المقدمة العامة
يشهد العالم على العتبة الفاصلة بين الألفية الثانية و الثالثة؛ ظهور التحولات الاقتصادية العميقة التي تقودها تكنولوجيا المعلومات في سياق ثورة المعلومات و الاتصالات، الأمر الذي يساهم في بناء مجتمع المعلومات و تشييد بنى الاقتصاد الجديد و هو اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد الإلكتروني الذي يسمى الاقتصاد الرقمي.
لقد أصبح مفهوم المجتمع الرقمي و الاقتصاد الإلكتروني محور الجدل في مراكز الأبحاث في مختلف دول العالم، و لم يتوقف الأمر على الجانب النظري بل تعدى ذلك ليكون الركن الأساسي في برنامج الحكومات السياسية و حملاتهم الانتخابية. لقد أصبح هذا الطرح في واجهة الأحداث، و انتقل من مجرد الطرح البارد إلى المعترف السياسي الساخن، ليكون محور اهتمام الدول الثمانية (g8) في قمة أوكيناوا المجتمعة في اليابان جويلية عام 2000
لقد اعتبرت الإنترنت بداية العصر الجديد في الآونة الأخيرة، و أصبحت كلمة الإنترنت تعني العالم غير المحدود من المعرفة و الاتصالات، هذه الكلمة كسرت كل الحواجز لينتقل الإنسان عبرها من غرفته الضيقة إلى آفاق العالم الواسع، خصوصا و أنها فتحت الطريق إلى عهد اقتصاد مزدهر بفضل اقتصاد الشبكة (الإنترنت). لقد كان لهذا التطور الهائل أثر في دخول شبكة الإنترنت في جميع المجالات من بينها التسويق.
إن هذا المفهوم ساهم في انطلاق التسويق الإلكتروني في العالم بسرعة مذهلة خاصة في انخفاض تكلفته و ازدياد قدرته على توسيع السوق، حيث تم تأسيس آلاف الشركات المتخصصة في التسويق الإلكتروني، و أصبح هناك الملايين من الرسائل الإلكترونية التي تتجول يوميا في الشبكة تتضمن تحفيزات و نصائح لزبائن محتملين. هذه الطريقة من التسويق أتاحت للعملاء الحصول على المعلومات المطلوبة في شتى المجالات، و لأغراض متعددة و على احتياجاتهم من منتجات الشركات العالمية، بغض النظر عن موقع الشركة إذ أن الشبكة العالمية للإنترنت قد أزالت الحدود الجغرافية ولا تعترف بها.
لذلك فقد حرصنا في هذه الدراسة أن نظهر أهمية دخول شبكة الإنترنت في مجال التسويق عالميا، و البدء فيه حديثا، وعلى امتداد الساحة العربية منها الجزائر التي تدخل عصر المعلوماتية بأسلوب علمي مخطط في جميع القطاعات التجارية.
سنحاول في دراستنا هذه الإجابة عن السؤال المحوري التالي:
ما هو واقع ودور شبكة الإنترنت في التسويق لدى المؤسسات الجزائرية؟
و يندرج تحت هذه الإشكالية أسئلة فرعية أهمها:
-ما مدلول تكنولوجيا المعلومات و الاتصال؟
-كيف نشأت شبكة الإنترنت و ما هي أهم استخداماتها؟
-ما مدى تأثير الإنترنت على المزيج التسويقي؟
-كيف يكون تأثير الإنترنت على المزيج الترويجي؟
-ما مدى مساهمة الموقع الإلكتروني في مؤسسات اتصالات الجزائر و ما هي آفاقه المستقبلية؟
لمعالجة هذا الموضوع نقوم بافتراض مجموعة من الافتراضات .
و الفرضيات مصاغة كالآتي:
-تزداد أهمية التسويق الإلكتروني بالنسبة للتسويق التقليدي، و تزداد درجة الاعتماد على التسويق الالكتروني بشكل كبير، ذلك أن المؤسسات تفضل الإعلان و الترويج عبر الإنترنت على الطرق العادية.
-كما أن فرضية أخرى تتبادر إلى الأذهان، هي أن الشركات الجزائرية في ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها الجزائر، ربما أصبحت تعني ضرورة تبني هذه التكنولوجيا الحديثة للاتصال في وظيفتها التسويقية و استغلالها أفضل استغلال.
-التسويق الالكتروني يساهم بزيادة حجم الزبائن و عدد الصفقات المبرمة و سيختصر الكثير من منافذ التوزيع، الأمر الذي يؤدي إلى الوصول إلى أسواق جديدة، و هذا بدوره يزيد من حدة المنافسة الدولية، و هذه المنافسة من شأنها أن تؤدي بدورها إلى تحسين جودة المنتج، بسبب كثرة الشركات العارضة على المواقع المخصصة لها على الشبكة العنكبوتية و تخفيض التكاليف و بالتالي زيادة المبيعات و الأرباح، اعتمادا على اقتصاديات الحجم الأمر الذي يؤدي إلى دعم الاقتصاد و زيادة الناتج الوطني.
-إن لشبكة الإنترنت دور هام في التسويق، و يتمثل في تشميل و عرض و تقديم المنتوج للزبائن بطريقة واسعة و شاسعة، مما يسمح بتهاطل الزبائن و زيادة البيع و الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الربح.
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية الدراسة من خلال التطور المذهل لتكنولوجيا المعلومات في الآونة الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى ظهور على إثرها التسويق الإلكتروني الذي يعتمد على شبكة الإنترنت و مدى تطورها، لذلك فأن التسويق من شأنه إنجاز العمليات التجارية بفترة قياسية مع تخفيض التكاليف. إن تطور شبكة الإنترنت يلعب دورا أساسيا في عالم الأعمال بحيث أصبحت وسيلة هامة لإنجاز مختلف الأعمال التجارية من خلالها.
و تظهر أهمية الدراسة أيضا، من الوقوف على عدة متغيرات تتعلق باستخدام الإنترنت في مجال التسويق بعناصره الأربعة خاصة مجال الإعلان و الإشهار عبر مواقع الويب لمختلف المؤسسات الجزائرية، فهو أمر ضروري من أجل تعريف و تقريب المنتجات للزبون أو العميل و مدى قبول العميل لهذه الفكرة، و كيف يكون رد فعل العميل بعد اطلاعه على مختلف الإشهارات؟
إن أهمية الدراسة في هذا الوقت، تؤكد بأنه لابد لبلدان العالم النامية عامة و الجزائر خاصة من الاستفادة من هذا البحث، بغية إدخال و تطوير خدمات شبكة الإنترنت و الاستفادة من خدماتها في مجال التسويق،كما يتوجب معرفة آخر التطورات في مجال التسويق الإلكتروني و معرفة الصعوبات التي تحيط بالمؤسسات الجزائرية لتسويق منتجاتها محليا و دوليا.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى البحث في إمكانية استغلال التكنولوجيات الحديثة للاتصال في الوظيفة التسويقية، و إظهار أهمية هذه التكنولوجيات في العصر الحالي( و هو محاولة لإثراء البحث العلمي من خلال توفير البحث باللغة العربية، يصب في مجال التكنولوجيات الحديثة للاتصال).
و إلقاء الضوء على ماهية شبكة الإنترنت، و كيف يكون تصميم الموقع الإلكتروني و تأثيره على مختلف عناصر المزيج التسويقي خاصة الترويج.
و إبراز الدور الذي تلعبه شبكة الإنترنت في أداء الأنشطة التسويقية، من خلال الشبكة خاصة الأنشطة المتعلقة بالإشهار عن طريق موقع الويب لمختل المؤسسات الجزائرية عامة و المدروسة في الجانب التطبيقي خاصة.
تناول البحث الجانب التطبيقي للتسويق عبر الإنترنت، و ذلك لإثبات أو نفي الفرضيات المدرجة في الفقرة السابقة و تحليل النتائج إحصائيا، و من خلال هذا البحث الميداني لابد من الوقوف على واقع التسويق لدى المؤسسات المحلية في القطاعين العام و الخاص، و ماهية الخدمات التي تقدمها شبكة الإنترنت للمتعاملين في مجال التسويق الإلكتروني.
دراسة موقع و مكانة التسويق الإلكتروني في مؤسسة اتصالات الجزائر و سبل تطويره.
دوافع اختيار الموضوع :
إن اختيار معالجة هذا الموضوع له مبرراته التي حفزتنا على اختباره دون غيره و التي نلخصها كالآتي :
-تعرف شبكة الإنترنت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، ما لحقه من تغيرات في أداء الأنشطة التسويقية و التحديات التي تفرضها هذه الشبكة، و الفرص التي توفرها للمؤسسات بصفة عامة و مؤسسات الدول النامية بصفة خاصة، من أجل زيادة قدرتها التنافسية و ضمان استمراريتها.
-تلعب شبكة الإنترنت دورا في مجال التسويق خاصة الإشهار عبر الإنترنت، و الشبكة وسيلة ضرورية لأنها عبارة عن مكتبة إلكترونية.
-الميول الشخصي لدراسة تكنولوجيا المعلومات و الاتصال بصفة عامة و شبكة الإنترنت و علاقتها أو تأثير على التسويق بصفة خاصة.
حدود الدراسة:
تُعنىَ هذه الدراسة بموضوع التسويق الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت، سواء تعلق الأمر بالمؤسسة التي تمارس هذا النشاط بصفة جزئية إلى جانب التسويق التقليدي، أو تلك المؤسسات التي ينحصر نشاطها فقط على التجارة بالأخص التسويق عبر شبكة الإنترنت.
و لكي يكون تحليل الموضوع دقيقا غير متشعب لابد من حدود لدراسة الموضوع، و هي ممثلة بجانبين أولهما نظري و يعنى بكل ما يخص مجال التسويق الإلكتروني بالنسبة للمؤسسات، ثانيهما تطبيقي يهتم بدراسة واقع مواقع الويب و الإشهار عبرهم بالنسبة للمؤسسات الجزائرية فقط.
منهج الدراسة:
من أجل الإجابة على إشكالية البحث استعملنا مناهج متنوعة ليتوافق مع كل محور من محاور الموضوع: المنهج الوصفي التحليلي و هو المنهج الغالب على الدراسة عرضه كشف كل ما يتعلق بجوانب التسويق الإلكتروني، من خلال دراسة مختلف المفاهيم النظرية المتعلقة بالموضوع و تحليلها، كما استعملنا المنهج التاريخي في معرض حديثنا عن تاريخ شبكة الإنترنت و تطورها، بالإضافة إلى منهج دراسة الحالة في الفصل الأخير لإسقاط نتائج الدراسة النظرية على الحالة التطبيقية أي مسح لدراسة الحالة.
أدوات الدراسة و مصادر البيانات:
من أجل القيام ببحثنا هذا اعتمدنا على أدوات و المصادر التالية:
-المسح المكتبي: و ذلك من خلال الإطلاع على مختلف الكتب التي تناولت الموضوع باللغة العربية و اللغة الفرنسية، كما اعتمدنا على المجلات المتخصصة رغم قلتها، كما اطلعنا على بعض المداخلات في الملتقيات الوطنية و الدولية التي تناولت جوانب من الموضوع.
-البحث في شبكة الإنترنت: نظرا لقلة الكتب في هذا الموضوع، لجأنا إلى البحث على الشبكة، إلا إننا ركزنا على مواقع مراكز البحوث المتخصصة(الحكومية و غ الحكومية)، بالإضافة إلى البحث في مواقع بعض الجامعات الأجنبية التي تتيح بعض المراجع المتخصصة مثل النشرات و المقالات التي تنشرها الجهات المختلفة.
-الوثائق الخاصة بالمؤسسات موضوع الدراسة.
-المقابلات الشخصية: التقينا بالكثير من الاختصاصيين في ميدان تكنولوجيا الإنترنت من أجل تعميق معارفنا بهذه الشبكة، كما التقينا ببعض موظفي قطاع الاتصالات، و بعض مسؤولي مؤسسة "اتصالات الجزائر".
الدراسات السابقة:أثناء قيامنا بالمسح المكتبي وجدنا بعض الدراسات التي تناولت الموضوع من بعض جوانبه و التي من بينها:
-بختي إبراهيم: دكتوراه تحت عنوان دور الإنترنت و تطبيقاته في مجال التسويق دراسة حالة الجزائر 2002-2003، جامعة الجزائر، وصل فيها إلى أن هذه الشبكة تعطي الكثير من الفرص، التي يمكن استغلالها في التسويق، و أنه يجب على الجزائر إذا أرادت الوصول إلى استعمال مكثف لهذه الشبكة، أن تتبع بعض التوصيات التي يقترحها الباحث، لكنه لم يتطرق إلى المستهلك في ظل هذه التكنولوجيات و علاقته مع المنظمة.
-نور الدين شارف: التسويق الإلكتروني و دوره في زيادة القدرة التنافسية، دراسة حالة مؤسسة جواب، فرع اتصالات الجزائر، أطروحة مقدمة ضمن متطلبان نيل شهادة الماجستير في العلوم التجارية، تخصص تسويق، كلية العلوم الاقتصادية وعلو التسيير، البليدة، الجزائر ،2007.
-سليمان الشحف: ماجستير إدارة الأعمال الدولية، جامعة دمشق ، سورية التسويق الإلكتروني في البلدان العربية دراسة وصفية تطبيقية لواقع و مستقبل التسويق الإلكتروني عربيا و أثره على التعاون العربي و دعم الاقتصادي،2006-2007.
هيكل الدراسة:
من أجل دراسة الموضوع رأينا أن نقسم الدراسة إلى جزئين نظري و تطبيقي:
الجزء النظري فيه فصل واحد أساسي، يكون الحديث فيه عن دور أو تأثير شبكة الإنترنت على التسويق، و يكون من خلال مبحثين، الأول عن عموميات الشبكات الإلكترونية و الإنترنت، يتكون من مطلبين الأول يتحدث عن الشبكات الإلكترونية مكوناتها، أنواعها و مزاياها أما المطلب الثاني فيتحدث على الإنترنت و تطبيقاتها ، أما المبحث الثاني سوف نقوم بعرض التسويق الإلكتروني و تأثيرات الإنترنت على المزيج التسويقي، يكون هذا من خلال ثلاث مطالب، الأول يتم التطرق فيه الى ماهية التسويق الإلكتروني، أما الثاني فسنتطرق فيه إلى تأثيرات الإنترنت على المزيج التسويقي، أما الثالث سنتطرق إلى الترويج الإلكتروني عبر الإنترنت.
أما الدراسة التطبيقية فتتمثل في الفصل الثاني، و التي سنقسمها إلى ثلاث مباحث، المبحث الأول ندرس من خلاله مجمع اتصالات الجزائر، و ذلك بتعريفها في المطلب الأول أ ما المطلب الثاني فنعرف المديرية الجهوية و في المطلب الثالث نتعرض لمختلف مهامها و التنظيم الداخلي للمديرية الجهوية ، وفيما يتعلق بالمبحث الثاني، فإننا نقوم من خلاله بدراسة التسويق الإلكتروني المؤسسة، بالتعرض في المطلب الأول إلى تصميم موقع الويب وفي المطلب الثاني نقوم بدراسة لموقع اتصالات الجزائر و تحليله، و نتطرق في المبحث الثالث إلى استعراض تحاليل نتائج الدراسة من خلال تعرضنا في المطلب الأول لمواقع بعض المؤسسات الجزائري،المطلب الثاني عن كيفية تحضير الاستقصاء أما في المطلب الثالث نقوم بتحليل نتائج الاستقصاء.
صعوبات الدراسة:
أثناء إعدادنا لهذه المذكرة و كغيرنا من الباحثين واجهتنا بعض الصعوبات نرى من الضروري ذكر بعضها:
-حداثة الموضوع خلقت جوا من غياب ترجمة عربية لكل المصطلحات التقنية التي تخص الموضوع.
-نقص المراجع الخاصة بموضوع الدراسة و خاصة الكتب و آن وجدت فهي قديمة، و نظرا للتطور السريع الذي تعرفه تكنولوجيا المعلومات و الاتصال بصفة عامل، و تكنولوجيا الإنترنت بصفة خاصة فان المعلومات الواردة في هذه الكتب تصبح عديمة الفائدة.
-صعوبة إجراء الدراسات التطبيقية الخاصة بهذا الموضوع في الجزائر، بالنظر إلى التأخر الكبير الذي يشهده ميدان التجارة الالكترونية و التسويق الإلكتروني في المؤسسات الجزائرية.
-ثقافة الانغلاق التي مازالت تنتهجها المؤسسات الجزائرية و رفضها التعاون مع الطلبة الباحثين بحجة سرية المعلومات