحة الواجب ، مع مفسدة مرجوحة معه ؛ خيرا من العكس.

ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل" انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/210-212) .

وينظر جواب السؤالين الثاني و الثالث القادمين

نعم ؛ لا يؤخذ عنهم شيء من العلم في الباب الذي خالفوا فيه أهل السنة ، ولا يعتني طالب العلم بمصنفاتهم الكلامية ، بل يعرف من علماء أهل السنة ما أخطأوا فيه

وخالفوا السنة المحضة ، ليحذر بدعتهم في ذلك الباب ، ويدع الأخذ عنهم فيه ، بل ويحذر مما أخطأؤوا فيه ، إن كان أهلا لذلك . ثم ينتفع بما أحسنوا فيه من العلوم بعد ذلك .

وإنما يعتني بمنصفاتهم الكلامية : المختصون المتأهلون للنظر والبحث فيها .

وطالب العلم المبتدئ ، وعامة الناس ، ونحوهم من "المثقفين" ، فإنما يكفيهم ما ينفعم من المختصرات والمصنفات الميسرة ، فينظر في تفسير ابن كثير

وتفسير السعدي ، ومختصر التفسير ، والتفسير الميسر ونحو ذلك ، مما يكفيه وزيادة ، وينظر في شرح رياض الصالحين ، للشيخ ابن عثمين ، وجامع العلوم والحكم ، ونحو ذلك .

ثالثا :

الإمام أبو بكر ابن العربي المالكي ، وهو يشتبه على بعض الناس بالصوفي الضال ، فهو عالم إمام ، له باع عظيم في الفقه والأصول والتفسير والحديث ، وله مصنفات عظيمة ، نافعة ، ما زال أهل العلم والدين يشتغلون بها ، وينتفعون بما فيها .

مع معرفة أهل العلم وطلابه بمذهبه الأشعري ، وتصانيفه في ذلك ؛ فيتوقون ما فيه نصرة لبدعة، وينتفعون بما عنه من العلوم والمعارف .

وينظر للفائدة : جواب السؤالين الرابع و الخامس القادمين

ومثل ذلك يقال في عز الدين ابن عبد السلام :

فهو عالم كبير ، وفقيه إمام ، من كبار فقهاء الشافعية ، ومن أهل العلم والديانة .

وله مصنفات نافعة ، أشهرها وأعظمها : "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" ، المشهور بالقواعد الكبرى ، ومختصره : القواعد الصغرى ، وتصانيف أخرى كثيرة نافعة .

مع المعرفة بما كان عليه من الأصول الأشعرية ، كحال كثير من علماء مذهبه ، والفقهاء في زمانه .

وقد رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، شيئا من مقالاته وتقريراته ، في كتابه العظيم : "الانتصار لأهل الأثر" ، ط عالم الفوائد . فليراجع للاستفادة .

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله طائفة من علماء الأشاعرة وأئمتهم وعلمائهم

مثل القاضي أ[بي بكر الباقلاني ، وأبي ذر الهروي ، وأبي حامد ، وأبي بكر ابن العربي ، وما وقعوا فيه من الأصول المبتدعة المخالفة لطريقة السلف الصالح ، ثم قال عن هؤلاء وأمثالهم :

" ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة ، وحسنات مبرورة

وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع ، والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ، ما لا يخفى على من عرف أحوالهم ، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف .

لكن لما التبس عليهم هذا لأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة [ يعني : نفي الأفعال الاختيارية

والأمور المتعلقة بمشيئة الله تعالى ] ، وهم فضلاء عقلاء ، احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه ، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين .

وصار الناس بسبب ذلك : منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل ، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل ، وخيار الأمور أوساطها !!

وهذا ليس مخصوصا بهؤلاء ؛ بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين

والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات ، ويتجاوز لهم عن السيئات : ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ( الحشر : 10 ) .

ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخطأ في بعض ذلك

فالله يغفر له خطأه ؛ تحقيقا للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ( البقرة : 286 )

ومن اتبع ظنه وهواه ، فأخذ يشنع على من خالفه بما وقع فيه من خطأ ، ظنه صوابا بعد اجتهاده ، وهو من البدع المخالفة للسنة

فإنه يلزمه نظير ذلك ، أو وأعظم أو أصغر ، فيمن يُعَظِّمُه هو من أصحابه ؛ فقلَّ من يسلم من مثل ذلك في المتأخرين ، لكثرة الاشتباه والاضطراب

وبعد الناس عن نور النبوة وشمس الرسالة الذي به يحصل الهدى والصواب ، ويزول به عن القلوب الشك والارتياب .. "

انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (2/102-103) .

وينظر للأهمية : جواب السؤال السادس القادم

والنصيحة أن تنشغل بطلب العلم على يد موثوقين من أهل السنة، وأن تدع الكلام في الطوائف والمذاهب والرجال، فهذا له أهله.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-27, 16:05   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

هل هناك علاقة للحافظ ابن حجر بالصوفية ؟

السؤال

ذُكر في مقدمة فتح الباري أن ابن حجر العسقلاني درَّس في مدرسة صوفية ، وذكرت مصادر أخرى أنه كان ينتمي إلى إحدى الطرق الصوفية

فهل كان صوفياً حقاً، وما مدى صحة هذه المعلومة ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

بعض المصطلحات تحمل في معانيها حقا وباطلا ، فلا ينبغي أن نسارع إلى الإنكار على أصحابها إلا بعد الاستفصال عن مقصدهم منها هل هو المعنى الحق ؟ أم الباطل؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده

فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به ، وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره ... " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 12 / 114 ) .

ومن هذه الألفاظ التصوف ؛ فأحيانا يطلق التصوف والصوفية ويراد بها الزهد والإعراض عن الدنيا ، وملازمة ذكر الله تعالى ، كما كان حال الزهاد من السلف الصالح الذين ينسبون إلى التصوف

وإن وجدت عندهم بعض المخالفات اليسيرة فهي مغمورة بجانب ما أصابوا فيه الحق. وكثيرا ما يستعمل التصوف والصوفية ويراد بها هذه الطرق البدعية التي نراها في زمننا

وما فيها من منكرات كالرقص والغناء والشعوذة ، وبعض الاعتقادات الكفرية والشركية كالحلول والاتحاد وعبادة القبور والتوسل بالأموات ونحو هذا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" والتحقيق فيه – أي في التصوف - : أنه مشتمل على الممدوح والمذموم ، كغيره من الطرق ، وأن المذموم منه قد يكون اجتهاديا ، وقد لا يكون

وأنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في " الرأي " فإنه قد ذم الرأي من العلماء والعباد طوائف كثيرة

و" القاعدة " التي قدمتها تجمع ذلك كله ، وفي المتسمين بذلك من أولياء الله وصفوته وخيار عباده : ما لا يحصى عده . كما في أهل " الرأي " من أهل العلم والإيمان من لا يحصي عدده إلا الله . والله سبحانه أعلم " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 10 / 370 ) .

ثانيا :

أكثر أهل العلم الذين اشتهر علمهم وفضلهم : إذا ثبت عن بعضهم ثناء على بعض الصوفية ، أو مخالطته لهم ، فالمقصود بهم النوع الأول وليس أولئك الصوفية المتلبسين بالبدع والشركيات .

وهذا هو الظاهر من حال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ، وهو اللائق بالمعروف من حياته وسيرته ، فقد كان محبا للصالحين ، مبغضا منكرا على المبتدعة الضالين .

قال السخاوي رحمه الله تعالى :

" وكذا كان يجهر بالإنكار على ابن عربي ومن نحا نحوه ... "
.
انتهى من " الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر " ( 3 / 1046 – 1047 ) .

وقال السخاوي أيضا :

" ومع وفور علمه ـ يعني شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ وعدم سرعة غضبه

فكان سريع الغضب في الله ورسوله ... إلى أن قال: واتفق كما سمعته منه مراراً أنه جرى بينه وبين بعض المحبين لابن عربي منازعة كثيرة في أمر ابن عربي

أدت إلى أن نال شيخنا من ابن عربي لسوء مقالته ، فلم يسهل بالرجل المنازع له في أمره ، وهدَّده بأن يغري به الشيخ صفاء الذي كان الظاهر برقوق يعتقده

ليذكر للسلطان أن جماعة بمصر منهم فلان يذكرون الصالحين بالسوء ونحو ذلك ، فقال له شيخنا: ما للسلطان في هذا مدخل ، لكن تعالَ نتباهل ؛ فقلما تباهل اثنان

فكان أحدهما كاذباً إلا وأصيب ، فأجاب لذلك، وعلَّمه شيخنا أن يقول: اللهم إن كان ابن عربي على ضلال، فالعَنِّي بلعنتك ، فقال ذلك .

وقال شيخنا: اللهم إن كان ابن عربي على هدى فالعنِّي بلعنتك ، وافترقا.

قال: وكان المعاند يسكن الروضة ، فاستضافه شخص من أبناء الجند جميل الصورة ، ثم بدا له أن يتركهم ، وخرج في أول الليل مصمماً على عدم المبيت

فخرجوا يشيعونه إلى الشختور، فلما رجع أحسَّ بشيءٍ مرَّ على رجله ، فقال لأصحابه: مرَّ على رجلي شيء ناعم فانظروا ، فنظروا فلم يروا شيئاً. وما رجع إلى منزله إلا وقد عمي ، وما أصبح إلا ميتاً.

وكان ذلك في ذي القعدة سنة سبع وتسعين (وسبع مئة)، وكانت المباهلة في رمضان منها. وكان شيخنا عند وقوع المباهلة عرَّف من حضر أن من كان مبطلاً في المباهلة لا تمضي عليه سنة "

انتهى من " الجواهر والدرر" (3/1001-1002) .

وقد احتوت مؤلفاته كفتح الباري ، مواضع ينكر فيها على بعض منكرات الطرق الصوفية .

قال الحافظ ابن حجر "رحمه الله"

نقلاً عن القرطبي "رحمه الله" :

" وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه ، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير

حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان ، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة

وانتهى التواقح بقوم منهم ، إلى أن جعلوها من باب القرب ، وصالح الأعمال ، وأن ذلك يثمر سني الأحوال ، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة ، وقول أهل المخرفة ، والله المستعان" .

قال ابن حجر رحمه الله تعليقا على ذلك :

" وينبغي أن يعكس مرادهم ، ويقرأ : ( سَيِّءَ ..)"

انتهى من " فتح الباري " (2/442) .

وقال السخاوي في حديث : لبس الخرقة الصوفية ، وكون الحسن البصري لبسها من علي :

" قال ابن دحية وابن الصلاح: إنه باطل ، وكذا قال شيخنا - أي الحافظ ابن حجر - : إنه ليس في شيء من طرقها ما يثبت

ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية ، لأحد من أصحابه

ولا أمر أحداً من أصحابه بفعل ذلك ، وكل ما يروى في ذلك صريحاً فباطل .

قال: ثم إن من الكذب المفترى قول من قال: إن علياً ألبس الخرقة الحسن البصري ؛ فإن أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من علي سماعاً ، فضلاً عن أن يلبسه الخرقة ".

انتهى من " المقاصد الحسنة " ، للسخاوي (1/176) .

ثالثا :

الأصل هجر أهل البدع من الصوفية وغيرهم لكن هذا الهجر ليس على إطلاقه بل مضبوط بوجود المصلحة الشرعية من الهجر وغياب المفسدة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فالهجران قد يكون مقصوده ترك سيئة البدعة التي هي ظلم وذنب وإثم وفساد ، وقد يكون مقصوده فعل حسنة الجهاد والنهي عن المنكر وعقوبة الظالمين لينزجروا ويرتدعوا

وليقوى الإيمان والعمل الصالح عند أهله . فإن عقوبة الظالم تمنع النفوس عن ظلمه ، وتحضها على فعل ضد ظلمه : من الإيمان والسنة ونحو ذلك .

فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ولا انتهاء أحد ؛ بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها لم تكن هجرة مأمورا بها ، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك: أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية .

فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة

وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي . وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة ، فلو ترك رواية الحديث عنهم لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم ...

فإن أقواما جعلوا ذلك عاما ، فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به ، فلا يجب ولا يستحب ، وربما تركوا به واجبات أو مستحبات وفعلوا به محرمات . وآخرون أعرضوا عن ذلك بالكلية

فلم يهجروا ما أمروا بهجره من السيئات البدعية ؛ بل تركوها ترك المعرض ؛ لا ترك المنتهي الكاره ، أو وقعوا فيها ، وقد يتركونها ترك المنتهي الكاره

ولا ينهون عنها غيرهم ، ولا يعاقبون بالهجرة ونحوها من يستحق العقوبة عليها ، فيكونون قد ضيعوا من النهي عن المنكر ما أمروا به إيجابا أو استحبابا ، فهم بين فعل المنكر أو ترك النهي عنه

وذلك فعل ما نهوا عنه وترك ما أمروا به . فهذا هذا . ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه . والله سبحانه أعلم "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 28 / 212 - 213 ) .

والذي يظهر ، والله أعلم ، أن ابن حجر رحمه الله في تدريسه في بعض المدارس التي كان فيها تصوف أو بعض الصوفية ، كان يزن بذلك الميزان ؛ ميزان تحقيق المصلحة الشرعية

فقد كانت دروسه رحمه الله تعالى في نشر السنة وقراءة كتب الحديث ، فيكون نشره للحديث والسنة ، وتعليم الناس العلم ، ولو في مدرسة للصوفية

نوعا من الدعوة ، وتحصيلا لخير ، فواته أعظم من هجران تلك المدارس ، أو الربط .

وقد حكى تلميذه السخاوي ما كان عليه رحمه الله تعالى من الدعوة للسنة ؛ قال رحمه الله تعالى :

" وأما اتباعه للسنة في جميع أحواله ، فشيء لا يسأل عنه ، لأنها عنه تؤخذ ، ومنه تعرف ، ويحرص بلسانه وقلمه على جذب الناس إليها ، وتحذيرهم من مخالفتها ، حتى كان يتأثر من تأخير الفطر وتقديم السحور ... "

انتهى من " الجواهر والدرر " ( 3 / 1049 ) .

رابعا :

يوجد من الأعلام المشهورين من تتشابه أسمائهم فعندما ينسب إلى أحدهم قول أو موقف قد يخطئ القارئ فيظن أنه الشخص الآخر ، فيجب الاعتناء بهذا والانتباه له .

ومن هذا اسم " ابن حجر " فقد اشتهر به عالمان ؛ الأول هو الحافظ ابن حجر العسقلاني ، والثاني هو ابن حجر الهيتمي الفقيه الشافعي ، وهو متأخر عن الحافظ ابن حجر العسقلاني ، صاحب فتح الباري .

فأحيانا لا تذكر النسبة فيجهل المقصود .

وما ذكر في السؤال : ( وذكرت مصادر أخرى أنه كان ينتمي إلى إحدى الطرق الصوفية )

قد يكون المقصود به الفقيه ابن حجر الهيتمي ، فهو الذي اشتهر بدفاعه عن الصوفية ومخالطته لأصحابها ، أما ابن حجر العسقلاني فلا يعرف انه انتسب إلى طريقة من الطرق الصوفية .

خاصة وأن شمس الدين السخاوي رحمه الله تعالى ذكر سيرة شيخه الحافظ ابن حجر الشخصية والعلمية ، وقد طبعت في ثلاث مجلدات باسم " الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر "

ولا يظهر منها ما يدل على انتماء الحافظ لأي طريق من طرق الصوفية .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-28, 14:39   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

يسأل : هل يصح تكفير الأشاعرة لأنهم ينفون صفات الله ؟

السؤال

سئل الإمام أحمد عن رجل يشتم معاوية أيصلى خلفه ؟

قال: لا، ولا كرامة. وأنتم قلتم : إنه يصلى خلف من بدعته ليست مكفرة ، وأما من كانت بدعته مكفرة فلا تصح الصلاة خلفه ، وذكرتم أن الصلاة تصح خلف الأشاعرة ، أليس الأشاعرة يكفرون ؛ لأنهم من الجهمية

فهم نفوا صفات الله ، ويخالفون صريح القرآن ، كصفة العلو مثلا ، وللشافعي كلام ونصه ، قال الشافعي رحمه الله : " إني قد اطلعت من أهل الكلام على التعطيل " وقال : " لله أسماء وصفات جاء بها كتابه

وأخبر بها نبيه أمته ، لا يسع لأحد ردها ، فمن خالف في ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر ، فأما قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل ، ومن يخالف القرآن أو السنة فهو كافر

لأنه عارض صريح الكتاب والسنة " ؟

هذا أولا . وثانيا : هم ـ والله أعلم ـ يطعنون بمعاوية ، والإمام أحمد قال : لا يصلى خلفه، كما ذكرت آنفا .

وثالثا : أنهم أيضا كما هو معروف يختلفون معنا في اعتقاد القدر ، فكيف بعد هذا يصلى خلفهم ؟

وأيضا واللجنة الدائمة قالت : " إن من نفى صفة العلو، ولكنك ذكرت له الأدلة ، وأقمت عليهم الحجة ، فإذا بقي بعدها على معتقده فهو كافر ، وكثير من الناس نقيم عليهم الحجة في مواقع التواصل

ونعطيهم الأدلة ويبقون على معتقدهم فهل صارو كفارا ؟

وشيخ الإسلام قال : " من كانت بدعتهم مكفرة لا يصلى خلفهم ، وهؤلاء بدعتهم مكفرة ، فما قولكم ؟


الجواب

الحمد لله

أولا:

ينبغي أن يعلم أن وصف "البدع المكفرة" : ينطبق على أنواع كثيرة من المقالات، تختلف من حيث الظهور والخفاء ، وغلبة الظن باشتباه أمرها ، أو عدم اشتباهه .

فمن البدع المكفرة: الاستغاثة بالأموات، والنذر والذبح لهم، وإنكار جنس الصفات، والقول بخلق القرآن، ونفي رؤية الله تعالى، والعلمانية والشيوعية والاشتراكية، نحو ذلك من البدع والضلالات .

والأصل العام في هذا الباب : أنه لا يكفر الشخص المعين حتى تقام عليه الحجة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الْقَوْلَ قَدْ يَكُونُ كُفْرًا ، فَيُطْلَقُ الْقَوْلُ بِتَكْفِيرِ صَاحِبِهِ ، وَيُقَالُ : مَنْ قَالَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ .

لَكِنَّ الشَّخْصَ الْمُعَيَّنَ الَّذِي قَالَهُ : لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ ، حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (23/ 345).

وقال رحمه الله :

"هَذَا؛ مَعَ أَنِّي دَائِمًا ، وَمَنْ جَالَسَنِي يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنِّي : أَنِّي مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ نَهْيًا عَنْ أَنْ يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلَى تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَمَعْصِيَةٍ ؛ إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية

الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا : كَانَ كَافِرًا تَارَةً ، وَفَاسِقًا أُخْرَى ، وَعَاصِيًا أُخْرَى .

وَإِنِّي أُقَرِّرُ : أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَطَأَهَا ؛ وَذَلِكَ يَعُمُّ الْخَطَأَ فِي الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ الْقَوْلِيَّةِ ، وَالْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ .

وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَتَنَازَعُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ ، لَا بِكُفْرِ ، وَلَا بِفِسْقِ ، وَلَا مَعْصِيَةٍ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (3/229).

وقال أيضا :

"وَإِذَا عُرِفَ هَذَا ، فَتَكْفِيرُ " الْمُعَيَّنِ " مِنْ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ وَأَمْثَالِهِمْ ، بِحَيْثُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْكُفَّارِ: لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ ، إلَّا بَعْدَ أَنْ تَقُومَ عَلَى أَحَدِهِمْ الْحُجَّةُ الرسالية

الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ ؛ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ لَا رَيْبَ أَنَّهَا كُفْرٌ.

وَهَكَذَا الْكَلَامُ فِي تَكْفِيرِ جَمِيعِ " الْمُعَيَّنِينَ " ؛ مَعَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْبِدْعَةِ أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ ، وَبَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ يَكُونُ فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَيْسَ فِي بَعْضٍ .

فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ أَخْطَأَ ، وَغَلِطَ ؛ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ ، وَتُبَيَّنَ لَهُ الْمَحَجَّةُ .

وَمَنْ ثَبَتَ إيمَانُهُ بِيَقِينِ ، لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالشَّكِّ ؛ بَلْ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ ، وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ ."

انتهى من " مجموع الفتاوى " (12/501).

وقال في شأن بعض ما يقع فيه الجهال من أمور شرك العبادة :

" وهذا الشركُ : إذا قامت على الإنسان الحجةُ فيه ، ولم يَنتهِ، وَجَبَ قتلُه ، كقتلِ أمثالِه من المشركين، ولم يُدفَنْ في مقابرِ المسلمين، ولم يُصَلَّ عليه .

وأمَّا إذا كان جاهلاً ، لم يَبلُغْه العلمُ، ولم يَعرِف حقيقةَ الشرك الذي قاتلَ عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المشركين، فإنه لا يُحكَم بكُفْرِه، ولاسِيَّما وقد كَثُر هذا الشركُ في المنتسبين إلى الإسلام .

ومن اعتقدَ مثلَ هذا قُربةً وطاعةً فإنه ضَالٌّ باتفاقِ المسلمين، وهو بعد قيامِ الحجة كافر."

انتهى من " جامع المسائل " (3/151) .

ثانيا:

الصلاة خلف صاحب البدعة المكفرة، فيها نزاع مشهور بين الفقهاء، وهو مبني على تكفير المبتدع بعينه ، أو عدم تكفيره.

وأعدل الأقوال، أن يقال: إن هذا المبتدع لا يُولَّى، ولا يُمكّن من الإمامة، إنكارا لمنكره، وزجرا عن بدعته .

فإن لم يمكن تنحيته عن الإمامة، وأمكنت الصلاة خلف غيره : فإنه لا يُصلَّى خلفه .

فإن لم تمكن الصلاة خلف غيره، كالجمعة والعيدين، فإنه يصلى خلفه ، إذا لم نعلم أن الحجة قد قامت عليه ، ولم نحكم بكفره عينا؛ لأن من صحت صلاته لنفسه ، صحت صلاته لغيره.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام نافع في هذه المسألة، وفيه تنبيه على سبب الخلاف فيها، ونحن نلخص مقاصده هنا . قال رحمه الله:

"وأما الصلاة خلف أهل الأهواء والبدع ، وخلف أهل الفجور : ففيه نزاع مشهور وتفصيل، ليس هذا موضع بسطه .

لكن أوسط الأقوال في هؤلاء : أن تقديم الواحد من هؤلاء في الإمامة : لا يجوز ، مع القدرة على غيره.

فإن من كان مظهرا للفجور أو البدع : يجب الإنكار عليه ، ونهيه عن ذلك .

وأقل مراتب الإنكار : هجره ، لينتهي عن فجوره وبدعته...

لكن إذا ولاه غيره ، ولم يمكنه صرفه عن الإمامة، أو كان هو لا يُتَمَكَّن من صرفه إلا بشرٍّ أعظم ضررا من ضرر ما أظهره من المنكر :

فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها

بحسب الإمكان. ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا .

فإذا لم يمكن منع المظهر للبدعة والفجور، إلا بضرر زائد على ضرر إمامته : لم يجز ذلك ؛ بل يصلي خلفه ما لا يمكنه فعلها إلا خلفه ، كالجمع والأعياد والجماعة ، إذا لم يكن هناك إمام غيره.

ولهذا كان الصحابة يصلون خلف الحجاج ، والمختار بن أبي عبيد الثقفي ، وغيرهما ، الجمعة والجماعة .

فإن تفويت الجمعة والجماعة : أعظم فسادا من الاقتداء فيهما بإمام فاجر ، لا سيما إذا كان التخلف عنهما لا يدفع فجوره ؛ فيبقى ترك المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة.

ولهذا كان التاركون للجمعة والجماعات خلف أئمة الجور ، مطلقا : معدودين عند السلف والأئمة من أهل البدع .

وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البَرِّ : فهو أولى من فعلها خلف الفاجر .

وحينئذ ؛ فإذا صلى خلف الفاجر من غير عذر : فهو موضع اجتهاد للعلماء ...

وأما الصلاة خلف من يكفر ببدعته من أهل الأهواء: فهناك قد تنازعوا في نفس صلاة الجمعة خلفه. ومن قال: إنه يكفر، أمر بالإعادة؛ لأنها صلاة خلف كافر .

لكن هذه المسألة متعلقة بتكفير أهل الأهواء، والناس مضطربون في هذه المسألة. وقد حكي عن مالك فيها روايتان وعن الشافعي فيها قولان . وعن الإمام أحمد أيضا فيها روايتان

وكذلك أهل الكلام ؛ فذكروا للأشعري فيها قولين، وغالب مذاهب الأئمة فيها تفصيل .

وحقيقة الأمر في ذلك : أن القول قد يكون كفرا ، فيطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال كذا فهو كافر . لكن الشخص المعين الذي قاله ، لا يحكم بكفره ، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها ...

وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها : قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ، ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها .

فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية ، أو العملية .

هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وجماهير أئمة الإسلام .

وما قسموا المسائل إلى : مسائل أصول يكفر بإنكارها، ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها ...

ولكن المقصود هنا أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين .

ولهذا حكى طائفة عنهم الخلاف في ذلك ، ولم يفهموا غور قولهم .

فطائفة تحكي عن أحمد في تكفير أهل البدع روايتين مطلقا، حتى تجعل الخلاف في تكفير المرجئة والشيعة المفضلة لعلي، وربما رجحت التكفير والتخليد في النار .

وليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام، بل لا يختلف قوله أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل، ولا يكفر من يفضل عليا على عثمان، بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم.

وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته; لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بينة، ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق

وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم وأنه يدور على التعطيل. وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة .

لكن ما كان يكفر أعيانهم، فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به

والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط، والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه؛ ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق

وإن الله لا يرى في الآخرة، وغير ذلك، ويدعون الناس إلى ذلك، ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم

ويكفرون من لم يجبهم، حتى إنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق، وغير ذلك، ولا يولون متوليا، ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك =

ومع هذا ، فالإمام أحمد رحمه الله تعالى : ترحم عليهم ، واستغفر لهم؛ لعلمه بأنهم لم يتبيَّن لهم أنهم مكذبون للرسول، ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطئوا، وقلدوا من قال لهم ذلك "

انتهى من مجموع الفتاوى (23/ 342- 349).

فتأمل هذا الكلام الدقيق المشتمل على صنوف من الفقه والعدل والإنصاف

واعتبر به فيما أشرت إليه من قيام الحجة بالمناقشات على الإنترنت! فإن أحمد رحمه الله لم يكفر كثيرا من الولاة القائلين بقول الجهمية، مع حضورهم مناظرات أهل السنة، وعجز المخالف عن رد أدلتهم وحججهم.









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-28, 14:39   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2



ثالثا:

الأشاعرة ونحوهم، يسميهم الأئمة: الصفاتية، لأنهم يثبتون أصل الصفات، وإن نازعوا في بعضها كالصفات الاختيارية، أو تأولوا بعضها كالعلو

فإنهم يقولون: المراد بالعلو علو القهر والشأن، ويؤولون الاستواء بالاستيلاء، واليد بالقدرة، والوجه بالذات، وهكذا .

وهم مخطئون في ذلك ولا ريب، لكنهم لا يكفرون، وما علمنا من أطلق القول بتكفيرهم، وذلك لمانع التأويل؛ فإنهم نفوا ما نفوا بحجة التنزيه لله تعالى، وطردا لأصول فاسدة ظنوها صحيحة.

ونحن ننقل هنا بعض كلام أهل العلم في إعذار المتأولين، وفي عدم تكفيرهم الأشاعرة بما أنكروه أو تأولوه من الصفات، ليتم الجواب:

1-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه بعد ذكر جماعة من الأشاعرة كأبي بكر الباقلاني، وأبي المعالي الجويني، ومن تبعهما:

" ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام: مساع مشكورة، وحسنات مبرورة

وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم ، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف.

لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة ، وهم فضلاء عقلاء : احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه

فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين. وصار الناس بسبب ذلك : منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل ؛ وخيار الأمور أوسطها.

وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين .

والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات، ويتجاوز لهم عن السيئات، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم (الحشر: 10) .

ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخطأ في بعض ذلك:

فالله يغفر له خطأه، تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا (البقرة: 286)"

انتهى . من درء تعارض العقل والنقل (2/ 102).

2-وقال رحمه الله عن الأشاعرة: " ومباحثهم في مسألة حدوث العالم ، والكلام في الأجسام والأعراض : هو من الكلام الذي ذمه الأئمة والسلف

حتى قال محمد بن خويز منداد: أهل البدع والأهواء عند مالك وأصحابه : هم أهل الكلام ؛ فكل متكلم في الإسلام فهو من أهل البدع والأهواء ، أشعريًّا كان ، أو غير أشعري.

وذكر ابن خزيمة وغيره : أن الإمام أحمد كان يحذر مما ابتدعه عبد الله بن سعيد بن كلاب ، وعن أصحابه ، كالحارث ؛ وذلك لما علموه في كلامهم من المسائل والدلائل الفاسدة .

وإن كان في كلامهم من الأدلة الصحيحة ، وموافقة السنة : ما لا يوجد في كلام عامة الطوائف، فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة والحديث

وهم يعدّون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم"

انتهى من بيان تلبيس الجهمية (3/ 536).

3-وقد أثنى رحمه الله على كبار أئمة الأشاعرة كأبي الحسن الأشعري، والغزالي، والرازي، فيما أصابوا فيه السنة، وردوا به شبهات الفلاسفة والمعتزلة وغيرهم

ومن ذلك قوله عن أبي حامد الغزالي لما نسب التأويل للإمام أحمد:

"ولم يكن ممن يتعمد الكذب، كان أجلّ قدراً من ذلك، وكان من أعظم الناس ذكاء ، وطلباً للعلم

وبحثاً عن الأمور، ولما قاله: كان من أعظم الناس قصداً للحق، وله من الكلام الحسن المقبول أشياء عظيمة، بليغة، ومن حسن التقسيم والترتيب ما هو به من أحسن المصنفين .

لكن لكونه لم يصل إلى ما جاء به الرسول من الطرق الصحيحة: كان ينقل ذلك بحسب ما بلغه، لاسيما مع هذا الأصل الفاسد؛ إذ جعل النبوات فرعاً على غيرها"

انتهى من بيان تلبيس الجهمية (6/ 127).

4-وقال العلامة السعدي رحمه الله: "إن المتأولين من أهل القبلة الذين ضلوا وأخطأوا في فهم ما جاء في الكتاب والسنة، مع إيمانهم بالرسول واعتقادهم صدقه في كل ما قال

وأن ما قاله كان حقا ، والتزموا ذلك، لكنهم أخطأوا في بعض المسائل الخبرية أو العملية = فهؤلاء قد دل الكتاب والسنة على عدم خروجهم من الدين

وعدم الحكم لهم بأحكام الكافرين ، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم والتابعون ومن بعدهم من أئمة السلف على ذلك"

انتهى من الإرشاد إلى معرفة الأحكام، ص207.

5-وقال الدكتور عبد الله الجبرين في مختصر تسهيل العقيدة الإسلامية، ص78:

"ومن موانع التكفير للمعيَّن أيضاً: التأويل، وهو: أن يرتكب المسلم أمراً كفرياً ، معتقداً مشروعيته ، أو إباحته له ، لدليل يرى صحته ، أو لأمر يراه عذراً له في ذلك ؛ وهو مخطئ في ذلك كله .

فإذا أنكر المسلم أمراً معلوماً من الدين بالضرورة مثلاً، أو فعل ما يدل على إنكاره لذلك

وكان عنده شبهة تأويل، فإنه يعذر بذلك ، ولو كانت هذه الشبهة ضعيفة ، إذا كان هذا التأويل سائغاً في لغة العرب، وله وجه في العلم، وهذا مما لا خلاف يه بين أهل السنة .

وعلى وجه العموم: فعذر التأويل من أوسع موانع تكفير المعين، ولهذا ذكر بعض أهل العلم أنه إذا بلغ الدليلُ المتأوِّلَ فيما خالف فيه ، ولم يرجع

وكان في مسألة يُحتَملُ وقوع الخطأ فيها، واحتمل بقاء الشبهة في قلب من أخطأ فيها ، لشبه أثيرت حولها ، أو لملابسات أحاطت بها

في واقعة معينة = أنه لا يحكم بكفره، لقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) الأحزاب: 5 .

ولذلك لم يكِفّر بعض العلماء ، بعض المعينين من الجهمية ، الذين يعتقدون بعض الاعتقادات الكفرية في صفات الله تعالى .

ومن أجل مانع التأويل أيضاً : لم يكفر بعض العلماء ، بعض من يغلون في الموتى ، ويسألونهم الشفاعة عند الله تعالى .

ومن أجل مانع التأويل كذلك : لم يكفر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ الخوارج الذين خرجوا عليهم وحاربوهم، وخالفوا أموراً كثيرة مجمعاً عليها بين الصحابة ، إجماعاً قطعياً" انتهى.

6- وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أم لا ؟ وهل نحكم عليهم من المذهب أم كفار ؟

فأجاب : " الأشاعرة من أهل السنة في غالب الأمور ، ولكنهم ليسوا منهم في تأويل الصفات ، وليسوا بكفار ، بل فيهم الأئمة والعلماء والأخيار

ولكنهم غلطوا في تأويل بعض الصفات ، فهم خالفوا أهل السنة في مسائل ؛ منها تأويل غالب الصفات ، وقد أخطأوا في تأويلها

والذي عليه أهل السنة والجماعة إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ولا تحريف ولا تشبيه "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز "(28 /256) .

7-وقال رحمه الله:

" أما المذهب الثاني فهو مذهب الخلف المذموم. وهو مذهب أهل التأويل والتحريف والتكلف .

ولا يلزم من ذم مذهب الخلف ، والتحذير منه : القول بتكفيرهم ؛ فإن التكفير له حكم آخر ، يبنى على معرفة قول الشخص ، وما لديه من الباطل ، ومدى مخالفته للحق .

فلا يجوز أن يقال : إنه يلزم من ذم مذهب الخلف، أو الإنكار على الأشاعرة ما وقعوا فيه من تأويل الصفات وتحريفها ، إلا صفات قليلة استثنوها = القولُ بتكفيرهم .

وإنما المقصود بيان مخالفتهم لأهل السنة في ذلك ، وبطلان ما ذهب إليه الخلف من التأويل، وبيان أن الصواب هو مذهب السلف الصالح -

وهم أهل السنة والجماعة - في إمرار آيات الصفات وأحاديثها ، وإثبات ما دلت عليه من الأسماء والصفات على الوجه اللائق بالله سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تكييف ولا تمثيل"

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز "(3 /64) .

8-وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 220): " ما حكم من مات على التوحيد الأشعري

قبل بلوغ توحيد الأسماء والصفات إليه ، ولم يسمعه من أحد ولا فهمه وقد أقر بتوحيد الربوبية والإلهية ولم ينبهه عليه أحد فينكره، هل له عذر أم لا؟

ج: أمره إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الأشاعرة ليسوا كفارا، وإنما أخطأوا في تأويلهم بعض الصفات.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

9-وجاء فيها (3/ 240): " ثالثا: من تأول من الأشعرية ونحوهم نصوص الأسماء والصفات : إنما تأولها لمنافاتها الأدلة العقلية ، وبعض النصوص الشرعية في زعمه، وليس الأمر كذلك

فإنها ليس فيها ما ينافي العقل الصريح ، وليس فيها ما ينافي النصوص ، فإن نصوص الشرع في أسماء الله وصفاته : يصدق بعضها بعضا

مع كثرتها ، في إثبات أسماء الله وصفاته على الحقيقة ، وتنزيهه سبحانه عن مشابهة خلقه.

رابعا: موقفنا من أبي بكر الباقلاني والبيهقي وأبي الفرج بن الجوزي وأبي زكريا النووي وابن حجر وأمثالهم ، ممن تأول بعض صفات الله تعالى ، أو فوضوا في أصل معناها :

أنهم ، في نظرنا : من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم ، فرحمهم الله رحمة واسعة

وجزاهم عنا خير الجزاء، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم ، وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير .

وأنهم أخطأوا فيما تأولوه من نصوص الصفات ، وخالفوا فيه سلف الأمة ، وأئمة السنة رحمهم الله، سواء تأولوا الصفات الذاتية ، وصفات الأفعال ، أم بعض ذلك.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

رابعا:

ما نقلته عن الشافعي رحمه الله : لم يصح عنه ، وليس هو في أي من كتبه الثابتة عنه ، ولم يرو عنه أيضا بإسناد صحيح ، تقوم به الحجة .

وهذا بحث يمكن مراجعته في مصادر توثيق ذلك ، ولا يسع المقام ذكره هنا .

وعلى فرض أن هذا القول ثابت عنه ، فإن فيه أن "من خالف في ذلك ، بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر ، فأما قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل" !!

وهذا موافق لما قدمناه، فإن الأشاعرة إما علماء متأولون، اجتهدوا ، فأخطأوا . أو مقلدون لهم، فلا يكفرون ، لا هؤلاء ، ولا هؤلاء .

خامسا:

ما نسبته إلى الأشاعرة من الطعن في معاوية ليس من مذهبهم.

وما نسبته لشيخ الإسلام من أن صاحب البدعة المكفرة لا يصلى خلفه، قد تبين تفصيله فيما نقلنا عنه .

وبه يتبين أن الأمر ليس كما أطلقته عن شيخ الإسلام . وأنه ـ على كل حال ـ لا ينطبق على الأشاعرة أصلا .

والحاصل : أن الأشاعرة مخالفون للسلف في أبواب عدة كالإيمان والقدر والصفات، ولكن ذلك لا يقتضي تكفيرهم ، ومنع الصلاة خلفهم ، وقد نقلنا من كلام أهل العلم فيهم ما يخالف ما جاء في السؤال .

ونصيحتنا لك يا عبد الله : أن تطلب العلم على يد الراسخين من أهله، وأن تحذر من التسرع في التكفير والإقدام عليه ، دون رجوع لأهل العلم.

فتعلم العلم ، وأحكم منه ما فيه نجاتك يا عبد الله ، قبل أن تتورط في أبواب لا قبل لك بها

ولم يبلغها علمك ، ولا وصلت إليه أداتك وآلتك ، والله جل جلاله لن يحاسبك على مثل هذا ؛ إنما يحاسبك في تفريطك فيما فيه نجاتك ، من العلم النافع ، والعمل الصالح .

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-28, 14:47   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

من هم الأشاعرة ، وهل هم من أهل السنة ؟

السؤال

من هم الأشاعرة ، وهل هم من أهل السنة ، وهل حقاً أن كثيراً من العلماء يتبع المنهج الأشعري كالإمام النووي ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

الأشاعرة فرقة تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري رحمه الله ، وقد مر أبو الحسن الأشعري بمراحل ، كان في الأولى منها معتزليا وبقي عليها نحوا من أربعين سنة

ثم رجع عن الاعتزال إلى رأي عبد الله بن سعيد بن كُلاّب ، وتأثر به ، وهي المرحلة الثانية ، وقد كان الإمام أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب

وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره ، كما أخبر الإمام ابن خزيمة عنه

ينظر " سير أعلام النبلاء " (14/380)

وابن تيمية في " درء التعارض " (2/6) .

واختلف العلماء هل رجع الأشعري عن قول ابن كلاب إلى مرحلة ثالثة فوافق أهل السنة والجماعة موافقة تامة ، أم بقي على ذلك ولم يرجع ؟

فطائفة رأت أنه رجع إلى قول أهل السنة ، قال ذلك الحافظ ابن كثير ، ومن المعاصرين : الشيخ حافظ الحكمي .
واستدلوا على ذلك بكلامه في كتاب الإبانة – وهو آخر كتبه –

حيث قال : " قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها : التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل ، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما روي عن السادة

الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ، ونحن بذلك معتصمون ، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه ، ورفع درجته ، وأجزل مثوبته قائلون

ولما خالف قوله مخالفون ؛ لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل ، الذي أبان الله به الحق

ودفع به الضلال وأوضح به المنهاج ، وقمع به بدع المبتدعين ، وزيغ الزائغين ، وشك الشاكين ، فرحمة الله عليه من إمام مقدم ، وجليل معظم ، وكبير مفهم "

انتهى من " الإبانة " (ص20) .

فهذا تصريح منه برجوعه إلى مذهب السلف الذين يمثلهم الإمام أحمد ، وأنه قائل بأقواله ، مخالف لما خالفها ، والإمام أحمد نفسه كان شديدا على الكلابية ، ولذلك هجر الحارث المحاسبي لكونه كلابيا.

والقول الثاني : أن الأشعري لم يرجع عن مذهب الكلابية رجوعا كاملا ، وإنما اقترب من أهل السنة والجماعة في كثير من المسائل .

ورجّح هذا القول : ابن تيمية وابن القيم وغيرهما ، وإن كان الأشعري في " الإبانة " قد قرب كثيرا من مذهب أهل السنة إلا أنه قد بقيت عليه بقايا من مذهب ابن كلاب .

يقول ابن تيمية :

" والأشعري ، وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب ، فإنه كان تلميذ الجبائي ، ومال إلى طريقة ابن كلاب ، وأخذ عن زكريا الساجي أصول الحديث بالبصرة

ثم لما قدم بغداد ، أخذ عن حنبلية بغداد أمورا أخرى ، وذلك آخر أمره ، كما ذكره هو وأصحابه في كتبهم " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " (3/228) .

وينظر " موقف ابن تيمية من الأشاعرة " للشيخ عبد الرحمن المحمود (1/390) .

وغالب المتأخرين من الأشاعرة ، لا يلتزمون مذهب أبي الحسن الأشعري ، بل خلطوا مذهبهم بكثير من أصول الجهمية والمعتزلة ، بل والفلاسفة أيضا ؛ وخالفوا الأشعري في كثير من أقواله

فهم ينفون صفة الاستواء لله والعلو والنزول واليد والعين والقدم والكلام وهذه الصفات كلها يخالفون فيها الأشعري نفسه .

ثانياً :

لقب " أهل السنة " يطلق باعتبارين :

الأول :

يطلق فيما يقابل الروافض ، فعلى هذا الاعتبار يدخل في أهل السنة الأشاعرة والماتريدية ونحوهم ، بل والمعتزلة أيضا .
الثاني :

يطلق لفظ أهل السنة ، فيما يقابل البدعة ؛ ويراد بذلك : أهل السنة المحضة ؛ فلا يدخل فيه إلا من التزم العقيدة الصحيحة من السلف وأهل الحديث

. فعلى هذا الاعتبار لا يدخل في هذا اللقب : الأشاعرة ، ولا غيرهم ممن خلط أصوله الكلامية ، بأصول بدعية ؛ لمخالفتهم أهل السنة في كثير من الأصول والمسائل .

والأشاعرة المتأخرون : جبرية في القدر ، مرجئة في الإيمان ، معطلة في الصفات ، لا يثبتون منها غير سبع صفات ؛ لأن العقل دل عليها كما يزعمون

وينفون الاستواء على العرش ، وعلو الله على خلقه ، ويقولون : لا هو داخل العالم ولا خارجه ، ولا فوقه ولا تحته... إلى غير ذلك من المخالفات ، فكيف نسميهم " أهل السنة " ؟!

قال ابن تيمية :

" فلفظ أهل السنة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة ، فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة .

وقد يراد به : أهل الحديث والسنة المحضة ، فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى "

انتهى من " منهاج السنة " (2/221) .

وقال الشيخ ابن عثيمين : " أهل السنة يدخل فيهم المعتزلة ، يدخل فيهم الأشعرية ، يدخل فيهم كل من لم يكفر من أهل البدع ، إذا قلنا هذا في مقابلة الرافضة .

لكن إذا أردنا أن نبين أهل السنة ، قلنا : إن أهل السنة حقيقة هم السلف الصالح الذين اجتمعوا على السنة وأخذوا بها ، وحينئذ يكون الأشاعرة والمعتزلة والجهمية ونحوهم : ليسوا من أهل السنة بهذا المعنى "

انتهى من " الشرح الممتع " (11/306) .

ثالثاً :

لا يصح أن يُنسب إلى مذهب الأشاعرة ، إلا من التزم منهجهم في العقيدة ، أما من وافقهم في بعض المسائل دون بعض ، فلا يُنسب إليهم .

قال الشيخ ابن عثيمين في معرض كلامه عن الحافظين النووي وابن حجر :

" وهل يصح أن ننسب هذين الرجلين وأمثالهما إلى الأشاعرة ، ونقول: هما من الأشاعرة ؟ الجواب : لا ، لأن الأشاعرة لهم مذهب مستقل

له كيان في الأسماء والصفات والإيمان وأحوال الآخرة ، وما أحسن ما كتبه أخونا سفر الحوالي عما علم من مذهبهم ، لأن أكثر الناس لا يفهم عنهم إلا أنهم مخالفون للسلف في باب الأسماء والصفات ، ولكن لهم خلافات كثيرة .

فإذا قال قائل في مسألة من مسائل الصفات ، بما يوافق مذهبهم ، فلا نقول : إنه أشعري ، أرأيتم لو أن إنسانا من الحنابلة اختار قولا للشافعية ، فهل نقول إنه شافعي ؟ " .

انتهى من " شرح الأربعين النووية " (ص 290) .

وقال أيضا : " فهذان الرجلان بالذات ما أعلم اليوم أن أحدا قدم للإسلام في باب أحاديث الرسول مثلما قدماه ، ويدلك على أن الله سبحانه وتعالى بحوله وقوته -ولا أتألى على الله- قد قبلها

ما كان لمؤلفاتهما من القبول لدى الناس ؛ لدى طلبة العلم ، بل حتى عند العامة ، فالآن كتاب رياض الصالحين يقرأ في كل مجلس , ويقرأ في كل مسجد

وينتفع الناس به انتفاعا عظيما ، وأتمنى أن يجعل الله لي كتابا مثل هذا الكتاب ، كل ينتفع به في بيته وفي مسجده "

انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " اللقاء رقم (43) .

والله أعلم .


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-29, 16:00   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

هل يجوز طلب الشفاعة أو الدعاء من الميت ؟


السؤال

هو: ما حكم طلب الدعاء والشفاعة من الميت عند قبره، إذا كان من يفعل ذلك يعتقد أن الميت يسمعه إذا كان عند قبره، ويستدل لذلك بأدلة منها تكليم النبي للمشركين في القليب يوم بدر،

ويقول إن فعله مخالف لما كان يفعله المشركون في الجاهلية فإنهم كانوا يعبدون أوثانهم ولكنه يطلب من الميت الدعاء دون أن يدعو الميت ذاته، هل فعله هذا شرك أكبر وهل في المسألة أكثر من قول ؟

أرجو البسط والاستدلال .


الجواب

الحمد لله


لا يجوز طلب الدعاء أو الشفاعة من الميت ، وخاصة عند قبره ؛ لأنه يكون عنده أشد تعلقا به

وهذا من البدع المنكرة والوسائل المفضية إلى الشرك وسؤال غير الله ، وقد يصل به الحال إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة ، وهو يحصل كثيرا في هؤلاء ؛ لشدة تعلقهم بالميت .

والشفاعة إنما تطلب من الله ، لا من المخلوقين ، ويأذن الله في الشفاعة لمن يشاء من عباده الصالحين ويرضى ، وذلك لا يكون إلا يوم القيامة .

قال الله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه ) يونس/18

وقال تعالى : ( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) الزمر/43-44

وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فاطر13/14

وقد روى البخاري (1010)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا " قَالَ : فَيُسْقَوْنَ .

فلو كان طلب الشفاعة والتوسل بالأموات جائزا لما عدل الصحابة رضي الله عنهم عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به إلى العباس رضي الله عنه .

وهذا أمر متفق عليه بين علماء المسلمين قديما وحديثا ، لا خلاف بينهم فيه ، إنما يخالف فيه من لا يعتد بخلافه من أهل البدع .

ومن المنقول عن أهل العلم في ذلك :

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" لَيْسَ فِي الزِّيَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ حَاجَةُ الْحَيِّ إلَى الْمَيِّتِ وَلَا مَسْأَلَتُهُ وَلَا تَوَسُّلُهُ بِهِ ؛ بَلْ فِيهَا مَنْفَعَةُ الْحَيِّ لِلْمَيِّتِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَرْحَمُ هَذَا بِدُعَاءِ هَذَا وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ وَيُثِيبُ هَذَا عَلَى عَمَلِهِ "

انتهى . "مجموع الفتاوى" (27 / 71)

وقال أيضا رحمه الله :

" وما يفعلونه من دعاء المخلوقين كالملائكة أو كالأنبياء والصالحين الذين ماتوا مثل دعائهم مريم وغيرها وطلبهم من الأموات الشفاعة لهم عند الله لم يبعث به أحد من الأنبياء " انتهى .

"الجواب الصحيح" (5 / 187)

وقال أيضا :

" الثَّانِيَةُ : أَنْ يُقَالَ لِلْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ : اُدْعُ اللَّهَ لِي أَوْ اُدْعُ لَنَا رَبَّك أَوْ اسْأَلْ اللَّهَ لَنَا كَمَا تَقُولُ النَّصَارَى لِمَرْيَمَ وَغَيْرِهَا

فَهَذَا أَيْضًا لَا يَسْتَرِيبُ عَالِمٌ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ ، فلَيْسَ مِنْ الْمَشْرُوعِ أَنْ يُطْلَبَ مِنْ الْأَمْوَاتِ لَا دُعَاءٌ وَلَا غَيْرُهُ . وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ

يَقُولُ : " السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتِ " ثُمَّ يَنْصَرِفُ

. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ : رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ .

وَكَذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا أَرَادُوا الدُّعَاءَ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَدْعُونَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ .

وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ - مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ " انتهى

"مجموع الفتاوى" (1 / 351-352)

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" لا يجوز أن تطلب منه الشفاعة ولا غيرها كسائر الأموات ؛ لأن الميت لا يطلب منه شيء وإنما يدعى له ويترحم عليه إذا كان مسلما ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة .

فمن زار قبر الحسين أو الحسن أو غيرهما من المسلمين للدعاء لهم والترحم عليهم والاستغفار لهم كما يفعل مع بقية قبور المسلمين - فهذا سنة

أما زيارة القبور لدعاء أهلها أو الاستعانة بهم أو طلبهم الشفاعة -

فهذا من المنكرات ، بل من الشرك الأكبر " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (6 / 367)

وقال :

" لا يجوز لأحد أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة ؛ لأنها ملك الله سبحانه ، فلا تطلب إلا منه ، كما قال تعالى : ( قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا )

فتقول : " اللهم شفع في نبيك ، اللهم شفع في ملائكتك ، وعبادك المؤمنين ، اللهم شفع في أفراطي " ,

ونحو ذلك . وأما الأموات فلا يطلب منهم شيء ، لا الشفاعة ولا غيرها ، سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (16 / 105)

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

" ومن الشبه التي تعلقوا بها : قضية الشفاعة ؛ حيث يقولون : نحن لا نريد من الأولياء والصالحين قضاء الحاجات من دون الله ، ولكن نريد منهم أن يشفعوا لنا عند الله

لأنهم أهل صلاح ومكانة عند الله ؛ فنحن نريد بجاههم وشفاعتهم .

والجواب : أن هذا هو عين ما قاله المشركون من قبل في تسويغ ما هم عليه ، وقد كفَّرهم الله ، وسمَّاهم مشركين

كما في قوله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) انتهى .

"الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد" (ص 70-71)

- أما تكليم النبي صلى الله عليه وسلم لأهل القليب يوم بدر وسماعهم كلامه : فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم في موقف خاص ؛ إذلالا للكفر وأهله : أحياء وأمواتا .

قَالَ قَتَادَةُ :

" أَحْيَاهُمْ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا " .

رواه البخاري (3976)

فلا يصح بل لا يجوز أن يقاس عليه سؤال الأموات الشفاعة عند ربهم والدعاء ، بل هذا من أفسد قياس وأشأمه
.
قال علماء اللجنة الدائمة :

" إذا مات الإنسان ذهب سمعه فلا يدرك أصوات من في الدنيا ولا يسمع حديثهم

قال الله تعالى : ( وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ )

فأكد تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى

والأصل في المشبه به أنه أقوى من المشبه في الاتصاف بوجه الشبه ، وإذاً فالموتى أدخل في عدم السماع وأولى بعدم الاستجابة من المعاندين الذين صموا آذانهم عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام وعموا عنها

وقالوا : قلوبنا غلف

وفي هذا يقول تعالى : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ )

( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) .

وأما سماع قتلى الكفار الذين قبروا في القليب يوم بدر نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم وقوله لهم : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا وقوله لأصحابه :

ما أنتم بأسمع لما أقول منهم حينما استنكروا نداءه أهل القليب فذلك من خصوصياته التي خصه الله بها فاستثنيت من الأصل العام بالدليل ، وهكذا سماع الميت قرع نعال مشيعي جنازته مستثنى من هذا الأصل

وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ) مستثنى من هذا الأصل " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /478-479)

فالأصل أن الميت لا يسمع ؛ لأنه مات ، فبطل سمعه وبصره وكلامه بذهاب روحه ، لكن يستثنى من ذلك ما ورد الدليل الصحيح به دون غيره .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما هو الراجح في سماع الموتى ؟

فأجاب :

" الراجح ما جاءت به السنة ، وهذا ثابت وليس فيه إشكال

كما في الحديث : ( إن الإنسان إذا انصرف عنه أصحابه بعد دفنه يسمع قرع نعالهم ) وكما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف على القتلى في قليب بدر يؤنبهم ويوبخهم

ولما قالوا : ( يا رسول الله ! كيف تكلم هؤلاء ؟

قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) ومثلما جاء في الحديث أيضا ً: ( ما من مسلم يسلم على قبر يعرفه في الدنيا إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام )

وإلا فالأصل أنهم لا يسمعون ؛ لأن أرواحهم قد فارقت أجسادهم ، لكن ما جاءت به السنة لابد من الإيمان به " انتهى
.
"لقاء الباب المفتوح" (222 /25)

وقال رحمه الله أيضا :

" لكن على فرض أنهم يسمعون فإنهم لا ينفعون غيرهم ، بمعنى أنهم لا يدعون الله له ، ولا يستغفرون الله له ، ولا يمكنهم الشفاعة لهم .

وإنما قلت ذلك لئلا يتعلق هؤلاء القبوريون بما قلت ، ويقولون : ما دام أنهم يسمعون –

إذاً - هذا من أولياء الله ، نسأله أن يسأل الله لنا ، أو أن يشفع لنا عند الله ! فهذا غير وارد أصلاً ؛ لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " انتهى .

"لقاء الباب المفتوح" (87 /14)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-29, 16:10   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

هل جميع النواقض العشرة التي ذكرها الإمام محمد بن عبد الوهاب مجمع عليها ؟

السؤال

هل جميع النواقض العشرة التي ذكرها الإمام محمد بن عبد الوهاب مجمع عليها ؟

الجواب

الحمد لله

نواقض الإسلام العشرة ، التي ذكرها الإمام محمد بن عبد الوهاب كلها مجمع عليها ، إلا ناقضا واحدا فقط وهو السحر ، فإن فيه تفصيلا ، وبعض صوره أجمع العلماء على أنها ناقضة للإسلام

كما سيأتي .

وبيان هذا النواقض باختصار :

"الأول : الشرك في عبادة الله تعالى

قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )

وقال تعالى : ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ )

ومن ذلك : دعاء الأموات ، والاستغاثة بهم ، والنذر والذبح لهم ".

وأدلة هذا الناقض من الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر ، وإجماع العلماء عليه إجماع ضروري.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وأصل الشرك أن تعدل بالله تعالى مخلوقاته في بعض ما يستحقه وحده ، فإنه لم يعدل أحد بالله شيئا من المخلوقات في جميع الأمور ، فمن عبد غيره أو توكل عليه فهو مشرك به "

انتهى من " الاستقامة " (1/344) .

ويقول ابن عبد الهادي رحمه الله :

" ولو جاء إنسان إلى سرير الميت [ النعش] يدعوه من دون الله ويستغيث به ، كان هذا شركا محرما بإجماع المسلمين " .

انتهى من " الصارم المنكي " (ص436) .

"الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم فقد كفر إجماعا".

ودليل ذلك قوله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه ) يونس/18، فمن فعل ذلك كان شبيها بعباد الأوثان .

ولذلك قال ابن مفلح رحمه الله في " الفروع " (3/553) :

" لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط ، يدعوهم ويتوكل عليهم ، ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار ، مثل أن يسألهم غفران الذنب وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد الفاقات: فهو كافر بإجماع المسلمين " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " (1/124) .

وقد تلقى العلماء هذا الإجماع من شيخ الإسلام ، وأثبتوه في أبواب حكم المرتد من كتبهم

كما نقله المرداوي في " الإنصاف " (10/327)

فقال : " وكذا الحكم لو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم ، إجماعا " انتهى .

وينظر " كشاف القناع للبهوتي " (6/168)

"الفروع لابن مفلح " (3/553) .

وينظر للفائدة : جواب السؤال :بعد القادم

"الثالث : من لم يكفّر المشركين ، أو شك في كفرهم ، أو صحح مذهبهم : كفر" .

هذا الناقض مجمع على كفر فاعله ، والمراد بـ"المشركين" هنا : الكافر الأصلي ، ويلحق بهم : الذين وقعوا في ردة قطعية أجمع عليها العلماء

تتعلق بالمعلوم من الدين بالضرورة ، كمن أنكر البعث والقيامة ، أو أنكر آية من كتاب الله ، ونحو ذلك من أسباب الردة الصريحة التي لا شبهة فيها .

وقد نقل القاضي عياض رحمه الله إجماع العلماء على هذا ، فقال :

" الإجماع على كفر من لم يكفر أحداً من النصارى واليهود ، وكل من فارق دين المسلمين ، أو وقف في تكفيرهم ، أو شك "

انتهى من " الشفا " (2/281) .

وينظر جواب السؤال الثاني بعد القادم

"الرابع : من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه ، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه ، فهو كافر" .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

"ويدخل في هذا القسم : من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام أو أنها مساوية لها، أو أنه يجوز التحاكم إليها، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل

أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين، أو أنه كان سببا في تخلف المسلمين، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه دون أن يتدخل في شئون الحياة الأخرى .

ويدخل في هذا أيضا: من يرى أن إنفاذ حكم الله في قطع يد السارق

أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر ، ويدخل في ذلك أيضا : كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات أو الحدود أو غيرهما، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة

; لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرمه الله إجماعا، وكل من استباح ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ، كالزنا والخمر والربا والحكم بغير شريعة الله : فهو كافر بإجماع المسلمين" .

انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (1/132) .

وقد سبق في الفتوى الثالثة بعد القادمة

أن هذا الناقض مجمع عليه .

"الخامس : من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولو عمل به فقد كفر ؛ لقوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) " .

والإجماع منعقد على كفر من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم

كما نقله البهوتي رحمه الله في " كشاف القناع " (6/168).

وينظر لمزيد الفائدة الفتوى الرابعه بعد القادمه

"السادس : من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر ، والدليل قوله تعالى : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )".

قال الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي

: " أصل الدين مبني على تعظيم الله ، وتعظيم دينه ورسله والاستهزاءُ بشيء من ذلك : مناف لهذا الأصل ، ومناقض له أشد المناقضة " .

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص342) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" وقد أجمع العلماء قاطبة على أن المسلم متى سب الدين ، أو تنقصه ، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو انتقصه ، أو استهزأ به؛ فإنه يكون مرتدا كافرا حلال الدم والمال "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (1/139) .

وللاستزادة ينظر جواب السؤال : الخامس بعد القادم

"السابع : السحر ، ومنه الصرف والعطف ، فمن فعله ، أو رضي به كفر ، والدليل قوله تعالى : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ )" .

وهذا الناقض لم ينعقد الإجماع على جميع صوره .

فإذا فعل الساحر ما هو كفر ، كإهانة المصحف ، أو السجود للشياطين ..

ونحو ذلك ، فهو كافر بالإجماع .

أما إذا لم يفعل شيئا من ذلك : فأكثر العلماء على أنه كافر أيضا بمجرد عمله للسحر .

وقد سبق بيان هذا في الفتوى السادسه بعد القادم

كما سبق الإشارة إلى اختلاف العلماء في هذا في الفتوى السابعه بعد القادم

وينظر لمزيد الفائدة الفتوى الثامنه بعد القادم

"الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين

والدليل قوله تعالى : ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) " .

والمراد بذلك :

أن يكون المسلم نصيرا وظهرا وعونا للكفار ضد المسلمين ، ويوالي حزبهم ، من دون حزب المؤمنين .

قال الطبري رحمه الله

في تفسير قوله تعالى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء )
:
" لا تتخذوا، أيها المؤمنون ، الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم ، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين ، وتدلُّونهم على عوراتهم ، فإنه مَنْ يفعل ذلك " فليس من الله في شيء "

يعني بذلك : فقد برئ من الله وبرئ الله منه ، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر " إلا أن تتقوا منهم تقاة " ، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم

فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم ، وتضمروا لهم العداوة ، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر ، ولا تعينوهم على مُسلم بفعل "

انتهى من " تفسير الطبري " (3/140) .

وقد أفتى علماء المغرب بردة محمد بن عبد الله السعدي ، أحد ملوك مراكش ، لما استعان بملك البرتغال ضد عمه .

انظر : "الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى" (2/70) .

"وفي كتاب الْقَضَاء من نَوَازِل الإِمَام الْبُرْزُليّ رَحمَه الله ، أَن أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين اللمتوني رَحمَه الله ، استفتى عُلَمَا

زَمَانه رَضِي الله عَنْهُم - وهم مَا هم - فِي استنصار ابْن عباد الأندلسي بِالْكِتَابَةِ إِلَى الإفرنج على أَن يعينوه على الْمُسلمين ، فَأَجَابَهُ جلهم رَضِي الله عَنْهُم بردته وكفره "

ينظر : "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى " (5/75) .

وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيمن انضم إلى التتار وقاتل المسلمين أنه مرتد

وقال : "وَإِذَا كَانَ السَّلَفُ قَدْ سَمَّوْا مَانِعِي الزَّكَاةِ مُرْتَدِّينَ - مَعَ كَوْنِهِمْ يَصُومُونَ. وَيُصَلُّونَ وَلَمْ يَكُونُوا يُقَاتِلُونَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ - فَكَيْفَ بِمَنْ صَارَ مَعَ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَاتِلًا لِلْمُسْلِمِينَ" .

انتهى من مجموع فتاوى شيخ الإسلام (28/530-531) .

"التاسع : من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر؛ لقوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين باتفاق جميع المسلمين أن من سوّغ غير دين الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب ، وكفر ببعض الكتاب "

انتهى من " الفتاوى الكبرى " (3/543) .

"العاشر : الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به

والدليل قوله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ )" .

والمراد بـ"كفر الإعراض" : الإعراض عما جاء به الرسول ، لا يبالي به ، ولا يتلقاه عنه ، ولا يرفع به رأسا .

قال ابن القيم رحمه الله :

" وَأَمَّا كُفْرُ الْإِعْرَاضِ فَأَنْ يُعْرِضَ بِسَمْعِهِ وَقَلْبِهِ عَنِ الرَّسُولِ، لَا يُصَدِّقُهُ وَلَا يُكَذِّبُهُ، وَلَا يُوَالِيهِ وَلَا يُعَادِيهِ، وَلَا يُصْغِي إِلَى مَا جَاءَ بِهِ الْبَتَّةَ .."

انتهى من "مدارج السالكين" (1/347) .

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ- رحمه الله- في جواب مفصل حول ذلك

: " إن أحوال الناس تتفاوت تفاوتاً عظيماً ، وتفاوتهم بحسب درجاتهم في الإيمان ؛ إذا كان أصل الإيمان موجوداً ، والتفريط والترك إنما هو فيما دون ذلك من الواجبات والمستحبات .

وأما إذا عدم الأصل الذي يدخل به الإسلام ، وأعرض عن هذا بالكلية :

فهذا كفر إعراض

فيه قوله تعالى: ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) [الأعراف: 179]

وقوله: ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) [طه: 124] .

ولكن عليك أن تعلم أن المدار على معرفة حقيقة الأصل ، وحقيقة القاعدة ، وإن اختلف التعبير واللفظ .." .

انتهى ، ينظر : "نواقض الإيمان الاعتقادية" ، د. محمد بن عبد الله الوهيبي (128-129) .

ولم نقف على من نقل الإجماع في هذا النوع من الكفر.

وينظر للفائدة : جواب السؤال التاسع بعد القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-29, 16:17   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

الاستدلال على جواز الاستغاثة بحديث : " إذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله ".

السؤال

يدعي الصوفية أن الإمام أحمد يعتقد في التوسل والاستغاثة . شعب الإيمان – ح 7697 (ج 6 / ص 128( - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي

يقول : حججت خمس حجج اثنتين راكب و ثلاث ماشي أو ثلاث راكب و اثنتين ماشي فضللت الطريق في حجة و كنت ماشيا فجعلت أقول يا عباد الله دلوني على الطريق

قال : فلم أزل ذلك حتى وقفت على الطريق أو كما قال أبي . و يدعمون قولهم عن الإمام أحمد برواية في شعب الإيمان وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال : ( إن لله عز و جل ملائكة سوى الحفظة يكتبون ما سقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله يرحمكم الله تعالى ).

رواه البزار من طريق حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد حدثني أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس.

وبناء على هذا فيستحب التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم في الدعاء بناء على قول الإمام أحمد .

من فضلكم أرجو الرد في أقرب وقت ممكن .


الجواب

الحمد لله

أولاً :

روى البزار (4922) من طريق أسامة بن زيد الليثي ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد

عن ابن عباس مرفوعاً : ( إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ سِوَى الْحَفَظَةِ ، يَكْتُبُونَ مَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ ، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ بِأَرْضٍ فَلاةٍ فَلْيُنَادِ : أَعِينُوا عِبَادَ اللَّهِ ).

قال البزار

: " وَهَذَا الْكَلامُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم بِهَذَا اللَّفْظِ إلاَّ مِن هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ "

انتهى من "مسند البزار" (11/ 181) .

وقد أعل هذا الحديث بعلتين :

الأولى : أن مداره على أسامة بن زيد الليثي.

وهو من الرواة المختلف فيهم عند علماء الجرح والتعديل ، فمنهم من وثقه ، ومنهم من ضعفه ، وعلى كل حال ففي حفظه وضبطه كلام .

قال الإمام أحمد : " إن تدبرت حديثه ستعرف النكرة فيها ".

انتهى من "الكامل في ضعفاء الرجال" (2/ 76).

وقال الحافظ الذهبي عنه :

" صَدُوق يهم ، اخْتلف قَول يحيى الْقطَّان فِيهِ ، وَقَالَ أحْمَد: لَيْسَ بِشَيْء ، وَقَالَ النَّسَائِيّ : لَيْسَ بِالْقَوِيّ ، وَقَالَ ابْن عدي : لَيْسَ بِهِ بَأْس ".

انتهى من "المغني في الضعفاء " (1/ 66).

وكذلك قال فيه الحافظ في التقريب : " صدوق يهم ".

انتهى من " تقريب التهذيب " (ص: 98).

الثانية : أن الرواة عن أسامة بن زيد اختلفوا عليه في هذا الحديث ، فمنهم من رواه عنه مرفوعاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من رواه موقوفاً على ابن عباس من قوله .

وقد تفرد بروايته مرفوعاً : حاتم بن إسماعيل ، وأخرج روايته البزار في "مسنده" (4922).

وخالفه أربعة من الرواة وهم :

1=عبد الله بن فروخ ، وأخرج روايته البيهقي في "شعب الإيمان" (1/325).

2= وروح بن عبادة ، وأخرج روايته البيهقي في "شعب الإيمان" (10/140).

3= وجعفر بن عون ، وأخرج روايته البيهقي في "شعب الإيمان" (10/140).

4= وأبو خالد الأحمر ، وأخرج روايته ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/ 91).

فرووه كلهم عن أسامة بن زيد الليثي ، فجعلوه من قول ابن عباس .

ولا شك أن رواية الوقف أرجح ؛ لأن رواتها أكثر عدداً ، وأشد ضبطاً ، فهم أبعد عن الخطأ والوهم .

قال الإمام الشافعي :

" وَالْعَدَدُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنَ الْوَاحِدِ"

انتهى من "اختلاف الحديث" صـ 177.

وقال الحافظ شمس الدين الذَّهبي : " وإن كان الحديثُ قد رواه الثَّبتُ بإسنادٍ ، أو وَقَفَهُ ، أو أرسلَهُ

ورفقاؤه الأثباتُ يخالفونه ، فالعبرةُ بما اجتمع عليه الثقات ، فإنَّ الواحد قد يَغلَط ، وهنا قد ترجَّح ظهور غلطه فلا تعليل ، والعبرةُ بالجماعة ". الموقظة صـ52.

فالراجح في هذا الحديث - إن حكمنا بقبوله - أنه من قول ابن عباس

وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم .

قال البيهقي:

" هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ الصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِوُجُودِ صِدْقِهِ عِنْدَهُمْ فِيمَا جَرَّبُوا ".

انتهى من " الآداب " (ص: 269).

وممن عمل بهذا الحديث : الإمام أحمد بن حنبل .

قال عبد الله بن الإمام أحمد : " سمعت أبي يقول : حججْت خمس حجج

منها ثنتين راكبًا ، وثلاثة ماشياً أو ثِنْتَيْنِ ماشياً وثلاثة راكبًا ، فضللت الطَّرِيق في حجَّة ، وكنت مَاشِيا ، فجعلت أقول : يا عباد الله دلوني على الطَّرِيق ، فلم أزل أقول ذلك حتى وقفتُ على الطريق ".

انتهى من "مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله" (ص: 245)

وينظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (5/ 298).

ثانياً :

من الأمور المهمة التي ينبغي التنبه لها أن ضابط الاستغاثة التي تكون شركاً هو : " سؤال غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله ".

أما الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه فليست من الشرك في شيء .

والأثر المذكور فيه إخبار عن وجود صنف من الملائكة ، وهم أحياء ، حياتهم الطبيعية الملائمة لهم

جعلهم الله في الأرض لإعانة التائهين وإرشادهم ودلالتهم على الطريق ، فمن طلب منهم الإعانة فقد طلب من مخلوقٍ شيئاً يقدر عليه ، وأرصده الله له .

وشتان بين هذا وبين أن يطلب من مخلوق ميت ، أو غائب أن يشفي مريضه ، وأن يرزقه مولودا ، وأن ييسر ولادة زوجته ، أو أن يرحمه ويعافيه ، ونحو ذلك من الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" وَالِاسْتِغَاثَةُ : طَلَبُ الْغَوْثِ ، وَهُوَ إزَالَةُ الشِّدَّةِ ، كَالِاسْتِنْصَارِ طَلَبُ النَّصْرِ ، وَالِاسْتِعَانَةِ طَلَبُ الْعَوْنِ

وَالْمَخْلُوقُ يُطْلَبُ مِنْهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْهَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) ، وَكَمَا قَالَ: (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ)

وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى).

وَأَمَّا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ ؛ فَلَا يُطْلَبُ إلَّا مِنْ اللَّهِ ".

انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/103).

وقال : " فَأَمَّا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَبَ إلَّا مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، لَا يُطْلَبُ ذَلِكَ لَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ ، وَلَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِغَيْرِ اللَّهِ: اغْفِرْ لِي ، وَاسْقِنَا الْغَيْثَ ، وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ، أَوْ اهْدِ قُلُوبَنَا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ... فَأَمَّا مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْبَشَرُ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ".

انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/329).

وقال: " وَقَدْ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْحَيَّ يُطْلَبُ مِنْهُ الدُّعَاءُ كَمَا يُطْلَبُ مِنْهُ سَائِرُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا الْمَخْلُوقُ الْغَائِبُ وَالْمَيِّتُ ، فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ شَيْءٌ".

انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/344) .

وقال : " الْأُمُورَ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا غَيْرُ اللَّهِ لَا تُطْلَبُ مِنْ غَيْرِهِ مِثْلُ: إنْزَالِ الْمَطَرِ ، وَإِنْبَاتِ النَّبَاتِ ، وَتَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ ، وَالْهُدَى مِنْ الضَّلَالَاتِ ، وَغُفْرَانِ الذُّنُوبِ

فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ"

. انتهى من " مجموع الفتاوى" (1/370).

وقد أكثرنا من النقول عن شيخ الإسلام في هذه النقطة لكثرة اللبس فيها والتلبيس عند أهل الأهواء والبدع .

وقال الشيخ صالح آل الشيخ :

" والحديث لا يدل على ما يدعيه المبطلة من سؤال الموتى ونحوهم ، بل إنه صريح في أن من يخاطبه ضالُّ الطريق هم : الملائكة ، وهم يسمعون مخاطبته لهم ، ويقدرون على الإجابة بإذن ربهم

لأنهم أحياء ممكَّنون من دلالة الضال ، فهم عباد لله ، أحياء يسمعون ، ويجيبون بما أقدرهم عليه ربهم ، وهو إرشاد ضالي الطريق في الفلاة

ومن استدل بهذه الآثار على نداءِ شخص معين باسمه ، فقد كذب على رسول الله ، ولم يلاحظ ويتدبر كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وذاك سيما أهل الأهواء .

إذا تبين هذا : فالأثر من الأذكار التي قد يتساهل في العمل بها مع ضعفها ؛ لأنها جارية على الأصول الشرعية ، ولم تخالف النصوص القرآنية

والأحاديث النبوية، ثم هو مخصوص بما ورد به الدليل؛ لأن هذا مما لا يجوز فيه القياس لأن العقائد مبناها على التوقيف". هذه مفاهيمنا (ص: 56) ، بتصرف يسير .

والحاصل :

أن ما لا يقدر عليه إلا الله ، وما هو من خصائص ربوبيته ، كالإحياء والإماتة ، والرزق ... كل هذا لا يسأل من غيره سبحانه ، ومن استغاث بغير الله في شيء من ذلك ، فقد أشرك .

وأما ما يقدر عليه الخلق ، فلا حرج في سؤاله من يقدر على ذلك الشيء منهم ، والاستغاثة بهم فيه ؛ بشرطين : أن يكون المستغاث به : حيا ، حاضرا ، قادرا على ذلك الشيء .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


اخوة الاسلام


اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-30, 15:42   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

ضوابط التكفير

السؤال


نرجو من سيادتكم معرفة الضوابط التي يمكن الحكم بها على شخص ما بالكفر أو النفاق

حتى لا أقع في البدع التي وقع فيها كثير من الفرق ، وبأي كتب توصيني أن أقرأ فيها ، مع العلم أني طالب علم مبتدئ ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا ، بل هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة

فيجب التثبت فيه غاية التثبت ، فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه .

والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته ، حتى يَتَحَقَّقَ زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي . ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه ؛ لأن في ذلك محذورين عظيمين :

أحدهما : افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم ، وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به .

الثاني : الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالماً منه .

ففي صحيحي البخاري (6104) ومسلم (60) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَد بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ) وفي رواية : ( إِن كَانَ كَمَا قَالَ ، وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيهِ )

ثانيا :

وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين :

أحدهما : دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق .

الثاني : انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين ، بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه ، وتنتفي الموانع .

ومن أهم الشروط :

1- أن يكون عالماً بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافراً أو فاسقاً ؛ لقوله تعالى :

( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء/115

وقوله : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) التوبة/115

ولهذا قال أهل العلم : لا يكفر جاحد الفرائض إذا كان حديث عهد بإسلام حتى يُبَيَّنَ له .

2- ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه ، ولذلك صور :

منها : أن يكره على ذلك ، فيفعله لداعي الإكراه ، لا اطمئناناً به ، فلا يكفر حينئذ

لقوله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل/106

ومنها : أن يُغلَقَ عليه فِكرُهُ ، فلا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو ذلك .

ودليله ما ثبت في صحيح مسلم (2744) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ

فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ )

3- ومن الموانع أن يكون متأولا : يعني أن تكون عنده بعض الشبه التي يتمسك بها ويظنها أدلة حقيقية ، أو يكون لم يستطع فهم الحجة الشرعية على وجهها ، فالتكفير لا يكون إلا بتحقق تعمد المخالفة وارتفاع الجهالة .

قال تعالى : ( ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) الأحزاب/5

يقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (23/349) :

" فالإمام أحمد رضي الله تعالى عنه ترحم عليهم ( يعني الخلفاء الذين تأثروا بمقالة الجهمية الذين زعموا القول بخلق القرآن ، ونصروه ) واستغفر لهم

لعلمه بأنه لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول ، ولا جاحدون لما جاء به ، ولكن تأولوا فأخطأوا ، وقلدوا من قال ذلك لهم " انتهى .

ويقول رحمه الله "مجموع الفتاوى" (12/180) :

" وأما التكفير فالصواب أن من اجتهد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقصد الحق فأخطأ لم يكفر ، بل يغفر له خطؤه ، ومن تبين له ما جاء به الرسول

فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر ، ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب ، ثم قد يكون فاسقاً . وقد يكون له حسنات ترجح على سيئاته " انتهى .

وقال رحمه الله (3/229) :

" هذا مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك مني ، أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية ، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة

وفاسقاً أخرى ، وعاصياً أخرى ، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها

وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية . وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية ... "

وذكر أمثلة ثم قال :

" وكنت أبين أن ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا ، فهو أيضاً حق ، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين ..
"
إلى أن قال : " والتكفير هو من الوعيد ؛ فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام

أو نشأ ببادية بعيدة ، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة ، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص ، أو سمعها ولم تثبت عنده ، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً .

وكنت دائماً أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال

: ( إذا أنا مت فأحرقوني ، ثم اسحقوني ، ثم ذروني في اليم ، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين . ففعلوا به ذلك ، فقال الله : ما حملك على ما فعلت ؟ قال : خشيتك . فغفر له )

فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري ، بل اعتقد أنه لا يعاد ، وهذا كفر باتفاق المسلمين ، لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك ، وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه ، فغفر له بذلك .

والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا " انتهى .
( مستفاد من خاتمة القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله مع بعض الزيادات ) .

وإذا كان أمر التكفير بهذه المثابة ، والخطر والخطأ فيه شديد ؛ فالواجب على طالب العلم ، خاصة إذا كان مبتدئا ، أن يتوقى الخوض في ذلك ، وأن ينشغل بتحصيل العلم النافع الذي يصلح به أمر معاشه ومعاده .

ثالثا :

قبل أن نشير عليك بشيء من الكتب ، فإننا ننصحك بأن تستعين في تعلمك بأهل العلم من أهل السنة

فإن ذلك هو الطريق الأسهل والأكثر أمنا ، لكن شريطة أن يكون ذلك الذي تأخذ عنه من الموثوق في علمه ودينه ، واتباعه للسنة ، وبعده عن الأهواء والبدع .

قال مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله : ( إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه .
فإن لم يتيسر لك

في مكانك أن تحضر دروس أهل العلم ، فيمكنك أن تستعين بأشرطتهم ، وقد أصبح الحصول عليها عن طريق الأقراص ، أو المواقع الإسلامية أكثر سهولة

والحمد لله . ثم يمكنك أيضا أن تنتفع ببعض طلاب العلم ، الذين يحرصون على العلم الشرعي ، واتباع السنة ، وقلما يخلو منهم مكان ، إن شاء الله .

رابعا :

من الكتب التي ينبغي أن تعتني باقتنائها ، والنظر والدراسة فيها :

- التفسير : تفسير الشيخ ابن سعدي ، وتفسير ابن كثير .

- الحديث : الأربعين النووية ، مع أحد شروحها ، والاهتمام بجامع العلوم والحكم لابن رجب ، ثم رياض الصالحين ، مع زيادة العناية بهذا الكتاب المبارك ، ويمكنك الاستعانة بشرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله له .

- العقيدة : تهتم بكتاب التوحيد ، للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، مع شرح ميسر له ، والعقيدة الواسطية ، لشيخ الإسلام ابن تيمية . مع بعض الرسائل النافعة في هذا الباب

مثل : تحقيق كلمة الإخلاص لابن رجب ، والتحفة العراقية في الأعمال القلبية لابن تيمية .

- الاستعانة بزاد المعاد لابن القيم رحمه الله ، وكثير من كتبه ، مثل : الوابل الصيب ، والداء والدواء .

وهذه مجموعة مبدئية ، ومع المطالعة ، لا سيما إن وجدت من يعينك على القراءة والفهم ، فسوف تزداد معرفتك بالكتب النافعة والمهمة لك ، شيئا فشيئا ، إن شاء الله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc