الأسباب والدوافع التي أدت إلى عداء ومناهضة دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب السلفية الإصلاحية - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الأسباب والدوافع التي أدت إلى عداء ومناهضة دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب السلفية الإصلاحية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-09-21, 13:20   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

تعليقات بعض الكتاب والمؤرخين على انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ببعض البلدان

العقاد :


يقول العقاد (( ولم تذهب صيحة ابن عبدالوهاب عبثا في الجزيرة العربية ولا في أرجاء العالم الإسلامي من مشرقة إلى مغربه , فقد تبعه كثير من الحجاج وزوار الحجاز , وسرت تعاليمه إلى الهند والعراق والسودان وغيرها من الأقطار النائية ,و أدرك المسلمين أن علة الهزائم التى تعاقبت عليهم إنما هي في ترك الدين لا في الدين نفسه . وأنهم خلفاء أن يستردوا ما فاتهم من القوة والمنعة باجتناب البدع , والعودة إلى دين السلف الصالح في جوهره ولبابه )) (1)
ويقول العقاد أيضا :
(( سرعان ما ظهرت دعوة ابن عبدالوهاب بجزيرة العرب حتى تردد صداها في البنغال سنة 1804 م واتبعها طائفة الفرائضية بنصوصها الحرفية , فاعتبرت الهند دار حرب إلى أن تدين بحكم الشريعة , ثم تردد صدى الدعوة الوهابية بعد ذلك بزعامة السيد أحمد الباريلي في البنجاب , وأوجب على اتباعه حمل السلاح لمحاربة السيخين وتقدمهم في القتال حتى الموت .)) (2)
أرنولد :
يقول في كتابه ( الدعوة إلى الإسلام)
(( وفي القرن العشرين نشطت حركة الدعوة إلى الإسلام في البنغال نشاطا ملحوظا , و أرسلت طوائف كثيرة ينتمي أهلها إلى تأثير الحركة الوهابية الإصلاحية , دعاتهم يتنقلون في هذه المناطق , ويطهرون البلاد من بقايا العقائد الهندوكية بين الكفار (



مراجع :

1- عباس محمود العقاد , الإسلام في القرن العشرين , ص 86
2- نفس المرجع صفحة 69
3- توماس أرنولد , الدعوة إلى الإسلام , ص 239
في اليمن :

ظهر في اليمن الشيخ على الشوكاني المتوفي سنة 1250 هجري , ودعا بما يشب دعوة الشيخ بن الوهاب وتقلد ببن تيمية وألف كتاب (نبيل الأوطان ) لشرح كتاب شيخ الإسلام ( منتقى الأخبار ) (1)

في العراق :

نجد أسرة (الألوسي ) التي بذلت حياتهم لتعميق التربية الإسلامية في العراق وقد كتبوا عن الشيخ ودعوته ونافحوا عنها ز (2)

في الجزائر :

إن من أول من حمل راية الدعوة السلفية هو المؤرخ الجزائري
( أبو رواس الناصري ) الذي قدر له أن يجتمع بتلاميذ الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الحج . و ذاكرهم في أمور إلى أن انتهى به الأمر بالاقتناع , وكان ذلك بحضور وفد حجيج كان يرأسه ولي عهد المغرب آنذاك . (3)
كذلك تأسست ( جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ) الوجه السلفي بزعامة عبدالحميد بن باديس (1305-1359) الذي أطلع على مبادئ الدعوة السلفية عندما ذهب للحج في مكة المكرمة . و دعا إلى إصلاح عقائد الجزائريين من البدع والخرافات , ودعا إلى الاجتهاد ومحاربة التقليد الأعمى والجمود الفكري وذلك بالتعمق بدراسة القرآن الكريم والسنة النبوية . (4)









 


رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 13:27   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

أقوال بعض المنصفين عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية الاصلاحية


أحمد القطان :


(( استطاعت حركة الموحدين نشر العلم والمعرفة بين طبقات الشعب المختلفة , واستطاعت تكوين طبقة ممتازة من علماء الدين ورجال المعرفة فنشرت الحركة في الناس علوم الشريعة المطهرة وألاتها , من التفسير والحديث , والتوحيد والفقه , والسيرة والتاريخ , وغير ذلك وأصبحت الدرعية قبلة العلوم والمعارف يفد إليها الطلاب من سائر النواحي والأرجاء , و انتشر العلم في جميع الطبقات. )) (1)


محمد كرد:


كتب علامة الشام محمد كرد علي بحثا بعنوان ( اصل الوهابية )
اختتمه بقوله (( وما ابن عبدالوهاب إلا داعية هداهم من الضلال وساقهم إلى الدين السمح , وإذا بدت من بعضهم فهي ناشئة من نشأة البادية , وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم , وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة ...إلخ )










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 13:29   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

حافظ وهبة


قال في كتابه (جزيرة العرب ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( مصلح مجدد , داع إلى الرجوع إلى الدين الحق , فليس للشيخ محمد تعاليم خاصة , ولا أراء خاصة , وكل ما يطبق في نجد , هو طبق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله وأما في العقائد , فهم يتبعون السلف الصالح , ويخالفون من عداهم ))


الزركلي :

قال في كتابه ( الأعلام الجزء السابع ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( وكانت دعوته , الشعلة الأولى للنهضة الحديثة في العلم الإسلامي كله , تأثر بها رجال الإصلاح , في الهند ومصر , والعراق , والشام وغيرها ))


محمد رشيد رضى :


قال السيد محمد رشيد رضا عن محمد بن عبدالوهاب (( قام يدعو إلى تجريد التوحيد , وإخلاص العبادة لله وحده , بما شرع الله في كتابه , وعلى لسان رسوله خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام , وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة وتعظيم حرماته المنتهكة ))










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 20:38   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

محطات في حياة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب

مُقَدِّمةٌ

الحمدُ للهِ وحدهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على منْ لا نَبيَّ بعده.

أمَّا بعدُ:

فإنَّ القارئ لصفحةِ التأريخِ الَّتي سبقتْ مولدَ الشيخِ الإمامِ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله -، وكانتْ قبلَ بروزِ دعوتهِ آنذاك، يجدِ أَنَّها صفحةٌ في غايةِ السَّوادِ والظُّلمةِ لا يكادُ يبصرُ فيها بصيصاً من نورٍ؛ كالليلِ البهيمِ قد احلولكَ لا ضوءَ فيه؛ إذْ عَمَّتِ الشِّركياتُ والبدعُ والخرافاتُ وعوائدُ الجاهليةِ في بلدهِ نجدٍ وما أحاطَ بها من البلادِ العربيةِ والإسلاميةِ، و معْ مرورِ الأعوام والأيام كانتِ الحالةُ تتفاقمُ سوءاً على كآفةِ المستوياتِ: على المستوى الدِّيني والأمنيِّ والسِّياسيِّ والاقتصاديِّ؛ حتى أذنَ الله بانبلاج فجر جديد حين قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بدعوته المباركة؛ فأشرقت الجزيرة العربية بنور هذه الدعوة وتبدَّلت فيها مظاهر الحياة كلها، وكانتِ الدَّعوةُ التَّجديديةُ الإصلاحيةُ منطلقاً لقيامِ الدَّولةِ السُّعوديةِ الَّتي لم تألُ جهداً في سبيلِ تحكيمِ الشَّريعةِ وإرساءِ قواعدِ العدلِ؛ وإحياءِ شعيرةِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ، وبسطِ الأمنِ في المنطقةِ التي مَكَّنها اللهُ فيها.

إِنَّهُ الشيخ أبو عبد الله، الإمام محمد بن عبد الوهاب، الإمام المشهور، المجدد لِما اندرس من معالم الإسلام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر - رحمه الله - وأكرم مثواه - الَّذي أنقذُ الله به العباد والبلاد في زمانه في هذه الجزيرة، وانتشرت دعوتُه في غير الجزيرة من الشام ومصر والعراق والهند وغيرها، بسبب الدعاة الذين حملوا عنه العلم وانتقلوا إلى تلك البلدان والدول، وبسبب المكاتيب والكتب التي انتشرت منه - رحمه الله - ومن أتباعه وأنصاره والدعاة التابعين له في الدعوة إلى الله..

وفي هذه الدِّراسةِ الموسومةِ بـ "محطاتٍ في حياةِ الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله –" أحببنا أن نُسلِّطَ الضوءَ على محطاتٍ، نحسبُ أَنَّها - والله أعلم- من أهم المحطاتِ التاريخيةِ في مسيرةِ الشيخِ -رحمه الله- المفعمةِ بالجهادِ والبذلِ والعطاءِ، والتي سيجدُ فيها القارئ الكريمُ -بإذنِ الله- أجوبةً على تساؤلاتٍ طالَ فيها الجدلُ في عالمنا الإسلاميِّ الواسعِ الرحيبِ، وعلى شبهاتٍ وافتراءاتٍ طالما أُثيرتْ حول الدعوة التجديديةِ الإصلاحيةِ التي تسنَّم ذراها الإمام الشيخ- رحمه الله - في قلبِ الجزيرةِ العربيةِ، والتي كانتْ سبباً رئيساً في صَدِّ الناسِ عن هذه الدعوةِ وما اشتملتْ عليه من حقائق ومضامينَ هي الإسلامُ في ثوبهِ الزَّاهي النقيِّ.










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 20:41   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










Hourse

وهذه المحطات على النحوِ الآتي:

1- المحطةُ الأولى: كَلمةٌ حاسمةٌ للشيخِ الإمامِ- رحمه الله - في بيانِ معتقدهِ.

2- المحطةُ الثانية: الحالةِ الدِّينيةِ والسياسيةِ القائمةِ في (نجدٍ) بلدهِ آنذاكَ، والعالمِ مِنْ حَوْلهِ.

3- المحطةُ الثالثة: اسمُه ونسبه، ومولدهُ، ونشأتُهُ، ومواهبهُ الفَذَّةُ وسجاياهُ النَّادرةُ الَّتي يَسَّرتُ لهُ الطريقُ لاحِباً- بفضلِ اللهِ- في إمامتهِ للنَّاس وأثرهِ العظيمِ عليهم.

4- المحطةُ الرابعة: مسيرتُهُ العلِميَّةُ: وفيها بيانُ رحلاتهِ العلميةِ للحجازِ والعراقِ و الأحساءِ، ومشايخه وتلاميذهِ ومؤلفاتهِ.

5- المحطةُ الخامسة: الجهودُ الباهرةُ للشَّيخِ الإمامِ محمدِ بنِ عبد الوهابِ- رحمه الله - في جانبِ التعليمِ والدَّعوةِ في سبيلِ نشرِ عقيدةِ السَّلفِ الصَّالحِ واستعدادهِ لذلكَ.

6- المحطة السَّادسة: آثارُ الدَّعْوةِ ومآلاتُهَا العظيمةُ في داخلٍ نجدٍ وفي خَارِجِهَا: في اليمنِ والشَّامِ والعراقِ وفارس والهندِ ومصرَ.

7- المحطةُ السَّابعة: أبرزُ افتراءاتِ المناوِئينَ للدَّعوةِ التَّجديدِيَّةِ الإصلاحِيَّةِ وشبهاتِهم، ونَقْضُهَا والرَّدُّ عليها.

8- المحطةُ الثامنة: شَهَادَاتُ المُنْصِفِينَ مِنْ عُقَلاءِ الغَرْبِيِّينَ عَلَى أَصَالَةِ هَذِهِ الدَّعْوةِ وَنَقَائِهَا.

9- المحطةُ التاسعة: (الأخيرةُ): وفاتهُ- رحمه الله -، وثناءُ العلماءِ عليهِ.










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 20:44   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










M001

1- المحطةُ الأولى: كَلمةٌ حاسمةٌ للشيخِ الإمامِ- رحمه الله - في بيانِ معتقدهِ.

لو ألقينا الضَّوءَ على معتقدِ الشيخِ الإمام؛ لوجدنا أَنَّه- رحمه الله - متبعٌ في ذلكَ لما كان عليه سلفُ الأمةِ من القرونِ الخيريةِ الثلاثةِ المفضلةِ، و لم يكنْ في ذلكَ بِدْعاً منَ النَّاسِ؛ وها هو ذا- رحمه الله - يُوضِّحُ معتقده في رسالتهِ التي بعثَ بها إلى أهل القصيمِ؛ لما سألوه عن معتقدهِ؛ إذْ يقولُ- رحمه الله-:

"أُشْهِد الله ومن حضرني من الملائكة، وأُشْهِدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية: أهل السنة والجماعة منَ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، ومن الإيمان بالله: الإيمانُ بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - منْ غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أنَّ الله -سبحانه وتعالى- ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أُحَرِّفُ الكلم عن مواضعه، ولا أُلحدُ في أسمائه وآياته، ولا أُكَيِّفُ، ولا أُمَثِّل صفاته -تعالى- بصفات خلقه؛ لأنَّه -تعالى- لا سَمِيَّ لَه ولا كُفؤ لَه، ولا نِدَّ له، ولا يُقاسُ بخلقه؛ فَإنَّه - سبحانه - أعلمُ بنفسهِ وبغيرهِ، وأصدقُ قيلاً وأحسنُ حديثاً، فَنزَّه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعمَّا نفاه عنه النافونَ من أهل التحريف والتعطيل فقال: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ)[الصافات: 180].

والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله - تعالى -بين القدرية والجبرية، وهم في باب وعيد الله وسط بين المرجئة والوعيدية.

وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية، وهم وسط في باب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الروافض والخوارج.

وأعتقد أنَّ القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وأنه تكلَّم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأُومنُ بأنَّ الله فعَّالٌ لما يريد، ولا يكونُ شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيءٌ في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدرُ إلا عن تدبيره، ولا محيدَ لأحد عنِ القدر المحدود، ولا يتجاوزُ ما خُطَّ له في اللوح المسطور.

وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يكون بعد الموت، فأومنُ بفتنة القبر ونعيمه، وبإعادةِ الأرواح إلى الأجساد، فيقومُ النَّاس لربِّ العالمين حفاة عراة غرلاً، تدنو منهم الشمس، وتنصب الموازين، وتوزن بها أعمال العباد، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومنْ خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، وتُنشرُ الدواوين فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله.

وأومنُ بحوض نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بعرصة القيامة، ماؤُه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل. آنيته عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، وأومنُ بأنَّ الصراط منصوب على شفير جهنم يمر به الناس على قدر أعمالهم.

وأومنُ بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنَّه أوَّلُ شافع وأول مُشفَّع، ولا يُنكر شفاعةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أهل البدع والضلال، ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضا كما قال - تعالى -: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى)[الأنبياء: 28]، وقال - تعالى -: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)[البقرة: 255]، وقال - تعالى -: (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى)[النجم: 26]، وهو لا يرضى إلا التوحيد، ولا يأذن إلا لأهله، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب، كما قال - تعالى -: (فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)[المدثر: 48].

وأُومنُ بأنَّ الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان، وأنَّ المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة، كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته.

وأُومنُ بأنَّ نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين، ولا يَصِحُّ إيمان عبدٍ حتى يؤمنَ برسالته، ويشهد بنبوَّتهِ، وأنَّ أفضلَ أمتَّه أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة - رضي الله عنهم -، وأتولى أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأذكرُ محاسنهم، وأترضى عنهم، وأستغفر لهم، وأَكُفُّ عن مساويهم، وأسكتُ عما شجر بينهم، وأعتقدُ فضلهم عملاً بقوله - تعالى -: ? وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ? [الحشر: 10]، وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء، وأُقِرُّ بكرامات الأولياء وما لهم من المكشفات إلا أنهم لا يستحقون منْ حق الله - تعالى -شيئاً، ولا يُطلبُ منهم ما لا يقدر عليه إلا الله، ولا أشهدُ لأحدٍ من المسلمينَ بجنّة ولا نار إلا منْ شَهِدَ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكني أرجو للمحسن، وأخاف على المسيء، ولا أُكَفِّرُ أحداً من المسلمين بذنب، ولا أُخْرِجه منْ دائرة الإسلام، وأَرى الجهاد ماضياً مع كُلِّ إمام برَّاً كان أو فاجراً، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماضٍ منذ بعثَ اللهُ محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى أنْ يُقاتل آخرُ هذه الأمة الدَّجال، لا يُبطله جورُ جائرٍ ولا عدُل عادلٍ، وأرى وجوبَ السَّمعِ والطاعةِ لأئمة المسلمينِ بَرِّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية اللهِ، ومنْ ولي الخلافة واجتمعَ عليه النَّاسُ ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبتْ طاعته، وحَرُمَ الخروج عليه، وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا، وأَحكمُ عليهم بالظاهر، وأَكِلُ سرائرهم إلى الله، وأعتقد أنَّ كل محدثة في الدين بدعة.

وأعتقدُ أنَّ الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان: يزيدُ بالطاعة وينقص بالمعصية، وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما تُوجبه الشريعة المحمدية المطهرة.

فهذه عقيدة وجيزة حررتها وأنا مشتغل البال؛ لتطلعوا على ما عندي، والله على ما نقول وكيل ".










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 20:49   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

2- المحطةُ الثَّانية: الحالةُ الدِّينيةُ والسياسيةُ القائمةُ في (نجدٍ) بلدهِ آنذاكَ، والعالمِ مِنْ حَوْلهِ:

أولاً: الحالة الدينية:

بلغتِ الحالة الدينية في وقت الشيخِ الإمامِ- رحمه الله - مبلغاً عظيماً من السُّوءِ والبعدِ عن صفاءِ الإسلامِ وعقيدتهِ البيضاءِ السمحةِ؛ ولنا أن نُصوِّرَ تلك الحالةَ فيما يلي:

1- انتشارُ المظاهر الشركيةِ كالدعاء والاستغاثة والذبح والنذر والشفاعة ونحوها عند قبور الأولياء والصالحين التي بنيت عليها القباب؛ بالإضافة إلى التوسل بهم وتقديسهم، والاعتقاد بالجمادات كالأشجار والأحجار في جلب النفع ودفع الضر، حتى أصبح كثير من المسلمين مسلمين بالاسم فقط لكنهم بعيدون كل البعد عن حقيقة الإسلام، ولو استعرضنا خارطةَ العالمَ الإسلاميَّ؛ لوجدنا الآتي:

في نجد حيث موطنُ الشيخ- رحمه الله -:

(أ)- أما القبور؛ فلنا أن نذكر منها قبر (زيد بن الخطاب) - رضي الله عنه - في الجبيلة، وقبر (ضرار بن الأزور) في شعيب غبيراء، وقبر بعض الصحابة - رضي الله عنهم - في قريوه بالدرعية، وكل هذه القبور يتوجه إليها العامة يدعون أصحابها لتفريج الكرب وكشف النوب وقضاء الحاجات.

(ب)- أما الأشجار؛ فلنا أنْ نذكرَ منها ما كان يصنعهُ النساء والرجال حينَ يأتون بليدة الفدا حيث يكثر ذكر النخل المعروف بـ (الفحال): يتبركون به، ويعتقدون فيه، فكانت تأتيه المرأة إذا تأخرت عن الزواج فتضمه بيديها ترجو أن يفرج كربها وتقول: يا فحل الفحول أريد زوجا قبل الحول، وكذلك شجرة الطرفية ينتابها طوائف من الناس فيتبركون بها، وتعلق المرأة فيها خرقا إذا ولدت ذكرا لعله يَسلمُ من الموت.

(ج)- أما الأحجار؛ فهناكَ (غار بنت الأمير) الذي يزعمون أن الله فلقه لها لتعتصم به من أحد الفسقة الذي أراد هتك عرضها، فكان الناس يُرسلون إلى ذلك الغار اللحم والخبز ويبعثون بصنوف الهدايا.

(د) أما الأولياء: فيذكر منهم ولي عند العامة اسمه " تاج " وهو من أهل الخرج افتتن به الناس وسلكوا فيه سبيل الطواغيت فصرفوا إليه النذور، وتوجُّهوا إليه بالدعاء، واعتقدوا فيه النفع والضر، وكانوا يأتونه لقضاء شؤونهم أفواجا وكان أعمى، فزعموا أنه يأتي من الخرج إلى الدرعية بدون قائد، وذلك لتحصيل ما تجمع له من النذور والخراج، ويذكر ابن غنام أن الحكام في المنطقة خافوه وهاب الناس أعوانه وحاشيته.

في الحجاز: يوجد في المدينة المنورة قبر حمزة وشهداء أحد، إضافة إلى ما يفعله الزائر لقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمور الشركية من دعائه والسجود له، وفي جدة ومكة يوجد قبر خديجة - رضي الله عنها - وقبر أبي طالب، وفي الطائف يوجد قبر عبد الله بن عباس.

أما في اليمن: فتوجد قبور يتبرك العوام بها في اللحية والحديدة ونجران، وفي حضرموت والشحر ويافع وعدن.

وفي الشام: توجد قبور في دمشق وحلب وأقصى الشام.

وفي العراق: يوجد قبر أبي حنيفة، ومعروف الكرخي، والشيخ عبد القادر، وكذلك ما يفعله الشيعة عند مشهد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في النجف، ومشهد الحسين والكاظم في كربلاء.

أما في مصر: فيوجد قبر أحمد البدوي المشهور، وكذلك القبر المنسوب إلى الحسين في القاهرة وغيره من القبور التي يأتيها الناس هناك فيستغيثون بها ويسألونها قضاء حاجاتهم وتفريج كرباتهم.

2- فشوُ البدعِ والخرافاتِ: فشتِ البدعُ والخرافاتُ في العالمِ الإسلاميِّ عن طريقِ أربابِ الطرقِ الصوفيةٍ بشكلٍ رهيبٍ للغايةِ؛ وهذا ما تراهُ ماثلاً في حلقاتِ الذكرِ منَ اتخاذهم مغنيين وطبول، وأعلام وسبح كبيرة ورفع الصوت بالذكر والغناء وتعظيم شيخ الطريقة وتقبيل أياديه والتبرك به، ومن البدعِ الأخرى: الاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما يقع فيها من الأمور البدعية البعيدة عن جوهر الإسلام الصحيح.

ومن الخرافاتِ التي كانت شائعةً في ذلكِ الوقتِ: اعتقادُ الولايةِ في أناسٍ دجالينَ مُخرِّفينَ، و نسبةُ الكرامةِ إليهم.

يقول عبد المتعال الصعيد- يرحمه الله -: " وكان الشيخ البكري المتوفى سنة 1207هـ (1792 م) في أول أمره أَبلهٌ، يمشي في الشوارع مكشوف الرأس والسوأتين، فاعتقد أهل مصر فيه الولاية، كما هي عادتهم في كل أبله.. وصاروا ينسبون له الكرامات ".

أما المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي؛ فيذكرُ في تاريخه قصةً منْ أعجبِ العجبِ؛ لا يكادُ يُصدِّقها عاقلٌ، وهي قصة تلك (العنزةِ) التي ادعى كبيرُ خُدَّامِ المشهد النفيسي بمصرَ أنَّ السيدة نفيسة أوصت بها خيرا، فَنسبَ الناسُ إليها الكراماتِ، وأرسلوا لها الهدايا الثمينة.

وها هو ذا المؤرخ الأمريكي (لوثروب ستودارد) يصفُ لنا تلك الحالة السيئةِ بقوله: " وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء، فأُلبست الوحدانية التي علَّمها صاحب الرسالة الناس سِجْفاً منَ الخرافات وقشور الصوفية، وخلتِ المساجد من أرباب الصلوات، وكثر عديد الأدعياء الجهلاء.. يوهمون الناس بالباطل والشبهات، ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء، ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور ".. إلى أن قال: " وعلى الجملة فقد بدل المسلمون غير المسلمين، وهبطوا مهبطا بعيد القرار، فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر، ورأى ما كان يَدهي الإسلام لغضب وأطلق اللعنة على من استحقها من المسلمين، كما يلعن المرتدون وعبدة الأوثان ".

ثانياً: الحالة السياسية في بلد الشيخِ (نجدٍ)، وفي العالمِ منْ حولها:

أمَّا الحالة السياسية في نجدٍ؛ فإنَّ من يطلع على تاريخ نجد منذ القرن الخامس الهجري تواجهه حقيقة مرعبة، وهي أن القوم كانوا في عراك مستمر ومرابطة دائمة، وثأر لا ينقطع، يتربص بعضهم ببعض الدوائر، ويتحين أهل كل قرية الفرصة للإيقاع بأهل القرية الأخرى، وقد ذهب في هذه الحروب - على صغر حجمها ولكن مع كثرة تكرارها - أعداد كبيرة.

وأصبحت بلاد نجد مقسمة إلى إمارات صغيرة متفرقة متنازعة، و كانت لا تعرف السكينة والأمن والحرية إلا قليلا، ففي الحرب يقتل أبناؤها، ويدمر بناؤها، ويحرق نخيلها، ويتلف زرعها، وفي فترات السلم يُحبس الناس في بلدانهم فلا يستطيعون الابتعاد عنها إلا بمغامرة، فبداوة تسلب وتنهب وتقتل وتفرض على المدن المتفرقة الإتاوة، وتهدد سلامتها، وتقطع طرقها، فكانت إمارات نجد في تلك الفترة تجسيدا لقصة ملوك الطوائف في الأندلس.

وهاهنا نُوردُ أنموذجاً واحداً؛ كمثالٍ واقعيٍّ لما تزخر به تلك الفترة في تاريخ (نجدٍ) من الحوادث المفجعة، والأخبار المؤلمة، وهي من بعض مؤرخي تلك الفترة:

يقول الشيخ أحمد المنقور في تاريخه: " وفيها - أي سنة (1098هـ)- قُتل أحمد بن علي راعي المجمعة، ثم آل دهيش في المجمعة بعده، ثم علي بن سليمان بعدهم، ثم علي بن محمد عندنا، وسطوة آل محدث على الزلفى، وقُتل فوزان بن زامل في الزلفى ".

أما العالمُ الإسلاميُّ من حولها؛فقد كانت تتزعمه في مشرقه خلالَ القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) ثلاث دول عامة هامة هي:

الدولة العثمانية، والدولة الصفوية في فارس، والدولة المغولية في الهند.

أما الدولة العثمانية: فقد وصلت إلى ذروة مجدها في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، ونظر إليها المسلمون بإعجاب وتقدير حينما وسعت فتوحاتها إلى أوروبا لنشر الإسلام، ولكنها أخذت بعد ذلك تنخر فيها عوامل الضعف شيئا فشيئا حتى وصلت في القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) إلى حالة سيئة من الضعف والركود السياسيين.

أما الدولة الصفوية في فارس: فهي التي أنشأها (إسماعيل بن صفي الدين) سنة 906 هـ (1500 م) واتخذ من مدينة (تبريز) عاصمة له، وقد اتسعت دولته فامتدت من الخليج العربي إلى بحر قزوين، وكانت هذه الدولة شيعية ذات عداء مع الدولة العثمانية السنية، وانتهت هذه الدولة سنة 1135 هـ (1722 م) فخلفها أمراء من الأفغان حتى قضى عليهم (نادر شاه) سنة 1142 هـ (1729م) فنادى بنفسه ملكاً، ثم أخذ يُوسِّعُ أملاكه حتى امتدت دولته من الخليج العربي إلى بلاد الهند.

أما الدولة المغولية في الهند: فقد أنشأها (بابر شاه) من نسل تيمور لنك سنة 909 هـ (1505هـ) وخلفه ملوك أقوياء حتى جاء القرن الثاني عشر الهجري فاضطرب أمرها وطمع فيها أمراء الهندوس بدعم من شركة الهند الشرقية الإنكليزية، فأنجدها (نادر شاه) ملك فارس وعيَّنَ (محمد شاه) ملكاً على الهند تحت حمايته، وكان الأخير ضعيفاً فاسقاً، وخلفهُ ملوك أشد ضعفا، مما جعل البلاد مرتعاً للحروب الداخلية، فانقسمت إلى ولايات مما سهل على شركة الهند الشرقية الإنكليزية الاستيلاء عليها ولاية بعد ولاية، ولم تلبث أن انتقلت سيادة هذه الولايات إلى الحكومة الإنكليزية سنة 1274 هـ (1856 م).

أما حال المسلمين على حدود العالم الإسلامي فلم تكن بأحسن من داخله، فقد تعرَّضت الإمارات الإسلامية على حدود روسيا القيصرية للضغط الحربي من جانب روسيا وخاصة إمارة التركستان الشرقية، حتى اضطر المسلمون هناك إلى قبول السيادة الروسية عليهم وذلك سنة 1144 هـ (1731 م).

أما المسلمون في (أندونيسيا) وما جاورها من جزر الهند الشرقية فقد كانوا على حالة من الضعف، فبالرغم من الانتشار الكبير للإسلام هناك عن طريق التجار المسلمين، إلا أنَّ المسلمين هناك تفرقوا إلى إمارات صغيرة سَهَّلتْ على الهولنديين والإنكليز غزوهم، وبالتالي استعمارهم في بلادهم.

أما المغرب الإسلامي: ففي الحقيقة لم تكن حالته السياسية بأحسن حظا من مشرقه، فقد كان العثمانيون قد استولوا على تونس والجزائر ومحوا دولتي (بني حفص وبني زيان) سنة 964 هـ (1556 م) بعدما كادت تقع في أيدي الأسبان، كما سقطت في مراكش دولة (بني وطاس) وقامت على أنقاضها (دولة السعديين) سنة 956 هـ (1549 م) التي كانت من الضعفِ بحيثُ لم تكن لديها القدرةُ على مقاومة حملات البرتغاليين والأسبان الحربية عليها.

وبالجملة فقد كانتِ الحالةُ السِّياسيةُ التي تسودُ العالم الإسلامي في تلك الفترة قدْ بلغتْ أوجها منْ فساد سياسي عام، وكان لهذا تأثير ملحوظ على الحالة الاقتصادية في العالم الإسلامي، فنتيجة لهذا التدهور انعدم الأمن والاستقرار فبارت التجارة بواراً شديداً، وأهملت الزراعة أيما إهمال، هذا في الوقت الذي كانت دول أوربا تتجه نحو تقوية نفوذها على حساب العالم الإسلامي الضعيف، وتهتم بتقوية جيوشها وتطور علومها واختراعاتها، فوصلت إلى قوة الكهرباء والبخار.

3- المحطةُ الثالثة: اسمُه، ونسبه، ومولدهُ، ونشأتُهُ، ومواهبهُ الفَذَّةُ وسجاياهُ النَّادرةُ الَّتي يَسَّرتُ لهُ الطريقُ لاحِباً- بفضلِ اللهِ- في إمامتهِ للنَّاس وأثرهِ العظيمِ عليهم:

(أ)- اسمه ونسبه:

هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. أما والدة الشيخ محمد - رحمه الله -؛ فهي بنت محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي؛ فهي من عشيرته الأدنين.

(ب)- مولدهُ، ونشأتُهُ، ومواهبهُ الفَذَّةُ وسجاياهُ النَّادرةُ الَّتي يَسَّرتُ لهُ الطريقُ لاحِباً- بفضلِ اللهِ- في إمامتهِ للنَّاسِ وأثرهِ العظيمِ عليهم:

ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة (1115ه-) في بلدة العيينة على الصحيح في أسرة علمية.

تعلَّم القرآن وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين، وكان حادَّ الفهم، وقَّاد الذهن، ذكي القلب، سريع الحفظ قرأ على أبيه في الفقه، وكان - رحمه الله تعالى -في صغره كثير المطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام، فشرح الله صدره في معرفة التوحيد وتحقيقه ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه وجد في طلب العلم، وأدرك وهو في سن مبكرة حظاً وافرا من العلم، حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: "لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام".

وكتب أبوه إلى بعض إخوانه رسالة نَوَّه فيها بشأنه وفهمه الجيد، ورُزِقَ مع قوة الحفظ سرعة الكتابة؛ بحيث إنه يخط كراساً بخطٍّ واضح في الجلسة الواحدة بلا سأم ولا تعب مما يُحيِّرُ أصحابه.

المحطةُ الرَّابعة: مسيرتُهُ العلِميَّةُ: وفيها بيانُ نشأتهِ العلميةِ، و رحلاتهِ العلميةِ للحجازِ والعراقِ و الأحساءِ، ومشايخه وتلاميذهِ ومؤلفاتهِ:

(أ)- نشأته العلمية:

نشأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب نشأة علمية؛ فأبوه القاضي كان يحثه على طلب العلم ويرشده إلى طريق المعرفة، ومكتبة جده العلامة القاضي سليمان بن علي بأيديهم، وعمه إبراهيم أكثر إقامته مع أخيه عبد الوهاب، فيلتقي به ابن أخيه محمد بن عبد الوهاب ويأخذ عنه، وبعض أقارب الشيخ الآخرين من آل مشرف وغيرهم من طلاب العلم، وبيتهم في الغالب ملتقى طلاب العلم وخواص الفقهاء، لاسيما الوافدين، باعتباره بيت القاضي، وكان يتخلل اجتماعاتهم ولقاءاتهم مناقشات ومباحث علمية يحضرها محمد بن عبد الوهاب، وهو قد أنعم الله عليه بالإدراك العميق، والحفظ القوي، والذكاء الممتاز، والرغبة الطموح، والجد في اكتساب معالي الغايات وإن كانت بعيدة؛ كُلُّ ذلك جعل له الحظ الوافر والبلغة العظيمة من العلم النافع والميراث النبوي الكريم.

كما أنَّ همته العالية وطموحه الوثَّاب كان يحفزه على البحث الدائب، والدراسة المتواصلة، والتفكير النافع، والمناقشة البناءة مع العلماء والطلبة وغيرهم؛ فلا يقنع بما اقتنع به سابقوه ويقتنع به معاصروه.

