مسؤولية العقدية:
لقيام المسؤولية العقدية يستوجب توافر الشروط التالية :
الشرط الأول :
أن يجمع أطرافها عقد صحيح إذ لايمكن الإدعاء بالمسؤولية العقدية إلا بوجود عقد
بين الأطراف وأن يكون هذا العقد صحيحاً وعليه فلا مجال لقيام المسؤولية العقدية
إذا كان الطرفان مازالا في مرحلة المفاوضات ما عدا في حالة الوعد بالتعاقد إذ ينطبق
على الوعد بالتعاقد ما ينطبق على العقد أو أن أحد الأطراف كان يخدم الطرف الثاني على
سبيل الإحسان أوكان العقد باطلا أو أن الضرر قد أصاب الأطراف بعد إنقضاء الرابطة العقدية .
الشرط الثاني :
إخلال المدين بإلتزام ناشئ مباشرة عن العقد يجب أن يكون الضرر الذي أصاب المضرور
ناتجاً مباشرة عن الإخلال بالإلتزام العقدي وهذا مايعرف بالخطأ العقدي، وإذا لم يكن الالتزام
ناشئاً عن العقد اعتبر الخطأ تقصيرياً .
الشرط الثالث :
أن يترتب عن الخطأ العقدي ضررا بالمتعاقد الآخر أو الخلف العام، وعليه فإذا كان المضرور
أجنبياً عن العقد وأصابه ضرر نتيجة الإخلال بالتزام عقدي فلا مجال لقيام المسؤولية العقدية
وإنما تقوم المسؤولية التقصيرية .
واستثناءاً على ذلك فإن المنتفع في الإشتراط لصلحة الغير - رغم أنه ليس طرفاً في العقد - إلا
أنه يعد طرفاً في العلاقة الناشئة عن العقد ومنه فإن الأضرار التي تلحقه جراء إخلال المتعهد
بالتزامه تكون محلاً للمسؤولية العقدية، لأن للمنتفع حق مباشر ينشأ عن عقد الإشتراط يمكنه
من مطالبة المتعهد بتنفيذ إلتزامه .
الشرط الرابع :
وجوب قيام علاقة سببية بين الخطأ العقدي والضرر اللاحق بالمتعاقد أو بخلفه العام أو الخاص
وإلا انتفت المسؤولية .
- فإذا اجتمعت هذه الشروط جاز للمتعاقد الذي لحقه الضرر المطالبة بالتعويض إلا أن التعويض
في المسؤولية العقدية لايستحق إلا بعد إعذار المدين مالم يوجد نص مخلاف لذلك (م.179 قانون مدني)
- وخلاصة القول لاتقوم المسؤولية العقدية إلا بعد انعقاد العقد وقبل تمام تنفيذه أما قبل انعقاد
العقد وبعد تمام تنفيذه فتقوم المسؤولية التقصيرية.
- فما هي أوجه الإختلاف بين المسؤوليتين ؟؟
1- من حيث الإعذار :
الإعذار شرط جوهري لاستحقاق التعويض في المسؤولية العقدية في حين لايشترط في المسؤولية
التقصيرية بنص صريح أوردته المادة 181 قانون مدني بقولها : " لاضرورة لإعذار المدين.....
إذا كان محل الإلتزام تعويضاً ترتب عن عمل مضر".
2 - من حيث الإثبات :
يقع عبء الإثبات في المسؤولية التقصيرية على المضرور وهو الدائن بمبلغ التعويض في حين
يقع عبء الإثبات في المسؤولية العقدية على عاتق المدين الذي يثبت وفاءه بالإلتزام بعد أن يثبت
الدائن وجود الإلتزام : " على الدائن إثبات الإلتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه"م.323 قانون مدني
3 - من حيث مدى التعويض :
يكون التعويض في المسؤولية العقدية عن الضرر المباشر المتوقع فقط، في حين يكون التعويض
في المسؤولية التقصيرية عن الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقع .
4 - من حيث جواز الإتفاق على تعديل أحكام المسؤولية :
يجوز الإتفاق على تعديل أحكام المسؤولية العقدية بالتشديد أو التخفيف أوالإعفاء منها وهذا
وهذا حسب نص المادة 178 من القانون المدني الجزائري .
الفعل المستحق للتعويض :
يقصد بالفعل المستحق للتعويض مايسمى تقليدياً بالمسؤولية التقصيرية أي المسؤولية
التي يتحملها الشخص بسبب إخلاله بالتزام قانوني ناتج عن خطأ أو إهمال أو تقصير منه
غير أن المسؤولية لم تعد تقوم على فكرة الخطأ بل أصبحت تستند إلى فكرة تحمل التبعات
فأصبحت العبرة بالضرر الذي أصاب الضحية أمثر مما هي بخطأ أو تقصير المسؤول .
تعريف المسؤولية :
لغة : هي كل مايتحمله مسؤول تناط بعهدته أعمال تكون تبعة نجاحها أو إخفاقها عليه،
وهذا يقتضي حتماً أن يكون المسؤول إنساناً عاقلاً .
اصطلاحاً : المسؤولية هي الجزاء الذي يترتب على المرء عند إخلاله بقاعده من
قواعد السلوك ويختلف الجزاء باختلاف نوع القاعدة المخل بها فإذا تم الإخلال بقاعدة
جزائية ويكون الجزاء هو (الغرامة,الحبس,السجن...)، أما إذا تم الإخلال بقاعدة
مدنية فإن المءؤولية تكون مدنية ويكون جزاؤها الإلتزام بالتعويض وقد تجتمع
هاتين المسؤوليتين في فعل واحدمما يقتضي التمييز بينهما :
المسؤولية المدنية والمسؤولية الجزائية :
عرفت المسؤولية المدنية تطورات هامة بعد انفصالها عن المسؤولية الجزائية،
فأصبح من الممكن أن تقوم المسؤولية المدنية إذا كان الفعل لا يشكل جريمة
في نظر قانون العقوبات، كما يمكن أن تقوم المسؤولية الجزائية دون قيام
المسؤولية المدنية لعدم وجود ضحية كما في جريمة حمل السلاح بدون
رخصة أو في جريمة التسول والتشرد وجريمة السياقة بدون رخصة
(جرائم تضر بالمجتمع)، ولكن غالباً ما تجتمع المسؤولتين في فعل واحد
كما في جريمة السب والشتم،الضرب،الجرح،القتل،السرقة....إلخ .
وتختلف المسؤولية المدنية عن المسؤولية الجزائية في النقاط التالية :
1- أساس المسؤولية الجزائية هوالضرر الذي يصيب المجتمع، وعليه
لايختص بمباشرتها إلا ممثل المجتمع (النيابة العامة) ولايمكن التنازل
عنها ولا الصلح بشأنها على عكس المسؤولية المدنية التي تقوم على
ضرر يصيب مصلحة الضحية خاصة فلا يمكن لغير المضرور المطالبة
بها ويمكن التنازلعنها والصلح بشأنها .
2- لاتقوم المسؤولية الجزائية إلا عن فعل يشكل جريمة منصوص عليها
في قانون العقوبات تطبيقاً للمادة الأولى منه والتي تنص على أنه :
"لاجريمة ولاعقوبة أوتدابير أمن بغير قانون" في حين تقوم المسؤولية
المدنية عن كل خطأ سبب ضرراً للغير سواء كان الخطأ جزائياً أو مدنياً
فتكون بذلك المسؤولية المدنية أوسع من المسؤولية الجزائية .
3- هدف المسؤولية المدنية هو تقرير حق المضرور في تعويض عادل
بينما هدف المسؤولية الجزائية هوحماية المجتمع ككل، وتقرير حق
الدولة في إنزال العقاب بالمتهم (الغرامة,الحبس,السجن أو الإعدام...).
4- في المسؤولية الجزائية لايجوز مساءلة الشخص جزائياً إلا عن فعله
الشخصي (شخصية العقوبة) في حين يجوز مساءلة الشخص مدنياً عن
فعل غيره (متولي الرقابة) ومسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه
5- القصد الجنائي هو الذي يحدد المسؤولية الجزائية (الجريمة والعقوبة)
في حين أن المسؤولية المدنية لاتقيم للقصد وزناً فهي قائمة بسبب وجود
ضرر ناتج عن إهمال أوتقصير أومجرد سهو .
6 - تتقادم دعوى المسؤولية المدنية بمرور 15 سنة من يوم حدوث
الضرر المادة 133 قانون مدني بينما تتقادم دعوى المسؤولية الجزائية
في الجناية بمرور 10 سنوات وفي الجنحة بمرور 3 سنوات وفي المخالفة
بمرور سنتين .
حكم اجتماع المسؤولية المدنية والجزائية في الفعل الواحد :
قد تجتمع المسؤولية المدنية والجزائية في فعل واحد كما في
الضرب والجرح أو السرقة فيكون للمسؤولية الجزائية أثر بالغ في
المسؤولية المدنية من خلال المسائل التالية :
1 - مسألة الإختصاص القضائي :
يختص القاضي الجزائي (قسم الجنح والمخالفات ومحكمة الجنايات)
وحده للفصل في الدعوى العمومية الرامية لإقامة المسؤولية الجزائية .
أما بالنسبةللدعوى المدنية الراميةلإقامة المسؤولية المدنية فينعقد
الإختصاص للقضاء المدني كأصل عام واستثناءاً عن هذا الأصل أجاز المشرع
للمتضرر من جريمة أن يرفع دعواه المدنية أمام القضاء الجزائي بعد تحريك
الدعوى الدعوى العمومية وتسمى بالدعوى المدنية التبعية، وقد نصت المادة
03 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه "يجوز مباشرة الدعوى المدنية
مع الدعوى العامة في وقت واحد أمام الجهة القضائية نفسها ". ويشترط
لمباشرة الدعوى المدنية التبعية :
الشرط الأول: أن يعد الفعل جريمة (جناية,جنحة أو مخالفة)
الشرط الثاني : أن ينتج عن نفس الوقائع التي هي محل الدعوى العمومية
الشرط الثالث : أن يباشر الطرف المتضرر الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية
وفقا للشروط المقررة في هذا الشأن .
وفي حالة حفظ الشكوى (عدم تحريك الدعوى العمومية) يمكن للطرف المضرور
تحريك الدعوى العمومية عن طريق الإدعاء المدني أمام القاضي التحقيق وفقاً
للمادة 72 قانون إجراءات جزائية والتي تنص على "يجوز لكل شخص يدعي أنه
مضار بجريمة أن يدعي مدنياً بأن يقدم شكواه أمام قاضي التحقيق المختص"ويبقى
من اختصاص النيابة العامة مباشرة هذه الدعوى بعد إحالة الشكوى إليها من طرف
قاضي التحقيق
2 - حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجزائي أو المدني :
ففي حالة اختيار الطريق المدني فلا يسوغ للمجني عليه العدول ورفع دعواه
أمام المحكمة الجزائية (م.05 إ.ج)غير أنه يجوز ذلك إذا كانت النيابة قد رفعت
دعواها قبل أن يصدر من المحكمة المدنية حكم في الموضوع .أما إذا اختار
المضرور الطريق الجزائي فبإمكانه العدول عن اختياره ورفع دعواه أمام
القضاء المدني .
3 - قاعدة الجنائي يقيد المدني :
إذا رفعت الدعوى المدنية أمام القضاء المدني بشكل منفصل عن الدعوى
الجزائية فإن المحكمة المدنية ترجئ الفصل في الدعوى المدنية إلى غاية
الفصل النهائي في الدعوى الجزائية بحكم بات (م.04 ق.إ.ج) .
4 - تقيد القاضي المدني بالحكم الجزائي :
إن الهدف من إرجاء الفصل في الدعوى المدنية إلى غاية الفصل في الدعوى
الجزائية هومنع تعارض في الأحكام القضائية فإذا صدر حكم في الدعوى العمومية
وحاز قوة الشيء المقضي فيه صار حجة على القاضي المدني ووجب عليه التقيد
بالوقائع التي فصل فيها القاضي الجزائي (المادة 339 قانون مدني)وعليه فإذا أثبت
القاضي الجزائي وجود سرقة فلا يستطيع القاضي المدني رفض دعوى التعويض
مدعياً انعدام فعل السرقة لكن إذا حكم القاضي الجزائي ببراءة المتهم فهذا لايعني
بالضرورة عدم الإستجابة لطلب التعويض لأن الخطأ المدني يختلف عن الخطأ
الجزائي فقد يكون المتهم قد اقترف خطأ مدنياً ولم يرتكب خطأ جزائياً .