تونس التي إنتقلت من نظام بن علي الإستبدادي والقهري، إلى نظام ديمقراطي تعددي، بحاجة إلى من يأخذ بيد الفرقاء التنوسيين.
كان نظام بوتفليقة في الجزائر من يقوم بالدور، وأصلح ذات البين كذا مرة بين أعضاء الترويكا الحاكمة وبين راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة والرئيس الراحل قايد السبسي.
ما جعل التعايش ممكنا بين الرجلين وقاعدتيهما الحزبيتين.
واليوم تونس تعيش أزمة سياسية خانقة، لمحاولات قيس سعيد منذ تتويجه رئيسا، الإستحواذ على كامل السلطة.
رغم أنه لا يملك القاعدة الشعبية التي يملكها المعسكر المعارض المتمثل في حركة النهضة والأحراب الأخرى، وتجلى ذلك من خلال نسبة المشاركة الضعيفة التي عرفتها الإنتخابات التشريعية الأخيرة.
وأن عدم الإستقرار السياسي الذي تعرفه تونس إنعكس سلبا على أوضاع تونس والتنوسيين، من أزمة إقتصادية خانقة، وإرتفاع نسبة التضخم، وإرتفاع الأسعار، وإرتفاع نسبة البطالة، أرهقت كاهل التنوسيين.
حتى الهدنة الظرفية بين الحكومة وإتحاد الشغل، الناتجة عن اللقاء الذي جمع الرئيس التنوسي بزعيم الإتحاد بالجزائر بمناسبة إحتفالات الفاتح من نوفمبر، لم يعد لها جود.
وأمام التأييد المطلق الذي يتلقاه الرئيس التنوسي من النظام في الجزائر، يواصل في مشروعه الذي يرمي إلى إستبعاد المعارضة القديمة من المشهد السياسي في تونس، رغم أن هذه الأخيرة متجذرة في أوساط المجتمع التنوسي، خاصة حركة النهضة التي بإمكانها خلق متاعب جمة لديمقراطية قيس سعيد التي يراد تأسيسها.
كان على السلطة في الجزائر الجديدة أن تتبنى نفس سياسة النظام السابق التي قوامها الوقوف على نفس المسافة من الفرقاء التنوسيين والأخذ بيد الجميع وإصلاح ذات البين الذي يطرأ من حين لأخر فيما بينهم، خاصة أن الغنوشي يعد من أصدقاء الجزائر، فهي من مكنته من الهروب من قمع نظام بن علي (رغم أن الجزائر في عهد الشاذلي تجمعها علاقات جيدة بتونس)، ووفرت له الملجأ والحماية إلى أن غادرها إلى لندن.
إن إستقرار الأخت الصغرى تونس من إستقرار الأخت الكبرى الجزائر.
بقلم الأستاذ محند زكريني