ونتواصل معكم أحبابي القراء الكرام في شرح بلوغ المرام
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ». أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ, وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ.
الشرح
هذا الحديث صحيح :صححه جمهرة من ائمة الحديث ،قال الحافظ في تهذيب التهذيب (10/ 257)
"وصحح حديثه عن أبي هريرة في البحر بن خزيمة وابن حبان وابن المنذر والخطابي والطحاوي وابن مندة والحاكم وابن حزم والبيهقي وعبد الحق وآخرون". وانتقد الالبانيالحافظ في ذكر ابن حزم من جملة المصححين لهفقال في صحيح أبي داود (1/ 146)"ابن حزم قد صرح بضعفه في "المحلّى" فقال (1/221) :" الخبر: " هو الطهور ماؤه، الحل ميتته " لا يصح؛ ولذلك لم نحتج به "!فلعله صح عنده بعد ذلك؛ فأورده في بعض كتبه الأخرى؛ وإلا فهو من أوهامالحافظ رحمه الله تعالى!"
وعلل الحافظ ابن عبد البرالحديث بعلل إلا انه صححه بتلقي العلماء الامة له بالقبول قال ابن عبد البر في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (16/ 218): " لا أدري ما هذا من البخاري رحمه الله ولو كان عنده صحيحا لأخرجه في مصنفه الصحيح عنده ولم يفعل لأنه لا يعول في الصحيح إلا على الإسناد وهذا الحديث لا يحتج أهل الحديث بمثل إسناده وهو عندي صحيح لأنالعلماء تلقوه بالقبول له والعمل به ولا يخالف في جملته أحد من الفقهاء
وانتقد ابن الملقن قول ابن عبد البر فقال في البدر المنير (1/ 350): "وَهَذَا الْكَلَام من الْحَافِظ أبي عمر فِيهِ نظر كَبِير، لَا جرم أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين تعقَّبه، فَقَالَ فِي «شرح الإِلمام» : قَوْله : لَو كَانَ صَحِيحا لأخرجه (فِي كِتَابه) ، غير لَازم؛ لِأَنَّهُلم يلْتَزم إِخْرَاج كل حَدِيثصَحِيح .
وذكر الحافظ ابن الملقن في البدر المنير لهذا الحديث تسع طرق وجمع العلل التي عللوا بها وتعقب عليها الحافظ ابن حجر العسقلاني في تلخيص الحبير ولخصها الامام الشوكاني في نيل الاوطار وذكر هؤلاء الائمة أن فيه أربع علل :
1ــ الجهالة في (سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ)، وَ(الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ) الْمَذْكُورَيْنِ فِي إسْنَادِهِ
2ــ الِاخْتِلَافُ فِي اسْمِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ
3ــ التعليل بالإرسال :أرسله يحى بن سعيد
4ــ التَّعْلِيلُ بِالِاضْطِرَابِ
وأجيب عن هذه العلل الاربعة برفع الجهالة وبترجيح الاختلاف والاضطراب برواية مالك وبرفعه لأن الرفع زيادة مقبولة عند المحقيقين من أهل الحديث
وللحديث سبب سنذكره ،ولكني اريد ان انبه ان الحديث الذي يأتي من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على نوعين ابتدائي وسببي ؛ فالابتدائي لا يختص بسبب والسببي مايتعلق بسبب ،ومعرفة سبب الحديث له فوائد من بينها "يورث العلم بالمسبب" كما ذكر ذالك شيخ الاسلام في اسباب نزول القرآن فينطبق تماما على اسباب ذكر الحديث ونذكر رواية بن ابي شيبة لأن روايته هي المروية باللفظ كما قال الحافظ عقب الحديث واللفظ له ، قال الامام ابن ابي شيبة في مصنفه (1/ 121)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ بَعْضِ بَنِي مُدْلِجٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْإِرْمَاثَ فِي الْبَحْرِ لِلصَّيْدِ فَنَحْمِلُ مَعَنَا الْمَاءَ لِلشَّفَةِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَإِنْ تَوَضَّأَ أَحَدُنَا بِمَائِهِ عَطِشَ وَإِنْ تَوَضَّأَ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ وَالْحِلُّ مَيْتَتُهُ".
وهذا وللحديث فضل عظيم ويعتبر من جوامع الكلم وهو اصل من أصول الطهارة قال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 374)
فَإِنَّهُ حَدِيث عَظِيم، أصل من أصُول الطَّهَارَة، مُشْتَمل عَلَى أَحْكَام كَثِيرَة، وقواعد مهمة. قَالَ المارودي - من أَصْحَابنَا - فِي «الْحَاوِي» : قَالَ الْحميدِي: قَالَ الشَّافِعِي: هَذَا الحَدِيث نصف علم الطَّهَارَة. فَنَقُول:
أَولهَا: «الْبَحْر» : هُوَ المَاء الْكثير، ملحًا كَانَ أَو عذبًا. مِمَّن نَص