شرح كتاب الصيام من نظم ابن عاشر في الفقه المالكي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عوف كوني حفظه الله ورعاه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها ..

قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها .. يعنى بجميع المتون من نظم و قصائد و نثر و كذا الكتب و شروحاتها في جميع الفنون على منهج أهل السنة و الجماعة ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شرح كتاب الصيام من نظم ابن عاشر في الفقه المالكي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عوف كوني حفظه الله ورعاه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-06-29, 20:58   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
كرماني
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية كرماني
 

 

 
إحصائية العضو










B11 شرح كتاب الصيام من نظم ابن عاشر في الفقه المالكي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عوف كوني حفظه الله ورعاه

شرح كتاب الصيام
من نظم ابن عاشر في الفقه المالكي
لفضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن عوف كوني
حفظه الله ورعاه

فرغه ونسقه:
أبو عبد الأعلى حاتم بن محمد
عفى الله عنه بمنه وفضله وإحسانه

الأبيات المشروحة:
كتاب الصيام
صيام شهر رمضان وجبا
في رجب شعبان صوم ندبا
كتسع حجة وأحرى الآخر
كذا المحرم وأحرى العاشر
ويثبت الشهر برؤية الهلال
أو بثلاثين قبيلا في كمال

الشـــرح:

بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (كتاب الصيام) شرع ابن عاشر رحمه الله في بيان القاعدة الرابعة من قواعد الإسلام وهي الصيام.
[تعريف الصيام لغة]:
والصيام في لغة العرب معناه: الإمساك والسكون عن فعل ما، ومنه قول النابغة الذبياني من شعراء الجاهلية الجهلاء في وصف خيل:
خيل صيام وخيل غير صائمة-------تحت العجاج وأخرى تعلك اللُّجُما
فالشاهد قوله: خيل صيام أي ممسكة عن الحركة، وخيل غير صائمة. وقوله: تحت العجاج أي تحت الغبار. وأخرى تعلك اللجما أي: وخيل أخرى تمضغ اللجما وهو جمع لجام، واللجام ما يوضع في فم الفرس مما يتحكم به في سير الفرس.
[تعريف الصيام شرعا]:
والصيام في الشرع: إمساك مخصوص من شخص مخصوص عن شيء مخصوص في زمن مخصوص.
[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]1-[/COLOR] فالإمساك المخصوص هو: الإمساك عن شهوتي البطن والفرج.
[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]2-[/COLOR] والشخص المخصوص: هو المكلف البالغ من الرجال والنساء الأحرار والعبيد من المسلمين.
3- والشيء الذي يجب الإمساك عنه بخصوصه شيئان هما:
شهوتا البطن والفرج كما تقدمت الإشارة إليه، وهذا الإمساك عنهما هو ألا يصل شيء إلى داخل البدن أو يخرج شيء من داخل البدن. فأما إيصال الشيء إلى داخل البدن مما يجعل الإمساك غير صحيح إيصال الشيء إلى داخل البدن بطريقتين:
الأولى: إيصال مطعوم أو مشروب يتغدى بهما بطريق الحلق، سواء كان مائعا أو جامدا، وسواء كانا مما لا يتغدى به كالدراهم والحصى وسائر الجامدات كالكحل والدهن والشموم وغير ذلك مما يصل إلى حلق الصائم، أو وصلت عن طريق العين والأنف والأذن.
والطريقة الثانية من الإيصال للشيء إلى داخل البدن مما يفسده ولا يكون إمساكا، ولا يحصل بذلك الإيصال إمساك، فهذه الطريقة الثانية تحصل فيه الشهوة أيضا، هذه الطريقة الثانية هي إيلاج الذكر في قبل أو دبر قارنه إنزال للمني أو لم يقارنه.
وأما السبب الثاني وهو الإخراج ذلك الإخراج لشيء من البدن وبه لا يحصل الإمساك فذلك الإخراج شيئان أيضا:
- الأول: إنزال الماء الدافق عن لذة شهوة.
- والثاني: إخراج هذا الماء الدافق بإجهاد نفس بنحو استمناء أو غيره.
[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]4-[/COLOR] الزمن المخصوص الذي يقع فيه هذا الإمساك هو النهار من بدايته قبل الفجر إلى نهايته عند الغروب.
[من حكم الصيام]:
ومن حكم مشروعية الصيام مخالفة الهوى، وكسر النفس، وتصفية العقل والفكر، وتنبيه العبد المسلم على مواساة أخيه الفقير الجائع.
[أنواع الصيام]:
والصيام في الشرع إما واجب وإما مندوب، والصيام الواجب هو صوم شهر رمضان الذي أشار إليه ابن عاشر بقوله في صدر هذا البيت:
صيام شهر رمضان وجبا
.......................
[حكم صيام رمضان]:
ولا خلاف في وجوب صوم رمضان، ومثل هذا المجمع عليه يكفر جاحده إن كان مسلما جحده، لأن وجوبه معلوم من الدين بالضرورة، وما كان كذلك فمنكره يكفر عند العلماء.
[أدلة وجوب صوم رمضان]:
ومن أدلة وجوب صوم شهر رمضان من الكتاب قوله تعالى: -(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)- [البقرة/185].
ومن السنة حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {بُني الإسلام على خمس} فعدها ومنها صوم رمضان، والحديث متفق عليه.
[الصيام المستحب]:
وقول ابن عاشر:
....................
في رجب شعبان صوم ندبا
أي: ندب صوم في رجب وشعبان.
وقوله (في رجب شعبان): شعبانَ هذا معطوف على رجب ورجب منصرف، فعطف شعبان على رجب المجرور المنصرف، حذف الحرف العاطف وهو الوار.
يريد ابن عاشر بهذا الجزء من البيت أن الصيام في رجب وفي شعبان مندوب إليه غير واجب، وهو ما أشار إليه العلامة خليل بن إسحاق المالكي في مختصره بقوله عاطفا على ما يندب صومه: "ورجب وشعبان" أي وصوم رجب وشعبان.
إلا أن المحقيقين من المحدثين والفقهاء قالوا: لم يرد في فضل رجب ولا في صيام شيء منه معين حديث يصلح للحجة، ذكر هذا كل من الحافظ ابن حجر في الفتح والشوكاني في السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار.
وقال الشوكاني: "وغاية ما يصلح للتمسك به في استحباب صومه -أي في استحباب صوم رجب- ما ورد في حديث الرجل الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {صم أشهر الحرم} ورجب من أشهر الحرم بلا خلاف، وهذا الحديث أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه ولكنه لا يدل على شهر رجب بخصوصه". هذا كلام الشوكاني رحمه الله.
ولذا قال العلامة أبو عبد الله الموَّاق المالكي في التاج والإكليل شرح مختصر خليل قال: "ولو قال المصنف -يعني خليلا- والمحرم وشعبان -أي وندب صوم المحرم وشعبان- لوافق الموصوف". وهذا كلام صحيح من المواق رحمهم الله جميعا.

أما شعبان فقد ورد في استحباب الصيام فيه بخصوصه أحاديث صحيحة، قالت عائشة رضي الله عنها: {لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصومه كله. هكذا في الصحيحين وغيرهما}.
وفي لفظ فيهما من حديثها: {ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصومه إلا قليلا بل كان يصومه كله}.
وفي لفظ من حديثها أيضا: {ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان} انتهى الحديث.
وروى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وأهل السنن حديث أم سلمة {أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان يصل به رمضان} انتهى.
ولفظ ابن ماجه عن أبي سلمة قال: {سألت عائشة عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر، ولم أره صام من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا}. انتهى الحديث من صحيح سنن ابن ماجه للمحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى.

وقول ابن عاشر بعد ذلك:

كتسع حجة وأحرى الآخر
كذا المحرم وأحرى العاشر


قوله: (كتسع حجة) الكاف لتشبيه التسع الأول من ذي الحجة في استحباب صيامها كاستحباب صيام شعبان ورجب عند ابن عاشر وقد تقدم ما في رجب.

وقول ابن عاشر: (وأحرى الآخر) يريد أن استحباب صيام آخر هذه التسع وهو يوم عرفة أحرى وأجدر بالاستحباب.

وقوله: (كذا المحرم وأحرى العاشر) يريد أنه يستحب الأيام السبعة الأُوَل أو يستحب صوم الأيام التسعة الأول من المحرم وأن صيام عاشر المحرم أحرى، فيكون صيامه سنة كما أشار إلى ذلك ابن جزي في القوانين وغيره، ذلك العاشر المسمى بعاشوراء على أن عاشوراء صفة ليوم مع أن وزنه فاعولاء صفة لمؤنث وهي ليلة، وهذا هو الأبلغ في العربية فيكون صفة لليلة فيقال: ليلة عاشوراء، توصف الليلة بعاشوراء.

وقد وردت الأحاديث الصحاح أو وردت أحاديث صحاح في صيام هذه الأيام التي ذكرها ابن عاشر ودلت هذه الأحاديث على أن حكم صومها الاستحباب أو السنية.

[ما يثبت به دخول شهر رمضان]
ثم قال ابن عاشر رحمه الله:

ويثبت الشهر برؤية الهلال
أو بثلاثين قبيلا في كمال


قوله: (ويثبت الشهر برؤية الهلال): يريد في هذا البيت أن شهر رمضان يثبت دخوله فيجب الصوم بأحد أمرين شرعا:
إما برؤية الهلال.
وإما بكمال ثلاثين يوما قبيل رمضان يعني في شعبان.

وأما الرؤية فيثبت بها لمن رآه، وأما غير الرائي في نفسه فيحصل له ذلك:
إما بالخبر المنتشر المستفيض المحصل للعلم.
وإما بشهادة عدلين حرين ذكرين على المشهور في المذهب.

والدليل على أن دخول رمضان بـ[هذا] الأمر وهي الرؤية أحاديث منها: حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له} متفق عليه.
والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: {إذا رأيتموه فصوموا} يفيد أن الصوم المأمور به - والأمر للوجوب في فن الأصول - مشروط برؤية الهلال.
والضمير الهاء في قوله صلى الله عليه وسلم: {إذا رأيتموه} الضمير هذا يعود إلى الهلال لدلالة المقام على ذلك المرجع وإن لم يتقدم له لفظ الهلال كما هو مقرر في فن النحو.
ودل هذا الجزء من الحديث على وجوب صوم رمضان لرؤية هلاله، والمراد بالرؤية هنا مطلق الرؤية التي يكفي فيها رؤية عدل لجميع الناس عند الشافعي، وفي أصح الروايتين عند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. وقد تقدم عن مالك أنه لابد من عدلين وذلك إن كان ثَمَّ معنيون بالشريعة وإلا كفى مطلق الخبر عنده. وذهب الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله إلى أنه إن كانت السماء مغيمة ثبت دخول رمضان بعدل إذا شهد ولو عبدا أو امرأة، وإن كانت صاحية فلابد من عدد الاستفاضة عنده.
والدليل على أن دخول رمضان قد يثبت بأمر آخر وهو إكمال ثلاثين يوما من شعبان قبل رمضان، الدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة الصحيح: {فأكملوا عدة شعبان ثلاثين} وذلك لأنه ورد في رواية بالأمر بصوم رمضان بالرؤية، وهذا الحديث: {فأكملوا عدة شعبان ثلاثين}...، جاء في حديث آخر: {فإن غم عليكم فأكملوا العدة} وهذا الحديث أيضا جزء من حديث يوافق هذا الجزء الذي تقدم وهو {فأكملوا عدة شعبان ثلاثين} هذا الجزء الأخير يوافق ذلك الجزء الأول، ومعنى {فإن غم عليكم فأكملوا العدة} من هذا الجزء الأخير أي أكملوا عدة شعبان.
والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه، نكتفي بهذا

يتبعع.............

.

https://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138496








 


رد مع اقتباس
قديم 2014-06-29, 21:04   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
كرماني
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية كرماني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الأبيات المشروحة:
يقول ابن عاشر رحمه الله في كتاب الصيام:
فرض الصيام نية بليله
وترك وطء شربه وأكله
والقيء مع إيصال شيء للمعد
من اذن او عين أو انف قد ورد
وقت طلوع فجره إلى الغروب
والعقل في أوله شرط الوجوب
وليقض فاقده والحيض منع
صوما وتقضي الفرض إن به ارتفع

الشـــرح:
[فرائض الصيام]:
معنى هذه الأبيات:
قول ابن عاشر رحمه الله: (فرض الصيام)، يقصد فرائض الصيام، وذلك لأن فرض مفرد أضيف إلى المعرفة التي هي الصيام وهي معرف بـ"ال"، ومثل هذا في كلام العرب يفيد الكثرة والعموم، وهذه الفرائض خمسة في عد ابن عاشر لها هنا:
الأول: أشار إليه بقوله: (نية بليله) أي النية في الليل قبل الفجر، هذه النية واجبة، وكون النية في الليل قبل الفجر واجبة هو قول جمهور الفقهاء، وقول الجمهور منهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم: {من لم يُبَيِّتِ الصيام من الليل فلا صيام له} وفي لفظ: {من لم يُجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له} أخرجه أحمد وأهل السنن وابن خزيمة وابن حبان وصححاه.
..في ذلك رواية من رواه موقوفا، فالرفع زيادة يتعين قبولها على ما تقرر في فن أصول الفقه وفي علم المصطلح الحديث.
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى إجزاء صيام رمضان وكل صوم متعين بنية من النهار، محتجا رحمه الله بأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأمصار التي حول المدينة: {من كان أصبح جنبا فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم} متفق عليه.
وكان صوما واجبا هذا قول الإمام أبي حنيفة، وكان صومه واجبا متعينا ولأنه غير ثابت في الذمة فهو كالتطوع.
والراجح الصحيح والله أعلم هو ما ذهب إليه الجمهور من وجوب التبييت للنية، وأجابوا عن وجه استدلال أبي حنيفة بصوم عاشوراء أن صوم عاشوراء لم يثبت وجوبه كما ذكر ابن قدامة في المغني، وأشار أيضا الإمام محمد بن جرير الطبري في تهذيب الآثار إلى عدم وجوبه، [و] لهما سلف في ذلك؛ فقد روى الإمام مالك بن أنس في الموطأ عن الصحابيين الجليلين عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ما يدل على عدم وجوب صوم يوم عاشوراء، إذ صومه من السنن، والكلام على صوم رمضان الذي لابد من التبييت للنية فيه لوجوبه.

الفرض الثاني: أشار إليه ابن عاشر بقوله: (وترك وطء) يريد وترك ما هو مثل الوطء في إخراج المني عن طريق غير اللذة، من طلوع الفجر إلى الغروب أي إلى غروب الشمس.
والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن المجامع في رمضان قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هلكت يا رسول الله، قال: {وما أهلكك؟} قال: وقعت على امرأتي في نهار رمضان، فأمره بالكفارة. وفي رواية لأبي داود وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال له: {وصم يوما مكانه}، وهذه الزيادة مروية من أربع طرق يقوي بعضها بعضا.

الفرض الثالث: ترك الأكل والشرب وذلك من طلوع الفجر إلى الغروب، والدليل على أن زمن الإمساك عن هذه المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس قوله تعالى جل شأنه في سورة البقرة: -(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)- [البقرة/187] يعني بياض النهار من سواد الليل، وهذا يحصل بطلوع الفجر. قال ابن عبد البر رحمه الله: "في قول النبي صلى الله عليه وسلم: {إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم} دليل على أن الخيط الأبيض من الصباح، وأن السحور لا يكون إلا قبل الفجر، والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس"، قال -أعني ابن عبد البر-: "هذا قول جماعة علماء المسلمين" انتهى كلامه.
إذا تبين هذا فالأكل والشرب عمدا في نهار رمضان يبطل الصوم باتفاق، وأما سهوا فيبطله عند مالك رحمه الله، وأشار إلى ذلك ابن عبد البر في الكافي في فقه أهل المدينة المالكي.
قلت: وتمسك الإمام مالك في ذلك بالقياس، وهو أن الفطر ضد الصوم، والإمساك ركن للصوم فأشبه ما لو نسي ركعة من الصلاة. أو لأنه لا يصح الصوم مع شيء من جنسه عمدا، فلا يجوز مع سهوه كالجماع وترك النية.

وذهب جمهور الفقهاء أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبيل رحمهم الله جميعا إلى أن الأكل والشرب نسيانا في نهار رمضان لا يبطل الصوم، واستدلوا بما في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما الله أطعمه وسقاه} وفي لفظ للدارقطني بإسناد صحيح: {فإنما هو رزق ساقه الله إليه فلا قضاء عليه}، وفي لفظ آخر للدارقطني وابن خزيمة وابن حبان والحاكم: {من أفطر يوما من رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة}. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وإسناده صحيح".
وأخرج الدارقطني من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا: {من أكل في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه} قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح قال رحمه الله: "وإسناده وإن كان ضعيفا لكنه صالح للمتابعة، فأقل درجات هذا الحديث بهذه الزيادة أن يكون حسنا، فيصلح للاحتجاج به" انتهى كلامه.

الفرض الرابع: أشار إليه ابن عاشر بقوله: (والقيء) أي وترك القيء، عطف القيء على وطءٍ المجرور قبله على حذف مضاف وهو ترك، أي وترك إخراج القيء، وفي هذا إشارة إلى أن هذا لإخراج فيه عمد أو إلى أن الإخراج كان عمدا فيكون مبطلا للصوم، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض} أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والدارقطني وصححه.
الفرض الخامس: أشار إليه بقوله:
والقيء مع إيصال شيء للمعد
من اذن او عين أو انف قد ورد
وقت طلوع فجره إلى الغروب
...........................


فقول ابن عاشر: (مع إيصال شيء للمعد) أي أن إيصال شيء إلى المعد مبطل، والمعد جمع معدة وقد يقال مِعْدَةٌ لغة، وهي مقر الطعام والشراب وموضع هضمه قبل انحداره إلى الأمعاء، فإذا أوصل الصائم شيئا إلى معدته من طريق الأذن أو العين أو الأنف مارا بالحلق إلى المعدة هذه بطل صومه.
وكذلك إن وصل شيء إلى المعدة عن طريق الدبر، وهي الحقنة إذا كانت بمائع في الدهن لما فيه من الغدية المائية، أما إن كان بغير مائع كالفتيلة وهي خرقة المصباح عند القدماء، يوضع فيها زيت وتوقد هذه التيلة للاستضاءة، فلا قضاء عليه إذا أدخلها خالية من زيت ونحوه.
ويدل على هذا أن الإمام مالكا سُأل رحمه الله في المدونة عن مثل هذه الفتيلة فقال: "أرى ذلك خفيفا ولا شيء عليه".
قلت: ولعل العلة في ذلك خلوها من الغداء والله أعلم.
وقول ابن عاشر رحمه الله بعد ذلك:
...........................
من اذن أو عين أو انف قد ورد
وقت طلوع فجره إلى الغروب
...........................
أي سواء وصل إلى المعدة شيء عن طريق أذن أو عين أو أنف أو غيرها من طلوع الفجر إلى الغروب كما تقدم بيانه.

[شروط وجوب الصيام]:
وقول ابن عاشر رحمه الله:
.........................
والعقل في أوله شرط الوجوب


هذا شروع منه رحمه الله في ذكر شروط وجوب الصوم، وهي ستة:
1-الإسلام. 2-والعقل. 3-والبلوغ. 4-والصحة. 5-والإقامة. 6-والنقا من دم الحيض والنفاس.
ولم يذكر منها ابن عاشر هنا إلا العقل، فقال:
............................
والعقل في أوله شرط الوجوب
فمن فقد عقله بعدما شرع في الصيام وجب عليه القضاء، وهو الذي أشار إليه بقوله: (وليقض فاقده) أي الصوم، وفقدان العقل يكون إما بجنون أو إغماء أو نوم، فإن كان بجنون فقدان العقل فقال مالك في المدونة: "من بلغ وهو مجنون مطبق فمكث سنين ثم أفاق فليقض صوم تلك السنين ولا يقضي الصلاة كالحائض". انتهى من المدونة.
وإن كان بنوم فلا أثر للنوم اتفاقا فلا يشمله قول ابن عاشر: (وليقض فاقده) لما هو معلوم من أن المسلم يصوم ثم ينام في نهار رمضان فلا يفسد صومه مع فقدان العقل بالنوم أي ذهاب العقل.
وإن كان فقدان العقل بإغماء فإن أغمي عليه في جميع النهار فكالجنون الذي تقدمت الإشارة إلى حكمه.
وإن أغمي عليه في أقل النهار وسلِم في أوله فكالنوم لا أثر له، وإن لم يسلم في أوله فقولان: المشهور القضاء وهو مذهب المدونة، وإليه أشار العلامة الفقيه خليل بن إسحاق المالكي في مختصره بقوله: "وإن جن ولو سنين كثيرة أو أغمي يوما أو جله أو أقله ولم يسلم أوله فالقضاء، ما إن سلم ولو نصفه." انتهى نص المختصر.
واحتجوا في هذا بحديث: {من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له} وقد تقدم.
[موانع الصيام]:
وقول ابن عاشر رحمه الله:
............... والحيض منع
صوما ....................
يريد رحمه لله أن الحيض مانع من صحة الصوم سواء كان الصوم واجبا أو غير واجب، ولذلك نكر صوما في قوله: (والحيض منع صوما) للإشارة إلى هذا العموم بدلالة التنكير....

ثم رتب على ذلك وفرع قوله: (وتقضي الفرض إن به ارتفع) أي تقضي المرأة التي حاضت الصوم الفرض أي الواجب بشرط أن يرتفع وجوب ذلك الفرض بسبب حيضها.
وقول ابن عاشر: (وتقضي الفرض) يفهم منه أنها لو حاضت أي من غير فرض لم تقضه، وهو كذلك لأن النقاء من دم الحيض والنفاس من شروط وجوب الصوم.
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.











رد مع اقتباس
قديم 2014-07-01, 04:47   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
kafon
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

baaaraaka allaho fiik










رد مع اقتباس
قديم 2014-07-07, 12:08   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
كرماني
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية كرماني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله في الجميع وتقبل صيامكم و قيامكم
و شكرا










رد مع اقتباس
قديم 2014-07-07, 15:07   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
souhil sisou
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2014-07-08, 22:45   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
dzzizou94
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكراااااااااااااا










رد مع اقتباس
قديم 2014-07-09, 00:15   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
gecilda
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية gecilda
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

https://www.youtube.com/watch?v=kRZHTakm41c[/I










رد مع اقتباس
قديم 2014-07-09, 00:33   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
gecilda
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية gecilda
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

https://www.youtube.com/watch?v=qhgzFq5zKfE[










رد مع اقتباس
قديم 2014-07-11, 11:51   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
كرماني
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية كرماني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك
شكرا










رد مع اقتباس
قديم 2014-07-11, 15:42   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الوردة الذبلانة
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا










رد مع اقتباس
قديم 2014-07-12, 18:02   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
كرماني
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية كرماني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الصيام, الكوني, ابن عاشر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc