رئيس الوزراء عبد المالك سلال يومرميطه أصدر توجيهات أو قرارات باتجاه ‘تشبيب’ الإدارة ومناصب المسؤولية (جريدة الخبر). وفي التفاصيل أن المقصود إبعاد الذين تجاوزوا الستين من العمر والتقليل قدر الإمكان من إعادة توظيف المتقاعدين بعقود مؤقتة مدفوعين بالحاجة المادية والفراغ الإجتماعي (وإلا ماذا يضطر رجلا أفنى 35 أو 40 عاما من عمره يعمل بدون انقطاع ليعود إلى العمل ولم يبق في عمره وصحته إلا النزر اليسير؟).
ظاهريا، هو شيء يشرح القلب اتخذه بومرميطة أما في العمق، وبجد، هي فقط بلا بلا بلا
لعل سلال نسيَ أن الجزائر محكومة برجال بلغوا شتاء العمر، يتقدمهم رئيس المرهوج الذي يزحف نحو الثمانين، ونائبه في وزارة الدفاع الذي تجاوزها! وأصغر وزير في الحكومة لامس الستين. المشكلة ليست في العمر، فكم من شاب بعدد السنوات تخاله في الثمانين، وكم من سبعيني أو ثمانيني تقول عنه في بداية ثلاثيني (تولى وزارة الإعلام في بداية التسعينات شاب في الثلاثين قفز إليها من الصحافة فكان أسوأ من الشيوخ عتاة الحزب الواحد الذين مروا على تلك الوزارة). إنما المشكلة في محاولة تضليل الناس، إذ كلما لاحت في الأفق مشكلة شعبية عولجت بالتصريحات المسكـّنة التي ينساها اصحابها بعد ايام معدودات. فإذا ما بدت علامات غضب عن غياب وظائف بسبب كثرة ‘الشيوخ’، جاء سلال ليصدر تعليماته التي لن يكترث لها احد.
كان أفضل أن يحدد بومرميططططة سن التسعين كسقف للذين لا يحق توظيفهم مجدداً، لأن أبناء الاستقلال يقتربون الآن من الستين وأغلبيتهم الساحقة لم تبدأ عمرها ـ في الشأن العام ـ بعد. أما الأجيال الأخرى فلها الانتظار والله مع الصابرين.
الفساد بالقانون كما نرى أخطر من الفساد الذي تم في سوناطراك خارج القانون.. الأمور ستستقيم عندما يصبح المواطن والمسؤول على قدم المساواة أمام العدالة، وعندما يحسب تقاعد أي متقاعد حسب نسبة ما قدّمه لصندوق الضمان الاجتماعي وليس بناء على حصوله على المرسوم الرئاسي للاستفادة من تعاونية الدولة بصفة مدير أو وزير أو سفير أو ضابط أو وال أو غيره.
بلدنا ما يزال أمامها الكثير كي تضع الأسس لدولة القانون والمساواة، وليس دولة السطو بالقانون على المال العام كما هو حاصل الآن؟!
هذه المؤسسة الدستورية في الجزائر التي كانت ولازالت وستظل مجرد لجنة مساندة للرئيس تتحرك عندما يريد منها التحرك وتركن إلى الصمت عندما يريد ذلك.
وحتى تلك المبادرات التي توصف بالمعارضة والتي تكون تارة ضد تعديل الدستور وتارة أخرى ضد العهدة الرابعة، وتارة ضد نظام الحكم برمته، فإنها لا تعدو أن تكون صيحات فارغة من شخصيات ليس لها تأثير، وحزيبات تسعى للترويج لنفسها من خلال هذه المبادرات لا أكثر، بل إن البعض يكاد يجزم أن هؤلاء إنما يفعلون ذلك لفتا للانتباه لعل السلطة تغدق عليهم مناصب فيدخلون الصف ويفوقون الموالين في "الشيتة" كما فعل العديد من رؤساء الأحزاب الذين تحولوا إلى وزراء فأصبحوا أكثر تطرفا في الدفاع عن العهدة الرابعة.