اتمنى أن لا أستيقظ الى ان يتحقق حلمي .

[ابو-علي]

عندما ألقى مارتن لوثر كنج خطابه الشهير أثناء مسيرة واشنطن للحرية والتي عبر من خلالها عن رغبته في رؤية مستقبل يتعايش فيه السود و البيض في حرية ومساواة اغتنم لوثر كنج المكان والزمان اللذان شهدا خطبته وارتجل عبارته الشهيرة عندي حلم i have a dream لضرب عصفورين بحجر واحد الأول ، استغلال الحشد الكبير الذي شهد خطبته بنصب نلكولن التذكاري فألهم بطريقته الحاضرين واستطاع ان يوصل رسالته والثاني علم كل الناس في امريكا وكل الأجيال القادمة ما أراد لوثر أن يحققه وقد نجح في ذلك .
ما اردت قوله أن لوثر كنج لم يكن خطابه إعتباطيا أو صدفة بل جعل له مصادر محترمة وموثوقة فأصبح اسلوبه يماثل الموعضة المستمدة من الكتاب المقدس لديهم واستطاع بدهائه وحنكته في معرفة مطالب الجيل الذي واكبه نقطة قوته في إيصال رسالته .كيف لا وهو رئيس إحدى المنظمات الطلابية المنضوية تحت حركة الحريات المدنية والتي استطاع من خلالها إظهار بلاغته وقوته في الاقناع من خلال الحجة والبرهان .
اليوم للأسف الشديد يشهد عالمنا العربي والاسلامي ما لا يعد ولا يحصى من المنظمات والجمعيات حتى أصبحت أبجديات اللغة العربية تحمل كل حرف منها اسم جمعية ومنظمة و اصبح كل منها يغني ليلاه ويناجي أحلامه الميتافيزقية ، الغريب أن برنامج الدعاية لهذه المنظمات والجمعيات مستمد من ثقافة الآخر دون تمحيص او غربلة وكأن العرب لم يتركوا إرثا أو موروثا نستمد منه ثقافتنا وتاريخنا المجيد لاستلهام العبر و إستثارة الهمم .
ما يحز في النفس ان الكثير من ذوي الثقافات الغربية والمتشبعين بكل ما هو آت من وراء البحار لا يعيرون أدنى قدر من الإحترام لثقافتنا وهويتنا الإسلامية الضاربة في أعماق التاريخ والتي كانت في يوم من الايام مصدر الهام لكل الشعوب المضطهدة والراسخة تحت نير العبودية والظلم وكل انواع الاستغلال البشع ، فأصبح التغني بأفكار مستوردة وحلول على المقاس هما السمة التي تميز ابداعات هؤلاء ودفاعهم عن آرائهم ومقترحاتهم .
كان الأجدر على مثل هؤلاء أن يستمدوا أفكارهم و آرائهم من ثقافتنا وهويتنا العربية والإسلامية التي تعتبر كنز كبير وغني بكل ما هو مناسب لكل المجالات سواء اكانت تربوية او إجتماعية او إقتصادية أو حتى سياسية فالعيب اننا تركنا موروثنا هذا للغير يغترفون منه كيفما شاءوا ودون اية عقدة أو خجل من الانتفاع بما يتوفر لدينا من هذا الارث العظيم .
الى وقت قريب كان الكثير من المستشرقين والعلماء الأوربيون يستمدون نتائج أبحاثهم ودراساتهم المختلفة من ثقافتنا ويعترفون في نفس الوقت بعظمة وجدية موروثنا الذي استغنينا عنه بقدرة من روجوا لعدم صلاحية سلعتنا وانها بائرة ولا تصلح لزماننا هذا وياله من إكتشاف عظيم !!!!!!! .
الأدهى والأمر ما يعيشه عالمنا العربي والاسلامي اليوم دون غيره من الأمم من تشرذم وتفكك وانفصال الجيل الحالي عن الذي سبقه وهي الطامة الكبرى للأسف نجح العلمانيون وأتباعهم من الترويج لأفكارهم الهادامة وخريفهم المظلم والمكسو بدماء الأبرياء و أشلاء الثكالا بين الأطلال التي بقيت شاهدة على همجية ممن تسببوا في كل ما نعيشه اليوم .
حلمي my dream هو ان أرى لوثر عربي يقف في ساحة الشهداء بالجزائر العاصمة أو ميدان التحرير في مصر أو شارع النصر بتونس أو ساحة الحرية ببنغازي أو ساحة التغيير باليمن او ساحة برج الساعة الكبيرة بحمص ويدعو لشق جبال اليأس بالتفاؤل لبلده والإيخاء بين افراد الأمة الواحدة وتحويل صوت الفتنة الى لحن جميل وسنفونية فيها من الابداع الجمالي ما يبهر العقول ، الدعوة الى الايمان بأننه سوف يعيش أطفالنا بين أمة واحدة لا تفرقة ونعرات فيها لا شمال ولا جنوب تتشابك فيه الأيادي وتتغنى بعرق واحد ودين واحد ووطن يشمل الجميع .
اتمنى ان لا ايستيقظ الى ان يتحقق حلمي وما هو ببعيد إن شاء الله . .. أخوكم أبو علي .