إنه قانون الغاب، ويا للغرابة أن تلجأ دولة على معاقبة دولة أخرى بسبب تصريحات أدلى بها مواطن الدولة الأخرى.
هذا حال السعودية مع بلد شقيق وهو لبنان، فالسعودية أوقفت توريد السلع اللبنانية، وطلبت السفير اللبناني مغادرة الرياض، وسحبت سفيرها من بيروت، وكذلك فعلت الدول الخليجية تضامنا مع المملكة، وبذلك تعاقب لبنان عن تصريحات أدلى بها المواطن اللبناني جورج قرداحي شهرين قبل أن يتولى الحقيبة الوزارية، التي مفادها أن الحرب التي يشنها التحالف العربي على رأسه السعودية والإمارات هي حرب عبثية.
إن الفعل السعودي ينم عن الهيمنة والاستقواء الذي تبديه السعودية في مواجهة لبنان المنهك القوى بسبب تضارب مصالح الفرقاء اللبنانيين، الذي لم يستطيع تشكيل حكومة إلا بشق الأنفس، ضف الى معاناته من جائحة كورونا وأزمة مالية واقتصادية خانقة.
إنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها لبنان الى الغطرسة السعودية، ووصل بها الأمر الى إجتجاز رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري ولم يخلى سبيله إلا بعد تدخل فرنسا.
إن ردود الفعل السعودية على تصريحات وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي قبل أن يصبح وزيرا، الغرض منها هو تحجيم دور حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر المهيمن على الحكومة وإضعاف قوة حشده للجماهير الشعبية وتأثيره عليها، خاصة وأن لبنان مقبل على انتخابات نيابية، وعينها على نتائج هذه الانتخابات.
إن السعودية لم تتراجع عن قراراتها رغم ما يشبه إعتذار جورج قرداحي عن تصريحاته، وتوسل المسؤولين اللبنانيين لديها للعدول عن قراراتها، حتى أن وزير خارجية لبنان اشتكى عن القساوة التي تبديها السعودية إزاء لبنان.
إن الحملة العدائية للسعودية وبلدان خليجية على لبنان تأتي بعد اجهاض حزب الله لمحاولة جره واستدراجه للرد على تحرش حزب القوات اللبنانية لرئيسه سمير جعجع، إلا أن الأمين العام للحزب نصر الله صرح أن الحزب ينأى بنفسه عن استعمال السلاح ضد الفرقاء اللبنانيين وأنه لن يشن أي حرب على الداخل اللبناني وأن سلاح المقاومة لن يستعمل إلا ضد عدو لبنان والأمة الإسلامية.
الأستاذ/ محند زكريني