العرف كمصدر احتياطي للقانون
# تعريفه :
العرف مجموعة من قواعد السلوك غير المكتوبة التي تعارف الناس عليها في مجتمع معين في زمان معين و تواتر العمل بها بينهم الي الحد الذي تولد لديهم الاعتقاد بإلزامها .
# مرتبته :
هو مصدر احتياطي ثان للقانون بعد الشريعة الاسلامية . فلا يحكم القاضي به الا اذا خلا التشريع من النص ، و بعد استنفاذ البحث في أحكام الشريعة الاسلامية .
# ضوابط تطبيقه :
1) مراعاة قيود النظام العام و الآداب : فلا يجوز تطبيق قاعدة عرفية يتناقض حكمها مع مقتضيات النظام العام و الآداب العامة .
1) مراعاة طبيعة العرف ، إن كان عرفا عاما أو خاصا ، فلا يجوز تطبيق عرف سائد في إمارة معينة علي قضية واقعة في إمارة أخري .
# تكون القاعدة العرفية :
* عناصر القاعدة العرفية :
تتكون القاعدة العرفية من سلوك معين يصدر عن شخص أو مجموعة أشخاص بمناسبة معينة ، ثم يتكرر ذلك السلوك في مناسبات مماثلة بشكل مطرد الي الحد الذي يتولد معه اعتقاد لدي الناس بكونه سلوكا ملزما .
أولاـ العنصر المادي :
* مضمونه : هو تواتر العمل بسلوك معين لفترة طويلة مما يترتب عليه اشاعة هذا السلوك بين الناس في المجتمع أو أغلبهم علي الأقل.
* مثال : اعتياد الناس علي التعامل في مناسبات معينة علي نحو معين كتحميلهم تكلفة المياه في عقد الايجار علي المستأجر، واعتيادهم فـــي عقد الزواج علي تقسيم المهر الي معجل و مؤجل .
* أوصاف العادة : لا تعتبر العادة السلوكية عرفا إلا اذا توافرت لها أوصافا معينة ، هي :
(1) عموم و تجريد السلوك : و يقصد بذلك وجوب انتشار السلوك بين عدد غير محدد من الافراد و لا يقتصر علي أشخاص بعينهم و ألا يتعلق بوقائع محددة ، سواء كان العرف شامل ( ساري علي كل أقاليم الدولة ) أو كان عرفا محليا ( يسري علي اقليم معين من اقاليم الدولة ) أو كان عرفا مهنيا ( يسري علي أفراد مهنة معينة) أو كان عرفا طائفيا ( يسري علي أفراد طائفة معينة ) .
(2) اضطراد السلوك : بمعني ان يستقر الافراد علي العمل به و اتباعه دون الخروج عليه . مع مراعاة أن اضطراد العمل بالسلوك لايعني عدم انقطاع العمل به مطلقا ، بل يعني عدم انقطاع العمل بالسلوك انقطاعا ظاهرا لفترة طويلة من الزمن يفهم منه استقرار الناس علي ترك العمل به.
(3) قدم السلوك : بمعني استمرار العمل بالسلوك لفترة طويلة . و ليس لذلك حد زمني معين ، فالمسألة يقدرها القاضي من حالة لأخري .
(4) عدم مخالفة السلوك للنظام العام و الآداب العامة : فالسلوك السئ و لو استمر العمل به لفترة طويلة لا يعد من العرف مثل عادة الأخذ بالثأر ، و عادة الوساطة في قضاء مصالح الناس .
ثانيا ـ العنصر المعنوي :
× مضمونه : هو شعور الافراد بالزام القاعدة العرفية من جراء اعتيادهم علي تكرار السلوك لفترة زمنية طويلة .
× تقديره : التثبت من العنصر المعنوي أمر غير ميسور للتعلقه بأمر نفسي لدي الأفراد و من ثم يصعب اثباته .
# العادة الاتفاقية و العرف :
* تعريف العادة الاتفاقية : هي عادات جارية يتفق الافراد في العقد علي الالتزام بحكمها في شأن تعامل معين بينهم .
* مثال : اعتياد التجار في بعض المجتمعات علي حساب المائة حبة من الفاكهة مائة و عشرة .
* طبيعتها : العادة الاتفاقية هي عرف غير مكتمل ، تحقق له العنصر المادي دون العنصر المعنوي لافتقادها لصفات السلوك العرفي من عمومية و تجريد و اضطراد و قدم .
* شرط انطباقها : اتفاق الأفراد علي العمل بها ، فهي لا تلزمهم الا اذا
اتفقوا علي الاخذ بحكمها .
* نتائج التمييز بين العرف و العادة الاتفاقية :
1- مدي افتراض العلم بهما : العرف بوصفه قانونا يفترض علم الناس به
و لا يقبل منهم الاعتذار بالجهل به . أما العادة الاتفاقية – وهي ليست
قانونا – فلا يفترض علم الافراد بها ، بل و يقــــبل منهم الاعـــــتذار
بالجهل بها.
2 – تطبيق القاضي لها : مادام العرف قانونا فيطبقه القاضي من تلقاء
نفسه و لو لم يطلب الخصوم ذلك ، أما العادة الاتفاقية ـ و هي ليست
قانونا ـ فلا يطبقها القاضي من تلقاء نفسه و لا يتحرى وجودها بنفسه
و انما علي صاحب المصلحة اثبات وجودها .
3 – رقابة المحكمة العليا : مادام العرف قانون فيخضع القاضي لرقابة
المحكمة العليا في تفسيره و تطبيقه ، بعكس العادة الاتفاقية .
# أنواع العرف :
أولا – بالنظر الي نطاق تطبيقه :
1) العرف الاتحادي : هو العرف الذي ينتشر العمل به في جميع
امارات الاتحاد .
2) العرف المحلي : هو العرف الذي لا ينطبق الا في حدود امارة معينة .
ثانياا ـ بالنظر الي نوع العلاقات التي ينظمها :
1) العرف العام : هو العرف الذي ينشأ بتأثير من السلطة العامة في علاقاتها المختلفة كالعرف الاداري و العرف الدستوري و العرف الدولي.
2) العرف الخاص : هو العرف الذي ينشأ بسبب العلاقات الفردية في تعاملاتهم المختلفة ، و من صوره : (أ) العرف الطائفي : الذي ينتشر بين أفراد طبقة معينة أو طائفة معينة مثل طائفة التجار ( العرف التجاري) أو طائفة المزارعين ( العرف الزراعي).
(ب) العرف المهني : الذي يسود علاقات الافراد في مهنة معينة كمهنة الطب ( العرف الطبي) أو مهنة المحاسبة ( العرف المحاسبي) .
# أساس القوة الملزمة للعرف :
تعددت الآراء في هذا الشأن كالآتي :
الرأي الأول : القوة الملزمة للعرف ترجع الي الضمير الجماعي .
مضمون : ضمير الافراد في المجتمع هو الذي أحدث العرف و
من ثم التزموا به بوصفه تعبيرا عن وجدانهم .
نـــــــقد : ضمير الجماعة حجة غير مقنعة الا في المجتمعات
محدودة العدد التي يسود فيها العرف ، بخلاف
المجتمعات الحديثة التي تحتكر الدولة فيها سلطة
التشريع و تجرد الافراد من القدرة علي وضع القانون .
الرأي الثاني : القوة الملزمة للعرف ترجع الي تبني المشرع لأحكامه :
مضمون : فالالزام في العرف يرجع الي تبني المشرع لأحكامه إما
بشكل صريح عندما تحيل أحكام التشريع بصدد واقعة
معينة الي قواعد العرف أو بشكل ضمني عندما يقر
المشرع للقاضي سلطة تقديرية في الرجوع الي قواعد
العرف .
نقـــــد : العرف كمصدر للقانون أسبق من التشريع مما يدل علي أن
للعرف قوة ملزمة ذاتية .
الرأي الثالث : القوة الملزمة للعرف ترجع الي قيام المحاكم بتطبيقه :
مضمون : أساس الزام العرف يرجع الي تبني المحاكم تطبيقه علي
الاقضية المعروضة عليه . فالقضاء ، و إن لم يستحدث
الحكم العرفي ابتداءا ، فإنه يلعب دورا أساسيا في تحديد
مضمونه و تأكيد قوته الملزمة .
نقـــد : القاضي يطبق العرف لأنه ملزم و ليس صحيحا أن القاضي
يمد القاعدة العرفية بالالزام من خلال تطبيقه لها .
الرأي الرابع : القوة الملزمة للعرف ترجع الي مقتضيات الضرورة الاجتماعية:
مضمون : يستمد العرف الزامه من الضرورة الاجتماعية التي تفرض وجوب
اللجوء الي العرف حين يشوب التشريع نقصا في أحكامه .
تقديــر : هذا أصوب الآراء .
# علاقة العرف بالتشريع :
× لا يجوز للقاضي أن يرجع الي العرف الا اذا استنفذ النظر في التشريع بمعناه الواسع الذي يشمل نصوص القانون و أحكام الفقه الاسلامي .
× يلعب العرف وظيفة من الوظائف التالية بالنسبة للتشريع :
1- العرف المكمل للتشريع :
* مضمونه :- رجوع القاضي إلى قواعد العرف لطلب الحكم منها في الحالات التي يخلو فيها التشريع من الحكم المناسب .
* نطاقه :- يكمل العرف نقص التشريع في فروع القانون المختلفة بنسب متفاوتة فمثلا ً يتعاظم دور العرف في القانون الدولي و القانون التجاري و يتضائل في المعاملات المدنية و يندر في القانون الدستوري و الإداري ، و ينعدم في القانون الجنائي حيث يسود مبدأ لا جريمة و لا عقوبة بغير نص تشريعي .
2- العرف المساعد للتشريع :-
* مضمونه :- رجوع القاضي إلى قواعد العرف ليستعين بها في كيفية تطبيق المعايير المرنة الواردة في النص التشريعي بهدف تطبيق حكم النص بأسلوب أكثر ملائمة .
* مثاله :- تنص المادة 567 معاملات مدنية على أن نفقات تسليم الثمن و عقد البيع و تسجيله تكون على المشتري ، و نفقات تسليم المبيع تكون على البائع ، كل ذلك ما لم يوجد اتفاق أو نص في قانون أو عرف يخالفه.
3- العرف المخالف للتشريع :-
* مضمونه :- هو قيام عرف مخالف لقاعدة قانونية مكملة ، على خلاف العرف المخالف لقاعدة قانونية آمرة الذي يبطل العمل به لعدم جواز الاتفاق على خلاف أحكام القواعد الآمرة .
* نطاقه :- الأخذ بمبدأ عدم جواز قيام العرف المخالف للتشريع يتقيد بمجال كل فرع من فروع القانون ، بمعنى أن العرف المدني لا يجوز أن يخالف قاعدة آمرة من قواعد القانون المدني و العرف التجاري لا يجوز أن يخالف قاعدة آمرة من قواعد القانون التجاري ، بينما يجوز أن يخالف عرف تجاري قاعدة آمرة من قواعد القانون المدني.