المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه - الصفحة 17 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-09-26, 15:42   رقم المشاركة : 241
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم مناداة ذوي البشرة السمراء بلقب"العبد".

السؤال :


ألاحظُ في مجتمعي العديدَ من العبارات التي تطلقُ على ذوي البشرة السمراء، فقد يقول قائلٌ في حديثه: "وقد قال لي ذاك العبدُ يومها" وحين تسألُه: ما معنى العبد؟

يقولُ بأنّهُ الإنسان ذو البشرةِ السمراء، وحين تسألُه عن سبب كونِهِ عبدًا يردُّ بأنّ الناس جميعًا عبادٌ لله، مع أنّ أغلبهُم لا يقصدون

هذا بل هي مُخلّفات أفكارٍ عنصريّة زُرعت بهم منذُ صِغرهم من الأهل أو المجتمع، فهل يجوزُ هذا الفعل؟

وإن لم يجُز فما الردُّ على فعلِهم؟ جزاكم اللهُ خيرًا.


الجواب
:

الحمد لله

أولا :

مناداة الشخص ذي البشرة السوداء بلقب "العبد" ؛ المقصود به هنا الشخص المملوك لغيره ؛ لأنه إلى قرون متأخرة كانت نسبة كبيرة من الأشخاص السود في المجتمع العربي مماليك لغيرهم .

فالحاصل ؛ أن المراد بالعبد - في عرف المجتمع الذي يستعمل فيه هذا اللقب - هو الشخص المملوك لغيره .

ولا شك أن هذا اللقب المراد به هنا : التعيير والاستنقاص .

فلهذا لا يجوز استعمالها في مخاطبة صاحب البشرة السوداء :

- لأن فيها كذبا ، حيث ناداه بصفة "العبد" ، الذي عهد مراد الناس به ، وهو ليس عبدا ، بل هو حر .

- لأن فيها تنابذا باللقب المذموم ، وقد قال الله تعالى : ( وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ) الحجرات/11

- لأن فيها ايذاءً وتعييراً لهؤلاء المسلمين ، وايذاء المسلم وتعييره محرم .

عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: ( يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ

فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ ) رواه الترمذي (2032) ، وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" .

وعَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، طَلَبَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ ) رواه الإمام أحمد في "المسند" (37 / 88) .

- في هذا اللقب احتقار لهؤلاء المسلمين ، واحتقار المسلم محرم .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ ) رواه مسلم (2564) .

- استعمال مثل هذه الألفاظ فيه فتح لباب العداوة والتباغض بين المسلمين .

قال الله تعالى :

( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ) الإسراء /53 .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال،

ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة، فإن الشيطان عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم، فعداوته ظاهرة بينة "

انتهى . "تفسير ابن كثير" (5 /86 - 87) .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

" وقوله: ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ ) أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم.

فدواء هذا، أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم، لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم، فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه "

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 460) .

ثانيا :

الواجب على المسلم الذي يسمع مثل هذه الألقاب في المجالس أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في النصح ، فينصح قائلها وينبهه لخطرها .

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ( حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا.

قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا ؛ كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً .

فَقَالَ: لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ البَحْرِ لَمُزِجَ ) رواه أبو داود (4875) . ورواه الترمذي (2502)، وقال : " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " ، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" .

وليتأمل هذا القائل ، المنتقص لأخيه ، قول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ .

وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ ، هَذِهِ .

فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ) .

رواه مسلم (1844) من حديث عبد الله بن عمرو ، رضي الله عنهما .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-09-26, 15:44   رقم المشاركة : 242
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم قول الإنسان: لولا الخوف من الله لجعلت حبك سادس أركان الإسلام

السؤال :

ما حكم قول لولا الخوف من الرب لجعلت حبك سادس أركان الإسلام ؟

الجواب :

الحمد لله

القول المذكور قول منكر، وبهتان عظيم .

وأركان الإسلام أعظم من أن يتدخل فيها العبد ، فيضيف إليها أو يزيد فيها ؛ فكيف إذا كان يزيد فيها أمرا محرما، أو مذموما، فإن هذا مناف للتعظيم، وهو إلى الاستهزاء أقرب.

وهذه المحبة إن كانت لرجل أو لأجنبية فهي من العشق المحرم، والتصريح به يدعو إلى الفتنة وزيادة الشر.

وإن كانت لزوجة فهي محبة مذمومة لما فيها من الغلو والإفراط.

وأين الخوف من الله في هذا، وقد قال ما قال!

فلو وجد الخوف من الله لمنعه من أن يقول ذلك، أو أن تصل محبة المخلوق في قلبه إلى هذه الدرجة، إن كان صادقا فيما يدعيه من المحبة.

قال شيخ الإٍسلام ابن تيمية رحمه الله: " إذا كان القلب محبا لله وحده مخلصا له الدين ، لم يبتل بحب غيره أصلا ، فضلا أن يبتلى بالعشق ، وحيث ابتُلي بالعشق ، فلنقص محبته لله وحده

ولهذا لما كان يوسف محبا لله مخلصا له الدين ، لم يُبتل بذلك ، بل قال تعالى : ( كَذَلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السُّوءَ وَالفَحشَاءَ إِنَّهُ مِن عِبَادِنَا المُخلَصِينَ ) .

وأما امرأة العزيز فكانت مشركة هي وقومها ، فلهذا ابتليت بالعشق " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/135).

وقال رحمه الله:

" الرجل اذا تعلق قلبه بامرأة ، ولو كانت مباحة له ، يبقى قلبه أسيرا لها ، تحكم فيه وتتصرف بما تريد ، وهو فى الظاهر سيدها ، لأنه زوجها ، وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها

لا سيما إذا دَرَت بفقره إليها ، وعشقه لها ، فإنها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور الذي لا يستطيع الخلاص منه

بل أعظم ، فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن ، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/185).

وقال ابن القيم رحمه الله:

"وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى ، المعرضة عنه المتعوضة بغيره عنه ؛ فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه

دفع ذلك عنه مرض عشق الصور ؛ ولهذا قال تعالى في حق يوسف : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) يوسف/24 .

فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق ، وما يترتب عليه من السوء والفحشاء ، التي هي ثمرته ونتيجته ؛ فصرف المسبب ، صرف لسببه ، ولهذا قال بعض السلف : العشق حركة قلب فارغ"

انتهى من "زاد المعاد" (4/ 246).

وليحذر العبد من فلتات اللسان، فإن الكلمة قد تهوي بصاحبها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب.

روى البخاري (6478) ، ومسلم (2988) عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ .

وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ).

وروى البخاري (6477) ، ومسلم (2988) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ)

وعند الترمذي (2319) ، وابن ماجه (3969) عن بِلَال بْن الحَارِثِ المُزَنِيَّ، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ

مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ : فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ .

وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-26, 15:52   رقم المشاركة : 243
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

استعمال المرأة التورية مع زوجها

ونظرها للرجال في الأسواق .


السؤال:

ما الدليل على جواز التورية ؟ وكيف نجمع بينها وبين أن الدين الاسلامي يأمرنا ويحثنا على الوضوح ، وعلى الشفافية مع الآخرين ، وألا نكون مخادعين مناورين لهم بحجة التورية

حتى لو لم تترتب عليها مفسدة ؟ ولكن ألا يعتبر ذلك مناورة وخداع ؟

وأريد أن أعرف كيف أميز الآن أن من يحدثني ، ويحلف لي بأنه صادق معي ، أو إنه يستخدم التورية ؟

كيف أثق في كلام الآخرين ؟

فحتى زوجتي أصبحت أشك في كلامها لي ، وفي كل ما حلفت عليه سابقا لي ، بأنه كله خداع ومناورة مستخدمة التورية ، فزوجتي كلما حدثتني في أمر بادرت إلى الحلف لأصدقها دون أن أطلب منها ذلك

وكنت أصدقها ، على الرغم أنه في بعض الأحيان كان الأمر واضحا لي بأنها غير صادقة ، ولكن كنت أسلم بصدقها ؛ لأني أعلم أنها تخاف من الله ، ولن تحلف كاذبة ، إلى أن حدثتني يوما عن التورية

وأن الانسان يستطيع أن يتحدث ، وأن يحلف دون أن يعتبر كاذبا ، وذلك باستخدام التورية ، ألا يحق للمتلقي وللمستمع أن يعرف الحقيقة من المتكلم ، ألا يحق للزوج أن تحدثه زوجته بصدق ، ووضوح ، وشفافية ؟

فمثلا : زوجتي كانت تكثر من النظر إلى الرجال إذا نزلنا إلى الأسواق ، والأماكن العامة ، وأنا أثق فيها ، وأثق بأن هذا النظر لا يتجاوز الفضول والنظر ، ولكنه مفسدة حتى لو كان نظرا فقط ، فناصحتها بلطف كثيرا

وأخبرتها بثقتي فيها ، وشرحت لها مفسده هذا الأمر ، وكنت أنزل معها إلى الأسواق ، وفي كل مكان عام ؛ لأنه عند نزولي معها كانت تخجل مني أن تنظر إلى الرجال ، دون أن أبين لها أن سبب نزولي معها هو نظرها للرجال

وبعد مناصحتي لها كانت كلما نظرت لرجل بادرت هي إلى الحلف بأنها لم تنظر إليه ، رغم وضوح ذلك ، حتى لمن تنظر إليهم ، ولكني بعد حلفها لي في كل مرة تنظر إلى الرجال أصدقها

وأسلم بما تقول ، وأصبحت أسمح لها أن تنزل لوحدها إلى الأسواق ، والأماكن العامة ، واكتشفت أن ذلك كان تورية
.

الجواب :


الحمد لله


أولا:

"التورية : وهي أن تطلق لفظا ظاهرا ( قريبا ) في معنى ، تريد به معنى آخر ( بعيدا ) يتناوله ذلك اللفظ ، لكنه خلاف ظاهره "

انتهى من الموسوعة الفقهية (12/247).

قال البخاري في صحيحه: "بَاب الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ . وَقَالَ إِسْحَاقُ : سَمِعْتُ أَنَسًا : مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ فَقَالَ : كَيْفَ الْغُلَامُ ؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : هَدَأَ نَفَسُهُ ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ ، وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ " انتهى.

وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم صنيع أم سليم ولم ينكر عليها.

فقد روى البخاري (5470) ، ومسلم (2144) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " كَانَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ : مَا فَعَلَ ابْنِي

قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ : وَارُوا الصَّبِيَّ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: ( أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ ؟ )

قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا) " .

قال النووي في " شرح مسلم" (14/ 124): " وفى هذا الحديث مناقب لأم سليم رضى الله عنها ، من عظيم صبرها وحسن رضاها بقضاء الله تعالى ، وجزالة عقلها في إخفائها موته على أبيه فى أول الليل ليبيت مستريحا بلا حزن

ثم عشته وتعشت ، ثم تصنعت له ، وعرضت له بإصابته فأصابها، وفيه استعمال المعاريض عند الحاجة لقولها : (هو أسكن مما كان) ، فإنه كلام صحيح ، مع أن المفهوم منه أنه قد هان مرضه وسهل وهو فى الحياة .

وشرط المعاريض المباحة : أن لا يضيع بها حق أحد . والله أعلم" انتهى.

وقال عمر: " أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب ؟ ".

وقال عمران بن حصين رضي الله عنه:

" إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب" رواهما البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح . "صحيح الأدب المفرد" (1/ 327، 337).

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى استعمال التورية لرفع الحرج :

روى أبو داود (940) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْصَرِفْ)

والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

قال الطيبي :

"أمر بالأخذ ليخيل أنه مرعوف ( والرعاف هو النزيف من الأنف ) ، وليس هذا من الكذب ، بل من المعاريض بالفعل ، ورُخِّص له في ذلك لئلا يسوِّل له الشيطان عدم المضي استحياء من الناس "

انتهى من " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 3 / 18 ).

والحاصل :

أن التورية مشروعة عند الحاجة ، وقد استعملها الأئمة.

قال ابن قدامة رحمه الله: " روي أن مَهَنّا كان عنده [أي عند الإمام أحمد]، هو والمروذي وجماعة ، فجاء رجل يطلب المروذي ، ولم يرد المروذي أن يكلمه ، فوضع مهنا أصبعه في كفه

وقال : ليس المروذي هاهنا ، وما يصنع المروذي هاهنا ؟ يريد : ليس هو في كفه ، ولم ينكر ذلك أبو عبد الله "

انتهى من "المغني" (9/ 420).

وقد ذكرنا أمثلة لذلك من فعل الأئمة في جواب السؤال رقم : (27261) وذكرنا فيه أنه ينبغي للمسلم ألا يستعمل التورية إلا في حالات الحرج البالغ ، وذلك لأمور ، منها :

1-أن الإكثار منها يؤدي إلى الوقوع في الكذب .

2-فقدان الإخوان الثقة بكلام بعضهم بعضاً ، لأن الواحد منهم سيشك في كلام أخيه هل هو على ظاهره أم لا ؟

3-أن المستمع إذا اطلع على حقيقة الأمر المخالف لظاهر كلام الموري ، ولم يدرك تورية المتكلم ، كان الموري عنده كذاباً ، وهذا مخالف لاستبراء العرض المأمور به شرعاً .

4-أنه سبيل لدخول العجب في نفس صاحب التورية ، لإحساسه بقدرته على استغفال الآخرين .

وقد أخطأت زوجتك باستعمال التورية على نحو ما ذكرت ، مما أدى إلى فقدان ثقتك بكلامها.

ولاشك أن الحياة الزوجية لا تستقيم مع الإكثار من التورية ؛ لأن مبنى هذه الحياة على الثقة المتبادلة بين الزوجين واطمئنان كل منهما للآخر.

وقد ذهب بعض العلماء إلى تحريم التعريض لغير حاجة أو مصلحة ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

انظر "الاختيارات" ص 563 .

فنصيحتنا أن تبين لزوجتك هذا، وأنك لا تطمئن إليها إن استعملت التورية ، ولا ترضى بذلك.

ثانيا:

المرأة مأمورة بغض البصر عن الرجال، كما قال تعالى: ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) النور/31، ولكن نظرها للرجال ليس كنظر الرجل للنساء عند الجمهور

لأن الأصل في نظرها الحل ، والأصل في نظره الحرمة، لكن لا يعني هذا أن تنظر للغادي والرائح، بل ينبغي أن يقتصر نظرها على الحاجة عند أمن الفتنة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( نظر المرأة للرجل لا يخلو من حالين ، سواء كان في التلفزيون أو غيره :

نظر بشهوة وتمتع ، فهذا محرم لما فيه من المفسدة والفتنة.

نظرة مجردة لا شهوة فيها ولا تمتع ، فهذه لا شيء فيها ، على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وهي جائزة ، لما ثبت في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم

يسترها عنهم، وأقرها على ذلك. ولأن النساء يمشين في الأسواق وينظرن إلى الرجال وإن كن متحجبات. فالمرأة تنظر الرجل وإن كان هو لا ينظرها ،

ولكن بشرط ألا تكون هناك شهوة وفتنة. فإن كانت شهوة أو فتنة فالنظرة محرمة في التلفزيون وغيره)

نقلا عن " فتاوى علماء البلد الحرام " ص 482

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تحريم نظرها للرجال، فلا أقل من الاحتياط، وغض البصر إلا للحاجة.

ففي " الموسوعة الفقهية " (40/ 357):

" القول الثالث : أن حكم نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي كحكم نظره إليها ، فلا يحل أن ترى منه إلا ما يحل له أن يرى منها ، وهذا هو قول للشافعية في مقابل الأصح ، ورواية عن أحمد

قدمها في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير ، وقطع بها ابن البنا واختاره ابن عقيل ، لكن النووي جعله هو الأصح من مذهب الشافعية ، تبعا لجماعة من الأصحاب وما قطع به صاحب المهذب .

وقد تقدم أن القول الصحيح الذي عليه الفتوى عند الشافعية : أن الرجل لا يحل له أن ينظر من المرأة الأجنبية الشابة إلى أي شيء من بدنها ، وأن مقابله جواز نظره إلى الوجه والكفين مع الكراهة .

وبناء على القول الصحيح في حكم نظر الرجل إلى المرأة ، يكون مقتضى هذا القول في حكم نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي : هو التحريم مطلقا

لكن قال الجلال البلقيني : هذا لم يقل به أحد من الأصحاب ، واتفقت الأوجه على جواز نظرها إلى وجه الرجل وكفيه عند الأمن من الفتنة " انتهى.

وينبغي إحسان الظن بالمسلم والمسلمة ، لا سيما بين الزوجين ، كما ينبغي عدم التدقيق والتفتيش، في هذا فإنه مدعاة للشك والوسوسة وفساد ذات البين.

ثالثا:

الإكثار من الحلف مذموم ؛ لقوله تعالى: (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) المائدة/89، ولا سيما إذا صاحب التورية ، فقد يقود ذلك إلى الكذب، والكذب في اليمين من كبائر الذنوب؛ لما روى البخاري (6675)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ).

والعبرة بنية الحالف إلا إن حلفه من له ولاية التحليف كالقاضي والمحكَّم.

قال في "مغني المحتاج" (4/ 475)

: " ( وتعتبر ) في الحلف ( نية القاضي المستحلف ) للخصم سواء أكان موافقا للقاضي في مذهبه أم لا لحديث : (اليمين على نية المستحلِف) رواه مسلم وحمل على الحاكم ، لأنه الذي له ولاية الاستحلاف .

والمعنى فيه : أنه لو اعتبرت نية الحالف لبطلت فائدة الأيمان ، وضاعت الحقوق ، إذ كل أحد يحلف على ما يقصد..
.
تنبيه كان الأولى للمصنف أن يقول : من له ولاية التحليف بدل القاضي ، ليشمل الإمام الأعظم والمحكم ، أو غيرهما ممن يصح أداء الشهادة عنده...

أما إذا حلّفه الغريم أو غيره ممن ليس له ولاية التحليف ، أو حلفه من له ذلك بغير طلبه ، فالعبرة بنية الحالف. وكذا لو حلف هو بنفسه ابتداء ، كما قاله في زيادة الروضة " انتهى.

نسأل الله أن يصلح حالكما وأحوال المسلمين.

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-29, 17:27   رقم المشاركة : 244
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يجوز قول " الحياة ليست عادلة " ؟

السؤال :

ما حكم قول عبارة : ( الحياة ليست عادلة ) ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

قول القائل : ( الحياة ليست عادلة ) : هو من سب الدهر المحرم ، فإن ( الحياة ) هي ( الدهر ).

والحياة ، والدهر ، والأيام : كلها ظروف زمان ، لما يقدره الله فيها من مقادير العباد ، وما يجري عليهم من الحوادث والبلايا .

وليس لـ"الدهر" ولا لـ"الحياة" دخل ، ولا تأثير في تدبير شيء من ذلك ، ولا تصريفه ، وإنما هي مجرد ظرف لما يودعه الله ، ويخلقه فيها من أمور عباده .

ولهذا كان التسخط على "الدهر" و"الحياة" ، أو اتهمامها بالجور والظلم .. : تسخطا على خالق الخلق ، ومدبر الأمر ، وهو رب العالمين ، جل جلاله .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: " يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَقُولُ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا "

رواه البخاري (6181) ومسلم (2246) واللفظ له .

ثانيا :

من وجوه المنع من هذه العبارة أيضا : ما يظهر منها من التسخط وعدم الرضا بأقدار الله جل جلاله .

عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ )

. رواه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وإنما الروح والراحة في أن يرضى العبد بتدبير الله ، وتصريفه أمر كونه ، وتسليمه له في ربوبيته ، سبحانه .

روى مسلم في صحيحه (34) عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-29, 17:31   رقم المشاركة : 245
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تلفظ بكلمة " يلعن دين" دون أن يكمل ، والفرق بين حبوط العمل ، وحبوط ثواب

السؤال:


ما حكم شخص تلفظ في لحظة غضب بكلمة " يلعن دين " دون أن يكمل ؟

وما الفرق بين حبوط العمل ، وحبوط ثواب العمل ، فلقد قرأت أن المرتد إذا تاب بقي له عمله ، مع ذهاب ثواب العمل !؟


الجواب:

الحمد لله

أولا :

سب الدين ردة عن الإسلام ، وكفر بالله العظيم .

ومن قال في حال الغضب :

" يلعن دين " دون أن يكمل ، فليس في حكم ساب الدين ولاعنه ، فيستغفر الله ولا شيء عليه ، ويكظم غضبه بعد ذلك ، لئلا يقع في الهلكة .

ثانيا :

الفرق بين حبوط العمل وحبوط ثواب العمل : أن حبوط العمل

أي : بطلانه ، ويلزم منه حبوط الثواب ، أما حبوط الثواب فهو ألا يكون للإنسان ثواب من عمله ، ولا يلزم من ذلك أن يكون العمل باطلا

فقد يكون العمل صحيحا ولا ثواب عليه عقوبةً على معصية ارتكبها الإنسان .

قال الخطيب الشربيني رحمه الله :

" لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ ثَوَابِ الْعَمَلِ سُقُوطُ الْعَمَلِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ صَحِيحَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْقَضَاءِ، مَعَ كَوْنِهَا لَا ثَوَابَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ " .

انتهى من "مغني المحتاج" (5/ 427)

فقد يعمل العبد عملا هو في ذاته صحيح ، ولكن لا ثواب له فيه ، ولذلك تبرأ ذمته بالعمل ، ولا يؤمر بإعادته .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" روى مسلم في صحيحه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) والمراد بهذا عند جميع أهل العلم: نفي الثواب

لا نفي الصحة ، ولهذا لا يؤمر شارب الخمر والآبق، ومن أتى عرافا فسأله عن شيء بإعادة الصلاة "

انتهى م " فتاوى اللجنة الدائمة " (5/ 144) .

فمن أتى عرافا وصلى برئت ذمته فلا يحبط عمله ، ولكن لا ثواب له أربعين ليلة، فيحبط ثواب عمله .

وروى ابن ماجة (4002) عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ) .

وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجة " .

قال المناوي رحمه الله :

" لأنها لا تثاب على الصلاة ما دامت متطيبة ، لكنها صحيحة مغنية عن القضاء مسقطة للفرض ، فعبر عن نفي الثواب بنفي القبول إرعابا وزجرا "

انتهى من " فيض القدير" (3/ 155)

وقال في" مرعاة المفاتيح "(4/ 56):

" القبول أخص من الإجزاء ، أي فلا يلزم من عدمه عدم الإجزاء ، وهو كونه سبباً لسقوط التكليف، والقبول كونه سبباً للثواب " انتهى .

وقال السفيري رحمه الله في " شرح البخاري " (2/ 254):

" القبول يطلق شرعاً ويراد به حصول الثواب ، ولا يلزم من نفيه نفي الصحة ، بل نفي الثواب مع حصول الصحة ، بدليل صحة صلاة العبد الآبق

وصلاة شارب الخمر إذا لم يسكر ، ما دام في جسده شيء منها، والصلاة في الدار المغصوبة عند الشافعية ، فلا ثواب لواحد منهم.

ويطلق ويراد به وقوع الفعل صحيحاً، وحينئذ يلزم من نفيه نفي الصحة " انتهى .

ثالثا :

المرتد إذا تاب ، لم يحبط سابق عمله الصالح حال إسلامه .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" من ارتد عن الإسلام ثم عاد إليه لا يحبط ما سبق أن عمله أيام إسلامه من الأعمال الصالحات؛

لقوله تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) فاشترط سبحانه في إحباط الأعمال موت صاحبها على الكفر "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (2/ 201) .

أما القول بأنه يبقى عمله ، ويذهب ثوابه : فقول غير صحيح .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-29, 17:49   رقم المشاركة : 246
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم سب الدين للجمادات !

السؤال:

هل يجوز للمسلم أن يستعمل الألفاظ القبيحة المعنى في كلامه علي سبيل المزاح ، حيث إن لي بعض الإخوة ، حافظين لكتاب الله ويؤمون الناس في الصلاة

وفي الفترة الأخيرة يستخدمون الألفاظ السيئة في حديثهم ، ويقولون إنهم يستغفرون كل يوم ! وماحكم سب الدين للجماد ؟

لأن أحدهم قد سب الدين يوما أمامي لهاتفه ، فقلت له : إن سب الدين كفر ، قال : الهاتف ليس له دين ؟


الجواب:

الحمد لله

أولا :

الفحش في القول والوقاحة في الكلام مما يبغضه الله تعالى ويمقت عليه ، قال تعالى : ( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ) النساء/ 148 .

وهو من صفات المنافقين والفاسقين ، ومن أسباب دخول النار يوم القيامة ، مع ما يعرف به صاحبه في الدنيا من الوصف الذميم بين الناس .

فالواجب على المسلم أن يحفظ لسانه من فحش القول وسيء المنطق ، ولو كان مازحا ، فإن آفات اللسان من أعظم ما يبتلى المرء به في دينه وخلقه

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟ ) رواه الترمذي (2616) ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

قال المناوي رحمه الله :

" فمن أطلق عَذَبَة لسانه مُرْخَى العِنان ، سلك به الشيطان في كل ميدان ، وساقه إلى شفا جرف هار، إلى أن يضطره إلى البوار، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ؟

ولا ينجي من شر اللسان إلا أن يلجم بلجام الشرع "

انتهى من "فيض القدير" (2/ 79) .

وراجع إجابة السؤال رقم : (22170) لمعرفة شروط وآداب المزاح الشرعي .

ويتأكد النهي عن هذه الأخلاق الذميمة في حق من يجب أن يكونوا أهل قدوة للناس في حسن خلقهم وعفة لسانهم ، كأهل القرآن الحافظين له

وكأئمة المساجد الذين يصلون بالناس ، فهؤلاء وأمثالهم يجب أن يكونوا من أبعد الناس عن فحش القول وقبيحه .

واعتياد هذه الأخلاق السيئة ، ثم الاعتذار عنها بالاستغفار منها مع التمادي فيها ، من الغفلة وعدم العلم بالله والجهل بأسمائه وصفاته سبحانه

ثم هو إصرار على فعل الذنب من غير توبة صحيحة منه ، والإصرار على الصغيرة مهلكة ، فكيف إذا كان على فاحش القول ، وعادة السوء في اللسان .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" نص العلماء على أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة , لما في ذلك من الدلالة على أن صاحبها لم يقم في قلبه من تعظيم الله ما يوجب انكفافه عنها ".

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (15/ 138) .

ثانيا :

سب الدين للجمادات من فاحش القول ، وبذيء اللفظ ، وهو من عادة السوء في السب والفحش .

ويخشى على صاحبه أن يقع به إثم سب الدين ، لا سيما إذا عود لسانه ذلك الفحش ، فإنه يوشك أن ينتقل به إلى سب دين الله صراحة ، جهارا ، كما عهد من حال من اعتاد مثل ذلك .

وليُعلم أن كل شيء يسبح بحمد ربه ، حتى الجمادات ، قال تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) الإسراء/ 44 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَهَذَا عَامٌّ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ ، وَهَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ .

وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) قَالَ: " الْأُسْطُوَانَةُ تُسَبِّحُ ، وَالشَّجَرَةُ تُسَبِّحُ " والْأُسْطُوَانَةُ: السَّارِيَةُ.

وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ صَرِيرَ الْبَابِ تَسْبِيحُهُ ، وَخَرِيرَ الْمَاءِ تَسْبِيحُهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) .
وَقَالَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الطَّعَامُ يُسَبِّحُ.

وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ آيَةُ السَّجْدَةِ أَوَّلَ سُورَةِ الْحَجِّ ".

انتهى من "تفسير ابن كثير" (5/ 79-80) .

وروى الدارمي (18) ، وابن حبان في "الثقات" (4/223) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ شَيْءٌ إِلا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، إِلا عَاصِي الْجِنِّ وَالإِنْسِ ) وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1718) .

سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :

رجل يكتب على ورقة ، وفي أثناء الكتابة أخطأ في بعض الكلمات ، فانزعج كثيراً من ذلك ومن شدة غضبه سبَّ دين وسماء القلم والورقة ،

فهل يعتبر سِباب دين القلم أو الورقة أو الحجر أو الشجر أو الكرسي أو الكأس أو....إلخ من هذه الأشياء، هل يعتبر كفراً؟

فأجاب :

" لا شك أن هذا السب حرام ، ولو قيل إِن القلم والورقة لا يدينان بالدين الذي هو العبادات ؛ لكن معلوم أن الدين واحد، وأن الله تعالى هو الذي سخر هذه الأقلام والأدوات

ويسر استعمالها، فيخاف أن السب يرجع إلى الله تعالى، فعليه التوبة والاستغفار، وعدم العودة إلى مثل هذا " انتهى .
والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-29, 17:52   رقم المشاركة : 247
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكذب مراعاةً لمشاعر الآخرين من الكذب المحرم

السؤال:

نعلم جميعاً الثلاث حالات التي يجوز فيها الكذب . والسؤال هو : هل الكذب من أجل تحاشي جرح مشاعر شخص ما يندرج تحت إحدى هذه الحالات ؟

فعلى سبيل المثال : لو أن أخي أراد أن يتحاشى اللقاء بشخص ما لأسباب متعددة ، لكن هذا الشخص أصر على لقائه أو زيارته في البيت

فقال أخي : إنه مشغول ولا يمكن أن يقابله ( مع أنه غير مشغول في الحقيقة ) .

وما قال ذلك إلا حرصاً منه على عدم جرح مشاعر ذلك الشخص ، فهل يعد هذا كذباً ؟


الجواب
:

الحمد لله


أولا :

الكذب كله مذموم ، وهو من صفات المنافقين ، فإنه يدعو إلى الفجور ، والفجور يدعو إلى النار ، إلا أنه إذا تعلقت به مصلحة راجحة جاز للمصلحة ، وربما وجب.

فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً : فالكذب فيه حرام .

وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق : فالكذب فيه مباح إن كان تحصيل ذلك القصد مباحاً ، وواجب إن كان واجباً .
ثانيا :

يغني عن الكذب استعمال المعاريض والتورية ، وهي : الكلام المحتمل لمعنيين ، معنى يفهمه السامع ، ومعنى آخر يريده المتكلم .

فإذا أمكن تحصيل المصلحة أو دفع المفسدة بالمعاريض تعيّن ذلك ، ولم يجز الكذب .

وإذا لم يمكن : فإن المعاريض والتورية مخرج شرعي مقبول ، عند الحاجة إليه :

جاء في "الموسوعة الفقهية" (34/ 211-212) :

" نُقِل عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ : أَنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ ، قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَا فِي الْمَعَارِيضِ مَا يَكْفِي الرَّجُل عَنِ الْكَذِبِ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَغَيْرِهِ

وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِذَلِكَ إِذَا اضْطُرَّ الإْنْسَانُ إِلَى الْكَذِب ِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ وَضَرُورَةٌ فَلاَ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ وَلاَ التَّصْرِيحُ جَمِيعًا ، وَلَكِنَّ التَّعْرِيضَ أَهْوَنُ .

وكَانَ النَّخَعِيُّ لاَ يَقُول لاِبْنَتِهِ : أَشْتَرِي لَكِ سُكَّرًا ، بَل يَقُول : أَرَأَيْتِ لَوِ اشْتَرَيْتُ لَكِ سُكَّرًا ؟ فَإِنَّهُ رُبَّمَا لاَ يَتَّفِقُ لَهُ ذَلِكَ ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا طَلَبَهُ مَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الدَّارِ قَال لِلْجَارِيَةِ :

قَوْلِي لَهُ : اطْلُبْهُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَلاَ تَقُولِ ي: لَيْسَ هُنَا كَيْ لاَ يَكُونَ كَذِبًا .

وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَاجَةِ فَلاَ ؛ لأِنَّ هَذَا تَفْهِيمٌ لِلْكَذِبِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّفْظُ كَذِبًا ؛ فَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْجُمْلَةِ ، كَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ قَا

ل : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، فَخَرَجْتُ وَعَلَيَّ ثَوْبٌ ، فَجَعَل النَّاسُ يَقُولُونَ : هَذَا كَسَاكَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَكُنْتُ أَقُول : جَزَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَيْرًا

فَقَال لِي أَبِي : " يَا بُنَيَّ اتَّقِ الْكَذِبَ وَمَا أَشْبَهَهُ " فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لأِنَّ فِيهِ تَقْرِيرًا لَهُمْ عَلَى ظَنٍّ كَاذِبٍ ، لأِجْل غَرَضِ الْمُفَاخَرَةِ ، وَهَذَا غَرَضٌ بَاطِلٌ لاَ فَائِدَةَ فِيهِ .

وَتُبَاحُ الْمَعَارِيضُ لِغَرَضٍ خَفِيفٍ كَتَطْيِيبِ قَلْبِ الْغَيْرِ بِالْمُزَاحِ " . انتهى ملخصا .

راجع إجابة السؤال رقم : (27261) .

والحاصل : أن تطييب القلب ، وجبر الخاطر ، وإزالة الوحشة من النفوس : غرض صالح ، مشروع في الجملة ، إن احتاج المتكلم لأجله أن يستعمل شيئا من التورية والمعاريض : جاز له

على أن يقصد بكلامه غرضا صريحا ، يحتمله الكلام ، حتى لا يقع في الكذب الصريح .

واعتذار الشخص بأنه مشغول : هو أمر مقبول في الجملة ، بشرط أن يقصد له شغلا خاصا به ، فكل إنسان لا ينفك من شغل في حياته

ولو كان مشغولا براحته ونومه ، أو مصلحة أهله ، أو صلاة ، أو ذكر ، أو تلاوة قرآن ، أو نحو ذلك من أشغال الناس بأمر الدنيا أو الآخرة .

فعذر الشغل باب واسع ، يمكنه أن يدخل فيه ما يطرأ له من الأشغال ، أيا كان نوعها ، وهو أمر نافع لصاحبه عند الاعتذار عن مثل ذلك .

وقد سَأَلَ رَجُلٌ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ وَهُوَ فِي دَارِ الإمام أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، فَكَرِهَ الْخُرُوجَ إلَيْهِ ، فَوَضَعَ أَحْمَدُ إصْبَعَهُ فِي كَفِّهِ ، فَقَالَ : لَيْسَ الْمَرْوَزِيِّ هَاهُنَا ، وَمَا يَصْنَعُ الْمَرْوَزِيِّ هَاهُنَا ؟

انتهى من "إعلام الموقعين" (3/ 151).

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-29, 18:00   رقم المشاركة : 248
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ما الحكم فيمن : يتلفظ بألفاظ كفرية والعياذ بالله مع تغيير بعض الألفاظ ؟

السؤال:


سؤالي عن بعض الضالين ببلدي : إنهم يتلاعبون بألفاظ في الكفر - والعياذ بالله - ، ويقولون : بأنه ليس كفرا ، ومثال على ذلك يلعن رئك أو يلعن الص أو يلعن رفك وهو تغير أحرف فقط فهل أنا محق بزجرهم أم لا ؟

واستغفر الله العلي القدير على كل شيء .


الجواب :

الحمد لله

لا شك أنك محقٌ في زجرهم ؛ لأنهم قاربوا الكفر بلفظهم ، وتغييرهم للحرف لا يزيل عنهم المحذور العظيم في اقترابهم من لفظ الكفر .

والدين له حِمَىً لا بد من حمايته ، والحذر من الوقوع فيه .

وهذا المقاربة اللفظية فيها انتهاكٌ لهذا الحِمَى ، وما بين المتكلم وبين الكفر إلا هذا الحرف الذي غيَّره

وقد قال الله تعالى محذرا : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ) سورة آل عمران/167.

فالاقتراب من الكفر درجات ، ولا يجوز للمسلم أن يقترب من أيِّ درجةٍ منه ، بل الواجب البعد التام عن هذه المقاربة .
ثم إنَّ مقاربة الكفر بهذه الألفاظ تُهَوِّنه في نفوس السامعين

وربما ظنَّ بعضهم الحرفَ المغيَّر على صفته ، ولم ينتبه للتغيير .

وكذلك فإن تغيير هذا الحرف لا يلغي أثر الكلمة عند السامع ، فإن هذه اللفظة المغيَّرة تعدُّ رمزاً أو إشارةً إلى الكفر ، فكأن السامع يقول : عرفت قصدك وإشارتك .

والواجب على المسلم أن يحفظ لسانه ، فرُبَّ كلمة يتكلم بها الإنسان ، وهو لا يظن أن لها شأناً ، تكون سبب هلاكه وعذابه ، والعياذ بالله .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ) رواه البخاري (6477) ، ومسلم (2988).

وفي رواية الترمذي (2314) : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وعن بلال المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ

فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) رواه الترمذي (2319) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

ثم إن اللعن بحد ذاته كبيرة ، فكيف وقد انضم له ما يوهم الكفر ويقاربه .

وهذه المرجلة المزعومة عند بعض العامة - التي لا تحصل عندهم إلا بمثل هذا اللعن والشتم - : مرجلةٌ زائفةٌ وباطلة ، ولو كانوا رجالا حقيقةً لأثبتوا رجولتهم بغير هذا من الكلام الصادق الصحيح الذي يلتزمون به.

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-30, 12:03   رقم المشاركة : 249
معلومات العضو
نهال 12
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لكم وجزيتم خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 16:59   رقم المشاركة : 250
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهال 12 مشاهدة المشاركة
شكرا لكم وجزيتم خيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيكِ

ودزاطِ الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 17:02   رقم المشاركة : 251
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يجوز الكذب لاخفاء الذنب ؟

السؤال

هل يجوز الكذب لإخفاء الذنب فعلى سبيل المثال لو ارتكب شخص ما إثما في السر وسأله سائل عنه هل يجوز له الكذب في تلك الحالة إخفاء للذنب ؟

وهل هذا النوع من الكذب من الصور الجائزة في الكذب ؟


الجواب :


الحمد لله

تواترت النصوص الشرعية في النهي عن الكذب وبيان سوء عاقبته في الدنيا والآخرة ، وكونه يهدي إلى الفجور ، وكونه من صفات المنافقين .

وصح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : " لا يصلح شيء من الكذب في جد ، ولا هزل "

انتهى من " المطالب العالية " (7/493) .

وروى البخاري في " الأدب المفرد " (857) عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : " إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب " ، وصححه الألباني في " صحيح الأدب المفرد " .

يعني أنَّ في التعريض بالقول من الاتَّساع ما يُغني الرجلَ عن تَعمُّد الكذب .

ومن أذنب ذنبا وستره الله عليه ، لم يجز له التحدث به وكشف ستر الله ؛ لما رواه البخاري (6069) ، ومسلم (2990) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ

: ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا . وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) .

والمجاهر هو الذي أظهر معصيته ، وكشف ما ستر الله عليه .

وإنما الواجب أن يتستر المذنب بستر الله السابغ على عباده ؛ فإن من ستره الله في الدنيا ولم يفضحه ، ستره في الآخرة .

لكن ذلك لا يعني ترك الاستغفار والتوبة من الذنب ، بل عليه المبادرة بالتوبة والرجوع إلى الله ، وهو مع ذلك يستر على نفسه ، ولا يكشف حاله .

فمن ارتكب إثما فيما بينه وبين الله فليبادر بالتوبة ، وليستر على نفسه ، ولا يتحدث به ، وإذا سأله سائل عنه فلا يذكر له وقوعه فيه ، كما أن عليه أن لا يكذب

فإن أُحيط به وَرّى ، واستخدم المعاريض ، كأن يقول : وهل تُصدق أني أفعل مثل هذا ؟ يوهم أنه لم يفعله .

أو يقول : إنما يفعل هذا الجهال ، يقصد أنه كان جاهلا وقت فعله ثم تاب منه ، ونحو ذلك .

وله أن يتأول في الكلام ، كأن يقول : لم أفعله ، ويقصد لم يفعله اليوم ، ونحو ذلك .

وباب المعاريض واسع جدا ، ولا بأس من استعمال المعاريض والتأويل عند الحاجة إليها ؛ خشية الوقوع في الكذب .

وللفائدة ينظر جواب السؤالين القادمين.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 17:11   رقم المشاركة : 252
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إذا سألها زوجها عن ماضيها فهل لها أن تحلف كذباً أو تورية

السؤال


أريد أن أسأل إذا كان لإحدى الفتيات ماض من الخوض في المعاصي ثم تابت ورجعت إلى الله عز وجل وجاءها من يتقدم لخطبتها بعد أن التزمت فهل تخبره عن هذا الماضي؟

ولو سألها هو فهل تكذب ؟

وإن كان عليها أن تكذب فهل يجوز أن تحلف كذبا إذا اضطرت لهذا؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

من ابتلي بشيء من المعاصي ثم تاب ، تاب الله عليه ، وبدل سيئاته حسنات ، مهما كان ذنبه ، ومهما عظم جرمه

كما قال سبحانه : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68– 70

والمهم أن تكون التوبة صادقة نصوحا خالصة لله تعالى .

ثانيا :

من إحسان الله تعالى على عبده أن يستره ، ولا يكشف أمره ، ولهذا كان من القبيح أن يفضح الإنسان نفسه وقد ستره الله

بل أن ينبغي أن يستتر بستر الله تعالى ، والنصوص الشرعية مؤكدة لذلك ، حاثة عليه في غير ما موضع . فمن ذلك :

قوله صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل ) والحديث رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (663)

وروى مسلم (2590) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).

وهذا من البشارة للتائب الذي ستره الله تعالى في الدنيا ، أن الله سيستره في الآخرة ، وقد حلف النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى تأكيدا له

فقد روى أحمد (23968) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثَلَاثٌ أَحْلِفُ عَلَيْهِنَّ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فَأَسْهُمُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ

وَلَا يَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُمْ وَالرَّابِعَةُ لَوْ حَلَفْتُ عَلَيْهَا رَجَوْتُ أَنْ لَا آثَمَ لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم (1387)

وقال صلى الله عليه وسلم: ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ )

رواه البخاري (6069) ومسلم (2990).

وبهذا يُعلم أن المرأة لا تخبر خاطبها أو زوجها بشيء من معاصيها ، ولو سألها فإنها لا تخبره ، وتستعمل المعاريض والتورية ، وهي الكلام الذي يفهم منه السامع معنى

خلاف ما يريد المتكلم ، كأن تقول : لم يكن لي علاقة بأحد ، وتقصد لم يكن لي علاقة بأحد قبل يوم أو يومين ، ونحو هذا .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في التعليق على قصة ماعز رضي الله عنه :

" ويؤخذ من قضيته : أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحد كما أشار به أبو بكر وعمر على ماعز . وأن مَن اطلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا

ولا يفضحه ، ولا يرفعه إلى الإمام كما قال صلى الله عليه وسلم في هذه القصة " لو سترته بثوبك لكان خيراً لك " ، وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه

فقال : أُحبُّ لمَن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب واحتج بقصة ماعز مع أبي بكر وعمر .

وفيه : أنه يستحب لمن وقع في معصية وندم أن يبادر إلى التوبة منها ، ولا يخبر بها أحداً ويستتر بستر الله

وإن اتفق أنه أخبر أحداً : فيستحب أن يأمره بالتوبة وستر ذلك عن الناس كما جرى لماعز مع أبي بكر ثم عمر "

انتهى من "فتح الباري" (12/124).

ثالثا :

ينبغي للزوج أن يختار صاحبة الدين والخلق ، فإذا وُفق لذلك فلا يفتِّش في ماضيها ، ولا يسألها عن معاصيها ، فإن ذلك مخالف لما يحبه الله تعالى من الستر ، مع ما فيه من إثارة الشك

وتكدير الخاطر ، وتشويش البال ، والإنسان في غنى عن ذلك كله ، فحسبه أن يرى زوجته مستقيمة على طاعة الله ، ملتزمة بأمره . وهكذا الزوجة لا تسأل زوجها عن أموره الماضية

هل أحب غيرها ، أو تعلق بسواها ، أو زل في معصية ، فإن هذا لا خير فيه ، ويفتح بابا من الشر قد لا يمكن تلافيه ، وهو مخالف لمراد الشارع كما سبق .

رابعا :

إذا ألح الزوج في سؤال زوجته ، أو بلغه كلام أراد التحقق منه ، ولم تجد وسيلة لستر نفسها إلا أن تحلف له ، فيجوز لها أن تحلف وأن تُورّي في حلفها كما سبق

فتقول : والله ما كان شيء من ذلك ، أو لم أفعل ذلك ، وتقصد : لم أفعله بالأمس مثلا .

وقد فصّل أهل العلم في مسألة الحلف وما يجوز فيه من التأويل والتورية ، وما لا يجوز ، وحاصل كلامهم أن الإنسان ليس له أن يوري في حلفه عند القاضي

إلا إذا كان مظلوما . أما عند غير القاضي ، فله التورية إن كان مظلوما – لا ظالما -، أو يخاف أن يترتب على صدقه مضرة له أو لغيره ، أو كان هناك مصلحة في توريته .

قال ابن قدامة رحمه الله

: " مسألة : قال : وإذا حلف , فتأول في يمينه , فله تأويله إذا كان مظلوما .

ومعنى التأويل : أن يقصد بكلامه محتَمَلا يخالف ظاهره , نحو أن يحلف : إنه أخي , يقصد أخوة الإسلام , أو المشابهة , أو يعني بالسقف والبناء السماء ...

أو يقول : والله ما أكلت من هذا شيئا , ولا أخذت منه . يعني : الباقي بعد أخذه وأكله .

فهذا وأشباهه مما يسبق إلى فهم السامع خلافه , إذا عناه بيمينه , فهو تأويل ; لأنه خلاف الظاهر .

ولا يخلو حال الحالف المتأول , من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يكون مظلوما , مثل من يستحلفه ظالم على شيء , لو صدَقه لظلمه , أو ظلم غيره , أو نال مسلما منه ضرر . فهذا له تأويله .

وقد روى أبو داود , بإسناده عن سويد بن حنظلة , قال : خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر , فأخذه عدو له , فتحرج القوم أن يحلفوا , فحلفت أنه أخي , فخلى سبيله ,

فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : ( أنت أبرُّهم وأصدقُهم , المسلم أخو المسلم ) صححه الألباني في صحيح أبي داود

وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ) [ضعيف ، وصح موقوفا عن عمر. ينظر : صحيح الأدب المفرد 857] . يعني سعة المعاريض التي يوهم بها السامع غيرَ ما عناه .

قال محمد بن سيرين : الكلام أوسع من أن يكذب ظريف يعني لا يحتاج أن يكذب ; لكثرة المعاريض , وخص الظريف بذلك ; يعني به الكيس الفطن , فإنه يفطن للتأويل , فلا حاجة به إلى الكذب .

الحال الثاني : أن يكون الحالف ظالما , كالذي يستحلفه الحاكم على حق عنده , فهذا ينصرف يمينه إلى ظاهر اللفظ الذي عناه المستحلف , ولا ينفع الحالف تأويله

. وبهذا قال الشافعي . ولا نعلم فيه مخالفا ؛ فإن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يمينك على ما يصدقك به صاحبك ) رواه مسلم وأبو داود .

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اليمين على نية المستحلف } . رواه مسلم .

وقالت عائشة : اليمين على ما وقع للمحلوف له .

ولأنه لو ساغ التأويل , لبطل المعنى المبتغى باليمين ؛ إذ مقصودها تخويف الحالف ليرتدع عن الجحود , خوفا من عاقبة اليمين الكاذبة ,

فمتى ساغ التأويل له , انتفى ذلك , وصار التأويل وسيلة إلى جحد الحقوق , ولا نعلم في هذا خلافا .

الحال الثالث : لم يكن ظالما ولا مظلوما , فظاهر كلام أحمد , أن له تأويله , فروي أن مَهَنّا كان عنده , هو والمروذي وجماعة , فجاء رجل يطلب المروذي , ولم يرد المروذي أن يكلمه ,

فوضع مهنا أصبعه في كفه , وقال : ليس المروذي هاهنا , وما يصنع المروذي هاهنا ؟ يريد : ليس هو في كفه ، ولم ينكر ذلك أبو عبد الله .

... وقال أنس : إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله , احملني . فقال رسول الله : ( إنا حاملوك على ولد الناقة . قال : وما أصنع بولد الناقة ؟ قال : وهل تلد الإبل إلا النوق ؟ ) . رواه أبو داود .

وقال لرجل احتضنه من ورائه : ( من يشتري هذا العبد ؟ فقال : يا رسول الله , تجدني إذا كاسدا . قال : لكنك عند الله لست بكاسد ) .

وهذا كله من التأويل والمعاريض , وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حقا , فقال ( لا أقول إلا حقا )..."

انتهى ـ باختصار ـ من "المغني" (9/420).

وقال شيخ الإسلام رحمه الله فيمن اغتاب إنسانا ثم تاب وأحسن :

" وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب له الاعتراف لو سأله ، فيعرّض ولو مع استحلافه ؛ لأنه مظلوم ، لصحة توبته ، وفي تجويز التصريح بالكذب المباح ههنا نظر

. ومع عدم توبةٍ وإحسانٍ تعريضُه كذب ، ويمينه غموس ، واختيار أصحابنا : لا يُعلمه ؛ بل يدعو له في مقابلة مظلمته " انتهى من "الاختيارات الفقهية" (5/507) مطبوع مع الفتاوى الكبرى

ونقله ابن مفلح في الفروع (7/97).

وينظر تفصيل مسألة التأويل في الحلف في "الموسوعة الفقهية" (7/306).

خامسا :

جاءت الرخصة في الكذب في ثلاثة مواضع ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي (1939) وأبو داود (4921) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: ( لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ ). والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .

وهو محمول عند جماعة من أهل العلم على الكذب الصريح ، لا التورية ، وقد ألحقوا به ما دعت إليه الضرورة أو المصلحة الراجحة ، فيجوز الكذب فيه . وإن احتاج إلى الحلف

حلف ولا شيء عليه ، والأولى أن يستعمل المعاريض كما سبق .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْحَرْب خُدْعَة ) .

.. وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيث جَوَاز الْكَذِب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء

: أَحَدهَا فِي الْحَرْب .

قَالَ الطَّبَرِيُّ : إِنَّمَا يَجُوز مِنْ الْكَذِب فِي الْحَرْب الْمَعَارِيض دُون حَقِيقَة الْكَذِب

, فَإِنَّهُ لَا يَحِلّ , هَذَا كَلَامه , وَالظَّاهِر إِبَاحَة حَقِيقَة نَفْس الْكَذِب لَكِنْ الِاقْتِصَار عَلَى التَّعْرِيض أَفْضَل . وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى
.
وقال السفاريني رحمه الله :

" فهذا ما ورد فيه النص ، ويقاس عليه ما في معناه ، ككذبه لستر مال غيره عن ظالم , وإنكاره المعصية للستر عليه ، أو على غيره ما لم يجاهر الغير بها ,

بل يلزمه الستر على نفسه وإلا كان مجاهرا , اللهم إلا أن يريد إقامة الحد على نفسه كقصة ماعز , ومع ذلك فالستر أولى ويتوب بينه وبين الله تعالى .

ثم قال السفاريني : " والحاصل أن المعتمد في المذهب أن الكذب يجوز حيث كان لمصلحة راجحة كما قدمناه عن الإمام ابن الجوزي , وإن كان لا يتوصل إلى مقصود واجب إلا به وجب .

وحيث جاز فالأولى استعمال المعاريض "

انتهى من "غذاء الألباب" (1/141).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" ..فالمشروع للمؤمن أن يقلل من الأيمان ولو كان صادقا ؛ لأن الإكثار منها قد يوقعه في الكذب ، ومعلوم أن الكذب حرام ، وإذا كان مع اليمين صار أشد تحريماً

لكن لو دعت الضرورة أو المصلحة الراجحة إلى الحلف الكاذب فلا حرج في ذلك ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا ويقول خيراً . قالت : ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث : الإصلاح بين الناس ، والحرب ، وحديث الرجل امرأته

وحديث المرأة زوجها ) رواه مسلم في الصحيح . فإذا قال في إصلاحٍ بين الناس : والله إن أصحابك يحبون الصلح ، ويحبون أن تتفق الكلمة

ويريدون كذا وكذا ، ثم أتى الآخرين وقال لهم مثل ذلك ، ومقصده الخير والإصلاح : فلا بأس بذلك للحديث المذكور .

وهكذا لو رأى إنساناً يريد أن يقتل شخصاً ظلماً أو يظلمه في شيء آخر ، فقال له : والله إنه أخي ، حتى يخلصه من هذا الظالم إذا كان يريد قتله بغير حق أو ضربه بغير حق

وهو يعلم أنه إذا قال : أخي تركه احتراما له : وجب عليه مثل هذا لمصلحة تخليص أخيه من الظلم .

والمقصود : أن الأصل في الأيمان الكاذبة المنع والتحريم ، إلا إذا ترتب عليها مصلحة كبرى أعظم من الكذب ، كما في الثلاث المذكورة في الحديث السابق "

انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (1 /54) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 17:14   رقم المشاركة : 253
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم الكذب الذي لا يوقع أحداً في مضرة

السؤال

ما حكم الكذب الذي لا يوقع أحداً في مضرة أبداً ؟

الجواب


الحمد لله

"يحرم الكذب مطلقاً ، إلا ما استثناه الشارع ، وليس ما ذكر منها

لعموم الأدلة ، كقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/119

وفي الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة

ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً

وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) .

وعن عبد الله بن مسعود أيضاً أنه قال : الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، اقرأوا إن شئتم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/119، ثم قال : هل تجدون لأحد فيه رخصة ؟

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/51) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 17:18   رقم المشاركة : 254
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المرء محاسب على ما يكتبه كما يحاسب على ما يتكلم به

السؤال:

يوجد آية تقول إن الإنسان يحاسب على ما يتلفظ به ، ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) . السؤال : هل الإنسان يحاسب على ما يكتبه دون أن يتلفظ به ، كإرسال رسالة كتابية وغيره ؟

الجواب :

الحمد لله

كل عمل الإنسان يحصيه الله عز وجل ، سواء كان اعتقادا بالجنان ، أم قولا باللسان ، أم فعلا بالأركان ، وسواء كان الفعل باليد أم بالعين أم بالرجل

لا تخفى على الله عز وجل منها خافية ، وكلها مسجلة مكتوبة لا تغادرها ملائكة الحسنات والسيئات

يقول الله عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ) آل عمران/5

ويقول سبحانه : ( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) غافر/16

ويقول جل وعلا : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المجادلة/6

ويقول تعالى : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) الكهف/49

ويقول عز وجل : ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا . اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) الإسراء/13-14 ، إلى غيرها من الآيات الكثيرة .

يقول الإمام ابن حزم رحمه الله :

" أما كتاب الملائكة لأعمالنا فحق ، قال الله تعالى : ( وأن عليكم لحافظين كراما كاتبين )

وقال تعالى : ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) ..

. وكل هذا ما لا خلاف فيه بين أحد ممن ينتمي إلى الإسلام "

انتهى من " الفصل في الملل والأهواء والنحل " (4/55) .

ويقول العلامة ابن رجب رحمه الله :

" قال بعض العارفين : إذا تكلمت فاذكر سمع الله لك ، وإذا سكت فاذكر نظره إليك . وقد وقعت الإشارة في القرآن العظيم إلى هذا المعنى في مواضع :

كقوله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ . إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ . مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/16-18

وقوله تعالى : ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) يونس/61

وقال تعالى : ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُون ) الزخرف/80 "

انتهى من " جامع العلوم والحكم " (1/290) .

وقد فسر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذه الآية الكريمة فقال :

" قال الله عز وجل : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/18: وما يفعل من فعل كذلك ؛ لأنه إذا كانت الأقوال تكتب ، وهي أكثر بآلاف المرات من الأفعال .. ، فالأفعال من باب أولى .

عليك أن تتقي الله عز وجل ، اتق ربك لا تخالف الله ، إذا سمعت الله يقول شيئاً خبراً ، فقل : آمنت به وصدقت . وإذا سمعت الله يقول شيئاً أمراً

فقل : آمنت به وسمعاً وطاعة . أو نهياً ؛ فقل : آمنت به وسمعاً وطاعة . فاترك المنهي عنه

وافعل المأمور به ، وهذه نصيحة . ( كل صغيرٍ وكبيرٍ مستطر ) الحركات مكتوبة ، حروف الأقوال مكتوبة ، كل شيءٍ مكتوب "

انتهى من " لقاء الباب المفتوح " .

فالخلاصة أن ما يكتبه الإنسان أيضا يحاسب عليه وإن لم يتلفظ به أثناء كتابته ، فالكتابة من عمله ، والعمل محاسب عليه .

يقول ابن قتيبة رحمه الله :

" من أيقن أنه مسئول عما ألَّف ، وعما كتب ، لم يعمل الشيء وضده ، ولم يستفرغ مجهوده في تثبيت الباطل عنده ، وأنشدني الرياشي :

ولا تكتب بخطك غير شيء ... يسرك في القيامة أن تراه "

انتهى من " تأويل مختلف الحديث " (ص/112) .

ولمعرفة معنى قوله تعالى : ( رقيب عتيد ) يرجى مراجعة الفتوى القادمه

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 17:22   رقم المشاركة : 255
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

الرقيب والعتيد وصفان لكل من الملكين الذين يحفظان أعمال العباد

السؤال:


هل الرقيب والعتيد ملكان ، وما وظيفتهما ، وهل إذا دخل الإنسان المرحاض يدخلان معه ؟ جزاكم الله خيرا .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

هذان الوصفان للملائكة التي وُكِّلت بكتابة كل ما يعمله ابن آدم من خير أو شر ، وهما وصفان صادقان على كل منهما ، فالملك الذي عن اليمين صفته أنه رقيب وعتيد ، والملك الذي عن الشمال صفته أنه رقيب وعتيد .

يقول الله عز وجل : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ . إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ . مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) سورة ق/16-18.

يقول الإمام القرطبي رحمه الله :

" في الرقيب ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه المتتبع للأمور .

الثاني : أنه الحافظ ، قاله السدي .

الثالث : أنه الشاهد ، قاله الضحاك .

وفي العتيد وجهان :

أحدهما : أنه الحاضر الذي لا يغيب .

الثاني : أنه الحافظ المُعَد ، إما للحفظ ، وإما للشهادة " انتهى.

" الجامع لأحكام القرآن " (17/11)

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ) يعني : الملكين اللذين يكتبان عمل الإنسان ، ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) أي : مترصد . ( مَا يَلْفِظُ ) أي : ابن آدم ( مِنْ قَوْلٍ ) أي : ما يتكلم بكلمة ( إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )

أي : إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها ، لا يترك كلمة ولا حركة ، كما قال تعالى : ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) الانفطار/10-12 " انتهى.

" تفسير القرآن العظيم " (7/398)

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ( رقيب ) مراقب ليلاً ونهاراً ، لا ينفك عن الإنسان .

( عتيد ) حاضر ، لا يمكن أن يغيب ويوكل غيره ، فهو قاعد مراقب حاضر ، لا يفوته شيء " انتهى.

" تفسير سورة ق "

وأما القول بأن أحد الملكين اسمه رقيب ، والآخر اسمه عتيد : فهو مخالف لظاهر الآية الكريمة.

يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر حفظه الله :

" يذكر بعض العلماء أن من الملائكة من اسمه رقيب وعتيد

استدلالاً بقوله تعالى : ( ما يلفظ من قولٍ إلاَّ لديه رقيب عتيدٌ ) وما ذكروه غير صحيح

فالرقيب والعتيد هنا وصفان للملكين اللذين يسجلان أعمال العباد ، ومعنى رقيب وعتيد ؛ أي : ملكان حاضران شاهدان ، لا يغيبان عن العبد ، وليس المراد أنهما اسمان للملكين " انتهى.

" عالم الملائكة الأبرار " (ص/12)

وانظر في موقعنا جواب السؤال رقم : (6523)

ثانيا :

وتبين فيه أن الثابت في الكتاب والسنة أن كل عبد موكل به ملكان

يراقبان حركاته وسكناته ، ويكتبان أفعاله ، ويحصيان عليه كل ما يصدر منه ، سواء كان عمل خير أو عمل معصية ، وسواء كان في محل كريم أو مكان مهين .

ولكن لم يرد في الكتاب ولا في السنة تفسير لكيفية هذا الإحصاء

وهل يستلزم دخول الملائكة مع العبد كل مكان يدخل إليه ، وبقاءهم معه في تفاصيل كل عمل يعمله

أو أن الله خلق فيهما من القدرة ما تمكنهما من معرفة الأعمال وكتابتها من غير حاجة إلى مصاحبة العبد في كل مكان يدخل إليه

والواجب هو الوقوف عند الوارد ، وتفويض علم ما لم يرد إلى الله عز وجل ، وكما قال سعيد بن جبير رحمه الله : " قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ".

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الاداب الاسلاميه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:31

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc