فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 11 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-02-05, 15:38   رقم المشاركة : 151
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من هم اليهود والنصارى الذين يدخلون الجنة

السؤال

كيف نجمع بين قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ

وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ( وبين أن من لم يؤمن من اليهود والنصارى بالإسلام فلن يدخل الجنة ؟.


الجواب


الحمد لله

الآية التي أشرت إليها في سؤالك مذكورة في موضعين متشابهين من كتاب الله

فالأول هو قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ(62) سورة البقرة

والثاني هو قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ ءامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ(69) سورة المائدة

وحتى نفهم المراد من الآيتين فهما صحيحا فلا بدّ أن نرجع إلى علماء التفسير ، قال الإمام الكبير إسماعيل بن كثير رحمه الله في تفسير آية البقرة :

نبه تعالى على أن من أحسن من الأمم السالفة وأطاع فإن له جزاء الحسنى وكذلك الأمر إلى قيام الساعة كل من اتبع الرسول النبي الأمي فله السعادة الأبدية ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه

ولا هم يحزنون على ما يتركونه ويخلّفونه كما قال تعالى "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"

وكما تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار في قوله "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون" ..

فكان إيمان اليهود أنه من تمسك بالتوراة وسنة موسى عليه السلام حتى جاء عيسى فلما جاء عيسى كان من تمسك بالتوراة وأخذ بسنة موسى فلم يدعها ولم يتبع عيسى كان هالكا

وإيمان النصارى أن من تمسك بالإنجيل منهم وشرائع عيسى كان مؤمنا مقبولا منه حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم فمن لم يتبع محمدا صلى الله عليه وسلم منهم ويدع ما كان عليه من سنة عيسى والإنجيل كان هالكا.

( وقوله تعالى ) "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" ..

إخبار عن أنه لا يقبل من أحد طريقة ولا عملا إلا ما كان موافقا لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثه به فأما قبل ذلك فكل من اتبع الرسول في زمانه فهو على هدى وسبيل ونجاة فاليهود

أتباع موسى عليه السلام والذين كانوا يتحاكمون إلى التوراة في زمانهم .

. فلما بعث عيسى صلى الله عليه وسلم وجب على بني إسرائيل اتباعه والانقياد له فأصحابه وأهل دينه هم النصارى .. فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم خاتما للنبيين ورسولا إلى بني آدم

على الإطلاق وجب عليهم تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر والانكفاف عما عنه زجر وهؤلاء هم المؤمنون حقا وسميت أمة محمد صلى الله عليه وسلم مؤمنين

لكثرة إيمانهم وشدة إيقانهم ولأنهم يؤمنون بجميع الأنبياء الماضية والغيوب الآتية .

ثم قال رحمه الله في تفسير آية المائدة :

والمقصود أن كل فرقة آمنت بالله وباليوم الآخر وهو الميعاد والجزاء يوم الدين وعملت عملا صالحا ولا يكون ذلك كذلك حتى يكون موافقا للشريعة المحمدية بعد إرسال صاحبها المبعوث

إلى جميع الثقلين فمن اتصف بذلك فلا خوف عليهم فيما يستقبلونه ولا على ما تركوا وراء ظهورهم ولا هم يحزنون .

: الشيخ محمد صالح المنجد








 


قديم 2019-02-05, 15:41   رقم المشاركة : 152
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من ضلالات اليهود في العقيدة

السؤال

نحن نعلم أين وقع الخطأ عند النصارى, فأين وقع الخطأ عند اليهود؟.

الجواب

الحمد لله

لاشك أن ما وقع فيه اليهود أعظم مما وقع فيه النصارى وإن كان كلاهما على خطأ وكفر وفي القرآن ذِكر لعدد من ضلالات اليهود الكفرية .

1. فمنهم طائفة يدعون أن لله ولدا كما قال تعالى : وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهؤون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون [ التوبة / 30 ] .

2. وقد وصفوا الله بالنقائص ، وقتلوا أنبياء الله ورسله كما قال الله تعالى : وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء [ المائدة / 64 ]

وقال تعالى : لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق [ آل عمران / 181 ] .

3. وقد حرفوا كلام الله وهي التوراة ، قال الله تعالى : فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه [ المائدة / 13 ]

وقال تعالى : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون [ البقرة / 79 ] .

4. وقد استحقوا لعنة الله ، وذلك بسبب ما ذكره الله عنهم

بقوله تعالى : لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون [ المائدة / 78 ] .

وأما افتراءهم على أنبيائهم فكثير ومن ذلك

1- نسبت اليهود الردة إلى نبي الله " سليمان " وأنه عبد الأصنام كما في " سفر الملوك " الإصحاح 11 / عدد 5 .

2- نسبت اليهود إلى " لوط " عليه السلام شرب الخمر وأنه زنى بابنتيه كما في " سفر التكوين " الإصحاح 19 / العدد 30 .

3- ونسبت اليهود السرقة إلى نبي الله " يعقوب " كما في " سفر التكوين " الإصحاح 31 / العدد 17 .

4- ونسبت اليهود الزنى إلى نبي الله " داود " فوُلد له " سليمان " كما في " سفر صموئيل الثاني " الإصحاح 11 العدد / 11 .

إلى غير ذلك قبحهم الله وأخزاهم .

وقد لعنهم الله ورسوله من أجل مخازيهم الكثيرة في عدد من المواضع في الكتاب والسنة ومن ذلك :

( وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلا مَا يُؤْمِنُونَ(88)

وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ(89) )

( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا(46)

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ءَامِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا(47) )

( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ )

( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ(60) )

( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ

وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ(64) )

وقال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ

وقال : لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا . والحديثان في صحيح الإمام البخاري

وقد أحسن ابن القيم -رحمه الله -في وصفهم إذ يقول :

فالأمة الغضبية هم : اليهود أهل الكذب ، والبهت ، والغدر ، والمكر ، والحيل ، قتلة الأنبياء، وأكلة السحت وهو الربا والرشا ، أخبث الأمم طوية ، وأرداهم سجية ، وأبعدهم من الرحمة، وأقربهم من النقمة

عادتهم البغضاء ، وديدنهم العداوة والشحناء ، بيت السحر والكذب والحيل ، لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم الأنبياء حرمة ، ولا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة ، ولا لمن وافقهم حق ولا شفقة

ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نصفة ، ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة ، ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة ، بل أخبثهم : أعقلهم ، وأحذقهم : أغشهم

وسليم الناصية - وحاشاه أن يوجد بينهم - : ليس بيهودي على الحقيقة ، أضيق الخلق صدورا ، وأظلمهم بيوتا ، وأنتنهم أفنية ، وأوحشهم سجية ، تحيتهم لعنة ، ولقاؤهم طيرة ، شعارهم : الغضب ، ودثارهم : المقت .

" هداية الحيارى " ( ص 8 ) .

وهذا غيض من فيض ومن يبحث يجد الكثير من مخازيهم وأنواع كفرهم وانحلالهم نسأل الله أن يكبتهم ويخزيهم ويذلّهم ويهزمهم وينصر المسلمين عليهم عاجلا غير آجل وصلى الله على نبينا محمد

. والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2019-02-05, 15:47   رقم المشاركة : 153
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

"الأعلى" و "الأكرم" و "الإله" و "الأول" من أسماء الله الحسنى .

السؤال

ما معنى هذه الأسماء الحسنى لله تعالى : " الأعلى" ، "الأكرم" ، "الإله" ، "الأول"؟


الجواب

الحمد لله

قال تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) الأعلى/ 1 .

وقال تعالى : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) العلق/ 3 .

وقال تعالى :( إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) النساء/ 171 .

وقال تعالى :(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الحديد/ 3 .

و"الأعلى" الذي له العلو المطلق من كل وجه : علو الذات ، وعلو الصفات ، وعلو القهر والغلبة.

و"علو الذات" أي أنه سبحانه عالٍ بذاته على كل الخلق ، مستوٍ على عرشه ، فوق جميع مخلوقاته .

و"علو الصفات " أنه موصوف بكل كمال ، ومنزه عن كل نقص .

و"علو القهر والغلبة" أنه قد قهر كل شيء وغلبة ، وخضع له كل شيء .

قال ابن القيم رحمه الله :

" أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى ، وَنَطَقَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ ، فلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعُلُوُّ مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الْعُلُوِّ ; لِأَنَّ الْعُلُوَّ صِفَةُ مَدْحٍ ، فَثَبَتَ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عُلُوَّ الذَّاتِ وَعُلُوَّ الصِّفَاتِ وَعُلُوَّ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ "

انتهى من " اجتماع الجيوش الإسلامية " (2/ 182) .

وقال السعدي رحمه الله :

" العلي الأعلى" : وهو الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه ، علو الذات، وعلو القدر والصفات

وعلو القهر ، فهو الذي على العرش استوى ، وعلى الملك احتوى. وبجميع صفات العظمة والكبرياء والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف ، وإليه فيها المنتهى " .

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 946) .

و "الأكرم" ، كثير الكرم ، واسع الإحسان إلى خلقه ، قال الخطابي رحمه الله :

" هُوَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ ، لَا يُوَازِيهِ كَرِيمٌ ، وَلَا يُعَادِلُهُ فِيهِ نَظِيرٌ .." .

انتهى من "الأسماء والصفات" للبيهقي (1/ 148) .

وقال أبو حيان رحمه الله :

" الْأَكْرَمُ صِفَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَرَمِ ، إِذْ كَرَمُهُ يَزِيدُ عَلَى كُلِّ كَرَمٍ ، يُنْعِمُ بِالنِّعَمِ الَّتِي لَا تُحْصَى ، وَيَحْلُمُ عَلَى الْجَانِي ، وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ ، وَيَتَجَاوَزُ عَنِ السَّيِّئَةِ " .

انتهى من " البحر المحيط " (10/ 507) .

وليس الكرم خاصا بالإعطاء ، وإنما "الكرم" في اللغة هو الحسن ، فالله هو "الأكرم" : أي الأحسن والأكمل في صفاته
.
وقال السعدي رحمه الله :

" [الأكرم] أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان ، واسع الجود "
.
انتهى من " تفسير السعدي " (ص 930) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"قَوْلُهُ : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) . سَمَّى وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِالْكَرَمِ ، وَبِأَنَّهُ الْأَكْرَمُ بَعْدَ إخْبَارِهِ أَنَّهُ ، خَلَقَ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يُنْعِمُ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ، وَيُوصِلُهُمْ إلَى الْغَايَاتِ الْمَحْمُودَةِ .
..
وَلَفْظُ الْكَرَمِ لَفْظٌ جَامِعٌ لِلْمَحَاسِنِ وَالْمَحَامِدِ. لَا يُرَادُ بِهِ مُجَرَّدَ الْإِعْطَاءِ ، بَلْ الْإِعْطَاءُ مِنْ تَمَامِ مَعْنَاهُ ، فَإِنَّ الْإِحْسَانَ إلَى الْغَيْرِ تَمَامُ الْمَحَاسِنِ . وَالْكَرَمُ كَثْرَةُ الْخَيْرِ ، وَيَسْرَتُهُ....

وَالشَّيْءُ الْحَسَنُ الْمَحْمُودُ : يُوصَفُ بِالْكَرْمِ .

قَالَ تَعَالَى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا إلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) . قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: مِنْ كُلِّ جِنْسٍ حَسَنٍ .

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الزَّوْجُ : النَّوْعُ ، وَالْكَرِيمُ الْمَحْمُودُ . وَقَالَ غَيْرُهُمَا (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) : صِنْفٌ وَضَرْبٌ ، (كَرِيم) حَسَن مِنْ النَّبَاتِ، مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ. يُقَالُ: " نَخْلَةٌ كَرِيمَةٌ " إذَا طَابَ حَمْلُهَا ، و" نَاقَةٌ كَرِيمَةٌ " إذَا كَثُرَ لَبَنُهَا.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ الْأَكْرَمُ بِصِيغَةِ التَّفْضِيلِ ، وَالتَّعْرِيفِ لَهَا ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْأَكْرَمُ وَحْدَهُ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ " وَرَبُّك أَكْرَمُ ". فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ .

وَقَوْلُهُ : (الْأَكْرَمُ) يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ. وَلَمْ يَقُلْ " الْأَكْرَمُ مِنْ كَذَا " ؛ بَلْ أَطْلَقَ الِاسْمَ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ الْأَكْرَمُ مُطْلَقًا ، غَيْرَ مُقَيَّدٍ ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِغَايَةِ الْكَرَمِ الَّذِي لَا شَيْءَ فَوْقَهُ ، وَلَا نَقْصَ فِيهِ .

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ : ثُمَّ قَالَ لَهُ تَعَالَى : ( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) عَلَى جِهَةَ التَّأْنِيسِ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: امْضِ لِمَا أُمِرْت بِهِ ، وَرَبُّك لَيْسَ كَهَذِهِ الْأَرْبَابِ ، بَلْ هُوَ الْأَكْرَمُ الَّذِي لَا يَلْحَقُهُ نَقْصٌ ، فَهُوَ يَنْصُرُك وَيُظْهِرُك .

قُلْت : وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: " لَا يُهْدِيَنَّ أَحَدُكُمْ لِلَّهِ مَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَهْدِيَهُ لِكَرِيمِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ الْكُرَمَاءِ ".

أَيْ هُوَ أَحَقُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِالْإِكْرَامِ ، إذْ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ؛ فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لَأَنْ يُجَلَّ وَلَأَنْ يُكْرَمَ . وَالْإِجْلَالُ يَتَضَمَّنُ التَّعْظِيمَ وَالْإِكْرَامُ يَتَضَمَّنُ الْحَمْدَ وَالْمَحَبَّة َ"

انتهى من " مجموع الفتاوى " (16/293- 296) .

و"الإله" يعني المألوه المعبود ، المستحق للألوهية والعبادة وحده ، وإنما سميت الأوثان آلهة لأن المشركين يعبدونها من دون الله ، ويزعمون أنها تستحق ذلك، ولفظ الجلالة : "الله" أصل اشتقاقه: "الإله"

قال ابن القيم رحمه الله :

" الإله : هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، فيدخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى، ولهذا كان القول الصحيح أن "الله" أصله "الإله" ، كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ منهم

وأن اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى "

انتهى من " بدائع الفوائد " (2/ 249) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الله: عَلَمٌ على الرَّبِّ عزّ وجل ، وأصلُه: الإله، لكن حُذفت الهمزةُ تخفيفاً؛ لكثرة الاستعمال، "إله" بمعنى: مألوه ، والمألوه: هو المعبود محبَّة وتعظيماً "

انتهى من " الشرح الممتع " (3/ 56) .

و "الأول" أي : الذي ليس قبله شيء .

وهو اسم يدل على تفرّد الرب بالكمال المطلق ، والإحاطة الزمانية ، وأن كل ما سواه حادث كائن بعد أنْ لم يكن .
روى مسلم (2713) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" أنه كان إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ: (اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ

أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" قال تعالى: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ) ، (الأول) أي: ليس قبله شيء ،لأنه لو كان قبله شيء

لكان الله مخلوقاً وهو عز وجل الخالق ، ولهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الأول بأنه الذي ليس قبله شيء ، كل الموجودات بعد الله عز وجل ، لا أحد مع الله ولا قبل الله "

انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (208/ 4) بترقيم الشاملة .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-05, 15:52   رقم المشاركة : 154
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

قوله تعالى : ( لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ) هل معناه ينسى ويذهب من عقله كل شيء؟

السؤال

سؤالي متعلق بالآيتين الكريمتين:

(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)

وقوله تعالى : ( لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا )

هل المقصود بعدم العلم هنا أنّ الإنسان ينسى كل العلم الذي لديه ؟ أم أنه ينسى بعض العلم الذي لديه ؟

فأنا اعتقد أنّ الإنسان لا ينسى كل شيء ، وهل الآيتين تشيران إلى نفس المعنى ؟

وما هي أقوال أهل العلم في تفسير هذه الآيات ؟

وهل كلمة "شيئا" في الآية تشير إلى الجزء أم إلى الكل ؟


الجواب

الحمد لله

قال الله عز وجل : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) النحل/ 70 .

وقال تعالى : ( وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ) الحج/ 5 .

قال الطبري رحمه الله :

" يقول تعالى ذكره : والله خلقكم أيها الناس ، وأوجدكم ، ولم تكونوا شيئا، لا الآلهة التي تعبدون من دونه، فاعبدوا الذي خلقكم دون غيره ، ثم يقبضكم .

ومنكم من يهرم ، فيصير إلى أرذل العمر، وهو أردؤه ، وإنما نردّه إلى أرذل العمر ليعود جاهلا

كما كان في حال طفولته وصباه ، يقول: لئلا يعلم شيئا بعد علم كان يعلمه في شبابه ، فذهب ذلك بالكِبَر ، ونُسي ، فلا يعلم منه شيئا، وانسلخ من عقله ، فصار من بعد عقل كان له ، لا يعقل شيئا " انتهى مختصرا .

وقال السعدي رحمه الله :

" يخبر تعالى أنه الذي خلق العباد ونقلهم في الخِلقة، طورا بعد طور، ثم بعد أن يستكملوا آجالهم يتوفاهم

ومنهم من يُعَمِّره حتى يُرَدّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، أي: أخسه ، الذي يبلغ به الإنسان إلى ضعف القوى الظاهرة والباطنة، حتى العقل الذي هو جوهر الإنسان ، يزيد ضعفه

حتى إنه ينسى ما كان يعلمه، ويصير عقله كعقل الطفل "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 444) .

وقال الزجاج رحمه الله:

" المعنى: أن منكم من يَكْبُرُ ، حتى يذهب عقله خَرَفاً، فيصير بعد أن كان عالماً جاهلاً، ليريَكم من قدرته ، كما قَدِر على إِماتته وإِحيائه ، أنه قادر على نقله من العلم إِلى الجهل " .

انتهى من " زاد المسير "(2/ 571).

فالمقصود : أن الله تعالى ينقل العباد من جهل إلى علم، ثم من علم إلى جهل، ومن ضعف إلى قوة، ثم من قوة إلى ضعف .

والناس يتفاوتون في مقدار ذلك الجهل الذي ينقلون إليه ، فمنهم من يُطْبِق عليه الخرف ، فلا يعلم شيئا ، مطلقا ، ومنهم من لا يكاد يعلم شيئا ، ومنهم من يعلم الشيء بعد الشيء ، إلا أن الجهل وعدم العلم هو الغالب عليه .

والمراد بقوله تعالى : (لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا): بيان غلبة الجهل من بعد العلم ، لا انتفاء العلم بالكلية بالنسبة لكل من أدرك هذه المرحلة ، فنفى العلم للمبالغة .

ولذلك قال : (وَمِنْكُمْ) إشارة إلى أنه ليس كل من كبر وشاخ ، يُردّ إلى أرذل العمر ، بل من هؤلاء من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا ، ومنهم من يكبر فيحفظ الله عليه عقله وسمعه وبصره .

قال ابن جزي رحمه الله :

"وليس المراد نفي العلم بالكلية ، بل ذلك عبارة عن قلة العلم ، لغلبة النسيان" .

انتهى من " تفسير ابن جزي " (1/ 431) .

وقال الرازي رحمه الله :

" فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ قَالَ: لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ، مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ كَالطِّفْلِ؟

قُلْنَا : الْمُرَادُ أَنَّهُ يَزُولُ عَقْلُهُ ، فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا، لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ قَدْ يُذْكَرُ فِي النَّفْيِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ "

انتهى من " تفسير الرازي " (23/ 205) .

وقال ابن عاشور رحمه الله :

" وَلِذَلِكَ مَرَاتِبُ فِي ضَعْفِ الْعَقْلِ ، بِحَسَبِ تَوَغُّلِهِ فِي أَرْذَلِ الْعُمُرِ، تَبْلُغُ إِلَى مَرْتَبَةِ انْعِدَامِ قَبُولِهِ لِعِلْمٍ جَدِيدٍ، وَقَبْلَهَا مَرَاتِبُ مِنَ الضَّعْفِ مُتَفَاوِتَةٌ، كَمَرْتَبَةِ نِسْيَانِ الْأَشْيَاءِ، وَمَرْتَبَةِ الِاخْتِلَاطِ بَيْنَ الْمَعْلُومَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ "

انتهى من " التحرير والتنوير " (17/ 202) .

والحاصل :

أن الآيتين ليس فيهما أن كل من كبرت سنه ، كان بهذه الحالة من "أرذل العمر" ؛ بل فيهم أن طائفة ممن يُعَمَّر ، هي التي ترد إلى أرذل العمر ، ويكون بهذه الحالة من نسيان ما كان يعلمه من قبل .

ثم إن هذا النسيان ، وهذا الرد إلى أرذل العمر : درجات ، يتفاوت أهله فيه ؛ فمنهم من ينسى ما كان يعلمه بالكلية ، ومنهم هو دون ذلك ، وهذا أمر معروف ومشهور.

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-02-07, 15:17   رقم المشاركة : 155
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تفسير قوله تعالى : ( فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) .

السؤال

ما تفسير قوله تعالى : ( فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) ؟

أي هذين القولين أرجح في تفسيرها ، أن نبي الله سليمان عليه السلام مسح على أعناق الخيل وربت عليها حبا لها ورفقا بها ، والثاني أنه ضرب أعناقها بالسيف ؟


الجواب

الحمد لله

قال الله عز وجل :( وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) ص/ 30 – 33

أما المراد بوصف خيول نبي الله سليمان عليه السلام ، بأنها (الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ): فقَالَ مُجَاهِدٌ :

" هِيَ الَّتِي تَقِفُ عَلَى ثَلَاثٍ وَطَرَفِ حَافِرِ الرَّابِعَةِ ، وَالْجِيَادُ: السِّرَاعُ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ ". انتهى من " تفسير ابن كثير" (7/ 64) .

وقد اختلف أهل العلم بالتفسير في تفسير قوله تعالى : ( فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ) : هل المراد بذلك أنه ضرب رقابها ، وعرقب سوقها بالسيف ، لما شغلته عن ذكر ربه

كما هو المشهور في تفسير الآية عن أهل العلم .

أو المراد : أنه مسحها بيده ؛ حبا لها .

قال القرطبي رحمه الله :

" فِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أَقْبَلَ يَمْسَحُ سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا بِيَدِهِ ، إِكْرَامًا مِنْهُ لَهَا، وَلِيُرِيَ أَنَّ الْجَلِيلَ لَا يَقْبُحُ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا بِخَيْلِهِ ، وَقَالَ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ: كَيْفَ يَقْتُلُهَا؛ وَفِي ذَلِكَ إِفْسَادُ الْمَالِ ، وَمُعَاقَبَةُ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ؟

وَقِيلَ: الْمَسْحُ ها هنا هُوَ الْقَطْعُ ؛ أُذِنَ لَهُ فِي قَتْلِهَا.

وقَالَ الْحَسَنُ وَالْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: عَقَرَهَا بِالسَّيْفِ ، قُرْبَةً لِلَّهِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُعَاقَبَةً لِلْأَفْرَاسِ

إِذْ ذَبْحُ الْبَهَائِمِ جَائِزٌ إِذَا كَانَتْ مَأْكُولَةً ، بَلْ عَاقَبَ نَفْسَهُ حَتَّى لَا تَشْغَلَهُ الْخَيْلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ الصَّلَاةِ ، وَلَعَلَّهُ عَرْقَبَهَا لِيَذْبَحَهَا ، فَحَبَسَهَا بِالْعَرْقَبَةِ عَنِ النِّفَارِ، ثُمَّ ذَبَحَهَا فِي الْحَالِ

لِيَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا، أَوْ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا فِي شَرْعِهِ ، فَأَتْلَفَهَا لَمَّا شَغَلَتْهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، حَتَّى يَقْطَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَشْغَلُهُ عَنِ اللَّهِ ، فَأَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَذَا، وَبَيَّنَ أَنَّهُ أَثَابَهُ بِأَنْ سَخَّرَ لَهُ الرِّيحَ " .

انتهى باختصار من " تفسير القرطبي " (15/ 195) .

وينظر : " التحرير والتنوير " لابن عاشور (23/ 257) .

واختار القول الثاني ـ أنه مسحها بيده ، حبا لها ـ من المحققين : ابن جرير الطبري ، رحمه الله ، ونقله في تفسيره عن ابن عباس . قال :

" وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن عباس أشبه بتأويل الآية ، لأن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يكن

إن شاء الله ـ ليعذب حيوانًا بالعرقبة ، ويهلك مالا من ماله بغير سبب، سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها، ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر إليها " انتهى .

انظر: " تفسير الطبري " (21/ 195-196)

وتعقبه ابن كثير رحمه الله ، بأنه لا يلزمه من ضرب أعناقها بالسيف ، أن يكون ذلك إفسادا محضا .

فقال رحمه الله :

" هَذَا الَّذِي رَجَّحَ بِهِ ابْنُ جَرِيرٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي شَرْعِهِمْ جَوَازُ مِثْلِ هَذَا ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ غَضَبًا لله عز وجل

بسبب أنه اشْتَغَلَ بِهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ ؛ وَلِهَذَا لَمَّا خَرَجَ عَنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى عَوَّضَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا وَهِيَ الرِّيحُ الَّتِي تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ، غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ، فَهَذَا أَسْرَعُ وَخَيْرٌ مِنَ الْخَيْلِ .

وقد روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عن رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ، قالُ: أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ، فجعل يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ: ( إِنَّكَ لَا تَدَعُ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ) "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (7/ 65) .

وانتصر لهذا القول بقوة أيضا : الشوكاني في تفسيره

فقال رحمه الله :

" قَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَسْحُ هُنَا الْقَطْعُ ، قَالَ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَقْبَلَ يَضْرِبُ سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ سَبَبَ فَوْتِ صَلَاتِهِ

وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ ، وَجَائِزٌ أَنْ يُبَاحَ ذلك لسليمان ويحظر فِي هَذَا الْوَقْتِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: الْمُرَادُ بِالْمَسْحِ مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَسْحُ عَلَى سُوقِهَا وَأَعْنَاقِهَا لِكَشْفِ الْغُبَارِ عَنْهَا حُبًّا لَهَا

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أولى بسياق الكلام ، فإنه ذكر أنه آثرها عَلَى ذِكْرِ رَبِّهِ حَتَّى فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِرَدِّهَا عَلَيْهِ لِيُعَاقِبَ نَفْسَهُ بِإِفْسَادِ مَا أَلْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَمَا صَدَّهُ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ

وَشَغَلَهُ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَاسِبُ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْ رَدِّهَا عَلَيْهِ هُوَ كَشْفُ الْغُبَارِ عَنْ سُوقِهَا وَأَعْنَاقِهَا بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا بِيَدِهِ أَوْ بثوبه، ولا متمسك لمن قال: إن إفساد

المال لا يصدر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فإن هذا مجرّد استبعاد بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ الْمُتَقَرِّرُ فِي شَرْعِنَا، مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي شَرْعِ سُلَيْمَانَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا مُبَاحٌ .

عَلَى أَنَّ إِفْسَادَ الْمَالِ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي شَرْعِنَا : إِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ إِضَاعَتِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ

وَأَمَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ ، فَقَدْ جَازَ مِثْلُهُ فِي شَرْعِنَا، كَمَا وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِكْفَاءِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَتْ مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ

وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ إِحْرَاقِ طَعَامِ الْمُحْتَكِرِ " .

انتهى من " فتح القدير " (4/ 495) .

وهو ـ أيضا ـ اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؛ قال : " لَمَّا فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ بِسَبَبِ الْخَيْلِ ، طَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ، فَعَقَرَهَا كَفَّارَةً لِمَا صَنَعَ "

انتهى من " منهاج السنة النبوية " (5/ 231) .

واختاره : تلميذه ابن القيم ، رحمه الله

كما في " مدارج السالكين " (3/ 48)

والسعدي في تفسيره (712) ، وابن عثيمين ، وحكاه عن أكثر المفسرين

كما في " اللقاء الشهري " (39/ 33) بترقيم الشاملة .

وحكى ابن الجوزي الخلاف فيه على ثلاثة أقوال، قال : "والمفسِّرون على القول الأول" ، أي : أنه قطع أعناقها وسوقها بالذبح .

ينظر : " زاد المسير " لابن الجوزي ، (3/ 572) .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-07, 15:21   رقم المشاركة : 156
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أثر ضعيف عن عمر في تفسير قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى).

السؤال


ما صحة التفسير المنسوب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لقوله تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى )‏ بأنهم الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها ؟

الجواب

الحمد لله

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (7/ 344):

" قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَال َ: كُتِبَ إِلَى عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، رَجُلٌ لَا يَشْتَهِي الْمَعْصِيَةَ ، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَفْضَل ُ

أَمْ رَجُلٌ يَشْتَهِي الْمَعْصِيَةَ وَلَا يَعْمَلُ بِهَا؟ فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَهُونَ الْمَعْصِيَةَ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهَا (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ".

وهذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم ثقات ، ولكن مجاهد ، وهو ابن جبر ، لم يسمع من عمر رضي الله عنه ،

توفي عمر سنة ثلاث وعشرين "التقريب" (ص412) وتوفي مجاهد سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة .

"التقريب" (ص520) .

وقال أبو زرعة: مجاهد عن علي مرسل، وقال أبو حاتم: مجاهد عن سعد ومعاوية وكعب بن عجرة مرسل

وقال البرديجي: روى مجاهد عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو . وقيل : لم يسمع منهما، ولم يسمع من أبي سعيد ، ولا من رافع بن خديج.

"تهذيب التهذيب " (10 /40 ).

فإذا كان لم يسمع من هؤلاء ، فلم يسمع من عمر ، لأنه مات قبلهم جميعا .

قال ابن أبي حاتم رحمه الله ، في "المراسيل" (204) :

" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شُعَيْبٍ نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا دَاودَ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ شُعْبَةَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ ، فَقَالَ شُعْبَةُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ؛ هَهُنَا .

فَجَلَسَ ، فَقَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: (سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ).

فَجَعَلَ شُعْبَةُ يَقُولُ : مُجَاهِدُ سَمِعَ عُمَرَ ؟!!

فَقَامَ الْحَسَنُ ، فَذَهَبَ " !! .

وينظر : " تحفة التحصيل" للعلائي (294-295) .

ولذلك أعله ابن كثير رحمه الله ، فساقه بإسناده في "الفاروق" له (866) ثم قال : " فيه انقطاع " انتهى .

والله أعلم.









قديم 2019-02-07, 15:28   رقم المشاركة : 157
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا لا يوفق الجميع للتوبة مع أن بابها مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها؟

السؤال

هناك حديث صحيح يقول : بالمغرب باب مفتوح للتوبة مسيرته سبعون سنة لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها ، ومع ذلك يأتي القرآن ليخبر أبا لهب فى سور المسد

وبعض المنافقين فى سورة التوبة (فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ) أنهم من أهل النار ، فالآية واضحة بشأن أبى لهب والمنافقين كذلك

فالله يقول إنه أعقبهم نفاقا ليوم يلقونه ، وهذا معناه أن الله سلبهم التوبة، وأغلق باب التوبة فى وجوههما ، فكيف أوفق بين الحديث الشريف الذى يخبرنا أن باب التوبة مفتوح

وبين الآيات الكريمة التى تبين أن الله أغلق باب التوبة فى وجه إبليس وأبى لهب والمنافقين فى سورة التوبة ؟

وهل يمكن أن يحدث أن يغلق الله باب التوبة فى وجه أحد فى عصرنا هذا ويومنا هذا مثلما فعل مع أبى لهب وبعض منافقى عهد نبينا عليه الصلاة والسلام ؟


الجواب

الحمد لله

روى مسلم (2759) عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ).

فباب التوبة مفتوح ، ويتوب الله على من تاب ، بل يفرح الرب تعالى بتوبة عبده ، ويكفر عنه ذنوبه ، ولو بلغت عنان السماء .

ولكن هناك من الناس من علم الله عنهم أنهم لن يتوبوا ، فأخبر عنهم ـ وهم في الحياة الدنيا ـ بأنهم من أصحاب النار ، كما في قصة أبي لهب .

وكما روى مسلم (2897) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ

فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ

فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُم ْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ... ) .

قال القاري رحمه الله :

" ( فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا ) كِنَايَةٌ عَنْ مَوْتِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ، وَتَعْذِيبِهِمْ عَلَى التَّأْبِيدِ "

انتهى من " مرقاة المفاتيح " (8/ 3412).

وكما روى مسلم أيضا (2779) ( فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا، حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ، ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ، سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ ، حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ ) .

فمثل هؤلاء علم الله تعالى أنهم لن يتوبوا ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بذلك ، وأنهم لا يوفقون إلى التوبة ، ولا يمنع ذلك أن يكون باب التوبة مفتوحا ، ولكن هؤلاء لا يصلون إليه ، ولا يؤذن لهم في دخوله .

ذلك بأن الله تعالى يعلم خلقه ، وما هم عليه : (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ) ، ويعلم أهل الإيمان منهم من أهل الكفر ، ويعلم من يستحق التوبة ممن لا يستحقها ، ويهدي من يشاء ويضل من يشاء ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون .

قال ابن القيم رحمه الله :

" وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَإِن أضلّ من شَاءَ وَقضى بالمعصية والغي على من شَاءَ فَذَلِك مَحْض الْعدْل فِيهِ لِأَنَّهُ وضع الإضلال والخذلان فِي مَوْضِعه اللَّائِق بِهِ ، كَيفَ وَمن أَسْمَائِهِ الْحسنى الْعدْل ،

الَّذِي كل أَفعاله وَأَحْكَامه سداد وصواب وَحقّ ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ قد أوضح السبل وَأرْسل الرُّسُل وَأنزل الْكتب وأزاح الْعِلَل ومكّن من أَسبَاب الْهِدَايَة وَالطَّاعَة بالأسماع والأبصار والعقول وَهَذَا عدله

ووفّق من شَاءَ بمزيد عناية وَأَرَادَ من نَفسه أَن يُعينهُ ويوفّقه فَهَذَا فَضله

وخذل من لَيْسَ بِأَهْل لتوفيقه وفضله وخلى بَينه وَبَين نَفسه وَلم يرد سُبْحَانَهُ من نَفسه أَن يوفّقه فَقطع عَنهُ فَضله وَلم يحرمه عدله ، وَهَذَا نَوْعَانِ : أَحدهمَا

: مَا يكون جَزَاء مِنْهُ للْعَبد على إعراضه عَنهُ وإيثار عدوه فِي الطَّاعَة والموافقة عَلَيْهِ وتناسي ذكره وشكره فَهُوَ أهل أَن يَخْذُلهُ ويتخلى عَنهُ . وَالثَّانِي

: أَن لَا يَشَاء لَهُ ذَلِك ابْتِدَاء لما يعلم مِنْهُ أَنه لَا يعرف قدر نعْمَة الْهِدَايَة وَلَا يشكره عَلَيْهِ وَلَا يثني عَلَيْهِ بهَا وَلَا يُحِبهُ فَلَا يشاؤها لَهُ لعدم صَلَاحِية مَحَله قَالَ تَعَالَى

: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ) وَقَالَ :

(وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسمعهم) فَإِذا قضى على هَذِه النُّفُوس بالضلال وَالْمَعْصِيَة كَانَ ذَلِك مَحْض الْعدْل

كَمَا إِذا قضى على الحيّة بِأَن تقتل ، وعَلى الْعَقْرَب وعَلى الْكَلْب الْعَقُور كَانَ ذَلِك عدلا فِيهِ ، وَإِن كَانَ مخلوقا على هَذِه الصّفة" انتهى من "الفوائد" (25) .

وقد حكى الله تعالى اعتراض الكفار ، واستهزاءهم ، مما قضاه الله تعالى ، وأنعم به على المستضعفين من عباده المؤمنين ، فقالوا : كيف يكون هؤلاء أهلا لخيرٍ ، وهدىً ، ويحرم منه سادات قريش ، وصناديدها ؟!

فأجاب الله تعالى عن ذلك ، وأن الأمر ليس بالصور التي اغتر بها المشركون

إنما مرده إلى علم الله تعالى وحكمته .

قال الله تعالى : ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) الأنعام/53.

قال ابن كثير رحمه الله :

" أَيْ: أَلَيْسَ هُوَ أَعْلَمُ بِالشَّاكِرِينَ لَهُ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ، فَيُوَفِّقُهُمْ وَيَهْدِيهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ، وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا

كَمَا قَالَ تَعَالَى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [الْعَنْكَبُوتِ: 69] "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/261) .

وقال تعالى : ( وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) الأنعام/124 .

قال ابن القيم رحمه الله :

" أَيْ: لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ أَهْلًا وَلَا صَالِحًا لِتَحَمُّلِ رِسَالَتِهِ ، بَلْ لَهَا مَحَالُّ مَخْصُوصَةٌ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِهَا، وَلَا تَصْلُحُ إِلَّا لَهَا

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهَذِهِ الْمَحَالِّ مِنْكُمْ. وَلَوْ كَانَتِ الذَّوَاتُ مُتَسَاوِيَةً كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ

مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) [الأنعام: 53] أَيْ: هُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يَشْكُرُهُ عَلَى نِعْمَتِهِ، فَيَخْتَصُّهُ بِفَضْلِهِ وَيَمُنُّ عَلَيْهِ مِمَّنْ لَا يَشْكُرُهُ، فَلَيْسَ كُلُّ مَحَلٍّ يَصْلُحُ لِشُكْرِهِ، وَاحْتِمَالِ مِنَّتِهِ، وَالتَّخْصِيصِ بِكَرَامَتِهِ. "

انتهى من "زاد المعاد" (1/53) .

فأبو لهب وأمثاله من أهل الكفر والنفاق : علم الله أنهم لا يوفقون في حياتهم إلى التوبة

فأخبر أنه لا يتوب عليهم ، أو أنهم من أهل النار ، كمن مات على الكفر ، قال تعالى : (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) المنافقون/ 6 .

فهؤلاء لما اختاروا الكفر والنفاق ، وأصروا على ذلك ، كان منهم قسم قد مات ، أخبر الله أنه لا يغفر لهم .

وقسم لا يزال حيا ، علم الله أنهم لا يؤمنون ولا يتوبون ، فأخبر سبحانه أنه لا يغفر لهم ولا يتوب عليهم .

وهؤلاء الذين أعقبهم الله نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه : من الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم

ولا أن يوفقهم للتوبة ؛ لِما علم من حالهم أنهم ليسوا أهلا لذلك ، لأنهم عاهدوا الله وأخلفوا عهده ، فكان جزاؤهم على ذلك نفاقا يجدونه في قلوبهم إلى يوم يلقونه ، فيصدهم عن التوبة ، فيُحرموها .

قال السعدي رحمه الله :

" لما لم يفوا بما عاهدوا الله عليه، عاقبهم (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ) مستمرا (إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) " .

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 345) .

وحاصل ذلك :

أن الله جل جلاله أبى أن يسوي بين النفوس الطيبة ، والنفوس الخبيثة ، وأبى أن يسوي بين الطاهر من هذه النفوس ، والمخلوقات ، والنجس منها ، والصالح ، والطالح ؛ فإن حكمته جل جلاله تأبى ذلك أعظم الإباء

. وهو يختار لنفسه ، ولدينه ، ولهداه ، من هو أهل لذلك ، قابل لنعمة ربه ، شاكر له ، مثن عليه بها . قال ابن القيم رحمه الله : " فهو أعلم حيث يجعلها [ يعني : رسالته ]

أصلا وميراثا !! وكما أنه ليس كل محل أهلا لتحمل الرسالة عنه ، وأدائها إلى الخلق ؛ فليس كل محل أهلا لقبولها والتصديق بها

كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) . أي : ابتلينا ، واختبرنا بعضهم ببعض ، فابتلى الرؤساء والسادة

بالأتباع والموالي والضعفاء ؛ فإذا نظر الرئيس والمطاع إلى المولى والضعيف أنفةً ، وأنف أن يُسلم

وقال : هذا يمن الله عليه بالهدى والسعادة دوني ؟! قال الله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) ، وهم الذين يعرفون النعمة وقدرها ، ويشكرون الله عليها، بالاعتراف والذل والخضوع والعبودية

فلو كانت قلوبكم مثل قلوبهم ، تعرفون قدر نعمتي ، وتشكروني عليها ، وتذكروني بها ، وتخضعون لي كخضوعهم ، وتحبوني كحبهم لمننت عليكم ، كما مننت عليهم ؛ ولكن لمنِّي ونعمي محالّ لا تليق إلا بها

ولا تحسن إلا عندها . ولهذا يقرن كثيرا بين التخصيص والعلم ، كقوله ههنا: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)

وقوله: (وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)

وقوله: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ) ..

" انتهى من "شفاء العليل" (ص31)

. والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-07, 15:34   رقم المشاركة : 158
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من هو الذي ينشأ في الحلية ؟

السؤال


في أحد المواقع الإسلامية ، تم تفسير حديث ( ناقصات عقل ودين ) كما سيرد في الكلام الآتي: " يبين أن المرأة لا تقل في عقلها عن الرجل ، من حيث إنها ناقشت الرسول صلى الله عليه وسلم

وإنها جزلة ، أي : ذات عقل وافر . ومن حيث أن الواحدة منهن تَذهب بعقل اللبيب ، أي الوافر العقل . فكيف تَذهب بعقله إذا لم تكن أذكى منه

أو أنه ناقص عقل على أقل الاحتمالات . بالإضافة إلى ذلك فإن الإسلام يعتبر أن المرأة والرجل سواءٌ أمام التكاليف الشرعية ، من حيث الأداء والعقوبة ، فلو كانت المرأة ناقصة عقل

فكيف يكون أداؤها وعقوبتها بنفس المستوى الذي للرجل ، فهذا ينافي العدل الذي يتصف به الله ، وينادي به الإسلام ، فناقص العقل لا يُكلَّف بمثل ما يكلف به من هو أكمل منه عقلاً

ولا يُحاسب بنفس القدر الذي يُحاسب به ، على فرض أن الرجل أكمل عقلاً من المرأة " وهذا التفسير أوضح لي الأمر ، لكن الإشكالية هنا : عن قتادة ، قوله : ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )

قال : الجواري يسفههنّ بذلك ، غير مبين بضعفهنّ . ثنا ابن ثور، عن قتادة : وأما قوله : ( وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) يقول : قلما تتكلم امرأة فتريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها

. كيف يكون معنى الآية الكريمة تسفيه النساء ، وأن حجتها على نفسها ، بينما أثبت تفسير الحديث عكس ذلك تماما . وفي بعض التفسيرات الأخرى حسب ما أذكر يقال :

كيف تجعلون أدنى الجنسين بنات لله . ولو كانت الآية المقصود بها النساء ، فلِمَ لَمْ يقل الله عز وجل : ( أو من تنشأ في الحلية وهي في الخصام غير مبين ) وأخيرا ، هناك تفسير للآية في مقطع على اليوتيوب

أن المقصود به هم الكفار الذين نسبوا لله البنات ، وهم في الخصام غير مبينين لحجتهم ، والحلية لها تفسير آخر ؛ لأنه لم يتبعها كلمة تلبسونها ، تفسير صحيح ؟


الجواب

الحمد لله


اختلف المفسرون في المقصود بقول الله عز وجل : ( أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) الزخرف/18

على قولين :

القول الأول :

المقصود النساء اللاتي يُنشأن على لبس الزينة والحلي ، وهن لضعفهن وحيائهن لا يتمكن من إقامة حجتهن ، ولا يقدرن على الحجاج والخصام .

وهذا قول جماهير المفسرين من المتقدمين والمتأخرين ، ثبت عن مجاهد ، وقتادة ، والسدي ، كما أسنده عنهم الإمام الطبري في " جامع البيان " (21/579)، واستقرت عليه معظم التفاسير المطبوعة ، المختصرة والموسعة .

وليس في هذا القول تسفيه للنساء ، ولا تقليل من شأنهن وقدرهن

وإنما مرتكزه : جبلة الحياء الذي خلقت عليه المرأة ، وإيثارها اجتناب الجدال والخصام ، كما هو مركوز في فطرتها وطبيعتها التكوينية ، وهذا ثناء عليها ، واعتبار للقيمة التي تحوزها في تركيبها .

وقد نفى رب العزة عن نفسه اتخاذ الصاحبة والولد مطلقا ، فقال سبحانه : ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ) الجن/ 3 .

فقد تنزه سبحانه عن ذلك : لأنه يتنافى وخالقيته وأزليته ووحدانيته وصمديته ، وليس لأن الزوجة والولد نوعٌ ناقصٌ محتقرٌ بين أنواع المخلوقات ، فإن مثل ذلك كمال في حق المخلوق

ونقص في حق الخالق سبحانه ، ولم يستلزم ذلك في دلالة اللغة أو الشرع التنقص من الزوجة والأولاد عموما ، فكذلك الشأن في هذه الآية الكريمة الواردة في السؤال ، لا تستلزم نسبة الاحتقار لجنس الإناث .

القول الثاني :

المقصود الأوثان والأصنام التي يصنعها الكفار من ( الحلية ) الذهب والفضة ، وهي لا تملك سمعا ولا بصرا ولا نطقا ، فلا تستطيع أن تُبين أو تعرب عن نفسها .

قال ابن زيد :

" هذه تماثيلهم التي يضربونها من فضة وذهب ، يعبدونها ، هم الذين أنشئوها ، ضربوها من تلك الحلية ، ثم عبدوها ( وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) قال : لا يتكلم ، وقرأ (فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) "

انتهى من " جامع البيان " (21/580)

وبعد التأمل في ما يمكن أن يستدل له لكلا القولين ، يتبين أن الراجح هو القول الأول ، إذ يمكن الاستدلال له بدليلين ظاهرين :

الدليل الأول :

أنه يعضده سياق الآيات ، فهو يتحدث عن نظرة المشركين إلى الأنثى من الجهة العقائدية ، حيث جعلوهن بنات الله ، ومن الجهة المجتمعية حيث نسبوا إليهن النقص والعيب والعار

وهذا سياق الآيات : ( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ . وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ . أَوَ مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ .

وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ ) الزخرف/16-19.

ولا شك أن تفسير الآية بما يناسب السياق ، ويتوافق معه : أولى من قطع معناها عن سِباقها ولِحاقها .

يقول الإمام الطبري رحمه الله :

" أولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : عُنِي بذلك الجواري والنساء ؛ لأن ذلك عقيب خبر الله عن إضافة المشركين إليه ما يكرهونه لأنفسهم من البنات

وقلة معرفتهم بحقه ، وتحليتهم إياه من الصفات والبخل ، وهو خالقهم ومالكهم ورازقهم

والمنعم عليهم النعم التي عددها في أول هذه السورة ؛ ما لا يرضونه لأنفسهم ، فإتباع ذلك من الكلام ما كان نظيرا له، أشبه وأولى من إتباعه ما لم يجر له ذكر "

انتهى من " جامع البيان " (21/580) .

وقال أبو إسحاق الزجاج رحمه الله :

" الأجود أن يكون : يعني به المؤنث " انتهى من " معاني القرآن " (4/407) .

ولو رجحنا القول الثاني الذي يقصد الأوثان ، لتخللت هذه الأوثان في سياق آيات قبلها تتحدث عن الإناث

وآيات بعدها تتحدث عن الإناث أيضا في عقائد المشركين ، وهو انقطاع في المعنى والسياق لا يليق ، لذلك كان القول الأول هو الأرجح .

الدليل الثاني :

قوله تعالى : ( وهو في الخصام غير مبين ) ، فالأنثى تخاصم ، ولكنها لا تظهر في حجتها ولا في قوة خصامها .
أما الأوثان فلا يخاصمون أبدا ، لا خصاما مبينا ، ولا غير مبين .

يقول أبو حيان الأندلسي رحمه الله :

" ويبعد هذا القول [يعني القول الثاني] قوله : ( وهو في الخصام غير مبين ) ، إلا إن أريد بنفي الإبانة : نفي الخصام ، أي : لا يكون منها خصام " .

انتهى من " البحر المحيط في التفسير " (9/ 363) .

وأما الاستدلال على ترجيح القول الثاني بأن الضمير في قوله تعالى ( وهو في الخصام ) للمذكر

وهذا لا يناسب تفسير الآية بالإناث ؛ فهذا استدلال خاطئ من جهة اللغة وقواعدها

ولم يحتج به ( ابن زيد ) رحمه الله .

فالضمير ( هو ) يعود على ( من ) الموصولة في أول الآية ( أَوَ مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ )

و ( من ) الموصولة يجوز أن يعود الضمير عليها بصيغة التذكير ، باعتبار أن لفظ ( من ) مذكر ، حتى لو كان معناها هو المؤنث ، فالعرب قد تقصد تذكير اللفظ ولا تلتفت للمعنى .

ويجوز أن يعود الضمير بصيغة التأنيث ، إذا كان معناها يدل على الأنثى .

يقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" تذكير ضمير ( وهو في الخصام ) مراعاةً للفظ ( مَن ) الموصولة " .

انتهى من " التحرير والتنوير " (25/182) .









قديم 2019-02-07, 15:35   رقم المشاركة : 159
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ويشبه هذا أيضا : (مَنْ) الشرطية ، فإن لفظها مذكر ، وقد يكون مدلولها مؤنثا .

تأمل معنا قول الله عز وجل : ( وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا ) الأحزاب/31 ، لماذا استعمل صيغة التذكير في الفعل ( يقنت ) ، رغم أن ( مَن ) المقصود بها هنا أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن ؟

وجواب ذلك ، هو ما ذكرناه آنفا من أن ذلك أمر معروف ، شائع في لغة العرب . والملحظ فيه تذكير لفظ ( مَن ) ؛ بل هذا هو الكثير المستعمل في القرآن .

يقول الأخفش رحمه الله :

" ( يَقْنُتْ ) فجعله على اللفظ ؛ لأن اللفظ في ( مَن ) مذكّر ، وجعل ( تَعْمَلْ ) و ( نُؤْتِهَآ ) على المعنى "

انتهى من " معاني القرآن " (1/37)

وانظر " معاني القرآن " للزجاج (4/228) .

ويقول ابن خالويه :

" ذكّر على لفظ ( مَن ) وهو يريد نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ( وتعمل صالحا ) فأنّث "

انتهى من " ليس في كلام العرب " (ص220) .

ويقول الزمخشري رحمه الله – عن الاسم الموصول ( من ) -:

" توقع على الواحد والاثنين والجمع ، والمذكر والمؤنث . ولفظها مذكر ، والحمل عليه هو الكثير .

وقد يحمل على المعنى . وقرئ قوله تعالى : ( وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا ) [الأحزاب: 31]، بتذكير الأول ، وتأنيث الثاني .

وقال تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ) [يونس: 42]. وقال الفرزدق : نكن مثل من يا ذئب يصطحبان "

انتهى من " المفصل في صنعة الإعراب " (ص: 187).

وانظر " معاني القرآن " للفراء (2/111)

" الأصول في النحو " للسراج (2/396) .

وشرح كلام الزمخشري هذا العلامة ابن يعيش رحمه الله فقال :

" اعلم أن ( مَنْ ) لفظُها واحدٌ مذكرٌ ، ومعناها معنى الجنس لإبهامها ، تقع على الواحد والاثنين والجماعة ، والمذكر والمؤنث .

فإذا وقعتْ على شيء من ذلك ، ورددتَ إليها الضميرَ العائد من صلتها ، أو خبرِها على لفظها نفسِها ، كان مفردًا مذكّرًا ؛ لأنه ظاهرُ اللفظ ، سواء أردتَ واحدًا مذكرًا ، أو مؤنثًا ، أو اثنين ، أو جماعةٌ .

وإن أعدتَ الضمير إليها على معناها ، فهو على ما يقصِده المتكلمُ من المعنى .

فأمّا ما أُعيد إليه على اللفظ فنحو قوله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ )، وقوله : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا )، ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )، وعليه أكثرُ الاستعمال ...

وأما المؤنّث ، فنحو قولهم فيما حكاه يونس : " مَنْ كانت أُمَّك "، أُنّث " كَانَتْ " حيث كان فيها ضميرُ " مَنْ " وكان مؤنثًا ؛ لأنه هو الأمُّ في المعنى .

ومن ذلك قراءةُ الزعْفَراني ، والجَحْدَري : ( وَمَنْ تَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا )، بالتاء فيهما

حيث أراد واحدة من النساء ، جعل صلته ، إذ عني المؤنّث : كصلة "التي". وقرأ حَمزَةُ والكِسائي: ( يَقْنُتْ ويعْمَلْ ) بالياء على التذكير حملًا على اللفظ فيهما .

وقرأ الباقون من السبعة : ( يَقْنُتْ ) بالتذكير على اللفظ ، و ( تَعْمَلْ ) بالتأنيث على المعنى "

انتهى من " شرح المفصل لابن يعيش " (2/ 415) .

وهذا الجواب اللغوي - كما ترى – دقيق قد يخفى مثله على من يتجرأ على التفسير ، ويتحدث فيه من منطلق آرائي محض ، وليس من منطلق موضوعي ، أو تأصيل علمي ، أو تأويل مأثور عن العلماء الأولين .

وأما باقي ما ورد في السؤال ، في تفسير حديث ( ناقصات عقل )، وقضية مساواة المرأة بالرجل

فقد سبق الخوض فيها بالتفصيل في الفتوى الاولي و الثانية القادمة

ولسنا في صدد متابعة مقاطع الفيديو ، وإعداد الردود على ما ورد في كل كلمة منها ، وإنما مقصدنا الحديث عن المسألة العلمية بتجرد وموضوعية .

والله أعلم .









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-07 في 15:36.
قديم 2019-02-07, 15:39   رقم المشاركة : 160
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى نقص العقل والدين عند النساء

السؤال

دائماً نسمع الحديث الشريف (النساء ناقصات عقل ودين) ويأتي به بعض الرجال للإساءة للمرأة . نرجو توضيح معنى الحديث ؟

الجواب

الحمد لله


"معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ، قُلْنَ : وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟

قَالَ : أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ ؟

قُلْنَ : بَلَى ، قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا ، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ؟

قُلْنَ : بَلَى ، قَالَ : فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا) بَيَّن صلى الله عليه وسلم أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها

وأن شهادتها تُجْبَر بشهادة امرأة أخرى ، وذلك لضبط الشهادة ، بسبب أنها قد تنسى

فتزيد في الشهادة أو تنقصها ، كما قال سبحانه : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) البقرة/282 .

وأما نقصان دينها فلأنها في حالة الحيض والنفاس تدع الصلاة ، تدع الصوم ، ولا تقضي الصلاة ، فهذا من نقصان الدين ، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه ، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله عز وجل

هو الذي شرعه عز وجل رفقاً بها ، وتيسيراً عليها ؛ لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك ، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس ، والقضاء بعد ذلك .

وأما الصلاة فإنها حال الحيض قد وجد منها ما يمنع الطهارة ، فمن رحمة الله جل وعلا أن شرع لها ترك الصلاة

وهكذا في النفاس ، ثم شرع لها أنها لا تقضي ، لأن في القضاء مشقة كبيرة ، لأن الصلاة تتكرر في اليوم خمس مرات ، والحيض قد تكثر أيامه ، فتبلغ سبعة أيام أو ثمانية أيام أو أكثر

والنفاس قد يبلغ أربعين يوماً ، فكان من رحمة الله لها وإحسانه إليها أن أسقط عنها الصلاة أداء وقضاء ، ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في كل شيء ، ونقص دينها في كل شيء

وإنما بَيَّن الرسولُ صلى الله عليه وسلم أن نقص عقلها من جهة ما قد يحصل من عدم الضبط للشهادة

ونقص دينها من جهة ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم في حال الحيض والنفاس ، ولا يلزم من هذا أن تكون أيضاً دون الرجل في كل شيء ، وأن الرجل أفضل منها في كل شيء .

نعم ، جنس الرجال أفضل من جنس النساء في الجملة ، لأسباب كثيرة ، كما قال الله سبحانه وتعالى :

(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34 ، لكن قد تفوقه في بعض الأحيان في أشياء كثيرة ، فكم لله من امرأة فوق كثير من الرجال في عقلها ودينها وضبطها

وإنما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جنس النساء دون جنس الرجال في العقل وفي الدين من هاتين الحيثيتين اللتين بينهما النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد تكثر منها الأعمال الصالحات فتربو على كثير من الرجال في عملها الصالح ، وفي تقواها لله عز وجل ، وفي منزلتها في الآخرة

وقد تكون لها عناية في بعض الأمور فتضبط ضبطاً كثيراً أكثر من ضبط بعض الرجال في كثير من المسائل التي تعنى بها ، وتجتهد في حفظها وضبطها فتكون مرجعاً في التاريخ الإسلامي وفي أمور كثيرة

وهذا واضح لمن تأمل أحوال النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد ذلك .

وبهذا يعلم أن هذا النقص لا يمنع من الاعتماد عليها في الرواية ، وهكذا في الشهادة إذا انجبرت بامرأة أخرى ، ولا يمنع أيضاً تقواها لله

وكونها من خيرة عباد الله ، ومن خيرة إماء الله إذا استقامت في دينها ، وإن سقط عنها الصوم في الحيض والنفاس أداء لا قضاء ، وإن سقطت عنها الصلاة أداء وقضاء

فإن هذا لا يلزم منه نقصها في كل شيء من جهة تقواها لله ، ومن جهة قيامها بأمره ، ومن جهة ضبطها لما تعتني به من الأمور ، فهو نقص خاص في العقل والدين ، كما بَيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم

فلا ينبغي للمؤمن أن يرميها بالنقص في كل شيء ، وضعف الدين في كل شيء ، وإنما ضعف خاص بدينها

وضعف في عقلها فيما يتعلق بضبط الشهادة ونحو ذلك ، فينبغي إنصافها ، وحمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، على خير المحامل وأحسنها . والله تعالى أعلم" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .

مجلة البحوث الإسلامية (29/100- 102) .









قديم 2019-02-07, 15:45   رقم المشاركة : 161
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مفهوم المساواة في " الإسلام "

السؤال

ما مفهوم المساواة في " الإسلام " ؟ .

الجواب

الحمد لله

لفظ " المساواة " يحوي حقّاً وباطلاً ، وهو لفظ مشترك في الخير والشر

وأكثر من يستعمله وينادي به الآن إنما يريد الباطل والشرَّ الذي فيه ، فاستعمالهم له إنما هو لجعل الناس سواسية متساويين لا يفرَّق بينهم بسبب الدين ، ولا الجنس

فنادوا بمساواة المرأة بالرجل في كافة المجالات حتى تلك التي من خصائص الرجال ، كما نادوا بالمساواة في المواطنة ، وأنه لا ينبغي أن يكون الدين مفرِّقاً بين الناس

فجمعوا بين الموحد والمشرك ، والمسلم والوثني ، وجعلوهم في سياق واحد ، لا يفرق الدِّين بينهم .

وأما الخير والحق الذي في هذا اللفظ فهو أن المسلمين متساوون أمام الشرع في أحكامه ، وتكاليفه

فلا يفرَّق بين شريف ووضيع في إقامة الحدود ، ولا بين الرجل والمرأة ، إذا جاء أحدهم بما يستحق به جلداً

أو رجماً ، أو قتلاً ، وقد جاءت أمثلة عملية على ذلك ، فحين سرقت امرأة من قبائل العرب الشريفة ، واستحقت قطع يدها : جاء من يشفع لها عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فغضب

وقال : ( إنَّمَا أَهْلَكَ الذينَ قَبْلَكُم أنَّهُم كانُوا إِذَا سَرَقَ ِفيهُم الشَّريفُ تَرَكُوه ، وَإِذَا سَرَقَ فيهُم الضَّعيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ ) متفق عليه

وعندما عيّر صحابي آخر بأمه السوداء : غضب الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : ( إِنَّكَ امْرُؤ فِيكَ جَاهِليَّة ) متفق عليه.

كما أن من أوجه المساواة بين الرجل والمرأة : الوعد في الآخرة بالثواب ، والجنة

قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/ 97 .

هذا هو المعنى الحق الذي في هذا اللفظ ، وليس هذا ما يريده من ينادي بالمساواة .

وقد اعترف الإسلام بوجود " نفي المساواة " بين المسلمين في أبواب منه ، فنفى أن يستوي من آمن بالله وأنفق ماله قبل الحديبية ، وبين من آمن وأنفق بعدها ، كما نفى المساواة بين المجاهدين والقاعدين بغير عذر .

فالمساواة بين المرأة والرجل لها جانبان : حق ، وباطل ، فإذا أريد أنهما سواء في التكاليف والأحكام وإقامة الحدود : فالمعنى صحيح ، إلا ما استثناه النص

وإذا أريد به أن الذكر كالأنثى في كل الأمور : فباطل ، والله تعالى يقول ( وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى ) فالمرأة تحتاج لولي في الزواج ، وليس الرجل كذلك ، والقوامة للرجل ، لا للمرأة

والطلاق بيد الزوج ، لا الزوجة ، والجماعة والجهاد واجبان على الرجال دون النساء ، وثمة فروق أخرى في الدية ، والعقيقة ، والميراث .

وليس يعني هذا تمييز الرجل في كل الأمور ، فقد جاءت الوصية بالأم ثلاثة أضعاف الوصية بالأب – مثلاً –

كما جاء في الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ

: ( أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ ) ، وقد قدَّم الله تعالى الإناث في بعض المواضع مثل قوله تعالى : ( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) الشورى / 49 .

ولذا فإنه من دعا لمساواة المرأة بالرجل في كل الأمور : فهو داعية ضلال ، ودعوته : زندقة ، وإلحاد .









قديم 2019-02-07, 15:46   رقم المشاركة : 162
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

قوله تعالى ( يا أيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى ) .

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه خلق الناس من ذكر وأنثى ، ولم يبين هنا كيفية خلقه للذكر والأنثى المذكورين ولكنه بين ذلك في مواضع أخر من كتاب الله .

فبيَّن أنه خلق ذلك الذكر - الذي هو آدم - من تراب ، وقد بيَّن الأطوار التي مر بها ذلك التراب ، كصيرويته طيناً لازباً ، وحمأً مسنوناً ، وصلصالاً كالفخار .

وبيَّن أنه خلق تلك الأنثى التي هي حواء من ذلك الذكر الذي هو آدم فقال

: ( يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً ) النساء/ 1

وقال تعالى : ( هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ) الأعراف/ 189 ، وقال تعالى : ( خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) الزمر/ 6 .
... .
قد دلت هذه الآيات القرآنية المذكورة على أن المرأة الأولى كان وجودها الأول مستنداً إلى وجود الرجل وفرعاً عنه ، وهذا أمر كوني ، قدري ، من الله ، أنشأ المرأة في إيجادها الأول عليه .

وقد جاء الشرع الكريم المنزل من الله ليعمل به في أرضه بمراعاة هذا الأمر الكوني القدري في حياة المرأة في جميع النواحي ، فجعل الرجل قائماً عليها ، وجعلها مستندة إليه في جميع شؤونها

كما قال تعالى : ( الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النساء ) النساء/ 34 .

فمحاولة استواء المرأة مع الرجل في جميع نواحي الحياة : لا يمكن أن تتحقق ؛ لأن الفوارق بين النوعين كوناً وقدراً أولاً ، وشرعاً منزلاً ثانياً : تمنع من ذلك منعاً باتّاً .

ولقوة الفوارق الكونية والقدرية والشرعية بين الذكر والأنثى : صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن المتشبه من النوعين بالآخر .

ولا شك أن سبب هذا للعن هو محاولة من أراد التشبه منهم بالآخر ، لتحطيم هذه الفوارق التي لا يمكن أن تتحطم .
وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال

: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المشتبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال )

وقد قدمنا هذا الحديث بسنده في سورة " بني إسرائيل "

وبينا هناك أن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ملعون في كتاب الله ، فلو كانت الفوارق بين الذكر والأنثى يمكن تحطيمها وإزالتها : لم يستوجب من أراد ذلك اللعن من الله ورسوله .

ولأجل تلك الفوارق العظيمة الكونية القدرية بين الذكر والأثنى فرَّق الله جل وعلا بينهما في الطلاق ، فجعله بيد الرجل دون المرأة ، وفي الميراث ، وفي نسبة الأولاد إليه .

وفي تعدد الزوجات دون الأزواج : صرح بأن شهادة امرأتين بمنزلة شهادة رجل واحد في قوله تعالى : ( فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامرأتان ) البقرة/ 282 .

فالله الذي خلقهما لا شك أنه أعلم بحقيقتهما ، وقد صرح في كتابه بقيام الرجل مقام امرأتين في الشهادة .

وقد قال تعالى : ( أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى . تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى ) النجم/ 21 ، 22 ، أي : غير عادلة ؛ لعدم استواء النصيبين ، لفضل الذكر على الأنثى .

ولذلك : وقعت امرأة عمران في مشكلة لما ولدت مريم ، كما قال تعالى عنها : ( فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أنثى والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذكر كالأنثى ) آل عمران / 36

فامرأة عمران تقول : ( وَلَيْسَ الذكر كالأنثى ) ، وهي صادقة في ذلك بلا شك .

والكفرة وأتباعهم يقولون : إن الذكر والأنثى سواء .

ولا شك عند كل عاقل في صدق هذه السالبة ، وكذب هذه الموجبة .

وقد أوضحنا في سورة " بني إسرائيل " في الكلام على قوله تعالى : ( إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ )

الإسراء/ 9 وجه الحكمة في جعل الطلاق بيد الرجل ، وتفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ، وتعدد الزوجات ، وكون الولد ينسب إلى الرجل ، وذكرنا طرفاً من ذلك في سورة " البقرة "

في الكلام على قوله تعالى : ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) البقرة/ 228 ، وبيَّنا أن الفوارق الطبيعية بينهما كون الذكورة شرفاً وكمالاً وقوة طبيعية : خلقية ، وكون الأنوثة بعكس ذلك .

وبينا أن العقلاء جميعاً مطبقون على الاعتراف بذلك

وأن من أوضح الأدلة التي بينها القرآن على ذلك اتفاق العقلاء على أن الأنثى من حين نشأتها تجلى بأنواع الزينة من حلي وحلل ، وذلك لجبر النقص الجبلي الخلقي الذي هو الأنوثة كما قال الشاعر :

وما الحلي إلا زينة من نقيصة ... يتمم من حسن إذا الحسن قصرا

وقد بيَّنا أن الله تعالى أوضح هذا بقوله : ( أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحلية وَهُوَ فِي الخصام غَيْرُ مُبِينٍ ) الزخرف/ 18

فأنكر على الكفار أنهم مع ادعاء الولد له تعالى جعلوا له أنقص الولدين ، وأضعفهما خِلقة ، وجبلَّة ، وهو الأنثى ، ولذلك نشأت في الحِلية من صغرها ؛ لتغطية النقص الذي هو الأنوثة

وجبره بالزينة ، فهو في الخصام غير مبين .

لأن الأنثى لضعفها الخلقي الطبيعي لا تقدر أن تبين في الخصام إبانة الفحول الذكور ، إذا اهتضمت وظلمت لضعفها الطبيعي .
... .
وأما الذكر فإنه لا ينشأ في الحلية ؛ لأن كمال ذكورته ، وشرفها ، وقوتها الطبيعية التي لا يحتاج معه إلى التزين بالحلية التي تحتاج إليه الأنثى : لكماله بذكورته ، ونقصها بأنوثتها .

ومما لا نزاع فيه بين العقلاء أن الذكر والأنثى إذا تعاشرا المعاشرة البشرية الطبيعية التي لا بقاء للبشر دونها : فإن المرأة تتأثر بذلك تأثراً طبيعيّاً كونيّاً قدريّاً مانعاً لها من مزاولة الأعمال

كالحمل ، والنفاس ، وما ينشأ عن ذلك من الضعف ، والمرض ، والألم ، بخلاف الرجل : فإنه لا يتأثر بشيء من ذلك .

ومع هذه الفوارق لا يتجرأ على القول بمساواتهما في جميع الميادين : إلا مكابر في المحسوس ، فلا يدعو إلى المساواة بينهما إلا من أعمى الله بصيرته .

" أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن " ( 7 / 473 – 475 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :

دين الإسلام : دين العدل في العمل ، والجزاء ، وانتبه " دين العدل في العمل ، والجزاء " وليس كما يقول المحدَثون : " إنه دين المساواة "

هذا غلط عظيم ، لكن يتوصل به أهل الآراء والأفكار الفاسدة إلى مقاصد ذميمة ، حتى يقول : المرأة والرجل ، والمؤمن والكافر : سواء ، ولا فرق ، وسبحان الله ، إنك لن تجد في القرآن كلمة "

المساواة " بين الناس ، بل لا بدَّ من فرق ، بل أكثر ما في القرآن نفي المساواة : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) وآيات كثيرة ، فاحذر أن تتابع ، فتكون كالذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً

بدلاً من أن تقول : " الدين الإسلامي دين مساواة " قل : " دين العدل الذي أمر الله به ، يعطي كل ذي حق حقه " ، أرأيت المرأة مع الرجل في الإرث ، وفي الدية

وفي العقيقة ، وفك الرهان ، يختلفون ، وفي الدِّين : المرأة ناقصة ، إذا حاضت لم تصل ، ولم تصم ، وفي العقل : المرأة ناقصة : شهادة الرجل بشهادة امرأتين ، وهلمَّ جرّاً ، والذين ينطقون بكلمة " مساواة "

: إذا قررنا هذا ، وأنه من القواعد الشرعية الإسلامية : ألزمونا بالمساواة في هذه الأمور ، وإلا لصرنا متناقضين ، فنقول : دين الإسلام هو دين العدل ، يعطي كل إنسان ما يستحق

حتى جاء في الحديث : ( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود ) يعني : إذا أخطا الإنسان الشريف الوجيه في غير الحدود : فاحفظ عليه كرامته ، وأقله ، هذا الذي تقيله إذا كان من الشرفاء

إقالتك إياه أعظم تربية من أن تجلده ألف جلدة ؛ لأنه كما قيل : الكريم إذا أكرمته

: ملَكته ، لكن لو وجد إنسان فاسق ماجن : فهذا اشدد عليه العقوبة ، وعزره ، ولهذا لما كثر شرب الخمر في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضاعف العقوبة بدل أربعين جعلها ثمانين

كذلك الحديث الصحيح الذي رواه أهل السنن : ( من شرب فاجلدوه ، ثم إن شرب فاجلدوه ، ثم إن شرب فاجلدوه ، ثم إن شرب فاقتلوه ) ؛ لأن لا فائدة في جلده ، ثلاث مرات نعاقبه ولا فائدة ، إذن خير له ولغيره أن يقتل

وإذا قتلناه استراح من الإثم ، كما قال الله عز وجل : ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأَنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين ) .

" لقاءات الباب المفتوح " ( 212 /المقدمة ) .

والله أعلم









قديم 2019-02-07, 15:50   رقم المشاركة : 163
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من هو ذو الكفل المذكور في القرآن ؟

السؤال


ما هي قصة " ذو الكفل " عليه السلام ؟ وهل هو نفسه ذو الكفل المذكور في الحديث ، وما صحة إسناده ؟

وهل للقبر المنسوب في العراق صلة به ؟

أتمنى ذكر جميع الأحاديث والآثار والأخبار الواردة في ذكره عليه السلام بشرح مفصل وموثق
.

الجواب


الحمد لله


قال الله عز وجل : ( وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ) الأنبياء/ 85

وقال تعالى : ( وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ) سورة ص/ 48

وقد اختلف أهل العلم من المفسرين في ذي الكفل : هل هو نبي أم رجل صالح ؟ على قولين ، والراجح أنه نبي ؛ لورود ذكره بين الأنبياء ، قال ابن كثير رحمه الله :

" الظَّاهِرُ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، مَقْرُونًا مَعَ هَؤُلَاءِ السَّادَةِ الْأَنْبِيَاءِ: أَنَّهُ نَبِيٌّ ، عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .

وَقَدْ زَعَمَ آخَرُونَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، وَإِنَّمَا كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَحَكَمًا مُقْسِطًا عَادِلًا. وَتَوَقَّفَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي ذَلِكَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ "

انتهى من "البداية والنهاية" (1/ 516) .

وقال أبو حيان الأندلسي رحمه الله :

" قَالَ الْأَكْثَرُونَ: هُوَ نَبِيٌّ "

انتهى من "البحر المحيط" (7/ 460) .

وقال القاسمي رحمه الله :

" ( وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ) أي: بالنبوة والرسالة ، للهداية والإصلاح "

انتهى من " تفسير القاسمي " (8/ 267) .

وقال السعدي رحمه الله :

" أي: واذكر هؤلاء الأنبياء بأحسن الذكر، وأثن عليهم أحسن الثناء ، فإن كلا منهم من الأخيار الذين اختارهم الله من الخلق ، واختار لهم أكمل الأحوال ، من الأعمال، والأخلاق ، والصفات الحميدة ، والخصال السديدة " .

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 715) .

فالمذكور عن ذي الكفل عليه السلام أنه كان من الصابرين والأخيار ، هكذا ذكره ربنا سبحانه في كتابه

ولا نعلم عنه غير ذلك ، وليست له قصة تذكر ، وما يذكره الإخباريون والمفسرون فكله منقول عن أهل الكتاب ؛ فالله أعلم بحقيقة ذلك .

وأما ما رواه الترمذي (2496) ، وأحمد (4747) عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( كَانَ الكِفْلُ مِنْ بني إسرائيل لَا يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ

فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا ، فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ ، أَرْعَدَتْ وَبَكَتْ

فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ أَأَكْرَهْتُكِ؟ قَالَتْ: لَا وَلَكِنَّهُ عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَيْهِ إِلَّا الحَاجَةُ

فَقَالَ: تَفْعَلِينَ أَنْتِ هَذَا وَمَا فَعَلْتِه ِ؟ اذْهَبِي فَهِيَ لَكِ ، وَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَعْصِي اللَّهَ بَعْدَهَا أَبَدًا، فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِلْكِفْلِ ) .

فهو حديث ضعيف ، ضعفه محققو المسند ، وكذا الألباني في "ضعيف الترمذي " .

وعلى فرض صحته : فليس هذا هو ذو الكفل المذكور في القرآن .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" أَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ... - فذكر هذا الحديث - فَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ.

وَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَيْسَ هُوَ ذَا الْكِفْلِ . وَإِنَّمَا لَفْظُ الْحَدِيثِ " الْكِفْلُ " مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ ؛ فَهُوَ رَجُلٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ " .

انتهى من"البداية والنهاية" (1/ 519) .

وأما القبر المنسوب إلى ذي الكفل ببلاد العراق : فهذا لا يعلم له أصل صحيح ، ولا ذكر أحد من أهل العلم له أصلا

ولا سندا ؛ وإنما ذلك كله من عمل الجهلة الذين يفتنون بأصحاب القبور ، ويتوسلون بهم إلى ربهم ، وربما عبدوهم من دون الله ، فيسألونهم ويستغيثون بهم وينذرون لهم .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-07, 15:54   رقم المشاركة : 164
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الأقوال والأفعال المباحة تدخل في اللغو المذكور في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ )؟

السؤال

أود السؤال عن معنى اللغو في قول الله تعالى : ( والذين هم عن اللغو معرضون ) في سورة المؤمنون

وكيف يتجنبه المسلم في حياته ؟

إذ قرأت أن معناه الباطل أي كل ما لا يفيد من العمل حسب تعريف الشيخ الألباني رحمه الله وغيره. فهل هو تعريف مطلق يشمل كل الأفعال المباحة غير المفيدة ، على سبيل المثال ؛ مشاهدة برنامج في التلفاز

أو اجتماع في جلسة مع الأصدقاء القدماء في العطلة ، والتحدث في أمور دنيوية ، وربما أجلس مع اخي ساعة في الأسبوع للعب في أمور مباحة والتي لا داخلة في حديث الرسول صلى الله عله وسلم "كل لهو ابن ادم باطل..

." فهل إذا فعلت مثل هذه الأمور خرجت من دائرة الذين امتدحهم الله تعالى في أول سورة المؤمنون ولم أحظ بهذا الأجر العظيم؟


الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين :

( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ) المؤمنون/ 3 ، وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ) الفرقان/ 72، وقال عز وجل : ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) القصص/ 55 .

واللغو المذكور في الآيات: هو كل كلام ساقط لا خير فيه ، ولا وجه له ، ويدخل فيه كل قول مستقبح كالكذ

والسب ، وكل قول ساقط من العبث الذي لا تنشغل به أنفس أصحاب المروءات ، وكل ما كان تركه أولى بالمسلم من قوله والانشغال به.

فكل ما عاد على المسلم بالضرر ، أو عاد عليه بالنقص ، فهو من اللغو الباطل .

وذلك يشمل الأقوال والأفعال على السواء .

قال الطبري رحمه الله :

" اللغو في كلام العرب : كلّ كلام كان مذمومًا ، وسَقَطًا لا معنى له ، مهجورا "

انتهى من " تفسير الطبري " (4/ 446) .

وقال أيضا :

" هو كل كلام أو فعل باطل ، لا حقيقة له ولا أصل .

أو : ما يستقبح ، فسبّ الإنسان الإنسانَ بالباطل الذي لا حقيقة له : من اللغو " .

انتهى من " تفسير الطبري " (19/ 315) .

وقال البقاعي رحمه الله :

" هو الذي ينبغي أن يطرح ويبطل ، سواء كان من وادي الكذب ، أو العبث الذي لا يجدي "

انتهى من " نظم الدرر " (13/ 432) .

وقال القرطبي رحمه الله:

" هُوَ كُلُّ سَقْطٍ ، مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْغِنَاءُ واللهو ، وغير ذلك مما قاربه، ويدخل فِيهِ سَفَهُ الْمُشْرِكِينَ وَأَذَاهُمُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَذِكْرُ النِّسَاءِ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمُنْكَرِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: اللَّغْوُ الْمَعَاصِي كُلُّهَا. وَهَذَا جَامِعٌ "

انتهى من " تفسير القرطبي " (13/ 80) .

وقال النسفي رحمه الله :

" كل كلام ساقط ، حقه أن يلغى ؛ كالكذب والشتم والهزل " .

انظر : " تفسير النسفي " (2/ 459) .

وعلى ما تقدم :

فلا يدخل في معنى اللغو: القول المباح ، والفعل المباح ، الذي أذن فيه الشرع .

فإذا أدى المسلم ما عليه من حقوق شرعية ودنيوية ، ثم أراد أن يروح عن نفسه ببعض المباحات ، كاللعب ، أو مجالسة الأصحاب ، والتحدث إليهم في بعض أمور الدنيا ، وممازحتهم

أو مشاهدة بعض البرامج المفيدة ، ونحو ذلك من أنواع التروح : فلا حرج عليه ، وليس هذا ونحوه من اللغو المذموم أو اللهو الباطل ؛ لما يترتب عليه عادة من المصالح .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمازح أصحابه ويمازحونه ، فروى الترمذي (1990) وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا قَالَ: ( إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا ) وصححه الألباني في " الأدب المفرد " .

وروى أحمد (24334) عن عَائِشَةَ قَالَتْ : "

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ - يعني يوم أن لعب الحبشة في المسجد : ( لتعلم يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً ؛ إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ ) " وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3219)

وروى مسلم (670) عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، قَالَ :

" قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ : أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيرًا ، كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ ، أَوِ الْغَدَاةَ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ

فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ " .

ورواه النسائي (1358) ولفظه : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَيَتَحَدَّثُ أَصْحَابُهُ ، يَذْكُرُونَ حَدِيثَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَيُنْشِدُونَ الشِّعْرَ

وَيَضْحَكُونَ ، وَيَتَبَسَّمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

وروى البخاري في "الأدب المفرد" (266) عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَبَادَحُونَ بالبَّطِيخ ، فإِذا كَانَت الحَقَائِقُ كَانُوا هُمُ الرِّجَالُ " صححه الألباني في " صحيح الأدب المفرد " .

يتبادحون: أي: يترامون .

فالترويح عن النفوس بين الحين والحين ، بالممازحة والمحادثة واللعب والمشاهدة المباحة والمسامرة والتنزه ونحو ذلك : لا حرج فيه ، وليس هو من اللغو المذموم ، ولا اللهو الباطل

إلا إذا أدى إلى ترك واجب ، أو فعل محرم ، أو غلب على طبع الإنسان حتى صار من عادته الدائمة ، وحاله اللازمة .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-07, 15:58   رقم المشاركة : 165
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الهدية من جملة الإنفاق ، الذي يُنال به البر ؟

السؤال


هل الهدية تدخل في النفقة التي ذكرت في الآية : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) ؛ أي إذا أهدى شخص شيئاً مما يحب إلى شخص آخر

فهل يدخل هذا في البر المقصود في الآية ؟


الجواب

الحمد لله


قال الله تعالى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) آل عمران/ 92

" هذا حث من الله لعباده على الإنفاق في طرق الخيرات ، فقال (لن تنالوا) أي: تدركوا وتبلغوا البر الذي هو كل خير

من أنواع الطاعات ، وأنواع المثوبات الموصل لصاحبه إلى الجنة، (حتى تنفقوا مما تحبون) أي: من أموالكم النفيسة التي تحبها نفوسكم، فإنكم إذا قدمتم محبة الله على محبة الأموال

فبذلتموها في مرضاته، دل ذلك على إيمانكم الصادق ، وبر قلوبكم ، ويقين تقواكم ، فيدخل في ذلك إنفاق نفائس الأموال ، والإنفاق في حال حاجة المنفق إلى ما أنفقه ، والإنفاق في حال الصحة .

ودلت الآية أن العبد بحسب إنفاقه للمحبوبات يكون بره ، وأنه ينقص من بره بحسب ما نقص من ذلك ، ولما كان الإنفاق ، على أي وجه كان ، مثابا عليه العبد، سواء كان قليلا أو كثيرا، محبوبا للنفس أم لا

وكان قوله (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) ، مما يوهم أن إنفاق غير هذا المقيَّد [ يعني :

غير المحبوب للنفس ] غير نافع، احترز تعالى عن هذا الوهم بقوله ( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) فلا يضيق عليكم ، بل يثيبكم عليه على حسب نياتكم ونفعه "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 138) .

وهذه هي النفقة في سبيل الله ، فلا ينال العبد البر في الدنيا والآخرة حتى ينفق مما يحب في سبيل الله .

وفي المراد بهذه النفقة ثلاثة أقوال لأهل العلم :

أحدها: أنها الصدقة المفروضة ، قاله ابن عباس، والحسن، والضحاك.

والثاني: أنها جميع الصدقات ، قاله ابن عمر.

والثالث: أنها جميع النفقات التي يُبتغى بها وجه الله تعالى ، سواء كانت صدقة، أو لم تكن، نُقل عن الحسن، واختاره القاضي أبو يعلى .

انظر : "زاد المسير" (1/ 303) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" قِيلَ: الْمَعْنَى حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ ، مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الطَّاعَاتِ، وَهَذَا جَامِعٌ "

انتهى من "تفسير القرطبي" (4/ 133) .

وعلى ذلك ؛ فمن أهدى إلى مسلم هدية ، يبتغي بها وجها من وجوه الخير ، كالتقرب إليه لمحبته في الله ، أو لكونه من ذوي رحمه ، فهو يحب أن يصله ، أو لكونه فقيرا

فهو يحب أن يعينه ، أو غير ذلك من وجوه البر المشروعة : فهي نفقة في سبيل الله ، وتدخل في معنى البر المذكور في قوله تعالى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) .

وقد روى البخاري في "الأدب المفرد" (594) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (تَهَادوا تَحَابُّوا)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (6/44) .

وروى أحمد (23252) عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمَعْرُوفُ كُلُّهُ صَدَقَةٌ ) وصححه محققو المسند .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَنَدَبَ أُمَّتَهُ إِلَيْهَا، وَفِيهِ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَمِنْ فَضْلِ الْهَدِيَّةِ ، مَعَ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ : أَنَّهَا تُورِثُ الْمَوَدَّةِ ، وَتُذْهِبُ الْعَدَاوَةَ " .

انتهى من "التمهيد" (21/ 18) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" مَنْ أَعْطَى شَيْئًا ـ يَنْوِي بِهِ التقرب إلَى اللَّهِ تَعَالَى ـ لِلْمُحْتَاجِ، فَهُوَ صَدَقَةٌ.

وَمَنْ دَفَعَ إلَى إنْسَانٍ شَيْئًا لِلتَّقَرُّبِ إلَيْهِ، وَالْمَحَبَّةِ لَهُ، فَهُوَ هَدِيَّةٌ.

وَجَمِيعُ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَمَحْثُوثٌ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (تَهَادَوْا تَحَابُّوا) "

انتهى من "المغني" (6/ 41) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" يثاب الإنسان على الهدية ؛ لأنها إحسان، والله تعالى يحب المحسنين ، ولأنها سبب للألفة والمودة

وكل ما كان سبباً للألفة والمودة بين المسلمين ، فإنه مطلوب ، وقد تكون أحياناً أفضل من الصدقة ، وقد تكون الصدقة أفضل منها " .

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (16/ 2) بترقيم الشاملة .

والحاصل :

أن الهدية إحسان ومعروف ، والمسلم يثاب على كل إحسان ومعروف يبذله للناس ، فتدخل الهدية في البر المذكور في الآية

. والله أعلم .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc