مناقب التاريخ الاسلامي - الصفحة 17 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مناقب التاريخ الاسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-12-08, 16:02   رقم المشاركة : 241
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ترجمة موجزة للحافظ ابن كثير

السؤال

من هو ابن كثير ؟

عرفت أن ابن كثير كان شافعيًا فلماذا ؟


الجواب

الحمد لله

الكلام في ترجمة الحافظ ابن كثير ضمن الفقرات الآتية :

أولا : اسمه ونسبه ومولده .

هو الحافظ المؤرخ المفسر عماد الدين أبو الفداء : إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء القرشي البصروي ، ثم الدمشقي .
ولد بمجدل من أعمال دمشق سنة (701هـ)

ثم انتقل إلى دمشق مع أخيه كمال الدين سنة (707هـ) بعد موت أبيه .

ثانيا : طلبه للعلم .

حفظ القرآن الكريم وختم حفظه في سنة (711هـ) ، وقرأ القراءات وبرع في التفسير ، وحفظ متن " التنبيه " في الفقه الشافعي سنة (718هـ) ، وحفظ مختصر ابن الحاجب

وتفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري ، وكمال الدين ابن قاضي شهبة .

ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي ، فتزوج ابنته زينب ، ولازمه ، وأخذ عنه ، وأقبل على علم الحديث فتخرج عليه فيه ، وصحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، وكانت له به خصوصية

وكان يفتي برأيه في مسألة الطلاق ، وامتحن بسبب ذلك وأوذي .

وقرأ الأصول على الأصفهاني وسمع علي أبي نصر ابن الشيرازي ، وأبي القاسم بن عساكر ، وآخرين كثيرين جدا .
وأقبل على حفظ المتون ، ومعرفة الأسانيد والعلل والرجال والتاريخ

حتى برع في ذلك وهو شاب ، وأفتى ودرس وناظر وبرع في الفقه والتفسير والنحو ، وأمعن النظر في الرجال والعلل .

ثالثا : مكانته العلمية .

ولي العديد من المدارس العلمية في ذلك العصر ، منها : دار الحديث الأشرفية ، والمدرسة الصالحية ، والمدرسة النجيبية ، والمدرسة التنكزية ، والمدرسة النورية الكبرى .

رابعا : ثناء العلماء عليه وذكر بعض مصنفاته .

قال الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمته :

" إسماعيل بن عمر بن كثير : الإمام ، الفقيه ، المحدث الأوحد ، البارع ، عماد الدين البصروي الشافعي ، فقيه متقن ، ومحدث متقن ، ومفسر نقال

وله تصانيف مفيدة ، يدري الفقه ، ويفهم العربية والأصول ، ويحفظ جملة صالحة من المتون والتفسير والرجال وأحوالهم ، سمع مني ، وله حفظ ومعرفة " انتهى .

"معجم المحدثين" (1/56) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي ، الشيخ عماد الدين .

ولد سنة سبعمائة أو بعدها بيسير ، ومات أبوه سنة (703) ، ونشأ هو بدمشق ، وسمع من ابن الشحنة ، وابن الزراد ، وإسحاق الآمدي ، وابن عساكر ، والمزي ، وابن الرضى ، وطائفة .

وأجاز له من مصر الدبوسي ، والواني ، والختني ، وغيرهم .

واشتغل بالحديث مطالعة في متونه ورجاله ، فجمع التفسير ، وشرع في كتاب كبير في الأحكام لم يكمل ، وجمع التاريخ الذي سماه البداية والنهاية ، وعمل طبقات الشافعية

وخرج أحاديث أدلة التنبيه ، وأحاديث مختصر ابن الحاجب الأصلي ، وشرع في شرح البخاري ولازم المزي ، وقرأ عليه تهذيب الكمال ، وصاهره على ابنته ، وأخذ عن ابن تيمية ففتن بحبه

وامتحن لسببه ، وكان كثير الاستحضار ، حسن المفاكهة ، سارت تصانيفه في البلاد في حياته ، وانتفع بها الناس بعد وفاته ، ولم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم

وإنما هو من محدثي الفقهاء ، وقد اختصر مع ذلك كتاب ابن الصلاح ، وله فيه فوائد " انتهى .

"الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة" (1/445-446) .

خامسا : مذهبه .

تفقه الإمام ابن كثير على فقهاء الشافعية في زمانه ، فحفظ كتبهم ، ودرس علومهم ، بل وكتب الكتب المختصة بهم ، فقد كان مذهب الشافعية هو المذهب المنتشر في بلاد الشام ومصر .

يقول الإمام السبكي رحمه الله :

" وهذان الإقليمان – يعني الشام ومصر - وما معهما من عيذاب - وهي منتهى الصعيد إلى العراق - مركز ملك الشافعية منذ ظهر مذهب الشافعي

اليد العالية لأصحابه في هذه البلاد ، لا يكون القضاء والخطابة في غيرهم ، ومنذ انتشر مذهبه لم يول أحد قضاء الديار المصرية إلا على مذهبه ، إلا ما كان من القاضي بكار

ولم يول في الشام قاض إلا على مذهبه ، إلا البلاساغوني ، وجرى له ما جرى ، فإنه ولي دمشق وأساء السيرة ، ثم أراد أن يعمل في جامع بني أمية إماما حنفيا

وجامع بني أمية منذ ظهور مذهب الشافعي لم يؤم فيه إلا شافعي ، ولا صعد منبره غير شافعي ، فأراد هذا القاضي إحداث إمام حنفي .

قال ابن عساكر : فأغلق أهل دمشق الجامع ، ولم يمكنوه ، ثم عزل القاضي ، واستمرت دمشق على عادتها لا يليها إلا شافعي إلى زمن الظاهر بيبرس التركي ، ضم إلى الشافعي القضاة من المذاهب الثلاثة .

قال الأستاذ أبو منصور البغدادي : وقبل ظهور مذهب الشافعي في دمشق لم يكن يلي القضاء بها والخطابة والإمامة إلا أوزاعي ، على رأي الإمام الأوزاعي " انتهى .

"طبقات الشافعية الكبرى" (1/326) .

فليس من المستغرب أن يكون ابن كثير شافعي المذهب .

ولا يلزم مما سبق خلو بلاد الشام من المذاهب الأخرى ، فقد كان للحنابلة

مثلا - حضور ظاهر في الشام ، يتمثل حضورهم بعبد الغني المقدسي وعائلته ومن جاء بعدهم ، وبآل تيمية أيضا ، وبغيرهم من علماء المذاهب الأخرى .

سادسا : وفاته .

توفي في شعبان سنة (774هـ) ، وكان قد أضر في أواخر عمره .

انظر ترجمة موسعة له في مقدمة تحقيق "البداية والنهاية" بإشراف

د. عبد الله التركي (1/13-33) .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-12-08, 16:06   رقم المشاركة : 242
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

أيهما أصح " تفسير ابن كثير " أو " تفسير الطبري " ؟

السؤال

أيهما أصح " تفسير ابن كثير " أو " تفسير الطبري " ؟.

الجواب

الحمد لله

كل واحد من هذين التفسيرين لعالم جليل من علماء أهل السنة ، ولا يزال العلماء ينصحون باقتنائهما ، ولكل واحدٍ منهما ميزات تجعل طالب العلم لا يستطيع تفضيل واحدٍ منهما على الآخر ، وهذه بعض اللمحات عن التفسيرين :

1. " تفسير الطبري "

- ولد الإمام محمد بن جرير الطبري عام 224 هـ وتوفي عام 310 هـ عن ستة وثمانين عاماً في إقليم طبرستان .

- سمى تفسيره " جامع البيان في تأويل آي القرآن " .

- قال أبو حامد الإسفرايني : لو سافر مسافر إلى الصين من أجل تحصيله ما كان ذلك كثيراً في حقه .

" طبقات المفسرين " للداودي ( 2 / 106 ) .

وقال ابن خزيمة : نظرت فيه من أوله إلى آخره ، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير.

" سير أعلام النبلاء " ( 14 / 273 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما التفاسير التي في أيدي الناس : فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري ؛ فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة ، وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين ، كمقاتل بن بكير والكلبي .

" مجموع الفتاوى " ( 13 / 358 ) .

وقال أيضاً في "مقدمة في أصول التفسير" (ص 39) عن تفسير ابن جرير :

من أجل التفاسير وأعظمها قدراً . انتهى .

- اعتمدَ أقوال ثلاث طبقات من طبقات مفسري السلف ، وهم الصحابة ، والتابعون ، وأتباع التابعين ، ويذكر أقوالهم بأسانيده إليهم ، وهذه ميزة عظيمة في كتابه

لا توجد في كثير من كتب التفسير الموجودة بين أيدينا ، غير أن هذه الميزة لا تتناسب مع عامة المسلمين الذين ليس لديهم القدرة على البحث في الأسانيد ومعرفة الصحيح من الضعيف

وإنما يريدون الوقوف على صحة السند أو ضعفه بكلام واضح بَيِّن مختصر .

- فإذا انتهى من عرضِ أقوالِهم : رجَّحَ ما يراه صوابًا ، ثمَّ يذكر مستندَه في الترجيحِ .

2. " تفسير ابن كثير "

- هو أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي ، توفي في عام 774 هـ .

- سمى تفسيره " تفسير القرآن العظيم " .

- قال السيوطي رحمه الله في حق هذا التفسير : لم يؤلَّف على نمطه مثله .

" تذكرة الحفاظ " ( ص 534 ) .

- وتفسيره من التفسير بالمأثور – الآية والحديث - ، وشهرته تعقب شهرة الطبري عند المتأخرين .

- سهل العبارة ، جيد الصياغة ، ليس بالطويل الممل ، ولا بالقصير المخل .

- يفسِّر الآية بالآية ، ويسوق الآيات المتناسبة مع ما يفسره من الآيات ، ثم يسرد الأحاديث الواردة في موضوع الآية ، ويسوق بعض أسانيدها وبخاصة ما يرويه الإمام أحمد في مسنده ، وهو من حفظة المسند

ويتكلم على الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً– غالباً – وهي ميزة عظيمة في تفسيره ، ثم يذكر أقوال السلف من الصحابة والتابعين ، ويوفق بين الأقوال ، ويستبعد الخلاف الشاذ .

قال عنه محمد بن جعفر الكتاني : إنه مشحون بالأحاديث والآثار بأسانيد مخرجيها مع الكلام عليها صحةً وضعفاً .

" الرسالة المستطرفة " ( ص 195 ) .

- نبَّه على الموقف الشرعي من الروايات الإسرائيلية ، ونبَّه على بعضها خلال تفسيره لبعض الآيات .

والخلاصة :

أنه لا غنى لطالب العلم عن الكتابين ، وأنه عند المفاضلة بينهما : فإن تفسير ابن جرير لم يؤلَّف بعده مثله ، وهو زاد للعلماء وطلبة العلم ، لكنه لا يصلح لعامة الناس لعدم صلاحيتهم هم له

وتفسير ابن كثير أقرب لأن يوصى به عوام الناس ، وفيه من الفوائد للعلماء وطلبة العلم الشيء الكثير .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-09, 16:56   رقم المشاركة : 243
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل كان الرجل من الصحابة يعيش مع أبيه بعد زواجه أم ينتقل لبيت آخر ؟

السؤال

هل عاش الصحابة رضوان الله عليهم مع والديهم بعد زواجهم أم انتقلوا لمنزل مستقل ؟

الجواب

الحمد لله

العادة الغالبة في حياة الصحابة رضي الله عنهم ، هي المعهود من أمر الناس : أن الرجل كان إذا تزوج اتخذ لنفسه بيتا غير بيت أبيه ، لا اختصاص لشأن الصحابة بشيء في ذلك.

وقد دل على ذلك غير ما حديث ، ومن ذلك ما يلي :

ما رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (19822) بإسناد صحيح من طريق معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، قال: " بلغ عمر أن صفية امرأة عبد الله بن عمر سترت بيوتها بقرام أو غيره

أهداه لها عبد الله بن عمر ، فذهب عمر وهو يريد أن يهتكه ، فبلغهم فنزعوه ، فلما جاء عمر لم يجد شيئا ، فقال : ما بال أقوام يأتوننا بالكذب " .

ووجه الدلالة من ذلك أن عمر عندما بلغه أن زوجة ابنه عبد الله سترت بيوتها بقرام ، ذهب إلى بيت ولده، إلا أنهم نزعوه قبل وصوله ، فهذا يدل على أنهم ما كانوا يعيشون في مسكن واحد .

ومن ذلك ما أخرجه النسائي في "سننه" (2389) بإسناد صحيح من طريق يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو:

" أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ ، فَكَانَ يَأْتِيهَا فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا ، فَقَالَتْ: نِعْمَ الرَّجُلُ، مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا ، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ !!

فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: (ائْتِنِي بِهِ).

فَأَتَيْتُهُ مَعَهُ ، فَقَالَ: ( كَيْفَ تَصُومُ؟ ) قُلْتُ: كُلَّ يَوْمٍ .

قَالَ: (صُمْ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ: (صُمْ يَوْمَيْنِ وَأَفْطِرْ يَوْمًا )، قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ:(صُمْ أَفْضَلَ الصِّيَامِ ، صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ) " .

وأخرج النسائي أيضا في "سننه" (2392) بإسناد حسن ، من طريق مُحَمّد بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

قَالَ : " دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قُلْتُ : أَيْ عَمِّ حَدِّثْنِي عَمَّا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَجْمَعْتُ عَلَى أَنْ أَجْتَهِدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا ، حَتَّى قُلْتُ لَأَصُومَنَّ الدَّهْرَ ، وَلَأَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَأَتَانِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ فِي دَارِي ، فَقَالَ ( بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ لَأَصُومَنَّ الدَّهْرَ وَلَأَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ ) فَقُلْتُ : قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : (فَلَا تَفْعَلْ صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) قُلْتُ : إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

قَالَ : (فَصُمْ مِنْ الْجُمُعَةِ يَوْمَيْنِ: الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ) ، قُلْتُ فَإِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكِ ، قَالَ : (فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام

فَإِنَّهُ أَعْدَلُ الصِّيَامِ عِنْدَ اللَّهِ ؛ يَوْمًا صَائِمًا ، وَيَوْمًا مُفْطِرًا . وَإِنَّهُ كَانَ إِذَا وَعَدَ لَمْ يُخْلِفْ ، وَإِذَا لَاقَى لَمْ يَفِرَّ) " .

ووجه الدلالة أن عبد الله بن عمرو بن العاص عندما تزوج :

كان والده يأتيه فيسأل زوجته عن حاله معها ، فلما علم أنه منشغل بالعبادة عن زوجته شكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءه إلى داره ، فدل على أن عبد الله بن عمرو عندما تزوج كان له مسكن غير مسكن أبيه .

ثم إنه قد جاء في القرآن التفريق بين بيوت الآباء وبيوت الأبناء ، كما في قوله تعالى :( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا

عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ

أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) النور/61.

وقد قال مجاهد في تفسير هذه الآية :" " كَانَ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِالْأَعْمَى وَالْمَرِيضِ وَالْأَعْرَجِ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ إِلَى بَيْتِ أَخِيهِ، أَوْ عَمِّهِ، أَوْ خَالِهِ، أَوْ خَالَتِهِ، فَكَانَ الزَّمْنَى يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ ,

يَقُولُونَ: إِنَّمَا يَذْهَبُونَ بِنَا إِلَى بُيُوتِ غَيْرِهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةً لَهُمْ " أخرجه الطبري في "تفسيره" (17/368) بإسناد صحيح .

قال ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (18/301)

:" وَعَطَفَ عَلَى بُيُوتِ أَنْفُسِهِمْ، بُيُوتَ آبَائِهِمْ ، وَلَمْ يَذْكُرْ بُيُوتَ أَوْلَادِهِمْ ، مَعَ أَنَّهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الْآكِلِينَ مِنَ الْآبَاءِ، فَهُمْ أَحَقُّ بِأَنْ يَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِهِمْ؟ قِيلَ: لِأَنَّ الْأَبْنَاءَ كَائِنُونَ مَعَ الْآبَاءِ فِي بُيُوتِهِمْ

وَلَا يَصِحُّ ، فَقَدْ كَانَ الِابْنُ إِذَا تَزَوَّجَ بَنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا، كَمَا فِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ " انتهى .

إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون في الصحابة من يسكن مع أبيه بعد زواجه ، في دار تجمعهم .

ويشير إلى ذلك قصة فاطمة بنت قيس ، حيث أنه قد روى الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/69) بإسناد صحيح من طريق عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنْ أَبِيهِ ,

قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ:"أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا؟ فَقَالَ: فِي بَيْتِهَا ، فَقُلْتُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؟

فَقَالَ: تِلْكَ الْمَرْأَةُ فَتَنَتِ النَّاسَ , وَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا بِلِسَانِهَا ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ، وَكَانَ رَجُلًا مَكْفُوفَ الْبَصَرِ".

قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (6/158):"

أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ وَتَذْهَبُ إِلَى أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ لَمْ يَبُحْ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهَا الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ إِلَّا لِمَا كَانَتْ طُلِّقَتْ فِيهِ مِنَ الْبِذَاءِ بِلِسَانِهَا عَلَى قَرَابَةِ زَوْجِهَا السَّاكِنِينَ مَعَهَا في دار واحدة ، وَلِأَنَّهَا كَانَتْ مَعَهُمْ فِي شَرٍّ لَا يُطَاقُ " انتهى .

لكن لا يلزم من ذلك أن تكون تلك الدار : مشتركة المرافق ـ شقة واحدة ، في عرف الناس اليوم ـ ، فليس في الرواية شيء من تفاصيل تلك الدار ، ولا حالها .

فمما سبق يتبين أن الغالب على حال الصحابة : إذا تزوج الرجل منهم انتقل إلى بيت غير بيت أبيه ، وربما سكن مع أبيه .

والأمر في ذلك واسع ، بحسب الحال .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-09, 17:01   رقم المشاركة : 244
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا لم يصلنا خبر آية انشقاق القمر من قبل الأمم الأخرى؟

السؤال

لماذا لم تكتب الحضارات التي بعصر النبي صلى الله علية وسلم عن حادثة انشقاق القمر ، حيث كان في عهد النبي الكثير من الحضارات ، فهل يعقل أنهم لم يروا الانشقاق ؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

قد ثبت انشقاق القمر بأدلة ثابتة وواضحة؛ ومن ذلك قول الله تعالى:

( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ، وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) القمر/1 - 2.

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

" وقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث ابن مسعود قال: ( انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا )...

وعلى هذا جميع المفسرين، إلا أن قوما شذوا فقالوا: سينشق يوم القيامة. وقد روى عثمان بن عطاء عن أبيه نحو ذلك .

وهذا القول الشاذ لا يقاوم الإجماع؛ ولأن قوله: ( وَانْشَقَّ ) لفظ ماض، وحمل لفظ الماضي على المستقبل يفتقر إلى قرينة تنقله ودليل، وليس ذلك موجودا. وفي قوله: ( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ) دليل على أنه قد كان ذلك "

انتهى من "زاد المسير" (8 / 87 - 88).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" أخبر -في سورة القمر- باقتراب الساعة وانشقاق القمر، وانشقاق القمر قد عاينوه وشاهدوه وتواترت به الأخبار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورة في المجامع الكبار

مثل الجمع والأعياد؛ ليسمع الناس ما فيها من آيات النبوة ودلائلها والاعتبار، وكل الناس يقر ذلك ولا ينكره، فعلم أن انشقاق القمر كان معلوما عند الناس عامة " انتهى من " الجواب الصحيح " (1 / 414).

وقد روى قصة الانشقاق غير ابن مسعود – الذي سبق حديثه في كلام ابن الجوزي- كحديث عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:

( إنَّ القَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه البخاري (3870) ، ومسلم (2803).

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" إن عبد الله بن مسعود أوضح كيفية هذا الانشقاق، حتى لم يترك لقائل مقالا...

وقد روى هذا الحديث جماعة كثيرة من الصحابة - رضي الله عنهم -.

منهم : عبد الله بن مسعود ، وأنس ، وابن عباس ، وابن عمر ، وحذيفة ، وعلي، وجبير بن مطعم، وغيرهم.

وروى ذلك عن الصحابة أمثالهم من التابعين، ثم كذلك ينقله الجمُّ الغفير ، والعدد الكثير إلى أن انتهى ذلك إلينا ، وفاضت أنواره علينا، وانضاف إلى ذلك ما جاء من ذلك في القرآن المتواتر عند كل إنسان .

فقد حصل بهذه المعجزة العلم اليقين الذي لا يشك فيه أحد من العاقلين " .

انتهى من "المفهم" (7 / 403).

ثانيا:

قد سعى بعض الناس من القديم في التشكيك في هذه الحادثة، واستبعاد حصولها؛ وعمدتهم؛ هي أن القمر يشترك جميع البشر في رؤيته

فلو انشق حقيقة لعلمه جميع سكان الأرض ولتناقلوا هذا الحدث العظيم، ولسطروه في كتبهم، لكن هذا كله لا نعلم له وجود، فهذه الحادثة لا تعرف إلا من جهة المسلمين فقط؟

وهذا التشكيك لا أصل له عند كل عاقل درس هذه القضية بموضوعية؛ وبيان ذلك بأمرين:

الأمر الأول:

يجب فهم هذه القضية على ضوء طبيعة حياة الناس في ذلك الزمن، حيث كان الليل محلا للسكن والقرار، ولم يكن كزمننا هذا شبيها بالنهار.

وهذه الحادثة وقعت بطلب من كفار قريش؛ فهم المقصودون بهذه المعجزة

وليس كل البشر في ذلك الوقت، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ) رواه البخاري (3637) ، ومسلم (2802).

فالذي يناسب طبيعة الحياة في ذلك الزمن، هو أن يحصل مثل هذا الحوار والنقاش في بدايات الليل، فيستبعد أن يخرجوا في منتصف الليل من أجله.

وإذا كان هذا هو الحاصل؛ فمن الطبيعي أن تغيب هذه الحادثة عن أغلب سكان الأرض في ذلك الزمن؛ لأن بداية الليل في مكة يقابلها منتصف الليل أو ما يقاربه في معظم بلاد الشرق أي أنهم يكونون

في نوم عميق، ومن كان ساهرا فلا شك أنه يكون قارا داخل سكنه، وأما البلاد الواقعة في غرب مكة فيكون أغلبها في ذلك الوقت مازال في النهار لم يدخل عليه الليل بعد .

والظاهر المتبادر إلى الذهن من هذه الحادثة أنها كانت للحظات ولم تبق زمنا طويلا أو الليل كله، فلهذا لا إشكال أن ينتبه إلى هذه الحادثة سكان مكة، لأنهم كانوا منتظرين لها، ويغفل عنها باقي الناس لما سبق بيانه.

قال الخطابي رحمه الله تعالى:

" هذا شيء طلبه قوم خاصٌّ من أهل مكة على ما رواه أنس بن مالك، فأراهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليلاً لأن القمر آية الليل، ولا سلطان له بالنهار

وأكثر الناس في الليل تنام ومُستكنُّون بأبنية وحجب، والأيقاظ البارزون منهم في البوادي والصَّحارى قد يتفق أن يكونوا في ذلك الوقت مشاغيل بما يُلهيهم من سمر وحديث ، وبما يهمّهم من شغل ومهنة

ولا يجوز أن يكونوا لا يزالون مقنعي رؤوسهم ، رافعين لها إلى السماء مترصِّدين مركز القمر من الفلك ، لا يغفلون عنه ، حتى إذا حدث بجرم القمر حدثٌ من الانشقاق

: أبصروه في وقت انشقاقه، قبل التئامه واتِّساقه . وكثيراً ما يقع للقمر الكسوف ، فلا يشعر به الناس ، حتى يخبرهم الآحاد منهم والأفراد من جماعتهم .

وإنما كان ذلك في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر " انتهى من "أعلام الحديث" (2 / 1619).

وقال القرطبي رحمه الله تعالى:

" وقد استبعد هذا كثير من الملحدة، وبعض أهل الملة ، من حيث إنه لو كان كذلك ، للزم مشاركة جميع أهل الأرض في إدراك ذلك ؟

والجواب: أن هذا إنما كان يلزم، لو استوى أهل الأرض في إدراك مطالعه في وقت واحد، وليس الأمر كذلك، فإنه يطلع على قوم ، قبل طلوعه على آخرين.

وأيضا: فإنما كان يلزم ذلك ، لو طال زمان الانشقاق، وتوفرت الدواعي على الاعتناء بالنظر إليه، ولم يكن شيء من ذلك، وإنما كان ذلك في زمن قصير ، شاهده من نُبِّه له ...

ثم إنها كانت آية ليلية، وعادة الناس في الليل كونهم في بيوتهم نائمين، ومعرضين عن الالتفات إلى السماء إلا الآحاد منهم، وقد يكون منهم من شاهد ذلك، فظنه سحابا حائلأ، أو خيالا حائلا.

وعلى الجملة : فالموانع من ذلك لا تنحصر، ولا تنضبط .

والذى يحسم مادة الخلاف بين أهل ملتنا أن نقول: لا بعد في أن يكون الله تعالى خرق العادة في ذلك الوقت، فصرف جميع أهل الأرض عن الالتفات إلى القمر في تلك الساعة

لتختص مشاهدة تلك الآية بأهل مكة ، كما اختصوا بمشاهدة آياته؛ كحنين الجذع، وتسبيح الحصى، وكلام الشجر، إلى غير ذلك من الخوارق التي شاهدوها، ونقلوها إلى غيرهم " .

انتهى من "المفهم" (7 / 403 - 404).

الأمر الثاني:

أنه لا يعرف عمن عاصر ذلك الزمن أو قاربه من المؤرخين من نفى هذا، وهذا كاف.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وأما من سأل عن السبب في كون أهل التنجيم لم يذكروه، فجوابه: أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه نفاه، وهذا كاف " انتهى من "فتح الباري" (7 / 185).

كما لا يستبعد أن يكون رآه بعض الناس في أماكن شتى خارج بلاد العرب، ودوّن في كتبهم، لكن لعدم كثرة المشاهدين له

لم يأخذه من جاء بعدهم على محمل اليقين، وجعله من جملة الأساطير ، فتنوسي الخبر ، ولم يتناقله الكتاب بعدهم ، فضاعت المصادر الأولى أو بقيت لكن مغمورة لا ينتبه إليها.

وإذا كان القرآن قد نص على ذلك ، وثبتت به السنة ثبوتا لا مطعن فيه ، ثم وجد من شكك في وقوع هذه الآية الحسية ، وتأولها على أمر مستقبل ؛ فكيف بغيرنا من الأمم والجماعات

الذين لم يبلغهم بذلك خبر السماء ، فينقل لهم الواحد بعد الواحد من الناس : أن القمر قد انشق ؟!

قال العلامة الشيخ محمد رحمت الله الهندي رحمه الله تعالى:

" ... قلما يقع أن يبلغ عدد ناظري أمثال هذه الحوادث النادرة الوقوع إلى حد يفيد اليقين

وإخبار بعض العوام لا يكون معتبراً عند المؤرخين في الوقائع العظيمة، نعم يُعتبر إخبارهم أيضاً في الحوادث التي يبقى أثرها بعد وقوعها، كالريح الشديد، ونزول الثلج الكثير

والبرد، فيجوز أن مؤرخي بعض الديار لم يعتبروا إخبار بعض العوام في هذه الحادثة، وحملوه على تخطئة أبصار المخبرين العوام ...

والسابع: أن المؤرخين كثيراً ما يكتبون الحوادث الأرضية

ولا يتعرضون للحوادث السماوية إلا قليلاً ، سيما مؤرخي السلف، وكان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم في ديار إنكلترة وفرانس شيوع الجهل، واشتهارها بالصنائع والعلوم إنما هو بعد زمانه صلى الله عليه وسلم بمدة طويلة.

والثامن: أن المنكر إذا علم أن الأمر الفلاني معجزة أو كرامة للشخص الذي ينكره تصدى لإخفائها، ولا يرضى بذكرها وكتابتها غالبا ... "

انتهى من "إظهار الحق" (4 / 1041).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-09, 17:07   رقم المشاركة : 245
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ادعاء الرافضة بأن علي بن أبي طالب كان يذم الشيخين ، وأنه ساهم في اغتيال عمر بن الخطاب .

السؤال

يقول بعض الرافضة : إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه امتنع عن مبايعة الخليفتين الراشدين أبيبكر وعمر رضي الله عنهما ، وأنه كان يذمهما ، ويعتبرهم بأنهم كاذبان آثمان غادران

ويزعمون أن هذا ورد في صحيح مسلم ، ويقول بعضهم أيضاً : إن عليا هو الذي أشار على أبي لؤلؤة المجوسي ـ أو النهاوندي كما يسمونه ـ بقتل عمر ، وأنه قتله بأمر من علي

فنرجوا منكم الرد على هذه الإشكالات التي يثيرونها بين فينة واُخرى ، مع بيان طبيعية العلاقة بين علي والشيخين رضي الله عنهم أجمعين ، وهل كانت علاقة حب ومودة ونصرة ، أم علاقة بغض ومفاصلة ؟


الجواب

الحمد لله

أولا:

ادعاء الشيعة بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه امتنع عن مبايعة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكان يذمهما، هو ادعاء باطل.

فقد سبق في الموقع بيان مبايعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما، في الفتوى رقم (147540).

ثانيا:

وأما مبايعة علي لعمر رضي الله عنهما فلا شك فيها، فالصحابة كلهم أجمعوا على مبايعته.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على اختيار أبي بكر، وعلى تنفيذ عهده إلى عمر، وعلى تنفيذ عهد عمر بالشورى، ولم يخالف في شيء من هذا أحد، ولم يدع علي ولا العباس ولا أبو بكر وصية في وقت من الأوقات .

وقد اتفق علي والعباس على جميع هذا من غير ضرورة مانعة من ذكر وصية لو كانت، فمن زعم أنه كان لأحد منهم وصية ، فقد نسب الأمة إلى اجتماعها على الخطأ

واستمرارها عليه، وكيف يحل لأحد من أهل القبلة أن ينسب الصحابة إلى المواطأة على الباطل في كل هذه الأحوال، ولو كان شيء لنقل فإنه من الأمور المهمة "

انتهى، من "شرح صحيح مسلم" (12 / 206).

وكان علي محبا لعمر وأبي بكر ومعترفا بفضلهما.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ( إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ، فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي، يَقُولُ: رَحِمَكَ اللَّهُ

إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، لِأَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (

كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ )، فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ) رواه البخاري (3677) ومسلم (2389).

وعَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: ( قُلْتُ لِأَبِي – أي علي بن أبي طالب -

أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ) رواه البخاري (3671).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" ويروى هذا عن علي بن أبي طالب من نحو ثمانين وجها، وأنه كان يقوله على منبر الكوفة؛ بل قال: لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري.

فمن فضله على أبي بكر وعمر جلد بمقتضى قوله رضي الله عنه ثمانين سوطا "

انتهى، من "مجموع الفتاوى" (4 / 422).

ثالثا:

وادعاء الشيعة أن عليا كان يقول عن أبي بكر وعمر: " بأنهما كاذبان آثمان غادران "، ونسبة هذا إلى صحيح مسلم = هذا الادعاء هو من التحريف ، والكذب

وبتر النصوص عن سياقها، وهو من التصرفات التي شابه بها الرافضة اليهود.

فنص الحديث هو كالآتي:

عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَوْسٍ، حَدَّثَهُ، قَالَ: ( أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ، قَالَ: فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ، مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ،

فَقَالَ لِي: يَا مَالُ! إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ، فَخُذْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا غَيْرِي؟ قَالَ: خُذْهُ يَا مَالُ! قَالَ: فَجَاءَ يَرْفَا – خادم عمر-

فَقَالَ: هَلْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ؟ فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ؟

قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَاقْضِ بَيْنَهُمْ وَأَرِحْهُمْ، فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ: يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا قَدَّمُوهُمْ لِذَلِكَ

فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدَا، أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ! أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ )، قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ،

فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

قَالَ: ( لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ )، قَالَا: نَعَمْ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاصَّةٍ، لَمْ يُخَصِّصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ، قَالَ: ( مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ )

قَالَ: فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَكُمْ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ، فَوَاللهِ، مَا اسْتَأْثَرَ عَلَيْكُمْ، وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُمْ، حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ مِنْهُ نَفَقَةَ

سَنَةٍ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ، ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ نَشَدَ عَبَّاسًا، وَعَلِيًّا، بِمِثْلِ مَا نَشَدَ بِهِ الْقَوْمَ، أَتَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟

قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُمَا، تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ – أي العباس- مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَيَطْلُبُ هَذَا –

أي علي بن أبي طالب- مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

( مَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ )، فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلِيُّ أَبِي

بَكْرٍ، فَرَأَيْتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، فَوَلِيتُهَا، ثُمَّ جِئْتَنِي أَنْتَ وَهَذَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ

فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللهِ أَنْ تَعْمَلَا فِيهَا بِالَّذِي كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذْتُمَاهَا بِذَلِكَ، قَالَ: أَكَذَلِكَ؟

قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُمَانِي لِأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا، وَلَا وَاللهِ، لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَيَّ ) رواه البخاري (3094) و (5358)، ومسلم (1757) واللفظ له.

فهذا الحديث نفسه يدل على اعتراف علي رضي الله عنه بخلافة عمر وعدله ، ولذا تحاكم إليه في قضيته مع عمه العبّاس.

وهذا الحديث نفسه يظهر فيه تصديق علي لعمر في كل ما أخبر به ، ولم يعارضه ولم يتهمه بشيء كما هو واضح من نص الحديث.

وأما خطاب عمر رضي الله عنه للعباس وعلي: ( فَرَأَيْتُمَاهُ – أبا بكر الصديق- كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا )، وقوله ( فَرَأَيْتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا ).

فقال: ( فَرَأَيْتُمَاهُ )، ( فَرَأَيْتُمَانِي )، ولم يقل : "فقلتما".

والمقصود أنه ليس فيه تصريح بأن عليا تفوه بهذا الكلام، فيمكن أن يكون هذا مبالغة في الوصف من عمر رضي الله عنه لشدة مخاصمة علي والعباس رضي الله عنهما لهما في ذلك

وتكرر ذلك منهما، فكأنهما ، في عدم قبولهما لقضاء عمر وأبي بكر ، واستمرار جدالهما، يتصرفان كتصرف المكذِّب.

ويحتمل أن عليا والعباس قد قالا هذا الكلام، وهم بشر يغضبون كما يغضب البشر .

وهذا من الكلام الذي قد يصدر من الشخص حال غضبه ولا يقصد حقيقته .

بل أبلغ ذلك في الرد على الرافضة المحرفين الكاذبين ما جاب في نفس الحديث ؛ فهذا العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وعم علي بن أبي طالب – في هذا الأثر- قد وصف عليا، صراحة ، مواجهة

: بالْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ ، حين قال لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ ).

فهل يقبلون ما في الحديث من ذلك ؛ أو يحملونه على غير محمله الظاهر من الكلام ، كما نقوله نحن أيضا ، ونعتذر به أن العباس قد قالها لما يعلم من مكانته عند علي، فتساهل في الخطاب معه.

قال المازري رحمه الله تعالى:

" فأمثل ما حمل عليه أنه صدر من العبّاس على جهة الإدلال على ابن أخيه؛ لأنّه في الشّرع أنزل مَنزِلَةَ أبيه، وقال في ذلك ما لا يعتقد ، وما يعلم براءة ابن أخيه منه.

ولعله قصد بذلك ردعه وزجره عماَّ يعتقد أنه مخطئ فيه ... "

انتهى، من "المعلم بفوائد مسلم" (3 / 18).

ونفس هذا الكلام ينطبق على علي والعباس، فالعباس تساهل في كلامه أثناء الخصام، لما يعلم من مكانته لدى الصديق والفاروق لأنه عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان عمر يستسقي بدعائه.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ ) رواه البخاري (1010).

وعلي رضي الله عنه تساهل في كلامه أثناء المخاصمة، على فرض أنه قاله وصرح به ؛ بسبب أنه يخاصم عن زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم يقال لهؤلاء الرافضة، هل هذا الحديث تذكرونه كدليل لكم؟ أو أنكم لا تصححون أحاديث أهل السنة وإنما تذكرونها كإلزام لهم؟

فإن كنتم تذكرونه كدليل لكم، فيجب أن تأخذون بالحديث كله ، ما دمتم ترون صحته، ولا تنتقون منه ما يوافق هواكم، فهذا من التحريف وعدم العدل في النقاش العلمي، كما هو معلوم لكل عاقل.

وأما إن كنتم لا ترون صحته، وإنما تلزمون به أهل السنة لأنهم يصححونه؟

فهذا الإلزام لا يصح؛ فهذا النص أقصى أحواله أنه نص مشتبه يشكل فهمه، وأهل السنة يجتمعون على قاعدة: أن التحاكم يكون إلى النصوص الواضحة المحكمة

وما جاء من نص مشتبه فإنه يفسر على ضوء النصوص المحكمة، والنصوص المحكمة الواضحة الصحيحة متواترة على اثبات حب علي لأبي بكر وعمر واعترافه بفضلهما وأحقيتهما بالخلافة.

والحاصل :

أن الحديث : إن كان صحيحا ، كما يعتقد أهل السنة : ففيه تبرئة أبي بكر وعمر من كذب الرافضة ، وفريتهم ، وإثبات أن الأنبياء لا يورثون ، وإثبات إمامة الشيخين .... وغير ذلك ، مما يخالف عقائدهم الباطلة .

وإن كان ضعيفا ، كما هو حقيقة مذهبهم في أحاديث أهل السنة ـ الذين يلقبونهم بالجمهور ، ونحو ذلك : فقد بطل تعلقهم به .

فلا يحق للرافضة أن يتعلقوا بالحديث ، ولا أن يحتجوا به ، بحال .

رابعا:

زعم بعض كتاب الرافضة أن عليا رضي الله عنه ساهم في اغتيال عمر رضي الله عنه، هو مجرد كذب، لا يلتفت إليه.

لأنه وفق قواعد الشيعة أنفسهم -ووفق اعتقاد كل عاقل-، فإن التهم في مسائل الدماء وفي كل جناية، لا يمكن إثباتها إلا ببيّنة واضحة.

فاتهام علي رضي الله عنه بهذه التهمة الشنيعة، لا بد من دليل لإثباتها، ولا يوجد.

بل هذه التهمة خلاف ما عرف عن علي رضي الله عنه من الشجاعة والجرأة، فهو رضي الله عنه كان صريحا في تعاملاته وآرائه، ولا يظهر خلاف ما يبطن.

واعجب لهؤلاء الضلال الفجار : كيف يتهمون علي ، بتلك التهمة الشنعاء ، التي ينبغي عليهم أن يسعوا في تنزيهه عنها ، وتبرئتها منها ، لو كانت تهمة تنسب إليه من غيرهم

فكيف إذا كانوا هم الذي يختلقونها زورا وبهتانا ، ويصلقونها بأبي الحسن ، علي رضي الله عنه ، المبرأ من كذبهم ، وفراهم ؟!

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-11, 16:45   رقم المشاركة : 246
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل بختنصر هو الذي هاجم بيت المقدس بعد يحيى عليه السلام؟

السؤال

عندما مات نبي الله يحيى عليه السلام على يد ابن ملك دمشق عليه لعنة الله ، وبعد ذلك بأيام قليلة بعث الله على بني إسرائيل نبوخذ نصر الثاني أو كما هو معروف ببختنصر فقتل منهم ما يزيد

على السبعين ألفاً انتقاماً لنبي الله يحيى عليه السلام الذي قتله بنو إسرائيل كما قتلوا باقي الأنبياء ، ومن المعروف أن بوخذ نصر الثاني ولد 634 قبل الميلاد ومات 562 قبل الميلاد

فكيف حدث هذا وكان المسيح مولود فى الأساس ؟


الجواب

الحمد لله


لم يأت نص من الوحي يبين زمن بختنصر هذا، وإنّما تطرّق أهل العلم إلى خبره في عدد من المناسبات، أشهرها في مناسبة تفسيرهم لقوله تعالى:

( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا

ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا

إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ) الإسراء (4 – 7).

حيث ذكروا أن المرة الثانية كانت بعد موت يحيى ورفع عيسى عليهما السلام، وذكر بعض المفسرين؛ أن المَلِك الذي هاجم بني إسرائيل فدمر بيت المقدس في هذه المرة، هو "بختنصر"، وقيل غيره.

قال ابن أبي زمنين رحمه الله تعالى:

" ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ) يعني: آخر العقوبتين ( لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ ) وهي تقرأ (ليَسُوءَ) أي: ليسوء الله وجوهكم ( وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ ) يعني: بيت المقدس ( كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا )

أي: وليفسدوا ما غلبوا عليه إفسادا؛ يقال: إن إفسادهم الثاني: قتل يحيى بن زكريا، فبعث الله عليهم بختنصر، عدا به عليهم؛ فخرب بيت المقدس، وسبى وقتل منهم سبعين ألفا "

انتهى، من "تفسير ابن أبي زمنين" (3 / 13).

ومن الروايات الواردة في هذا ما رواه الطبري في "تفسيره" (14 / 503)؛

حيث قال: حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ( بَعَثَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، فِي اثْنَيْ عَشَرَ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ.

قَالَ: فَكَانَ فِيمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ، نِكَاحُ ابْنَةِ الْأَخِ. قَالَ: وَكَانَتْ لِمَلِكِهِمُ ابْنَةُ أَخٍ تُعْجِبُهُ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجُهَا، وَكَانَتْ لَهَا كُلُّ يَوْمٍ حَاجَةً يَقْضِيهَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أُمَّهَا، قَالَتْ لَهَا: إِذَا دَخَلْتِ عَلَى الْمَلِكِ فَسَأَلَكِ حَاجَتَكِ، فَقُولِي:

حَاجَتِي أَنْ تَذْبَحَ لِي يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ سَأَلَهَا حَاجَتَهَا، فَقَالَتْ: حَاجَتِي أَنْ تَذْبَحَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، فَقَالَ: سَلِي غَيْرَ هَذَا، فَقَالَتْ: مَا أَسْأَلُكَ إِلَّا هَذَا، قَالَ: فَلَمَّا أَبَتْ عَلَيْهِ

دَعَا يَحْيَى وَدَعَا بِطَسْتٍ فَذَبَحَهُ، فَبَدَرَتْ قَطْرَةٌ مِنْ دَمِهِ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَمْ تَزَلْ تَغْلِي حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ بُخْتَنَصَّرَ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَتْهُ عَجُوزٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَدَلَّتْهُ عَلَى ذَلِكَ الدَّمِ. قَالَ: فَأَلْقَى اللَّهُ فِي نَفْسِهِ أَنْ يَقْتُلَ

عَلَى ذَلِكَ الدَّمِ مِنْهُمْ حَتَّى يَسْكُنَ، فَقَتَلَ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْهُمْ مِنْ سِنٍّ وَاحِدٍ، فَسَكَنَ ) وهذا الأثر إسناده ظاهره الحسن، وقد صححه الحاكم في "المستدرك" (2 / 290) فقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ"، ووافقه الذهبي.

وهذا الخبر غالب الظن أنه مما نقله ابن عباس رضي الله عنه عمن أسلم من أهل الكتاب، فهو رضي الله عنه ينقل أحيانا من أخبارهم و قصصهم؛ خاصة ما ورد عنه من طريق سعيد بن جبير.

وقال صاحب كتاب "التقرير في أسانيد التفسير" (ص 51):

" من أصح الروايات عن عبد الله بن عباس: رواية سعيد بن جبير وكان مكيّا مقدما، فهذا علي بن المديني يقدمه على سائر أصحاب عبد الله بن عباس،

وهو أكثر الرواة عنه رواية، وأكثر التابعين من المكيين عناية بالإسرائيليات، وما يروى عن ابن عباس من هذا النوع ، فأكثره من طريقه .

ويروي عن ابن عباس في أمور الغيبيات من أخبار السابقين وأحوال القيامة مما يحتمل أخذه من بني إسرائيل" انتهى.

وروى الطبري في تاريخه (1 / 586 – 587)

من طريق السدي، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس- وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود- وعن ناس من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قصة طويلة عن بختنصر توافق خبر ابن عباس السابق.

لكن يغلب الظن أنهم أخذوها عمن أسلم من أهل الكتاب.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره، عن هذين الرجلين: عبد الله بن مسعود وابن عباس، ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب

التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ( بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) رواه البخاري عن عبد الله "

انتهى، من "تفسير ابن كثير" (1 / 8).

ثانيا:

المحققون من أهل العلم غلّطوا من ذكر أن بختنصر هو الذي نكّل ببني إسرائيل في المرة الثانية بعد زمن عيسى عليه السلام؛ لأنه قول مخالف للمعتمد في التاريخ أن بختنصر كان قبل عيسى عليه السلام بزمن طويل جدا .

وممن نصّ على ذلك الطبري رحمه الله تعالى في "تاريخه" (1 / 589)؛ حيث قال:

" وهذا القول- الذي روي عمن ذكرت في هذه الأخبار التي رويت ، وعمن لم يذكر في هذا الكتاب، من أن بختنصر، هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكرياء-

عند أهل السير والأخبار والعلم بأمور الماضين في الجاهلية، وعند غيرهم من أهل الملل = غلط، وذلك أنهم بأجمعهم مجمعون على أن بختنصر إنما غزا بني إسرائيل عند قتلهم نبيهم شعيا

في عهد إرميا بن حلقيا، وبين عهد إرميا وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكرياء أربعمائة سنة

وإحدى وستون سنة في قول اليهود والنصارى، ويذكرون أن ذلك عندهم في كتبهم وأسفارهم مُبَيَّن ... " انتهى.

وقال ابن الأثير رحمه الله تعالى:

" قد اختلف العلماء في الوقت الذي أرسل فيه بختنصر على بني إسرائيل، فقيل: كان في عهد إرميا النبي، ودانيال، وحنانيا، وعزاريا، وميشائيل. وقيل: إنما أرسله الله على بني إسرائيل لما قتلوا يحيى بن زكريا. والأول أكثر "

انتهى. "الكامل" (1 / 228).

ويحتمل جدا؛ أن يكون هناك تشابه في الألقاب، فيحتمل أن الملك الذي دمر بيت المقدس بعد زمن يحيى عليه السلام كان يلقب بـ "بختنصر" ، لمشابهته لبختنصر الأول في القسوة والشدة والتخريب.

قال محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى:

" ومن الغريب: أن ابن جرير الطبري قال في تفسيره: إن الآية – قوله تعالى: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ) - في اتحاد المسيحيين مع "بختنصر البابلي" على تخريب بيت المقدس

مع أن حادثة بختنصر كانت قبل وجود المسيح والمسيحية بستمائة وثلاث وثلاثين سنة.

ولو لم يكن مؤرخا من أكبر المؤرخين لالتمس له العذر بحمل قوله على حادثة "أدرينال الروماني" الذي جاء بعد المسيح بمائة وثلاثين سنة، وبنى مدينة على أطلال أورشليم وزينها وجعل فيها الحمامات

وبنى هيكلا للمشترى على أطلال هيكل سليمان، وحرم على اليهود دخول هذه المدينة، وجعل جزاء من يدخلها القتل؛ فلذلك كان اليهود يسمونه "بختنصر الثاني" لشدة ما قاسوا من ظلمه واضطهاده "

انتهى، من "تفسير المنار" (1 / 431).

والخلاصة؛ أنه لا يعرف في نصوص الوحي الثابتة ما ينص على زمن بختنصر؛ وما ورد عن السلف في كونه بعد عيسى عليه السلام، فغالب الظن أنها أخبار مأخوذة عن أهل الكتاب، فيرجع الخلاف إلى روايات أهل الكتاب

وأهل التاريخ يرجحون الروايات القائلة بأنه كان قبل زمن عيسى عليه السلام.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-11, 16:48   رقم المشاركة : 247
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كفالة النبي زكريا صلى الله عليه وسلم ، لمريم عليها السلام .

السؤال


في القرآن ذكر أن النبي زكريا كان كفيلاً لمريم ، فهل كان هناك أية علاقةٍ مباشرةٍ بينهما مثل الأخ أو العم ... الخ ؟

والكفيل يشمل ماذا؟


الجواب

الحمد لله

أولًا:

اختلف العلماء في صلة القرابة بين زكريا ومريم عليهما السلام على قولين:

الأول: أنه زوج أختها .

الثاني: أنه زوج خالتها .

وينظر جواب السؤال hgrh]l

وروي أن زكريا عليه السلام من أبناء عمومة مريم عليه السلام أيضًا، فوق كونه زوج خالتها أو أختها، انظر: الهداية، لمكي: (2/ 999).

ثانيًا:

أخبر الله عز وجل عن كفالة زكريا عليه السلام لمريم، كما قال سبحانه: ( وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ) آل عمران/37.

ومعنى الكفالة : أنه قام برعايتها، والقيام بشؤونها، وما تحتاجه، فالكفالة تشمل رعاية مصالح المكفول، والإنفاق عليه، والقيام بما يحتاجه .

قال ابن عطية رحمه الله :

" معناه: ضمها إلى إنفاقه وحضنه، والكافل هو المربي الحاضن" .

انتهى ، من "المحرر الوجيز" (1/425) .

وقال الواحدي رحمه الله : " ضَمَّها إلى نَفْسِهِ وقام بأمرها.

قال الزجَّاج : ومعناه في هذا: ضَمِنَ القيامَ بأمرها، يقال : كَفَلَ، يَكْفُلُ، كَفالة، وكَفْلاً ، فهو كافِل؛ وهو: الذي قد كَفَلَ إنساناً ؛ يَعُولُه ويُنفِقُ عليه."

انتهى، من "التفسير البسيط" (5/203) .

قال ابن كثير:

" يخبر ربنا أنه تقبلها من أمها نذيرة، وأنه (وأنبتها نباتا حسنا) أي: جعلها شكلا مليحا ، ومنظرا بهيجا، ويسر لها أسباب القبول، وقرنها بالصالحين من عباده ، تتعلم منهم الخير والعلم والدين.

ولهذا قال: (وكفلها زكريا) وفي قراءة: (وكفلها زكريا) بتشديد الفاء ونصب زكريا على المفعولية، أي جعله كافلا لها.

قال ابن إسحاق: وما ذاك إلا أنها كانت يتيمة.

وذكر غيره أن بني إسرائيل أصابتهم سنة جدب، فكفل زكريا مريم لذلك.

ولا منافاة بين القولين. والله أعلم.

وإنما قدر الله كون زكريا كافلها لسعادتها، لتقتبس منه علما جما نافعا ، وعملا صالحا؛ ولأنه كان زوج خالتها، على ما ذكره ابن إسحاق وابن جرير وغيرهما.

وقيل: زوج أختها." التفسير: (2/ 35).

وقال ابن عاشور: " ولما ولدت مريم كان أبوها قد مات ، فتنازع كفالتها جماعة من أحبار بني إسرائيل ، حرصا على كفالة بنت حبرهم الكبير، واقترعوا على ذلك، فطارت القرعة لزكرياء

والظاهر أنَّ جعل كفالتها للأحبار لأنها محررة لخدمة المسجد فيلزم أن تربى تربية صالحة لذلك "

التحرير والتنوير: (3/ 235).

والخلاصة

روي أن زكريا عليه السلام من أبناء عمومة مريم، وقد كان زوج أختها أو خالتها، وقد كان كافلًا لها، بمعنى: أن كان يقوم بحاجاتها، ويرعاها رعاية تامة .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-11, 16:54   رقم المشاركة : 248
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

المسيح ويحيى عليهما السلام ابنا خالة

السؤال

هل كانت السيدة مريم عليها السلام وحيدة لأهلها ، وإذا كان ذلك صحيحا فكيف يكون السيد المسيح عليه السلام وسيدنا يحيى عليه السلام ابنا خالة ؟.

الجواب

الحمد لله

الذي يذكره أهل التاريخ والسير أن عمران والد مريم تزوج من امرأة اسمها ( حَنَّة ) ، وأن زكريا عليه السلام تزوج من امرأة اسمها ( إِيشَاع ) ، فأنجب عمران وحنة مريم عليها السلام ، وأنجب زكريا وإيشاع يحيى عليه السلام .

ثم اختلفوا : من تكون ( إِيشَاع ) أم يحيى عليه السلام ؟ على قولين :

الأول : أنها أخت مريم عليها السلام ، وهو قول الجمهور كما يقول ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/438) .

وعليه فيكون عيسى ويحيى عليهما السلام ابنا خالة على الحقيقة ، لأنهما أبناء أختين ( مريم وإِيشَاع ) .

واستدلوا بظاهر حديث المعراج عن مالك بن صعصعة رضي الله عنه ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به فكان مما قال

: ( ثُمَّ صَعدَ حَتَّى إِذَا أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاستَفتَحَ ، قِيلَ مَن هَذَا ؟ قَالَ : جِبرِيلُ . قِيلَ : وَمَن مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ . قِيلَ : وَقَد أُرسِلَ إِلَيهِ ؟ قَالَ : نَعَم . قِيلَ : مَرحَبًا بِهِ

فَنِعمَ المَجِيءُ جَاءَ . فَفُتِحَ ، فَلَمَّا خَلَصتُ إِذَا يَحيَى وَعِيسَى - وَهُمَا ابنَا الخَالَةِ - ، قَالَ : هَذَا يَحيَى وَعِيسَى ، فَسَلِّمَ عَلَيهِمَا ، فَسَلَّمتُ

فَرَدَّا ، ثُمَّ قَالا : مَرحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ) رواه البخاري (3207) وهذا لفظه ومسلم (164)

الثاني : أن ( إِيشَاع ) هي أخت أم مريم ( حَنَّة ) ، فتكون إِيشَاع خالة مريم عليها السلام ، وهو الذي ذكره ابن إسحاق وابن جرير "جامع البيان" (3/234) ، واقتصر عليه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6/68)

فعلى هذا القول : كيف يكون عيسى ويحيى عليهما السلام ابنا خالة ؟

قالوا : لأن خالة الأم بمنزلة الخالة الحقيقية ، فأم يحيى هي خالة مريم ، فهي خالة ابنها عيسى عليهم السلام جميعا ، كما أن مريم تكون ابنة خالة يحيى ، فيكون ابنها عيسى ابن خالته أيضا.

يقول الإمام أبو السعود في تفسيره (2/27) :

" وأما قوله عليه الصلاة والسلام في شأن يحيى وعيسى عليهما الصلاة والسلام هما ( ابنا خالة ) قيل : تأويله أن الأخت كثيرا ما تطلق على بنت الأخت ، وبهذا الاعتبار جعلهما عليهما الصلاة والسلام ابني خالة " انتهى .

ودليلهم على ذلك أن المشهور أن امرأة عمران ( حَنَّة ) لم تكن تحمل ولا تلد ، فلما حملت بمريم بإذن الله نذرتها لله ولخدمة بيت المقدس ، وهذا ما يؤيده السياق القرآني .

يقول الله تعالى : ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً ، فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) آل عمران/35

قال ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (1/478) :

" قال محمد بن إسحاق : وكانت [ يعني : امرأة عمران ] امرأةً لا تحمل ، فرأت يوما طائرا يزُق فَرخَهُ ، فاشتهت الولد ، فدعت الله تعالى أن يهبها ولدا

فاستجاب الله دعاءها ، فواقعها زوجها فحملت منه ، فلما تحققت الحمل نذرت أن يكون محررا - أي : خالصا - مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس ، فقالت : ( رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً

فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ) أي : السميع لدعائي العليم بنيتي " انتهى .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-12, 15:24   رقم المشاركة : 249
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



التسلسل الزمني لبعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام

السؤال

ما التاريخ الصحيح لتسلسل الأنبياء والرسل ، من آدم إلى محمد عليه السلام ؟


الجواب

الحمد لله

أولا:

لم يقص الله تعالى علينا كل أنبيائه ورسله، وإنما قص علينا بعضهم فقط.

قال الله تعالى: ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر (78).

والذين سمّاهم القرآن هم خمسة وعشرون نبيّا ورسولا.

قال الله تعالى: ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) الأنعام (83 – 86).

فهؤلاء ثمانية عشر نبيا ذكروا في سياق واحد .

وذكر آدم وهودا وصالحا وشعيبا وإدريس وذا الكفل في أماكن متفرقة من القرآن ، ثم خاتمهم نبينا محمد ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

وصحّ في السنة ذكر اسم الخضر ، على خلاف قوي بين أهل العلم : هل هو نبي ، أو ولي صالح .

وذكر أيضا : يوشع بن نون ، وهو الذي خلف موسى عليه السلام على قومه ، وفتح بيت المقدس .

ثانيا:

أما ترتيب زمنهم، كما ذكر أهل العلم:

- فأولهم هو آدم عليه السلام.

قال الله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) آل عمران (33).

وعن أَبي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

( أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَبِيًّا كَانَ آدَمُ؟

قَالَ: نَعَمْ، مُعَلَّمٌ مُكَلَّمٌ.

قَالَ: كَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ؟

قَالَ: عَشْرُ قُرُونٍ.

قَالَ: كَمْ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ؟

قَالَ: عَشْرُ قُرُونٍ.

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ كَانَتِ الرُّسُلُ؟

قَالَ: ثَلَاثَ مِائَةٍ وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَمًّا غَفِيرًا ) رواه الحاكم في "المستدرك" (2 / 262)، وقال: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ "، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "السلسة الصحيحة" (7 / 582).

- ويذكر أهل العلم أنه بعد آدم عليه السلام، كان ابنه شيث نبيا.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" فلما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام، وكان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه، عن أبي ذر مرفوعا: أنه أنزل عليه خمسون صحيفة "

انتهى، من "البداية والنهاية" (1 / 232).

وحديث أبي ذر هذا ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في "التعليقات الحسان" (1 / 387).

- إدريس عليه السلام:

قال الله تعالى:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ، وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) مريم (56 – 57).

قال ابن كثير : " وكان أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام " انتهى. "البداية والنهاية" (1 / 234).

على أن بعض العلماء يجعل نوحا عليه السلام متقدما عليه في الزمن .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-12, 15:25   رقم المشاركة : 250
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نوح عليه السلام :

قال الله تعالى: ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ، وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ) الأنعام (84 – 89).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقوله في هذه الآية الكريمة: ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ ) أي: وهدينا من ذريته ( دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ) الآية، وعود الضمير إلى "نوح"؛ لأنه أقرب المذكورين، ظاهر. وهو اختيار ابن جرير، ولا إشكال عليه "

انتهى. "تفسير ابن كثير" (3 / 298).

- هود عليه السلام:

حيث نص القرآن على أن قوم هود ، وهم عاد ، كانوا خلفا لقوم نوح عليه السلام.

قال الله تعالى: ( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ، قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ

قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ، أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الأعراف (65 – 69).

- صالح عليه السلام:

نص القرآن على أن ثمود قوم صالح عليه السلام كانوا خلفا لعاد قوم هود عليه السلام.

قال الله تعالى: ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ

مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) الأعراف (73 – 74).

- إبراهيم عليه السلام:

قال الله تعالى: ( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) التوبة (70).

- وقد عاصره لوط عليه السلام ؛ كما نص على ذلك الوحي في قصة إبراهيم عليه السلام في سورة العنكبوت: ( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) العنكبوت (26 – 27).

- ويذكر أهل العلم؛ أنه بعد قوم لوط بزمن قريب ، كان شعيب عليه السلام.

قال الله تعالى: ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ) هود (84 – 88).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" كان أهل مدين قوما عربا يسكنون مدينتهم مدين، التي هي قرية من أرض معان، من أطراف الشام ، مما يلي ناحية الحجاز ، قريبا من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة "

انتهى. "البداية والنهاية" (1 / 427).

- وبعد إبراهيم عليه السلام كان إسماعيل وإسحاق عليهما السلام.

قال الله تعالى: ( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ، وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) مريم (49 – 50).

- ثم بعد إسحاق كان يعقوب عليه السلام:

قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ

فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ، وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ) هود (69 – 71).

وقال الله تعالى: ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة (133).

- وبعد يعقوب كان يوسف عليهما السلام:

قال الله تعالى في قصة مؤمن آل فرعون: ( وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ) غافر (34).

وهو بعد يعقوب عليهما السلام؛ لأنه ابنه.

- أيوب عليه السلام:

وقد نص الله تعالى على نبوته في قوله تعالى:

( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) النساء (163).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" فالصحيح أنه من سلالة العيص بن إسحاق، وامرأته قيل: اسمها ليا بنت يعقوب. وقيل: رحمة بنت أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، وهذا أشهر، فلهذا ذكرناه هاهنا – أي بعد يوسف عليه السلام - "

انتهى، من "البداية والنهاية" (1 / 506).

- ذو الكفل عليه السلام ، ولم يذكر الله تعالى لنا شيئا من أمره ، والذي يدل على نبوته أنه ذكر في سياق ذكر الله تعالى لعدد من أنبيائه عليهم السلام؛ كما في قول الله تعالى:

( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ

وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ، وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ) الأنبياء ( 83 – 85).

وقال الله تعالى: ( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ، وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ، وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ) ص (45 – 48).

وزعم بعضهم أنه ابن لأيوب عليه السلام. ينظر البداية والنهاية (1/516) .

- يونس عليه السلام:

قال الله تعالى : ( وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) الصافات (139).

والله أعلم متى كان زمنه، وقد ذكره ابن كثير في قصص الأنبياء قبل موسى عليه السلام؛ لأن الله تعالى استثنى قومه من العذاب العام بسبب إعلانهم بالإيمان.

قال الله تعالى: ( فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) يونس (98).

وبعد موسى عليه السلام ، كان قد شرع الجهاد ورفع العذاب العام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" المعروف عند أهل العلم أنه بعد نزول التوراة لم يهلك الله مكذبي الأمم بعذاب من السماء يعمهم، كما أهلك قوم نوح، وعاد، وثمود

وقوم لوط، وفرعون، وغيرهم، بل أمر المؤمنين بجهاد الكفار؛ كما أمر بني إسرائيل على لسان موسى بقتال الجبابرة "

انتهى. "الجواب الصحيح" (2 / 251).

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: " وقوله: ( مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى ) يعني: أنه بعد إنزال التوراة: لم يعذب أمة بعامة، بل أمر المؤمنين أن يقاتلوا أعداء الله من المشركين "

انتهى. "تفسير ابن كثير" (6 / 239).









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-12, 15:26   رقم المشاركة : 251
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


- موسى وأخوه هارون عليهما السلام:

قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا ، فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا ) الفرقان (35 – 36).

وقال الله تعالى: ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ) المؤمنون (45 – 46).

- وقد عاصرهم الخضر عليه السلام ، على قول من ذهب إلى نبوته من أهل العلم؛ لأنه التقى بموسى عليه السلام كما قص الله علينا ذلك في سورة الكهف:

( فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ) الكهف (65).

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ

فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى، الَّذِي سَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ

: ( بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟

قَالَ مُوسَى: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً ... ) رواه البخاري (74) ومسلم (2380).

- يوشع بن نون:

وقد جاء في السنة أنه هو فتى موسى عليه السلام في قصة موسى مع الخضر؛ حيث قال الله تعالى: ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ) الكهف (60).

قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ:حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ

فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ ... ) رواه البخاري (122) ومسلم (2380).

وقد ورد في سنة ما يثبت نبوة يوشع، روى الإمام أحمد في "المسند" (14 / 65) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: ( إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ) وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6 / 221)، وجوّد إسناده الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1 / 394).

وثبت في حديث متفق عليه أن هذا الذي حبست له الشمس نبي من الأنبياء؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لاَ يَتْبَعْنِي

رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا، فَغَزَا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاَةَ العَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ

فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ... ) رواه البخاري (3124) ومسلم (1747).

- إلياس وبعده اليسع عليهما السلام:

قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: " ولا خلاف بين أهل العلم بأخبار الماضين ، وأمور الأمم السالفين ، من أمتنا وغيرهم : أن القيم بأمور بني إسرائيل بعد يوشع : كان كالب بن يوفنا، ثم حزقيل بن بوذى من بعده ...

وهو الذي دعا للقوم الذين ذكر الله في الكتاب عليه السلام كما بلغنا: ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ) " انتهى. "تاريخ الطبري" (1 / 457).

ثم قال في (1 / 461 - 464):

" ولما قبض الله حزقيل كثرت الأحداث- فيما ذكر- في بني إسرائيل، وتركوا عهد الله الذي عهد إليهم في التوراة، وعبدوا الأوثان، فبعث الله إليهم فيما قيل: إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران...

ثم قام بعد إلياس بأمر بني إسرائيل- فيما حدثنا ابن حميد،

قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، قال: كما ذكر لي عن وهب بن منبه قال: ثم نبئ فيهم- يعني في بني إسرائيل- بعده يعني بعد إلياس- اليسع، فكان فيهم ما شاء الله أن يكون، ثم قبضه الله إليه "انتهى.

وإلياس واليسع عليهما السلام قد ثبتت نبوتهما بنص القرآن :

قال الله تعالى: ( وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) الصافات (123).

وقال الله تعالى: ( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ، وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ، وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ) ص (45 – 48).

وقال الله تعالى: ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) الأنعام (84 – 86).

- ثم جاء بعدهم النبي الذي اشار إليه القرآن؛ في قوله تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا

قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ، وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا

قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) البقرة (246 - 248).

وقد اختلف أهل التفسير في اسمه، ولا يعرف في نصوص الكتاب والسنة ذكر لاسمه.

- وقد عاصره داوود عليه السلام ، كما هو ظاهر من سياق القصة؛ حيث قال الله تعالى:

( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ) البقرة (251).

- وبعد داوود عليه السلام ورث النبوة ابنه سليمان عليه السلام.

قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ

وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) النمل (15 – 16).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقوله: ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) أي: في الملك والنبوة، وليس المراد وراثة المال؛ إذ لو كان كذلك ، لم يخص سليمان وحده من بين سائر أولاد داود

فإنه قد كان لداود مائة امرأة. ولكن المراد بذلك وراثة الملك والنبوة؛ فإن الأنبياء لا تورث أموالهم، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ( نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة ). "

انتهى. "تفسير ابن كثير" (6 / 182).

- ثم جاء زكريا وابنه يحيى ثم عيسى عليهم السلام، كما هو واضح من قوله تعالى:

( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي

أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ

هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً

إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ، فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) آل عمران (35 / 39).

- وبعد عيسى عليه السلام بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، وَالأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلَّاتٍ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ ) رواه البخاري (3442) ومسلم (2365).

ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء.

قال الله تعالى: ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) الأحزاب (40).

ولمزيد الفائدة طالع كتاب قصص الأنبياء لابن كثير رحمه الله تعالى.

ومما يجدر الانتباه إليه أن أخبار الأنبياء عليهم السلام ومعرفة أزمانهم : مما يكثر فيه الأخذ عن أهل الكتاب.

وأخبارهم التي لا يوجد في شرعنا ما ينفيها أو يثبتها : فحكمها أن لا نصدقها ولا نكذبها.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ

وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا: ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الآيَةَ ) رواه البخاري (4485) .

وعن ابْن أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ

فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) رواه أبوداود (3644) ، وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (6 / 712) .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

" وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل ، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم ، خوف أن يصدقوا بباطل ، أو يكذبوا بحق .

ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات ؛ في واحدة منها يجب تصديقه ، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه

وفي واحدة يجب تكذيبه ، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه ، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق ، كما في الحديث المشار إليه آنفا : وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه "

انتهى . " أضواء البيان " (4 / 238) .

فالأنبياء الذين دل الدليل من شرعنا على فترتهم الزمنية ، وترتيبهم ، فأمرهم واضح .. يجب اعتقاد ما دل عليه الدليل .

وما لم يقم دليل على فترتهم الزمنية ، فتحديد ذلك مأخوذ من أهل الكتاب ، وأخبارهم يتوقف فيها ، فقد تكون صادقة ، وقد تكون كاذبة .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-12, 15:40   رقم المشاركة : 252
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكتاب المطبوع باسم "فتوح الشام"، هل تصح نسبته للواقدي؟

السؤال

هل تَصِح نسبة كتاب فتوح الشام للواقدي رحمه الله ؟

الجواب


الحمد لله


أولا :

نسب بعض أهل العلم إلى الواقدي كتابا باسم "فتوح الشام" ؛ ومن ذلك قول ابن عساكر رحمه الله تعالى:

" قرأت في كتاب فتوح الشام لمحمد بن عمر الواقدي، حدثني سعيد بن راشد وإبراهيم بن محمد عن عبد الملك بن مسلم ... " انتهى، من "تاريخ دمشق" (40 / 455).

وقال أيضا :

" عبد الله بن بسر أبو صفوان ويقال: أبو بسر المازني.

له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواية عنه...

وقدم دمشق أو ساحلها مجتازا من حمص إلى عكا، وركب منها البحر لغزو قبرس مع معاوية فيما ذكره الواقدي في فتوح الشام الذي صنفه "

انتهى. "تاريخ دمشق" (27 / 139 - 140).

وقال الحموي رحمه الله تعالى:

" وله من الكتب ... كتاب السيرة. كتاب أمر الحبشة والفيل. كتاب حرب الأوس والخزرج. كتاب المناكح. كتاب يوم الجمل. كتاب صفين. كتاب مولد الحسن والحسين. كتاب مقتل الحسين. كتاب فتوح الشام ... "

انتهى، من "معجم الأدباء" (6 / 2598).

ثانيا:

لكن الكتاب المطبوع باسم "فتوح الشام" شكك أهل العلم في نسبته للواقدي؛ وبعضهم قطع بعدم صحته؛ معتمدين في حكمهم هذا على عدة أمور:

الأمر الأول: هذه النسخ المطبوعة لكتاب "فتوح الشام" لا يعرف لها أصول مخطوطة موثوق بها.

قال أحمد عادل كمال :

" لقد اطلعنا على ثلاث طبعات من الكتاب، الأولى لدار الجيل ببيروت غير مثبت عليها سنة نشرها، والثانية للحلبي بمصر وبهامشه كتاب تحفة الناظرين ..

. وبمضاهاة الطبعتين وجدناهما متطابقتين تماما ، فهما من أصل واحد لم يبن عنه أي من الناشرين ، ولم يقدم أحد منهما ما نشر بأي تقديم ، ولا ذكر شيئا من مصدره أو تحقيقه.

ثم اطلعنا على نسخة من طبع كلكتا عام 1854م تحقيق المستشرق الايرلندي وليم ناسوليس، وقد جاء في تقديمه أنه اعتمد على نسختين تختلف إحداهما عن الأخرى فروقا كبيرة جدا ...

وذكر أن النسخ الخطية لفتوح الشام قليلة وأن في المكتبات الشرقية في أوربا عشر نسخ حررت خمس منهما في السنوات 773 و827 و863 و 994 و 1009 هـ.

وقد اعتمد ناسوليس على نسخة تخص العقيد رو لنسون حررت عام 815 هـ، ووصفها بأنها نسخة دمشق وعلى نسخة ثانية تخص مولوي محمد حسن وهو مواطن من كانبور حررت عام 952 هـ، ولم تكتب أيا منهما بعناية

وبهما أخطاء عديدة هجائية ونحوية وصرفية وخلط بين التذكير والتأنيث

وبهما من التناقضات ما جعله يفترض أنه كان هناك إصدارين للكتاب، وأضاف أنه أحيانا لا يجد قطاعات بأكملها من صفحة أو أكثر في إحداهما، وأن نسخة كانبور أكثر امتلاء من نسخة دمشق في جزئها الأول

بينما تزيد نسخة دمشق في جزئها الأخير، وأن محرر نسخة العقيد رو لنسون عمد إلى إجراء بعض التصحيحات حتى تبدو أنها أصلية غير مقلدة ، ولكنه لم يوفق في دقة النقل ...

ولقد وجدنا في طبعة كلكتا فقرات بأكملها لم نجدها في طبعة دار الجيل ببيروت أو طبعة الحلبي بمصر "

انتهى. " الطريق إلى دمشق" (ص 77 – 78).

الأمر الثاني: مغايرة أسلوب الكتاب لأساليب عصر الواقدي، ولأسلوب الواقدي نفسه.

قال الكاتب أحمد عادل كمال:

" لقد رجعنا ننظر في كتاب "فتوح الشام" المنسوب إلى الواقدي، وهو الذي يهمنا في بحثنا هذا، فوجدناه مليئا بالمبالغات الظاهرة ، والعبارات المسجوعة على ألسنة أبطال الفتوح ، خلافا لأسلوب عصرهم "

انتهى، من "الطريق إلى دمشق" (ص 77).

وقال الشيخ مشهور حسن آل سلمان:

" وقد بحث الأستاذ عبد العزيز الرفاعي هذه المسألة في كتاب " خولة بنت الأزور" وخلص إلى ما توصلنا إليه، وعرَّج على كتاب "فتوح الشام"

وشكك في صحة نسبته للواقدي أيضا معتمدا على أن أسلوب الكتاب يخالف أسلوب الواقدي المعروف، وقال عن هذا الكتاب بأنه أشبه بكتاب لسرد الأساطير والحكايات

وفيه تناقض وتباين في المعلومات، ثم توصل إلى أنّ الكتاب إنْ كان للواقدي؛ فقد حصل فيه زيادات وتشويه"

انتهى، من "كتب حذر منها العلماء" (2 / 291 - 292).

الأمر الثالث: مادة الكتاب فيها مبالغات ومعلومات لا تتوافق مع الأخبار التي ينقلها أهل العلم عن الواقدي؛ كما نبه على ذلك الأستاذ عبد العزيز الرفاعي.

قال محمد محمد حسن شراب:

" وفي عهد الضعف يكثر الخلق الفني لشخصيات خيالية، أو تضخيم شخصيات كان لها شأن يذكر في باب الشجاعة. ويبدو لي - والله أعلم - أن عصور الضعف التي حلت بالعرب المسلمين

هي التي ضخمت شخصية عنترة بن شداد، ومن لفّ لفّه من القصص الشعبي، وهي قصص رمزي يصنعه أهل الغيرة على الوطن، لحثّ الناس على الجهاد، وربما ألفّوا كتبا ونسبوها إلى شخصيات حقيقية في زمن سابق

كما فعلوا في كتاب "فتوح الشام" الذي نسبوه إلى الواقدي، وليس له صلة بالواقدي وإنما صنعه المؤلفون، ووضعوا فيه تاريخ فتح الشام بصورة تمزج الخيال بالواقع

لحث الناس على طرد الصليبيين من بلاد الشام التي تضمخت بدماء الصحابة الفاتحين.

وربما كان من الشخصيات التي جمعت بين الحقيقة والخيال: شخصية ضرار بن الأزور وأخته خولة، لأن ضرار بن الأزور قتل أيام حرب الردّة، فكيف يشارك في فتح الشام؟ "

انتهى، من "شرح الشواهد الشعرية" (3 / 283).

الأمر الرابع: يحتوي الكتاب على بعض الظواهر التي كان ظهورها بعد زمن الواقدي.

ومن ذلك ما جاء في الكتاب المطبوع "فتوح الشام" (1 / 231) :

" قال الواقدي: كنا يوما نقرأ فتوح الشام وفتوح بيت المقدس عند قبر أبي حنيفة، وكان الفتوح يقرأ على عبادة بن عوف الدينوري وكان من أهل الفضل وكان يسجع كلامه " انتهى.

وتعظيم القبور بالجلوس عندها للتدريس أو الدعاء ونحو هذا لم يكن معروفا في عصر الواقدي؛ كما نص على ذلك أهل العلم عند نقدهم للرواية المكذوبة عن زيارة الشافعي لقبر أبي حنيفة ودعائه عنده.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال: " إني إذا نزلت بي شدة أجيء فأدعو عند قبر أبي حنيفة فأجاب " أو كلاما هذا معناه، وهذا كذلك معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل

فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا ... "

انتهى، من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2 / 206).

قال المعلمي رحمه الله تعالى:

" فإن زيارته قبر أبي حنيفة كل يوم بعيد في العادة، وتحريه قصده للدعاء عنده بعيد أيضاً، إنما يعرف تحري القبور لسؤال الحوائج عندها بعد عصر الشافعي بمدة، فأما تحري الصلاة عنده فأبعد وأبعد "

انتهى، من "التنكيل" (1 / 60).

والإمام الشافعي معاصر للواقدي؛ فالشافعي توفي سنة 204 هـ، والواقدي توفي سنة 207 هـ.

ثم إن قبر أبي حنيفة كان في مقبرة فكيف تعقد مجالس العلم عنده؟!

قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:

" وأقدم المقابر التي بالجانب الشرقي مقبرة الخيزران، فأخبرني أبو القاسم الأزهري، قال: أنبأنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قال: وأما مقابر الخيزران

فمنسوبة إلى الخيزران أم موسى وهارون، يعني: ابني المهدي، وهي أقدم المقابر فيها قبر أبي حنيفة، وقبر محمد بن إسحاق صاحب المغازي "

انتهى، من " تاريخ بغداد" (1 / 448).

وإنما يتصور التدريس عنده بعد أن شيد عليه بناء وأزيل ما حوله، وهو أمر حادث بعد الواقدي بزمن طويل؛ حيث بدأ البناء على قبره في القرن الخامس الهجري.

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

" وقرأت بخط أبي الوفاء ابن عقيل: كان قبر أبي حنيفة عليه خربشة رأيته وأنا صبي قبل دخول الغز بغداد، ثم عمل عليه بعض أمراء التركمان سقفا، ثم قدم شرف الملك في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة فأحدث هذه القبة

وكان قد وضع أساس مسجد بين يدي ضريح أبي حنيفة، فهدم شرف الملك أبنية ذلك وما يحيط بالقبر وحفروا أساسات وكانوا يطلبون الأرض الصلبة فأخرجوا أربعمائة صن من عظام الموتى.

قال ابن عقيل: فقلت: ما يدريكم لعله قد خرجت عظامه في هذه العظام، وبقيت القبة فارغة من مقصود بانيها.

وأنبأنا علي بن عبيد الله، عن أبي الحسين المهتدي قال: لا يصح أن قبر أبي حنيفة في هذا الموضع الذي بنوا عليه القبة، كان الحاج يردون فيطوفون حول المقبرة يزورون أبا حنيفة لا يعينون موضعا "

انتهى، من "المنتظم" (8 / 144).

وقال شاكر مصطفى ، أيضا :

" كتب الفتوح .. فتوح الشام وفتوح العراق، وفي نسبتها إليه كثير من الشك ... ". ثم قال في الهامش:

" ويلاحظ على هذه الكتب أنها تحمل الطابع الأسطوري الذي لا يعرفه الواقدي

كما أن فيها إشارات إلى شخصيات من القرن السادس والسابع (سيدي أبو مدين، سيدي أبو الحجاج الأقصري)،

مما يكاد يجزم بأن هذه الكتب في حالتها التي وصلت إلينا بها على الأقل ليست للواقدي، وقد دخلتها الأسطورة في الغالب بعد القرن السابع الهجري "

انتهى، من "التاريخ العربي والمؤرخون" (1 / 164).

والخلاصة : قد يكون الواقدي ألف كتابا باسم "فتوح الشام" كما جزم بذلك ابن عساكر ، أما الكتاب المطبوع اليوم بهذا الاسم ، فإما أنه ليس هو الكتاب الذي ألفه الواقدي ، وإما أنه قد زيد فيه أشياء ونسبت للواقدي .

ومما يجدر الانتباه إليه؛ أن نسخ هذا الكتاب والتي كانت منتشرة في القرون الأخيرة قبل صدور هذه النسخ المطبوعة، قد نهى عن مطالعتها عدد من أهل العلم ، بناء على أن الكتاب مكذوب وموضوع على الواقدي ، أو –

على الأقل – قد زيد فيه أشياء ، ونسبت للواقدي ؛ أو لأجل عدم الثقة في الواقدي نفسه ، ولا في نقله ، كما هو مشهور معلوم عند أهل الحديث .

قال القليوبي الشافعي المتوفى سنة (1069 هـ):

" والأولى للمعتكف الاشتغال بالعبادة ومجالسة أهل العلم والحديث ، وقراءة الرقائق والمغازي غير الموضوعة ، وإلا فتحرم كفتوح الشام وقصص الأنبياء وحكايتهم المنسوبة للواقدي "

انتهى، من "حاشية القليوبي على شرح المحلي" (2 / 77).

وقال محمد بن علان الصديقي المتوفى سنة (1057 هـ):

" ومن الموضوع : فتوح الشام للواقدي فيحرم قراءته "

انتهى، من "الفتوحات الربانية" (2 / 54).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-12, 15:47   رقم المشاركة : 253
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

سبب فتح أبي بكر الصديق للعراق التي كانت تحت حكم الفرس

السؤال

لماذا شن أبو بكر الصديق رضي الله عنه الحرب على الإمبراطورية الفارسية؟


الجواب

الحمد لله

فتح بلاد فارس إنما وقع في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففي عهده وقعت أهم المعارك ضد الفرس ، معركة القادسية

بقيادة سعد بن أبي وقاص، ومعركة نهاوند بقيادة النعمان بن مقرن ، والتي تسمى بفتح والفتوح.

نعم؛ وقع في عهد الخليفة الراشد أبي بكر رضي الله عنه فتح لبلاد العراق ، التي كانت إلى ذلك العهد تحت سيطرة الفرس.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" لما فرغ خالد بن الوليد من اليمامة، بعث إليه الصديق أن يسير إلى العراق، وأن يبدأ بفرج الهند، وهي الأبلة، ويأتي العراق من أعاليها، وأن يتألف الناس ويدعوهم إلى الله عز وجل، فإن أجابوا، وإلا أخذ منهم الجزية

فإن امتنعوا من ذلك كله قاتلهم في الله، وأمره أن لا يكره أحدا على المسير معه، ولا يستعين بمن ارتد عن الإسلام، وإن كان قد عاد إليه، وأمره أن يستصحب كل امرئ مر به من المسلمين

وشرع أبو بكر في تجهيز السرايا والبعوث والجيوش أمدادا لخالد، رضي الله عنه "

انتهى من "البداية والنهاية" (9 / 511).

وقال البلاذري:

" قالوا: وكان المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم الشيباني يغير على السواد في رجال من قومه

فبلغ أبا بكر الصديق رضي الله عنه خبره، فسأل عنه، فقال له قيس بن عاصم بن سنان المنقري: هذا رجل غير خامل الذكر، ولا مجهول النسب، ولا ذليل العماد: هذا المثنى بن حارثة الشيباني .

ثم أن المثنى قدم على أبي بكر، فقال له يا خليفة رسول الله استعملني على من أسلم من قومي، أقاتل هذه الأعاجم من أهل فارس، فكتب له أبو بكر في ذلك عهدا، فسار حتى نزل خفان

ودعا قومه إلى الإسلام فأسلموا، ثم إن أبا بكر رضي الله عنه كتب إلى خالد بن الوليد المخزومي يأمره بالمسير إلى العراق، ويقال: بل وجهه من المدينة، وكتب أبو بكر إلى المثنى بن حارثة ، يأمره بالسمع والطاعة له ، وتلقيه "

انتهى من "فتوح البلدان" (ص 337).

ثانيا:

أرسل الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس بشير ونذيرا. قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) سبأ/28.

وقال الله تعالى: ( قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) الأعراف /158.

وأمره أن يبلغ رسالة الله تعالى، قال الله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) المائدة/67.

وهذا التبليغ لم يكن ممكنا إلا بإخضاع الناس تحت سلطة الإسلام حتى يسمعوا كلام الله تعالى ورسالته من غير حاجز ولا مانع.

قال الله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) التوبة /123.

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ

فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ) رواه البخاري (25) ومسلم (22).

فهذا القتال يكون لهداية الناس إلى دين الله تعالى؛ وذلك بوضع القوة التي تتسلط عليهم، وتحول بينهم وبين دين الله جل جلاله = وضعها بين خيارين : إما الاستجابة إلى دعوة ربهم سبحانه

وتعالى، أو إعطاء الجزية والدخول تحت سلطة المسلمين.

قال الله تعالى: ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) التوبة /29.

وهذا الوضع يسمح لأصحاب الأرض بسماع كلام الله تعالى في كل حين، ويتعرفوا إلى محاسن الإسلام، ويمنحهم الفرصة في أن ينقادوا إليه بعد ذلك طوعا وعلى اقتناع. وقد

قال الله تعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ) التوبة/6

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" قال العلماء: الحكمة في وضع الجزية أن الذل الذي يلحقهم ويحملهم على الدخول في الإسلام مع ما في مخالطة المسلمين من الاطلاع على محاسن الإسلام "

انتهى من "فتح الباري" (6 / 259).

وهذا الذي حصل لمعظم سكان البلدان التي فتحها المسلمون ، سواء في ذلك إمبراطورية الفرس ، أو غيرها .

ومن مهام الخلافة أن يقتدي الخليفة بالنبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الدين وتبليغه إلى الناس.

فالحاصل؛ أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه سعى في فتح العراق استجابة لدعوة الله تعالى بتبليغ الإسلام إلى الناس وانقاذهم من شقاء الدنيا والآخرة.

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-13, 17:09   رقم المشاركة : 254
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تسأل عن الفرق بين مسجد قباء والمسجد النبوي

السؤال

في جميع المواقع الإسلامية المعروفة والموثقة لم أجد إجابة واضحة على استفساري الآتي:

ما الفرق التاريخي بين مسجد قباء الذي أسس على التقوى والحرم النبوي الشريف الحالي؟

إذا كان مسجد قباء هو المسجد النبوي ، كما هو مسمى في معظم المواقع فما هو الحرم النبوي الحالي إذن؟

ولماذا هذا الخلط بينهما في رواية تاريخهما ؟

وكيفية بنائهما ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

لا خلط في الروايات التاريخية بين مسجد قباء والمسجد النبوي البتة

بل التفريق بينهما واضح ، وما بينهما من المسافة في الواقع ، وكون مسجد قباء في مكان ، والمسجد النبوي في مكان آخر: يجعل من المستبعد أن يحصل بينهما خلط أو التباس .

فقد كانت قباء قرية خارج المدينة النبوية يسكنها بنو عمرو بن عوف ، وهي تبعد عنها نحو ميلين ، ويقدر ذلك بما يزيد على ثلاثة كيلوات .

قال ياقوت الحموي :

"وأصله اسم بئر هناك عرفت القرية بها ، وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار...

وهي قرية على ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة ، بها أثر بنيان كثير"

انتهى من "معجم البلدان" (4/302) .

ثانيا :

لما أقبل النبي صلى الله عليه وسلم نحو المدينة نزل في قباء ، ومكث بها أربعة أيام ، وبنى مسجد قباء وصلى فيه ، ثم سار نحو المدينة ، فبنى مسجده بها حيث بركت الناقة .

قال المباركفوري :

"في يوم الاثنين 8 ربيع الأول سنة 14 من النبوة- وهي السنة الأولى من الهجرة- الموافق 23 سبتمبر سنة 622 م نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء .

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء أربعة أيام: الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس .

وأسس مسجد قباء وصلى فيه ، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة .

فلما كان اليوم الخامس- يوم الجمعة- ركب بأمر الله له، وأبو بكر ردفه

وأرسل إلى بني النجار- أخواله- فجاؤوا متقلدين سيوفهم، فسار نحو المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف، فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي، وكانوا مائة رجل .

وبعد الجمعة دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة- ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعبر عنها بالمدينة مختصرا- وكان يوما تاريخيا أغر .

وسارت الناقة حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت، ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلا، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها، وذلك في بني النجار- أخواله- صلى الله عليه وسلم "

انتهى مختصر من "الرحيق المختوم" ص (154) .

وينظر للفائدة جواب السؤال القادم

ثالثا :

لم يقل أحد من العلماء : إن مسجد قباء هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما بينهما من الفرق معلوم ؛ والأحاديث المتواترة المستفيضة في السنة النبوية تقضي بالمغايرة بينهما .

نعم ؛ وقع الخلاف بين أهل العلم في المقصود بقوله تعالى (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) التوبة: 108 هل هو المسجد النبوي أو مسجد قباء ؟

وهذه المسألة مشهورة عند أهل العلم ، فمنهم من قال إنه مسجد قباء ، ومنهم من قال هو المسجد النبوي ، ومنهم من قال تحمل الآية على المسجدين وكلاهما مقصود بها، وهذا القول الأخير اختاره ابن حجر وغيره .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" مسجد قباء أسس على التقوى، ومسجده صلى الله عليه وسلم أيضا أسس على التقوى وهو أكمل في ذلك، فلما نزل قوله تعالى: لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون

أن يتطهروا والله يحب المطهرين [سورة التوبة: 108] بسبب مسجد قباء، تناول اللفظ لمسجد قباء ولمسجده صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى " .

انتهى، من "منهاج السنة النبوية" (4/24) .

وينظر أيضا :

"مجموع الفتاوى" (27/406)

"زاد المعاد" لابن القيم (/382)

"فتح الباري" لابن حجر (7/245) .

فلعل السائلة التبس عليها كلام أهل العلم عن هذه الآية ، فظنت أن بعضهم يقول بأن مسجد قباء هو المسجد النبوي ، وليس الأمر كذلك ، فهما مسجدان ، ولكن اختلف العلماء في أيهما المراد بالآية الكريمة كما سبق .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-13, 17:13   رقم المشاركة : 255
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أول مسجد بناه النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

ما هي مساحة أول مسجد بناه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟

وهل كان به محراب ؟

مع ذكر الدليل .


الجواب

الحمد لله


أولاً :

أول مسجد بناه النبي صلى الله عليه وسلم هو مسجد قباء في المدينة النبوية .

قال ابن القيم في "زاد المعاد" (3/58)

وهو يذكر دخول الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة

: " وكبَّر المسلمون فرحا بقدومه وخرجوا للقائه ..

.. فسار حتى نزل بقباء في بني عمرو بن عوف ، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ، وأسس مسجد قباء ، وهو أول مسجد أسس بعد النبوة " انتهى بتصرف .

وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :

" ومن حيث الأولية النسبية : فالمسجد الحرام أول بيت وضع للناس ، ومسجد قباء أول مسجد بناه المسلمون

والمسجد الحرام بناه الخليل ، ومسجد قباء بناه خاتم المرسلين ، والمسجد الحرام كان مكانه باختيار من الله وشبيه به مكان مسجد قباء " انتهى .

" أضواء البيان " ( 8 / 326 ) .

ولا نعلم عن مساحته حين بنائه شيئاً ، وهو يقع جنوبي المدينة ، لكن ببناء حديث ليس فيه من معالم البناء الأول شيء .
وقد اهتم المسلمون بمسجد قباء خلال العصور الماضية فجدده عثمان بن عفان رضي الله عنه

ثم عمر بن عبد العزيز . .

. وتتابع الخلفاء على توسيعه وتجديد بنائه ، حتى كانت التوسعة الأخيرة في عام 1406 هـ .

وقد بلغت مساحة المصلى وحده 5035 متراً مربعاً ، وبلغت المساحة التي يشغلها مبنى المسجد مع مرافق الخدمة التابعة له 13500 متر مربع .

ثانياً :

قد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين فضل الصلاة في مسجد قباء :

روى البخاري (1193) ومسلم (1399) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا .

وفي رواية لمسلم : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ) .

وروى الترمذي (324) عن أُسَيْد بْن ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيَّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ كَعُمْرَةٍ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .

وروى النسائي (699) عن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ كَانَ لَهُ عَدْلَ عُمْرَةٍ ) صححه الألباني في صحيح النسائي .

ثالثاً :

وأما المحراب ، فلم يكن به محراب أول ما بُني ، وقد ذكر العلماء أن بناء المحاريب في المساجد بدأ في القرن الثاني
.
وانظر لمعرفة حكم هذه المحاريب جواب السؤال القادم

والله أعلم









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:20

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc