الأسلوب الرَّابع ـ التَّعويد:
قال ابن القيِّم رحمه الله: «وممَّا يحتاج إليه الطِّفل غاية الاحتياج: الاعتناء بأمر خُلُقِه، فإنَّه ينشأ على ما عوَّده المُرَبِّي في صغره من غضب، وعجلة، وطيش، وحِدَّة، وجشع، فيصعب عليه في كِبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفاتٍ وهيئاتٍ راسخةً له، فلو تحرَّز منها غاية التَّحرُّز فضحَتْه ولابد يومًا ما؛ ولهذا تجد أكثر النَّاس منحرفةً أخلاقُهم وذلك من قِبل التَّربية الَّتي نشأوا عليها»(1).
* أُسس ومبادئ تكوين العادة الحسنة:
أ/ إيجاد الدَّافع الذَّاتي وتنميته.
ب/ الممارسة والتَّطبيق.
ج/ التَّكرار.
د/ التَّدرُّج.
هـ/ تحقيق مبدأ القدوة الصَّالحة.
و/ وقاية الطفل من أسباب الفساد والانحراف.
دور التَّعويـد في تربيـة الطِّفل على الأذكار النَّبويَّـة:
أوَّلاً: أن يبدأ المربُّون في تعليم الأذكار بتهيئة الطِّفل تهيئةً نفسيَّةً وعقليَّةً؛ لتقبُّل عمليَّة تلقين الذِّكر، وذلك بأن يتمَّ تحبيب هذه الأذكار إليه بشتى الوسائل بما يتناسب مع تفكيره وعمره العقلي، فأسلوب التَّرغيب له دوره الفاعل في هذه المرحلة.
ثانيًا: أن يبادر المربِّي ـ وخصوصًا الوالدان ـ بتعليم الطِّفل منذ أن يتهيَّأ لذلك ـ من بداية مرحلة الحضانة ـ بعض أنواع الذِّكر، مع مراعاة تلقينه لألفاظها بصفة صحيحة؛ لأنَّه يُراد منه أن يتعوَّدها، وأن يتمَّ ذلك بتدرُّجٍ يترقَّى به المتربِّي شيئًا فشيئًا، ومتى كان الأساس صحيحًا استقام البناء.
ثالـثًا: أن يستمرَّ المربِّي في تكرار تلك الأذكار، ويطلب من الطِّفل ذلك بما لا يؤدِّي إلى الملل والسَّآمة، ويحثُّ من حوله من كبار الإخوة والأقارب على ترديدها أمامه، وبهذا يتحقَّق أمران، أوَّلهما: التَّأكُّد من سلامة ما ينطق به الطِّفل من الأذكار، وثانيهما: أن يتمَّ ترسيخ تلكم الأذكار المباركة لدى الطِّفل فيألفها، ويتعوَّدها.
رابعًا: أنيتوجَّه المربُّون بمزيد العناية لتعويد النَّاشئة على كتاب الله عز وجل، بأن يبادروا إلى تلقين الطِّفل كلام الله عز وجل، ويُبدأ معه بقصار السُّور والآيات الَّتي يمكنه حفظها، ومع كون المربِّي ومن كان حول الطِّفل من الوالدين وكبار الإخوة حريصين على الاهتمام بالقرآن وحفظه وتجويده، وتخصيصهم لذلك أوقاتًا يتفرَّغون فيها لهذا المقصد؛ فإنَّ الطِّفل ينشأ ـ بإذن الله ـ على تعظيم الكتاب العظيم، والعناية به خاصَّةً إذا عمد أولئك المربُّون إلى التَّنافس في ذلك واستخدام الوسائل المتعدِّدة في سبيل ذلك مثل: الحوافز بأنواعها، والقصص التَّربوي، والحوار، والوسائل التِّقنيَّة الحديثة ممَّا يوصل إلى تحقيق هذه الغاية النَّبيلة.
«ولقد كان البدء بتعليم القرآن واستظهاره مسلكًا اتَّفق عليه المسلمون في جميع أمصارهم؛ لِمَا للقرآن من أثرٍ في ترسيخ الإسلام وعقائده ومفاهيمه في قلوب الأطفال منذ الصِّغر؛ وليصير أصلاً لِمَا سواه من علوم وملكات، ولعلَّ هذا الاهتمام من أسرار نبوغ السَّلف الصَّالح في العلم وتقدُّمهم الحضاري»(2).
