بدر الدّين بريبش في ذكرى وفاته الثالثة

[أبو تقي الدّين]

بدر الدّين بريبش في ذكرى وفاته الثالثة..

"

في البدء كانت الكلمة جاءت نون وجاء القلم، كانت الحكاية التي ننام عليها ونحن في حجر الأمهات، وجاء التلفزيون وجاء الحاسوب وجاءت الأنترنت...فتحوّل العالم إلى شاشة حاسوب تحملك بضغطة زر إلى أي نقطة في العالم وتعيدك في نفس اللحظة إلى واقعك الحقيقي، لقد تمّ اختصار المشاعر والأحاسيس إلى رسائل نصيّة قصيرة..تصلك في اللحظة ...وصور بلتوث تطلع عليك لتغيّر فيك الكثير من القيم... فهل في هذه الزحمة تبقى هناك مساحة للشعر أو للقصّة أو للقراءة...

؟؟؟؟ "

بدر الدّين بريبش

تمرّ علينا هذه الأيّام الذكرى الثالثة لوفاة الصديق العزيز والأديب الفاضل، الأستاذ بدر الدّين بريبش والذي توفي في ثاني أيّام العيد 21 سبتمبر من عام 2009 م، وهو راجع من معايدة والديه بمدينة الوادي..عليه من الله سحائب الرّحمة والغفران..
أديب ألمعي ومبدع ذكي أتاه الله من الموهبة الجمّ العظيم، ومن اللباقة واللّطافة وحسن المعاشرة الشيء الكثير، كان في خلقه كنسمة الهواء الرفيفة، وفي سجاياه كسحابة مغيثة، زاده الثقافة والعلم والأدب، رجل جمع بين الحسنين في الإبداع أدب وعلم، أدب كتب فيه الشعر والقصّة والمقال والمسرح، وعلم مارسه مع تلاميذه وطلبته، وبذله للنّاس سلسا رقراقا على أمواج أثير إذاعة الزيبان في حصص علميّة لاقت رواجا كبيرا وإقبالا مشهودا من المستمعين..
لمّا بلغني الخبر أوّل مرّة كنت في البيت، وكان الذي في الجهة الأخرى الأستاذ الفاضل والصديق المشترك بيننا فوزي مصمودي، وأخبرني بالحادث المريع ونعى إليّ صديقنا بدر الدّين .. فاندهشت وكأنّي لم أصدّق الخبر، فسألته عن التفاصيل فأحاطني بها.. وعلاقتنا ارتبطت بعدّة أشياء نفيسة بالنسبة لنا، الثقافة والفكر والأدب، والجمعيّة الخلدونيّة، وإذاعة الزيبان سابقا التي صارت الآن إذاعة بسكرة..
وحضرنا الجنازة التي كانت مهيبة بحق..حضرها المئات من المشيعين وعلى رأسهم صفوة مثقفي ولاية بسكرة وأدباؤها وكتابها وإعلاميّوها، وكان الأستاذ فوزي مصمودي من ألصق الأصدقاء به، إذ كانا رفيقي عمل في التعليم وفي الإذاعة، الأمر الذي أوجب عليه أن يلقي كلمة التأبين في مقبرة ( لعزيلات ) حيث دفن بدر الدّين – رحمه الله – وهذه هي كلمة التأبين التي ألقاها الأستاذ فوزي لتبقى ذكرى للأجيال والكتاب والأدباء:
الكلمة التأبينية التي ألقاها الأستاذ فوزي مصمودي
أمام جثمان المرحوم الأستاذ بدر الدين بريبش بمقبرة لعزيلات ببسكرة
الثلاثاء 03 شوال 1430 هـ - 22 سبتمبر 2009 م
بسم الله الرحمن الرحيم
(( كل نفس ذائقة الموت )) (( إنك ميت و إنهم ميتون ))
مرّة أخرى تتخطّف يد المنون من بيننا واحدا من المخلصين البررة – و لا نزكي على الله أحدا – رجل يحق فيه قوله تعالى : '' رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدّلوا تبديلا ''
رجل من خيرة رجالات التربية والتعليم، ومبدع من المبدعين القاصّين وإعلامي من الإعلاميين المتميزين: المربي والأديب والكاتب والإعلامي وصاحب المجموعة القصصية المطبوعة ( بقايا الذاكرة المحنّطة ) الصّديق الأستاذ بدر الدين بريبش الذي التحق بربه في ثاني أيام عيد الفطر رفقة أخيه المرحوم عبد المجيد و زوجته الطاهرة في هذا الحادث المروري المروّع.
فإلى جنة الخلد و الرضوان يا بدر الدين إن شاء الله ربّ العالمين ...
هذا الفقيد الذي عرفناه منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، كاتبا امتلك ناصية الكتابة فطوّعها، فكان من نتاج ذلك دررٌ من المقالات وسبائك من القصص القصيرة والخواطر، فاحتضنته كبريات المجلات العربية كـ ( العربي ) الكويتية و( التضامن ) التي كانت تصدر ببريطانيا و( الأدب الإسلامي ) السعودية والهندية.
وبالجزائر ازدانت مجلة ( التذكير ) و( الخلدونية )... وجرائد( يومية وأسبوعية ) عديدة بإبداعاته الأدبية وحواراته الثقافية ومساجلاته.
كما عرفناك يا بدر الدين مشاركا في العديد من الملتقيات الأدبية والثقافية ، وزميلا مربيا بمتوسطة زراري محمد الصالح ببسكرة مدة فاقت الست سنوات، مخلصا أتقن مهنته وأحبّ تلامذته الذين يُعدّون اليوم بالآلاف وقد أحبّوه وتعلقوا به، بعد أكثر من عشرين عاما من التدريس في مجال العلوم الفيزيائية والتكنولوجية.
نرجو من الله سبحانه و تعالى أن يجعل كل ذلك في ميزان حسناته ويعدّه من العلم الذي ينتفع به صاحبه ، بعد وفاته كما جاء في الحديث الشريف، فتكون له صدقة جارية إلى يوم يبعثون.
الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر
1/2

كما عرفناه وعرفه غيرنا صاحب برامج إذاعية هادفة وهادية: مدارس الغد، عالم الكومبيونات، من كل زمان ومكان ... عظماء في ضيافة الزيبان... و مسلسلات إذاعية وغيرها من الأعمال الرائدة ...
كما ترك الفقيد رواية مخطوطة اختار لها عنوان ( عناكب ) كتبها بروحه، ومجموعة من التمثيليات الإذاعية والمسرحيات الهادفة الموجهة للأطفال... نرجو من الهيئات المعنية أن تضطلع بها لتجد طريقها للطبع والنشر، كأقل ما يمكن أن نقدمه لفقيدنا ولأسرتيه الصغيرة والكبيرة.
و في الختام لا يسعني باسمي وباسم الأسرة التربوية وخاصة متوسطة زراري محمد الصالح وباسم كامل طاقم إذاعة بسكرة الجهوية( مديرا وصحفيين ومذيعين وعمالا...) الذين خوّلوني الحديث باسمهم، وكافة أعضاء الجمعية الخلدونية إلا أن نعزي آل بريبش في هذا المصاب الجلل وأن يتغمّد الثلاثة بواسع رحمته وأن يدخلهم جنته عرّفها لهم ...
إنّا لله و إنّا إليه راجعون
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
ومن العجائب التي أخبرني بها الأستاذ فوزي مصمودي أنّ الدكتور عبد الله ركيبي كان يزورهم من حين لآخر - إذا جاء إلى بسكرة – بمتوسّطة زراري حيث كان يعمل الرباعي من أصدقائه الأستاذ عمّار عوينات مدير المتوسّطة والأستاذ فوزي مصمودي والأستاذ المرحوم بدر الدّين بريبش والأستاذ نصر الدّين صمودي، وفي اليوم الذي دفن فيه الأستاذ بدر الدّين – رحمه الله – كان قد مضى زمن طويل لم يزرهم الدكتور عبد الله ركيبي، لكن في ذلك اليوم اتصل بالهاتف وكلّم الأستاذ عمّار عوينات، وسأله الأصدقاء ومنهم بدر الدّين فقال له الأستاذ عمّار عوينات:
- إنّ بدر الدّين قد توفي وإنّنا في المقبرة ندفنه الآن..
كان ذلك في اللحظة التي فرغ فيها الأستاذ فوزي مصمودي من إلقاء كلمة التأبين.. ولله حكم ومقادير لا يعلمها إلا هو..وإنّ لله وإنّ له لراجعون ..
وقد كتبت عنه مقالا أيضا في حينه نشر بعدّة مواقع أدبيّة..
كما كتب عنه الأستاذ عبد الحليم صيد أيضا مقالا يعرّف بحياته وإبداعاته التي خلفها وراءه وقد نشره بجريدة ( الرائد )..
ولقد تمّ تسميّة نادي إذاعة بسكرة الجهويّة باسم المرحوم بد الدّين، عرفانا بجهوده التي كان يبذلها في الإذاعة..
وقد قال لي عنه الأستاذ محمّد الكامل بن زيد لقد كان بدر الدّين بريبش من أطيب النّاس خلقا وأدبا، ولقد كان من المشجعين لي على الكتابة حيث ذكر أنّ اسمه رشح لنيل جائزة كبيرة في مجلّة تصدر بلندن يشرف عليها كبار الكتاب والأدباء فكان ذلك حافزا له على مواصلة الإبداع والعطاء..
ومن الذكريات الجميلة التي بقيت لنا عن بدر الدّين بريبش ما قامت به جمعيّة أضواء الثقافية بطباعة مجموعة قصصيّة مشتركة ( ذاكرة عرائس الرمل ) أشرف على إعدادها وإخراجها الإخراج اللائق للنّاس الأستاذ فوزي مصمودي، وقد حملت أربع مجموعات قصصيّة لأربعة كتاب قصّة من بسكرة، وكان على رأسهم المرحوم الأستاذ بدر الدّين بريبش ، وقدّم للمجموعة الأستاذ القاص زين الدّين بومرزوق..
* * *
تمرّ الأيّام كأنّها الأضواء الخاطفة أو البروق اللامعة، نفقد أحبّة ونلتقي بآخرين وليس شيء يبقى كطيب الذكرى والعمل الصالح..
" إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه "..

[أيمن عبد الله]

رحمه الله رحمة واسعة وادخله فسيح جنانه

وبارك الله فيك وما هذه الكلمات عنه إلا دليل وفاء منك له

[Ayad Gsm]

رحم الله الفقيد و أسكنه فسيح جنانه.

[choayb1987]

بارك الله فيك