جذور الأزمة بين المخزن المغربي والدولة الجزائرية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > قسم الأمير عبد القادر الجزائري

قسم الأمير عبد القادر الجزائري منتدى خاص لرجل الدين و الدولة الأمير عبد القادر بن محيي الدين الحسني الجزائري، للتعريف به، للدفاع عنه، لكلُّ باحثٍ عن الحقيقة ومدافع ٍعنها، ولمن أراد أن يستقي من حياة الأمير ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

جذور الأزمة بين المخزن المغربي والدولة الجزائرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2021-07-21, 18:35   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو أنس بشير
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي جذور الأزمة بين المخزن المغربي والدولة الجزائرية

ورقات (قراءتنا لما حدث بين السلطان ناصر الدين
الأمير عبد القادر الحسني الجزائري
وبين السلطان المغربي عبد الرحمن بن هشام
من الوقائع والأخبار من خلال كتاب"تحفة الزائر في مآثر
الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر" للمؤرخ الجزائري محمد باشا
ابن الأمير عبد القادر






بسم الله الرحمن الرحيم
إن من أجود وأضبط الكتب وأوثقها في كتابة تاريخ سلطان الجزائر الأمير عبد القادر وأخبار دولته الجزائرية ، كتاب ( تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر ) ، فهذا الكتاب قد عاصر الأمير عبد القادر ، وينقل الأحداث بكل صدق ونزاهة ومصداقية ، فلا يوجد أصدق من هذا الكتاب في كتابة سيرة الأمير عبد القادر .
أما غيره من الكتب فتعرف وتنكر ، وخاصة كتب المستشرقين والمدرسة الفرنسية فقد طغى عليها الكذب والتحريف ، وما تمليه عليهم عقيدة الاستعمار والاستبداد ، وعدم الديانة ومجانبة العدالة ، والله المستعان .
على كل الحال لا نطيل عليكم في الدخول إلى صلب موضوعنا ، ومحور بحثنا ، وما نروم من بيانه .
ففي هذه الورقات سنبين ونوضح أخبار السلطان المغربي عبد الرحمن بن هشام مع سلطان الجزائر الأمير عبد القادر، وما وقع بينهما من الأحداث ؟
وما نظرة السلطان المغربي حول احتلال فرنسا للجزائر ؟ وماذا قدم لمواجهة هذا الاحتلال النصراني ؟
وهل خدم دولة الإسلام ونصرها أو أنه خذلها ، وانقلب عليها؟!، سننظر :
1 ـ كان أول الظهور أحد أفراد عائلة العلوي على الساحة الجزائرية إبان دخول فرنسا إلى الجزائر والسيطرة على بعض سواحلها ، هو ظهور علي بن سليمان ابن عم السلطان المغربي عبد الرحمن بن هشام ، حيث بعثه إلى الجزائر بعدما اتصل به بعض الجزائريين إرادة تنصيبه واليا عليهم ، فبعثه السلطان المغربي لبث العمال وجبي الأموال !!
فرأت فرنسا أن هذا المشروع الذي صدر وأقبل عليه حليفهم وصديقهم السلطان المغربي لا يخدم مشروعهم في إقليم الجزائر لمنافاته مقصود استعمارهم ، فبعثوا له برسالة التهديد والتحذير ، فأخذه الرعب والخوف من سيدته فرنسا ، وطلب من ابن عمه أن يترك إقليم الجزائر وينسحب منه ، وطلب منه الدخول إلى أراضي المغرب الأقصى، ويقبل عليه ، انظر كتاب (تحفة الزائر ) (ج 1/ ص 91)
قلت ( بن سلة ) : يتضح من هذا النص والخبر أن وجود عامل السلطان المغربي في الجزائر كان غرضه جمع المال والدنيا ، أما قضية الجهاد ، وطرد فرنسا فهذا لم يخطر ببال السلطان عبد الرحمن بن هشام ، ولم يفكر فيه .

2 ـ قبائل الجزائر المسلمة لما عرفوا أن أمرهم لا يستتاب ولا تقوم لهم السيادة ، ولا ترجع لهم الكرامة إلا بالإمامة ، أجمع أمرهم على تنصيب حاكما منهم ، فعرضوا ذلك على الإمام محيى الدين الحسني والد الأمير عبد القادر ، فاعتذر لهم لكبر سنه .
ولكن رأى نصيحة للأمة ، أن الإمامة والسلطنة والحكومة تليق بابنه عبد القادر فقدمه للإمارة سنة (1832م ) ، وبايعه قبائل الجزائر على السمع والطاعة وإقامة الدين والدولة على منهج الكتاب والسنة والشورى وعمل السلف الصالح ، وكان الأمر كذلك .
3 ـ يغيب اسم السلطان المغربي وذكره من المشهد الجزائري طول مدة سنتين من إمارة الأمير عبد القادر ، وبعد أن أحكم الأمير عبد القادر قوته على إقليم الجزائر ، وأنزل على فرنسا الخسائر الكبيرة ، والهزائم الضخمة ، حتى اضطرت أن تعقد معه معاهدة تسمى بمعاهدة " الجنرال دي ميشيل " التي تجسدت فيها قوة إمارة الأمير عبد القادر ، وخبرته في تسيير الدولة داخليا وخارجيا ، ويظهر تغلبه على فرنسا في الدبلوماسية والمناورة السياسية .
هذه المعاهدة ألزمت إمبراطورية فرنسا على أن تعترف بدولة الأمير عبد القادر الجزائرية وبسيادته على تراب الوطن الجزائري .
فعند هذا المشهد وعند هذه المحطة من محطات قوة سلطان الجزائر الأمير عبد القادر يظهر السلطان المغربي عبد الرحمن بن هشام .
كأنه كان يترقب الأوضاع ، وينتظر من ينتصر ، أو أنه كان يشك في طاقات الجزائر وشعبها الباسل وعبقرية حاكمها الأمير عبد القادر .
فلما رأى إنجازات السلطان الجزائري في ميدان الحرب والسياسة والدبلوماسية ، فما كان منه والحالة هذه إلا أن يبعث بوفد لأداء التهنئة للأمير بالملك - كذا-، وأصحبهم بالهدايا من نفائس بلاده ، ومقدارا وافرا من ذخائر الحرب وأدواته ، فأكرمهم الأمير عبد القادر ، انظر (ج1/ ص 118) من كتاب ( تحفة الزائر)
قلت ( بن سلة ) : لكن الذي يستغرب من هذا الحدث ، ومن هذا الوفد المغربي أن سلطان المغرب بعث معهم بنفر من العساكر الفرنساوية فروا إلى المغرب الأقصى ، فبعثهم السلطان المغربي مع الوفد ليرى الأمير رأيه فيهم !
قلت ( بن سلة ) : كأن هذه خطة مدبرة من معمل ومخابرات فرنسا ، تريد بها اختبار الأمير عبد القادر سلطان الإسلام ، ومدى صدقه في إبرام العهود والمحافظة عليها ، وخاصة في تلك الفترة كانت تسعى فرنسا بكل الطرق والوسائل لنقض تلك المعاهدة ، لأنها رأت نفسها قد هزمت أمام الأمير عبد القادر وانتصر عليها في السياسة الداخلية والخارجية باستخدام تلك المعاهدة فيما يصلح نفوذ الدولة الجزائرية ، واستثمارها في المشاريع التي تقوي السياسة الجزائرية في الداخل والخارج .
في هذه الحالة والوضعية نطرح السؤال التالي : هل السلطان المغربي بهذه الوفادة والبعثة استعمل ورقة من طرف فرنسا لتنفيذ مشروعها فيما يخص أسراها واختبار الأمير عبد القادر ؟!
قلت ( بن سلة ) : ليس لدينا الجواب ، أو أن نتدخل في النوايا ، وخاصة أن العلاقة بين سلطان الجزائر الأمير عبد القادر ، وبين السلطان المغربي لا تزال جديدة وفي بدايتها وكل يريد أن يحسن صورته أمام صديقه، إلا ما ستبينه لنا الأيام القادمة ، فنترك الأيام هي من توضح وتفسر لنا تفكير ومشاريع السلطان عبد الرحمن بن هشام .

4 ـ من المحطات التي نتوقف عندها ونتأمل فيها وندرسها فيما يخص وجهة التقارب والتباعد بين الأمير عبد القادر وبين السلطان عبد الرحمن بن هشام ، أنه ظهر في إقليم الجزائر بعض الخوارج ومنهم ( محمد بن عبد الله البغدادي) وهذا الرجل كان يدعي أنه من أحفاد الإمام عبد القادر الجيلاني ، فأول ما نزل ، نزل على ضيافة السيد محي الدين والد الأمير وكان يحضر معه في تلك الأيام جهاد العدو ، ثم إذا به يغادر الجزائر ويلتحق بالمغرب الأقصى فلقيه السلطان عبد الرحمن بن هشام بالتحية والإكرام ، إلى هنا ليس هناك ما يخدش هذه الخبر .
ولكن بعد سنين رجع هذا " محمد بن عبد الله البغدادي " إلى الجزائر في فترة إمارة الأمير عبد القادر ، فتحصن ببعض القبائل الجزائرية وأظهر الخروج على دولة الأمير عبد القادر !
ووقعت له حينها مع الأمير وقائع فقمعه سلطان الجزائر ، وقضى على فتنته .
قلت ( بن سلة ) : هنا نقف وقفة ونتساءل : هذا البغدادي من أدخله إلى الجزائر ؟
وكيف تسرب إلى عسكر الإمام محي الدين ، هل هو دخل إرادة التجسس أو ماذا ؟
ثم إذ به ينتقل عند السلطان المغربي يغيب مدة ويبعث من الجديد إلى الجزائر فيظهر الخروج وإحداث الفتنة في الصف الجزائري!
ألا يكون هذا كله من تخطيط فرنسا وبريطانيا ؟!
كل هذه الأسئلة تحوم حول هذه المسألة الحساسة ، وفي ذلك الظرف ، وبهذا القالب ؟!

5 ـ بعد هذا الخروج الذي ظهر من البغدادي القادري ، ومن غيره من الخوارج على الدولة الجزائرية ، وظهور تلك العراقيل التي أحدثها القبائل المتمردة ضد بناء الجزائر وإرجاع سيادة كامل تراب وطنها،
كأن الأمير عبد القادر استغرب عزلة السلطان المغربي عن المشهد الجزائري وسكوته العميق ، فلم يسمع منه ولو كلمة لا للتأييد ولا للضد !
فهذا السكوت منه كان يرى الأمير فيه ومنه تقوية تلك القبائل الخارجة والمتمردة ضده ، خاصة في تلك الفترة بدأ يشاع أن الأمير عبد القادر يطمع في الكرسي ، ويقتل الأولياء ، ويخالف دين الإسلام والسلام !
فما كان من الأمير والحالة هذه إلا أن يبعث برسالة إلى علماء المغرب الأقصى وهذا سنة (1836م) .
وخاطبهم بلسان العلماء الأدارسة ، لأنه كان يرى أن هؤلاء العلماء من أهل البيت هم من حافظ على سنن النبي صلى الله عليه وسلم والعقيدة .
وفي رسالته هذه أصحب بهدايا إلى السلطان عبد الرحمن بن هشام ، وبرسالة يوضح له فيها إنجازاته وأخباره مع فرنسا ، ومع القبائل المتمردة .
فهذه الرسالة من الأمير عبد القادر إلى حكومة المغرب الأقصى أراد منها أن يعرف بها قبلة السلطان المغربي ، وما موقفه من أولئك الخوارج الذين خرجوا على دولة الجزائر .
وأيضا أن يجد صوتا وتأييدا ومناصرة من علماء المغرب الأقصى الذين من خلال هذه الرسالة سيضغطون على سلطانهم عبد الرحمن ، وتظهر صحة عقيدة الأمير عبد القادر في الجهاد التي انكرها بعض قبائل الجزائر .
فهذه الرسالة هي حقيقة تحريك عواطف علماء المغرب نحو قضية الجزائر ، التي بدأت ترى سكوت السلطان المغربي عنها ونسيانها !
ولا ندري ما وراء الكواليس ؟!
هذا الذي نفهمه كما ستوضح الأيام الآتية .
نعم قد فعلت هذه الرسالة فعلتها فأثرت في علماء المغرب ، ورد الإمام علي بن عبد السلام التسولي على تلك الأسئلة بالتفصيل السلفي
ووصلت أهدافها إلى السلطان المغربي ، فما كان منه إلا أن يبعث إلى الأمير ببعض ملزمات الحرب من السلاح .
ولكن هناك أمر يستغرب من السلطان المغربي في هذه المرحلة وعند الجواب على تلك الرسالة .
ألا وهو : أنه حث وحرض الأمير عبد القادر على نقض معاهدة دي ميشيل !
وهذا كان هدف فرنسا كما عرفنا وبينا سابقا .
ولماذا السلطان المغربي حرص على ذلك ؟!
مع أن الأمير عبد القادر كان في تلك الفترة مشغولا بقمع الخوارج وجمع كلمة الجزائريين ، وتحصين جبهته الداخلية وتقويتها ، ويريد توفير الوقت ليستثمره للنفوذ في شرق الجزائر وغربها ، ولتمكين سلطته.
وأيضا كانت وجهة الأمير في تلك الفترة إلى عقد العلاقات الدبلوماسية مع الدول من تونس وبريطانيا وإمريكا
هل كان السلطان المغربي يرى تحركات الأمير عبد القادر هذه وسياسته خطرا على مستقبله في الإقليم المغربي ، فأراد بهذه الخطوة التي انتهجها في تحريض الأمير على نقض المعاهدة والدخول في مواجهة فرنسا مجددا ، مع ما هو من مواجهة القبائل المتمردة الداخلية ، وهذا مما يضعف مقاومته في المستقبل ويوهن دولته ، هل كان هذا أحد مخططاته من هذا التحريض ؟!
هذا السؤال نطرحه عند هذه المحطة ، وخاصة قد بينت تصرفات السلطان المغربي العدوانية ضد دولة الجزائر فيما بعد نواياه ! انظر كتاب(تحفة الزائر ) (ج1/ ص 204)

6 ـ تتواصل مواصلات ومراسلات الأمير عبد القادر بالسلطان المغربي فبمرور سنتين من تلك الرسالة السابقة أي في سنة (1838) ، يرسل الأمير أخاه محمد سعيد إلى السلطان المغربي مصحوبا بالهدايا ، وتحمل هذه الرسالة في طياتها مشاورة الأمير السلطان عبد الرحمن في بعض الأمور فيما يخص الاجتماعات التي كانت تتم بين الدولة الجزائرية وفرنسا .
وأيضا ألقى إليه وأظهر له أنه سينقطع ويخلو للعبادة والخلوة ويترك الجهاد والدولة !
قلت (بن سلة ) : يا ترى ما قراءة هذه الرسالة ؟ وهل الأمير يتخلى عن مسؤولية الولاية التي تحمل القيام بها ، وتعاهد أن يقوم بواجبها؟
وما وراء إدخال السلطان المغربي في هذه المشاورة ؟
الجواب : كأن الأمير عبد القادر يريد من هذه الرسالة معرفة إلى أين وصل تفكير السلطان المغربي ؟
وما هو رد فعله نحو القضية الجزائرية وتطوراتها ؟
وكيف يرى وجود فرنسا في سواحل الجزائر ؟
وفيما يبدو أنه يريد إدخال السلطان المغربي كطرف وقوة في مواجهة فرنسا ، وإقحامه للمشاركة في المعركة ، ورمي الكرة في ملعب سلطان المغرب ، وإلا فلا يتصور أن الأمير يترك الجهاد ودولته وهو مشروعه الذي تعاهد به للجزائريين .
وأيضا ماذا سيستفيد من سلطان المغرب في مشاورته فيما يخص عهوده مع فرنسا ومجالسه معها ، وما كان يتبادل بينهما بالسفارة .
فالأمير عبد القادر أدرى وأعلم بفرنسا من السلطان المغربي .
وأيضا يتمتع الأمير بمجلس الشورى والوزارة الخارجية من أرفع الوزارات وأعلاها قيمة وأعلمها فدولته متكونة من العلماء والفقهاء والقضاة والخبراء في شؤون الدين والدولة .
الأمير عبد القادر الرجل المحنك الحازم الداهية العبقري كأنه بهذه الرسالة يريد أن يعرف عدوه من صديقه ، وحال من هم من حوله .
يريد أن يعرف مستقبل علاقاته بالسلطان المغربي ، وأن يفتح نوافذ التعاون ، وتوسعة الصداقة وبناء الثقة بينه وبين دول الجوار .
على كل الحال السلطان المغربي في رسالته الأخيرة هذه أظهر تأسفه ما يعانيه الأمير من الخوارج في الجزائر وما حدث من الغدر منهم ، وأرسل له رسالة يظهر له فيها كل احترام وتقدير ، ويصبره ، ويدعوه إلى الجلد والمصابرة والمرابطة ، ويثني على جهاد الأمير ويصفه بالإمامة في الدين وشرف القيادة والولاية التي أخذها عن الكفاءة وبالحزم والديانة ، انظر كتاب (تحفة الزائر) ( ج1/ص 220)

7 ـ تدخل سنة (1842م) فيبعث الأمير عبد القادر ، ويصر ويلح على السلطان المغربي بالنهوض معه لجهاد المستعمر الفرنسي ويحذره منه ، وينبهه أن فرنسا كما وصلت إلى الجزائر ستصل وتحتل أراضي المغرب الأقصى إن لم يقم معه اليوم للجهاد ورد عدوان فرنسا ، ولكن للأسف ، فما كان من السلطان المغربي إلا أن يهمل هذه الرسالة ويتغافل عنها ،ولا يرد للأمير عبد القادر جوابا
انظر كتاب ( تحفة الزائر ) (ج1/ ص 267)
قلت ( بن سلة) : هذا الموقف من السلطان عبد الرحمن بن هشام مما يدل أنه لم يكن في مقام القوة والنفوذ ، وخاصة من أعذاره التي كان يتدرع بها في عدم النهوض للجهاد مع الدولة الجزائرية هو انشغاله بالخوارج ، وعدم استتابة أمر المغرب الأقصى ، وهذا مما يدل أن نفوذه لم يكن على أراضي المغرب الأقصى كلها ، ولم تكن خاضعة له ، ولم يكن في تلك القوة لتحمل مسؤولية حماية الإسلام وشعبه في المغرب الأقصى وما جاوره ، من عدوان الكفرة ، وخطر الخوارج الفجرة ، وأن ما كان فيه سلطان الجزائر الأمير عبد القادر من الديانة والقوة والسياسة والدولة وردع الخوارج أعظم مما عليه السلطان المغربي ، فالقائم بالجهاد ، وخدمة العباد ، وحماية البلاد في تلك الفترة كانت دولة الجزائر .

8 ـ يبقى السلطان المغربي في صمته ، والأمير عبدالقادر في حرب شرسة مع فرنسا تحصد جنود الإسلام ، وتهلك فرنسا وتحطم جنرالاتها ، إذ يجد الأمير عبد القادر نفسه ، وتضطره الحرب أن يخرج من عاصمته ويحط بأرض وجدة وتتقدم إليه أفواج شعوب المغرب الأقصى بالطاعة والسمع والبيعة على الجهاد وإقامة الدين والسنة وحماية البلاد، وهذه الجهة من المغرب الأقصى كانت خارجة عن حكم سلطان المغرب عبد الرحمن بن هشام .
الأمير عبد القادر وهو في تلك الأراضي راسل وطلب من السلطان المغربي أن يلتحق به للجهاد ، وجدد له الدعوة بأن ينهض معه للجهاد ، ولكن السلطان المغربي اعتذر منه ، واحتج بأنه مشغول برد عدوان ممن خرج على سلطته ودولته ، انظر كتاب (التحفة ) (ج1/ ص 283)
هذا الاعتذار من السلطان المغربي لم يشفع أمره عند شعبه ، ولم يقبل منه ، بل زاد من نفور رعيته عنه ، والابتعاد ممن كان خارجا عليه ولم يكن خاضعا لحكومته .
ففي تلك المرحلة اقبلت قلوب المغاربة المراكشيين نحو نصرة الأمير وإرادة الدخول في طاعته ، والنهوض بالجهاد معه .
تخوفت فرنسا من خطوة الأمير عبد القادر هذه ، وخشيت أن يسترجع قوته ويزيد من نفوذه من بلاد المغرب الأقصى ، فما كان منها إلا أن تضغط على السلطان المغربي ، فأصبح – والحالة هذه - بين النارين رعبه من تهديد فرنسا ، ومن الناحية الثانية خوفه من هيجان شعبه عليه وانفلاتهم منه والتحاقهم بمعسكر الأمير عبد القادر ، فما كان منه والحالة هذه إلا أن يحافظ على بقية شعبه ، فأظهر للجنرال بيجو أن البلاد التي فيها الأمير هي خاضعة للأمير عبد القادر، وخارجة عن سلطته ، انظر كتاب ( التحفة ) (ج1/ص 287)
هذا الجواب منه هو واقع الأمر التي تعيشه حكومة السلطان عبد الرحمن بن هشام ، أن نفوذه لم يكن على وجدة وبلاد الريف والصحراء .
وأيضا مما يتأسف منه أظهر ضعفه أمام فرنسا ، واستسلم للواقع الذي فرضه عليه الوضع ، ولم يتشجع ويظهر عز الإسلام وجهاده وكرامته وشرفه ، ويواجه فرنسا ويصدع أمامها بأنه هو والأمير عبد القادر دين واحد ، وشعب واحد ، وقوته في الاتحاد بعضهما مع البعض .
للأسف لم نر هذا من السلطان المغربي طيلة حرب الجزائر مع فرنسا ، فبأي لقب يستحق هذا أن يكون أمير المؤمنين ، وملك المسلمين ؟!

9 ـ لم يكن السلطان المغربي في تلك الفترة يريد أن يكون هو ضحية سياسة فرنسا القذرة ، وكان يسعى بكل جهوده إبعاد نفسه من التهمة واللوم ن ولكي لا يزيد تغذية هيجان شعبه ضده ، وضد سياسته المتخاذلة ، سياسة (مسك العصا من المنتصف) ، لا هو يريد مواجهة فرنسا والتفريط في حلفائه الليبرالية الاستعمارية من إمريكا وغيرها .
ولا هو يريد في ذلك الظرف إظهار انتقاده لجهاد الأمير عبد القادر أو مواجهته ، فيكون عرضة مواجهة شعبه وثوران عليه ونزعه من على عرشه .
فسكوته هذا وعدم وضوحه ، واللعب على الحبلين ، أرادت فرنسا إفساده ، وحملت السلطان المغربي إما أن يواجه فرنسا وهي عارفة بأنه لا يستطيع مواجهتها وقطع صلته بها وبأصدقائها ، أو مواجهة الأمير عبد القادر !!
الخطوة التي أقبلت عليها فرنسا مع السلطان المغربي ما هي إلا للضغط عليه ، واستعمال أخر أوراقها لبسط نفوذها في شمال إفريقيا .
فكانت قضية (لا لا مغنية ) وما ترتب عليها من الأحداث بعد ذلك ، كان السلطان المغربي يريد أن يحل هذه الأزمة مع فرنسا بطرق سلمية مع عدم خسران شعبه ولا صديقته فرنسا !
ولكن هناك أواسط في نظام فرنسا أو من المخزن المغربي أرادت حدود المغربية الجزائرية ، وأرادت أن تتوغل في أراضي المغرب الأقصى ، وتكون قضية ( لا لا مغنية ) بداية هذا المشروع الاستعماري ، وكان الأمر كذلك ففرنسا خربت ( لا لا مغنية ) ، ودس في الجيش المغربي من أشعل نار الحرب بين فرنسا والسلطان المغربي ، الحرب التي كان عبد الرحمن بن هشام يتحاشاها ولا يريدها .
فدخل السلطان المغربي في تلك الحرب بدون دراية ولا سياسة ولا خبرة ، فأوقعته في الخسائر والهزائم يذمه عليها التاريخ ، مما تدل على فشله وغروره ، وأنه لا يفقه سياسة الاتحاد المغرب العربي الإسلامي الذي دعاه إليه السلطان الجزائري الأمير عبد القادر ، فلم يقبل إليه ، ولم يلتفت إليه ، خاض معركة واحدة فقط مع فرنسا فظهر ضعفه وفشله وخلله ، فكيف بهذا السلطان أن يقارن بسلطان الجزائر الأمير عبد القادر؟! الذي خاض مع فرنسا 17 سنة في حروب كان الظفر له فيها بالعشرات إن لم نقل بالمئات من المعارك الحربية والسياسية ، المعنوية والحسية ، كانت الانتصارات كلها للأمير عبد القادر .
على كل الحال معركة ( إيسلي ) أظهرت معدن السلطان المغربي ، وأوقعته أسير مخطط فرنسا ، وفي العمالة لفرنسا ، وخادما وفيا لها .

10 ـ معركة ( إيسلي ) كشفت حقيقة السلطان عبد الرحمن بن هشام ومعدنه، وما كان يتكتم له ، وما كان يتكلف لإخفائه عن المسلمين ، ويتصنع بأنه حامي الإسلام في المغرب الأقصى !
ولكن معركة ( إيسلي ) كانت نقطة الفصل بينه وبين الجزائر ، بينه وبين الشهامة والنخوة والكرامة والشرف ، فمنذ تلك المعركة لم تر العلاقة الجزائرية المغربية نورا وصفاء .
كانت نتائج تلك المعركة أن أصبحت سلطة المغرب الأقصى بيد فرنسا فهي من تقرر، وهي من تأمر ، وما على المخزن المغربي إلا التنفيذ والعمل لصالح فرنسا .
فرنسا هي من رسمت الحدود والتي ليست في صالح إقليم الجزائر إذ أخرجت عنها مدينة ( وجدة ) .
وهي من فرضت السلطان عبد الرحمن بن هشام أن يكون حاكما على بلاد الريف وما حوله ، وهم لم يقبلوا به في يوم من الأيام أن يكون حاكما عليهم .
وهي من ألحقت جيش المخزن المغربي بأن يكون تحت قيادة فرنسا ، وجندا من جنوده وخادمه في شمال إفريقيا ، ويظهر ذلك أن هذا الجيش المغربي الفرنسي هو من كان يلاحق الأمير عبد القادر من مكان إلى أخر ، وكان يسعى أن يوقع الفتنة بين شعب الجزائر والمغرب ، ويحدث بينهم سفك الدماء والاقتتال، الرابح والظافر من هذه الفتنة هي فرنسا

11 ـ قال المؤرخ محمد باشا في كتابه ( التحفة ) (ج1/ص 292) بعد ما ذكر أحداث ( إيسلي ) وما ترتب على ذلك من الصلح بين فرنسا والسلطان المغربي الذي قضى بالتحالف والتعاون ضد دولة الجزائر .
قال : ( ولما شاع هذا الأمر في نواحي المغرب الأقصى وسارت الركبان بما وقع لجيوشهم وجموعهم مع الفرنسيس ، كبر عندهم ذلك ونسبوا المعرة فيه إلى سلطانهم ، وقواد الجيوش ، وكثر القيل والقال ، واتفق أكثر القبائل على الانتفاض على السلطان واعطاء الطاعة إلى الأمير لما كانوا يسمعون عنه من الإقدام والشجاعة والقيام بأمور الجهاد على ما ينبغي من أعاظم الملوك ، فكاتبوه في ذلك فلم يقبله منهم .
وقال : إني دخلت بلاد السلطان لا لأكون ضده ، أو لنأخذ منه ملكه ، فهذا مما لا يقول به عاقل .
قال بعضهم : "ومن هنا يتبين أن الأمير كان مقصوده فيما يعانيه من قتال الفرنسيس مقصورا على الذب عن الدين والوطن لا مجرد الملك ، ولو كان كذلك لقبل من رعايا سلطان المغرب ما ندبوه إليه والظفر به في أقرب وقت من غير كلفة".
وقال آخر : " ما كان الأمير في جميع ما تكبده من المشاق ومعاناة الحروب إلا حبا في نصرة الدين ، وانقاذ وطنه من يد الأعداء ، ولا بذل نفسه وماله وحوله وقوته ولا صبر على تلك الأهوال التي يعجز عنها أكبر سلطان في العالم إلا لإعلاء كلمة الله ، وانقاذ وطنه ، فتحمل لذلك من الأمور التي تقصم الظهور ، وتدكدك الجبال ، وباع نفسه في رضي الله تعالى ، وحب وطنه بيع سماح " ) ا.هـ
12 ـ بعد ظهور فضيحة السلطان عبد الرحمن بن هشام وانتشارها في الآفاق ، وسقوط جميع حججه ومعاذيره ، ذهب يلتمس عذرا ويبحث عنه ، في أن الأمير عبد القادر يريد ملك وعرش المغرب الأقصى ، ويريد إسقاط عرش السلطان عبد الرحمن بن هشام ، أراد بهذه الخطوة الطائشة الكاذبة أن يغطي فضيحته وفشله وانبطاحه وتطبيعه مع فرنسا ضد الإسلام ودولته وللقضاء على جهاده .
فذهب يراسل الأمير عبد القادر ويسبر نيته ويختبره هل هو يريد أن يتوسع في أراضي المغرب الأقصى ، أو ماذا يريد ؟!
قلت ( بن سلة ) : بهذه الخيانة والانقلاب الذي حدث من السلطان المغربي ببن عشية وضحاها يتبين لنا أن ما كان يظهره في بادئ الأمر من الموافقة للأمير عبد القادر ما هو إلا غطاء يتزين به أمام شعبه ، وأمام علماء المغرب والمشرق !
وفيما يبدو أن سلطان الجزائر الأمير عبد القادر كان متفطنا لهذه السياسة القذرة ولمثل هذه المراوغة قبل حدوثها ، وحلول وقتها .
ولهذا كان في كل مرة ومن حين إلى حين يضغط على السلطان المغربي بأن يظهر موقفه من جهاد الجزائر ، ويطلب منه النهوض معه للجهاد ، ويلح ويصر عليه ، ولكن لم نر ذلك من السلطان المغربي ، ولا قدم جيوشه للجهاد مع الأمير عبد القادر ، إلا تلك الهدايا المتبادلة بين الأمير وسلطان المغرب التي لا تدل إلا على علاقة الدبلوماسية وبقاء السفارة فيما بينهما .
وهذه نعدها من الحروب الباردة التي كان السلطان المغربي ينتهجها مع خصومه في الإقليم ومن خدعه ، ولقد تفطن لها الأمير عبد القادر الذي وصفه الصديق والعدو ، والقريب والبعيد بالذكاء والدهاء .
الأمير عبد القادر أدهش ملوك وقته ، وكُتاب سيرته ، وساسة عصره ، وعباقرة مصره بما كان يتمتع به من الحنكة في تسيير شؤون الدولة ، والعبقرية في السياسة ، والفطنة في قراءة أفكار صديقه وخصمه ، وما يمتاز به من الفراسة ، وصفاء الديانة .
حرب السلطان عبد الرحمن بن هشام الباردة لم تكن تخفى على الأمير عبد القادر ، ولهذا أنكر أن وجوده بحدود السلطان المغربي أنه إرادة ملك عرش المغرب الأقصى ، ونفى ما تروجه فرنسا من هذا القبيل ، وكشف خطة السلطان المغربي أمام الرأي العام ، وأمام علماء المغرب والمشرق ، بأنه لا يريد عرش السلطان المغربي .
وبهذا تنكشف جميع ألاعيب سلطان المغرب ، وقذارة خيانته ، وما ترك له الأمير عبد القادر حجة يقاوم بها فشله ، أو يرقع بها فضيحته

13 ـ موقف السلطان المغربي المتخاذل من جهاد الإسلام الذي حمل رايته دولة الجزائر ، هو مما زاد قوة الجزائريين والصلابة في مواجهة فرنسا ، ووحد صفهم ، إذ في تلك الفترة هناك بعض قبائل الجزائر أظهرت الخروج عن السمع والطاعة للسلطان الأمير عبد القادر فلما رأت موقف السلطان المغربي المتخاذل ، توحدت وأظهرت التوبة والرجوع إلى رحاب دولة الإسلام الأميرية الهاشمية ، فكانت خطوة الجنرال بيجو مع السلطان المغربي حقيقة هي توحيد الصف الجزائري وبعث قوة الجهاد الجزائري من الجديد ، وكان الأمر كذلك .
لقد تكبدت فرنسا خسائر كبيرة ضخمة بعد تلك الاتفاقية الفرنسية المغربية !!
وبدأ الجيش الجزائري الإسلامي والجنود المحمدية تحصد الجيوش الفرنسية في الميدان ويتلاشى أمرها ، واختلط الأمر على فرنسا وبدأت تتخبط في سياستها ، وفي عزل جنرالاتها والانقلاب عليهم واتهامهم .

14 ـ في تلك المرحلة لما زاد الأمير من هجماته وضغطه على الجيوش الفرنسية ، والإنزال بهم تلك الخسائر والهزائم ، للأسف يزيد السلطان المغربي ويكثف من إرجافه على دولة الجزائر ، ويضغط عليها من جهة الحدود الغربية ، ويضخم من خيانته وعمالته لفرنسا ويهدد الأمير ويأمره بأن يوقف الجهاد ويسلم نفسه !!
وبدأ يحرض القبائل الجزائرية على الخروج على دولتهم الجزائرية ، ويضيق على من لم يستجب لطلبه الخائن ، فما كان من الأمير إلا يبعث له بهذه الرسالة ، ويكرر له النصيحة ويذكره بحقوق الإسلام والأخوة
قال : ( أما بعد : فأني كاتبتكم أولا ، والتمست منكم كف ضرر قبائلكم المجاورة لنا وتعديها على من تبعني ، وسوء معاملتهم لهم لأنهم كلهم أولاد دين واحد ، وشريعة واحدة ، فلم يأتيني جواب عن ذلك ، ولم يحصل لهم ردع من طرفكم ، ومع هذا كله أنا صابر ومتحمل لما يجرونه كراهة سفك دماء المسلمين مدة ستة أشهر طمعا في رجوعهم عن البغي والطغيان إلى العدل والإحسان مع قدرتي عليهم في كل آن ، فإن لم تردعهم الآن عن أفعالهم وترجعهم عن قبيح تصرفاتهم التزم المحاماة عن حقوقي والمحافظة على شرف اتباعي ، ولذا بادرت بإخباركم ، والسلام عليكم ) ا.هـ

15 ـ لقد صبر سلطان الجزائر الأمير عبد القادر عن السلطان المغربي كثيرا ، وكان دائما يأمل منه أن يرجع ويتفكر في أمره ، ويراسله ويكرر له النصيحة ويذكره بالعقيدة الإسلامية ، وما يجب عليه القيام به من حق الأخوة والجوار ، ودفع عدو الدار .
ولكن الرجل تمادى في باطله ، فما كان من الأمير عبد القادر إلا جمع مجلسه الشورى من فقهاء الجزائر وقادته وساسته ، فعرض
عليهم موقف سلطان المغرب ، فأجمعوا كلهم على السمع والطاعة والجهاد إلى الموت وقالوا عن السلطان المغربي بأنه رجل قد ضل
رشده في التخلي عمن ينصره ويحمي حوزته ، وأنه وافق العدو على إذلال المجاهدين في سبيل الله والغض من شأنهم ، انظر( تحفة الزائر ) (ج1/ ص 304) .
ثم الأمير عبد القادر لم يستقل وينفرد بهذا الحكم على السلطان المغربي ، ولكي لا يظن أن الخصومة بين الأمير وسلطان المغرب خصومة شخصية ، ويتنازعها الحظوظ النفسية ، فأراد الأمير أن يقطع هذه الظنون ، فراسل علماء مصر فيما يخص شأن السلطان المغربي وشرح لهم أعماله ومواقفه من جهاد الجزائر وتأمره على هذا الجهاد وتحالفه مع فرنسا للقضاء على دولة الجزائر وجهادها وتعاونه معه .
فأجاب مفتي المالكية محمد عليش بالآتي : ( نعم يحرم على السلطان المذكور أصلح الله أحواله جميع ذلك الذي ذكرتم ، حرمته معلومة من الدين بالضرورة لا يشك فيها من في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ) ا.هـ
وكشف زيف التطبيع والصلح الذي أقبل عليه سلطان المغرب ، والذي عقده مع فرنسا ضد تعطيل جهاد الجزائر، والإطاحة بدولته الإسلامية .
لقد كشف هذا التطبيع الشيطاني بما يكفي ويشفي بنصوص القرآن والسنة وكلام فقهاء المالكية ، مما لا يترك مجالا وحجة للمنبطح السلطان المغربي .
فرسالة العلامة محمد عليش ، ورسالة التسولي ، وجواب قاضي وفقيه فاس عبد الهادي العلوي الحسني حجة بليغة في نقض تطبيع المخزن المغربي مع الكيان الصهيوني في هذه الفترة ، وهي كلها حجة قائمة على سلطانهم ومولاهم عبد الرحمن بن هشام الذي كان سببا في إهلاك دولة الأمير عبد القادر الجزائرية ، وفي تسلط فرنسا على أراضي شمال إفريقيا ، وبسط نفوذها في قارة إفريقيا !

16 ـ يرسل المارشال بيجو برسالة إلى القبائل المغربية ، يصف فيها سلطان الجزائر الأمير عبد القادر بأنه حية رقطاء لمسها لين وهي قاتلة سما ، أراد أن يوقع بيننا وبين محبنا وصديق دولتنا صاحب السياسة والرياسة مولاي عبد الرحمن بن هشام أعزه الله ، كذا ، انظر كتاب ( تحفة الزائر ) (ج1/ص 313)
ولكن على لغة بيجو أن صديقهم السلطان المغربي قد تدارك أمره وتنبه لخطر الأمير عبدالقادر عليه ، فخنع إلى سيدته فرنسا وبذل لها الطاعة والسمع ، وأمدها بالجنود والطعام والأموال لكي يحصد ويقلع الأمير من فوق الأرض ومن الوجود !

17 ـ في تلك المرحلة والظروف ما كان من السلطان المغربي إلا أن يظهر إخلاصه الكبير لسيدته فرنسا ، وأن يبرهن على صدقه لها ، ومدى الوفاء ، والتفاني في طاعته لها وخدمتها ، بما يسرها ويكسب رضاها ، فكان لابد أن يقدم عنوان الوفاء والعمالة ، فأرسل برسالة إلى قبائل بني يزناسن وأهل انكاد يصف فيه الأمير عبد القادر بأن ( مراده إلا إثارة الفساد وجلب الشر والفتنة للمسلمين كما جلبها لإيالة الجزائر وغيرها حتى أوقعهم في الكفر – والعياذ بالله – وانقادوا بسببه لاستيلاء الكفار واسلموا أنفسهم لأحكامهم ..) ، انظر كتاب ( التحفة ) (ج1/ص 315) .
قلت ( بن سلة ) : هذه الرسالة من السلطان المغربي تبين حقيقة ما كان ينطوي عليه من الخبث والمكر والحيل والخيانة .
فهذا الموقف منه يبين أنه يرى في رسالة الإمام التسولي التي صنفها في قوانين الجهاد بأنها فساد ، ويبرهن أن موقفه من دعوته للأمير عبد القادر بأن ينقض معاهدة دي ميشيل ، فهذا من مكره وخبثه الذي كان ينطوي عليه ، والذي كان يخطط له من بداية تأسيس دولة الأمير عبد القادر الجزائرية العربية .
فكيف بالأمس يرى هذا من الجهاد واليوم يحكم عليه بالفساد ؟!
فهذا يدل على طيشه وخبثه وعمالته لفرنسا ، وأنه ضد الإسلام ومشروع جهاده ن وأن أجود ما يحسن فعله هو تلونه وتلاعبه بشعائر دين الإسلام وفي مقدمتها الجهاد ، وعقيدة الولاء والبراء التي هي أصل التوحيد ن وأن وجوده في المغرب الأقصى ما هو إلا لاعتلاء العرش وإرادة الرياسة ولو بالعمالة والخساسة والنجاسة !
لا يهمه شرف الإسلام وشعائره ودماء أهله ودولته!، بل يريد إشباع شهوته بالمال والتسلط على المسلمين عن طريق الرياسة والعرش ، وقد وقفنا فيما سبق أنه بعث عامله إلى الجزائر لجمع المال فقط ، ولم تكن قبلته طرد فرنسا وإقامة شعيرة الجهاد الإسلامي ، فلما هرش في وجهه سيدته فرنسا خرج ذليلا مطرودا من الجزائر، والله المستعان .

18 ـ بعد انفجار السلطان عبد الرحمن بن هشام بتلك الرسالة المشؤومة الفاجرة الدالة على ما كان ينطوي عليه من الخبث والمكر ، شاع عنده وبلغه أن أهل فاس وغيرهم من أهل القاصية بعثوا إلى الأمير يدعونه إلى الاستيلاء والدخول إلى فاس ويقومون بنصرته ، فازداد غضبا وجهز قائده الشهير بالأحمر في عسكر كثيف لقتال الأمير .
قلت ( بن سلة ) : هكذا المخزن الجبان المنبطح يترك العدو الكافر في أرضه يفسد ويحتل ويستعمر ما يشاء مثل ما هو واقع في سبتة ومليلية .
وأيضا ما وقع من فرنسا من تخريبها لـ( لا لا مغنية ) في عهد السلطان عبد الرحمن بن هشام ، يصيبه الذل والهوان والعجز عن استرجاع أراضيه وكرامته ، ويجبن عن الجهاد ، ويصيبه الشلل للقيام به .
ولكن المصيبة في مقابل ذلك يستأسد على المسلمين مثل ما يحدث اليوم لمسلمي الصحراء الغربية وبلاد الريف!!
على كل الحال لما رأى الأمير عبد القادر عسكر القائد الأحمر ، بادره بالنصيحة وحذره من الوقوع في الاقتتال بين المسلمين ومن فتنة ذلك ، وصرح له بأن ليس له أي طمع في عرش عبد الرحمن بن هشام مولاه ، وأكد له أنه لا يخطر في باله ما بلغ السلطان عنه ، ثم حذره من قتال المسلمين المهاجرين والتعرض لهم ، وهم في أرض لا تخضع للسلطان المغربي منذ أحقاب .
لكن ذلك القائد المتهور أبى إلا بإجراء ما جاء لأجله من الحرب والمواجهة لعسكر الأمير عبد القادر .
فلما رأى الأمير أنه لا محيد له من المدافعة والنصوص الشرعية مواقفة له بادر إلى الأخذ بالاحتياط ، ثم اختار من فرسانه مائتي فارس البواسل الشجعان ، وسار بهم غازيا على العدو وهو في تافرسيت ، فصبحه واستولى على معسكره بما فيه ، وهجم بعض رؤساء جيشه على القائد الأحمر المتهور فقتله واحترز رأسه ، وجيء بحريمه وأولاده إلى الدائرة – أي الخاضعة لسلطان الأمير عبد القادر – وبعد مدة عين لهم الأمير لهم حرسا وأرسله معهم فأوصلهم إلى فاس .
واهتز المغرب الأقصى لهذه الوقعة وخطأ الشعب سلطانه ، ونقموا عليه حيث بعث جيوشه لقتال المسلمين المهاجرين الذين التجأوا إلى بلاده طالبين حمايته لهم من عدوه وعدوهم

19 ـ بعد تلك الهزيمة التي نزلت بسلطان المغرب ، والتي كانت نتيجتها قطع رأس قائده الأحمر الذي كان ينتفخ به ويستأسد ، وتلك الفضيحة التي انتشرت بين شعبه ، فما بقي لمولاهم عبد الرحمن بن هشام رجولة ولا كرامة يواجه بها شعبه ، والعالم الإسلامي ، مع تتابع النذالة التي ارتكبها من التطبيع مع فرنسا والتحالف معها ضد دولة الجزائر والتجسس عليها ، وليته وقف عند هذا الخط الأسود !
كل هذا لم يشبع قذارة السلطان المخذول المنبطح ، فأراد أن يترقى في مزبلة التاريخ ، ويكثف صفحته من أوساخ فرنسا ، ويزيد من شعار نذالته ، وعلامة قذارته ، فماذا صنع ؟!
بدأ يتربص بكل خلاف يقع بين الجزائريين ، أو بين بعض القبائل الجزائرية وقيادتها ، أو يبحث عن نفرة بعض وزراء الأمير ، فيستغل هذا الخلاف ويستثمره في صالحه ، ويغذي هذه الخلافات ضد الإسلام ودولته وجماعته كما هو حادث اليوم من محزنه في استثمار راية الماك ورشاد الإنفصالية ضد الحكومة الجزائرية ، وفي إشعال الفتنة داخل شوارع الجزائر ، وبين شبابها الذين لا يفقهون مكر المخزن المغربي وعداوته التاريخية لدولة الجزائر المسلمة العربية
ومما يتأسف لأولئك القبائل الجزائرية أو القادة الذين وقعوا في فخ فتنة السلطان المغربي ، والذين استمالهم إليه ما إن وضع سلطته عليهم انقلب عليهم ونكل بهم ، وقتل من قتل منهم ، وغدر بهم .
وهذا حال كل من خان وطنه الجزائر وباعه بثمن بخس ، سوف يضحى به وينكل به العدو ، ولا يرحمه إذا قضى به مآربه ، وانتهى منه

20 ـ يا ليت السلطان المغربي عبد الرحمن بن هشام المتهور يعتبر بما وقع له من الهزائم على يد سلطان الجزائر ويتخذها درسا ويتعلم !
بل لا يزال يغتر بسيدته فرنسا ، وينخدع بما تظهره أمامه من القوة في مواجهة الأمير عبد القادر ، إذ بلغه ما لحق الأمير من الضعف وقلة العدد ، فجهز ولديه محمدا وهو ولي عهده وأحمد في خمسين ألف مقاتل وسيرهم إليه ، وذلك سنة ( 1847م ) ، نزلا بجيشهما في قلعة سلوان على مسافة ثلاث ساعات من الدائرة – أي مركز عسكر الأمير - ، فرأى الأمير أن يبادرهم بالهجوم ويأخذهم بالرهبة قبل أن يزحفوا إليه ، فجمع جيشه وشد عزائمهم ، وأخبرهم بما عزم عليه من مهاجمة العدو ، فنشطوا لذلك ، وبايعوه على الثبات معه إلى الموت ، وأشار بمكيدة الهجوم على العدو ، كانت تلك المكيدة بركانا وزلزالا على ابني السلطان عبد الرحمن بن هشام .
وهكذا حمل عسكر الإيمان على جيش الخونة والعملاء حملة واحدة فما راع عسكر سلطان المغرب إلا مشاعل النار تحول بين الخيام وأمطار الرصاص تنزل عليهم من حيث لا يحتسبون ، فلم يسعهم إلا الفرار وترك الخيام بما فيها من الأمتعة والمهمات .
هكذا لايزال المخزن المغربي يغتر بوعود فرنسا وترامب والكيان الصهيوني !
ومن غبائه وسفهه وقع حتى في فخ حركة ( الماك ) الإنفصالية الإرهابية وذهب يدعي لها الشرعية !
لم نر أغبى حكومة في الكون مثل نظام المخزن المغربي ، لقد حكم على نفسه بالفشل والمذلة والهوان ، وأنه مثل الأعمى السفيه يقاد !

على كل الحال وقعت في هذه الفترة وقائع مؤلمة بين الأمير وجيش السلطان المغربي ، فهلكت الجموع ، وحصدت في ميدانها دماء المسلمين وفنيت ، كانت دائرتها لفرنسا ، فهي الوحيدة الرابحة بما نزل بين المسلمين من الاقتتال والمواجهة ، لقد استغلتها واستثمرتها في صالحها ، بل هذا كان من ضمن مخططاتها في الضغط على سلطان المغرب ودخولها إلى أراضي ( لالا مغنية ) وترسيم الحدود ، واستعمال السلطان عبد الرحمن بن هشام ورقة في تنفيذ هذا المشروع ، كل هذا كان للقضاء على دولة الأمير عبد القادر الجزائرية .
فتحقق ما كانت تأمل إليه فرنسا ، فلما رأت تجهيز السلطان المغربي جيشه لمواجهة الأمير عبد القادر ، والتضييق عليه من ناحية حدوده ، فما كان من فرنسا – والحالة هذه – إلا أن تنتهز هذه الفرصة وتبادر بتضييق على الأمير عبد القادر من حدود الجزائر ، فجاء الجنرال لا موريس حاكم ولاية وهران بجيشه فحاصر الأمير وجعله فيما بينه وبين جيش السلطان المغربي ، فكانت هذه ضربة قوية توجه إلى الأمير عبد القادر ، إما يوقف الحرب ، أو تحصد نفوس المسلمين من الطرفين الجزائري والمغربي ، الأخوة في الدين والعروبة والتاريخ ، فتألم الأمير عبد القادر لهذا الوضع الحزين الذي يستقذره الشرع الإسلامي والعقل ، ولا يقبله القانون ، فنزعته الإسلامية ، وديانته ، وحنكته السياسية ، وغيرته على المسلمين وتاريخهم ، وما لهم من الروابط الأخوية ، فرضت عليه أن يوقف الحرب ، وأن يقدم على الهدنة ، وعقد معاهدة مع فرنسا تقضي بخروجه من الجزائر وتحمله على الهجرة إلى المشرق .
أما السلطان المغربي لا يهمه دماء المسلمين ، وحرمة جماعتهم ، وبقاء دينهم ، وصيانة تاريخهم ، فهو بالنتيجة مشروع فرنسا للقضاء على دولة الجزائر ولو هلكت شعوب المغرب الأوسط ، مع شعوب المغرب الأقصى ، وهذا طموح فرنسا ، وما إليه تسعى وتخطط ، أن تفنى الشعوب المسلمة في شمال إفريقيا وتعمر باليهود والنصارى .

21 ـ الأمير عبد القادر لما رأى الأمر وصل إلى هذا الحد ، فاستقذره واستهجنه ، ووقف على كثرة الخيانات من القبائل والتلون بعض الأصدقاء والقادة ، وتغير حالهم ، وكثر الأعداء ، وفني الأمراء ، فلم يسعه والحالة هذه إلا النظر في أمره وانتهاز الفرصة في خلاصه من مكائد العدو ومكره ، فجمع خاصته وذويه ، وقال لهم : ( يا قوم إن الأحوال كما ترون والأخبار على ما تسمعون، فما الرأي، وما الحيلة؟
فقالوا : الرأي لسيدنا فالذي يراه ، نحن معه فيه ، فقال : لا أرى إلا التسليم لقضاء الله تعالى والرضى به ، ولقد أجهدت نفسي نفسي في الذب عن الدين والبلاد ، وبذلت وسعي في طلب راحة الحاضر منها والباد ، وذلك من حين اهتز غصن شبابي ، وافتر عن شباة الهندي نابي ، وأقمت على ذاك ما ينوف على ثماني عشرة سنة ، أقتحم المهالك ، وأملأ بالجيوش الحرارة الفجاج والمسالك ، أستحقر العدو على كثرته ، وأستسهل استقصاءه ، وأتوغل - غير خائف – أوديته وشعابه ، وأرتب له في طريقه الرصائد ، وأنصب له فيها المكائد والمصائد ، تارة أنقض عليه انقضاض الجارح ، وأخرى أنصب إليه انصباب الكسر إلى المسارح ، وكثيرا ما كنت أبيته فأفنيه ، وأصبحه فأبرد غليلي منه وأشفيه ، ولا زلت في أيامي كلها أرى المنية ولا الدنية ، وأشمر عن أقوى ساعد وبنان ، وأقضي حق الجهاد بالمهندسين والسنان ، إلى أن فقدت المعاضد والمساعد ، وفني الطارف من أموالي والتالد ، ودبت إلى من بني ديني الأفاعي ، واشتملت علي منهم المساعي ، والآن بلغ السيل الزبى ، والحزام الطبيين ، فسبحان من لا يكيده كائد ، ولا يبيد ملكه ، وكل شيء بائد ) ا.هـ، انظر كتاب (التحفة) ( ج1/ص 321)
قلت ( بن سلة ) : في هذه الكلمة الموجزة البليغة يشرح الأمير عبد القادر وقائع مرحلة إمارته في الجزائر ، وأحداث حربه التي خاضها ضد جيوش فرنسا ، يشرح ذلك بأوجز العبارة ، وأبلغ الإشارة ، وبيّن صفة نهاية معركته مع الأفاعي ، والسلطان المغربي .
وأوضح أن وقفه للحرب كان استسلاما لقضاء الله وقدره ، أما القضاء الشرعي فهو لم يستسلم ، فلا يزال يحارب عقائد الكفر ، ويصنف ويكتب ويجيب ويعلم ويربي الناشئة على الإسلام والعروبة ومنهج أهل الحديث والسنة ، ويقوم بمصالح المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، ويواجه مؤامرات فرنسا وبريطانيا التي كانت تحاك ضد الإسلام في المشرق .
وهذا مما يكشف فرية المدرسة الفرنسية مفادها : أن الأمير عبد القادر استسلم لفرنسا وأقر بملكها وحكومتها على الجزائر ! وأنه كان صديقا لها !
هذا كله من الكذب يفضحه سيرة الأمير عبد القادر التي ثبتت بالسيف ، وكتبت بالقلم ، وشهد عليها اللسان ، وتبرهنت بالسنان .
الناشئة التي صنعها في مدرسة الحديث ، وكانت رائدة الدعوة السلفية ، والعروبة ، ومحاربة أشكال الاستعمار لهي أكبر الدليل على أنه ليس في الكون أعدى العدو بنسبة فرنسا من مثل الأمير عبد القادر .
كفاه شرفا أن تلامذته هم رواد التجديد والحديث والعروبة والسلفية وعلى رأسهم : عبد الرزاق البيطار ، وجمال الدين القاسمي ، وطاهر الجزائري السمعوني .
ما قدمه الأمير عبد القادر من خدمة الإسلام وعقائده ودولته ولشعبه لم يقدم مثله السلطان المغربي المنبطح .
ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا

والمصيبة حتى أحفاده الذين أتوا من بعده على منواله تسير وتكيد للجزائر وتسلك عين قذارته وطريقته في خدمة مشروع فرنسا وإمريكا ، والله المستعان
وفي الخاتمة - ختم الله لنا ولكم بالحسنة- أن ما يحدث لدولتنا وحكومتنا الجزائرية في الصعيد الداخلي والخارجي من المؤامرات ، فهو عين المؤامرة التي وقعت ضد سلطاننا الأول ومؤسس دولتنا ، وراسم طريقها ناصر الدين الأمير عبد القادر الحسني الجزائري .
حكومتنا ، وميثاق فاتح نوفمبرنا لقد عرف صديقه من عدوه ، فما نسير عليه اليوم ما هو إلا ترسم خطى أولئك الرعيل الأول ممن صنعهم الأمير عبد القادر ، وكونهم الإمام ابن باديس ، والحمد لله رب العالمين .




كتبه الفقير إلى الله : بشير بن سلة الجزائري
بتاريخ 10 ذي الحجة 1442هـ ، الموافق لـ 20 جويلية 2021 م .
بوادي الحمام ( حسين / معسكر ) الجزائر








 


رد مع اقتباس
قديم 2021-07-21, 18:40   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبو أنس بشير
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

https://up4net.com/download318783.html

تحميل الملف بصيغو بداف
https://up4net.com/download318783.html

وأيضا
https://up4net.com/download318783.html










رد مع اقتباس
قديم 2021-07-21, 18:45   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبو أنس بشير
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي




https://mrkzgulfup.com/download587113.html

وأيضا
https://mrkzgulfup.com/download587113.html

وأيضا بصيغة وارد
https://up4net.com/download318786.html

https://up4net.com/download318786.html










رد مع اقتباس
قديم 2021-11-26, 19:42   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
zafer h
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا على الموضوع :
وأضيف : لما قبضوا أخا الأمير أبا بكر عليه رحمة الله في ذلك النهار ، وكان مجروحاً بالرصاص في رأسه معى ابن أخيه محمد الصادق ابن السيد محمد السعيد رحمهما الله تعالى أخذوهما وواجهوا بهما أولاد ملك مراكش عبد الرحمن بن هشام لينظروهما ، وكانت الغوغاء سلبتهم ثيابهم كلها حتى ساتر العورة ، وقدموهما إليهم على هذه الحالة فنظروهما وأمروا بهما ، فَغُلَّا بالقيود في أعناقهما على تلك الحالة مع من أمسكوه من عساكر الأمير ، لم يأمروا لهما بما يواري عورتهما ، وليت شعري كيف ساغ لمروءتهما ذلك مع ما اتفق من أن رجلاً من قبيلة المطالسة عرّفهم بهما ، وقال لهم : هذا أخو الأمير ، وهذا ابن أخيه ، ويعلمان أنهما أبناء مجد وفضل ، وقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم « أكرموا عزيز قوم ذل » ثم ردوهما إلى الأسرى ، وبيتوهما تحت أديم السماء ، وهم حفاة عراة ، والليلة شديدة البرد ، ثم حزوا رأس السيد أبي بكر المذكور ، وأخذوه إلى فاس في جملة رؤوس من مات من جماعة الأمير ، ووضعوا تلك الرؤوس على سور مدينة فاس مدة أيام ثم واروها بعد ذلك ، وأما السيد محمد الصادق المذكور فإنهم أخذوه إلى فاس مقيداً في إهانة شديدة حبسوه بها سنة ونصف ، ثم أخذوه إلى مراكش مع من أخذوه من عسكر الأمير .
لذلك عندما استشار الأمير من معه في تسليم أمره للمراكشية أبوا عليه ذلك كلهم حتى قيل له : إن سلمت نفسك إليهم فلا بد أن يأخذوك إلى فاس ويلبسوك قميصاً من خشب إلى أن تموت كما هي عادتهم في قتل أمثالك فإن القوم متوحشون ، وشدة غضبهم تمنعهم من الفعال الحميدة شرعاً أو طباعاً .
من كتاب نخبة ما تسر به النواظر لأخي الأمير أحمد بن محي الدين










رد مع اقتباس
قديم 2022-01-03, 13:35   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أبو أنس بشير
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zafer h مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا على الموضوع :
وأضيف : لما قبضوا أخا الأمير أبا بكر عليه رحمة الله في ذلك النهار ، وكان مجروحاً بالرصاص في رأسه معى ابن أخيه محمد الصادق ابن السيد محمد السعيد رحمهما الله تعالى أخذوهما وواجهوا بهما أولاد ملك مراكش عبد الرحمن بن هشام لينظروهما ، وكانت الغوغاء سلبتهم ثيابهم كلها حتى ساتر العورة ، وقدموهما إليهم على هذه الحالة فنظروهما وأمروا بهما ، فَغُلَّا بالقيود في أعناقهما على تلك الحالة مع من أمسكوه من عساكر الأمير ، لم يأمروا لهما بما يواري عورتهما ، وليت شعري كيف ساغ لمروءتهما ذلك مع ما اتفق من أن رجلاً من قبيلة المطالسة عرّفهم بهما ، وقال لهم : هذا أخو الأمير ، وهذا ابن أخيه ، ويعلمان أنهما أبناء مجد وفضل ، وقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم « أكرموا عزيز قوم ذل » ثم ردوهما إلى الأسرى ، وبيتوهما تحت أديم السماء ، وهم حفاة عراة ، والليلة شديدة البرد ، ثم حزوا رأس السيد أبي بكر المذكور ، وأخذوه إلى فاس في جملة رؤوس من مات من جماعة الأمير ، ووضعوا تلك الرؤوس على سور مدينة فاس مدة أيام ثم واروها بعد ذلك ، وأما السيد محمد الصادق المذكور فإنهم أخذوه إلى فاس مقيداً في إهانة شديدة حبسوه بها سنة ونصف ، ثم أخذوه إلى مراكش مع من أخذوه من عسكر الأمير .
لذلك عندما استشار الأمير من معه في تسليم أمره للمراكشية أبوا عليه ذلك كلهم حتى قيل له : إن سلمت نفسك إليهم فلا بد أن يأخذوك إلى فاس ويلبسوك قميصاً من خشب إلى أن تموت كما هي عادتهم في قتل أمثالك فإن القوم متوحشون ، وشدة غضبهم تمنعهم من الفعال الحميدة شرعاً أو طباعاً .
من كتاب نخبة ما تسر به النواظر لأخي الأمير أحمد بن محي الدين
بارك الله فيك أخي الفاضل

على بيان هذه الحقيقة التاريخية القيمة









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:48

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc