حدثني أبي حنظلة عن غول عظيم و دجال مريع يقلب الحق باطلا و الباطل حقا .. جنته نار و ناره جنة فقال :
كان هناك ملك امتد ملكه الى كل الأمصار .. و احتلت جيوشه كل البلدان .. و لكن أقض مضجعه فتية مؤمنون في غابة تقع أقصى المملكة ، و قد عجزت جيوشه عن بلوغهم ، و لم تتمكن حرابه من النيل منهم ، و لم يزل عددهم يزداد و قوتهم تتضاعف ... فلجأ الى الغول طالبا الدعم و المساندة ... ففكر الغول و دبّر ثم فكّر و دبّر فقال :
الحل يا مليك هو أن تنشأ " رجالا لك " سمهم بإسم الإله و اجعلهم يتقمصون حلّة الفتية .. و أنا أشيع عنهم البطولة و الإقدام .. و حب الله و الرسول .. و نقطع الخبر عن مجرمي الغابة ... و نحولهم الى قتلة بعيون الناس .. فهذا شأنه أن ينقص عددهم و يذهب هيبتهم فيسهل القضاء عليهم ...
سكت الملك برهة و كأنه لم يفهم كلام الغول .. و لكن الغول استطرد قائلا :
أنشأ يا سيدي الفضائيات لرجالك حزب الإله و املئها بالأناشيد الحماسية و الخطب النارية .. و تظاهر يا سيدي بالخوف منهم و بعجزك عن حربهم ... و اقطع الاعلام عن مجرمي الغابة و احرمهم من الفضائيات و من الانترنت و جرّم من يساندهم و ارسله الى غياهب السجون .. و اجلب عليهم بخيلك و رجلك فإقصفهم بالطائرات العملاقة و اجتح مدنهم بالجيوش الجرارة و اقتل كل من يكون قريبا منهم و لو كانوا بالملايين ، و سلط عليهم من يكرههم .. و الشيء الأهم غط كل ما يحدث بستار فولاذي كاتم فلا يكد يسمع بهم أحدا ..
ضحك الملك .. مستغربا : أتضحك عليّ يا غول ؟ أ أ الناس حمقى حتى يصدّقوا قولك هذا ؟
فقال الغول :
لا يا سيدي الملك ، العوام يتبعون صوت كل ناعق ... و ليست لهم عقول بها يفكرون .. هم يصدقون كلمة ( بيّنوهم في التلفزيون ) أو ( كتبوها في الجرنان ) و التلفزيون لنا و الجرنان لنا .. و الأقمار الصناعية أقمارنا .. فمن أين يصحون ؟ و من أين يعرفون الحقيقة ؟
فقال الملك : لكنك لن تستطيع منع مجرمي الغابة من استعمال الأنترنت ؟
فقال الغول : كلا أيها الملك ... هاجم منتدياتهم و دمر مواقعهم و لا تترك لهم مكانا إلا أغلقته و لا مجمّعا الا فرقته .. فإذا تسللوا الى منتديات العامة فإني سأرسل رجالا لي محنكين في الجدال و الدجل ... فيدعون الناس الى نبذ الطائفية حتى يستأنسوا الى رجال الإله فنعمل السيف فيهم كما يفعل حبيبيك مقتدى و الحكيم في أرض العراق فقد قضوا على مئات الألوف من مجرمي الغابة ...
سكت الملك و أومأ الى الحاجب أن أكرم الدجال و أعطه ما تعطيه لقادة الجيوش .. فتدبيره أمضى من السيف و أشد وطئا من حوافر الخيل ..
* و هنا قاطعت أبي قائلا : ما هو اسم الغول المخيف يا أبي .. فقال متمتما : إنه الإعلام يا ولدي ..