وكان لبيئة الشيخ- رحمه الله - أثرٌ كبيرٌ في مسيرتهِ العلمية؛ إذ أبصر واقع الناسِ من حولهِ؛ وما كانوا عليه في حياتهم ودينهم على الغالب في تناقض وتصادم مع ما نشأ عليه من علم وما عَرفه من الحق على يد أبيه ومن خلال مطالعته لكتب المحققين من علماء السلف الصالح.

وهاهنا اختار الشيخ - رحمه الله - وجزاه خيراً- أن يسيرَ في خطى الرسل- عليهم الصلاة والسلام- بدعوة الناس وتعليمهم؛ فقام لله قومة تزلزلت لها جبال الجاهلية وانقشعت بها غيوم الباطل وشبهاته؛ فعزم على تنحية البدع من الحياة التي حوله، وإيقاظ النائمين، وتنبيه الغافلين، والعمل على نشر الإسلام والنور من الكتاب والسنة وسيرة الصالحين.

وأخذ - رحمه الله - يُنكرُ ما شاعَ في مجتمعه من شركياتٍ وبدعٍ وخرافاتٍ؛ مِمَّا جعله في مواجهة للمعارضة من علماء السوء، وتلبيساتهم وشبهاتهم، وتأليب العامة عليه، وتهمتهم إياه بالانحراف والجهل؛ فكان كل ذلك يزيد تفكيره وحرصه على تحصيل العلم وإدراك الحق؛ ولذا كان قرارهُ التأريخي أن يرحل في طلب العلم وتحقيق ما شرح الله له صدره من حقيقة هذا الدين القيم على أيدي حملته العدول، الذين لن تخلو منهم الأرض ولن ينقطع منهم زمان إلى قيام الساعة.

(ب)- رحلاتهِ العلميةِ للحجازِ والعراقِ والأحساءِ:

رحل الشيخ- رحمه الله - إلى مكة وحجَّ، ثم إلى المدينة، وتلقى فيها على بعض المشايخ، ثم عاد إلى العيينة، ثم رحل إلى مكة وأقام بها، وتلقى فيها عن بعض المشايخ، ثم إلى المدينة، وأطال المكث فيها، ورأى ما أفزعه من الأعمال المنافية للشرع عند حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ خرج منها- بعد أن أقام فيها ما شاء الله يطلب العلم- إلى نجد، ومن نجد تجهز إلى البصرة يريد الشام، فلما وصل البصرة؛ جلس فيها يقرأ عند عالم من أهل المجموعة (قرية من قرى البصرة) في مدرسة فيها.

ثم إنَّ الشيخ - رحمه الله تعالى -بعد رحلته إلى البصرة رحل إلى الأحساء، ثم رجع من الأحساء إلى البصرة، ثُمَّ خرج منها إلى نجد قاصداً الحج، فحجَّ - رحمه الله -، فلما قضى الحج؛ وقف في الملتزم، وسأل الله أن يظهر هذا الدين بدعوته، وأن يرزقه القبول من الناس، فخرج قاصداً المدينة مع الحجاج يُريد الشام، فعرض له بعض سراق الحجيج، فضربوه وسلبوه وأخذوا ما معه وشجُّوا رأسه، وعاقه ذلك عن مسيره مع الحجاج، فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها، ثم رجع إلى نجد، فقام فيهم يدعوهم إلى التوحيد.

شيوخه:

أَمَّا شيوخه الذين تعلَّم على أيديهم واستفاد منهم؛ فهم على النحو الآتي:

أولاً: في نجد:

والده: الشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ سليمان بن علي.

والشيخ الثاني هو الشيخ إبراهيم ابن الشيخ سليمان بن علي، وأخذ عنهما جملةً من العلوم وبخاصةً علم الفقه.

ثانياً: في الحجاز:

(أ)- في مكة:

الشيخ عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم بن عيسى البصري أصلا، المكي مولدا ومدفنا، الشافعي، مسند الحجاز، عمدة المحققين، وأخذ عنه علم الحديث روايةً ودرايةً.

(ب)- في المدينة النبوية:

• الشيخ العالم عبد الله بن إبراهيم بن سيف، من آل سيف: رؤساء بلد المجمعة، والد إبراهيم مصنف "العذب الفائض شرح ألفية الفرائض، وأخذ عنه العلم في فنون شتى ولا سيما علم الحديث والعربية.

• الشيخ الإمام العالم الكبير المحدث محمد حياة بن إبراهيم السندي المدني، أحد العلماء المشهورين الربانيين وعظماء المحدثين، والذي كان له أكبر الأثر في توجيهه إلى إخلاص العبادة لله، والتخلص من رقِّ التقليد الأعمى، والاشتغال بالكتاب والسنة.

• الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي الشافعي، وأخذ عنه علم الحديث.

• الشيخ علي أفندي بن صادق بن محمد بن إبراهيم بن محب الله حسين بن محمد الحنفي الداغستاني. وأخذ عنه علم الحديث إجازةً.

وعن الشيخ عبد الكريم أفندي الداغستاني، وهو ابن عم الشيخ علي أفندي المتقدم ذكره، وكذلك أخذ عن الشيخ محمد البرهاني، وعن الشيخ عثمان الديار بكري نزيل المدينة المنورة، وحرَّرَ على أيديهم علم التوحيد، فأقروه على ذلك.

ثالثًا: في البصرة:

جالس علماء البصرة ومنهم الشيخ الجليل: محمد المجموعي، وتميَّز بالأخذ عمن لا يُتهم في حقه بالكذب والزور، وسمعَ منهم الحديث والفقه والنحو، وصنَّف في البصرة "كتاب التوحيد"؛ أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة من كتب الحديث.

رابعاً: في الأحساء:

وجد في الأحساء فحول العلماء؛ منهم: الشيخ عبد الله بن فيروز أبو محمد الكفيف، ووجد عنده من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ما سُرَّ به، وأثنى على عبد الله هذا بمعرفته بعقيدة الإمام أحمد.

ومنهم كذلك الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الأحسائي القاضي.

(جـ)- تلاميذه:

تلاميذ الشيخ الإمام- رحمه الله - كثرةٌ كاثرةٌ لا يُحصي عددهم إلا الله - سبحانه وتعالى -؛ لكننا سنذكر هنا ما تتلمذَ على يدِ الشيخ- رحمه الله - بشكلٍ مباشرٍ؛ حتى صارَ من أهل العلم والقضاء، وهم على سبيل المثال لا الحصرِ:

1- الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: أخذ عن أبيه، واستكمل فنون العلم، وفاق بالمعرفة أقرانه، توفي سنة (1224 هـ).

2- الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: أخذ عن أبيه، فكان آية في العلم ومعرفته ومعرفة فنونه، ولد في الدرعية سنة (1165 هـ)، وتوفي بمصر سنة (1242 هـ).

3- ابنه الثالث الشيخ علي: فكان عالما جليلا ورعا دينا فقيها يضرب به المثل في بلد الدرعية.

يقول عبد الرحمن بن عبد اللطيف: "الغالب على الظن أنَّ الشيخ علِيًّا تُوفي سنة (1245 هـ) بمصر".

4- الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن عمر: فكان عالماً جليلاً، وتُوفي في مكة المكرمة سنة (1225 هـ).

5- الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الحصيني الناصري التميمي: فقد أخذ عن الشيخ وعن أبنائه وغيرهم في الدرعية بعد أن سبق له أخذ الفقه أولاً عن الشيخ إبراهيم بن محمد بن إسماعيل في بلده شقراء، وتوفي - رحمه الله - في 12 رجب سنة (1237 هـ).

6- الشيخ سعيد بن حجي: رحل إلى الدرعية، فقرأ على الشيخ، كما أخذ عن ابني الشيخ حسين وعبد الله، وقرأ على الشيخ حمد بن ناصر بن معمر وغيرهم من علماء الدرعية، توفي عام (1229 هـ).

7- الشيخ محمد بن سويلم، وُلد في الدرعية ونشأ فيها، فأخذ يتلقى العلم عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعن ابنيه العالمين حسين وعبد الله.

قال ابن بسام: "ولم أقف على تاريخ وفاته - رحمه الله -".

8- الشيخ عبد الرحمن بن خميس، الإمام في قصر آل سعود.

9- الشيخ عبد الرحمن بن نامي، وُلد في مدينة العيينة، ونشأ بها، ثم قرأ على علمائها، وكان ممن استجاب لدعوة الشيخ محمد إلى عقيدة السلف الصالح، فهاجر إليه في الدرعية، وقرأ عليه، واستفاد منه.

10- الشيخ محمد بن سلطان العوسجي، وُلد في بلدة ثادق، ونشأ فيها، ثم رحل إلى الدرعية، فشرع في القراءة على الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -؛ حتى حَصَّلَ في التوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصول هذه العلوم، وتُوفي في الأحساء عام 1223 هـ.

(د)- مؤلفات الشيخ:

ذكر الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في ترجمته للشيخ في الجزء الثاني عشر من "الدرر السنية" من مؤلفاته ما يلي:

1- "كتاب التوحيد فيما يجب من حق الله على العبيد".

2- كتاب "كشف الشبهات".

3- كتاب "أصول الإيمان".

4- كتاب "فضائل الإسلام".

5- كتاب "فضائل القرآن".

6- كتاب "السيرة المختصرة".

7- كتاب "السيرة المطولة".

8- كتاب "مجموع الحديث على أبواب الفقه".

9- كتاب "مختصر الإنصاف والشرح الكبير".

10- كتاب "مختصر الصواعق".

11- كتاب "مختصر فتح الباري".

12- كتاب "مختصر الهدي".

13- كتاب "مختصر العقل والنقل".

14- كتاب "مختصر المنهاج".

15- كتاب "مختصر الإيمان".

16- كتاب "آداب المشي إلى الصلاة".










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 21:15   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










Hourse

5- المحطةُ الخامسةُ: الجهودُ الباهرةُ للشَّيخِ الإمامِ محمدِ بنِ عبد الوهابِ- رحمه الله - في جانبِ التعليمِ والدَّعوةِ في سبيلِ نشرِ عقيدةِ السَّلفِ الصَّالحِ واستعدادهِ لذلكَ:

(أ)- الشيخ الإمام في حريملاء:

في حريملاء بعد وفاة أبيه- رحمه الله - أعلن بالدعوة والإنكار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبعه أناس من أهل البلد مالوا معه، واشتهر بذلك، وانتظم في سلكه رجال فحول، قرأوا عليه كتب الحديث والفقه والتفسير، وحقق لهم منهج الدعوة إلى الله أتم التحقيق، وكان - رحمه الله - يعلن بالتوحيد ويدعو إليه، وينادي بإبطال دعاء غير الله، وينكر على من يمارسه جهارا إذ لم يكف الإسرار، وينصح من عدل عن الحق بأسلوب سديد، ويزجر الناس عموماً عن الشرك والفساد، وجد واجتهد في تعليم الواجب، وبذل المناصحة للخاص والعام، ونشر شرائع الإسلام، وإقامة سنة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وكشف الشبه، ودحض المفتريات، وتحذير الناس - إنْ داموا على ما هم فيه- وقوع النقمة والعذاب؛ كُلُّ ذلك قياماً بأمانة العلم، رغبة فيما عند الله، وما أعده - تعالى -للقائمين بذلك، وخشية من الوقوع في الوعيد الوارد في كتمان العلم.

وكان الشيخ - رحمه الله - قد أعطاه الله استعدادا قويا، فلم يخف في الله لومة لائم، وصار له توكل على ربه واعتصام به، فلم يبال بجحافل الأعداء، وجهامة الباطل وكيد شياطين الجن والإنس، ووحي بعضهم إلى بعض بزخرف القول وغروره، وما رموه به من القوادح والمفتريات، وما صوبوا له من سهام البغي والحسد والتكبر والتجبر، وأقام - رحمه الله - في بلد حريملاء على هذه الصفة سنين، فاشتهر حاله في جميع بلدان العارض في حريملاء والعيينة والدرعية والرياض ومنفوحة، وجعل الله لدعوته قبولا في هذه البلدان، وهو لا يزال في حريملاء، فكان له في كل بلد من هذه البلدان أتباع؛ كما أن له معارضين وأعداء حسب سنة الله - تعالى -.

ولقد قبل دعوة الشيخ أناس لهم مكانتهم في بلدانهم كالأمير(عثمان بن معمر)، وكان يفد إليه الناس من جميع ما حوله ممن سمع به وهو مقيم في حريملاء، ويسمعون بيانه ودروسه، حتى كثر محبوه وتابعوه، وانضم لدعوته جم غفير.

ولكن حريملاء كانت غير صالحة لأن تكون منطلقاً للدعوة إلى الله تعالى؛ فقد كان رؤساؤها منقسمين إلى قبيلتين، أصلهما قبيلة واحدة، وكل منهم يدعي أن القول له، وليس للأخرى على الثانية قول، وما كان لحريملاء رئيس يزع الجميع ويجنبهم هذا الاختلاف، وكان في البلد عبيد لإحدى القبيلتين، كثير تعديهم وفسقهم، فأراد الشيخ أن يمنعوا عن الفساد، وينفذ فيهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم يحصل ذلك؛ لعدم وجود الرئيس الوازع، بل إن هؤلاء العبيد المفسدين في الأرض هموا أن يفتكوا بالشيخ ويقتلوه بالليل سرا، فلما تسوروا عليه الجدارَ؛علم بهم أناس، فصاحوا بهم، فهربوا، فانتقل الشيخ بعدها من حريملاء إلى العيينة.

(ب)- الشيخُ الإمام في العيينة:

أدرك الشيخ الإمام- رحمه الله - براسخِ فقهه، وثاقبِ نظرهِ أنَّ السياسة الشرعية في بناء البيئة الإسلامية وهدم البيئة الجاهلية تقتضي البحث عن أمير قوي لا يُنازع؛ بحيثُ تكونُ له السيادة وحسن السياسة وتدبير الملك والرعية وجودة الرأي والفكرة، مع هذا يكون بصيراً في الدين، يدين بالإسلام، ويقتنع بصحة الدعوة إليه والقيام بنصرته.

وكان عثمان بن معمر أمير العيينة ممن تتوفر فيهم صفة الأمير، وكان الشيخ قد أبلغه الدعوة إلى التوحيد؛ فكان المرشح من قبل الشيخ لسد الحاجة إلى أمير يحمي منجزات الدعوة بسيفه، وينشرها بقيادته وجهاده ونصرته، فانتقل إلى العيينة، واختارها منطلقا للدعوة، وتلقاه أميرها (عثمان بن حمد بن عبد الله بن معمر) بعد أخيه محمد بن حمد الملقب (خرفاش) بالقبول وأكرمه، واقتنع بدعوته، وأعلن ذلك بين رجاله المقربين، وتزوج الشيخ عمته الجوهرة بنت عبد الله بن معمر، وكانت ذات مكانة عالية.

وعرض الشيخ الإمام - رحمه الله - على الأمير عثمان بن معمر شأن الدعوة وحمايتها وبيَّن له خطورة هذا الشأن وأهميته وقيمته العظمى، ورشحه لمقام الإمامة فيه، فقال له بعد أن استعرض ما قام به ودعا إليه من التوحيد ورغب إليه في نصرة دين الله: "إني أرجو إن أنت قمت بنصر لا إله إلا الله؛ أن يظهرك الله - تعالى -، وتملك نجداً وأعرابها".

فقام عثمان وساعد الشيخ، فأعلن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبعه أناس من أهل العيينة، واجتهد في ذلك، وأمر الناس بالاتباع، وعدم المشاقة له والنزاع، وألزم الخاصة والعامة أن يمتثلوا أمره وكلامه، ويسلكوا سبل الاستقامة، ويظهروا توقيره وإكرامه، فكان بعد ذلك الأمر والإلزام، وصدور ذلك الاعتناء التام، وشدة الرغبة والاهتمام، وإبداء التعظيم له والاحتشام، تسمع أقواله وتطاع، وتملأ الصدور والأسماع، فصار للزيغ ارتداع وقمع وإقلاع، وللحق والهدى أتباع؛ ففشا الدين في بلدان العارض المعروفة، وأكثرهم قلوبهم عن ذلك النور مصروفة، وعلى ما كانوا عليه من الأمور المألوفة ملازمة محبوسة موقوفة.

ولكن الشيخ الإمام- رحمه الله - لم يصبر على الإقامة بذلك المكان مع مشاهدته فيه الأوثان، فعند ذلك؛ أمر الشيخ محمد الأمير عثمان بهدم القبب والمساجد المبنية في الجبيلة على قبور الصحابة، وقطع الأشجار التي كانت الخلق لها في كل ساعة منتابة؛ فبادر عثمان لذلك وامتثل، وخرج الشيخ معه وجماعتهم على عجل، وخرجوا بالمعاول، والكل للأجر آمل؛ فهدموا تلك المساجد، وأزالوا رفيع المشاهد، وأزالوا جميع المحظور عن جميع تلك القبور، وعدلت على السنن المشروع، واندرس الأمر الممنوع، وهدم رفيع ذلك البناء، وبطل ذلك التعظيم لها والاعتناء.

وقد أثارت هذه الأعمال المباركة حفيظة علماء السوء من خصوم الشيخ- رحمه الله -، ولَمَّا لم يستطيعوا الصمود للشيخ في ميدان الحجة والبرهان، وغلبهم بيان الحق وأسكتهم برهانه عن الرد عليه ومناظرته، ودُحضت حججهم، وكُشفت شبهاتهم، وهم قد أشربوا محبة ما اعتادوه ووجدوا عليه مجتمعهم وكبراءهم وأسلافهم من الآباء والأجداد من الشرك والفسوق وأكل الربا والسحت؛ فلجأوا إلى الافتراء والكذب والمكر والحيل، والاستعانة بتخويف الملوك والحكام وأصحاب المناصب؛ من فوات حظهم بظهوره، فكتبوا إلى رئيس الأحساء وبني خالد: (سليمان بن محمد)؛ لعلمهم أنَّ ثمّت علاقة وطيدةً بينَه وبين أمير العيينة؛ فهو يدور في فلكه، وله عنده خراج ومصالح، وينقاد إلى أمره، فقالوا لأمير الأحساء فيما قالوه من الأكاذيب: إن عثمان بن معمر قد آوى مطوعاً يريد إخراجكم من ملككم وإثارة الناس عليكم، وأقل ما يقوله للعامة: إن المكوس والعشور التي يأخذها الأمراء باطلة لا يقرها الدين، وها هو يرجم كذلك امرأة من أجل الزنى بغير إذن منكم... إلى غير هذا من التحريش والبهتان وإثارة الملوك بما يثيرهم ويخوفهم مهما كان.

فكتب سليمان إلى عثمان يأمره بقتله، أو إجلائه عنوطنه؛ وألزم عليه وشدَّد وهدَّد.

فما كان منه إلا أنِ انهزم أمام تهديد(ابن غرير)، ولم يثبت على المبدأ والعهد، فخذَّل الشيخ، واستجاب لداعي الشيطان، وقال للشيخ- رحمه الله - حين وصله كتاب (سليمان): إنه أتانا خط من سليمان قائد الأحساء، وليس لنا طاقة بحربه ولا إغضابه، فقال له الشيخ: إنَّ هذا الذي أنا قمتُ به ودعوتُ إليه كلمة لا إله إلا الله وأركان الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أنت تمسكت به ونصرته؛فإنَّ الله - سبحانه - يُظهرك على أعدائك؛ فلا يُزعجك سليمان ولا يُفزعك، فإني أرجو أن ترى من الظهور والتمكين والغلبة ما ستملك به بلاده، وما وراءها وما دونها.

فاستحيى عثمان وأعرض عنه، ثم تعاظم في صدره أمر صاحب الأحساء وباع بالآجل العاجل، فأرسلَ إلى الشيخ ثانياً، وقال: إنَّ سليمان أمرنا بقتلك، ولا نقدر على غضبه ولا مخالفة أمره؛ لأنَّهُ لا طاقةَ لنا بحربه، وليس من الشيم والمروءة أن نقتلك في بلادنا؛ فشأنك ونفسك وخل بلادنا.

أما الشيخ؛ فإنه كان رغم ما جرى له من خذلان ابن معمر له على ثقة من ربه، وقد قوَّى الله إيمانه حتى صغر في نفسه وفي ميزان إيمانه بعقيدة السلف الصالح أمر صاحب الأحساء وخذلان ابن معمر له وإخراجه من الوطن والمال والأهل والمسكن، وبقي لديه إيمانه بصحة عقيدة السلف الصالح، وأنَّ الله ناصر دينه، وبقي حسن الظن بالله - تعالى -والثقة به وحده لا شريك له.

(جـ)- الشيخُ الإمام في الدرعية: لما وصل الشيخ بلد الدرعية؛ دخلها من أعلاها وقت العصر، فنزل على عبد الله بن سويلم تلك الليلة، فأقام عنده ذلك اليوم، ولعله هو الذي تبَّرم بوجود الشيخ عنده؛ خوفا على نفسه من محمد بن سعود.

ثم إن الشيخ انتقل من عنده إلى بيت تلميذه الشيخ أحمد بن سويلم، فَعَلِمَ به خواصٌّ من أهل الدرعية، فزاروه خفية، ورأوه لا يزال على سبيل الرسول ثابتاً، يدعو إلى الله على بصيرة، ويقرر لهم التوحيد الذي هو أساس الدين، والذي وقعت فيه الخصومة، فاستقرَّ التوحيد في قلوب هؤلاء الخواصِّ؛ فأرادوا أن يخبروا محمد بن سعود ويشيروا عليه بنصرته، فهابوه، فأتوا إلى زوجته موضى بنت أبي وهطان من آل كثير وأخيه ثنيان الضرير، وكانت المرأة ذات عقل ودين ومعرفة، فأخبروهما بمكان الشيخ وصفة ما يأمر به وينهى عنه، فوقر في قلوبهما معرفة التوحيد، وقذف الله في قلوبهما محبة الشيخ.

اللقاء التأريخي بالأمير الراشد:

دخل محمد بن سعود على زوجته، فأخبرته بمكان الشيخ، وقالت له: إن هذا الرجل ساقه الله إليك، وهو غنيمة؛ فاغتنم ما خصَّك الله به. فقبل قولها، ثم دخل عليه أخوه ثنيان وأخوه مشاري، وأشاروا عليه بمساعدته ونصرته، وألقى الله - سبحانه - في قلبه للشيخ محبة، فأراد أن يرسل إليه، فقالوا: سِرْ إليه برجلك في مكانه، وأظهر تعظيمه والاحتفال به، لعل الناس أن يكرموه ويعظموه. فقام محمد بن سعود من فوره، وسار إليه ومعه أخواه ثنيان ومشاري، فدخلوا عليه في بيت أحمد بن سويلم، فسلَّم عليه، ورحب به، وأبدى غاية الإكرام والتبجيل، وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده، وقال: أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعزِّ والمنعة. فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين؛ وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها وعمل بها ونصرها؛ ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم لبعض؛ فأرجو أن تكون إماما يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك.

وهكذا تم اللقاء التاريخي، وحصلت البيعة المباركة على ذلك.

ولما استقر الشيخ في الدرعية، ومنع، ونصر، وجهر بالدعوة إلى الله - تعالى -معزَّزاً ينشر التوحيد، وساعده على ذلك الأمير محمد بن سعود بكل ما لديه؛ بلا فتور ولا ضجر، وقام مع الأمير كذلك وزراؤه، وأعوانه، وأنصاره من أهل الدرعية، وإخوانه، ومن مشاهيرهم: ثنيان ابن سعود، ومشاري بن سعود، وفرحان بن سعود، والشيخ أحمد بن سويلم، والشيخ عيسى بن قاسم، ومحمد الحزيمي، وعبد الله بن دغيثر، وسليمان الوشيقري، وحمد بن حسين، وأخوه محمد، وغيرهم؛ فجرَّدوا للدعوة هممهم وعزائمهم، وقاموا بها من غير كسل ولا تهاون، وكانت بداية هذه القومة في سنة (1157هـ).

وبقي الشيخ - رحمه الله - على مناصحة الناس، وعرض الحق وبيانه، وكشف الشبه عنه، قريباً من سنتين وكان أهل الدرعية في غاية الجهالة، وقد وقعوا فيما وقعوا فيه من الشرك الأكبر والأصغر والتهاون بالصلاة والزكاة ورفض شعائر الإسلام وهم يومئذ في غاية الضعف وضيق المئونة فتخوَّلهم الشيخ بتعليمهم وتلقينهم التوحيد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأمر بتعلم معنى لا إله إلا الله، وأنها نفي وإثبات؛ ف- (لا إله: تنفي جميع المعبودات، (وإلا الله): تثبت العبادة لله وحده لا شريك له، ثم أمرهم بتعلم ثلاثة الأصول وهي: معرفة الله - تعالى -بآياته ومخلوقاته الدالة على ربوبيته وإلهيته، كالشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والسحاب المسخر بين السماء والأرض وما عليها من الأدلة من القرآن، ومعرفة الإسلام، وأنه تسليم الأمر لله، وهو الانقياد لأمر الله، والانزجار عن مناهيه، ومعرفة أركانه التي بني عليها، وما عليها من الأدلة من القرآن، ومعرفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، واسمه ونسبه ومبعثه وهجرته، ومعرفة أول ما دعا إليه، وهي: لا إله إلا الله، ثم معرفة البعث، وأنَّ من أنكره أو شكَّ فيه؛ فهو كافر، وما على ذلك من الأدلة من القرآن والسنة، ومعرفة دين محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وهو التوحيد، ودين أبي جهل وأتباعه، وهو الشرك بالله - تعالى -.

فلما استقرَّ في قلوبهم معرفة التوحيد بعد الجهالة، أشرب في قلوبهم محبة الشيخ، وأحبوا المهاجرين، وآووهم.










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 21:20   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










Hourse

6- المحطة السَّادسة: آثارُ الدَّعْوةِ و مآلاتُهَا العظيمةُ في داخلٍ نجدٍ وفي خَارِجِهَا: في اليمنِ والشَّامِ والعراقِ وفارس والهندِ ومصرَ:

(أ)- في اليمن:

يذكر محمد رشيد رضا أنَّ علماء السنة في اليمن قد بلغهم كل ما قيل في الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فبحثوا وتثبتوا وتبينوا كما أمر الله - تعالى -، فظهر لهم أن الطاعنين فيه مفترون لا أمانة لهم، وأثنى عليه فحولهم في عصره وبعد عصره، وعدوه من الأئمة المصلحين المجددين للإسلام ومن فقهاء الحديث؛ كما نراه في كتبهم.

يقول الأمير الصنعاني بين يدي قصيدته الدالية المشهورة التي مطلعها:

سلام على نجد ومن حل في نجد = وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي.

(ب)- في الشام:

لا ريب أنَّ لدعوة الشيخ وأنصاره عليها أثر كبير في نشر عقيدة السلف الصالح في الشام، وتمكين الله أنصارها في الأرض، ونصرهم لما نصروا دين الله ورسوله.

ونَجِدُ من علماء الشام الشيخ (محمد بهجة البيطار)، الذي عيَّنه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مديراً لدار التوحيد بالطائف أول ما أنشئت، ومن مؤلفاته كتاب "حياة شيخ الإسلام ابن تيمية، محاضرات ومقالات ودراسات "، ونشره المكتب الإسلامي بدمشق عام 1380 هـ، ويرد في هذا الكتاب على ألفريد غيوم في كتابه "الإسلام" ترجمة محمد مصطفى هدارة والدكتور شوقي اليماني السكري، الطبعة الأولى سنة 1958 م بالقاهرة.

ومنْ رَدِّه عليه ما جاء في (ص 100) من كتابه، وهو قوله: " في المملكة الوهابية؛ حيث يسود المذهب الوهابي".

قال محمد بهجة البيطار: "الجواب: ليس للوهابية ولا للإمام محمد بن عبد الوهاب مذهب خاص، ولكنه - رحمه الله - كان مجدِّداً لدعوة الإسلام، ومتبعاً لمذهب أحمد بن محمد بن حنبل".

وللمكتب الإسلامي في دمشق وبيروت الذي يشرف عليه الشيخ(زهير الشاويش) نشاط ملموس في طبع ونشر مؤلفات الشيخ وسائر مؤلفات السلف الصالح.

ونقتطف هاهنا تعليقاً للأمير(شكيب أرسلان) من أهل الشام على الوهابية - على حد تعبيره إذْ يقولُ ما نصُّه: "ولكن المقرر أنها حركة إنابة إلى العقيدة الحق وهدي السلف الصالح، واقتفاء أثر الرسول والصحابة، ونبذ الخرافات والبدع، وحظر الاستغاثة بغير الله، ومنع التمسح بالقبور والتعبد عند مقامات الأولياء، ولذلك يُسَمُّونها عقيدة السلف، ويلقب الوهابيون أنفسهم سلفيين، وأكثر اعتمادهم في الاجتهاد على الإمام أحمد بن حنبل، والإمام ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية".

وشكيب أرسلان عضو من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، وكانت له صلة وثيقة بمحمد رشيد رضا، وقد قابل الملك عبد العزيز أثناء رحلته إلى الحجاز سنة 1354 هـ، وقال:

"لله در الملك ابن سعود؛ يقول: ما أخشى على المسلمين إلا من المسلمين، ما أخشى من الأجانب كما أخشى من المسلمين، وهو كلام أصاب كبد الصواب؛ فإنه ما مِنْ فتحٍ فتحه الأجانب من بلاد المسلمين؛ إلا كان نصفه أو قِسمٌ منه على أيدي ناس من المسلمين، منهم من تجسَّس للأجانب على قومه، ومنهم من بثَّ لهم الدِّعاية بين قومه، ومنهم من سلَّ لهم السيف في وجه قومه، وأسال في خدمتهم دم قومه".

وقال محمد رشيد رضا مضيفاً إلى ما نقله شكيب أرسلان عن الملك عبد العزيز من كلام صائبٍ؛ أنه في حفل حافلٍ بحجاج الأقطار، وقد طالب مصري أزهري الملك عبد العزيز بمحاربة الإنكليز والفرنسيين المعتدين على المسلمين، ذاكراً عداوتهم لهم، فقال الملك عبد العزيز: "الإنكليز والفرنسيين معذورون إذا عادونا؛ لأنه لا يجمعنا بهم جنس ولا دين ولا لغة ولا مصلحة، ولكنَّ المصيبة التي لا عذر لأحد فيها أن المسلمين أصبحوا أعداء أنفسهم، وأنا والله لا أخاف الأجانب، وإنما أخاف من المسلمين، فلو حاربت الإنكليز، لما حاربوني إلا بجيش من المسلمين".

وهذا محمد كرد علي من أهل الشام في كتابه "القديم والحديث" منتقيات من مقالاته، وهو عضو في المجمع العلمي العربي بدمشق يقول: "وما ابن عبد الوهاب إلا داعية، هداهم من الضلال، وساقهم إلى الدين السمح، وإذا بدت شدة من بعضهم؛ فهي ناشئة من نشأة البادية، وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم، وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة، فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة، وما يتهمهم به أعداؤهم؛ فزورٌ لا أصل له".

(جـ)- في الخليج العربي:

نجد في قطر أنَّ حكامه آل ثاني كانوا يُسهمون إسهاماً كبيراً في طبع مؤلفات علماء السلف الصالح، ولا تنكر صلتهم الوثيقة بأنصار عقيدة الشيخ من قديم، وكان في قطر من العلماء الذين يحملون عقيدة سلفية سليمة ولهم جهدٌ لا يُنكر في ذلك الأثر الحميد؛ كالشيخ محمد ابن عبد العزيز بن مانع، الذي كان مديراً عاماً للمعارف في المملكة العربية السعودية، ثم طلبه أخيراً حكام قطر ليستفيدوا من علمه، ويشير عليهم بما كانوا متقبلين له من نصر لعقيدة السلف الصالح، ونشر لكتبهم؛ كـ"مجموعة التوحيد النجدية" وكتب فقه الحنابلة وغيرهم.

وأخيرا، فإِنَّ هناكَ كتاباً للشيخ(أحمد بن حجر بن محمد آل بوطامي) قاضي المحكمة الشرعية بقطر، قدَّم له وصحَّحه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وأمر بطبعه الملك فيصل بن عبد العزيز عام 1395 هـ، وهو عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه، وهو كتاب علمي جيد، من أجود ما كتب في هذا الموضوع.

أما عن أثرها في البحرين:

فهناك قصة طريفة جرت إبان نكبة الدرعية والتجاء بعض علماء الدعوة إلى البحرين وإلى عمان وغيرهما.

قال الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في مقدمة الطبعة الثالثة لكتاب "منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب" تأليف الشيخ عبد العزيز بن حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر في قصة تأليف الكتاب المذكور ما ملخصه: إنَّ الإنكليز أرسلوا مندوباً إلى البحرين من القسس؛ ليعمل على بثِّ الدعاية النصرانية وشكوكها لفتنة الناس في البحرين عن دينهم؛ فقام ذلك القسيس بتأليف كتاب ضمَّنه شبهاتهم حول الإسلام، ودفعه إلى أمير البحرين عبد الله بن خليفة، وطلب منه أن يعرضه على المشايخ ليقولوا رأيهم، فردَّ عليه الشيخ عبد العزيز بن حمد آل معمر بكتابه "منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب"، ودفعه إلى أمير البحرين، ففرح به الأمير أشد الفرح، ودعا القنصل الإنكليزي القسيس، وأعطاه الردَّ؛ فاندهش جداً؛ لأنه كان يظن عجز علماء البحرين، ثم قال: "هذا الرد لا يكون من هنا، وإنما هو من البحر النجدي.

(د)- في العراقِ:

وإذا جاوزنا الخليح إلى العراق، فإننا نجد مدرسة أهل السنة والجماعة يتصدرها آل الألوسي أمثال العلامة نعمان خير الدين الألوسي والعلامة محمود شكري الألوسي وكان لهم نشاط في إحياء الكتب الدينية ونشر مذهب السلف، وله اليد الطولى في إذاعتها ونشرها، وكان يرى أن مذهب السلف هو الواسطة الوحيدة لتحرير العقول من رِقِّ التعصب الذميم.

كما كان لهم القدح المعلى في الذبِّ عن حياض دعوة الشيخ الإمام- رحمه الله - وما أُثيرَ حولها من شبهاتٍ؛إذ يقول العلامة أبو المعالي محمود شكري الألوسي في مؤلفه "تاريخ نجد": "اعلم أنَّ أهل نجد كلهم مسلمون مُوحِّدون، بل وجميع سكنة جزيرة العرب، وقد دخلوا في الإسلام في العصر الأول عند ظهور أنوار الشريعة الغراء، وهم على عقائد السلف الصالح".

ثم ذَكَرَ اعتقادهم في الله - تعالى -، وَذَكَرَ اعتقادهم في الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - واعتقادهم في الآل والأصحاب، إلى أن قال: "والحاصل أن مذهبهم في أصول الدين مذهب أهل السنة الجماعة، وأنَّ طريقتهم طريقة السلف التي هي الطريق الأسلم، بل الأحكم".

إلى أن قال: "وأما ما يُكذب عليهم ستراً للحق وتلبيساً على الخلق؛ بأنهم يفسرون القرآن برأيهم، ويأخذون من الحديث ما وافق فهمهم من دون مراجعة شرح ولا معول على شيخ، وأنهم يضعون من رتبة النبي وأنه ليس له شفاعة، وأن زيارته غير مندوبة، وأنَّهم لا يعتمدون أقوال العلماء، وأنهم يُتلفون مؤلفات أهل المذاهب؛ لكون الحق والباطل فيها، وأنهم مجسمة، وأنهم يكفرون الناس على الإطلاق من بعد الست مئة إلى هذا الزمان؛ إلا من كان على ما هم عليه، وأنهم لا يقبلون بيعة أحد؛ إلا إذا أقرَّ عليه أنه كان مشركا، وأنَّ أبويه ماتا على الشرك بالله، وأنهم ينهون عن الصلاة على النبي صلى الله - تعالى -عليه وسلم، وأنهم يحرمون زيارة القبور المشروعة مطلقاً، وأنهم لا يرون حقًّا لأهل البيت، وأنهم يجبرونهم على تزويج غير الكفء لهم... إلى غير ذلك من الافتراءات؛ فكلُّ ذلك زور عليهم وبهتان وكذب محض من خصومهم أهل البدع والضلال".

(هـ)- فارس والهندِ:

وإذا تجاوزنا العراق وعرَّجنا على فارس في طريقنا إلى الهند؛ فإننا نجد في لنجة - بلد من البلدان الفارسية - الشيخ ملا عمران بن علي بن رضوان يَردُّ على بعض قصائد الملحدين المعادين للشيخ، ويثني خلال ذلك على الشيخ بقصيدة هذا مطلعها:

جاءت قصيدتهم تروح وتغتدي ***في سب دين الهاشمي محمد

ومن فارس إلى الهند، نجد علماء السنة في الهند قد بلغهم ما يقوله دحلان وأمثاله في الشيخ، فبحثوا وتثبتوا وتبينوا كما أمر الله - تعالى -، وكما هو منهج أهل السنة والجماعة من سلفنا الصالح، فظهر لهم أنَّ الطاعنين في الشيخ مفترون لا أمانة لهم، فأثنى عليه فحولهم في عصره وبعد عصره، وعدُّوه من أئمة المصلحين المجددين للإسلام، ومن فقهاء الحديث؛ كما نراه في كتبهم، وكما قال محمد رشيد رضا.

ومن هذه الكتب: كتاب "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان"، تأليف العلامة الكبير المحدث الفقيه النحرير (محمد بشير السهسواني الهندي).

وقد تناظر الشيخ محمد بشير والشيخ أحمد دحلان مفتي مكة في مسألة التوحيد، فكتب الشيخ رَدًّا عليه كتابه المسمَّى: "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان"، واشتهر الكتاب، وطَبَعَه علماء نجدٍ، ولم يرد عليه أحد من المخالفين.

وفي كتابٍ بعنوان: "حركة الانطلاق الفكري بالهند وجهود الشاه ولي الدهلوي" تأليف محمد إسماعيل السلفي وتعريب مقتدي حسن الأعظمي؛ يقول: "إنَّ تسمية ما هم عليه بالوهابية كذب محض وافتراء عظيم، فالمركز الرئيسي للوهابيين الحجاز ونجد"، ويقولون: "إنهم هم الذين أخذوا علم الحديث من الهند، أو استفادوا من العلامة حياة السندي والحافظ الشوكاني في الحديث؛ فكأنَّ الوهابيين أيضا قد أخذوا السلفية من الهند أو اليمن والحجاز".

وكانت تُطبعُ بعض مؤلفات الشيخ بالهند و "تاريخ ابن غنام"، وينتشر هناك ما ينتشر من ذلك، ولهذا أثر كبير في بثِّ الوعي الإسلامي السليم والعقيدة السلفية في الهند.

(و)- في مصر:

أَمَّا مصرُ؛ فكانتْ تزخرُ بعواملِ النهضة العلميةِ منْ وجودِ عددٍ من المطابعِ والمجلاتِ وأهلِ العلمِ والدَّعوةِ، ومنِ تلكَ المطابعِ المهمةِ في تلك الحقبةِ الزمنيةِ:

1- مطبعة المنار بمصر، و "مجلة المنار" بمصر، وصاحبها محمد رشيد رضا، يقبل الخير، ويتجاوب مع الملك عبد العزيز في نشر مؤلفات وآثار علماء الدعوة، وعلى رأسهم الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب.

فهذه "مجموعة الرسائل والمسائل النجدية" أربعة مجلدات كبار، وغيرها، وكثير من كتب السلف الصالح في الفقه والتفسير والحديث، وغير ذلك، بلغ المجلدات الكبار، وبلغ قدرا كبيرا من ذلك، كان له أثر كبير في بث الوعي بين المسلمين، ونشر ضالتهم من الحق في تلك المؤلفات السلفية، ومحمد رشيد رضا يخدمها بالتعليق والإشراف على طبعها، وكانت له مواقف حميدة، وكتابات منصفة، وبيانات للحق ناصعة في مجلته الكبيرة "مجلة المنار" التي بلغت ما يربو على عشرين مجلدا، واستمر صدورها سنين عديدة، وكان ينشر دفاعا مجيدا عن دعوة السلف الصالح، وما يدفعه إلى ذلك إلا تأثره بعقيدة السلف الصالح، وتطلعه إلى نهضة المسلمين إذا استيقظوا من غفلتهم إلى دينهم بهذه العقيدة السليمة.

2- مطبعةِ جماعة أنصار السنة المحمدية ورئيسها محمد حامد الفقي؛ فقد كان لهم دور في بث العقيدة السلفية، ونشر كتب عقيدة السلف الصالح، وبيان الحق، والرد على طوائف الصوفية المنحرفة عن السنة، وكان لرئيس جماعة أنصار السنة المحمدية الشيخ محمد حامد الفقي نشاط خاص في هذا المجال، وله كتاب سماه "أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب وغيرها" كتبه وتحدث به في نادي جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر، وهذا النادي يحضره كثير من المصريين وغيرهم، وقد نفع الله به، وطبع عام 1354 هـ بمطبعة النهضة بشارع عبد العزيز بمصر.

ومن أبرز المشايخ الذي كان له دفاع عن دعوة الشيخ - رحمه الله -: الشيخ الدكتور محمد خليل هراس، فقد كتب عن منهج الشيخ وأنصاره، وسمى ما كتبه: "الحركة الوهابية" وهو رد على مقال للدكتور محمد البهي في نقده للوهابية، وطبعته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1396 هـ.

3- دار الطباعة المنيرية في القاهرة: ولا ننسى محمد منير بن عبده آغا النقلي الدمشقي الأزهري، صاحب هذه الدارِ العامرةِ، تفقه في الأزهر سلفيا، وأصبح من علمائه، وأنشأ دار الطباعة المنيرية 1337 ه-، ونشر كثيرا من المصنفات القديمة والحديثة، وصنف كتاب "نموذج من الأعمال الخيرية في إدارة المطبعة المنيرية"، مطبوع، أنجزه في شعبان 1358 هـ، وله "إرشاد الراغبين في الكشف عن آي القرآن المبين"، مطبوع، وتوفي بالقاهرة وله "المجموعة المنيرية"، وهي مجموعة رسائل سلفية لشيخ الإسلام ابن تيمية والصنعاني والشوكاني والصابوني وأبو محمد الجويني وغيرهم، وسماها "المجموعة المنيرية"، وله عليها تعليقات، وقد خدم كثيرا من رسائل السلف خاصة ومؤلفاتهم، ومن ذلك مجموعة بعنوان "الأصول الثلاثة وأدلتها، ويليها شروط الصلاة وواجباتها وأركانها، والقواعد الأربع، للشيخ محمد بن عبد الوهاب، علق عليها وصحح أصولها وكساها حواشي مفيدة محمد منير الدمشقي، طبعت في القاهرة، إدارة الطباعة المنيرية"؛ بلا تاريخ ومنها: "كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، نشر المكتبة القيمة بمباي والقاهرة دار الطباعة المنيرية سنة 1344 هـ "ومنها: "كشف الشبهات للشيخ محمد بن عبد الوهاب، علق عليه وصححه محمد منير الدمشقي"، وفي ذيله نبذة في الحث على اتباع الكتاب والسنة والعمل بهما للمعلق، طبع القاهرة في إدارة الطباعة المنيرية سنة 1351 هـ".

4- المطبعة السلفية ومكتبتها وصاحبها محب الدين الخطيب، وقد طَبَعتْ كثيراً من كتب السلف الصالح، مع التحقيق والعناية، من ذلك طبعهم ل "مجموعة التوحيد النجدية" وعنايتهم بها، ولا زالت حتى بعد وفاة مؤسسها تحت إشراف ابنه قصي.

5- مطبعة المدني المؤسسة السعودية في مصر وغيرها من المطابع التي تطبع آثار الشيخ ومؤلفاته وسائر مؤلفات السلف الصالح مما يكون له تأثير في نشر العقيدة السلفية.










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 21:25   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










Hourse

7- المحطةُ السَّابعةُ: أبرزُ افتراءاتِ المناوِئينَ للدَّعوةِ التَّجديدِيَّةِ الإصلاحِيَّةِ وشبهاتِهم، ونَقْضُهَا والرَّدُّ عليها:

• فريةُ أَنَّ دعوةِ الشيخِ الإمامِ- رحمه الله - كانتْ دعوةً موغلةً في التَّطرفِ والغلو؛ إلى درجة تَلُّوثِها بـ (تكفيرِ) المسلمينَ الخارجينَ عن نطاقِ الدَّعوةِ الإصلاحيةِ، واستباحةِ دمائِهم؛ استناداً على ذلكَ:

الرَّدُّ عليها:

الرَّدُّ على هذه الفريةِ المنكرةِ الآثمةِ، سيكونُ من وجهينِ اثنينِ:

أولهما: رَدُّ الشيخِ الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله - نفسهِ على هذه الفرية.

والآخرُ: رَدُّ أنصارهِ وأبنائهِ، وأحفادهِ وتلامذتهِ على هذه الفريةِ.

أَمَّا رَدُّ الشيخِ الإمام- رحمه الله - فقد تعدَّدَ وتنوَّعِ بشكل كبيرٍ جِدًّا، وكانَ على شكلِ رسائلَ أو أجوبةٍ يُوجِّهها للسائلينَ، وهي على النحو الآتي:

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لأهل الرياض ومنفوحه - رحمه الله -:

"وقولكم إننا نكفر المسلمين، كيف تفعلون كذا، كيف تفعلون كذا. فإنا لم نكفر المسلمين، بل ما كفرنا إلا المشركين".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لأحد مطاوعة ثرمداء:

"وأما ما ذكره الأعداء عني أني أكفر بالظن، والموالاة، أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لأهل القصيمِ رَدًّا على ابن سحيم:

"والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها، ولم يأت أكثرها على بالي، فمنها قوله: أني أقول: إنَّ الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وأني أكفر من توسل بالصالحين، وأني أكفر البوصيري، وأني أكفر من حلف بغير الله.. جوابي عن هذه المسائل أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لحمد التويجري:

"وكذلك تمويهه على الطغام بأن ابن عبد الوهاب يقول: الذي ما يدخل تحت طاعتي كافر، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد، وتبرأ من الشرك وأهله، فهو المسلم في أي زمان وأي مكان، وإنما نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعد ما تبيّن له الحجة على بطلان الشرك…".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ للشريف:

"وأما الكذب والبهتان، فمثل قولهم: أنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لأحدِ علماء المدينة:

"فإن قال قائلهم أنهم يكفرون بالعموم فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، الذي نكفر الذي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله، وأن دعوة غير الله باطلة ثم بعد هذا يكفّر أهل التوحيد".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ إلى إسماعيل الجراعي صاحب اليمن:

"وأما القول بأنّا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء الذين يصدون به عن هذا الدين، ونقول سبحانك هذا بهتان عظيم".

• جواب الشيخِ الإمامِ للشيخِ عبد الرحمن بن عبد الله السويدي:

"وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله، منها: إشاعة البهتان بما يستحي العاقل أن يحكيه، فضلاً عن أن يفتريه، ومنها ما ذكرتم أني أكفر جميع الناس إلا من تبعني، وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، ويا عجبا كيف يدخل هذا في عقل عاقل، هل يقول هذا مسلم أو كافر أو عارف أو مجنون.. ".

2- رَدُّ أنصارهِ وأبنائهِ وأحفادهِ وتلامذتهِ على هذه الفريةِ:

• يقولُ الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله -:

"وأما ما يكذب علينا ستراً للحق، وتلبيساً على الخلق، بأننا نكفر الناس على الإطلاق، أهل زماننا، ومن بعد الستمائة، إلا من هو على ما نحن فيه، ومن فروع ذلك أن لا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرر عليه بأنه كان مشركاً، وأن أبويه ماتا على الشرك بالله … فلا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولاً، كان جوابنا في كل مسألة من ذلك (سبحانك هذا بهتان عظيم)، فمن روى عنا شيئاً من ذلك أو نسبه إلينا، فقد كذب وافترى، ومن شاهد حالنا، وحضر مجالسنا، وتحقق ما عندنا علم قطعياً أن جميع ذلك وضعه علينا وافتراه أعداء الدين وإخوان الشياطين، تنفيراً للناس عن الإذعان بإخلاص التوحيد لله - تعالى -بالعبادة وترك أنواع الشرك الذي نص عليه بأن الله لا يغفره، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فإنا نعتقد أن من فعل أنواعاً من الكبائر كقتل المسلم بغير حق، والزنا، والربا وشرب الخمر، وتكرر منه ذلك، أنه لا يخرج بفعله ذلك من دائرة الإسلام ولا يخلد به في دار الانتقام، إذا مات موحداً بجميع أنواع العبادة".

• يقولُ الشيخ عبد العزيز بن حمد سبط الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -:

"وأما السؤال الثاني وهو قولكم: من لم تشمله دائرة إمامتكم ويتسم بسمة دولتكم، وهل داره دار كفر وحرب على العموم الخ.

فنقول وبالله التوفيق: الذي نعتقده وندين الله به، أن من دان بالإسلام وأطاع ربه فيما أمر، وانتهى عما عنه نهى وزجر، فهو المسلم حرام المال والدم كما يدل عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة. ولم نكفر أحداً دان بالإسلام لكونه لم يدخل في دائرتنا، ولم يتسم بسمة دولتنا، بل لا نكفر إلا من كفره الله ورسوله، ومن زعم أنا نكفر الناس بالعموم، أو نوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ببلده فقد كذب وافترى".

• يقولُ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن (أحد أحفادِ الشيخ)- رحمه الله - في رَدِّهِ على عثمان بن منصور:

"هذه العبارة تدل على تهور في الكذب، ووقاحة تامة، وفي الحديث: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

وصريح هذه العبارة أن الشيخ كفر جميع الأمة من المبعث النبوي إلى قيام الساعة إلا من وافقه على قوله الذي اختص به، وهل يتصور هذا عاقل عرف حال الشيخ وما جاء به ودعا إليه، بل أهل البدع كالقدرية والجهمية والرافضة والخوارج لا يكفرون جميع من خالفهم، بل لهم أقوال وتفاصيل يعرفها أهل العلم، والشيخ - رحمه الله - لا يعرف له قول انفرد به عن سائر الأمة، ولا عن أهل السنة والجماعة منهم، وجميع أقواله في هذا الباب - أعني ما دعا إليه من توحيد الأسماء والصفات وتوحيد العمل والعبادات - مجمع عليه المسلمين لا يخالف فيه إلا من خرج عن سبيلهم وعدل عن مناهجهم".

• يقولُ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن عن تورع جده الشيخ الإمام - رحمه الله - عن التكفير:

"والشيخ محمد - رحمه الله - من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر، حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور، أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها".

• كما يؤكد الشيخ عبد اللطيف- رحمه الله - أنَّ من عرف سيرة الشيخ الإمامِ محمد بن عبد الوهاب، أدرك براءته من تلك الفرية الكاذبة فيقول - رحمه الله -:

"كل عاقل يعرف سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، يعلم أنه من أعظم الناس إجلالاً للعلم والعلماء، ومن أشد الناس نهياً عن تكفيرهم وتنقصهم وأذيتهم، بل هو ممن يدينون بتوقيرهم وإكرامهم والذب عنهم، والأمر بسلوك سبيلهم، والشيخ - رحمه الله - لم يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأجمعت الأمة على كفره كمن اتخذ الآلهة والأنداد لرب العالمين".

• يقولُ الشيخ صالح بن محمد الشتر- يرحمه الله -:

"وأما ما ادعاه أعداءه المعاصرون له أنه كفر بالعموم، أو يكفر بالذنوب أو يقاتل من لا يستحق قتلاً، أو يستحل دمه وماله، فالجواب أن نقول سبحانك هذا بهتان عظيم، ورسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب تبرأ فيهن مما نسب إليه أعداؤه وأن مذهبه مذهب السلف الصالح".

• يقولُ الشيخ السهسوان- يرحمه الله -:

"هذا كله افتراء بلا ريب على الشيخ، يعرفه من له رائحة من الإيمان والعلم والعقل".

• ويقول أيضاً - رَدًّا على بعضِ الأقوالِ الَّتي فيها قذفُ الشيخ الإمام بتكفير الناس-: "الجواب على هذه الأقوال كلها أنها على طولها وكثرتها كاذبة خبيثة فلا تعجبك كثرة الخبيث".

• يقولُ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ- رحمه الله - في رَدِّهِ على الشريف في قضية استباحةِ الوهابيةِ للحرمينِ الشريفينِ:

"وأما استباحة هذين البلدين الشريفين، فكلّ أحد يعرف أن هذا من الكذب والبهت البيِّن. قال - تعالى -: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)[النحل: 105].

لم يقع فيهما قتال بحمد الله، فضلاً عن الاستباحة. وفي الحديث: "إنّ ممّا أدرك النّاس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، وإنما دخلها المسلمون في حال أمن وصلح، وانقياد من شريف مكة ورؤساء المدينة. وجلس المشايخ بالحرمين الشريفين للتعليم والتدريس.

وكتبت الرسائل في بيان التوحيد والتنزيه عن التقديس، حتى جاءت دولة الأتراك فجاسوا خلال الديار، وكان وعداً مفعولاً.

... ولا يجوز أن يُسَمَّى ما وقع استباحة للحرمين. كما قاله هذا المفتري. كيف وقد وقع من تعظيم الحرمين وكسوة الكعبة الشريفة، وتأمين السبل والحج إلى بيت الله وزيارة الحرم الشريف النبوي ما لا يخفى على منصف عرف الحال، ولم يقصد البهت والضلال؟ ".

• يقولُ الشيخ محمد رشيد رضا:

"كنا نسمع في صغرنا أخبار الوهابية المستمدة من رسالة دحلان هذا ورسائل أمثاله فنصدقها بالتبع لمشايخنا وآبائنا، ونصدق أن الدولة العثمانية هي حامية الدين ولأجله حاربتهم وخضدت شوكتهم، وأنا لم أعلم حقيقة هذه الطائفة إلا بعد الهجرة إلى مصر والإطلاع على تاريخ الجبرتي وتاريخ الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، فعلمت منهما أنهم هم الذين كانوا على هداية الإسلام دون مقاتليهم، وأكده الاجتماع بالمطلعين على التاريخ من أهلها ولاسيما تواريخ الإفرنج الذين بحثوا عن حقيقة الأمر فعلموها وصرحوا أن هؤلاء الناس أرادوا تجديد الإسلام وإعادته إلى ما كان عليه في الصدر الأول، وإذاً لتجدد مجده، وعادت إليه قوته وحضارته، وأن الدولة العثمانية ما حاربتهم إلا خوفاً من تجديد ملك العرب، وإعادة الخلافة الإسلامية سيرتها الأولى".

• وقال أيضاً- رحمه الله -:

"ونحن كنا نصدق هذه الإشاعات التي أشاعتها السياسة التركية عنهم تصديقاً لابن عابدين وأمثاله، وقد طبعت كتبهم وكتب أنصارهم في عصرنا فلا عذر لأحد في تصديق الحشوية والمبتدعة وأهل الأهواء فيهم.

وقد ذكرتُ هذه الإشاعات مرة بمجلس الأستاذ الكبير الشيخ أبي الفضل الجيزاوي شيخ الأزهر في إدارة المعاهد الدينية فاستحضرت لهم نسخاً من كتب الهدية السنية؛ فراجعها الشيخ الأكبر وعنده طائفة من أشهر علماء الأزهر فاعترفوا بأن ما فيها هو عين مذهب جمهور أهل السنة والجماعة".

• فرية أَنَّ نجدَ اليمامةِ قرنُ الشيطانِ:

رَدُّ الشيخ عبد الرحمن بن حسن- رحمه الله - على هذه الفرية بقوله:

(.. الذم إنما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل، والأحاديث التي وردت في ذم نجد كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم بارك لنا في يمننا. اللهم بارك لنا في شامنا) الحديث.. قيل إنه أراد نجد العراق؛ لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق، والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى على العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير والتاريخ، كخروج الخوارج بها، وكمقتل الحسين، وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة … وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من القتال، وسفك الدماء وغير ذلك مما يطول عده.

وعلى كل حال فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن؛ لأن الذم إنما يكون الحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل. وقد تقع المداولة فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر، وبالعكس).

إلى أن قال - رحمه الله -: "فلو ذُمَّ نجدٌ بمسيلمة بعد زواله، وزوال من يصدقه، لذُمَّ اليمن بخروج الأسود العنسي ودعواه النبوة …، وما ضرَّ المدينة سكنى اليهود بها، وقد صارت مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ومعقل الإسلام، ما ذُمَّت مكة بتكذيب أهلها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشدة عدواتهم له، بل هي أحب أرض الله إليه..".

ويقرر الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن المراد بالمشرق ونجد الذي ورد ذمه في الحديث فقال:

"إنَّ المراد بالمشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله هو العراق؛ لأنه يحاذي المدينة من جهة الشرق، يُوضِّحه أن في بعض طرق هذا الحديث: وأشار إلى العراق)، قال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة، كان نجده بادية الشام ونواحيها فهي مشرق أهل المدينة، وأصل نجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها، وقال الداوودي: أن نجداً من ناحية العراق، ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في مسلم عن ابن عمر قال: يا أهل العراق ما أسألَكم عن الصغيرة وأركبَكم للكبيرة، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أن الفتنة تجيء من هاهنا، وأومأ بيده إلى المشرق، فظهر أن هذا الحديث خاص لأهل العراق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسَّر المراد بالإشارة الحسيّة، وقد جاء صريحاً في (المعجم الكبير) للطبراني النص على أنها العراق. وقول ابن عمر وأهل اللغة وشهادة الحال كل هذا يعين المراد..".

• فريةُ أَنَّ دعوةَ الشيخِ الإمامِ- رحمه الله - تَضَمَّنَتْ انتقاصاً لمقامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المنيفِ الشَّريفِ، وإدعاء صاحبها النبوة:

قد أوضح الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - معتقده في مسألة ختم النبوة في مواضع من مؤلفاته، منها ما ورد في رسالته لأهل القصيم لما سألوه عن عقيدته فقال - بكل وضوح -:

"وأومن بأن نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته)، بل إن الشيخ - رحمه الله - يصرح بأكثر من ذلك بعبارة موجزة، فيقول في ذكر الحقوق الواجبة على كل مسلم:

"وأعظمها حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأفرضه شهادتك له أنه رسول الله وأنه خاتم النبيين، وتعلم أنك لو ترفع أحداً من الصحابة في منزلة النبوة صرت كافراً".

وقد أورد الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في رسالته التي بعثها إلى أهالي الحجاز وجنوب الجزيرة العربية، اعتقاد أئمة الدعوة السلفية في نجد، فكان مما قاله - رحمه الله - في مسألة ختم النبوة: (ونؤمن بأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين).

ويقول الشيخ - رحمه الله - عن بعثة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -:

"ولما أراد الله - سبحانه - إظهار توحيده وإكمال دينه وأن تكون كلمته هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى بعث محمداً خاتم النبيين، وحبيب رب العالمين، ومازال في كل جيل مشهوراً، وفي توراة موسى وإنجيل عيسى مذكوراً، إلى أن أخرج تلك الدرة بين بني كنانة وبني زهرة، فأرسله على حين فترة من الرسل وهداه إلى أقوم السبل، فكان له - صلى الله عليه وسلم - من الآيات الدالة على نبوته قبل مبعثه ما يعجز أهل عصره.. ".

ويتحدث الشيخ الإمام عن معنى شهادة أن محمداً رسول الله فيقول:

"ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع".

فلا يتحقق معنى شهادة أن محمداً رسول الله إلا بتمام الاتباع وكمال الاقتداء، بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ويقول الشيخ مشيراً إلى بعض خصائص المصطفى - صلى الله عليه وسلم -:

"فرسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - هو سيد الشفعاء، وصاحب المقام المحمود، وأدم فمن دونه تحت لوائه".

ولا نملك في نهاية الرد على هذا الإفك المبين إلا أن نتمثَّلَ قول الله - عز وجل -: ? سبحانك هذا بهتان عظيم ?.


• فريةُ أَنَّ دعوةَ الشيخِ الإمامِ- رحمه الله - أعلنتِ الحربَ الشَّعواءَ على الأولياءِ والصَّالحينِ وأنكرتْ كراماتهم:

قرَّر الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إثباته لكرامات الأولياء، فيقول بكل صراحة ووضوح:

"وأُقِرُّ بكرامات الأولياء، وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لا يستحقون من حق الله - تعالى -شيئاً، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله".

ويقول أيضاً: (وقوله: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) إلى آخره. هذا وحي إلهام، ففيه إثبات كرامات الأولياء).





ويذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب الواجب في حق أولياء الله الصالحين، فيقول: ".. الواجب عليهم حبهم واتباعهم والإقرار بكرامتهم، ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال، ودين الله وسط بين طرفين، وهدى بين ضلالتين، وحق بين باطلين".

ويؤكد أتباع الدعوة - من بعد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - هذا الاعتقاد ويقررونه.

فنجد أن الإمام عبد العزيز الأول يُشير إلى حقوق أولياء الله، مع بيان الفرق بين الولي الحق، وبين مدعي الولاية - كذباً وزوراً - فقال - رحمه الله -: "وكذلك حق أوليائه محبتهم والترضي عنهم والإيمان بكراماتهم، لا دعاؤهم، ليجلبوا لمن دعاهم خيراً لا يقدر على جلبه إلا الله - تعالى -، أو ليدفعوا عنهم سوءاً لا يقدر على دفعه إلا هو - عز وجل -، فإن ذلك عبادة مختصة بجلاله - تعالى –وتقدس".

• فريةُ وجودِ أيدٍ أجنبيةٍ ساهمتْ بشكلٍ كبيرٍ في صناعةِ الدَّعوةِ الإصلاحيةِ؛ لتكونَ خنجراً مسموماً يطعنُ في جسدِ الأُمَّةِ الإسلاميةِ:

أصلُ هذه الفريةِ المنكرةِ الآثمةِ جَاءَ عَنْ خُرافةٍ أشَاعَهَا الرَّافضةُ فيما يُسمَّى بـ(مذكراتِ همفر)؛ فقد زعموا أنَّ (همفر) هذا كان جاسوساً بريطانياً، واتصل بالشيخِ الإمامِ محمد بن عبدالوهاب- رحمه الله -، واستطاعَ بدهائه وذكائهِ أن يُجَنِّدَ الشيخ- رحمه الله - لحسابِ المخابراتِ البريطانيةِ.

هكذا زَعَمَ الرَّافضةُ- قَبَّحهم الله- زوراً وافتراءً، و الرَّدُّ على هذه الفريةِ المنكرةِ الآثمةِ، سيكونُ من وجوهٍ عديدةٍ:

الوجهُ الأَوَّلُ: ما ورد في هذه (المذكرات) هو محضُ هُراءٍ، وكلامٌ عارٍ عن الدليل، لا ينطلي إلا على أحد رجلين:

الأول: جاهل جهلاً مركباً، غبيٌّ لا يُفرِّق ما بين الألفِ والياءِ.

والثاني: صاحب هوىً مبتدع، عدوُّ لدعوة التوحيد.

الوجهُ الثاني: شهد ببراءة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأثبت أن همفر شخصية وهمية؛ أحد خصوم دعوة الشيخ المباركة وأحد أعداء الدعوة السلفية ألا وهو (حسن بن فرحان المالكي)؛ إذ قالَ:

"أما اتهام الوهابية بأنهم صنيعة بريطانية بناء على مذكرات رجل بريطاني اشتهرت كثيراً عبر منتديات الإنترنت فهي باطلة، وكان ذلك البريطاني الذي نسبت إليه المذكرة واسمه "همفر" قد زعم فيها أنه التقى الشيخ في البصرة وأنه وجهه إلى نجد نكاية بالدولة العثمانية.. إلخ.

فهذا من البهتان الباطل المكشوف لأسباب أهمها:

الأول: أن الشيخ وأئمة آل سعود "محمد وابنه عبد العزيز" لبثوا يحاربون الرياض ودخنة ومنفوحة وتلك الأحياء القريبة من الدرعية ما يزيد على عشرين سنة، ولو كان عندهم دعم بريطاني لما لبثوا في حرب تلك المدن والأحياء القريبة إلا أياماً أو شهوراً على أبعد تقدير.

الثاني: مذكرات ذلك البريطاني المسمى "همفر" لا تصح، وقد أخبرني بعض الإخوة من الشيعة المعتدلين أن الذي وضعها هو أحد المراجع الشيعة الإمامية نكاية بالوهابية وعندي اسم ذلك الشيخ الإمامي الذي وضع تلك المذكرة على لسان همفر، وقد ذكر ما يمكن أن يدل على أن واضع تلك المذكرة هو الشيخ الشيعي".

الوجه الثالث: رسائل الإمام المجدد (محمد بن عبد الوهاب) - رحمه الله - ومؤلفاته مطبوعة على النحو التالي:

القسم الأول: العقيدة؛ مجلد. القسم الثاني: الفقه؛ مجلدان. القسم الثالث: "مختصر سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -"، والفتاوى؛ مجلد. القسم الرابع: التفسير، ومختصر "زاد المعاد"؛ مجلد. القسم الخامس: الرسائل الشخصية؛ مجلد. قسم الحديث: خمس مجلدات. ملحق المصنفات؛ مجلد.
فهذه (اثنا عشر مجلداً)، جمعَتها لجنة علمية متخصصة، منبثقة من جامعة (الإمام محمد بن سعود الإسلامية)، وصنَّفها وأعدَّها للتصحيح تمهيداً لطبعها: الدكتور (عبدالعزيز بن زيد الرومي)، والدكتور (محمد بلتاجي)، والدكتور (سيد حجاب)، وطبعت (بمطابع الرياض).

فمن كان طالباً للحقِّ؛ فعليه أن يُقارِن بين كلام الإمام - رحمه الله - وبين كلام خصومه، فهذه كتبه ورسائله مطبوعة، وسيجدُ يقيناً أن الشيخ الإمامَ- رحمه الله - هُوَ أبعدُ النَّاس عن هذه الفريةِ وعن هذا الإفكِ المبينِ.

الوجه الرابع: بِتَتَبُّع التواريخ المذكورة في (المذكرات) يظهر لنا أنَّ (همفر!!) لَمَّا التقى بالشيخ - رحمه الله -؛ كان عمر الشيخ - الافتراضي - وقتئذ (عشر سنين!!)، وهذا أمر لا يتناسب - بل يتناقض - مع ما ذُكر في المذكرات (ص30).

الوجه الخامس: ذُكر في (المذكرات) (ص100) أن الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) - رحمه الله - أظهر دعوته في سنة (1143) هجرية، وهذا كذب واضح؛ حيث إن تاريخ إعلان الشيخ - رحمه الله - دعوته هو نفسه التاريخ الذي توفي فيه والده، وهو سنة (1153هـ)، فانظر إلى هذا التفاوت الواضح في التاريخ.

الوجهُ السَّادسُ: إنَّ موقف (الحكومة البريطانية) من دعوة الشيخ (محمد بن عبد الوهاب)؛ ليس التأييد والدعم؛ وإنما هو العداء والمحاربة.

الوجهُ السَّابع: لا نَجِدُ ذكراً لهذه (المذكرات) في سالف الزمان؛ رغم حرص أعداء هذه (الدَّعوة المُباركة) على تشويهها، ونشر كل ما يُسيء إليها، وخروجها في هذا الوقت المُتأخر دليل على افترائها وتلفيقها.

الوجهُ الثَّامنُ: (همفر) هذا (نكرةٌ) لا يُعرَف؛ فأين هي المعلومات التفصيليَّة عنه؛ من حيث اسمُه، ورتبتُه، وما يتعلق بوظيفته ومهمَّتِه من كتب ووثائق (الحكومة البريطانية)؟!



الوجهُ التَّاسعُ: إنَّ الذي يقرأ هذه (المذكرات) يجزم بأنَّ مؤلفها ليس نصرانياً؛ لوجود كثير من العبارات التي فيها الطعن والانتقاص (بالدّين النصراني) و(الإنجليز) أنفسهم، وبعض العبارات التي فيها مدح (الإسلام)؛ من ذلك على سبيل المثال- انظر: (ص14، 15، 16، 24، 26، 48، 50، 66).

الوجهُ العاشرُ: النسختان المطبوعتان ترجمةٌ لهذه (المذكرات)، لم يُذكر فيهما أية معلومات عن هذه (المذكرات)؛ من حيث النسخة الأصلية التي تُرجمَت عنها، وهل هي مطبوعة أم مخطوطة؟! وبأيّ لغةٍ؟!

الوجهُ الحادي عشر: المُترجِمُ نكرة؛ ففي النسخة (أ) لم يُذكر عنه أيُّ شيء، وفي النسخة (ب) رمز له بـ(د. م. ع. خ)!!

الوجهُ الثَّاني عشر: كثرة الفروق بين (النسختين) (المترجمتين)، وبعضها فروق جوهرية.

الوجهُ الثَّالثُ عشر: اتَّفقت (النسختان) على كتابة تاريخ (2/1/ 1973) في نهاية (المذكرات)؛ وهذا التاريخ لا أدري ما هو: هل هو تاريخ كتابة هذه (المذكرات) من (همفر) - كما هو ظاهر -!! وهذا يؤكد كذب هذه المذكرات؛ إذ إنَّ وفاة الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) - رحمه الله - قبل هذا التاريخ بـأعوام كثيرة!

أم هو تاريخ افتراء واختلاق هذه (المذكرات)؟!!

الوجهُ الرَّابعُ عشر: شهادة أعداء الشيخ - رحمه الله -؛ من مسلمين وكفار تنفي عنه ما في هذه المذكرات، وهذا أمر مستفيض، ولو تتبعناه لطال بنا البحث.

• شبهةُ خروجِ الشَّيخِ الإمامِ على دولةِ الخلافةِ العثمانيةِ:

هاهنا تساؤلٌ في غاية الأهمية؛ جواباً عن هذه الشبهة:

هل كانت نجد موطن هذه الدعوة ومحل نشأتها تحت سيطرة دولة الخلافة العثمانية؟

يجيب الدكتور صالح العبود على هذا السؤال فيقول:

(لم تشهد نجد على العموم نفوذاً للدولة العثمانية، فما امتد إليها سلطانها، ولا أتى إليها ولاة عثمانيون، ولا جابت خلال ديارها حامية تركية في الزمان، الذي سبق ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، ومما يدل على هذه الحقيقة التاريخية استقراء تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية، فمن خلال رسالة تركية عنوانها (قوانين آل عثمان مضامين دفتر الديوان) يعني قوانين آل عثمان في ما يتضمنه دفتر (الديوان) ألفها - يمين علي أفندي - الذي كان أميناً للدفاتر الخاقاني سنة 1018ه- الموافقة 1609م من خلال هذه الرسالة يتبين أنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري، كانت دولة آل عثمان تنقسم إلى اثنتين وثلاثون إيالة، منها أربع عشرة إيالة عربية، وبلاد نجد ليست معها ما عدا الإحساء إن اعتبرناه من نجد.. ).

ويقول الدكتور عبد الله العثيمين:

(ومهما يكن فإن نجداً لم تشهد نفوذاً مباشراً للعثمانيين عليها قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كما أنها لم تشهد نفوذاً قوياً - بفرض وجوده- على سير الحوادث داخلها لأية جهة كانت، فلا نفوذ بني جبر، أو بني خالد في بعض جهاتها، ولا نفوذ الأشراف في بعض جهاتها الأخرى أحدث نوعاً من الاستقرار السياسي، فالحروب بين البلدان النجدية ظلت قائمة، والصراع بين قبائلها المختلفة استمر حاداً عنيفاً).

وأجاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على ذلك الاعتراض، بقوله - رحمه الله -: (لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية - فيما أعلم وأعتقد -، فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى متناثرة، وعلى كل بلدة أو قرية - مهما صغرت - أمير مستقل … وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات، والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة، وإنما خرج على أوضاع فاسدة في بلده، فجاهد في الله حق جهاده وصابر وثابر حتى امتد نور هذه الدعوة إلى البلاد الأخرى …).



• شبهةُ خروجِ الدعوةِ في عقيدتها في توحيدِ الأسماءِ والصفاتِ عنْ منهجِ أهلِ السنةِ والجماعةِ، واتِّهامها بالتجسيمِ والتشبيهِ:

يقرِّر الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - عقيدته في باب الأسماء والصفات فيقول - بكل وضوح: -

"ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف، ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله - سبحانه وتعالى - ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيف، ولا أمثل صفاته - تعالى -بصفات خلقه، لأنه - تعالى -لا سمّي له ولا كفؤ له، ولا ندَّ له ولا يقاس بخلقه، فإنه - سبحانه - أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً، فنزّه - سبحانه - عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل. فقال: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين).

وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود وأنه تكلّم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد رسول الله).

ويقول أيضا - رحمه الله - في بيان توحيد الأسماء والصفات:

(و ? قل هو الله أحد ? متضمنة لما يجب إثباته له - تعالى -من الأحدية المنافية لمطلق الشركة بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد المقرر لكمال صمديته وغناه وأحديته، ونفي الكفء المتضمن لنفي الشبيه والمثيل، فتضمنت إثبات كل كمال، ونفي كل نقص، ونفي إثبات شبيه له، أو مثيل في كماله، ونفي مطلق الشريك…).

ويُثني الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله - على جده الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، ثناءً حسناً؛ لما كان عليه من سلامة المعتقد، وتمام الاتباع للسلف الصالح في باب الأسماء والصفات، فيقول الشيخ عبد اللطيف:

(ولهذا المجدد علامة يعرفها المتوسمون، وينكرها المبطلون، أوضحها وأجلاها وأصدقها وأولاها، محبة الرعيل الأول من هذه الأمة، والعلم بما كانوا عليه من أصول الدين، وقواعده المهمة التي أصلها الأصيل وأسها الأكبر الجليل معرفة الله بصفات كماله، ونعوت جلاله، وأن يوصف الله بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير زيادة ولا تحريف ومن غير تكييف ولا تمثيل).

8- المحطةُ الثَّامنةُ: شَهَادَاتُ المُنْصِفِينَ مِنْ عُقَلاءِ الغَرْبِيِّينَ عَلَى أَصَالَةِ هَذِهِ الدَّعْوةِ وَنَقَائِهَا:

شَهِدَ المنصفونَ مِنْ عقلاءِ الغربِ بأصالةِ هذه الدَّعوةِ وانتمائِها للحقِّ المبينِ؛ وبِأَنَّها انبثقتْ مِنْ رَحِمَ الإسلامِ العظيمِ: إليه تدعو وعنه تنافحُ، وبأَنَّها لم تكنُ في يومٍ من أَيَّامها صنيعةَ أيدٍ خارجيةٍ أجنبيةٍ.

كَمَا شَهِدُوا كَذَلِكَ بنقاءِ الدَّعوةِ وصفائِها؛ وأَنَّها لَمْ تُلَّوثْ بأيِّ لونٍ من ألوانِ التَّلويثِ من تكفيرٍ للمسلمينَ، أو إراقةٍ لدمائهم، أو غيرِ ذلكَ.

وها نحنُ الآنَ نُلقي الضوءَ على بعضِ هذهِ الشهاداتِ منْ بابِ قولِ القائلِ:

ومليحةٍ شهدت لها ضَرَّاتُها *** والفضلُ ما شهدتْ به الأعداءُ

جاء في «دائرة المعارف البريطانية»: «الحركة الوهابية اسم لحركة التطهير في الإسلام، والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده، ويهملون كل ما سواها، وأعداء الوهابية هم أعداء الإسلام الصحيح».

وقال المستشرق الأسباني «أرمانو»: «إن كل ما أُلصق بالوهابية من سفاسف وأكاذيب لا صحة له على الإطلاق؛ فالوهابيون قوم يريدون الرجوع بالإسلام إلى عصر صحابة محمد» - صلى الله عليه وسلم -.

وقال المستشرق «جولدتسيهر» في كتابه «العقيدة والشريعة»: «إذا أردنا البحث في علاقة الإسلام السني بالحركة الوهابية نجد أنه مما يسترعي انتباهنا خاصة من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الديني الحقيقة الآتية: يجب على كل من ينصب نفسه للحكم على الحوادث الإسلامية أن يعتبر الوهابيين أنصاراً للديانة الإسلامية على الصورة التي وضعها النبي وأصحابه؛ فغاية الوهابية هي إعادة الإسلام كما كان»ا. هـ.

وقال بوكهارت: "وما الوهابية- إن شئنا أن نصفَها- إلا الإسلام في طهارته الأولى".

وقال: "لكي نصف الدين الوهابي؛ فإنَّ ذلك يعني وصف العقيدة الإسلامية-؛ ولذا فإِنَّ علماء القاهرة أعلنوا أنهم لم يجدوا أي هرطقةٍ- أي بدعةٍ أو خروجاً عن الدِّين- في الوهابية".

وقال المؤرخ الفرنسي الشهير"سيديو" ما معناه:

"إن انكلترا وفرنسا حين علمتا بقيام محمد بن عبد الوهاب وابن سعود، وبانضمامِ جميع العرب إليهما؛ لأَنَّ قيامهما كان لإحياء كلمة الدِّينِ، خافتا أن ينتبه المسلمون فينضموا إليهما، وتذهب عنهم غفلتهم، ويعود الإسلام كما كان في أيام عمر- رضي الله عنه-؛ فيترتب على ذلك حروب دينية وفتوحاتٌ إسلاميةٌ ترجعُ أوروبا منها في خسرانٍ عظيمٍ؛ فحرضتا الدولة العلية على حربهم، وهي فوَّضت ذلك إلى محمد علي باشا".

ويقولُ بوركهاردت: "ومع هذا فإنَّ الوهابيينَ لم يعلنوا الحربَ على الحكومتينِ القريبتينِ منهم حكومة بغداد في الشمالِ، وحكومة الحجاز في الجنوب، ولم يعتدوا على حقوقهما".

ويقول الراهب هيوجس- رَادًّا على فريةِ انتهاكِ الوهابيةِ للدَّمِ الحرامِ في بيتِ اللهِ الحرامِ-:

"لم يصب المواطنين أي أذى لأجل قداسة الحرمِ، وبعد أن تولَّى الإمارة أهلُ نجدٍ عمرت المساجدُ حتَّى أَنَّ هذا المنظرَ منَ الزُّهدِ والطَّاعةِ لم يُرَ له مثيلٌ في هذا البلد الأمينِ بعد عهد النبوة".





وتقولُ الباحثةُ(نت): "من خلال قراءتي المتعمقة لفكر الشيخ وجدتُ أَنَّ فكره ضد الإرهابِ بكلِّ أشكالهِ ولو كان- رحمه الله - موجوداً بيننا الآن لم يكن ليسعه إلا أن يشجبَ هذه الأعمالَ، أقولُ هذا من خلال فكرهِ الذي تعمقتُ فيه وقرأتُهُ بتبصُّرٍ... لقد علَّمَ الشيخ محمدٌ اتباعَهُ أَنَّ اللهَ هُو إله الرَّحمةِ والعطفِ، ويتوقَّعُ من المسلمينَ أن يكونوا رحماء عطوفينَ في تعاملهم مع غيرهم من البشرِ".

7- المحطةُ التَّاسعةُ: (الأخيرةُ): وفاتهُ- رحمه الله -، وثناءُ العلماءِ عليهِ:

وفي عام (1206ه-) تُوفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.

قال ابن غنام: "كان ابتداء المرض به في شوال، ثم كانت وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر"وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم، ولقد كان للشيخ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة، على اعتبار أن ولادته كانت في سنة (1115هـ)، وتُوفي ولم يُخلِّف ديناراً ولا درهماً، فلم يُوزِّعْ بين ورثته مال ولم يقسم. وقد رثاه الشعراء، وأثنى عليه العلماء.

قال ابن قاسم عن يوم جنازته: "وكان يوماً مشهوداً، وتزاحم الناس على سريره، وصلُّوا عليه في بلدة الدرعية، وخرج الناس مع جنازته؛ الكبير والصغير".

وقد رثاه الشعراء، وأثنى عليه العلماء، وتداول الرسائل فيه المسلمون؛ وممن رثاه من أهل العلم:

الشيخ المؤرخ (حسين بن غنام)، والشيخ الإمام الشوكاني -رحمه الله - عالم اليمن.

فَرَحِمَ اللهُ الشيخَ محمد بن عبد الوهاب، وجزاهُ خيراً عن الإسلام والمسلمين، وإنَّهُ لحقيقٌ أَنْ يُقالَ عنه: إِنَّهُ شيخ الإسلام وإمام المسلمين الَّذي جَدَّدَ اللهُ بهِ الملَّةَ، ورفعَ بهِ لواءَ التَّوحيدِ والسُّنَّةِ.



________________

فهرس المصادر والمراجع

1- آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب (سجل ببليوجرافي، مادة رقم 18، ص 25 ومادة رقم 52).

2- الأسنة الحداد في رد شبهات علوي الحداد، الشيخ سليمان بن سحمان.

3 - الأعلام، الزركلي.

4- الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في التاريخ، عبد الله بن سعد الرويشد.

5- البيان الواضح لأسرة الشيخ، عبد الله بن إبراهيم بن عبد العزيز آل الشيخ.

6- تاريخ الشيخ ابن منقور، أحمد بن محمد المنقور.

7- تاريخ نجد، حسين بن غنام، تحقيق الدكتور ناصر الدين الأسد.

8- حاضر العالم الإسلامي، تأليف: لوثروب ستودارد، ترجمة عجاج نويهض، تعليق شكيب أرسلان.

9- خواطر حول الوهابية، محمد بن إسماعيل المقدم.

10- الدرر السنية.

11- دعاوى المناوئينَ لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب- عرض ونقد-، عبد العزيز بن محمد بن عبد اللطيف.

12- الدعوة إلى الإسلام، توماس أرنولد، ترجمة حسن إبراهيم حسن وعبد المجيد عابدين، الطبعة الثالثة عام 1971 م.

13- الرسائل والمسائل النجدية.

14- روضة الأفكار، ابن غنام.

15- الشيخ محمد، الدكتور العثيمين.

16- الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أحمد ابن حجر آل بوطامي.

17- صيانة الإنسان...، محمد بشير السهسواني، الطبعة الخامسة- مقدمة محمد رشيد رضا للكتاب.

18- عجائب الآثار في التراجم والأخبار - الجزء الأول، حوادث سنة 1172 ه-، طبع دار الفارس (بيروت) بدون تاريخ.

19- عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي، صالح بن عبدالله بن عبد الرحمن العبود.

20- علماء نجد خلال ستة قرون، ابن بسام.

21- عنوان المجد، ابن بشر.

22- قراءة نقدية لمذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حسن فرحان.

23- كشف غياهب الظلام عن أوهام جلاء الأوهام، الشيخ سليمان بن سحمان.

24- لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم، الأمير شكيب أرسلان.

25- مؤلفات الشيخ الإمام (الرسائل الشخصية) تصحيح الفوزان والعليقي، الرياض.

26- مجلة الأصالة- الأعداد (31)، و(32)، و(33) في دراسةٍ قَيِّمةٍ للأستاذ مالك بن حسين - حفظه الله - تحت عنوان: " مذكرات (همفر) في الميزان".

27- مجلة الجامعة السلفية: صوت الجامعة، السنة السادسة، العدد الأول، شعبان عام 1394 هـ.

28- المجددون في الإسلام، عبد المتعال الصعيدي.

29- مجلة راية الإسلام: العدد الأول.

30- مجموعة مؤلفات الشيخ.

31- مجموعة الرسائل والمسائل.

32- محمد بن عبد الوهاب، مسعود الندوي.

33- مصباح الظلام.

34- من أخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي، تلخيص محمد أديب غالب.

35- منهاج التأسيس.

36- محاضرة عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الشيخ عبد العزيز بن باز.

37- ندوة تجديد الفكر الإسلامي، ألقيت في قاعة المحاضرات بجامعة الملك سعود، 1402هـ، (مسجلة على أشرطة كاسيت).

38- نديم الأدب، لأحمد بن سعيد البغدادي.

39- الهدية السنية.





انتهى من المحطات


منقول للامانة من شبكة الألوكة










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 21:45   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










M001

إن كان تابع أحمد متوهبا :::: فأنا المقر بأنني وهابي
أنفي الشريك عن الإله فليس لي :::: رب سوى المتفرد الوهاب
لا قبة ترجى ولا وثن ولا :::: قبر له سبب من الأسباب
كلا ولا حجر ولا شجر ولا :::: عين ولانصب من الأنصاب
أيضا ولست معلقا لتميمة :::: أو حلقة أو ودعة أو ناب
لرجاء نفع أو لدفع بلية :::: الله ينفعني ويدفع ما بي
والابتداع وكل أمر محدث :::: في الدين ينكره أولو الألباب
أرجو بأني لا أقاربه ولا :::: أرضاه دينا وهو غير صواب
وأعوذ من جهمية عنها عتت :::: بخلاف كل موؤل مرتاب
والاستواء فإن حسبي قدرة :::: فيه مقال السادة الأنجاب
الشافعي ومالك وأبي حنيـ :::: ـفة وابن حنبل التقي الأواب
وبعصرنا من جاء معتقداً به :::: صاحوا عليه مجسم وهابي
جاء الحديث بغربة الإسلام فلْـ :::: ـيَبْكِ المحب لغربة الأحباب
فالله يحمينا ويحفظ ديننا :::: من شر كل معاند سباب
ويؤيد الدين الحنيف بعصبة :::: متمسكين بسنة وكتاب
لا يأخذون برأيهم وقياسهم :::: ولهم إلى الوحيين خير مآب
قد أخبر المختار عنهم أنهم :::: غرباء بين الأهل والأصحاب
سلكوا طريق السالكين إلى الهدى :::: ومشوا على منهاجهم بصواب
من أجل ذا أهل الغلو تنافروا :::: عنهم فقلنا ليس ذا بعجاب
نفر الذين دعاهم خير الورى :::: إذ لقبوه بساحر كذاب
مع علمهم بأمانة وديانة فيه :::: ومكرمة وصدق جواب
صلى عليه الله ما هب الصبا :::: وعلى جميع الآل والأصحاب
هذه كلمات للشيخ ملا عمران ـ رحمه الله ـ الذي كان شيعياً ثم تبين له الحق فاتبعه.
ثم أتمها الشيخ محمد تقي الدين الهلالي ـ رحمه الله ـ
نسبوا إلى الوهاب خير عباده :::: يا حبذا نسبي إلى الوهاب
الله أنطقهم بحقٍ واضح :::: وهم أهالي فرية وكذاب
أكرم بها من فرقة سلفية :::: سلكت محجة سنة وكتابِ
وهي التي قصد النبي بقوله :::: هي ما عليه أنا وكل صحاب
قد غاظ عباد القبور ورهطهم :::: توحيدنا لله دون تحاب
عجزوا عن البرهان أن يجدوه إذ :::: فزعوا لسرد شتائم وسباب
وكذاك أسلاف لهم من قبلكم :::: نسبوا لأهل الحق من ألقاب
سموا رسول الله قبل مذمماً :::: ومن اقتفاه قيل هذا صاب
الله طهرهم وأعلى قدرهم :::: عن نبز كل معطل كذاب
الله سماهم بنصِ كتابه :::: حنفاء رغم الفاجر المرتاب
ما عابهم إلا المعطل والكفـ :::: ـور ومن غوى بعبادة الأرباب
ودعا لهم خير الورى بنضارة :::: ضمت لهم نصراً مدى الأحقاب
هم حزب رب العالمين وجنده :::: والله يرزقهم بغير حساب
وينيلهم نصراً على أعدائهم :::: فهو المهيمن هازم الأحزاب
إن عابهم نذل لئيم فاجر :::: فإليه يرجع كل ذاك العاب
ما عابهم عيب العدو وهل يضيـ :::: ـر البدر في العلياء نبح كلاب
يا سالكاً نهج النبي وصحبه :::: أبشر بمغفرة وحسن مآب
وهزيمة لعدوك الخب اللئيـ :::: ـم وإن يكن في العد مثل تراب
يا معشر الإسلام أوبوا للهدى :::: وقفوا سبيل المصطفى الأواب
أحيوا شريعته التي سادت بها الأ :::: سـلاف فهي شفاء كل مصاب
ودعوا التحزب والتفرق والهوى :::: وعقائد جاءت من الأذناب
فيمينها لا يمن فيه ترونه :::: ويسارها يأتيكم بتباب
إن الهدى في قفو شرعة أحمد :::: وخلافها رد على الأعقاب
جربتم طرق الضلال فلم تروا :::: لصداكم إلا بريق سراب
والله لو جربتم نهج الهدى :::: سنة لفقتم جملة الأتراب
ولهابكم أعدائكم وتوقعوا :::: منكم إعادة سائر الأسلاب
أما إذا دمتم على تقليدهم :::: فتوقعوا منهم مزيد عذاب
وتوقعوا من ربكم خسراً على :::: خسر وسوء مذلة وعقاب
هذي نصيحة مشفق متعتب :::: هل عندكم يا قوم من إعتاب
ومن البلية عذل من لا يرعوي :::: ولدى الغوي يضيع كل عتاب
وزعمتم أن العروبة شرعة :::: وعقيدة تبنى على الأسباب
لا فرق بين مصدق لمحمد :::: ومكذب فالكل ذو أحساب
فيصير عندكم أبو جهل ومن :::: والاه من حضر ومن أعراب
مثل النبي محمد وصحابه :::: بئس الجزاء لسادة أقطاب
بل صار بعضكم يرجح جانب الـ :::: ـكفار من سفل ومن أوشاب
ماذا بنى لكم أبو جهل من الـ :::: ـمجد المخلد في مدى الأحقاب
إلا عبادته لأصنام وإلا :::: وأدهم لبناتهم بتراب
وجهالة وضروب خزي يستحى :::: من ذكر أدناها ذوو الألباب
أفتجعلون ذوي المفاخر والعلى *** بحثالة كثعالب وذئاب
اللؤلؤ المكنون يعدل بالحصى :::: والند والهندي والأخشاب
بدلتم نهج الهدى بضلالة :::: وقصور مجد شامخ بخراب
ولقد أتيتكم بنصح خالص :::: يشفيكم من جملة الأوصاب
وأخالكم لا تقبلون نصيحتي :::: بل تتبعون وساوس الخراب


منقول










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 22:21   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

موقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم


هذه بعض مواقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الأطهار


يُسمي أبناءه بأسماء آل البيت عليهم السلام
سمَّى الشيخ محمد بن عبدا لوهاب ابنه الأكبر علياً وابنته فاطمة واثنين من أبنائه حسناً وحسيناً راجع كتاب الدرر السنية الطبعة الأولى دار الإفتاء (12/19). وكذلك كتاب: علماء نجد للبسام (1/ 155)... فَنِعْمَ الاسم والمسمى فهم آل بيت النبي رضوان الله عليهم أجمعين. ولاشك أن كل عاقل لا يسمي أبناءه إلا بمن يحبهم، وأظهر من ذلك أنه لا يسميهم بمن يبغضهم. فهل يعقل أن نصدق أن الشيخ (محمد بن عبدا لوهاب) يبغض آل البيت عليهم السلام؟

عتاب الشيخ لمن أنكر على تقدير أحد الأشراف المنتسبين لآل البيت
عاتب الشيخ رحمه الله بعض أتباعه لمَّا علم أنهم أنكروا على أحد الأشراف المنتسبين لآل البيت تقبيل الناس يده ولبسه اللون الأخضر في ذلك الزمان، فقال كما في الرسائل الشخصية (1/284): (فقد ذكر لي عنكم أن بعض الإخوان تكلم في عبد المحسن الشريف يقول: إن أهل الحسا يحبون على يدك وأنك لابس عمامة خضراء والإنسان لا يجوز له الإنكار إلا بعد المعرفة، فأول درجات الإنكار معرفتك أن هذا مخالف لأمر الله، وأما تقبيل اليد فلا يجوز إنكار مثله وهي مسألة فيها اختلاف بين أهل العلم، وقد قبل زيد بن ثابت يد ابن عباس وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا، وعلى كل حال فلا يجوز لهم إنكار كل مسألة لا يعرفون حكم الله فيها، وأما لبس الأخضر فإنها أحدثت قديماً تمييزاً لأهل البيت لئلا يظلمهم أحد أو يقصر في حقهم من لا يعرفهم، وقد أوجب الله لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس حقوقاً فلا يجوز لمسلم أن يسقط حقهم ويظن أنه من التوحيد بل هو من الغلو...).

ذكره عن أولوية أهل البيت بالتقدير والنصرة
لطيب معدنهم وكون النبي صلى الله عليه وسلم منهم
يقول رحمه الله تعالى في الرسائل الشخصية (1/312) الرسالة (48): (والواجب على الكل منا ومنكم أنه يقصد بعلمه وجه الله ونصر رسوله كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ﴾ [آل عمران:81] فإذا كان سبحانه قد أخذ الميثاق على الأنبياء إن أدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم على الإيمان به ونصرته فكيف بنا يا أمته؟ فلا بد من الإيمان به ولا بد من نصرته لا يكفي أحدهما عن الآخر، وأحق الناس بذلك وأولاهم به أهل البيت الذي بعثه الله منهم وشرفهم على أهل الأرض، وأحق أهل البيت بذلك من كان من ذريته صلى الله عليه وسلم.والسلام).

وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته في كل صلاة
جاء في رسالته شروط الصلاة وأركانها وواجباتها (1/11) وكذا في عامة رسائله رحمه الله عند ذكر صفة الصلاة الإبراهيمية مايلي:
("اللّهُمَّ صَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صلّيْتَ على إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد " الصَّلاةُ من الله ثناؤهُ على عبده في الملإ الأعلى، كما حكى البخاريُّ في صحيحه عن أبي العالية قال: صلاةُ الله ثناؤهُ على عبده في الملإ الأعلى).

تأكيده على أنه لآل النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة حق لا يشركهم فيه غيرهم
ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة مالا يستحق غيرهم
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (مسائل لخصها (1/51): (لآله صلى الله عليه وسلم على الأمة حق لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة مالا يستحق سائر قريش وقريش يستحقون مالا يستحق غيرهم من القبائل، كما أن جنس العرب يستحقون من ذلك ما لا يستحقه سائر أجناس بني آدم -إلى أن قال- ولهذا كان في بني هاشم النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يماثله أحد في قريش، وفي قريش الخلفاء وغيرهم ما لا نظير له في العرب وفي العرب من السابقين الأولين ما لا نظير له في سائر الأجناس).

تأكيده بأن ما أصيب به الحسين رضي الله عنه من الشهادة في يوم عاشوراء إنما كان كرامة من الله عز وجل أكرمه بها
ومزيد حظوة ورفع درجة عند ربه وإلحاقاً له بدرجات أهل بيت الطاهرين
قال رحمه الله في معرض نقله كلاماً جميلاً لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله حول مُصاب الأمة في الحسين وقتلته الشنيعة؛ حاثاً على الصبر وعدم الجزع. قال رحمه الله: (قال الشيخ ابن تيمية الحنبلي الحراني رحمه الله: اعلم وفقني الله وإياك أن ما أصيب به الحسين رضي الله عنه من الشهادة في يوم عاشوراء إنما كان كرامة من الله عز وجل أكرمه بها ومزيد حظوة ورفع درجة عند ربه وإلحاقاً له بدرجات أهل بيته الطاهرين وليهينن من ظلمه واعتدى عليه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الناس أشد بلاء قال: الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة فالمؤمن إذا حضر يوم عاشوراء وذكر ما أصيب به الحسين يشتغل بالاسترجاع ليس إلا، كما أمره المولى عز وجل عند المصيبة ليحوز الأجر الموعود في قوله: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة:157].

إيراده لأحاديث فيه فضيلة عظيمة لعلي رضي الله عنه وأرضاه
أورد رحمه الله في كتابه التوحيد (1/21) خبر فتح خيبر في العام السابع من الهجرة فقال:
(ولهما -البخاري ومسلم- عن سَهْل بن سَعْدٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومَ خَيْبَر: "لأُعْطِيَنَّ الراية غداً رجلاً يُحبُّ الله ورسولَه، ويُحبُّه اللهُ ورسولُه يَفْتَحُ الله على يديه، فباتَ الناسُ يَدُوكون ليلتهم: أَيُّهُمْ يُعطاها؟ فلما أصبحوا غَدَوْا عَلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يُعطاها. فقال: أين عليّ بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأُتيَ به. فَبَصَق في عينيه؛ ودعا له. فبرَأَ كأن لم يكن به وجَع، فأعطاه الراية فقال: انْفُذْ عَلى رسْلِكَ. حتى تَنْزلَ بساحتهم، ثم ادْعُهُمْ إلى الإسلام. وأخبرهم بما يجب عليهم من حَقِّ الله تعالى فيه، فوالله لأنْ يَهْديَ الله بك رجلاً واحداً، خيرٌ لك من حُمْر النّعَم" (يدوكون: أي يخوضون).

ثم قال في فوائد هذا الحديث ومسائله (الحادية والعشرون: فضيلة عليّ رضي الله عنه).

وقال رحمه الله في مسائل لخصها (1/153): (وكذلك قوله: لأعطين الراية الخ. هو أصح حديث يروى في فضله) يعني: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقال رحمه الله تعالى في كتابه مختصر زاد المعاد (1/276) عند كلامه على أحداث غزوة تبوك: (واستخلف علي بن أبي طالب على أهله، فقال: تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي).

وصف فاطمة الزهراء رضي الله عنها بسيدة نساء العالمين
قال رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد (1/47): (الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: "لا أُغني عنك من الله شيئاً" حتى قال: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنكِ من الله شيئاً" فإذا صرح وهو سيد المرسلين بأنه لا يغني شيئاً عن سيدة نساء العالمين ... إلخ).

وصف الحسن بن علي رضي الله عنه بأنه سيد وأن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين
قال رحمه الله في كتابه مختصر السيرة (1/321) حوادث السنة الثامنة والثلاثين (فبايع الناس ابنه الحسن. فبقي خليفة نحو سبعة أشهر. ثم سار إلى معاوية. فلما التقى الجمعان، علم الحسن: أن لن تَغْلِب إحدى الفئتين حتى يذهب أكثر الأخرى. فصالح معاوية. وترك الأمر له، وبايعه على أشياء اشترطها. فأعطاه معاوية إيّاها وأضعافها. وجرى مصداق ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحسن: "إن ابني هذا سيد. ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين").

تنزيه أهل البيت رضي الله عنهم من القبائح حاشاهم
قال رحمه الله (فانظر إلى هؤلاء الكذبة الفسقة ماذا ينسبون إلى أهل البيت من القبائح حاشاهم).

قوله بأن الإمام علي بن أبي طالب وأصحابه الأقرب إلى الحق

قال رحمه الله تعالى في كتابه مختصر السيرة (1/321) في حوادث السنة الثامنة والثلاثين: (وأن علي بن أبي طالب وأصحابه: أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه. وأن الفريقين كلهم لم يخرجوا من الإيمان)... وهذا لفهمه الثاقب رحمه الله لآيات الكتاب الحكيم، فالله يقول في محكم كتابه: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ﴾ [الحجرات:9]. فسماهم مؤمنين مع إثبات اقتتالهم. وكذلك علي رضي الله عنه قال لمن سأله عمن قاتله (إخواننا بغوا علينا) فسماهم إخواناً.

إشارته رحمه الله إلى حرص وطلب الصحابة لمصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم
قال رحمه الله تعالى في كتابه مختصر السيرة (1/306) في حوادث السنة السابعة عشرة: (وفيها: تزوج عمر أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، طلباً لصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴾.



منقول للامانة العلمية










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-21, 23:04   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










M001

يتبع ان شاء الله بمزيد من الوقفات مع هذه الدعوة المباركة التي احيا الله بها السنة وامات البدعة وأهلها










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-22, 13:29   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










M001

لماذا يُطعن في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب؟!

https://www.youtube.com/watch?v=UO5XCmaiqdY










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-22, 13:30   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله :

( لست ولله الحمد أدعوا إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم ، بل أدعوا إلى الله وحده لا شريك له ، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم وأرجوا أني لا أرد الحق إذا أتاني ، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلها على الرأس والعين ، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي حاشا رسول الله صلى الله عليه فإنه لا يقول إلا الحق .. )
< مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب - القسم الخامس (الرسائل الشخصية ) ص252>










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأسباب, والدوافع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:37

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc