سُمع من بعض العرب جزْم المضارع معتلّ الآخر بالسكون المقدَّر: لم يمشي - لم يدعو - لم يبقى... فهو حرف علة، أي إنه ساكن بالتأكيد.
وبعضهم سُمع منه نصب الفاعل ورفع المفعول إذا أُمِنَ اللَّبْسُ: خرقَ الثوبُ المسمارَ - عادَ المريضُ الصحيحَ.
وبعضهم أنَّث وذكَّر كما شاءَ لا كما تواضَعَت العرب، حتى قيل إن كلَّ غير عاقل جاز تأنيثه وتذكيره: غابت القمر - انطلقت القطارُ - الأرض كرويّ - النار مشتعلٌ.
وحين قرأ بعضنا عبارة "أقلُّ الجمعِ اثنانِ" سوّغ له ذلك جمعَ الفعل والنعت ونحوهما مع المثنى: الرجلان حضروا - المرأتان سعيدات - الرئيسان يجتمعون...
وغير ذلك كثير.
يا كرام...
اللغة العربية لغة ذات منطق بديع، منطق يميّزها من جميع اللغات المعروفة، منطق يرفض هذا التفريط الذي يمكن معه تأويل وتفسير وتسويغ كل خطأ حتى يُرَى صوابًا، منطق يربط الصفة بموصوفها والخبر بمبتدئه والفعل بفاعله والحال بصاحبه... منطق يربط بين الفعل وحالته من البناء والإعراب، وبين الاسم وحالته من الرفع والنصب والجر... منطق يجعل كل اصطلاح نحْوِيّ شارحًا لمعناه تفصيلًا وإجمالًا.
فمن أرادها لغة قوية رصينة ظاهرةً على غيرها، فلا يستسهِلَنْ ما يجوِّزه المجوِّزون وما يشيع من خطأ المُخطِئين، قدامى كانوا أو مُحدَثين، وليبحث في لُبّ اللغة وأصلها ومنطقها، وليأخذ بما ثبت منها ووقَرَ ووقَّر، لا ما شذّ عنها ونفَرَ ونفّر.