السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
لا شك أن النقاشات الدينية تستهوي كل فرد من أفراد المجتمع سواءا كان عالما أو جاهلا ،متعلما أو معرضا ،صالحا أو فاسقا، طيبا كان أو خبيثا ، فلا شك أن الكلام في الدين و المراء و الجدال شهوة عظيمة لا يمكن أن يفرط فيها إبليس و بناءا على هذا فإن الكثيرين لا يفرقون بين النقاش العلمي الشرعي المبني على معرفة ما أراده الله عز و جل و بين النقاش الفلسفي الذي يختلف كل الإختلاف عن النقاش الديني في الأصول و الغايات و النيات .
و هنا يجدر التنبيه على أن النقاش العلمي الشرعي إذا ضاعت أصوله أو تم إستبدالها بأصول النقاش الفلسفي البزنطي فإن النقاش سيتحول إلى جدال و مراء و هذا مخالف لأصل من أصول أهل السنة بل هو أصل مشتهر عند أهل البدع الذين تبنوا الأراء الفلسفية و الأفكار اليونانية و أقحموها في العقيدة الإسلامية .
و لهذا يجب أن نعلم الفوارق بين أصول النقاش الشرعي و النقاش الفلسفي حتى يكون المسلم على بينة من أمره و تتمثل هذه الفوارق في ما يلي :
أولا : النقاش الشرعي يجب أن يكون مستندا لأدلة الوحي فلا طريق للنقاش في الدين بدون إلتزام
مرجعية الكتاب و السنة في معرفة المسألة المتناقش فيها .
أما النقاش الفلسفي فمرجعيته العقل و الفكر الشخصي و كل إنسان و عقله و كل إنسان و فكره مما يدل على إستحالة الوصول إلى الحل أو الإتفاق عليه.
ثانيا : النقاش الشرعي لا يكون إلا بنية خالصة ألا و هي نية الوصول للحق الذي أراده الله سبحانه و لهذا كان سلفنا الصالح عندما يتناقشون فيما بينهم لا يهمهم على لسان من يظهر الحق و لكن كان يهمهم ظهور الحق و الإلتزام به .
أما النقاش الفلسفسي فالمقصد منه إظهار المعرفة الشخصية و حب الإنتصار للفكرة الشخصية و اللف و الدوران بأي طريقة و تقديم حجج غير منطقية كل هذا في سبيل عدم الإقرار و الخضوع لفكرة الشخص الآخر و لو ظهرت أدلة صحتها .
ثالثا : النقاش العلمي لابد أن يكون للمناقش حظا من العلم بالأدلة الشرعية ، على الأقل تلك المسألة التي يناقش فيها .
أما النقاش الفلسفي فلا يهم فيه أن يكون لديك مثقال ذرة من علم أو فهم في ما تتكلم فيه فليس في هذا النوع من النقاش شرط إلا أن تكون حيوانا ناطقا و كل فكرة أو وسوسة تمر على خاطرك تستطيع أن تطرحها في النقاش.
رابعا : الغاية من النقاش العلمي الشرعي هو معرفة ما أراده الله سبحانه و الإستقامة عليه و التمسك به رجاءا لثوابه و خوفا من عقابه و ليس لأجل معرفة لماذا شرع الله هذا و لم يشرع كذا و لماذا حرم هذا و أباح هذا و كيف يكون القبر و كيف البعث وووو الخ من الأمور الغيبية التي لا سبيل إلى معرفتها بل و لا يهم معرفتها و إنما يهم العمل لها .
أما النقاش الفلسفي فهدفه كثرة المسائل التي تتعب العقل و لا يرجى منها فائدة في الدنيا قبل الآخرة و مع ذلك لن يجد المناقش إجابة إلا التخرصات و إتباع الظن .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .