قصيدة نهج البردة
لأمير الشعراء أحمد شوقي
ريم على القاع بين البان والعلـــم
أحلّ سفك دمي في الأشـهـرالحـرم
لمـا رنـا حدثـتـني النفـس قائلــــــة
ياويح جنبك بالسهم المصيب رمي
جحدتها وكتمت السـهــم في كبـدي
جرح الأحبة عندي غير ذي ألـــــم
يا لائمي في هواه والهــوى قــــدر
لو شفـّـك الوجد لم تعـذل ولـم تلـــم
لقـد أنـلتــك أذنـاً غـيـر واعيـــــــةٍ
وربّ مستمع والقـلب في صمــــــم
يا ناعس الطرف لاذقت الهوى أبداً
أسهرت مضناك في حفظ الهوى فنم
يا نفــس دنيـــاك تخفــي كل مبكيـــة
وإن بدا لك منهــــا حســن مبتســـم
صلاح أمرك للأخـــلاق مرجـعـــــه
فقوّم النفس بالأخــلاق تســتـقــــــم
والنفس من خيرها في خيرعافيــة
والنفس من شرها في مرتع وخـم
إن جلّ ذنبي عن الغفران لي أمـل
في الله يجعلني في خير معتصــــم
ألقي رجائي إذا عزّ المجير علـى
مفرّج الكرب في الدارين والغمـم
إذا خفضــت جنــاح الــذلّ أسألــه
عزّالشفاعة لم أسأل سـوى أمــم
وإن تقدم ذي تقـوى بصـالحـــــةٍ
قدّمت بين يـديه عـبــرة النــــــدم
لزمت باب أمير الأنـبياء ومَــن
يمسك بمفـتـاح باب الله يغـتـنـم
محمد صـفوة الباري ورحـمتـه
وبغية الله من خلق ومن نسـم
ونودي إقرأ تعـالى اللهُ قائـلها
لم تتصل قبل من قيلت له بفـم
هنـاك أذ ّن للرحمـن فامتــلأت
أسـماع مكة من قدسـية النغم
سرت بشائر بالهادي ومولــده
في الشرق والغرب مسرى النور في الظلم
أتيت والناس فوضى لا تمر بهم
إلا على صنم قد هـام في صنــم
أسـرى بك الله ليلا إذ ملائكــــه
والرسل في المسجد الأقصى على قدم
جبت السماوات أو ما فـوقهن بهم
على مـنـورة دريـّـة اللـجــــــــم
مشيئة الله الـباري وصنعـتـــــه
وقدرة الله فـوق الشـك والتهــم
حتى بلغت سماء لا يطـار لهـــا
على جناح ولا يسـعى على قدم
وقـيل كـل نبــي عـنــد رتبـتـــــه
ويا محمد هــذا العرش فاستلـم
يا ربّ هبـّـت شعوب من منيتها
واستيقـظت أمم من رقدة العدم
رأى قضـاؤك فينا رأي حكمتـه
فاكرم بوجهك من قـاض ومنتقم
فالطف لأجل رسول العالمين بنا
ولا تزد قـومـه هدمـاً ولا تـســم
يارب أحسنت بدء المسلمين به
فتمم الفضل وامنح حسن مختتم
اللهم صلى و سلم و بارك على سيدنا و نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم