ورد لفظ الوطن في المعاجم العربية للإشارة إلى مكان إقامة الإنسان ومقرّه الذي ينتمي إليه، سواء أولد به أم لم يولد، وهو المكان الذي يُعتبر مأوى لهذا الإنسان، أما ما يمثّله الوطن بالنسبة لنا فهو العطاء الذي لا ينضب، وهو الحبّ الذي رضعناه مع حليب أمهاتنا، وهو ما تفتّحت عليه عيوننا من جمال في أراضيه وزرقة سمائه، وهو ما استنشقته أرواحنا من طيب هوائه، فالوطن هو الحضن الدافئ الذي نلجأ له حين تقسو علينا الحياة، وهو الصدر الذي يغمرنا حين نشعر بالفرح والسرور، فهو كياننا الذي نتوحّد معه بالشعور، ففي الخير الذي يصيب أوطاننا لنا سعادة، وفي أحزانها أو ما تمرّ به من محن لنا انكسار، فأوطاننا هي الأمهات ونحن أبناؤها البارّون. وحبّ الوطن لا يكون بجميل العبارات ومعسول الكلام فقط إنّما بالفعل المخلص والعطاء الوفير، وبذل الكثير في سبيل نهضته وتطوره، فمن واجب أفراد المجتمع التعاون فيما بينهم لتحقيق ذلك؛ من خلال المساهمة في كلّ ما يخدمه مثل المشاركة في الأعمال التطوعيّة، ونشر الوعي بين أفراده بأهميّة طلب العلم والاجتهاد فيه من أجل الارتقاء بهذه العقول التي ستشارك في إعداد المشاريع والأفكار المساهمة في نهضته ورفعته، فما نقدمه اليوم لأوطاننا نجده بما يمنحنا إيّاه من منعة ورفعة يمدّنا بهما بين الأمم، لذا فواجب علينا أن نفخر به وبإنجازاتنا المبذولة في سبيله، وألّا ندّخر أي جهد في سبيل نهضته ونمائه، كما أنّ علينا المحافظة على ثرواته وممتلكاته التي وُضعت لأجلنا، وأن نذود عن ثراه بأرواحنا، كما أن أمور الحفاظ على موارده ومرافقه نظيفة كالشوارع والحدائق والمؤسسات لا تقلّ أهمية عمّا سبق، فحب الأوطان أفعال قبل أن يكون أقوال. هذا الوطن...الذي مهما تحدثنا عنه لن نوفيه حقه من وصفٍ لجماله، ولن نفلح في التعبير عن عمق محبتنا له، واعتزازنا بتاريخه وحاضره ومستقبله، وكلّ ما يقدمه من أجلنا، فلا يسعنا إلّا أن نقدّم كل ما تطلبه منّا أوطاننا من واجبات، وأن ندعو الله أن يحفظها ويديمها بكل خير ، فقد صدق الشاعر توفيق زياد حينما وصف وطنه وبهائه فقال: مثلما كنت ستبقى يا وطن حاضراً في ورق الدّفلى، وعطر الياسمين حاضراً في التين، والزيتون، في طور سنين حاضراً في البرق، والرعد، وأقواس قزح في ارتعاشات الفرح
منقول