الدرس الثالث من / ﺑﺎﺏُ ﺻﻔﺔِ ﺻﻼﺓِ اﻟﻨﺒﻲِّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠم من عمدة الأحكام 30 من شهر ربيع الثاني 1437.
- ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺤﺎﻓﻆ، ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ، ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﺳﺮﻭﺭ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ - ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ -:
الحديث اﻷول:
88- ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﻋُﻤَﺮَ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ: (ﺃَﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻛَﺎﻥَ ﻳَﺮْﻓَﻊُ ﻳَﺪَﻳْﻪِ ﺣَﺬْﻭَ ﻣَﻨْﻜِﺒَﻴْﻪِ ﺇﺫَا اﻓْﺘَﺘَﺢَ اﻟﺼَّﻼﺓَ , ﻭَﺇِﺫَا ﻛَﺒَّﺮَ ﻟِﻠﺮُّﻛُﻮﻉِ , ﻭَﺇِﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺮُّﻛُﻮﻉِ ﺭَﻓَﻌَﻬُﻤَﺎ ﻛَﺬَﻟِﻚَ , ﻭَﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ , ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻟَﻚَ اﻟْﺤَﻤْﺪُ. ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻻ ﻳَﻔْﻌَﻞُ ﺫَﻟِﻚَ ﻓِﻲ اﻟﺴُّﺠُﻮﺩِ) .
***********************
حذوا منكبيه/أي مقابل منكبيه .
المنكب/ مجمع العضد والكتف .
في هذا الحديث من
< الفوائد>
1-رفع اليدين إلى المنكبين في الصلاة .
وأخرج البخاري (737) ومسلم (391) واللفظ له عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ» فَقَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ .
وفي رواية لمسلم عن مالك بن الحويرث أَنَّهُ رَأَى نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ .
وفروع أذنيه أعاليها .وهذا من تنوع العبادات .
فأحيانا يرفع المصلي يديه إلى حذوا المنكبين وأحيانا إلى أعالي أُذنيه .
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (1/مسألة 656): وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي رَفْعِهِمَا إلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ أَوْ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَبْلُغَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، وَإِنَّمَا خُيِّرَ لِأَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ مَرْوِيٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالرَّفْعُ إلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ؛ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ عَلِيٌّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ .اهـ المراد.
وقد نقل النووي رحمه الله عن الجمهور الجمع بين الروايتين بما يأتي وأنه كيفية واحدة .
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : وَأَمَّا صِفَةُ الرَّفْعِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ بِحَيْثُ تُحَاذِي أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ فُرُوعَ أُذُنَيْهِ أَيْ أَعْلَى أُذُنَيْهِ وَإِبْهَامَاهُ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ وَرَاحَتَاهُ مَنْكِبَيْهِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَبِهَذَا جَمَعَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ رِوَايَاتِ الْأَحَادِيثِ فَاسْتَحْسَنَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ . اهـ.
وهذا عام للرجل والمرأة.
وقد جاء عن الحنفية تفصيلٌ في المسألة بدون دليل قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار (3/46 ) : وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ السُّنَّةُ يشْتَرِكُ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَلَمْ يَرِد مَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِيهَا، وَكَذَا لَمْ يَرِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الرَّجُلَ يَرْفَعُ إلَى الْأُذُنَيْنِ وَالْمَرْأَةَ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا عَرَفْت اهـ .
الحكمة من رفع اليدين
قال النووي في شرح صحيح مسلم : اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ فِي الْحِكْمَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَعَلْتُهُ إِعْظَامًا لِلَّهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ غَيْرُهُ :هُوَ اسْتِكَانَةٌ وَاسْتِسْلَامٌ وَانْقِيَادٌ وَكَانَ الْأَسِيرُ إِذَا غُلِبَ مَدَّ يَدَيْهِ عَلَامَةٌ لِلِاسْتِسْلَامِ.
وَقِيلَ :هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ .
وَقِيلَ :إِشَارَةٌ إِلَى طَرْحِ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الصَّلَاةِ وَمُنَاجَاةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَيُطَابِقُ فِعْلُهُ قَوْلَهُ .
وَقِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا الْأَخِيرُ مُخْتَصٌّ بِالرَّفْعِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ .
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ .
وَفِي أَكْثَرِهَا نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ورفع اليدين متى يكون ؟.
بوَّب البخاري في صحيحه (رفع اليدين في التكبيرة الأولى معَ الافتتاح سواءً ) قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري : ومراده بالافتتاح: التكبيرة نفسها؛ فإن هَذهِ التكبيرة هي افتتاح الصلاة، كَما في حديث عائشة: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفتتح الصلاة بالتكبير.
ثم أخرج البخاري حديث ابن عمر في الباب عَنْ ابن عمر: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا، وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ .
وهو معنا في الباب .
و أخرج مسلم (390) من طريق سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ لِلصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَفْعَلُهُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ» .
وظاهر رواية مسلم المذكورة تقديم الرفع على التكبير .
وأخرج ابن ماجة في سننه(862) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ،عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ، وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «كَانَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ، اعْتَدَلَ قَائِمًا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ» ثُمَّ قَالَ «اللَّهُ أَكَبْرُ» الحديث .
ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ : ثقة .
وأخرج مسلم (391 ) من طريق أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ، «إِذَا صَلَّى كَبَّرَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ» ، وَحَدَّثَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ هَكَذَا» .
وحديث مالك بن الحويرث يفيد أن التكبير قبل الرفع كما يفيده كلمة ثم فإنها للترتيب والتراخي .
وقد قال الصنعاني في سبل السلام وقبله الحافظ في فتح الباري : وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَقْدِيمِ التَّكْبِيرِ عَلَى الرَّفْعِ اهـ .
وتعقَّب ذلك الشيخ الألباني في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (1/199 ) وقال :قلت: هو قول في مذهب الحنفية. والحق: أن كلاً من هذه الصفات الثلاث سنة ثابتة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فعلى المسلم أن يأخذ بها في صلواته، فلا يدع واحدة منها للأخرى؛ بل يفعل هذه تارة، وهذه تارة وتلك أخرى اهـ .
< وفيه من الفوائد>
2-استحباب رفع اليدين في ثلاثة مواضع
1- عند تكبيرة الإحرام .
2-وإذا كبر للركوع .
3-وإذا رفع رأسه من الركوع .
وفي صحيح البخاري(739) من طريق ﻧَﺎﻓِﻊٍ، ﺃَﻥَّ اﺑْﻦَ ﻋُﻤَﺮَ، ﻛَﺎﻥَ " ﺇِﺫَا ﺩَﺧَﻞَ ﻓِﻲ اﻟﺼَّﻼَﺓِ ﻛَﺒَّﺮَ ﻭَﺭَﻓَﻊَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ، ﻭَﺇِﺫَا ﺭَﻛَﻊَ ﺭَﻓَﻊَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ، ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ، ﺭَﻓَﻊَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ، ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻡَ ﻣِﻦَ اﻟﺮَّﻛْﻌَﺘَﻴْﻦِ ﺭَﻓَﻊَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ "، ﻭَﺭَﻓَﻊَ ﺫَﻟِﻚَ اﺑْﻦُ ﻋُﻤَﺮَ ﺇِﻟَﻰ ﻧَﺒِﻲِّ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ .
4-وهذا موضع رابع يستحب فيه رفع اليدين عند القيام من التشهد الأوسط .
ورفع اليدين عند تكبيرة الإحرام مشروع وليس هناك خلاف بين أهل العلم في مشروعية رفع اليدين في تكبيرة الإحرام .
والحنفية عندهم أنه لاترفع اﻷيدي إلاعند تكبيرة الإحرام استدلالا ببعض اﻷحاديث الضعيفة .
عبد الله بن المبارك رحمه الله يقول: كُنْتُ أُصَلِّي إِلَى جَنْبِ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ -يعني أبا حنيفة- فَرَفَعْتُ يَدَيَّ فَقَالَ: مَا خَشِيتَ أَنْ تَطِيرَ؟ فَقُلْتُ إِنْ لَمْ أَطِرْ فِي الْأُولَى لَمْ أَطِرْ فِي الثَّانِيَةِ .
قَالَ وَكِيعٌ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ كَانَ حَاضِرَ الْجَوَابِ فَتَحَيَّرَ الْآخَرُ , وَهَذَا أَشْبَهُ مِنَ الَّذِينَ يَتَمَادُونَ فِي غَيِّهِمْ إِذَا لَمْ يُبْصِرُوا .
والأثر علقه البخاري في جزء " رفع اليدين "رقم 45 .
وهو موصول يراجع "نشر الصحيفة "للوالد رحمه الله .
وقول عبدالله بن عمر(وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ) قد جاءت أدلةأخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في السجود وفي الرفع منه .
أخرج النسائي في سننه(1085) وأحمد (34/ 162)من طريق قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَإِذَا سَجَدَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ» .
قال الشيخ الألباني في «تمام المنة» (ص172): أخرجه النسائي وأحمد وابن حزم بسند صحيح على شرط مسلم. اهـ.
وأصلُ حديث مالك بن الحويرث في مسلم (391) .
وجاء من حديث وائل بن حجر عند أبي داود (723) وفيه (وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ أَيْضًا رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ) .
وأصله أيضا عند مسلم(401) .
قال ابن رجب في فتح الباري (4/326) :ويجاب عن هذه الرويات كلها على تقدير أن يكون ذكر الرفع فيها محفوظا، ولم يكن قد اشتبه بذكر التكبير بالرفع - بأن مالك بن الحويرث ووائل بن حجر لم يكونا من أهل المدينة، وإنما كانا قد قدما إليها مرة أو مرتين، فلعلهما رأيا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعل ذَلِكَ مرة، وقد عارض ذَلِكَ نفي ابن عمر، مع شدة وملازمته للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشدة حرصه على حفظ أفعاله واقتدائه به فيها، فهذا يدل على أن أكثر أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ ترك الرفع فيما عدا المواضع الثلاثة والقيام من الركعتين اهـ .
وكان الوالد رحمه الله يذاكرنا في مسألة المواضع التي تُرفَع فيها الأيدي في الصلاة أكثر من مرة فيذكر الأربعة المواضع المتقدمة من حديث ابن عمر .
ويقول الوالد رحمه الله : ونفيُّ ابنِ عمر لرفع اليدين في السجود في قوله (وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ " )محمول على أنه ما رآه، فقد جاء عن مالك بن الحويرث عند النسائي، ووائل بن حجر عند الدارقطني الرفع من السجود والمثبت مقدمٌ على النافي، ولكن ابن عمر أكثر ملازمة لرسول الله من مالك بن الحويرث ووائل بن حجر فيحمل على أنه فعله في بعض الأحيان.اهـ.
فهذه ستة مواضع فيها رفع اليدين .
اﻷربعة اﻷولى ينبغي للمصلي أن يلازمها ، وأما رفع اليدين عندالسجود وعند الرفع من السجود فهذا يفعل أحيانا .
والله أعلم .
وللإمام البخاري رحمه الله جزء في هذه المسألة وهو (جزء رفع اليدين في الصلاة).
***********************
الحديث الثاني:
89 - ﻋَﻦْ اﺑْﻦِ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: (ﺃُﻣِﺮْﺕُ ﺃَﻥْ ﺃَﺳْﺠُﺪَ ﻋَﻠَﻰ ﺳَﺒْﻌَﺔِ ﺃَﻋْﻈُﻢٍ: ﻋَﻠَﻰ اﻟْﺠَﺒْﻬَﺔِ - ﻭَﺃَﺷَﺎﺭَ ﺑِﻴَﺪِﻩِ ﺇﻟَﻰ ﺃَﻧْﻔِﻪِ - ﻭَاﻟْﻴَﺪَﻳْﻦِ , ﻭَاﻟﺮُّﻛْﺒَﺘَﻴْﻦِ , ﻭَﺃَﻃْﺮَاﻑِ اﻟْﻘَﺪَﻣَﻴْﻦِ).
ﺃَﻃﺮاﻑ اﻟﻘﺪﻣﻴﻦ: ﺃَﺻﺎﺑﻊ اﻟﻘﺪﻣﻴﻦ.
***********************
-في هذا الحديث من الفوائد
1- أن أعضاء السجود سبعة وهي اليدان والركبتان وأطراف القدمين والجبهة مع الأنف .
والحديث أخرجه الترمذي في سننه(272) وقال عقبه : وَعَلَيْهِ العَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ " .
وقوله: ﻭَﺃَﺷَﺎﺭَ ﺑِﻴَﺪِﻩِ ﺇﻟَﻰ ﺃَﻧْﻔِﻪِ )
وذلك ﻷن الجبهة واﻷنف كعضو واحد .
2-قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام (1/271): وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَشْفُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، لِأَنَّ مُسَمَّى السُّجُودِ عَلَيْهَا يَصْدُقُ بِوَضْعِهَا مِنْ دُونِ كَشْفِهَا .
قال : وَلَا خِلَافَ أَنَّ كَشْفَ الرُّكْبَتَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ، لِمَا يَخَافُ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ. اهـ
وهذا بالنسبة لغير المرأة ، أما المرأة فلا يجوز لها كشف الركبتين باتفاق العلماء .
وقال ابن القاسم في حاشية الروض المربع (2/53)في شرح (لا تجب مباشرة المصلي بشيء منها )قال : وأجمعوا عليه في الركبتين والقدمين .اهـ .
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : وَفِي الْكَفَّيْنِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدُهُمَا يَجِبُ كَشْفُهُمَا كَالْجَبْهَةِ وَأَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ .اهـ .
3-ظاهر حديث الباب العموم في الجبهة وغيرها .
ولكن روى البخاري (813) ومسلم (1167)عن أبي سعيدٍ الخدري عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحديث وفيه :وَإِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَسْجُدُ فِي طِينٍ وَمَاءٍ» وَكَانَ سَقْفُ المَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ شَيْئًا، فَجَاءَتْ قَزَعَةٌ، فَأُمْطِرْنَا، فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ وَالمَاءِ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْنَبَتِهِ .
فهذا دليل على أن اﻷفضل كشف الجبهة في الصلاة لكن لايلزم وقد نقل النووي رحمه الله في المجموع(3/ 426) أَنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَارَ مُبَاشَرَةُ الْجَبْهَةِ لِلْأَرْضِ .اهـ.
وعند الشافعي رحمه الله يلزم كشف الجبهةِ في الصلاة حتى ولوجزءا منها لما روى مسلم في صحيحه (619)عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ، فَلَمْ يُشْكِنَا».
والصحيح أنه لايلزم لعدم ما يفيد الوجوب وحديث خباب له توجيه يأتي إن شاءالله .
ولكن اﻷفضل أن يكشف جبهته لحديث أبي سعيد المتقدم ونقل النووي الاتفاق على أن المختار ذلك .
وله أن يسجد على شيء متصل به ككمه وطرف ثوبه ونحوهما للحاجة .
روى البخاري(1208)ومسلم (620) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ مِنَ الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ» .
وهذا دليلٌ على أنه عند الحاجة كالحر والبرد وصلابة الأرض له أن يسجد على حائلٍ متصلٍ به من طرف ثوبه أو ذيله أو عمامته .
أما إذا كان غير متصلٍ به كوضعه لشيء يسجد عليه فقد أخرج البخاري(379) ومسلم (513)عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُصَلِّي وَأَنَا حِذَاءَهُ، وَأَنَا حَائِضٌ، وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ، قَالَتْ: وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى الخُمْرَةِ " .
الخمرة قال ابنُ الأثير في النهاية : هِيَ مقدارُ مَا يَضَع الرجُل عَلَيْهِ وجْهه فِي سُجُودِهِ مِنْ حَصِير أَوْ نَسِيجة خُوص وَنَحْوِهِ مِنَ النَّباتِ، وَلَا تَكُونُ خُمْرَة إِلَّا فِي هذا المقدار. اهـ.
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (21/176):ولم يكن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ دَائِمًا بَلْ أَحْيَانًا كَأَنَّهُ كَانَ إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَتَّقِي بِهَا الْحَرَّ وَنَحْوَ ذَلِكَ .اهـ.
وقد ذكر النووي رحمه الله في المجموع(3/ 425) قولين للعلماء في هذه المسألة وقال :فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي السُّجُودِ عَلَى كُمِّهِ وَذَيْلِهِ وَيَدِهِ وَكَوْرِ عِمَامَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ .
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ سجودُه علي شئ مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ دَاوُد وَأَحْمَدُ فِي رواية .
وقال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وإسحق وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَصِحُّ قَالَ صَاحِبُ التهذيب وبه قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ثم ذكر دليل هذا القول الثاني وهوحديث أنسٍ المتقدم وفيه (بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ) . قال :وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ثَوْبٍ مُنْفَصِلٍ .
وذكر من أدلة الشافعية ما روى مسلم في صحيحه (619)عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ، فَلَمْ يُشْكِنَا».
وقوله(فَلَمْ يُشْكِنَا) قال ابنُ الأثير في النهاية : أَيْ لَمْ يُجِبْهم إِلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يُزِل شَكْوَاهُمْ. يُقَالُ أَشْكَيْتُ الرجُلَ إِذَا أزَلْتَ شَكْوَاهُ، وَإِذَا حَملتَه عَلَى الشَّكْوَى.
لكن الحديث لادلالة فيه على المنع قال ابنُ رجب رحمه الله في فتح الباري (3/38):أما معنى الحديث: فقد فسره جمهور العلماء بأنهم شكوا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة في شدة الحر، وطلبوا منه الإبراد بها، فلم يجبهم، وبهذا فسره رواة الحديث، منهم: أبو إسحاق وشريك.
.اهـ.
ويشكل على هذا المعنى أدلة الإبراد في صلاة الظهر في شدة الحر قال ابن رجب في فتح الباري (4/243):وقد أجيب عنه بوجهين:
أحدهما: أنهم طلبوا منه التأخير الفاحش المقارب آخر الوقت، فلم يجبهم إليه.
والثاني: أنه منسوخ بالأمر بالإبراد، وهو جواب الإمام أحمد والأثرم.
واستدلا بحديث المغيرة بن شعبة، قال: كنا نصلي مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر بالهاجرة، فقال لنا: (أبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم) .اهـ.
وعلمنا أن الأفضل كشف الجبهة ، وأنه للحاجة لا بأس أن يضع شيئا يسجد عليه .
ومما ذكر الشيخ ابنُ عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع (3/115) أنَّ الرافضة يتَّخذون هذا تديناً يُصلُّون على قطعة من المَدَر كالفخَّار يصنعونها مما يسمونه «النَّجف الأشرف» ، يضعون الجبهة عليه فقط، ولهذا تَجِدُ عند أبواب مساجدهم «دواليب» ممتلئة من هذه الحجارة، فإذا أراد الإنسان أن يدخل المسجد أخذ حجارة ليسجد عليها، ومنهم من يفعل ذلك؛ لأنه يرى أنه لا يجوز السجود إلا على شيء من جنس الأرض، فلا يجوز السجود على الفراش ولو من خصيف النخل، مع أنه ثبت عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه سجد على خصيف النخل، كما في حديث أنس حينما غَسَل للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الحصير الذي اسْوَدَّ من طُولِ ما لُبِسَ وصَلَّى عليه صلّى الله عليه وسلّم .اهـ .
4-وقوله: ﻭَﺃَﻃْﺮَاﻑِ اﻟْﻘَﺪَﻣَﻴْﻦِ) .
في صحيح البخاري (828)عن أبي حميدٍ الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحديث وفيه : فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلاَ قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ .
ومن السنة أن يضم عقبي قدميه وهو ساجد . روى الإمامُ مسلم (486) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع(3/ 122) اليد الواحدة لا تقع على القدمين إلا في حال التَّراصِّ .اهـ .
وبوَّب ابن خزيمة رحمه الله في صحيحه( بَابُ ضَمِّ الْعَقِبَيْنِ فِي السُّجُودِ)ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها رقم (654) قالت : فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَعِي عَلَى فِرَاشِي، فَوَجَدْتُهُ سَاجِدًا رَاصًّا عَقِبَيْهِ مُسْتَقْبِلًا بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ...» ثم ذكر حديث عائشة المتقدم مع زيادة في آخره.
والعقب /مؤخرة القدم وهذا من سُنن الصلاة أنه ما يجعل المصلي القدمين متفرقتين .
***********************
الحديث الثالث والرابع :
90 - ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻗَﺎﻝَ: (ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺇﺫَا ﻗَﺎﻡَ ﺇﻟَﻰ اﻟﺼَّﻼﺓِ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﻘُﻮﻡُ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻛَﻊُ , ﺛُﻢَّ ﻳَﻘُﻮﻝُ: ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ , ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻓَﻊُ ﺻُﻠْﺒَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺮَّﻛْﻌَﺔِ , ﺛُﻢَّ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﻭَﻫُﻮَ ﻗَﺎﺋِﻢٌ: ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻟَﻚَ اﻟْﺤَﻤْﺪُ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﻬْﻮِﻱ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻓَﻊُ ﺭَﺃْﺳَﻪُ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺴْﺠُﺪُ , ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻓَﻊ ﺭَﺃْﺳَﻪُ , ﺛُﻢَّ ﻳَﻔْﻌَﻞُ ﺫَﻟِﻚَ ﻓِﻲ ﺻَﻼﺗِﻪِ ﻛُﻠِّﻬَﺎ , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﻘْﻀِﻴَﻬَﺎ , ﻭَﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﻘُﻮﻡُ ﻣِﻦْ اﻟﺜِّﻨْﺘَﻴْﻦِ ﺑَﻌْﺪَ اﻟْﺠُﻠُﻮﺱِ).
***********************
91 - ﻋَﻦْ ﻣُﻄَﺮِّﻑِ ﺑْﻦِ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﻗَﺎﻝَ: (ﺻَﻠَّﻴْﺖُ ﺃَﻧَﺎ ﻭَﻋِﻤْﺮَاﻥُ ﺑْﻦُ ﺣُﺼَﻴْﻦٍ ﺧَﻠْﻒَ ﻋَﻠِﻲِّ ﺑْﻦِ ﺃَﺑِﻲ ﻃَﺎﻟِﺐٍ. ﻓَﻜَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺳَﺠَﺪَ ﻛَﺒَّﺮَ , ﻭَﺇِﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻛَﺒَّﺮَ , ﻭَﺇِﺫَا ﻧَﻬَﺾَ ﻣِﻦْ اﻟﺮَّﻛْﻌَﺘَﻴْﻦِ ﻛَﺒَّﺮَ , ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﻗَﻀَﻰ اﻟﺼَّﻼﺓَ ﺃَﺧَﺬَ ﺑِﻴَﺪِﻱ ﻋِﻤْﺮَاﻥُ ﺑْﻦُ ﺣُﺼَﻴْﻦٍ , ﻭَﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺪْ ﺫَﻛَّﺮَﻧِﻲ ﻫَﺬَا ﺻَﻼﺓَ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃَﻭْ ﻗَﺎﻝَ: ﺻَﻠَّﻰ ﺑِﻨَﺎ ﺻَﻼﺓَ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) .
***********************
حتى يقضيها/ حتى يفرغ منها
-في هذين الحديثين من الفوائد
1-مشروعية تكبيرات الانتقال .
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب تكبيرات الانتقال لفعل النبي صلى الله عليه وعلي آله وسلم لذلك .
قال الترمذي في سننه (253) وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَغَيْرُهُمْ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الفُقَهَاءِ وَالعُلَمَاءِ اهـ .
وذهب أحمد وبعض أهل الظاهر إلى وجوب تكبيرات الانتقال و اختاره الشيخ الألباني في تمام المنة ص 186 .
لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) .وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يكبرهن ويداوم على فعلها .
ولحديث المسئ صلاته عند أبي داود (857) من طريق عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ عَمِّهِ – رفاعة بن رافع -، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ فِيهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، فَيَضَعَ الْوُضُوءَ - يَعْنِي مَوَاضِعَهُ - ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيُكَبِّرُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ " .
وهذا إسناد منقطع ٌفقد رواه أبوداود بعدة أسانيد عن عَلِي بْن يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ .
قال أبوحاتم كما في العلل لابنه رقم 221 : الصحيح عن أبيه عن عمه رفاعة .
ونُقل عن بعض السلف أنه لايُشرع إلا تكبيرة الإحرام فقط ولا يكبر غيرها وهذا منقول عن سعيد بن جبير وعمر بن عبدالعزيز والحسن البصري وغيرهم .
واحتُج لهذا القول بما رواه أبو داود (3/47 مع عون المعبود) من طريق الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ الْعَسْقَلَانِي - عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ «صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ» .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مَعْنَاهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ لَمْ يُكَبِّرْ وَإِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ لَمْ يُكَبِّرْ» اهـ.
ابن أبزى :عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى كما في سنن البيهقي .
وهذا إسناد ضعيف الحسن بن عمران العسقلاني (لين الحديث ) . وعلى ثبوته فقد وجهه البيهقي في السنن (2/68)وقال : قَدْ يَكُونُ كَبَّرَ وَلَمْ يَسْمَعْ، وَقَدْ يَكُونُ تَرَكَ مَرَّةً لِيُبَيِّنَ الْجَوَازَ، وَاللهُ أَعْلَمُ " اهـ .
هذا وقد اعتنى الصحابة رضوان الله عليهم بنقل تكبيرات الانتقال . يقول والدي رحمه الله : الصحابة اهتموا بنقل تكبيرات الانتقال لأن بعض بني أمية حذف بعض تكبيرات الانتقال .اهـ
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (22/588) قَالَ إسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت: لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَا الَّذِي نَقَصُوا مِنْ التَّكْبِيرِ؟ قَالَ: إذَا انْحَطَّ إلَى السُّجُودِ مِنْ الرُّكُوعِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ.
وقال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام (2/ص210)قَدْ كَانَ وقع مِنْ بَعْضِ أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ تَرَكَهُ تَسَاهُلًا، وَلَكِنَّهُ اسْتَقَرَّ الْعَمَلُ مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى فِعْلِهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ اهـ المراد .
2-ظاهر حديث أبي هريرة أن التكبير يكون مقارنا للانتقال إلى الركن الآخر
لقوله (ﺛُﻢَّ ﻳُﻜَﺒِّﺮُ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﺮْﻛَﻊُ)هذا فيه المقارنة وهكذا مابعده.
والله تعالى أعلم.والله المستعان.