بلادي الجزائر تجهر بموقفها وتسارع في إصدار بيانات التضامن والتعزية ومشاطرة ألام الأحزان، وبيانات التنديد في بعض الأحيان.
لكنها تحجم وتتخلف بل حتى تصمت في إصدار بيانات الجهر وتبيان الموقف في قضايا الساعة على الساحة الدولية.
لنأخذ بعض الأمثلة:
كالتأزم الوضع في تايوان، والتشنج العلاقات الأمريكية الصينية التي تسببت فيها زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي بيلوسي إلى تايبي، فخارجيتنا أسندت المهمة إلى السفير الجزائري ببكين الذي خرح بكلام عام.
ومن قبل مسألة الغزو الروسي لأوكرانيا، ولم تبادر بلادي بأي موقف غير زيارة لعمامرة إلى موسكو ضمن وفد الجامعة العربية وإمتناعها عن التصويت في الجمعية للأمم المتحدة، وزيارة لافروف إلى الجزائر التي تدخل في نطاق إيجاد منابر للتعبير.
رغم أن كل من الصين وروسيا أصدقاء للجزائر.
وقضية سد النهضة والملأ المتوالي لأثيوبيا
وما يحدث في اليمن ولبنان والعراق والسودان وسوريا، رغم أن الجزائر لإحتضان قمة عربية.
والمفاوضات بين إيران وأمريكا بخصوص إحياء الإتفاق النووي.
إن أي مواطن ليتحسر على الدبلوماسية الجزائرية التي كانت تصدح على الساحة الدولية والجهر بالموقف، غير مبالية بردود فعل القوى العظمى.
قبيل الإستقلال بأشهر، الجزائر التي خرجت للتو من حرب ظروس، يقوم الزعيم أحمد بن بلة بزيارة إلى نيويورك للرفع الراية الجزائرية بمقر المحفل الدولي، يلتقي بن بلة بالرئيس الأمريكي (المتعاطف مع القضية الحزائرية) جون كينيدي، الذي أبدى تفهما كبيرا لوجهة نظر الثورة الجزائرية لقضايا الساعة، وإستعدادا منقطيع النظير لتحسين العلاقات مع الجزائر الفتية ومساعدتها في تنمية إقتصادها، وكانت قد أرسلت أطنان من المواد الغذائية.
لكن بن بلة أدار ظهره لكل الإغراءات الأمريكية، وطار للتو إلى كوبا ويلتقي برفيقي النضال فيدال كاسترو وتشي غيفارا، لأن فؤاده كان يهفو إلى هافانا، لإبداء تضامن الجزائر مع كوبا في أزمة خليج الخنازير.
وفي سنة 1974 يجتمع الزعيم هواري بومدين بالرئيس الأمريكي، وكان الجانب الأمريكي ينتظر أن يتطرق بومدين إلى العلاقات الثنائية ولكنه يتفاجأ بتطرق بومدين إلى رغبة أمريكا في خلق بؤرة كردية في شمال العراق، وعندما سمع الرئيس العراقي عبد السلام عارف بما بادر من بومدين بكي (مذكرات سفير جزائري أسبق ببغداد).
وكانت الجزائر في أوج إنتصاراتها وإشعاعها الدبلوماسي خلال ترأسها للجمعية العامة للأمم المتحدة بطرد نظام الميز العنصري الأبرتايد والإعتراف بالمؤتمر الوطني الإفريقي، وطرد الصين الوطنية (تايوان) وإحلال محلها الصين الشعبية، وتمكين رمز النضال الفلسطيني ياسر عرفات بإلقاء كلمة فلسطين والإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن قبل إحتضنت قمة عدم الإنحياز وتمكنت بمصالحة صدام حسين بشاه إيران.
والمرافعة بإسم العالم الثالث على نظام دولي جديد.
وتمكنها من حل قضية الرهائن الأمريكان المحتجزين بطهران.
إيوائها لثوار التحرير في العالم، القس ديزموند توتو وأولفير تامبو، سام نجوما، أتباع لوثر كينغ بأمريكا وأمة الإسلام، الثوار الباسك، أبو عمار، أبو اللطف، حبش، أتباع أليندي، شيسانو، بل كل من يكافح من أجل قضية عادلة.
وإحتضانها لمفاوضات إستقلال الدول الإفريقية.
مساهماتها في إتفاق الطائف.
وفي حل النزاع الأثيوبي الإيريتري.
أكتفي بهذا الحيز.
بقلم الأستاذ محند زكريني
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2022-08-17, 22:49
الدبلوماسية الصامتة، بعد أن كانت تصدح على الساحة الدولية
العرض العادي
