مدارس المعاجم العربية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > منتدى اللّغة العربيّة

منتدى اللّغة العربيّة يتناول النّقاش في قضايا اللّغة العربيّة وعلومها؛ من نحو وصرف وبلاغة، للنُّهوضِ بمكانتها، وتطوير مهارات تعلّمها وتصحيح الأخطاء الشائعة.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مدارس المعاجم العربية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-02-03, 14:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
sasihalim
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










M001 مدارس المعاجم العربية

المعجم
تعريفه:
أطلق لفظ المعجم على الكتاب الذي أورد الألفاظ اللغوية ومعانيها مرتبه بحسب حروفها.
مصدر التسمية:
أخذت هذه من حروف المعجم لإطلاقهم اللفظ – (المعجم) – على الكتب التي راعت – أي نوع من المراعاة – الحروف في ترتيبها كمعاجم اللغة، والأدباء، والشعراء، والمؤلفين، والبلدان، وغيرها[1].
تعليل تسمية حروف العربية بحروف المعجم:
تباينت أراء العلماء في تعليل تسمية الحروف العربية بحروف المعجم فذهب الخليل بن أحمد الفراهيدي إلى أنها سميت بهذا الإسم لكونها أعجمية[2] من غير أن يوضح ما أراده بأعجميتها. ولهذا قال ابن فارس (وأظن الخليل أراد بالأعجمية أنها ما دامت مقطعة، غير مؤلفة تأليف الكلام المفهوم، فهي أعجمية، لأنها لا تدل على شيء فإن كان أراد هذا فله وجه، وإلا فما أدرى أي شيء أراد بالأعجمية)[3].
وذهب الفارابي مذهب الخليل في أعجميتها المتأنية من تقطيعها فقال (حروف المعجم: الحروف المقطعة)[4]. وسئل أبو العباس ثعلب عن تسميتها بحروف المعجم فقال ((أما أبو عمرو الشيباني فيقول: أعجمت: أبهمت وقال الفراء: أنها أخذت من أعجمت الحروف، ويقال قفل معجم، وأمر معجم إذا اعتاص. وقال أبو الهيثم: معجم الخط: هو الذي أعجمه كاتبه بالنقط)[5].
وقال الجوهري: "والمعجم: النقط بالسواد مثل التاء عليه نقطتان، يقال أعجمت الحرف، والتعجيم مثله... ومنه حروف المعجم: وهي الحروف المقطعة التي يختص أكثرها بالنقط من بين سائر حروف الإسم. ومعناه: حروف الخط المعجم كما تقول: مسجد الجامع، وصلاة الأولى: أي مسجد اليوم الجامع وصلاة الساعة الأولى"[6].
وذهب المبرد إلى أن المعجم بمعنى الإعجام، وأيده فيما ذهب إليه ابن جني (أبو الفتح عثمان بن جني ت342) فقال: "والصواب في ذلك عندنا ما ذهب إليه أبو العباس محمد بن يزيد (المبرد) رحمه الله تعالى من أن المعجم مصدر بمنزلة الإعجام. كما تقول: أدخلته مدخلاً، وأخرجته مخرجاً: أي إدخالاً وإخراجاً.. فكأنّهم قالوا هذه حروف الإعجام. فهذه أسد وأصوب من أن يذهب إلى أن قولهم: حروف المعجم بمنزلة قولهم صلاة الأولى، ومسجد الجامع فالأولى غير الصلاة في المعنى، والجامع غير المسجد في المعنى أيضاً"[7].

وناقش عبارة حروف المعجم مناقشة نحوية تناول فيها أيما توسع فنفى أن يكون المعجم وصفاً للحروف، إذْ لا توصف النكرة بمعرفة. وأكد أن حروف المعجم لا تعني حروف الكلام المعجم، وإنما تعني أن الحروف هي المعجمة[8]، وفاته أن الكلام أو الخط الذي تعجم حروفه: كلام معجم وخط معجم. وليس هناك – على الإطلاق – ما يمنع من وصفها بالإعجام ما دامت حروفهما معجمة. وأنهما كأعضاء الجسد، وأفراد المجتمع. وسلامة الجسد من سلامة أعضائه، وصلاح المجتمع من صلاح أفراده وبالعكس. وما لنا وهذا ونحن ننعت الأفعال بالصحة والعلة لا لشيء إلا لصحة حروفها واعتلالها وكذلك الشأن في المهموز منها والواوي. فلا أدري – بعد هذا – ما الذي يمنع أن يوصف الكلام بالإعجام لإعجام حروفه؟؟
أما إضافة الحروف إلى المعجم فهي إضافة صحيحة لا غبار عليها. وإذا تهيأ لابن جني أن الحروف هي الكلام أو الخط، وأن الشيء – كما ذهب النحاة – لا يضاف إلى نفسه فقد أبعد. لأن الكلام أو الخط غير الحروف وإن كانت الحروف ركناً هاماً فيهما لا قوام لهما بدونه. فهما مكونان من حروف معينة موصولة متحركة (منطوقة) مرتبة على نسق أراده المتكلم أو الكاتب للتعبير عن معنى ما. أما الحروف فهي مقطعة غير موصولة، صامتة غير منطوقة لخلوها من الحركات، وهي بعد هذا لا تؤدي أي معنى من المعاني.

ومهما يكن من شيء فأن ما أنكره ابن جني على غيره من القائلين. بأن حروف المعجم تعني حروف الكلام أو الخط المعجم إنما تعني حروف الكلام أو الخط العربي ما دام الإعجام خاصاً بهما كما أعتقد علماء العربية القدامى. وقد صرح ابن فارس باعتقادهم هذا فقال: "والذي عندنا في ذلك أنه أريد بحروف المعجم حروف الخط المعجم وهو الخط العربي لأنا لا نعلم خطاً من الخطوط يعجم هذا الإعجام حتى يدل على المعاني الكثيرة"[9].
ولهذا استغنوا عن حروف الخط العربي بحروف الخط المعجم، ثم استطالوا هذه العبارة فحذفوا الكلام أو الخط منها، إستغناء عنهما بذكر أبرز خصائصهما فكانت حروف المعجم بمعنى حروف الخط المعجم أو حروف العربية. ولهذا رأينا حروف المعجم هذه تدخل في عناوين الكتب التي راعت الحروف العربية – كما أسلفنا – أي نوع من المراعاة في ترتيب موادها، فقيل (كتاب هذا على حروف المعجم)[10] وهو في الحقيقة على حروف العربية ويبدو أنهم استطالوا هذه العبارة أيضاً فاكتفوا بالقول (كتاب كذا على الحروف)[11] بحذف لفظ المعجم أو (معجم كذا) بحذف لفظ الحروف وإضافة المعجم إلى مضمون الكتاب. وراجت هذه العبارة أكثر من الأولى لاختصارها من غير ما إخلال بالمعنى، وصارت علماً للكتب المتحدث عنها كمعجم الأدباء ومعجم الشعراء، ومعجم البلدان ومعجم ألفاظ القرآن ومعجم ألفاظ الحديث وغيرها.

تاريخ استخدام اللفظ وشيوعه:
ألحق أننا لا ندري – على وجه اليقين – متى استخدم لفظ المعجم في عناوين الكتب، ومن ذا الذي استخدمه وفي أي مؤلف من مؤلفاته لضياع كثير من مؤلفات علمائنا الأقدمين[12]. ولقد قيل أن الإمام البخاري (أبو عبدالله محمد بن إسماعيل المولولد 194هـ) كان أول من أطلقه على واحد من مؤلفاته المرتبة على الحروف[13].
وعد من أوائل مستخدميه ألبغوي أبو القاسم عبدالله بن محمد المولود 214هـ) في كتابه (معجم الحديث) والمعجم الكبير والصغير والأوسط في قراءات القرآن[14].
وفي القرن الرابع الهجري كثر إطلاقه على كثير من المؤلفات في القراءات والحديث والتراجم. ويبدو أن اللفظ انتقل من هذه الكتب إلى كتب اللغة لما بينها من مشابهة في الجمع والاستقصاء والترتيب وإلا فإن أصحاب المعاجم اللغوية كانوا قد سموا معاجمهم بأسماء مختلفة كالعين، والجيم، والجمهرة، والصحاح، والتهذيب، والمقاييس، واللسان، والتاج، وغيرها.

جمع اللفظ والخلاف فيه:
ذهب أستاذنا الدكتور مصطفى جواد رحمه الله إلى أن القياس يوجب أن يجمع المعجم على معاجم مثل مرسل – مراسيل، ومسند – مسانيد.... أو معجمات[15] مثل مفرد – مفردات ولكن الجمع الذي شاع (معاجم) وقد صوبه الدكتور ناصر الدين الأسد قياساً على جمع القدماء لما مثله كمسند – مساند، ومذهب – مذاهب، ومطرف – مطارف، ومصعب – مصاعب، ومصحف – مصاحف[16]. وقد خصص الفارابي (إسحاق بن إبراهيم متوفي 350هـ) في كتابه (ديوان الأدب) باباً لما جاء من الألفاظ على وزن مفعل بضم الميم وفتح العين ضمته الألفاظ التي ذكرها الدكتور ناصر الدين الأسد وكثيراً غيرها منها: مغزل – مغازل، ومُنْخَل – لغة في مُنْخُل – مناخل[17] ولهذا فلا ضير في جمع المعجم على معاجم قياساً على جمع هذه الألفاظ وللمعاجم بعد هذا مزية الشيوع والإختصار.

مرادفه (القاموس):
عرفت المعاجم اللغوية بالقواميس، مفردها قاموس ومعناه: البحر أو أبعد موضع فيه غوراً وقيل وسطه ومعظمه[18]. وقد أطلقه الفيروزأبادي على معجمه فسماه (القاموس المحيط): أي البحر الأعظم كما ذكر ذلك المؤلف نفسه[19]. ولما كثر تداوله اكتفى من اسمه بالقاموس، ثم انتقل منه إلى ما ماثله فشمل المعاجم اللغوية السابقة واللاحقة وصار القاموس مرادفاً للمعجم[20].

الحروف العربية من الأبجدية إلى الهجائية إلى المخارج[21]
سرى ترتيب الحروف الأبجدي الفنيقي إلى سائر اللغات السامية ومنها العربية. وقد سمي هذا الترتيب بالأبجدي نسبة إلى الكلمة الأولى من الكلمات الست وهي:
أبجد – هوز – حطي – كلمن – سعفص – قرشت – أ ي ب جـ د – هـ و ز – ح ط ى – ك ل م ن – س ع ف ص – ق ر ش ت. ولقد أردفت (ألحقت) العربية بالحروف الفينيقية هذه ستة أحرف هي (ث، خ، ذ، ض، ظ، غ) جمعتها كلمتا (ثخذ، ضظغ) سميت بالروادف (اللواحق). ولخلو الحروف من النقط وتماثل كثير منها في الرسم برزت الحاجة إلى التمييز بين ما تماثل منها لا من اللبس وضبط الأداء، فعهد الحجاج بن يوسف الثقفي إلى نصر بن عاصم الليثي المتوفي سنة 90هـ القيام بمهمة التمييز هذه، فعمد عاصم إلى الحروف الأبجدية تاركاً الألف المهموزة على حالها لتفردها وانتقل إلى الباء فوضع بعدها ما ماثلها (التاء والثاء) فوضع تحت الباء نقطة وفوق التاء نقطتين وفوق الثاء ثلاث نقاط.
وانتقل إلى الجيم من كلمة أبجد وقام مثل ما قام به مع الباء، وكذلك فعل مع بقية الحروف الأبجدية. وجمع أحرف العلة في النهاية. وهكذا تم له ترتيب الحروف ترتيباً جديداً والتمييز بين ما تماثل منها في وقت واحد، فانتهى بها إلى ما نعهدها عليه الآن (أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ – الخ).
وقد عرف ترتيبه هذا بالترتيب الهجائي لأن حروفه – كما يبدو لي – تظل فيه مقطعة مفصولة، ولا تُقرأ إلا كذلك، فلا تتصل ببعضها لتؤلف ما ألفته حروف الترتيب الأول من كلمات أبجد هوز.. الخ. والتهجي: قراءة أحرف الكلمة أو قراءة الكلمة مقطعة الحروف إذ الهجاء: القراءة والتقطيع ففي القاموس المحيط (الهجاء ككساء: تقطيع اللفظة بحروفها) وقال أبو زيد (الهجاء: القراءة)[22] وعندي أن المعنيين (القراءة والتقطيع) قد اجتمعا في حروف الهجاء.

ولقد ذهب غير واحد من المحدثين إلى تسمية هذا الترتيب بالترتيب (الألفبائي) منتزعين هذه التسمية من الحرفين الأولين له وهما الألف والباء[23] ولقد رتبت الحروف الهجائية العربية ترتيباً آخر يختلف عن الترتيبين السابقين (الأبجدي والهجائي) ألا وهو الترتيب المخرجي الذي ابتدعه الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفي 170 أو175 أو177 مراعياً فيه مخارج الحروف مبتدئاً بأبعدها والأقرب فالأقرب حتى انتهى إلى أدناها مخرجاً ثم اختتمها بأحرف اللين (العلة) – والهمزة فجاءت الحروف الهجائية العربية في ترتيبه هذا على النحو التالي (ع، ح، هـ، خ، ق، ج، ش، ض، ص، س، ز، ط، د، ت، ظ، ث، ذ، ر، ل، ن، ف، ب، م، و، أ، ى، هـ، ء (الهمزة)[24].
ومع أن الترتيب الأبجدي أقدم ترتيب عرفته العربية للحروف فما من أحد من اللغويين العرب ألف معجماً للألفاظ على نسقه لأنه لم يكن يعتمد على دلالة واضحة في منطق العربية ولا يتسم بالأصالة ولا يراعي تعاقب الحروف المتشابهات رسماً أو المتقاربات نطقاً[25]. فليس له من مزية على الترتيبين الهجائي والمخرجي غير إمكانية تجميع حروفه في كلمات تيسر الإحاطة بتلك الحروف وترتيبها وإن لم يكن للكلمات المؤلفة منها أي معنى واضح.
ولم يكتب للترتيب الهجائي الذيوع أول مرة مع ما تميز به من جودة لوضعه الأخرى المتماثلات شكلاً ونطقاً في نسق مقبول ومعقول. فضاع ترتيب المخارج أول الأمر ثم ما لبث أن شاع الترتيب الهجائي (الألفبائي) لسهولته ويسره.

نشوء المعاجم اللغوية
الحديث عن نشوء المعاجم اللغوية إن هو إلا حديث عن جمع اللغة إذ ليست المعاجم إلا مجامع لها. ومن الطبيعي ألا تتم عملية الجمع هذه وتصل إلى ما وصلت إليه من السعة والشمول في المعاجم اللغوية الشاملة دفعة واحدة. ولهذا فقد أصاب الأستاذ أحمد أمين فيما ذهب إليه من أن عملية الجمع كانت قد مرت بثلاث مراحل:
(الأولى: جمع الكلمات حيثما اتفق، فالعالم يرحل إلى البادية يسمع كلمة في المطر، وكلمة في اسم السيف، وأخرى في الزرع والنبات وغيرها... إلى غير ذلك. فيدون كل ما سمع من غير ترتيب. إلا ترتيب السماع.
المرحلة الثانية: جمع الكلمات المتعلقة بموضوع واحد في موضع واحد... وتوجت هذه المرحلة بكتب تؤلف في الموضوع الواحد. فألف أبو زيد كتاباً في المطر، وكتاباً في اللبن وألف الأصمعي كتباً كثيرة، كل كتاب في موضوع.
والمرحلة الثالثة: وضع معجم يشمل كل الكلمات العربية على نمط خاص يرجع إليه من أراد البحث عن معنى كلمة... هذه هي المراحل الطبيعية لجمع اللغة. وكانت كل مرحلة من هذه المراحل تسلم إلى ما بعدها[26].
غير أن الذي ينبغي أن نتنبه إليه – وإن لم يكن ليقدم في فكرة المراحل الطبيعية هذه – أن الرواية أو المرحلة الأولى لجمع اللغة ما كانت خالصة للغة خاصة بها. إذ لم تكن العلوم الدينية قد استقلت عن العربية ذلك العهد ولم تكن اللغة الباعث الوحيد أو الرئيس للرواية، بل كانت الدراسات القرآنية أهم بواعثها.

وعلى أي حال فلقد رويت الألفاظ العربية مفردات وعبارات منشورة أو منظومة عن طرف أولئك الرواة أياً كان ما حفزهم إلى الرواية. والأهم من هذا أنه ليست هناك فواصل زمنية فصلت بين مرحلة وأخرى كما قد يوهم ما ذكره الأستاذ أحمد أمين فهذه المراحل متصلة تمام الاتصال، بل نستطيع أن نقول: أنها متداخلة ببعضها فلقد ألفت كثير من الرسائل الخاصة بالموضوعات – وهي المرحلة الثانية – بعد المرحلة الثالثة، مرحلة ابتكار المعجم الشامل. بل أن الرواية ذاتها – المرحلة الأولى – قد امتدت إلى ما بعد ابتكار المعجم. ويكفي في هذا أن ننظر في أشهر رواة اللغة وما أنتجوه لنتبيّن مثل هذا التداخل[27] غير أن هذا لا يعني – بالطبع – أن المعجم أو ابتكاره قد سبق الرواية وتأليف الرسائل الخاصة بالموضوعات، لأن امتداد المرحلتين أو أحداهما إلى ما بعد المرحلة الثالثة لا يتعارض مع تقدمهما فضلاً عن أن ينفيه.
ومهما يكن من شيء، فلقد تم ابتكار المعجم اللغوي العربي في النصف الثاني من القرن الثاني على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي كما أجمع المتحدثون من القدماء والمحدثين عن هذا النشاط من تراثنا العربي واقتصر شك طائفة منهم على مقدار ما عمله الخليل من كتاب العين لا أكثر[28].

البحث عن الألفاظ في المعاجم العربية
يتطلب البحث عن الألفاظ في المعاجم العربية إلماماً بجوانب من خصائص العربية وطريقة المعجم الذي تحاول الكشف فيه عنها.
ولعل من أبرز الخصائص التي ينبغي الإلمام بها لهذا الغرض أنها لغة متصرفة أو اشتقاقية. أي أنها تتألف من أسر لغوية، أو مواد أولية تعد أصولاً لكل ما يشتق منها من مفردات. فمادة (الضاد والراء والياء) مثلاً أصل لكل من (ضرب – يضرب – أضرب – ضرباً – ضربة – ضارب – مضروب – مضرب – الخ) ولكون هذه الأحرف الثلاثة – (ض – ر – ب) قد كونت المادة – الأولية التي اشتقت منها كل هذه المفردات، وحددت لها دلالتها العامة ودخلت في تركيب مفرداتها على إختلاف صيغها فقد سميت أحرفاً أصلية. وسميت الأخرى التي جاءت بها الصيغ المختلفة للدلالة على ما تختص به كل صيغة منها أحرفاً زائدة[29] لزيادتها على الأصل الذي اشتقت منه تلك الصيغ واستغنائه عنها.
وقد استقرء الصوفيون أحرف الزيادة فانتهوا إلى أنها عشرة حروف جمعتها العبارة (سألتمونيها) أو (اليوم ننساه) أو (هويت السمان) وغيرها[30] كما انتهوا إلى أن الزيادة قد تكون بتكرار حرف من أحرف اللفظ الأصلية[31] وعدوا اللفظ مجرداً، إذا تجرد من أحرف الزيادة بنوعيها واقتصر على أحرفه الأصلية، ومزيداً إِن تضمَّنَ أية زيادة عليها.

ولقد ذهب علماء العربية إلى أن الأصل في الحروف أن تتألف من حرف أو حرفين[32] وما جاوزهما فقد خرج عن الأصل فيها وأشبه الأفعال والأسماء[33] إذ الأصل في هذه أن تتألف من أحرف لا تقل عن ثلاثة، ولا تزيد الأفعال على أربعة أصلية، والأسماء على خمسة منها[34].
وما جاء من الأسماء على أقل من ثلاثة أحرف فإما أن يكون كذلك حقيقة مثل بعض الضمائر[35] وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة[36] وأسماء الشرط والإستفهام[37] وأسماء الأفعال المرتجلة[38] وغيرها – فيكون خارجاً عن الأصل في الأسماء مشبهاً الحروف في هيئتها وبنائها فأصله ما جاء عليه، إذ ليس له أصل غيره يلجأ إليه.
وإما أن يكون الإسم أو الفعل كذلك ظاهراً لا حقيقة – مثل يد ودم من الأسماء[39] وما سقطت همزته من الأفعال[40]، أو سقط حرف أو أكثر من أحرفه الأصلية المعتلة لسبب صرفي أو نحوي[41] ومثل هذه الألفاظ ينبغي أن تعاد إليها الأحرف الساقطة منها لتعرف أصولها ومن ثم يبحث عنها في المعاجم لأن هذه المعاجم كانت قد اعتمدت في ترتيبها الأحرف الأصلية ما وجد منها في اللفظ وما سقط منه. يمكن معرفة ما سقط من الأسماء بأن – ننسب إليها، أو أن تقف على أفعالها وتصريفها إن كانت لها أفعال.
أما ما حذف من الأفعال فتصريفها كفيل بإعادتها إليها. وإذا عاد الباحث بالألفاظ إلى أصولها لا يكون أمامه غير معرفة السبيل التي انتهجها المعجم في ترتيب مواده اللغوية وسنين هذه السبل في مدارس المعاجم اللغوية.

مدارس المعاجم العربية
1 – مدرسة العين:
(أ) كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (100 – 175 أو 177هـ) مبتدع العروض أو بحور الشعر العربي[42] ومبتكر ترتيب حروف الهجاء العربية بحسب مخارجها[43] لجمع الألفاظ العربية المستعمل منها والمهمل وبكتابه هذا عرفت مدرسة العين وقد اعتمد في ترتيبه على ثلاثة أسس هي[44]:

1 – المخارج:
إذا قسم معجمه إلى تسعة وعشرين كتاباً سمى كلاً منها بحرف من أحرف الهجاء. غير أنه عمد إلى ترتيبها وفقاً للترتيب المخرجي الذي ابتدعه. فابتدأ بالعين وانتهى بالهمزة ولهذا سمى معجمه (كتاب العين) من باب تسمية الكل باسم الجزء وضمن كلاً من هذه الكتب جميع الألفاظ التي تضمنت الحرف الذي عنون به الكتاب إلا ما قد تقدم ذكره في كتاب سبقه فكلمة (رعب) مثلاً أوردها في كتاب العين لكون العين أول الحروف في ترتيبه المخرجي ولا يتكرر ورودها في كتاب الراء أو الباء.
ويمكننا أن نسمي كل كتاب من هذه الكتب باباً كيلا تتعدد الأسماء لمسمى واحد لأن الجوهري ومن تلاه من أصحاب المعاجم أو أكثرهم كانوا قد سموا ما يقابل هذه الكتب أبواباً.

2 – الأبنية:
أو عدد أحرف الألفاظ: إذ قسم كل كتاب أو باب إلى ستة أقسام أو فصول.
أ – الثنائي الصحيح المضاعف: فمنه الألفاظ المؤلفة من حرفين صحيحين كرر أحدهما مثل (مدَّ) أو كلاهما مثل (زلزل).
ب – الثلاثي الصحيح: المؤلف من ثلاثة أحرف صحيحة متنوعة مثل (ذهب).
جـ – الثلاثي المعتل: المؤلف من ثلاثة أحرف منها واحد معتل أو مهموز مثل (رمى، قرأ).
د – الثلاثي اللفيف: المؤلف من ثلاثة أعتل حرفان منه مثل (وعى).
هـ – الرباعي: المؤلف من أربعة أحرف أصلية مختلفة مثل (بعثر، دحرج).
و – الخماسي: المؤلف من خمسة أحرف أصلية مختلفة مثل (سفرجل).

3 – التقاليب:
تغيير مواقع أحرف اللفظ أو ترتيبها حتى يأخذ كل منها مواقع الأحرف المشتركة معه في تكوين اللفظ.
وقد عمد الخليل إلى التقاليب ليقف على كل ما يمكن أن يتكون من حروف الهجاء من ألفاظ مستعملة أو مهملة. وقد انتهى – فعلاً إلى أن للثنائي أو المضعف صورتين فالدال والراء مثلاً لا يتكون منهما غير (در، رد). أما الثلاثي فله ست صور فالدال والهاء والباء مثلاً لا يتكون منها غير (ذهب، ذبه، هبذ، هذب، بذه، بهذ) وترتفع هذه التقاليب في الرباعي فتصل إلى أربع وعشرين صورة وفي الخماسي إلى مائة وعشرين صورة، وقد جمع الخليل تقاليب اللفظ كلها في أسبق حرف منها في ترتيبه المخرجي ولهذا فالبحث عن لفظ من الألفاظ في معجم العين يتطلب.
أ – ترتيب أحرفه بحسب ترتيب الخليل للحروف – بعد إرجاع اللفظ بالطبع إلى أصله كما في كل المعاجم – لكي تقف على الكتاب أو الباب الذي يرد اللفظ فيه.
ب – النظر في بنيته إن ثنائياً أو ثلاثياً أو غير ذلك لمعرفة الفصل الذي يورده فيه.
جـ – الصورة التي ورد بها اللفظ المبحوث عنه لمعرفة القسم الخاص به فالفعل (لعب) مثلاً يرتب بحسب ترتيب الخليل للحروف فيكون (علب) إذ العين قبل اللام، واللام قبل الباء ولهذا يبحث عنه في كتاب أو باب العين. ولما كان الفعل ثلاثياً صحيحاً فالبحث عنه في باب العين ينحصر في الفصل الخاص منه بالثلاثي الصحيح الذي اتصلت فيه العين باللام مع الباء. ولكن اللفظ المبحوث عنه (لعب) وليس (علب) لذا يبحث عنه في الصورة أو التقليب الذي يطابقه وهكذا.
ب – كتاب البارع في اللغة[45] لأبي علي القالي (إسماعيل بن القاسم 288 – 356هـ) اتبع مؤلفه منهج الخليل في اعتماده على المخارج والأبنية والتقاليب غير أن ترتيبه للحروف أقرب إلى ترتيب سيبويه لها[46] منه إلى الخليل[47] فقد جاء ترتيبه على النحو التالي.
هـ – ح – ع – خ – غ – ق – ك – ض – ج – ر – ش – ل – و – ن – ط – د – ت – ص – ز – س – ظ – ذ – ث – ف – ب – م – أ – ى – د[48].
كما أنه خالف الخليل في بعض أبنيته – وإن قسمها مثله إلى ستة – فقد جمع في الثلاثي ما اعتل بحرف أو حرفين فجاء هذا القسم مقابلاً لقسمي الثلاثي في كتاب العين وهما الثلاثي المعتل واللفيف[49] وأخلص قسماً لما سماه بالحواشي والأوشاب جمع فيه الثنائي الخفيف الصحيح مثل قق (حكاية صوت الضحك) والمعتل مثل (هو).
وعلى أية حال فطريقة استعماله طريقة العين ذاتها مع مراعاة الاختلافات اليسيرة التي أشرنا إليها.
جـ – تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري (محمد بن أحمد – 282هـ – 370هـ) فقد اتبع فيه الأزهري منهج الخليل بحذافيره حتى جاء التهذيب صورة مكبرة للعين.
د – المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده (علي بن إسماعيل 398هـ – 458هـ) وقد اتبع فيه ابن سيده الخليل في ترتيبه للحروف مخرجياً كما اتبعه في أبنيته ولكن على النحو الذي انتهى بها إليه أبو بكر الزبيدي (محمد بن الحسن المتوفي 379 للهجرة) في كتابه تلخيص مختصر العين إذ فضل الزبيدي بين الثنائي المضعف الصحيح والثنائي المضعف المعتل فصارت أبنية الخليل الستة عنده سبعة أبنية وأضاف ابن سيده إليها بناء آخر تفرَّد به ألا وهو بناء السداسي، وضع فيه بعض الألفاظ الأعجمية الأصل مثل الشاهفوم (نوع من الزهر) وبعض الأصوات. كما اتبع الخليل في تقاليب الألفاظ[50].
ومهما يكن من شيء فإن هذه الكتب كلها كانت قد اعتمدت الأسس التي اعتمدها الخليل في كتاب العين من المخارج والأبنية والتقاليب.

2 – مدرسة الجمهرة:
نسبة إلى كتاب الجمهرة لأبي بكر بن دريد الأزدي (محمد بن الحسن 223هـ – 321هـ) ولقد اختار ابن دريد لمؤلفه هذا الاسم لأنه – كما صرح في مقدمته اقتصر فيه على جمهور كلام العرب معرضاً عن وحشية ومستنكرة واستقل بمعجمة عن مدرسة العين باتخاذها الأبنية أساساً رئيساً لتقسيم كتابه، إذ قسمه إلى أربعة أقسام رئيسية جعل كل قسم منها بناء خاص وهي:
1 - الثنائي الصحيح المدغم: يريد به الثلاثي المضعَّف.
2 - الثلاثي الصحيح.
3 - الرباعي.
4 - الخماسي.
وأردف كلاً من هذه الأقسام بملحقات. فألحق بالثنائي المضعف الرباعي (الثنائي الذي تكرر حرفاه) والثنائي المعتل.
وألحق بالثلاثي الصحيح الثلاثي الذي اجتمع فيه حرفان متماثلان. وما كان عين فعله حرف لين وما لحق بالثلاثي بأحد حروف العلة والنوادر في الهمز.
وألحق بالرباعي والخماسي أبواباً بحسب الأوزان والصيغ من غير ترتيب وختم معجمه بأبواب لغوية أخرى كثيرة لا نظام لها، عدّها من النوادر في موضوعاتها وصيغها فكثرت أبواب معجمة بهذه الملاحق كثرة ملحوظة ولم يعدل ابن دريد إلى الأبنية فحسب وإنما عدل إلى الترتيب الهجائي معرضاً عن الترتيب الصوتي للحروف الذي سارت عليه مدرسة العين.
فرتب أقسام تلك الأبواب أو فصولها بسبب حروف الهجاء (أ – ب – ت – ث. الخ) فبدأ بالهمزة مع بقية الحروف التي تليها وانتقل إلى الباء مع ما تلاها وهكذا حتى انتهى منها جميعاً. غير أنه حين تناول الثلاثي لم يبدأ بالهمزة وإنما أخرها إلى نهاية ما ألحقه بالثلاثي وهو النوادر في الهمز.
ولقد التزم في مواد الفصول بنظام التقاليب الذي أجبره على أخذ الحرف مع ما يليه دائماً كما سبق في مدرسة العين.

ومهما يكن من شيء فالبحث عن لفظ في الجمهرة يتطلب – أول ما يتطلبه النظر في عدد أحرفه الأصلية لمعرفة إن كان ثنائياً مضعفاً أو ثلاثياً أو رباعياً أو خماسياً أو مما يتصل بأي من هذه الأبواب لمعرفة الكتاب أو الباب الذي تضمنه. ثم النظر في موقع أسبق حرف من أحرفه الأصلية في الترتيب الهجائي (الألفبائي) المعروف للوصول إلى الفصل الذي يتناول ذلك اللفظ، وعندها نصل إلى المادة اللغوية المطلوبة وتقاليبها فيه بملاحظة تتابع أحرفها الأصلية في الترتيب الهجائي. فلفظ مثل ((كتب)) ثلاثي صحيح فهو في باب الثلاثي الصحيح. ولما كانت أحرفه في الترتيب الهجائي الباء ثم التاء ثم الكاف فالبحث عنه ينبغي أن يكون في باب الثلاثي الصحيح فصل الباء مقلوب مادة الباء والتاء والكاف ويوسع الباحث عن لفظ فيه أن ينظر في فهرس الألفاظ الذي عمله ناشروا الكتاب إذ رتبت فيه الألفاظ بحسب الترتيب الهجائي المعروف وتوالي الحروف في تلك الألفاظ ابتداء من الحرف الأول كما في المعاجم الحديثة[51].

3 – مدرسة المقاييس:
(أ) مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس المتوفي 395هـ وإليه نسبت المدرسة وقد سمى معجمه هذا بالمقاييس لعنايته بمقاييس اللغة وربطه فروع موادها بأصولها وقياسها عليها لفظاً ومعنى[52].
ولقد استقل ابن فارس في تنظيم معجمه بمنهج خاص عمد فيه إلى الترتيب الهجائي (الألفبائي) للحروف. فخص كل حرف منها بكتاب فبدأ بكتاب الهمزة وأعقبه بكتاب الباء ثم التاء ثم الثاء إلى أن انتهي منها جميعاً. فخالف بهذا مدرسة العين التي اعتمدت الترتيب الصوتي للحروف. كما خالف مدرسة الجمهرة (لاعتمادها على الأبنية في التقسيم الرئيسي للكتاب. وخالفهما معاً في أخذهما بنظام التقاليب وإعراضه عنه إعراضاً تاماً. ولهذا فليس بالإمكان ربطه بأي من المدرستين السابقتين لاختلافه عنهما اختلافاً منهجياً ظاهراً.

وبعد أن قسم كتابه بحسب حروف الهجاء عدداً وترتيباً قسم كلاً من تلك الكتب إلى ثلاثة أقسام أولها للثنائي المضعف وثانيها للثلاثي وثالثها لما زاد على الثلاثي. غير أنه ألزم نفسه بأخذ الحرف مع ما تلاه من مواد تلك الأبنية حتى إذا فرغ من كل ما تلاه أخذه مع ما سبقه فصار السابق – عنده – لاحقاً واللاحق سابقاً لعدوله عن نظام التقاليب والتزامه بالحرف مع ما تلاه أولاً. ففي الثنائي المضعف من كتاب الراء – مثلاً سيبدأ بالراء والزاء (رزّ) ثم الراء والسين (رسّ) ثم الراء والشين (رشّ) حتى إذا انتهى من كل ما تلاها عاد فأخذها مع ما سبقها فأخذها مع الهمزة (رأ) ومع الباء (ربّ) ومع التاء (رتّ) ومع الثاء (رث) إلى أن وصل إلى الراء والذال (رذ) وهو آخر ما كان تركه من الحروف السابقة إذ لم يجدها متصلة بالراء المضعف فانهى بهذا الثنائي المضعف من كتاب الراء. وهذا شأنه مع الحروف الأخرى.

وفي الثلاثي من كتاب القاف بدأ بالقاف واللام – إذ لم تتصل القاف بالكاف في لفظ عربي – فأخذهما مع الميم (قلم) ومع الهاء (قله) ومع الواو (قلو) ثم عاد فأخذهما مع ما سبقهما – أو في الأصح مع ما سبق الثاني منهما – مبتدئاً من الهمزة فلما لم يجدها متصلين بها أخذهما مع الباء (قلب) ومع التاء (قلت) إلى أو وصل بهما إلى (قلق) آخر ما وجده سابقاً اللازم من ألفاظ اللغة إذ لم تتصل القاف واللام بالكاف.
وبعد أن أنهى القاف واللام وما يثلثهما من أحرف لاحقة وسابقة انتقل إلى القاف والميم وما يثلثهما سالكاً السبيل ذاتها.
حتى إذا انتهى من القاف مع ما تلاها من حروف أخذها مع ما سبقها مبتدئاً بالقاف والهمزة وما يثلثهما ثم القاف والباء وما يثلثهما حتى انتهى عند القاف مع كل الحروف اللاحقة والسابقة. وهذا شأنه مع الحروف كلها.
أما ما زاد على الثلاثي فلم يلتزم فيه بغير الحرف الأول منه. فعلى من يبحث عن لفظ كهذا في المقاييس أن يعمد إلى الكتاب الخاص بحرفه الأول وإلى الباب الخاص منه بما زاد على الثلاثي فيبحث فيه عنه حتى يجده.
فلفظ مثل (بعثر) يبحث عنه في كتاب الباء باب ما زاد على الثلاثي ومما ييسر العثور على مثل هذه الألفاظ في أبوابها قلة مواد هذه الأبواب[53].
ب – المجمل: ويلحق بالمقاييس (مجمل اللغة) لابن فارس نفسه وقد يقصد فيه إلى الاختصار والإيجاز[54] متبعاً منهج المقاييس بحذافيره، فطريقة استخدامه هي طريق استخدام المقاييس ذاتها.

4 – مدرسة الصحاح:
نسبة إلى كتاب (تاج اللغة وصحاح العربية) لأبي نصر الجوهري (اسماعيل بن حماد المتوفي سنة 399هـ).
وقد ضمّت هذه المدرسة عدداً من المعاجم أشهرها.
أ – تاج اللغة وصحاح العربية المشهور بالصحاح وبه سمْيت المدرسة هذه.
1 – مختار الصحاح.
2 – التكملة.
ب – العباب.
جـ – القاموس المحيط.
هـ – تاج العروس.
أ – الصحاح: انتخب له الجوهري هذا الاسم لاقتصاره فيه على ما صح عنده من ألفاظ اللغة. واختط لمعجمه هذا منهجاً خاصاً أعرض فيه عن الترتيب الصوتي (المخرجي) للحروف كما أعرض عن نظام التقاليب والأبنية. وعمد إلى الترتيب الهجائي (الألفبائي) للحروف، واتخذه الأساس الأول والأخير في تنظيم معجمه أبواباً وفصولاً وما تضمنه من مواد لغوية، مخالفاً بهذا المدارس السابقة متخلصاً مما شاب مناهجها من صعوبات. ولقد طبق الترتيب الهجائي – أول ما طبقه – على أواخر الألفاظ ومن ثم على أوائلها وعلى ما تلا الحروف الأولى حتى أتى على حروفها كافة. فقسم معجمه إلى ثمانية وعشرين باباً، جعل لكل حرف من حروف الهجاء باباً منها، إلا أنه جمع الواو والياء في باب واحد.
وأودع في كل باب جميع الألفاظ المنتهية بحرفه. فالباب – عنده – يشير إلى الحرف الأخير من اللفظ ولهذا سمي نظامه بنطام القافية. ففي باب الهمزة – مثلاً – جمع كل ما انتهى بها من ألفاظ وهكذا.
وقسم كل باب منها إلى فصول بعدد وترتيب حروف الهجاء (الألفباء) مشيراً بهذه الفصول إلى أوائل حروف الألفاظ. فابتدأ باب الهمزة بفصل الهمزة وأعقبه بفصل الباء ثم التاء إلى آخر الحروف.
وهذا هو شأنه في الأبواب كلها فباب الباء فصل الهمزة ضم جميع الألفاظ المنتهية بالباء والمبدؤة بالهمزة أياً كانت أبنية هذه الألفاظ.
كما أنه رتب مواد كل فصل من هذه الفصول بحسب أسبقية ما بين الحرفين الأول والأخير منها في الترتيب الهجائي أيضاً.
ففي باب الدال فصل الواو يتقدم الفعل (وأد) على الفعل (وجد) لا لشيء إلا لأن الهمزة تسبق الجيم في الترتيب الهجائي. والفعل (حرجم) يسبق الفعل (حرم) مع أن كلاً منهما في باب الميم فصل الحاء وأن الحرف الثاني فيهما راء غير أن الحرف الثالث في ((حرجم)) جيم وهو في (حرم) ميم والجيم متسابقة الميم في الترتيب الهجائي.
ولهذا فالبحث عن لفظ في الصحاح وما ماثله في معاجم يتطلب معرفة الحرف الأخير منه لمعرفة بابه كما يتطلب معرفة حرفه الأول للوقوف على الفصل الذي تضمنه من ذلك الباب، وتنظر بعد وذاك بقية أحرفه – بحسب تواليها – لتحديد موضعه من الفصل.
ولقد أعجب بالكتاب ومنهجه أكثر اللغويين وقامت حوله دراسات أثمرت كتباً متعددة متنوعة سلكت سبيل الصحاح في تنظيمها يضيق هذا البحث بالتحدث عنها. لذا نكتفي بذكر مثالين لنوعين من أنواع تلك الدراسات وهما مختار الصحاح والتكملة والذيل والصلة.

1 – مختار الصحاح:
ألفه الرازي (محمد بن أبي بكر بن عبدالقادي ت666هـ) واقتصر فيه – كما في مقدمته – على ما لابد منه مما كثر استعماله وجريانه على الألسنة[55] ضم إليه ألفاظاً كثيرة أخذها من تهذيب اللغة للأزهري وغيره من الأصول اللغوية المعتمدة. واتبع فيه منهج الصحاح ذاته. غير أن وزارة المعارف المصرية كانت قد كلفت الأستاذ محمود خاطر بأن يتولى ترتيبه بحسب الحروف الأولى وما يليها من أحرف الألفاظ على نحو ما نعهده في المعاجم الحديثة. وطبع الكتاب طبعات عديدة.

2 – التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية.
ألفه الصفاني (الحسن بن محمد بن الحسن 577هـ – 651) وقال مؤلفه في مقدمته: "هذا كتاب جمعت فيه ما أهمله أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري رحمه الله في كتابه وذيلت عليه وسميته كتاب التكملة والذيل والصلة غير مدع استيفاء ما أهمله"[56].
وقد اتبع فيه سبيل الجوهري في صحاحه فطريقة استخدامهما واحدة.

ب – العباب: ألفه الصفاني صاحب التكملة المتقدم ذكره وقد جاء في مقدمته ما يفسر سبب تسميته حيث قال مؤلفه: "أُؤلف كتاباً في لغة العرب يكون – إن شاء الله – جامعاً شتاتها وشواردها حاوياً مشاهير لغاتها وأوابدها، يشتمل على أداني التراكيب وأقاصيها ولا يغادر منها – سوى المهملة – صغير ولا كبير إلا وهو يحصيها"[57].
وقد وصفه السيوطي بقوله: "وأعظم كتاب ألف في اللغة بعد عصر الصحاح كتاب المحكم والمحيط الأعظم لأبي الحسن على بن سيده الأندلسي الضرير. ثم كتاب العباب للرضي الصفاني"[58].
وقال فيه محمد صديق (العباب الزاخر واللباب الفاخر في عشرين مجلداً)[59].
وذكر الدكتور حسين نصار أن دار الكتب المصرية لا تمتلك منه غير مجلد واحد من أول الكتاب إلى مادة (عجرد)[60]. وكان مؤلفه قد أشرف به على نهايته مادة (بكم)[61] ووافاه أجله قبل أن يتمه.

جـ – لسان العرب:
ألفه ابن منظور (محمد بن مكرم بن علي الخزرجي الأفريقي 630هـ – 711). ولقد أراد ابن منظور أن يجمع فيه بين الاستقصاء وجودة الترتيب فعمد لتحقيق الغرض الأول إلى إبراز المعاجم السابقة – كما رآها هو – فأفرغها في موسوعته وذكرها مصرحاً بذكرها في مقدمته وهي:
تهذيب اللغة للأزهري، والمحكم لابن سيده، والصحاح للجوهري، وحواشي ابن بري على الصحاح، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير. وقال بكل تواضع: "وليس لي من هذا الكتاب فضيلة أمت بها، ولا وسيلة أتمسك بسببها سوى أني جمعت ما تفرق في تلك الكتب من العلوم وبسطت القول فيه"[62].
وأضاف قائلاً: "فليعتد من ينقل عن كتابي هذا أنه ينقل عن هذه الأصول الخمسة"[63].
وأما الغرض الثاني (جودة الترتيب) فرأى أن انتهاجه منهج الجوهري في صحاحه كفيل بتحقيقه. فلقد أعرب عن إعجابه به وتفضيله إياه على ما سواه قائلاً: "ورأيت أبا نظر إسماعيل بن حماد الجوهري قد احسن ترتيب مختصره، وشهره بسهولة وضعة فخف على الناس أمره فتناولوه. وقرب عليهم ما أخذه فتداولوه وتناقلوه"[64].
إلى أن قال: "ورتبته ترتيب الصحاح في الأبواب والفصول"[65].
ولقد ذاع صيت اللسان وطبقت شهرته الآفاق.

د – القاموس المحيط: ألفه الفيروزأبادي (محمد بن يعقوب بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم 729هـ – 817).
ولقد أراد له مؤلفه أن يكون جامعاً موجزاً في الوقت ذاته. فحقق الشمول والاستيعاب بتعويله على العباب للصفاني والمحكم لابن سيده[66] فأودع في كتابه – عن طريقهما – خلاصة ما في العين والجمهرة والتهذيب والصحاح والتكملة وذكر في مقدمته أنه أضاف من زياداته إلى ما تضمنه العباب والمحيط. وقد سبقت الإشارة إلى أنه سماه القاموس المحيط لكونه – كما رآه – البحر الأعظم[67] وكما عمد إلى الشمول، فقد عمد إلى الإيجاز وصرح به قائلاً وسئلت تقديم كتاب وجيز على ذلك النظام وعمل مفرغ في قالب الإيجاز والإحكام، مع إتمام المعاني، وإبرام المباني فصرفت صوب هذا القصد عناني وألفت هذا الكتاب محذوف الشواهد، مطروح الزوائد، معرباً عن الفصح والشوارد.
ولم يكتف بحذف الشواهد دون طرح الزوائد بل عمد إلى استخدام الرموز مكتفياً بكتابة (ع، د، ة، ج، م) عن موضع وبلد وقرية والجمع معروف[68].
وقد اتبع الجوهري في منهجه لأنه لم يؤلف كتابة إلا ليتتبعه فيذكر ما أغفله وينبه إلى ما توهمه لاشتهار مؤلفه وتعويل المدرسين عليه فقال.
(وخصصت الجوهري من بين الكتب اللغوية مع ما في غالبها من الأوهام الواضحة والأغلاط الفاضحة لتداوله واشتهاره بخصوصه، واعتماد المدرسين على نصوصه)[69].

هـ – تاج العروس من جواهر القاموس:
قال الزبيدي: (محمد مرتضى الحسيني 1145هـ – 1205).
وقد ألفه صاحبه شرحاً لقاموس الفيروزأبادي، والتزم فيه بإيراد جميع مواد القاموس وتحقيقها والتنبيه إلى مراجعها وتفسير ما يحوج منها إلى تفسير والإتيان بالشواهد التي استغنى القاموس عنها فاضطره هذا كله أن يرجع إلى مائة وعشرين كتاباً ذكرها في مقدمته وبإيراده ما في القاموس وما استدركه عليه من كل هذه الكتب صار التاج – بحق – أجمع معجم عربي بلا نزاع. وقد طبعته المطبعة الأميرية ببولاق في القاهرة طبعة كاملة في عشرة أجزاء. وقامت وزارة الإرشاد والأنباء الكويتية بطبع أجزاء منه طباعة حديثة أنيقة ولا تزال مستمرة في طبع ما بقي منه.

5 – مدرسة الأساس:
عرفت هذه المدرسة بمدرسة الأساس نسبة إلى أساس البلاغة لجار الله الزمخشري (محمود بن عمر بن محمد 467هـ – 538).
أ – الأساس: سماه الزمخشري أساس البلاغة لمخالفته أصحاب المعاجم اللغوية، إذ لم يكن همه فيه استقصاء الألفاظ العربية ومعانيها اللغوية وإنما انحصر همه أو كاد في اقتناص العبارات الأدبية البليغة من آيات وأحاديث وأمثال وأشعار والوقوف من خلالها على معاني الألفاظ واستعمالاتها مبتدئاً بالحقيقة ثم الدلالات المجازية فاصلاً – في الأعم الأغلب – بين هذه وتلك منبهاً إليها.
وقد خالف في تنظيم معجمه النظم التي اتبعت في المعاجم الأخرى. إذ أخذ بالترتيب الهجائي (الألفبائي) للحروف وطبقه على أحرف الألفاظ. مبتدئاً من أوائلها والتي تليها بحسب تسلسلها فيها حتى انتهى بأواخرها. فقسم معجمه إلى كتب بعدد وترتيب حروف الهجاء – فالألفاظ المبدوءة بالهمزة – مثلاً – جمعها كتاب الهمزة في أول المعجم والمبدوءة بالباء ضمها كتاب الباء التالي لكتاب الهمزة والسابق لكتاب التاء وهكذا.
ورتبت مواد كل كتاب بحسب تسلسل حروفها الثواني ففي كتاب الدال تتقدم الألفاظ المبدوءة بالدال والهمزة على المبدوءة بالدال والراء. فلفظ (دأب) قبل لفظ (درب) وإذا درج اللفظان في الحرفين الأول والثاني ينظر إلى الحرف الثالث فلفظ (درج) يسبق لفظ (درس) لتأخر السين عن الجيم في الترتيب الهجائي وهكذا.
وطريقته هذه – بالطبع – أيسر طرائق البحث عن الألفاظ في المعاجم وهي المتبعة الآن في المعاجم الحديثة.
وقد طبع أكثر من مرة في مجلدين كما طبع أخيراً في مجلد واحد بأحرف أصغر من غير ما إخلال بمواد المعجم.
ولقد آثر اللغويون المحدثون طريقة الزمخشري في ترتيب الألفاظ اللغوية لسهولتها على العالم والمتعلم فاتبعوها في تأليف معاجمهم الحديثة.

ب – محيط المحيط: لبطرس بن بولس بن عبدالله البستاني اللبناني (1819م – 1883). وقد اتخذ من القاموس المحيط للفيروزآبادي أساساً لمادة معجمة. وحذف أسماء الأماكن والأشخاص والقبائل والمشتقات القياسية وبعض اللغات. وصاغ التفسيرات صياغة تلائم روح العصر الحديث وأضاف غير قليل من المعاني المولدة والمسيحية والعامية والمصطلحات العلمية والفلسفية[70].

جـ – قطر المحيط: لبطرس البستاني أيضاً وقد قال فيه مؤلفه أنه سماه بهذا الاسم لأن نسبته إلى محيط المحيط نسبة قطر دائرة إلى محيطها وقد أتى فيه على مواد المحيط غير أنه حذف جزءاً كبيراً من كل مادة منها واتبع فيه منهج المحيط.

د – أقرب الموارد في فصح العربية والشوارد:
ألفه سعيد بن عبدالله الخوري الشرتوني (1849م – 1912). وعنوانه يشير إلى ما قصد إليه مؤلفه من التيسير ودقة التنظيم. فقسم معجمه إلى قسمين استقل الأول منهما بالمفردات والثاني بالمصطلحات العلمية والكلم المولد والإعلام وأردفهما بذيل لما استدركه على نفسه وعلى غيره.
وقد أصدر القسم الأول والذي وأرجأ القسم الثاني غير أن الموت لم يمهله لإصداره وكان قد عول في القسم الأول من معجمه على مواد القاموس للفيروزأبادي بعد أن غير ترتيبها بحسب ترتيب الأساس. وقام بمثل ما قام به البستاني في محيطه من حذف وإضافة وصياغة غير أنه خالف البستاني أيضاً فحذف كثيراً من الألفاظ العامية والمسيحية وأسماء الكتب، واستعمل الرموز مشيراً بها إلى أبواب الأفعال والتزم نظاماً صارماً لتقديم الأفعال على الأسماء، وراعى ترتيباً معيناً في تناول الأفعال ذاتها. فمعجمه أكثر انتظاماً من محيط البستاني تيسيراً للبحث مع كونه أغزر منه مادة. وقد لا نجانب الصواب إذا ما قلنا أنه أشمل المعاجم التي أصدرها اللبنانيون للمفردات.

هـ – المنجد: للأب لويس المعلوف أخرجه سنة 1908م اختصر فيه محيط المحيط البستاني وسار على نظامه. ورجع إلى التاج كثيراً في تفسير مواده. واستعان بالرموز على غرار المعاجم الأجنبية فرمز للصيغ وتكرار اللفظ المشروح. وأكثر من الصور الموضحة. فلقي رواجاً منقطع النظير لما انطوى عليه من مميزات فهو مبّرأ من فصول القول والاستطرادات وتعدد الأوجه مكثف المادة غزيرها رائق في حجمه ومظهره. غير أنه مع هذا كله لا يصلح مرجعاً موثوقاً للباحثين المختصين لوقوعه في بعض الأخطاء ولأنه مشوب في عدد من مواده بأمور تتصل بالدين الإسلامي والتراث العربي مما درج على ترديده عدد من المستشرقين المغرضين. وعلى الرغم من تعدد طبعاته فإن القائمين على طبعه لم يتلافوا المآخذ التي دأب الباحثون على كشفها فيه طوال هذه السنين العديدة.
ولقد أدخلت عليه تحسينات كثيرة فحفل بالصور والجداول والخرائط وكتبت المواد في أول السطر باللون الأحمر وألحق به معجم للآداب والعلوم حوى تراجم لأعلام الشرق والغرب صنعه الأب فرديناند توتل سنة 1956م فصار المنجد في طليعة المعاجم العربية الحديثة تنظيماً وأيسرها تناولاً وأكثرها انتشاراً مع ما فيه من مآخذ.

و – البستان – لعضو المجمع العربي بدمشق في حينه، عبدالله بن ميخائيل البستاني (1854م – 1930) استقى مادته من محيط المحيط لبطرس البستاني وتصرف فيها حذفاً وإضافة وأفاد كثيراً مما أدخل في المعاجم الحديثة من تحسينات.
ولقد أكثر من الألفاظ الداخلية والمولدة وبخاصة المخترعات والمصطلحات الحديثة وآثر في تفسيره للألفاظ عبارات التاج على عبارات القاموس المحيط فتضخم معجمه فاستنفذ مجلدين كبيرين أصدرهما سنة 1930م.

ز – فاكهة البستان: – لعبدالله البستاني أيضاً اختصر فيه البستان ليتيسر اقتناؤه ويعم الانتفاع به فطبعة في مجلد واحد 1935م أيضاً.

ح – معجم متن اللغة: للشيخ أحمد رضا العاملي عضو المجمع العربي في دمشق سابقاً. صنعه بتكليف من مجمعه. ويبدو أنه أخذ بتوجيهات مجمعه عند تأليف معجمه فجاءت محتويات كل مادة من مواده مرتبة ترتيباً دقيقاً. إذ قدم الأفعال على الأسماء وبدأ بالمجرد من الأفعال فرتبها بحسب تسلسل أبوابها الستة المعروفة ورتب المزيد منها ترتيباً خاصاً وكذلك الأسماء. معولاً في تفسيرها على معاجم الأقدمين معرضاً عن المعاجم الحديثة كيلا تتسرب أخطاؤها إلى صنيعة غير أنه أفاد كثيراً مما فيها من مظاهر التنظيم.
ولقد تجنب تعدد الأوجه وكثرة الاستطرادات والتعليلات في المعاجم القديمة.
وحرص على ذكر المجاز إلى جانب الحقيقة. وأدخل الألفاظ المصرية والمستحدثة والصيغ التي أقرها كل من المجمعين اللغويين في القاهرة – ودمشق. وأفرد الألفاظ العامية في هوامش مواده كيلا تختلط بالفصيح ولا يفتقر إليها معجمه. ولم يكثر من المصطلحات العلمية والفنية لكونها خارجة عن متن اللغة. وإذا أورد مصطلحاً دخيلاً وضع إلى جواره اسمه الأجنبي بأحرفه اللاتينية.
وقد صدر معجمه هذا في سبعة مجلدات عن دار الحياة في بيروت سنة 1958م بعد وفاة مؤلفه.

ط – المعجم الوسيط: ألفته لجنة من أعضاء مجمع اللغة العربية في القاهرة بتكليف منه. وقد أفادت اللجنة من آخر ما وصلت إليه المعاجم العربية الحديثة من تطور في المادة والمنهج. فضمت إلى المعاجم كثيراً من المصطلحات. وما استحدث في حياتنا العامة من ألفاظ مولدة ومعربة حديثاً واستغنت عن الحوشي والمهجور من ألفاظ اللغة وبعسر المتراصات واستعانت بالرموز للاختصار والتزمت بمنهج خاص في ترتيب ما أوردته في كل مادة، كتقديم الأفعال على الأسماء، ومجردها على مزيدها ولازمها على متعديها، واتخذت – بالطبع – نظام الأساس نظاماً لها في ترتيب معجمها. فجاء معجمها أكثر المعاجم العربية الصغيرة مادة وأرحبها صدراً للمصطلحات والمستحدث من الألفاظ والدلالات وأضبطها وأوثقها وأحكمها منهجاً. وهو بعد هذا كله أول معجم عربي حديث صدر عن مجمع له حق التشريع في اللغة. غير أنه مع هذا كله لم يسلم من سقطات وهفوات. وقد تتبعها الدكتور عدنان الخطيب ونشرها تباعاً في سلسلة مقالات نشرها في مجلة اللغة العربية في دمشق من سنة 1963م – 1967 ثم تولى جمعها في كتاب خاص به نشره سنة 1967م.

ي – المعجم الكبير: شرع مجمع اللغة العربية في القاهرة منذ فترة في عمل معجم كبير للغة العربية يغني عن غيره من المعاجم وقد استطاع أن ينتهي من جزئه الأول الخاص بحرف الهمزة فنشره سنة 1970م في سبعمائة صفحة.

ويتضح من مقدمة هذا الجزء أن المجمع كان قد رمى إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية.
أ – دقة الترتيب: إذ اختار ترتيب الأساس أي الترتيب الهجائي (الألفبائي) ابتداء من الحرف الأصلي الأول من أحرف الألفاظ إلى آخر حرف فيها. أما الألفاظ الدخيلة (غير العربية) التي لم يشتق العرب منها فقد اعتبرت جميع أحرفها أصيلة فلفظ مثل استبرق وضع في الهمزة وما تلاها من أحرف اللفظ بحسب ترتيبها. ولقد رتبت كل مادة ترتيباً دقيقاً شاملاً فقسمت إلى ستة أقسام هي:
1 - نظائرها في اللغات السامية.
2 - معانيها الكلية أو العامة.
3 - أفعالها.
4 - مصادرها.
5 - مشتقاتها.
6 - الأسماء.
ولم يهمل من هذه الأقسام إلا ما ليس له وجود في اللغة، والتزم في ترتيب المعاني والأفعال والأسماء بما التزم به في المعجم الوسيط من تقديم المعاني الأصلية على الفرعية والحسية على المعنوية وتقديم المجرد من الأفعال على المزيد واللازم على المتعدى.
ورتبت الأسماء بحسب أسبقية أوائلها في الترتيب الهجائي. كما رتبت الشواهد بحسب قدمها.
واستخدم الرموز الدالة بغية الإيجاز وفسّر المواد بعبارات واضحة موجزة دقيقة.

ب – الإحاطة اللغوية: – تلك الإحاطة القائمة على الإستيعاب وتصوير المادة تصويراً كاملاً في جميع الأزمنة والأمكنة التي عاشت فيها. فبحث عن المواد في المعاجم القديمة وتجاوزها إلى كتب الأدب والعلوم ولم يشر إلى غير ما انفرد منها بشيء مما أخذه. وأكمل اشتقاقات بعض المواد التي سمعت طائفة من اشتقاقاتها ولم تسمع بقيتها. وأقر تعريب المحدثين: فجاء المعجم شاملاً لما يريده الباحث من ألفاظ القدماء والمحدثين ودلالاتها إلى عصرنا الحاضر.

جـ – موسوعية التأليف المعجمي: وقد تمثلت في تقديم ألوان من المعارف والعلوم تحت أسماء المصطلحات والأعلام جميع المصطلحات القديمة وما أقره المجمع من مصطلحات حديثة وما كان وثيق الصلة بالإستعمال الأدبي واللغوي وأورد الأعلام العربية وكل ما له من أهمية تأريخية أو أدبية وفسر هذه الألوان من المعارف والعلوم بدقة ووضوح وإيجاز.
والحق أن المجمع في عمله كان قد طبق منهج المستشرق الألماني فيشر في معجمه (المعجم اللغوي التاريخي) الذي تولى مجمع اللغة العربية في القاهرة نشر مقدمته وقسم من باب الهمزة (ينتهي بمادة (أبد).) ويظهر – كما ذهب الدكتور إبراهيم مدكور – أن فيشر كان قد احتذى منهج معجم أكسفورد وأراد أن يطبقه على العربية.

https://www.alukah.net









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-02-05, 12:13   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
لوز رشيد
مراقب منتديات انشغالات الأسرة التّربويّة
 
الصورة الرمزية لوز رشيد
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على الإفادة









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لحارس, المعاجم, العربية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:10

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc