بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد عدد ما نرى وعدد الحصى وعدد الثرى وعدد النجوم وعدد ما في الكون، وعدد ما تقول له كن فيكون.
أيها الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
قلت أن الحطاب في الليلة التي أراد أن يأخذ فيها الذئب وجرائه إلى الغابة خطرة له فكرة ، وهي كيف يمكن له من إعادتهم إلى الغابة بغير الذئبة التي سيشتريها من أجل تحريرها لتتكفل بالعناية بصغارها بعد تأكده من أنها هي أم الجراء الذين وجدهم مع الذئب الذكر واستنتج بأن الذئبين ذهبا لصيد بعض الحيوانات لكن أحدهم فر وجرح وكسر والآخر قبض عليه من طرف الصيادين وبذلك قرر أن يسعى سعيه في الحصول على الحطب قبل أن يتصرف هؤلاء الصيادين وينقضوا الاتفاق الذي حصل بينه وبينهم .
وفي صبيحة اليوم الموالي أخذ بغلته وذهب الى تلك الأشجار المحروقة واليابسة الموجودة بالغابة ، وقطع أجزاءا كثيرة منها ثم حملها وعاد بها إلى حيث أراد ولما وصل إلى المكان المراد الوصول إليه وجد الصيادين غيروا موجودين والذئبة ممدودة وتلهث من شدة العطش فأسرع بإنزال الحطب من فوق ظهر دابته واتجه مباشرة إلى باب القفص وفتحه لكن الذئبة لم تتحرك ، واقترب منها وبيده عصا خوفا من أن تكون مازالت في شراستها وسقاها الماء من القنينة التي كانت بحوزته ففتحت الذئبة عيناها وكأنها تشكره حكت رأسها على رجله ، ثم خرج الحطاب و الذئبة ترافقه بخطا ثقيلة ، وقال الآن أبرأت ذمتي وسدد ت ثمنك ، وترك حمل الحطب بالقرب من القفص حتى يعلم الصيادين أن الحطاب هو من أخذ الذئبة ، وعاد الحطاب والذئبة إلى المنزل وباقترابهما رفعت الذئبة أذناها ثم انطلقت مسرعة نحو المنزل وبدوره الذئب الذكر والجراء خرجوا من المنزل برفقة أولاد الحطاب و جرو نحو الذئبة ولما وصلوا إلى بعضهم ارتمى الذئبان على بعضهما وكأنهما يتعانقان والجراء تجري وتقفز على أمهما وما هي إلا لحظات حتى انبطحت وبدأ الجراء برضع أمهم والذئب الذكر جالس عند رأسها ، فوقف الحطاب مندهش من المنظر وأشار لأبنائه بعدم الاقتراب حتى يتفرغ الذئاب من لحظة اللقاء هذه، وانزوى هو وأولاده ونادى زوجته وقال لها ،أنظري أليس هذا منظر تقشعر منه النفس ألم أقل لك من قبل إن أمة الحيوان لها تعاملاتها وحياتها الخاصة وكيفية التعبير عن سرورها وغضبها وكرهها وبغضها ، استمتعوا يا أولادي إن مثل هذه المشاهد لا تدرسوهابالمدارس ولن ترونها بالمناهج ، إنها درس واقعي ومشهد تطبيقي عن الذئاب ، ثم قال لأبنائه هي لندخل إلى المنزل فإن الشمس قربت على المغيب ، ولما أراد الحطاب الدخول إلى البيت هو وزوجته وأولاده لحق به الذئب والجراء وأمهم فالتفت إليهم الحطاب وقال أنتم اليوم أحرارا إن شئتم لبثتم بجواري وإن شئتم ذهبتم وعيشوا حياتكم مع أمثالكم من بني جنسكم ، فجلس الذئب و الذئبة ومدوا أرجلهم إلى الأمام وكأنهم فهموا ما قال ثم استداروا وانطلقوا راكضين نحو الغابة،وجلس الحطاب وعائلته ينظرون إليهم حتى غابوا عن الأنظار،وسمع عويلهم يدوي أرجاء الغابة.
فقال الحطاب الآن قد رحل الذئاب إلى موطنهم الأصلي وقد نجوا من كيد الصيادين و نحن لابد لنا من توسيع البيت وشراء بعض الخراف والماعز والدجاج وزرع بعض الحبوب والأشجار لنستعين بها في عيشنا ولن نتخلى عن إحضار الحطب وبيعه،وباتت كل العائلة ساهرة وكل يروي ما حدث معه بشأن ترويض الذئاب .
وفي اليوم الموالي ذهب الحطاب إلى سوق المدينة كي يشتري بعض الخراف والحبوب ليزرعها، وإذا بأحد الصيادين يقف أمامه والشر باد على وجهه فابتسم الحطاب وقال له وهذا ما سنراه في الجزء الرابع من قصة الحطاب والذئب .
وللقصة تتمة أيها الأحبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم المهذب.