السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
يعتبر الشهيد البطل زيغود يوسف إبن قرية سمندو أحد اعلام الثورة الجزائرية الذين ضحو بكل غال ونفيس من أجل تحرير الوطن فتعالو بنا نعرف أكثر عن هذا الشهيد البطل
مولده ونشأته :
ولد
يوسف زيغود يوم 18 فيفري 1921 بقرية سمندو بالشمال القسنطيني ، دخل
المدرسة الإبتدائية الفرنسية في صغره إلى جانب تردُّده على الكتاتيب
القرآنية لتعلم اللغة العربية وتعاليم الدين الإسلامي. بعد حصوله على
شهادة التعليم الإبتدائي باللغة الفرنسية ، غادر المدرسة لأن السلطات
الفرنسية لم تكن تسمح لأبناء الجزائريين من تجاوز هذا المستوى .
النشاط السياسي:
انخرط
في سن الرابعة عشر في صفوف حزب الشعب الجزائري . عيّن مسؤولا على قريته
عام 1938. ترشح عام 1948 ببلدية سمندو ضمن القائمة الإنتخابية لحركة
الإنتصار وفاز رغم دسائس الإستعمار وأعوانه وإنخرط في المنظمة الخاصة
وأشرف على زرع خلاياها في منطقته ، وعند اكتشاف أمر المنظمة 1950 سجن مع
رفاقه بسجن عنابة ، إلا أنه أستطاع الفرار منه والعودة إلى قريته ليبدأ
رحلة التخفّي والسرية ، سنة 1953 إزداد إقتناعه بالعمل المسلّح كخيار وحيد
لذلك راح ينظّم المناضلين ويعدّهم ليوم الثورة خاصة بعد إنشاء اللجنة
الثورية للوحدة والعمل "crua" .
التحضير للثورة المسلحة :
في
نهاية عام 1952 عاد زيغود يوسف مع بعض المجاهدين إلى الشمال القسنطيني،
فأصبح يتنقل بين مختلف المناطق متخفيا عن البوليس الإستعماري وإتخذ لنفسه
لقبا سريا هو "سي أحمد"، وكان يتصل بالمجاهدين بهدف إعادة تنظيم المنطقة
وهيكلة المنظمة الخاصة من جديد.
وفي هذه الظروف إندلعت أزمة داخل حزب
حركة الأنصار للحريات الديمقراطية بين أنصار مصالي الحاج رئيس الحزب
وأنصار اللجنة المركزية للحزب الذين أرادوا تحديد صلاحيات الرئيس، فإنقسم
الحزب إلى مصاليين ومركزيين يتصارعون فيما بينهم فأنشأ بوضياف مع بعض
المجاهدين اللجنة الثورية للوحدة والعمل هدفها الإصلاح بين الطرفين وإعادة
الوحدة للحزب ثم الشروع في العمل المسلح، وقد أعجبت الفكرة المجاهد زيغود
يوسف بعد أن اخبره بها ديدوش مراد، إلى أن محاولة اللجنة الثورية للوحدة
والعمل فشلت في إعادة لم شمل الحزب فلم يبقى أمامه إلا الشروع في التحضير
للعمل المسلح في ظرف شهور.
وفي جوان 1954 إجتمع 22 من أعضاء المنظمة
الخاصة منهم زيغود يوسف لدراسة المسألة فتوصلت المجموعة إلى قرار إشعال
نار الثورة، وإنبثقت عنها لجنة من خمسة أعضاء للإشراف على الإستعداد
وتحديد تاريخ إندلاعها وهؤلاء الخمسة هم/ محمد بوضياف، مصطفى بن بولعيد،
العربي بن مهيدي، ديدوش مراد، رابح بطاط ثم إنظم إليهم كريم بلقاسم من
منطقة القبائل.
وعاد زيغود يوسف وديدوش مراد والأخضر بن طوبال وعمار بن
عودة من إجتماع 22 إلى الشمال القسنطيني لإخبار المجاهدين الذين لم
يشاركوا في الإجتماع بمختلف القرارات التي تم التوصل إليها وان يكونوا على
استعداد لليوم الموعود الذي تقرره لجنة الستة.
جهاده أثناء الثورة :
إندلعت
في ليلة أول نوفمبر من عام 1954 بقيام المجاهدين بعدة عمليات ضد الجيش
الإستعماري في التوقيت نفسه عبر التراب الوطني كله، ففي تلك الليلة هاجم
زيغود يوسف على رأس مجموعة صغيرة من المجاهدين مركز الدرك في سمندو، وقامت
أفواج أخرى بهجمات على عدة أهداف في الشمال القسنطيني .
ومنذ الوهلة
الأولى للثورة تأكد الشعب في منطقة الشمال القسنطيني من أنها ثورة لتحرير
البلاد يقودها رجال أمثال ديدوش مراد ونائبه زيغود يوسف فهب الشعب لمساعدة
المجاهدين وطلب الإنضمام إليهم، فتأثر زيغود يوسف بذلك فقال كلاما ذا مغزى
كبير وهو " أن هذا الشعب عظيم وعظيم جداً ولا يمكن أن يقوده إلا عظيم أكثر
منه وإلا كانت الكارثة كبرى"، وكان يعني بذلك أن هذا الشعب لا يحترم ولا
يندفع للتضحية إلا إذا كان قادته عظاما بأتم معنى الكلمة، وقد استنتج
زيغود يوسف ذلك من معرفته الميدانية والعميقة للشعب الجزائري.
وبعد
شهرين ونصف من إندلاع الثورة وبالضبط يوم 18 جانفي من عام 1955 سقط في
ميدان الشرف ديدوش مراد قائد منطقة الشمال القسنطيني واستشهد معه 17
مجاهدا بعدما حاصرهم 500 جندي فرنسي قرب واد بوبكر بسكيكدة وقاموا لمدة
خمسة ساعات قبل أن تصعد أرواحهم جميعا إلى جنات الخلد، وقد تألم زيغود
يوسف لفقدان إخوانه المجاهدين كثيراً.
إستشهاده :
كلف
مؤتمر الصومام القادة بحل المشاكل التي طرأت في بعض المناطق فكلف الشهيد
عميروش بحل المشاكل العويصة التي طرأت في الأوراس فكلف بعد إستشهاد مصطفى
بن بولعيد، أما زيغود يوسف فكلف بحل مشاكل القاعدة الشقية بسوق أهراس.
وقبل
أن ينتقل زيغود يوسف إلى سوق أهراس فضل الذهاب إلى بيته لزيارة أسرته،
فبقى ليلتين معها، وفي يوم 27 سبتمبر 1956 خرج من البيت خفية إلى
المجاهدين لتوديعهم، وبعد ذلك رافقه أربعة مجاهدين إلى المهمة التي كلفته
الثورة بها: ونصب له الجيش الاستعماري كميناً في الطريق، فوقع شهيداً مع
مرافقيه بعد معركة وشاء الله أن يستشهد البطل زيغود يوسف في وادي بوبكر
وهو المكان نفسه الذي أستشهد فيه ديدوش مراد.
ضف الى حياة البطل الشهيد زيغود يوسف منقد الثورة انه قيلت القصائد الكثيرة في هذا البطل ، لكن أروع ما قيل ما نظمه الشاعر السوري الكبير سليمان العيسى الذي قال سبعا وثلاثين قصيدة في الثورة صدرت في دواوين .
تحرّى الشاعر عن ظروف استشهاد البطل في واد من وديان الجزائر المضرجة بالدماء، ووصف وصفا دقيقا معركة الاستشهاد فقال:
يوسف زيغود
صمتٌ على الوادي يروّع الوادي ** وسحابة من لوعةٍ وحِدادِ
أرسى على الهضَبات ريشُ نسورها ** وتمزقت من بعدِ طول جِلادِ
هدأ الوميض.. فلا أنينُ شظِيةٍ ** يُصمي، ولا تكبيرةُ استشهادِ
(الحَفنة) المتشبثون بحفنةٍ ** ضؤلت وهانت من لظى، وعتادِ
ألقَوْا بوجه الموت آخرَ صفعةٍ** وتساقطوا تحت الجحيم العادي
النار تأخذهم.. فسرب رائحٌ** من باصقاتِ ردًى، وسِربٌ غادِ
وكتيبةٌ تنثال إثر كتيبةٍ ** كثرت هناك كتائبُ الجلاّدِ
حشدَ الألوفَ.. يكاد يعتقد الحصى** والريحَ ثوارا.. وحََرج الوادي
حشدَ الألوفَ .. لقاءُ (سيِّدَ أحمدٍ) ** رُعْبٌ يشلّ النبض في الأكباد
رعب يسمر بالمدرعة الخُطى ** فمدافع السفاح كالأوتاد
وتُجَنُّ من حنَقٍ ، فتُمطر موتها ** حينا بلا هدف ، بغير رَشاد
وتلعلع النيران .. كل حنيَّـة** لهَبٌ إلى دمنا لهيفٌ صادِ
وتجيب من وكر النسور رصاصةٌ** لتُصِرَّ,, هذي تربتي وبلادي
لن يُسلمَ الوادي ثراه لغاصبٍ ** إلا على جثث .. على أجسادِ
-----
صمت على الوادي ، يروع الوادي ** وسحابة من لوعة وحِداد
أرسى على الهضبات ريش نسورها ** وتمزقت من بعد طول جلاد
يا سَفْحَ يوسُفَ، يا خضيبَ كمينه ** يا روعة الأجداد في الأحفاد
يا إِرْثَ موسى في النسور وعُقبةٍ ** والبحرُ حولك زورق ابن زِيّادِ
يا شمْخة التاريخ في أوراسنا ** يا نبع ملحمتي بثغر الحادي
أتموتُ ؟ تاريخ الرجولة فِرْيةٌ ** كبرى إذن ، ووضاءةُ لأمجادِ
أتموتُ ؟ كل حَنِيَّةٍ بجزائري ** ميلاد شعب رائعٍ ميلادي..
منقول لأجل أن يستفيد الجميع