صورة (1) الافتتاحيَّة (صورتان من زمنَيْن):
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [العنكبوت: 10 - 13].
يفتَتِح - تعالى - السُّورة بالوقوف على حقيقة الإيمان والكفر، ومن خِلاله يقف على صُورة البداية والختام معًا دون الدُّخول في التفصيلات بينهما، ويستمرُّ الانتِقال من الموقف الدنيويِّ القديم للموقف الأخرويِّ المستقبليِّ على نحوٍ تَضِيع فيه الحدود إلا لذي النُّهَى في استِبصار طريقة العرض؛ فموقف الدنيا ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ... وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ﴾ [العنكبوت: 10 - 11] يَعقُبه موقف الآخِرة، وهو الصُّورة الختاميَّة أو النتيجة، ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ...﴾ [العنكبوت: 12] دُون التمهيد لهذا الانتِقال؛ ليَعُود مرَّة أخرى في ذكر مَواقِف الدنيا من بداية الرسالة وبداية وجود المؤمن والكافر في الموقف التالي، ويكون هذا في سِياق تأييد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومطالبته بمحاجَجَة الكافرين به.