كان هنا
يجلس على قارعة الباب
يرتشف قهوة من فنجان يتطاير منه بخار
قوي الرائحة شديد الحرارة
ولكنه ما زال على قارعة الباب
يلتقط ورق لجريدة ويهيم بفكره فيها
يلتهم كل ما يجده في طريقه
على كل الصفحات لم يبقي منها أي واحدة
وكأنه يبحث عن شيء
أو أنه ضائع في شوارع لطرقات
الطرقات كلها مزدحمة بالمارة وبالسيارات
وبالباعة المتجولين
لا أحد يلتفت للآخر
كل واحد يلتهي بهمه
وهو الآخر ضائع في دوامة من الهموم
العمل متطلبات الحياة
الحياة التي تقسوا عليه وعلينا وعلى الناس
كل الناس مهمومة
كل الناس ضائعة في ورق الجريدة
جريدة الحياة
كل الناس ترتشف قهوتها التي تتطاير
من أبخرة الغضب والخوف والذل
والفرح والأمل والتراجع والانتكاسات
كان هنا
ولكنه رحل بعدما شرب قهوته
وقرأ صفحات جريدته
ترك قارعة الباب لمن سيأتي بعده
لمن سيتقمص دور مثله
في هذه الحياة
والذي سيكون بحاجة للجلوس على قارعة الباب
والهيام والابحار في صفحات الجريدة كل صباح
إنه روتين الحياة
لا يتغير ولا يتبعثر ولكنه كثيرا
ما يقصر أو يطول
ألما كان أو فرحاً
العمر على كثرته قصير
والزمن على طوله
لا بد وأن ينتهي
وكل واحد منا يرتاح في موقف الحياة
ولكن المحطة الأخيرة آتية وقادمة
ولا مفر من الهروب أوالرجوع
كان هنا
وكلنا سيكون هنا
ويرتشف قهوته ويقرأ جريدته
وفي الأخير يرحل.
بقلم: سندباد علي بابا