نصيحة الشيخ الامام محمد الغزالي الى الوهابية ادعياء السلفية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

نصيحة الشيخ الامام محمد الغزالي الى الوهابية ادعياء السلفية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-09-13, 20:15   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي نصيحة الشيخ الامام محمد الغزالي الى الوهابية ادعياء السلفية

مقال للشيخ الداعية محمد الغزالي بعنوان تهافت الفكر التكفيرى وسقوط التشدد السلفى



تزايدت مؤخراً الصيحات التى تنادى بضرورة العودة إلى القرآن الكريم أو استدعاء القرآن إلى حياتنا ، وقولنا " تزايدت الصيحات " يعنى أننا نقر أن القرآن فى مرحلة سابقة كان مغيباً عن حياتنا ، ممنوع عن ممارسة دوره فى صياغة الإنسان وتوجيه الحياة ، وقد نختلف على هذه المقولة بقدر ما نختلف على الطريقة التى يمكن من خلالها استدعاء القرآن الكريم وتمكينه من ممارسة دوره الذى أنزله الله من أجله .
هل يتم ذلك كما يعتقد البعض عبر ضبط الشكل من أحكام التجويد وإشاعة مدارس تعليم أصول التلاوة وبرامج التحفيظ فى الإذاعة والتليفزيون والاهتمام بتراث الأقدمين وما تركه السلف الصالح فى مجال التفسير وعلوم القرآن الكريم ؟ .
أم أن الحل يكمن فى أن نقفز على التراث ونعطيه ظهورنا ونتجه إلى القرآن الكريم مباشرة بلا حاجة إلى توسط شئ فى ذلك ، فالقرآن خاطب البشر جميعاً ونحن بشر لا فرق بيننا وبين أسلافنا الذين أصبح فهمهم حجة علينا .
يقول الشيخ الغزالى:"موقف المسلمين من القرآن الذى شرفوا به يثير الدهشة،ومن عدة قرون ودعوة القرآن مجمدة،ورسالة الإسلام كنهر جف مجراه أو بريق خمد سناه ".
ففى الوقت الذى يبقى فيه حكم الحلال والحرام ثابتاً لا تناله يد التبديل والتغيير ، هناك فسحة فى مجال التطبيق وتنزيل الحكم على الواقع ، ويضرب الشيخ الغزالى لذلك مثلاً فيقول : "لابد من الجزم أن الخمر رذيلة وشربها مبعد عن طبيعة الإسلام وطبيعة الطاعة لله ، لكن فى معاملتى للشاربين لازم أن أكون هيناً ليناً ، فلا أقسو .. أتدرج هنا فى تطبيق الأحكام ، كما تدرجت فى الأول ، أنا ممكن أن أمشى فى العقوبات هنا بالطريقة التى مشى بها الأولون ، أخوف أولاً وأشدد أخيراً " .
فإن العقل المسلم وحتى بدء سبعينيات القرن الماضى كان يستطيع تحمل الحوار ويتقبل شيئاً فشيئاً التجديد ، ولكن التشويه الدائم للإصلاح أفضى بالوعى المسلم المعاصر لعدم تقبل أى إصلاح فى الفكر الدينى ولو كان هو الأقرب للحق والنص والعقل ، بل لا يستطيع تحمل ما كان مطروحاً من أئمة الأزهر فى عصور ما قبل الوهابية .
وحتى لو كان فى غير كبائر الأمور ، فغلبة التدين الوهابى البدوى على الوعى العام لم تجعل صغيرة على حالها ، فقد أصبح لا يصدق إلا أصحاب " الطرحة " البيضاء أو الحمراء على الرأس ، وهذه هى الثقافة البائسة للأعراب التى تعشعش بفضل أزلام الوهابية وذيولها فى مصر الذين استأجرهم الوهابيون بحق الانتفاع ، ولذلك لن تجدى كل حملات التوعية ولن يجدى سن القوانين ، طالما بقيت الأشياء الوهابية متمكنة ومتربعة على الوعى العام فى شاشاتها ، ليل نهار .
من ذلك نتبين أهمية دور العالم الجليل فضيلة الشيخ محمد الغزالى ، الذى ساهم فى تطور أفكارنا نحو الاعتدال والوسطية وكيف ساهم فى صياغة العقل المسلم بطريقة عميقة ومنظمة وفق أولويات تحتاجها الأمة وليس وفق قضايا فرعية تلى فى الترتيب كثير من القضايا الهامة.
وعندما صدر كتابه " كيف نتعامل مع القرآن " اصطدمت أفكاره بالكثير من ثوابت الوهابية التى قرر شيوخها منع الكتاب من دخول السعودية ، بل وأخذوا فى شحذ قواهم المالية عن طريق أذنابهم ومتبعيهم لمحاربة ما جاء فى الكتاب من أفكار ، وهو ما حدا بالشيخ الجليل إلى تفنيد الأفكار الوهابية السلفية وشرح تناقضاتها مع صحيح الإسلام ، وهذا هو موضوع كتاب هذا العدد الذى ضمناه أيضاً كل ما كتب الغزالى عن الوهابية فى باقى كتبه حتى تعم الفائدة ، فإصلاح الفكر الدينى ، ببعده النظرى ، والتخلص من رق التخلف الموروث ، حتى لو لم يثمر فورياً ، هو غاية مرجوة بعينها لأن الإصلاح فى الفترة الراهنة أصبح غاية فى ذاته وليس مجرد وسيلة .
ترددت طويلاً قبل أن أكتب هذه الكلمة ، ولكن مصادرة كتابى " كيف نتعامل مع القرآن " الذى صدر أخيراً أملت علىّ أن أحسم الموقف .
إننى أحب المملكة العربية السعودية لأن علمها يحمل شعار التوحيد ، ولأن ملكها يخدم الحرمين الشريفين ، ولأن ترابها شهد السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، وهم يخرجون من ديارهم لإخراج العالم من الظلمات إلى النور .
شئ آخر ينبغى أن أذكره ، لقد أوتنى المملكة عندما تنكر لى السادات ، واضطرنى أن أترك وطنى مهزوماً مظلوماً ، إننى وجدت أذرعه مفتوحة ، وصدروا مشروحة ، واشتغلت بالتعليم مع نفر من أنبل العلماء وأذكاهم ، وأديت واجبى على نحو أرضيت به ربى وأرحت به ضميرى .
بيد أننى لاحظت ما رابنى وأعيانى ، هناك شيوخ على عقولهم إغلاق ، وفى قلوبهم قسوة ، يتعصبون للقليل الذى يعرفون ، ويتنكرون للكثير الذى يجهلون ، قلت ، لعل الزمن يفتح إغلاقهم ويلين قلوبهم ، ويظهر أنى كنت متفائلاً أبعد من الواقع ، إنهم لا يعطون الرأى الآخر أى حرمة .
أذكر أن نبينا عليه الصلاة والسلام قال بعد انقضاض الأحزاب من حول المدينة (من كان يؤمن بلله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا فى بنى قريظة) ، وصدع الصحابة بالأمر ، ولكنهم بعد مراحل من الطريق اختلفوا ، قال بعضهم : ما نضيع وقت العصر ، وما أراد بكلمته إلا استعجالنا وقهر كل عائق من المسير ، ويجب أن نصلى العصر قبل دخول المغرب ، وصلوا فى الطريق ، وأنفذ الآخرون الأمر على ظاهره ، وصلوا فى بنى قريظة .
قلت لو كان هؤلاء الحنابلة المتشددون حاضرين لقالوا لمن استعجل الصلاة ، يا عدو الله ورسوله . تعصى النبى وترفض عزيمته علينا (أى عزمه عليهم بالإسراع فى المسير)!!إن هذا نفاق !! كيف نصلى فى الطريق وقد أمرنا بالصلاة فى بنى قريظة ؟؟ .
ولكن المجتمع الأول كان أنقى وأطهر ، صاحب الرأى ذكر ما عنده دون محاذرة أو خشية ، فالحرية فطرة ، وذكر ما عنده على أنه وجهة نظر إسلامية ، ما يمكن قطعها عن نسبها الدينى وبلغ الأمر الرسول الكريم ، فلم يُلق إليه بالاً ، وجمع أصحابه كلهم فى جبهة واحدة ضد اليهود وأحرزوا النصر .
على هامش العقيدة ، وفى فقه الفروع تبدو وجهات نظر شتى ، يستطيع كل ذى رأى أن يذكر ما عنده مقروناً بدليله ، ومع تلاقى العقول وتلاقى الحوار ، يظهر خير كثير . أما أن يزعم بعض الحنابلة أن الرأى رأيهم ، وأنه وحده هو الدين الحق ، وأنهم المتحدثون الرسميون عن الله ورسوله ، فهذا غرور وطيش !! .
وقد خرج هؤلاء من أرضهم وانساحوا فى العالم الإسلامى ، فكانوا بلاء يوشك أن يقضى على الصحوة الإسلامية الناجحة ، وكانوا بفقههم المحدود وراء تكوين فرق التكفير والهجرة ، وجماعات الجهاد والإنقاذ ، فإذا الصف الواحد ينشق أنصافاً وأعشاراً ، هذا يقاتل من أجل الجلباب القصير ، وهذا يقاتل من أجل أن تكون وظيفة المرأة محصورة فى الولادة !! وهذا يقاتل لمحو المذاهب الفقهية ، وهذا يعلن الحرب على الأشاعرة ، وهذا وهذا .. فماذا كانت العاقبة ؟ انهدام البناء وشماتة الأعداء .
إن لى فوق الخمسين كتاباً أخدم بها الإسلام ، ومصادرة كتابى (كيف نتعامل مع القرآن) عمل طائش يُكتب لأصحابه فى صحائف السيئات .. إن مسالك هؤلاء الشيوخ أساءت إلى المملكة فى حرب الخليج وجعلت التيار الإسلامى يضل الطريق ، وما ينتظر من بلائهم أعظم ، وحسبنا الله .
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام ومن والاه ، وبعد. فانطلاقاً من قول النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " الدين النصيحة . قلنا : لمن ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " .
فبعد صدور كتابى (الرد المحكم المنيع) وصدور عدة كتب لأهل العلم انتظرت لعله ينصلح أو يتغير شئ من تصرفاتكم وأساليبكم ، ولكن لم يحصل من ذلك شئ ، وحيث إن الله تعالى يقول فى سورة العصر : " وَالْعَصْرِ (1) إنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إلاَّ الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) " .
فقد عزمت بعد الاستخارة أن أتوجه إليكم بهذه النصيحة التى أرجو أن تكون مقبولة سائلاً المولى تعالى أن يرينا وإياكم الحق حقاً ويرزقنا إتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وإلا يجعله علينا متشابهاً فنتبع الهوى ، والله الهادى للصواب . فأقول وبالله التوفيق :

1- لا يجوز اتهام المسلمين الموحدين الذين يصلون معكم ويصومون ويزكون ويحجون البيت ملبين مرددين : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " .

لا يجوز شرعا اتهامهم بالشرك كما تطفح كتبكم ومنشوراتكم ، وكما يجأر خطيبكم يوم الحج الأكبر من مسجد الخيف بمنى صباح عيد الحجاج وكافة المسلمين ، وكذلك يروع نظيره في المسجد الحرام يوم عيد الفطر بهذه التهجمات والافتراءات أهل مكة والمعتمرين ، فانتهوا هداكم الله تعالى ، وترويع المسلم حرام ، لا سيما اهالي الحرمين الشريفين ، وفي هذا المعنى نصوص شريفة صحيحة .

2- لقد كفرتم الصوفية ثم الاشاعرة وانكرتم واستنكرتم تقليد وإتباع الأئمة الأربعة ( أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ) في حين أن مقلدي هؤلاء كانوا ولازالوا يمثلون السواد الأعظم من المسلمين ، كما ان المنهج الرسمي لدولتكم والذي وضعه الملك عبد العزيز رحمه الله ينص على اعتماد واعتبار المذاهب الأربعة فانتهوا هداكم الله تعالى .

ومن كان كافرا بعد إسلامه فهو في حكم المرتد الذي يباح دمه فتذكروا حديث نبيكم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " ( 1 ) .



3 - بعد ان فرغتم ممن سبق ، سلطتم من المرتزقة الذين تحتضونهم من رمى بالضلال والغواية الجماعات والهيئات الإسلامية العاملة في حقل الدعوة والناشطة لإعلاء كلمة الله تعالى والآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر كالتبليغ ، والإخوان المسلمين ، والجماعة (الديوبندية) التي تمثل أبرز علماء الهند وباكستان وبنغلاديش، والجماعة ( البريلوية ) التي تمثل السواد الأعظم من عامة المسلمين في تلك البلاد ، مستخدمين في ذلك الكتب والأشرطة ونحوها ، وقمتم بترجمة هذه الكتب الى مختلف اللغات وتوزيعها بوسائلكم الكثيرة مجانا، كما نشرتم كتابا فيه تكفير أهل ابو ظبي ودبي والاباضية الذين معكم في مجلس التعاون .

أما هجومكم على الأزهر الشريف وعلمائه فقد تواتر عنكم كثيرا .

4- ترددون جملة الحديث الشريف : " كل بدعة ضلالة " ( 1 ) بدون فهم للإنكار على غيركم ، بينما تقرون بعض الأعمال المخالفة للسنة النبوية ، ولا تنكرونها ولا تعدونها بدعة ، سنذكر بعضا منها فيما يأتي.

5- إنكم تغلقون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء مباشرة – وهو الذي لم يكن يغلق قبلكم في حياة المسلمين – وتمنعون الناس عن الاعتكاف والتهجد فيه ، وتنسون قول الله تعالى :

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة:114] .

6- تفرضون على المؤذنين الحجازيين أسلوبا معينا في الأذان هو أسلوبكم في نجد ، وزمنا معينا محدودا ، وتطلبون عدم ترخيم الصوت وتحليته بنداء المسلمين لهذه الشعيرة العظيمة ( الصلاة ).

7- تمنعون التدريس والوعظ في الحرمين الشريفين ولو كان المدرس من كبار علماء المسلمين حتى لو كان من علماء الحجاز والأحساء ما لم يكن على مذهبكم وبإذن صريح منكم مكتوب ومختوم منكم فقط ويمنع غيركم حتى لو كان شيخ الأزهر الشريف ، فاتقوا الله ولا تغلوا في مذهبكم واحسنوا الظن بإخوانكم من علماء المسلمين .

تمنعون دفن المسلم الذي يموت خارج المدينة المنورة ومكة المكرمة من الدفن فيهما وهما من البقاع الطبية المباركة التي يحبها الله ورسوله ، فتحرمون المسلمين ثواب الدفن في تلك البقاع الشريفة المباركة ، فعن عبد الله بن عدي الزهري رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته واقفا بالحزورة يقول : "والله إنك لخير ارض الله واحب ارض الله الى الله ، ولولا أخرجت منك ما خرجت " ( 1 ) .

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من استطاع ان يموت بالمدينة، فليمت بها ، فإني اشفع لمن يموت بها " ( 1 ) .

9- تمنعون النساء من الوصول إلى المواجهة الشريفة أمام قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والسلام عليه أسوة بالرجال ، ولو استطعتم لمنعتم النساء من الطواف مع محارمهن بالبيت الحرام، خلافا لما كان عليه السلف الصالح والمسلمون ، وتحقرون النساء المؤمنات المحصنات القانتات ، تنهرونهن ، وتحجبونهن عن رؤية المسجد والإمام بحواجز كثيفة ، وتنظرون إليهن نظرة الشك والارتياب . وهذه بدعة شنيعة لأنه إحداث مالم يحدث في زمنه عليه الصلاة والسلام والسلف الصالح ، فقد كان يلي الإمام صفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء ، يصلون جميعا وبلا حواجز خلفه صلى الله عليه وآله وسلم .

10- أتيتم بالمرتزقة والجهال من العابسين عند المواجهة الشريفة يستدبرون المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأقفيتهم وظهورهم ويستقبلون زواره والمسلمين بوجوه عابسة مكفهرة تنظر إليهم شزرا متهمة إياهم بالشرك والابتداع يكادون أن يبشطوا بهم ، يوبخون هذا وينتهرون ذلك ويضربون يد الثالث ويرفعون أصواتهم زاجرين متجاهلين وناسين قول الله تعالى :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [ الحجرات : 2 ، 3 ، 4 ]

كل هذا مع الكبر والاستمرار في إهانة أحباب المصطفى وزواره المؤمنين في حضرته الشريفة وقبالة مضجعه الشريف الذي اعتبره شيخ الحنابلة ابن عقيل أفضل بقعة على اليابسة كما نقل ذلك عنه الشيخ ابن القيم في كتابه " بدائع الفوائد " ( 1 ) .

11- تمنعون النساء من زيارة البقيع الشريف بلا دليل قطعي مجمع عليه من الشرع ، وتضيقون على المسلمين في الزيارة إلا في أوقات محدودة وقصيرة ، حتى أن بعضهم ينتهز فرصة تشييع الجنائز ليزور البقيع الشريف .

وقد منعتم المزورين في المدينة المنورة من مرافقة الزائرين وقطعتم أرزاقهم وبدونهم صار الناس يتخبطون ولا يعرفون أماكن قبول آل البيت الكرام وأمهات المؤمنين والصحابة رضي الله عنهم ، وهذا ظلم وتعسف وقهر وبطر لا يرضاه الله تعالى ورسوله الكريم ، فانتهوا هداكم الله تعالى .

12- هدمتم معالم قبور الصحابة وأمهات المؤمنين وآل البيت الكرام رضي الله عنهم وتركتموها قاعا صفصفا وشواهدها حجارة مبعثرة ، لا يعلم ولا يعرف قبر هذا من هذا ، بل سكب على بعضها ( 1 ) (البنزين) فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

فهلا أبقيتم وسمحتم بالتحجيز وهو مباح ، وارتفاع القبر شبرا ، وهو مباح مع الشاهدين فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع حجرا على قبر عثمان بن مظعون رضي الله عنه ثم قال : " أتعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي " ( 2 ) .



وقال خارجة بن زيد : " رأيتني ونحن شبان في زمن عثمان رضي الله عنه وإن أشدنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه " ( 3 ) .

أنشأتم مكتب استجواب ومحاكمة وتحقيق في زواية الحرم النبوي ( القديمة سابقا ) وكذلك بجوار البقيع حاليا وصرتم تحاكمون فيها من ترقبونه يتوسل أو يكثر الزيارة أو يخشع أو يبكي أو يدعو الله تعالى أمام القبر الشريف متوسلا به إلى الله تعالى ، حيث توجهون لهم قائمة

من الأسئلة – الجاهزة سلفا – عن مشروعية الزيارة والتوسل والمولد الشريف فمن وجوتموه مخالفا لذلك سجنتموه وألغيتم إقامته وأبعدتموه من البلاد ، مع أن هذه أمور تدور بين الاستحباب والإباحة عند العلماء حتى عند الحنابلة فلا يجوز تكفير المسلم بها ومعاقبته .

وقد حدثني من أثق به من السجناء انه كانت الأغلال في يديه طيلة فترة السجن الذي امتد شهرا ، وكان يتوضأ ويصلي وهي في يده ، كما كان ممنوعا حتى من قراءة القرآن الكريم ، فاتقوا الله تعالى فإن الظلم ظلمات يوم القيامة .

ولا يجوز أن يكون فعل ذلك في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعاملين الذي قال : " إنما أنا رحمة مهداة " ( 1 ) . وبعثه الله تعالى رحمة للعاملين فكيف بالمسلمين الذي تعاملونهم هذه المعاملة القاسية المنكرة بجواره الكريم وفي مسجده الشريف وهو القائل عليه الصلاة والسلام : " الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون " ( 2 ) . و " إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " ( 3 ) .

14- سمحتم لأحد المحسنين من أهل المدينة بهدم وإعادة بناء مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في جبل الخندق على حسابه الخاص ، وبعد الهدم أوقفتم رخصة البناء لأنكم تعتبرون زيارة المساجد السبعة في موقع معركة الخندق النازلة فيها سورة الاحزاب بدعة ، بل وتتمنون هدمها .

- تمنعون الناس من ادخال وقراءة كتاب ( دلائل الخيرات ) للشيخ العارف بالله محمد سليمان الجزولي الحسني في الصلوات على النبي عليه الصلاة والسلام ، وكذا غيره من الكتب في حين أنكم تعلمون ما يدخل ويعرض من الكتب والمجلات والمطبوعات المنكرة شرعا ، فاتقوا الله تعالى . 16- تتجسسون وتلاحقون وتستجوبون وتعاقبون من يقيم مجالس الاحتفال والاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف التي تخلو من أي منكر في الشرع ، في حين لا تعترضون على مجالس اللهو والطرب والغناء ومظاهرها بشتى ألوانها وانواعها – فهل يجوز الكيل بمكيالين ؟ وهل تجوز إهانة المؤمن المحب ومراضاة الفاسق المستهتر ؟

17- تمنعون الأئمة من ( القنوت ) في المساجد في صلاة الصبح وتعتبرونه بدعة علما بأنه ثابت شرعا لدى إمامين من الأئمة الاربعة هما : الشافعي ومالك رضي الله عنهما فلماذا فرض الرأي الواحد ، والتضييق على المسلمين ؟ فاتقوا الله تعالى .

18- لا تعهدون بالإمامة في الحرمين الشريفين إلا لأحدكم ( من نجد ) وتحظرونها على من سواكم من علماء الحجاز والاحساء وغيرهم فهل هذا من العدل أو من الدين بالضرورة ، فاتقوا الله تعالى ، واقسطوا إنه تعالى يحب المقسطين .

19- أعملتم معولكم في هدم آثار النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام في المدينة المنورة خاصة والحرمين الشريفين عامة ، حتى كاد أن لا يبقى منها الا المسجد الشريف وحده في حين أن الامم تعتز وتحتفظ بآثارها ، ذكرى وعبرة ودليلا على ماضيها التليد ، وترون أن كل اثر يقصد للاطلاع والزيارة شرك بالله تعالى … والله تعالى امرنا بأن نسير في الارض لننظر آثار المشركين فنعتبر بها كعاد وثمود الموجودة في ( ديار صالح – العلا قرب المدينة المنورة ) ، والتي لا تزال مزارا للسائحين حيث قال الله تعالى : قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ [ آل عمران : 137 ]

وقال تعالى : أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ [ غافر : 21 ، 22 ] .









 


قديم 2014-09-13, 20:16   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

وقال تعالى : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ [ إبراهيم : 9 ]

فلما تحرمون المسلمين من مشاهدة معالم وآثار معركة بدر وأحد والحديبية وحنين والاحزاب وغيرها من ( أيام الله ) التي نصر بها رسوله وعباده الصالحين وهزم الشرك والمشركين ؟ فاتقوا الله وكونوا من أولي الألباب لعلكم ترحمون .

20- آويتم ( نصار الألباني ) ونصرتموه وسمحتم له بنشر كتابه : (أحكام الجنائز وبدعها) . الذي طالب فيه جهارا بإخراج قبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الشريف ( 1 ) ،

21 - احتضنتم تلميذ الألباني ووكيله في الكويت ( عبدالرحمن عبدالخالق ) ووجهتم أتباعكم إليه وأمددتموه بالمدد الكامل وهو الذي هاجم في كتابه ( فضائح الصوفية ) عامة الأولياء الصالحين واعتبر كل الصوفية زنادقة باطنيين وضالين ولو كان منهم من أثنى عليه وزكاه ابن تيمية وابن رجب والذهبي وبقية مشايخكم المعتمدين عندكم ، وفي الحديث القدسي الصحيح : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ( 2 ) فاتقوا الله تعالى وانتهوا .

22- تنتهزون كل عام فرصة صيانة وصباغة وترميم المسجد النبوي الشريف ، لتزيلوا كثيرا من المعالم الإسلامية الموجودة في خلوة المسجد الشريف من الآثار النبوية للبوصيري ، وقد أردتم طمس البيتين الشهيرين – المكتوبين على الشباك الشريف – الواردين في قصة العتبي كما ذكرها ابن كثير في التفسير ( 1 ) :

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه

فـطاب من طيبـهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنـه

فيه العـفاف وفيه الجود والكرم

لولا أن نهاكم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد عندما بلغه الأمر وأمر بإعادتها ، فما هذا الجفاء والصد عن نبيكم صلى الله عليه وسلم والواسطة بينكم وبين ربكم تعالى ؟ ما الامر الذي بينكم وبينه ؟ وكأنكم نسيتم قوله تعالى : وإِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَ اللَّهِ لَهُم عَذّابُ أَلِيمُُ [التوبة : 61 ] . وقوله تعالى : وإِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا [ الأحزاب : 57 ]

- سمحتم للمدعو مقبل بن هادي الوادعي المعروف بكثرة سبابه وطعنه على مخالفيه من العلماء والدعاة إلى الله وصلحاء هذه الامة كما تشهد بذلك كتبه واشرطته أن يتقدم ببحث في نهاية دراسته الجامعية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، بعنوان : ( حول القبة المبنية على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، وإشراف الشيخ حماد الأنصاري ، طالب فيها جهارا نهارا بإخراج القبر الشريف من المسجد النبوي واعتبر وجود القبر والقبة الشريفة بدعة كبيرة وطالب بإزالتها وهدمها.

ومنحتموه على ذلك درجة الفوز والنجاح !

فهل تكرمون من يحاد رسول الإسلام ، حبيب الله ، رحمة للعالمين وخليله عليه الصلاة والسلام ؟!

وقد وجه هذا الرجل المئات من أتباعه ومقلديه ونحوهم ممن تأثر بمذهبكم ، وجههم – وهم حاملي السلاح – إلى هدم ونبش قبور المسلمين الصالحين ( 1 ) في عدن باليمن منذ سنوات قليلة فعاثوا في الأرض فسادا وخرابا فنبشوا قبور الموتى بالمساحي ونحوها ، حتى أخرجوا عظام بعض الموتى وانتهكوا حرماتهم ، وأثاروا فتنة عمياء ، وبلغنا أنهم استخدموا في ذلك المتفجرات ( الديناميت ) في بعض المواضع في اليمن . ( وهذا كله في صحيفة أعمالكم ) . 26

- سميتم المصحف الشريف الذي أمر بطبعه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد جزاه الله خيرا ، بـ : ( مصحف المدينة النبوية ) بدلا من أن يسمى ( مصحف المدينة المنورة ) وكأنكم لا تقرون أن هذه المدينة المباركة قد استنارت بل استنارت الدنيا كلها ببعثة ورسالة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وقديما هتفت جواري الأنصار عند هجرته الشريفة مرحبات :

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع

وجـب الشكر علينا ما دعـا لله داع

فهو البدر والقمر والنور ، قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا وقال سبحانه : قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِين يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [ المائدة : 15 ، 16 ]

وارجعوا إلى كتب التفاسير وهي كثيرة لتروا انهم فسروا النور في الآية الشريفة بأنه المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وهنا لا نجادلكم في نور ذاته الشريفة بل نقول : إنه عليه الصلاة والسلام ، كان نورا ورحمة بما جاء به من كتاب وسنة وهداية ، قال تعالى : وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [ المائدة : 16 ]



- تصرون على تسمية الجهة المشرفة على شؤون الحرمين الشريفين ( رئاسة الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف ) ولا تقولون ( الحرم النبوي الشريف ) وكذلك في إعلانات الطرق الدالة على ذلك والموجهة إليه .. فلماذا لا يكون مسجد صلى الله تعالى عليه وسلم حرما ؟!

كيف وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كلها حرما ، فقد قال عاصم بن سليمان الأحول : قلت لأنس : أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ؟ قال : نعم ، ما بين كذا إلى كذا ، فمن أحدث فيها حدثا ، قال لي : هذه شديدة ، من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.

وفي رواية عن أنس ايضا قال : " ثم اقبل حتى اذا بدا له احد قال: هذا جبل يحبنا ونحبه ، فلما اشرف على المدينة قال : اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم ابراهيم مكة ، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم " ( 1 ) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المدينة حرم " ، فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة ، والناس أجمعين ، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف " .

تزوير التراث : دأبتم على أن تحذفوا مالا يعجبكم ويرضيكم من كتب التراث الإسلامي التي لا تستطيعون منع دخولهم المملكة لأن عامة المسلمين يحتاجون إليها ، وفي هذا اعتداء شرعي وقانوني على آراء المؤلفين من علماء السلف الصالح الذين لا يستطيعون مقاضاتكم في الدنيا بل عند الديان في الآخرة .. ومما حذف أو غير وزور :

كتاب ( الأذكار ) للإمام محيي الدين النووي وذلك في طبعة (دار الهدى ) بالرياض سنة 1409 هـ .

بتحقيق عبد القادر الارناؤوط الشامي ، استبدل (ص295) عنوان فصل في زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، بعنوان فصل في زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع حذف عدة اسطر من اول الفصل وآخره وحذف قصة العتبي التي ذكرها الامام النووي بكاملها .

وهذا اعتداء جائر على المؤلف وكتابه ، ولما روجع المحقق أجاب بأن وكلاءكم هم الذين غيروا وبدلوا ولدي صورة بخط يده بذلك .

حذفت عبارات لا تعجبكم من حاشية الصاوي على تفسير الجلالين .

حذف الفصل الخاص بالأولياء والابدال والصالحين من ( حاشية ابن عابدين الشامي ) في الفقه الحنفي .

حذف الجزء العاشر من الفاتوي لابن تيميه وهو الخاص بالتصوف في طبعتكم الأخيرة للفتاوي .

حاول الشيخ ابن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ( سابقا ) أن يستدرك على ما لا يعجبه في كتاب ( فتح الباري بشرح البخاري ) للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فأصدر مع معاونيه ( ثلاثة أجزاء ) ثم توقف عن التعليق . وقد فتح باب شر بهذه التعليقات .

فسح إلى ابي بكر الجزائري بأن يعمل تفسيرا للقرآن الكريم يكون بديلا ومنافسا لتفسير الجلالين ولبس على الناس انه هو ليتم ترويجه على العامة .

27 - في الوقت الذي تفصلون النساء عن ذويهن ومحارمهن في المسجد النبوي بحجة الغيرة على العرض والدين ، توقفون الرجال من اتباعكم امام مداخل النساء يستشرفونهن وكأنهم معصومون عن كل ما يصدر عن غيرهم ، كما انكم توقفون مراقبيكم من الرجال بين صفوف الطائفين والطائفات من الحجاج والمعتمرين يستشرفون وجوه النساء ، ويطالبونهن بالحجاب خلافا لما عليه الجمهور من وجوب كشف الوجوه عند اداء هذه الشعيرة .

28- لا تعترضون على من يرعب المسلمين الموجودين في الحرم المكي ويحقق معهم ثم يقبض عليهم اذا لم يجد معهمه ( سند الاقامة ) خلافا لقول الله تعالى عن الحرم الشريف : وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا [ آل عمران : 97 ] وهو ايضا مما يشوش ويعكر الصفو والهدوء والسكينة والهيبة على المعتكفين والركع السجود .

29- تمنعون وتمتنعون في المحاكم الشرعية عن إبرام عقود الزواج والنكاح بين المسلمين والمسلمات لكل مسلم غريب ومسلمة إذا كان زائرا ولا يملك سند الإقامة الدائم ، وهذه بدعة وظلم وفي ذمتكم لو ارتكب ما هو محرم شرعا .

30- ترفضون أن تسجلوا أي طالب للدراسات العليا في جامعاتكم إلا بعد أن تمتحنونه في ما تسمونه : ( العقيدة الصحيحة ) ولا تكتفون بأنه مسلم من عامة المسلمين الموحدين ، وهذه عصبية ممقوتة .

31- إذا اختلف معكم احد في موضوع أو امر فقهي أو عقدي ، اصدرتم كتبا في ذمه وتبديعه أو تشريكه ، ومع هذا لا تمنحونه حقه في الدفاع عن نفسه وتبرئتها من ذلك كما حصل مع السيد المالكي وأبو غدة والصابوني وغيرهم كثير .

32- سعيتم لبدعة كبيرة لم تسبقوا إليها حتى من اسلافكم في العقيدة والمنهج ، وهي انكم سعيتم لغلق وقفل ( البقيع الشريف ) ومنع الدفن فيه ونقل دفن الأموات الجدد إلى موقع آخر بعيد عن موقع الشرك والبدع في رأيكم ، ولمنع الناس من الدخول إلى البقيع وزيارة من فيه من الآل والصحابة والتابعين وبقية الصالحين ، ولكن الله تعالى أحبط مسعاكم وهيأ من قام بإبلاغ الملك فهد خادم الحرمين الشريفين بذلك ، فرفض ما نويتم وأمر بتوسعة البقيع الشريف حتى لا تكون الحجة عندكم ضيقه عن استيعاب من يموت من المسلمين .

33- رضيتم ولم تعارضوا هدم بيت السيدة خديجة الكبرى أم المؤمنين والحبيبة الأولى لرسول رب العالمين صلى الله عليه وآله وسلم المكان الذي هو مهبط الوحي الاول عليه من رب العزة والجلال ، وسكتم على هذا الهدم راضين أن يكون المكان بعد هدمه دورات مياه وبيوت خلاء وميضآت .



فأين الخوف من الله تعالى ؟ وأين الحياء من رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام ؟

34- حاولتم ولازلتم تحاولون وجعلتم دأبكم هدم البقية الباقية من آثار رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ألا وهو ( البقعة الشريفة التي ولد فيها ) التي هدمت ثم جعلت سوقا للبهائم ثم حولها بالحيلة الصالحون إلى مكتبة هي ( مكتبة مكة المكرمة ) فصرتم ترمون المكان بعيون الشر والتهديد والانتقام وتتربصون به الدوائر وطالبتم صراحة بهدمه واستعديتم السلطة وحرضتموها على ذلك بعد اتخاذ قرار بذلك من هيئة كبار علمائكم قبل سنوات قليلة ( وعندي شريط صريح بذلك ) غير أن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد العاقل الحكيم العارف بالعواقب ، تجاهل طلبكم وجمّده . فيا سوء الأدب وقلة الوفاء لهذا النبي الكريم الذي اخرجنا الله به وإياكم والأجداد من الظلمات إلى النور ! ويا قلة الحياءة منه يوم الورود على حوضه الشريف .. ! ويا بؤس وشقاء فرقة تكره نبيها سواء بالقول أو بالفعل وتحقره وتسعى لمحو آثاره ! . والله تعالى يقول لنا : وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى .

والله تعالى ممتنا على بني اسرائيل بطالوت وموسى وهارون : وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [ البقرة : 248 ]

وقال المفسرون : إن البقية المذكورة هي عصاة موسى ونعليه و…… إلخ .

واقرؤوا إن شئتم الأحاديث الصحيحة الواردة فيما يتعلق بآثار النبي صلى الله عليه وسلم واهتمام الصحابة رضوان الله عليهم بها المذكورة في ثنايا أبواب صحيح البخاري ففيه الكفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وفيه الغنية لقوم يعقلون ويتدبرون .

35- كان أسلافكم حنابلة المذهب يتبعون ويقلدون مذهب الإمام الشيخ أحمد بن حنبل رضي الله عنه ابتداء من ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن عبد الهادي وابن قدامة المقدسي ومرورا بالزركشي ومرعي ابن يوسف وابن هبيرة والحجاوي والمرداوي والبعلي والبهوتي وابن مفلح وختاما بالشيخ محمد ابن عبد الوهاب وأولاده والمفتي محمد بن إبراهيم وابن حميد رحمهم الله تعالى جميعا …

ولكنكم الآن تخليتم عن هذا المذهب وقلتم ( إنكم سلفيون ) حيث أعلن الشيخ عبد العزيز بن باز ( القائم بالفتوى والارشاد ) لمجلة ( المجلة السعودية ) قريبا في مقابلة معه انه لا يلتزم ولا يعتمد على المذهب الحنبلي وفقه الحنابلة ، وأنكم تلتزمون بالكتاب والسنة فقط .

فسبحان الله تعالى … هل كان الإمام أحمد ، واخوانه الأئمة الآخرون إلا ملتزمين بذلك ؟ ام هل بلغتم والشيخ واتباعكم مرتبة ( المجتهد المطلق ) – ومرتبة الامام الذي يجتهد رأيه ولا يتبع أو يقلد من سبقه ؟! نعظكم أن تزعموا ذلك ونعوذ بالله تعالى من الجهل والغرور والدعوى وان نكون في الزمان الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : " إن بين يدي الساعة أياما ينزل فيها الجهل ، ويرفع فيها العلم ، ويكثر فيها الهرج والهرج القتل " .

وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا ، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " ( 1 ) .

وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا ، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " ( 2 ) .

سمحتم للصغار وسفهاء الأحلام بمهاجمة السلف الصالح الأعلام لهذه الأمة ومنهم حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى حيث سمحتم وفسحتم للمدعو محمود الحداد أن ينشر كتابا يزعم فيه أنه يجمع تخريجي العراقي والزبيدي لكتاب إحياء علوم الدين فبدأه بمقدمة رمى فيها الإمام الغزالي بالضلال وبعظائم الأمور .

وذلك طبعا بعد التهجم بشتى وسائل مطبوعاتكم على الإمام أبي الحسن الأشعري وأتباعه من السواد الأعظم من المسلمين منذ مئات السنين حيث وصفتموهم بالضالين المضلين ( راجعوا أعداد مجلتكم ، البحوث الإسلامية ، ومنهج أهل السنة والجماعة لسفر الحوالي وسواها) وقد اطلعت بنفسي الشيخ عبد الله عبد المحسن التركي وزير الأوقاف على بعض هذه الأعداد … ولم يتغير شيء .

37- ضيقتم ثم أوصدتم وأقفلتم ( باب النصيحة ) من المسلمين لأئمتهم وحكامهم وأولي الأمر منهم وأفتيتم بمعصية من يخالف ذلك وعاديتموه في الوقت الذي فيه المسلمون وحكامهم بأمس الحاجة إلى الوعظ والنصيحة بالحسنى وصلى الله تعالى على القائل : " الدين النصحية – قلنا لمن قال : " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " ( 1 ) .

38- عبتم واستنكرتم على الخميني الزعيم الإيراني وصحبه اتخاذ الآية في قوله تعالى : إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [ المائدة : 33 ] .

___

حجة شرعية لإصدار أحكام الموت والاعدام على خصومهم ، ولكنكم بعد ذلك اتخذتموها وليجة لفعل الأمر نفسه في حق خصومكم وطوعتموها لضرب اعناق الاغرار من الغرباء والمستضعفين ولو بقطعة ( حشيش اوقات ) ، لمأسمع أنكم استفتيتم ( مجمع الفقه الاسلامي ) الذي عندكم في جدة ولا استأنستم برأي غيره كالأزهر الشريف والعلماء الكبار من المسلمين في هذا الشأن كأنكم تناسيتم كقضاة ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم ، إلا في الحدود " رواه أبو داود وغيره ( 2 ) .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة " . رواه الترمذي وقال : قد روي عنها ولم يرفع وهو أصح ( 1 ) .



قال الحافظ ابن حجر في التلخيص ( 4/56 ) : " قال (البخاري) : وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري عن عاصم عن ابي وائل عن عبدالله بن مسعود قال : " ادرؤا الحدود بالشبهات ، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم " . وروي عن عقبة بن عامر ومعاذ أيضا موقوفا ، وروي منقطعا وموقوفا على عمر . ورواه ابو محمد بن حزم في كتاب الايصال من حديث عمر موقوفا عليه بإسناد صحيح ، وفي ابن ابي شيبة من طريق ابراهيم النخعي عن عمر : " لأن أخطئ في الحدود بالشبهات احب إلى من أن اقيمها بالشبهات " . وفي مسند ابي حنيفة للحارثي من طريق مقسم عن ابن عباس بلفظ الاصل مرفوعا " . ا هـ .

ونسيتم قوله تعالى وهو أصدق القائلين عن النفس البشرية : من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [ المائدة : 32 ]

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء " ( 1 ) .

فاتقوا الله تعالى ولاتقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، واحذروا موجبات الندامة يوم الحسرة والقيامة .

39- أغريتم الشباب الأغرار بمذهبكم وآرائكم المتشددة كجهيمان العتيبي قتيل الحرم المكي وجماعته وكان شيخكم شيخهم ومرشدهم يثوبون إليه ويرجعون ويصدرون عن آرائه هو والشيخ والجزائري ، وكانوا يسرحون تحت أنظاركم يضايقون المسلمين في الحرمين يأمرون وينهون ويمرحون حتى إذا قويت شوكتهم وطالت أظافرهم وارتكبوا فعلتهم واحيط بهم فسقطوا بين قتيل وجريح واسير .. قلتم انكم براء منهم ومما كانوا يفعلون .. وكتبهم ونشراتهم التي خلفوها خير شاهد ودليل على ذلك ، فمن آرائكم المتشددة استقت ومنها شربت حتى ثملت ولازلتم على استحياء تفعلون .. باسم الكتاب والسنة فاتقوا الله الذي إليه ترجعون .

40- كفّرتم الصوفية ثم الاشاعرة والماتريدية وهو سواد المسلمين ، ثم التفتم إلى الاخوان ، ثم التبليغيين ثم بقية الدعاة والمفكرين . فماذا ابقيتم غيركم من المسلمين ؟










قديم 2014-09-13, 20:17   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

40- كفّرتم الصوفية ثم الاشاعرة والماتريدية وهو سواد المسلمين ، ثم التفتم إلى الاخوان ، ثم التبليغيين ثم بقية الدعاة والمفكرين . فماذا ابقيتم غيركم من المسلمين ؟

41- منعتم الدروس إلا دروسكم والمذاهب إلا مذهبكم والوعظ إلا وعظكم والدعاة إلا دعاتكم فتعطلت مجالس العلم ودرست محافل الوعظ وخوت حلقات القرآن واستخفت مجالس الذكر فماذا غدا انتم لربكم قائلون .. ؟ يوم يقول : وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ [ الصافات : 24 ]

42- كفرتم ابن عربي ثم ألحقتم به حجة الإسلام الغزالي ثم التفتم لأبي الحسن الاشعري وبعده قلتم ما ما ت حسن البنا شهيدا ولا كذلك الشهداء في افغانستان لأن عقيدتهم لم تكن صحيحة وسليمة بل كانوا احنافا مقلدة تائهين هالكين وابقيتم انفسكم وحدكم الناجين ، ونسيتم قوله عليه الصلاة والسلام : " إذا قال الرجل : هلك الناس ، فهو أهلكهم " ( 1 ) .



أنشأتم جامعة في المدينة المنورة سميتموها (الجامعة الإسلامية) بجوار سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم فهرع الناس والعلماء إليها بفلذات أكبادهم وأبنائهم مسرعين فرحين لينهلوا من هذا المنبع ظانين أنها ستزيدهم محبة واتباعا لحبيبهم صلى الله عليه وسلم وآله الطيبين وأصحابه والتابعين .. فإذا بكم تدرسونهم كيف يجافونه ويجافونهم أجمعين .. وتجعلون الطلاب على بعضهم يتجسسون لينقلوا إليكم أسماء وأخبار من سميتموهم ( القبوريين ) الذين يكثرون الزيارة والسلام على سيد المرسلين ورحمة الله للعالمين حتى يكونوا من المحاربين المنبوذين المفصولين إلا من والاكم وأطاعكم فهو وحده الصادق الأمين .

ومن تخرج بكم وتشرب بآرائكم من الناجحين صرتم ترسلونهم إلى بلادهم وكلاء عنكم منذرين ومبشرين لتجديد إسلام آبائهم وأقوامهم الضالين بزعمكم ، وتغدقون عليهم الرواتب وتفتحون لهم المكاتب وتفسحون الميادين ، فتقوم القيامة وينشب الخلاف والعداء بينهم وبين العلماء والصلحاء من آبائهم وشيوخهم السابقين وكأنهم (قنابل موقوتة) عبأتموها وملأتموها بكل سوء ظن وحقد دفين مما جعل البلاد الإسلامية وخاصة إفريقيا وآسيا ساحة للمعارك والخلافات بين المسلمين بل وصل الامر هذا إلى البلدان الاسلامية التي استقلت حديثا من روسيا والى الاقليات والجاليات المسلمة في اوروبا وامريكا واستراليا وغيرها فإلى الله المشتكى .

44- لم يقل ابن تيمية ولا ابن القيم ولا احد من أئمة السلف من قبلهما أن الصوفية كلهم مشركون بل قالوا أن منهم من يصل إلى مقام الصديقين فراجعوا أن شئتم كتب الذهبي وابن رجب وفتاوي ابن تيميه ومدارج السالكين لابن القيم وغيرها . ولكنكم تكفرون الصوفية ( كافة ) وتصفونهم بالابتداع والشرك .

ويفعل الشيء نفسه احبابكم وتلاميذكم المحدثون كأمثال عبدالرحمن عبد الخالق والجزائري وزينو ودمشقية والألباني ، ومقبل الوادعي ومن لف لفهم فهل آراؤكم هذه تابعة للسلف الصالح ام انتم بها منفردون مبتدعون ؟! وهل يجوز بعدها أن تقولوا نحن سلفيون ولم يسبقكم سلفي إلى هذا الامر المقيت ؟!

45- بلاد امريكا وأوربا وصلها داؤكم الدفين فاشتعل الخلاف في مساجد ومدارس المسلمين هذا تابع لابن باز وابن عثيمين ، يكفر الصوفية والذاكرين وهذا أشعري أو ماتريدي وهذا ديوبندي أو بريلوي … إلخ ، يحارب بعضهم بعضاً ويحرم الصلاة خلفهم والزواج والتواصل فيما بينهم ويقطع أواصر الدين ، وقد شاهدت ذلك بنفسي وحضرت منع الخطيب من الخطابة في مسجد بأمريكا لأنه صوفي فقام الشجار بين المصلين … فالتوبة التوبة إلى الله رب العالمين القائل : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ النور : 31 ]

46- إن ما يحصل من مذابح ومجازر ومآسي تشوه سمعة الإسلام وتفتك بالمسلمين خاصة كالتي في الجزائر ومصر أو التي حدثت في الحرم المكي ما هي إلى ثمرة خريجيكم وآرائكم وقراءة كتبكم ومطبوعاتكم التي بنيت على التكفير والتشريك والتبديع وسوء الظن بالمسلمين .

ولتتبينوا ويتبين الناس انظروا هل فيهم ( المتشددون ) صوفي أو أزهري أو أشعري أو مقلد للمذاهب الأربعة المجتهدين؟! وبعد أن أطلقتموهم سكتم ولزمتم الصمت وتفرجتم ولم تشجبوا أعمالهم ولم تكونوا لهم من الناصحين ، فليت شعري من هو ( لغوي المبيت ) ؟!

47- تتهمون المخالفين لكم من المسلمين بأنهم ة أو معتزلة مارقين . وأنتم الة لأنكم وافقتموهم في بعض آرائهم . وحقاً أنتم المعتزلة لأنكم شاركتموهم في إنكار الولاية والأولياء والكرامة والكرامات ، وحياة الموتى وتحكيم العقل في المغيبات من أمور الدين .

وقديماً قيل : ( رمتني بدائها وانسلت ) .

وقيـل :

لا تنه عن خلق وتأتي مثله عـار عليك إذا فعلت عظيم

فهل أنتم للحق سامعون ؟!

48- تعملون عمل الخوارج ، فإذا جاءكم أحد من المسلمين – وخاصة طلبة العلم – تبدأون في عقيدته أصحيحة عندكم أم لا ؟ ما تقول في كذا ، وكذا … وأين الله ؟ و … ؟

وهكذا كان يعمل الخوارج فيما سبق فكانوا إذا جاءهم أو مر بهم المسلم الموحد امتحنوه فإذا خالفهم قتلوه – أما المشرك أو الكافر فيتلطفون به ويتلون الآية : وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ [ التوبة : 6 ] . أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [ القلم : 35 ، 36 ]

49- كان للمذاهب الأربعة في الحرم المكي منابر فهدمتموها ثم كراسي للتدريس فمنعتمونها وكان من آخرها كرسي الدكتور السيد محمد بن علوي المالكي الذي أحياه بعد أبيه وجده فضاقت أعينكم أن تراه فاتهمتموه بالضلال وبالكفر البواح في كتابكم ( الحوار ) ولولا أن أعانني الله تعالى فدافعت عنه بكتاب ( الرد المنيع ) ، ودافع عنه آخرون من أهل العلم في كتبهم ، وتدخل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد فحماه لكان الآن في خبر كان

وكان هناك علماء يدرسون في الحرم النبوي الشريف على المذاهب الأربعة من آخرهم الشيخ ( عبد الرحمن الجهني الشافعي ) صاحب كتاب (قطف الثمار في أحكام الحج والاعتمار) فمنعتموه حتى يحصل على تصريح من الشيخ ابن باز ولم يمنح له التصريح فأوقف .

ومنهم العلامة الوزع المفتي الشيخ سعيد اللحجي الشافعي رحمه الله تعالى ، أوقفه عن الدرس جاسوس لكم ، ولم تنجح المساعي لدى ابن باز لإعادة الشيخ اللحجي للدرس فحرم الطلبة من دروسه النافعة .

ومن قبله أوقف العلامة المحقق الشيخ إسماعيل عثمان الزين الشافعي رحمة الله عليه ، وضيق عليه ، فالله حسيبكم .

وبذلك أقفل في الحرمين الشريفين باب تدريس علوم المذاهب الأربعة ( المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي ) الذي كان مستمراً ومتواصلاً منذ العصور الزاهية للإسلام أيام التابعين وتابعيهم من خير القرون الممدوحة وحتى في أيام أسلافكم لما دخلوا الحجاز ، وتركتم المجال فيها للجزائري وصهره وأضرابه ينادي بأعلى صوته بجوار المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أن ( أبوي النبي في النار ، أبوي النبي في النار ، يكررها ) ويرفع بها عقيرته ( 1 ) . فإنا لله وإن إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل .

وهذا في حسابكم وذمتكم عند الله الجبار – بلا خوف ولا وجل من الله تعالى القائل : إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا [ الأحزاب : 57 ] ، والقائل : وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ التوبة : 61 ]

50- كان هناك أثر ( مبرك الناقة ) ناقة النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد ( قباء ) يوم قدومه مهاجراً إلى المدينة في مكان نزل فيه قوله تعالى : لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [ التوبة : 108 ] ، فأزلتم هذا الأثر ، وكنا نشاهده حتى وقت قريب .

51- وكان في مسجد القبلتين علامة على القبلة القديمة إلى المسجد الحرام علامة على القبلة القديمة إلى المسجد الأقصى المنسوخة فأزلتموها باعتبارها بدعة .

52- أزلتم بستان الصحابي سلمان الفارسي رضي الله عنه حيث كانت هناك نخلة غرسها النبي صلى الله عليه وسلم وردمتم بئر ( العين الزرقاء ) قرب قباء وبئر أريس (بئر الخاتم) ومنعتم مشاهدة بئر رومة التي اشتراها عثمان رضي الله عنه من اليهودي وأوقفها في سبيل الله . وهناك آثاراً أخرى كثيرة هامة إما أزيلت كلية أو غيرت معالمها .

53- وكان لأهل الأحساء من أصحاب المذاهب الأربعة مدارس خاصة لكل مذهب أغلقتموها ومنعتم التدريس فيها لأنه لا يجوز عندكم تدريس ما سوى مذهبكم في المدارس التي تشرفون عليها للذكور والإناث ، ولما صاروا يقيمون بعض الدروس في بيوتهم راقبتموهم وضايقتموهم وحاصرتموهم وتجسستم عليهم ، فهل هذه أعمال الدعاة الأبرار والرجال الأخيار التقاة الزهاد الورعين الخائفين من الله تعالى القائل : وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [ البقرة : 281 ]

والقائل : أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [ المطففين : 4 ، 5 ، 6 ]

54- وضعتم معاولكم في بيت الصحابي الجليل ( أبي أيوب الأنصاري ) الذي استضاف فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند قدومه المدينة المنورة قبل بناء حجراته الشريفة ، وقد حافظت عليه كل العهود السابقة بما فيها عهد أسلافكم فهدمتم هذا الأثر الشريف الذي كان في قبلة محراب المسجد النبوي الشريف وذلك بزعم أن المسلمين " المشركين " يتبركون به .

55- وهدمتم بجوار بيت أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه مكتبة شيخ الإسلام ( عارف حكمت ) المليئة بالكتب والمخطوطات النفيسة وكان طراز بنائها العثماني رائعاً ومميزاً .

هدمتم كل ذلك في حين أنه بعيد عن توسعة الحرم ولا علاقة له بها .



56- كما ردمتم ( بير حاء ) التي دخلت في التوسعة ولم تتركوا عليها أثراً أو علامة كأثر دخله النبي صلى الله عليه وسلم ورد ذكره في صحيح البخاري ( 1 ) وغيره . ولم تبقوا في المدينة المنورة من آثار المصطفى وأصحابه غير المسجد النبوي وحده فهلا التفتم لخيبر وغيرها وهل يجوز أن نقلد اليهود في إزالتهم لكل أثر إسلامي في القدس الشريف فنزيل آثارنا في المدينة المنورة ؟!

وماذا أبقيتم للأجيال القادمة ، من تراثنا المجيد ؟

57- وتوسعتم في إصدار الأحكام باسم الشرع الحنيف في قتل المخالفين لكم من أصحاب الرقية والعلاج الروحي وسميتموهم (سحرة) ولم تفرقوا بين المحقين منهم وبين المبطلين منهم ، وتركتم لأنفسكم مطلق الفتوى والحكم بذلك فأسلتم دماء الكثيرين من الأبرياء بحجة أنهم سحرة تستباح دماؤهم متناسين قوله تعالى : وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ، وقول البشير النذير صلى الله عليه وسلم : " أول ما يقضى به بين الناس يوم القيامة في الدماء " . ( 1 )



فقفوا عند الحدود وادرؤها بالشبهات ، واتقوا يوم يقتص للجماء من القرناء ، يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا [ النبأ : 40 ] ، وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [ البقرة : 281 ]










قديم 2014-09-13, 23:17   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
سلمى انا
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية سلمى انا
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الرحب كانت بينكم انتم الاخوان والسلفيين ضد باقي خلق الله

والان الحرب اندلعت الحرب
بينكم وبين السلفيين
-- سنة ضد سنة --

ولا ندري متى ستنطفئ


امة ضحكت من جهلها الاممُ










قديم 2014-09-13, 23:41   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي

كشف موقف الغزالي
من السنة وأهلها ونقد بعض آرائه


فضيلة الشيخ العلامة
ربيع بن هادي عمير المدخلي
رئيس قسم السنة بالجامعة الإسلامية

ومعه
مهذب رد الشيخ ربيع المدخلي لهجوم الغزالي على السنة وأهلها
للشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين

إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
قال العلامة ربيع بت هادي المدخلي في مقدمة كتابه:
«(...) ويؤسفنا أن الشيخ محمد الغزالي قد حشر نفسه - في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها السنة وأهلها - في خصوم السنة بل صار حامل لواء الحرب عليها وأصبحت كتبه وأقواله تمثل مدرسة ينهل منها كل حاقد على الإسلام والسنة النبوية المطهرة، إن الغزالي في كثير من كتبه وتصريحاته يتململ من السنة ولا سيما أخبار آلاحاد على حد زعمه تململ السليم.
ولقد ضمن مؤلفاته الأخيرة حملات شعواء وقذائف خطيرة على كثير من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الصحيحة، وحملات شديدة على من يريد التمسك بها.
ولا ينكر أن له كتابات ينصر بها الإسلام ويدافع عنه لكنه يهدم ما بناه بهذه الحملات على السنة إذ لا إسلام بلا سنة فإذا زلزل بنيان السنة وطورد سكانه بمثل قذائف الغزالي تحول بنيانها إلى خراب وإلى بلاقع ويباب.
لا أدري هل يدرك الغزالي نتائج هذه التصرفات أو لا ؟ وكذلك هل يدرك مؤيدوه ومروجوا أفكاره هذه النتائج ؟»

تحميل كتاب "كشف موقف الغزالي من السنة وأهلها"

نسخة (PDF) مصورة: https://www.ajurry.com/vb/attachment....6&d=1392211611
نسخة (Word) مكتوبة: https://www.ajurry.com/vb/attachment....7&d=1392211611










قديم 2014-09-14, 00:11   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
adziri
عضو محترف
 
إحصائية العضو










Wah ............................

لو تروح تبحث على قسمكم تابوت التوحيد الوهابي اين رموه حشى ايات الله واحديث نبيه
خير لك من التشبيح للاصناكم الايلة الى الزوال والسقوط باذن الله










قديم 2014-09-14, 12:53   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

الرد العالي من الإمام الألباني على محمد الغزالي



الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:


فمن علامات الفساد التي تظهر إثر موت العالِم ، ظهور الفتن التي تموج كموج البحر ، وظهور الجهل ، و تفشي الرذيلة ، قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد 41]. ففي هذه الآية الكريمة يخبر الله تبارك و تعالى بظهور الجهل عند قبض العلم ورفعه ، قال عطاء بن أبي رباح في معنى الآية : ( ذهاب فقهائها وخيار أهلها) ، و قال الحافظ ابن عبد البر معلِّقاً على هذا الأثر: (وقول عطاء في تأويل الآية حسن جدًّا يلقاه أهل العلم بالقبول )([1]).

وأخرج البخاري في التاريخ الكبير و ابن حبان كما في التعليقات الحسان و الطبراني في الأوسط و صححه الألباني في الصحيحة عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ !، لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالْبُخْلُ ، وَيُخَوَّنُ الأَمِينُ وَيُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ ، وَيَهْلِكُ الْوُعُولُ وَيَظْهَرُ التُّحُوتُ " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الْوُعُولُ وَمَا التُّحُوتُ ؟ قَالَ : " الْوُعُولُ : وُجُوهُ النَّاسِ وَأَشْرَافُهُمْ ، وَالتُّحُوتُ : الَّذِينَ كَانُوا تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاسِ لا يُعْلَمُ بِهِمْ "([2])
و أخرج أحمد و ابن ماجة و الحاكم في المستدرك و صححه الألباني في الصحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ)([3]).
و في الصحيحين عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا )([4]).
وعن عبد الله بن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ بين يدي الساعة أياماً يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرْج، والهرْج القتل ) ([5]).
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويثبت الجهل، ويُشرب الخمر، ويظهر الزنا)([6]) .
فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنَّ سبب ظهور الجهل ، وتفشي الزنا، وكثرة الهرْج و غيرها من علامات الساعة، رفع العلم.، و رفعه لا يكون إلا كما أخبرنا به صلى الله عليه و سلم و هو قبض العلماء ، فالعلم يموت بموت حملته فعن علي رضي الله عنه قال : (يموت العلم بموت حملته)([7]).
و قد ابتلينا في الجزائر بهذا الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فبعد ذهاب الجيل السلفي المتميز الممثل بالعلامة ابن باديس و الطيب العقبي و الميلي و الإبراهيمي و التبسي و الزواوي ، لم يبقى عندنا إلا الجهال على الرغم من وجود الشيخ أحمد حماني رحمه الله الذي كان يترأس الإفتاء آنذاك و لكن كان هذا الشيخ ممن لا يُسمع كلامه و يستهزأ به أشد الإستهزاء إلى أن مات وغُيب هو كذلك ، فرحمهم الله جميعا و عظم أجرهم و غفر لهم ، أناروا لنا الطريق و بذهابهم أظلمت الجزائر و عادت الخرافات و عاد الجهل و جاءنا الرويبضات ، ففي الثمانينيات و عند افتتاح جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة و عند مجيء محمد الغزالي غفر الله له بُث فينا فكر غريب مازلنا لحد الآن نعاني من آثاره ، وهذا الفكر فكر خطير يكمن في رد الأحاديث النبوية بالعقل و عدم تقبل الدليل بزعم أن الدليل لا يفهمه إلا العلماء !! و لا ندري أي دليل الذي لا يفهمه إلا العلماء و لا نفهمه نحن ؟ و من هم هؤلاء العلماء ؟ فمثلا لو قال أحدهم أن الغناء حلال و طالبته بالدليل قال لك و من أنت حتى تطالبني بالدليل فالدليل لا يعرفه إلا العلماء !! و هذه والله قاعدة من أغرب القواعد التي سمعتها من أتباع محمد الغزالي ، فقد اختلقوها لغاية خبيثة تكمن في سد الثغرات التي تفضحهم و تكشفهم حتى يتمكنوا من نشر خرافاتهم و بدعهم ، فالغزالي غفر الله له ترك وراءه قنابل موقوتة بدأت بالإنفجار الواحدة تلو الأخرى فما أبقت لنا لا أخضر و لا يابس ، و من الغريب أن الغزالي و أفراخه ليس لديهم العلم شرعي و لا حتى القليل منه بل هم أجهل من الأحمرة ، و كل ما عندهم بعض الآيات و بعض الأحاديث مع تأويلها حسب أهوائهم ، و قد ينكر علي البعض لرميهم بالجهل و أنا بهذا المستوى ، فأقول نعم أرميهم بالجهل لأن الأشياء التي خاضوا فيها و أنكروها يعرفها صبيان أهل التوحيد فضلا عن كبارها ، و إذا كنت أنا بهذا المستوى و لا أنكر ما أنكروه و عقلي يتقبل ما فهمه أئمة الإسلام و أراه هو الحق لأنه هو الحق و الصواب، فكيف إذا تريد مني ألا أرميهم بالجهل و شيخهم ينكر حديث انشقاق القمر و هم له مقلدون ، و كيف لا أرميهم بالجهل و شيخهم يصحح برأيه و يضعف برأيه و لو كان من الصحيحن ؟ و كيف و كيف ، و حتى تزداد يقينا أن هؤلاء و شيخهم من زمرة الجهلة أترككم مع رد الإمام الألباني رحمه الله على محمد الغزالي غفر الله له حيث قمت بجمع هذا الرد من كتابين للشيخ الألباني و هما تحريم آلات الطرب و المجلد السابع من السلسلة الصحيحة ، و احكم بنفسك أخي القارئ و قارن بين ما يقوله الغزالي و بين ما بينه الألباني و الله الموفق.
قال الألباني رحمه الله تعالى :
( وأيضاً فإني أريد أن أحذر من ضلالة من ضلالات ذلك الشيخ الغزالي الذي ملأ الدنيا بالتشكيك في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والطعن فيها باسم الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابه ( السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث ) .
والحقيقة أن كل من درس كتابه هذا من العلماء تبين له - كالشمس في رابعة النهار - أنه لا فقه عنده ولا حديث ، إلا ما وافق عقله وهواه ! . وقد بينت شيئا من ذلك في رسالتي في الرد على ابن حزم و من قلده ، في تضعيفهم لحديث البخاري في تحريم المعازف و غيره مما في معناه.. .و من تلك الأحاديث التي طعن فيها و أنكر صحتها : حديث الرجل المتهم بأمة النبي عليه السلام ، فإنه جزم في الكتاب المذكور (ص:29) أنه :
'' يستحيل أن يحكم النبي صلى الله عليه و سلم على رجل بالقتل في تهمة لم تتحقق! ''
و جوابا عليه أقول :
هذه مغالطة ظاهرة ، لا تخفى على أهل العلم العارفين بحقيقة عصمة النبي صلى الله عليه و سلم ، فهي العاصمة له صلى الله عليه و سلم من أن يقتل رجلا بتهمة لم تتحقق ، و أما أن يحكم على ما ظهر له صلى الله عليه و سلم من الأدلة الشرعية القائمة على الظاهر ، فهو ما دل عليه صريح قوله صلى الله عليه و سلم : '' إنما أنا بشر ،و غنه يأتيني الخصم ، فلعل بعضهم أن يكون ابلغ من بعض ، فأحسب أنه صادق ، فأقضي له ، فمن قضيت له بحق مسلم ، فغنما هي قطعة من النار ، فليحملها أو يذرها ''.متفق عليه و اللفظ لمسلم ،و هو مخرج في الصحيحة (455) و الإرواء (1423) ، (8/258/2635) عن أم سلمة.
و المقصود أن النبي صلى الله عليه و سلم في حكمه على الناس أو بين الناس ، إنما يحكم بمقتضى كونه بشرا ، و ليس بحكم كونه نبيا معصوما ، ألا ترى قوله صلى الله عليه و سلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى؟! ) متفق عليه ، و هو مخرج فيما تقدم برقم (407).
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح ، و هو يذكر فوائد حديث أم سلمة (13/174) : (أنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه شيء وخالف في ذلك قوم " وهذا الحديث من أصرح ما يحتج به عليهم ، وفيه " أنه ربما أداه اجتهاده إلى أمر فيحكم به ويكون في الباطن بخلاف ذلك لكن مثل ذلك لو وقع لم يقر عليه صلى الله عليه وسلم لثبوت عصمته )
و على هذا الوجه من العلم الصحيح و الفهم الرجيح : يخرج حديث الرجل المتهم ، و يبطل ما ادعاه الغزالي من الاستحالة فيه ، و يتبين لكل باحث لبيب أن الرجل مفلس من العلم النافع ، فلا هو من أهل الفقه ، و لا من أهل الحديث (لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء)[النساء: 143]!
و إن مما يؤكد ذلك موقفه من الحديث التالي و طعنه فيه ، مع اعترافه بصحة سنده ، و نقضه للقاعدة التي ذكرها بين يديه !([8]).
حديث ملك الموت مع موسى عليه السلام :
جاء ملك الموت إلى ( وفي طريق : إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا حتى أتى موسى عليه السلام فقال له : أجب ربك قال : فلطم موسى عليه السلام عين ملك الموت ففقأها فرجع الملك إلى الله تعالى فقال : [ يا رب ] إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني [ ولو لا كرامته عليك لشققت عليه ] . قال : فرد الله إليه عينه وقال : ارجع إلى عبدي فقل : الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة قال : [ أي رب ] ثم مه ؟ قال : ثم تموت قال : فالآن من قريب رب أمتني من الأرض المقدسة رمية بحجر [ قال : فشمه شمة فقبض روحه قال : فجاء بعد ذلك إلى الناس خفيا
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند ( وفي طريق : تحت ) الكثيب الأحمر )([9])
أقول: سأنقل أقوال الغزالي في هذا الحديث الصحيح ثم اتبعه بتعليقات العلامة الألباني عليه :
قال الغزالي :
(وقع لي وأنا بالجزائر أن طالباً سألني : أصحيح أن موسى عليه السلام ، فقأ عين ملك الموت عندما جاء لقبض روحه بعدما استوفى أجله ؟
فقلت للطالب وأنا ضائق الصدر: وماذا يفيد هذا الحديث ؟ إنه لا يتصل بعقيدة، ولا يرتبط به عمل ، والأمة الإسلامية اليوم تدور عليها الرحى وخصومها طامعون في إخماد أنفاسها!
اشتغل بما هو أهم وأجدى!
قال الطالب : أحببت أن أعرف هل الحديث صحيح أم لا؟ فقلت له متبرماً: الحديث مروي عن أبي هريرة وقد جادل البعض في صحته .
وعدت لنفسي أفكر إن الحديث صحيح السند ، ولكن متنه يثير الريبة إذ يفيد أن موسى يكره الموت ولا يحب لقاء الله بعدما انتهى أجله.
وهذا المعنى مرفوض بالنسبة إلى الصالحين من عباد الله كما جاء في الحديث الآخر ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه )) فكيف بأنبياء الله ؟ كيف بواحد من أولي العزم ؟ إن كراهيته للموت بعدما جاءه ملكه مستغرب ثم هل الملائكة تعرض لها العاهات التي تعرض للبشر من عمى أو عور؟ ذاك بعيد.
قلت : لعل متن الحديث معلول ، وأيا ما كان الأمر، فليس لدي ما يدفعني إلى إطالة الفكر فيه .
فلما رجعت إلى الحديث في أحد مصادره ساءني أن الشارح جعل رد الحديث إلحاداً وشرع يفند الشبهات الموجهة إليه فلم يزدها إلا قوة .. . وهاك الحديث أولاً ثم ساق الحديث .
ثم قال : قال المازري : وقد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث وأنكر تصوره ، قالوا: كيف يجوز على موسى فقء عين ملك الموت ؟
قال : وأجاب العلماء عن هذه الشبهة بأجوبة ثم ساق الغزالي هذه الأجوبة فلم تزل شبهته المستحكمة فعلق عليها بقوله :
(نقول نحن : هذا الدفاع كله خفيف الوزن وهو دفاع تافه لا يساغ ، ومن وصم منكر الحديث بالإلحاد فهو يستطيل في أعراض المسلمين والحق أن في متنه علة قادحة تنزل به عن مرتبة الصحة ورفضه أو قبوله خلاف فكري ، وليس خلافاً عقائدياً والعلة في المتن يبصرها المحققون ، وتخفى على أصحاب الفكر السطحي ، وقد رفض الأئمة أحاديث صح سندها واعتل متنها فلم تستكمل بهذا الخلل شروط الصحة)([10]) .
تعليق الألباني على الحديث و الرد على الغزالي غفر الله له :
قال الإمام الألباني رحمه الله تعالى :
قلت: هذا الحديث- أي حديث موسى المتقدم- من الأحاديث الصحيحة المشهورة التي أخرجها الشيخان
من طرق عن أبي هريرة- رضي الله عنه-، وتلقته الأمة بالقبول، وقد جمعت ألفاظها والزيادات التي وقعت فيها، وسقتها لك سياقاً واحداً كما ترى؛ لتأخذ
القصة كاملة بجميع فوائدها المتفرقة في بطون مصادرها، الأمر الذي يساعدك على فهمها فهماً صحيحاً، لا إشكال فيه ولا شبهة، فتسلِّم لقول رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - تسليماً.
والطرق عنه ثلاثة:
الأولى: عن طاوس عن أبي هريرة:
أخرجه الشيخان وغيرهما، وعندهما الزيادة الثالثة، وهي الطريق المشار إليها
في آخر الحديث.
الثانية: عن همّام عنه.
أخرجاه أيضاً وغيرهما، والسياق لمسلم، وهو أتم.
الثالثة: عن عمار بن أبي عمار قال: سمعت أبا هريرة يقول ...
أخرجه أحمد، وابن جرير الطبري في "التاريخ " (1/ 224) ، وإسناده صحيح،
وهو الطريق المشار إليه في أول الحديث، وفيه كل الزيادات إلا الثالثة.
وهذه الطرق كنت خرجتها في "ظلال الجنة " (1/266- 267) دون أن أسوق متونها، والطريقان الأولان أخرجهما ابن حبان أيضاً في"صحيحه"
(6190و6191) ، وأخرج أبو عوانة (1/187- 188) الثاني منهما.
واعلم أن هذا الحديث الصحيح جدّاً مما أنكره بعض ذوي القلوب المريضة من المبتدعة- فضلاً عن الزنادقة- قديماً وحديثاً، وقد رد عليهم العلماء- على مر العصور- بما يشفي ويكفي من كان راغباً السلامة في دينه وعقيدته؛ كابن خزيمة، وابن حبان، والبيهقي، والبغوي، والنووي، والعسقلاني، وغيرهم.
وممن أنكره من المعاصرين: الشيخ الغزالي في كتابه "السنة.. " المذكور في الحديث الذي قبله، بل وطعن في الذين دافعوا عن الحديث " فقال (ص 29) : "وهو دفاع تافه لا يساغ "!
وهكذا؛ فالرجل ماضٍ في غيّه، والطعن في السنة والذابين عنها بمجرد عقله (الكبير!) . ولست أدري- والله- كيف يعقل هذا الرجل- إذا افترضنا فيه الإيمان والعقل-! كيف يدخل في عقله أن يكون هؤلاء الأئمة الأجلة من محدِّثين وفقهاء
- من الإمام البخاري إلى الإمام العسقلاني- على خطأ في تصحيحهم هذا
الحديث، ويكون هو وحده- صاحب العقل الكبير! - مصيباً في تضعيفه إياه ورده عليهم؟!
ثم هو لا يكتفي بهذا! بل يخادع القراء ويدلس عليهم، ويوهمهم أنه مع
الأئمة لا يخالفهم، فيقول بين يدي إنكاره لهذا الحديث وغيره كالذي قبله (ص 26):
"لا خلاف بين المسلمين في العمل بما صحت نسبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفق
أصول الاستدلال التي وضعها الأئمة، وانتهت إليها الأمة، إنما ينشأ الخلاف حول صدق هذه النسبة أو بطلانها، وهو خلاف لا بد من حسمه، ولا بد من رفض الافتعال أو التكلف فيه، فإذا استجمع الخبر المروي شروط الصحة المقررة بين العلماء فلا معنى لرفضه، وإذا وقع خلاف محترم في توفر هذه الشروط أصبح في الأمر سعة "!
هذا كلامه، فهل تجاوب معه؟ كلا ثم كلا؛ فإن الحديث لا خلاف في صحته بين العلماء، وله ثلاثة طرق صحيحة كما تقدم، فكيف تملص من كلامه المذكور؟! لقد دلس على القراء وأوهم أن الحديث مختلف في صحته؛ فقال (ص 27):
"وقد جادل البعض في صحته "!
ويعني: أن الحديث صار من القسم الذي فيه سعة للخلاف! فنقول له:
أولاً: هل الخلاف الذي توهمه "خلاف محترم " أم هو خلاف ساقط الاعتبار؟!
لأن المخالف ليس من العلماء المحترمين!! ولذلك لم تتجرأ على تسميته! ولعله من الخوارج أو الشيعة الذين يطعنون في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبخاصة راوي هذا الحديث (أبي هريرة) - رضي الله عنه-.
وثانياً: يحتمل أن يكون المجادِل الذي أشرتَ إليه هو أنت، وحينئذٍ فبالأولى
أن يكون خلافك ساقط الاعتبار، كما هو ظاهر كالشمس في رائعة النهار!
ثم قال: "إن الحديث صحيح السند؛ لكن متنه يثير الريبة؛ إذ يفيد أن موسى يكره الموت ولا يحب لقاء الله ... " إلى آخر هرائه!
فأقول: بمثل هذا الفهم المنكوس يرد هذا الرجل أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -!! ولا يكتفي بذلك، بل ويرد على العلماء كافة الذين فهموه وشرحوه شرحاً صحيحاً، وردوا على أمثاله من أهل الأهواء الذين يسيئون فهم الأحاديث ثم يردونها، وإنما هم في الواقع يردون جهلهم، وهي سالمة منه والحمد لله، وها هو المثال؛ فإن الحديث صريح بخلاف ما نسب إلى موسى عليه السلام، ألا وهو قوله عليه السلام: "فالآن من قريب ". فتعامى الرجل عنه، وتشبث باللطم المذكور في أوله، ولم ينظر إلى نهاية القصة، فمثله كمثل من يَرُدُّ قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ)[الماعون:04] بزعم أنه يخالف الآيات الآمرة بالصلاة، ولا ينظر إلى ما بعده: (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ)[الماعون:05].
هذا من جهة.
ومن جهة أخرى؛ فإن الرجل بنى ردَّهُ للحديث على زعمه أن موسى عليه السلام كان عارفاً بملك الموت حين لطمه! وهذا من تمام جهله وإعراضه عن كلام العلماء الذي نقله (ص 28) :
"أن موسى لم يعلم أنه ملك من عند الله، وظن أنه رجل قصده يريد قتله،
فدافعه عنه، فأدت المدافعة إلى فقءِ عينه ".
ومع أن هذا الكلام يدل عليه تمام القصة كما قدمتُ، ويؤكده قوله في أول الحديث: "أن ملك الموت كان يأتي الناس عياناً"، أي: في صورة البشر، وفقءِ
عينه وردها إليه مما يقوي ذلك.
أقول: مع هذا كله، استكبر الرجل ولم يرد على علماء الأمة إلا بقوله الذي
لا يعجز عن مثله أيُّ مُبطِلٍ غريق في الضلال:
"نقول نحن (!)([11]) : هذا الدفاع كله خفيف الوزن، وهو دفاع تافه لا يساغ "!
وإن من ضلال الرجل وجهله قوله (ص 27) :
"ثم، هل الملائكة تعرض لهم العاهات التي تعرض للبشر من عَمَى أو عَوَر؟!
ذاك بعيد"!
فأقول: وهذا من الحجة عليك، الدالة على قلة فهمك؛ فإن هذا الذي استبعدتهُ مما جعل العلماء يقولون في دفاعهم: إن موسى لم يعلم أنه ملك، أفما آن لك أن تعقل؟!!
ثم ختم ضلاله في هذا الحديث وطعنه فيه بقوله:
"والعلة في المتن يبصرها المحققون (!) وتخفى على أصحاب الفكر السطحي "!
فيا له من مغرور أهلكه العجب! لقد جعل! نفسه من المحققين، وعلماء الأمة من "أصحاب الفكر السطحي "! والحقيقة أنه هو العلة؛ لجهله وقلة فهمه " إن لم يكن فيه ما هو أكثر من ذلك مما أشار إليه الكفار وهم يعذَّبون في النار: (لو كنا نسمعُ أو نعقِلُ ما كنا في أصحاب السَّعير) ؛ نسأل الله حسن الخاتمة والوفاة على سبيل المؤمنين.

وأرى من تمام الفائدة أن أنقل إلى القراء الكرام كلام إمامين من أئمة المسلمين وحفاظ الحديث، فيه بيان الحكمة من تحديثه - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث، قال ابن حبان عقب الحديث:
"إن الله جل وعلا بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلماً لِخلقِهِِ، فأنزله موضع الإبانة
عن مراده، فبلَّغ - صلى الله عليه وسلم - رسالته، وبّين عن آياته بألفاظ مجملة ومفسرة، عقلها عنه أصحابه أو بعضهم، وهذا الخبر من الأخبار التي يدرك معناه من لم يُحرَمِ التوفيق لإصابة الحق، وذاك أن الله جل وعلا أرسل ملك الموت إلى موسى رسالة ابتلاء واختبار، وأمره أن يقول له: "أجب ربك ": أمر اختبار وابتلاء، لا أمراً يريد الله جل وعلا إمضاءه؛ كما أمر خليله صلى الله على نبينا وعليه بذبح ابنه أمر اختبار وابتلاء، دون الأمر الذي أراد الله جل وعلا إمضاءه، فلما عزم على ذبح ابنه (وتلّه للجبين) ؛ فداه بالذِّبح العظيم.
وقد بعث الله جل وعلا الملائكة إلى رسله في صور لا يعرفونها؛ كدخول الملائكة على رسوله إبراهيم ولم يعرفهم؛ حتى أوجس منهم خيفة، وكمجيء جبريل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسؤاله إياه عن الإيمان والإسلام، فلم يعرفه المصطفى حتى ولَّى.
فكان مجيء ملك الموت إلى موسى على غير الصورة التي كان يعرفه موسى عليه السلام عليها، وكان موسى غيوراً، فرأى في داره رجلاً لم يعرفه، فشال يده فلطمه، فأتت لطمته على فقء عينه التي في الصورة التي تصور بها، لا الصورة التي خلَقَهُ اللهُ عليها، ولما كان المصرح عن نبينا في خبر ابن عباس حيث قال: "أمَّني جبريلُ عند البيت مرتين ... " فذكر الخبر، وقال في آخره: "هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك " ([12]) ، كان في هذا الخبر البيانُ الواضح: أن بعض شرائعنا قد تتفق ببعض شرائع من قبلنا مِن الأمم.
ولما كان من شريعتنا أن من فقأ عين الداخل دارهُ بغير إذنه، أو الناظر إلى بيته بغير أمره، من غير جناح على فاعله، ولا حرج على مرتكبه، للأخبار الواردة فيه، التي أمليناها في غير موضع من كتبنا ([13]) ؛كان جائزاً اتفاق هذه الشريعة بشريعة موسى بإسقاط الحرج عمّن فقأ عين الداخل داره بغير إذنه، فكان استعمال موسى هذا الفعل مباحاً له، ولا حرج عليه في فعله.
فلما رجع ملك الموت إلى ربه، وأخبره بما كان من موسى فيه؛ أمره ثانياً بأمر آخر أمر اختبار وابتلاء كما ذكرنا قبل، إذ قال الله له: "قل له: إن شئت، فضع يدك على متن ثور، فلك بكل ما غطت يدك بكل شعرة سنة"، فلما علم موسى كليم الله صلى الله على نبينا وعليه أنه ملك الموت، وأنه جاء بالرسالة من عند الله، طابت نفسه بالموت ولم يستمهل، وقال: "فالآن ".
فلو كانت المرة الأولى عرفه موسى أنه ملك الموت، لاستعمل ما استعمل في المرة الأخرى عند تيقنه وعلمه به، ضدَّ قول من زعم: "أن أصحاب الحديث حمَّالة الحطب ورعاة الليل، يجمعون ما لا ينتفعون به، ويروون ما لا يؤجرون عليه، ويقولون بما يبطله الإسلام "، جهلاً منه لمعاني الأخبار، وترك التفقه في الآثار، معتمداً على رأيه المنكوس، وقياسه المعكوس ".([14]).
قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة! فهذا الزاعم الطاعن في أصحاب الحديث هو سلف الغزالي في طعنه فيهم، وفي أحاديثهم الصحيحة، وما وصفه به ابن حبان من الجهل بمعاني الآثار، يشبه تماماً جهل الغزالي بها، وكتابه المتقدم ذكره والنقل عنه مشحون بطعنه في الأحاديث الصحيحة التي لا خلاف عند أهل العلم في صحتها، وقد ختم الكتاب بإنكاره عدة أحاديث صحيحة في إثبات القدر؛ لأنه فهم منها- بفهمه المعكوس والمنكوس- أنها تفيد الجبر، وتنفي عن الإنسان الاختيار الذي به كُلِّفَ، وترتب عليه الثواب والعقاب، مشاركاً في هذا الفهم العامة الجهلة، ولكنه فرَّ من فهمه الخاطىء إلى ما هو مثله أو أسوأ منه، ألا وهو إنكاره القدر والأحاديث الدالة عليها، وألحق نفسه بالمعتزلة!!
وقد قام بواجب الرد عليه كثير من العلماء والكتَّاب، وكشفوا للناس ما فيه من زيغ وضلال في الحديث والعقيدة والفقه، وكان أطولهم نفساً، وأكثرهم إفادة، وأهدأهم بالاً: الأخ الفاضل سلمان العودة في كتابه "حوار هادئ مع محمد الغزالي"، فنِعمَ الردُّ هو؛ لولا تساهل وتسامح لا يستحقه الغزالي تجاه طعناته العديدة مع أئمة الحديث والفقه، وإن كان الأخ الفاضل قد كشف القناع عنها بأدبه الناعم! والحافظ الآخر الذي سبقت الإشارة إليه: هو الإمام البغوي؛ فإنه بعد أن ذكر أن الحديث: "متفق على صحته "؛ قال رحمه الله:
"هذا الحديث يجب على المرء المسلم الإيمان به على ما جاء به من غير أن يعتبره بما جرى عليه عُرف البشرِ، فيقع في الارتياب؛ لأنه أمرٌ مصدره عن قدرة الله سبحانه وتعالى وحُكمه، وهو مجادلة بين ملك كريم، ونبي كليم، كلُّ واحد منهما مخصوص بصفة خرج بها عن حكم عوامِّ البشر، ومجاري عاداتهم في المعنى الذي خُصَّ به، فلا يعتبر حالهما بحال غيرهما، قد اصطفى الله سبحانه وتعالى موسى برسالاته وبكلامه، وأيده بالآيات الظاهرة، والمعجزات الباهرة، كاليد البيضاء، والعصا، وانفلاق البحر، وغيرهما مما نطق به القرآن، ودلّت عليه الآثار، وكل ذلك إكرام من الله عز وجل أكرمه بها، فلما دنت وفاته- وهو بشرٌ يكره الموت طبعاً، ويجد ألمه حساً-؛ لطف له بأن لم يفاجئه به بغتة، ولم يأمر الملك الموكل به أن يأخذه به قهراً؛ لكن أرسله إليه منذراً بالموت، وأمره بالتعرض له على سبيل الامتحان في صورة بشرٍ، فلما رآه موسى استنكر شأنه، واستوعر مكانه، فاحتجز منه دفعاً عن نفسه بما كان من صكه إياه، فأتى ذلك على عينه التي ركبت في الصورة البشرية التي جاءه فيها، دون صورة الملكية التي هو مجبول عليها، وقد كان في طبع موسى - صلى الله عليه وسلم - حمِيَّةٌ وحِدّةٌ على ما قص الله علينا من أمره في كتابه من وكزه القبطي، وإلقائه الألواح، وأخذه برأس أخيه يجره إليه.
وروي أنه كان إذا غضب اشتعلت قلنسوته ناراً، وقد جرت سنة الدين بدفع من قصدك بسوء، كما جاء في الحديث: "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم حلّ لهم أن يفقأوا عينه" ([15]) ، فلما نظر موسى إلى شخص في صورة بشر هجم عليه يُريد نفسه، ويقصد هلاكه، وهو لا يثبته، ولا يعرفه أنه رسول ربه؛ دفعه عن نفسه، فكان فيه ذهاب عينه، فلما عاد الملك إلى ربه، ردّ الله إليه عينه، وأعاده رسولاً إليه؛ ليعلم نبي الله عليه السلام- إذا رأى صحة عينه المفقوءة- أنه رسول الله بعثه لقبض روحه، فاستسلم حينئذٍ لأمره، وطاب نفساً بقضائه، وكلُّ ذلك رفق من الله عز وجل، ولطف منه في تسهيل ما لم يكن بد من لقائه، والانقياد لمورد قضائه، قال: وما أشبه معنى قوله: "ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن؛ يكره الموت ... " ([16]) بترديده رسوله ملك الموت إلى نبيه موسى عليه السلام، فيما كرهه من نزول الموت به، وقد ذكر هذا المعنى أبو سليمان الخطابي في كتابه رداً على من طعن في هذا الحديث وأمثاله من أهل البدع والملحدين أبادهم الله، وكفى المسلمين شرهم " ([17]).
الرد على الغزالي في مسألة الغناء و بيان أنه مقلد لا يفقه شيئا في علم الحديث :
قال الشيخ الألباني في مقدمة كتابه تحريم آلات الطرب ردا على الغزالي و من وافقه من أمثال أبو زهرة و القرضاوي :
إن القيد الذي شرعه من عنده أي الشيخ الأزهري ( أبو زهرة ): أن لا يثير الغريزة الجنسية ، وقد قلَّده فيه بعض تلامذته كالشيخ القرضاوي والغزالي وغيرهما ، فقال الأول كما سيأتي نقله عنه في هذه المقدمة ، مفصحاً: " ولا بأس بأن تصحبه الموسيقى غير المثيرة " يعني الغناء!
فأقول: هذا القيد نظري غير عملي ، ولا يمكن ضبطه ، لأن ما يثير الغريزة يختلف باختلاف الأمزجة ذكورة وأنوثة ، شيخوخة وفتوة ، وحرارة وبرودة ، كما لا يخفى على اللبيب .
وإني والله لأتعجب أشد العجب من تتابع هؤلاء الشيوخ الأزهريين على هذا القيد النظري ، فإنهم مع مخالفتهم للأحاديث الصحيحة ، ومعارضتهم لمذاهب الأئمة الأربعة وأقوال السلف يختلقون عللاً من عند أنفسهم لم يقل بها أحد من الأئمة المتبوعين ، ومن آثارها استباحة ما يحرم من الغناء والموسيقى عندهم أيضاً ، ولنضرب على ذلك مثلاً ، قد يكون لأحدهم زوجة وبنون وبنات ، كالشيخ الغزالي مثلاً الذي يصرح وقد يتباهى ! بأنه يستمع لأم كلثوم ومحمد بن عبد الوهاب الموسيقار ( ! ) وأضرابهما ، فيراه أولاده بل وربما تلامذته ، كما حكى ذلك هو في بعض كتاباته ، فهل هؤلاء يستطيعون أن يميزوا بعلمهم ومراهقتهم بين الموسيقى المثيرة فيصمّون آذانهم عنها ، وإلا استمروا في الاستماع إليها ! تالله إنه لفقه لا يصدر إلا من ظاهري جامد بغيض ، أو صاحب هوى غير رشيد .
لقد ذكّرني هذا بتفريق المذهب الحنفي بين الخمر المتخذ من العنب ، فهو حرام كله ، لا فرق بين قليله وكثيره ، وبين الخمر المتخذ من غير العنب كالتمر ونحوه ؛ فلا يحرم منه عندهم إلا الكثير المسكر !
أما كيف التفريق عملياً بين القليل غير المسكر فيه ، والكثير المسكر ، وإن أمكن ذلك فمتى ؟ أقبل تعاطيه ؟ ! أم بعد أن يسكر ؟ ! فهذا مما سكتوا عنه ، وتركوا الأمر للشارب ! كما فعل مثل ذلك الشيوخ المشار إليهم من التفريق بين الموسيقى المثيرة المحرّمة ، والموسيقى غير المثيرة المباحة !! فهل يقول بهذا من يؤمن بمثل قوله صلى الله عليه وسلم: " . . ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " . وقوله صلى الله عليه وسلم: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " إلى غير ذلك من نصوص الكتاب والسنَّة ، التي عليها قامت قاعدة " سد الذريعة " ، والتي تعتبر من كمال الشريعة ، وأشاد بها الشيخ القرضاوي نفسه ، في مقدمة كتابه " الحلال والحرام " ؟ ! وضرب لها ابن القيم عشرات الأمثلة من الكتاب والسنَّة ، فراجعها فإنها هامة .([18]).
وقد مهد لهم في الإنكار والتضعيف بعض المشهورين من العلماء المعاصرين ، كالشيخ يوسف القرضاوي ، تقليداً منه للشيخ محمد أبو زهرة - وقد تقدمت فتواه في ذلك ، ولعله من تلامذته الذين تخرجوا من مدرسته ، ورضعوا من لبانته - فقد صرّح في كتابه " الحلال والحرام " بقوله ( ص 291 الطبعة 12 ) تحت عنوان (الغناء والموسيقى ) :
" ومن اللهو الذي تستريح إليه النفوس ، وتطرب له القلوب ، وتنعم به الآذان: الغناء . . ولا بأس بأن تصحبه الموسيقى غير المثيرة " !
واستروحَ في ذلك إلى مذهب ابن حزم ، وتضعيفه لأحاديث التحريم ، فنقل ( ص 293 ) عنه أنه قال:
" كل ما روي فيها باطل موضوع " !
وتجاهل الشيخ عفا الله عنّا وعنه الردود المتتابعة مرّ السنين على ابن حزم من قِبَل أهل الاختصاص في الحديث وحفاظه ، وممن هو أعلم منه فيه ، كابن الصّلاح وابن تيمية وابن حجر وغيرهم ممن يأتي ذكرهم .
كما تجاهل المبالغة الظاهرة في حكم ابن حزم على الأحاديث بالبطلان والوضع ، فإنه لا يلزم من وجود علّة في الحديث الحكم عليه بالوضع ، ولا سيما إذا كان في " صحيح البخاري " ، كما لا يخفى على المبتدئين في هذا العلم ، فكيف وهناك أحاديث أُخرى صحيحة أَيضاً كما سيأتي ، فلو كانت ضعيفة لأعطى مجموعها للموضوع قوّة ، فالحكم عليها كلها بالبطل والوضع - مما لا شك فيه - أنه ظاهر البطلان !
ولقد سار على هذا المنوال من التجاهل لعلم ذوي الاختصاص صاحبه الكاتب الشهير الشيخ محمد الغزالي المصري ، في كتابه الأخير: " السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث " تجلى فيه ما كان يبدو منه أحياناً في بعض كتبه ومقالاته التي يبثها هنا وهناك من الانحراف عن الكتاب والسنّة ، وفقه الأئمة أيضاً ، خلافاً لما يوهم قراءه بمثل قوله في مقدمة كتابه المذكور ( ص 11 ) :
" وأؤكد أولاً و أخيراً أنني مع القافلة الكبرى للإسلام ، هذه القافلة التي يحدوها الخلفاء الراشدون والأئمة المتبوعون والعلماء الموثوقون ، خلفاً بعد سلف ، ولاحقاً يدعو لسابق " .
وهذا كلام جميل ، ولكن أجمل منه العمل به وجعله منهج حياة ، ولكن مع الأسف الشديد هو من الكلام الذي يقال في مثله: ( اقرأ تفرح ، جرِّب تحزن ) إذ أن الرجل قد انكشف مذهبه أخيراً بصورة جليّة جداً ، أنه ليس " مع القافلة الكبرى . . " إلخ ، بل ولا مع الصغرى ! .
وإنما هو مع أولئك ( العقلانيين الشُذَّذ ) الذين لا مذهب لهم إلا اتباع ما تزينه لهم عقولهم ، فيأخذون من كل مذهب ما يحلو لهم؛ مما شذَّ وندَّ ، وقد قال بعض السلف: " من حمل شاذ العلم حمل شراً كبيراً " ، ومع ذلك فهو يحشر نفسه في زمرة الفقهاء الذين يستدركون على المحدِّثين شذوذاً أو علة خفيت عليهم ، والحقيقة أن الرجل لا علم عنده بالحديث ولا بالفقه المستنبط منه ، وإنما هي العشوائية العمياء المخالفة لما عليه علماء المسلمين من المحدثين والفقهاء في أصولهم وفروعهم , فهو إذا صادم رأيه حديث صحيح نسفه بدعوى باطلة من دعاويه الكثيرة ، فيقول مثلاً: ضعفه فلان ، وهو يعلم أن غيره ممن هو أعلم منه أو أكثر عدداً صححه ، كما هو موقفه من حديث البخاري الآتي في ( المعازف ) ، وتارة يرده بدعوى أنه حديث آحاد ! وهو يعلم أيضاً أن خبر الآحاد حجة في الفقهيات والعمليات بالاتفاق ، وإذا لم يستطع رفضه لسبب أو آخر رد العمل به بقوله: ليس قطعي الدلالة ، وهو يعلم أيضاً أنه لا يشترط ذلك عند العلماء ، وإنما يكفي فيها الظن الراجح عندهم ، وإلا قلبْنَا عليه دعواه ورددنا عليه كل مخالفاته لأنها لم تبن يقيناً على دليل قطعي الثبوت قطعي الدلالة ، وإلا لم يكن هناك خلاف ! وإن كان الحديث في العمليات والغيبيات رده بقوله: " لا يتصل بعقيدة ، ولا يرتبط به عمل " ! أو قد يختلق له معنى من فكره هو في نفسه باطل ، فيلصقه بالحديث ، وهو منه بريء ! وأما كلام العلماء في الدفاع عن الحديث وتفسيره بعلم ، فهو يستعلي عليه ويرفضه طاعناً فيهم بما هو أهل له وأولى به ، كمثل قوله ( ص 29 ) :
" نقول نحن: هذا الدفاع كله خفيف الوزن ، وهو دفاع تافه لا يساغ !! " .
يعارض به العلماء وهم شرّاح الحديث المازري والقاضي عياض والنووي الذي عنه نقل الكلام المشار إليه ولكنه دلَّس على القرَّاء ، فإنه ابتدأ المنقول بقوله: " قال المازري . . . " . وجاء في آخر المنقول: " واختاره المازري والقاضي عياض " .
وهذا من تمام الكلام المنقول . وإنما نقله عن " شرح النووي لمسلم " ، والنووي هو الذي قال: " قال المازري . . " إلخ .
فكان عليه أن يعزوه إليه ، ولكنه لم يفعل لأنه يعلم منزلة الإمام النووي وشهرته عند المسلمين ، فلم ير من سياسته أن ينبه أيضاً إلى " تفاهته " !!
تلك بعض مواقفه المذبذبة تجاه الأحاديث الصحيحة المرفوضة عنده .
أما إذا كان الحديث ضعيفا أو لا أصل له ، فهو يجعله صحيحاً قوياً مسنداً بعقله المشرِّع ! يبطل به ما صح في الشرع ! فيقول رداً على من ضعَّفه أو قد يضعفه:
" لكن معناه متفق مع آية من كتاب الله ، أو أثر من سنَّة صحيحة ...'' .
انظر كلمته في مقدمة كتابه " فقه السيرة " حول تخريجي لأحاديثه تحت عنوان " حول أحاديث الكتاب " تجد تحته تصريحه بأنه يصحح الحديث الضعيف عند المحدثين ، ويضعِّف الصحيح عندهم ، بناء على ماذا ؟ أَعلى الشروط المعروفة عند علماء الحديث وحكاها هو في أوَّل كتابه " السنَّة " ( ص 14- 15 ) ذرّاً للرماد في العيون ؟ كلا فهو في قرارة نفسه لا يؤمن بها ، والله أعلم ولئن آمن بها ، فهو لا يحسن تحقيقها ، وإنما اعتماده مجرد رأيه وزعمه أن معناه صحيح ! ولا يشعر المسكين بمبلغ الضلال الذي وقع فيه بسبب إعجابه برأيه واستخفافه بعلم الحديث وبأهله أنه ألحق نفسه بتلك الطائفة من الكذابين والوضّاعين الذين كانوا كلما رأوا حكمة أو كلاماً حسناً جعلوه حديثاً نبوياً ، فلما ذُكِّروا بقوله صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " قالوا: نحن لا نكذب عليه ، وإنما نكذب له !! ذلك هو موقف كل ( من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم . . ) الآية . بل هو قد يزيد عليهم فيبطل بمثله حكماً شرعياً ثابتاً بالأحاديث الصحيحة ، وأعني بذلك قوله ( ص 18 ) :
" وقاعدة التعامل مع مخالفينا في الدين ومشاركينا في المجتمع أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، فكيف دم قتيلهم ؟ " .
أقول فيه من المخالفات للشرع والعلم ما يأتي:
أولاً: قوله: " لهم ما لنا ، وعليهم ما علينا " ، يشير إلى حديث ذكره بعض فقهاء الحنفية ممن لا علم عندهم بالحديث ؛ وأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله في أهل الذِّمَّة ، وهو حديث لا أصل له في شيء من كتب السنَّة كما أشار إلى ذلك الحافظ الزيلعي الحنفي في " نصب الراية " ، وهو مخرج في المجلد الخامس من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " برقم ( 2176 ) وهو تحت الطبع .
ثانياً: هذه الجملة التي صيروها حديثاً مستقلاً ، هي في الحقيقة قطعة من حديث صحيح ، وَرَد فيمن أسلم من المشركين ، فهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: " لهم ما لنا وعليهم ما علينا " هكذا هو في " سنن الترمذي " وغيره من حديث سلمان رضي الله عنه ، وفي " صحيح مسلم " وأبي عوانة ، وابن حبَّان ، وابن الجارود من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه ، وهما مخرَّجان في " الإرواء " ( ص 1247 ) و " صحيح أبي داود " ( 2351 2352 ).
فأبطل الغزالي هذا الحديث الصحيح برأيه الفج ، وجهله الفاضح بالسنَّة متوكئاً على الحديث الذي لا أصل له ! تالله إنه لو لم يكن في كتابه إلا هذه المخالفة بل الطامّة لكان كافياً لإهباط قيمة كتابه ، وإسقاط مؤلفه من زمرة الفقهاء ! أما الكتابة فهي له ! أما العلم والفقه فله رجال !! فكيف وهناك عشرات بل مئات الطامَّات التي تولى بيان بعضها ( ! ) إخواننا الأساتذة والمشايخ الذين ردوا عليه ، جزاهم الله خيراً .
ومنها:
ثالثاً: لقد أشار بقوله: " فكيف بهدر دم قتيلهم ؟ " إلى إنكاره لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقتل مسلم بكافر " وهو صحيح أيضاً ، رواه البخاري وغيره عن علي ، والترمذي وغيره عن ابن عمرو وغيرهما ، وهو مخرَّج في " الإرواء " ( 2208 2209 ) ، وبه أخذ جمهور العلماء ، ومنهم ابن حزم في " المحلَّى " الذي قلده فيما أخطأ ؛ وفي إبطاله لحديث ( المعازف ) ، ولم يقلده هنا وقد أصاب ! فاعتبروا يا أولي الألباب .
وأما الحديث الذي يذكره بعض الكتاب المعاصرين كالمودودي رحمه الله تقليداً لمذهبه الحنفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلماً بذميِّ ! فهو منكر لا يصح كما قال بعض الأئمة ، وقد تكلمت عليه في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " برقم ( 460 ) مفصَّلاً .
ثم إنني لأتساءل أنا وكل ذي لب منصف: لِمَ أهدر الشيخ الغزالي العمل بهذا الحديث الصحيح وهو موافق لعموم قوله تعالى: ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين . ما لكم كيف تحكمون ) ؟ وإن كان قد سيق في غير هذا السياق ، فإن الغزالي نهم في التمسك بعموم القرآن ولو كان مخصصاً بالأحاديث النبوية ! والأمثلة على ذلك كثيرة ، منها ما تقدم قريباً من إنكاره على كافة العلماء محدِّثين وفقهاء جعلهم ديّة المرأة على النصف من دية الرجل ، ونسبهم إلى مخالفتهم لظاهر الكتاب يعني قوله تعالى: ( النفس بالنفس ) !
رابعاً: تأمل معي أيها القارئ الكريم ، تلطُّف الشيخ الغزالي مع أعداء الله: اليهود والنصارى بقوله: " مخالفينا في الدين " وقد يقول فيهم أحياناً: " إخواننا " ! وقابل ذلك بمواقفه العديدة تجاه إخوانه في الدين كيف يشتد على علمائهم الأموات منهم والأحياء ، وبخاصة طلاب العلم منهم ، وقد مرت بك قريباً بعض الأمثلة مما قاله في أهل الحديث وشرّاحه ، فيا ترى أذلك مما أودعه في كتابه " خلق المسلم " ؟ ! أم هو مخالفة صريحة لمثل قوله تعالى: ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) ؟ ! وقوله عز وجل: ( يا أيها الذي آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) ؟ !
تلك نماذج قليلة ، من مواقف للشيخ الغزالي كثيرة ، تجاه الأحاديث النبوية الصحيحة ، والأحاديث الضعيفة ، يأخذ منها ما يشاء ، ويرفض منها ما خالف هواه ، دون أن يستند في ذلك على قاعدة تذكر عند أحد من العلماء ، بل هي العشوائية العمياء ، كما تقدم .
ذكرت ذلك ليتبين القراء طريقته في رفضه للأحاديث الصحيحة عند أهل الاختصاص من العلماء ، فلا هو منهم علماً حتى يستطيع معرفة الصحيح من الضعيف انطلاقاً من قواعدهم وكتابه " فقه السيرة " بتخريجي إيّاه ، وما تقدم من الأمثلة دليل قاطع على ذلك ولا هو معهم كما قال الله تعالى: ( وكونوا مع الصادقين ) وقال: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، ومقدمته لتخريجي المشار إليه وما سبق من الأمثلة أيضاً يؤكد كل ذلك ، فمن لم يكن من أولئك العلماء ، ولا هو معهم ، فالأحرى به أن يكون لسان حاله - على الأقل - كما قال ذلك الشاعر الجاهلي:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويتُ وإن ترشَد غزيّة أرشد
وختام ذلك موقفه من حديث البخاري في المعازف ، وأسلوبه في تضعيفه إيّاه ، فهذا وحده يكفي للدلالة على أنه لا ينطلق في نقده للأحاديث إلاّ من الهوى ، والظن الأَعمى ! فقد قال: ( ص 66- 67 ) لأحد علماء الخليج ، وهو يناقشه في ليلة النصف من شعبان: " أظن الأَحاديث التي وردت في ليلة النصف أقوى من الأحاديث التي وردت في تحريم الغناء " !
وظنه هذا كاف لإدانته بالجهل وإلقاء الكلام على عواهنه ، مما يذكرني بقوله تعالى في الكفار الشاكين في البعث: ( ما ندري ما السّاعة إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين ) فإن أحاديث ليلة النصف إن كان المقصود منها ما يتعلق بالأمر بقيام ليلها وصيام نهارها - كما هو الظاهر من مناقشته لذلك العالم - فهو حديث واحد لا يوجد سواه ، وإسناده ضعيف جداً- بل هو موضوع في نقدي - كما هو مبين في المجلد الخامس من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " برقم ( 2132 ) يسّر الله طبعه . وإن كان المقصود حديث المغفرة لجميع الخلق إلا من استثني فيه ، فهو حديث واحد أيضاً جاء من طرق عن جمع من الصحابة وبألفاظ مختلفة ، لا يسلم طريق منها من علة ، ولذلك ضعّفها أكثر العلماء كما قال ابن رجب ، وصحح أحدها ابن حبّان ، وفيه انقطاع ، فمن الممكن تصحيحه أو تحسينه على الأقل لتلك الطرق ، ومن أجلها خرجته في " السلسلة الصحيحة " ( 1144 ) ، وجعلته من حصة كتابي الجديد " صحيح موارد الظمآن " ( . . . / 1980 ) ، وهو تحت الطبع ، فأين هذا من أحاديث تحريم الغناء والموسيقى وكثرتها ، وصحّة أسانيد الكثير منها ، مع اتفاق ألفاظها على تحريمها ، كما يأتي بيانه ؟ ! فأين هذه الأحاديث من تلك أيّها المُتهوِّك ، ومعذرة من الكاتب الأديب مع غير إخوانه المسلمين ، فهذا الوصف مع كونه بحق ، فهو أقل بكثير مما شتمت به سلفنا وعلماءنا ، وطلاب السنّة العاملين بها ، بحيث لو أراد أحدهم أن يرد إليك بضاعتك هذه لما استطاع إلا أن يكون سليط اللسان كاتباً مثلك!
ثم ذكر الغزالي رد العالم الخليجي عليه ، فقال عنه:
" فأجاب مستنكراً: هذا غير صحيح ! إن تحريم الغناء وآلاته ثابت في السنّة النبوية " .
قلت: وهذا حق لا يزيغ عنه إلا هالك .
ثم قال الغزالي:
" قلت له: تعال نقرأ سوياً ما قاله ابن حزم في ذلك الموضوع ، ثم انظر ماذا تفعل . . قال ابن حزم . . " .
كذا قال ، ولم يذكر ما جرى فيما بعد بينهما ، ولعل ذلك العالم أفهمه بأن هذا ليس من أساليب العلماء ، وإنما هو أسلوب الجهلة المقلدين الذين يحتجّون بأقوال العلماء ، ولو كانت مخالفة للكتاب والسنّة ، وإنما العالم الذي يقرع الحجة بالحجة ، فإذا رضيت لنفسك الاحتجاج بابن حزم فماذا تقول في علماء الإسلام من المحدثين والفقهاء الذين ردوا على ابن حزم تضعيفه لحديث البخاري وغيره ، كابن الصّلاح والنووي وابن تيمية وابن القيّم وغيرهم كما يأتي ؟ لو قيل له هذا ، لأبى واستكبر وقال: عنزة ولو طارت !
والمقصود الآن بيان ما في نقل الرجل عن ابن حزم ، لقد سوّد ثلاث صفحات ساق فيها عشرة أحاديث آخرها حديث البخاري الذي أعلّه ابن حزم بعلتين: الانقطاع ، وتردد الراوي في اسم الصحابي كما سيأتي ، فلم يذكر هذه ، وذكر مكانها قوله:
" ومعلقات البخاري يؤخذ بها ( ! ) لأنها في الغالب متصلة الأسانيد ، لكن ابن حزم يقول: إن السند هنا منقطع لم يتصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد راوي الحديث " .
وليس غرضي الآن الرد على ابن حزم ، فهو إسناد متصل ، والرد عليه آت ، وإنما بيان جهل هذا الناقل عن ابن حزم فأقول:
أولاً: قوله: " ومعلقات البخاري يؤخذ بها . . " .
فيه خطأ وتدليس:
أما الخطأ ، فلأن الأخذ ليس على إطلاقه في علم المصطلح الذي لا قيمة له عنده مطلقاً ، إلا إذا وافق الرأي أو الهوى ، وإنما ذلك إذا كان التعليق بصيغة الجزم مثل ( روى ) و ( عن ) و ( قال ) كما في هذا الحديث ، وبتفصيل يذكر في محله من هذه الرسالة إن شاء الله ( ص 39 40 ) و ( 82 85 ) من الفصل الثالث .
وأما التدليس فهو قوله: " يؤخذ بها " بالبناء للمجهول أي عند غيره وأما هو فلم يقل: " نأخذ بها " ؛ لأنه قد لا يأخذ بها كما فعل هنا ، وكيف لا ، وهو كثيراً ما لا يقبل ما رواه البخاري موصولاً ، ولو كان معه مسلم وبقية الستة بل الستين من الأئمة ! وقد مضت بعض الأمثلة .
ثانياً: هو يجهل أن هشام بن عمار من شيوخ البخاري ، فقوله: " قال هشام بن عمار . . . " ليس تعليقاً ، بل هو متصل ، لأنه لا فرق بالنسبة للبخاري بين قوله: " قال هشام " أو: " حدثني هشام " كما سيأتي بيانه في ( الفصل الثالث ) المشار إليه آنفاً ، وبكلام قوي لابن حزم نفسه أيضاً ! .
ثالثاً: لم ينتبه وهو اللائق به لخطأ ابن حزم في قوله: " لم يتصل ما بين البخاري وصدقة " فإن الانقطاع المزعوم إنما هو بين البخاري وهشام ، فإنَّ هشاماً بين البخاري وصدقة كما سيرى القرّاء ذلك جلياً في سنده الآتي ( ص 39 ) .
رابعاً: ومن باب أولى أن لا يتنبه لغلو ابن حزم وشدته في رد ما لا يعلم من حديث نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولا غرابة في ذلك فإن الطيور على أشكالها تقع ! فله النصيب الأوفى مما قيل فيه: " لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقان " ! أعني ما قاله ابن حزم في الحديث الثامن الذي نقله الغزالي عنه: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوتين ملعونين: صوت نائحة ، وصوت مغنية " . فقال فيه ابن حزم: " لا ندري له طريقاً ، وهذا لا شيء " !
وفي نقل الغزالي عنه ( ص 69 ) : " وسنده لا شيء " !
فقول ابن حزم: " وهذا لا شيء " من تشدده وتنطعه ، فإن العلماء يقولون فيما لم يجدوا له طريقاً أو إسناداً: " لا نعلم له أصلاً " أو مع المبالغة: " ليس له أصل " كما يقول بعض الحفّاظ المتقدمين كالعقيلي ، والأول هو الصواب ، وبخاصة لمن لم يكن من حفّاظ الحديث والمتخصصين فيه كابن حزم ، ذلك هو الواجب في أمثاله ومقلديه كالغزالي خشية أن يقعوا في تكذيب حديث قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يقل إثماً عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال تعالى في المشركين: ( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ) ، فإن الحديث المذكور ، له إسنادان من حديث عبد الرحمن ابن عوف وأنس بن مالك ، أخرجهما جمع من الحفّاظ المشهورين كما يأتي في محله من الرسالة ، منهم الطيالسي والبزّار وهما من الحفّاظ المعروفين عند ابن حزم ، وممن أشاد هو بمسنديهما ، كما نقله عنه الحافظ الذهبي في " السير " ( 18 / 202 ) ، والحديث في " الترغيب " وغيره كما يأتي ، فلم لم يرجع الغزالي إليه ، لا أريد أن أقول: إنه كالنعامة مع الصياد !
خامساً: لم يروِ الغزالي غليله في رد الحديث بقول ابن حزم المتقدم: " وهذا لا شيء " ، بل حرّفه فقال: " وسنده لا شيء " كما تقدم .
وهذا من بالغ جهله بهذا العلم ، أو شدة غفلته ، لسيطرة الهوى عليه ، وقديماً قيل: " حبك الشيء يعمي ويصم " ، ذلك لأن هذا القول المُحرَّف لا يلتئم مع قول ابن حزم: " لا ندري له طريقاً " ، إذ لا يصح في عقل إنسان أن يجمع بين هذا النفي المطلق للطريق وهو السّند ، وبين إسناده للسند ولو مع الإشارة لضعفه بقوله: " وسنده لا شيء " !! وذلك في مكان واحد ! فاعرف نفسك أيها الشيخ تعرف ربك ، وتأدب بتأديب رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه " . " التعليق الرغيب " ( 1 / 66 ) .
فاعرف أيها الشيخ وأنت على حافة قبرك قدر علماء الحديث والسّنة ، وفقهاء هذه الأمة ، ولا تشذ عنهم قيد شعرة ، مغتراً بجدلك وقلمك وكتابتك ، ونبينا صلوات الله وسلامه عليه يقول: " إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم " . متفق عليه . وأنت تعلم يقيناً أن الحياة المادية بله الحياة الدينية لا تستقيم في مجتمع إذا لم يعتمد أفراده في كل علم على ذوي الاختصاص منهم ، ولا حاجة لضرب الأمثلة على ذلك ، فالأمر بدهيّ جداً فلا يرجع مثلاً من كان يريد معرفة صحة حديث أو فقهه ، إلى كاتب أو داعية إسلامي ، لا يدري ما الحديث وما الفقه ، ولا يدري أصولهما ، ولا المصادر التي يجب الرجوع إليها ، أو يدري ولا يتمكن من ذلك لسبب أو آخر ، كما قيل:
وإذا لم تر القمر بازغاً فسلم لأناس رأوه بالأبصار
فلا أنت منهم وما أظن يبلغ بك الكبر أو المكابرة أن تنكر ذلك ، ولا أنت سلمت لهم ، بل نصَبت نفسك للرد عليهم ، مع الاستهزاء بأقوالهم والسخرية بهم ، كأنك لم تعلم ، أو علمت ولم تؤمن بمثل قوله صلى الله عليه وسلم: " الكبر بطر الحق وغمص الناس " " الصحيحة " ( 134 و 1626 ) . وقوله: " ثلاث مهلكات: شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه " . " الصحيحة " ( 1802 ) . وقوله: " لو لم تكونوا تذنبون خشيت عليكم أكثر من ذلك: العجب " . " الصحيحة " ( 658 ) . فاخشَ ما خشي عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلا كنت من الهالكين .
هذه نصيحة أوجهها إليك والدين النصيحة وأنت على حافة قبرك مثلي ، وإلى كل من سلك سبيلك في الخروج على المحدثين ، والفقهاء ، وما أكثرهم في هذا الزمان ، كذاك السّقّاف ، وظله المدعو ( حسان عبد المنّان ) الذي اشتط في تتبع الأحاديث الصحيحة وتضعيفها ، مخالفاً لحفّاظ الحديث ونقّادها ، متظاهراً أنه مجتهد في ذلك غير مقلد ، مموهاً على القرّاء بأمور مخالفة للواقع ، وقد تيسر لي الرد عليه في بعض ما ضعّف ، وبينت أنه متسلق على هذا العلم ، يريد البروز والظهور ، ويصدق عليه قول الحافظ الذهبي: " وكيف يطير ولما يريش ! " ومن تلك الأحاديث حديث البخاري هذا ، وقد تفنن في تضعيفه ، وجاء بما لم تأت به الأوائل ! حتى ولا ابن حزم ، وقد بينت جهله في ذلك ، وإنكاره وقلبه للحقائق مفصلاً في " الاستدراكات " آخر المجلد الأول من الطبعة الجديدة من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ، ولعله ييسر لي ذكر شيء من ذلك في رسالتي هذه أثناء تبييضها إن شاء الله تعالى .
فيا أيها الشيخ ! لعل هذا المعتدي على الأحاديث الصحيحة وأمثاله ، هم ثمرة من ثمارك المُرّة ، في تهجمك على السّنة الصحيحة وأئمتها ، وعدم الاعتداد بأقوالهم تصحيحاً وتضعيفاً ، حتى انتشرت الفوضى العلمية وضربت أطنابها ، بين صفوف الأمة وشبابها ، وصار الواحد منهم يصحح ويضعّف حسبما يشتهي ويهوى ، فتب إلى الله تبارك وتعالى من هذه السنة السيئة وأمثالها ، وإلا كان عليك وزرها ووزر من اتبعك عليها ، وسله تعالى حسن الخاتمة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
" إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ، وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس ، وهو من أهل الجنة ، [ وإنما الأعمال بالخواتيم ] " . متفق عليه ، والزيادة للبخاري . " ظلال الجنة " ( 1 / 96 97 ) .
هذا ما وقفت عليه من ردود الشيخ رحمه الله المكتوبة فنسأل الله تبارك و تعالى أن يجعلها في ميزان حسناته و أن ينفع بها كاتبها و قارئها و أن يغفر لي ناقلها كما نسأله عزوجل أن يصحح نياتنا و أن يجعل هذا العمل لوجهه الكريم و ألا يجعله لأحد من خلقه أجمعين إنه وحده القادر على ذلك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.

أبو عبد الله بلال القسنطيني الجزائري.

[1] : جامع بيان العلم (1/155).

[2] : السلسلة الصحيحة (7/239) برقم (3211).

[3] : الصحيحة (4/508) برقم (1887).

[4] : البخاري(100)، ومسلم(6971).

[5] : متفق عليه.

[6] : متفق عليه.

[7] : الأثر حسنه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/49 ـ 50).

[8] : الصحيحة (7/824-825)

[9] : حديث رقم (3279).

[10]: السنة النبوية (ص:26 - 29).

[11] : يقول الغزالي في كتابه هموم داعية (ص:141-142) : يقول : (وقد دهشت لان عالما من شنقيط -وهو قطر مالكي -وقف في المسجد النبوي يقول أثناء درس له : إن مالك بن أنس يقول : إن وجه المرأة ليس بعورة وأنا أخالف مالك بن أنس .... ثم قال : وذكرت قول الشاعر:
يقولون هذا عندنا غير جائز *** ومن أنتم حتى يكون لكم عند.) .
قلت : و قد دهشت لأن ممن ينتسب للعلم قال في كتاب له حول حديث موسى و ملك الموت : ( نقول نحن : هذا الدفاع كله خفيف الوزن، وهو دفاع تافه لا يساغ) ، و لهذا ذكرت قول الشاعر :
يقولون هذا عندنا غير جائز *** ومن أنتم حتى يكون لكم عند


[12] : حديث حسن صحيح؛ كما قال الترمذي، وصححه جمع، وهو مخرج في "الإرواء" (1/268) ، و"صحيح أبي داود" (417) ، وعزاه بعضهم لـ"صحيح ابن حبان"، فوهم!

[13] : قلت-أي الألباني-: من ذلك كتابه "الصحيح" (7/597- 598- الإحسان) من حديث أبي هريرة بألفاظ متقاربة، بعضها في"الصحيحين"، وهو مخرج في "الإرواء" (1428و 2227).

[14] : انظر الإحسان بترتيب ابن بلبان

[15] : تقدم تخريجه.

[16] : رواه البخاري (6502) ، وهو مخرج في "الصحيحة " (1640).

[17] : الصحيحة (7/من 826 إلى 835).

[18] : تحريم آلات الطرب (ص:8).



منقول للأمانة










قديم 2014-09-14, 13:55   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
قادة بلعيد
محظور
 
إحصائية العضو










Hourse

الامام الغزالي ومحمد ابن عبد الوهاب :

قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه مائة سؤال عن الإسلام - الناشر دار ثابت للنشر والتوزيع - الطبعة الرابعة : محرم 1410 هـ - أغسطس 1989 م - ص 313 :
( رفع محمد بن عبد الوهاب شعار التوحيد ، وحق له أن يفعل ! فقد وجد نفسه في بيئة تعبد القبور ، وتطلب من موتاها ما لا يطلب إلا من الله سبحانه ..
وقد رأيت بعيني من يقبلون الأعتاب ويتمسحون بالأبواب ويجأرون بدعاء فلان أو فلان ، كي يفعل كذا وكذا ! ما هذا الزيغ ؟ ما الذي أنسى هؤلاء ربهم ؟ وصرفهم عن النطق باسمه والتعلق به ؟ وماذا يرجو العبيد من عبد مثلهم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ؟ إنه لو كان حيا ما ملك لهم شيئاً ، فكيف وهو ميت ؟ .. )










موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
أحمد, الامام, السلفية, الشيخ, الغزالي, الوهابية, ادعياء, نصيحة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:10

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc