مختصر أحداث الهجرة النبوية المباركة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مختصر أحداث الهجرة النبوية المباركة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-01-13, 21:38   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
aymen23a
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Lightbulb مختصر أحداث الهجرة النبوية المباركة

مختصر أحداث الهجرة النبوية.................................................. .
الشيخ محمد علي غانم.............................................. ..........
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين وعلى آله وصحبه الغر الميامين وسلم تسليماً كثيرا.
وبعد:
فإن في الهجرة من الدروس والعبر ما فيه خير للبشر، ونبراس لمن على الطريق السوي عَبَر، وهذه مختصر أحداث الهجرة لمن أراد الفائدة واعتبر.
أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، بعد أن أذاقتهم قريش ألوان العذاب، فهاجروا فرادى وجماعات متخفين عن أعين قريش كي لا يفتنوهم،
وتأخر النبي صلى الله عليه وسلم حتى يأذن الله له، وكان قد أخر أبا بكر رضي الله عنه.
وقد أذن الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة بعد أن أجمعت قريش أمرها على قتله، وكانوا قبل ذلك قلقون من هجرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأرادوا أن يضعوا لذلك حداً فاتفقوا على أن يعقدوا اجتماعاً للبحث في هذا الأمر وحددوا له موعداً.
ولما اجتمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، غدوا في اليوم الذي اتعدوا له، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة، فاعترضهم إبليس لعنه الله في صورة شيخ جليل عليه بتٌّ له (يعني كساء غليظ) فوقف على باب الدار، فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ ؟ قال: شيخ من أهل نجد، سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا. قالوا: أجل فادخل.
فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش وغيرهم ممن لا يعد من قريش.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإننا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا، فأجمعوا فيه رأيا. فتشاوروا، ثم قال قائل منهم: احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله، زهيراً والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم.
فقال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه كما يقولون ليخرجن أمره من وراء الباب هذا الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي.
فتشاوروا، ثم قال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فو الله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت.
قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به ؟ ! والله لو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم
إليكم حتى يطأكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، أديروا فيه رأيا غير هذا.
فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد.
قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتىً شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعها، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم (يعني الدية). فقال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي ولا رأي غيره. فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.
فأتى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال له: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.
فلما كانت عتمةٌ من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبى طالب: (نم على فراشي وتسج ببردى هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
ولما اجتمعوا له، وفيهم أبو جهل قال وهم على بابه: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان فيكم ذبح، ثم بعثتم بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: ( نعم أنا أقول ذلك، أنت أحدهم ). وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات: ( يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم ) إلى قوله تعالى وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا.ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب. فأتاهم آتٍ ممن لم يكن معهم فقال: ما تنتظرون ههنا ؟ قالوا: محمداً. فقال: خيبكم الله ! قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلاً إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم ؟ ! قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون فيرون علياً على الفراش متسجياً ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائماً عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، فقام علي عن الفراش فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي كان حدثنا.
وفي هذا الوقت كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذهب إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه، كما تخبرنا بذلك عائشة رضي الله عنها حيث قالت:
كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبى بكر أحد طرفي النهار إما بكرة، وإما عشية. حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها.
قالت: فلما رآه أبو بكر قال: ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الساعة إلا لأمر حدث.
قالت: فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبى بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أخرج عني من عندك ) قال: يا رسول الله إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي ؟ قال: إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة.
قالت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله ؟ قال: الصحبة.
قالت: فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكى ! ثم قال: يا نبي الله إن هاتين راحلتين كنت أعددتهما لهذا.
واستأجرا عبدالله بن أريقط ، وكان مشركا، يدلهما على الطريق، ودفعا إليه راحلتيهما، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما.
ثم توجها الى الغار في جبل ثور، في الجهة المعاكسة لطريق الهجرة، تمويهاً لقريش وحتى يسكن عنهم الطلب.
وفي هذه الأثناء، تعلن قريش حالة الطوارئ في مكة، وتضع جائزة لمن يأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وهي مائة من الإبل عن كل واحد منها.
وبدأ قصاص الأثر يبحثون حتى وصلوا قريباً من الغار.
فأمر الله عز وجل جندياً من جنوده وهو: العنكبوت، فنسجت بيتاً على باب الغار، فبدا وكأن أحداً لم يدخله.
فلما رأوا الغار تراكضوا نحوه، ثم لما رأوا نسج العنكبوت رجعوا.
وفي هذه اللحظة الحاسمة يضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنموذج الأسمى في اليقين والتوكل على الله عز وجل، حيث يقول له أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله؛ لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا. فقال له صلى الله عليه وسلم : (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)
وبعد مضي ثلاثة أيام يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، يرافقهما الدليل وعامر بن فهيرة ، في طريق غير الطريق المعروفة للناس.
وفي هذه الأثناء يصل خبر الى سراقة بن مالك عن أسودة جهة الساحل، فقام فتجهز وخرج سراً ولحق بهم.
يقول سراقة: فركبتها (يعني فرسه ) فدفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها أضرهم أم لا ؟ فخرج الذي أكره. فركبت فرسي وعصيت الأزلام. فجعل فرسي يقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلموهو لا يلتف وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها فأهويت، ثم زجرتها فنَهَضَت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت الأزلام فخرج الذي أكره.
فناديتهم بالأمان، فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قالا: أخفِ عنا.
فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب لي رقعة من أدم. ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما رجع سراقة جعل لا يلقى أحداً من الطلب إلا رده وقال: كفيتم هذا الوجه.
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة، ومر في رحلته على خيمة أم معبد الخزاعية، التي كانت تضّيف الضيفان.
وجاءوهم في فترة كانوا فيها في حالة من القحط الشديد، فسألوها شراء الطعام، فقالت : لو كان عندنا لكفيناكموه.
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم الى شاة في ناحية من الخيمة، فسأل عنها. فقالت: انها خلفها الجهد عن الغنم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتأذنين لي بحلبها؟ فقالت: إنها
(فهل بها من لبن ؟) قالت: هي أجهد من ذلك.
قال: (تأذنين لي أن أحلبها ؟) قالت: إن كان بها حلب فاحلبها.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسحها وذكر اسم الله ومسح ضرعها وذكر اسم الله، ودعا بإناء لها يربض الرهط (يعني يشبعهم) فتفاجت (يعني فرجت بين رجليها) واجترت فحلب فيه ثجاً حتى ملأه، فسقاها وسقى أصحابه فشربوا عللاً بعد نهل، حتى إذا رووا شرب آخرهم وقال: (ساقي القوم آخرهم).
ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء، فغادره عندها ثم ارتحلوا.
قال: فقل ما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن (يعني يتمايلن) هزلاً لا نقى بهن مخهن قليل، فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين هذا اللبن يا أم معبد، ولا حلوبة في البيت والشاء عازب ؟ !
فقالت: لا والله إنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت. فقال: صفيه لي، فو الله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلب.
ومضى النبي صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى قباء ونزل في بني عمرو بن عوف، ومكث في قباء بضع عشرة ليلة ، ثم انتقل إلى المدينة، ليستقبله كل الناس ، وكل قبيلة على باب دارهم، يأخذون بزمام الناقة ويدعونه للنزول عندهم، فيقول صلى الله عليه وسلم : ( دعوها فإنها مأمورة ) حتى أناخت في مربد للتمر ليتيمين في حجر أسعد بن زرارة والذي اشتراه منهم صلى الله عليه وسلم.
فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في أقرب بيت من المكان وهو بيت أبي أيوب الأنصاري فأقام فيه حتى انتهي من بناء المسجد و حُجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
لتبدأ الدولة الإسلامية العظيمة، التي حماها الله تبارك وتعالى وأيدها بنصره، وجعلها عزيزة، شامخة.
والهجرة جعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته بداية للتاريخ الإسلامي العريق.
فنسأل الله عز وجل أن يحفظ عليننا ديننا، وأن يعيننا على الاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم
والحمد لله رب العالمين









 


رد مع اقتباس
قديم 2014-01-15, 18:29   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نوري32
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية نوري32
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aymen23a مشاهدة المشاركة
مختصر أحداث الهجرة النبوية.................................................. .
الشيخ محمد علي غانم.............................................. ..........
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين وعلى آله وصحبه الغر الميامين وسلم تسليماً كثيرا.
وبعد:
فإن في الهجرة من الدروس والعبر ما فيه خير للبشر، ونبراس لمن على الطريق السوي عَبَر، وهذه مختصر أحداث الهجرة لمن أراد الفائدة واعتبر.
أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، بعد أن أذاقتهم قريش ألوان العذاب، فهاجروا فرادى وجماعات متخفين عن أعين قريش كي لا يفتنوهم،
وتأخر النبي صلى الله عليه وسلم حتى يأذن الله له، وكان قد أخر أبا بكر رضي الله عنه.
وقد أذن الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة بعد أن أجمعت قريش أمرها على قتله، وكانوا قبل ذلك قلقون من هجرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأرادوا أن يضعوا لذلك حداً فاتفقوا على أن يعقدوا اجتماعاً للبحث في هذا الأمر وحددوا له موعداً.
ولما اجتمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، غدوا في اليوم الذي اتعدوا له، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة، فاعترضهم إبليس لعنه الله في صورة شيخ جليل عليه بتٌّ له (يعني كساء غليظ) فوقف على باب الدار، فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ ؟ قال: شيخ من أهل نجد، سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا. قالوا: أجل فادخل.
فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش وغيرهم ممن لا يعد من قريش.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإننا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا، فأجمعوا فيه رأيا. فتشاوروا، ثم قال قائل منهم: احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله، زهيراً والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم.
فقال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه كما يقولون ليخرجن أمره من وراء الباب هذا الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي.
فتشاوروا، ثم قال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فو الله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت.
قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به ؟ ! والله لو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم
إليكم حتى يطأكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، أديروا فيه رأيا غير هذا.
فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد.
قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتىً شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعها، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم (يعني الدية). فقال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي ولا رأي غيره. فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.
فأتى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال له: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.
فلما كانت عتمةٌ من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبى طالب: (نم على فراشي وتسج ببردى هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
ولما اجتمعوا له، وفيهم أبو جهل قال وهم على بابه: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان فيكم ذبح، ثم بعثتم بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: ( نعم أنا أقول ذلك، أنت أحدهم ). وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات: ( يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم ) إلى قوله تعالى وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا.ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب. فأتاهم آتٍ ممن لم يكن معهم فقال: ما تنتظرون ههنا ؟ قالوا: محمداً. فقال: خيبكم الله ! قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلاً إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم ؟ ! قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون فيرون علياً على الفراش متسجياً ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائماً عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، فقام علي عن الفراش فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي كان حدثنا.
وفي هذا الوقت كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذهب إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه، كما تخبرنا بذلك عائشة رضي الله عنها حيث قالت:
كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبى بكر أحد طرفي النهار إما بكرة، وإما عشية. حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها.
قالت: فلما رآه أبو بكر قال: ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الساعة إلا لأمر حدث.
قالت: فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبى بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أخرج عني من عندك ) قال: يا رسول الله إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي ؟ قال: إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة.
قالت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله ؟ قال: الصحبة.
قالت: فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكى ! ثم قال: يا نبي الله إن هاتين راحلتين كنت أعددتهما لهذا.
واستأجرا عبدالله بن أريقط ، وكان مشركا، يدلهما على الطريق، ودفعا إليه راحلتيهما، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما.
ثم توجها الى الغار في جبل ثور، في الجهة المعاكسة لطريق الهجرة، تمويهاً لقريش وحتى يسكن عنهم الطلب.
وفي هذه الأثناء، تعلن قريش حالة الطوارئ في مكة، وتضع جائزة لمن يأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وهي مائة من الإبل عن كل واحد منها.
وبدأ قصاص الأثر يبحثون حتى وصلوا قريباً من الغار.
فأمر الله عز وجل جندياً من جنوده وهو: العنكبوت، فنسجت بيتاً على باب الغار، فبدا وكأن أحداً لم يدخله.
فلما رأوا الغار تراكضوا نحوه، ثم لما رأوا نسج العنكبوت رجعوا.
وفي هذه اللحظة الحاسمة يضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنموذج الأسمى في اليقين والتوكل على الله عز وجل، حيث يقول له أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله؛ لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا. فقال له صلى الله عليه وسلم : (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)
وبعد مضي ثلاثة أيام يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، يرافقهما الدليل وعامر بن فهيرة ، في طريق غير الطريق المعروفة للناس.
وفي هذه الأثناء يصل خبر الى سراقة بن مالك عن أسودة جهة الساحل، فقام فتجهز وخرج سراً ولحق بهم.
يقول سراقة: فركبتها (يعني فرسه ) فدفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها أضرهم أم لا ؟ فخرج الذي أكره. فركبت فرسي وعصيت الأزلام. فجعل فرسي يقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلموهو لا يلتف وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها فأهويت، ثم زجرتها فنَهَضَت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت الأزلام فخرج الذي أكره.
فناديتهم بالأمان، فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قالا: أخفِ عنا.
فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب لي رقعة من أدم. ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما رجع سراقة جعل لا يلقى أحداً من الطلب إلا رده وقال: كفيتم هذا الوجه.
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة، ومر في رحلته على خيمة أم معبد الخزاعية، التي كانت تضّيف الضيفان.
وجاءوهم في فترة كانوا فيها في حالة من القحط الشديد، فسألوها شراء الطعام، فقالت : لو كان عندنا لكفيناكموه.
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم الى شاة في ناحية من الخيمة، فسأل عنها. فقالت: انها خلفها الجهد عن الغنم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتأذنين لي بحلبها؟ فقالت: إنها
(فهل بها من لبن ؟) قالت: هي أجهد من ذلك.
قال: (تأذنين لي أن أحلبها ؟) قالت: إن كان بها حلب فاحلبها.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسحها وذكر اسم الله ومسح ضرعها وذكر اسم الله، ودعا بإناء لها يربض الرهط (يعني يشبعهم) فتفاجت (يعني فرجت بين رجليها) واجترت فحلب فيه ثجاً حتى ملأه، فسقاها وسقى أصحابه فشربوا عللاً بعد نهل، حتى إذا رووا شرب آخرهم وقال: (ساقي القوم آخرهم).
ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء، فغادره عندها ثم ارتحلوا.
قال: فقل ما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن (يعني يتمايلن) هزلاً لا نقى بهن مخهن قليل، فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين هذا اللبن يا أم معبد، ولا حلوبة في البيت والشاء عازب ؟ !
فقالت: لا والله إنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت. فقال: صفيه لي، فو الله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلب.
ومضى النبي صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى قباء ونزل في بني عمرو بن عوف، ومكث في قباء بضع عشرة ليلة ، ثم انتقل إلى المدينة، ليستقبله كل الناس ، وكل قبيلة على باب دارهم، يأخذون بزمام الناقة ويدعونه للنزول عندهم، فيقول صلى الله عليه وسلم : ( دعوها فإنها مأمورة ) حتى أناخت في مربد للتمر ليتيمين في حجر أسعد بن زرارة والذي اشتراه منهم صلى الله عليه وسلم.
فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في أقرب بيت من المكان وهو بيت أبي أيوب الأنصاري فأقام فيه حتى انتهي من بناء المسجد و حُجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
لتبدأ الدولة الإسلامية العظيمة، التي حماها الله تبارك وتعالى وأيدها بنصره، وجعلها عزيزة، شامخة.
والهجرة جعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته بداية للتاريخ الإسلامي العريق.
فنسأل الله عز وجل أن يحفظ عليننا ديننا، وأن يعيننا على الاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم
والحمد لله رب العالمين
بارك الله فيك









رد مع اقتباس
قديم 2014-01-15, 18:31   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نوري32
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية نوري32
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aymen23a مشاهدة المشاركة
مختصر أحداث الهجرة النبوية.................................................. .
الشيخ محمد علي غانم.............................................. ..........
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين وعلى آله وصحبه الغر الميامين وسلم تسليماً كثيرا.
وبعد:
فإن في الهجرة من الدروس والعبر ما فيه خير للبشر، ونبراس لمن على الطريق السوي عَبَر، وهذه مختصر أحداث الهجرة لمن أراد الفائدة واعتبر.
أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، بعد أن أذاقتهم قريش ألوان العذاب، فهاجروا فرادى وجماعات متخفين عن أعين قريش كي لا يفتنوهم،
وتأخر النبي صلى الله عليه وسلم حتى يأذن الله له، وكان قد أخر أبا بكر رضي الله عنه.
وقد أذن الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة بعد أن أجمعت قريش أمرها على قتله، وكانوا قبل ذلك قلقون من هجرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأرادوا أن يضعوا لذلك حداً فاتفقوا على أن يعقدوا اجتماعاً للبحث في هذا الأمر وحددوا له موعداً.
ولما اجتمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، غدوا في اليوم الذي اتعدوا له، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة، فاعترضهم إبليس لعنه الله في صورة شيخ جليل عليه بتٌّ له (يعني كساء غليظ) فوقف على باب الدار، فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ ؟ قال: شيخ من أهل نجد، سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا. قالوا: أجل فادخل.
فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش وغيرهم ممن لا يعد من قريش.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإننا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا، فأجمعوا فيه رأيا. فتشاوروا، ثم قال قائل منهم: احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله، زهيراً والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم.
فقال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه كما يقولون ليخرجن أمره من وراء الباب هذا الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي.
فتشاوروا، ثم قال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فو الله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت.
قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به ؟ ! والله لو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم
إليكم حتى يطأكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، أديروا فيه رأيا غير هذا.
فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد.
قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتىً شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعها، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم (يعني الدية). فقال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي ولا رأي غيره. فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.
فأتى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال له: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.
فلما كانت عتمةٌ من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبى طالب: (نم على فراشي وتسج ببردى هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
ولما اجتمعوا له، وفيهم أبو جهل قال وهم على بابه: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان فيكم ذبح، ثم بعثتم بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: ( نعم أنا أقول ذلك، أنت أحدهم ). وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات: ( يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم ) إلى قوله تعالى وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا.ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب. فأتاهم آتٍ ممن لم يكن معهم فقال: ما تنتظرون ههنا ؟ قالوا: محمداً. فقال: خيبكم الله ! قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلاً إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم ؟ ! قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون فيرون علياً على الفراش متسجياً ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائماً عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، فقام علي عن الفراش فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي كان حدثنا.
وفي هذا الوقت كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذهب إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه، كما تخبرنا بذلك عائشة رضي الله عنها حيث قالت:
كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبى بكر أحد طرفي النهار إما بكرة، وإما عشية. حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها.
قالت: فلما رآه أبو بكر قال: ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الساعة إلا لأمر حدث.
قالت: فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبى بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أخرج عني من عندك ) قال: يا رسول الله إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي ؟ قال: إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة.
قالت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله ؟ قال: الصحبة.
قالت: فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكى ! ثم قال: يا نبي الله إن هاتين راحلتين كنت أعددتهما لهذا.
واستأجرا عبدالله بن أريقط ، وكان مشركا، يدلهما على الطريق، ودفعا إليه راحلتيهما، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما.
ثم توجها الى الغار في جبل ثور، في الجهة المعاكسة لطريق الهجرة، تمويهاً لقريش وحتى يسكن عنهم الطلب.
وفي هذه الأثناء، تعلن قريش حالة الطوارئ في مكة، وتضع جائزة لمن يأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وهي مائة من الإبل عن كل واحد منها.
وبدأ قصاص الأثر يبحثون حتى وصلوا قريباً من الغار.
فأمر الله عز وجل جندياً من جنوده وهو: العنكبوت، فنسجت بيتاً على باب الغار، فبدا وكأن أحداً لم يدخله.
فلما رأوا الغار تراكضوا نحوه، ثم لما رأوا نسج العنكبوت رجعوا.
وفي هذه اللحظة الحاسمة يضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنموذج الأسمى في اليقين والتوكل على الله عز وجل، حيث يقول له أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله؛ لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا. فقال له صلى الله عليه وسلم : (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)
وبعد مضي ثلاثة أيام يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، يرافقهما الدليل وعامر بن فهيرة ، في طريق غير الطريق المعروفة للناس.
وفي هذه الأثناء يصل خبر الى سراقة بن مالك عن أسودة جهة الساحل، فقام فتجهز وخرج سراً ولحق بهم.
يقول سراقة: فركبتها (يعني فرسه ) فدفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها أضرهم أم لا ؟ فخرج الذي أكره. فركبت فرسي وعصيت الأزلام. فجعل فرسي يقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلموهو لا يلتف وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها فأهويت، ثم زجرتها فنَهَضَت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت الأزلام فخرج الذي أكره.
فناديتهم بالأمان، فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قالا: أخفِ عنا.
فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب لي رقعة من أدم. ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما رجع سراقة جعل لا يلقى أحداً من الطلب إلا رده وقال: كفيتم هذا الوجه.
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة، ومر في رحلته على خيمة أم معبد الخزاعية، التي كانت تضّيف الضيفان.
وجاءوهم في فترة كانوا فيها في حالة من القحط الشديد، فسألوها شراء الطعام، فقالت : لو كان عندنا لكفيناكموه.
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم الى شاة في ناحية من الخيمة، فسأل عنها. فقالت: انها خلفها الجهد عن الغنم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتأذنين لي بحلبها؟ فقالت: إنها
(فهل بها من لبن ؟) قالت: هي أجهد من ذلك.
قال: (تأذنين لي أن أحلبها ؟) قالت: إن كان بها حلب فاحلبها.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسحها وذكر اسم الله ومسح ضرعها وذكر اسم الله، ودعا بإناء لها يربض الرهط (يعني يشبعهم) فتفاجت (يعني فرجت بين رجليها) واجترت فحلب فيه ثجاً حتى ملأه، فسقاها وسقى أصحابه فشربوا عللاً بعد نهل، حتى إذا رووا شرب آخرهم وقال: (ساقي القوم آخرهم).
ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء، فغادره عندها ثم ارتحلوا.
قال: فقل ما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن (يعني يتمايلن) هزلاً لا نقى بهن مخهن قليل، فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين هذا اللبن يا أم معبد، ولا حلوبة في البيت والشاء عازب ؟ !
فقالت: لا والله إنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت. فقال: صفيه لي، فو الله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلب.
ومضى النبي صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى قباء ونزل في بني عمرو بن عوف، ومكث في قباء بضع عشرة ليلة ، ثم انتقل إلى المدينة، ليستقبله كل الناس ، وكل قبيلة على باب دارهم، يأخذون بزمام الناقة ويدعونه للنزول عندهم، فيقول صلى الله عليه وسلم : ( دعوها فإنها مأمورة ) حتى أناخت في مربد للتمر ليتيمين في حجر أسعد بن زرارة والذي اشتراه منهم صلى الله عليه وسلم.
فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في أقرب بيت من المكان وهو بيت أبي أيوب الأنصاري فأقام فيه حتى انتهي من بناء المسجد و حُجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
لتبدأ الدولة الإسلامية العظيمة، التي حماها الله تبارك وتعالى وأيدها بنصره، وجعلها عزيزة، شامخة.
والهجرة جعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته بداية للتاريخ الإسلامي العريق.
فنسأل الله عز وجل أن يحفظ عليننا ديننا، وأن يعيننا على الاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم
والحمد لله رب العالمين
بارك الله فيك









رد مع اقتباس
قديم 2014-03-11, 10:29   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
علي الخبراء
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فييييييييييييك










رد مع اقتباس
قديم 2014-04-03, 13:12   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
mikassa
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك أخي










رد مع اقتباس
قديم 2014-04-03, 13:18   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
طهراوي ياسين
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية طهراوي ياسين
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2014-05-25, 14:12   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
كمبيونت
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خير ومشكور على الموضوع










رد مع اقتباس
قديم 2014-05-25, 19:38   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
* نــــُورَة ♥
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بــــــــــــــــــــآرك الله فيك ،،،










رد مع اقتباس
قديم 2014-05-25, 19:51   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
دمعة فرح*
عضو محترف
 
الصورة الرمزية دمعة فرح*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكراااااااااااااااا










رد مع اقتباس
قديم 2014-05-27, 09:51   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ilyeskara
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

Nicccce Work










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مختصر, أحداث, المباركة, الهجرة, النبوية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:33

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc