مناقب التاريخ الاسلامي - الصفحة 22 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مناقب التاريخ الاسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-01-08, 17:38   رقم المشاركة : 316
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل تزوج يوسف عليه السلام من امرأة العزيز في آخر الأمر؟

السؤال

هل تزوج نبي الله يوسف في النهاية من المرأة التي كانت همت به ؟

أرجو أن تجيبوني على سؤالي ، وتزودوني بمصدر الإجابة إذا كان الجواب بالإيجاب

الجواب

الحمد لله

لم يرد في القرآن الكريم ، ولا في السنة النبوية ، ما يثبت أو ينفي زواج يوسف عليه السلام من امرأة العزيز والتي قيل إن اسمها "راعيل" ، وقال بعضهم : اسمها "زليخا" ، ولكن استظهر الحافظ ابن كثير أن " زليخا " لقبها .

وورد في زواج يوسف عليه السلام من "راعيل" خبرٌ عن إمام السير والتاريخ المعروف : محمد بن إسحاق رحمه الله حيث يقول :

"لما قال يوسف للملك : (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) قال الملك : قد فعلت ! فولاه فيما يذكرون عمل إطفير ، وعزل إطفير عما كان عليه ، يقول الله :

(وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء) ، الآية .

قال : فذكر لي - والله أعلم - أن إطفير هَلَك في تلك الليالي ، وأن الملك الرَّيان بن الوليد ، زوَّج يوسف امرأة إطفير "راعيل" ، وأنها حين دخلت عليه قال : أليس هذا خيرًا مما كنت تريدين ؟

قال : فيزعمون أنها قالت : أيُّها الصديق ، لا تلمني ، فإني كنت امرأة كما ترى حسنًا وجمالاً ، ناعمةً في ملك ودنيا ، وكان صاحبي لا يأتي النساء ، وكنتَ كما جعلكَ الله في حسنك وهيئتك ، فغلبتني نفسي على ما رأيت .

فيزعمون أنه وجدَها عذراء ، فأصابها ، فولدت له رجلين : أفرائيم بن يوسف ، وميشا بن يوسف ، وولد لأفرائيم نون ، والد يوشع بن نون ، ورحمة امرأة أيوب عليه السلام" انتهى .

رواه ابن أبي حاتم في " التفسير " (7/2161)، والطبري في " جامع البيان " (16/151) .

وورد نحوه عن زيد بن أسلم التابعي الجليل ، وعن وهب بن منبه المعروف بالرواية عن الإسرائيليات .

نقل ذلك السيوطي في " الدر المنثور " (4/553) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

"الباب السابع والعشرون فيمن ترك محبوبه حراما فبذل له حلالاً أو أعاضه الله خيراً منه : عنوان هذا الباب وقاعدته أنَّ مَن ترك لله شيئاً عوضه الله خيراً منه

كما ترك يوسف الصديق عليه السلام امرأة العزيز لله ، واختار السجن على الفاحشة

فعوضه الله أن مكَّنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء ، وأتته المرأة صاغرة سائلة راغبة في الوصل الحلال ، فتزوجها فلما دخل بها قال : هذا خير مما كنت تريدين .

فتأمل كيف جزاه الله سبحانه وتعالى على ضيق السجن ، أن مكَّنه في الأرض ينزل منها حيث يشاء ، وأذل له العزيز امرأته ، وأقرت المرأة والنسوة ببراءته ، وهذه سنته تعالى في عباده قديماً وحديثاً إلى يوم القيامة"

انتهى من "روضة المحبين" (ص/445) .

وهذا لا يعني القطع بثبوت هذه القصة ، بل الظاهر أنها مأخوذة عن أهل الكتاب ، وقد أمرنا بعدم تصديقهم وعدم تكذيبهم أيضاً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :

(لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) رواه البخاري (4485) وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (422) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

.








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-01-09, 17:00   رقم المشاركة : 317
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تساؤلات حول قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش والإجابة عليها

السؤال

السائل يتحدث عن قصة زينب بنت جحش رضي الله عنها وقصة زواجها بزيد بن حارثة رضي الله عنه ، ثم بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يسأل ويقول :

1. إذا كان الله يعلم أن زواج زيد بزينب لن يستمر إلا سنة واحدة ثم يتزوجها محمد : فلماذا لم يأمره بالزواج بها ابتداءً ؟

. 2. إذا لم يكن الله هو من أمر محمَّداً بالزواج بها فمن الذي أمره إذاً ؟

هل اختلق محمَّد هذه الآيات - آيات سورة الأحزاب - بنفسه ليخدم غرضه ؟

. 3. طالما أن الزواج بزوجة الابن المتبنى ليس حراماً فهل ينطبق هذا الحكم على الابن من الصلب؟.

أرجو الإجابة عن هذه التساؤلات لأن إيماني معتمد على فهمها .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

كان زيد بن حارثة رضي الله عنه في أول أمر الإسلام ابناً للنبي صلى الله عليه وسلم بالتبنِّي

وكان يُدعى " زيد بن محمد " ، وقد زوَّجه النبي صلى الله عليه وسلم من ابنة عمته " زينب بنت جحش " رضي الله عنها ، فلمَّا أبطل الله تعالى التبنِّي نُسب زيدٌ لأبيه " حارثة " .

ثم إن " زيداً " رضي الله عنه اشتكى لنبينا صلى الله عليه وسلم من زوجته " زينب "

والنبي صلى الله عليه وسلم يصبِّره ويذكره بتقوى الله تعالى ، وبعد ذلك الإبطال للتبني يوحي الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن زيداً سيطلق زوجته وأنها ستكون زوجة له

فأخفى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر – وهو تزوجه بزينب مستقبلاً – عن الناس ولم يبده لأحد

ولم يكن وحياً مأموراً بتبليغه ، وإنما خبر سيتحقق ، وقد حصل فعلاً أن طلق زيد زوجته زينب ، وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم .

فليس في قصة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب ما يقدح في مقامه ، ولا ما ينزل من قدره.

وما يذكره بعض المفسرين في ذلك من أقوال تخالف ما ذكرناه فكله ضعيف مردود
.
قال القرطبي رحمه الله :

قال ابن العربي : فإن قيل : لأي معنى قال له : (أمسك عليك زوجك) وقد أخبره الله أنها زوجُه ؟

قلنا : أراد أن يختبر منه رغبته فيها أو رغبته عنها ، فأبدى له " زيد " من النفرة عنها والكراهة فيها ما لم يكن علمه منه في أمرها .

فإن قيل : كيف يأمره بالتمسك بها وقد علم أن الفراق لا بد منه ، وهذا تناقض ؟! .

قلنا : بل هو صحيح للمقاصد الصحيحة لإقامة الحجة ومعرفة العاقبة ، ألا ترى أن الله تعالى يأمر العبد بالإيمان

وقد علم أنه لا يؤمن ، فليس في مخالفة متعلق الأمر لمتعلق العلم ما يمنع من الأمر به عقلاً وحُكماً ، وهذا من نفيس العلم فتيقنوه ، وتقبلوه .

" تفسير القرطبي " ( 14 / 190 ) .

ولتفصيل أوفى للقصة ، وللوقوف على أقوال العلماء فيها

انظر اجابة السؤال القادم:

ثانياً :

أما جواب السؤال الأول وهو " إذا كان الله يعلم أن زواج زيد بزينب لن يستمر إلا سنة واحدة ثم يتزوجها محمد صلى الله عليه وسلم : فلماذا لم يأمره بالزواج بها ابتداءً ؟ " :

فيجاب عن ذلك أولاً : بأنه لا يجوز للإنسان أن يقترح على الله تعالى ماذا يفعل ؟

ولا أن يعترض على فعله ، وذلك لكمال علم الله تعالى وحكمته وقدرته ، فلا يفعل إلا ما فيه الحكمة والمصلحة ، التي كثيراً ما تغيب عن الإنسان ولا يعلمها : قال الله تعالى : (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء/23 .

ثم .. أمْرُ الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم بتزوج زينب بعد طلاق زيد لها فيه حكمة عظيمة ، وهي تقرير إبطال التبني تقريراً عملياً من الرسول صلى الله عليه وسلم

حتى يعلم الجميع أن الابن من التبني ليس له أحكام الابن من الصلب ، فزوجة الابن من التبني حلال لمن تبناه ، وهذه الحكمة تفوت لو أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج زينب ابتداءً .

والتطبيق العملي للأحكام الشرعية يختلف في قوته وأثره عن الواقع النظري ، وخاصة فيما يتعلق بأمرٍ مشتهر في الجاهلية ويُراد القضاء عليه .

ومن أمثلة ذلك :

إفطار النبي صلى الله عليه وسلم في السفر لما شق الصيام على الصحابة ، ولم يكتف بأمرهم بالإفطار .

فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ " كُرَاعَ الْغَمِيمِ " فَصَامَ النَّاسُ ، فقيل له : إن الناس قد شق عليهم الصيام

وإنما ينظرون فيما فعلت فدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ : (أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ) رواه مسلم (1114) .

وانظر جواب السؤال بعد القادم

وفي ذلك يقول تعالى : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) الأحزاب/ 37 .

قال ابن كثير رحمه الله :

وقوله : ( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) أي : إنما أبحنا لك تزويجها وفعلنا ذلك : لئلا يبقى حرج على المؤمنين في تزويج مطلقات الأدعياء [

أي : الأبناء من التبني] ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قبل النبوة قد تبنى زيد بن حارثة

فكان يقال له : " زيد بن محمد " ، فلما قطع الله هذه النسبة بقوله تعالى : (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ)

ثم زاد ذلك بياناً وتأكيداً بوقوع تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش لما طلقها زيد بن حارثة

ولهذا قال في آية التحريم : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُم ) النساء/ 23 ؛ ليحترز من الابن الدَّعِي ؛ فإن ذلك كان كثيراً فيهم .

وقوله : (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً) أي : وكان هذا الأمر الذي وقع قد قدره الله تعالى وحَتَّمه ، وهو كائن لا محالة ، كانت زينب في علم الله ستصير من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى .

" تفسير ابن كثير " ( 6 / 426 ) .

وأوضح منه فيما نريده ما قاله الطاهر بن عاشور رحمه الله حيث قال
:
وأشار إلى حكمة هذا التزويج في إقامة الشريعة ، وهي إبطال الحرج الذي كان يتحرجه أهل الجاهلية من أن يتزوج الرجل زوجة دَعِيِّه

فلما أبطله الله بالقول إذ قال : (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكَمْ أَبْنَاءَكَم) الأحزاب/ 4 : أكَّد إبطاله بالفعل ؛ حتى لا يبقى أدنى أثر من الحرج أن يقول قائل : " إن ذاك وإن صار حلالاً فينبغي التنزه عنه لأهل الكمال "

فاحتيط لانتفاء ذلك بإيقاع التزوج بامرأة الدعيّ من أفضل الناس وهو النبي صلى الله عليه وسلم .

والجمع بين اللام وكي : توكيد للتعليل ، كأنه يقول : ليست العلة غير ذلك .

" التحرير والتنوير " ( 22 / 39 ) .

فكيف لتلك الأحكام والفضائل أن تظهر لولا وقوع التبني فعليّاً من النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم تزويجه لابنه في التبني من ابنة عمته ، ثم تزوج النبي صلى الله عليه وسلم منها بعد إبطال التبني؟

ثالثاً :

قول السائل " إذا لم يكن الله هو من أمر محمَّداً بالزواج بها فمن الذي أمره إذاً ؟ هل اختلق محمَّد هذه الآيات - آيات سورة الأحزاب - بنفسه ليخدم غرضه ؟!

" : يدل على أنه ليس بمسلم ، وأنه كذب في تعبئة بياناته أنه مسلم – عند إرسال سؤاله - ، لأن هذا الكلام لا يمكن أن يصدر من مسلم أبداً .

وسنجيب عن هذا الكلام بياناً للحق ، وإقامة للحجة على المعاندين ، ولعل الله تعالى أن يهديهم ، فإننا نحب الخير والهداية للحق للبشرية جميعاً .

فهذه الآيات لا يمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اختلقها ، بل هذا غاية التزوير وقلب الحقائق

بل هذه الآيات هي من أدلة نبوته وصدقه فيما يبلغ عن الله تعالى ، وذلك لأن الآيات فيها عتاب من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم : (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) الأحزاب/37 .

فهو عتاب من الله تعالى له صلى الله عليه وسلم أنه أخفى ما سيبديه ربه تعالى ، وأنه خشي من المنافقين وأهل السوء أن يطعنوا فيه عندما يتزوج من مطلَّقة ابنه بالتبني ! فيأتي هذا السائل ويريد أن يقلب الحقائق .

قَالَ أَنَسٍ بن مالك رضي الله عنه : (لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ). رواه البخاري (6984) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت :

وَلَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي

أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) رواه مسلم (177) .

وزينب رضي الله عنها ليست غريبة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي ابنة عمته ، ولو أراد التزوج بها – حتى من قبل تزوج زيد بها - لما كان هناك عائق يحول دون ذلك ، فأي حاجة لاختلاق آية ينسبها لربه تعالى ليتزوج بها ؟!

رابعاً:

قول السائل " طالما أن الزواج بزوجة الابن المتبنَّى ليس حراماً فهل ينطبق هذا الحكم على الابن من الصلب ؟ " : هو من باب التشكيك في الشرع ومحاولة النيل من أحكامه

فهو يعلم أن زوجة الابن من الصلب لم يقل أحد بجواز التزوج بها بعد وفاة زوجها أو طلاقها منه ، وأنها تصير محرَّمة على والد الزوج بمجرد العقد إلى يوم القيامة ، كما قال تعالى في سياق ذِكر المحرَّمات في النكاح :

وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُم ) النساء/ 23

فهذا نصٌّ واضح صريح في المسألة وهو تحريم زوجة الابن من الصلب ، وذاك نص صريح في جواز التزوج من زوجة الابن الذي كان متبنَّى ، فأي حاجة لمثل ذلك القياس الفاسد

فالابن من التبني ليس ابناً في الحقيقة حتى يأخذ أحكام الابن .

وعلى كل حال : فعلى السائل أن يراجع نفسه ، ويتفكر بتعقل وتدبر وإنصاف

ونحن على يقين أنه إذا قرأ سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، فسوف يعلم صدق نبوته صلى الله عليه وسلم ، وسيقوده ذلك إلى الإيمان به .

نسأل الله تعالى له الهداية .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-09, 17:05   رقم المشاركة : 318
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث ( أولئك العصاة أولئك العصاة )

السؤال

سمعت حديثاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصائمين في السفر إنكم عصاة .

فهل معنى ذلك أنه يحرم على المسافر أن يصوم ؟ .


الجواب

الحمد لله

ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ , وَجَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إلَى أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ صَحِيحٌ مُنْعَقِدٌ , وَإِذَا صَامَ وَقَعَ صِيَامُهُ وَأَجْزَأَهُ . أنظر الموسوعة الفقهية ج28 ص73

وأما الأفضلية فعلى التفصيل التالي :

" الحال الأولى : إذا كان الصوم والفطر سواء ، بمعنى أن الصوم لا يؤثر عليه ، ففي هذه الحالة يكون الصوم أفضل للأدلة التالية :

أ / عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ " رواه البخاري ( 1945) ومسلم رقم (1122) .

ب/ أنه أسرع في إبراء الذمة ؛ لأن القضاء يتأخر ، والأداء وهو صيام رمضان يقدم .

ج / أنه أسهل على المكلف غالباً ؛ لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم .

د / أنه يدرك الزمن الفاضل ، وهو رمضان ، فإن رمضان أفضل من غيره ؛ لأنه محل الوجوب ، فلهذه الأدلة يترجح ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله من أن الصوم أفضل في حق من يكون الصوم والفطر عنده سواء .

الحال الثانية : أن يكون الفطر أرفق به ، فهنا نقول : إن الفطر أفضل ، وإذا شق عليه بعض الشيء صار الصوم في حقه مكروهاً ؛ لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله عز وجل .

الحال الثالثة : أن يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة فهنا يكون الصوم في حقه حراماً .

والدليل على ذلك ما رواه مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ

إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ " . وفي رواية "

فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ " (1114) .فوصف من صام مع المشقة الشديدة بالعصاة . أنظر الشرح الممتع للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله .ج6 ص355

" قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ : إنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْفِطْرِ , مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ , وَفِي بَعْضِهَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ , وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ , لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ ,

وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِ بَعْضِهَا , أَوْ ادِّعَاءِ النَّسْخِ , مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ . وَاَلَّذِينَ سَوَّوْا بَيْنَ الصَّوْمِ وَبَيْنَ الْفِطْرِ ,

اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ رضي الله تعالى عنه قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ - فَقَالَ : إنْ شِئْت فَصُمْ , وَإِنْ شِئْت فَأَفْطِرْ متفق عليه . "

الموسوعة الفقهية ج28 ص73

وهذا الحديث الذي أشار إليه السائل محمول على ذلك ، أي : إذا وجد المسافر مشقة شديدة من الصيام أو تضرر بالصيام. وسياق الحديث يدل على ذلك .

روى مسلم (1114) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ - وهو موضع بين مكة والمدينة- فَقِيلَ لَهُ

: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ . فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ شَرِبَ . فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ . فَقَالَ : أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ .

فيستفاد من سياق الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم عصاة لسببين :

الأول : أنهم صاموا مع المشقة .

الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر من أجل أن يقتدوا به ، فكأنه أمرهم بالفطر فلم يفعلوا فسماهم عصاة .

قال النووي :

وَهَذَا مَحْمُول عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ . . . وَيُؤَيِّد هذا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ : ( إِنَّ النَّاس قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ ) , وعلى هذا لا يَكُون الصَّائِم فِي السَّفَر عَاصِيًا إِذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ اهـ بتصرف .

وقال ابن القيم في تهذيب السنن :

وَأَمَّا قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُولَئِكَ الْعُصَاة " فَذَاكَ فِي وَاقِعَة مُعَيَّنَة , أَرَادَ مِنْهُمْ الْفِطْر

فَخَالَفَهُ بَعْضهمْ فَقَالَ هَذَا . . . فَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَفْطَرَ بَعْد الْعَصْر لِيَقْتَدُوا بِهِ , فَلَمَّا لَمْ يَقْتَدِ بِهِ بَعْضهمْ قَالَ : "أُولَئِكَ الْعُصَاة" وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ تَحْرِيم الصِّيَام مُطْلَقًا عَلَى الْمُسَافِر اهـ .

وقال الحافظ :

ونَسَب النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّائِمِينَ في السفر إِلَى الْعِصْيَانِ لأَنَّهُ عَزَمَ عَلَيْهِمْ فَخَالَفُوا اهـ بتصرف .

وعلى هذا ؛ فالحديث ورد في حال خاصة ، ولا يصح تطبيقه على جميع الصائمين في السفر .

ومما يدل على ذلك أيضاً أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر ، ولو كان معصية لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-09, 17:12   رقم المشاركة : 319
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفصيل القول في قوله تعالى ( وتُخفي في نفسك ما الله مبديه )

السؤال

هل صحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما رأى زوجة زيد بن حارثة أعجبته

فطلب من زيد أن يطلقها حتى يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ الرجاء توضيح هذه القصة واستغفر الله لي ولكم ، ولكم جزيل الشكر والتقدير

الجواب

الحمد لله

أولاً :

تقدمة :

إن مقام النبوة مقام شريف ، وقد اختار الله تعالى أنبياءه على علم على العالَمين

وما تتناقله كتب الإسرائيليات ، وبعض كتب التفسير – للأسف – يحط من ذلك المقام الشريف للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، ومن أمثلة ذلك ما روي عن بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم وقع حب زينب بنت جحش في قلبه

وأنه كان يقول لزوجها – زيد بن حارثة – أمسك عليك زوجك ، مع أنه يخفي في قلبه حبها ، وهذا لا يليق بمقام النبي صلى الله عليه وسلم أن يروى وينسب له صلى الله عليه وسلم .

وكل ما روي في كتب التفسير عن أحدٍ من السلف مثل هذا أو قريباً منه : فلا يصح عنهم ، ويوجد من اغتر بهذه الروايات فجعلها تفسيراً للآيات الواردة في المسألة .

قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :

ذكر ابن جرير وابن أبي حاتم هاهنا آثاراً عن بعض السلف - رضي الله عنهم - أحببنا أن نضرب عنها صفحاً ؛ لعدم صحتها ، فلا نوردها .

" تفسير ابن كثير " ( 6 / 424 ) .

وقد جاء عن أنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهما ما يبين شدة هذه الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم

ومن فقه هذين الصحابيين رضي الله عنهما أنهما أخبرا أنه صلى الله عليه وسلم لو كان كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية .

عَنْ أَنَسٍ قَالَ : جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ) ، قَالَ أَنَسٌ : لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ

قَالَ : فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ : زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ .

رواه البخاري ( 6984 ) .

روى مسلم ( 177 ) عن عائشة رضي الله عنها مثل قول أنس رضي الله عنه .

ثانياً :

ذِكر الآية وسبب نزولها ومجمل معناها :

قال تعالى : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ

وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) الأحزاب/37 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

وكان سبب نزول هذه الآيات أن اللّه تعالى أراد أن يشرع شرعاً عامّاً للمؤمنين ، أن الأدعياء ليسوا في حكم الأبناء حقيقة ، من جميع الوجوه ، وأن أزواجهم لا جناح على من تبناهم في نكاحهن
.
وكان هذا من الأمور المعتادة التي لا تكاد تزول إلا بحادث كبير ، فأراد أن يكون هذا الشرع قولاً من رسوله

وفعلاً ، وإذا أراد اللّه أمراً جعل له سبباً ، وكان زيد بن حارثة يُدعى " زيد بن محمد " قد تبناه النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فصار يدعى إليه حتى نزل ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ ) فقيل له : " زيد بن حارثة " .

وكانت تحته زينب بنت جحش - ابنة عمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

- وكان قد وقع في قلب الرسول لو طلقها زيد لتزوَّجها ، فقدَّر اللّه أن يكون بينها وبين زيد ما اقتضى أن جاء زيد بن حارثة يستأذن النبي صلى اللّه عليه وسلم في فراقها .

قال اللّه : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) أي : بالإسلام .

( وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) بالعتق ، حين جاءك مشاوراً في فراقها ، فقلت له ناصحاً له ومخبراً بمصلحته مع وقوعها في قلبك

: ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ) أي : لا تفارقها ، واصبر على ما جاءك منها ، ( وَاتَّقِ اللَّهَ ) تعالى في أمورك عامة ، وفي أمر زوجك خاصة ، فإن التقوى تحث على الصبر ، وتأمر به .

( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) والذي أخفاه : أنه لو طلقها زيد : لتزوجها صلى اللّه عليه وسلم .

( وَتَخْشَى النَّاسَ ) في عدم إبداء ما في نفسك ، ( وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) فإن خشيته جالبة لكل خير ، مانعة من كل شر .
( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً ) أي : طابت نفسه ، ورغب عنها

وفارقها : ( زَوَّجْنَاكَهَا ) وإنما فعلنا ذلك لفائدة عظيمة ، وهي : ( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ) حيث رأوك تزوجت زوج زيد بن حارثة ، الذي كان من قبل ينتسب إليك .

" تفسير السعدي " ( ص 665 ، 666 ) .

وثمة فرق كبير بين أن يكون ما أخفاه صلى الله عليه وسلم في قلبه هو محبة زينب

وبين أن يكون المخفي زواجه منها ، ولذا كانت زينب رضي الله عنها تفخر بأن الذي زوَّجها هو الله تعالى – كما سبق وذكرنا الرواية في ذلك في " صحيح البخاري " -

وهو يؤكِّد صحة القول الصحيح الذي لا ينبغي غيره ، وأن الذي كان يخفيه صلى الله عليه وسلم هو زواجه بها ، وأنه يخشى من كلام الناس في ذلك .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-09, 17:13   رقم المشاركة : 320
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ثالثاً :

تفصيل الكلام حول الآية :

1. قال الإمام القرطبي – رحمه الله - :

وروي عن علي بن الحسين : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أوحى الله تعالى إليه أن زيداً يطلق زينب ، وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها ، فلمَّا تشكى زيد للنبي صلى الله عليه وسلم خُلُق زينب

وأنها لا تطيعه ، وأعلمه أنه يريد طلاقها : قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على جهة الأدب والوصية :

" اتق الله في قولك ، وأمسك عليك زوجك " وهو يعلم أنه سيفارقها ويتزوجها ،

وهذا هو الذي أخفى في نفسه ، ولم يُرد أن يأمره بالطلاق ؛ لما علم أنه سيتزوجها ، وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحقه قول من الناس في أن يتزوج زينب بعد زيد ، وهو مولاه

وقد أمره بطلاقها ، فعاتبه الله تعالى على هذا القدْر من أن خشي الناس في شيء قد أباحه الله له ، بأن قال : " أمسك " مع علمه بأنه يطلِّق ، وأعلمه أن الله أحق بالخشية ، أي : في كل حال .

قال علماؤنا رحمة الله عليهم : وهذا القول أحسن ما قيل في تأويل هذه الآية

وهو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين ، والعلماء الراسخين ، كالزهري ، والقاضي بكر بن العلاء القشيري ، والقاضي أبي بكر بن العربي ، وغيرهم .

والمراد بقوله تعالى : ( وتخشى الناس ) : إنما هو إرجاف المنافقين بأنه نهى عن تزويج نساء الأبناء وتزوَّجَ بزوجة ابنه .
فأما ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم هوي زينب امرأة زيد ، وربما أطلق بعض المُجَّان لفظ " عشق " : فهذا إنما يصدر عن جاهل بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا ، أو مستخف بحرمته .

" تفسير القرطبي " ( 14 / 190 ، 191 ) .

2- وقال الشيخ الشنقيطي – رحمه الله –
:
التحقيق إن شاء اللَّه في هذه المسألة : هو ما ذكرنا أن القرآن دلَّ عليه ، وهو أن اللَّه أعلم نبيّه صلى الله عليه وسلم بأن زيداً يطلّق زينب ، وأنه يزوّجها إيّاه صلى الله عليه وسلم

وهي في ذلك الوقت تحت زيد ، فلما شكاها زيد إليه صلى الله عليه وسلم قال له

: " أمسك عليك زوجك واتق اللَّه " ، فعاتبه اللَّه على قوله : " أمسك عليك زوجك "

بعد علمه أنها ستصير زوجته هو صلى الله عليه وسلم ، وخشي مقالة الناس أن يقولوا : لو أظهر ما علم من تزويجه إياها أنه يريد تزويج زوجة ابنه في الوقت الذي هي فيه في عصمة زيد .

والدليل على هذا أمران :

الأول : هو ما قدّمنا من أن اللَّه جلَّ وعلا قال : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) ، وهذا الذي أبداه اللَّه جلَّ وعلا

هو زواجه إياها في قوله : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا ) ، ولم يبدِ جلَّ وعلا شيئًا ممّا زعموه أنه أحبَّها ، ولو كان ذلك هو المراد : لأبداه اللَّه تعالى ، كما ترى .

الأمر الثاني : أن اللَّه جلَّ وعلا صرّح بأنه هو الذي زوّجه إياها ، وأن الحكمة الإلهية في ذلك التزويج هي قطع تحريم أزواج الأدعياء

في قوله تعالى : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ) ، فقوله تعالى : ( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ )

تعليل صريح لتزويجه إياها ، لما ذكرنا ، وكون اللَّه هو الذي زوّجه إياها لهذه الحكمة العظيمة صريح في أن سبب زواجه إياها ليس هو محبّته لها التي كانت سبباً في طلاق زيد لها - كما زعموا

ويوضحه قوله تعالى : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً ) الآية ؛ لأنه يدلّ على أن زيداً قضى وطره منها ، ولم تبقَ له بها حاجة ، فطلّقها باختياره ، والعلم عند اللَّه تعالى .

" أضواء البيان " ( 6 / 582 ، 583 ) .

3. سئل علماء اللجنة الدائمة :

ما هي قصة زيد بن حارثة وزواجه من زينب التي تزوجها بعده النبي صلى الله عليه وسلم ؟

وكيف بدأ زواجهما ؟

وكيف انتهى ؟

حيث إننا سمعنا من بعض الناس في بعض الدول العربية بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عشق زينب وغير ذلك ، ولا تسمح نفسي بأن أكتب لكم ما سمعت ، فأفيدوني ؟ .

فأجابوا :

زيد هو ابن حارثة بن شراحيل الكلبي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أعتقه وتبنَّاه ، فكان يُدعى " زيد بن محمد " ، حتى أنزل الله قوله ( ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ )

فدَعوه زيد بن حارثة ، أما زينب فهي بنت جحش بن رباب الأسدية ، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما قصة زواج زيد بزينب

: فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي تولى ذلك له ، لكونه مولاه ومُتبنّاه

فخطبها من نفسها على زيد ، فاستنكفت وقالت : أنا خير منه حسباً ، فروي أن الله أنزل في ذلك قوله ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ

اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) ، فاستجابت طاعةً لله ، وتحقيقًا لرغبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد عاشت مع زيد حوالي سنة ، ثم وقع بينهما ما يقع بين الرجل وزوجته

فاشتكاها زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لمكانتهما منه ؛ فإنه مولاه ومتبناه ، وزينب بنت عمته " أميمة " ، وكأن زيداً عرَّض بطلاقها ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإمساكها

والصبر عليها ، مع علمه صلى الله عليه وسلم بوحيٍ من الله أنه سيطلقها ، وستكون زوجة له - صلى الله عليه وسلم - ، لكنه خشي أن يُعيّره الناس بأنه تزوج امرأة ابنه

وكان ذلك ممنوعاً في الجاهلية ، فعاتب الله نبيه في ذلك بقوله ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ )

يعني - والله أعلم - : تخفي في نفسك ما أعلمك الله بوقوعه من طلاق زيد لزوجته زينب وتزوجك إياها ، تنفيذاً لأمره تعالى ، وتحقيقًا لحكمته

وتخشى قالةَ الناس وتعييرهم إياك بذلك ، والله أحق أن تخشاه ، فتُعلن ما أوحاه إليك من تفصيل أمرك وأمر زيد وزوجته زينب ، دون مبالاة بقالة الناس ، وتعييرهم إياك .

أما زواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب : فقد خطبها النبي صلى الله عليه وسلم ، بعد انتهاء عدتها من طلاق زيد ، وزوّجه الله إياها بلا ولي ولا شهود ؛ فإنه صلى الله عليه وسلم ، وليّ المؤمنين جميعاً

بل أولى بهم من أنفسهم ، قال الله تعالى ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ )

وأبطل الله بذلك عادة التبنّي الجاهلي ، وأحلَّ للمسلمين أن يتزوجوا زوجات مَن تبنوه بعد فراقهم إياهن بموتٍ أو طلاقٍ ، رحمة منه تعالى بالمؤمنين ، ورفعًا للحرج عنهم .

وأما ما يُروى في ذلك من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم زينب من وراء الستار ، وأنها وقعت من قلبه موقعاً بليغاً ففُتن بها وعشقها

وعلم بذلك زيد فكرهها وآثر النبي صلى الله عليه وسلم بها فطلقها ليتزوجها بعده : ف

كله لم يثبت من طريق صحيح ، والأنبياء أعظم شأناً ، وأعف نفساً ، وأكرم أخلاقاً ، وأعلى منزلةً وشرفًا من أن يحصل منهم شيء من ذلك

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي خطبها لزيد رضي الله عنه ، وهي ابنة عمته ، فلو كانت نفسه متعلقة بها لاستأثر بها من أول الأمر ، وخاصة أنها استنكفت أن تتزوج زيداً

ولم ترض به حتى نزلت الآية فرضيت ، وإنما هذا قضاء من الله وتدبير منه سبحانه لإبطال عاداتٍ جاهلية ، ولرحمة الناس والتخفيف عنهم ، كما قال تعالى ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ

حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا . مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا

. الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا . مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى إسلامية " ( 18 / 137 – 141 ) .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-12, 18:49   رقم المشاركة : 321
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل ورد أن المنجمين عرفوا بمولد إبراهيم عليه السلام وحذروا النمرود منه ؟

السؤال

كنت قد نشرت مقالاً على " الفيس بوك " أحذر فيه الإخوة والأخوات من المنجمين وعلم التنجيم ، ثم قام أحد الإخوة فردّ عليّ ونشر مقالاً وذكر فيه أشياء غريبة

وأريد أن أسألكم عنها . فقد ذكر الأخ في مقالته - التي اقتبسها من مصدر شيعي - أن إبراهيم عليه السلام ولد في سوريا في زمن النمرود ، وكان النمرود يدّعي الألوهية آنذاك

وأخبره المنجمون أن صبياً سيولد ، وسيقوّض ملكه ، ويدعو الناس إلى الكفّ عن عبادة غير الله ، فبدء النمرود بالبحث عن هذا الصبي...الخ. ثم تساءل هذا الأخ وقال : كيف استطاع المنجمون أن يتنبؤوا بمولد إبراهيم عليه السلام ؟

عموماً ، أنا لا أتفق مع معظم ما جاء في هذه المقالة : أولاً لأنها أخذت من مصدر شيعي ، وهذا المصدر لا شك أنه غير موثوق . ثانياً : لأن إبراهيم عليه السلام - على حد علمي -

ولد في بابل العراق ، وليس في سوريا . كما أني لم أستطع أن أجد أصل قصة المنجمين هذه التي ذكرها ، فلا ندري إذاً إن كانت صحيحة أم إنها كذبة من كذبات الشيعة . لذلك أريد منكم - مشكورين

- إلقاء الضوء على هذا الموضوع والتفصيل فيه ، حتى إذا رددت على هذا الأخ أردّ بعلم ومعرفة . وجزاكم الله خيراً
.

الجواب

الحمد لله


أولا :

يقسم أهل العلم علم النجوم إلى نوعين :

النوع الأول : العلم بأسماء النجوم ، ومطالعها ، ومساقطها ، ودلالتها على الزمان والمكان والاتجاه ، ونحو ذلك من الأمور المحسوسة

التي دلت التجربة المشاهدة المنضبطة على تلازم النتيجة فيها مع المعطيات ، وتأثير الأسباب فيها بالنتائج على الوجه الظاهر المناسبة .

وهذا النوع لا بأس بتعلمه وتعليمه ، ولم ترد الأدلة بالنهي عنه ، ولا كراهة النظر فيه ، بل جاء في القرآن الكريم ما يدل على إباحته وامتنان الله عز وجل به على الناس

حيث يقول الله عز وجل : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) الأنعام/97.

ويقول سبحانه وتعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) يونس/5.

النوع الثاني : الاستدلال بمواقع النجوم وسيرها الفلكي على الحوادث الأرضية : من موت ، أو ولادة ، أ

انتشار بلاء ، أو وقوع فاجعة ، أو تحقق سعادة ، ونحو ذلك من الأمور التي لا يظهر وجه عقلي تجريبي لارتباطها بالأحوال الفلكية ، وإنما هي التخرصات والظنون التي لم تُثبتها الأدلة والبراهين .

وهذا النوع هو الذي جاءت الأدلة الشرعية على تحريم تعاطيه ، وتحريم تعلمه وتعليمه والنظر فيه .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" صناعة التنجيم التي مضمونها الأحكام والتأثير ، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية

والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية : صناعة محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ؛ بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين في جميع الملل

قال الله تعالى : ( وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) طه/69

وقال : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ) النساء/51. قال عمر وغيره : الجبت : السحر .

وروى أبو داود في سننه بإسناد حسن عن قبيصة بن مخارق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرَةُ وَالطَّرْقُ مِنْ الْجِبْتِ ) قال عوف راوي الحديث : العيافة زجر الطير ؛ والطرق

: الخط يخط في الأرض . وقيل بالعكس
.
فإذا كان الخط ونحوه الذي هو من فروع النجامة من الجبت ؛ فكيف بالنجامة ! وذلك أنهم يولدون الأشكال في الأرض ؛ لأن ذلك متولد من أشكال الفلك .

وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم بإسناد صحيح عن ابن عباس قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ )، فقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن علم النجوم من السحر

وقد قال الله تعالى : ( وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) طه/69 ، وهكذا الواقع ؛ فإن الاستقراء يدل على أن أهل النجوم لا يفلحون ؛ لا في الدنيا ولا في الآخرة .

وروى أحمد ومسلم في الصحيح عن صفية بنت عبيد ؛ عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) والمنجم يدخل في اسم العراف عند بعض العلماء ، وعند بعضهم هو في معناه . فإذا كانت هذه حال السائل فكيف بالمسئول .

وروى أيضا في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال : ( قلت : يا رسول الله ! وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ . قَالَ فَلَا تَأْتِهِمْ )

فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان ، والمنجم يدخل في اسم الكاهن عند الخطابي وغيره من العلماء ، وحكي ذلك عن العرب ، وعند آخرين هو من جنس الكاهن وأسوأ حالا منه فلحق به من جهة المعنى .

وقد حكى الإجماع على تحريمه غير واحد من العلماء : كالبغوي ، والقاضي عياض ؛ وغيرهما .

وفي الصحيحين عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ :

( صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ

. قَالَ : أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ : فَأَمَّا مَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ : فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا : فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي ، وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ )

وقد اعترف رؤساء المنجمين من الأولين والآخرين أن أهل الإيمان أهل العبادات والدعوات يرفع الله عنهم - ببركة عباداتهم ودعائهم وتوكلهم على الله - ما يزعم المنجمون أن الأفلاك توجبه .

ويعترفون أيضا بأن أهل العبادات والدعوات ذوي التوكل على الله يعطون من ثواب الدنيا والآخرة ما ليس في قوى الأفلاك أن تجلبه .

فالحمد لله الذي جعل خير الدنيا والآخرة في اتباع المرسلين ، وجعل خير أمة هم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " انتهى.

" مجموع الفتاوى " (35/192-196)









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-12, 18:50   رقم المشاركة : 322
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا :

جميع ما سبق لا ينفي أن يصيب المنجم في بعض ما يخبر به من الحوادث أنه كائن

فيقع كما أخبر به ، ولكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال صحة المسلك الذي اتبعه ، وصواب المنهج الذي سلكه ، بل إن صوابه الذي اتفق له باطل الدليل ، حاصل بمحض الصدفة ، قليل مغمور في جنب الكذب الذي يصاحبه .

ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن الذين يستَرِقُون السمع من الجن أنهم قد يسمعون شيئا مما تتحدث به الملائكة عن مستقبل القدر

فربما ألقى الجني ما سمعه إلى الكاهن في الأرض ، وربما احترق الجني قبل أن يفعل ذلك ، ورغم ذلك كانت الكهانة من كبائر الذنوب لما فيها من تعاطي علم الغيب بغير الأسباب الشرعية .

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

( إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ - وَهُوَ السَّحَابُ - فَتَذْكُرُ الْأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ ، فَتَسْمَعُهُ ، فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ )

رواه البخاري (رقم/3210)

ولذلك قال القاضي عياض رحمه الله :

" هذا الضرب – يعني المنجمين - يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة ما ، لكن الكذب فيه أغلب " انتهى
.
نقلا عن " شرح النووي على مسلم " (14/223)

ويقول الخطيب البغدادي رحمه الله :

" يدخل الشَّبَه على الناس في أمر المنجمين مِن قبيل أنهم يرون المنجِّم يُصيب في مسألة تقع بين أمرين ، كالجنين الذي لا يخلو من أن يكون ذكرا أو أنثى ، أو المريض الذي لا يخلو من أن يصح أو يموت

والغائب الذي لا يخلو من أن يقيم بمكان أو يؤوب ، ومِن شأن الناس أن يحفظوا الصواب للعجب به والشغف ، ويتناسون الخطأ ؛ لأنه الأصل الذي يعرفونه ، والأمر الذي لا ينكرونه

ومن ذا الذي يتحدث بأنه سأل المنجم فأخطأ ؟!

وإنما التحدث بأنه سأله فأصاب ، والصواب في المسألة إذا كانت بين أمرين قد يقع – أحيانا – للمعتوه والطفل ، فضلا عن المتلطف الرفيق .

وإن وُجد لمن يدَّعي الأحكام إصابةٌ في شيء ، فخطؤه أضعافه ، ولا تبلغ إصابته عشر معشاره ، وتكون الإصابة اتفاقا ، كما يظن الظان المنافي للعلم المقارن للجهل الشئ

فيكون على ظنه ، ويخطئ فيما هو معلوم أكثر عمره...

ولا فرق بين المنجم والكاهن ؛ إذ كل واحد منهما يدعي الإخبار بالغيوب ، وكيف يسلم للمنجمين ما يدعونه وأحدهم على التحقيق ما يعرف ما حدث في منزله ، ولا ما يصلح أهله وولده

بل لا يعرف ما يصلحه في نفسه ، ويؤثر عنه أن يخبر بالغيب الذي لم يؤته الله أحدا ، ولم يستودعه بشرا إلا لرسول يرتضيه ، أو نبي يصطفيه " انتهى.

" القول في علم النجوم " (ص/192-194)

ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله :

" قد يصادف القدر حاجة شخص ، فيظن المسكين أنه بأسباب هذا المنجِّم ، أو بأسباب هذا الكاهن حصل هذا الأمر , وقد يكون وصف لشخص دواء آخر غير ما يزعمه عن النجوم والتنجيم من الأدوية المعروفة ,

والتي يعرفها لهذا المرض ، فيظن المريض أنه حصل له الشفاء بأسباب دعوى هذا المنجم علم الغيب , أو من أسباب تعاطيه النظر في النجوم , أو غير ذلك .

فالحاصل أن وجود الشفاء في بعض الأحيان بعد إتيان الكهان أو المنجمين أو الرمَّالين أو غيرهم لا يدل على صحة ما هم عليه ، فالمشركون أنفسهم - عباد الأصنام -

قد يأتون إلى الصنم ويسألونه ، فيقع لهم ما أرادوا بإذن الله عز وجل صدفة ، ولحكمة أرادها الله جل وعلا , أو بواسطة الشياطين ، فصارت ابتلاء وامتحانا

لا من الصنم , فالصنم ما فعل شيئا , والجني الذي عنده ما فعل شيئا , ولكن قد يوافق القدر أن هذا المرض يزول , وهذا البلاء يزول بعدما جاء هذا المسكين إلى الصنم وسأله أو ذبح له ,

فيقع ذلك ابتلاء وامتحانا , من غير أن يكون ذلك من عمل الساحر , أو من عمل الصنم , أو من عمل الجن , أو غير ذلك , فيقع للمشركين أشياء تغريهم بأصنامهم حتى يعبدوها من دون الله .

فلا ينبغي للعاقل أبدا أن يغتر بما يقع على أيدي هؤلاء المنجمين , أو الكهنة والعرافين أو السحرة , بل يجب أن يبتعد عنهم ، وألا يُصَدِّقَهم " انتهى.

" مجموع فتاوى ابن باز " (8/89-90)

ثالثا :

إذا تبين ما سبق لم يكن في ثبوت قصة المنجمين في عهد النمرود وإبراهيم عليه السلام – على فرض ثبوتها –

أي إشكال علمي ولا شرعي ، إذا لا يبعد أن يصادف كلام المنجمين بعض الصواب ، ولكن الكذب فيهم أغلب ، والفساد في علومهم أعم .

ومع ذلك نقول أيضا : إن القصة لم تثبت بالإسناد الصحيح ، إنما يحكيها بعض المؤرخين حكاية مجردة من غير إثبات ولا برهان .

يقول ابن كثير رحمه الله :

" وذكروا أنه طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر ، فهال ذلك أهل ذلك الزمان ، وفزع النمرود ، فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك

فقالوا يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه ، فأمر عند ذلك بمنع الرجال عن النساء ، وأن يقتل المولودون من ذلك الحين

فكان مولد إبراهيم الخليل في ذلك الحين ، فحماه الله عز وجل وصانه من كيد الفجار ، وشب شبابا باهرا ، وأنبته الله نباتا حسنا حتى كان من أمره ما تقدم

وكان مولده بالسوس ، وقيل ببابل ، وقيل بالسواد من ناحية كوثى ، وتقدم عن ابن عباس أنه ولد ببرزة شرقي دمشق ، فلما أهلك الله نمرود على يديه وهاجر إلى حران

ثم إلى أرض الشام ، وأقام ببلاد إيليا كما ذكرنا " انتهى.

" البداية والنهاية " (1/200)، وقد ذكر الخطيب البغدادي في " تاريخ الأنبياء " (ص/66-68) ت

فاصيل مطولة لهذه القصة ، يمكن مراجعتها هناك ، غير أنها كلها تروى من غير إسناد ولا إثبات .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-12, 18:58   رقم المشاركة : 323
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا تأخرت حضارة المسلمين ؟

السؤال

نحن في زماننا هذا نلاحظ أن الغرب متقدمون علينا بالكثير من الأشياء ، ويقول الله عز وجل : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) البقرة/47.

فهل هذه النعم الكثيرة التي أنعم الله بها على ذرية يعقوب في زمانهم انقطعت ، أم ما زالت متواصلة إلى يوم القيامة ، وإذا انقطعت فلماذا هم متقدمون علينا في هذه الأرض

وفي هذا الزمان بالعديد من الأشياء ، ونحن العرب ماذا ينقصنا أو يشغلنا لكي نكون خيرا منهم في تفكيرنا وابتكارنا واختراعنا وصنعنا ؟ بارك الله فيكم .


الجواب

الحمد لله

من غير الموضوعي أن يختزل الناظر أسباب التخلف الحضاري لأمة من الأمم من خلال الوقوف على بعض مظاهر التخلف التي يراها كل أحد

لأن التقدم الحضاري عملية دفع هائلة لعجلة الحياة ، يساهم في تحريكها أعداد لا حصر لها من العوامل ، والمتداخلات ، التي تتراكم عبر السنين

وتتغلغل في جميع تشعبات الحياة وتفاصيلها ، ترفع من سوية المجتمعات شيئا فشيئا، ولا يكاد البشر يشعرون بمراحلها لأنها كضوء الفجر ، لا يزال ينبعث حتى ينتشر ضياؤه في الآفاق .

لقد أخبرنا القرآن الكريم عن شيء من مظاهر التقدم المادي التي كانت – وما زالت – محل ابتلاء وفتنة لا يعلم عظيم حكمتها ، وكبير أثرها في حركة التاريخ إلا الله سبحانه وتعالى .

يقول الله عز وجل : ( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ) الأحقاف/20

ويقول سبحانه وتعالى : ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ

اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ . ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ) الروم/9-10.

يقول العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله :

" قد كان توحيد المسلمين الأولين لله ومعرفتهم به وحبهم له وتوكلهم عليه هو الذي زكى أنفسهم ، وأعلى هممهم ، وكملهم بعزة النفس وشدة البأس ، وإقامة الحق والعدل ، ومكنهم من فتح البلاد وسياسة الأمم

وإعتاقها من رق الكهنة والأحبار والرهبان والبوذات والموبذانات الروحي والعقلي ، وتحريرهم من ظلم الملوك واستبدادهم ، وإقامة دعائم الحضارة

وإحياء العلوم والفنون الميتة ، وترقيتها فيهم ، وقد تم لهم من كل ذلك ما لم يقع مثله ولا ما يقاربه لأمة من أمم الأرض ، حتى قال الدكتور غوستاف لوبون المؤرخ الاجتماعي الشهير

: إن ملكة الفنون لم يتم تكوينها لأمة من الأمم الناهضة إلا في ثلاثة أجيال ، أولها جيل التقليد

وثانيها جيل الخضرمة ، وثالثها جيل الاستقلال والاجتهاد - قال : إلا العرب وحدهم فقد استحكمت لهم ملكة الفنون في الجيل الأول الذي بدءوا فيه بمزاولتها .

وأقول : إن سبب ذلك تربية القرآن لهم على استقلال العقل والفكر ، واحتقار التقليد ، وتوطين أنفسهم على إمامة البشر وقيادتها في أمور الدين والدنيا معا

وقد خفي كل هذا على سلائلها بعد ذهاب الخلافة الإسلامية وزوال النهضة العربية ، وتحول السلطان إلى الأعاجم الذين لم يكن لهم من الإسلام إلا الظواهر التقليدية المنفصلة عن هداية القرآن " انتهى.

" تفسير المنار " (11/173)

ونحن لا ننكر أثر التآمر الداخلي والخارجي على أمتنا ، عبر سنوات طويلة ، حتى سبقها أعداؤها في ميادين الحياة المادية

ولكننا نربأ بفكرنا وفكر أمتنا أن ينصبغ بروح الهزيمة ، ويتواكل في تحقيق النهضة ، ويتخاذل أمام هذه المسؤولية العظيمة ، مسؤولية ريادة الأمم .

أما أعداؤنا من بني إسرائيل فقد أحسنوا استغلال الفرص ، واجتهدوا في صنع الأحداث المؤثرة ، وعملوا بشكل دؤوب عشرات السنين حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه ، ودارت لهم الكرة في هذا الزمان

إلا أنه لا علاقة لذلك بقوله عز وجل : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) البقرة/47؛ لأنها تتحدث عن نعم سابقة أنعم بها عز وجل على بني إسرائيل عبر التاريخ

يريد عز وجل أن يذكرهم بها ، من هذه النعم ما جاء في القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى

: ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ) المائدة/20.

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" يذكرهم تعالى سَالفَ نعمه على آبائهم وأسلافهم ، وما كان فَضَّلهم به من إرسال الرسل منهم ، وإنزال الكتب عليهم وعلى سائر الأمم من أهل زمانهم " انتهى.

" تفسير القرآن العظيم " (1/255)

ومع ذلك فنحن نقرأ واقعنا المعاصر بقراءة متفائلة ، قراءة تدفع نحو المزيد من التقدم والنجاح ، والمزيد من الأخذ بالأسباب الدينية والدنيوية

أساسها الفرد الصالح الذي يراقب الله عز وجل في كل شأنه ، ويكون لبنة بناء وإصلاح في مجتمعه وأسرته ، لا ينتظر أن تقدم له النهضة على طبق من ذهب ، ولا يرجو أن توضع له البرامج لتحقيق ذلك

بل يبادر إلى كل ما فيه نفع وخير وهو موقن أن الله سبحانه وتعالى يبارك في القليل ، وسيجزي كل محسن بإحسانه ، وهو عز وجل يعلم المفسد من المصلح

وسينصر أتباع رسله إذا هم أخذوا بأسباب النصر والتقدم ،

يقول سبحانه وتعالى : ( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ . فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ) إبراهيم/46-47.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-12, 19:06   رقم المشاركة : 324
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف كانت الحياة في " الجزيرة العربية " قبل مجيء الإسلام إليها ؟

السؤال

كيف كانت الحياة في " الجزيرة العربية " قبل مجيء الإسلام إليها ؟ .

الجواب

الحمد لله


كانت الجزيرة العربية قبل مجيء الإسلام في شر حال ، فلما امتنَّ عليهم بالإسلام ، وصاروا من أهله ، وأبنائه : صار أهل الجزيرة في خير حال ، فقد سادوا الأمم ، وأصبحوا خير أمة أخرجت للناس .

ويتمثل السوء الذي وُجد في الجزيرة العربية قبل الإسلام في مظاهر كثيرة ، لا نستطيع حصرها في هذا الجواب لكثرتها ، ولا يمنع هذا أن نذكر أبرز تلك المظاهر ، ومنها :

أ. في جانب العقيدة :

1. كان العرب يعبدون الأصنام ، ويتقربون لها ، ويذبحون عندها ، ويعظمونها التعظيم كله

وهي من صنع أناسٍ مثلهم من البشر ، وأحياناً تكون من صنع أيديهم ، من التمر ، أو الطين ، أو غيرها ، وكان عدد الأصنام التي حول الكعبة المشرفة حوالي 360 صنماً .

قال تعالى واصفاً أولئك الجاهليين : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) يونس/ 18 .

2. وكانوا يتطيرون : فإذا أراد أحدهم زواجاً ، أو سفراً ، أو تجارة : ألقى طيراً في السماء ، فإن ذهب يميناً : مضى في أمره ، واعتقد فيه الخير والنفع ، وإن ذهب الطير شمالاً

: أحجم عن أمره ، وترك المضي فيه ، واعتقد فيه الشرَّ ! .

وكانوا يتشاءمون : فإذا سمع أحدهم صوت بومة ، أو رأى غراباً : ضاق صدره ، واعتقد أنه سيصيبه ضرر أو أذى في يومه ، وكانوا لا يتزوجون في شوال ؛ اعتقاداً منهم بأنه لن يكتب له النجاح .

3. كان ولاء أهل الجزيرة العربية يتوزع على القوى العظمى في زمانهم ، فبضعهم ولاؤه للروم ، وآخرون للفرس ، وثالث للحبشة .

ب. في جانب الأخلاق والسلوك والعادات :

أ. كان العرب في الجاهلية يغزو بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، لأتفه الأسباب ، وتطول الحروب بينهم لأعوامٍ عديدة ، فيُقتل الرجال ، وتُسبى النساء والأطفال .

ومن ذلك : " حرب البسوس " وقد دامت ثلاثين سنة ، بسبب أن ناقة وطئت بيضة " قبَّرة " – نوع من أنواع الطيور - فكسرتها ، ومنها : " حرب داحس والغبراء "

وقد دامت أربعين سنة ، بسبب أن فرساً غلبت أخرى في الجري .

ب. كانوا لا يتنزهون عن الخبائث ، ومنها أنهم كانوا يأكلون الميتة ، ويشربون الدم .

ج. كان غير القرشيين يطوفون بالكعبة عراة نساء ورجالاً ، إن لم يمن عليهم القرشيون بثياب من عندهم ، ويعتقدون أن ثياباً عصي الله فيها لا تصلح أن يطاف بها ، وتقول قائلتهم :

اليوم يبدو كله أو بعضه وما بدا منه فلا أحلُّه !!

د. وكان الزنا منتشراً بينهم ، وكذا آثاره ، ومن أعظمها : نسبة الولد لغير الزوج .

عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت : إَنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ :

فَنِكَاحٌ مِنْهَا : نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا .

وَنِكَاحٌ آخَرُ : كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا

مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ .

وَنِكَاحٌ آخَرُ : يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا

عِنْدَهَا تَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ .

وَنِكَاحُ الرَّابِعِ : يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ

عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمْ الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالْتَاطَ بِهِ وَدُعِيَ ابْنَهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ .

فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ .

رواه البخاري ( 4834 ) .

( فيُصدقها ) : يجعل لها مهراً . ( طمثها ) : حيضها . ( فاستبضعي منه ) : اطلبي منه المباضعة ، وهي المجامعة . ( نجابة الولد ) : أي ليكون نفيساً في نوعه ، وكانوا يطلبون ذلك من أشرافهم ، ورؤسائهم

وأكابرهم . ( الرهط ) : ما دون العشرة من الرجال . ( يصيبها ) : يجامعها . ( البغايا ) : جمع بغي وهي الزانية . ( رايات ) جمع راية وهي شيء يرفع ليلفت النظر . ( علماً ) :

علامة . ( القافة ) : جمع قائف ، وهو الذي ينظر في الملامح ويُلحق الولد بمن يرى أنه والده . ( فالتاط به ) : فالتحق به ، والتصق .

هـ. وكانوا يقتلون أولادهم بسبب ما هم فيه من فقر ، وبسبب خوفهم من الوقوع في الفقر ، وكان بعضهم يدفنون بناتهم خشية وقوعهن في الأسر ، وجلب العار لهم

قال تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) الأنعام/ من الآية 151

وقال تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً ) الإسراء/ 31

وقال عز وجل : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) النحل/ 58 ، 59 .

و. كان عندهم الفخر بالآباء والنسب ، حتى إنهم ليذكرون آباءهم ويفتخرون بهم في موسم الحج ، وأثناء إقامة شعائره .

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (

إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ ؛ مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ ، وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ ؛ أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ

أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِى تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ ) .

رواه الترمذي ( 3955 ) وأبو داود ( 5116 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .

العبية : الكبر والفخر .

الجِعلان : دويبة سوداء ، كالخنفساء تدير الخراء بأنفها
.
ز. وكانوا يتعاملون بالربا ، على أشكال وأصناف وصور متنوعة .

وقد أجمل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حالهم في الجاهلية فقال أمام النجاشي في الحبشة لما هاجر إليها : " كنَّا قوماً أهل جاهلية

نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القويُّ منا الضعيف " رواه أحمد ( 3 / 265 ) وحسنه محققو المسند .

ح. المرأة في الجاهلية :

وقد تعرضت المرأة لأبشع صنوف العذاب ، والإهانة ، والتحقير ، في الجاهلية ، ويتمثل ذلك في صور كثيرة – وهذا غير الوأد الذي ذكرناه من بعض أفعال العرب - :

1. كانت المرأة تُحرم من الميراث مطلقاً ، فلا نصيب لها فيما يتركه ولدها

أو والدها ، أو أمها من مال ، ولو عظم ، بل كانوا يعاملونها على أنها سلعة تورث ! وإلى ذلك الإشارة في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً ) النساء/ 19 .

روى البخاري ( 4303 ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَولَه : كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا ، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا ، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا ، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى ذَلِكَ
.
2. وكانوا يجبرونهن على الزواج بمن يكرهن ، أو يمنعونهن من الزواج .

3. وكان الأزواج يعلقون أمر زوجاتهم ، فلا هي زوجة له ، ولا هي تستطيع الزواج بغيره ، ومن ذلك : أنه كان يحرمها على نفسه ، ويجعلها كأمه

أو أخته ، أو يحلف أن لا يجامعها ، فتصير معلقة ، فجاء الإسلام بتحريم الظهار ، وبوضع أمدٍ لمن أقسم أن لا يجامع زوجته ، وجعل ذلك إلى أربعة أشهر

فإما أن يكفر عن يمينه ويجامعها ، أو يجبر على تطليقها ، وهو ما يسمَّى " الإيلاء "

وهو المذكور في قوله تعالى : ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/ 226 ، 227 .

4. ولنقرأ ماذا كانت تفعل الزوجة بعد وفاة زوجها :

قَالَتْ زَيْنَبُ بنت أبي سلمة : كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّىَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا ، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا

وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَىْءٍ إِلاَّ مَاتَ ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِى .

رواه البخاري ( 5024 ) ومسلم ( 1489 ) .

والحِفش : البيت الصغير .

تفتض : تمسح به جلدها .

وقد غيَّر الإسلام بتشريعاته الحكيمة تلك الصور والعادات والأحكام الجاهلية ، وأبدلهم خيراً منها ، ولا يسعنا ذكر ذلك البديل لصور الجاهلية كلها

فمثل هذا يحتاج لسِفْرٍ كبير ، وحسبنا الإشارة إلى صور الجاهلية ، وبعض ما جاء به الإسلام من تغيير له

وللاستزادة : ينظر كتاب " بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب " محمود شكري الألوسي ، و " المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام " و " تاريخ العرب قبل الإسلام " .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-12, 19:11   رقم المشاركة : 325
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

نبذة عن الإمام الشافعي

السؤال

نريد نبذة عن حياة الإمام الشافعي .

الجواب

الحمد لله

أكثر الرواة على أن الشافعي قد ولد بغزة بالشام ، وعلى ذلك اتفق رأي الجمهرة الكبرى من مؤرخي الفقهاء وكاتبي طبقاتهم

ولكن وجد بجوار هذه الرواية من يقول إنه ولد بعسقلان ، وهي على بعد ثلاثة فراسخ من غزة .

وعامة المؤرخين لنسبه أنه ولد من أب قرشي مطلبي ، واسمه محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد ، بن هاشم ، بن المطلب

بن عبد مناف . فهو يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف .

والأخبار تتفق على أنه عاش عيشة اليتامى الفقراء ، حفظ القرآن الكريم ، وبدا ذكاؤه الشديد في سرعة حفظه له ، ثم اتجه بعد حفظه القرآن الكريم إلى حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

وكان كلفا بها ، حريصا على جمعها ، ويستمع إلى المحدثين فيحفظ الحديث بالسمع ، ثم يكتبه على الخزف أحيانا ، وعلى الجلود أخرى ، وكان يذهب إلى الديوان يستوعب الظهور ليكتب عليها .

خرج إلى البادية ولزم هذيلا وهو يقول : خرجت من مكة فلازمت هذيلا بالبادية ، أتعلم كلامها ، وآخذ طباعها

وكانت أفصح العرب ، أرحل برحيلهم ، وأنزل بنزولهم ، فلما رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار

وأذكر الآداب والأخبار ، ولقد بلغ من حفظه لأشعار الهذيليين وأخبارهم أن الأصمعي - ومكانته من اللغة مكانته – قال : صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن إدريس .

طلب الشافعي العلم بمكة على من كان فيها من الفقهاء والمحدثين ، وبلغ شأوا عظيما ، حتى لقد أذن له بالفتيا مسلم بن خالد الزنجي ، وقال له : افت يا أبا عبد الله ، فقد آن لك أن تفتي .

وكان ذلك في وقت انتشر اسم مالك في الآفاق ، وتناقلته الركبان ، وبلغ شأوا من العلم والحديث بعيدا ، فسمت همة الشافعي إلى الهجرة إلى يثرب في طلب العلم

ولكنه لم يرد أن يذهب إلى المدينة خالي الوفاض من علم مالك رضي الله عنه ، فقد استعار الموطأ من رجل بمكة وقرأه ، والروايات تقول إنه حفظه .

ذهب الشافعي إلى مالك يحمل معه كتاب توصية من والي مكة ، وبهذه الهجرة أخذت حياة الشافعي تتجه إلى الفقه بجملتها ، ولما رآه مالك – وكانت له فراسة

قال له : يا محمد ! اتق الله ، واجتنب المعاصي ، فإنه سيكون لك شأن من الشأن ، إن الله تعالى قد ألقى على قلبك نورا ، فلا تطفئه بالمعصية . ثم قال له : إذا ما جاء الغد تجيء ويجيء ما يقرأ لك

. ويقول الشافعي : فغدوت عليه وابتدأت أن أقرأ ظاهرا والكتاب في يدي ، فكلما تهيبت مالكا وأردت أن أقطع أعجبه حسن قراءتي وإعرابي فيقول : يا فتى زد ، حتى قرأته عليه في أيام يسيرة .

لما مات مالك وأحس الشافعي أنه نال من العلم أشطرا ، اتجهت نفسه إلى عمل يكتسب منه ما يدفع حاجته ويمنع خصاصته ، وصادف في ذلك الوقت أن قدم إلى الحجاز والي اليمن

فكلمه بعض القرشيين في أن يصحبه الشافعي ، فأخذه ذلك الوالي معه ، ويقول الشافعي : ولم يكن عند أمي ما تعطيني ما أتمول به ، فرهنت دارا ، فتحملت معه ، فلما قدمنا عملت له على عمل.

تولى على نجران ، فأقام العدل ونشر لواءه ، ويقول هو في ذلك : وليت نجران وبها بنو الحارث بن عبد المدان ، وموالي ثقيف ، وكان الوالي إذا أتاهم صانعوه ، فأرادوني على نحو ذلك فلم يجدوا عندي .

اتُّهِم الشافعي بأنه مع العلوية ، فأرسل الرشيد أن يحضر النفر التسعة العلوية ومعهم الشافعي ، ويقول الرواة أنه قتل التسعة ، ونجا الشافعي بقوة حجته ، وشهادة محمد بن الحسن له

كان قدومه بغداد في هذه المحنة سنة (184هـ) أي وهو في الرابعة والثلاثين من عمره . ولعل هذه المحنة التي نزلت به ساقها الله إليه ليتجه إلى العلم لا إلى الولاية والسلطان .

قال ابن حجر : انتهت رياسة الفقه بالمدينة إلى مالك بن أنس ، فرحل إليه ولازمه وأخذ عنه ، وانتهت رياسة الفقه بالعراق إلى أبي حنيفة

فأخذ عن صاحبه محمد بن الحسن حملا ليس فيه شيء إلا وقد سمعه عليه ، فاجتمع علم أهل الرأي وعلم أهل الحديث ، فتصرف في ذلك حتى أصل الأصول وقعد القواعد وأذعن له الموافق والمخالف

واشتهر أمره وعلا ذكره وارتفع قدره حتى صار منه ما صار .

بهت أهل الرأي في أول التقائه بهم في بغداد سنة (184هـ) حتى قال الرازي في ذلك : انقطع بسببه استيلاء أهل الرأي على أصحاب الحديث .

ثم عاد الشافعي إلى مكة وأخذ يلقي دروسه في الحرم المكي ، والتقى بأهل العلم في موسم الحج ، واستمعوا إليه ، وفي هذا الأوان التقى به أحمد بن حنبل .

ثم قدم الشافعي بغداد للمرة الثانية في سنة (195هـ)، وألف لأول مرة كتاب " الرسالة " الذي وضع به الأساس لعلم أصول الفقه

وجاء في مناقب الشافعي للرازي أنه روى أن عبد الرحمن بن مهدي التمس من الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا يذكر فيه شرائط الاستدلال

القرآن والسنة والإجماع والقياس وبيان الناسخ والمنسوخ ومراتب العموم والخصوص

فوضع الشافعي رضي الله عنه كتاب " الرسالة " وبعثها إليه ، فلما قرأها عبد الرحمن بن مهدي قال : ما أظن أن الله عز وجل خلق مثل هذا الرجل

ثم يقول الرازي : واعلم أن الشافعي رضي الله عنه قد صنف كتاب الرسالة وهو ببغداد ، ولما رجع إلى مصر أعاد تصنيف كتاب الرسالة ، وفي كل واحد منهما علم كثير .

ثم انتقل الشافعي إلى مصر ، قال الربيع : سمعت الشافعي يقول ـ في قصة ذكرها :

لَقَدِ أصبحَتْ نَفْسِي تَتُوقُ إِلَى مِصْرَ ... وَمِنْ دُونِهَا أَرْضُ المَهَامِهِ وَالقَفْرِ

فَوَاللهِ مَا أَدْرِي أَلِلْمَالِ وَالغِنَى ... أُسَاقُ إِلَيْهَا أَمْ أُسَاقُ إِلَى قَبْرِي

قال : فوالله ما كان إلا بعد قليل ، حتى سيق إليهما جميعا !!"

"تاريخ بغداد" (2/70) ، "سير أعلام النبلاء" (10/77) .

يعني : أنه نال المال والغنى ، والوفرة والحظوة والمكانة في مصر ، ثم كانت وفاته فيها في آخر ليلة من رجب سنة (204هـ) ، وقد بلغ من العمر أربعة وخمسين عاما ، وقبره بها !!

قال داود بن علي الظاهري :

" للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره من شرف نسبه ، وصحة دينه ومعتقده ، وسخاوة نفسه ، ومعرفته بصحة الحديث وسقيمه وناسخه ومنسوخه وحفظ الكتاب والسنة وسيرة الخلفاء وحسن التصنيف "

ولقد قال أحمد بن حنبل فيه :

" ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة رجلا يقيم لها أمر دينها ، فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المائة ، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى "

وقال الإمام أحمد رحمه الله أيضا :

" كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن ، فهل ترى لهذين من خلف ، أو عنهما من عوض " .

وللتوسع عن حياة هذا الإمام وعلمه وفقهه ، نحيل إلى كتاب " الإمام الشافعي حياته ومذهبه ، آراؤه وفقهه " للشيخ محمد أبو زهرة .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 11:14   رقم المشاركة : 326
معلومات العضو
karm thevest
عضو جديد
 
الصورة الرمزية karm thevest
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 17:50   رقم المشاركة : 327
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة karm thevest مشاهدة المشاركة
بارك الله فيكم

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 17:53   رقم المشاركة : 328
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



كيف استمر نسل البشر بعد موت هابيل؟

السؤال

سمعت أن آدم وحواء كان لهما ولدان ، قابيل وهابيل ، وقتل قابيل هابيل !

سؤالي هو : كيف استمر نسل البشر بعد موت هابيل ؛ وكان قد تزوج أخته ، ولكن لا أدري إن كانوا أنجبوا ذرية أم لا ، وكم المدة بين سيدنا آدم ، وسيدنا نوح الذي تولى النبوة بعده ؟


الجواب


الحمد لله

أولا :

ليس في الكتاب والسنة ما يدل على أن ذرية آدم عليه السلام كانت محصورة في قابيل وهابيل

بل ينقل العلماء أنه قد ولد لآدم عليه السلام أولاد كثيرون

ومنهم تناسل البشر

وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن ، وذلك في قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً

وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء/1 .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله :

"ذُكر أن حواء ولدت لآدم عليه السلام عشرين ومائة بطن ، أولهم قابيل وتوأمته قليما

وآخرهم عبد المغيث وتوأمته أمة المغيث . وأما ابن إسحاق فذُكر عنه أن جميع ما ولدته حواء لآدم لصلبه أربعون من ذكر وأنثى في عشرين بطنا ، وقال : قد بلغنا أسماء بعضهم ولم يبلغنا بعض" انتهى .

"تاريخ الأمم والملوك" (1/98) .

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

"وقد ذكر أهل التاريخ أن آدم عليه السلام لم يمت حتى رأى من ذريته - من أولاده وأولاد أولاده - أربعمائة ألف نسمة ، والله أعلم" انتهى .

"البداية والنهاية" (1/96) .

ومع ذلك يذكر محمد بن إسحاق – وهو من العلماء بالأنساب والتاريخ - أن أنساب البشر كلهم ترجع إلى شيث بن آدم ، وأن نسل ولد آدم من غير شيث كلهم بادوا وانقرضوا ، وهذا في الغالب مأخوذ عن أهل الكتاب .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله :

"وإلى شيث أنساب بني آدم كلهم اليوم ، وذلك أن نسل سائر ولد آدم غير نسل شيث انقرضوا وبادوا ، فلم يبق منهم أحد ، فأنساب الناس كلهم اليوم إلى شيث عليه السلام" انتهى .

"تاريخ الأمم والملوك" (1/103)

وانظر: "التبصرة" لابن الجوزي (1/24،36)

"البداية والنهاية" (1/98) .

ثانيا :

أما المدة بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام فقد ورد النص عليها في حديث يصححه بعض أهل العلم :

عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رجلا قال : (يا رسول الله ! أنبيٌّ كان آدم ؟ قال : نعم ، مكلَّم . قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون) .

رواه ابن حبان في "صحيحه" (14/69) والحاكم في "المستدرك" (2/262)

وقال : صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي . وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/94) : هذا على شرط مسلم ولم يخرجه . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2668 ، 3289) .

وانظر جواب السؤال القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 17:55   رقم المشاركة : 329
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل كان أولاد آدم يتزوج الأخ من أخته؟

السؤال

أطرح هذا السؤال نيابة عن عمتي التي أقلقها الموضوع . (وهو) بداية البشرية . فقد ورد في القرآن بوضوح أمر نبي الله آدم وسبب نزوله إلى الأرض .

لكن لا يوجد أي توضيح محدد يبين أن آدم وحواء كانا الوالدين الوحيدين للبشرية . أي ، إذا كانا هما الشخصين الوحيدين على كوكب الأرض ، وكان عندهما أطفال – فكيف تكاثر جنس الإنسان بعدهما –

أي – هل كان جائزا وقتها – للأخوات والإخوة أن يتزوجوا وأن يكون لهم أبناء من بعضهم البعض؟


الجواب

الحمد لله

قد ذكر الله أن جميع البشر وُجدوا من آدم وزوجه ،

قال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساءا )

وقال تعالى : ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها فلما تغشّاها حملت حملا خفيفا فمرّت به ) .

فهذه أدلة صريحة في أن آدم أبو البشر ، وأنه الذي خُلق البشر كلهم من ذريته ، وأن جميع من في الأرض من جنس الناس يرجعون إلى آدم وزوجه .

وقد ذكر في بعض الأحاديث أن آدم وامرأته كان يولد لهما في كل بطن ذكر وأنثى

فإذا كبروا فإنه يزوج ذكر هذا البطن بأنثى البطن الذي قبله

وأنثى البطن الثاني بذكر البطن الأول فيكون ذلك جائزا ولو كانوا إخوة من أب وأم فكانت للحاجة

وبعد أن كثروا حُرّم أن يتزوج الأخ بأخته ولو كانت في بطن غير بطنه .

والله أعلم

سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 17:58   رقم المشاركة : 330
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن الحجاج بن يوسف الثقفي

السؤال

هل الحجاج بن يوسف الثقفي مسلم ؟

وما هي إيجابياته وسلبياته للمؤمنين ؟


الجواب

الحمد لله


كان الحجاج بن يوسف الثقفي والياً على العراق من قِبل عبد الملك بن مروان

وكان معروفاً بالظلم وسفك الدماء وانتقاص السلف وتعدي حرمات الله بأدنى شبهة

وقد أطبق أهل العلم بالتاريخ والسير على أنه كان من أشد الناس ظلما

وأسرعهم للدم الحرام سفكا

ولم يحفظ حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه

ولا وصيته في أهل العلم والفضل والصلاح من أتباع أصحابه

وكان ناصبيا بغيضا يكره علي بن أبي طالب رضي الله عنه وآل بيته .

قال ابن كثير رحمه الله :

"كان ناصبيا يبغض عليا وشيعته في هوى آل مروان بني أمية ، وكان جبارا عنيدا ، مقداما على سفك الدماء بأدنى شبهة .

وقد روي عنه ألفاظ بشعة شنيعة ظاهرها الكفر ، فإن كان قد تاب منها وأقلع عنها ، وإلا فهو باق في عهدتها ، ولكن قد يخشى أنها رويت عنه بنوع من زيادة عليه ،

فإن الشيعة كانوا يبغضونه جدا لوجوه ، وربما حرفوا عليه بعض الكلم ، وزادوا فيما يحكونه عنه بشاعات وشناعات" انتهى .

"البداية والنهاية" (9/153) .

عن أسماء بين أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت للحجاج : (أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا ، فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلَا إِخَالُكَ إِلَّا إِيَّاهُ).

والمبير : المهلك ، الذي يسرف في إهلاك الناس .

وقد كان الحجاج نشأ شابا لبيبا فصيحا بليغا حافظا للقرآن ، قال بعض السلف : كان الحجاج يقرأ القرآن كل ليلة ، وقال أبو عمرو بن العلاء : "ما رأيت أفصح منه ومن الحسن البصري ، وكان الحسن أفصح منه" .

وقال عقبة بن عمرو : "ما رأيت عقول الناس إلا قريبا بعضها من بعض ، إلا الحجاج وإياس بن معاوية ، فإن عقولهما كانت ترجح على عقول الناس" .

البداية والنهاية - (9/138-139) .

قال ابن كثير :

"وقد روينا عنه أنه كان يتدين بترك المسكر ، وكان يكثر تلاوة القرآن ، ويتجنب المحارم ، ولم يشتهر عنه شيء من التلطخ بالفروج ، وإن كان متسرعا في سفك الدماء

فالله تعالى أعلم بالصواب وحقائق الأمور وساترها ، وخفيات الصدور وضمائرها .

وأعظم ما نقم عليه وصح من أفعاله سفك الدماء ، وكفى به عقوبة عند الله عز وجل ، وقد كان حريصا على الجهاد وفتح البلاد ، وكان فيه سماحة بإعطاء المال لأهل القرآن

فكان يعطي على القرآن كثيرا ، ولما مات لم يترك فيما قيل إلا ثلاثمائة درهم" انتهى .

"البداية والنهاية" (9/153) .

قال ابن كثير :

"وكانت فيه شهامة عظيمة ، وفي سيفه رهق ، وكان كثير قتل النفوس التي حرمها الله بأدنى شبهة ، وكان يغضب غضب الملوك" انتهى .

"البداية والنهاية" (9/138) .

وكان فيه سرف وإسراع للباطل ، مع لجاجة في الحقد والحسد .

فعن عاصم بن أبي النجود والأعمش أنهما سمعا الحجاج يقول للناس : "والله ولو أمرتكم أن تخرجوا من هذا الباب فخرجتم من هذا الباب لحلت لي دماؤكم

ولا أجد أحدا يقرأ على قراءة ابن أم عبد إلا ضربت عنقه ، ولأحكنها من المصحف ولو بضلع خنزير" .

وقال الأصمعي : قال عبد الملك يوما للحجاج : ما من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه ، فصف عيب نفسك . فقال : أعفني يا أمير المؤمنين ، فأبى ، فقال : أنا لجوج حقود حسود . فقال عبد الملك : إذاً بينك وبين إبليس نسب .

البداية والنهاية - (9 /149- 153) .

وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى كفره ـ وإن كان أكثر العلماء لم يروا كفره ـ وكان بعض الصحابة كأنس وابن عمر يصلون خلفه ، ولو كانوا يرونه كافراً لم يصلوا خلفه .

فعن قتادة قال : قيل لسعيد بن جبير : خرجت على الحجاج ؟ قال : إني والله ما خرجت عليه حتى كفر .

وقال الأعمش : اختلفوا في الحجاج فسألوا مجاهدا فقال : تسألون عن الشيخ الكافر.

"البداية والنهاية" (9 /156- 157) .

وقال الشعبي : الحجاج مؤمن بالجبت والطاغوت كافر بالله العظيم .

وقال القاسم بن مخيمرة : كان الحجاج ينقض عرى الإسلام .

وعن عاصم بن أبي النجود قال : ما بقيت لله تعالى حرمة إلا وقد انتهكها الحجاج .

"تاريخ دمشق" (12 / 185-188) .

وروى الترمذي في سننه (2220) عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ : " أَحْصَوْا مَا قَتَلَ الْحَجَّاجُ صَبْرًا فَبَلَغَ مِائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ قَتِيلٍ " .

وقال عمر بن عبد العزيز : لو تخابثت الأمم وجئتنا بالحجاج لغلبناهم ، وما كان يصلح لدنيا ولا لآخرة .

"تاريخ دمشق" (12/185).

وكان مضيعا للصلوات ، مفرطا فيها ، لا يصليها لوقتها :

كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة : بلغني أنك تستن بسنن الحجاج ، فلا تستن بسننه ، فإنه كان يصلي الصلاة لغير وقتها ، ويأخذ الزكاة من غير حقها ، وكان لما سوى ذلك أضيع " .

"تاريخ دمشق" (12 / 187) .

وقال الذهبي رحمه الله :

" كان ظلوما جبارا ناصبيا خبيثا سفاكا للدماء .

وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء ، وفصاحة وبلاغة ، وتعظيم للقرآن .

قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير ، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ، ورميه إياها بالمنجنيق ، وإذلاله لأهل الحرمين ، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة

وحروب ابن الأشعث له ، وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله .

فنسبه ولا نحبه ، بل نبغضه في الله ؛ فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان .

وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه ، وأمره إلى الله .

وله توحيد في الجملة ، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء " انتهى .

"سير أعلام النبلاء" (4 / 343) .

وبالجملة : فقد كان الرجل على درجة كبيرة من الظلم والعدوان ، والإسراف على نفسه .

وكانت له حسنات مغمورة في بحر سيئاته ، وكان له جهد لا ينكر في الجهاد وقتال أعداء الله وفتح البلاد ونشر الإسلام .

فالله تعالى حسيبه ، ونبرأ إلى الله تعالى من ظلمه وعدوانه ، ونوالي من عاداهم من سادات المسلمين من الصحابة والتابعين ، ونعاديه فيهم ، ونكل أمره إلى الله تعالى .

والأولى عدم الانشغال بذكره ، وما أحسن ما روى الإمام أحمد رحمه الله في "الزهد" (ص / 332) عن بلال بن المنذر قال : قال رجل : إن لم أستخرج اليوم من الربيع بن خيثم سيئة لم أستخرجها أبدا بحال

. قلت : يا أبا يزيد ! قتل ابن فاطمة عليها السلام – يعني الحسين – قال : فاسترجع ثم تلا هذه الآية : ( قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) الزمر/46 .

قال قلت : ما تقول ؟ قال : " ما أقول ؟ إلى الله إيابهم ، وعلى الله حسابهم " .

والله أعلم

وراجع : "وفيات الأعيان" (2/29-46)

"تاريخ دمشق" (12/113-123)

"تاريخ الإسلام" (5/310-316) (6/314-327) .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc