عباد الله: إذا كانت هذه فضائل من سعى في نظافة الشوارع والطرقات، والحدائق والمنتزهات، وغيرها من الأماكن العامة، فإن أولى الناس بها، من سعى في نظافة أطهر البقاع وأشرفها، أعني بيوت الله، ولأجل شرف هذا العمل، فقد النبي ﷺ امرَأَةً سَودَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسجِدَ، فَسَأَلَ عَنهَا؟ فَقَالُوا: مَاتَتْ، فَقَالَ: (أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي) ~ ، فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، فَقَالَ: (دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا) ~ ، فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاتِي عَلَيْهِمْ) ~ [متفق عليه]، وفي رواية: (كَانَتْ تَلْتَقِطُ الْخِرَقَ، وَالْعِيدَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ).
فيا عبد الله: لا تحتقر عودا ولا خيطا ولا أدنى من ذلك ولا أصغر من أن ترفعه من الأرض، فإن النبي ﷺ قال : (عُرِضَتْ عَلَيَّ أعْمالُ أُمَّتي حَسَنُها وسَيِّئُها، فَوَجَدْتُ في مَحاسِنِ أعْمالِها الأذَى يُماطُ عَنِ الطَّرِيقِ، ووَجَدْتُ في مَساوِي أعْمالِها النُّخاعَةَ تَكُونُ في المَسْجِدِ، لا تُدْفَنُ) ~ [مسلم].
وفي المقابل عباد الله إن العبد إذا تهاون في النظافة وإزالة الأذى نال سيئة ووزرا، قال ابن باديس (وإذا كانت إزالة الأذى عن الطريق- ومثلها كل مجتمع عام- فيها الأجر والمثوبة فوضع الأذى فيه الإثم والعقوبة) ~ [الآثار] ، ومصداق ذلك ما رواه حذيفةُ بن أُسَيْدٍ؛ أن النبي ﷺ قال: (من آذى المسلمين في طُرقِهِم؛ وَجَبَتْ عليه لَعنَتُهم) ~ [المعجم الكبير للطبراني وحسنه الألباني].