خامسًا: أن يقوم الوالدان والمربُّون بمكافأة الطِّفل الَّذي بدأ في اعتياد الذِّكر بتشجيعه والثَّناء عليه والاحتفاء به ممَّا يكون دافعًا له نحو الثَّبات والمحافظة على هذا الأمر، وفي المقابل ينبغي تعاهد من أهمل الأذكار والأدعية بالحثِّ والتَّرغيب والتَّحفيز والحوار، فإذا ظهرت لدى الطِّفل بعض السُّلوكيَّات الخاطئة الَّتي تصرفه عن اعتياد الفضائل؛ فإنَّ الواجب على المربِّي أن يُبادر إلى معرفة أسبابها والسَّعي في علاج الطِّفل ووقايته من أسباب الفساد.
الأسلوب الخامس ـ الحـوار:
* دور الحـوار في تربية الطِّفل على الأذكار النَّبـويَّة:
للحوار التَّربوي ـ باعتباره أداةً تربويَّة فعَّالة ـ أهميَّةً كبيرة في جانب تربية الأطفال والتَّعامل معهم، ومن هذا المنطلقيمكن للمربِّي توظيفه من أجل الوصول إلى هدف تربية الطِّفل على الأذكار النَّبويَّة عن طريق سلوك التَّطبيقات الآتية:
أوَّلاً: أن يسلك المربُّون ـ وخاصَّة الوالدين ـ سبيل الحوار مع الطِّفل في مرحلةٍ مبكِّرَةٍ، أي من حين أن يتهيَّأ الطِّفل وينضج لممارسته، وهو في هذه المرحلة سيكون بأسلوب ميسَّر ومباشر، ويمكن من خلاله ممارسة التَّلقين لأنواع الذِّكر.
ثانيًا: أن يكون أسلوب الحوار مسلكًا تربويًّا عامًّا في التَّعامل مع الطِّفل وتربيته، فلا يقتصر الحوار على جوانب دون أخرى، وينبغي أن لا يؤثِّر على هذا المسلك ما قد يصدر من الطِّفل من ضعف التَّجاوب أو الخطأ في الجواب أثناء الحوار، بل ينبغي أن يدفع ذلك المربِّي إلى مزيد الحرص على آداب الحوار وترسيخها في نفس الطِّفل شيئًا فشيئًا بما يكون عونًا على تحقيق أهداف الحوار ومقاصده، وهذا يقتضي أن لا يقتصر حوار الطِّفل مع أبويه فقط، بل ينبغي أن يمتدَّ ذلك للإخوة الكبار وبقيَّة الأقارب والمعلِّمين وجماعة المسجد، وغيرهم من أفراد المجتمع الَّذين يحتكُّ بهم الطِّفل.
ثالثًا: للوصول إلى تعويد الطِّفل على الذِّكر؛ فإنَّ المربِّي ينبغي أن يسلك في سبيل ذلك مسلكين متوازيين، أحدهما نظريٌّ والآخر عمليٌّ.
ويتمثَّل الأوَّل في تعليم المتربِّي لتلك الأذكار النَّبويَّة المتنوِّعة باستخدام الحوار والتَّلقين، وأمَّا المسلك الثَّاني فهو تطبيق المربِّي لِمَاقد علَّمه للطِّفل عن طريق تقديم القدوة الصَّالحة له بما يدعِّم ذلك التَّعليم السَّابق.
رابعًا: الحوار أسلوبٌ يصلح أن يكون وعاءً لغيره من الأساليب التَّربويَّة، فمن خلاله يمكن للمربِّي أن يوظِّف أساليب: التَّلقين، والتَّدرُّج، والتَّرغيب والتَّرهيب، والقصَّة، وضرب الأمثال، والموعظة، واستغلال الأحداث، والإيحاء وغيرها من الأساليب الَّتي يمكن تطبيقها وتقديمها للطِّفل في قالبٍ حواريٍّ مناسب ومثمر.
خامسًا: من أشكال الحوار الَّتي يمكن للمربِّي أن يطبِّقها مع الطِّفل: إقامة المسابقات التَّنافسيَّة بين الأطفال حول القرآن الكريم، والأذكار النَّبويَّة، وذلك بأن يطرح الأب أو الأمُّ سؤالاً حول آيةٍ قرآنيَّة، أو نوعٍ من الذِّكر، أو يطلب من يقوم بالأذان أو تلاوة سورة معيَّنة، ومن ثمَّ يحفِّز الطِّفل أو الأطفال ويستحثّهم على الجواب، وبهذا يمكن تقويم الأطفال في مدى تعلُّمهم للأذكار وكذا تحفيزهم وإثابتهم بما يدفعهم لحفظها والمداومة عليها.
سادسًا: ينبغي أن يستغلَّ الأبوان والمربُّون أوقات اجتماعهم مع أطفالهم لممارسة الحوار التَّربوي، ويمكن أن تُعمر المجالس اليوميَّة: عند تناول الطَّعام، وفي السَّيَّارة، وعند الخروج للنُّزهة، وفي المسجد وغيرها بتلك الحوارات النَّافعة الَّتي تعلِّم الطِّفل ذكر ربه عز وجل، وتحثُّه عليه.
ثمَّ ننتقل إلى أسلوب آخر وهو:
الأسلوب السَّادس ـ التَّرغيب والتَّرهيب:
التَّرغيب: هو التَّشويق للحمل على فعل، أو اعتقاد، أو تصوُّر، وترك خلافه.
والتَّرهيب:هو التَّخويف للحمل على ترك فعل أو اعتقاد أو تصوُّر
.
* دور التَّرغيب والتَّرهيب في تربيـة الطِّفل على الأذكار النَّبـويَّة:
يعدُّ أسلوب التَّرغيب والتَّرهيب أحد أهمِّ الأساليب التَّربويَّة في تنشئة الأطفال، ومن أجل تربية الطِّفل المسلم على عبادة ذكر الله عز وجل؛ فإنَّ المربِّي يمكنه أن يسلك التَّطبيقات التَّالية للوصول إلى تحقيق هذا الهدف:
أَوَّلاً: لابدَّ للمربِّي وخاصَّة الأب والأم من التَّركيز على أسلوب التَّرغيب؛ لأنَّه الأصل في التَّعامل مع الأطفال خاصَّة في المراحل العمريَّة المبكِّرة، ولكونه يحقِّق ترسيخ تلك الأذكار والمواظبة عليها حتَّى وإن لم يعقلها ابتداءً، وفي سبيل ذلك يجب استعمال أنواع التَّرغيب المتنوِّعة مثل: الثَّناء والتَّشجيع والضَّحك والابتهاج والمداعبة والمكافآت كالحلوى والخروج للنُّزهة وتلبية الطَّلبات، وإقامة المسابقات التَّنافسيَّة ذات الجوائز المحبّبة وغير ذلك ممَّا يحثُّ الطِّفل ويدفعه
لحفظ هذه الأذكار المباركة والمداومة عليها، مع ضرورة أن يكون المربِّي هو القدوة الصَّالحة فيما يحثُّ ولده عليه.
ثانيًا: إنَّ ترغيب الطِّفل في حفظ القرآن الكريم والأذكار النَّبويَّة وبذل الجهد في ذلك يستلزم أن يقترن معه بيانٌ وتوضيحٌ لآثارها المباركة في الدُّنيا والآخرة، ولا شكَّ أنَّ الطِّفل في بواكير طفولته قد لا يعقل أو يتصوَّر تمامًا ما تُثمره تلك الكلمات المباركة حتَّى وهو يحفظها، لكنَّه بمرور الوقت وباعتياده عليها سيدرك آثارها الفاضلة على نفسه وحياته وآخرته، ثمَّ هو صائرٌ ـ بإذن الله ـ إلى تذوُّق حلاوتها والتَّلذُّذ بمناجاة المولى عز وجل فلا يجد مشقَّة في ذلك، وهذا من ثمار التَّربية الصَّالحة منذ الصِّغر.
ثالثًا: بالنِّسبة لتوظيف أسلوب التَّرهيب في مجال تربية الطِّفل على ذكر الله عز وجل؛ فإنَّه يحسُن بالمربِّي أن يستخدم ذلك ابتداءً في سياق التَّحذير من الشَّيطان الرَّجيم ـ أعاذنا الله منه ـ وذلك بإفهام الطِّفل أنَّ الجِنَّ والشَّياطين موجودون في كلِّ مكانٍ يوجد فيه البشر، فيحضرون مجالسهم وأكلهم وشربهم، ولا يفارقونهم إلاَّ بذكر الله عز وجل، ويستعين المربِّي على ذلك بشرح بعض الآيات القرآنيَّة مثل سورة النَّاس، والأحاديث النَّبويَّة الَّتي تبيِّن هذا الأمر، ومنها ما رواه البخاريُّ (3316) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «اكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ المَسَاءِ؛ فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخطفَةً».
وفي «الصَّحيحين» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذ هو نام ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ»، وفي ذِكر الدُّخول إلى المنزل، والخروج منه تحصينٌ من الشَّياطين: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنَّه سمع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لاَ مَبيتَ لَكُم وَلاَ عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ المَبيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبيتَ وَالعَشَاءَ» رواه مسلم (2018).
وإلى جانب ما سبق فيجب على الآباء أن يعوِّذوا أولادهم بالقرآن والأذكار من الشَّيطان والعين، وفي هذا حثٌّ بالتَّطبيق العمليِّ للأطفال على المحافظة على الذِّكر، واقتداءٌ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري في «صحيحه» (3371) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يعوِّذ الحسن والحسين ويقول: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ».
وبهذا المسلك الجامع بين التَّرهيب من الشَّيطان بالتزام الأذكار، وتعويذ الأطفال بالمعوِّذات الشَّرعيَّة يكون المربِّي قد استثمر كلاًّ من التَّرغيب والتَّرهيب في تعويد الطِّفل على عبادة ذكر الله عز وجل.
وبعد هذا ننتقل إلى الأسلوب السَّابع وهو:
أسلوب استغلال المواقف:
إنَّ اختيار المواقف والأوقات المناسبة للتَّوجيه يسهِّل ويقلِّل من جهد العمليَّة التَّربويَّة ويساعد على تحقيق الأهداف؛ وذلك لأنَّ طبيعة المتربِّي لا تكون على وتيرةٍ واحدةٍ دائمًا من حيث الاستعداد للتَّوجيه والقدرة على الممارسة والتَّطبيق لمضامينه.
ومن هنا يمكن أن نعرِّف استغلال المواقف باعتباره أسلوبًا من أساليب التَّربية بأنَّه: أن يتحيَّن المربِّي الوقت المناسب في التَّوجيه التَّربوي من أجل تحقيق أهدافه مثل:
أ ـ ظروف المكان.
ب ـ ظروف الزمان.
جـ ـ أحوال الطِّفل النَّفسيَّة والمادِّيَّة.
دور استغلال المواقـف في تربيـة الطِّفل على الأذكـار النَّبويَّـة:
أوَّلاً: أنْ يحرص الأبوان والمربُّون على استغلال تلك المواقف والمناسبات الَّتي تتكرَّر في اليوم واللَّيلة، وقد شُرِع فيها نوعٌ من أنواع الذِّكر، مثل أوقات: تناول الطَّعام، وعند الخلاء، وعند دخول المنزل والمسجد والخروج منهما، وأذكار الصَّلوات والنَّوم وغيرها، وذلك بأن يتمَّ تنبيه المتربِّي على استحضار الذِّكر الوارد في موضعه، وفي هذا تطبيقٌ لأسلوب الملاحظة(3)الَّذي يقوم فيه المربِّي بمتابعة الطِّفل وتوجيهه وتسديده بما يحقِّق أهداف التَّربية الإسلاميَّة وغاياتها.
ثانيًا: أنْ يستغلَّ الأبوان والمربُّون المناسبات والأحوال العارضة ـ الَّتي لا تتكرَّر كثيرًا ـ في تعليم الأطفال الأذكار النَّبويَّة، ومن تلك الأحوال الَّتي شُرِع فيها الذِّكر: عند نزول المطر، وهبوب الرِّيح، ورؤية الهلال، وعيادة المريض، وإجابة الدَّعوة، وعند الكرب، وأذكار التَّهنئة والتَّعزية، وغيرها ممَّا يعرض للمسلم، ويستعين المربِّي بأسلوب الملاحظة الآنف الذِّكر على تلقين الطِّفل وتعويده على الأذكار المباركة المشروعة في تلك الأحوال والأوقات.
ثالثًا: إنَّ من أفضل الأساليب الَّتي ينبغي توظيفها لاستغلال الأحداث والمواقف المختلفة: أسلوب الحوار؛ لأنَّه يتميَّز باستثارة الحواس والانفعالات الوجدانيَّة واستخدام العمليَّات العقليَّة ممَّا يُفيد في استغلال الحدث وبناء التَّوجيه التَّربوي السَّليم.
رابعًا: ينبغي أن يكون للآباء والمربِّين دورٌ في تهيئة أجواء مناسبة من أجل تحقيق هدف تربويٍّ معين، فلا يقتصر استغلال الحدث على الأمور الغائبة المنتظرة، بل يمكن المبادرة إلى تهيئة بعضها، ومثال ذلك: ترتيب الخروج للنُّزهة؛ فإنَّه بمقدور المربِّي أن يُهيِّء الأمر لهذا، فإذا تمَّ ذلك وظَّفه واستفاد منه في تعليم الأطفال الأذكار المتنوِّعة الَّتي ستعرض لهم في نزهتهم، مثل: ذكر النزول بالمكان، وأذكار السَّفر وغيرها وهي فرصةٌ لاستذكار ومراجعة ما يحفظه الطِّفل من أنواع الأذكار.
ونختم هذا المبحث بهذا الأسلوب وهو:
الأسلوب الثَّامن ـ الحوافز الماديَّة والمعنويَّة:
الحوافز هي: «المحرِّكات والبواعث الَّتي تستثير النشاط عند الفرد، وتوجِّهه نحو الأحسن، أو هي: إثارة رغبة الفرد في العمل على الوجه المرجو، وما يُقدَّم له لإرضاء حاجاته ودوافعه الإنسانية»(4).
قال الله تعــالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُون﴾[البقرة:25].
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: «لَمَّا ذكر تعالى ما أعدَّه لأعدائه من الأشقياء الكافرين به، وبرُسله من العذاب والنَّكال، عطَف بذكر حال أوليائه من السُّعداء المؤمنين به، وبرُسُله، الَّذين صدَّقوا إيمانهم بأعمالهم الصَّالحة، وهذا معنى تسمية القرآن مثاني على أصحِّ أقوال العلماء»(5).
وللسَّعدي رحمه الله كلامٌ بديعٌ في تفسيرها حيث قال: «وفيه استحباب بشارة المؤمنين، وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها وثمراتها؛ فإنَّها بذلك تخفُّ وتسهل»(6).
أمَّا الأحاديث الَّتي ورد فيها التَّحفيز فكثيرةٌ أيضًا، وثمَّة أحاديث كثيرة في جانب الأذكار النَّبويَّة تشتمل على التَّحفيز، والتَّرغيب في تلك الأذكار المباركة.
* دور الحوافـز في تربيـة الطِّفل على الأذكار النَّبويَّة:
أوَّلا: ينبغي أن يركِّز الآباء والمربُّون على الحوافز الإيجابيَّة أكثر من السَّلبيَّة؛ وذلك لأنَّ «الثَّواب أقوى وأبقى أثرًا من العقاب في عمليَّة التَّعلُّم، وهذا يعكس أهميَّة المكافأة في تدعيم الاستجابات الصَّحيحة وتثبيت التَّعلُّم»(7)، فالطِّفل في هذه المرحلة يحتاج إلى تدعيم السُّلوك الصَّحيح إيجابيًّا بالتَّبسُّم والمداعبة واللَّعب والمكافأة، ولا يعني هذا إغفال التَّحفيز السَّلبي؛ فإنَّ له دوره المهمّ عند الحاجة إليه.
ثانيًا: ينبغي أن يحرص المربُّون على عدم المبالغة واللُّجوء كثيرًا إلى الحوافز الماديَّة دون المعنوية؛ وذلك لأنَّ الطِّفل خاصَّةً في مرحلتي الحضانة والتَّمييز يحتاج كثيرًا إلى إشباع حاجاته النفسيَّة والاجتماعيَّة المتمثلِّة في توفير الحبِّ والحنان والثِّقة بالنَّفس والمشاركة الوجدانيَّة والانتماء، بواسطة التَّبسُّم والملاطفة والحوار وإتاحة الفرصة للمشاركة في الأنشطة المختلفة.
ثالثًا: ينبغي على الآباء والمربِّين أن يستثمروا أسلوب التَّحفيز في إقامة المسابقات التَّنافسيَّة بين الأطفال حول حفظ القرآن الكريم والأذكار النَّبويَّة، وأن يتمَّ في سبيل ذلك إعداد الجوائز التَّشجيعيَّة المفيدة، ومنها ما يخدم موضوع المسابقة كأن يكون ضمن الجوائز مصاحف جديدة، وكتيِّباتٌ أو مطويَّات في الأذكار؛ فإنَّ هذا ممَّا يؤكِّد تحقيق هدف المسابقة، ويحفِّز الأطفال ويرغِّبهم في مضامينه المقصودة.
رابعًا: من طرق التَّحفيز المثمرة: استغلال أوقات السَّفر والنُّزهة البرِّيَّة في قيام الأطفال الَّذين بلغوا مرحلة التَّمييز برفع الأذان والإقامة وإمامة أفراد العائلة بحيث يتمُّ تقديم أكثر الأطفال حفظًا للقرآن ليؤمَّ أهله؛ وفي هذا حافزٌ قويٌّ للطِّفل الإمام والمؤذِّن وغيرهما من الأطفال نحو حفظ كتاب الله عز وجل وتجويده والتَّعوُّد على العبادة، وينبغي على الأب أن يُبيِّن أنَّ تقديم الأَقْرَإ في الإمامة هو السُّنَّة؛ فقد روى البخاري في «صحيحه» عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه أنَّه قال ـ في قصَّة إسلام قومه ـ عندما صار إمامًا لهم: «فنظروا فلم يكن أحدٌ أكثر منِّي قرآنًا؛ لِما كنتُ أتلقَّى من الرُّكبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا ابن ستٍّ أو سبع سنين»(8).
وبهذا تنتهي أنواع الأساليب التَّربويَّة الَّتي يمكن توظيفها في تربية الأطفال على عبادة ذكر الله عز وجل.
وبعد هذا العرض لأهمِّ الأساليب التَّربويَّة في تربية الطِّفل على ذكر الله عز وجل؛ فإنَّنا نختم هذا الموضوع ببيان دور المدرسة ووسائل الإعلام في هذا الجانب.
رابعًا: دور معلِّم المدرسـة في البرنامج العمليِّ لتربيـة الطِّفل على الأذكار النَّبويَّـة.
تقع على المعلِّم المسؤوليَّة الكبرى في العمليَّة التَّربويَّة والتَّعليميَّة داخل المدرسة، فإنَّ «المعلِّم ركنٌ أساسيٌّ من أركان العمليَّة التَّربويَّة، وعنصر هامٌّ من عناصر الموقف التَّعليمي الَّذي يتفاعل مع المتعلِّم، وإذا كانت هناك مكوِّنات أخرى للموقف التَّعليمي إلاَّ أنَّ أهمَّ هذه المكوِّنات على الإطلاق هو المعلِّم؛ لأنَّه يعتبر العنصر القادر على التَّأثير في بقيَّة المكوِّنات الأخرى، بل إنَّ دوره القياديَّ في العمليَّة التَّربويَّة أو التَّعليميَّة يقود العناصر والمكوِّنات الأخرى ليجعلها في وضع يخدم التِّلميذ»(9).
ويمكن للباحث بيان دور المعلِّم المؤهَّل في تربية الأطفال على الأذكار النَّبويَّة فيما يلي:
1ـ أن يكون المعلِّم قدوةً لتلاميذه في العناية بعبادة ذكر الله عز وجل، فيرى منه تلاميذه الأطفال ترديد آي الذِّكر الحكيم والاهتمام بحفظه وتجويده، مع المحافظة على الأذكار اليوميَّة وتلفُّظه بها أمامهم ـ بصوت مسموع ـ كأذكار الصَّباح والمساء، وأذكار العطاس، والسَّلام، والاستغفار، وكفَّارة المجلس، وأنواع الدُّعاء، ومتى ما صار المعلِّم رطبًا لسانه بذكر الله؛ فإنَّ ذلك يكون داعيًا، وحافزًا لطلاَّبه أن يسلكوا طريقته، ويألفوا الذِّكر ويعتادوه.
2ـ أن يستخدم المعلِّم أسلوب الحوار عن طريق السُّؤال والجواب في تعليم الأطفال الأذكار النَّبويَّة، وينبغي أن يُراعى مستوى الطُّلاَّب في مخاطبتهم به، فبينما يتميَّز الحوار مع طلاَّب المراحل المتقدِّمة كالمتوسِّطة والثَّانويَّة بالمنطقيَّة، واستثارة العقل، وعمق التَّفكير، فإنَّ الحوار مع أطفال المدرسة الابتدائيَّة يتَّسم بالسُّهولة، والوضوح، وعدم التَّعقيد، كأن يقول المعلِّم مثلاً: هل تعرفون الذِّكر الَّذي إذا قاله المسلم لم يقربه الشَّيطان حتَّى يُصبح؟ ويكون الجواب هو آية الكرسي ويتبعه بيان الحديث الوارد في ذلك، ثمَّ يَطلب من أحد الطُّلاَّب تلاوة آية الكرسي، فإذا قام بذلك أحدهم بطريقة صحيحة شكره المعلِّم ودعا له بخير، وفي هذا توظيفٌ من المعلِّم لأسلوبي الحوار والتَّحفيز بالحوافز المناسبة، كما يمكن تضمين الحوار القصص النَّبوي المتعلِّق بالأذكار.
3ـ أن يقوم المعلِّم باستغلال المواقف المختلفة وتوظيفها في تعليم الأطفال أنواع الأذكار المشروعة مع الحرص على أذكار الأمور العارضة كهبوب الرِّيح، وسماع الرَّعد، ونزول المطر، ورؤية المبتلى، والتَّبْرِيك خوف العين، وأذكار التَّهنئة والتَّعزية، وعند الخروج في الرَّحلات المدرسيَّة، وغيرها ممَّا لا يتكرَّر كثيرًا، وفي هذا الأمر تذكيرٌ للأطفال، وربطٌ دائم لهم بعبادة الذِّكر ممَّا يُرجى معه أن يعتاد أولئك الأطفال هذه الأذكار ويمارسوها بسهولة وانشراح.
4 ـ أن يسلك المعلِّم سبيل التَّدرُّج في تعليم الأذكار، فيبدأ بألفاظ الذِّكر القصيرة، والسَّهلة، ويكرِّرها أمامهم، ويطلب منهم تكرارها ـ خاصَّة في المرحلة الابتدائيَّة ـ حتَّى يسهل حفظها والمداومة عليها من قِبل الطلاَّب.
5ـ أن يستعين المعلِّم بالوسائل التَّعليميَّة والتِّقنية الحديثة، مثل اللَّوحات بأنواعها، والملصقات، وجهاز عرض الشَّرائح والشَّفافيَّات، والتِّلفزيون التَّعليمي، وبرامج الحاسب الآلي، وغيرها، وتوظيفها في عرض الأذكار المتنوِّعة بصورة مشوِّقة للأطفال ممَّا يسهم في سرعة التَّعلُّم وثباته.
6ـ إقامة المسابقات التَّنافسيَّة حول موضوعات الأذكار حفظًا وشرحًا وتحليلاً، وأن يتمَّ التَّنسيق مع إدارة المدرسة من أجل رعايتها ودعمها بالتَّشجيع والجوائز المناسبة، وأن تكون تلك المسابقات بأشكال متنوِّعة، ومستويات متدرِّجة من أجل إشراك أكبر عدد من الطُّلاَّب فيها واستفادتهم منها.
7ـ أن يتوجَّه معلِّم العلوم الشَّرعيَّة بمزيد العناية والاهتمام لأذكار الصَّلاة؛ وذلك لكونها أعظم أركان الإسلام بعد الشَّهادتين، وهي عمود الإسلام، ولعموم التَّقصير في تعلُّم صفة الصَّلاة وأذكارها الثَّابتة والمشروعة، وأن يسلك المعلِّم في سبيل ذلك ـ وفي مختلف المراحل الدِّراسيَّة ـ أنواع التَّوجيه التَّربوي: بناءً، ووقايةً، وعلاجًا.
8 ـ «إنَّ مِنَ المفيد جدًّا لمعلِّم الرِّياضيَّات على وجه الخصوص أن يطرح من خلال فنِّه ومادَّته بعض المسائل الرِّياضيَّة الواردة في الآيات القرآنيَّة والأحاديث النَّبويَّة الصَّحيحة المتعلِّقة بالأذكار المأثورة، والأعمال الخيِّرة؛ يحاول من خلالها ربطَ النَّشء بالإيمان والعبادة، والمحافظة على ذكر الله عز وجل»(10).
ومن الأمثلة على ذلك: المسألة التَّالية:
ـ عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنَّ رجلاً جاء إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: السَّلام عليكم، فردَّ عليه، ثمَّ جلس، فقال: «عَشْرٌ»، ثمَّ جاء آخر فقال: السَّلام عليكم ورحمة الله، فردَّ عليه، ثمَّ جلس فقال: «عِشْرُونَ»، ثمَّ جاء آخر؛ فقال: السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردَّ عليه، ثمَّ جلس؛ فقال: «ثَلاَثُونَ»(11).
السُّؤال:
ـ إذا سلَّم رجلٌ على إخوانه المسلمين في يومٍ أربعين مرَّة، قال في عشرين منها: السَّلام عليكم ورحمة الله، وفي العشرين الأخرى: السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فكم له من الحسنات في ذلك؟
الحلُّ:
في العشرين الأولى:
20 × 20 = 400 حسنة.
في العشرين الثَّانية:
30 × 20 = 600 حسنة.
المجموع:
400 + 600 = 1000 حسنة.
9ـ أن يستغلَّ معلِّم العلوم الكونيَّة موضوعات المقرَّر الدِّراسي ذات العلاقة بالأذكار النَّبويَّة، مثل موضوعات: الكسوف والخسوف، والقمر، والأمطار، والرِّياح، ودراسة ظاهرة العطاس، وغيرها ممَّا تقدَّم ذكره.
10ـ أن يستمرَّ المعلِّمون بعد تعليمهم الأطفال الأذكار المتنوِّعة في عمليَّة المتابعة والتَّقويم؛ من أجل التَّأكُّد من تعوُّد الأطفال على هذه العبادة، ومعرفة الأخطاء الَّتي تقع منهم في ذلك والعمل على تصحيحها وتقويمها.
11ـ أن يتوجَّه المعلِّم بالنَّصيحة والتَّوجيه إلى زملائه من المعلِّمين، والعاملين في الإدارة المدرسيَّة الَّذين يرى منهم التَّقصير في جانب ذكر الله عز وجل، أو في تعليم الأطفال لهذه العبادة بما يُسهم في إصلاح الخلل، وتكثير الخير
والنَّفع وتعميمه.
12 ـ أن يختم المعلِّم مجلس الدَّرس بدعاءٍ نافعٍ مناسبٍ للمقام ـ كما كان يفعله بعض السَّلف ـ، كأن يدعو بالعلم النَّافع والعمل الصَّالح، أو يستعيذ بالله من علم لا ينفع، ونحو ذلك؛ كدعاء كفَّارة المجلس، وفي المقابل عليه أن يجعل بداية لقائه بطلاَّبه إلقاء السَّلام عليهم؛ لأنَّ ذلك يُشعرهم بمحبَّته لهم، وقربه منهم(12).
وفي الختام...
فهذه نبذة مختصرة عمَّا يمكن للمربِّي أن يسلكه من أساليب في سبيل تربية أطفالنا على عبادة ذكر الله سبحانه وتعالى، والله الموفِّق وهو الهادي إلى سواء السَّبيل.
تربية (1) ابن قيم الجوزية، «تحفة المودود» (ص209) ـ بتصرف.
(2) أحمد الحليبي: «ثقافة الطِّفل المسلم» (ص291).
(3) محمود محمد غانم: «طرق التَّربية والتَّعليم وتطوّرها عبر العصور الإسلاميَّة وحتَّى العصر الحديث» (ص50).
(4) عبد الرحمن بن علي الجهني: «الحوافز في الإدارة المدرسيَّة من منظور التَّربية الإسلاميَّة» (ص10).
(5) ابن كثير:«تفسير القرآن العظيم» (1/58).
(6) السَّعدي: «تيسير الكريم الرحمن» (ص47).
(7) أحمد عزَّت راجح: «أصول علم النَّفس» (ص226).
(8) البخاري (4302).
(9) عبد الله عبد الحميد محمود: «إعداد المعلِّم من منظور التَّربية الإسلاميَّة» (ص25) ـ بتصرُّف.
(10) عبد الرزَّاق البدر: «لفتة لمعلِّمي الرِّياضيَّات» (ص3).
(11) أبو داود (5195)، والترمذي (2689)، وصحَّحه الألباني في «صحيح التَّرغيب والتَّرهيب» (2710).
(12) حسين بن نفاع الجابري: «آداب المعلِّم في العمليَّة التَّعليميَّة من خلال كتاب (سير أعلام النُّبلاء) للحافظ الذَّهبي رحمه الله، وتطبيقاتها التَّربوية في المرحلة الثَّانويَّة» (ص120).
المصدر ...موقع راية الاصلاح