ماهي الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية المختلفة؟

[سندباد علي بابا]

ماهي الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية المختلفة؟


شهدت السنوات القليلة الماضية ارتفاعا جنونيا لأسعار المواد وقبل الإجابة عن الأسباب التي تقف وراء تلك الظاهرة يجب أن نتوقف في النقاط التالية:


أولاً، قبل أزمة كوفيد – 19 الصحية كانت أمريكا التي تسيطر على النظام المالي العالمي والتي عملتها الدولار وهو العملة الرئيسية في التبادلات التجارية العالمية ( لذلك قيل: إذا عطست أمريكا أصيب العالم كله بالزكام) تعيش إرهاصات ازمة اقتصادية طاحنة سببها أزمة الديون التي تجاوزت اكثر من 30 ترليون دولار وحالة تخضم كبيرة نتيجة طبع الدولار دون أن يكون مغطى بالذهب أو دون أن تقابله سلع.


ثانياً، أزمة كوفيد – 19 التي عطلت مصانع الصين وكل مصانع دول العالم وأدت لاختلال سلاسل التوريد العالمية بمعنى صعوبة انسياب السلع بشكل عادي وسهل من الصين وغيرها من الدول المصنعة والمنتجة إلى الدول المستهلكة كما كان الحال قبل ظهور وباء كوفيد - 19.


ثالثاً، أزمة الطاقة بسبب ضغط أمريكا على الدول الأوروبية بخاصة ودول العالم بعامة للتخلي عن الطاقة الأحفورية والطاقة النووية لتوليد الكهرباء والفحم بحجة أنها السبب في التغير المناخي لذلك الكثير من الدول الأوروبية تخلت عن الطاقة النووية والفحم وتوجهت للطاقات المتجددة وقد عملت الولايات المتحدة على تعطيل مشروع نقل الغاز الروسي لأوروبا ستريم 2 وقد تم تفجيره من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وأعوانها بعيد انطلاق الحرب الأطلسية الروسية في أوكرانيا، كما وضغطت أمريكا على الدول المنتجة للنفط والطاقة الإحفورية في الشرق الأوسط وفي إفريقيا وآسيا للتخلي عن استخدام هذا النوع من الطاقة والتوجه على الفور إلى الطاقات المتجددة كالرياح والشمس .. لتكون بديلاً لها وفعلاً وضعت أوروبا وهذه الدول خطة للتخلي عن هذا النوع من الطاقة المضر حسب وجهة نظر اليسار الأمريكي بالمناخ وبدأت الدول في تصنيع السيارات الكهربائية وكل المحركات التي في العادة تكون صديقة البيئة.


رابعاً، بعد تأكيد الخبراء على أن الاقتصاد الصيني سيتربع على المرتبة الأولى عالميا مزيحاً الاقتصاد الأمريكي إلى المرتبة الثانية بعدما كان في المرتبة الأولى شعرت أمريكا بأن زمن هيمنتها على العالم على وشك الانقضاء لذلك وسعيا منها لكبح نمو الصين اقتصاديا وعسكريا أطلقت أمريكا حربا تجارية متوحشة على الصين وأطلقت مجموعة من العقوبات على الشركات الصينية بحجج واهية والصين كما يعلم الجميع هي من أكبر الاقتصاديات العالمية وهي أكبر مصنع في العالم من حيث حجم الإنتاج وعدد الموظفين والعمال.


خامساً، بحجة أزمة التغير المناخي اتهمت الولايات المتحدة فضلات البقر وطعام البقر وغيرها من الحيوانات الأليفة التي تعرف كطعام للإنسان أو أنها تقدم طعاما للإنسان بأنها تتسبب في صعود غاز للهواء يشكل خطراً على البيئة ويتسبب في أزمة المناخ أو ما يسمى بالتغير المناخي لذلك انطلقت عملية التخلي على تربية الأبقار وتلك الحيوانات لتستبدل بلحوم صناعية تدر على الشركات الخاصة ملايير الدولارات ففي النهاية المسألة تجارية في الصميم كما واقترحت أمريكا وأوروبا على شعوب العالم التخلي على لحوم الأبقار وما تدره من لحم وحليب واستبدال ذلك بأكل الحشرات والديدان والجراد والثعابين والفئران وأكدت أن الفائدة الغذائية واحدة وظهرت في أوروبا أنواع جديدة من الطعام عبارة مسحوق مطحون للعناكب والخنافس غذاء صناعياً.. ليكون بديلاً عن الغذاء الطبيعي.


سادساً، في السنوات القليلة الماضية شهدت بلدان في أوروبا وأمريكا على وجه الخصوص لكونها دول زراعية موجة جفاف حادة وقد بينت الصور الملتقطة من كاميرات الكثير من وسائل الإعلام فداحة الظاهرة التي أدت إلى انخفاض مستويات منسوب الأنهر بل أن البعض منها اختفى "أصبح أثر بعد عين" وقد أثر الجفاف في هولند وفرنسا وإيطاليا على سبيل المثال لا الحصر على المحاصيل الزراعية واضطرت بعض الدول الأوروبية إلى استيراد الكثير من حاجياتها من المواد الزراعية من بلدان أقل تضرراً في مسألة ظاهرة الجفاف.


الكثير من الناس تم تغليطه من الإعلام الغربي ورديفه بالقول أن السبب في ارتفاع أسعار الغذاء في العالم مرده إلى الحرب الروسية الأوكرانية محملاً بذلك الجانب الروسي المسؤولية على ذلك علما أننا ذكرنا أسباباً موضوعية أعلاه أدت لارتفاع الأسعار قبل انطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة في روسيا.


مثلا عندنا في البطحة ارتفعت أسعار كل المواد الإستهلاكية من غذاء وأجهزة كهربائية وأجهزة إلكترونية وما تعلق بالسيارات واللحوم والكباش والأغنام (كل ما حلت مناسبة عيد أضحى) ومواد منزلية تصنع من البلاستيك وما تعلق بالأثاث الذي يصنع من الخشب ومواد جاهزة وأغذية مصنعة وقهوة وسكر وزيت وشاي وغيرها كل شيء.. فقط شيء واحد بقي متوفراً ولم يرتفع سعره وهو "الدقيق" و"الفرينة"/ السميد.


فإذا كان العالم بعكسنا عاش غلاء أسعار الرغيف كما هو حاصل مع جمهور مصر العربية مثلاً وإرتفاع أسعارها متعمد لإلغاء الدعم الحكومي لهذه المادة (فرض الرأسمالية/ واقتصاد السوق الأمريكي على مصر وهي إحدى الأمور التي يضغط صندوق النقد الدولي التي تسيطر عليه أمريكا والصهيونية لتنفيذها وتطبيقها من جانب الحكومة المصرية –حكومة مدبولي) باعتبار أن القمح يأتي من روسيا وأوكرانيا والبلدان في حالة حرب منذ 22 فيفري 2022 فما هي أسباب إرتفاع كل المواد الإستهلاكية الأخرى؟


- ماهو سبب إرتفاع الأثاث.. هل روسيا وأوكرانيا اللتان هما في حرب تنتج الأثاث بحيث أن الحرب بينهما تؤدي لارتفاعهما الجنوني؟


- ما هو سبب إرتفاع الأدوات المنزلية الزوجاجية .. بحيث انتقل سعر كأس كبير من الزجاج من 100 دج إلى 400 دج أي ثلاث مرات عن سعره السابق فهل روسيا وأوكرانيا اللتان هما في حرب تنتج هذه السلعة وبالتالي الحرب بينهما أثرت على سعرها؟
- ماهو سبب إرتفاع سعر الأثاث المنزلي المصنوع من الخشب مثل: غرف النوم.. فهل روسيا وأوكرانيا اللتان هم في حرب تنتج هذا النوع من السلع لترتفع أسعاره بشكل جنوني؟


- ماهو سبب إرتفاع أسعار الأجهزة الكهرو منزلية بشكل جنوني (تصنع في الصين وفي أوروبا وفي أمريكا) .. فهل روسيا والصين اللتان هما في حرب تنتج هذا النوع من السلع لترتفع أسعارها؟ مثلاً: المكيفات الهوائية .. والثلاجات إرتفعت أسعارها ثلاث مرات عن أسعارها قبل كوفيد – 19.. علماً أن البطحة أصبحت تنتج صناعة محلية ولكن المشكلة أنها لا تغطي السوق المحلية وبأثمان معقولة ولكن ما تنتجه وتصنعه سنويا نتقاسمه مع التصدير أي أن هناك حصص من الإنتاج تتوجه للسوق المحلية وحصص تذهب للأسواق الإفريقية فيقل العرض ويزيد الطلب وبما أننا دخلنا اقتصاد السوق يزيد ويرتفع ثمن السلعة وقس ذلك على السلع الزراعية المحلية.


- ماهو سبب إرتفاع اللحوم بشكل جنوني .. وإرتفاع أسعار الكباش في عيد الأضحى.. بشكل جنوني علماً أن البطحة بلد منتج للحم ويتوفر على ثروة حيوانية معتبرة، مع التذكير أن أوروبا التي تصنع بعض أعلاف الماشية تخلت عنها لأن صناعة هذا النوع من الأعلاف يصدر غازاً مضر بالبيئة.. وكذلك ما يتعلق بأعلاف الدجاج التي تحتوي على مواد ضارة تؤدي إلى زيادة في التغير المناخي.. فهل روسيا وأوكرانيا اللتان هما في حرب تنتج هذه اللحوم وتورد هذه الأبقار والماشية إلى الدول وتصنع أعلاف الأبقار وأعلاف الدجاج لترفع أسعارها؟


ماهو سبب إرتفاع أسعار السيارات المستعملة وربما الجديدة إن وجدت .. فهل روسيا وأوكرانيا اللتان هما في حرب منذ ما يزيد عن العام والنصف هما من ينتج هذا النوع من السلع لترتفع أثمانها؟


وكذلك ما تعلق بالعقار.. وما تعلق بالأدوات المدرسية التي يصنع جزء كبير منها محلياً.. وغيرها من المواد الإستهلاكية.


الفكرة هي تطبيق وتعميم الليبيرالية الرأسمالية المتوحشة طبقاً لأوامر السيد الأمريكي هذه هي شروط صندق النقد الدولي الذي تحكم أمريكا والصهيونية قبضتها عليه.. الدولة الإجتماعية هي عدو أمريكا والنموذج الاقتصادي والسياسي الغربي لذلك دشنت أمريكا الحرب على العراق زمن صدام حسين وعلى سوريا وعلى ليبيا وعلى اليمن .. وتضغط على البطحة وعلى مصر..

بقلم: سندباد علي بابا