أصول عقيدة أهل السنة والجماعة - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أصول عقيدة أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-07-30, 18:32   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الأدلة الشّرعية على حجيّة السنّة النبوية

السؤال :

هل يجب علينا اتباع السنة أم القرآن فقط ؟

وهل المسلم ملزم باتّباع مذهب معيّن ؟


الجواب :

الحمد لله

السؤال الأول يبدو للمسلم الجادّ سؤالا عجيبا ومثيرا للدهشة فكيف يتحوّل الشيء البدهي المسلّم به والذي هو من أساسيات الدين ، كيف يتحوّل مجالا للتساؤل ؟

ولكن حيث أنّ التساؤل قد حصل فنقدّم مستعينين بالله هذا التأصيل العلمي الشرعي لمسألة حجية السنة ووجوب اتّباعها وأهميتها وحكم من رفضها وفي ذلك ردّ على المتشككين

وعلى أتباع الطائفة الضّالة المتسمين بالقرآنيين - والقرآن منهم بريء- وهذا التأصيل نافع أيضا -إن شاء الله - لكل من يريد معرفة الحقّ في هذه القضية :

أدلة حجية السنّة :

أولا : دلالة القرآن الكريم على حجية السنة :

وذلك من وجوه :

الأول - قال الله تعالى : ( من يطع الرّسول فقد أطاع الله ) ، فجعل الله تعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعته .

ثم قرن طاعته بطاعة رسوله ، قال تعالى : ( يـا أيّها الّذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول ) .

الثاني - حذر الله عز وجل من مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتوعد من عصاه بالخلود في النار ، قال تعالى : ( فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبُهم عـذاب ألـيم) .

الثالث - جعل الله تعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من لوازم الإيمان ، ومخالفته من علامات النفاق ، قال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتّى يحكمُّوك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مـمّا قضيت ويسلموا تسليماً ) .

الرابع :- أمر سبحانه وتعالى عباده بالاستجابة لله والرسول ، قال تعالى : ( يا أيّـُها الّذين أمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يُحييكم ..) .

الخامس : - ثم أمرهم سبحانه برد ما تنازعوا فيه إليه ، وذلك عند الاختلاف ، قال تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردّوُه إلى الله والرّسول ) .

ثانياً : دلالة السنة النبوية على حجية السنة :

وذلك من وجوه :

أحدها : ما رواه الترمذي عن أبي رافع وغيره رفعه ( أي : إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) قال لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح سنن الترمذي ط. شاكر رقم 2663

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن ألا وإني والله قد وعظت وأمرت ونهيت عن أشيا

إنها لمثل القرآن أو أكثر .. الحديث رواه أبو داود كتاب الخراج والإمارة والفيء

الثاني : ما رواه أبو داود أيضا في سننه عن العرباض بن سارية رضي الله عنه ، أنه قال : ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، ثم أقبل علينا

فوعظنا موعظة بليغة ) وفيها : ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين ، تمسكوا بـها ، وعضوا عليها بالنواجذ ..) في كتاب السنّة من صحيح أي داود

ثالثاً : دلالة الإجماع على حجية السنة :

قال الشافعي رحمه الله :

ولا أعلم من الصحابة ولا من التابعين أحدا أُخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قبل خبره ، وانتهى إليه ، وأثبت ذلك سنة .. وصنع ذلك الذين بعد التابعين ، والذين لقيناهم

كلهم يثبت الأخبار ويجعلها سنة ، يحمد من تبعها ، ويعاب من خالفها ، فمن فارق هذا المذهب كان عندنا مفارق سبيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل العلم بعدهم إلى اليوم ، وكان من أهل الجهالة .

رابعا: دلالة النظر الصحيح على حجية السنة :

كون النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله ، يقتضي تصديقه في كل ما يخبر به ، وطاعته في كل ما يأمر به ، ومن المُسلَّم به أنه قد أخبر وحكم بأمور زائدة على ما في القرآن الكريم

فالتفريق بينها وبين القرآن ، في وجوب الالتزام بـها ، والاستجابة لها ، تفريق بما لا دليل عليه ، بل هو تفريق باطل ، فلزم أن يكون خبره صلى الله عليه وسلم واجب التصديق ، وكذا أمره واجب الـطـاعة .

حكم من أنكر حجية السنة أنه كافر لإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة .

أما السؤال الثاني وهو هل المسلم ملزم باتّباع مذهب معيّن فالجواب : لا يلزم ذلك ، وكل عامي من المسلمين مذهبه مذهب مفتيه ، وعليه أن يسأل من يثق به من أهل العلم والفتوى وإذا كان الشّخص طالب علم يميّز بين الأدلة والأقوال فعليه أن يتبّع القول الراجح من أقوال أهل العلم بدليله الصحيح من الكتاب والسنّة .

هذا ويجوز للمسلم أن يتبع مذهبا معينا من المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة بشرط أنّه إذا عرف أنّ الحقّ في المسألة المعيّنة خلاف المذهب وجب عليه أن يخالف المذهب ويتّبع الحقّ ولو كان في مذهب آخر

لأنّ المقصود هو اتّباع الحقّ الذي يُعرف بالكتاب والسنة ، والمذاهب الفقهية ما هي إلا طرق لمعرفة الأحكام الشرعية دالّة على أحكام الكتاب والسنّة وليست هي الكتاب والسنّة .

نسأل الله أن يرينا الحقّ حقّا ويرزقنا اتّباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-30, 18:41   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تحقيق الإسلام لا يكون إلا باتباع الكتاب والسنة .

السؤال :


أخبرتُ الناس أن اتباع الإسلام يكون باتباع التوراة والإنجيل والقرآن ، بدلا من القرآن والسنة فقط . فقالوا : إنني مخطئ ؛ لأنني لست عالما ، لذلك أردت أن توضح لي خطئي

وعلي كل الأحوال سأصدق وسأتفق مع ما تعتقد . وهذا نص نقاشي معهم : السورة الخامسة من القرآن الكريم : ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *

وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ). وهذه هي الترجمة للمعني العربي ، وهذا دليل علي أن النبي محمد قد احتكم للقرآن والتوراة

ويقول الله تعالي أيضا في سورة القصص : (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ * قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *

فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .


الجواب :

الحمد لله


أولا :

أصل دين الأنبياء والرسل واحد لا يختلف ، وهو توحيد الله وعبادته وحده ، ونبذ عبادة ما يعبد من دونه

قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 ، وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء/ 25 .

فالتوراة والإنجيل والقرآن متفقون على هذا الأصل .

أما أحكام الحلال والحرام وتفاصيل العبادات فلكل نبي شرعه

قال الله تعالى : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) المائدة/48.

ثانيا :

لما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وكانت شريعته أكمل الشرائع وأتمها ، وكانت سنته من كمال شرعه وجب التحاكم إلى الكتاب والسنة إلى يوم القيامة

لأنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم ، ولا بد للناس من شريعة تحكمهم ، وشريعة النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الشرائع وآخرها ، فوجب اتباع شريعته ، وهي الكتاب والسنة .

وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ ) .

رواه أبو داود (4604) ، وصححه الألباني .

فكانت شريعة الكتاب والسنة هي التي يجب اتباعها إلى يوم القيامة

ولا يجوز لأحد الخروج عنها ، كما لا يجوز الرجوع إلى شريعة التوراة أو الإنجيل ؛ لأن الله تعالى قد نسخ بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ما سبقه من الشرائع إلا ما أُقر منها ، بخلاف الاعتقاد ومسائل الإيمان فإنها ثابتة .

قال الله تعالى :( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) المائدة/ 48 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" فالقرآن أَمِينٌ وَشَاهِدٌ وَحَاكِمٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ ، جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْكِتَابَ الْعَظِيمَ، الَّذِي أَنْزَلَهُ آخِرَ الْكُتُبِ وَخَاتَمَهَا، أَشْمَلَهَا وَأَعْظَمَهَا وَأَحْكَمَهَا ؛ حَيْثُ جَمَعَ فِيهِ مَحَاسِنَ مَا قَبْلَهُ، وَزَادَهُ مِنَ الْكَمَالَاتِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ ؛ فَلِهَذَا جَعَلَهُ شَاهِدًا وَأَمِينًا وَحَاكِمًا عَلَيْهَا كُلِّهَا، وَتَكَفَّلَ تَعَالَى بِحِفْظِهِ بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ
.
وَقَوْلُهُ: (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ) أَيْ : فَاحْكُمْ يَا مُحَمَّدُ بَيْنَ النَّاسِ : عَرَبهم وَعَجَمِهِمْ ، أُميهم وَكِتَابَيِّهِمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْعَظِيمِ ، وَبِمَا قَرَّرَهُ لَكَ مِنْ حُكْمِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَمْ يَنْسَخْهُ فِي شَرْعِكَ "
.
انتهى باختصار من "تفسير ابن كثير" (3/ 128) .

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

" جميع الأديان السماوية منسوخة بالدين الإسلامي ، وهي الآن ليست مما يدان به لله عز وجل لأن الذي شرعها ووضعها ديناً هو الذي نسخها بدين محمد صلى الله عليه وسلم "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (4/ 2) بترقيم الشاملة .

ثالثا :

ولذلك فإن قولك : " اتباع الإسلام يكون باتباع التوراة والإنجيل والقرآن بدلا من القرآن والسنة فقط " قول مردود لعدة أسباب :

الأول : أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى قد حرفوا التوراة والإنجيل ، فكيف يكون اتباع الإسلام يعني اتباع الكتب المحرفة ؟!

الثاني : هذا القول لا يصلح عند الكلام عن الشرائع والأحكام لما تقدم من أن تفاصيل الأحكام مختلفة في شرائع الرسل ، والواجب على جميع الأمم اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وحده ، والتي هي الكتاب والسنة .

وقد روى أحمد (14736)

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ : ( أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟

- يعني أمتحيرون ؟ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي ) .

حسنه الألباني في "الإرواء" (6/34) .

الثالث : أن الله عز وجل أكمل الدين وأتم النعمة بالكتاب والسنة ، فلا خروج لأحد عن حكمهما .

قال الله عز وجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة/3 .

وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ) .

رواه الطبراني في الكبير (1647) ، وصححه الألباني في الصحيحة (1803) .

سادسا : أن تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله لا يتم إلا باتباع السنة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" فقد بيَّن الله - سبحانه - على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمره به ، وجميع ما نهى عنه ، وجميع ما أحله ، وجميع ما حرمه ، وجميع ما عفا عنه , وبهذا يكون دينُه كاملا كما قال تعالى : ( اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دينَكُم وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُم نعْمَتي) "

انتهى من " إعلام الموقعين " ( 1 / 250 ) .

ثالثا :

أما قول الله تعالى : ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) المائدة/ 42، 43 .

فمعنى هاتين الآيتين تبكيت هؤلاء اليهود الذين لا يرضون بحكم الله ولا بحكم رسوله ، وهم إنما جاءوه ليحكم بينهم ، عسى أن يوافق أهواءهم ، فخيره الله عز وجل بين أن يحكم بينهم، أو يعرض عن الحكم بينهم ، فإن حكم بينهم : وجب عليه أن يحكم بالقسط ولا يتبع أهواءهم .

ثم قال متعجبا لهم : ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ )

فإنهم - لو كانوا مؤمنين عاملين بما يقتضيه الإيمان ويوجبه - لم يعرضوا عن حكم الله الذي في التوراة التي بين أيديهم ، ويبحثوا عما لعله يوافق أهواءهم في غيره .

وحين حكمت بينهم بحكم الله الموافق لما عندهم أيضا ، لم يرضوا بذلك ، بل أعرضوا عنه ، فلم يرتضوه .

قال تعالى: (وَمَا أُولَئِكَ) الذين هذا صنيعهم (بِالْمُؤْمِنِينَ) أي: ليس هذا دأب المؤمنين ، وليسوا أهلا للإيمان ، لأنهم جعلوا آلهتهم أهواءهم ، وجعلوا أحكام الإيمان تابعة لأهوائهم .

انظر : " تفسير السعدي" (ص232) .

واليهود قوم بهت ، يحرفون الكلم من بعد مواضعه ، وقد تبين أنهم يحرفون الكتاب ، ولا يؤمنون بالتوراة التي أنزلها الله إنما يتبعون أهواءهم .

وقد روى البخاري (3635) ، ومسلم (1699)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " أَنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ ؟ )، فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ : كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ : ارْفَعْ يَدَكَ ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ

فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى المَرْأَةِ يَقِيهَا الحِجَارَةَ " .

وفي رواية مسلم : " فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ ، فَقَالَ: ( مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى؟ ) ، قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا، وَنُحَمِّلُهُمَا، وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا، قَالَ: ( فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) " .

فلما كان حكم التوراة في هذه المسألة ، موافقا لحكم القرآن : لم يمتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم بما في التوراة ، ولأن ذلك مما يدل على أنهم كانوا يحرفون كلام الله ويبدلون حكم الله .

رابعا :

الآيات التي أوردها السائل : إنما هي في معرض محاجة الكافرين الذين كفروا بالتوراة من قبل ، وكفروا بالقرآن بعد ذلك ، فقالوا أولا : ( لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى)

قال الله تعالي: ( أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا )

أي: القرآن والتوراة ، تعاونا في سحرهما ، وإضلال الناس ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) فثبت بهذا أن القوم يريدون إبطال الحق بما ليس ببرهان ، ويقولون الأقوال المتناقضة المختلفة ، وهذا شأن كل كافر، ولهذا صرح أنهم كفروا بالكتابين والرسولين .

انظر : "تفسير السعدي" (ص 618) .

فأراد الله تعالى أن يبين للناس أنهم يكفرون بكل رسول ، ويكفرون بكل كتاب .

فمثل هذا في معرض المحاجة ليبين لهم أنهم لا يؤمنون لا بمحمد ولا بموسى ولا بغيرهما من رسل الله ، ولا يقرون بشريعة التوراة ولا شريعة القرآن

ولذلك قال : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص/ 50 .

والخلاصة :

أنه لا يجوز الخروج عن حكم الكتاب والسنة إلى يوم القيامة ، ومن ترك حكم السنة ولم يلتزمه زاعما أن اتباع الإسلام إنما يكون باتباع القرآن والتوراة والإنجيل فقد ضل سواء السبيل .

وهذا أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام ، أنه لا يحل لأحد الخروج عن حكمه في كتابه وسنة نبيه ، ولا طلب الهدى فيما سواهما ، بعد بعثة نبيه صلى الله عليه وسلم .

ولا حرج إن كان عندك شيء من شبهة ، أو رأي ، أن تعرضه على أهل العلم الثقات الذي يمكنك التواصل معهم .

نسأل الله لنا ولك الثبات على الدين ، والاستقامة على منهج الكتاب والسنة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-30, 18:46   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سبب اختلاف أحكام التوراة والقرآن

السؤال:

أعلم أن نقطة الاتفاق بين الإسلام واليهودية هي عبادة الله الواحد وحرمة عبادة الأصنام ، والفرق الأساسي بينهما هو كتاب كل دين - أقصد القرآن والتوراة -

فكيف تختلف تعاليم القرآن عن تعاليم التوراة ؟ .


الجواب :

الحمد لله


أولاً :

نرحب بك في موقعنا ، ونسأل الله أن يعيننا على تقديم المفيد من المعلومات لك ، وأن يكون ذلك نافعاً لك في دينك ودنياك .

ثانياً :

إذا كنت تتحدث عن اليهودية التي شرعها الله ، والتوراة التي أنزلها الله ، فالإسلام واليهودية متفقان - كما قلت - في عبادة الله وحده لا شريك له ،

وتحريم عبادة غيره أياً كان ، وكذلك متفقون في قضايا الإيمان بالأنبياء والرسل ، واليوم الآخر والحساب والجنة والنار .... إلخ .

أما الأحكام كالحلال والحرام ، وتفاصيل العبادات ، فهذا هو الذي يختلف فيه الإسلام عن اليهودية ، ويختلف فيه القرآن عن التوراة

وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) المائدة/48 ، فكل أمة لها شريعتها في الحلال والحرام ، ولها عبادتها التي تعبد الله بها .

وشبه نبينا صلى الله عليه وسلم اتفاق الأنبياء جميعاً على أصل الدين وهو التوحيد والعقائد وعبادة الله وحده لا شريك له ، واختلافهم في الشرائع بقوله : ( الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ

) رواه البخاري ومسلم .

والإخوة لعلات هم الإخوة من أب واحد ، وأمهات مختلفة .

إذاً فأصل دين الأنبياء واحد ، وهو التوحيد ، وعبادة الله وحده لا شريك له ، لكن تفاصيل الشرائع والأحكام هي التي تختلف .

وهذا هو الموافق للحكمة .

فآدم عليه السلام كانت له شريعته التي تناسبه ، وتناسب أولاده ، وتلائم الزمان الذي هم فيه ؛ فكان من شريعته ـ مثلا ـ أن الأخ يتزوج من أخته ، لأنه لا يمكن حصول التناسل ووجود الذرية في هذا الوقت إلا بذلك .

ثم طال الزمان ، وتغيرت الشرائع بما يناسب الأمم الجديدة والأزمنة الجديدة ، ولذلك كان من شريعة اليهود تحريم نكاح الأخ لأخته ، مع أنه كان مباحاً في شريعة آدم .

ويعقوب عليه السلام كان كل الطعام حلالاً له ، وهو الذي حرم على نفسه بعض الأشياء ، وثبت ذلك التحريم ، وصار شرعاً له ولأولاده ، وفي هذا يقول الله تعالى في القرآن الكريم : (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ) آل عمران/93 .

ثم جاءت شريعة عيسى عليه السلام ، وكانت أخف من شريعة موسى ، فأحل الله للنصارى (أتباع المسيح عليه السلام) بعض المحرمات التي كانت في شريعة موسى ، وفي هذا يقول الله تعالى على لسان عيسى عليه السلام : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) آل عمران/50 .

ثم جاءت شريعة القرآن ، شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فخالفت الشرائع السابقة ـ أيضا ـ في بعض الأحكام ؛ كما حدث ذلك من قبل في اليهودية ، والنصرانية .

ولما كانت شريعة القرآن هي الشريعة الخاتمة الباقية إلى يوم القيامة ، كانت أكمل الشرائع وأحسنها ، وأخفها ، وفيها من المرونة ما يتناسب مع كل زمان ومكان إلى قيام الساعة .

وهذا هو السبب في اختلاف أحكام التوراة مع أحكام القرآن ، حيث كانت التوراة خاصة ببني إسرائيل فقط ، ولم تكن أحكامها مستمرة ثابتة إلى يوم القيامة ، وإذا كانت أكثر أحكام التوراة معتمدة بعد ذلك في المسيحية

وإنما تغير ذلك في تحليل بعض ما كان محرما ، فقد كانت أحكام التوراة والإنجيل من بعده مقيدتين بزمن ، ينتهي ذلك كله عنده ، وهو مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي أخذ العهد على الأنبياء من قبله : أنه متى بعث

وأحدهم حي : أن يترك ما عنده ، ويتبعه

. قال الله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) آل عمران/81-82

وشريعة القرآن خالفت كل الشرائع قبلها حتى تكون متناسبة مع كل أجناس البشر ، في كل وقت إلى آخر الدنيا .

أما إذا كان حديثك عن التوراة الموجودة الآن ، فلا بد من مصارحتك بالحقيقة التي نعتقدها

وإن كان ذلك سيؤلمك ـ غير أننا نرجو أن يكون عندك من قوة العقل ، وحسن التدبير ما تميز به بين الحق والباطل ، وأن يكون ذلك دافعاً لك لمزيد من البحث حتى تصل إلى الحق .

وهذه الحقيقة هي أن هذه التوراة الموجودة الآن ليست هي التي أنزلها الله على موسى عليه السلام ، بل دخلها التحريف بكل أنواعه ، بالزيادة

والنقصان ، وتغيير المعنى ، وليس هذا موضع البسط في هذا الموضوع ، ولكن هذه إشارة فقط ، لعلها تكون دافعاً لك لمزيد من البحث .

فالتوراة الموجودة اليوم تشتمل على ما يجب القطع بأنه ليس من كلام الله ، وإنما هو من تحريف المحرفين ، الذين نسبوه زوراً إلى الله تعالى .

فمن ذلك مثلاً :

1- اشتمالها على تنقص الرب جل وعلا وتشبيهه بالمخلوقين ، ومن ذلك قولهم : " إن الله تصارع مع يعقوب ليلة كاملة فصرعه يعقوب ! "

ومن ذلك قولهم : " إن الله ندم على خلق البشر لما رأى من معاصيهم ، وأنه بكى حتى رمد فعادته الملائكة ! " ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوّاً كبيراً .

2- اشتمالها على سبِّ الأنبياء والطعن فيهم ، ومن ذلك قولهم : " إن نبي الله هارون صنع عجلاً وعبده مع بني إسرائيل ! " ، وقولهم : " إن لوطاً شرب خمراً حتى سكر ، ثم قام على ابنتيه فزنى بهما الواحدة تلو الأخرى ! " ،

وقولهم : " إن سليمان عليه السلام ارتد في آخر عمره ، وعَبَدَ الأصنام ، وبنى لها المعابد ! " .

3- اشتمالها على المغالطات والمستحيلات والمتناقضات .

ومن الكتب التي تكلمت عن هذا الموضوع كتابان هما : " أصل الإنسان " و " التوراة والإنجيل والقرآن بمقياس العلم الحديث " للعالم الفرنسي الطبيب " موريس بوكاي

" حيث أثبت وجود أخطاء علمية في التوراة والإنجيل ، وأثبت في الوقت نفسه عدم تعارض القرآن مع العلم الحديث وحقائقه .

وقد قال في مقدمة كتابه الثاني صـ 29

: "ولقد قمت بفحص ودراسة نصوص القرآن الكريم بهذا الصدد ، بروح موضوعية تماماً وبدون أية أفكار وأحكام مسبقة . ولقد كنت أبحث في حقيقة الأمر عن مدى اتفاق نصوص القرآن الكريم مع معطيات العلم الحديث

ولقد كنت قد عرفت من ترجمة معاني القرآن الكريم أن القرآن الكريم فيه كثير من الإشارت إلى الظواهر الطبيعية ، ولكن لم أحظ إلا بإشارة موجزة إلى ذلك . وعندما فحصت نصوص القرآن كما هي باللغة العربية

فقط استطعت أن أحتفظ بقائمة للظواهر الطبيعية الكثيرة التي أشار إليها القرآن الكريم ، ويتعين علي في النهاية وبعد هذا الفحص الدقيق الشامل أن أعلن النتيجة الحاسمة التي وجدتها أمامي وهي أن : القرآن الكريم لا تتضمن نصوصه خبراً واحداً يمكن نقضه من وجهة نظر العلم الحديث

ولقد كررت نفس الاختبار فيما يتعلق بالعهد القديم ، وفيما يتعلق بالأناجيل ، محتفظاً بنفس النظرة الموضوعية في البحث والفحص والتدقيق .

وفيما يتعلق بشأن التوراة لم أحتج أن أذهب إلى أكثر من السفر الأول من أسفار التوراة وهو "سفر التكوين ، لكي أجد أحكاماً ومعطيات توراتية لا تتسق إطلاقاً مع الحقائق العلمية المسلم بصحتها تمام التسليم في العلم الحديث" انتهى

وبناء على هذا يكون عندنا سببان لاختلاف التوراة الموجودة الآن مع القرآن :

1- اختلاف شرائع الأنبياء .

2- التحريف الذي امتد إلى التوراة والتلاعب الذي حصل فيها على مر الزمان .

نسأل الله تعالى أن يـرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-30, 18:55   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

يزعم عدم وجوب اتباع الرسول في كل أمر

السؤال:

ما رأيكم بمن يقول : إنه لا يجب أن نتبع الرسول عليه الصلاة والسلام في كل شيء ؛ ﻷنه بشر ويجتهد فيخطأ ويصيب ؟

الجواب :

الحمد لله

طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة

بل هي أصل من أصول الإيمان كما دل القرآن الكريم على ذلك

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )النساء/ 59

وقال الله تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) المائدة/ 92 ، وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) النساء/ 64 .

وقد أخبر الله تعالى أنه لا يؤمن شخص حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم فيما نزل به من نوازل ، ولا يجد في نفسه حرجا من حكمه الشريف ويسلم تسليما،

قال الله تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)النساء/ 65 .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره (2 / 349)

: "وَقَوْلُهُ : ( فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) : يُقْسِمُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ الْمُقَدَّسَةِ : أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ حَتَّى يُحَكم الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، فَمَا حَكَمَ بِهِ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ الِانْقِيَادُ لَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا

؛ وَلِهَذَا قَالَ : ( ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ، أَيْ: إِذَا حَكَّمُوكَ يُطِيعُونَكَ فِي بَوَاطِنِهِمْ ، فَلَا يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا حَكَمْتَ بِهِ ، وَيَنْقَادُونَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ

فَيُسَلِّمُونَ لِذَلِكَ تَسْلِيمًا كُلِّيًّا مِنْ غَيْرِ مُمَانِعَةٍ ، وَلَا مُدَافِعَةٍ ، وَلَا مُنَازِعَةٍ ، كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ" انتهى.

وقد بوب الإمام النووي رحمه الله في كتابه النافع المبارك "رياض الصالحين" : باب في الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها .

وذكر فيه طائفة من آيات القرآن الكريم ، التي تدل على ذلك الأصل الإيماني العظيم ، دلالة بينة واضحة ، لا لبس فيها ، ولا شبهة :

" قَالَ الله تَعَالَى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) الحشر / 7

وَقالَ الله تَعَالَى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم /3-4

وَقالَ الله تَعَالَى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) آل عمران / 31

وَقالَ الله تَعَالَى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِر ) الأحزاب /21

وَقالَ الله تَعَالَى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء / 65

وَقالَ الله تَعَالَى : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) النساء / 59

قَالَ العلماء : معناه إِلَى الكتاب والسُنّة

وَقالَ الله تَعَالَى : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله )النساء/80

وَقالَ الله تَعَالَى : ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللهِ ) الشورى/ 52-53

وَقالَ الله تَعَالَى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور /63

وَقالَ الله تَعَالَى : ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ ) الأحزاب /34 ،

والآيات في الباب كثيرة " انتهى .

وذكر في الباب طائفة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في تقرير ذلك الأصل ، ومن ذلك:

عَنْ أَبي هريرةَ - رضي الله عنه -

: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : ( كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ أبَى ) ، قيلَ : وَمَنْ يَأبَى يَا رَسُول الله ؟ قَالَ : ( مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى ) رواه البخاري .

وإن العجب لا ينقضي ممن يزعم أن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم غير واجب ، والله تعالى قد رتب الهدى والفلاح على طاعته واتباعه صلى الله عليه وسلم،

قال الله عالى: ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) الأعراف/ 158

ويقول سبحانه : ( وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) النور/ 54.

ومما يجب على كل مسلم أن يعتقده أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي طريقته في الدين من أقوال وأفعال : معصومة .

وكان صلى الله عليه وسلم إذا ما اجتهد في أمر ، فلم يصادف وجه الصواب : نزل الوحي فورا بتصحيح الأمر ، وبيان مراد الله وحكمه في النازلة المعينة

وهذا ما ثبت في القرآن الكريم

في مثل قوله تعالى : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )الأنفال/ 67 – 69

وقوله تعالى : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ . وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) التوبة/ 113، 114

وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )التحريم/1، 2 .

والحاصل :

أن هذا المعترض : لم يفهم شيئا عن أصول اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومكانها من دين الله جل جلاله ، ولم يفهم ما يدل على ذلك

ولم يعترض ـ حين اعترض على ذلك الأصل المقرر بشيء ينفعه أو له تعلق بمحل بحثه ونظره .

فليت هذا المرتاب إذا أشكل عليه أمر رده إلى أولي الأمر من العلماء والفقهاء ليجيبهوه على شبهته .

هدانا الله جميعا إلى ما فيه الهدى والرشاد .

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 16:31   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل مسائل العقيدة فيها خلاف سائغ ؟

السؤال :

سدد الله خطاكم بارك الله فيكم هنالك من يقول أن المسائل العقدية فيها خلاف ويسوغها الاجتهاد

ويستدلون بذلك بأن الصحابة اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه

فابن عباس يقول برؤية النبي لربه أما السيدة عائشة أنكرت

فهل هذا القول صحيح وكيف يمكننا أن يرد عليهم؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

مسائل العقيدة منها ما يسوغ فيه الخلاف، وهو قليل، ويعتبر من فروع العقيدة، ومنها ما لا يسوغ فيه الخلاف، وهو الأصل، وهذا يرجع إلى ظهور أدلة المسائل وخفائها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" لا يمكن أن نقول: إن جميع مسائل العقيدة يجب فيها اليقين؛ لأن من مسائل العقيدة ما اختلف فيه العلماء رحمهم الله، وما كان مختلفا فيه بين أهل العلم فليس يقينيا؛ لأن اليقين لا يمكن نفيه أبدا.

فمثلا اختلف العلماء رحمهم الله في عذاب القبر؛ هل هو واقع على البدن أو على الروح؟

واختلف أيضاً العلماء رحمهم الله أيضاً في الذي يوزن؛ هل هي الأعمال أو صحائف الأعمال أو صاحب العمل؟

واختلف العلماء رحمهم الله أيضاً في الجنة التي أُسكنها آدم؛ هل هي جنة الخلد أم جنة في الدنيا؟

واختلف العلماء رحمهم الله أيضاً في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه؛ هل رآه بعينه - يعني في الحياة - أم رآه بقلبه؟

واختلف العلماء رحمهم الله في النار؛ هل هي مؤبدة أم مؤمدة؟

وكل هذه المسائل من العقائد، والقول بأن العقيدة ليس فيها خلاف على الإطلاق غير صحيح، فإنه يوجد من مسائل العقيدة ما يعمل فيه الإنسان بالظن.

فمثلا في قوله تعالى في الحديث القدسي: (من تقرب إلى شبرا تقربت منه ذارعا) ، لا يجزم الإنسان بأن المراد بالقرب القرب الحسي، فإن الإنسان لا شك أنه ينقدح في ذهنه أن المراد بذلك القرب المعنوي.

وقوله تعالى: (من أتاني يمشي أتيته هرولة) هذا أيضاً لا يجزم الإنسان بأن الله يمشي مشيا حقيقيا هرولة، فقد ينقدح في الذهن أن المراد الإسراع في إثابته، وأن الله تعالى إلى الإثابة أسرع من الإنسان إلى العمل

ولهذا اختلف علماء أهل السنة في هذه المسألة، بل إنك إذا قلت بهذا أو هذا فلست تتيقنه كما تتيقن نزول الله عز وجل، الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا)

فهذا ليس عند الإنسان شك في أنه نزول حقيقي، وكما في قوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) فلا يشك إنسان أنه استواء حقيقي.

والحاصل : أن مسائل العقيدة ليست كلها مما لابد فيه من اليقين؛ لأن اليقين أو الظن حسب تجاذب الأدلة، وتجاذب الأدلة حسب فهم الإنسان وعلمه. فقد يكون الدليلان متجاذبين عند شخص

ولكن عند شخص آخر ليس بينهما تجاذب إطلاقا، لأنه قد اتضح عنده أن هذا له وجه وهذا له وجه، فمثل هذا الأخير ليس عنده إشكال في المسألة بل عنده يقين، وأما الأول فيكون عنده إشكال وإذا رجح أحد الطرفين فإنما يرجحه بغلبة الظن.

ولهذا لا يمكن أن نقول إن جميع مسائل العقيدة مما يتعين فيه الجزم ، ومما لا خلاف فيه؛ لأن الواقع خلاف ذلك، ففي مسائل العقيدة ما فيه خلاف، وفي مسائل العقيدة ما لا يستطيع الإنسان أن يجزم به، لكن يترجح عنده.

إذا هذه الكلمة التي نسمعها بأن مسائل العقيدة لا خلاف فيها، ليس على إطلاقها؛ لأن الواقع يخالف ذلك"

انتهى من "شرح العقيدة السفارينية" (1/ 307).

وينظر للفائدة : "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (19/204) وما بعدها

"منهاج السنة النبوية" (5/84) وما بعدها .

ثانيا:

ضابط ما يسوغ فيه الخلاف من المسائل العلمية والعملية:

1. أن لا يكون في المسألة دليل صريح من الكتاب أو السنَّة أو إجماع متحقق .

وما لم تكن المسألة فيها نص من الوحي أو إجماع منعقد: فستكون مبنية على النظر والاجتهاد ، والعلماء ليسوا سواسية في هذا الباب ، وقد وهب الله تعالى لبعضهم ما لم يهبه لغيره من قوة النظر والقدرة على الاستنباط .

ولا فرق في هذا بين مسائل العقيدة ومسائل الفقه ، وأكثر ما يقع فيه الخلاف والعفو عنه هو دقيق مسائل العلم ؛ لأنه يندر إجماع العلماء على هذه الدقائق .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله

- : " ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمَّة وإن كان ذلك في المسائل العلمية ، ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمَّة "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 20 / 165 ).

2. أن تكون المسألة فيها نص صحيح ، لكنه غير صريح في الدلالة على المراد .

ووقوع الخلاف هنا في الفهم الذي جعله الله تعالى متفاوتاً بين الخلق .

3. أن تكون المسألة فيها نص صريح في الدلالة لكنه متنازع في صحته، أو يكون له معارض قوي من نصوص أخرى .

مع التنبيه أن الخلاف السائغ المقبول : هو ما كان صادراً من أهل العلم والدين ، وأما العامة ، وأشباههم ، فلا قيمة لخلافهم ، ولا عبرة بفتواهم أصلا .

ثالثا:

من أهل العلم من لا يرى خلافا حقيقيا بين الصحابة في مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج.

قال ابن القيم رحمه الله

: "وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرؤية له : إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج، وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك .

وشيخنا [أي ابن تيمية] يقول: ليس ذلك بخلاف في الحقيقة، فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه ، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال: إنه رآه عز وجل ، ولم يقل بعيني رأسه، ولفظ أحمد لفظ ابن عباس رضي الله عنهما.

ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر رضي الله عنه ، قوله في الحديث الآخر: (حجابه النور) ؛ فهذا النور ، هو - والله أعلم - النور المذكور في حديث أبي ذر رضي الله عنه: (رأيت نورا) "

انتهى من اجتماع الجيوش الإسلامية (1/ 12).

والحاصل :

أنه لا يصح الإطلاق بأن المسائل العقدية فيها خلاف سائغ، ولا العكس، والصواب أن أكثر المسائل العقدية لا خلاف فيها، وإنما الخلاف في بعض الفروع الدقيقة التي لا نص فيها، أو فيها نص غير صريح.


والله أعلم.










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 16:47   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يمكن لأرواح الأنبياء والصحابة وآل البيت التواصل مع البشر

السؤال


: كنت أريد اخذ رأي حضرتكم في أمر بالغ الأهمية نحن أسره على خلق وتدين ملتزمون بقراءة القرآن والصلاة

والتسبيح دائما ومنذ فتره تعرفنا على رجل من أسرة بني هاشم وأخذ يحدثنا عن كرامات لأخيه الذي دخل الخلوة منذ ثلاثون عاما ولا يأكل ولا يشرب

وكان يحدث القطط ويرى الرؤى وتتحقق وأخبرته أمي أنها رأت السيدة نفيسة في الرؤيا فنصحها بزيارتها وأخذ يحثنا على زيارة قبور آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

. السيدة نفيسة رضي الله عنها والحسين رضي الله عنه .. مع الحفاظ على آداب زيارة القبور بإلقاء السلام عليهم وقراءة الفاتحة وأن تخبر السيدة نفيسة أنها لبت دعوتها وعندما ذهبت أمي سمعت من يهمس في إذنها وأخبرتها أنها السيدة نفيسة ونصحتها بأن تتقي الله

وتقرأ سورة الصافات والدخان والمؤمنين وخرجت أمي وبعدها بفترة قليله بدأت تحدث مثل هذه الأشياء في منزلنا وزيارة من الأنبياء والصحابة وآل بيت رسول الله ونشعر بهم وانأ فقط رأيت السيدة نفيسة يقظة مرتين وأنا أبلغ من العمر 32 عاما وأم لطفلين وأمي 55

عاما وأختي 20 عاما وهم يتواصلون معنا بالهمس وينصحوننا بأشياء عديدة كالصلاة وقراءة القرآن أو عمل الخير أو غيرها من الأمور وعندما سألنا الرجل الذي سبق وأخبرتكم

عنه أخبرنا بأن ما يحدث معنا صحيح وأخذ يخبرنا عن مواقف ومعجزات عاصرها مع أخيه وبعض شيوخ الصوفية ولكن بقي في القلب شك وريبه لعلمي أن لايمكن للأرواح أن تتواصل مع البشر

والأمر بدأ في التطور وعند زيارة أمي قبور ذويها بدؤوا بالتواصل معها أيضا وأخيرا أمرونا بالاختلاء ساعة في اليوم وعبادة الله ولا أعلم من هم هل يمكن لأرواح الأنبياء والصحابة وآل البيت التواصل مع الناس ؟


الجواب :

الحمد لله

رؤية الأنبياء والصالحين بعد موتهم، وتواصل أرواحهم مع الأحياء، ومحادثتهم بالهمس، من بدع الصوفية وضلالاتهم.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (27/391-393)

: "وَالضُّلَّالُ مَنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ يَرَوْنَ مَنْ يُعَظِّمُونَهُ: إمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَقَظَةً وَيُخَاطِبُهُمْ وَيُخَاطِبُونَهُ. وَقَدْ يَسْتَفْتُونَهُ وَيَسْأَلُونَهُ عَنْ أَحَادِيثَ فَيُجِيبُهُمْ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّ الْحُجْرَةَ قَدْ انْشَقَّتْ ، وَخَرَجَ مِنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَانَقَهُ هُوَ وَصَاحِبَاهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالسَّلَامِ ، حَتَّى وَصَلَ مَسِيرَةَ أَيَّامٍ ، وَإِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ.

وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ أَعْرِفُ مِمَّنْ وَقَعَ لَهُ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ عَدَدًا كَثِيرًا.

وَقَدْ حَدَّثَنِي بِمَا وَقَعَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ غَيْرَهُ مِنْ الصَّادِقِينَ ، مَنْ يَطُولُ هَذَا الْمَوْضِعُ بِذِكْرِهِمْ.

وَهَذَا مَوْجُودٌ عِنْدَ خَلْقٍ كَثِيرٍ ، كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَ النَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ .

لَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يُكَذِّبُ بِهَذَا ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ إذَا صَدَّقَ بِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ الْآيَاتِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَأَنَّ الَّذِي رَأَى ذَلِكَ رَآهُ لِصَلَاحِهِ وَدِينِهِ.

وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ ، وَأَنَّهُ بِحَسَبِ قِلَّةِ عِلْمِ الرَّجُلِ يُضِلُّهُ الشَّيْطَانُ.

وَمَنْ كَانَ أَقَلَّ عِلْمًا ، قَالَ لَهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرِيعَةِ خِلَافًا ظَاهِرًا.

وَمَنْ عِنْدِهِ عِلْمٌ مِنْهَا : لَا يَقُولُ لَهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرِيعَةِ ، وَلَا مُفِيدًا فَائِدَةً فِي دِينِهِ؛ بَلْ يُضِلُّهُ عَنْ بَعْضِ مَا كَانَ يَعْرِفُهُ ؛ فَإِنَّ هَذَا فِعْلُ الشَّيَاطِينِ ، وَهُوَ ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَفَادَ شَيْئًا ؛ فَاَلَّذِي خَسِرَهُ مِنْ دِينِهِ أَكْثَرُ.

وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ قَطُّ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: إنَّ الْخَضِرَ أَتَاهُ ، وَلَا مُوسَى وَلَا عِيسَى ، وَلَا أَنَّهُ سَمِعَ رَدَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ.

وَابْنُ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ، وَلَمْ يَقُلْ قَطُّ إنَّهُ يَسْمَعُ الرَّدَّ. وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ وَتَابِعُوهُمْ ؛

وَإِنَّمَا حَدَثَ هَذَا مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ .

وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - يَأْتِيهِ فَيَسْأَلُهُ عِنْدَ الْقَبْرِ عَنْ بَعْضِ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ ، وَأَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعِلْمِ ؛ لَا خُلَفَاؤُهُ الْأَرْبَعَةُ ، وَلَا غَيْرُهُمْ.

مَعَ أَنَّهُمْ أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ حَتَّى ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ يَطْمَعْ الشَّيْطَانُ أَنْ يَقُولَ لَهَا: اذْهَبِي إلَى قَبْرِهِ فَسَلِيهِ : هَلْ يُورَثُ أَمْ لَا يُورَثُ" انتهى .

فهذه المرئيات من وساوس الشيطان، ومن تلاعب الجن بالإنس ، وإضلالهم لمن يطيعهم من بني آدم .

قال شيخ الإسلام في "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" (1/174) :

"ومنهم من يرى أشخاصا في اليقظة ، يدعي أحدهم أنه نبي أو صديق أو شيخ من الصالحين .

وقد جرى هذا لغير واحد ، وهؤلاء منهم من يرى ذلك عند قبر الذي يزوره، فيرى القبر قد انشق وخرج إليه صورة، فيعتقدها الميت، وإنما هو جني تصور بتلك الصورة .

ومنهم من يرى فارسا قد خرج من قبره ، أو دخل في قبره، ويكون ذلك شيطانا .

وكل من قال: أنه رأى نبيا بعين رأسه فما رأى إلا خيالا" انتهى .

وقد أنكر العلماء على من ادعى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ، فكيف بغيره من الأنبياء والصالحين.

قال القرطبي في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (6/23):

"اختلف في معنى الحديث، فقال قوم من القاصرين: هو على ظاهره، فمن رآه في النوم رآه على حقيقته، كمن يراه في اليقظة سواء .

وهو قول يُدْرَك فساده ببادئ العقل ؛ إذ يلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه اثنان في وقت واحد في مكانين

وأن يحيا الآن، ويخرج من قبره ، ويمشي في الأسواق، ويخاطب الناس ويخاطبوه، ويخلو قبره عنه ، فيزار مجرد القبر، ويسلم على غائب، لأنه يُرى ليلا ونهارًا ، على اتصال الأوقات !!

وهذه جهالات ، لا يلتزمها من له أدنى مسكة من عقل ؛ وملتزم ذلك مختل مخبول" انتهى .

وقال ابن الجوزي في "صيد الخاطر" (ص 534):

"من ظن أن جسد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المودعَ في المدينة خرج من القبر، وحضر في المكان الذي رآه فيه : فهذا جهل ؛ لا جهلَ يُشبهه.

فقد يراه في وقتٍ واحدٍ ألفُ شخص، في ألف مكان، على صور مختلفة، فكيف يتصور هذا في شخص واحد" انتهى .

وينظر أيضا حول ضلالات مخاطبي الأرواح ، والمتواصلين معهم : كتاب "الروحية الحديثة" ، لفضيلة الدكتور محمد محمد حسين ، رحمه الله .

والنصيحة في ذلك : البعد عن البدع وأهلها ، والتمسك بما كان عليه سلف الأمة ، ومطالعة كتب العقيدة الصحيحة فمن ذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، وسماع شروح الشيخ ابن باز وابن عثيمين وأمثالهم.

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 16:53   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم كتابة ( ص ) و ( صلعم )

السؤال

هل يجوز كتابة (ص) أو (صلعم) إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، بدلاً من كتابتها كاملة ؟.

الجواب :

الحمد لله

المشروع هو أن نكتب جملة " صلى الله عليه وسلم " ، ولا ينبغي الاكتفاء باختصاراتها ، مثل " صلعم " أو " ص " .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

وبما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في الصلوات في التشهد ، ومشروعة في الخطب والأدعية والاستغفار

وبعد الأذان وعند دخول المسجد والخروج منه وعند ذكره وفي مواضع أخرى : فهي تتأكد عند كتابة اسمه في كتاب أو مؤلف أو رسالة أو مقال أو نحو ذلك .

والمشروع أن تكتب كاملةً تحقيقاً لما أمرنا الله تعالى به

وليتذكرها القارئ عند مروره عليها ، ولا ينبغي عند الكتابة الاقتصار في الصلاة على رسول الله على كلمة ( ص ) أو ( صلعم ) وما أشبهها من الرموز التي قد يستعملها بعض الكتبة والمؤلفين

لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله : ( صلُّوا عليهِ وسلِّموا تسْليماً ) الأحزاب/56 ، مع أنه لا يتم بها المقصود وتنعدم الأفضلية الموجودة في كتابة ( صلى الله عليه وسلم ) كاملة .

وقد لا ينتبه لها القارئ أو لا يفهم المراد بها ، علما بأن الرمز لها قد كرهه أهل العلم وحذروا منه .

فقد قال ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح في النوع الخامس والعشرين من كتابه : " في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده " قال ما نصه :

التاسع : أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره ، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته

ومن أغفل ذلك فقد حرم حظا عظيما . وقد رأينا لأهل ذلك منامات صالحة ، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية . ولا يقتصر فيه على ما في الأصل .

وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه نحو عز وجل وتبارك وتعالى ، وما ضاهى ذلك

إلى أن قال : ( ثم ليتجنب في إثباتها نقصين :

أحدهما : أن يكتبها منقوصةً صورةً رامزاً إليها بحرفين أو نحو ذلك ،

والثاني : أن يكتبها منقوصةً معنىً بألا يكتب ( وسلم ) .

وروي عن حمزة الكناني رحمه الله تعالى أنه كان يقول : كنت أكتب الحديث ، وكنت أكتب عند ذكر النبي ( صلى الله عليه ) ولا أكتب ( وسلم ) فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي : ما لك لا تتم الصلاة عليَّ ؟ قال : فما كتبت بعد ذلك ( صلى الله عليه ) إلا كتبت ( وسلم ) .

.. إلى أن قال ابن الصلاح : قلت : ويكره أيضا الاقتصار على قوله : ( عليه السلام ) والله أعلم . انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصاً .

وقال العلامة السخاوي رحمه الله تعالى في كتابه " فتح المغيث شرح ألفية الحديث للعراقي " ما نصه : ( واجتنب أيها الكاتب ( الرمز لها ) أي الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطك بأن تقتصر منها على حرفين ونحو ذلك فتكون منقوصة - صورة

- كما يفعله ( الكتاني ) والجهلة من أبناء العجم غالبا وعوام الطلبة ، فيكتبون بدلا من صلى الله عليه وسلم ( ص ) أو ( صم ) أو ( صلعم ) فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتابة خلاف الأولى ) .

وقال السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه

" تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي "

: ( ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم هنا وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى : ( صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) إلى أن قال : ويكره الرمز إليهما في الكتابة بحرف أو حرفين كمن يكتب ( صلعم ) بل يكتبهما بكمالها ) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصا .

هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب أن يلتمس الأفضل ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه ويبتعد عما يبطله أو ينقصه . نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه رضاه

إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 2 / 397 – 399 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 16:59   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عنده تساؤل حول حركة الأرض ودورانها .

السؤال

: ينص القرآن على أن الأرض لا تتحرك ، وأن الشمس والقمر يدوران حولها ، وهو الرأي الذي يقول به الشيخ ابن عثيمين ، وابن باز ، والفوزان ، ولكن هذا القول مخالف لما تعلمناه في المدرسة في بريطانيا ، وأن هذه من الحقائق العلمية ، ولكنني أتبع القران والسنة

ولذلك أتجاهل هذه النظريات العلمية متى ما تعارضت مع الإسلام ، ولكن تأتيني خواطر سيئة ، ومتى ما حصل ذلك أتجهم ، وأشعر بالغثيان بسبب هذه الأفكار ، فأنا دائمًا أقول : إنني أؤمن بما في القرآن والسنة

وفي بعض الأحيان أقول لنفسي : تجاهل هذه الوساوس ، ولكن هذه الوساوس لا تغادرني ، لذا أبحث عن الأجوبة على الانترنت ، وهذا جعلني أفكر أن سبب بحثي عن الجواب هو لإنني شككت في البداية في صحة ما جاء به القرآن وعليه فقد كفرت ، مع العلم أنني قرأت في الماضي بعض المواد المعادية للإسلام مما جعلني في ضيق

فبحثت عن الأجوبة عن طريق الانترنت ، فهل هذا الشك الذي يساوروني مخرج من الملة ؟

مع العلم لو شكك أحدهم بالقرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم أمامي أشعر بالضيق مباشرة ، وأرفض ما يقال أمامي


الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا بد أن تعرف أولاً : أن ما نص عليه الكتاب والسنة الصحيحة نصاً لا يحتمل إلا معنى واحداً ، فإن منكره كافر لا محالة .

فمن ذلك : أن الله خالق كل شيء ، الكون بما فيه ، ومن فيه ؛ فمن زعم أن شيئا في الكون ، لم يخلقه الله : فهو كافر كفرا أكبر ، خارج من ملة الإسلام .

وأما ما لم يذكره الكتاب والسنة الصحيحة بخصوصه ، أو لم ينصا عليه ، فهو دون الأول .

ويخبو وهج الإنكار على المختلفين فيه ووصمهم بالبدعة أو الكفر ، كلما تضاءلت درجة دلالة النصوص على المسألة ، وظهورها فيما هو محل الإشكال ؛ حسبما هو مقرر في علم أصول الفقه.

ثانيا :

ومن الأمور التي لم ينص عليها صراحة ، بخصوصها : حركة الأرض ؛ فإن الكتاب والسنة الصحيحة ، لم يعمدا إلى بيان حال ذلك ؛ إثباتاً أو نفياً .

نعم توجد بعض النصوص التي تشير إليها ، كعادة القرآن والسنة في الإشارة إلى بعض الظواهر العلمية التي لم يتوصل إليها أهل ذلك العصر ، فيشير إليها القرآن بإشارة تثبتها ، ولكن دون صراحة تُنَفِّرُ الناس حينها وتشككهم في القرآن لقصور معارفهم العلمية الطبيعية

. وتكون هذه الإشارة دليلاً لأهل العصور التالية ، حين يتقدم العلم وينكشف المزيد من الحقائق ، فيتطابق حينها العلم مع إشارات القرآن ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) سورة فصلت /53 .

قال الزحيلي في " التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج " (25/16)

" أي سنظهر لهم دلالات صدق القرآن، وعلامات كونه من عند الله ، في أقطار السموات والأرض ، المشتملة على خلق الشمس والقمر والنجوم، وتعاقب الليل والنهار، وأحداث الكون الرهيبة من الأعاصير والبراكين والصواعق

وعظمة الجبال والبحار، وإبداع صنع النباتات والأشجار، وما يحدث في الأرض من فتوحات كبري على أيدي المسلمين في أرجاء الأرض المحيطة بمكة والجزيرة العربية. وهذا الإخبار عن الغيب معجزة .

وسنظهر صدق القرآن وأنه منزل من عند الله أيضا في خلق أنفس البشر، وما فيها من إبداع الصنعة، وعظمة التركيب : ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) ، وفي مصائر الناس وتبدل أحوال أهل مكة العتاة من سادة متكبرين إلى أذلة صاغرين .

كل ذلك ليعرفوا من هذه الوقائع والأحداث والخلائق ، ويتبينوا بجلاء : أن القرآن ، ومُنْزِلَه ، ومن أُنزل عليه : حق وصدق لا شك فيه .

وإذا لم ينظروا ويتأملوا ، فتكفي شهادة الله بأن القرآن حق، فقال تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ؟ أي كفى بالله شاهدا على أفعال عباده وأقوالهم ، من الكفار وغيرهم ، وكفى به شاهدا على أن القرآن منزل من عنده " انتهى .

وقد سئل الشيخ الألباني رحمه الله : في هذا المعنى " س - ماذا تقولون في دوران الأرض ؟

الشيخ : نحن الحقيقة لا نشك في أن قضية دوران الأرض حقيقة علمية لا تقبل جدلا .

في الوقت الذي نعتقد أن ليس من وظيفة الشرع عموما ، والقرآن خصوصا : أن يتحدث عن علم الفلك .

ودقائق علم الفلك وإنما هذه تدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام الذي أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة تأبير النخل حينما قال لهم ( إنما هو ظن ظننته فإذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم فأتوا منه ما استطعتم وما أمرتكم من شيء من أمور دنياكم فأنتم أعلم بأمور دنياكم ) .

فهذه قضايا ليس من المفروض أن يتحدث عنها الرسول عليه السلام ، وإن تحدث هو في حديثه، أو ربنا عز وجل في كتابه ؛ فإنما لبالغة أو لآية أو معجزة ، أو نحو ذلك .

ولذلك فنستطيع أن نقول : إنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة ما ينافي هذه الحقيقة العلمية المعروفة اليوم ، أو التي تقول بأن الأرض كروية ، وأنها تدور بقدرة الله عز وجل في هذا الفضاء الواسع .

بل يمكن للمسلم أن يجد ما يشعر ، إن لم نقل ما ينص على أن الأرض ، كالشمس وكالقمر ، من حيث إنها كلها في هذا الفراغ ، كما قال عز وجل ( وكل في فلك يسبحون ) .

لا سيما إذا استحضرنا أن قبل هذا التعميم الإلهي بلفظة ( وكل ) ؛ هي تعني الكواكب الثلاثة ، حيث ابتدأ بالأرض فقال ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون )

ثم قال ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) سورة يس / 33- 40 .

لفظة (كل) تشمل الآية الأولى ؛ الأرض ، ثم الشمس ، ثم القمر ، ثم قال تعالى ( وكل في فلك يسبحون ) هذا ظاهر من سياق الآيات هذه ......

هذا أقوله ؛ فإن صح ، فبها ونعمت .

وإن لم يصح ، فأقل ما يقال : إنه لا يوجد في القرآن ، كما قلت آنفا ، ولا في السنة ، ما ينفي هذه الحقيقة العلمية "

انتهى من "سلسلة الهدى والنور" للشيخ الألباني - الإصدار 4 (497/ 10) .

وعلى كلٍ ، فمنكر حركة الأرض لا تثريب عليه شرعاً إذا لم تتضح له الإشارة القرآنية السابقة .

ومثبت الحركة لا تثريب عليه كذلك شرعاً، إذا فهمها من القرآن، أو علمها من العلوم الطبيعية .

وذلك أن حركة الأرض لا تُعد من العقائد الدينية التي يجب إثباتها ، أو نفيها .

وإنما هي – أصالة - مسألة من مسائل العلوم الطبيعية والتجريبية ، تبحث في علمها وفي بابها ، بحسب الأدوات الموصلة إلى اليقين ، أو الظن فيها . وقد جعل الله لكل شيء قدرا .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" وفي قوله تعالى: (إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ) (وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُم) : دليل على أن الشمس هي التي تتحرك ، وهي التي بتحركها يكون الطلوع والغروب .

خلافاً لما يقوله الناس اليوم ، من أن الذي يدور هو الأرض، وأما الشمس فهي ثابتة .

فنحن لدينا شيء من كلام الله، الواجب علينا أن نجريه على ظاهره ، وألا نتزحزح عن هذا الظاهر إلاَّ بدليل بَيِّن .

فإذا ثبت لدينا بالدليل القاطع : أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض

فحينئذ يجب أن نؤول الآيات ، إلى المعنى المطابق للواقع . فنقول: إذا طلعت في رأي العين ، وإذا غربت في رأي العين، تزاور في رأي العين، تقرض في رأي العين .

أما قبل أن يتبين لنا بالدليل القاطع ، أن الشمس ثابتة ، والأرض هي التي تدور ، وبدورانها يختلف الليل والنهار ؛ فإننا لا نقبل هذا أبداً، علينا أن نقول: إنَّ الشمس هي التي بدورانها يكون الليل والنهار

لأن الله أضاف الأفعال إليها ، والنبي صلى الله عليه وسلم حينما غربت الشمس قال لأبي ذر: "أتدري أين تذهب؟ " ؛ فأسند الذَّهاب إليها .

ونحن نعلم علم اليقين أن الله تعالى أعلم بخلقه ، ولا نقبل حدْساً ولا ظناً، ولكن لو تيقنا يقيناً أن الشمس ثابتة في مكانها ، وأن الأرض تدور حولها، ويكون الليل والنهار، فحينئذ تأويل الآيات واجب ، حتى لا يخالف القرآن الشيء المقطوع به. "

انتهى من "تفسير سورة الكهف" (32-33) .

والحاصل :

أن مسألة دوران الأرض من عدمها : لا مدخل لها في زعزعة إيمانك ، أو تثبيته ؛ فاحذر من همزات الشيطان ، ووساوسه ، وتلبيسه .

وإنما الواجب أن تقدر المسألة بقدرها ؛ فمتى ثبت دوران الأرض ، أمكن تأويل ظواهر النصوص ؛ فإن الشرع لم يعمد إلى بيان ذلك صريحا ، ولا هو مما نزل القرآن لأجله .

والله أعلم .




.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 17:08   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يكشف الله تعالى لبعض خلقه عن الغيب ؟

السؤال :

في سورة الجن الآيات 72:26,27,28، من الواضح أن الله لم يُطلِع أيّ أحدٍ على الغيب باستثناء الذين اصطفاهم من الرسل ، لكن الآية 11:71,72 في سورة هود ، والآية 19:16-19 سورة مريم

تشير أن الله يكشف عن الغيب ليس فقط للرسل ولكن أيضاً لأولياء الله ، فكيف يمكننا تفسير الآيات في سورة الجن 72: 26،27،28 ؟

البعض يقول أنّ الآيات في سورة هود ومريم تخبر عن إرسال الرسل ، لذلك فهي تأتي تحت المعجزة ، والبعض الآخر يقولون : إن الله يكشف عن الغيب لمن يشاء ، بهذا أنا مشوّشٌ جدا.


الجواب :

الحمد لله


أولًا :

الغيب نوعان:

1- غيب مطلق، كمعرفة موعد الساعة، ونزول الغيث، ونحو ذلك؛ وهذا النوع لا يعلمه إلا الله .

2- غيب نسبي، وهو ما غاب عن بعض الخلق عِلْمُه، وبلغ بعضَهم، فهذا إنما يسمى غيبا بالنسبة للجاهل به الذي لا يعلمه، وليس بغيب للذي يعلمه.

وهذا الغيب النسبي يمكن للإنسان أن يعرفه إما بطريق الوحي ، أو بالتجربة ، أو بالعلم الحديث ، أو غير ذلك مما يمكن به الاستعلام عما يخفى على كثير من الناس بالطرق الممكنة ، كمعرفة ما في قعر البحار ، وأغوار الأرض ، وأجواء السماء .

قال ابن تيمية:

" وأما ما يعلمه بعض المخلوقين: فهو غيب عمن لم يعلمه، وهو شهادة لمن علمه "

انتهى من "النبوات " (2/ 1022).

ثانيًا:

أما قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) الجن/26-27.

فقد قال ابن كثير:

" وقوله: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) هذه كقوله تعالى: ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) [البقرة: 255] ، وهكذا قال هاهنا: إنه يعلم الغيب والشهادة

وإنه لا يطَّلِع أحدٌ من خلقه على شيء من علمه ، إلا مما أطلعه تعالى عليه؛ ولهذا قال: (فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) .

وهذا يعم الرسول الملكي والبشري "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 247).

قال ابن عاشور:

" يطلع الله بعض رسله لأجل ما أراده الله من الرسالة إلى الناس .

فيعلم من هذا الإيمان :

أن الغيب الذي يطلع الله عليه الرسل هو من نوع ما له تعلق بالرسالة، وهو غيب ما أراد الله إبلاغه إلى الخلق أن يعتقدوه ، أو أن يفعلوه، وما له تعلق بذلك من الوعد والوعيد من أمور الآخرة، أو أمور الدنيا، وما يؤيد به الرسل عن الإخبار بأمور مغيبة

كقوله تعالى: ( غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) [الروم [2- 4].

والمراد بهذا : الاطلاع المحقق ، المفيد علما ، كعلم المشاهدة "

انتهى من "التحرير والتنوير"( 29/ 248 ).

أما ما يحصل لبعض الصالحين، فإنها كرامة عارضة، يعرفون الشيء بعد الشيء، والحادثة بعد الحادثة، بالإلهام، ونحوه.

قال شيخ الإسلام

: " وآيات الأولياء ، هي من جملة آيات الأنبياء؛ فإنّها مستلزمة لنبوّتهم، ولصدق الخبر بنبوّتهم؛ فإنه لولا ذلك، لما كان هؤلاء أولياء، ولم يكن لهم كرامات "

انتهى من "النبوات"(2/ 824).

وذكر بعض العلماء أن إطلاع الأولياء على الغيب ، يكون بواسطة الملائكة، فهو كاطلاعنا على أحوال الآخرة، وهي من الغيب عن طريق الرسل ، فهو ، على ذلك ، ليس إخبارًا بالغيب ، كإخبار الرسول .

ثالثًا:

أما الآيات المشار إليها : فليس فيها ما يوحي بعلم الغيب، وإنما فيها الوحي لبعض الأولياء، ولعل هذا سبب الإشكال لدى السائل : أن فيها ذكر الوحي لغير الأنبياء ؟!

والجواب عن ذلك :

أن الوحي نوعان:

الأول: وحي خاص، وهو إرسال الرسول من الملائكة ، لنبي أو رسول .

الثاني: الوحي العام، وهو الذي وقع لبعض الأولياء، ووقع للملائكة، ووقع لبعض المخلوقات، ويكون بالإلهام، والرؤيا، ونحو ذلك .

قال شيخ الإسلام:

" وليس كل من أوحي إليه الوحي العام يكون نبيًّا؛ فإنه قد يوحى إلى غير الناس "

انتهى من "النبوات"(2/ 690).

وقال: " وكذلك لفظ الوحي : قد يكون عامًا ...

والوحي العام الذي هو لآحاد العباد "

انتهى من "مجموعة المسائل" رشيد رضا (3/ 96).

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 17:13   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الغيب المطلق لا يعلمه إلا الله

السؤال :

أود معرفة كيف يتوافق إخبار القرآن بأنه لا يعلم الغيب إلا الله مع اكتشافي بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا في أحد الأحاديث بأن تنبؤ الجن بما سيحدث في المستقبل يحمل جزءا من الصدق

ثم يدخل الجن به مئات الأكاذيب ويخبرونا بها ، كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى بأن التنجيم يقوم على الأكاذيب " الشمس والقمر هما آيتان فقط من آيات الله " .

فكيف تخبرنا الجن بما سيحدث فى المستقبل مع أنه لا يعلم بذلك إلا الله ؟


الجواب :

الحمد لله :

فإن علم الغيب مما استأثر الله تعالى بعلمه كما دلت على ذلك نصوص الكتاب و السنة

فقد قال الله تعالى : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) النمل/65

وقال سبحانه : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) الأنعام/59 .

وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه المفاتيح بالأمور الخمسة التي وردت في سورة لقمان

في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الآية/34

وروى البخاري في صحيحه حديث رقم (4477) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( من حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ثم قرأت : وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ) .

ولكن من المهم في هذه المسألة أن نعلم ما هو الغيب الذي استأثر الله تعالى بعلمه فإن الغيب معناه ما كان غائبا ؛ وهذا الغائب إما أن يكون غائبا عن الخلق كلهم - أهل السماء وأهل الأرض -

فهذا النوع من الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وهو الذي يسمى بالغيب المطلق .

وإما أن يكون هذا الغائب غائبا عن بعض الخلق ، ومعلوما لخلق آخرين ، فهذا إنما يسمى غيبا بالنسبة للجاهل به ، وليس هو غيبا عن جميع الخلق ، فلا يختص الله عز وجل بعلمه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح العقيدة الواسطية" (ص/158) :

" المراد بالغيب : ما كان غائباً ، والغيب أمر نسبي ، لكن الغيب المطلق علمه خاص بالله " انتهى .

وما يخبر به الكهان ، مما سيقع في المستقبل ليس من علم الغيب في شيء ، وليس من علم الغيب في شيء ، وليس من علم ما في غد ، بل هم كذابون في دعاواهم ؛ لكن قد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنهم سرقوا علم ذلك

مما أوحاه الله على ملائكته ، فعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنها قالت : سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكُهَّانِ ، فَقَالَ : ( إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا

قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ ) رواه البخاري برقم (7561) .

وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفية استراق الجن لهذه الكلمة فقال : ( وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ

حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ، فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ . قَالَ : فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا

فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَيُرْمَوْنَ بِهِ فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ ) رواه مسلم برقم (2229) .

فتبين من هذا أن الجن لا يعلمون الغيب وإنما يسترقون السمع من الكلام الذي تردده الملائكة ، والملائكة أنفسهم لم يكن عندهم شيء من علم ذلك ، إلا بعد أن أعلمهم الله عز وجل به

وبعد علمهم به لم يعد غيبا مطلقا ، وأما قبل ذلك فإنهم كغيرهم من الخلق لايعلمون من الغيب شيئا ، فرجع هذا إلى إخبار الله ، وإعلامه لهم ، قال تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ) الجن/26 .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" إن أشرف الرسل الملكي وهو جبريل سأل أشرف الرسل البشري وهو محمد عليه الصلاة والسلام قال أخبرني عن الساعة ؟

قال : ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ) ، والمعنى : كما أنه لا علم لك بها ، فلا علم لي بها أيضا ) انتهى .

"شرح العقيدة الواسطية" (ص/158) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 17:17   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هو الغيب النسبي ؟

وما حكم من ادعى معرفته ؟


السؤال :

ما هو الغيب النسبي ( أريد أمثلة )؟

ما حكم من ادعى معرفة الغيب النسبي؟

وما الدليل؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

الغيب نوعان: غيب مطلق ، وغيب نسبي .

فالغيب المطلق : هو ما غيبه الله عن جميع خلقه ، فلم يطلع عليه أحدا منهم ؛ بل استأثر الله تعالى بعلمه .

قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) لقمان/34

وروى البخاري في صحيحه (992) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِفْتَاحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ : لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ ، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي الْأَرْحَامِ

وَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، وَمَا يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ الْمَطَرُ ) .

وأما الغيب النسبي : فهو ما غاب عن بعض الخلق علمه ، وعلمه بعضهم ، فهذا إنما يسمى غيبا بالنسبة للجاهل به الذي لا يعلمه ، وليس بغيب للذي يعلمه .

فما أخفيته في بيتي ـ مثلا ـ هو معلوم بالنسبة لي ، لكنه غيب بالنسبة لغيري ، ممن لم يعلم به .

وما يحدث في مكان آخر ، لم أطلع أنا عليه ، هو غيب بالنسبة لي ، لكنه ليس غيبا بالنسبة لمن كان حاضرا في ذلك المكان .

وهذا الغيب النسبي يمكن للإنسان أن يعرفه إما بطريق الوحي ، أو بالتجربة ، أو بالعلم الحديث ، أو غير ذلك مما يمكن به الاستعلام عما يخفى على كثير من الناس بالطرق الممكنة ، كمعرفة ما في قعر البحار ، وأغوار الأرض ، وأجواء السماء .

وقال الشيخ محمد الددو الشنقيطي :

" الله يكشف لبعض عباده بعض المغيبات ، فلا تكون غيباً بالنسبة إليهم وإنما تكون من عالم الشهادة، كما حصل لـعمر مع سارية.

وهذا النوع من الغيب يمثل له بالجزار قبل أن يفتح بطن الشاة، فما في بطنها غيب بالنسبة إليه، لكنه إذا فتحه واطلع عليه زال ذلك ، فلم يكن غيباً بالنسبة إليه .

ومثل الغائب عنك، فإن من في بيتك الآن يرى ما لا تراه، فما في بيتك غيب بالنسبة إليك ، وشهادة بالنسبة للحاضر عندهم .

فالغيب غيبان: غيب عن كل الناس، وهذا لا يطلع عليه أحد ، مثل ما يقع في غد، ومنه مفاتيح الغيب الخمسة.

وغيب عن بعض الناس ، شهادة لبعضهم، مثل: ما يراه الطبيب بالتشخيص، فهذا بالنسبة لك أنت غيب ، وأنت واقف بجنبه، لكنه ليس غيباً بالنسبة إليه؛ لأنه يراه بالمرصد والمنظار ونحو ذلك " انتهى .

"دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي" (12/ 12) بترقيم الشاملة.

ثانيا :

يمكن معرفة الغيب النسبي إما بطرق مشروعة مباحة ، وإما بطرق غير مشروعة وغير مباحة .

- فمن الطرق المشروعة : ما يعرفه أنبياء الله ورسله صلى الله عليهم وسلم عن طريق الوحي ، قال تعالى : ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود/ 49.

وقال تعالى : ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) آل عمران/ 44.

- ومن الطرق المشروعة : ما يعرفه أهل الصلاح عن طريق التحديث والإلهام الصحيح ، كما حصل لعمر رضي الله عنه وهو محدَّث هذه الأمة

فروى البيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 370)

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا يُدْعَى سَارِيَةَ فَبَيْنَمَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَخْطُبُ فَجَعَلَ يَصِيحُ: يَا سَارِيَ , الْجَبَلَ . فَقَدِمَ رَسُولٌ مِنَ الْجَيْشِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَقِينَا عَدُوَّنَا فَهَزَمُونَا , فَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ: يَا سَارِيَ , الْجَبَلَ , فَأَسْنَدْنَا ظُهُورَنَا إِلَى الْجَبَلِ فَهَزَمَهُمُ اللهُ , فَقُلْنَا لِعُمَرَ: كُنْتَ تَصِيحُ بِذَلِكَ.

وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1110) .

- ومن الطرق المباحة : ما يعرفه أهل الطب عن طريق الأشِعات والأجهزة الحديثة ، فيطلعون في داخل الجسم ، ويرون ويعرفون ما لا يراه ولا يعرفه غيرهم من غير أهل الاختصاص

كمعرفتهم حال الجنين في بطن أمه ، وهل هو ذكر أو أنثى ، وكاطلاعهم على الأورام الداخلية والخلايا الدقيقة ونحو ذلك .

ومن الطرق غير المشروعة :

- معرفة المغيبات بالتجسس والتصنت المحرم .

ومنها : معرفة أماكن الأشياء المفقودة عن طريق الاستعانة بالجن .

ثالثا :

حكم من ادعى الغيب النسبي يختلف باختلاف أداة العلم التي توصل بها إلى هذه المعرفة ؛ فما كان منها مشروعا أو مباحا : فمعرفته صحيحة ، كمعرفة أخبار الأمم السابقة بنصوص الكتاب المجيد

وكمعرفة حال الجنين ، ومعرفة الأمراض والآفات التي تصيب دم الإنسان ، ومعرفة حال الطقس ، ونحو ذلك ، مما يتمكن المرء من معرفته بالطرق المعروفة المشروعة .

وما كان منها محرما : فحكم معرفته أنها محرمة ، كمن يتعرف على المفقودات ويعلم أماكنها بالاستعانة بالجن ، أو نحو ذلك .

ومن ذلك أيضا : ادعاء بعض جهلة الصوفية معرفة الغيب والاطلاع عليه وما سيكون بدعوى وصولهم إلى العلوم اللدنية التي يختص بها الله من شاء من عباده ، فهذا ونحوه ليس من معرفة الغيب في شيء ، وإنما هو دجل وكذب وشعوذة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 17:50   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

هذا الموضوع متشعب و مهم لنا جميعا و سوف ندرسه بشكل مفصل

و كل ما تقدم مقدمه و لنا عوده حتي الانتهاء منه و من لاديه استفسار يتقدم به و الله المتعان من قبل و من بعد


.....

أنواع الوحي وصوره ، وأثرها على النبي ، ورد على ادعاء إصابته بالصرع

السؤال :

المناصرون للمسيحية يقولون : إن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كان يهدر مثل الجمل ، ويحنق عند فمه ، ويتمدد على الأرض عندما يأتيه الوحي ، فهل هذا صحيح ؟

وهم يقولون أيضا - كما قال أحمد بن حنبل – ( كان النبي يتوجع ويعض على شفتيه ويغلق عينيه ، وفي بعض الأوقات كان يهدر مثل الجمل ) - أحمد بن حنبل 1 ، 34 ، 464

الفصل 163 ) -. ولكن الأمر الخطير أنهم يقولون : إن محمداً كان به صرع ! . فهل يمكنكم أن تردوا على هذا الأمر بسرعة ؟ فأنا بحاجة إلى إجابتكم . جزاكم الله خيراً .


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

إن مزاعم الكذبة والمفترين على ديننا وعلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا تنتهي ، فمنذ أن بُعث النبي صلى الله عليه وسلم للناس بدأت الحرب على النبي صلى الله عليه وسلم فاتُّهم بأنه ساحر

وأنه مجنون ، وليس هذا ببدع في الاتهامات ، فقد نال إخوانه الرسل من قبل مثل هذا ، ولم يتآمر المبطلون على إطلاق هذه الاتهامات ، بل كان اتفاقهم فيها ناشئا عن طغيانهم

قال تعالى ( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ . أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) الذاريات/ 52 ، 53 .

ثانياً:

تعددت طرق الوحي التي كان يوحي بها الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ومنها :

1. تكليم الله تعالى مباشرة من وراء حجاب ، يقظة كما حصل ليلة المعراج ، ومناماً كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ -

أي : في المنام - فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ رَبِّ وَسَعْدَيْكَ ، قَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ؟ قُلْتُ : رَبِّ لَا أَدْرِي ... ) رواه الترمذي ( 3234 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وانظر الحديث وشرحه في جواب السؤال القادم

2. النفث في الرُّوع .

وهو ما يقذفه الله في قلب الموحَى إليه مما أراد الله تعالى ، وهو داخل في " الوحي " المذكور

في قوله تعالى ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) الشورى/ 51 .

وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي أَنّه لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ وَلاَ يَحْمِلَنّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَن تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ ) .

رواه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 4 ) من حديث أبي أمامة

وصححه الألباني في " صحيح الجامع " ( 2085 ) .

قال المناوي – رحمه الله - :

( في رُوعِي ) بضم الراء ، أي : ألقى الوحي في خلَدي وبالي ، أو في نفسي ، أو قلبي ، أو عقلي ، من غير أن أسمعه ولا أراه .

" فيض القدير " ( 2 / 571 ) .

3. الرؤيا الصادقة .

عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ .

رواه البخاري .

وقال عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ – وهو من كبار التابعين - : " رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ ثُمَّ قَرَأَ ( إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) " .
رواه البخاري ( 138 ) .

4. عن طريق جبريل عليه السلام ، وكان يأتيه على صور ، منها :

أ. أن يأتيه على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها .

عن مسروق أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) التكوير/ 23

وقوله ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) النجم/ 13 ، 14 :

فَقَالَتْ : أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ) .

رواه مسلم ( 177 ) .

ب. أن يأتيه في مثل صلصلة الجرس .

عن عائشة رضي الله عنها : أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ ) .

رواه البخاري ( 2 ) ومسلم ( 2333 )

قال البغوي – رحمه الله - :

قوله ( يأتيني في مثل صلصلة الجرس ) فالصلصلة : صوت الحديد إذا حرك ، قال أبو سليمان الخطابي : يريد - والله أعلم

- أنه صوت متدارِك يسمعه ولا يثبته عند أول ما يقرع سمعه حتى يتفهم ، ويستثبت ، فيتلقفه حينئذٍ ويعيه ، ولذلك قال : وهو أشده عليَّ .

" شرح السنَّة " ( 13 / 322 ) .

وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :

وقوله ( وهو أشده عليَّ ) إنما كان أشد عليه لسماعه صوت الملك الذي هو غير معتاد ، وربما كان شاهَدَ الملَك على صورته التي خُلق عليها ، كما أخبر بذلك عن نفسه في غير هذا الموضع

وكان يشتد عليه أيضاً ؛ لأنه كان يريد أن يحفظه ويفهمه مع كونه صوتا متتابعا مزعجاً ، ولذلك كان يتغير لونه ، ويتفصد عرقه ، ويعتريه مثل حال المحموم

ولولا أن الله تعالى قواه على ذلك ، ومكَّنه منه بقدرته : لما استطاع شيئا من ذلك ، ولهلك عند مشافهة الملك ؛ إذ ليس في قوى البشر المعتادة تحمل ذلك بوجه .

" المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم " ( 6 / 172 ) .

وقال المباركفوري – رحمه الله - :

( وهو أشده علي ) أي : هذا القسم من الوحي أشد أقسامه على فهم المقصود ؛ لأن الفهم من كلام مثل الصلصلة ، أشكلُ من الفهم من كلام الرجل بالتخاطب المعهود

وفائدة هذه الشدة : ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى ورفع الدرجات .

" تحفة الأحوذي " ( 10 / 79 ) .

ج. أن يتمثل له رجلاً ، قد يُرى من الصحابة ، كما في حديث جبريل المشهور ، وقد تمثل للنبي صلى الله عليه وسلم بصورة الرجل الغريب ، فسأله عن الإيمان والإسلام والإحسان .

وقد لا يُرى منهم ، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها : أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ... وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ ) .

رواه البخاري ( 2 ) ومسلم ( 2333 ) .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من التنزيل عليه بالوحي ، ويظهر ذلك بالعرق الذي كان يسيل من جبهته وجبينه في اليوم الشديد البرد

إلا أن بعض صور الوحي كانت عليه يسيرة كتشكل جبريل بصورة رجل ، إلا أن أشدَّها عليه صلى الله عليه وسلم كانت مجيئ الوحي على مثل صلصلة الجرس – كما سيأتي - .

وكانت تحصل مع النبي صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه أحوال ، يراها ويسمعها ويشعر بها من حوله من أصحابه رضي الله عنهم ، وفي بعضها معاناة شديدة ، ومن ذلك :

1. أنهم كانوا يسمعون عند وجهه دويّاً كدويّ النحل .

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل " .

رواه الترمذى ( 3173 ) .

ويمكن أن يكون صوت دوي النحل باعتبار ما يسمعه من حول النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما هو صلى الله عليه وسلم فيسمعه كصلصلة الجرس .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

فدوي النحل لا يعارض صلصلة الجرس ؛ لأن سماع الدوي بالنسبة إلى الحاضرين - كما في حديث عمر " يُسمع عنده كدوي النحل " - والصلصلة بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم

فشبهه عمر بدوي النحل بالنسبة إلى السامعين ، وشبهه هو صلى الله عليه وسلم بصلصلة الجرس بالنسبة إلى مقامه .

" فتح الباري " ( 1 / 19 ) .

2. أن جبينه وجبهته تفيضان بالعَرَق حتى في اليوم الشديد البرد .

قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا " .

رواه البخاري ( 2 ) ومسلم ( 2333 ) ولفظه : " ثُمَّ تَفِيضُ جَبْهَتُهُ عَرَقًا " .

( يفصم ) : ينقطع .

( يتفصد ) : يسيل .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وفي قولها في اليوم الشديد البرد دلالة على كثرة معاناة التعب والكرب عند نزول الوحي لما فيه من مخالفة العادة وهو كثرة العرق في شدة البرد ، فإنه يشعر بوجود أمر طارئ زائد على الطباع البشرية .

" فتح الباري " ( 1 / 21 ) .

وعن عائشة – في حديث البراءة من الإفك – قالت :

حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِى الْيَوْمِ الشَّاتِ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الذي أُنْزِلَ عَلَيْهِ .

رواه مسلم ( 2770 ) .

( الجمان ) هو حب من فضة يعمل على شكل اللؤلؤ ، وقد يسمى به اللؤلؤ .

3. أنه يثقل وزنه صلى الله عليه وسلم جدّاً حتى إن البعير الذي يكون عليه يكاد يبرك ، وحتى خشي زيد بن ثابت على فخذه أن ترضَّ وقد كانت فخذه رضي الله عنه تحت فخذ النبي صلى الله عليه وسلم .

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : " إِنْ كَانَ لَيُوحَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَتَضْرِبُ بِجِرَانِهَا " .

رواه أحمد ( 41 / 362 ) وصححه المحققون .

زاد البيهقي في " دلائل النبوة " ( 7 / 53 ) قولها " مِن ثقل ما يوحي إلى رسول الله " .

الجِران : باطن عنق الناقة .

قال السندي – رحمه الله - :

قوله ( فَتَضْرِبُ بِجِرَانِهَا ) - بكسر الجيم - : باطن العنق ، والبعير إذا استراح مدَّ عنقه على الأرض .

حاشية " مسند أحمد " ( 41 / 362 ) .

وعن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قال : " ... فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي " .

رواه البخاري ( 2677 ).

4. وكان تصيبه الشدة .

وعن عائشة – في حديث البراءة من الإفك – قالت : فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ .

رواه مسلم ( 2770 ) .

قال بدر الدين العيني – رحمه الله - :

( البُرَحاء ) بضم الباء الموحدة وفتح الراء وبالحاء المهملة الممدودة ، وهو شدة الكرب ، وشدة الحمَّى أيضاً .

" عمدة القاري " ( 1 / 43 ) .

5. وكان يتغير وجهه صلى الله عليه وسلم فيتربَّد ثم يحمرُّ .

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : " كَانَ نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوحي كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ " .

رواه مسلم ( 2334 ) .

قال النووي – رحمه الله - :

( وتربَّد وجهُه ) أي : علته غبرة ، والربد تغير البياض إلى السواد ، وإنما حصل له ذلك لعظم موقع الوحي ، قال الله تعالى ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلاً ) .

" شرح مسلم " ( 11 / 190 ) .

وفي ( 15 / 89 ) قال :

ومعنى تربد أي تغير وصار كلون الرماد .

انتهى

وقد وصف الصحابي الجليل يعلى بن أمية وجه النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي عليه بقوله " فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ ( أَيْنَ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْ الْعُمْرَةِ آنِفًا )

كما رواه رواه البخاري ( 1463 ) ومسلم ( 1180 ) .

وقد جمع بينهما النووي رحمه الله فقال :

وجوابه : أنها حمرة كدرة ، وهذا معنى " التربد " ، أو : أنه في أوله يتربد ثم يحمر ، أو بالعكس .

" شرح مسلم " ( 15 / 89 ) .

6. وكان صلى الله عليه وسلم ينكس رأسه ، ويغطيه بثوب .

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : " كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ نَكَسَ رَأْسَهُ وَنَكَسَ أَصْحَابُهُ رُءُوسَهُمْ فَلَمَّا أُتْلِىَ عَنْهُ رَفَعَ رَأْسَهُ ) .

رواه مسلم ( 2335 ) .

أتلى : ارتفع عنه الوحى

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : " ... وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَرَفْنَا ذَلِكَ فِيهِ فَتَنَحَّى مُنْتَبِذًا خَلْفَنَا قَالَ فَجَعَلَ يُغَطِّي رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ وَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى عَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَأَتَانَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) .

رواه أحمد ( 7 / 426 ، 427 ) وحسنه المحققون .

7. كان صلى الله عليه وسلم يحرِّك لسانه بسرعة وشدة ليحفظ عن جبريل حتى نهاه الله عن ذلك وطمأنه أنه سيجمع القرآن له في صدره .

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً

وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ شَفَتَيْهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) قَالَ : جَمْعُهُ لَه فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ )

قَالَ : فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ .

رواه البخاري ( 5 ) ومسلم ( 448 ) .

ورواه مسلم ( 447 ) بلفظ : " يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ يُعْرَفُ مِنْهُ " .

قال ابن الجوزي – رحمه الله - :

تفسير هذا أنه كان يحرك شفتيه بما قد سمعه من جبريل قبل إتمام جبريل الوحي مخافة أن يذهب عنه جبريل وما حفظ فقيل له ( لا تحرك به ) أي القرآن ( لسانك لتعجل به ) أي بأخذه (

إن علينا جمعه وقرآنه ) أي علينا جمعه وضمه في صدرك ( فإذا قرأناه ) أي إذا فرغ جبريل من قراءته ( فاتبع قرآنه ) قال ابن عباس فاستمع وأنصت .

" كشف المشكل من حديث الصحيحين " ( 1 / 528 ) .

8. وكان يُسمع له غطيط كغطيط البَكر ، وهو الفتي من الإبل .

عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال :

" وددت أنى قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه الوحي فقال عمر : تعال ، أيسرك أن تنظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقد أنزل الله عليه الوحي ؟ قلت : نعم ، فرفع طرف الثوب ، فنظرت إليه له غطيط ، وأحسبه قال : كغطيط البَكر .

رواه البخارى ( 1789 ) ومسلم ( 1180 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 17:51   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ثالثاً:

وكل ما أصاب النبيَّ صلى الله عليه وسلم من كربٍ وشدَّة لا شك أنه بسبب ثقل الوحي الذي أخبره الله تعالى به قبل إنزاله عليه ، وقد هيَّأه تعالى لذلك التلقي .

قال أبو شامة المقدسي – رحمه الله - :

وهذا العرق الذي كان يغشاه صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث ، واحمرار الوجه ، والغطيط ، المذكوران في حديث يعلى بن أمية ، وثقله على الراحلة

وعلى فخذ زيد بن ثابت كما ورد في حديثين آخرين : إنما كانت لثقل الوحي عليه كما أخبره سبحانه في ابتداء أمره بقوله ( إنِّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً )

وذلك لضعف القوة البشرية عن تحمل مثل ذلك الوارد العظيم من ذلك الجناب الجليل ، وللوجل من توقع تقصير فيما يخاطب به من قول أو فعل .

قال ابن إسحاق

: " وللنبوة أثقال ومؤنة لا يحملهما ولا يستطيع لها إلا أهل القوة والعزم من الرسل بعون الله عز وجل " .

" شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى " ( ص 73 ، 74 ) .

رابعاً:

لم يثبت فيما وقفنا عليه من أحاديث أنه كان صلى الله عليه وسلم : يحنق عند فمه ، ولا أنه يتمدد على الأرض عندما يأتيه الوحي ، ولا أنه كان يعض على شفتيه ، ولا أنه يغلق عينيه .

ويمكن لمن شاء أن يقول ما يشاء ، لكن ليس يستطيع أن يثبت ما يقول إلا القليل ، وها نحن أوردنا جميع ما وقفنا عليه من حالٍ للنبي صلى الله عليه وسلم حين نزول الوحي عليه .

وبخصوص قول الصحابي إنه كان يُسمع للنبي صلى الله عليه وسلم غطيط كغطيط البَكر : فلنا معه وقفات :

1. أن الواصف لهذا الصوت هو محب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وليس بمبغض له ، ولو كان فيه إساءة له صلى الله عليه وسلم فما يحمله على إخبار الأرض به ؟!

ولو كان في ذلك أدنى منقصة أو مذمة لتكلمت بها العرب ، ولذموا صاحبهم بذلك ، وهيهات !!

2. أن التشبيه بالإبل في أصواتها وهيئاتها وبروكها وتحملها وحقدها وغير ذلك : أمرٌ معروف عند العرب قديماً وحديثاً ، وليس فيه ما يعيب ؛ لأن المقصود ضرب المثل ، وتقريب الصورة

وأكثر ما يرونه ويعرفونه هو الإبل ، فكان التشبيه بها لمناسبة حال المتكلم والسامع .

خامساً:

وأما اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان يصيبه الصرع ، وأنه ليس ثمة وحي من الله إنما هي أعراض مرض الصرع : فكلام ساقط

يغني نقله عن نقده ، لكن لا مانع أن نبين للناس فساده لأجل أن يعلموا أن أولئك القوم إنما يسوِّقون الأكاذيب لنشر دينهم ، وليس عندهم في دينهم ما يدعو الناس للدخول فيه

إنما هي الوثنية ، والأكاذيب ، واستغلال حاجة الناس وفقرهم ، وقد ساءهم أن الدين الإسلامي برغم كل المؤامرات عليه من أهله ومن أعدائه لا يزال هو الدين الأسرع والأكثر انتشاراً في الأرض .

ومما يبين فساد ادعائهم أن النبي صلى الله عليه وسلم مصاب بداء الصرع وأن ما كان يعانيه من الشدة والأحوال التي ذكرناه سابقاً ليست بسبب الوحي من الله ، أمور كثيرة ، منها :

1. أن الصرع كان معروفاً عند العرب ، وكانوا يميزون المصروعين من غيرهم ، فلو رأوا آثار الصرع عليه صلى الله عليه وسلم لما وفَّروا تلك التهمة .

2. بل إن الذين كانوا يبتلون بداء الصرع – بل بعموم الأمراض حتى لو كان مرض العمى – كانوا يأتون للنبي صلى الله عليه وسلم ليدعوَ الله لهم أن يشفيهم من مرضهم ذاك

فكيف لا يدعو لنفسه ويدعو للآخرين وهو يعلم من نفسه منزلته عند ربِّه وأن دعاءه مظنة الاستجابة ؟.

ومما يدل على كلا المسألتين السابقتين :

عن عَطَاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟

قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ) قَالَتْ : أَصْبِرُ

قَالَتْ : فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا .

رواه البخاري ( 5328 ) ومسلم ( 2576 ) .

3. ومن علامات كذب أولئك القوم من المستشرقين وأتباعهم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنهم ربطوا كذبهم عليه بإصابته بمرض الصرع بوقت النبوة ! فأين كان هذا المرض قبل ذلك لو كانوا صادقين ؟! .

4. ثم إننا تعمدنا ذِكر أنواع الوحي وطرقه لنبين للناس كذبهم ودجلهم ؛ فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من شدة الوحي في بعض الصور فالأمر ليس كذلك في بعضها الآخر

فماذا هم قائلون عن تلك الصور الأخرى كالنفث في الروع والرؤيا ومجيء جبريل بصور رجل من البشر ؟! .

5. وقد تعمدنا ذِكر الأحوال التي يكون عليها النبي صلى الله عليه وسلم حين نزول الوحي عليه في صوره المشهورة لنبين للناس – أيضاً – نفي تلك التهمة الساذجة الممجوجة عنه

فثمة علامات للمصاب بمرض الصرع وجدنا عكسها في حال النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك :

أ. أن المريض بالصرع يبرد جسمه أثناء الصرع ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم عكس ذلك فقد كان يصاب بالبُرَحاء ، وكان يعرق شديداً حتى في اليوم الشديد البرد ! .

ب. أن المصروع يتخبط ويتمايل ويُلقى على الأرض ويتمدد ولا يملك نفسه ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من ذلك ، فهو ثابت القلب ، قوي البدن ، وهو إما يكون قائماً على منبره

أو جالساً على دابته ، أو بين أصحابه ، ويبقى هكذا حين نزول الوحي عليه لا يميل يميناً ولا شمالاً ، ولا يُلقى على الأرض ولا يتمدد ، وليس يظهر عليه أي أثر من أولئك المصابين بالصرع

والأدلة السابقة خير شاهد على هذا .

وها هو دليل آخر أخَّرناه لمناسبة وضعه هنا :

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ ؟!

قَالَتْ : فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ ، فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا ؟! قَالَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ

ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ ، فَقَالَ : ( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ ) .

رواه البخاري ( 4517 ) ومسلم ( 2170 ) .

( عَرْق ) هو العظم الذي أخذ عنه أكثر اللحم .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

فدلَّ هذا على أنه لم يكن الوحي يغيِّب عنه إحساسه بالكلية ، بدليل أنه جالس ولم يسقط العَرْق أيضا من يده صلوات الله وسلامه دائماً عليه .

" السيرة النبوية " ( 1 / 423 ) .

ولعلَّ هذا الحديث وحده كافٍ لأن يكون سبباً في إصابة أولئك المفترين بالصرع ! .

ج. المصروع لا يذكر ما حصل معه أثناء صرعه ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من ذلك ، فهو يأتي بما يسمعه على أتم وجه ، ويسأل عن الذي كان الوحي السبب في نزوله

كما سأل عن صاحب الجبَّة في العمرة ، كما في حديث يعلى بن أمية ، وغيره من المواضع .

د. المصروع يأتي بالهذيان والكلام الذي لا معنى له أثناء صرعه ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بالحكَم الجليلة والمواعظ الحسنة والأحكام العظيمة ، فأين هذا من ذاك ؟! .

هـ. والمصروع يحتاج بعد نوبة صرعه إلى فترة راحة ؛ لشدة ما عاناه من تعب وألم ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من ذلك ، فبعد انتهاء مهمة الوحي يسرَّى عنه

ويكون على حاله الذي كان عليه من قبل في قوة بدنه وعظمة فكره .

و. والمصروع يسقط ما يكون قابضاً عليه في يده ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك ، وسيأتي بعد قليل الدليل على ذلك .

ز. والمصروع يحزن على حاله ويتأسف عليها ، بل وكثيرون انتحروا أو حاولوا الانتحار بسبب إصابتهم بذلك المرض ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من هذا

فإنه لما انقطع عنه الوحي لفترة " حزن حزناً شديداً " ! فأين هذا من ذاك ؟! .

ح. والمصاب بالصرع يصفر وجهه ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتغير بالحمرة ، والمصاب بالصرع يصيح صيحات عالية ، وليس هذا واقع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكثيراً ما يُغمى على المصروع

وليس هذا واقعه صلى الله عليه وسلم ، ويؤذي المصروع نفسه بجرحها أو تقريب بدنه من نار ، ولم يكن شيء من هذا في واقع النبي صلى الله عليه وسلم ، والمصروع يعض لسانه ويمتزج لعابه بالدم

وليس هذا واقع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل ما يُذكر في آثار الصرع على المصابين به لا تجده عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا شيئاً يسيراً منه .

فتبين بذلك كذبهم وافتراؤهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والويل لهم مما يصفون .

ينظر : " الرسل والرسالات "، لفضيلة الشيخ الدكتور عمر سليمان الأشقر( ص 65 ، 66 ) .

6. كان المشركون في جاهليتهم يأتمنون النبي صلى الله عليه وسلم على أغراضهم ، وبقي الأمر على ذلك حتى بعد أن دعاهم إلى الإسلام ، وقد أوصى بإرجاعها قبل أن يهاجر إلى المدينة

أفيمكن أن يكون مصاباً بذلك المرض ثم يأتمنه أهله وأقرباؤه وجيرانه ؟! إنهم أعلم به من هؤلاء المستشرقين الكذبة ، ولو كان ما افتروه عليه صحيحاً لكان للكفار شأن آخر معه فيما يختص بأغراضهم التي ائتمنوه عليها .

7. وكيف يقود هذا المصاب بالصرع – حاشاه – أمة كاملة ، ويقود الجيوش ، ويحارب الكفار ، ويراسل الملوك ، ويصلح بين الناس ؟!

8. ونختم بذكر شهادات مضادة لأولئك الكذبة من المستشرقين ، ليست شهادات من أئمة الإسلام وعلماء ، بل هي شهادات لكتاب ومؤرخين غربيين ، من بلدان مختلفة :

أ. قال الكاتب والمؤرخ الإنجليزي السير "توماس كارليل" :

" لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متمدين من أبناء هذا العصر أن يصغي إلى ما يظن من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمدا خَدَّاع مُزَوِّر ؛ وآن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أداها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرنا [ توفي كارليل (1881م) ]

لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا ، خلقهم الله الذي خلقنا ؛ أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين من الفائتة الحصر والإحصار أكذوبة وخدعة ؟

! أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبدا ، ولو كان الكذب والغش يروجان عند خلق الله هذا الرواج ، ويصادفان منهم مثل ذلك التصديق والقبول : فما الناس إلا بُلْهٌ ومجانين ، وما الحياة إلا سخف وعبث وأضلولة ، كان الأولى بها ألا تخلق !!

فوا أسفاه ؛ ما أسوأ مثل هذا الزعم ، وما أضعف أهله ، وأحقهم بالرثاء والمرحمة !!

وبعد ؛ فعلى من أراد أن يبلغ منزلةً ما في علوم الكائنات أن يصدق شيئا ألبتة من أقوال أولئك السفهاء ؛ فإنها نتائج جيل كفر ، وعصر جحود وإلحاد

وهي دليل على خبث القلوب ، وفساد الضمائر ، وموت الأرواح في حياة الأبدان ، ولعل العالم لم ير قط رأيا أكفر من هذا ولا ألأم!!" . انتهى .

"الأبطال" (45-55) ترجمة محمد السباعي .

ب. ويقول الكاتب والمؤرخ الأمريكي " ول ديورانت " :

ولم يكن المحيطون بالنبي في هذه الأوقات يرون جبريل أو يسمعونه ، وقد يكون ارتجافه ناشئاً من نوبات صرع فقد كان يصحبه في بعض الأحيان صوت وصفه بأنه يشبه صلصلة الجرس

وتلك حال كثيراً ما تحدث مع هذه النوبات ، ولكننا لا نسمع أنه عض في خلالها لسانه ، أو حدث ارتخاء في عضلاته كما يحدث عادة في نوبات الصرع , وليس في تاريخ محمَّد ما يدل على انحطاط قوة العقل التي يؤدي إليها الصرع عادة ، بل نراه على العكس يزداد ذهنه صفاء

ويزداد قدرة على التفكير ، وثقة بالنفس ، وقوة بالجسم والروح والزعامة ، كلما تقدمت به السن ، حتى بلغ الستين من العمر .

وقصارى القول : أنا لا نجد دليلاً قاطعاً على أن ما كان يحدث للنبي كان من قبيل الصرع ، ومهما يكن ذلك الدليل : فإنه لا يقنع أي مسلم مستمسك بدينه .

" قصة الحضارة " ( 13/26 ) ط الهيئة المصرية العامة للكتاب .

ج. ويقول المستشرق الألماني " ماكس مايرهوف " :

لقد أراد بعضهم أن يَرى في محمَّد رجلاً مصاباً بمرض عصبي ، ولكن تاريخ حياته من أوله إلى آخره ليس فيه شيء يدل على هذا ، كما أن ما جاء به فيما بعدُ من أمور التشريع والإدارة يناقض هذا القول " .

بواسطة " آراء المستشرقين حول القرآن وتفسيره " ( 1 / 403 ) للدكتور عمر بن إبراهيم رضوان ، وفيه نقض لتلك الشبهة .

هذا ما تيسر ذِكره لنقض تلك المفتريات على نبي الأمَّة صلى الله عليه وسلم ، وإننا لنزداد قناعة كل مرة نشهد كذب المفترين عليه أنهم أهل أهواء وضلالة

ونزداد حبّاً وتعظيماً لذلك النبي الكريم ، وكل كذب وافتراء عليه يكشف لنا جوانب خفية عنه تُعلم بالبحث والدراسة ، وهذا من العجائب أن تزيدنا تلك الشبهات والافتراءات قناعة بصحة ديننا وعظمة نبينا صلى الله عليه وسلم

وتزيدنا قناعة بإفلاس أولئك الخصوم ، فلا دين عندهم ولا دنيا ! بل خرافات وضلالات مع جهل وكذب وافتراء .

ونسأل الله تعالى أن يهدي ضالَّ المسلمين ، وأن يعلي قدر نبيه في الدارين ، وأن يتوفنا على الإيمان .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-06, 17:01   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




تتنبأ بأشياء تكاد تكون صحيحة ويعتقدون أنها تعلم الغيب


السؤال

امرأة تقول إنها أخلصت في طاعة الله ، وأثناء نومها زارها رجل يلبس جلباباً أبيض ، وطاف حولها ، وبعد ذلك أصبحت تتنبأ بأشياء تكاد تكون صحيحة ، فعرف الناس بها

وأخذوا يترددون عليها ، ويقولون : إنها تعلم الغيب ، ولا يعلم الغيب إلا الله ، فما حكم هذه المرأة ؟

وبم ننصحها ؟.


الجواب

الحمد لله

لا يجوز لأحد أن يدَّعي علم الغيب ، ومن ادَّعاه فقد كفر ، ولا يجوز لأحدٍ أن يعتقد أن أحداً يعلم الغيب ، ومن اعتقد ذلك فقد كفر .

وقد أخبر الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ، وأخبر أن الجن لا يعلمون الغيب .

وإنما قصدنا بذلك الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا الله ، وأما الغيب النسبي وهو ما يعلمه أناس دون آخرين : فهذا قد يستطيع بعض الناس علمه وإنما يكون البحث في كيفية اطلاعهم عليه ، فمنهم من يعرفه بالتجسس ومنهم من يعرفه عن طريق الجن ، وكلاهما طريق لا يجوز سلوكه .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

هل الجن يعلمون الغيب ؟ .

فأجاب :

الجن لا يعلمون الغيب لقوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ )

واقرأ قوله تعالى : ( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ )

ومن ادعى علم الغيب فهو كافر ، ومن صدَّق من يدعي علم الغيب فإنه كافر أيضاً لقوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) ، فلا يعلم غيب السماوات والأرض إلا الله وحده

وهؤلاء الذين يدعون أنهم يعلمون الغيب في المستقبل كل هذا من الكهانة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً "

فإن صدَّقه فإنه يكون كافراً لأنه إذا صدَّقه بعلم الغيب فقد كذَّب قوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 1 / السؤال رقم 115 ) بتصرف .

وسئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :

عن حكم من يدعي علم الغيب ؟ .

فأجاب :

الحكم فيمن يدَّعي علم الغيب أنه كافر ؛ لأنه مكذِّّّب لله عز وجل ، قال الله تعالى : ) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ )

وإذا كان الله عز وجل يأمر نبيه محمداً صلي الله عليه وسلم أن يعلن للملأ أنه لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ، فإن من ادَّعى علم الغيب فقد كذب الله عز وجل في هذا الخبر .

ونقول لهؤلاء : كيف يمكن أن تعلموا الغيب والنبي صلي الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ؟

هل أنتم أشرف أم الرسول صلي الله عليه وسلم ؟

! فإن قالوا : نحن أشرف من الرسول : كفروا بهذا ، وإن قالوا : هو أشرف ، فنقول : لماذا يحجب عنه الغيب وأنتم تعلمونه ؟ ! وقد قال الله عز وجل عن نفسه : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً )

وهذه آية ثانية تدل على كفر من ادعى علم الغيب ، وقد أمر الله تعالى نبيَّه صلي الله عليه وسلم أن يعلن للملأ بقوله : ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى )

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 1 / السؤال رقم 22 ) .

والذي يتنبأ بالمستقبل يسمَّّّى " كاهناً " ، ولا يحل سؤاله ولا إتيانه ، وأما صدقهم أحياناً في تنبؤاتهم فإما أن يكون من باب موافقة القدَر ، وإما أن يكون من الجن الذي يسترق السمع ، فيلقي الجنُّ الكلمة على الكاهن فيكذب معها مئة كذبة .

عن عائشة رضي الله عنها قالت : سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ناسٌ عن الكهان فقال : ليس بشيء ، فقالوا : يا رسول الله إنهم يحدثونا أحياناً بشيء فيكون حقا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك الكلمة من الحق يخطفها من الجني فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة .

رواه البخاري ( 5429 ) ومسلم ( 2228 ) .

قال الحافظ ابن حجر :

قال القرطبي :

كانوا في الجاهلية يترافعون إلى الكهان في الوقائع والأحكام ويرجعون إلى أقوالهم , وقد انقطعت الكهانة بالبعثة المحمدية , لكن بقي في الوجود من يتشَّبه بهم , وثبت النهي عن إتيانهم فلا يحل إتيانهم ولا تصديقهم .

قوله : " إنهم يحدثوننا أحيانا بشيء فيكون حقا " في رواية يونس " فإنهم يتحدثون " هذا أورده السائل إشكالا على عموم قوله " ليسوا بشيء "

لأنه فهِم أنهم لا يصدقون أصلا فأجابه صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك الصدق , وأنه إذا اتفق أن يصدق لم يتركه خالصا بل يشوبه بالكذب ...

قال الخطابي : بيَّن صلى الله عليه وسلم أن إصابة الكاهن أحيانا إنما هي لأن الجني يلقي إليه الكلمة التي يسمعها استراقا من الملائكة فيزيد عليها أكاذيب يقيسها على ما سمع , فربما أصاب نادرا وخطؤه الغالب ."

فتح الباري " ( 10 / 219 ، 220 ) .

أما ما ذكر في السؤال من ما رأته تلك المرأة في منامها ، فإن مثل هذه الأحلام لا يؤخذ منها أي دليل على حكم شرعي فضلا عن أن تدل على مصادمة لقضية من قضايا العقيدة المقررة وعليه فيُعدُّ ما رأته في منامها نوعا من أنواع تلاعب الشيطان بها واستغلاله لجهلها.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-06, 17:05   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الرؤى والأحلام

السؤال

أرجو أن يكون بإمكانكم مساعدتي في حيرتي ، صليت الاستخارة قبل خمسة أيام ، سألت الله إن كان باستطاعتي أن أحول رجلاً غير مسلم إلى مسلم وأن أُريه طريق الصواب لحبي للإسلام ولله

أنا مهووس بهذه الفكرة لأنها أمنيتي في الحياة ولو لمرة واحدة في حياتي لأني أحب الله كثيرا من كل قلبي . لقد سألت الله في صلاة الاستخارة إن كان حلمي سيتحقق وأيضا سألته الهداية لذلك .

لكن حلمت اليوم صباحا أني وابن عمي نقضي إجازتنا في فندق و ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) وجدت أننا نمسك بخمر لونه أخضر وأننا مشتاقين لتذوقه وتذوقناه بالفعل ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) .

وبعد فترة قصيرة رأيت أخي الأكبر يدخل فخفت أنا وابن عمي جدا . ثم رأيت أختي الكبرى في سلوار أسود ويجري خلفها كلب بني اللون يجري خلفها .

عندما كنت أحلم كنت فعلا خائفاً وخفت أن أكون قد ارتكبت إثما وعندما استيقظت وكنت مستلقيا على الجهة اليسرى شعرت بالارتياح كونه مجرد حلم. كانت الساعة الخامسة والنصف وعندها كان علي الإسراع لصلاة الفجر

وعندما كنت أصلي كنت سعيدا للغاية وشعرت بداخلي بإحساس جميل وأن هذا الشعور يؤكد لي أن الله معي ويعلم ما في نفسي . لم أشعر بهذا الإحساس من قبل ولا أعرف معنى ذلك ، هل علي أن أستمع إلى الحلم أم إلى قلبي .


الجواب

الحمد لله

اعلم أن ما يراه النائم في المنام ينقسم إلى قسمين :

1- الرؤى .

2- أضغاث الأحلام .

وأضغاث الأحلام تنقسم بدورها إلى قسمين كذلك :

1- تخويف الشيطان .

2- أحاديث النفس .

ويمكن أن يقال أن ما يراه النائم ينقسم إلى أقسام ثلاثة :

1- الرؤيا من الله .

2- تخويف الشيطان .

3- أحاديث النفس .

يدل على هذا التقسيم ما ثبت في صحيح مسلم برقم 2263 من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ :

فَالرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ

وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ

وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ...) .

وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلاثٌ :

مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ ، وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ ، وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ) صحيح سنن ابن ماجه 3155 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (الرُّؤْيَا ثَلاثٌ : فَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ ، وَحَدِيثُ النَّفْسِ ، وَتَخْوِيفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا تُعْجِبُهُ فَلْيَقُصَّ إِنْ شَاءَ وَإِنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ يُصَلِّي ) صحيح سنن ابن ماجه 3154 .

وإليك جملة من الأحاديث الصحيحة التي فيها إرشاد إلى أدب الرائي تجاه ما يراه في منامه :

1- عن أبي قتادة قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ ) رواه البخاري 3292 .

2- عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا أُعْرَى مِنْهَا غَيْرَ أَنِّي لا أُزَمَّلُ حَتَّى لَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْمًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ )

رواه مسلم 2261.

3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَتَحَوَّلْ وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا ) . صحيح سنن ابن ماجه .

4- عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ) رواه مسلم 2262.

5- وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم الفرق بين الرؤيا وبين الحلم فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ )

رواه البخاري 7045 . فتبين أن الرؤيا الطيبة السارة من الله وأن الرؤيا السيئة التي يكرها الإنسان فإنها حلم من الشيطان فعليه أن يستعيذ من شرها .

6- عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (... فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ) رواه مسلم 2263 .

7- عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لأَعْرَابِيٍّ جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي حَلَمْتُ أَنَّ رَأْسِي قُطِعَ فَأَنَا أَتَّبِعُهُ ، فَزَجَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : ( لا تُخْبِرْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِي الْمَنَامِ ) رواه مسلم 2268 .

ويمكن أن يستخلص الإنسان أهم الآداب المتعلقة لمن رأى ما يكره في منامه من هذه الأحاديث فأهم الآداب :

1- أن يعلم أن هذا الحلم إنما هو من الشيطان يريد إحزانه فليرغم الشيطان ولا يلتفت إليه.

2- ليستعذ بالله من الشيطان الرجيم .

3- ليستعذ بالله من شر هذه الرؤيا .

4- أن ينفث عن يساره ثلاثا ، والمتأمل في روايات هذا الأدب من الأحاديث يلحظ أنه قد ورد الأمر بالنفث والتفل والبصق فلعل المراد أن ينفخ العبد مع شيء يسير من الريق .

5- أن لا يحدث بها أحدا .

6- أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه فإن كان على جنبه الأيسر تحول للأيمن والعكس بالعكس .

7- أن يقوم فيصلي .

فإن التزم العبد هذه الآداب فيُرجى له أن لا تضره هذه الرؤيا المكروهة كما ورد في النصوص

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
العقيدة الإسلامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:59

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc