عقدة اللغة...
العربية و الآرامية و العبرانية كانت لغات النصوص الدينية المقدسة من القرآن الكريم و الإنجيل والعهد القديم...هكذا هو الواقع بغير أعين المغبرطين و معارضيهم.وان كانت قوة مجتمع تقاس بثقافته فان المجتمع الجزائري يمتلك ميزة ثقافية فريدة (إلى جانب الشعوب المغاربية الأخرى) إلا و هي إتقان أبسط فرد في المجتمع إتقانه اللغات من عربية و فرنسية إلى جانب اللغة الانجليزية و الأمازيغية...لكن يوجد الكثير من السفهاء و الأغبياء ممن يريدون اجتثاث هذه الميزة الثقافية من المجتمع لأن عقولهم ببساطة محدودة الفكر و لا تقبل الواقع...أو لنقل أن قدراتهم التعلمية محدودة لا تقبل إلا لغة واحدة..والتعصب لهذا الرأي يخلق لنا مشاكل من العدم
ما هي مشكلة التعليم أصلا...
فهم المشكلة هو نصف الحل,بينما يبحث المغبرطين و معارضيهم عن الحلول في علم الإعراب والشكل و كتب الأدب البوهيمي ومسرحيات موليير...يعاني التعليم من الانحطاط و الرداءة.إذ لا تزال المدرسة الجزائرية عكس كل مدارس الكون لا تزال تعمل بنظام تلقين وحفظ رديء يعود إلى سبعينيات القرن الماضي(عشق الماضي الذي دمر مستقبلنا و حاضرنا)..إذ نرى المعلم الجزائري يبرر أحيانا ضعفه بأن يطرد التلاميذ بحجة عدم إحضار الكتاب المدرسي أو نجد المدير الذي لا يقدر على طلب إعادة طلاء جدران مدرسته نجده يقف على بابها ويطرد فتاة لا ترتدي مئزر وردي و فتى لا يتردي مئزر أزرق هههه:d..وضع مؤسف اهتمام بالسطحيات و التفاهات جعل من التعليم في بلادنا مغامرة خطيرة توصلك إلى جدار اسمه ''شهادتكم غير معترف بها هنا'' جدار يقابل كل مبدع يتحدى إبداعه حدود الوطن...لا وبل المفاجأة أن بعض من المؤسسات داخل حدود الوطن تعمل بنفس المقولة ''شهادتكم غير معترف بها هنا'' وان لم تقال صراحة فان السواد الأعظم من المؤسسات داخل الجزائر يعمل عرفيا بهذه القاعدة...لكن المغبرطين و معارضيهم اختاروا أن يقحموا العالم في صراع حضاري بدل حل مشاكل التعليم.
مدارس بلا مراحيض...
لم أجد عنونة مناسبة لهذه الفقرة غير الواقع البسيط المجرد,في أحد القرى في قلب الجزائر ''العميقة'' (التي لا يعرفها بن غبريت و زملاؤها و معارضيها) ينتظر الطلاب الفقراء تحت وطأة ظلام ساعات الفجر و في جو سيبيري ينتظر هؤلاء حافلة النقل المدرسي التي تعمل بدوام يوم في الشهر...وفي مدارس أخرى لا يوجد مرافق صحية (مراحيض) حيث يقوم الطلاب بقضاء حاجياتهم بشكل حضاري جدا..أما المطاعم المدرسية لم تقصر في دورها بل هي تقدم كافة مسببات الإسهال و قرحات المعدة و أمراض الجهاز الهضمي...الأولياء الذين ينتفضون على البسملة لم ينطقوا بحرف واحد عندما كاد أبناؤهم أن يتجمدوا في مدارس بدون نظام تدفئة..ولم ينطقوا بحرف واحد عندما اختطف أبناؤهم من أمام أبواب المدرسة,لا بل وقف نفس الأولياء إلى جانب الوزيرة ضد المدرسين المطالبين بحقوقهم المشروعة,ووقف نفس الأولياء الى جانب الوزيرة في كل خطوة حمقاء زادت من مأساة و تراجيديا التعليم في الجزائر سوءا..
التجنيد الإجباري...والشروط عشوائية
مرت السنوات و عجزت المؤسسة التعليمية الجزائرية على أن تنتج أو تكون لنا جيلا من المدرسين الأكفاء..ووقعت الوزيرة بن غبريت في حرج كبير..حرج أدى بها إلى تنفيذ سياسة تجنيد إجباري حيث قامت بتنسيق الحكومة بحصر طلبات التوظيف من جميع القطاعات في قطاع التعليم..ليتقدم عشرات الآلاف لاجتياز اختبار مسابقة التوظيف عشرات الآلاف (رقم تاريخي) من المتخرجين الجامعيين الجدد...والجامعة حدث و لاحرج مع احترامي الشديد لقلة قليلة يعاني المتخرجين الجامعيين من عاهات فكرية مستديمة (عفاكم الله) ولا يستطيع أكثرهم تحريك قلم وكتابة جملة شخصية...وكيف بنا نوظف خريج علوم اقتصادية و خريج علوم إنسانية أو تاريخ و حضارات في قطاع التعليم كيف يعرف هذا الاقتصادي أو المؤرخ كيف يعرف تقنيات التعامل مع أطفال الابتدائي و كيف يعرف تقنيات التعامل مع الحالات النفسية الخاصة و كيف يعرف أساليب التعامل البيداغوجي...وكيف بنا نحن نتعجب لتدني المستوى و نحن نقحم الناس عشوائيا في وظائف عشوائية دون الأخذ بالشهادة و الاختصاص..
لن يصلح حال التعليم في الجزائر إلا إذا أخرجنا الصراعات الأيديولوجية خارج المؤسسة التعليمية,لأن العلم و المعرفة لا تعرف حزبا أو طائفة أو لغة...ولن يصلح حال التعليم في الجزائر إلا إذا وفرنا الشروط الإنسانية لطلابنا..مؤسساتنا التي أصبحت تشبه الاسطبلات..ولن يصلح حال التعليم إلا إذا أوقفنا الحاجة إلى مهزلة الدروس الخصوصية التي تعتبر وصمة عار على جبين كل معلم و كل ولي و كل مدير و كل وزير عار انه عار بكل بساطة..وصلنا لمستوى ''الخليجيين و يضحكوا علينا''...وان كانت مأساة التعليم في الجزائر جريمة فالجميع في قفص الاتهام و القضاء معطل حتى اشعار أخر.