|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
من علماء الجزائر ...موضوع متجدد
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2011-11-23, 09:59 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
من علماء الجزائر ...موضوع متجدد
فهذه نقولات طيبة من مشروع : للدكتور مسعود فلوسي الأستاذ الدكتور في علوم الشريعة بكلية أصول الدين باتنة و هي تخص علماء الجزائر ،علماء لا يعرفهم الأكثرية فتراءى للقوم أن الجزائر ليس لها مرجعية علمية ، بل ربما تعمد بعض المناوئين مسحهم من الذاكرة الجماعية حتى ينشأ جيل مقطوع الصلة بسلفه فيكون فريسة للإستلاب الحضاري ،وهو مانعاني منه اليوم ،فمثل هذه المبادرة ستذكر الناسي وتعلم الجاهل بارك الله في أستاذنا مسعود فلوسي و ما أكثر علماء بلدنا الحبيب، ولكن ما أجهل أهلهم بهم؟
|
||||
2011-11-23, 10:16 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
الشيخ أحمد سحنون ولد الشيخ رحمه الله عام 1907 ميلادية ببلدة ليشانة قرب مدينة بسكرة، توفيت أمه وهو رضيع، وتولى والده الذي كان معلما للقرآن الكريم تربيته، فحفظ كتاب الله وعمره 12 سنة كما تعلم مبادئ اللغة العربية والشريعة الإسلامية على يد مجموعة من المشايخ والعلماء أبرزهم الشيخ أحمد خير الدين والشيخ محمد الدراجي والشيخ عبد الله بن مبروك. ومنذ نعومته أظافره كان الشيخ رحمه الله مولعا بكتب الأدب، فدرس وطالع منها الكثير قديمها وحديثها. في سنة 1936م التقى لأول مرة مع رائد الإصلاح والنهضة في الجزائر العلامة عبدالحميد بن باديس رحمه الله، وفي ذلك يقول: "وذكرت- عندما كتبت فصلا عن ابن باديس الموجه- بمناسبة ذكراه أنه جمعني به أول مجلس فبادرني بسؤاله: ماذا طالعت من الكتب ؟ فأخذت أسرد له – لسوء حظي أو لحسنه- قائمة حافلة بمختلف القصص والروايات، فنظر إلي نظرة عاتبة غاضبة وقال: هلا طالعت العقد الفريد لابن عبد ربه، هلا طالعت الكامل للمبرد بشرح المرصفي، واستمر في سرد قائمة من الكتب النافعة المكونة، فكانت تلك الكلمة القيمة خير توجيه لي في هذا الباب". وهكذا كان هذا اللقاء نقطة تحول كبرى في حياة الشيخ أحمد سحنون، حيث انضم إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصبح من أعضائها الفاعلين. يقول في هذا المجال في مقدمة كتابه "توجيهات إسلامية": "إن كل شيء كنا نعمله لهذا الشعب، وكل ما نبذله لهذا الوطن، إنما كان بوحي من روح الجمعية، ووفق الخطة التي رسمتها لتطهير هذه الأرض العربية المسلمة من وجود الإستعمار ومن سيطرة الأجنبي، ومن عار الحكم بغير ما أنزل الله" وبالإضافة إلى الخطابة والتعليم والشعر، اقتحم الشيخ رحمه الله ميدان الصحف والمجلات، فكتب في العديد منها كالشهاب والبصائر، حتى أن الإبراهيمي علق على كتاباته قائلا:"إن ما تكتبه في البصائر هو حلة البصائر" "إن كل شيء كنا نعمله لهذا الشعب، وكل ما نبذله لهذا الوطن، إنما كان بوحي من روح جمعية العلماء، ووفق الخطة التي رسمتها لتطهير هذه الأرض العربية المسلمة من وجود الإستعمار ومن سيطرة الأجنبي، ومن عار الحكم بغير ما أنزل الله" الإمام احمد سحنون رحمه الله وهي شهادة كانت أعز عليه من كل وصف، ذلك أنها صدرت من رجل كان يعتبره قدوة له وعظيما من عظماء الأمة، فقد وصفه ذات مرة فقال: "ولاعجب، فقد كان الإمام الإبراهيمي من بناة النهضة الكبار الذين عاشوا كل حياتهم، وأعظم همهم تكوين عدد ضخم من حملة الأقلام وإنشاء جيل قوي يحسن التعبير باللسان والقلم، يكون الغرة الوضاءة في جبين الجزائر، والكتيبة الأولى في معركة تحريرها". في سنة 1947 اشترك في المجلس الإداري للجمعية، وقام بكتابة نشيدها الذي يقول في مطلعه: يابني شعب الأباة ... للمعالي أنتم نسل الأمازيغ الكماة ... في النزال كل من ضحى بنفسه فمات ... لا يبالي كما عينته الجمعية في نفس السنة معلما في مدرسة التهذيب الحرة في بولوغين ثم أصبح مديرا لها بعد عام واحد. ويشهد الجميع للشيخ بقوة خطابه وبلاغته وفصاحته، حيث كان يقصده جمع غفير من الناس يؤدون عنده صلاة الجمعة في مسجد الأمة ببولوغين، فكان يحث الشباب على الإعتزاز بماضيهم والتمسك بالحرية والسعي نحو الإنعتاق من نير الإستعمار. الشيخ سحنون والثورة التحريرية: أدرك الشيخ رحمه الله منذ اللحظة الأولى حقيقة المستعمر، فكان دائم التحذير من مكائده والتنبيه إلى أساليبه وساهم مع إخوانه العلماء في نشر الوعي الديني والوطني في أوساط الشعب وبعث الثقة في نفسه، ليرفع لواء الحرية والإستقلال ويطهر وطنه من رجس المستعمرين. وكان رحمه الله قد كون تنظيما فدائيا سريا انطلاقا من مسجد الأمة عام1953، وبعد اندلاع الثورة لم يتردد في مساندتها مما أدى إلى سجنه عام 1956 وحاول المستعمر استغلال مكانة الشيخ عند الشعب الجزائري وتأثيره فيه فطلب منه أن يحذر الناس من المجاهدين ويبعدهم عن احتضان الثورة ودعمها، فرد عليه قائلا: "أنا الآن في حكم الميت، إذا نفذت ما طلبتم مني يقتلني إخواني وإذا لم أنفذ تقتلونني أنتم، ومادمت ميتا فليكن موتي على أيديكم أفضل". فحكم عليه بالإعدام، ثم أطلق سراحه بعد ثلاث سنوات لأسباب صحية، فقام المجاهدون بتهريبه إلى منطقة باتنة بالشرق الجزائري ثم إلى مدينة سطيف ليواصل عمله وجهاده بين أفراد شعبه. وخلال تواجده بالسجن كان مواظبا على متابعة ما يصدره الأستاذ سيد قطب رحمه الله من تفسيره في ظلال القرآن وكان يقول: "كان الظلال يخرج من السجن في مصر ويدخل السجن في الجزائر". الشيخ سحنون بعد الإستقلال: بعد نيل الجزائر استقلالها، عين الشيخ أحمد سحنون إماما خطيبا بالجامع الكبير بالعاصمة وعضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى، فواصل عمله الدعوي التربوي بكل إخلاص واستقلالية، فكان أحرص ما يحرص عليه حرية الكلمة وخاصة إذا كانت تخرج من المنبر، فلم يكن يهادن في دينه ولا يقبل المساومة في مبادئه من غير جبن ولا تهور أو انفعال، شعاره في ذلك قول الباري عز وجل:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " حتى استطاع بمنهجه أن يصبح منبرا للتعقل والحكمة ومرجعا لوحدة الشعب الجزائري والتفافه حول ثوابته. وقد كان يقول رحمه الله: ( فليست الدعوة إلى الله – إذن- كلاما مجردا عاديا، يستطيع أن يملأ به شدقيه كل من لا حظ له من دين أو خلق، ولا خلاق له من إيمان أو استقامة، إنما هي كفاح مرير ينبغي أن لا يخوض غماره إلا من تسلح له بسعة الصدر ولين القول واستقامة السيرة وبلاغة المنطق وقوة الحجة ). وكتب ذات مرة مقالا بعنوان "الدعوة إلى الله" ومما جاء فيه: "وإذا كانت الكلمة اللينة والصدر الرحب من خير أدوات الدعوات بحيث تجعل العدو صديقا كما تشير إليه الآية، فبعكس ذلك تكون الكلمة الجافية والصدر الضيق من شر أسباب النفور بحيث يجعلان الصديق عدوا". "ليست الدعوة إلى الله -إذن- كلاما مجردا عاديا، يستطيع أن يملأ به شدقيه كل من لا حظ له من دين أو خلق، ولا خلاق له من إيمان أو استقامة، إنما هي كفاح مرير ينبغي أن لا يخوض غماره إلا من تسلح له بسعة الصدر ولين القول واستقامة السيرة وبلاغة المنطق وقوة الحجة" الإمام احمد سحنون رحمه الله هكذا إذن كان منهجه في الدعوة إلى الله كما كان منهج الأنبياء بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكن إذا انتهكت حرمات الله أو حورب الله ورسوله وهدد الإسلام في عقر داره فإنه يرفع لواء التصدي والذود عن دين الله كما فعل رحمه الله لما حاولت شرذمة من النسوة بدافع من اللائكيين وبقايا أذناب المستعمر في الجزائر أن تستبدل قانون الأسرة المستمد من الشريعة الإسلامية بآخر علماني لاديني، فخرج مع غيره من الدعاة في مسيرة حاشدة حضرها زهاء مليون إمرأة مسلمة جزائرية أصيلة ليقول لا لمحاولات العبث بدين الأمة وثوابتها. ومن الجهود المباركة التي قام بها الشيخ رحمه الله، محاولته تأسيس رابطة الدعوة الإسلامية وهي إطار دعوي يجمع كافة أطياف الحركة الإسلامية لتوجيه العمل الدعوي وتوجيه جهود العاملين بعد توحيدها وتنسيقها لاجتناب التناحر والشقاقات داخل صفوف الحركة الإسلامية، كان ذلك سنة 1989م، وقد كانت محاولة رائدة لو كتب لها الله النجاح والإستمرار. ولما دخلت الجزائر في محنتها وسالت دماء أبنائها حاول مخلصا جاهدا أن يجنب الشعب ويلات تلك المحنة وآلامها، فكان جزاؤه محاولة اغتياله وهو في ساحة المسجد متوجها للصلاة مما ترك في نفسه الأثر العميق لما وصلت إليه الجزائر، فعكف في بيته يدعو الله ويعبده ويطالع الكتب ويدرس إلى أن لقي الله ولم يبدل تبديلا. وقد روى أحد الإخوة ممن زاره في الأسبوع الأخير من رمضان وهو على فراش المرض أنه كان يدخل في غيبوبة لبعض الوقت ولما يستفيق يردد قوله تعالى: {فأما الزبد فيذهب جفاءا وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}. قال ولما عزمنا على الخروج من عنده طلبنا منه أن ينصحنا فقال رحمه الله: عليكم بالتوحيد والوحد. لقد مات الشيخ سحنون وهو يتألم مما وصل إليه حال الجزائر من انهيار وتفكك وفرقة. آثار الشيخ ترك الشيخ بعض الآثار المخطوطة والمطبوعة أهمها: * كتاب دراسات وتوجيهات إسلامية * كتاب كنوزنا ويقع في 300 صفحة احتوى تراجم لبعض الصحابة وهو لم يطبع بعد. * ديوان شعر بعنوان" حصاد السجن" يضم 196 قصيدة * ديوان شعر" تساؤل وأمل " وهو لم يطبع بعد إلى جانب عشرات المقالات في العديد من الجرائد والمجلات كالبصائر والشهاب فرحم الله الشيخ أحمد سحنون وأسكنه فسيح جنانه مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أوبئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون
|
|||
2011-11-23, 10:23 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
الفقيه الشيخ أحمد حماني رحمه الله (1915 - 1998م) نشأته ولد أحمد بن محمد بن مسعود بن محمد حماني يوم الاثنين 6 سبتمبر 1915 بقرية ازيار الواقعة في دوار تمنجر ببلدية العنصر دائرة الميلية ولاية جيجل. قام والده بتغير تاريخ الميلاد إلى سنة 1920 حتى يكمل دراسته قبل أن تدركه الخدمة العسكرية. ينتسب الشيخ أحمد إلى عائلة مشهود لها بمقاومة الظلم الاستعماري. نزح إلى قسنطينة في فصل الربيع من سنة 1930 فأتم حفظ القرآن بكتاب سيدي أمحمد النجار ثم انخرط في سلك طلبة الإمام عبد الحميد بن باديس ابتداء من أكتوبر 1931 مدة ثلاث سنوات (سبتمبر 1934) وأتقن بهذه المدة فنون الدراسة الابتدائية، وحضر أول مظاهرة شعبية قادها الشيخ ابن باديس كما حضر بهذه السنة لأول مرة اجتماعا عاما لجمعة العلماء وانخرط فيها كعضو عامل. رحلته إلى تونس ارتحل إلى تونس في أول السنة الدراسية 1934 – 1935 فانتظم في سلك طلبة الجامع الأعظم، ودامت دراسته هناك مدة عشر سنوات ملتزما بالنظام، حصل على الأهلية في 1936، وعلى شهادة التحصيل في 1940، وعلى شهادة العالمية في سنة 1943. كانت صلته بابن باديس في حياته وبجماعته بقسنطينة لم تنقطع، ومن هنا عمل بمجلة "الشهاب"، ثم بجريدة "البصائر" وكتب فيهما، وتحمل مسؤوليات في جمعية العلماء، وشارك في الصحافة التونسية والجزائرية منذ سنة 1937، وانتخب أمينا عاما في جمعية الطلبة الجزائريين بتونس بجانب الأستاذ الشاذلي المكي الذي اعتقل سنة 1940 وتعطلت الدراسة في شهر جوان 1940، فلم تستأنف إلا في شهر أكتوبر فحضر امتحان التحصيل ونجح بالتفوق، ثم جاءه الأمر من جماعة قسنطينة بمواصلة الدراسة العليا وأطاع، فواصل الدراسة في القسم الشرعي وانتهت بحصوله على الشهادة العالمية في جويلية 1943. أثناء هذه الفترة تطورت أحداث الحرب العالمية الثانية. ونزل الحلفاء بالجزائر وسابقهم الألمان نزلوا بتونس في نوفمبر 1942 وانقطعت الصلة بين تونس والجزائر تماما، وتعذر الاعتماد المادي وكان معه بعثة علمية هو مسؤول عنها ماديا وأدبيا، فصار مسؤولا عن خمسة ولم يبخل الشعب التونسي الكريم عليه طيلة وجود الألمان حتى ارتحلوا أو طردوا في ماي 1943. أثناء وجود الألمان غامر بالاتصال معهم مع أنهم قد بدأ احتضارهم وكان رفقةالتونسيين والجزائريين، وقد انكشف له خبث نياتهم وسوء نظرهم إلى العرب، وتبين أنهم يعتبرون ارض إفريقيا حقا لاستغلال الأوروبيين، وعداوتهم للفرنسيين إنما من اجل هذا الاستغلال، أما العرب فهم كالعدم، وفي برقية من هتلر إلى بيتان يقول: "نزلت جيوشي بتونس من أجل الاحتفاظ بإفريقيا لأوروبا" ففشلت هذه الاتصالات بهم، وخصوصا بعد هزائمهم في روسيا، وفي العلمين. بعد احتلال تونس ألصقت به تهمة الاتصال بالعدو في زمن الحرب، والقي القبض على كثير من الطلبة الجزائريين، فدخل عالم السرية ابتداء من 1943 ونجا من العذاب الأليم، إلى أن قطع دراسته في القسم الأدبي ليعود للجزائر. عودته إلى الجزائر في 30 افريل 1944 عاد إلى الجزائر في عهد السرية، فلما نزل بقسنطينة ابتدأ العمل في التربية والتعليم، ورغم أن البحث عنه كان ما يزال جاريا بتهمتين: الفرار من الجندية الإجبارية والتعاون مع العدو في زمن الحرب، ثم قدم إلى المحاكمة التي وقعت في 20 مارس 1945 بعد تدخل جمعية العلماء وأهل قسنطينة وقدمت رشوات ضخمة أنجت الطلبة الجزائريين وحكم عليهم بالبراءة أو بأحكام خفيفة. عين بعدها مديرا علميا للدراسة في التربية والتعليم، وأهم ما طرأ على الدراسة في هذه المدرسة إنشاء التعليم الثانوي بها، وتخلي المرحوم السعيد حافظ عن إدارتها فخلفه الأستاذ عبد الحفيظ الجنان، أما المدرسة الثانوية فقد عين لمباشرتها الشيخ السعيد حافظ لقسم الإناث، وأحمد حماني لقسم الذكور، ثم جائت أحداث 8 ماي 1945، وصدر الأمر بغلق المدرسة وكل مدارس الجمعية في ولاية الشرق ابتداء من شهر ماي 1945. في مارس 1946 عقد مؤتمر من المعلمين ورجال الجمعيات بقسنطينة، وقرر عدم الاعتراف بقرار الغلق ووجوب إعادة الحياة للدراسة العربية ابتداء من أول السنة الدراسية، وفتحت المدارس أمام أعين العدو المبهوت، وعاد إلى الإدارة العلمية ابتداء من أكتوبر 1946،ـ وقد عين للإدارة العلمية المرحوم أحمد رضا حوحو، وأنشء قسم ثانوي للبنات وللذكور. في هذه السنة تكون مؤتمر المعلمين وأنشئت لجنة التعليم العليا لغرض توحيد التعليم الحر ماديا وأدبيا على مستوى الوطن وبعض مدن فرنسا، وقد عين عضوا في هذه اللجنة التي أنجزت أشياء كثيرة في عقد من السنين، كما أنشأت التفتيش الابتدائي والعام ووحدت الدراسة، وأنشأت الشهادات الفاصلة بين مراحل التعليم، ونفذت البعثات العلمية إلى ثانويات وجامعات مصر. منذ سنة 1947 تكونت أول ثانوية بالجزائر للتعليم العربي الحر، وعين لإدارتها الشهيد الشيخ العربي التبسي، وللأستاذية أبناؤه وإخوانه ومنهم أحمد حماني وهو الذي أشرف على تنظيم الدخول فيه، وشارك في تكوين هذه الثانوية، وبقي المشرف على اللجنة العلمية إلى آخر لحظة من حياة المعهد، شهر اوت 1957. في سنة 1955 أسندت إليه رئاسة لجنة التعليم العليا بعد أن اعتقل كثير من رجالها. في عام 1946 عينته جمعية العلماء كاتبا على مستوى جميع ولايات الشرق، يهتم بالجمعية وشعبها ومدارسها وشؤون التعليم فيها، فقام بالمهمة أحسن قيام. في سنة 1951 انتخب عضوا في إدارة الجمعية وأسندت له مهمة نائب الكاتب العام، ودام في هذا المنصب مادامت الجمعية في الوجود. منذ نشوب حرب التحرير في عام 1954 كان مثل إخوانه يعمل فيها، وكان العمل سرا، وجعلت دار الطلبة من المراكز الأساسية للثورة، ودام هذا إلى يوم ألقي عليه القبض في 11 أوت 1957 بالعاصمة، وأغلقت دار الطلبة وطرد منها سكانها واحتلها العدو، وجعلها من مراكز التعذيب والاعتقال، وبقي فيها إلى يوم الانتصار سنة 1962. بعد 27 يوما في العذاب والانتقال من الجزائر إلى قسنطينة، زج به في السجن وعذب فيه أيضا واعتبر من المشوشين، ثم حوكم أمام المحكمة العسكرية فنال الأشغال الشاقة، ونقل إلى السجن المركزي بتازولت "لمبيس"، حيث بقي هناك إلى يوم 4 أبريل 1962. في سجن تازولت أنشأ مع إخوانه المجاهدين حركة المجاهدين حركة تعليم منظم، وكون طلبة أتم بعضهم دراسته ثم امتهن في عهد الاستقلال التعليم في الثاويات وصاروا جهازا في ميدان التربية والتعليم، وفيه أيضا دبرت المكائد ضده، وكاد الاغتيال يناله عام 1960 بعد ابتداء المفاوضات، وبسببه وقع الإضراب العام من جميع المساجين بسبب خطبة يوم عيد النحر، فكان سبب سقوط النظام الطاعة "دسبلين"، ونال المساجين حقوق السجن السياسي وصارو يسمعون الإذاعات ويقرؤون الصحف بعدما كانت ممنوعة عنهم قبل ذلك، وهذا في 1961. بعد اعلان وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 سمي عضوا في اللجنة المسؤولة عن التعليم في مدينة قسنطينة، ومديرا لمعهد ابن باديس، وفتح أبوابه للتعليم إلى رفع الأمية، فعمر بالصبيان والشباب الشيوخ والنساء والرجال. بعد استقلال الجزائر بعد تأسيس الحكومة الجزائرية ووقوع الاستفتاء، استدعي من قسنطينة لوظيفة المفتش العام للتعليم العربي، ودام هذا إلى سنة 1963، فلما أسس معهد الدراسة العربية بجامعة الجزائر سمي أستاذا به، وقضى في الجامعة 10 سنوات كاملة من 1962 إلى 1972م. في سنة 1972م استدعي ليكون رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى، ويعتبر هذا المنصب كمستشار تقني لوزير الشؤون الدينية، ومن مهامه تنظيم الدعوة في المساجد والمدن، وإصدار الفتوى، وتمثيل الجزائر في الملتقيات على مستوى العالم الإسلامي أجمع، فقام بهذه المهمة المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم ثم من بعده الشيخ احمد حماني إلى عام 1988 حيث دخل في فترة التقاعد ابتداء من ينار 1989م. أثناء وجود في هذا المنصب، مثل الجزائر في ملتقيات عالمية بتونس ومصر و بالسعودية وبالأفغان، وبالهند، وبسرنديب "سرلنكا"، وببلجيكا، وبنواكشوط، وبتشاد وبموسكو، وبإيران، وتناول الكلمة في هذه المجتمعات كلها. مؤلفاته للشيخ عدة مؤلفات أهمها. كتاب (الاحرام لقاصدي بيت الله الحرام) منشورات وزارة الشؤون الدينية والاوقاف، الجزائر كتاب (صراع بين السنة والبدعة) دار البعث، 1984 علماء معهد ابن باديس الشيخ الصادق حماني بالإضافة إلى عدة فتاوى والتي جمعت في كتاب (فتاوى الشيخ أحمد حماني) منشورات وزارة الشؤون الدينية والاوقاف، الجزائر 1993 وفاته توفي الشيخ أحمد حماني في 29 جوان 1998م. فرحم الله الشيخ أحمد حماني وأسكنه فسيح جنانه مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أوبئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون |
|||
2011-11-23, 10:28 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
عبد الرحمن بن محمد بن بوعلام الجيلالي ولد سنة 1326هـ/ 1908م، في بولوغين الجزائر العاصمة. والده كان تاجرا، لكن حياته كانت القرآن، فقد كان محبا للعلم والقرآن. يعود نسبه إلى سيدي سعيد بوسبع حجاج دفين مدينة البليدة، وهو من ذرية الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه كما أخبر بذلك هو شخصيا.
أما من جهة أمه فإنها تنحدر من عائلة إبراهيم بني جيار الذي كان إماما بالجامع الأعظم بالجزائر العاصمة، وجدها هو مصطفى القادري مفتي العاصمة في وقته. دراسته وشيوخه: تلقى العلم في مساجد العاصمة كالجامع الكبير، وجامع سيدي رمضان، ومسجد سيدي عبد الرحمن الثعالبي. وواضب على تحصيل العلم والمعرفة حتى تعددت معارفه، واتسعت مداركه، وصار من أعلام الجزائر في العصر الحديث، وجمع بين علوم القرآن والتفسير والفقه والتاريخ وتولى تدريسها. ومن أهم شيوخه: ـ الشيخ عبد الحليم بن سماية الذي كان من منتقدي النظام الاستعماري رغم أنه كان أستاذا في إحدى المدارس الرسمية. ـ الشيخ المولود الزريبي الأزهري الذي كان مصلحا ثائرا، وكان (الزريبي) قد تخرج من الأزهر وعاد إلى الجزائر ليدعو إلى النهضة والإصلاح ولكنه واجه العقوق والركود. الشيخ أبو القاسم الحفناوي صاحب كتاب (تعريف الخلف برجال السلف)، مفتي العاصمة في وقته، ومن الصحفيين الذين عملوا في جريدة المبشر الرسمية طويلا، وكانت علاقته به وطيدة حتى كان الناس يظنون أن الحفناوي هو أبو عبد الرحمن الجيلالي، توفي الحفناوي في ذي الحجة 1360هـ الموافق جانفي 1942م. الشيخ محمد بن أبي شنب أيضا. ومهما كان الأمر فإن ثقافة الجيلالي كانت عصامية، وشملت التعمق في القرآن والحديث والأدب والتاريخ والفقه. نشاطه التعليمي: تولى التدريس بدوره في مدرسة الشبيبة الإسلامية أثناء إدارة الشاعر محمد العيد لها خلال الثلاثينات. وفي مدرسة "التربية والتعليم" التي أسسها عبد الرحمن ديدوش ودعا الشيخ الجيلالي للتدريس فيها، وكان الشهيد ديدوش مراد من تلاميذه فيها. وقد درّس الشيخ عبد الرحمان الجيلالي في المساجد الآتية بالعاصمة: الكبير والجديد وسيدي رمضان والسفير (صفر). وكذلك في مدرسة الإحسان ومدرسة الهداية. تآليفه: ساهم الشيخ عبد الرحمان الجيلالي بقلمه في الصحف والمجلات الجزائرية، كما ساهم في تزويد المكتبة الجزائرية بالعديد من العناوين الهامة، منها: - "تاريخ الجزائر العام" الذي يعتبر مرجعا لا يمكن لدارسي تاريخ الجزائر الاستغناء عنه، وقد طبع مرات عديدة. - كتاب حول المساجد في الجزائر. - تاريخ المدن الثلاث: الجزائر، المدية، مليانة. - محمد بن أبي شنب، حياته وآثاره. - العملة الجزائرية في عهد الأمير عبد القادر. - ابن خلدون في الجزائر. - مسرحية المولد والهجرة. وله مؤلفات كثيرة في الفقه، واللغة والأدب، والتاريخ، والحديث، والاستشراق، والفنون، تقارب 100 مصنف، والكثير منها ينتظر الطبع. ومن تآليفه المخطوطة: - فن التصوير والرسم عبر العصور الاسلامية. - المستشرقون الفرنسيون والحضارة الإسلامية. - وفنون الطلاسم. - الربع المجيب. الفتاوى والمقالات: - وله فتاوى مكتوبة كثيرة ما تزال مخطوطة. ومقالات كثيرة نشرتها الصحف والمجلات المختلفة ومنها: جريدة الشعب الثقافي، مجلة الجزائر الأحداث، مجلة الثقافة، مجلة الأصالة، مجلة هنا الجزائر، وغير ذلك من المجلات القديمة والحديثة... نشاط الشيخ الجيلالي الإذاعي: التحق الشيخ عبد الرحمان الجيلالي بالإذاعة الوطنية التي قدم فيها برامجه المجيبة على تساؤلات المستمعين الدينية، فاشتهر ببرنامج "لكل سؤال جواب" الذي كان ركز فيه على مفاخر التاريخ القومي الإسلامي، فاستحسنته الجماهير ونال رضاها. وبسبب نجاحه قررت إدارة الإذاعة إنتاج برنامج آخر هو "رأي الدين في أسئلة المستمعين" الذي أدّى دورا كبيرا في توعية الناس بحكم اعتماده على نهج الإصلاح الديني. ثم تحولت أحاديثه إلى دروس ونشريات دقيقة مباشرة، مكتوبة بأسلوب متميز سهل الفهم بعيد عن التعقيد. ومع الأيام تحولت الإذاعة بفضل الشيخ الجيلالي إلى مدرسة للتربية والتوجيه، تصلها يوميا عشرات الرسائل، حتى أصبحت برامجه أسبوعية قارة يجد فيها المستمعون الإجابة عن تساؤلاتهم الدينية والدنيوية على أساس شرعي معتدل. وقد ابتدأت برامجه تلك منذ سنة 1940، واستمرت إلى الثمانينيات من القرن العشرين، ويحتفظ أرشيف الإذاعة بكمية هائلة من تسجيلات تلك البرامج إلى اليوم. رصيد زاخر من النشاط العلمي والديني: تمكن الشيخ عبد الرحمان الجيلالي من إنتاج عشرات الأعمال في مختلف الميادين الدينية، الأدبية، الفنية والتاريخية، جعلته يتحصل على أوسمة استحقاق من مؤسسات علمية متخصصة. كما حاز عضوية المجلس الإسلامي الأعلى غداة الاستقلال في لجنة الفتوى التي كان يشرف عليها الشيخ أحمد حماني رحمه الله. وقد عمل الشيخ عبد الرحمان الجيلالي مع نخبة من العلماء على إنشاء وتنظيم نِظَارات الشؤون الدينية بمختلف ولايات القطر. كما ساهم في تأسيس مجلة الأصالة الصادرة عن المجلس الإسلامي الأعلى التي ساهمت مساهمة فعالة في الترويج لملتقى الفكر الإسلامي، كما كانت منبرا هاما للمناقشة الهادفة. للإشارة، فإن الشيخ الجيلالي قدم محاضرات في 14 طبعة من مؤتمر الفكر الإسلامي. كما كان عضوا فعالا في الديوان الوطني لحقوق التأليف. وفاته: توفي رحمه الله صبيحة يوم الجمعة 6 ذي الحجة 1431هـ الموافق 12 نوفمبر 2010 بالجزائر العاصمة في مستشفى عين طاية، ودفن في مقبرة سيدي امحمد، وصلى عليه الأستاذ الدكتور عمار طالبي في مسجد النجاح بالمحمدية في جمع غفير من الناس فرحم الله الشيخ الجيلالي وأسكنه فسيح جنانه مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أوبئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون |
|||
2011-11-23, 12:39 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
بارك الله فيك الاخت محبة الحبيب هؤلاء علماؤنا وعلماء الامة احسنت فعلا باظهارهم والتنبيه الى مؤلفاتهم حبذا لو كانت هناك روابط للاطلاع على كتبهم مباشرة |
|||
2011-11-23, 13:01 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
وكم من عائب قولا سليما******* وافته في الفهم السقيم |
|||
2011-11-23, 13:10 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
بارك الله فيك ايها الفاضل جمال
الموضوع متجدد و علماؤنا كثر و الخير كثير و الحمد لله و من قال ان الجزائر أرض عاقر سنعمل مستقبلا على وضع الروابط للمؤلفات و للفتاوي خاصة لأحمد حماني المؤصلة للواقع الجزائر ي |
|||
2011-11-23, 13:37 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
السلام عليكم
كان المفروض وانا في منتدي يهتم بالشأن الجزائري ان اري علماء للجزائر وكتب وفتاوي وهو ما لم اجده وكأن الجزائر مقطوعة من شجرة العلم والعلماء بارك الله فيكم وجزاكم خيرا وننتظر المزيد |
|||
2011-11-23, 14:07 | رقم المشاركة : 9 | ||||
|
اقتباس:
وأما ان كنت تعتبر الصور الفوتوغرافية حرام فينبغي عليك ايضا تحريم الفيديو والكاميرا الرقمية وهدا سيؤدي بك الى مالا يحمد عقباه. |
||||
2011-11-23, 14:16 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
جازاك الله خيرا وشفعك فيك هؤلاء العلماء |
|||
2011-11-23, 14:26 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
الفقيه الشيخ محمد شارف رحمه الله (1908 - 2011م).
اسمه ونسبه الشريف ([1]): هو محمد بن عبد القادر بن الحاج بن عبد القادر بن الحاج المدني بن الحاج بن حليمة بن رابح بن عواز بن زيان بن إبراهيم بن حامد الشارف بن يعقوب الشريف بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الخالق بن اعلي بن عبد القادر بن عامر بن رحو بن مصباح بن صالح بن اسعيد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مولانا اسليمان بن عبد الله الكامل بن محمد بن إدريس دفين فاس بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن مولانا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه زوج فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. إثبات نسبه الشريف: يقول الشيخ حفظه الله في هذا الصدد: ((ثبت عندي في وثيقة هي عندي مرقمة بتاريخ 1212ع هـ، تشتمل على شهود بها، يبلغ عددهم 25 شاهدا مسنِّين مزَكِّين من طرف قاضي الجزائر العاصمة، واضعين عليها خطوط أيديهم مختومة بختم قاضي الجزائر العاصمة، ويشهدون كلهم أن جدنا الحاج عبد القادر بن الحاج المدني المذكور آنفا، هو من أولاد حامد الشارف المعروفة سلسلته الشريفة باتفاق المسنين من أهل بلده على أنه حسني من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب، نجل فاطمة الزهراء، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبما أن الناس مؤتمنون على أنسابهم ـ كما جاء في الأثر النبوي ـ فقد سجلت نسبي هذا، والله على ما أقول شهيد)). دخول أسلافه إلى الجزائر: يقول الشيخ حفظه الله: إن أول من دخل المغرب ونزل تلمسان هو مولانا سليمان ـ كما صححه الحلبي وابن الربيع العلمي ـ اعتمادا على ما للنوفلي وابن خلدون وابن أبي زرع وغيرهم. عائلته واهتمامها بالعلم: يقول الشيخ حفظه الله: هذا وأسرتنا معروفة باسم الحوامد نسبة إلى جدنا سيدي حامد الشارف، وهي واقعة بين ثنية الحد وقصر البخاري، مجاورة لأسرة أخرى يقال لها: السيرف الذين يعترف أفرادهم بشرفنا، كما أن ذلك متواتر بينهم، فهذا ما هو من ناحية نسبي الشريف. وكانت عائلته متوسطة الحال، معروفة بالتدين، فأبوه، وجده الأول، وجده الثاني، كلهم من حجاج بيت الله تعالى، وهذا يحمل أكثر من دلالة في هذا الصدد، فالحج وقتئذ لم يكن من الأمور السهلة الميسورة، ولا يتم إليه إلا لأهل الحرص على أداء هذا المنسك العظيم. كما كانت محافظة على القرآن الكريم وحفظه، مشاركة في العلم، فجده الحاج المدني كان معتنيا بالفقه حريصا على تحصيله، وكان مهتما باقتناء الكتب ونسخها، وأبوه الحاج عبد القادر هو أول أساتذة الشيخ محمد شارف، وعنه حفظ القرآن الكريم، وكان مشاركا في الفقه وعلوم اللغة، وعم أبيه الحاج ابن سهادة يعد أيضا من أساتذة الشيخ محمد شارف، وهو صاحب زاوية علمية في تلك المنطقة، وأخواله أيضا كانوا مهتمين بالعلم مشاركين فيه، وقد ذكر لنا الشيخ اسمين منهم وهم رابح ، وبوعلام. مولده: ولد الشيخ حوالي سنة 1908م، في مدينة مليانة التابعة في ولاية عين الدفلى في الغرب الجزائري. نشأته العلمية: حفظ الشيخ محمد شارف القرآن الكريم، وعمره حوالي اثنا عشر عاما، وتلقى مبادئ علوم اللغة والفقه في مسقط رأسه مليانه ، والمناطق القريبة منها، ثم انتقل إلى الجزائر العاصمة فواصل تحصيله العلمي، وسيأتي تفصيل ذلك أثناء الحديث عن مسيرته في التعلّم وشيوخه. عوامل نبوغه: تظافرت جملةٌ من العوامل ساهمت في نبوغ الشيخ محمد شارف وتحصيله العلمي، ومنها: 1 ـ استعداده الفطري، وملكته، وقد أعجب شيوخه بذكائه، وتفرسوا فيه النبوغ والتفوق، وخاصة أباه عبد القادر، والشيخ بوغرقة، والشيخ ابن سهادة، والشيخ مَحمد كال المعسكري([2]). 2 ـ حرصه الشديد على طلب العلم، فقد كان الشيخ في مرحلة التحصيل يأخذ عن شيوخه ما تيسر له، حتى إذا اختلى بنفسه أعاد كل ما أخذه عن شيوخه، ثم استرسل في مسائل أخرى لم يذكرها شيوخه في المجلس، ولم يكن يكتفي بما يأخذه عن شيوخه من فنون العلم، بل كان يطرق فنونا وعلوما أخرى بدراسة كتبها والتدقيق فيها، وكان يكرر المسائل المستعصية ويعيدها ويذاكرها مرات حتى يستوعبها تمام الاستيعاب ويحصل عليها تمام التحصيل ويتمكن منها كل التمكن. وهكذا كان دأبه في طلب العلم وطريقته في تحصيله. 3 ـ الأسرة التي نشأ فيها، فقد كانت متوسطة الحال، مكتفية بذاتها، قادرة على توفير جو التعلم لأفرادها المؤهلين من ذلك، إضافة إلى أن أفرادها كانوا مهتمين بالعلم، مشاركين في فنونه، وقد تقدم الحديث عن جده، وأبيه، وعم أبيه، وأخواله. 4 ـ انتقاله وسفره إلى الجزائر العاصمة للإقامة فيها، إذا يسر له هذا السفر التلقي عن شيوخ آخرين استفاد منهم كثيرا. شيوخه في بلدته وما جاورها: أما شيوخه الذين تلقى عنهم العلم في بلدته، ورأسه القرآن الكريم، فهم على التوالي: 1 ـ أبوه الحاج عبد القادر بن الحاج المدني: الذي كان من حفظة القرآن الكريم، وله مشاركة في بعض فنون العلم كالفقه والنحو، وهو الذي لقن الشيخ محمد شارف كتاب الله الكريم، إذ قرأ عليه الختمة الأولى بطريقة المحمول، التي تعرف بـ "الشَّاقَّة"، وقد بدأ حفظ القرآن في حدود السابعة أو الثامنة من عمره، وأتم حفظه وعمره حوالي اثنا عشر عاما، وتوفي الشيخ عبد القادر حوالي سنة 1920م، أثناء تلقين ابنه محمد شارف الختمة الثانية لكتاب الله تعالى. 2 ـ الشيخ الحاج ابن سهادة: وهو عم أبيه الذي كانت له زاوية لتحفيظ القرآن([3])، وعليه قرأ الشيخ محمد شارف الختمة الثانية لكتاب الله تعالى. 3 ـ الشيخ احسين بلحاج بوغرقة: قرأ عليه الختمة الثالثة لكتاب الله تعالى، حيث انتقل الشيخ إلى فحص رُقَّالة، دائرة مليانة، كما أخذ عنه شرح صغرى السنوسي، وختمها على يديه، وحضر أيضا دروسه النحوية في شرح المقدمة الآجرومية، وكان ذلك من سنة 1925م إلى سنة 1932م. فهؤلاء شيوخه الذين حفظ القرآن الكريم، وكان ذلك بطريقة المحمول المشتهرة آنئذ، كما أخذ بعض مبادئ العلوم الأولية. 4 ـ الشيخ مَحمد وكَّال المعسكري الأزهري: درس هذا الشيخ في الأزهر لمدة سنوات، وبسبب اضطرابات سببها الاستعمار الإنجليزي وقتئذ اضطر الشيخ إلى مغادرة مصر، وعاد إلى مليانة، وهنا انتصب فيها بالتدريس، وشغل منصب مفتي المسجد الجامع في مليانة. هذا، وقد انتقل الشيخ محمد شارف إلى مدينة مليانة، فتلقى على هذا الشيخ محمد وكال ختمة من متن الآجرومية، ثم ختمة من مختصر خليل المالكي([4]). 5 ـ الشيخ بن عودة: كان يشغل وظيفة الإمام المدرس في المسجد الجامع في مليانة، وقد وصفه الشيخ محمد شارف بأنه كان فقيها، وأفادنا أنه حضر دروسه في شرح مختصر خليل. 6 ـ الشيخ عبد القادر مساعدية: وهو أيضا من فقهاء مدينة مليانة، وكانت له مجالس علمية حضر الشيخ محمد شارف بعضها. شيوخه في الجزائر العاصمة: وفي سنة 1932م انتقل الشيخ محمد شارف إلى الجزائر العاصمة، بمفرده، ليأخذ عن بعض علمائها، ومنهم: 7 ـ الشيخ عبد الله الدراجي: كان موظفا في الحضور([5])، لازم الشيخ دروسه من سنة 1934 إلى سنة 1937م، وعنه أخذ الخلاصة الألفية لابن مالك كاملة في مسجد سيدي امحمد الشريف بالقصبة، كما حضر دروسه الفقهية وخاصة شرح الرسالة لابن أبي زيد القيرواني. وكان الشيخ الدراجي وقتئذ في سن متقدمة في حدود الثمانين من عمره، وتوفي سنة 1938م، ودفن في مقبرة القطار الجديدة، في الجزائر العاصمة. 8 ـ الشيخ نور الدين عبد القادر البسكري: خريج المدرسة الثعالبية بالعاصمة، حضر عليه دروسه في النحو، والصرف، والمنطق، والعروض، وكتب الأدب والتاريخ كمقدمة ابن خلدون، وذلك من سنة 1932م إلى سنة 1937م. وقد ختم هذه الدارسة بأن نال من هذا الشيخ شهادة ما تزال في حوزة الشيخ. ومن بين الكتب التي كان يعتمدها هذا الشيخ: متن ابن عاشر في الفقه، قطر الندى لابن هشام في النحو، النحو الواضح وبعض الكتب العصرية في علوم اللغة الأخرى، وشرح المعلقات للزوزني، ومقدمة ابن خلدون، وتاريخ الجزائر لعثمان الكعاك، وكتاب إيساغوجي في المنطق ... 9 ـ الشيخ بن دالي محمود المعروف بالشيخ كحول: الإمام الأوَل بالجامع الأعظم في الجزائر العاصمة وقتئذٍ. حضر الشيخ محمد شارف دروسه شرح متن القطر لابن هشام بطريقة الإملاء. 10 ـ هذا وقد كان الشيخ حريصا على حضور الدروس الإصلاحية التي كان يلقيها أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في نادي الترقي، فحضر كثيرا من دروس الشيخ عبد الحميد بن باديس، ومحمد البشير الإبراهيمي، والطيب العقبي. وقد أبدى الشيخ إعجابه الشديد بتلك الدروس، وطريقتها، ومواضيعها، وبلاغة أصحابها وفصاحتهم. مواصلة الشيخ للتحصيل بطريقة عصامية: لم يقتصر الشيخ شارف في التحصيل العلمي على ما يأخذه عن شيوخه، بل كان جادا مجتهدا في الاستزادة من بطون الكتب وأمهات المصنفات في شتى الفنون والعلوم، قد اعتمد في ذلك على الله تعالى، ثم على نفسه ـ كما قال لنا في الحديث المصور الذي أجريناه معه ـ، وشعاره في ذلك قول القائل: ونَفْسُ عصَامٍ سَوّدَتْ عِصَاما وعـلّمَـتْه الكرّ والإقْـداما وقد اتبع نظاما معينا وطريقة جادة في الاستزادة من العلم يمكن تلخيصها في النقاط التالية: 1 ـ كان يعيد كل ما يقرأه عن شيوخه، ويكرر المسائل، ويذاكرها باستمرار حتى يتمكن منها ويستوعبها تمام الاستيعاب. 2 ـ كان يتعلّم ويعلِّم في الوقت نفسه، وذلك أنه كان يعيد تدريس ما تعلمه لبعض الطلبة، وقصده في ذلك ترسيخ ما حصل عليه من المعارف وتثبيتها، ونفع هؤلاء الطلبة ببعض ما آتاه الله من علم، وتدريب نفسه على التعليم منذ حداثة سنة([6]). 3 ـ كان شغوفا بكل ما أتيح له من العلوم، وهذا ما دفعه إلى قراءة عدَدٍ كبير من كتب علوم الشريعة على اختلاف أنواعها ومدارسها، وكتب اللغة وعلومها، وكتب التاريخ والجغرافيا، وكتب المنطق، وغير ذلك من العلوم الدينية والأدبية والاجتماعية الإنسانية. ولا يدخل الإنسان بيته إلا ووجده في مطالعة كتاب أو تحرير مسألة، وكانت مجالسه تزدان في كل يوم بالكتب التي يطالعها، ولم يمنعه من ذلك ضعف البصر ولا كبر السن، فالشيخ الآن قد جاوز الرابعة والتسعين من عمره ولكنه بقي وفيا لكتبه محافظا على نشاطه في المطالعة والمذاكرة. نشاطاته العلمية ووظائفه: البدايات الأولى في ممارسة الشيخ لنشاطه التعليمي: أشرت فيما سبق إلى أن الشيخ محمد شارف كان يجمع بين نشاطي العلم والتعليم في آن واحد، فكان يحضر مجالس العلم عند شيوخه، ثم يعد ذلك لبعض الطلبة، فكان تلميذا وأستاذ في الوقت نفسه. حصوله على رتبة الإمامة: وفي سنة 1936 تحصل الشيخ على رتبة الإمامة، بعد أن أجرى امتحانا كتابيا، ثم شفويا، ولم يتمكن من وظيفة الإمامة إلى بعد سنة 1945، لأسباب منعته من ذلك نشاطه أثناء وجوده تحت الأسر الألماني: من الأسباب التي منعت الشيخ من الالتحاق بوظيفة الإمامة، أن الاستعمار الفرنسي فرض على شعوب البلاد المستعمرة التجنيد الإجباري أثناء العرب العالمية الثانية، وبسبب ذلك وقع كثير منهم تحت الأسر الألماني، فأودعوا في محتشدات في فرنسا. وكان الشيخ محمد شارف واحدا من هؤلاء المعتقلين، حيث بقي تحت أسر الألمان في إحدى المحتشدات من سنة 1939م إلى سنة 1944م، ثم تحت سلطة الاستعمار الفرنسي خلال سنة 1945م. غير أن ذلك لم يُعـِـقْـه من مواصلة نشاطه التعليمي، ففي هذا المحتشد التَفَّ حوله عدد هائل من المعتقلين بعد أن أدركوا مكانته العلمية، فكان يلقي عليهم دروسا في الفقه لعامة الناس، ودروسا في النحو لخصوص بعض الطلبة الراغبين في تعلم قواعد اللغة العربية. وكان الحاضرون من بلدان كثيرة كالجزائر، وتونس، والمغرب، والسنغال وبعض البلاد الإفريقية والآسيوية، ومن أبرز نشاطه هنالك ما يلي: 1 ـ محافظتهم على قراءة القرآن الكريم في راتب يحافظون عليه، إذ كانوا يختمون قراءة القرآن مرة كل شهر. 2 ـ تدريسه لمتن ابن عاشر المسمى بـ "المرشد المعين على الضروري من علوم الدين([7]). 3 ـ تدريسه لكتاب "المقدمات الممهدات" في الفقه المالكي لابن رشد الجد([8]). 4 ـ عقده مجلسا لشرح متن الآجرومية في النحو. هذا، وكان يحضر دروسه بعض من لا يعرف العربية، فاتخذ الشيخ من يترجم للناس دروسه إلى اللغة الفرنسية التي يفهمها أغلبهم، لأنهم كانوا تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي. نشاطه العلمي والعملي بعد عودته إلى الجزائر: المناصب التي تولاها: عاد الشيخ محمد شارف إلى الجزائر خلال سنة 1945، ولأسباب خفية لم تعط له وظيفة الإمامة، فَـعُـيِّـن مؤذنا في الجامع الكبير في الجزائر العاصمة. ثم تمكن بعد ذلك من الحصول وظيفة الإمامة في جامع سيدي رمضان في القصبة، وفي الجامع الكبير. وفي الستينيات أجرت وزارة الشؤون الدينية امتحانا للأئمة قصد تصنيفهم في رتبهم المختلفة، وبموجب هذا الامتحان صار الشيخ محمد شارف في رتبة إمام خطيب، وبعد هذا عين الشيخ إماما خطيبا، في مساجد مختلفة بالجزائر العاصمة، منها جامع كتشاوة، وجامع المدرسة في سيدي امحمد (بلوزداد)، وجامع أبي فارس في القصبة، وانتهى به الأمر في الجامع الكبير الذي بقي إمامه الخطيب إلى أن سنة 1987م، حيث تقاعد عن وظيفة الإمامة. مسيرته التعليمية: بدأت مسيرة الشيخ التعليمية منذ كان في مرحلة التحصيل، حيث كان يجمع بين التعلّم والتعليم، إذ كان يعيد ما يدرسه على بعض الطلبة. وبعدها بدأت مرحلة العطاء العلمي والتبليغ والتدريس، فلم يكن الشيخ مقتصرا على الإمامة في كل هذه المساجد التي عين فيها، بل كان يعقد حلقات العلم في مختلف مساجد الجزائر العاصمة التي عين فيها إماما، وفي المساجد الأخرى التي يدعوه أهلها إلى تعليمهم([9]). وقد استقطب بنشاطه الدؤوب عددا لا يحصى من الطلبة عبر حياته التعليمية التي دامت أكثر من ستين سنة، وقد رُزِق القبول الحسن من الناس، حتى ممن يخالفونه الرأي والمذهب، وذلك لما وجدوا فيه الحلم، والتواضع، وسعة الصدر، وصدق السريرة، والإخلاص في العمل، والروح الإيمانية الرقيقة التي تظهر عليه كوضوح الشمس في رابعة النهار. وفي هذه الرحلة الطويلة العريضة المليئة بالجد والاجتهاد، المفعمة بالحب والإخلاص، درّس الشيخ فنونا من العلم، كعلوم القرآن، والحديث، والعقيدة، والفقه، وأصوله، والنحو، والصرف، والبلاغة، والعروض، والمنطق، والتاريخ وغير ذلك. وكان غالب اعتماد الشيخ على متون العلم وشروحها، ومن الكتب التي درّسها الشيخ لطلبته وشرحها لهم أذكر ـ على سبيل التمثيل على سبيل الحصر: شرح الدرر اللوامع لابن بري في روايتي ورش وقالون عن نافع، ومتن الخراز في رسم القرآن، والبيقونية في مصطلح الحديث، متن السنوسية وشرحها، وجوهرة التوحيد وشرحها، ومختصر خليل، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني، ومتن ابن عاشر، والمقدمة العزية للجماعة الأزهرية، والرحبية في المواريث، وورقات إمام الحرمين في الأصول، ومفتاح الوصول للشريف التلمساني، والمدخل لأصول الفقه المالكي للباجقني، والمقدمة الآجرومية، وقطر الندى، وشذور الذهب لابن هشام، والخلاصة الألفية لابن مالك، ولامية الأفعال له أيضا، والجوهر المكنون في الثلاثة الفنون للأخضري، وبعض كتب العروض، ومتن السلم للأخضري في المنطق، وكتاب إيساغوجي في المنطق أيضا، وغير ذلك من الكتب... ورغم تقاعده عن وظيفة الإمامة سنة 1987م، لم يتخلَّ عن التعليم تطوعا إلى هذه السنة (2002م)، في مساجد العاصمة، وخاصة الجامع الكبير، يلقن للطلبة علوم الشريعة واللغة وغير ذلك، وقصده أن ينال ثواب الله ورضاه، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. نشاطاته الأخرى: ـ كان الشيخ عضوا لجنة الفتوى في وزارة الشؤون الدينية في الستينيات. ـ وعين في الثمانينيات رئيسا للجنة الفتوى التابعة لنظارة الشؤون الدينية في الجزائر. ـ عضو في اللجنة العلمية لنظارة الشؤون الدينية في الجزائر العاصمة، التي يرأسها الأستاذ الدكتور عمار الطالبي([10]). ـ شارك الشيخ في عدة حصص تلفزيونية وإذاعية للإجابة على استفتاءات المواطنين. ـ لم يتوقف الشيخ عن الإجابة على استفاتاءات الناس في الجامع الكبير، وفي بيته، وحيثما حل أو ارتحل. تلاميذه: ما من شك عدد تلاميذ الشيخ خلال رحلته التعليمية كثيرون جدا، قد يعدون بالمئات أو الآلاف، فقد كان يعلم الناس في كل مكان يحل فيه، وفي كل مكان يدعى إليه، ولم يكن يصبر على التعليم، وكان ذلك شغله الشاغل، وللقارئ الكريم أن يتصور عدد تلاميذ رجل قضى نحوا من سبعين عاما في تعليم الناس وتوجيههم. وسأذكر فيما يلي بعض تلاميذه الذين تخصصوا في علوم الشريعة، حيث نال بعضهم الشاهادات والدرجات العليا فيها ومنهم: 1 ـ الدكتور كمال بوزيدي: أستاذ الفقه والأصول، والقراءات والمواريث في كلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر، وهو أحد القائمَيْن على حصة فتاوى على الهواء التي يبثها التلفزيون الجزائري. 2 ـ الدكتور نور الدين عباسي: أستاذ الفقه والأصول في كلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر، ورئيس قسم الشريعة في الكلية نفسها. 3 ـ الدكتور محمد دراجي: أستاذ التفسير وعلومه في كلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر، ورئيس قسم اللغة والدراسات القرآنية الكلية نفسها. 4 ـ الدكتور عمار جيدل: أستاذ العقيدة والفكر الإسلامي، والفرق في كلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر، والرئيس السابق لقسم العقائد والأديان في الكلية ذاتها. 5 ـ الدكتور مبروك المصري: أستاذ الفقه والأصول في معهد الشريعة الإسلامية في ولاية أدرار، ومدير الدراسات في المعهد ذاته. 6 ـ الأستاذ الطاهر عامر: أستاذ القرآن وعلومه في كلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر، وصاحب كتاب التسهيل لمعرفة معاني وأدلة مختصر خليل. 7 ـ الشيخ مقران زقور: المرشد الديني، وهو مشتغل الآن بالرقية الشرعية والمداواة بالأعشاب. 8 ـ الأستاذ موسى إسماعيل: أستاذ الفقه والحديث في كلية العلوم الإسلاميةـ جامعة الجزائر، وصاحب مجموعة من المؤلفات في الفقه المالكي المعروض ببساطة وأدلة. 9 ـ الأستاذ محند أو يذير صايب: خريج المعهد الوطني العالي لأصول الدين، جامعة الجزائر، وهو الآن إطار في وزارة الشؤون الدينية. 10 ـ الأستاذ محمد إدير مشنان: أستاذ الفقه والأصول والمواريث في كلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر، وهو الذي نال شرف الاعتناء بهذه الفتاوى وتحقيقها وإخراجها. 11 ـ الأستاذ إلياس أيت سي لعربي: الإمام الخطيب في مسجد ابن باديس، الجزائر العاصمة. 12 ـ الأستاذ زين الدين العربي، الإمام الخطيب في مسجد أبي فارس، الجزائر العاصمة. مؤلفاته: لم يهتم الشيخ محمد شارف بالتأليف([11]) كما اهتم بالتعليم، ولذلك قلّ إنتاجه في التأليف، فهو يرى أن تكوين الرجال أهم من تأليف الكتب، ومع ذلك فقد خطت يمينه جملة من المصنفات منها ما بقي محفوظا، ومنها ما ضاع منه لسبب أو لآخر، وهذا عرض لمصنفات الشيخ: 1 - الفتاوى: وتم نشره في دار البلاغ بتحقيق تلميذه محمد إدير مشنان. 2 - الأمانة وأنواعها: وهي رسالة لطيفة بيان في حقيقة الأمانة، وأنواعها، وقول أهل العلم فيها، كتبها الشيخ جوابا على سؤال ورد منها من أحد الطلبة الجزائريين، وطبعت في دار البلاغ بتحقيق محمد إدير مشنان. 3 ـ مناسك الحج والعمرة: وقد طبعت في دار الوعي بتحقيق د/محمد إدير مشنان. 4 ـ لغة القائل العربية العربية في القرآن: وهو إعادة لترتيب هذا كتاب لأبي عبيد القاسم بن سلام، كان مرتبا حسب السور، وأعاد الشيخ محمد شارف ترتيبه حسب القبائل. 5 ـ رسالة في السدل والقبض في الصلاة: وهي ما تزال مخطوطة. 6 ـ رسالة في القراءات القرآنية: وقد أعارها الشيخ لبعض الناس فضيّعها. 7 ـ مذكرات أسير: كتبه وهو في المعتقل، أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد ضاع هذا الكتاب، ولا يدري الشيخ أين هو الآن! 8 ـ دروس مبادئ في الصرف العربي: وقد طبعت في مكتبة السلام للإنتاج الإعلامي. 9 ـ دروس في المنطق: وما يزال مخطوطا. 10 ـ خطبه المنبرية: التي كان يلقيها في الجامع الكبير وغيره، وقد سلّم الشيخ أغلب هذه الخطب إلى مصالح وزارة الشؤون الدينية، ولما نشرت الوزارة ديوان الخطب المنبرية، ضمنته كثيرا من خطب الشيخ. علاقته ببعض أقرانه: كانت علاقة الشيخ محمد شارف بأقرانه وأترابه من أهل العلم طيبة، وقد سألناه عن علاقته مع الشيخ أحمد حماني والشيخ علي مغربي والشيخ محمد بن عبد القادر رحو رحمهم الله تعالى، والشيخ عبد الرحمن الجيلالي، والشيخ أحمد سحنون وغيرهم حفظهم الله، فذكر أن علاقته بهم طيبة للغاية، وأنهم كانوا ربما شاوروه في بعض ما يرد عليهم من الأسئلة، وكان يجيبهم ويدلي لهم برأيه ويبين لهم ما عنده من علم في تلك المسائل. وقد شارك مع الشيخ حماني في بعض الحصص التلفزيونية المخصصة للإجابة على فتاوى المواطنين، كما ذكر لنا أن الشيخ أحمد حماني قد أثنى عليه في اجتماع عام مع الأئمة، وشهد له بمقدرته الفقهية. هذا وقد سألته عن الشيخ بابا اعمر خطيب الجامع الكبير في وقته، فأثنى عليه الشيخ واعترف بفضله، وبتفوقه في علم القراءات، وأنه كان جامعا للقراءات السبع، والعشر، والأربعة عشر، وأنه لم يكن من يضاهيه بالجزائر في علم القرآءات، وذكر أنه كانت تربطه به علاقة طيبة للغاية. رحلات الشيخ: لقد أكرم الله عز وجل الشيخ فأدى مناسك الحج والعمرة، كما زار مصر مرتين، وفيها التقى بالشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله، وتحدّث معه طويلا، وفي هذا الحديث تعجب الشيخ كشك: كيف يستفتيه الناس من الجزائر، وفيهم رجل فقيه كالشيخ محمد شارف!. هذا وكانت له رحلات في ولايات الوطن في مناسبات مختلفة، لعل من أبرزها زيارته للشيخ العالم الكبير محمد بلكبير رحمه الله تعالى، الذي وصفه الشيخ محمد شارف بأنه بحر زاخر، مبديا إعجابه بدروسه العلمية الفقهية التي كان يلقيها على طلبة زاويته العامرة. صفاته وأخلاقه: إن الذي يعاشر الشيخ ويتعرف عليه يكتشف فيه من الخصال الحميدة و الأخلاق الكريمة ما يعز اجتماعه في شخص واحد، أذكر منها: 1 ـ الهمة العـالية والشغف الكبير في تحصيل العلم وتبليغه، وقد أتيت على تفصيل ذلك وبيانه فيما سبق. 2 ـ الذكاء والفطنة وسرعة البديهة، وهذه صفة ظهرت فيه منذ حداثة سنه، وقد أشرت إلى الحادثة الطريفة التي وقعت له مع شيخه محمد وكال المعسكري، ثم إن هذه الثروة الفقهية والعلمية التي اكتسبها الشيخ لا تتاح إلا لمن حباه الله بمثل هذه الصفات. 3 ـ الحِلم والتواضع، وهاتان الصفتان قل تتوفرا في شخص كما توفرتا في الشيخ محمد شارف، فكل من يعرف الشيخ يعرف تواضع الكبير، وحلمه الواسع، وإذا كان من حقي أن أدلي بشهادة في حق الشيخ فإن أقول: لَمْ أرَ في حياتي شخصا أكثر تواضعا منه. 4 ـ الزهد والورع: وهاتان صفتان تضافان إلى ما سبق من أخلاقه الكريمة، فالشيخ معروف بزهده في الدنيا، وتقلله منها، وحاله يبين ذلك، فلم يكن طيلة حياته من الطامعين في الجاه ولا في المال ولا من الساعين إلى المناصب، بل كان همه أداء رسالة العالم بتبليغ ما أتاه الله من فقه في الدين، ولا يريد من وراء ذلك جزاء ولا شكورا، فَرِضَا الله هو منتهى مبتغاه. 5 ـ السعي في قضاء حوائج الناس: لا يرد الشيخ أحدا يقصده في أي أمر يقدر على تحقيقه، ودافعه في ذلك هو الشفقة على الخلق وتقديم النفع لهم، وأحب العباد إلى الله أنفعهم لخلقه. 6 ـ الإخلاص وصدق السريرة ورقة القلب: وهذا أمر يكتشف في الشيخ كل من عرفه وجالسه، فإخلاصه بادٍ على مُحَيَّاه، وصدق سريرته لا يخفى على كل من يراه، ورقة قلبه تخرج من عباراته وتظهر في تصرفاته وتحقق في معاملته مع الناس. والحمد لله رب العالمين. وفاته: انتقل الشيخ إلى رحمة الله فجر يوم الخميس 06 جانفي 2011 ــــــــــــــ ([1]) اعتمدت في هذه الترجمة على ما يلي: * السيرة الذاتية التي كتبها الشيخ بخط يده بتاريخ الاثنين 12 ربيع الثاني 1421هـ ـ الموافق 11 سبتمبر 2000. * الحوار المصور (بالفيديو) الذي أجريته معه حول حياته ومسيرته العلمية في مقر بيته في باب الوادي بالجزائر العاصمة يوم 10 أكتوبر 2001. * معرفتي للشيخ، وبعض تلاميذه. ([2]) ذكر لي الشيخ حادثة طريفة وقعت له مع شيخه مَحمد وكال المعسكري الأزهري، ومفادها أن الشيخ محمد شارف كان يحضر دروس هذا الشيخ في شرح الأجرومية، مع طلبة أكبر منه سنا وأكثر منه تقدما في التحصيل، وفي أحد المجالس امتحن الشيخ تلامذته، إذ طلب منهم إعراب الجملة التالية: ((الإعراب هو تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها غالبا))، فأخذ الطلبة الكبار في إعراب هذه الجملة، ولما وصلوا إلى كلمة "غالبا" أعربها بعضهم بأنها تمييز، والبعض الآخر بأنها حال، ولم يرتض الشيخ إجاباتهم، فتدخل محمد شارف وهو أصغر الطلبة سنا، وهو في بدايات دراسته لعلم النحو فاستأذن من الشيخ محاولا الإجابة، وأعرب تلك الكلمة بأنها منصوبة على نزع الخافض، وأن التقدير ((في الغالب)) ـ رغم أنه لم يدرس هذا الباب من قبل، ففرح شيخه بذلك وهنأه على إصابته. ([3]) وكان عدد طلابها يتراوح بين الأربعين والخمسين، وما زالت قائمة إلى الآن، وهي واقعة غرب خميس مليانة بنحو 7 كلم في المكان المعروف بـ "اكريسِتينو". ([4]) وكانوا يسمون ختمة خليل هذه "صورة حمراء"، يعني اقتصارا على المتن بدون النظر في الشرح، ومع ذلك فقد كانوا يعتمدون شرح الشيخ أحمد الدردير ومحشيه الدسوقي رحمهما الله. ([5]) وهي وظيفة سرد صحيح البخاري في رجب وشعبان ورمضان من كل سنة في مساجد القطر الجزائري التي تقام فيها صلاة الجمعة، وثمة أحباس موقوفة على هذه الوظيفة، قصد منها أصحابها قراءة حديث النبي صلى الله عليه وسلم جهرا، حرصا على أن يسمعه الناس كما يسمعون القرآن الكريم. ([6]) يبدو أن الشيخ تعوّد على التعليم منذ حداثة سنه، أنه شَبَّ على التعليم وشَابَ عليه، فقد عرف عنه أنه لا يصبر على العلم والتعليم، وحيثما حل فإنه يشتغل بالتدريس وتبليغ العلم، وكل من يعرف الشيخ لم يروه قد انقطع في أي فترة من فترات عمره عن تعليم الناس، وكنت أصفه لإخواني بأنه ((مُدْمِنٌ عَلَى التَّعْليمُ)). ونعم الإدمان إدمان الشيخ. ([7]) ذكر لي الشيخ في حديثه المصور أن أحد الحاضرين كان بحوزته نسخة من الشرح الصغير لميارة الفاسي على متن ابن عاشر، فحث الشيخ طلبته على نسخها وتوزيعها، فكتبوا منها حوالي خمسين نسخة، وهذا ساعد على فهم الكتاب واستيعابه. ([8]) حصل على هذا الكتاب بواسطة جمعية الصليب الأحمر الدولي، التي جلبت كتبا لفائدة الأسرى، فجلب هذا الكتاب اهتمام الشيخ، واشتغل بتدريسه لطلبته. ([9]) كان الشيخ يلقي دروسا علمية في الفقه وغير ذلك في الجامع الجديد لترقية مستوى الأئمة، وذلك بدعوة من وزارة الشؤون الدينية، كما كان يلقي دروسا أخرى في مسجد سيدي امحمد (بلوزداد)، ومسجد محمد البشير الإبراهيمي (المدنية)، وفي مساجد أخرى في الجزائر العاصمة بدعوة من المصلين وطلبة العلم في هذه المساجد. وكان الشيخ لا يَرُدُّ طالب علم أبدا. ([10]) ذكر لي الأستاذ الدكتور عمار الطالبي أن السبب المباشر الذي دفعه إلى تحقيق كتاب الجواهر الحسان في تفسير القرآن للإمام عبد الرحمن الثعالبي الجزائري، هو دعوة الشيخ محمد شارف إلى الاهتمام بهذا الكتاب، في أحد دروس الجامعة بالجامع الكبير في العاصمة، فوقع ذلك في نفسه، وانشرح صدره لذلك، وعزم على تحقيقه، فتم له ذلك بتوفيق من الله تعالى، فجزى الله تعالى من فعل هذا الخير ومن دلّ عليه وأرشد إليه. ([11]) وهذه ظاهرة ملحوظة عن الكثير من علماء المغرب الإسلامي عبر التاريخ، فإنهم يغلبون التعليم على التأليف. |
|||
2011-11-23, 14:30 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
عالم الزيبان الشيخ عبد المجيد بن حبة رحمه الله هو: العالم العلامة البحر الفهامة سيدي عبد المجيد بن محمد بن علي بن محمد الملقب بـ: "حبة السلمي" وينتهي نسبة إلى قبيلة سليم العربية من مواليد شهر ربيع الأول 1329هـ الموافق لمارس 1911م ببلدة سيدي عقبة التابعة لولاية بسكرة تعلم بمسقط رأسه على شيوخ عدة منهم الشيخ الصادق بن الهادي والعلامة محمد بن صالح منصوري العقبي الملقب " ابن دايخة " والشيخ الجليل عبد الحميد بن باديس ، كذلك كان على صلة وثيقة بأمير شعراء الجزائر محمد العيد آل خليفة، و كان يحضر دروس الشيخ المصلح الطيب العقبي في التفسير بجامع بكار ببسكرة سنة 1929م ، كما لازم دروس الشيخ الهاشمي بن مبارك العقبي في اللغة والنحو والأدب... فقلد كان رضي الله عنه ملما بشتى العلوم مثل الفقه و التفسير وعلوم القرآن، ودرس أيضا علم النحو و البيان ، والعروض ،و المنطق و له تصانيف و تقييدات عديدة في مجالات مختلفة، تتوزع بين اللغة والأدب وعلوم الدين، وله أيضا تصانيف في التاريخ معظمها مخطوط وفي حاجة إلى تحقيق وطبع كي ينتفع بها طلبة العلم. وتجدر الإشارة أنه يمتلك مكتبة ثرية وغنية بالكتب والمخطوطات الفريدة والنادرة.. ونذكر بعض عناوين تصنيفاته التي وصلتنا: كتاب: حول سيرة الصحابي الجليل سيدي عقبة بن نافع القائد المظفر. كتاب : تذكرة أولي الألباب كتاب: إسعاف السائل برؤوس المسائل كتاب: الهمة في ما ورد في العمة كتاب في أخبار نبي الله خالد بن سنان العبسي دفين سيدي خالد من عمالة بسكرة. له أيضا كتاب في أعلام بسكرة وكلها مخطوطة لم ترى النور بعد. وله أيضا قصائد عديدة نظمها في مناسبات مختلفة منها قصيدة في نسبه مكونة من 42 بيتا. شأنه شأن العلماء العظام الذين تهوى أرواحهم الأسفار، فقد رحل عن مدينته سيدي عقبة وأختار بلدة "المغير" التابعة لولاية وادي سوف من صحراء الجزائر منذ سنة 1952، وظلت مقام بيته حتى وافاه الأجل ولقيه ربه رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه. طاف الشيخ مدنا وقرى ومداشر واستوقف زمنه عند المعالم الكبرى خاصة تلك التي لمّا تزل تؤدي رسالتها الدينية والتعليمية والاجتماعية مثل زاوية سيدي علي بن عمر بمدينة طولقة، كما استوقف زمنه عند جامع شيخ المشايخ الولي الصالح محمد بن عزوز البرجي صاحب الطريقة الرحمانية، ومقام المسجد ببلدة برج بن عزوز التي طار ذكرها في أسفار التاريخ والمؤرخين لا سيما وهي التي عُرفت ببلدة العلم والعلماء وروّاد التاريخ وصنّاعه، فقد كان للشيخ على طريق أثر وبكل منهل حضور وبكل ملتقى أنفاس وهذا شأن العلماء الكبار الذين وحّدوا بين التاريخ والجغرافية وأوجدوا معنى آخر للربط بين المناطق والعلماء والعلوم. وفاته رحمه الله: توفي يوم السبت 21 ربيع الأول 1413ه الموافق ل :19 سبتمبر 1992 م. أوصافه ومناقبه: شعلة من الحيوية والنشاط، لا يعرف الكلل ولا الملل، فلم يعجزه سنّه المتقدّم وهو في الثمانين من العمر ببصر ضعيف وجسد نحيف وقامة قصيرة من العمل الجاد والمجتهد والمتواصل بنبض متجدد وعزم لا يلين ولا يهن.. عُرف عنه محبته للبحث وحبّه للقراءة والمطالعة والتنقيب في المخطوطات والكتب والروايات المتواترة بين مشايخ المنطقة.. كما عُرف عنه درايته الكبيرة بخبايا التاريخ واهتمامه بهذا المجال الحيوي. شيخ بهذه الهمة والعزم جدير بأن يكون مثالا ونبراسا لأجيال الشباب كي تقتبس بعض من روحه العلمية والبحثية والإنسانية سعيا لإضاءة الزوايا المظلمة وإنارة العقول وتطهير الأنفس.. إنه بحق جامعة متعددة التخصصات وموسوعة عميقة المعارف ومتعددة المناهل لم يأخذ حقه في الترجمة والعناية بما تركه من ميراث عظيم فيه كل الخير لهذا الوطن وللأمة التي عاش همومها وآمالها وكتب بلغتها وأبجديتها.. إنه بحق نادرة العصر في حدّة ذكائه وسعة علمه وعميق معرفته وتبحّره في البحث ونباهة فراسته وشدة تعلّقه بميراث الأتقياء والعلماء والأولياء الصالحين. شهرته أكبر من أن تسعها الآفاق ويعجز القلم عن حصر مناقبه وخصاله ومزاياه وفضائله.. تواضعه : يشهد من صحب الشيخ وعرفه بتواضعه وسماحته وطيب مجلسه، وهو الذي عاش بين الناس محبا ومجتهدا في التأليف بين القلوب على المحبة، فكثيرا ما كان الشيخ يقوم بزيارات إلى مختلف زوايا ومساجد المنطقة ومجالسة المشايخ والعلماء ومحبي العلم وطريق النور.. فكان له حضور في القلوب كما في العقول، وكان له مقامه العلمي والمعرفي كما مقامه الاجتماعي والإنساني، وكلما ذُكر الشيخ عبد المجيد بن حبة تُذكر معه مكتبه العامرة التي لا يستغني عنها الدارسون والباحثون وطلبة الجامعات.. وهذه المكتبة لمّا مفتوحة أمام روّادها تشيع بين كتبها ومخطوطاتها ووثائقها روح الشيخ العلامة فخر المنطقة والجزائر والأمة العربية عبد المجيد بن حبة رضي الله عنه وأرضاه وجازاه جزيل الخير عمّا قدّمه في حياته وعمّا يقّمه بعد مماته من خلال مكتبته وتصنيفاته، فحقا العلماء أبدا أبدا لا يموتون. سيبقى الشيخ العلامة عبد المجيد بن حبة حيا بما زرعه من علم في العقول وما ثبّته من يقين في القلوب وما أنبته من شجر لا تقوى عليه رياح الدهور وهو دائم الإثمار والعطاء لكل الأجيال.. فجازاه الله خير الجزاء وأوسع له في رحاب رحمته ورضاه. |
|||
2011-11-23, 14:38 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
الشيخ الواعظ الفقيه محمد كتو هو العالم الفقيه المقرئ الواعظ الشيخ العلامة محمد بن الشيخ أحمد بن محمد الحاج السعيد كتو أصل عائلته من قرية تفريت ناث الحاج من قرى أزفون في منطقة القبائل الكبرى. هاجر والده الشيخ أحمد كتو لاجئا إلى تونس سنة 1890م فرارا من جرائم الاحتلال الفرنسي المتوحش، فاستقر بقرية بجاوة التابعة لمدينة ماطر التي تبعد عن العاصمة تونس بحوالي 60 كلم حيث ولد محمد كتو يوم 15 ديسمبر 1915م. الدراسة تلقى تعليمه على العديد من الأساتذة والمشايخ: والده الشيخ أحمد كتو: زاول تعليم القرآن وكان من المداومين على تلاوته. حفظ عليه القرآن وهو ما يزال طفلا يافعا. كما أخذ عليه مبادئ اللغة والفقه، وحفظ بعض المتون. ثم التحق بجامع الزيتونة ليواصل دراسته على أساتذه وتخصص في القراءات والتجويد الذي ولع بهما ولعا شديدا. من شيوخه في القراءات في الزيتونة: الشيخ عبد الواحد المرغني الشيخ البيجاني زفزون الشيخ علي التريكي الشيخ صالح الكسراوي العودة إلى الجزائر بالرغم من استقرار الأسرة في تونس وتكيفها مع الحياة وتطلعها إلى غد مشرق، لكنه آثر ان يعود إلى بلاده وبالضبط إلى مسقط راسه، وقد أصبح حديث أهل قريته بعد أن القى درسا بزاوية القرية (تيفريت نايت الحاج) باللغة العربية الفصحى، حيث ان الناس في تلك الأيام رغم أنهم امازيغ لا يتكلمون إلا اللهجة الامازيغية إلا أنهم كانوا يقدسون ويعشقون اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم ويبالغون في تقدير واحترام كل من يحسنها ويجيدها وينظرون اليه نظرة اكبار واحترام ولو كانوا لا يفهمون منها إلا القليل، فقد استمع إليه المصلين الذين حضروا درسه وراحو يحدثون عائلاتهم وأسرهم بكل دهشة وانبهار عن هذا الشاب الذي جاء من تونس وخطب فيهم دون أن يتلعثم أو يتلكأ والذي لم يحضر معه ورقة أو كتاب ينظر إليه. إجازاته أجازه العديد من العلماء الاجلاء من تونس والجزائر بعد أن خبروه وامتحنوه. منهم: أستاذه العلامة الشيخ عبد الواحد المرغني المدرس بجامع الزيتونة الذي اجازه في علم القراءات. العلامة الشيخ الشاذلي النيفر الأستاذ بجامع الزيتونة الذي أجازه بكل مروباته. العلامة الشيخ علي بن خوجة مفتي الديار التونسية الذي أجازه برواية صحيح البخاري. العلامة الشيخ محمد بابا عمر الذي أجازه بالصحيحين وموطأ الإمام مالك. وهذا نص إجازته: "الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعد: فيقول العبد المعترف بالعجز والتقصير، أسير ذنبه، الملتجئ إلى ربه، محمد بن مصطفى بن محمد بن المدني بن الشيخ بابا عمر، إن أخانا في الله، المتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الطالب الأجل التالي لكتاب الله عز وجل، الفقيه النبيه، الأديب النزيه، السيد محمد بن أحمد بن محمد الحاج السعيد كتو قد لازمني مرارا عديدة، وجاورني أزمنة مديدة مباركة سعيدة، سمعت منه قراءة صحيح البخاري، واطلعت على ترتيل قراءته وحسن تأديته ونباهته ونجابته، تولى الله حفظه وسعادته، وأجمل سيرته وسيادته، فطلب من العبد الفقير اتصال سنده بطريق الإجازة ظنا منه بحسن طويتي الكمال، معتقدا ان العبد الحقير ممن يتعلق به في هذا المجال، حقق الله لنا وله ما نرجوه من الكريم المتعال. كتب بتاريخ 28 جمادى الأولى عام 1392 هـ". أعماله تنوعت اهماماته مع أن جلها انحصر في مجال النشاط الديني من وعظ وتدريس وافتاء، الخ. دروس الوعظ والإرشاد في المساجد والمصليات في كل مساجد القطر الجزائري. الدروس التي كان يلقيها تحت عنوان الحديث الديني في التلفزة والإذاعة الجزائريتين. تدريس علم القراءات والتجويد بمعهد تكوين الأئمة التابع لوزارة الشؤون الدينية الجزائرية. المشاركة بصفة شخصية أو ممثلا للجزائر في المؤتمرات والندوات والمسابقات الدينية التي بنظم في الدول الإسلامية. عضو بالرابطة العالمية الإسلامية للقراء والمجودين ليكون. مثّل الجزائر في المحافل الدولية وكُرّم في العديد منها: مثل المرحوم محمد كتو الجزائر في عدة مؤتمرات وندوات وكذا مسابقات دينية عبر مختلف الدول الإسلامية، وبسبب تمكنه من علم القراءات والتجويد اختير كسفير للجزائر في مسابقات الحفظ الدولية، خاصة في ماليزيا، حيث كان أحد أعضاء لجنة تحكيم المسابقات في كل طبعة، وكان يترأس البعثة الجزائرية حينها، كما مثل الجزائر في ليبيا، مصر، فرنسا، وعدة بلدان أخرى، مثل تونس التي كرمه فيها الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، ولإجادته القراءات والتجويد اختارته الرابطة العالمية الإسلامية للقراء والمجوّدين ليكون عضوا فعالا فيها.. ولتمثيله الشعب الجزائري أحسن تمثيل كرّم أيضا من قبل هذه الدول، حيث يحتفظ في رصيده بعدة تكريمات تليق بمكانته الدولية في الحفظ والقراءة، وهو الأمر الذي أهله لأن يُختار ضمن أحسن القراء العشرة في الوطن العربي.. نشر علمه على أرض الجزائر وكرس بيته لتدريس الطلبة: الشيخ كتو لم يكتف بالعمل داخل الإذاعة والتلفزة، بل تنوعت وتعددت نشاطاته، حيث كان يلقي الدروس في المساجد والمصليات في كل مساجد ولايات الوطن، وكان يدرس علم القراءات والتجويد بمعهد تكوين الأئمة التابع لوزارة الشؤون الدينية الجزائرية والذي كان يتخذ من بلدية مفتاح مقرا له، كما كان يتنقل بين مساجد الوطن كل صلاة جمعة ليؤم مصليها، وهي السنة التي مشى عليها طيلة حياته، وكانت هذه الخطب منقولة على المباشر في الإذاعة الوطنية، فكان المستمعون يلازمون المذياع من أجل الاستمتاع بخطبه التي تميزت حسب مقربيه ومن عاصروه بالبسيطة والمتوغلة في عمق المجتمع وكذا بصراحته فيما يقول وينصح به المصلين، كما أكدت عائلة المرحوم أنه كان يفتح بيته لطلبة العلم من مختلف ولايات الوطن، حيث كان يجتمع عنده عدد كبير من الطلبة، يصل في معظم الأوقات إلى 60 طالبا، يدرسهم ويسهر على تعليمهم فن القراءات وتحفيظهم القرآن بالمجان . مثال في الأخلاق : يُجمع كل من عرف الشيخ المرحوم محمد كتو سواء من عائلته أو من أصدقائه وحتى من جيرانه بسمو أخلاقه مما بوّأه مكانة عالية بينهم، فقد عُرف بحلمه لأبعد الحدود حتى مع من أساؤوا لهم، وكرمه الكبير مع الجميع، فقد كان يؤثر طلبته على عائلته، حيث كان يدرس أكثر من 60 طالبا في بيته مجانا ودون أي مقابل، كما كان كريما في أخلاقه بشهادة الجميع، بر بعائلته، وعُرف بحسن تعامله مع كل من عرفه، داخل وخارج الوطن، يجيب دعوة أي محتاج حتى وإن كان الوقت غير مناسب كأن يوقفه شخص من أجل فتوة ما، أو طلب معرفة.. كم كان مشهد أحد الجيران مؤثرا ونحن نسأله عن بيت الشيخ محمد كتو، حيث انهمرت عيناه بالدموع ولم يتمالك نفسه، وبدأ يسرد علينا كيف كان يتعامل معهم الشيخ كتو رحمه الله، قائلا: "لقد كان أبانا جميعا، وقدوتنا في التعامل، ولم يرد أحدا فينا حين يتوجه إليه بسؤال في أي وقت" وهو المشهد الذي تكرر مع عدد من جيرانه . وفاته :
مرض الشيخ في أواخر حياته ، فلزم بيته بمسكنه بالمرادية ( الجزائر العاصمة) فترة يزوره أصدقاؤه و تلامذته إلى أن توفاه الله يوم 30 أكتوبر 1999م ، و شيعت جنازته إلى مقبرة سيدي يحي بالعاصمة الجزائر ، و قد حضر جنازته خلق كثير من العلماء و الطلبة و طبقات مختلفة من الناس ، و أبنه الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين - حفظه الله – بكلمة مؤثرة، فرحمه الله و اسكنه فسيح جنانه |
|||
2011-11-23, 14:43 | رقم المشاركة : 14 | |||
|
الواعظ والمفسر الأستاذ محمد الأكحل شرفاء
هو واحد من أعمدة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وتقاتها العابدين المتواضعين، الراسمين نهج النور في نفوس أجيال متلاحقة من أبناء الجزائر. هو المعلم والإمام الراسخ في العلم البارع في علوم العربية المتمكن من ناصيتها، الخطيب المصقع، اليقظ الذهن، البارع في الدعوة لطريق الله، المجند باستمرار في صفوف الحركة الإصلاحية في الجزائر. رأت عيناه نور الحياة في 18 فبراير 1925 في قرية "أغيل علي" من بني شبانة دائرة بني ورتيلان ولاية سطيف حاليا. تعلم القرآن عن والدته ابنة العالم كلثوم ابنة العالم المحقق الشيخ سعيد البهلولي إلى أن بلغ "يس"، ثم استأنف تعلمه على يدي عمه الشيخ محمد سعيد شرفاء الإمام بمسجد القرية، وأتم حفظه على يدي الشيخ العربي ولعربي، وهو من أشهر حفاظ القرآن في الناحية. حفظ القرآن وهو ابن 13 سنة، وحفظ إلى جانبه بعض المصنفات والمتون الألفية، وابن عاشر، وابن بري والسنوسية. ثم اقتعد في حلقات دروس العربية والفقه والعقائد، وتعلم على جده الشيخ سعيد الذي كان يحبه ويكنّ له عطفا ومودة بدنية إليه، كما أخذ على يد الشيخ أرزقي الكتاب، المعروف بالشيخ أرزقي شبانب بعض الفنون. تتلمذه على يدي الشيخين ابن باديس ومبارك الميلي بدأ مشواره في التحصيل العلمي في مدرسة التربية والتعليم بباتنة التي كان يديرها الشيخ محمد الحسن فضلاء، وهناك تفجرت رغبته في الالتحاق بالجامع الأخضر بقسنطينة. وتحقق له ذلك عندما انتظم في سلك طلبة الشيخ عبد الحميد بن باديس واستمر ينهل من مناهل العلم، ويقتبس من أنوار الهداية والنهضة القومية الجزائرية إلى أن توفي الشيخ عبد الحميد بن باديس في 16 أفريل 1940، فخلفه الشيخ مبارك الميلي، الذي أتم العمل الدراسي لطلبته بعسر شديد نظرا لمرضه المزمن. وعند انتهاء العام الدراسي عاد الشيخ شرفاء إلى بلدته، ولديه من العلم ما يستطيع أن ينفع به الناس، فشرع في الاتصال قصد إيقاظ الوعي وإثارته في النفوس بإلقاء الدروس كشأن كل تلاميذ ابن باديس الذين انتشروا في مختلف أنحاء الوطن آنذاك. وبعدها دُعي من قرية حمام قرقور لتعليم أبناء المنطقة، فأجاب الدعوة ومكث هناك عاما كاملا سنة 1945، ثم دعي من طرف جمعة بني ورتيلان، وأخذ ينشر الدعوة الإسلامية، ويدعو إلى النهضة العلمية، فأسس مدرسة في قرية "القاع أوزرو"، وأشرف عليها، وكان يعلم فيها صباح كل يوم على أن النصف الثاني منه يصرف على الناس في الوعظ والإرشاد والاتصالات بالجمعة، فكون نخبة من التلاميذ التحقوا بجامع الزيتونة، وبمعهد عبد الحميد بن باديس بقسنطينة، وكون من الكبار رجالا مصلحين يعتمد عليهم في الحركة الإصلاحية، فمنهم أسس شعبة جمعية العلماء وترأسها، فكان العمل الذي برزت به الشعبة هو بناء مسجد في الجمعة مع أقسام للتعليم تابعة له، وأطلق عليه اسم الشيخ الفضيل الورتلاني، زاره الشيخ البشير الإبراهيمي في خريف 1948 وصلى فيه بالناس أول صلاة للعصر، وكانت أعمال البناء لازالت قائمة فيه. رحلته إلى تونس وممارسته العمل الصحفي في مفتتح السنة الدراسة 1947- 1948 هاجر إلى تونس ليزيد من تفقهه ويوسع دائرة معارفه، فانضم إلى جامع الزيتونة، وواصل الدراسة فيه حرا دون قيد، فمكث هناك سنتين، واستطاع أن يشق طريقه بحكمة وتبصر وحذر وسط الصراع القائم آنذاك بين الطلبة الجزائريين وجمعيتهم التي انتهت بهم إلى التقسيم وبروز جمعية البعثة التابعة لجمعية العلماء، وقد شارك في الأولى والأخيرة بنشاط ملحوظ. وتجلى نشاط الشيخ شرفاء الصحفي في مقالات في جريدة البصائر وجريدة الأسبوع التونسية وغيرها، والذي يثير الاهتمام هو إشرافه على إقامة الذكرى الثامنة لوفاة الشيخ ابن باديس، وانعقد الاجتماع في قصر الجمعيات الفرنسية سابقا في "باب البحر". محاولات سجنه بسبب تعليمه للغة العربية عاد إلى الجزائر سنة 1949، فعيّنته لجنة التعليم مديرا لمدرسة "إيغيل النصر" بآقبو، ومكث هناك 4 سنوات، وأثناء عمله بهذه المدرسة تعرض عدة مرات لمحاكمات ظالمة من السلطات الاستعمارية، لتدريسه العربية دون رخصة، وحكمت عليه بالسجن وبالغرامات المالية. وفي سنة 1953 عيّن مديرا لمدرسة التهذيب بالبرج، فمكث بها سنتين ثم نقل إلى مدرسة الإحسان بالقليعة سنة 1955، فأقام فيها سنتين، وغادرها مكرها إثر المذابح والاغتيالات التي قام بها المظليون الفرنسيون بالقليعة في حق السكان العزل. النضال يستمر بعد الاستقلال اشتغل الشيخ شرفاء بالتعليم حيث عيّن غداة الاستقلال بثانوية عقبة، ثم انتقل سنة 1963 إلى ثانوية ابن تومرت ببوفاريك، ثم أستاذا بثانوية وريدة مداد بالحراش من 1964 إلى 1966، واشتغل بعدها بثانوية الثعالبية، ومنها إلى ثانوية عائشة أم المؤمنين التي لبث بها من 1966 إلى 1973. وأخيرا نقل أستاذا إلى معهد التكوين التربوي مصطفى خالف ببن عكنون الذي بقي فيه لمدة 8 سنوات. بعدها انتدب إلى وزارة الشؤون الدينية مفتشا عاما سنة 1986، وهي السنة نفسها التي أحيل فيها على التقاعد. من حياته الدعوية تقديمه دروسا في الحرمين الشريفين قام الشيخ محمد الأكحل شرفاء خلال مسيرة حياته بعديد الإنجازات، حيث كان وجها تلفزيونيا معروفا قدم عشرات الأحاديث الدينية المتلفزة، كما كان يشارك باستمرار في مختلف المحاضرات والملتقيات والمؤتمرات الدينية داخل الوطن وخارجه، ولعل من أهم ما طبع مساره الدعوي دروسه الدينية في الحرمين الشريفين في مواسم الحج باسم البعثة الجزائرية، وكذا مشاركته باستمرار في ملتقيات الفكر الإسلامي والدروس الحسنية بالمغرب. انتخب الشيخ شرفاء نائبا لرئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في مؤتمر الجمعية سنة 2008، وهو إلى غاية اليوم يقدم دروسا دينية بثلاثة مساجد بالعاصمة هي "القدس بحيدرة، أبي حنيفة بالمقارية ومعاذ بن جبل بباش جراح". |
|||
2011-11-23, 14:51 | رقم المشاركة : 15 | |||
|
الفقيه العلامة الشيخ عبد الحليم بن سماية رحمه الله. الشيخ عبد الحليم بن سماية المتوفى في 4 جانفي 1933 هو علم من أعلام الجزائر الذين كانت لهم بصمات في الحياة الثقافية وتأثيرات عميقة في بعث الحركة الإصلاحية في الجزائر في الثلث الأول من القرن العشرين. ويشكل مع مجموعة من العلماء أمثال عبد القادر المجاوي، مصطفى بن الخوجة، أبو القاسم الحفناوي، صالح بن مهنا ، المولود بن الموهوب، حمدان الونيسي الصفحة الأولى في سجل الحركة الإصلاحية الجزائرية. فكان لهم فضل السبق في شق الدرب الذي سار عليه الشيخ عبد الحميد بن باديس وأصحابه وتلامذته. مساره: ولد الشيخ عبد الحليم بن سماية في عام 1866 بالجزائر. وكانت هذه المدينة تضم عددا كبيرا من المساجد، وكانت ساحة الشهداء بالخصوص زاخرة بالجوامع التي تقدم فيها الدروس في مختلف العلوم الشرعية، يشرف عليها نخبة من العلماء. ففي هذه البيئة تربى وعاش عبد الحليم بن سماية طفولته وشبابه؛ فتلقى تعليمه الأساسي على يد والده الشيخ علي بن سماية بجامع سفير. ودرس اللغة العربية والعلوم الشرعية على الشيخ السعيد بن زكري، وعلم الفلك والتاريخ على الشيخ أبي القاسم الحفناوي صاحب الكتاب المفيد "تعريف الخلف برجال السلف". ثم انتقل إلى تونس لدراسة الفلسفة على يد الشيخ محمد بن عيسى الجزائري. و في عام 1896 عيّن مدرسا بالمدرسة الرسمية الثعالبية، ثم استخلف والده بالجامع الكبير في عام 1900 في تعليم القرآن والعلوم الشرعية واللغوية. فدرّس "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" للجرجاني، و"المفصل" للزمخشري، و"البصائر النصيرية في المنطق" لابن سهلان، "الاقتصاد في الاعتقاد" لأبي حامد الغزالي، و"تلخيص المفتاح" للقزويني. وكان من أبرز تلاميذه والملازمين لدروسه العالم والمحقق الدكتور محمد بن أبي شنب، الدكتور محمد بن العربي أول جزائري تحصل على شهادة الدكتوراه في الطب، والشيخ عبد الرحمان الجيلالي المؤرخ والفقيه المعروف. تراثه العلمي: نشر الشيخ بن سماية رسالة عن الربا في سنة 1911 بعنوان:"اهتزاز الأطواد والربى في مسألة تحريم الربا"، لكن لم يبقى لها أثر. ولحسن الحظ اطلع عليها تلميذه الشيخ عبد الرحمان الجيلالي، وقال عنها: " هي رسالة غزيرة المادة في موضوعها. استوعب فيها المؤلف أصول هذا الباب، دعا فيها علماء الإسلام قاطبة إلى تحمل مسؤولياتهم أمام هذا الموضوع الهام." ونشر كتابا آخر في سنة 1913 بعنوان: "الكنز المكنون". واهتم بالفلسفة والمنطق حتى صار ملما بمداخل هذا العلم وعارفا بأسراره. وقال في هذا الشأن الأستاذ أحمد توفيق المدني الذي سأله أن يحدثه في المنطق، فأجاب: " خذ ورقة واكتب: وسرعان ما أخذت الورقة والقلم، وأخذ يملي عليّ بلهجة علمية قاسية وفصاحة عربية نادرة وصوت جهوري تناسقت نبراته كما تناسقت عباراته، خلاصة وافية لعلم المنطق، بتعريفاته، وكلياته، وأقسامه وأمثاله، وأطال الإملاء وأطلت الكتابة إلى أن ملأت عشر ورقات، وكلت يدي من الكتابة، وقلت بعد ساعة: يكفي هذا الدرس الأول ولنترك الدرس الثاني إلى فرصة أخرى." وشارك الشيخ ابن سماية في المؤتمر الدولي الرابع عشر للمستشرقين في عام 1905 بالجزائر، وقدم بحثا بعنوان: "الحضارة الإسلامية والفلسفة". وكان مهتما أيضا–على غير عادة علماء عصره- بمقارنة الأديان، فكان يقرأ الإنجيل والتوراة ويجادل علماءها. وكتب الشيخ عبد الحليم بن سماية في بعض الصحف العربية الجزائرية: المغرب (1903-1904)، كوكب إفريقيا (1907 -1914)، الإقدام (1920-1923) باسمه الحقيقي وبأسماء مستعارة. ولا ندري إن كتب في الجرائد التونسية: "الوزير" و"المشير" و"الحاضرة" التي نشر فيها المثقفون الجزائريون مقالاتهم وأشعارهم خاصة في بدايات القرن العشرين قبل بروز جرائد عربية حرة بالجزائر. وقد وعد الشيخ عبد الحليم بن سماية صديقه الشيخ محمد الخضر حسين (1873-1958) بالكتابة في مجلة هذا الأخير التي تسمى "السعادة العظمى" حينما دعاه هذا الأخير للمساهمة في هذه المجلة بمقالات وبحوث. فقد أعجب بأفكار ابن سماية ودروسه وتمنى أن يدوّنها حتى لا تضيع ويحرم منها كثير من الناس. فأفكار الشيخ بن سماية التجديدية ومعارفه العلمية الواسعة جديرة بأن يطلع عليها القراء في الجزائر وفي البلدان الإسلامية الأخرى. ولا ندري بالضبط إن كاتبه أم لا. وسنتحقق من ذلك حينما يعاد نشر هذه المجلة في المستقبل القريب كما وعدنا بذلك الأستاذ القدير علي الرضا الحسيني ناشر موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين. لقد قمنا من جانبنا بالبحث في الصحافة العربية الجزائرية لعلنا نعثر على مقالاته المختلفة في الدين والحياة. لكن للأسف لم نجد إلا مقالات قليلة في جريدة "المغرب" و "كوكب إفريقيا". لقد أحصينا له 7 مقالات في جريدة "المغرب" خصصها لموضوع الجاذبية. كما نشر في جريدة كوكب إفريقيا" 3 مقالات عن التصوف، حاول من خلالها الجواب عن الفرق بين التصوف والصوفية. ونوّد أن نؤكد هنا أن هذه المقالات لا تعبر بدقة وشمولية عن الحجم الحقيقي لهذا العالم الجزائري الكبير، خاصة ما تعلق بأفكاره في مجال الفلسفة. مكانته العلمية: كان الشيخ عبد الحليم بن سماية يشد إليه الرحال. فزاره العلماء الذين كانوا يوفدون على الجزائر العاصمة من المناطق الداخلية أو من خارج البلاد. فقد استقبل الإمام محمد عبده خلال زيارته إلى الجزائر عام 1903. ونملك اليوم صورة التقطت للرجلين مع بعض علماء وأعيان العاصمة. ويرى الباحث الدكتور علي مراد أن بن سماية هو أكبر المتأثرين بأفكار محمد عبده وسعى من خلال منصبه بالمدرسة الثعالبية إلى الترويج لها بين طلبته الموجهين نحو الوظائف الإدارية والقضائية والدينية. كما راسل الإمام عبده بعد رجوعه إلى مصر. ونشر الشيخ محمد رشيد رضا هذه الرسالة مع قصيدة في كتابه "تاريخ الإمام". وقال فيها الشيخ بن سماية عن الشيخ محمد عبده:" هذا الرجل الجليل رجل حنكته تجارب الزمان، واستقصى أحوال الأمم حتى ميّز منها ما زان وما شان، وتطلع من الفنون على اختلاف أنواعها، ومواضيعها، وأعمل فكره أعمق تفكر وتدبر في الحبل المتين والقرآن المبين." وزاره أيضا العالم الزيتوني الشيخ محمد الخضر حسين في سنة 1904 في رحلته إلى الجزائر. وكتب عند عودته إلى تونس عن إعجابه بشخصية الشيخ ابن سماية وعلمه. وقال في هذا الصدد: "التقينا بالشيخ عبد الحليم بن سماية، فغمرنا بنفحات خلقه الناضر، واختلى ألبابنا بفصاحة لسانه الساحر." وجالسه في بيته في مسامرة دامت 6 ساعات. ويقول الشيخ الخضر بعد هذه المجالسة: "كلام يشهد لصاحبه بسلامة الذوق والولوع بالكشف عن أسرار المسائل دون الاكتفاء بتصوراته المجردة." مواقفه السياسية: يشكل الشيخ عبد الحليم بن سماية مع مجموعة من العلماء والمثقفين كالشيخ عبد القادر المجاوي والشيخ المولود بن الموهوب وعمر بن قدور وعمر راسم... كتلة المحافظين التي تعاطفت مع فكرة الجامعة الإسلامية التي نادى بها الشيخ جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده. وتعاونوا مع مجموعة من السياسيين المتنورين أمثال محمد بن رحال وأحمد بوضربة والشريف بن حبيلس للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والتعليمية والسياسة للجزائريين؛ فطالبوا بإلغاء قانون الأهالي وإعادة نظام القضاء الإسلامي، واحترام التقاليد الجزائرية، والسماح لهم بحرية التنقل والسفر خاصة إلى المشرق العربي. تزعم الشيخ عبد الحليم بن سماية حركة المعارضة لقانون التجنيد الإجباري.فترأس جلسة يوم 25 جويلية 1911 بقاعة المجلس البلدي بالعاصمة، وحضرها أعيان المسلمين وتحدث باسم الوفد معربا عن رفضهم الجميع لمشروع التجنيد الإجباري. ونملك اليوم معلومات دقيقة عن هذه الجلسة ومداخلة الشيخ بن سماية بفضل المقال الذي نشره الصحافي والمصلح الجزائري المعروف عمر بن قدور في جريدة "الحضارة"الصادرة في آستانة بتركيا. وقد عثر عليه الدكتور صالح خرفي وأعاد نشره ضمن كتابه: "عمر بن قدور الجزائري" الصادر في عام 1984 عن المؤسسة الوطنية للكتاب. ونذكر هنا هذه الفقرة من هذا النص وهي تكشف عن وقائع هذه الجلسة التاريخية: « تقدم واستدل بآيات قرآنية على أن المسلمين إذا أدوا الخدمة العسكرية للدولة الفرنسية لا يكونون مسلمين بجميع معاني الكلمة، ولا نالوا من الحرية ما يخول نبغاءهم التربع في دست رئاسة الجمهورية ودعا جنابه أن الحرية والحقوق السياسية إذا منحت للمسلمين مقابل تجنيدهم تكون هناك الضربة القاضية على القومية الدينية والسياسية إذ يقع اندماجهم بالأمة الفرنسوية نهائيا.» وفي هذا الاجتماع أبدى الشيخ بن سماية معارضته للتجنيد الإجباري للاعتبارات الدينية والاجتماعية التالية: - عدم قدرة المجندين المسلمين على ممارسة شعائرهم الدينية بإجبارهم على الإفطار في رمضان وتأخير الصلاة. - محاربة إخوانهم المسلمين وهذا ما يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي. - تحويل المجتمع الجزائري إلى مجتمع مكون من طبقتين متمايزتين: المجندون وغيرهم. ونذكر أيضا من مواقفه الجريئة: إصداره لفتوى بعدم جواز محاربة الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى لأنها مسلمة ويرتبط بها الجزائري برابطة دينية وولاء روحي بحكمها تمثل الخلافة الإسلامية. ويرى المؤرخ الفرنسي شارل روبير أجرون أن الحملة التي خاضها زعماء الأهالي على اختلاف منطلقاتهم وأهدافهم لم تحقق إلا مطالب قليلة تمثلت في سن الالتحاق بالجيش، وإعطاء بعض الصلاحيات للجماعة الفيلق المتقطع من عشائرها. وفاته: وتعرض الشيخ عبد الحليم بن سماية لمضايقات واضطهاد سلطات الاستعمار وأصيب جراء ذلك بمرض عقلي لازمه حتى وفاته في 7 رمضان 1351 ه الموافق ل 4 جانفي 1933 م، ودفن في مقبرة الشيخ عبد الرحمان الثعالبي. وخصصت له مجلة "التلميذ" التي كانت تصدرها الجمعية الودادية للتلاميذ المسلمين بإفريقيا الشمالية عدة صفحات. وكتب عنه تلميذه الشيخ أبو عبد الله محمد الحسن الحجوي مقالا طويلا ذكر فيه جوانب من حياته وأعماله. وقد وصفه بأنه كان «حسن المحاضر، فكه المجالسة، متين الدين...» ونقلت مجلة "الشهاب" الإصلاحية خبر وفاته. كما وصفته بما يليق بمقامه الكبير وعلمه الغزير ونضاله المستميت في سبيل دينه ووطنه. فهو في نظر الشيخ إبن باديس: «عالم عامل، غيور على دينه ووطنه مخلص لهما قضى حياته مدرسا بالمدرسة الثعالبية فبث روحا طيبة فيمن اتصلوا به من تلامذتها معظما محترما عند زملائه فيها وعند رؤسائها.» ثم أضاف: «رحمه الله وجازاه عن العلم وخدمته واحترامه والاعتزاز به خيرا وعزى أهله وأهل العلم فيه خير العزاء.» وعلى الرغم من كل هذا التاريخ الحافل بالعطاء العلمي والنضال الوطني لم ينل بعد الشيخ عبد الحليم بن سماية حقه من الدرس والبحث. فليس في حدود علمي كتاب خاص أو رسالة جامعية خاصة عنه. وهذا حال العديد من رواد الإصلاح الديني في الجزائر المعاصرة. ورجاؤنا أن تحل علينا بعد سنتين الذكرى الثمانون لوفاته والباحثون الجزائريون قد أعدوا لهذا الرجل ما يستحق من الاهتمام والبحث والدراسة. |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
...موضوع, متجدد, الجزائر, علماء |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc