المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه - الصفحة 7 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-06-27, 14:57   رقم المشاركة : 91
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة biyabiya مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك اخي.
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
ادام الله مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-06-27, 15:02   رقم المشاركة : 92
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



ما حكم قول الزوجة لزوجها : ( أنت روحي ، لا أستطيع العيش بدونك ) ؟

السؤال:

هل جائز أن أنادي زوجي بـ ( روحي ) ، أو أن أقول له : ( لا أستطيع العيش بدونك ) ؟

مع العلم أنني أقولها من باب محبتي واهتمامي به فقط .


الجواب :


الحمد لله

مناداة الزوجة لزوجها بـ ( روحي ) أو قولها له ( لا أستطيع العيش بدونك ) ، لا حرج فيه – إن شاء الله - ، وهو من باب حسن العشرة بين الزوجين .

والمرأة إذا قالت ذلك لزوجها ، فهي لا تقصد المعنى الحقيقي من اللفظ ، وإنما تقصد به ، أن تبين قدر زوجها ومكانته وعظيم محبتها له في نفسها ، كما أن للروح شأنا وقدرا عظيما بالنسبة للبدن .

وكذلك الحال بالنسبة لقولها : ( لا أستطيع العيش بدونك ) ، فالمقصود : أني أستوحش العيش بدونك .

فهي ألفاظ تقال من غير قصد لظاهر حقيقة معناها ، وهذا معروف في كلام العرب ، كقولهم : فداك أبي وأمي ، ترِبت يداك ، ونحو ذلك .

قال النووي رحمه الله :

" قوله : ( اِرْمِ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي ) فيه جواز التفدية بالأبوين , وبه قال جماهير العلماء , وكرهه عمر بن الخطاب والحسن البصري رضي الله عنهما , وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه .

والصحيح الجواز مطلقا ; لأنه ليس فيه حقيقة فداء , وإنما هو كلام ، وإلطاف ، وإعلام بمحبته له , ومنزلته "

انتهى من " شرح مسلم للنووي " .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-27, 15:06   رقم المشاركة : 93
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم قول : ( أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا )

السؤال:

هل مقولة : أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا , لها أصل في الشرع ؟ وما حكم قولها ؟

الجواب :


الحمد لله

استعمال كلمة " أنا " على وجهها الأصلي ، في التعريف بالشخص ، أو دلالة الإنسان على نفسه ، أو نحو ذلك : هو من مقتضيات الخطاب ، وضرورات اللغة ، التي لا يكاد يستغني عنها الناس في معايشهم ، وتحاورهم .

ومثل هذا لا يمكن أن يذم لذاته ، أو يرد الشرع بمنعه .

هذا لو لم يرد ما يدل على جوازه استعماله ، ووقوع ذلك من نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وخيار الصالحين من بعده .
فكيف ، وقد ورد استعمالها فيما لا يحصى من الأدلة والنصوص الشرعية .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا ) رواه البخاري (20) ، وفي رواية : ( أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِ اللهِ ) رواه أحمد (23682) ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (329) .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه مسلم (2278).

وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : (مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ) الكهف/22

قال: " أنا من أولئك القليل الذين استثنى الله ، كانوا سبعة وثامنهم كلبهم " .

انتهى من "تفسير الطبري" (17/ 642) .

ثم قد يقترن بقولها من قصد القائل ، وحاله : ما يقتضي مدحه على قوله أنا ؛ كما لو قالها في مقام التواضع والانكسار لله ، والاعتراف بالذنب ، والفقر والحاجة إلى رب العالمين .

وفي حديث الاستفتاح : ( اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ) رواه مسلم (771) .

وعلى عكس ذلك : قد يقترن بقولها من قصد صاحبها ، وحاله : ما يقتضي الذم على قوله ، والتأديب عليه ، والمنع منه ، في مثل ذلك المقام .

قال ابن القيم رحمه الله :

" وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ طُغْيَانِ " أَنَا "، " وَلِي "، " وَعِنْدِي "، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ ابْتُلِيَ بِهَا إِبْلِيسُ وفرعون، وقارون، (فَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) لِإِبْلِيسَ، وَ (لِي مُلْكُ مِصْرَ) لفرعون، وَ (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) لقارون.

وَأَحْسَنُ مَا وُضِعَتْ " أَنَا " فِي قَوْلِ الْعَبْدِ: أَنَا الْعَبْدُ الْمُذْنِبُ ، الْمُخْطِئُ، الْمُسْتَغْفِرُ، الْمُعْتَرِفُ .

وَنَحْوِهِ : " لِي "، فِي قَوْلِهِ: لِيَ الذَّنْبُ ، وَلِيَ الْجُرْمُ ، وَلِيَ الْمَسْكَنَةُ، وَلِيَ الْفَقْرُ ، وَالذُّلُّ .

و"َعِنْدِي " ، فِي قَوْلِهِ: " اغْفِرْ لِي جِدِّي ، وَهَزْلِي ، وَخَطَئِي ، وَعَمْدِي ، وَكُلَّ ذَلِكَ عِنْدِي "

انتهى من "زاد المعاد" (2/ 434-435) ، وينظر : "معجم المناهي اللفظية" للشيخ بكر أبو زيد ، رحمه الله (150) .

والحاصل :

أن مجرد قول العبد " أنا " لا يشرع الاستعاذة بالله منه ، بل تكلف ذلك ، كما في العبارة الواردة في السؤال ، في عموم الأحوال : أشبه بتنطعات الطرقية والصوفية ، وتكلفاتهم ، ثم هو خارج عن معتاد البشر ، ولا يمكن أن يتلزمه أحد في كل مقام .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-27, 15:11   رقم المشاركة : 94
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التخلص من الكبر

السؤال


كيف يتخلص الإنسان من التكبر ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

التكبر صفة ذميمة يتصف به إبليس وجنوده من أهل الدنيا ممن طمس الله تعالى على قلبه .

وأول من تكبر على الله وخلقه هو إبليس اللعين لمَّا أمره الله تعالى بالسجود لآدم فأبى واستكبر وقال " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " .

قال الله تعالى : { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين . قال ما منعك أن تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } الأعراف / 11 – 12 .

فالكبر خلُق من أخلاق إبليس ، فمن أراد الكِبر فليعلم أنه يتخلق بأخلاق الشياطين ، وأنه لم يتخلق بأخلاق الملائكة المكرمين الذين أطاعوا ربهم فوقعوا ساجدين .

ناهيك عن كون الكبر سبباً لحرمان صاحبه من الجنة ويحرم نفسه من أن ينظر رب العزة إليه كما جاء في الحديثين الآتيين :

1. عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر : بَطَر الحق وغَمْط الناس " .

رواه مسلم ( 91 ) .

وبطر الحق : رده بعد معرفته .

وغمط الناس : احتقارهم .

2. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، فقال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء " .

رواه البخاري ( 3465 ) .

ثانياً :

والكبر صفة من الصفات التي لا تنبغي إلا لله تعالى ، فمن نازع الله فيها أهلكه الله وقصمه وضيق عليه .

عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : " العز إزاره والكبرياء رداؤه فمن ينازعني عذبته " .

رواه مسلم ( 2620 ) .

قال النووي :

هكذا هو في جميع النسخ ، فالضمير في " ازاره " ، " ورداؤه " : يعود إلى الله تعالى للعلم به ، وفيه محذوف تقديره : " قال الله تعالى : ومن ينازعني ذلك أعذبه " .

ومعنى " ينازعني " : يتخلق بذلك فيصير في معنى المشارك .

وهذا وعيد شديد في الكبر مصرح بتحريمه .

" شرح مسلم " ( 16 / 173 ) .

وكل من حاول الكبر والارتفاع خفضه الله تعالى في الأسفلين وجعله في الأذلين لأنه خالف الأصل فجازاه الله تعالى بنقيض قصده ، وقد قيل : الجزاء من جنس العمل .

والذي يتكبر على الناس يكون يوم القيامة مداساً تحت أقدام الناس فيذله الله تعالى جزاء ما كان منه من الكبر .

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذرِّ في صُوَر الرجال يغشاهم الذل من كل مكان فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى " بولس " تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال".

رواه الترمذي ( 2492 ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ( 2025 ) .

ثالثاً :

وللكبر صور عدة منها :

1. ألا يقبل الرجل الحق ويجادل بالباطل ، كما ذكرنا في حديث عبد الله بن مسعود " الكبر : بطر الحق وغمط الناس " .

2. أن تعجبه نفسه من جمال أو حسن ، أو ثراء في الملبس أو المأكل فيتبختر ويتكبر ويفخر على الناس .

عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم أو قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : " بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة " .

رواه البخاري ( 3297 ) ومسلم ( 2088 ) .

ومنه ما كان من ذلك الرجل صاحب الذي قال الله تعالى فيه : { وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً } الكهف / 34 .

وقد يكون ذلك بالتفاخر بالعشيرة والنسب .

رابعاً :

ومن طرق علاج الكبر أن ترى نفسك كالناس وأنهم مثلك ولدوا من أم وأب كما ولدت وأن التقوى هي المعيار الحق .

قال الله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات / 13 .

وليعلم المسلم المتكبر أنه مهما بلغ فهو أضعف من أن يبلغ طول الجبال أو أن يخرق الأرض كما قال الله تعالى : { ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور . واقصد في مشيك واغضض من صوتك ، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } لقمان / 18 – 17 .

قال القرطبي :

قوله تعالى : { ولا تمش في الأرض مرحا } وهذا نهي عن الخيلاء وأمر بالتواضع ، والمرح : شدة الفرح ، وقيل : التكبر في المشي ، وقيل : تجاوز الإنسان قدره .

وقال قتادة : هو الخيلاء في المشي ، وقيل : هو البطر والأشر ، وقيل : هو النشاط .

وهذه الأقوال متقاربة ولكنها منقسمة قسمين :

أحدهما : مذموم ، والآخر : محمود .

فالتكبر والبطر والخيلاء وتجاوز الإنسان قدره : مذموم .

والفرح والنشاط محمود .

" تفسير القرطبي " ( 10 / 260 ) .

ومن العلاج أن يعلم الإنسان أن المتكبر يوم القيامة يحشر صغيراً كأمثال الذر تدوسه الأقدام ، والمتكبر مبغوض عند الناس كما أنه مبغوض عند الله تعالى ، والناس يحبون المتواضع السمح اللين الهين ويبغضون الغليظ والشديد من الرجال .
ومنه أن يتذكر الإنسان أنه خرج هو والبول من مكان واحد ، وأن أوله نطفة قذرة وآخره جيفة نتنة وأنه بين ذلك يحمل العذرة ( أي البراز ) فبم يتكبر ؟!!

نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الكبر وأن يرزقنا التواضع .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-27, 15:15   رقم المشاركة : 95
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف يتخلص من العجب ؟

السؤال :

كيف يتخلص الإنسان من العجب بطريقة عملية ؟

فأحياناً عندما أفعل شيئاً - سواء طاعة ، أو فعل خير - أشعر بشيء من العجب ، وذلك يضايقني كثيراً ، فكيف أتخلص من ذلك ؟


الجواب :

الحمد لله

نسأل الله أن يرزقنا جميعا الإخلاص في السر والعلن .

اعلم أخي السائل أن العجب آفة يعاني منها الكثير من الناس ، وتكمن خطورتها في الانصراف عن الثناء على الله إلى الثناء على النفس ، وهي تتعارض مع واقع الانكسار والتذلل المستحب في طاعة المولى عز وجل .

وقد قرر علماء السلوك والأخلاق أن سبب العجب في الحقيقة هو الجهل المحض أو الغفلة أو الذهول ، فإذا صاحب ذلك إطراء الناس للشخص وكثرة ثنائهم عليه ، مع ضعف مراقبة الله عز وجل وقلة الورع والخشية ، اجتمعت على المرء هذه الآفة الشديدة فأهلكته إلا أن يتداركه الله برحمته .

قال ابن القيم رحمه الله : " جهله بنفسه وصفاتها وآفاتها وعيوب عمله ، وجهله بربه وحقوقه وما ينبغي أن يعامل به يتولد منهما رضاه بطاعته وإحسان ظنه بها ، ويتولد من ذلك من العجب والكبر والآفات ما هو أكبر من الكبائر الظاهرة من الزنا وشرب الخمر والفرار من الزحف ونحوها " انتهى .

"مدارج السالكين" (1/175) .

وللعلماء في بيان طرق التخلص من هذه الآفة كتابات عديدة ، من أوسعها وأفضلها وأدقها ما كتبه العلامة ابن حزم الأندلسي رحمه الله ، ونحن ننقله هنا بشيء من الاختصار الذي يحقق المقصود ولا يخل به إن شاء الله تعالى :

قال رحمه الله :

" من امتُحن بالعجب فليفكر في عيوبه ، فإن أُعجب بفضائله فليفتش ما فيه من الأخلاق الدنيئة ، فإن خفيت عليه عيوبه جملة حتى يظن أنه لا عيب فيه فليعلم أن مصيبته إلى الأبد ، وأنه لأتم الناس نقصاً ، وأعظمهم عيوباً ، وأضعفهم تمييزاً .
وأول ذلك أنه ضعيف العقل ، جاهل ، ولا عيب أشد من هذين ؛ لأن العاقل هو من ميز عيوب نفسه فغالَبَها وسعى في قمعها ، والأحمق هو الذي يجهل عيوب نفسه .

واعلم يقيناً : أنه لا يسلم إنسي من نقص ، حاشا الأنبياء صلوات الله عليهم ، فمن خفيت عليه عيوب نفسه فقد سقط ، وصار من السخف والضعة والرذالة والخسة وضعف التمييز والعقل وقلة الفهم بحيث لا يتخلف عنه متخلف من الأرذال ، وبحيث ليس تحته منزلة من الدناءة ، فليتدارك نفسه بالبحث عن عيوبه ، والاشتغال بذلك عن الإعجاب بها ، وعن عيوب غيره التي لا تضره في الدنيا ولا في الآخرة .

وما أدري لسماع عيوب الناس خصلة إلا الاتعاظ بما يسمع المرء منها ، فيجتنبها ويسعى في إزالة ما فيه منها بحول الله تعالى وقوته .

وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبير لا يسوغ أصلاً ، والواجب اجتنابه إلا في نصيحة من يتوقع عليه الأذى بمداخلة المعيب ، أو على سبيل تبكيت المعجَب فقط في وجهه ، لا خلف ظهره .

ثم تقول للمعجَب : ارجع إلى نفسك ، فإذا ميزت عيوبها فقد داويت عجبك ، ولا تُمَيِّل [ أي : توازن وتقارن ] بين نفسك وبين من هو أكثر عيوباً منها فتستسهل الرذائل وتكونَ مقلِّداً لأهل الشر ، وقد ذم تقليد أهل الخير

فكيف تقليد أهل الشر ! لكن ميِّلْ بين نفسك وبين من هو أفضل منك ، فحينئذ يتلف عجبك ، وتفيق من هذا الداء القبيح الذي يولد عليك الاستخفاف بالناس ، وفيهم بلا شك من هو خير منك ، فإذا استخففت بهم بغير حق ، استخفوا بك بحق ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) .

فإن أعجبت بعقلك : ففكر في كل فكرة سوء تحل بخاطرك ، وفي أضاليل الأماني الطائفة بك ، فإنك تعلم نقص عقلك حينئذ .

وإن أعجبت بآرائك : فتفكر في سقطاتك ، واحفظها ولا تنسها ، وفي كل رأي قَدَّرته صواباً فخرج بخلاف تقديرك وأصاب غيرك ، وأخطأت أنت ، فإنك إن فعلت ذلك فأقل أحوالك أن يوازن سقوط رأيك بصوابه ، فتخرج لا لك ولا عليك ، والأغلب أن خطأك أكثر من صوابك ، وهكذا كل أحد من الناس بعد النبيين صلوات الله عليهم .

وإن أعجبت بعملك : فتفكر في معاصيك وفي تقصيرك وفي معاشك ووجوهه ، فو الله لتجدن من ذلك ما يغلب على خيرك ، ويُعَفِّي على حسناتك ، فليطل همك حينئذ ، وأبدل من العجب تنقصاً لنفسك .

وإن أعجبت بعلمك : فاعلم أنه لا خصلة لك فيه ، وأنه موهبة من الله مجردة ، وهبك إياها ربك تعالى ، فلا تقابلها بما يسخطه ، فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها ، تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت .

ولقد أخبرني عبد الملك بن طريف ، وهو من أهل العلم والذكاء واعتدال الأحوال وصحة البحث ، أنه كان ذا حظ من الحفظ عظيم ، لا يكاد يمر على سمعه شيء يحتاج إلى استعادته ، وأنه ركب البحر فمر به فيه هول شديد أنساه أكثر ما كان يحفظ ، وأخل بقوة حفظه إخلالاً شديداً ، لم يعاوده ذلك الذكاء بعد .

وأنا أصابتني علة فأفقت منها وقد ذهب ما كنت أحفظ إلا ما لا قدر له ، فما عاودته إلا بعد أعوام .

واعلم أن كثيراً من أهل الحرص على العلم يجِدّون في القراءة والإكباب على الدروس والطلب ثم لا يرزقون منه حظاً ، فليعلم ذو العلم أنه لو كان بالإكباب وحده لكان غيره فوقه ، فصح أنه موهبة من الله تعالى ، فأي مكان للعجب ها هنا ! ما هذا إلا موضع تواضع وشكر لله تعالى ، واستزادة من نعمه ، واستعاذة من سلبها .

ثم تفكر أيضاً في أن ما خفي عليك وجهلته ـ من أنواع العلم الذي تختص به ، والذي أعجبت بنفاذك فيه ـ : أكثر مما تعلم من ذلك ، فاجعل مكان العجب استنقاصاً لنفسك واستقصاراً لها ، فهو أولى .

وتفكر فيمن كان أعلم منك ، تجدهم كثيراً ، فلتهن نفسك عندك حينئذ .

وتفكر في إخلالك بعلمك ، وأنك لا تعمل بما علمت منه ، فعلمك عليك حجة حينئذ ، ولقد كان أسلم لك لو لم تكن عالماً ، واعلم أن الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسن حالاً وأعذر ، فليسقط عجبك بالكلية .

ثم لعل علمك الذي تعجب بنفاذك فيه من العلوم المتأخرة التي لا كبير خصلة فيها ، كالشعر وما جرى مجراه ، فانظر حينئذ إلى مَن عِلمُهُ أجل من علمك في مراتب الدنيا والآخرة ، فتهون نفسك عليك .

وإن أعجبت بشجاعتك فتفكر فيمن هو أشجع منك ، ثم انظر في تلك النجدة التي منحك الله تعالى فيم صرفتها ، فإن كنت صرفتها في معصية فأنت أحمق ؛ لأنك بذلت نفسك فيما ليس ثمناً لها ، وإن كنت صرفتها في طاعة ، فقد أفسدتها بعجبك ، ثم تفكر في زوالها عنك بالشيخوخة وأنك إن عشت فستصير من عدد العيال ، وكالصبي ضعفاً .

على أني ما رأيت العجب في طائفة أقل منه في أهل الشجاعة ، فاستدللت بذلك على نزاهة أنفسهم ورفعتها وعلوها

وإن أعجبت بجاهك في دنياك : فتفكر في مخالفيك وأندادك ونظرائك ، ولعلهم أخساء وضعفاء سقاط ، فاعلم أنهم أمثالك فيما أنت فيه ، ولعلهم ممن يُستحيا من التشبه بهم لفرط رذالتهم وخساستهم في أنفسهم وأخلاقهم ومنابتهم ، فاستهن بكل منزلة شاركك فيها من ذكرت لك ، وإن كنت مالك الأرض كلها ، ولا مخالف عليك ؟!!

واعلم أن عجبك بالمال حمق ؛ لأنه أحجار لا تنتفع بها إلا أن تخرجها عن ملكك بنفقتها في وجهها فقط ، والمال أيضاً غاد ورائح ، وربما زال عنك ، ورأيته بعينه في يد غيرك ، ولعل ذلك يكون في يد عدوك ، فالعجب بمثل هذا سخف ، والثقة به غرور وضعف .

وإن أعجبت بحسنك ففكر فيما يولد عليك مما نستحي نحن من إثباته ، وتستحي أنت منه إذا ذهب عنك بدخولك في السن ، وفيما ذكرنا كفاية .

وإن أعجبت بمدح إخوانك لك : ففكر في ذم أعدائك إياك ، فحينئذ ينجلي عنك العجب ؛ فإن لم يكن لك عدو : فلا خير فيك ، ولا منزلة أسقط من منزلة من لا عدو له ، فليست إلا منزلة من ليس لله تعالى عنده نعمة يحسد عليها ، عافانا الله .

فإن استحقرت عيوبك : ففكر فيها لو ظهرتْ إلى الناس ، وتمثل إطلاعهم عليها ، فحينئذ تخجل ، وتعرف قدر نقصك إن كانت لك مُسكة من تمييز .

وإن أعجبت بنسبك : فهذه أسوأ من كل ما ذكرنا ؛ لأن هذا الذي أعجبت به لا فائدة له أصلاً في دنيا ولا آخرة ، وانظر هل يدفع عنك جوعة ، أو يستر لك عورة ، أو ينفعك في آخرتك . وإن أعجبت بقوة جسمك : فتفكر في أن البغل والحمار والثور أقوى منك وأحمل للأثقال .

وإن أعجبت بخفتك : فاعلم أن الكلب والأرنب يفوقانك في هذا الباب ، فمن العجب العجيب ، إعجاب ناطق بخصلة يفوقه فيها غير الناطق .

واعلم أن رياضة الأنفس أصعب من رياضة الأسد ، لأن الأسد إذا سجنت في البيوت التي تتخذ لها الملوك ، أمن شرها ، والنفس وإن سجنت لم يؤمن شرها " انتهى باختصار .

"الأخلاق والسير وأثرها في مداواة النفوس" (ص/29-34) ، وانظر: "بريقة محمودية" (2/237)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-27, 15:20   رقم المشاركة : 96
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

كيف يتخلص من حسده لإخوانه

السؤال

حتى يكون المسلم صادقا في إسلامه عليه أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه. والحمد لله ، فإنه من السهل أن أحب لأخي من الدم (شقيقي) ما أحبه لنفسي ، لكن ذلك يصعب علي جدا تجاه إخواني من المسلمين إلا القليلين منهم . والسبب هو أني عندما أرى إخواني من المسلمين وهم أفضل مني في أي شيء، فإني أشعر بالغيرة، وأظنه من الكبرياء ( أخي أنا أدعو الله أن يغفر لي لأني وجدت هذا الشعور، لكني عندما أراهم مرة أخرى، فإني أجد الشعور ذاته مرة أخرى).

أريد أن أشعر بالفرح إذا رأيت إخواني ينجحون ، وأريد أن أحزن لحزنهم . لكني كلما رأيت الناس وهم يثنون عليهم فإني أشعر بالغيرة .

وأيضا، فإني أشعر وكأني أريد لإخوتي المسلمين دخول جنة الفردوس لكن كلما أخبرني أخ مسلم بشيء يفيدني في ديني ، فأنا أريد تطبيقه ، لكن الشيطان يحضر ويخبرني بأني أن أنا طبقت ما أخبرني به ذلك الأخ

فإنه سيحصل على نفس الأجر مثلي، ولذلك ، فإن درجته ستكون أعلى مني في الجنة، ونفسي أحيانا تسقط في هذه المصيدة . وأريد أن أعرف كيف لي أن أشفى من هذه المشكلة تماما؟.


الجواب


الحمد لله

الواجب على المسلم كما ذكرت أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير، وأن يكره لأخيه ما يكره لنفسه من الشر ، وهذا لا يتنافى مع أن يحب لنفسه ما يحب للآخرين ، أما كونه حين يرى عند إخوانه من الخير ما ليس عنده يتمنى ذلك فهذا من الغبطة ، إلا إذا تمنى أن تزول عنهم النعمة فيسمى حسدا .

والمسلم يحتاج إلى أن يجاهد نفسه حتى يصفو قلبه لإخوانه المسلمين ، وإذا صدقت محبته لإخوانه ، زالت كثير من هذه المشكلات التي يعاني منها ، وحين يعلم المسلم ما له من الفضل والمنزلة حين يحب إخوانه ويحب لهم الخير ، وحين يعلم ما له من الأجر إذا أحسن إليهم فإن ذلك سوف يدفعه إلى الإحسان إليهم بكل سبيل ، وأن يجتهد في نفع إخوانه بدلا من أن ينشغل بحسدهم وبالتفكير فيما سينالون دونه .

الشيخ محمد الدويش .

وعليك أن تتأمل طويلاً قول الله تعالى : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) .

وقول الله تعالى : ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ) .

والحسد ضرره عظيم في الدنيا والآخرة فقد أخرج الترمذي عن الزبير بن العوام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أنبئكم بما يثبت ذلكم بينكم أفشوا السلام بينكم )

حديث حسن ( جامع الترمذي / 2434 ) .

" ومعنى تحلق الدين قال الطيبي : أي البغضاء تذهب بالدين كالموسى تذهب بالشعر " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي .

والذي يظهر يا أخي أنك عالم بالحكم عارفٌ بما يترتب عليه وتريد الحلول لهذه الخصلة الذميمة وإليك بعض الحلول :

1- دعاء الله والتضرع إليه أن يزيل عنك هذا الداء وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه ( واهدِ قلبي واسلل سخيمة صدري ) ومعناه "اهدِ قلبي" إلى الصراط المستقيم ، و "اسلل سخيمة صدري" ، أي أخرج غشَّه وغلَّه وحقده .

2- التأمل في القرآن وإكثار قراءته لا سيما الآيات التي تكلمت عن الحسد - لأن قراءة القرآن يحصِّل به الإنسان الحسنات وقد قال الله تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) .

3- قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده عن الحسد وحبه الخير للغير حتى لأعدائه ومن الكتب النافعة ( نور اليقين في سيرة سيد المرسلين ) .

4- قراءة قصص الصحابة وأخبارهم ومن الكتب الميسرة في هذا الباب كتاب ( صور من حياة الصحابة لعبد الرحمن رأفت الباشا ) .

5- إذا حدثتك نفسك بمثل هذه الأمور فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم واشتغل بعمل ما ينسيك هذه الوساوس والخطرات .

6- إذا غلبك الشيطان بإلقاء الحسد في قلبك فإياك أن يظهر على لسانك أو في فعلك ما يدل على الحسد . فإن لكل إنسان نصيب من الحسد ، قال شيخ الإسلام : " يقال ما خلا جسد من حسد ، فالكريم يخفيه واللئيم يبديه " . أمراض القلوب ، والإنسان لا يحاسب على ما تحدثه به نفسه ولكنه يحاسب على أقواله وأفعاله قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )

رواه البخاري / 2033 .

7- إذا أحسست بأنك تحسد شخصاً معيناً فقم بشراء هدية له ومصافحته فقد قال عليه الصلاة والسلام ( تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء ) رواه مالك في الموطأ / 1413 ، لأن الحسد ناتج عن البغضاء وضدها المحبة وطريقها الهدية وإفشاء السلام لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )

رواه مسلم / 81 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه أمراض القلوب :

" فمن وجد في نفسه حسداً لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر فيكره ذلك من نفسه .. وأما من اعتدى بقول أو فعل فذلك يعاقب ومن اتقى وصبر فلم يدخل في الظالمين نفعه الله بتقواه . " ا.هـ.

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:46   رقم المشاركة : 97
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




كم قول الرجل لصاحبه : " اختبر شيطانك " !


السؤال:


هناك بعض الناس إذا أراد أن يحمس صديقا له على الطاعة قال له : (اختبر شيطانك ، هل سيستطيع أن يثبط عن الخير أم لا ).

فهل مقولة (اختبر شيطانك) فيها محظور شرعي ؟


الجواب :

الحمد لله

نود أن ننبه إخواننا إلى عدم الانسياق وراء هذه الكلمات والجمل المستحدثة ، وهذه العبارات التي فيها من التكلف ، والتنطع ، والاستكراه ، أكثر ما فيها من التنميق والتزويق .

والساعي إلى الخير يسعى إليه بفعله وتوجيهه وأمره ونهيه وهو على بينة من ربه سالكا سبل الصالحين والأئمة المرضيين ، في غير إحداث وبدعة ، قانعا بما قنع به أوائله أهل العلم والخير والصلاح .

ولقد ابتلى الله آدم عليه السلام وذريته بإبليس وجنده ، وحذرهم من فتنته واتباع أمره ، فقال تعالى : ( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ) طه/ 117 .

وقال تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/ 27 .

وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) النور/ 21 .

وقال جل وعلا : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ) يس/ 60 – 62 .

وقال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) الأعراف/ 201 .

فابتلانا الله بالشيطان وحزبه ، واختبرنا بهم ، وأمرنا بمخالفتهم ، ونهانا عن اتباعهم ، وحذرنا من عاقبة أمرهم في الدنيا والآخرة .

والمرء يحذر شيطانه ، فيتبع الكتاب والسنة ، ويصاحب أهل الخير وينأى بنفسه عن مصاحبة أهل الشر ، وينتبه في شأنه كله إلى كيد الشيطان ، فإذا وسوس إليه بشيء استعاذ بالله منه ، وإذا وقع في شراكه بادر إلى التوبة .
ولم يأت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر باختبار الشيطان أو معارضته لمعرفة مدى قدرته ، ونحو ذلك ، إنما اختبرنا الله به وحذرنا منه .

وأما ما ذكر في السؤال : فلا تخفى تكلفه ، ولا يخفى ما فيه من التنطع ، والتبدع ؛ فدع شيطانك ، لا تختبره بشيء ، وليس عليك منه شيء ، فقط ، أنت أصلح نفسك ـ يا عبد الله ـ وجاهدها في الله .

والله تعالى أعلم .


........

هل الشيطان يعلم خواطر الإنسان ونواياه؟


السؤال:


هل الشيطان يعلم ما يحاك في صدورنا من كلام لا يعلمه إلا الله فيوسوس ما يناسب خواطرنا أم ماذا ؟

الجواب:

الحمد لله

دلت الأدلة الصحيحة على أن الشيطان قريب من الإنسان ، بل يجري منه مجرى الدم ، فيوسوس له في حال غفلته ، ويخنس في حال ذكره ، ومن خلال هذه الملازمة فإنه يعلم ما يهواه الإنسان من الشهوات فيزينها له ، ويوسوس له بخصوصها .

روى البخاري (3281) ومسلم (2175) عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

: " وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة [أي الملائكة تشم ريحا طيبة حين يهم العبد بالحسنة كما جاء عن سفيان بن عيينة] ، فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك ، بل ما في قلب ابن آدم يعلمونه ، بل

ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه ، بل الشيطان يلتقم قلبه ؛ فإذا ذكر الله خنس ، وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس ، ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره ، ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي فيزينها له .

وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضي الله عنها ( إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم ).

وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار ، سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/508) .

فالشيطان يطلع على وسوسة الإنسان لنفسه ، ويعلم ما يميل إليه ويهواه من الخير والشر، فيوسوس له بحسب ذلك
.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله – ضمن سؤال طويل - : وإذا نويت عمل خير في قلبي هل يعلم به الشيطان ويحاول صرفي عنه؟

فأجاب : " كل إنسان معه شيطان ومعه ملك , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة . قالوا : وأنت يا رسول الله؟ قال : وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير) . وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يملي على الإنسان الشر ويدعوه إلى الشر وله لَمَّة في قلبه

وله اطلاع بتقدير الله على ما يريده العبد وينويه من أعمال الخير والشر , والملَك كذلك له لمَّة بقلبه يملي عليه الخير ويدعوه إلى الخير ، فهذه أشياء مكنهم الله منها : أي مكن القرينين ، القرين من الجن والقرين من الملائكة , وحتى النبي صلى الله عليه وسلم معه شيطان وهو القرين من الجن كما تقدم الحديث بذلك ...

والمقصود أن كل إنسان معه قرين من الملائكة وقرين من الشياطين ,

فالمؤمن يقهر شيطانه بطاعة الله والاستقامة على دينه , ويذل شيطانه حتى يكون ضعيفا لا يستطيع أن يمنع المؤمن من الخير ولا أن يوقعه في الشر إلا ما شاء الله , والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل , وتشجيعه على الباطل ,

وعلى تثبيطه عن الخير . فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن يحرص على جهاد شيطانه بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان , وعلى أن يحرص في مساعدة ملَكه على طاعة الله ورسوله والقيام بأوامر الله سبحانه وتعالى "

انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (9/369).

والله أعلم .


....

حديث : ( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ )


السؤال :

المجاهد هو من يجاهد نفسه على طاعة الله " ما مدى صحة هذا الحديث ؟


الجواب
:

الحمد لله

روى الإمام أحمد (23958) ، وابن حبان (4862) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (796) ، والحاكم (24) ، وابن المبارك في "الزهد" (826) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (11794) ، والبيهقي في "الشعب" (10611) عن فَضَالَة بْن عُبَيْدٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ ) .

ورواه الترمذي (1621) مختصرا ، ولفظه : ( المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ ) .

ورواه ابن ماجة (3934) مختصرا ، ولفظه : (الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ) .

وصححه الترمذي والحاكم ، وكذا صححه الألباني في "الصحيحة" (549) .

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 268) مطولا ، وقال :

" رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ ثِقَاتٌ " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وفضالة بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ ، وَهُوَ فِي " السُّنَنِ " وَبَعْضُهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 7) .

وفي معنى الحديث ، قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" ( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ) فَيُؤْمَرُ بِجِهَادِهَا ، كَمَا يُؤْمَرُ بِجِهَادِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعَاصِي وَيَدْعُو إلَيْهَا ، وَهُوَ إلَى جِهَادِ نَفْسِهِ أَحْوَجُ ؛ فَإِنَّ هَذَا فَرْضُ عَيْنٍ ، وَذَاكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ ، وَالصَّبْرُ فِي هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ ؛ فَإِنَّ هَذَا الْجِهَادَ : حَقِيقَةُ ذَلِكَ الْجِهَادِ ؛ فَمَنْ صَبَرَ عَلَيْهِ ، صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ الْجِهَادِ . كَمَا قَالَ: ( وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ) .

ثُمَّ هَذَا [ يعني : جهاد النفس ] : لَا يَكُونُ مَحْمُودًا فِيهِ إلَّا إذَا غَلَبَ [يعني : إذا غلب هوى نفسه ] ؛ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ ، فَإِنَّهُ مَنْ يُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ : (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 635) .

وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (3/ 6):

" كَانَ جِهَادُ النَّفْسِ مُقَدَّمًا عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ فِي الْخَارِجِ ، وَأَصْلًا لَهُ ، فَإِنَّهُ مَا لَمْ يُجَاهِدْ نَفْسَهُ أَوَّلًا ، لِتَفْعَلَ مَا أُمِرَتْ بِهِ ، وَتَتْرُكَ مَا نُهِيَتْ عَنْهُ ،

وَيُحَارِبهَا فِي اللَّهِ : لَمْ يُمْكِنْهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ فِي الْخَارِجِ ؛ فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ ، وَالِانْتِصَافُ مِنْهُ : وَعَدُوُّهُ الَّذِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ قَاهِرٌ لَهُ ، مُتَسَلِّطٌ عَلَيْهِ ، لَمْ يُجَاهِدْهُ ، وَلَمْ يُحَارِبْهُ فِي اللَّهِ ؛ بَلْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إِلَى عَدُوِّهِ ، حَتّى يُجَاهِدَ نَفْسَهُ عَلَى الْخُرُوجِ " انتهى .

وقال ابن رجب رحمه الله في "لطائف المعارف" (ص/227):

" النوع الثاني من الجهاد: جهاد النفس في طاعة الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المجاهد من جاهد نفسه في الله) ، وقال بعض الصحابة لمن سأله عن الغزو؟ : " ابدأ بنفسك فاغزها ، وابدأ بنفسك فجاهدها " .

وأعظم مجاهدة النفس على طاعة الله عمارة بيوته بالذكر والطاعة " انتهى .

وقال أيضا :

" فهذا الجهاد يحتاجُ أيضاً إلى صبر، فمن صبر على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه : غلبه ، وحصل له النصر والظفر، وملَكَ نفسه ، فصار عزيزاً ملكاً، ومن جَزِعَ ولم يَصبر على مجاهدة ذلك ، غُلِب وقُهر وأُسر، وصار عبداً ذليلاً أسيراً في يدي شيطانه وهواه ، كما قيل:

إذا المَرءُ لم يَغلِبْ هواهُ أقامه * بمنْزلةٍ فيها العَزيزُ ذَليلُ " .

انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2/ 584)
.
والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:50   رقم المشاركة : 98
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يُنْكَر على من يقول عند التهنئة : " مبروك " ؟

السؤال :

أريد منكم أن توضحوا لي كلمة مبروك ، حيث أن هذا تعبير شائع على ألسنة العوام أن يقولوا مبروك لفلان ، هذا خطأ فادح ، ويعارض الاستخدام الصحيح للكلمة في اللغة العربية ، حيث أن كلمة مبروك مشتقة من الفعل برَكَ ، وكلمة مُباركْ مشتقة من بارك ، لذلك لا يجب استخدام كلمة مبروك ويجب استخدام كلمة مبارك للتهنئة

لأنها مشتقة من البركة كما ذكرنا آنفا ،والعوام لا يقصدون بقولهم مبروك لفلان المعنى الخطأ لكلمة برك إنما يقصدون معنى البركة ، ولكن هذا التعبير خاطئ .

فهل يُنْكَر على من يقول عند التهنئة : " مبروك " ؟


الجواب :

الحمد لله

الصحيح من حيث اللغة ، وكذا من حيث الاستعمال الشرعي أن يقال : " مبارك " ولا يقال : " مبروك " ؛ وذلك أن اسم المفعول من فاعل الرباعي هو مفاعل .

وقال في "القاموس المحيط" (ص 932):

" البَرَكَةُ : النَّماءُ والزيادةُ ، والسَّعادَةُ ، والتَّبْريكُ: الدُّعاءُ بها.

وبَريكٌ: مُبارَكٌ فيه ، وبارَكَ اللهُ لَكَ ، وفيكَ ، وعليكَ، وبارَكَكَ ، وبارِكْ على محمدٍ، وعلى آلِ محمدٍ : أدِمْ له ما أعْطَيْته من التَّشْريفِ والكَرامَةِ ".

انتهى .

وقال في "المصباح المنير" (1/ 45):

" الْبَرَكَةُ : الزِّيَادَةُ وَالنَّمَاءُ ، وَبَارَكَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ فَهُوَ مُبَارَكٌ ، وَالْأَصْلُ مُبَارَكٌ فِيهِ " انتهى .

وقال تعالى : ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ) الأنعام/ 92 .

وقال عز وجل : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) الدخان/ 3 .

وقال عن عيسى عليه السلام : ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ) مريم/ 31 .

وروى البخاري أيضا (5458) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ :" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: ( الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ ، وَلاَ مُوَدَّعٍ ، وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا ) .

على أن الأمر في هذا من حيث استعمال الناس : واسع ، فليس هذا من الألفاظ التوقيفية التي ورد الشرع بالتزامها ، بل بأي لفظ أدى معنى الدعاء بالبركة ، مما تعارفه الناس : حصل المقصود ، ولا إنكار في ذلك ، حتى وإن كان لفظا ملحونا من حيث الصنعة اللغوية ، ما دام المعنى في ذلك واضحا لمن يستعمله .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما حكم القول عند التهنئة " مبروك " مع ما يقال إنها مأخوذة من البروك ، كأن تقول برك الجمل وليست بمعنى مبارك الذي هو من البركة ؟

فأجاب : " اللفظة صالحة بأن تكون من البركة ، لأنه يقال هذا مبارك من الفعل الرباعي بارك ، ويقول هذا مبروك من برك ، ولكن العامة لا يريدون به إلا البركة وهو بمعنى مبارك في اللغة العرفية .."

انتهى ، من "فتاوى إسلامية" (4/ 478) .

والحاصل :

أنه لا حرج في استعمال كلمة "مبروك" عند التهنئة ، والدعاء بالبركة ، ما دام الناس قد تعارفوا على ذلك ، ولا خطأ فيه أصلا ، من الناحية الشرعية ، فضلا عن أن يكون فادحا .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 18:00   رقم المشاركة : 99
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يعم الفضل في قوله تعالى ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) جميع الأمة ؟

السؤال:


كثيرا ما نجد مكتوبا في رسائل الناس الشخصية آية: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) التي خاطب الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فهل يعم الفضل في هذه الآية كل أحد؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

كتابة هذه الآية في الرسائل هو من جنس الاقتباس من كتاب الله تعالى ، وقد تقدم أن الاقتباس جائز في الجملة ، إذا كان لمقصد صحيح ، إما إذا كان بخلاف ذلك لم يجز .

ثانيا : قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) الضحى/ 5 ، يعني أنه سبحانه وتعالى سيعطي عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من فضله وكرمه ما يحصل له به تمام الرضا في الدنيا والآخرة .

قال الشوكاني رحمه الله :

" والظاهر أنه سبحانه يعطيه ما يرضى به من خيري الدنيا والآخرة ، ومن أهم ذلك عنده وأقدمه لديه قبول شفاعته لأمته "

انتهى من "فتح القدير" (5 /649)

ومثل هذا لا يعم كل أحد بطبيعة الحال ، والقطع لأحد من الناس بعطاء من الله حتى الرضا لا يجوز إلا بالنص الشرعي
.
ثالثا :

التمثل بهذه الآية يختلف حكمه من حال إلى حال :

- فمن تمثل بها على سبيل التفاؤل فلا حرج عليه .

- ومن تمثل بها على سبيل الإشارة والعناية بحال المسلم المبتلى الصابر فقال له مثلا : اصبر فلسوف يعطيك ربك فترضى إن شاء الله ، فلا حرج أيضا ، لأن ذلك من التسلية وحسن الظن بالله وخاصة مع ذكر المشيئة .

- ومن تمثل بها على سبيل القطع بالجزاء الحسن من الله حتى الرضا فهذا لا يجوز ، لأنه لا يقطع على الله تعالى بشيء ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .

- ومن تمثل بها يزعم أن ذلك سببا لرد ما ضاع منه وفقده فلا يجوز أيضا .

- ومن تمثل بها على وجه العموم فهو يرسلها رسالة ، ويذكرها في المجالس ، ويكتب بها في المشاركات ، هكذا

بصورة عامة فمثل هذا لا يجوز أيضا ؛ لأن العموم يدخل فيه كل المعاني الصالحة والفاسدة ، ومن هذه المعاني الفاسدة ما ذكره السائل من تصور حصول هذا الفضل لعموم الناس ، وهذا محال قطعا ، وفيه تقوّل على الله تعالى وتزكية من ليس أهلا للتزكية أصلا .

والله تعالى أعلم .


..........

الاقتباس من القرآن ، أنواعه ، وأحكامه


السؤال:


هل يجوز - يا شيخ - أن نقتبس من القرآن الكريم بعض جمل وفقرات واستخدامها في الحياة العامة ؟

مثلاً : يقول لي صديقي : " تعال نأكل في هذا المطعم " ، أقول له : " أكل المطاعم لا يسمن ولا يغني من جوع "

ومثال آخر : يطلب مني صديق أن أخبره بشيء ، فأقول له : " انتظر حتى أحدث لك منه ذِكراً ".


الجواب :


الحمد لله

أولاً:

الاقتباس في اللغة : هو طلب القَبَس ، وهو الشعلة من النار ، ويستعار لطلب العلم ، قال الجوهري في " الصحاح " : اقتبست منه علما : أي استفدته .

وفي الاصطلاح : تضمين المتكلم كلامه - شعراً كان أو نثراً - شيئاً من القرآن ، أو الحديث ، على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه من القرآن أو الحديث .

"الموسوعة الفقهية" (6/16 ، 17) .

ثانياً:

أنواع الاقتباس :

في " الموسوعة الفقهية " ( 6 / 16 ، 17 ) :

الاقتباس على نوعين :

أحدهما : ما لم ينقل فيه المقتبَس ( بفتح الباء ) عن معناه الأصلي ، ومنه قول الشاعر :

قد كان ما خفت أن يكونا
*** إنا إلى الله راجعونا

وهذا من الاقتباس الذي فيه تغيير يسير ؛ لأن الآية ( وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) البقرة/156.

والثاني : ما نقل فيه المقتبَس عن معناه الأصلي كقول ابن الرومي :

لئن أخطأتُ في مدحِـ
ك ما أخطأتَ في منعي
لقد أنزلتُ حاجاتي "
بوادٍ غير ذي زرع "

فقوله " بواد غير ذي زرع " : اقتباس من القرآن الكريم ، فهي وردت في القرآن الكريم بمعنى " مكة المكرمة " ، إذ لا ماء فيها ولا نبات ، فنقله الشاعر عن هذا المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي ، هو : " لا نفع فيه ولا خير " .

ثالثاً:

حكم الاقتباس :

جاء في "الموسوعة الفقهية" ( 6 / 17 ، 18 ) :

" يرى جمهور الفقهاء جواز الاقتباس في الجملة ، إذا كان لمقاصد لا تخرج عن المقاصد الشرعية ، تحسيناً للكلام ، أما إن كان كلاماً فاسداً : فلا يجوز الاقتباس فيه من القرآن ، وذلك ككلام المبتدعة ، وأهل المجون ، والفحش .

قال السيوطي :

لم يتعرض له المتقدمون ، ولا أكثر المتأخرين من الشافعية ، مع شيوع الاقتباس في أعصارهم ، واستعمال الشعراء له قديماً ، وحديثاً ، وقد تعرض له جماعة من المتأخرين ، فسئل عنه الشيخ العز بن عبد السلام فأجازه ، واستدل له بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قوله في الصلاة وغيرها : ( وجهت وجهي ... إلخ ) ، وقوله : ( اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين وأغنني من الفقر ) .

وفي سياق الكلام لأبي بكر

... " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " .

وفي حديث لابن عمر ...

" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " .

وقد اشتهر عند المالكية تحريمه ، وتشديد النكير على فاعله ، لكن منهم من فرَّق بين الشِّعر فكره الاقتباس فيه ، وبين النثر فأجازه ، وممن استعمله في النثر من المالكية : القاضي عياض ، وابن دقيق العيد ، وقد استعمله فقهاء الحنفية في كتبهم الفقهية .

ونقل السيوطي

عن " شرح بديعية " ابن حجة أن الاقتباس ثلاثة أقسام :

الأول : مقبول ، وهو ما كان في الخطب والمواعظ والعهود .

والثاني : مباح ، وهو ما كان في الغزل والرسائل والقصص .

والثالث : مردود ، وهو على ضربين .

أحدهما : اقتباس ما نَسبه الله إلى نفسه ، بأن ينسبه المقتبِس إلى نفسه ، كما قيل عمن وقع على شكوى بقوله : " إن إلينا إيابهم ، ثم إن علينا حسابهم " !! .

والآخر : تضمين آية في معنى هزل ، أو مجون .

قال السيوطي : وهذا التقسيم حسن جدّاً ، وبه أقول " انتهى .

وبهذا التقسيم الأخير يقول العلماء المحققون ، وليس ثمة فرق بين الشِّعر والنثر عندهم .

1. سئل علماء اللجنة الدائمة عن : استعمال بعض آيات القرآن في المزاح ما بين الأصدقاء ، مثال : ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) الحاقة/30 ، ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ) عبس/40 ، ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) الفتح/29 ، هل يجوز استعمال هذه الآيات في المزاح ما بين الأصدقاء ؟ .

فأجابوا : " لا يجوز استعمال آيات القرآن في المزاح على أنها آيات من القرآن ، أما إذا كانت هناك كلمات دارجة على اللسان لا يقصد بها حكاية آية من القرآن أو جملة منه : فيجوز.

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 82 ، 83 ) .

2. وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً – : ما حكم تأول القرآن عندما يعرض لأحد منَّا شيءٌ من أمور الدنيا ، كقول أحدنا عندما يحصل عليه شدة ، أو ضيق : ( تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) مريم/83 .

عندما يلاقي صاحبه : ( جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ) طه/40 .

عندما يحضر طعام : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) الحاقة/24 .

إلى آخر ما هنالك مما يستعمله بعض الناس اليوم ؟ .

فأجابوا : " الخير في ترك استعمال هذه الكلمات وأمثالها فيما ذكر ؛ تنزيهاً للقرآن ، وصيانة له عما لا يليق.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 81 ، 82 ) .

3. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله

- : كثيراً ما يتناقل بعض الناس أثناء الحديث على ألسنتهم آيات من القرآن الكريم ، أو من السنَّة على سبيل المزاح ، مثاله : كأن يقول بعضهم : فلان ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ) الشمس/13 ، أو قول بعضهم للبعض : ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون/ 6 ، واليوم رأينا نون وما يعلمون ، وهكذا ، ومن السنَّة : كأن يقول أحدهم إذا ذُكّر ونُصح بترك المعصية : يا أخي ( التقوى هاهنا ) ، أو قوله : ( إن الدين يسر ) وهكذا .

فما قولكم في أمثال هؤلاء ؟ وما نصيحتكم لهم ؟ .

فأجاب : " أما من قال هذا على سبيل الاستهزاء والسخرية : فإنه على خطر عظيم ، وقد يقال إنه خرج من الإسلام ؛ لأن القرآن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يُتخذ هزواً

وكذلك الأحكام الشرعية ، كما قال الله تبارك وتعالى : ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ . وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) التوبة/64 – 66 .
ولهذا قال العلماء رحمهم الله : من قال كلمة الكفر ولو مازحاً : فإنه يكفر ، ويجب عليه أن يتوب ، وأن يعتقد أنه تاب من الردة ، فيجدد إسلامه ، فآيات الله عز وجل ورسوله أعظم من أن تتخذ هزواً أو مزحاً .

أما من استشهد بآية على واقعة جرت وحدثت : فهذا لا بأس به ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشهد بالآيات على الوقائع ، فاستشهد بقوله تعالى : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) التغابن/15 ، حينما جاء الحسن والحسين يتعثران في أثوابهما ، فنزل من المنبر صلى الله عليه وسلم ،

وقال : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَة ) التغابن/15 ، فالاستشهاد بالآيات على الوقائع : لا بأس به ، وأما أن تنزّل الآيات على ما لم يُرد الله بها - ولاسيما إن قارن ذلك سخرية واستهزاء - : فالأمر خطير جدّاً " انتهى .

"لقاءات الباب المفتوح" (60/السؤال الأول) .

4. وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله –

: نسمع كثيراً من الإخوان يستخدمون الآيات القرآنية لضرب أمثلة ، كقوله تعالى : ( لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ )

الغاشية/7 ، وقوله : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ) طه/55 .

فهل هذا جائز أم لا ؟ وإذا كان جائزاً : ففي أي الحالات يمكن ذكرها وترديدها ؟ .

فأجاب : " لا بأس بالتمثل بالقرآن الكريم إذا كان لغرض صحيح ، كأن يقول : هذا الشيء لا يُسمن ، ولا يُغني من جوع ، أو يقول : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ) طه/55 ، إذا أراد التذكير بحالة الإنسان مع الأرض ، وأنه خلق منها ، ويعود إليها بعد الموت ثم يبعثه الله منها ، فالتمثل بالقرآن الكريم إذا لم يكن على وجه السخرية والاستهزاء : لا بأس به ، أما إذا كان على وجه السخرية والاستهزاء :

فهذا يعتبر ردة عن الإسلام ؛ لأن من استهزأ بالقرآن الكريم أو بشيء من ذكر الله عز وجل ، وهزل بشيء من ذلك : فإنه يرتد عن دين الإسلام ، كما قال تعالى : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ . لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65 ، 66 ، فيجب تعظيم القرآن واحترامه " انتهى .

"المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (2 /79 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 18:07   رقم المشاركة : 100
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التعليق على مقولة " أعذرُ ربي يوم أن فعل بي كذا وكذا " !!

السؤال :

هل يجوز قول الرجل : ( بعذر الله بي يوم أنه سوى بي كذا وكذا ) ؟

الجواب :

الحمد لله

إن الإسلام عظَّم شأن الكلمة التي يتكلم بها المرء , ولذلك جاء التحذير من إلقاء الكلام على عواهنه ، قال تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق/ 18 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِي جَهَنَّمَ) رواه البخاري (6113) .

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) رواه البخاري (5672) ومسلم (47) .

قال النووي رحمه الله :

إذا أراد أن يتكلم : فإن كان ما يتكلم به خيراً محقّقاً يثاب عليه ، واجباً ، أو مندوباً : فليتكلم , وإن لم يظهر له أنه خيرٌ يثاب عليه : فليمسك عن الكلام ، سواء ظهر له أنه حرام ، أو مكروه ، أو مباح مستوي الطرفين ، فعلى هذا : يكون الكلام المباح مأموراً بتركه ، مندوباً إلى الإمساك عنه ، مخافة من انجراره إلى المحرم ، أو المكروه , وهذا يقع في العادة كثيراً ، أو غالباً ، وقد قال الله تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) .

"شرح مسلم" (2/19) .

وهذه الجملة الوارد ذِكرها في السؤال : قبيحة اللفظ ، سيئة المعنى ، وهي تحتمل في طياتها معنى لا يليق بالله سبحانه , وكأن العبد له أن يعذر الله ، أو لا يعذره ! أو ربما لا يعذره في بعض الأمور ؛ لأن الله – في ظنه – يظلمه - والعياذ بالله- , والله تعالى يقول : (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء/23 ، وذلك لكمال حكمته وعلمه وعدله ومشيئته ، ويقول : (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) يونس/44 .

قال ابن كثير رحمه الله في بيان حكمة الله فيما يشرع :

فهو الحاكم ، المتصرف في ملكه بما يشاء ، الذي لا يُسْأل عما يفعل وهم يسألون ؛ لعلمه ، وحكمته ، وعدله ، ولهذا قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) يونس/ 44 ، وفي الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ربه عز وجل : (يَا عِبَادي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمُ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُم مُحَرَّماً فَلاَ تَظَالَمُوا) – رواه مسلم -

"تفسير ابن كثير" (4/271) .

ومن اعتقد في ربه تعالى أن له كمال العلم ، وكمال العدل ، وكمال الحكمة : لم تصدر منه هذه الكلمة ، ولا مثيلاتها ، وليعلم كل عبدٍ أن الله تعالى لا يؤاخذه على كل ما يعمل ، وأنه لو آخذ تعالى الناس بكل ما عملوا ما ترك على ظهر الأرض أحداً ، ولذا فإنه تعالى يعفو عن كثير ، وما يؤاخذ به فهو القليل من أفعال العباد

قال تعالى : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) النحل/61 ، وقال تعالى : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً) فاطر/ 45 .

والصحيح في هذه الآيات ومثيلاتها أنها عامة في الكفار والمسلمين ، كما حققه العلاَّمة الشنقيطي في "أضواء البيان" (2/390 – 393) .

وبه يعلم المسلم أن ما أصابه من مصائب وعقوبات إنما هو بسبب ذنوبه ، وما اكتسبته يداه ، ولم يظلمه ربه تعالى ، بل قد عفا عن كثيرٍ من زلاته ، كما قال تعالى : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) الشورى/30 .

قال ابن كثير رحمه الله :

وقوله : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أي : مهما أصابكم أيها الناس من المصائب : فإنما هو عن سيئات تقدمت لكم ، (وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) أي : من السيئات ، فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها ، (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ) فاطر/ 45 .

"تفسير ابن كثير" (4/433) .

فالله تعالى لا يحتاج أن يعذره عباده ، فهم الظالمون لأنفسهم ، والمقصرون في شكر نعمه ، والقيام بحقه .

فعلى المسلم ألا يتلفظ بهذه الكلمة ، ومن تلفظ بها فعليه أن يتوب منها ويستغفر ، ويندم على قولها، ويعزم على عدم العود لها .

وهذا الذي قلناه إنما هو بحسب ما ظهر لنا من معنى الكلمة ، فإن كان المتكلم بها يريد معنىً آخر ، فالله أعلم .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 18:08   رقم المشاركة : 101
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل يصح أن يقال " حرام على الله أن يفعل كذا " للشيء يقضي بعدم حصوله ؟

السؤال:


هل هذا المقولة صحيحة : "حرام على الله أن يفعل كذا " ؛ مثلا : أن يدخل المتكبر الجنة ؟

فهل هذا من قبيل التجرؤ على الله ؟ أم هذا يشبه قول الله في الحديث القدسي : حرم الله الظلم على نفسه ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

لله أن يوجب على نفسه ما شاء ، وله سبحانه أن يحرم على نفسه ما شاء ، وليس للخلق أن يوجبوا عليه تعالى شيئا ، ولا أن يحرموا عليه شيئا سبحانه ؛ فإن هذا من قول أهل البدع .

فالله تعالى مالك الملك يفعل ما يشاء ، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" اتفق العلماء على وجوب ما يجب بوعده الصادق ، وتنازعوا : هل يوجب بنفسه على نفسه ؟ على قولين ، ومن جوز ذلك احتج بقوله سبحانه : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) الأنعام/ 54 ، وبقوله في الحديث الصحيح : ( إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما ) .

وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى ، والتحريم بالقياس على خلقه ، فهذا قول القدرية ، وهو قول مبتدع ، مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول ، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء ومليكه ، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا ، ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب ، قال: إنه كتب على نفسه ، وحرم على نفسه ، لا أن العبد نفسه يستحق على الله شيئا، كما يكون للمخلوق على المخلوق "

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 310) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح الأربعين النووية" (ص 244):

" لله عزّ وجل أن يحرم على نفسه ما شاء لأن الحكم إليه ، فنحن لا نستطيع أن نحرم على الله لكن الله يحرم على نفسه ما شاء ، كما أنه يوجب على نفسه ما شاء. اقرأ قول الله تعالى: ( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) الأنعام/12، وكتب عزّ وجل عنده : ( إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ) رواه البخاري (7422) ومسلم (2751) .

فلو سألنا سائل: هل يحرم على الله شيء ، وهل يجب على الله شيء؟

فالجواب : أما إذا كان هو الذي أوجب على نفسه أو حرم : فنعم، لأن له أن يحكم بما شاء ، وأما أن نحرم بعقولنا على الله كذا وكذا، أو أن نوجب بعقولنا على الله كذا وكذا فلا ، فالعقل لا يوجب ولا يحرم ، وإنما التحريم والإيجاب إلى الله عزّ وجل " انتهى .

ثالثاً :

الحديث المشار إليه في السؤال : رواه مسلم في صحيحه (91) عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ ) .

فهذا الحديث ونحوه ، هو من أحاديث الوعيد التي لا تقتضي تحريما ولا إيجابا في حق الله عز وجل .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم : ( لا يدخل الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ) ؛ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ ؛ فَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ التَّكَبُّرُ عَنِ الْإِيمَانِ ، فَصَاحِبُهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَصْلًا إِذَا مَاتَ عَلَيْهِ .

وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي قَلْبِهِ كِبْرٌ حَالَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غل ) ، وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فِيهِمَا بُعْدٌ ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنِ الْكِبْرِ الْمَعْرُوفِ ، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ عَلَى النَّاسِ وَاحْتِقَارُهُمْ ، وَدَفْعُ الْحَقِّ ؛ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُخْرِجَيْنِ لَهُ عَنِ الْمَطْلُوبِ

بَلِ الظَّاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ : أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دُونَ مُجَازَاةٍ ، إِنْ جَازَاهُ ؛ وَقِيلَ : هَذَا جَزَاؤُهُ ، لَوْ جَازَاهُ ، وَقَدْ يَتَكَرَّمُ بِأَنَّهُ لَا يُجَازِيهِ ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّةَ ؛ إِمَّا أَوَّلًا ، وَإِمَّا ثَانِيًا بَعْدَ تَعْذِيبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ ماتوا مصرين عليها ، وقيل لا يدخلها مَعَ الْمُتَّقِينَ أَوَّلَ وَهْلَةٍ " .

انتهى من شرح مسلم (2/91) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الْكِبْرُ الْمُبَايِنُ لِلْإِيمَانِ : لَا يَدْخُلُ صَاحِبُهُ الْجَنَّةَ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ، وَمِنْ هَذَا كِبْرُ إبْلِيسَ وَكِبْرُ فِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ كَانَ كِبْرُهُ مُنَافِيًا لِلْإِيمَانِ ، وَكَذَلِكَ كِبْرُ الْيَهُودِ ..
.
وَالْكِبْرُ كُلُّهُ مُبَايِنٌ لِلْإِيمَانِ الْوَاجِبِ فَمَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَا يَفْعَلُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ بَلْ كِبْرُهُ يُوجِبُ لَهُ جَحْدَ الْحَقِّ وَاحْتِقَارَ الْخَلْقِ ..

فَقَوْلُهُ: {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ} مُتَضَمِّنٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ، وَلَا مُسْتَحِقًّا لَهَا ، لَكِنْ إنْ تَابَ ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ مَاحِيَةٌ لِذَنْبِهِ أَوْ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِمَصَائِبَ كَفَّرَ بِهَا خَطَايَاهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ زَالَ ثَمَرَةُ هَذَا الْكِبْرِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ؛ فَيَدْخُلُهَا أَوْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْكِبْرِ مِنْ نَفْسِهِ

فَلَا يَدْخُلُهَا وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْكِبْرِ وَلِهَذَا قَالَ : مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ : إنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الدُّخُولُ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَا يَكُونُ مَعَهُ عَذَابٌ ؛ لَا الدُّخُولُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي يَحْصُلُ لِمَنْ دَخَلَ النَّارَ ثُمَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ؛ فَإِنَّهُ إذَا أُطْلِقَ فِي الْحَدِيثِ فُلَانٌ فِي الْجَنَّةِ أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ الْمَفْهُومُ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ.

فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا يَدْخُلُهَا بِلَا عَذَابٍ بَلْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذَابِ لِكِبْرِهِ كَمَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَلَكِنْ قَدْ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: { لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ } ، وَقَوْلِهِ: { لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ } وَأَمْثَالُ هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ .

وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي الْكُفَّارِ وَفِي الْمُسْلِمِينَ " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/167-169) .

فإذا كان الحديث متناولا لكبر المشركين ، الذين حرم الله عليهم الجنة ، وكبر أهل المعاصي والكبائر من الموحدين ، الذين لا يخلدون في النار ، ولا تحرم عليهم الجنة على جهة التأبيد : لم يجز أن يطلق فيه مثل هذا الإطلاق الموهم ، الذي لم يرد بشأنه توقيف ، خاصة مع ترجيح بعض المحققين لأن يكون المراد بالحديث : عصاة الموحدين ، دون كبر المشركين .

والواجب على العبد أن يلزم مقام التأدب مع الله تعالى ، والإقصار من بعض القول ، ولو بدا له فيه وجه حسن ، فإن مثل هذا الكلام الذي لم يرد به توقيف : لو قدر أنه صحيح ، لم يكن قوله واجبا ، بل ولا مستحبا ؛ فكيف إذا كان يحتمل \

معاني باطلة موهمة ؛ فما الحاجة إلى التكلف ، والإغراب والتفيهق في مثل ذلك ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) ص/86 .

وفي صحيح البخاري (7293) عَنْ أَنَسٍ ، رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: ( نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ ) .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-03, 16:24   رقم المشاركة : 102
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك !!

السؤال :


هل هذه العبارة صحيحة : كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك ؟

وهل يمنع الإنسان من التفكر في شيء من أسماء الله وصفاته ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا ريب أن التفكر في أسماء الله جل جلاله وصفاته التي أثبتها لنفسه ، وأثبتها لها نبيه صلى الله عليه وسلم ، والتعبد لله بمقتضى ذلك ، هو من أعظم ما يفتح على العبد من المعارف والعلوم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" العلم بالله وما يستحقه من الأسماء والصفات لا ريب أنه مما يفضل الله به بعض الناس على بعض ، أعظم مما يفضلهم بغير ذلك من أنواع العلم .

ولا ريب أن ذلك يتضمن من الحمد لله ، والثناء عليه، وتعظيمه وتقديسه، وتسبيحه وتكبيره ما يعلم به أن ذلك مما يحبه الله ورسوله."

انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (7/129) .

ومتى تفكر العبد فيما ينبغي لله جل جلاله من ذلك ، وطرق باب معرفته سبحانه من حيث أمر ، فتح عليه من أبواب المعرفة والعبودية بحسب ما وفق له من ذلك ؛ فمن مقل ومستكثر .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الْقُرْآن كَلَام الله ، وَقد تجلى الله فِيهِ لِعِبَادِهِ بصِفَاته :

فَتَارَة يتجلى فِي جِلْبَاب الهيبة وَالْعَظَمَة والجلال ، فتخضع الْأَعْنَاق وتنكسر النُّفُوس وتخشع الْأَصْوَات ، ويذوب الْكبر كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء .

وَتارَة يتجلى فِي صِفَات الْجمال والكمال ، وَهُوَ كَمَال الْأَسْمَاء ، وجمال الصِّفَات ، وجمال الْأَفْعَال الدَّال على كَمَال الذَّات ؛ فيستنفد حبُّه من قلب العَبْد قُوَّة الْحبّ كلهَا ، بحسب مَا عرفه من صِفَات جماله ونعوت كَمَاله ، فَيُصْبِح فؤاد عَبده فَارغًا إِلَّا من محبته ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الرَّحْمَة وَالْبر واللطف وَالْإِحْسَان ، انبعثت قُوَّة الرَّجَاء من العَبْد وانبسط أمله ، وَقَوي طمعه ، وَسَار إِلَى ربه وحادى الرَّجَاء يَحْدُو ركاب سيره ، وَكلما قوي الرَّجَاء جد فِي الْعَمَل ، كَمَا أَن الباذر كلما قوي طمعه فِي الْمغل ، غلَّق أرضه بالبذر ، وَإِذا ضعف رجاؤه قصر فِي الْبذر .

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعدْل والانتقام وَالْغَضَب والسخط والعقوبة ، انقمعت النَّفس الأمارة ، وَبَطلَت أَو ضعفت قواها من الشَّهْوَة وَالْغَضَب وَاللَّهْو واللعب والحرص على الْمُحرمَات ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْأَمر وَالنَّهْي والعهد وَالْوَصِيَّة وإرسال الرُّسُل وإنزال الْكتب وشرع الشَّرَائِع ، انبعثت مِنْهَا قُوَّة الِامْتِثَال والتنفيذ لأوامره ، والتبليغ لَهَا والتواصي بهَا ، وَذكرهَا وتذكرها ، والتصديق بالْخبر ، والامتثال للطلب ، والاجتناب للنَّهْي .

وَإِذا تجلى بِصفة السّمع وَالْبَصَر وَالْعلم انْبَعَثَ من العَبْد قُوَّة الْحيَاء ، فيستحي ربه أَن يرَاهُ على مَا يكره ، أَو يسمع مِنْهُ مَا يكره ، أَو يخفي فِي سَرِيرَته مَا يمقته عَلَيْهِ ، فَتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشَّرْع ، غير مُهْملَة وَلَا مُرْسلَة تَحت حكم الطبيعة والهوى .

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْكِفَايَة والحسب وَالْقِيَام بمصالح الْعباد وسوق أَرْزَاقهم إِلَيْهِم ، وَدفع المصائب عَنْهُم ، وَنَصره لأوليائه ، وحمايته لَهُم ، ومعيته الْخَاصَّة لَهُم : انبعثت من العَبْد قُوَّة التَّوَكُّل عَلَيْهِ والتفويض إِلَيْهِ وَالرِّضَا بِهِ فِي كل مَا يجريه على عَبده ، ويقيمه فيه ، مِمَّا يرضى بِهِ هُوَ سُبْحَانَهُ ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعِزّ والكبرياء ، أَعْطَتْ نَفسه المطمئنة مَا وصلت إِلَيْهِ من الذل لعظمته ، والانكسار لعزته ، والخضوع لكبريائه ، وخشوع الْقلب والجوارح لَهُ ؛ فتعلوه السكينَة وَالْوَقار فِي قلبه وَلسَانه وجوارحه وسمته ، وَيذْهب طيشه وقوته وحدته .

وجماع ذَلِك : أَنه سُبْحَانَهُ يتعرف إِلَى العَبْد بِصِفَات إلهيته تارّة ، وبصفات ربوبيته تَارَة ؛ فَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الإلهية الْمحبَّة الْخَاصَّة ، والشوق إِلَى لِقَائِه ، والأنس والفرح بِهِ ، وَالسُّرُور بخدمته ، والمنافسة فِي قربه ، والتودد إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ ، واللهج بِذكرِهِ ، والفرار من الْخلق إِلَيْهِ ، وَيصير هُوَ وَحده همه دون مَا سواهُ .

وَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الربوبية التَّوَكُّل عَلَيْهِ ، والافتقار إِلَيْهِ ، والاستعانة بِهِ ، والذل والخضوع والانكسار لَهُ .

وَكَمَال ذَلِك أَن يشْهد ربوبيته فِي إلهيته ، وإلهيته فِي ربوبيته ، وحمده فِي ملكه ، وعزه فِي عَفوه ، وحكمته فِي قَضَائِهِ وَقدره ، وَنعمته فِي بلائه ، وعطاءه فِي مَنعه ، وبره ولطفه وإحسانه وَرَحمته فِي قيوميته ، وعدله فِي انتقامه ، وجوده وَكَرمه فِي مغفرته وستره وتجاوزه ، وَيشْهد حكمته وَنعمته فِي أمره وَنَهْيه ، وعزه فِي رِضَاهُ وغضبه ، وحلمه فِي إمهاله ، وَكَرمه فِي إقباله ، وغناه فِي إعراضه .

وَأَنت إِذا تدبرت الْقُرْآن ، وأجرته من التحريف وَأَن تقضي عَلَيْهِ بآراء الْمُتَكَلِّمين ، وأفكار المتكلفين : أشهدك ملكا قيوما فَوق سماواته على عَرْشه ، يدبر أَمر عباده ، يَأْمر وَيُنْهِي ، وَيُرْسل الرُّسُل ، وَينزل الْكتب ، ويرضى ويغضب ، ويثيب ويعاقب ، وَيُعْطِي وَيمْنَع ، ويعز ويذل ، ويخفض وَيرْفَع

يرى من فَوق سبع وَيسمع ، وَيعلم السِّرّ وَالْعَلَانِيَة ، فعّال لما يُرِيد ، مَوْصُوف بِكُل كَمَال ، منزه عَن كل عيب ، لَا تتحرك ذرّة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ ، وَلَا تسْقط ورقة إِلَّا بِعِلْمِهِ ، وَلَا يشفع أحد عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ ، لَيْسَ لِعِبَادِهِ من دونه ولي وَلَا شَفِيع" .

انتهى من "الفوائد" (98-101) ط المجمع .

ثانيا :

قولهم : " كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك " ؛ يدخل فيه ـ بهذا الإطلاق ـ نفي قدر كبير من الحق ، فمن الحق أن يخطر بالبال أن الله سميع بصير حكيم خبير، استوى على عرشه كيف شاء ، وهكذا سائر ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نحو من ذلك المعنى :

" يؤكد ذلك أن حكم الوهم والخيال غالب على الآدميين في الأمور الإلهية ، بل وغيرها ؛ فلو كان ذلك كله باطلًا لكان نفي ذلك من أعظم الواجبات في الشريعة ، ولكان أدنى الأحوال أن يقول الشارع من جنس ما يقوله بعض النفاة : ما تخيلته فالله بخلافه ، لا سيما مع كثرة ما ذكره لهم من الصفات ."

انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (1/436) ط المجمع .

وأحسن من هذا القول ، وأقعد بالسنة ، قول يحي بن عمار رحمه الله :

" لَا نحتاج فِي هَذَا الْبَاب إِلَى قَول أَكثر من هَذَا : أَن نؤمن بِهِ ، وننفي الْكَيْفِيَّة عَنهُ ، ونتقي الشَّك فِيهِ ، ونوقن بِأَن مَا قَالَه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ، وَلَا نتفكر فِي ذَلِكَ وَلَا نسلط عَلَيْهِ الْوَهم ، والخاطر، والوسواس .
وَتعلم حَقًا يَقِينا أَن كل مَا تصور فِي همك ووهمك من كَيْفيَّة أَو تَشْبِيه ، فَالله سُبْحَانَهُ بِخِلَافِهِ ، وَغَيرُه ، نقُول: هُوَ بِذَاتِهِ عَلَى الْعَرْش ، وَعلمه مُحِيط بِكُل شَيْء ."

انتهى من "الحجة في بيان المحجة" لقوام السنة الأصبهاني (2/109) .

فالحاصل :

أن ما خطر بالبال من أسماء الله وصفاته وأفعاله ، التي أثبتها لنفسه في كتابه ، وأثبتها له رسوله : فهذا حق ، بل واجب اعتقاده ، والله تعالى هو بذلك الوصف الذي أخبرنا به في كتابه ، وأخبرنا عنه رسوله .

وما خطر بالبال من تشبيه ، أو تمثيل ، أو تكييف لشيء من ذلك ، أو اعتقاد فيه غير ما ثبت في كتابه ، وسنة نبيه : فهو من الباطل الذي يجب الكف عنه ، وقطع الوهم والظن عن بابه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-03, 16:27   رقم المشاركة : 103
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل موت كبار السن تحل به مصائب أو تنقص فيه بركة على أهله الباقين ؟

السؤال :

عندنا مقولة في ثقافتنا تُردد حين يموت الكبار ، يقولون : إن المصيبة تحل على الباقين من العائلة ، ويقولون أيضاً : إن بموتهم تقل بركة الله في الباقين من الأقارب الأحياء

. ما هو تكييف هذا الكلام وفقاً للشريعة ؟

وهل معناه صحيح ؟


الجواب :


الحمد لله


فإن الموت مصيبة عظيمة وبلية جسيمة وبه ينقطع العمل وينتهي الأجل ويقدُم المرء على ربه ، إن خيراً فخير وإن شرّاً فشر ، وبالموت تسال العبرات وتحزن القلوب وتعم الأحزان .

قال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) البقرة/ 155 ، فنقص الأنفس من جملة الابتلاءات التي تصيب العباد .

وهذا كله من حيث العموم ، وأما ما ورد في السؤال من كون موت الكبار يكون سبباً في نزول البلاء على الأسرة ، وسبباً في نقص البركة ، فهذا أمر لا دليل عليه بهذا الإطلاق ، وما زال الناس يموت فيهم الكبير والصغير ، فلو كانت وفاة الكبير سببا في نقصان البركة ، أو نزول المصائب ، لمحقت البركة من دنيا الناس

وتوالت على أهل كل بيت المصيبة بعد الأخرى ، وهذا خلاف ما هو مشاهد ، وخلاف ما جرت به سنة الله في خلقه ، وكم من كبير مات ، فتنعم أهله من بعده ، إما بمال تركه لهم ، أو نعمة فتحت عليهم ، أو زواج امرأة ، أو نحو ذلك مما هو مشاهد معلوم .

ثم ما علاقة الأحياء بموت الكبير ، حتى يصيبهم من البلاء ما يذكره هذا القائل ، سواء أكان الميت صالحا ، أو طالحا ؛ وقد قال تعالى : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الإسراء/ 15 .

إنما مصاب الناس حقيقة في موت صاحب العلم الذي يحرم الناس من علمه ، أو صاحب العبادة والطاعة ، والنفع المتعدي للناس : من جهاد في سبيل الله ، أو أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، أو صدقات وزكوات ، أو نحو ذلك ؛ وهذا كله لا تعلق له بصغير أو كبير ، إنما بحاله ، ونفعه للناس ، وبركته في الأرض

فلا شك أن موت أمثال هؤلاء : نقصان خير وبركة ، وثلمة في دين الناس أو دنياهم ، وأعظم الناس مصابا بهم : المقربون منهم ؛ لكن ذلك ليس معناه أن تنزل عليهم مصيبة أخرى بعده

إلا أن يعمل من بعده بعمل يستحقون به ذلك . فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) رواه البخاري ( 100 ) ومسلم ( 2673 ) .

إِذَا مَا مَاتَ ذُو عِلْمٍ وَتَقْوَى ...
فَقَدْ ثَلمَتْ مِنَ الإِسْلامِ ثُلْمَهْ

وَمَوْتُ الْعَادِلِ الْمَلِكِ الْمُوَلَّى ...
لِحُكْمِ الْخَلْقِ مَنْقَصَةً وَقَصْمَهْ

وَمَوْتُ الْعَابِدِ الْمَرْضِيِّ نَقْصٌ ...
فَفِي مَرْآهُ لِلأَسْرَارِ نَسْمَهْ

وَمَوْتُ الْفَارِسِ الضِّرْغَامِ هَدْمٌ ...
فَكَمْ شَهَدَتْ لَهُ بِالنَّصْرِ عَزْمَهْ

وَمَوْتُ فَتَى كَثِيرِ الْجُودِ نَقْصٌ ..
. لأَنَّ بَقَاءَهُ فَضْلٌ وَنِعْمَهْ

فَحَسْبُكَ خَمْسَةٌ يُبْكَى عَلَيْهمْ ...
وَمَوْتُ الْغَيْرِ تَخْفِيفٌ وَرَحْمَهْ

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-03, 16:37   رقم المشاركة : 104
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تجوز التحية بقول : صبحك الله بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال:


عندنا في بلدنا بعض الناس يقول عند الصباح : صبحك الله بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فما حكم قول هذه الكلمة ؟


الجواب :

الحمد لله

قد تطلق هذه العبارة : " أنوار النبي صلى الله عليه وسلم ، أو " نور النبي صلى الله عليه وسلم " ويقصد بها معنى صحيح ، وهو نور الهداية التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ كما قال الله تعالى : ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ) المائدة/ 15 .

قال الطبري رحمه الله :

" يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب : (قد جاءكم) ، يا أهل التوراة والإنجيل (من الله نور) ، يعني بالنور محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحقَّ، وأظهر به الإسلام ، ومحق به الشرك ، فهو نور لمن استنار به يبيِّن الحق ، ومن إنارته الحق ، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب " انتهى من "تفسير الطبري" (10 /143) .
وقد تطلق وتوهم معنى فاسدا ؛ كأن يقصد قائلها الإشارة إلى ما يعتقده كثير من الصوفية وجهلة العوام من أن النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور ، وهو اعتقاد باطل .

أما التحية بقول : " صبحك الله بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم " فلا تُشرع ، بل لا تجوز ؛ وذلك لأمور ، منها :

أولا : أنها تحية محدثة ، لم يدل عليها الكتاب ولا السنة ، ولا كانت من عمل من مضى من السلف ، ولا يعرف عنهم أنهم كانوا يحيون بعضهم بعضا بها .

ثانيا : أنها موهمة للمعنى الباطل من كون النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور ، أو أن نوره الحسي ما ازال بين الناس ؛ وكأنه يدعو لصاحبه أن يصيبه من ذلك النور .

ثالثا : أنها تحمل على الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم .

رابعا : قد تؤدي التحية بها إلى ترك التحية بالسلام المشروع ؛ فيكون ذلك من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير
.
خامسا : أن المبالغة في مثل هذا الباب ، إنما هي شأن أهل البدع من الصوفية ونحوهم .

وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

بعض الناس يقول لآخر : صبحك الله بأنوار النبي عند الصباح ، فهل يجوز هذا ؟ وإن كان لا يجوز ، فهل يجوز إبداله بصبحك الله بنوره؟
فأجاب :

" لا ، يقول : صبحك الله بالخير ، أما بأنوار النبي ! ما هي أنوار النبي ؟ النبي صلى الله عليه وسلم متوفى ، وليس له أنوار ، هذا عند القبوريين وعند الصوفيين ، فهذا الكلام لا يجوز " انتهى

والله أعلم .


.........

هل خلق النبي صلى الله عليه وسلم من نور


السؤال:

قرأت في كتابين أن النبي المصطفى كان أول من خلق الله وقد خلقه الله من نور وكان هو السبب الوحيد الذي خلق الله بقية الخلق لأجله. أنا غير متأكد من هذا فأرجو أن توضح وشكراً


الجواب:

الحمد لله

ورد مثل هذا السؤال على اللجنة الدائمة للإفتاء وهذا نصه :

السؤال : إن جل الناس يعتقدون أن الأشياء خلقت من نور محمد صلى الله عليه وسلم وأن نوره خلق من نور الله ويروون : " أنا نور الله وكل شئ من نوري " ويروون أيضا : " أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم " فهل لذلك من أصل ؟ ويروون : " أنا عرب بلا عين أي رب أنا أحمد بلا ميم أي أحد " فهل لذلك من أصل؟

الجواب :

الحمد لله

وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله إن أريد به أنه نور ذاتي من نور الله فهو مخالف للقرآن الدال على بشريته ، وإن أريد بأنه نور باعتبار ما جاء به من الوحي الذي صار سببا لهداية من شاء من الخلق فهذا صحيح ، وقد صدر من اللجنة فتوى في ذلك هذا نصها : للنبي صلى الله عليه وسلم نور هو نور الرسالة والهداية التي هدى الله بها بصائر من شاء من عباده

ولا شك أن نور الرسالة والهداية من الله . قال تعالى : " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور " سورة الشورى الآية 73 ,

وليس هذا النور مكتسبا من خاتم الأولياء كما يزعم بعض الملاحدة ، أما جسمه صلى الله عليه وسلم فهو دم ولحم وعظم .. إلخ ، خلق من أب وأم ولم يسبق له خلق قبل ولادته وما يروى أن أول ما خلق الله نور النبي صلى الله عليه وسلم أو أن الله قبض قبضة من نور وجهه

وأن هذه القبضة هي محمد صلى الله عليه وسلم فنظر إليها فتقاطرت فيها قطرات فخلق من كل قطرة نبيا أو خلق الخلق كلهم من نوره صلى الله عليه وسلم فهذا وأمثاله لم يصح منه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن خلال الفتوى السابقة يظهر أنه اعتقاد باطل . وأما ما يروى
:
أنا عرب بلا عين فلا أساس له من الصحة وهكذا أنا أحمد بلا ميم . وصفة الربوبية والانفراد من الصفات المختصة بالله سبحانه وتعالى فلا يجوز أن يوصف أحد من الخلق بأنه الرب ولا أنه أحد على الإطلاق

فهذه الصفات من اختصاص الله سبحانه ولا يوصف بها الرسل ولا غيرهم من البشر . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . فتاوى اللجنة الدائمة 1/310

السؤال : هل يقال أن الله خلق السماوات والأرض لأجل خلق النبي صلى الله عليه وسلم وما معنى لولاك لما خلق الأفلاك هل هذا حديث أصلا هل صحيح أم لا . بين لنا حقيقته ؟

الجواب :

الحمد لله

لم تخلق السماوات والأرض من أجله صلى الله عليه وسلم بل خلق لما ذكره الله سبحانه من قوله عز وجل : " الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما " , أما الحديث المذكور فهو مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم لا أساس له من الصحة . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
فتاوى اللجنة الدائمة 1/312


...........

: أهمية السلام ورده

السؤال :

هل يمكن أن تخبرني عن أهمية قول السلام عليكم وقول وعليكم السلام ؟

الجواب:


الحمد لله


كان من عادة الناس الجارية بينهم أن يحيي بعضهم بعضاً بتحيات فيما بينهم وكان لكل طائفة منهم تحية تخصهم عن غيرهم من الناس .

فقد كانت العرب تقول في تحيتهم أنعم صباحاً أو أنعموا صباحا فيأتون بلفظ النعمة وهي طيب العيش بعد الصباح ويصلونها به لأن الصباح هو أول ما يبدأ به الإنسان نهاره فإذا حصلت فيه النعمة والخير استصحب ذلك طول نهاره .
ولما جاء الإسلام الحنيف شرع الله عز وجل فيه تحية للمسلمين فيما بينهم وشعارا لهم وهي السلام عليكم وجعلها خاصة لهم عن غيرهم من الأمم ومعنى السلام هو البراءة والخلاص والنجاة من الشر والعيوب

والسلام أيضا اسم عظيم من أسماء الله عز وجل وعلى هذا فإنّ قول السلام عليكم أي هو يراقبكم ويطّلع عليكم فيكون فيها موعظة ويدخل في المعنى كذلك : نزلت عليكم بركة اسمه تعالى وحصلت عليكم .

قال ابن القيم بدائع الفوائد (144)

: فشرع الله الملك القدوس السلام لأهل الإسلام تحية بينهم سلام عليكم وكانت أولى من جميع تحيات الأمم التي فيها ما هو محال وكذب نحو قولهم تعيش ألف سنة وما هو قاصر المعنى مثل أنعم صباحاً ومنها ما لا ينبغي مثل السجود فكانت التحية بالسلام أولى من ذلك كله لتضمنها السلامة التي لا حياة

ولا فلاح إلا بها فهي الأصل المقدم على كل مقصود ومقصود العبد من الحياة يحصل بشيئين : بسلامته من الشر وحصول الخير عليه والسلامة من الشر مقدمة على حصول الخير وهي الصلة ) انتهى

هذا وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم إفشاء السلام من الإيمان فروى البخاري (12).(28) و(6236) ومسلم (39) وأحمد (2/169) وأبو داود (5494) والنسائي (8/107) وابن حبان (505)

عن عبد الله بن عمر قال : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) قال ابن حجر في الفتح (1/56) أي لا تخص أحداً تكبراً أو تصنعا ، بل تعظيماً لشعار الإسلام ومراعاة لاخوة المسلم .

قال ابن رجب في الفتح (1/43 ) :

وجمع في الحديث بين إطعام الطعام وإفشاء السلام لأنه به يجتمع الإحسان بالقول والفعل وهو أكمل الإحسان ، وإنما كان هذا خير الإسلام بعد الإتيان بفرائض الإسلام وواجباته .

قال السنوسي في إكمال المعلم (1/244) :

( المراد بالسلام التحية بين الناس وهو مما يزرع الود والمحبة في القلوب كما يفعل الطعام وقد يكون في قلب المحبين ضعف فيزول بالتحية وقد يكون عدواً فينقلب بها صديقاً ) .أهـ

قال القاضي في إكمال المعلم (1:276)

: وهذا حض منه صلى الله عليه وسلم على تأليف قلوب المؤمنين وإن أفضل خلقهم الإسلامية ألفة بعضهم بعضاً وتحيتهم وتوادهم واستجلاب ذلك بينهم بالقول والفعل وقد حض صلى الله عليه وسلم على التحابب والتودد وعلى أسبابهما من التهادي وإطعام الطعام وإفشاء السلام ونهي عن أضدادها من التقاطع والتدابر والتجسس والتحسس والنميمة وذوي الوجهين .

والألفة أحد فرائض الدين وأركان الشريعة ونظام شمل الإسلام وفي بذل السلام على من عرف ومن لم يعرف إخلاص العمل به لله تعالى لا مصانعة ولا مَلَقاً لمن تعرف دون من لا تعرف وفيه مع ذلك استعمال خلق التواضع وإفشاء شعار هذه الأمة من لفظ السلام ) انتهى .

ولذلك بين صلى الله عليه وسلم أن بالسلام يحصل الود المحبة والإخاء فيما رواه مسلم (54) أحمد (2/391) والترمذي (2513) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشو السلام بينكم ) .

هذا وقد بين صلى الله عليه وسلم جزاء وثواب من قال السلام عليكم كما روى النسائي في عمل اليوم والليلة (368) والبخاري في الأدب المفرد (586) وابن حبان (493) عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رجلاً مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال سلام عليكم فقال عشر حسنات ثم مر رجل آخر قال سلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فمر رجلا آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون حسنة ).

وقد أمر صلى الله عليه وسلم بردّ السلام وجعله حقاً فروى أحمد (2/540) والبخاري (1240) ومسلم (2792) والنسائي في اليوم والليلة (221) وأبو داود(5031) عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه (حق المسلم على المسلم خمس : ردّ السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز ، وإجابة الداعي وتشميت العاطس ) .

وظاهر الأمر الوجوب فيجب رد السلام ذلك أن المسلم قد أعطاك الأمان فواجب عليك إعطاؤه الأمن والسلامة مقابل ذلك وكأنه يقول لك : أعطيك الأمان والسلامة والأمن فكان لا بد من إعطائه نفس الأمان والسلامة حتى لا يظن ولا يدخل في نفسه أن من سلّم عليه قد يغدر به أو أنه هاجر له ولذلك فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الهجرة بين المتهاجرين يقطعها السلام فروى البخاري (6233)

عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " . هذه نبذة عن أهمية السّلام وردّه

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد......









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-03, 16:47   رقم المشاركة : 105
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يجوز أن يقول الرجل لأمه " فداكِ نفسي ومالي وولدي وزوجتي " ؟

السؤال:

أنا رجل متزوج وأحب زوجتي كثيراً ، وقع خلاف بيني وبينها حول كلمة سمعتها من داعية إسلامي وعالم جليل هو الشيخ " أبو إسحاق الحويني " عن بر الوالدين ، حيث قال : إنه يفتدي أمه بنفسه وماله وولده وزوجاته ، وأنا أحب أن أكون سبباً في نشر الخير بين الناس ودائما أستخدم موقعي على " الفيس بوك " للدعوة الإسلامية ، فأعجبني هذا المقطع للشيخ الحويني ، فنشرته

وكتبت بجانبه " الأم هي من تُفتدى بالمال والأهل والولد " ، فغضبت زوجتي كثيراً لذلك ! وأخبرتني أني جرحتُ مشاعرها بنشر هذا الكلام ، هل أنا مخطئ بما فعلت حتى أعتذر من زوجتي ؟

وإذا لم أكن مخطئاً فكيف أتصرف مع زوجتي ، والتي تهددني بخلع الخمار كلما غضبت مني ؟

وهل صحيح أن الأم تُفتدى بالمال والأهل والولد ؟

وما معنى الفداء هنا ؟

ولقد قرأت على موقعكم الطيب فتوى لكم أن الرجل الذي لا يستطيع أن ينفق على زوجته وأمه فإن الزوجة أحق من الأم بالنفقة ، وقد صدمت لذلك ، وهنا أسألكم إذا لم يكن للأم مُعيل إلا هذا الابن : فماذا يفعل ؟

ينفق على أمه أم على زوجته ويترك أمه بلا معيل ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

أما معنى " الفداء " : فقد قال ابن فارس في " مقاييس اللغة " ( 4 / 483 ) : " فدي : أن يُجعل شيءٌ مكان شيءٍ حمًى له ... .

( ومنها ) قولك فديتُه أفدِيه : كأنك تحميه بنفسك أو بشيءٍ يعوّض عنه " انتهى باختصار .

واسم هذا الدعاء " التفدية " ، فمعنى جُعلت فداءكَ : حملتُ عنك الضر الذي نزل عليك بنفسي أو مالي أو ما أملكه ، ومثله لو قال " فداك أبي وأمي " ، فالمعنى : أن ينزل البلاء على الأم والأب من غير أن يصيبك منه شيء ، وعلى هذا يقاس كل ما يقال في الدعاء بـ " التفدية " .

ثانيا :

ليُعلم أن هذه اللفظة لا يراد بها الفداء على الحقيقة ، بل هي للتعبير عن حب وبرّ وعظيم منزلة لهذا المفدَّى عند المفْدي ، ومما يدل على ذلك استعمال النبي صلى الله عليه وسلم لها لبعض أصحابه ومعلوم أن أبواه لم يكونا أحياء وقتها ! فَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ إِلَّا لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ ( يَا سَعْدُ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ) رواه البخاري ( 3519 ) ومسلم ( 2412 ) .

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ ) فَانْطَلَقْتُ فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ فَقَالَ ( فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ) رواه البخاري ( 3515 ) ومسلم ( 2416 ) .
ولا يحق للزوجة أن تغضب من هذا ، بل إن عليها أن تفرح وتعين زوجها على أنواع البر لأمه ، فمَن لا خير فيه لأمه لا خير فيه لزوجه ، وإذا كانت هذه التفدية على باب المجاز ، والتوسع في العبارة على ما جاءت به العرب ، فليس في ذلك شيء يستوجب غضبا ، ولا اعتذارا ، بل لا يستوجب الوقوف عنده أصلا ؛ خاصة أيضا وأن الزوج كان مجرد ناقل لمقطع يستحسنه .

ثم إننا لا نرى مانعا من أن تخاطب امرأتك بمثل هذه العبارة ، فتقول : وأنتِ أيضا " فداكِ أبي وأمي ونفسي ومالي " ؛ فإن الزوجة يليق بها ذلك أيضاً ؛ لما أمر الشارع بالإحسان إليها ، ولما تبذله لزوجها وأولادها ، وقد سبق معرفة أن الكلام لا يراد به حقيقته .

قال النووي – رحمه الله – في شرح حديث علي بن أبي طالب السابق

- : " فيه : جواز التفدية بالأبوين ، وبه قال جماهير العلماء ، وكرهه عمر بن الخطاب والحسن البصري رضي الله عنهما ، وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه .

والصحيح : الجواز مطلقاً ؛ لأنه ليس فيه حقيقةً فداء وإنما هو كلام وإلطاف وإعلام بمحبته له ومنزلته ، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالتفدية مطلقاً "

انتهى من " شرح مسلم " ( 15 / 184 ) .

ولتعلم الزوجة أن هذه العبارة إذا كانت على وجه الإكرام والإلطاف في القول ، فإن أولى الناس بذلك ، وأحقهم به : هي الأم ، ولا علاقة للزوجة ومنزلتها بذلك أصلا .

وإذا قدر أن أحدا يطلقها ، ويريد بها حقيقتها ، فالأم ـ أيضا ـ هي التي يليق بها ذلك ؛ فإن رضاها مقدم على رضا الزوجة والولد ، وراحتها مقدمة على راحة الزوجة والولد ، وطاعتها مقدمة على طاعة الزوجة والولد ، وبرها مقدم على بر الزوجة والولد ؛ فأي خطأ في ذلك ؟ وأي إساءة في مثل هذا الكلام ؟!

ثالثاً:

أما ما تهدد به عند غضبها من خلع الخمار ، فهو أمر عظيم جلل ، وإننا لنرجو أن يكون كلاماً لا يوافق الباطن ، أو أنها ظنت أنها تغاضبك بمثل هذا ، أو نحو ذلك مما يكون بين الأزواج .

غير أننا ننبه الزوجة إلى أن هذا شيء جلل ، وأن عليها أن تتقي الله من تهديدها هذا ؛ فإن لبس الخمار ليس طاعة لك وحدك ، بل هو طاعة لله من قبل والذي قال : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/ 59 .

هل يليق بمسلم أن يهدد بأن يعصي الله ، ويغضبه ، لأجل أنه غضب من أحد من البشر ؛ أو يوطن نفسه على ذلك ؟ فلتحذر الزوجة من كلمة قد توبق دنياها وأخراها ، فتكون سبباً للهوي في النار ، ولتعلم أن أكثر ما يُدخل الناس في جهنم إنما هو حصائد ألسنتهم ، وليكن لك أنت موقف حازم جاد من تعليمها ذلك ، وتأديبها عليه .

رابعاً:

أما بخصوص النفقة على الزوجة والأم : فإن الإحسان إلى الأم واجب محتَّم ، وعند القدرة على النفقة فيبدأ بالزوجة ثم بأمه ، وأما إذا لم يستطع إلا أن ينفق على واحد فتقدَّم الزوجة ويكون معسراً في حق أمه فحاله كحال أي ابن فقير ليس لأمه معيل إلا هو وهو غير قادر على النفقة

عليها فيسقط الواجب للإعسار وينتقل لغيره من أخ له أو لها حتى ينتقل إلى بيت مال المسلمين ، والفرق بين الزوجة والأم في هذه الحال واضح فالزوجة محبوسة لزوجها ومع قدرته فلا تجب نفقتها إلا عليه ، وأما الأم فقد يكون لها أبناء وبنات وإخوة وأخوات وأب وأم ، فيلاحظ تعدد المنفقين

ولا تجب نفقتها على أحدهم باعتباره ابناً أو أخاً بل تسقط النفقة على المعسر دون الموسر منهم ، وأما في حال الزوجة فتجب نفقتها على زوجها بعينه موسراً كان أو معسراً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ) رواه مسلم ( 1822 ) ، وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم - ( 1036 ) - ( ابْدَأْ بِمَنْ تَعُول ) .

قال ابن قدامة في " المغني " ( 2 / 695 ) :

" لأن نفقتها – أي : الزوجة - آكد ؛ فان نفقتها تجب على سبيل المعاوضة مع اليسار والإعسار ، ونفقة الأقارب صلة تجب مع اليسار دون الإعسار " انتهى .

قال النووي – رحمه الله -

: " يلزمه نفقة الوالد وإن علا ، والولد وإن سفل ، وإن اختلف دِينُهما ، بشرط يسار المنفِق بفاضل عن قوته وقوت عياله في يومه " .

انتهى من " منهاج الطالبين " ( ص 120 ) .

وقال الخطيب الشربيني – رحمه الله – شارحاً كلام النووي

- : " سواء أفضَل ذلك بكسب أم بغيره ، فإن لم يفضل شيء : فلا شيء عليه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ابْدَأ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فِإنْ فَضَلَ شَيءٌ فَلأهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ فَلذِي قَرَابَتِكَ ) رواه مسلم " .

انتهى من " مغني المحتاج " ( 3 / 447 ) .

والله أعلم


.....

نفقة الزوجة مقدَّمة على نفقة الوالدين.


السؤال :


من له الحظ الأوفر في مال الزوج ، هل الزوجة والأولاد أم أمه؟

قد قرأت أن القران يشير إلى أن زوجة الرجل وأولاده هم أولى الناس بماله. وهل يجوز للرجل إذا كان دخله قليلاً أن يقدم حاجات أسرته على حاجات زوجته وأولاده؟


الجواب :

الحمد لله :

أولاً :

لا شك أن الزوج ملزم بالنفقة على زوجته ، ومطالب بالإنفاق على أبنائه وآبائه إذا كانوا فقراء لا مال لهم ، ولا كسب يستغنون به عن غيرهم .

فإن استطاع أن ينفق عليهم جميعاً وجب عليه ذلك .

وإن لم يستطع ذلك لقلة ماله ، وضعف دخله الشهري ، فإن الواجب عليه أن يُقدِّم نفقة زوجته وأولاده على غيرهم من أقاربه .

وليس في القرآن ما يشير إلى تقديم نفقة الزوجة على غيرها ، وإنما ثبت ذلك في السنة النبوية .

ففي صحيح مسلم (997) عَنْ جَابِرٍ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا ، بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَعَنْ يَمِينِكَ ، وَعَنْ شِمَالِكَ ).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَصَدَّقُوا.

فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ .

فَقَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ .

رواه أبو داود في سننه (1691) والنسائي واللفظ له ، وحسنه الألباني في الإرواء (895).

وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم النفقة على الأهل صدقة لا يعني أنها مستحبة فقط .

قَالَ الْمُهَلَّب :

" النَّفَقَة عَلَى الْأَهْل وَاجِبَة بِالْإِجْمَاعِ , وَإِنَّمَا سَمَّاهَا الشَّارِع صَدَقَة خَشْيَة أَنْ يَظُنُّوا أَنَّ قِيَامهمْ بِالْوَاجِبِ لَا أَجْر لَهُمْ فِيهِ , وَقَدْ عَرَفُوا مَا فِي الصَّدَقَة مِنْ الْأَجْر فَعَرَّفَهُمْ أَنَّهَا لَهُمْ صَدَقَة , حَتَّى لَا يُخْرِجُوهَا إِلَى غَيْر الْأَهْل إِلَّا بَعْد أَنْ يَكْفُوهُمْ ; تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي تَقْدِيم الصَّدَقَة الْوَاجِبَة قَبْل صَدَقَة التَّطَوُّع ".

نقله عنه في " فتح الباري" (9/623).

قال الْخَطَّابِيُّ :

" هَذَا التَّرْتِيب إِذَا تَأَمَّلْته عَلِمْت أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ قَدَّمَ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى وَالْأَقْرَب فَالْأَقْرَب ".

نقله عنه في " عون المعبود" (5/ 76)

وقال النووي

: " إذا اجتمع على الشخص الواحد محتاجون ممن تلزمه نفقتهم ، نظرَ: إن وفَّى ماله أو كسبه بنفقتهم فعليه

نفقة الجميع قريبهم وبعيدهم .

وإن لم يفضل عن كفاية نفسه إلا نفقة واحد ، قدَّم نفقة الزوجة على نفقة الأقارب ...لأن نفقتها آكد ، فإنها لا تسقط بمضي الزمان ، ولا بالإعسار ".

انتهى "روضة الطالبين" (9/ 93) .

قال المرداوي

: " الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ : وُجُوبُ نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا ، وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا بِالْمَعْرُوفِ ...إذَا فَضَلَ عَنْ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ ".

انتهى " الإنصاف" (9/ 392).

قال الشوكاني:

" وقد انعقد الإجماع على وجوب نفقة الزوجة ، ثم إذا فضل عن ذلك شيء فعلى ذوي قرابته ".

انتهى " نيل الأوطار" (6 /381).

فلم يختلف العلماء في تقديم الزوجة على الوالدين في النفقة ، وإنما اختلفوا في الزوجة والولد أيهما يقدم؟

قال الشيخ ابن عثيمين: " فالصواب أنه يبدأ بنفسه ، ثم بالزوجة ، ثم بالولد ، ثم بالوالدين ، ثم بقية الأقارب ".

انتهى من " فتح ذي الجلال والإكرام (5/194).

وبناء على ما سبق فالواجب على الزوج أن يبدأ بكفاية زوجته وأولاده من النفقة الواجبة عليه بالمعروف ، فإن بقي معه بعد ذلك شيء من المال فالواجب عليه أن ينفقه على والديه

والله أعلم.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الاداب الاسلاميه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc