كيف وظف نظام المخزن والعقل الصهيوني جماعة الإخوان المغربية؟.

[الحاج بوكليبات]

كيف وظف نظام المخزن والعقل الصهيوني جماعة الإخوان المغربية.

استطاع نظام المخزن بفضل العقل الصهيوني المتمثل في مستشاري القصر من اليهود الصهاينة أمثال " أزولاي" إلى جانب الكثير من اليهود المغاربة الصهاينة من تجاوز الكثير من العقبات التي كانت تشكل أخطاراً وجودية عليه، ولعل أخطرها على الإطلاق أحداث ما يسمى الربيع العربي، التي انطلقت في سنة 2010 و2011 التي اجتاحت المنطقة العربية، وانتشرت في مفاصل الدولة وجسد المجتمعات كالنار في الهشيم، وقد تحولت تلك الأحداث بعد برهة من إنطلاقتها في ظل مُخطط غربي صهيوني محكم فيما سمي بالشرق الأوسط الكبير الذي يخدم الكيان الصهيوني بالأساس إلى حروب أهلية مُدمرة أتت على الأخضر واليابس فيها، وأرجعت المنطقة العربية على الخصوص المُستهدفة إلى عُقود طويلة من الزمن إلى الوراء عبرت عليها فيما بعد حالة التردي والتخلف الحاصلة، وقضت على أشواط البناء والتنمية التي باشرتها تلك الدول العربية بعد الإستقلال حتى لحظة انطلاق ذلك الجحيم.


لقد عمل العقل الصهيوني في المغرب والمتحالف مع نظام المخزن على توظيف الإسلام السياسي بشكل خبيث في كل المحطات التي تلت أحداث ما يسمى الربيع العربي وبخاصة جماعة الإخوان، فلقد عمل العقل الصهيوني مع نظام المخزن على تمكين جماعة الإخوان المغربية المُتمثلة في حزب العدالة والتنمية من السلطة ولو بصورة شكلية، فكانت كل السلطات الفعلية بيد الملك ولم تكن جماعة الإخوان المغربية سوى مقاول أظهره نظام المخزن كواجهة ديمقراطية أمام شعوب العالم للقول أن المغرب يعيش ديمقراطية لا سابق لها في المنطقة هذا الأمر الذي كان يرضي الغرب وأمريكا في عهد الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" التي كانت دولته تقود حملة عالمية لتصدير الديمقراطية التخريبية "الثورات الملونة" إلى العالم بواسطة الشوارع العربية المنزعجة من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية البائسة التي تعيشها بلدانها [بسبب عديد الأخطاء التي وقعت فيها نظم الدول الوطنية من بينها التخلي على الخيارات الاقتصادية والاجتماعية لصالح الرأسمالية المتوحشة والليبيرالية المتحللة من خلال ظاهرة العولمة] لقلب أنظمة الحكم في المنطقة العربية وبخاصة في تلك الدول التي تسبح في فلك خارج الهيمنة الأمريكية.

لقد استطاع التحالف الذي جمع العقل الصهيوني ونظام المخزن من استخدام جماعة الإخوان المغربية، وذلك بتمرير العديد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللاشعبية في المغرب لصالح الرأسمالية المتوحشة والليبيرالية المتحللة والعولمة المتفسخة التي يرفضها الشعب المغربي بواسطة جماعة الإخوان المغربية الحاكمة.

كما استطاع هذا التحالف ومن خلال توظيف جماعة الإخوان المغربية من إخماد الاحتجاجات الشعبية في الريف باستخدام القمع والقوة البوليسية الغاشمة، وقد شهدت أحداث الريف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من بينها اختطاف الناشطين والاخفاء القسري وسجن المعارضين واخضاعهم للتعذيب الجسدي، وهذا الذي حدث مع رمز حراك الريف الناشط السياسي "الزفزافي" الذي ما زال لحد اللحظة يقبع في سجون النظام المغربي هو ورفاقه وهذا بشهادة تقارير واردة من مُنظمات حقوق الإنسان الدولية.

كما استطاع هذا التحالف من خلال اللعب بورقة جماعة الإخوان المغربية الحاكمة من ضرب استقرار منطقة المغرب العربي، ودق آخر مسمار في نعش اتحاد المغرب العربي الكبير، هذه المنظمة الإقليمية التي تجمع دول المغرب العربي من خلال الإعتداء السافر لقوات الإحتلال المغربي على معبر "الكركرات" بالصحراء الغربية. في خطوة استفزازية للمجتمع الدولي ولقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة بالأمم المتحدة، من خلال خرق اتفاق وقف اطلاق النار المبرم بين الاحتلال المغربي وجبهة "البوليساريو" الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، وقد رأى العالم بأم عينه كيف أن رئيس الحكومة المغربية الإخواني "العثماني" عمل على تبرير تلك الخطوة في منطقة منزوعة السلاح في استهانة كبيرة بقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية.

كما استطاع هذا التحالف بتوظيف جماعة الإخوان المغربية من تمرير أخطر قرار وهو خطوة تطبيع نظام المخزن مع الكيان الصهيوني الذي ما زال يحتل الأراضي العربية [في سوريا+ولبنان] والفلسطينية، ويرتكب أفظع الجرائم ضد الإنسانية بشهادة المحكمة الدولية وهيئات منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحقوقية، فلقد شاهد العالم بأسره كيف وقع رئيس الحكومة المغربية "العثماني" زعيم تيار الإخوان في المغرب وثيقة التطبيع تلك المشؤومة.

كما استطاع هذا التحالف الشيطاني استخدام الإخوان المغاربة المحسوبة على الجماعات الدينية والتي ترفع شعار "الإسلام هو الحل" و"ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية" ولو بالتدرج ومن خلال التقية ومهادنة الحكام من تمرير قرار تقنين زراعة وانتاج وصناعة وتجارة المخدرات مثل: الحشيش والأفيون والكوكايين والقنب الهندي وغيرها من الأصناف الأخرى التي تزخر أراضي المملكة بهم.

ما كان نظام المخزن أن ينجو من موجات ما يسمى الربيع العربي ولا أن يتحرك عسكرياً ضد الشرعية الدولية في مناطق منزوعة السلاح في الصحراء الغربية المحتلة، ولا أن يمرر قرارات اقتصادية واجتماعية قاسية ضد مصلحة الشعب المغربي ولا أن يمارس انتهاكات ضد حقوق الإنسان في الريف وضد الصحافة المغربية الحرة وضد صحفيين ومعارضين سياسيين مُتعقلين اليوم في سجون المهلكة بحجج واهية ومفبركة كالتحرش وغيرها من التهم الجاهزة من المخابرات المخزنية الفاشلة، ولا تمرير التطبيع مع الكيان الصهيوني أمام صمت وتواطؤ مفضوح للشعب المغربي، ولا تمرير مشروع تقنين المخدرات المحرمة شرعاً لولا وجود جماعة الإخوان التي مكن لها نظام المخزن بتخطيط من العقل الصهيوني مستشار الملك 106 أوزولاي من الوصول إلى السلطة ولو بصورة شكلية فقط، لأن القرار يبقى بيد الملك.

يبقى في الأخير أن نذكر بأن جماعة "بن كيران" و"العثماني" الإخوانين هو وجماعته الحاكمة اليوم ولو بشكل صوري لأن القرار في النهاية بيد الملك مُتورطة حتى أذقانها في قضايا أخلاقية، منها علاقات غير شرعية "جنسية" بين برلمانيين وبرلمانيات من حزب العدالة والتنمية الإخواني المغربي ولكن الأخطر هو حجم الفساد المالي والنهب والإستحواذ على العقار وتهريب الأموال إلى ملاذات آمنة وتبييض أموال وتهريب وبيع السلاح والأفيون والتورط في شبكة الاتجار بالبشر وشبكات التهريب والدعارة.. التي تورطت فيه جماعة الإخوان الحاكمة والذي ورطها فيه الملك وأولياؤه عن قصد حتى يتم ابتزاز الجماعة والتحكم في قرارتها بعد ذلك وهذا هو الحاصل اليوم، بدليل الطاعة العمياء للملك على حساب الدين والمبادئ والقيم "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".

في الإنتخابات الأخيرة للنقابات في المغرب تذيلت جماعة الإخوان المغربية الترتيب، وجاءت في المراتب الأخيرة ولم تحصل على شيء، وهي مؤشر بالغ الأهمية على قرب نهاية الجماعة، وأن تاريخ صلاحيتها قد انتهى، وبخاصة ونحن نقترب من الإنتخابات التشريعية في المغرب نهاية 2021، والذي من المؤكد أن يكون ذلك التاريخ هو يوم زوال آخر "قلاع" الإخوان بعد أحداث تونس الأخيرة. لكن الفرق بين إخوان المغرب وإخوان تونس أو غيرهم من الإخوان في البلاد العربية أن إخوان المغرب سينتهون إلى مزبلة التاريخ حاملين معهم كل مُوبقات وجرائم الملك 106 ونظام المخزن، فهم الذين "شالوا البيعة لوحدهم"، أما الملك 106 ونظام المخزن فيكفي أن ينزع القفزات التي تلطخت بهم ويرميها في حاوية "الزبالة" حتى يتبرأ مما تواطأت الجماعة فيه، وستظل تلك الجرائم التي أُقترفت بواسطة إخوان المغرب تخدم الملك 106 وزبانيته وحلفاؤه في الخارج وفي الداخل لسنوات قادمة أما اللعنة فستطارد جماعة الإخوان المغربية التي "حكمت" المغرب من 2011 حتى 2021 والتاريخ لا يرحم.

بقلم: الحاج بوكليبات