مأزق الدولة الوطنية .
°°°الوطنية بفهمين فهم سليي وآخر ايجابي ، فالفهم السلبي يحصر الوطنية في مصطلح القومية ، وهي دعوة لتكوين أوطان متجانسة في الجنس و اللغة والتاريخ ... ،وقد تكونت دولنا الوطنية بعد انحسار الإستعمار الإمبرايالي فيما بعد منتصف القرن العشرين لكنها بملامح لا تحمل من الوطنية سوى الملمح السلبي ،شمولية التحكم ، عسكرية القوة ، مستبدة التسيير ، جهوية الفعل بانتخابات مزورة ، وديمقراطية مزيفة ، والفكر الإسلامي بنهج مخالف تماما لأن معياره هو دولة المؤمنين والأرض أرض الله يرثها لمن يشاء .
فالدولة القومية (nationalisme). التي مركزها الشعب وليس الملك أو السلطان ( من الشعب وإليه) ، منذ مطلع القرن التاسع عشر وهي تبحث عن أصول شعوبها ، فلهذا تعمقت البحوث وتركزت حول هوية الشعوب وأصولها ، فمن الطبيعي أن نعرف من نحن ؟ لتحديد وجهتنا الحاضرة والمستقبلية ، هناك شعوب وفقت في ذلك وأخرى انتكست أو مازالت تبحث ، مثل ماهو الأمر في دول شمال افريقيا التي يتجاذبها تيارا الأمزغة وتيار العروبة ، فإن كان الماضي يركز على أصول الأسر الحاكمة ومدى شرعية حكمها انتماء للشرعية الدينية او التاريخية ، فإن الدولة القومية تبحث عن جذور ذلك القوم في ذلك الوطن ، فبهذا المنطق القومي فإن الأمازيغ أكثر تجذرا في شمال افريقيا من غيرهم ، فنحن جميع أمازيغ بحكم قدم الشعب الأمازيغي في هذا الوطن الكبير ، وكل وفد إليه يجب أن يندمج فيه لا ليمحوه ويستبدله بهويته الدخيلة .
°°°الوطنية الإيجابية ( patriotisme))] هي وليدة إرهاصات الثورة الفرنسية التي أزالت قيم النظام التقليدي الذي يُوالي ويخضع للملك(السلطان) ، الذي تُستمد منه السلطات والتشريعات ، ويحارب باسمه الشعب،إلى نظام جديد يرتكز على (الولاء للشعب ) ، فالبرلمان يجب أن يشترك فيه كل الشعب بأطيافه الجنسية واللغوية والفكرية والدينية ، فالكل سواسية لا اختلاف بينهم .
فالدولة الوطنية الحديثة بمفهومها الإيجابي ليست هي دولة دينية ، ولا دولة بوليسية ، ولا دولة قبلية ، ولا دولة قومية عنصرية ، وإنما هي دولة مجتمع واحد يعيش في وطن واحد ،يؤمن بالديمقراطية ، والتداول على السلطة ، يأمل العيش المشترك المستقر وبإرادته ، مجتمع ملامحه شعب متسامح تجمعه الآلام والأمال المشتركة ، فبهذه الصورة يتعايش الجميع في مجتمع متناغم وإن اختلفوا في (العقيدة) و(المذهب ) و (الأصول) و(اللغة ) و(العوائد) ، فالدولة الوطنية بهذا الملمح تأخذ مسافة واحدة من جميع مكونها السكاني بلا ضرر ولا ضرار ، وتمنح لكل طيف من أطيافها نفس الحقوق التي لغيرها .
°°° السؤال المطروح للنقاش : هل نحن في الجزائر دولة وطنية ( بالفهم السلبي ) أم ( بالفهم الإيجابي ؟)