|
قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها ..... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2011-06-15, 18:26 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
التحكيم التجاري
الفصل التمهيدي التعريف بالتحكيم وطبيعته القانونية المبحث الاول تعريف التحكيم ومزاياه المطلب الاول تعريف التحكيم - التحكيم لغة من مادة "حكـم" وحكم بتشديد الكاف تعني طلب الحكم ممن يتم الاحتكام إليه ويسمى "الحكم" بفتح الحاء، والكاف أو المحكم بضم الميم وفتح الحاء والكاف مشددة[1]). ويقصد بالتحكيم في اللغةكذلك التفويض في الحكم فهو مأخوذ من حكم وأحكمه فاستحكم أي صار محكما في ماله تحكيما إذا جعل إليه الحكم فيه فاحتكم عليه ذلك([2]). والتحكيم نجده في قوله تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم"([3]). أي يجعلوك حكما فيما حل بينهم من شجار. ثانيـا:التحكيـم اصطلاحا يقصد بالتحكيم في الاصطلاح القانوني، اتفاق أطراف علاقة قانونية معينة، عقدية أو غير عقدية، على أن يتم الفصل في المنازعات التي ثارت بينهم بالفعل، أو التي يحتمل أن تثور عن طريق أشخاص يتم اختيارهم كمحكمين([4]). ويعرفه الأستاذ الدكتورمحسن شفيق بأنه:"اتفاق على طرح النزاع على شخص معين أو أشخاص معينين، ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة به"، وعرف بأنه:"أسلوب لفض المنازعات ملزمة لأطرافه ويبنى على اختيار الخصوم بإرادتهم أفرادا عاديين للفصل فيما يثور بينهم أو يحتمل أن يثور بينهم من نزاع"([5]). وعرف كذلك بأنه:"نظام لحل المنازعات المالية بين الأطراف، والأطراف هو لفظ يمكن أن ينصرف إلى الأشخاص الطبيعيين أوإلى الأشخاص الاعتبارين سواء كانوا دولا أم شركات" ([6]) وأيضا عرف بأنه النظام الذي بموجبه يسوي طرف من الغير خلافا قائما بين طرفين أو عدة أطراف، ممارسا لمهمة قضائية عهدت إليه عن طريق هؤلاء الأطراف. وعرفت المحكمة الدستورية المصرية العليا التحكيم بكونه"عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحدّدانها، ليفصل هذا المحكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائيا عن شبهة الممالاة، مجردا من التحامل، وقاطعا لدابر الخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفان إليه،بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيلا من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية"([7]). وعرف المشرع المصري التحكيم في المادة الرابعة من القانون رقم 27 لسنة 1994 بأنه:"ينصرف لفظ التحكيم في حكم هذا القانون إلى التحكيم الذي يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة، سواء كانت الجهة التي تتولى إجراءات التحكيم بمقتضى اتفاق طرفين، منظمة أو مركزا دائما للتحكيم أو لم تكن كذلك. تنصرف عبارة هيئة التحكيم إلى الهيئة المشكلة من محكم واحد أو أكثر للفصل في النزاع المحال إلى التحكيم أما لفظ المحكمة فينصرف إلى المحكمة التابعة للنظام القضائي في الدولة. تنصرف عبارة طرفي التحكيم في هذا القانون إلى أطراف التحكيم ولو تعددوا". فالتحكيم أساسه ارادة الاطراف،منها يستقي المحكمون سلطاتهم واختصاصهم بالفصل في النزاع،وبسببهاتنزع اختصاصات محاكم الدولة بنظر النزاع ليعهد بها الى محكمين اختارهم الاطراف([8])، واضافة الى ما سبق فالقانون هو دائما مصدر التحكيم، ولكن ارادة المشرع تظل ساكنة الى ان تحركها ارادة الاطراف فهو نظام تتدخل ارادة الاطراف لكي تضعه في حالة حركة([9]). والتحكيم من السلطة العامة مثله مثل الحكم الذي يوصل المسار بالمسار القضائي, ولا يغير من مهمة هذه الحقيقة اختلاف المسار التحكيمي عن المسار القضائي في مدى الالتزام بأحكام القانون، فالجوهر في هذا الشأن هو أن حكم المحكم يحسم النزاع وأن التحكيم يؤدي من ثم الوظيفة ذاتها التي يؤديها القضاء([10]). ويعرفه الأستاذ الدكتور:أدولف رييولط بأنه "نظام الغاية منه عدم عرض النزاع على القضاة المعينين من طرف الدولة ليبتوا فيه، وعرضه من قبل الأطراف باتفاق مشترك على أشخاص غير مفوضين من طرف السلطة" ([11]). نخلص مما سبق إلى أن التحكيم هو "الاتفاق على طرح النزاع على شخص معين أو أشخاص معينين ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة به فبمقتضى التحكيم ينزل الخصوم عن الالتجاء إلى القضاء مع التزامهم بطرح النزاع على محكم ""ARBITRE أو أكثر ليفصلوا فيه بحكم ملزم للخصوم، وقد يكون هذا الاتفاق تبعا لعقد معين يذكر في صلبه ويسمى شرط التحكيم " clause compromissoir"، وقد يكون بمناسبة نزاع معين قائم بالفعل بين الخصوم([12]) ويسمى عندئذ بمشارطة التحكيم، والواقع أن الفقه قدم العديد من التعريفات التي لا تخرج في معناها عن المعنى السابق. ويثير التحكيم جدلا حول طبيعته القانونية، حيث اتجه البعض إلى ترجيح الطبيعة القضائية، وذلك على أساس تركيز النظر والاعتماد على طبيعة المهمة التي يؤديها المحكم، فهو يفصل في نزاع شأنه شأن القاضي، ويتميز حكم التحكيم بعدم قابليته للطعن فيه في ظل معظم التشريعات والاتفاقيات الدولية في حيث أن حكم القاضي قابل للطعن فيه. ويترتب على الطبيعة القضائية للتحكيم، التسليم بحق الدولة في التدخل، لأن القضاء أصلا منوط بالسلطة القضائية[13]). كما أن التحكيم ذو طبيعة استثنائية يسمح لأشخاص من خارج السلطة القضائية للقيام بوظيفة القاضي، فلا بد أن تراقب الدولة وتتدخل بقواعد آمرة تضمن سلامة إجراءات التحكيم، وسلامة الحكم، وتنظم القواعد والإجراءات اللازمة لتنفيذ حكم التحكيم[14]. - زيادة عن ذلك الطبيعة العقدية للتحكيم التي تولي الأهمية بالدرجة الأولى لأطراف النزاع كونهم يخولون من يقوم بمهمة التحكيم، يعددون له الإجراءات التي يتبعها، يحددون شخص أو أشخاص التحكيم، يدفعون أتعابهم، ويحددون لهم القانون الذي يحسم النزاع وفقا لنصوصه ؛ وتشريعات التحكيم التي تسنها الدول أو الاتفاقيات الدولية، لا تضع أحكاما آمرة إلا في أضيق الحدود ولخدمة وتحقيق "إرادة الأطراف في الالتجاء الاختياري للتحكيم". وفي حدود ما يمس الأسس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكيان الدولة. أي أن الدولة تفق عند دور الدولة "الحارسة" تسهر على "منع المساس بالنظام العام". أو لضمان حسن سير عملية التحكيم وذلك بوضع قواعد مقررة تسد ثغرات اتفاق الأطراف[15]. وبالتالي فإن تنفيذ معظم أحكام التحكيم يتم طواعية ودون الالتجاء للقضاء للحصول على أمر التنفيذ، وحتى لو تم الالتجاء للقضاء، فلا يعدو الأمر أن يكون مشابها لعقود الصلح التي تخضع لتصديق القضاء. وقد تواتر قضاء المحكمة الدستورية العليا على تأكيد الطبيعة العقدية وارتكاز التحكيم كوسيلة تسوية المنازعات على الاختيار الحر لإرادة الأطراف، فقضت بعدم دستورية النصوص القانونية المختلفة التي تكرس نظام التحكيم الجبري سواء في مجال المنازعات الجمركية أو الضريبية أو المنازعات الناشئة عن تطبيق نصوص التحكيم الجبري في قانون سوق رأس المال[16]. (1)- د. محمود مختار أحمد بريري، التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية، 2007، ص 5. (2)- القاموس المحيط للفيروز آبادي، المجلد الرابع، دار الفكرالعربي، بيروت، 1298هـ-1978م . (3)- سورة النساء،الآية 65. ([4])- د/ أبو زيد رضوان-الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي،دار الفكر العربي-ط1981 ([5])- د/ محسن شفيق، التحكيم التجاري الدولي،دراسة في قانون التجارة الدولية-دار النهضة العربية-ص.13. ([6])- د/ إبراهيم أحمد إبراهيم- التحكيم الدولي الخاص، دار النهضة العربية،ط4 -2005 ص.29. ([7])- أنظر في ذلك حكم المحكمة الدستورية العليا-17 ديسمبر 1994- القضية رقم 13 لسنة 15 قضائية دستورية. ([8])- د/ داليا عبد المعطي حسين علي،مرجع سابق،ص40. ([9])- مرجع سابق،ص40. ([10])- مصطفى محمد الجمال، د.عكاشة عبد العال، التحكيم في العلاقات العامة الدولية والداخلية، الطبعة الأولى، بدون ناشر، 1998، ص19. ([11])- د/أودلف رييولط، المسطرة المدنية في شروح المعهد الوطني للدراسات القضائية، وزارة العدل، المملكة المغربية،1990،ص204. ([12])-د/ أحمد أبو الوفا، التحكيم الإختياري والإجباري، الطبعة الخامسة، منشأة المعارف، الإسكندرية سنة 1988،ص15. ([13])-د/ محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 15. ([14])-د/ جابر جاد نصار، التحكيم في العقود الادارية، دار النهضة العربية، 2007، ص 61. ([15])-د/ جابر جاد نصار، المرجع السابق، ص 61. ([16])د. عبد الباقي الصغير، صعوبات التحكيم في عقود الانشاءات الدولية، مقالة بجامعة القاهرة، 2009، العدد 4، ص 112. يتبع....... /........
|
||||
2011-06-15, 18:27 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
المطلب الثاني مزايا التحكيم على الصعيدين الوطني والدولي - تأتي في مقدمة مبررات الالتجاء للتحكيم وإبراز مزاياه، الحجة المتمثلة في رغبة أطراف العلاقة القانونية تفادي طرح منازعاتهم على القضاء، مع ما تتسم به إجراءات التقاضي من بطء وتعقيد، علاوة على احتمال استطالة أمد النزاع بسبب تعدد درجات التقاضي وإمكانية الطعن في الأحكام، وتقديم إشكالات التنفيذ، التي قد تحكمها اعتبارات المدد في الخصومة، والمماطلة التي تحقق القول بأن العدالة البطيئة فرع من الظلم[1]. - كما أن التحكيم هو نتيجة عمل جماعي يشارك فيه الأطراف والمحكومون، لا تحكمه اعتبارات الخصومة ورغبة كل طرف في الانتصار لنفسه كما هو شأن الخصوم أمام القاضي، حيث وسائل المطل واستغلال المهارات القانونية في فتح الثغرات أو تهيئة وسائل الطعن ومواصلة طرقها تباعا مع استغلال الإجراءات والمواعيد ووسائل الإعلان والتلاعب التي قد تؤدي في النهاية إلى ضياع الحق من صاحبه وكسب الظالم لقضيته. إن التحكيم يغلق كل هذه الأبواب، فتم مواعيد يحددها الأطراف لكي يتم إصدار الحكم، ويهيمن المحكومون على "الإجراءات" بعد تحديدها بواسطة الأطراف، أو وفقا للقواعد المعمول بها في إحدى هيئات التحكيم الدائمة كغرفة التجارة الدولية بباريس، أو المركز الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة أو ووفقا لقواعد اليونسترال (لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي)، كما أن الأطراف هم الذين يختارون القانون الذي يحكم موضوع النزاع، فليس الأمر متروكا لقواعد الإسناد التي قد تطبق وتؤدي إلى صدم توقعات الأطراف، وعلى فرض عدم تحديد القانون بواسطة الأطراف، فالمحكم لا تسري عليه قاعدة خضوع الدعوى لقانون البلد الذي تقام فيه كما هو شأن القاضي الذي يتعين عليه تطبيق قواعد التنازع في قانونه الوطني، وبالتالي فالمحكم يتمتع بحرية تكاد تكون مطلقة في اختيار القانون الذي يراه معبرا عن الإدارة الضمنية للأطراف، أو الذي يراه أكثر ملائمة تبعا لطبيعة النزاع المعروض عليه[2]. - كما أن المحكم على خلاف القاضي، لا يلزم أن يكون رجل قانون فالأطراف يمكنهم اختيار محكم له خبرة في مجال النشاط الذي يتعلق به النزاع، فقد يكون مهندسا أو طبيبا أو رجل أعمال، مما يجعله مؤهلا لفهم وإدراك طبيعة النزاع دون أن يكون مضطرا للاستعانة بالخبراء وهو أمر لا غنى عنه إذا كان النزاع معروضا على القضاء، وبالتالي فالمحكم مصدر ثقة وطمأنينة للأطراف في حكمه وطريقه تفادي للإطالة نظرا لاستخدامه خبرته مباشرة على عكس القاضي الذي ينتظر تقرير الخبراء[3]. - إن التحكيم هو الوسيلة الملائمة لفض النزاعات أو الخلافات التي قد تثور بمناسبة تنفيذ العقود الناجمة عن عملية التنمية الاقتصادية التي تسعى الدول النامية إلى تحقيقها التي تمثل الشركات متعددة القوميات طرفها التقليدي في العصر الحالي لأن التحكيم لا يخضع أحد طرفي هذا الخلاف لقضاء دولة أجنبية عنه نظرا لوجود اتفاقيات دولية تنظم التحكيم في المنازعات التي تثور بين الدول ورعايا دولة أخرى مما يبث الطمأنينة في نفس المستثمرين ويبعثهم على الاستثمار دون الخوف من ميول القضاة وتدني مستواهم وانحرافهم[4]. - إضافة إلى هذا وذاك فإن للتحكيم ميزة السرية حيث لا يوجد مبدأ العلانية فيمكن نظر النزاع في جلسات لا يحضرها سوى أطراف النزاع وممثليهم، كما يحق للأطراف عدم نشر الأحكام، بل الأصل عدم نشرها إلا بموافقتهم، علاوة على أن " عامل" السرية لا يتعلق بكل عقود التجارة الدولية ولكن يظل زمام الأمر دائما في يد الأطراف والمحكمين. الاعتراضات على نظام التحكيم وبيان مثالبه: - يلقي نظام التحكيم هجوما يبلغ حد "العنف" أحيانا، فإذا كان ضروريا فهو شر لابد منه، لذلك – يجب أن يظل له طابع الاستثناء ويجب أن تهيمن الدولة على تنظيم التحكيم خاصة في الدول النامية باعتبار العدالة وإقامتها وظيفة لا يصح أن يترك أمرها للأفراد، وإلا سادت الفوضى وهيمن القوى أو الغني وضاعت حقوق الضعفاء والفقراء الذين يمثلون الطرف الضعيف في علاقات التجارة الدولية ،و كل القواعد و الأحكام التي تتضمنها الاتفاقيات الدولية أو تكرسها هيئات ومراكز التحكيم الدائمة هي من صنع الدول المتقدمة بل وأسهمت وتسهم في تكوين أدبيات وفقه التحكيم وقضاءه، الشركات متعددة القوميات التي تمسك بزمام أمور التجارة الدولية، وترسى ما يطلق عليه أعراف وعادات التجارة الدولية، ولا يحكمها في ذلك إلا تحقيق مصالحها دون اعتداد بمصالح الدول النامية، وبالتالي فإن التحكيم ليس سوى آلية من آليات النظام الرأسمالي العالمي، يستخدمها لضمان ريادة وزعامة دول الشمال المتقدم وبقاء تخلف وتبعية الجنوب المتخلف. إذن فالمقصود به أساسا منع القضاء الوطني في الدول النامية من نظر منازعات عقود التنمية الاقتصادية وما ينجم عنه من تأثر القاضي الوطني بما تقتضيه مصالح بلاده الاقتصادية وبالتالي تأثر مصالح المستثمر الذي يعتبر التحكيم "طوق النجاة" بالنسبة إليه لارتكازه على مبدأ "سلطان الإدارة" والمحكم ليس ملزما بتطبيق قانون معين، فالأطراف أحرار في تحديد القانون الذي يقوم المحكم بتطبيقه، مما يجعل الطرف الضعيف أي الدول النامية و مشروعاتها تحت رحمة "المحكم" الذي لا يمكن أن تتوفر له حيدة ونزاهة القاضي، ويبلغ الشر مداه في نظام التحكيم، كل هذا يقودنا في النهاية إلى ما معناه العودة لنظام الامتيازات الأجنبية الذي ظل جاثما يشل يد المشرع الوطني في الدول النامية إبان عصور الاحتلال ويذهب البعض إلى أن إصدار وسن التشريعات الوطنية للتحكيم أصبح أمرا مفروضا على الدول النامية، وإلا وجدت نفسها محرومة من المعونات الدولية ومن مؤازرة المؤسسات الدولية المنوط بها مساعدة هذه الدول كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكافة الوكالات التابعة للأمم المتحدة[5]. * مقارنة وترجيح: إن المقابلة والتضاد بين تحبيذ أو نبد نظام التحكيم لا تخلو من المبالغة فليس صحيحا إطلاق القول بأن التحكيم يحمي المستثمر الأجنبي من فساد وتدني نظم التقاضي في الدول النامية، فالفساد والانحراف ظاهرة لا وطن لها، وشبهة انحياز القاضي إذا قامت لدى القاضي في الدول النامية، فهي تقوم أيضا بالنسبة للقاضي في الدول المتقدمة. ولكن النظرة الموضوعية تكشف عن بطء إجراءات التقاضي وتعدد درجاته وارتفاع تكاليفه في الدول المتقدمة بوجه خاص، يجعل التحكم هو الوسيلة الأكثر ملائمة سواء في المنازعات الوطنية أو منازعات التجارة الدولية، كما أن التحكم يسهم في حل مشكل تعدد القضايا التي تطرح على القضاء على الصعيد الوطني، و إذا انتقلنا إلى صعيد علاقات التجارة الدولية، فلا بد من مواجهة واقع العالم المعاصر، فهو عالم شئنا أم أبينا تتولى زمام أموره الدول الصناعية المتقدمة، فإذا أثرنا " الصراع " والنضال، فهو صراع غير متكافئ ولا تسعنا شعارات الأمس الآفل عن الإمبريالية و الرأسمالية المستغلة في هذا النضال، فنحن أمام حاجيتنا للتنمية الاقتصادية الشاملة، وإعداد المفاوضين وتكوين "الكوادر " القادرة على صياغة شرط أو اتفاق التحكيم على نحو متوازن، كالنص على تطبيق القانون الوطني، وهو نص دارج في عقود الاستثمار التي تبرمها الدول النامية مع المستثمر الأجنبي، بل ونجد اتفاقية واشنطن المتعلقة بتسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى تنص على تطبيق قانون الدولة الطرف في النزاع، إذا لم يتفق الأطراف على تحديد القانون واجب التطبيق، والأمر نفسه نجده في مدونة السلوك الخاصة بعقود نقل التقنية. وبالتالي يمكن للدولة التدخل في سن تشريعات التحكيم لضمان كفاءة هذا الأخير الذي يتم داخل البلاد "التحكم الداخلي" . أما إذا تعلق الأمر بالمستثمر الأجنبي والدولة فمن الممكن أن يتفقا للجوء إلى القانون الوطني، وإذا تعلق الأمر بمشروعات خاصة وطنية ومشروعات أجنبية يكون الاتفاق خاضع للمعاهدات والاتفاقيات الدولية. [1]د. معوض عبد التواب، المستحدث في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر الجامعي الاسكندرية، 1991، ص 31. [2]- د. نبيل اسماعيل عمر، التحكيم في المواد المدنية والتجارية والوطنية والدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2004.ـ ص 23. [3]- د. ناريمان عبد القادر، اتفاق التحكيم، الطبعة الاولى، دار النهضة العربية، 1996، ص 12. [4]د. كمال ابراهيم، التحكيم التجاري الدولي، دار النشر الاسكندرية، 1991، ص 26. [5]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 35. |
|||
2011-06-15, 18:28 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
المبحث الثاني تمييز التحكيم عن النظم المشابهة له ومعيارية الدولية المطلب الاول تمييز التحكيم عن النظم المشابهة له الفرع الاول: الصلح Transaction و الخبرة EXPERTISE الصلح عقد ينهي الأطراف به نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا محتملا وذلك بأن يتنازل كل منهم على وجه التبادل عن حقه وهذا يختلف عن التحكيم كما سيتضح لنا ذلك، بأن تنازل الأطراف عن حقهم ثم إن الأسباب التي تدفع بالأطراف إلى اللجوء إلى كل من الوسيلتين ليست واحدة، ففي حين أنه يمكن الطعن في الحكم الصادر عن هيئة المحكمين وإلغاؤه لعيب في الشكل أو الموضوع فلا يمكن الطعن بسبب الغلط في القانون؛ كما إن الصلح ينهي النزاعات التي يتناولها ويترتب عليه إسقاط الحقوق والإدعاءات التي يتنازل عنها أحد الأطراف نهائيا، إلا أن الحال ليس كذلك بالنسبة للتحكيم كما سيتضح لنا ذلك فيما بعد.اولا: الصلح وقد عرف المشرع المصري الصلح في المادة:549 من القانون المدني بأنه:" عقد يحسم به الطرفان نزاعا قائما أو يتقيان به نزاعا محتملا وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من إدعاءاته."في حين عرفه المشرع الفرنسي في المادة 2044 من القانون المدني بأنه:" عقد يحسم به المتعاقدان نزاعا قائما أو يتقيان به نزاعا محتملا"([2])، وبالرجوع إلى النصوص التشريعية نجد أن كلا من الصلح والتحكيم وسيلتان لتسوية المنازعات الإدارية بدلا من القضاء العام في الدولة([3])، فكلاهما يوصل إلى إنهاء النزاع الناشئ بين المتعاقدين، أما عن وجه الاختلاف بينهما فيكمن في عدة نواح: 1- في التحكيم يكون محل العقدهو الالتزام بعدم طرح النزاععلى القضاء واختيار محكم خاص للفصل فيه، أما في الصلح فيكون محل العقد تسوية مباشرة للنزاع فحواها نزول كل من المتنازعين عن بعض ما يدعيه نزولا يكفي به الآخرون. وقد حكم القضاء البلجيكي بأنه يعد من قبل الصلح لا التحكيم نزول جميع الخصوم بأنفسهم عن بعض ما يدعونه بتضحية من جانب كل منهم مع تكليف أحد الخبراء بتقدير التعويض على أساس يتم تحديده بدقة من جانبهم([4]). 2- التحكيم لا ينتهي به النزاع بمجرد إبرام عقد الاتفاق على التحكيم وإنما ينتهي بممارسة المحكم المختار لمهمته وإصداره حكما فيه، وهذا الحكم يكون قابلا للتنفيذ الجبري وفقا للإجراءات المقررة في القواعد العامة بمجرد الحصول على أمر تنفيذه. أما في الصلح فينتهي النزاع بمجرد التنازل المرضي لكل المتنازعين، ولا يتم تنفيذ عقد الصلح إلا إذا تم في صورة عقد رسمي أو تم أمام المحكمة وفقا لنص المادة 103 من قانون المرافعات المدنية والتجارية([5]) ويبقى فارق هام بين التحكيم من جهة والصلح والتوفيق من جهة أخرى إذ ينتهي التحكيم بقرار حاسم قابل للتنفيذ مباشرة بعد وضع الصيغة التنفيذية دون أن تمتد سلطة قاضي التنفيذ في الموضوع، أما الصلح فلا يقبل التنفيذ إلا بعد تصديق القضاء الذي يجعله صالحا لإمكانية وضع الصيغة التنفيذية([6])، والتحكيم اشد خطورة من الصلح لان التجاوز عن الحق في الصلح معلوم قبل تمامه بينما في التحكيم تتعذر معرفة ما يمكن أن يحكم به المحكم. و الخلاصة أن تمتع المحكم بسلطة قضائية تمكنه من الفصل في النزاع بحكم ملزم لأطرافه هو المعيار الحاسم في التمييز بين التحكيم والصلح فضلا عن أن جوهر الصلح هو التنازل المتبادل من جانب أطرافه عن جزء من الحق الموضوعي بهدف حسم النزاع و هو ما لا يوجد في التحكيم. ثانيا-الخبرة EXPERTISE يقصد بالخبرة ذلك الإجراء الذي يعهد بمقتضاه القاضي أو المحكم أو الخصوم إلى شخص ما مهمته إبداء رأيه في بعض المسائل ذات الطابع الفني التي يكون على دراية بها دون إلزام القاضي أو الخصوم بهذا الرأي([7])، وعلى ذلك تختلف الخبرة عن التحكيم في هدفها وكذلك في النظام القانوني الذي يحكمها، فالتحكيم نظام خاص للتقاضي، يقوم خلاله المحكم بحسم النزاع بحكم ملزم للأطراف متى حاز قوة الأمر المقضي به، حتى ولو كان مخالفا لرغباتهم وإرادتهم. ولا يختلط الاتفاق على الاستعانة بالخبرة بالاتفاق على التحكيم فالخبير لا يصدر قرارات وإنما هو يبدي رأيا فنيا يظل للأطراف حق قبوله أو المنازعة فيه، والعودة لطلب تقارير خبرة أخرى من آخرين، أما في التحكيم فالمحكم يصدر قرار يحسم النزاع ويلزم الأطراف ويحوز حجية الشيء المقضي به، فلا يملك الأطراف العودة لطرح النزاع على محكمين آخرين أو رفع دعوى قضائية، وحتى في حالة إتفاق الأطراف على إضفاء الطابع الجبري على رأي الخبير، فيظل لازما الإلتجاء للقضاء الفصل في موضوع النزاع وفقا لرأي الخبير أما قرار المحكم يقبل التنفيذ مجرد وضع الصيغة التنفيذية عليه دون حاجة لحكم قضائي يفصل في الموضوع الذي حسمه قرار التحكيم([8]). ويجب أن لا يعتد بالتسمية التي يطلقها الخصوم على الشخص الذي يعهدون إليه بمهمة التحكيم أو الخبرة، وذلك لأن الخصوم قد يعهدون بمهمة تحكيمية إلى شخص ويطلقون عليه اسم الخبير والعكس أيضا بأن يعهدوا بمهمة الخبرة إلى شخص ولكن يسمونه محكما، ومن ثم يجب عدم الاعتماد بهذه التسمية المطلقة، وإنما العبرة دائمة بطبيعة المهمة التي تناط بهذا الشخص والتي يمكن الكشف عنها من خلال الواقع وظروف القضية([9]). وعليه فإن عملية الخبرة ليس هدفها حسم نزاع معين، وإنما هدفها إعطاء رأي متخصص بصدد مشكلة ما، في حين أن الهدف من العملية التحكيمية هو حسم النزاع برأي ملزم للخصوم([10]). الفرع الثاني: الوكالة MANDAT و التوفيق اولا: الوكالة الوكالة أو الإنابة هي عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل و باسمه ويجب أن يتوفر فيها الشكل الواجب توفره في العمل القانوني، والوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة دون أن يتجاوز الحدود المرسومة، ولا يقوم الوكيل كقاعدة عامة إلا بما يمكن أن يقوم به الموكل وبالمقابل نجد أن المحكم مستقل تمام الاستقلال عن الخصوم، فبمجرد الاتفاق على التحكيم تصبح للمحكم صفة القاضي ولا يمكن للخصوم التدخل في حكمه بل إن حكمه يفرض عليهم. بيد أن أحد الفقهاء قد ذهب إلى القول بأن المحكم وكيل عن الخصوم أو هو بمثابة وكيل عن الخصم الذي إختاره عضوا في هيئة التحكيم([11])، والواقع فإن هذا المفهوم يفرغ نظام التحكيم من مضمونه، فالمحكم ليس وكيلا يدافع عن مصالح من إختاره، فهو لا يلتزم بتعليمات من إختاره ولكنه على العكس من ذلك يباشر سلطة القضاء،ومن ثم فالمحكم قاض وليس وكيلا عن الخصوم أو عن الخصم الذي إختاره([12]). ثانيا: التوفيق Conciliation أنه في حالة نشوء خلاف بين الطرفين في تنفيذ عقد دولي قد يفضل أحدهما أن يلجأ إلى محاولة للتوفيق بين الطرف الأخير بدلا من الدخول في تحكيم قد تتأثر به علاقتهما مستقبلا، فالتوفيق هو قبول الأطراف تكليف موفق أو موفقين حل النزاع، ويتولى الموفق تحديد حل وسط يقبله الطرفان المتنازعان. والتوفيق أسلوب من أساليب تسوية الخلافات التجارية الدولية بطريقة ودية وتوجد أنظمة للتوفيق تقضي بأن أي نزاع ذي أي صفة دولية يمكن تسويته بترتيبات ودية بواسطة اللعبة الإدارية للتوفيق بغرفة التجارة الدولية، وفي أثناء عملية التوفيق وإجراءاته لا يجوز أن يلجأ أي من الطرفين إلى التحكيم أو إلى محكمة عادية لأنه مرتبط بضرورة إستكمال التوفيق إلى أن ينجح حتما أو تفشل إجراءاته، ولكن لا يوجد مايمنع أي من الطرفين إتخاذ إجراءات وقتية للمحافظة على حقوقه. وقد نظم المشرع المصري التوفيق وأحكامه كوسيلة لحسم بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الإعتباريين طرفا فيها بالقانون رقم:7/2000 الخاص بإنشاء لجان التوفيق، ويتفق التوفيق مع التحكيم من حيث أن كليهما يهدف إلى حل النزاع كما أن المسائل التي يجوز أن يرد عليها التحكيم هي التي يجوز الإتفاق على التوفيق في شأنها، وهي المسائل التي تقبل الصلح. ويختلف التوفيق عن التحكيم من حيث أن طريق التحكيم ملزم فمن بدأه وأقدم على أول خطوة فيه يلزم بالسير فيه إلى النهاية، فلا يملك التراجع في منتصف الطريق، كما يختلفان من حيث أن قرار التحكيم نهائي وملزم للأطراف فيلزمان بالتقيد به، كما لا يجوز لهما كقاعدة عامة، الطعن فيه، أما قرار الموفق فلا يلزم الأطراف إذ يملك أيهما رفضه أو عدم التقيد به، فهو مجرد توصية أو إقتراح([13]). المطلب الثاني التحكيم الوطني والتحكيم الدولي والتحكيم الأجنبي ونعني بالتحكيم الدولي هو الذي ينتمي بعناصره المختلفة لأكثر من دولة، ويثير عدة صعوبات مثل تحديد القانون الواجب التطبيق على إتفاق التحكيم، وإجراءاته، وموضوع النزاع وتحديد مكان التحكيم، وأسماء وجنسيات المحكمين، وهذه لا وجود لها في التحكيم الوطني. وهذا التحكيم يصعب تحديد إنتمائه لدولة بعينها دون الدولة الأخرى، وهناك عدة معايير لتمييز التحكيم الدولي عن غيره، وهي([14]): المعيار الجغرافي: يتمثل في معيار التحكيم. المعيار القانوني: يتمثل في تحديد القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم. المعيار الإقتصادي: يتمثل بتعلق العقد المراد تسويته عن طريق التحكيم بالتجارة الدولية. ويعتبر المشرع الفرنسي التحكيم دوليا إذا تعلق بمصالح التجارة الدولية في المادة 1492/مرافعات، أما المشرع المصري لم يربط الصفة الدولية بالصفة التجارية، في المادة 31 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994. أما التحكيم الأجنبي، فهو الذي ينتمي فيه التحكيم بأحد أو بعض عناصره لدولة أخرى، كأن يكون حكم التحكيم قد صدر في دولة معينة ينتمي إليها ويراد تنفيذه في دولة أخرى([15])، ولا يعد كل تحكيم أجنبي تحكيما دوليا، حيث إن التحكيم الدولي قد يكون كذلك مع جريانه في الداخل، وحتى مع خصومه للقانون الوطني إلا أنه يجوز الجمع بين الأجنبية والدولية للتحكيم إن كان يتعلق بمنازعة دولية([16]). التحكيم الحر) الخاص ( والتحكيم المؤسسي )النظامي( التحكيم الحر هو اختيار أطراف النزاع المحكمين في كل حالة، وذلك دون التقيد بنظام دائم، فيجري في حالات فردية، ولا يختار الأطراف هيئة دائمة، وإنما يلجأون إلى اختيار محكم أو أكثر بمعرفتهم([17]). والتحكيم الحر يعطي للخصوم حرية اختيار من يشاؤون من المحكمين مع تحديد القواعد والإجراءات التي يتبعونها، وكذلك القانون الواجب التطبيق، ومكان التحكيم وهوية المحكم، وهو تحكيم طليق من أي قالب جاهز مسبقا، وهو تحكيم خاص بحالتهم دون غيرهم ويتميز بأنه أسلوب مثالي إذا تصدى له محكم كفؤ لحسم منازعات التجارة الدولية، وهو قليل التكاليف ويحقق سرية أكبر من التحكيم المؤسسي، حيث إن التحكيم المؤسسي يضم محكمين من جنسيات مختلفة ويؤدي إلى تسريب الأسرار وإفشائها، ويتبع التحكيم الحر القواعد الإجرائية بمرونة أكثر ويحقق أيضا السرعة([18]). والتحكيم الحر يراعي مصالح الدولة فلا يثير الإعتبارات المتعلقة بسيادة الدولة، وذلك خلافا للتحكيم المؤسسي الذي تحرص الدول على تجنبه وتفضل التحكيم الحر عليه، وذلك لأن مراكز التحكيم قلما تخلو من تحيز أو إرتباط بدولة المقر، وهي إعتبارات تهم الكثير من الدول ولا سيما الدول النامية([19]).لذلك فإن كثيرا من المنازعات يفضل أطرافها اللجوء إلى التحكيم الخاص )الحر( كما هو الشأن في حالات التحكيم في عقود البترول([20]). ولا شك أن التحكيم الحر يتمتع بمرونة تراعي مصالح الطرف الضعيف، حيث يختار كل طرف محكما، ويتولى المحكمان إختيار المحكم المرجع. أما التحكيم المؤسسي فتتولاه هيئات أو منظمات دولية أو وطنية قائمة ويطبق بشأنه قواعد وإجراءات محددة وموضوعة سلفا من قبل الإتفاقيات الدولية أو القرارات المنشئة لها([21])، ولوائح هذه الهيئات تكون واجبة التطبيق بمجرد إختيار الأطراف هذه الهيئات للفصل في النزاع، ولقد أصبح التحكيم المؤسسي هو القاعدة في مجال التجارة الدولية([22]) حيث يفصل في الأطراف اللجوء إلى هذه المراكز التحكيمية لأنها توفر لهم الكوادر المتخصصة والمدربة تيسيرا لعملية التحكيم ولحسن سير الإجراءات([23])، وعند عدم إتفاق الأطراف على مقر التحكيم وعلى القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم وموضوع النزاع، فإن لوائح هذه المراكز تضمن قواعد تساعد على تخطي هذه العقبات([24]). والتحكيم المؤسسي يتناسب مع مصلحة الأطراف في إنهاء النزاع وذلك حتى لا يعرقل أحدهما العملية التحكيمية، فيؤمن سيرها بفاعلية إلى حين إصدار الحكمن كما قد يكون هو المخرج الوحيد، وذلك عندما تعلق الأمر بتحكيم متعدد الأطراف حيث تثار مشكلة اختيار المحكمين وتشكيل هيئة المحكمين ؟ ويتم حل هذا الأمر عن طريق قيام المؤسسة التي يجري التحكيم فيها باختيار المحكمين وتشكيلها وهذا الأمر لا يكون إلا في التحكيم المؤسسي، حيث أن المؤسسة التي تجري التحكيم([25]) هي السلطة المختصة بتعيينهم. ويعد من أشهر القضايا الصادرة في هذا الشأن قضية Ducat التي عرضت على غرفة التجارة الدولية Icc بين شركة BKMI و كونسوريتوم SIMENS وشركة Ducat حيث أصدرت حكما تمهيديا وذلك فيما يتعلق بالاختصاص، حيث أوضحت بموجبه أن الأطراف المتنازعة تجمعهم نوايا مشتركة لحسم النزاع عن طريق تحكيم متعدد الأطراف. إلا أن البعض يرى أن التحكيم المؤسسي تكاد تنعدم فيه مظاهر الرضائية أو الاختيارية وحرية الإرادة، مما يمكن القول معه أنه أقرب إلى القضاء الإجباري منه إلى التحكيم الاختياري الحر([26])، وهذا انتقاد يرى الباحث في غيره موضعه. اعتبر التحكيم إتفاقا فلا يكون واجب التنفيذ-عند عدم وجود نص خاص، إلا إذا أقرته المحكمة بناء على دعوى تقدم إليها بالحكم بتنفيذ مضمونه([27]). ومن وجهة نظر أنصار النظرية القضائية يفصل قانون محل التحكيم في حكم النزاع، فيرون في قرار التحكيم حكما يقترب تماما من الحكم القضائي، ولا يحتاج لتنفيذه إلا مجرد تقديم طلب الى رئيس المحكمة أو قاضي التنفيذ للأمر بموضوع التنفيذ عليه([28]). ومن وجهة نظر الذين يأخذون موقفا وسطا فإن النتائج التي تترتب على تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم تختلف عن الإتجاهين السابقين وعلى وجه الخصوص عند تنفيذ قرارات التحكيم، فتظل قرارات التحكيم بمثابة عقد أو إتفاق ولو حازت على أمر التنفيذ طبقا للنظرة التعاقدية البحتة، وطبقا للنظرة القضائية تعتبر أحكاما قضائية بغض النظر عن عدم حصولها على أمر التنفيذ([29]). ([1])- د. أحمد حسان حافظ مطاوع، مرجع سابق، ص 23. ([2])د/ محمود جمال الدين زكي، العقود المسماة، ط1960، مطابع دار الكتاب العربي، مصر، ص15. ([3])د/نجلاء حسين سيد أحمد خليل، التحكيم الإداري في المنازعات الادارية في مصر وفرنسا، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2002 ص37. ([4]) الحكم المشار إليه في : د.أحمد أبو الوفا، مرجع سابق، ص 30. ([5]) ـد/ نادية محمد معوض، مرجع سابق، ص37. ([6]) ـ د/ محمود مختار بريري، مرجع سابق، ص 21. ([7])ـ أنظر د.أحمد أبو الوفا، مرجع سابق، ص29 . ([8]) ـ د/ محمود مختار بريري، مرجع سابق، ص 22. ([9]) ـ د/أحمد حسان الغندور، مرجع سابق، ص 24 ([10]) ـ د/عصمت عبد الله الشيخ، التحكيم في العقود الإدارية ذات الطابع الدولي، دار النهضة العربية، سنة2003، ص24. ([11])ـ د/أحمد أبو الوفا، التحكيم في قوانين البلاد العربية،منشأة المعارف بالإسكندرية، الطبعة الأولى، بدون سنة طبع، ص44. ([12]) ـ د/عزمي عبد الفتاح، قانون التحكيم الكويتي، مطبوعات جامعة الكويت، الطبعة الأولى، سنة 1990، ص11. ([13]) د/ أحمد المصيلحي، دورة تدريبية في أساسيات و مبادىء التحكيم الدولي، نقابة المحامين، سنة2007، ص14. ([14])-د/ احمد شرف الدين، دراسات في التحكيم في منازعات العقود الدولية، دون ناشر، دون تاريخ نشر،ص71. ([15]) د/ ابراهيم أحمد ابراهيم، مرجع سابق، ص180. ([16])د/ محمود مختار بريري، التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية، سنة1998، ص21. -([17])د/ عصمت الشيخ، مرجع سابق، ص31. -([18])د/ شاكر العبسي، التحكيم التجاري الدولي، ابن اليمن للطباعة والنشر صنعاء، سنة2000، ص148-150. ([19])نفس المرجع ،ص15 (1)- د/ سراج حسين محمد أبو زيد، مرجع سابق،ص144. ([21])- د/ عصمت الشيخ، مرجع سابق، ص31. ([22])-د/ محمود هاشم، النظرية العامة للتحكيم، دار الفكر العربي، 1990، ص49. ([23])-د/ شاكر العبسي،مرجع سابق، ص148. ([24])-د/ محمد يوسف علوان، تسوية منازعات العقود الإقتصادية الدولية، بحث منشور في مجلة نقابة المحامين، الأردن ملحق رقم:1، تشرين أول، 1977، ص105. (6)-د/ محمد عبد المجيد اسماعيل، عقود الأشغال الدولية،القاهرة، دون ناشر، سنة 2000، ص308و404 ([26])- د/ شاكر العبسي، مرجع سابق، ص148. ([27])-د/ عصمت عبد الله الشيخ،مرجع سابق،ص46. -([28])نفس المرجع،ص46. ([29])-د/ ناريمان عبد القادر، إتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994،دار النهضة العربية،1996، ص55. |
|||
2011-06-15, 18:29 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
الفصــــل الأول شروط اتفـاق التحكيــم وآثــــــاره المبحث الأول شروط صحة اتفاق التحكيم المطلب الأول الشروط الموضوعية الفرع الأول : التراضي ويعني تطابق إرادتين واتجاههما إلى ترتيب آثار قانونية تبعا لمضمون ما اتفقا عليه، فلا بد من إيجاب وقبول يتلاقيان على اختيار التحكيم اختيارا حرا كوسيلة لحسم المنازعات التي تثور بشأن العلاقة الأصلية وإذا تعلق الأمر بشرط التحكيم، سيكون مدار الأمر على التحقق من تطابق إرادة الأطراف بشأن شرط التحكيم كأحد شروط العقد، أما إذا تعلق الأمر بمشارطة، فسيكون التحكيم هو محل هذا الاتفاق، وليس مجرد بند أو شرط في العقد أو العلاقة القانونية الأصلية[1]. ويلزم أن تتوفر الأهلية لدى الأطراف وهي أهلية التصرف في الحق، حيث كما يصح للأشخاص الطبيعيين الاتفاق على التحكيم، كذلك يصح للأشخاص الاعتبارية كالشركات مدنية أو تجارية عامة أو خاصة أو الهيئات أو المؤسسات العامة[2]. ويجدر التنبيه إلى أن اتفاق التحكيم – شرطا أو مشارطة قد يخضع لقانون مختلف عن القانون الذي يحكم الاتفاق الأصلي، و لذا يكون المرجع في توفر التراضي وصحته وخلوه من العيوب كالغلط والتدليس أو الإكرام للقانون الذي يخضع له اتفاق التحكيم[3]. وإذا كان الاتفاق بشأن التحكيم يدخل في نطاق نصوص اتفاقية نيويورك، فالتراضي يخضع أيضا لقانون الإدارة وإلا خضع لقانون البلد الذي يصدر فيه حكم التحكيم [4] و الأولوية في حالة تعارض لأحكام الاتفاقية بحكم نص المادة الأولى. كما قد يتعلق الأمر بقدرة أو صلاحية أشخاص القانون العام لإبرام اتفاقات تحكيم أو إبرام عقود تتضمن شرط التحكيم، حيث تنص المادة (2060) مدني من القانون الفرنسي على حظر التحكيم بشأن المنازعات التي تتعلق بالجماعات العامة والمؤسسات العامة وكل ما يتعلق بالنظام العام، ولم يستثنى سوى المؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري فأتاح لها إمكانية الاتفاق على التحكيم بشرط صدور مرسوم يسمح لها بذلك، أما إذا تعلق الأمر بعلاقة الأشخاص العامة بشركات أجنبية فقد ورد استثناء على الحظر بمقتضى المادة التاسع من القانون الصادر في 19ـ08ـ1986 و مؤدى هدا الاستثناء السماح للأشخاص بإدراج شرط التحكيم في عقودها مع الشركات الأجنبية إذا تعلق الأمر بمشروعات قومية[5]. - الجدل حول صحة شرط التحكيم الاختباري في العقود الإدارية[6] - ظهر جدل بشأن جواز إدراج شرط، التحكيم في العقود الإدارية بين مؤيد ومعارض حيث انتهى الأمر إزاء هذا الجدل المستعسر إلى تدخل المشرع المصري وإصدار القانون رقم 09 لسنة 1997 بإضافة فقرة ثانية تنص على جواز الاتفاق على التحكيم في المنازعات العقود الإدارية بشرط موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة مع عدم جواز التفويض في ذلك. - كما دهب المشرع الجزائري في المادة (1006) الفقرة الأخيرة إلى القول أنه"لا يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة الأشخاص وأهليتهم. ولا يجوز للأشخاص المعنوية العامة أن تطلب التحكيم ما عدا في علاقاتها الاقتصادية الدولية أو في إطار الصفقات العمومية". الفرع الثاني : قابلية النزاع للتسوية بطريق التحكيم : (محل التحكيم) المعيار الذي يحسم الأمر هنا هو هل حدث إخلال بالنظام العام أم لا ؟ فقد نصت نصوص اتفاقية نيويورك على حق الدولة في منع تنفيذ حكم التحكيم إذا كان تنفيذه يؤدي إلى المساس بالنظام العام، وهو ما يتوفر في حالات مخالفة الاختصاص لدى المشرع المصري، إذا أدت إلى صدور أحكام تصطدم بالقوانين التي تحمي المصالح الأساسية في الدولة سياسة كانت أو اقتصادية أو اجتماعية[7] . كما نصت المادة (1006) من القانون الجزائري في فقرتها الأولى أنه " يمكن لكل شخص اللجوء إلى التحكيم في الحقوق التي له مطلق التصرف فيها" وبالتالي يجوز لي التحكيم في حق لي كامل التصرف فيه ماعدا الالتزام بالنفقة، الحق في السكن، الحق في الملبس، الحق في الميراث، النظام العام ومجموعة المبادئ المنطوية تحته من( الصحة العامة، السكنية العامة الآداب العامة، والأمن العام )، الحالة ،و الأهلية. الفرع الثالث : السبب إن اتفاق الأطراف على التحكيم يجد سببه في إرادة الأطراف استبعاد طرح النزاع على القضاء وتفويض الأمر للمحكمين، وهذا سبب مشروع دائما، ولا تتصور عدم مشروعيته إلا إذا ثبت أن المقصود بالتحكيم التهرب من أحكام القانون الذي سيتعين تطبيقه لو طرح النزاع على القضاء نظرا لما يتضمنه هذا القانون من قيود أو التزامات يراد التحلل منها[8]، و بالتالي نكون أمام حالة من الغش نحو القانون فيكون التحكيم وسيلة غير مشروعة يراد بها الاستفادة من حرية الأطراف وحرية المحكم في تحديد القانون الواجب التطبيق، ولا يختلط السبب غير المشروع بالمحل غير الممكن أو غير المشروع، فالأول يقتضي البحث عن إجابة السؤال لماذا لجأ الأطراف للتحكم ؟ أما الثاني فيتعلق بتحديد الموضوع المراد تسويتة بطريق التحكيم وهل هو ممكن ومشروع أم لا؟ المطلب الثاني الشروط الشكلية حيث يجب في جميع الأحوال التوقيع على اتفاق التحكيم شرطا كان أو مشارطة ولكن لا يلزم أن يوقع الأطراف توقيعا خاصا بجوار حكم التحكيم ادا ورد بندا من بنود العقد الأصلي، ويكفي التوقيع على العقد، اد ينصرف هذا التوقيع إلى كافة بنود العقد . كما تتحقق الكتابة وفقا لنص القانون، إذا ورد شرط التحكيم في رسائل أو برقيات متبادلة بين الطرفين، ويمتد ذلك إلى كل وسائل الاتصال المكتوبة،و لكن يجب تحقق تبادل الإيجاب والقبول بشأن التحكيم[9]. ويعتبر شرط متحققا، إذا تم النص في العقد الأصلي على الإحالة على وثيقة تتضمن شرط تحكيم كالإحالة على عقد نموذجي في مجال النقل البحري أو بيع البضائع أو عقد تشييد[10] . ولكن لا يلزم أن تتضمن الإحالة ما يفيد " اعتبار شرط التحكيم " الذي تتضمنه هذه الوثيقةجزءا من العقد الأصلي حيث الإحالة التي قد يتضح منها عدم دراية أو علم أحد الأطراف بوجود شرط التحكيم ينتفي فيها إمكانية القول بوجود اتفاق وتراضي مكتوب على شرط التحكيم ينفي فيها إمكانية القول بوجود اتفاق و تراضي مكتوب على شرط التحكيم[11] . يستلزم القانون الفرنسي الكتابة كشرط لوجود شرط تحكيم وإلا كان باطلا، ولكن يستوي أن ترد كتابة شرط التحكيم في العقد الأصلي أو في وثيقة يحيل إليها هدا العقد. أما بالنسبة لمشارطة التحكيم في العقد الأصلي فالكتابة شرط لاثباتها و ليس لوجودها ،ولذلك يمكن إثباتها بمحضر يوقعه المحكم و الأطراف( المادة 1949 مرافعات فرنسي) وعادة يتضمن شرط التحكيم الإشارة إلى جريان التحكيم وفقا لقانون معين مع تحديد عدد المحكمين وكيفية اختيارهم ومواجهة احتمالات تعذر تنفيذ ما تم الاتفاق عليه . * تشكيل هيئة التحكيم: أ- حرية الأطراف والعون القضائي في عملية اختيار المحكمين: - تنص المادة (1008) على وجوب تضمن شرط التحكيم، تحت طائلة البطلان، تعيين المحكم أو المحكمين، أو تحديد كيفيات تعيينهم حتى يكون هناك اتفاق أولي على هذه الهيئة المكلفة بالتحكيم، وكذا اتفاق الأطراف فيما بعد وبمحض إرادتهم على تشكيل هذه الهيئة وفقا لحريتهم حيث يمكن أن تتكون من شخص أو عدة أشخاص، وهنا يتدخل المشرع بنص أمر في نص المادة (1017) "تتشكل محكمة التحكيم من محكم أو عدة محكمين بعدد فردي" وهو نفس ما ذهب إليه المشرع المصري وعالجه المشرع الفرنسي صراحة، فنصت المادة (1454) مرافعات على أنه في حالة تحديد عدد زوجي، فلمحكمة التحكيم أن تختار محكما، سواء اتفق الأطراف على ذلك، أو يتولى الآمر المحكمون الذين تم اختيارهم، وإذا اختلفوا فيتولى ذلك رئيس المحكمة الابتدائية[12]. أما بالنسبة للمشرع الجزائري في هاته النقطة فإنه في حالة صعوبة تعيين المحكمين تنص المادة (1009) على أنه: "إذا اعترضت صعوبة تشكيل محكمة التحكيم، بفعل أحد الأطراف أو بمناسبة تنفيذ إجراءات تعيين المحكم أو المحكمين، يعين المحكم أو المحكمون من قبل رئيس المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها محل إبرام العقد أو محل تنفيذه." - ويلزم أن يكون المحكم متمتعا بالأهلية، وألا يعرض له عارض يؤدي إلى الحجر عليه وألا يكون محروما من حقوقه المدينة للحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو شهر إفلاسه طالما لم يسترد اعتباره[13]. وهو ما ذهبت إليه المادة (1014) حيث تقول "لا تسند مهمة التحكيم لشخص طبيعي، إلا إذا كان متمتعا بحقوقه المدنية". كما أنه يتحتم على المحكم إعلان قبوله القيام بالمهمة المسندة إليها حيث ظهر هذا في المادة (1015) إذ "لا يعد تشكيل محكمة التحكيم صحيحا، إلا إذا قبل المحكم أو المحكمون بالمهمة المسندة إليهم." - كما نظم القانون الأحكام الخاصة برد المحكمين إذا قامت ظروف تثير شكوك حولهم وهو ما ذهبت في تفصيله المادة (1016): "يجوز رد المحكم في الحالات الآتية: 1- عندما لا تتوفر فيه المؤهلات المتفق عليها بين الأطراف. 2- عندما يوجد سب رد منصوص عليه في نظام التحكيم الموافق عليه من قبل الأطراف. 3- عندما تتبين من الظروف شبهة مشروعة في استقلاليته، لاسيما بسبب وجود مصلحة أو علاقة اقتصادية أو عائلية مع أحد الأطراف مباشرة أو عن طريق وسيط. لا يجوز طلب رد المحكم من الطرف الذي كان قد عينه، أو شارك في تعينه، إلا لسبب علم بعد التعيين". فمن خلال هاته النقطة الأخيرة يتبين أنه منعا للتلاعب حظر على أي طرف، طلب رد المحكم الذي اختاره بنفسه إلا إذا أثبت وجود أسباب طرأت بعد تعيينه. كما تبلغ محكمة التحكيم والطرف الآخر دون تأخير بسب الرد، وفي حالة النزاع، إذا لم يتضمن نظام التحكيم كيفيات تسويته ولم يسع الأطراف لتسوية إجراءات الرد، يفصل القاضي في ذلك بأمر بناءا على طلب من يهمه التعجيل. وهذا الأمر غير قابل لأي طعن وهو ما تضمنته المادة الأخيرة الذكر. أما في حالة عزل أو استبدال المحكمين إلى جانب صعوبة التعيين فإنه يجوز للطرف الذي يهمه التعجيل حسب المادة (1041) القيام بما يأتي: 1- رفع الأمر إلى رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها التحكيم، إذا كان التحكيم يجري في الجزائر. 2- رفع الأمر إلى رئيس محكمة الجزائر، إذا كان التحكيم يجري في الخارج و اختار الأطراف تطبيق قواعد الإجراءات المعمول بها في الجزائر. ب ـ تشكيل هيئة التحكيم في ظل قواعد اليونسترال والقانون النموذجي تكتسب قواعد اليونسترال أهمية خاصة نظرا لما تتمتع به من قبول عالمي سواء في دول العالم الصناعي المتقدمة أو الدول النامية. إذا اتفق الأطراف على تعيين محكم فرد، فلكل منهما أن يقترح على الآخر أسماء عدة أشخاص أو عدة مؤسسات أو هيئات تتولى سلطة تعيين المحكم الفرد. وإذا تعذر اتفاق الأطراف ولم يتم تحديد هيئة تتولى تعيين المحكم، أو رفضت هذه الهيئة إجراء هذا التعيين خلال الستين يوما التالية للطلب المقدم إليها من أحد الأطراف، فلكل طرف الحق في تقديم طلب السكرتير العام لمحكمة التحكيم الدائمة بلاهاي لتحديد الجهة التي تتولى التعيين ويتم هذا التعيين وفقا لنظام القوائم المتطابقة التي ترسل للأطراف والمتضمنة على الأقل لثلاثة أسماء، ووفقا للقواعد التي تضمنتها المادة السادسة إلا إذا اتفق الأطراف على استبعاد هذه القواعد، أو رأت الجهة المنوط بها أمر تعيين المحكم الفرد، استخدام سلطتها التقديرية دون التقييد بهذه القواعد[14]. أما إذا كان التشكيل ثلاثيا، فوفقا لنص المادة السابعة، يختار كل طرف محكما، ويتولى المحكمان المختاران، اختيار الثالث الذي يتولى رئاسة محكمة التحكيم. وإذا تقاعس طرف، فتتولى الجهة المتفق عليها أو التي تم تحديدها على النحو السابق ذكره في حالة الحكم الفرد، تعيين الحكم الثالث، وتتبع القواعد نفسها في حالة فشل الحكمين المختارين من الأطراف في اختيار المحكم الثالث، (المادة السابعة). ج ـ تشكيل هيئة التحكيم وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس عالج نظام المصالحة و التحكيم لغرفة التجارة الدولية تشكيل محكمة التحكيم في المواد (7 ـ12) ،أما اصطلاح المحكمة الدولية فهو خاص بجهاز تحكيم غرفة التجارة الدولية و التي لا تتولى الفصل في المنازعات، و إنما تختص بتشكيل محكمة التحكيم، فهي التي تعين و تثبت المحكمين ادا لم يتفق الأطراف على طريقة اختيار المحكمين و تراعي المحكمة جنسية المحكمين و محال إقامتهم أو غير دلك من العلاقات مع دول الأطراف أو المحكمين الآخرين . ويجوز أن لا يكون فردا أو أن يكون التشكيل ثلاثيا، فادا كان واحدا و اختاره الأطراف فتقوم المحكمة بتثبيته أي إقرار اتفاق الأطراف، أما ادا لم يتفق الأطراف فتتصدى المحكمة لتعيينه بعد مضي ثلاثين يوما من تاريخ إعلان الطرف الآخر بطلب التحكيم[15] . واذا كان التشكيل ثلاثيا ،فالأصل ـ كما هوالحال في قواعد اليونسترال ـ و أيضا في القانون المصري ـ يتولى كل طرف اختيار محكم، سواء في طلب التحكيم أو الرد عليه، وتتولى المحكمة تثبيته . أما المحكم الثالث فاما أن يختاره المحكمان، و أما تتولى دلك المحكمة ابتداءا في حالة فشل المحكمين في اختيار الثالث الذي يتولى رئاسة المحكمة واذا خلا اتفاق الأطراف من تحديد عدد المحكمين، تعين المحكمة محكما واحدا، إلا ادا وجدت ما يقتضي محكمين، فيكون للأطراف مهلة ثلاثين يوما ليتولى كل منهم تعيين محكم. واذا تعدد المدعون و المدعى عليهم، فيعين المدعون بالتضامن محكما و كذلك المدعي عليهم ادا كانت الهيئة ثلاثية ،وادا تعذر دلك تولت محكمة التحكيم بالغرفة تعيين المحكمين وفقا للقواعد السابقة (المادة 10 ). د ـ تشكيل هيئة التحكيم وفقا لنظام محكمة لندن للتحكيم الدولي تعالج قواعد محكمة لندن للتحكيم الدولي، تشكيل "محكمة التحكيم"،سواء من محكم واحد أو عدة محكمين وقد يحدد مقدم طلب التحكيم اسم محكمة في طلبه الذي يوجهه إلى مسجل المحكمة و يقوم المدعي عليه بتسمية محكمه في رده ادا شاء، ويعتبر متنازلا عن حقه في هده التسمية ادا كان اتفاق التحكيم ينص على تولي كل طرف ترشيح محكمه و خلال رده تحديد المحكم .( مادة 1 و 2 من قواعد محكمة لندن )[16]. وتتولى المحكمة وحدها تعيين المحكمين ويصدر قرار التعيين باسم المحكمة، التي يتولى رئيسه أو أحد نوابه إصدار هدا القرار. وتعتد المحكمة عند إتخاد قرار التعيين باتفاق الأطراف بشأن طريقة أو معيار الاختيار. ه ـ تشكيل محكمة التحكيم في ظل نصوص اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الاستثماريين الدول ورعايا الدول الأخرى أنشئ المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ( C-I-R-D-I) بمقتضى اتفاقية واشنطن التي تعالج تسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمار والتي قد تنشا بين دولة ورعايا دولة أخرى موقعة على الاتفاقية . وتنظم قواعد المركز وسائل تسوية الخلافات بطريقة التوفيق أو التحكيم[17]. يتولى إدارة المركز مجلس إدارة برئاسة رئيس البنك الدولي للتعمير والتنمية(B-I-R-D) كما توجد سكرتارية تشمل سكرتارية عامة و سكرتير أو عدة سكرتيريين عامين و مساعدين فضلا عن جهاز العاملين. ويتم تقديم طلب التحكيم إلى السكرتارية العامة لتقرر تسجيل الطلب أو رفضه ادا تبين عدم دخول النزاع في اختصاص المركز فادا تم تسجيل الطلب يتم تشكيل محكمة التحكيم من محكم واحد أو عدد فردي في حالة التعدد و يتولى دلك الأطراف وفقا لاتفاقهم[18]، و إلا كان العدد ثلاثة ،يختار كل طرف محكما، ويتولى الأطراف اختيار الثالث الذي يتولى الرئاسة ،فالأمر لا يتولاه المحكمان المختاران كما هو الحال في قواعد اليونسترال والقانون النموذجي الذي يتبناه المشرع المصري كما رأينا . واذا لم يتم تشكيل محكمة التحكيم على النحو السابق خلال التسعين يوما التالية لإعلان تسجيل الطلب لدى السكرتارية العامة أو الميعاد المتفق عليه بين الأطراف،فيتولى رئيس البنك الدولي باعتباره رئيس مجلس إدارة المركز بناءا على طلب أحد الأطراف ، و بعد التشاور مع الأطراف ادا أمكن تعيين المحكم أو المحكمين الدين لم يتم تعيينهم على أن لا يكونوا من جنسية الدولة الطرف في النزاع أو جنسية الدولة التي ينتمي إليها الطرف الثاني[19].. ويلزم أن تكون أغلبية المحكمين من جنسية مختلفة عن جنسية أطراف النزاع (الدولة و رعية دولة أخرى) إلا ادا اتفق الأطراف على تعيين محكم واحد أو تعيين محكم بواسطة كل طرف من أطراف النزاع. [1]- د. عليوش قريوع، التحكيم التجاري الدولي في الجزائر، ص 23. [2]- د. سامية راشد، التحكيم في العرقات الدولية الخاصة، منشأة المعارف الاسكندرية بدون سنة نشر، 61. [3]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 52. [4]- توفر التراضي وما يرد عنه من محل وسبب مشروعين يخضع كل ذلك للقانون المصري إذا كان قانون الإرادة،أو قانون الموطن المشترك وقانون مكان إبرام الإنفاق، ودلك إعمالا لنص المادة 19/1 مدني، ومؤدى ذلك أن التحكيم الذي يجري في مصر، قد يكون ثمرة إنفاق لا يخض للقانون المصري، والعكس صحيح. "لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه " المادة (11 )من القانون الجديد المصري. [5]د. محمود مختار بريري، نفس المرجع السابق، ص 53. [6]د. جابر جاد نصار، المرجع السابقـ ص 65. [7]د. أبو زيد رضوان، الاسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، القاهرة، 1981، ص 87. [8]د. هاني سري الدين، التحكيم التجاري الدولي – دراسة مقارنة-، دار النهضة العربية، 2005، ص 78. [9]د. سميحة القليوبي، التحكيم التجاري، دار النهضة العربية، 2009، ص 56. [10]ومثال ذلك الإحالة على أخذ نماذج عقود البيئة الدولية لتجارة الحبوب بلندن أو نماذج سوق بضائع هامبرغ أو نماذج العقود والشروط العامة التي يضعها الإتحاد الدولي للمهندسين الإستشماريين أو نماذج عقود النقل البحري أو الجوي أو عقود التأمين. [11]تنص المادة 1443 فرنسي على إمكان تحقق الكتابة بالإحالة على وثيقة تتضمن شرط التحكيم . - نصت المادة الخامسة من قواعد اليونسترال على ترك تحديد عدد المحكمين لإدارة الأطراف، فإذا لم يكن هناك إتفاق خلال 15 يوما من تلقي المدعي عليه إعلان التحكيم على أن يكون المحكم " واحدا" فيتم تشكيل محكمة التحكيم من ثلاثة محكمين وهو نفس ما دهب إليه المركز الإقليمي بالقاهرة، الذي يجري التحكم فيه وفقا لهذه القواعد مضيفا فقرة تستلزم أن يكون العدد وترا وإلا بطل التحكيم. [12]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 54. [13]د/ محسن شفيق، المرجع السابق، ص 24. [14]د. سميحة القليوبي، ضوابط التحكيم التجاري، مقال منشور، بمجلة القانون والاقتصاد 1987، العدد 3، ص 72. [15]د محمد شكري سرور، قواعد اجراءات التحكيم وفقا لنظام غرفة التجارية الدولية، مجلة الحقوق الكويت العدد 1 و 2مارس 1993، ص 59. [16]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 80. [17]د. هاني سري الدين، التحكيم في عقود البناء والتشغيل، دار النهضة العربية، 2005، ص 67. [18]د. هاني سري الدين، التحكيم في عقود البناء والتشغيل، المرجع السابق، ص 67. [19]د. هاني سري الدين، نفس المرجع السابق، ص 67. |
|||
2011-06-15, 18:30 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
المبــحث الثاني آثار اتفـــــاق التحكيم المطلــب الأول الأثر المانع لاتفاق التحكيم أما بالنسبة للمشرع الجزائري فيقول انه ليس من اختصاص القاضي الفصل في النزاعات التي اتفق فيها على التحكيم كما أشارت المادة 1045 "يكون القاضي غير مختص بالفصل في موضوع النزاع ،ادا كانت الخصومة التحكيمية قائمة، أو ادا تبين له وجود اتفاقية تحكيم على أن يثار من أحد الأطراف ". على أن يكون موضوع النزاع من اختصاصها أي محكمة التحكيم فادا لم يكن كذلك فيجب الدفع بعدم الاختصاص قبل أي دفاع في الموضوع و هو ما بينته المادة 1044 "تفصل محكمة التحكيم في الاختصاص الخاص بها و يجب إثارة الدفع بعدم الاختصاص قبل أي دفاع في الموضوع. تفصل محكمة التحكيم في اختصاصها بحكم أولي إلا ادا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبطا بموضوع النزاع." أما فيما يخص المشرع المصري فهو أكثر دقة من نظيره الفرنسي[2] لأن اتفاق التحكيم عنده لا ينزع اختصاص القاضي و إنما يحجبه في نظر النزاع، ويلاحظ أن تم فارقا هاما بين القانون المصري والفرنسي اد لا يفرق القانون المصري بين حالة رفع الدعوى أمام القضاء بعد أو قبل اتصال هيئة التحكيم بالنزاع موضوع اتفاق التحكيم ففي الحالتين يتحتم الحكم بعد قبول الدعوى أما القانون الفرنسي و ادا كان يحتم الحكم بعدم الاختصاص في حالة رفع الدعوى بعد اتصال هيئة التحكيم بالنزاع فانه يخول القاضي إمكانية عدم الحكم بعدم الاختصاص و التصدي للموضوع ،ادا تبين له البطلان الظاهر لاتفاق التحكيم كحالة خلو شرط التحكيم من تسمية المحكمين أو بيان أسلوب اختيارهم أو خلو المشارطة من تحديد موضوع النزاع[3]. المطلـــب الثاني العلاقة بين اتفاق التحكيم،والعلاقة بين الأطراف(مبدأ استقلالية شرط التحكيم ) ولم يتضمن القانون الفرنسي نصا صريحا يكرس استقلالية شرط التحكيم و لكنه كرس في المادة (1466) مبدأ الاختصاص ويستند الفقه إلى هدا النص للقول بأنه يؤدي إلى تقرير مبدأ استقلالية شرط التحكيم من الناحية العملية إذ طالما أن المحكم له سلطة البت في بطلان أو صحة العقد الأصلي، بمقتضى اتفاق التحكيم، فان هدا يعني أن هدا الاتفاق ـ أي اتفاق التحكيم ـ بوصفه اتفاقا على الإجراءات، يكون ممكنا نزعه أو فصله عن العقد الأصلي، و بالتالي يكون متمتعا بالاستقلالية . و الواقع أننا نجد صعوبة إلى حد ما في الربط بين مبدأ الاختصاص بالاختصاص ومبدأ الاستقلالية، و الأكثر قبولا القول بأن مبدأ الاستقلالية يعد من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام التحكيم سواء على الصعيد الوطني أو الدولي،قد كرسه القضاء الفرنسي بصدد التحكيم التجاري الدولي على نحو قاطع و متواتر مما يصلح أساسا للقول بوجوده أيضا في التحكيم الداخلي بدلا من محاولة التعسف في تفسير النصوص وتحميلها ما لا تحتمله[5]. المطلــب الثالث نطاق الأثر الملزم لاتفاق التحكيم من حيث الأشخاص ولكن هناك حالات عملية قد تدق أحيانا، فضلا عن أن فكرة "الطرف " لا تعني فقط "الشخص الموقع" على الاتفاق، و إنما تشمل أيضا خلفه العام أو الخاص . "كالوارث الذي أبرم مورثه عقدا تضمن شرط تحكيم أو في حوالة العقود، إذ ترد الحوالة على الشرط المنصوص عليه في العقد ". ولكن هل يمتد التحكيم للغير عن طريق نصوص المرافعات كإدخال الغير في الدعوى ؟ لا شك أن الطابع "العقدي" للتحكيم يحول دون دلك . ولكن لا يعتبر غيرا الشريك أو المدين المتضامن . فلو تعدد الشركاء أو المدينون المتضامنون، و أبرم أحدهم عقدا أو تضمن عقد القرض في حالة المدينين المتضامنين شرط التحكيم، فان الشرط يمتد أثره للجميع، إيجابا وسلبا، أي يستطيع كل منهم التمسك باتفاق التحكيم ،كما يستطيع الطرف الآخر الاحتجاج بهذا الاتفاق في مواجهة أي منهم . ويسري هدا في حالة شركات الأشخاص حيث لا تحجب الشخصية المعنوية حجبا كاملا أشخاص الشركاء ،ويسري من باب أولى في المحاصة، حيث لا توجد أصلا شخصية معنوية، فادا أبرم أحد المحا صين عقدا تضمن شرط تحكيم، فان لشركائه التمسك بالشرط، و للطرف الأخر في العقد للاحتجاج بالشرط على الجميع، ودلك ادا كانت إدارة المحاصة جماعية تستلزم حضور الجميع[7] . و أخدًا بالمنطق نفسه يمتد إتفاق التحكيم ليشمل جميع مشروعات المؤسسات لمشروع أو فرع مشترك إدا أبرم هدا الفرع عقداً تضمن شرط تحكيم[8] . ولكن إدا وقع طرفان إتفاق تحكيم، وكان أحدهما مؤسسة عامة، فقام الوزير باعتماد العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم، فهدا التوقيع لا يجعل الدولة طرفاً في إتفاق التحكيم، لأن توقيع " الوزير " كان مباشرة لسلطاته الولائية و ليس توقيعاً بصفته طرفاً وهدا ما دهب إليه القضاء الفرنسي في قضية هضبة الأهرام[9]، و إن انتهى التحكيم أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار سابق الإشارة إليه إلى العكس . ويتضح في كثير من الحالات أن تحديد " الأطراف " الذين يملكون التمسك باتفاق التحكيم، ويمكن الاحتجاج عليهم به، يتوقف على الفحص الدقيق للعقد و الملابسات المحيطة به خاصة وأن الأمر في العقود الدولية، يؤدي في العديد من الحالات إلى استعانة الأطراف الأصليين بمقاولين من الباطن أو بشركات يتم تأسيسها، أو إنشاء فروع مشتركة لمباشرة تنفيذ العقد أو العقود المتتابعة التي قد ينم إبرامها أو حالة تجديد العقود بتغيير الدائن أو المدين أو محل الالتزام، في كافة هذه الصور يمتد شرط التحكيم ويتسع نطاقه ليصبح كالمظلة التي تحيط بالعلاقات التي تنشأ تحت الاتفاق الأصلي ويتسع بذلك مفهوم "الأطراف " [1]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص17. [2]د. سامي عبد الباقي، المرجع السابق، ص 51. [3]د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 26. [4]د. أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص26. [5] - حسم المشرع المصري الجدل في الفقه في القانون الجديد، فنصت المادة (23) على أن "يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه، ادا كان هدا الشرط صحيحا في دانه ." [6]د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 63. [7]د. عبد الباقي الصغير، المرجع السابق، ص 69. [8]د. هاني سري الدين، المرجع السابق، ص 74. [9]نقض فرنسي 12/07/1984 في النزاع المعروف بخصوص الاستغلال السياحي لمنطقة هضبة الهرم.
|
|||
2011-06-15, 18:31 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
الفصـــل الثانــــي كيفيــة صـــدور حكــــم التحكــــــيم المبحث الأول تحديد القانون الدي تطبقه هيئة التحكيم على موضوع النزاع المطلب الأول تطبيق قانون إرادة الأطراف وقد أخد المشرع الفرنسي هدا الاتجاه المتسم باحترام مبدأ سلطان الإرادة في نصوصه المنظمة للتحكيم التجاري الدولي (المادة 1492/1 مرافعات فرنسي)، أما في التحكيم الداخلي، فنصت المادة 1474 على أن المحكم يفصل في النزاع وفقا "لقواعد القانون" الا ادا فوضه الأطراف بالحكم وفقا لقواعد العدالة، وتتعدد النصوص الواردة في خصوص التحكيم الداخلي و التي تحيل إلى قانون المرافعات الفرنسي، مما يؤكد افتراض تطبيق القانون الوطني في حالات التحكيم الداخلي الدي لا يوجد أي مبرر لمعاملته معاملة التحكيم التجاري الدولي وما تقتضيه مصالح التجارة الدولية، و إمكانية تنازع القوانين، من تدخل لإعلاء مبدأ سلطان الإرادة لحسم أي خلاف يثور حول تحديد القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع، وهو ما يؤدن بأقوال عصر " تنازع القوانين وقواعدها" و الاتجاه المباشر لإسناد اختيار القانون لإرادة الأطراف[2]. المطلب الثاني تصدي هيئة التحكيم لتحديد القانون المطبق على موضوع النزاع و يكشف الواقع العملي عن ميل قضاء التحكيم على الصعيد الدولي إلى إعمال قانون محل إبرام العقد أحيانا، أو قانون محل التنفيذ، ودلك استنادا إلى ما يسمى بالإرادة الضمنية للأطراف و التي قد تكشف عنها ملابسات وظروف التعاقد أو استنادا إلى مؤشرات دات طابع خاص كالاستدلال على ترجيح قانون الدولة التي استخدمت لغتها في العقد، وهو ما تنص عليه الاتفاقية الخاصة بتسوية منازعات الاستثمار[3] . كما يمكن الاستناد إلى اختيار مكان التحكيم كمؤشر على اختيار قانون هدا البلد الدي يجري فيه التحكيم . المطلب الثالث الفصل في النزاع وفقا لقواعد العدالة و الإنصاف كما أن الفقرة الثالثة من المادة (28 ) من القانون النموذجي تنص على أن "تجري محكمة التحكيم تسوية وفقا للعدالة و الإنصاف أو بصفتها منشئة لمواءمة ودية، فقط إدا أدن لها الأطراف في دلك صراحة." و القاسم المشترك بين هده النصوص هو تحرير المحكم من التقيد بأي نصوص تشريعية أو أي قواعد قانونية أيان مصدرها ليجري المحكم نوعا من التسوية للنزاع المعروض عليه مستلهما ما يراه محققا للعدالة وما يرضي ضميره، فهو يقوم بعمل "إنشائي " خلاق لا يخضع فيه إلا لما يرضي وجدانه، تماما كموقف القاضي الجنائي الدي يتمتع بحرية مطلقة في تكوين عقيدته، طالما أنه حقق مبدأ المساواة، و أتاح للأطراف مكنة أوجه دفاعهم .و نظرا لما يتمتع به المحكم من سلطات تتوقف على حسن أو سوء تقديره المطلق الدي يخضع بطبيعة الحال لمعايير شخصية ترجع إلى تكوين المحكم وشخصيته و خلفيته الثقافية العامة، استلزم المشرع إعلان الأطراف إعلانا صريحا لا لبس فيه عن قصدهم تخويله هده السلطة[4] . فالهدف من إطلاق سلطات المحكم هو تحقيق العدالة التي قد تعوقها النصوص القانونية، و لا يتصور دلك بإهدار الأبجديات التي تعد من المقدمات البديهية للوصول إلى هده العدالة . و فضلا عن دلك يلزم إجراء نوع من التفرقة بين التحكيم الداخلي و التحكيم الدولي، ففي الحالة الأولى لا جدال في أن سلطة المحكم المفوض بالحكم وفقا للعدالة، تخوله الخروج على نصوص القانون المقررة، كما تخوله سلطة واسعة في تفسير و تخفيف حدة الشروط العقدية التي إتفق عليها الأطراف شريطة ألا يصل الأمر حد إنشاء علاقة أو عقد جديد لم تتجه إليه إرادتهم ، فهو يفسر شروط عقد البيع مثلا و يخفف من التزامات البائع أو ضماناته أو التزامات المشتري و ما قد يتضمنه العقد من شروط يراها تعسفية أو مخلة بالتوازن، ولكنه لا يملك تكييف العقد و التعامل معه بوصفه عقد إيجار أو عقد ترخيص مثلا[5]. وتجدر الإشارة إلى أن تفويض المحكمين للفصل دون التقيد بنصوص القانون، و الاستهداء فقط بما يرونه محققا للعدالة، لا يعني منعهم من اعمال و تطبيق قانون معين، باعتباره محققا لهده العدالة كما يرونها . [1]و مثال دلك على الإحالة على الشروط العامة للفيديك fidic أو لقواعد جمعية تجارة الحبوب و الأغذية فتعبير "القواعد التي اتفق عليها الطرفان" يسمح باستيعاب القواعد المتميزة المستقلة عن أي قانون وطني وحيدا عما تقضي إليه قواعد تنازع القوانين . تنص المادة 39/1من القانون المصري على أن"تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع، القواعد التي يتفق عليها الطرفان . و ادا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة ،اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق على غير دلك." [2]تنص المادة (39) بالنسبة للتشريع المصري على أنه ادا "لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الدي ترى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع". [3]تنص المادة (39 ) من التشريع المصري على أنه "يجوز لهيئة التحكيم ـ إدا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويضها بالصلح ـ أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة و الإنصاف دون تقيد بأحكام القانون ". [4]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 90. [5]د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 69. |
|||
2011-06-15, 18:33 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
المبحـث الثاني كيفيـة صـدور حكم التحكـيم و شــروط صحتــه المطلــب الأول اختصاص هيئة التحكيم باتخاذ التدابير المؤقتة و التحفظية وسلطتها في إصدار أحكام وقتية أو في جزء من الطلبات ووفقا لنص المادة (26 ) من قواعد اليونسترال المعمول بها في المركز في المركز الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة ،يكون لمحكمة التحكيم، بناء على طلب أحد الأطراف إتخاد التدابير المؤقتة أو التحفظية التي تراها ضرورية تبعا لطبيعة النزاع وعلى وجه الخصوص الإجراءات التحفظية المتعلقة بالبضائع موضوع النزاع مع إمكانية الأمر بإيداعها لدى الغير أو بيع المعرض للتلف منها . و يمكن أن تأخذ هده التدابير شكل حكم مؤقت مع إمكانية طلب كفالة لتغطية التكاليف[2]. و حرصت الفقرة الثالثة على بيان أن تقدم أي طرف للقضاء باتخاذ مثل هده الإجراءات لا يعد تنازلا عن التمسك باتفاق التحكيم أو متعارضا معه. أما بالنسبة لفرنسا فتحقق الشروط المتمثل في اتفاق الأطراف على الخضوع لأوامر الهيئة بشأن ما تتخذه من تدابير مؤقتة أو تحفظية مؤداه استئثار الهيئة بهده التدابير كاستئثارها بنظر الموضوع ،بشرط التمسك بالاتفاق أمام القضاء لمنعه من إتخاد هده التدابير، تماما كما هو الحال في طلب عدم قبول الدعوى المانع من نظر الموضوع[3]. وتنص المادة (26 ) من اتفاقية واشنطن على أن اتفاق الأطراف على التحكيم في إطار هده الاتفاقية يقتضي نزولهم عن أي طريق آخر إلا إدا اتفقوا على خلاف دلك و نجد أن المادة (47 ) تنص على أن لمحكمة التحكيم إدا اقتضت الظروف أن تتخذ كل الإجراءات التحفظية الكفيلة بالمحافظة على حقوق الأطراف إلا إدا حظر عليها الأطراف دلك[4]. كما أن لهيئة التحكيم أن تصدر أحكام جزئية ودلك قبل صدور الحكم المنهي للخصومة كلها[5]، حيث إدا كان النزاع متعلقا عن طلب تعويض عن أضرار لحقت البضاعة أثناء نقلها، ولم يكن مثار نزاع أو جدل إلا مقدار التعويض، فللمحكمة أن تحكم بناء على طلب المضرور بدفع مبلغ مؤقت لحين الفصل النهائي المتوقف على تقدير الخبراء المنتدبين كما أن للهيئة أن تحكم بوقف استمرار العمل في الموقع أو باستمراره لحين الفصل في موضوع النزاع ودلك حسبما تقدره من الظروف و الملابسات المحيطة بموضوع الخلاف. و يجمع بين هده الأحكام أنها جميعا تصدر في مرحلة سابقة على "إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها "، فهي قد تنهي بعض المسائل الفرعية أو جزءا من الخلافات المثارة، و لكنها لا تمثل "حكما منهيا للخصومة" و هو ما دهب إليه المشرع الجزائري في نص المادة (1049 ) القائلة بأنه "يجوز لمحكمة التحكيم إصدار أحكام إتفاق أطراف أو أحكام جزئية، ما لم يتفق الأطراف على خلاف دلك ." المطلب الثاني ميعاد إصدار الحكم و سلطة الهيئة في مده غير أنه يمكن تمديد هدا الأجل بموافقة الأطراف، " حيث و من خلال هده المادة يتضح أيضا أنه سريان الميعاد يبدأ من تاريخ تعيين المحكمين أو من تاريخ إخطار محكمة التحكيم، لكن يمكن أن تعترض أسباب تؤدي إلى وقف سريانه، كعزل المحكمين خلال هده الفترة حيث أشارت المادة أعلاه في آخر الفترة الثانية أنه لا يجوز عزل المحكمين إلا باتفاق جميع الأطراف و بالتالي نعود لموافقة الأطراف وما يرتأونه في عملية التمديد على حسب المعطيات المتوفرة لديهم .أما ادا لم يتم الموافقة على التمديد فإنه يتم وفقا لنظام التحكيم، وإن غاب دلك يتم من طرف رئيس المحكمة المختصة وهو ما جاءت به الفقرة الثانية من المادة (1018) .أما بالنسبة للمشرع الفرنسي فإنه وفقا لنص المادة (1456 )، يتعين على المحكمين ـ في حالة عدم إتفاق الأطراف على تحديد ميعاد معين ـ أن ينهوا علهم خلال ستة أشهر من تاريخ صدور آخر قبول للمهمة من المحكمين، ادا اختلفت تواريخ قبولهم. فالنص يجعل الأولوية في تحديد الميعاد لإرادة الأطراف، وهم يستطيعون دائما مد هدا الميعاد، صراحة أو ضمنا، مع مراعاة الشكل اللازم في حالة المد الصريح، اد تلزم الكتابة بصحة مد التحكيم، بينما لا تعدو الكتابة أن تكون شرط إثبات في حالة المشارطة. وقصر المشرع الفرنسي إمكانية المد على الأطراف فهو لم يخول المحكمين إمكانية إصدار قرار بمد الميعاد، كما أنه استلزم من المحكمين للاستمرار في مهمتهم للحصول على أمر من رئيس المحكمة[6] . في حين لم تتضمن واعد اليونسترال، أو القانون النموذجي الدي أخد عنه المشرع المصري، تحديدا لميعاد يتعين مراعاته لإصدار حكم التحكيم . و الأمر نفسه في نظام محكمة تحكيم لندن، و إتفاقية واشنطن الخاصة بمنازعات الاستثمار . أما الإتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية فقد نصت المادة (2/9 ) من ملحق التوفيق والتحكيم على وجوب صدور حكم التحكيم خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ أو ل انعقاد للهيئة، ويمكن للأمين العام لجامعة الدول العربية بناء على طلب مسبب من الهيئة أن يمد تلك المدة إدا رأى ضرورة لدلك لمرة واحدة و بما لا يجاوز ستة أشهر أخرى[7] . لكنإدالم يصدر حكم التحكيم في الميعاد فمادا سيترتب عن دلك ؟ بالنسبة للمشرع المصري فقد نصت الفقرة الثانية من المادة( 45)على أنه "إدا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفقرة السابقة ،جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة( 9 )من هدا القانون، أن يصدر أمرا بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم . ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلا بنظرها ". حيث ورد بخصوص التعديلات التي أدخلت على الفقرة الثانية من هده المادة أنه يكون لأي من الطرفين "عند تحديد ميعاد إضافي أو إنهاء إجراءات التحكيم أن يرفع دعواه أمام المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع " حيث أن طلب الميعاد الإضافي لا يثير صعوبة بين الأطراف باعتبارهم يملكون أصلا الإتفاق على المد حاجة لأمر.و بالتالي يمكن أن يصدر الأمر بميعاد إضافي أو بإنهاء الإجراءات حيث جاءت الفقرة الثانية من المادة (46) في ضوء هدا التفسير على أنها تسمح باستمرار مهمة المحكمين و عدم إنتهاء صفتهم، شريطة أن يحظى أمر رئيس المحكمة الصادر بتحديد ميعاد إضافي بقبول الطرفين أما بالنسبة للمشرع الفرنسي في هده النقطة فقد قصر إمكانية المد على الأطراف فهو لم يخول المحكمين إمكانية إصدار قرار بمد الميعاد[8] . و يفسر البعض موقف المشرع الفرنسي بأن المد يقع في دائرة الاختصاص الإستئثاري للأطراف ،و إدا كان المحكمون وكلاء وكالة مشتركة عن الأطراف فهي وكالة مقيدة بهدف محدد هو إصدار الحكم المنهي للنزاع خلال الميعاد المحدد[9]. المطلب الثالث إصدار الحكم المنهي للخصومة والشروط الواجب توافرها الفرع الاول: اصدار الحكم المنهي للخصومة يكون إصدار الحكم بعد المداولات التي تقوم بها هيئة التحكيم حيث ينص المشرع الجزائري على سريتها في المادة (1025) حيث يقدم الأطراف قبلها دفاعهم ومستنداتهم التي حدد المشرع تاريخ تقديمها كما جاء في نص المادة (1025) التي مفادها انه "يجب على كل طرف تقديم دفاعه و مستنداته قبل انقضاء أجل التحكيم بخمسة عشر (15 ) يوما على الأقل، و إلا فصل المحكم بناء على ما قدم إليه خلال هدا الأجل ."لكن صدور هده الأحكام يكون إنطلاقا من حكم الأغلبية كما جاء في المادة (1026 ) أي أغلبية الأصوات أو الآراء بعد المداولة . كذلك المشرع الفرنسي حدد تاريخ بدء المداولة عن طريق المحكم في نص المادة (1468) من قانون المرافعات، و الدي لا يجوز بعده تقديم أي طلبات أو وسائل دفاع أو إبداء أي ملاحظات أو تقديم أي مستندات إلا إدا طلب الحكم دلك . كما نصت المادة (1469) على أن "تكون مداولات المحكمين سرية".ودلك على عكس موقف المشرع المصري الدي لم يورد نصا في هدا الخصوص سواء لتحديد بدء المداولة أو تقرير سريتها. ويجب إعلان الأطراف بقرار وضع القضية في مرحلة التداول و الدي يمكن تحقيقه بإثباته في محضر الجلسة بمواجهة الأطراف جميعا .ولا يعيب حكم التحكيم صدوره دون سبق صدور قرار بتحديد تاريخ المداولة ،و لكن يظل الباب مفتوحا أمام الأطراف، لتقديم ـو تعديل طلباتهم حتى يوم صدور الحكم[10] . والقول بحلول الرئيس أو ترجيح رأيه لا يمكن تبنيه في ظل القانون لفرنسي الدي يستلزم الأغلبية، ويصطبغ بالصيغة الآمرة على عكس النص المصري الدي يستلزم الأغلبية " ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير دلك". أما فيما يخص قواعد المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار الدي أنشىء ـ كما سبق الإشارة ـ باتفاقية واشنطن 1965 ( و السارية من أكتوبر 1966 ) فإن حكم التحكيم يصدر بأغلبية آراء أعضاء محكمة التحكيم وفقا لنص المادة (48 ) .و لكن لا يجب أن يكون المحكمون المكونون للأغلبية منتمين إلى الدولة الطرف في النزاع أو لدولة الرعية الدي يقف طرفا ثانيا، إلا إدا كان المحكم واحدا عينه الأطراف أو قام كل طرف بتعيين محكم على أن يتولى المحكمان اختيار الثالث وفي حالة الفشل يتم تعيين الثالث بواسطة رئيس مجلس إدارة المركز بناء على طلب من أي من الأطراف . ولم تتضمن قواعد المركز أي نصوص تواجه حالة عدم توافر الأغلبية، ولكن وفقا لنص المادة (44) من الإتفاقية تتصدى المحكمة ( محكمة التحكيم ) حسم المسائل التي تتعلق بالإجراءات و التي لم تواجهها الإتفاقية أو القواعد المنظمة للتحكيم[11]. ولم تواجه مشكلة عدم توافر الأغلبية بحل صريح إلا قواعد غرفة التجارة الدولية، و قواعد محكمة تحكيم لندن. فوفقا لنص المادة (25 ) من قواعد الغرفة يصدر الحكم بالأغلبية، فإدا لم تتحقق أصدر رئيس المحكمة الحكم بمفرده. ويجب قبل توقيع الحكم سواء صدر من الأغلبية أو من الرئيس، أن يعرض مشروع الحكم على المحكمة الدولية للتحكيم بالغرفة و التي تملك إدخال تعديلات شكلية مع إمكان لفت نظر المحكم لبعض المسائل الموضوعية، ولا يمكن صدور الحكم إلا بعد إقراره شكلا من المحكمة[12]. الفرع الثاني:الشروط الواجب توافرها في حكم التحكيم إن مهمة المحكمين او المحكم الفرد هو اصدار حكم فاصلا في موضوع النزاع، وقد يكون هذا الحكم وفقا لقانون ارادة الاطراف او لأحدى عيئات التحكيم او للقانون محل التطبيق وعلى ذلك سوف نتطرق الى مميزات- شروطه- هذا الحكم وفقا ما يلي: اولا: من الناحية الموضوعية يهدف أطراف اتفاق التحكيم إلى حسم ما نشب بينهم أو ما قد ينشب من منازعات و دلك عن طريق المحكمين الدين لجأوا إليهم بدلا من الإلتجاء للقضاء، ولدا لزم أن يصدر حكم المحكمين فاصلا في موضوع النزاع على نحو حاسم . فيستمد المحكمون سلطتهم من اتفاق الأطراف حيث هم الدين يحددون مهمة المحكم و نطاق سلطاته فهو قاضي النزاع وفق ما حدده الأطراف وهو ما أشارت إليه المادة (1040) في فقرتها الثانية "تكون اتفاقية التحكيم صحيحة من حيث الموضوع، إدا استجابت للشروط التي يضعها إما القانون الدي اتفق الأطراف على اختياره أو القانون المنظم لموضوع النزاع أو القانون الدي يراه المحكم ملائما ." وبالتالي المحكم لا يتجاوز ما حدد له فيفصل في المواضيع التي حددها الأطراف موضوع الخلاف ولا يتعدى إلى خلافات أخرى لم تأتي في الإتفاق ادن فيجب أن يصدر المحكمون حكمهم وفقا لقواعد القانون الدي اختاره الأطراف، سواء بالنسبة للإجراءات أو للموضوع ويعد سببا لبطلان الحكم، تجاهل المحكمين لإرادة الأطراف و الحكم وفقا لقانون آخر .ثانيا: من الناحية الشكلية يجب وفقا لنص المادة (1029) أن "توقع أحكام التحكيم من قبل جميع المحكمين وفي حالة إمتناع الأقلية عن التوقيع يشير بقية المحكمين إلى دلك، ويرتب الحكم أثره باعتباره موقعا من جميع المحكمين."كما أنه يجب أن يتضمن حكم التحكيم البيانات و الإيضاحات التالية : 1ـ يلزم أن يضمن المحكمون حكمهم عرضا موجزا لإدعاءات الأطراف و أوجه دفاعهم (المادة 1027 ). 2ـ يلزم أن يكون الحكم مسببا وفقا للفقرة الثانية من المادة (1027 )، و لا يعني استلزام التسبيب إلزام المحكمين بتعقب كل ما أبداه الأطراف أو قدموه من أسانيد أو حجج بل يكفي بيان الأسباب التي تقتضيها طبيعة النزاع و التي يتوفر فيها الحد اللازم لتبرير النتيجة التي انتهى إليها الحكم . 3ـ يجب أن يتضمن الحكم إسم ولقب المحكم أو المحكمين ودلك لمراقبة تطابق هده الأسماء مع الأسماء التي تضمنها اتفاق التحكيم . 4ـ يلزم أن يتضمن الحكم بيان تاريخ و مكان إصداره وتبدو أهمية بيان التاريخ في إثبات صدوره خلال سريان إتفاق التحكيم . 5ـ تضمن أسماء وألقاب الأطراف و موطن كل منهم و تسمية الأشخاص المعنوية و مقرها الاجتماعي، إضافة إلى أسماء و ألقاب المحامين أو من مثل أو ساعد الأطراف، عند الإقتضاء و كل هدا جاء في نص المادة (1028 ). وتجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي يأتي مشابها للجزائري ؛ أما بالنسبة لقواعد المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار فكما سبق الإشارة إلى كيفية صدور الحكم و رأينا ضرورة صدوره بالأغلبية، تجدر الإشارة إلى أن الأمر يتعلق بالحكم المنهي للخصومة و أيضا بأي قرارات قد تتخدها المحكمة . ووفقا لنص المادة (48 ) يجب أن يكون الحكم مكتوبا، متضمنا ما يلي : 1ـ الرد على كل الطلبات الختامية الأساسية التي تم طرحها على المحكمة . وإذا أغلقت إحداها، فيمكن أن تتصدى له بناءا على طلب لأحد الأطراف خلال خمسة و أربعين يوما من تاريخ الحكم . 2ـ يجب أن يكون الحكم مسببا، ولا يجوز للأطراف ـ أي الدولة أو رعية دولة أخرى موقعة ـ الإتفاق على إعفاء المحكمة من التسبيب، فمجرد تقديم طلب التحكيم يعني قبول القواعد المنظمة لخصومة التحكيم التي يضعها المركز، وهدا ما يجب أن يتضمنه الطلب وفقا لنص المادة (36 ). 3ـ يجب أن يوقع المحكمون على الحكم، ويقتصر الالتزام بالتوقيع على المحكمين المؤيدين لصدوره، ويلزم أن يكونوا الأغلبية كما سبق أن أشرنا . ولا يلزم أن يتضمن الحكم بيان أسماء غير الموقعين أو أسباب الإمتناع عن التوقيع . ولكن يجوز للمحكم أن يرفق بالحكم رأيه الخاص، سواء كان مؤيدا أو معارضا أو أن يطلب إثبات معارضته. بعد صدور الحكم المنهي للخصومة و استيفائه لشروط صحته فإنه يتم إيداع أصل الحكم في أمانة ضبط المحكمة من الطرف الدي يهمه التعجيل كما يتحمل الأطراف نفقات إيداع العرائض و الوثائق و أصل حكم التحكيم وهو ما نصت عليه المادة (1035) من القانون الجزائري و أضافت المادة (1036) على أنه" يسلم رئيس أمناء الضبط نسخة رسمية ممهورة بالصيغة التنفيذية من حكم التحكيم لمن يطلبها من الأطراف." كما أن بصدور هدا الحكم آثار على مهمة هيئة التحكيم حيث بانتهاء النزاع و الفصل فيه تنتهي مهمة المحكم حسب ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (1030)، و لكن رغم ارتباط بقاء صفة الهيئة بصدور الحكم المنهي للخصومة كلها ،فإن المشرع أبقى لها صفة محدودة لمواجهة حالات محددة تضمنتها نفس المادة المذكورة في الفقرة الثانية حيث قالت : "غير أنهيمكن للمكم تفسير الحكم ،أو تصحيح الأخطاء المادية و الإغفالات التي تشوبه، طبقا للأحكام الواردة في هدا القانون." [1] د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 100. [2]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 103. [3]د. هاني سري الدين، المرجع السابق، ص 94. [4]د. هاني سري الدين، نفس المرجه السابق، ص 96. [5]تنص المادة (42 ) من القانون المصري أنه "يجوز أن تصدر هيئة التحكيم أحكاما وقتية أو في جزء من الطلبات و دلك قبل إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها " [6]و بهد الإمكانية التي أتيحت للمحكمين لم يعد متاحا لهم التذرع بضيق الوقت المحدد في المشارطة لتبرير عدم الفصل أو التأخر في الفصل في النزاعـ استئناف باريس ـ 21/01/1988ـ مجلة التحكيم ـ 1988 ـ 306 [7]د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 102. [8]د. محسن شفيق، المرجع السابق، ص 105. [9]د. عبد الباقي الصغير، المرجع السابق، ص 111. [10]د. أحمد ابو الوفاء، المرجع السابق، ص 105. [11]د. محمد شكري سرور، المرجع السابق، ص 42. [12]د .معوض عبد التواب، المرجع السابق، ص 52. |
|||
2011-06-15, 18:34 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
الفصل الثالث بطلان حكم التحكيم المبحـث الأول بطلان حكم التحكيم المطلـب الأول عدم جواز الطعن في حكم التحكيم - أما المشرع المصري فيختلف تماما في هذه النقطة عن المشرع الجزائري، إذ في نص مادته 52/1 ([2]) يؤكد على عدم إمكانية الطعن في أحكام التحكيم بأي طريقة من الطرق فأقام عليها نوعا من الحصانة، مما جعلها تسمو حتى على أحكام القضاء التي تخضـع للاستئنـاف. و هذه الحصانة تتمتع بها كل أحكام التحكيم التي تصدر وفقا لأحكام قانون التحكيم أي أحكام التحكيم الذي يجري في مصر سواء كان تحكيما وطنيا أو دوليا، أو أحكام التحكيم الذي يجري في الخارج، واتفق أطرافه على إخضاعه للقانون المصري[3]. إلا أن المادة 511[4] كانت تسمح بالطعن في حكم التحكيم عن طريق - التماس إعادة النظر - وذلك وفقا لأحكام المادة 241، باستثناء الحالة التي تتعلق بحكم يقضي بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه. إذ يعتبر هذا سببا من أسباب بطلان حكم التحكيم أما بقية الحالات فيسمح فيها الطعن بالتماس إعادة النظر[5]. و وفقا لنص المادة 52/1 من القانون الجديد[6] لم يعد ممكنا رغم توفر حالة من هذه الحالات الطعن في الحكم، الذي لم يعد متاحا إلا طلب بطلانه لأسباب سنراها فيما بعد. وأخيرا نطرح السؤال التالي: هل كان المشرع المصري موفقا في إلغاء طريق الطعن بالتماس إعادة النظر؟ المطلب الثاني الطعن في حكم التحكيم وفقا للقانون الجزائري فالاستئناف يؤدي إلى إعادة طرح النزاع من جديد، كما يسمح بتصحيح الحكم سواء من ناحية الشكل أو الموضوع فهو نظر للموضوع من جديد أي دراسته دراسة دقيقة والوقوف عند الأسباب والمستندات التي أدت إلى بطلان الحكم. و عليه فأحكام التحكيم الداخلية قابلة للطعن بالاستئناف أو الطعن بالنقض. - أما بالنسبة لأحكام التحكيم الدولي فلا تسرى على أحكامها طرق الطعن التي رأيناها في التحكيم الداخلي، ولذلك فأحكام التحكيم الدولية الصادرة في الجزائر يكون متاحا فيها طلب طعن بالبطلان حسب نص المادة 1058 " يمكن أن يكون حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر موضوع طعن بالبطلان " في حالات. أما الأحكام الصادرة في الخارج فلا تخضع للاستئناف أو طلب البطلان، ونجد ذلك في المادة 1058 " لا يقبل الأمر الذي يقضي بتنفيذ حكم التحكيم الدولي أي طعن وإنما يمكن استئناف القرار الصادر بالاعتراف وتنفيذ الحكم طبقا لنص المادة 1055 يكون أمر القاضي برفض الاعتراف ..... قابلا للاستئناف " وذلك في حالات منصوص عليها في المادة 1056 وتشمل ما يلي: ([8]) 1- إذا فصلت محكمة التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مدة الاتفاقية. 2- إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون. 3- إذا فصلت محكمة التحكيم بما يخالف المهمة المسندة إليها. 4- إذا لم يراع مبدأ الوجاهية. 5- إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها، أو إذا وجد تناقض في الأسباب. 6- إذا كان حكم التحكيم مخالفا للنظام العام الدولي. و يمكن أن تكون هذه الحالات موضوع طلب بطلان الحكم الدولي الصادر في الجزائر. نلاحظ أن المشرع اختلف في طريقة التعامل مع أحكام التحكيم الدولي الصادر في الجزائر والصادر في الخارج، فكيف نعلل هذا الاختلاف، ربما يرجع إلى أن حكم التحكيم الصادر في الجزائر يمكن أن يندمج ويصبح جزاءا من النظام القانوني الجزائري، مما يحتم السماح بطلب بطلانه، أما الصادر في الخارج فيكفي منع الاعتراف به وتنفيذه. نستنتج من خلال ما سبق أن المشرع الجزائري كان موفقا في تحديد طرق الطعن الخاص بالتحكيم الدولي، لأن طبيعة اتفاق التحكيم تقتضي السرعة وعدم الإطالة في حل النزاع للخروج بحكم يرضي جميع الأطراف. المطلـب الثالـث الطعن في حكم التحكيم وفقا للقانون الفرنسي يستنتج من هذا أن المشرع الفرنسي سمح بإمكانية الطعن بالاستئناف أو الطعن بالبطلان، أما إذا تم التنازل عن حق الاستئناف أو كان التحكيم تحكيما مع التفويض دون أن يقترن بالتمسك بإمكانية الاستئناف[11]، ففي هذه الحالات لا تبقى سوى إمكانية الطعن بالبطلان أو التماس إعادة النظر([12]). هذا فيما يخص أحكام التحكيم الداخلي أما بالنسبة لأحكام التحكيم الدولي فتختلف عنها، بحيث لا يجوز استئناف أحكام التحكيم الصادرة في الخارج أو الصادرة في منازعات دولية، ويكون متاحا فحسب طلب البطلان بالنسبة لأحكام التحكيم الدولية الصادرة في فرنسا، أما الأحكام الصادرة في الخارج فلا تخضع للاستئناف أو طلب البطلان، وإنما يمكن استئناف القرار الصادر بالاعتراف وتنفيذ الحكم، فموقف القاضي الفرنسي يتحدد بالحكم بعدم الاعتراض أي عدم الاعتراف بالحكم أو تنفيذه في فرنسا[13]. يتضح من مجمل ما سبق أن نهج المشرع الفرنسي ونهج المشرع الجزائري تبنيا نصوصا قانونية متشابهة مما جعلهما متطابقان تقريبا. المبحـث الثانـي إمكانية رفع دعوى بطلان حكم التحكيم ولكن لم يوجد نص صريح في أحكام التحكيم الداخلي يشمل الحالات التي على أساسها ترفع دعوى البطلان، لهذا فإننا استخرجنا الأسباب من أحكام التحكيم العامة الواردة في نصوص المـواد القانونيـة: المطلـب الأول الأسباب التي يجب توافرها لرفع دعوى البطلان 1- عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه أو انقضاء مدته: كما نعلم أنه لكي يكون اتفاق التحكيم صحيحا يجب توفر شرط التراضي بمعنى قبول الطرفين اللجوء عند النزاع إلى التحكيم، كما يستلزم المشرع الجزائري الكتابة لوجود و صحة شرط التحكيم، وكذلك " يجب أن يتضمن اتفاق التحكيم، تحت طائلة البطلان موضوع النزاع وأسماء المحكمين وبيان طريقة تعيينهم " وفقا لنص المادة 1012. أما بالنسبة للانقضاء فشرط التحكيم ينقضي بانقضاء المدة المحددة للعقد، وتتمثل سلطة المحكمة في التحقق من وجود أو بطلان أو انقضاء اتفاق التحكيم، أما إذا لم يحدد أجل لإنهائه فيعد اتفاق التحكيم صحيحا ومن تم يلزم المحكمون بإتمام مهمتهم في ظرف أربعة أشهر نص المادة 1018. 2- وجود مخالفة للقانون في تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد: ويتعلق الأمر بالخروج على النصوص المنظمة لتشكيل المحكمة أو تعيين المحكمين، فأمر تعيين المحكمين متروك لاتفاق الأطراف، أما إذا اعترضت صعوبة في تشكيل محكمة التحكيم بفعل أحد الأطراف أو بمناسبة تنفيذ إجراءات تعيين المحكمين فيتم تعيينهم من قبل رئيس المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها محل إبرام العقد وفقا لنص المادة 1009، بالإضافة إلى استلزام وترية العدد المادة 1017، اكتمال أهلية المحكمة " لا تسند المهمة لشخص طبيعـي، إلا إذا كـان متمتعا بحقوقـه المدنية نص المـادة 1014 و إعلان المحكمين عن قبولهم بالمهمة المسندة إليهم. بالإضافة إلى التزام هيئة التحكيم بعدم قبول طلب رد المحكم إلا في حالات نصت عليها المادة 1016 مثلا وجود سبب رد منصوص عليه في نظام التحكيم الموافق عليه من قبـل الأطـراف. فإذا علم جميع الأطراف بوجود مخالفة في شروط تشكيل محكمة التحكيم ولم يقدم أي طرف اعتراضه في الوقت المحدد والتزموا الصمت، فصل المحكم بناء على ما قدم إليه حسب نص المادة 1022 ولم يعد سبب الرفع دعوى البطلان. 3- إذا فصلت محكمة التحكيم بما يخالف المهمة المسندة إليها: يعني هذا أنه يجب على محكمة التحكيم الفصل في النزاع في حدود المهمة المسندة إليها، أي الفصل في المسائل التي يشملها اتفاق التحكيم، وعلى هذا الأساس المشرع الجزائري توسع بقدر كبير في هذا السبب، حيث عالج كل المسائل الخاصة بمخالفة المبادئ الموجهة للدعوى واحترام حقوق الدفاع فألزم المحكمة الفصل في إطار الاختصاص الخاص بها مع وجوب إثارة الدفع بعدم الاختصاص قبل أي دفاع في الموضوع، وأن يكون الفصل بحكم أولي إلا إذا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبطا بموضوع النزاع أحكام المادة 1044، بالإضافة إلى نص المادة 1050 الذي يلزم محكمة التحكيم بأن تفصل وفقا لقواعد القانون الذي اختاره الأطراف أو حسب قواعد القانون والأعراف. وبالتالي فهي لا تملك من نظرها خارج حدود موضوع النزاع، وضمانا لتحديد اختصاص محكمة التحكيم نصت المادة 1027 على ضرورة تحديد موضوع الخلاف وظروفه مع أدق تفاصيله، فإن ثبت أن محكمة التحكيم فصلت فيما لم يكن مطروحا عليها أو تجاوزت حدود اتفاق التحكيم، يحق للطرف صاحب المصلحة رفع دعوى البطلان تأسيسا على تجاوز محكمة التحكيم لحدودها. 4- إذا لم يراع مبدأ الوجاهية: وهذا المبدأ يتصل باحترام حقوق الدفاع ويلزم المحكم بألا يعتد في حكمه بأي دفاع أو مستندات قدمت في الدعوى من قبل الأطراف إلا إذا أتيحت الفرصة لهؤلاء الأطراف للتفاوض بشأنها وجها لوجه، فالإخلال بالمساواة وتهيئة الفرص المتكافئة للأطراف لإبداء دفاعهم وعرض وجهة نظرهم يعد سببا يبرر طلب بطلان حكم التحكيم. 5- إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها: بما أن نص المادة 1027 "يستلزم أن تكون أحكام التحكيم مسببة"، فيلاحظ من نص المادة أن عدم تسبيب محكمة التحكيم حكمها، يمكن أن يكون سببا لدعوى البطلان فـي القانـون الجزائـري. 6- إذا كان حكم التحكيم مخالفا للنظام العام الجزائري: تكون مسألة مخالفة حكم التحكيم للنظام العام سندا لرفع دعوى البطلان إذا خرج المحكم عن قاعدة تتعلق بالنظام العام الجزائري، أي صدور الحكم متضمنا ما يخالف النظام العام الجزائري، فهو يمثل الأسس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يرتكز عليها كيان الدولة بالإضافة إلى الآداب العامة، ولكن المقصود من هذا أن يتضمن الحكم فعلا ما يخالف النظام العام الجزائري، مثلا إبرام الورثة اتفاقا بشأن تركة مستقبلية إبان حياة مورثهم وتضمن الاتفاق شرط تحكيم، وثار نزاع بين الورثة وعرض الأمر على محكمة التحكيم فأقرت الاتفاق وأصدرت حكمها بتسوية النزاع، فإن الحكم يكون باطلا لمخالفته للنظام العام الجزائري، أما إذا أصدرت المحكمة حكمها ببطلان الاتفاق فإن الحكم يكون صحيحا. 7- عدم تضمين الحكم أسماء المحكمين وتوقيعاتهم: لقد اهتم المشرع الجزائري بضرورة تضمين حكم التحكيم البيانات التالية: أسماء المحكمين، تاريخ ومكان صدور الحكم، أسماء وألقاب الأطراف، بالإضافة إلى توقيع الحكم من قبل جميع المحكمين، وفي حالة امتناع الأقلية عن التوقيع يشار إلى ذلك، وفقا لنصوص المواد 1028، 1029، فإن لم يتضمن حكم التحكيم البيانات التي سبق ذكرها اعتبر هذا سببا ودافعا قويا لرفع دعوى بطلان حكم التحكيم. هذه الأسباب تتعلق بالتحكيم الداخلي، أما أحكام التحكيم الدولية فيجوز فيها كما رأينا مسبقا طلب طعن بالبطلان واستئناف القرار، وفي الحالتين يجب توفر أسباب والتي على أساسها يمكن رفع الدعوى، وهذا ما حدده نص المادة 1056 ويشمل الحالات التالية: أسباب بطلان أحكام التحكيم الدولية الصادرة في الجزائر: 1- فصل محكمة التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مدة الاتفاقية: يسري في هذا الخصوص - بصفة عامة - ما ذكر في التحكيم الداخلي كما سبق الإشارة إليه، مع مراعاة أن التحكيم الدولي الصادر في الجزائر هو الآخر يستلزم الكتابة أو أي وسيلة اتصال أخرى تجيز الإثبات بالكتابة، هذا من حيث الشكل، أما من ناحية الموضوع ولكي يكون اتفاق التحكيم صحيحا يجب أن يتضمن الشروط التي يضعها إما القانون الذي اختاره الأطراف أو القانون الذي يراه المحكم ملائما، أو المنظم لموضوع النزاع نـص المـادة 1040، كما لا يمكن الاحتجاج بعدم صحة اتفاق التحكيم بسبب عدم صحة العقـد الأصلي. 2- إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون: بطبيعة الحال مسؤولية تعيين المحكمين ترجع إلى اتفاق الأطراف، فنص المادة 1041 يمكن الأطراف من تعيين المحكم أو المحكمين سواء مباشرة أو بالرجوع إلى نظام التحكيم، وتحديد شروط تعيينهم وعزلهم، وفي حالة صعوبة تعيين المحكمين أو عزلهم فيجوز للطرف الذي يهمه التعجيل رفع الأمر إلى رئيس المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها التحكيم، إذا كان هذا التحكيم يجري في الجزائر. 3- فصل محكمة التحكيم فيما يخالف المهمة المسندة إليها: تستدعي هذه الحالة كما نعلم ضرورة الفصل في إطار المهمة المسندة لمحكمة التحكيم، دون تجاوز في حدود المهمـة، وهذا ما نصت عليه المواد 1044، 1046 1047، 1050، فمحكمة التحكيم ملزمة بأن تفصل في إطار اختصاصها، وتتولى كذلك البحث عن الأدلة وإذا اقتضت الضرورة مساعدة السلطة القضائية في تقديم الأدلة جاز لمحكمة التحكيم أو للأطراف بالاتفاق مع المحكمة بعد الترخيص له من طرف محكمة التحكيم، أن يطلبوا عريضة تدخل القاضي المختص، ويطبق في هذا الخصوص قانون بلد القاضي، ويكون الفصل عملا بقواعد القانون الذي اختاره الأطراف. 4- إذا لم يراع مبدأ الوجاهية: هذا المبدأ يتصل كما سبق ذكره باحترام حقوق الدفاع، لهذا كان من الضروري أيضا أن يستند إليه المشرع في إمكانية رفع دعوى بطلان حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر، وهذا ما نجده في نص المادة بحيث إذا لم يتمكن أحد الأطراف من الحضور للمناقشة أمكنه ذلك تقديم طعن ببطلان الحكم. 5- إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها، أو إذا وجد تناقض في الأسباب: المشرع الجزائري أكد على ضرورة تسبيب أحكام التحكيم الدولي الصادر في الجزائر من خلال حصره لهذه الحالة في نص المادة 1056، فإذا لم تكن الأحكام مسببة تعرض الحكم الصادر إلى إمكانية طلب بطلانه، وكذلك عدم وجود تناقض في الأسباب التي أدت إلى قيام النزاع. 6- إذا كان حكم التحكيم مخالفا للنظام العام الدولي: المشرع اعتبر هذه الحالة سببا لطلب بطلان حكم التحكيم، لأن المادة 1051 تعرضت في نصها على أن الاعتراف بأحكام التحكيم الدولي الصادر في الجزائر، يتم إذا أثبت التمسك بوجودها، بشرط أن يكون هذا الاعتراف غير مخالف للنظام العـام الدولي و تعتبر قابلة للتنفيذ في الجزائر و بنفس الشروط. كما هو واضح من كل ما سبق أن حالات التحكيم الداخلي و حالات التحكيم الدولي الصادر في الجزائر متطابقة. المطلـب الثانـي أسباب بطلان أحكام التحكيم في ظل القانون الفرنسي 1- عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه أو انقضاؤه: يسري في هذا الخصوص بصفة عامة ما ذكرناه في القانون الجزائري، كما يجب الإشارة إلى أن القانون الفرنسي يستلزم هو الآخر الكتابة لوجود وصحة شرط التحكيم مع جزاء البطلان، أما بالنسبة للمشارطة فالكتابة شرط إثبات، وكذلك يستلزم تسمية المحكمين وبيان طريقة تعيينهم. وإذا تعلق الأمر بشرط التحكيم، فيقتصر جوازه على المسائل التجارية، أما التحقق من وجود أو بطلان أو انقضاء اتفاق التحكيم فيكون من اختصاص المحكمة وقد يقتضي ذلك مراجعة الحكم للتحقق من وجود اختصاص للمحكم، وحدود هذا الاختصاص ولذلك يذهب البعض إلى جواز امتداد سلطة القاضي لفحص الواقع والقانون حتى يتمكن من تحديد وجود سند لاختصاص المحكم، وفقا لأحكام أصدرها القضاء الفرنسي في مجال التحكيم التجاري الدولي وهي تسري كذلك على التحكيم الداخلي، لأن النصوص التي تعالج بطلان الحكم متطابقة[16]. 2- وجود مخالفة للقواعد الخاصة بتعيين المحكم أو تشكيل محكمة التحكيم: و يتعلق الأمر بالخروج على النصوص المنظمة لتشكيل المحكمة أو تعيين المحكمين و لكن حسب نص المادة 432/2 من قانون المرافعات يجب إثارة الدفع بمخالفة قواعد تشكيل المحكمة مع بدء المرافعة وإلا اعتبر الصمت نزولا ومظهرا للعيب([17]) الذي لم يتم التمسك به باستثناء حالة تعلق الأمر بقاعدة آمرة تمس النظام العام، كاستلزام وترية العدد، و رغم أن هذه القاعدة تتعلق بحماية مصالح الأطراف، إلا أن البعض يرى ضرورة التمسك بالبطلان ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، والبطلان المترتب على مخالفتها بطلان نسبي.([18]) 3- إصدار المحكم للحكم دون التزام بحدود مهمته: وهي فصل المحكم كما رأينا في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم، إلا أن المشرع الفرنسي حسب نص المادة 1484 جاء بصياغة فضفاضة إلى حد أن الفقه عالج تحت هذا السبب المسائل الخاصة بمخالفة المبادئ الموجهة للدعوى واحترام حقوق الدفاع[19]، أو قيام المحكمين بالفصل وفقا لقواعد العدالة والإنصاف دون وجود تفويض من الأطراف([20]) بالإضافة إلى قيام المحكمين بالفصل فيما لم يطلب منهم حتى لو كان متصلا بموضوع النزاع، وهذا لا علاج له بواسطة المحكم سوى رفع دعوى البطلان[21]. 4- عدم احترام مبدأ المواجهة: وهذا المبدأ يتصل باحترام حقوق الدفاع، والذي أوردته المادة 53/ج و ز من القانون المصري، و الذي كرسته المادة 16 مرافعات فرنسي والتي تلزم القاضي بألا يعتد في قضائه بأي دفاع أو إيضاحات أو مستندات قدمت في الدعوى من الأطراف، إلا إذا أتيحت الفرصة لهؤلاء الأطراف للتناضل بشأنها وجها لوجه. 5- عدم تسبيب الحكم: تنص المادة 1484/5 على إمكانية رفع دعوى البطلان في كل الحالات المنصوص عليها في المادة 1480، و أول هذه الحالات، حالة مخالفة المادة 1471/2 و التي تستلزم تسبيب حكم التحكيم، ويسرى الالتزام بالتسبيب حتى على التحكيم مع التفويض([22]) ويلزم عدم تناقض الأسباب وإلا أمكن الطعن بالبطلان.([23]) 6- عدم تضمين الحكم بيانا بأسماء المحكمين أو بيان تاريخ الحكم: و يربط البعض اهتمام المشرع الفرنسي بذكر أسماء المحكمين بشرط أن يكونوا من الأشخاص الطبيعيين([24]) وبشرط استمرار مباشرتهم لسير عملية التحكيم وتوقيعهـم علـى الحكـم. أما بيان التاريخ فمرجعه إلى تحديد ما إذا كان قد صدر أثناء سريان ميعاد التحكيم من عدمه، إذ بفوات الميعاد ينتفي سند المحكم وصفته في إصدار الحكم. 7- عدم توقيع جميع المحكمين، أو عدم ذكر رفض الأقلية: المشرع الفرنسي لم يستلزم سوى ذكر واقعة رفض الأقلية دون استلزام بيـان أسبـاب الرفـض. 8- الإخلال بقاعدة تتعلق بالنظام العام: و ينصرف هذا السبب إلى خروج المحكم على قاعدة تتعلق بالنظام العام، فلا تنصرف هذه الحالة إلى عدم قابلية النزاع للتسوية عن طريق التحكيم لأن هذا يعد سببـا لبطـلان الاتفـاق. ([1]) المواد 1032، 1055، 1056 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية. ([2])فقرة المادة 52/1 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه:" لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن ". [3] د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، 123. ([4]) المواد 511 – 241 من قانون المرافعات المصري. [5] د. أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص 152. ([6]) المادة 52/1 من القانون الجديد[6] ([7])المواد 1033 – 1034 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية. ([8])المادة 1056 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجزائري. ([9]) تنص المادة 1481 على جواز الطعن بالاستئناف. ([10]) المادة 1482 من قانون المرافعات الفرنسي. - د. محسن شفيق، المرجع السابق، ص 103[11] ([12]) المادة 1491 خاصة بالنظر بالالتماس. د. أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص 123.[13] د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 125.[14] ([15]) المواد 1482، 1484 من قانون المرافعات الفرنسي. د. هاني سري الدين، المرجع السابق، ص 126.[16] ([17]) استئناف لسنة 17/11/1986. ([18]) روبرت – جين – ص 211. د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 148.[19] ([20]) روبرت – جين – ص 211. د. نحند شكري سرور، المرجع السابق، ص 163.[21] ([22]) استئناف باريس 05/02/1967. ([23]) استئناف باريس 13/11/1980. ([24]) روبرت جين، ص 215، ولكن الخطأ المادي في أسماء الأطراف لا يعد سببا للبطلان. |
|||
2011-06-15, 18:35 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
المطلـب الثالـث أسباب بطلان أحكام التحكيم في ظل القانون المصري: 1- عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه أو قابليته للإبطال أو سقوطه بانتهاء مدته: رأينا عند دراسة اتفاق التحكيم أنه يخضع للقواعد العامة، فيلزم توافر التراضي الصحيح الذي يبنى عن إيجاب وقبول الالتجاء الاختياري للتحكيم، ويلزم أن ينصب الاتفاق شرطا أو مشارطة على موضوع قابل للتسوية بطريق التحكيم، كما يلزم تحديد موضوع النزاع إذا تعلق الأمر بمشارطة التحكيم وإلا اعتبرت باطلة. و فضلا عن الشروط الموضوعية يجب أن يكون الاتفاق مكتوبا([1])، فإذا لم يتوفر أحد الأركان السابقة موضوعية أو شكلية فإن الاتفاق يكون باطلا، أما إذا تعلق الأمر ببطلان نسبي([2])، فإن الاتفاق يكون قابلا للإبطال. أما حالة عدم وجود اتفاق تحكيم([3])، فإنه لم ينشأ أصلا أي اتفاق على التحكيم. بعكس وجود اتفاق اختل ركن يؤدي إلى بطلانـه أو قابليته للإبطال، ولكن إذا نشأ الاتفاق صحيحا فهو يرتب آثاره القانونية طالما ظل الاتفاق قائما، وهنا تجدر التفرقة بين شرط التحكيم و مشارطة التحكيم. فشرط التحكيم يظل قائما منتجا لآثاره طالما ظل العقد الأصلي قائما، أما مشارطة التحكيم فهي مقترنة بمدة معينة لصلاحيتها، فإذا انقضت سقط الحق في التمسك بوجودها.([4]) و إذا تحقق بطلان اتفاق التحكيم أو سقوطه، فإن الحكم الذي يصدر لا يمكن اعتباره صحيحا حتى لو اقترن بتسوية تم الاتفاق عليها بين الأطراف استنادا إلى هذا الحكم الباطل الذي تضمن هذه التسوية. 2- تعذر إبداء دفاع الخصوم: المشرع المصري تعرض في نص الفقرة ج([5]) إلى هذه الحالة واعتبرها سببا من أسباب بطلان حكم التحكيم، لأن تعذر تقديم أحد الأطراف لدفاعه يمثل الإخلال بالمبادئ الأساسية الموجهة لسير الدعاوي، فالإخلال بالمساواة وتهيئة الفرص المتكافئة للأطراف لإبداء دفاعهم وعرض وجهة نظرهم يعد سببا يبرر طلب بطلان حكم التحكيم. ولذلك نجد مبررا القول بإمكانية الاستناد إلى هذا السبب إذا تعذر على أحد الأطراف تقديم الدليل على تزوير الأوراق، ففي هذه الحالة كان متعذرا على الخصم تقديم أوجه دفاعه التي قدمت لتغير وجه الحكم في خصومه التحكيم[6]، ولكن يجب أن يتوفر ذلك لطالب البطلان قبل انقضاء ميعاد رفع دعوى البطلان، فلا يمكنه الاحتجاج ببدء سريان الميعاد من تاريخ علمه بهذه الوقائع، و القاضي مخول بإصدار الحكم الذي يقضي ببطلان الحكم لثبوت تعذر تقديم دفاع لم يتيسر للخصم الحصول عليه إلا بعد صدور الحكم و قبل انقضاء ميعاد دعوى البطلان، بشرط إثبات تعذر الحصول على هذا الدفاع لسبب خارج عن إرادة طالب البطلان[7]. 3- استبعاد تطبيق قانون الإرادة على موضوع النزاع: لقد أخذ المشرع المصري بمبدأ سلطان الإرادة، وهذا واضح من خلال النص الصريح([8]) فاختيار الأطراف للقانون الذي يحكم الموضوع ينصرف إلى القواعد الموضوعية التي يتضمنها هذا القانون، وفي هذه الحالة هيئة التحكيم لا تتلقى أي صعوبة إذ يتحتم عليها الفصل في النزاع وفقا للقواعد الموضوعية التي يتضمنها القانون المحدد باتفاق الأطراف، فإذا اتفق الأطراف على اختيار القانون الذي تؤدي إليه قواعد تنازع القوانين في قانون معين، فهل يعد الاختيار ملزما لهيئة التحكيم؟ نرجح أن الهيئة ملزمة لأن القانون الذي أدت إليه قاعدة التنازع هو في النهاية قانون الإرادة، لأن قاعدة التنازع التي تم الاتفاق عليها هي التي أدت إلى تحديد هذا القانون الذي يعد ثمرة غير مباشرة لاتفاق الأطراف، ولكن يختلف الأمر لو ترك الأطراف تحديد القانون الواجب تطبيقه على الموضوع لقواعد تنازع القوانين التي تختارها الهيئة أو قواعد التنازع، فهنا لا يعتبر هذا القانون نتيجة لإرادة الأطراف([9])،فصياغـة النص واضحة في أن سبب البطـلان يرتبط – باستبعاد – هيئة التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع، والنتيجة المنطقية لهذا النص أن سبب البطلان لا يتحقق إذا قام المحكمون بتطبيق القانون المتفق عليه. ولكن هل يتحصن حكم التحكيم ضد دعوى البطلان لمجرد إعلان تطبيق قانون الإرادة إذا ثبت أنه أهمل نصوص هذا القانون وشوهها تشويها يجعله معادلا لعدم إعمالها أصلا؟، يرى الأستاذ الدكتور "أكثم الخولي" أن الخطأ الجسيم في تطبيق قانون الإرادة يعادل استبعاده ويسمح بطلب البطلان وهو نفس ما اتجهت إليه اللجنة المشتركة. والواقع أن المسخ أو الخطأ في تطبيق القانـون مهما كانت جسامته لا يعـادل الاستبعاد، فالمسخ أو الخطأ الجسيم أسباب تبرر استئناف الحكم لا بطلانه. و رغم ذلك رجح ما انتهى إليه الدكتور "أكثم الخولي" واللجنـة المشتركـة[10]. وتجدر الإشارة في النهاية إلى أن الاستناد إلى مخالفة الهيئة واستبعادها لقانون إرادة الأطراف، يفترض تصدي الأطراف واتفاقهم على تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، أما إذا لاذوا بالصمت فالهيئة تطبق القواعد الموضوعية في القانون الذي تراه أكثر اتصالا بالنزاع، ولا يمكن رفع دعوى بطلان تأسيسا على أن الهيئة أساءت اختيار القانون فهم بصمتهم ارتضوا ممارسة الهينة لسلطاتها التقديرية فلا سند لهم في طلـب البطـلان[11]. 4- مخالفة القانون أو اتفاق الأطراف بشأن تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين: كيفية تشكيل الهيئة متروك كما نعلم لاتفاق الأطراف، وإذا تعثر تشكيل الهيئة لأي سبب سواء لاختلاف الأطراف أو لاختلاف المحكمين يمكن الالتجاء للقضاء الذي يتخذ الإجراء المطلوب كتعيين المحكم الوحيد. رأينا أن الأمر يتعلق في معظم الأحوال بنصوص مقررة تكمل إرادة الأطراف وذلك باستثناء القواعد الآمرة، كاستلزام وترية العدد، واكتمال أهلية المحكم، والتزام المحكم عند إعلان قبوله الكتابي للمهمة بالإفصاح عن أية ظروف تثير الشك حول استقلاله أو حيدته، أو التزام الهيئة بعدم قبول طلب الرد، فإذا باشر المحكم لمهمته دون كتابة و دون اعتراض حتى صدور الحكم، لا يجعل الحكم معرضا لدعوى البطلان وكذلك إذا أفصح المحكم عن الظروف التي قد تمس حيدته واستقلاله، ورغم ذلك ارتضى الأطراف استمراره في مهمته، فلا يحق للأطراف بعد ذلك رفع دعوى البطلان، أما إذا كان هناك كتمان المحكم لهذه الظروف فيكون لذي المصلحة رفع دعوى البطلان[12]. 5- فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوزه لحدود هذا الاتفاق: السلطة المخولة لهيئة التحكيم كما نعلم هي النظر في موضوع النزاع الذي اتفق الأطراف على عرضه عليها، فهي لا تملك مد نظرها خارج حدود هذا النزاع، وعلى هذا الأساس حدد المشرع اختصاص هيئة التحكيم في نصوص مواده([13])، وضمانا لهذا الاختصاص المحدد لمهمة هيئة التحكيم[14]. يرى المشرع أنه: إذا تعلق الأمر بشرط تحكيم، فيجب تحديد موضوع النزاع في بيان الدعوى الذي يرسله المدعي إلى المدعى عليه وإلى المحكمين خلال الميعاد المتفق عليه، أو الميعاد الذي تحدده الهيئة وفقا لنص المادة 30/1. أمـا إذا تعلق الأمر بمشارطة تحكيـم فإنها تكـون باطلة إذا لم تتضمن تحديـد – المسائل التي يشملها التحكيم – فالهيئة ملزمة عند إصدار حكمها بالفصل في المسائل المطروحة عليها، والتقيد بدقة في تحديد نطاق اختصاصها، كما قضى بأن ولاية المحكم لا تمتد للمسائل الفرعية لعدم انطباق قاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، ويقتضي إصدار الحكم ببطلان حكم التحكيم تأسيسا على هذا السبب تمسك ذي المصلحة به، مثلا إذا رفعت دعوى البطلان تأسيسا على مخالفة القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع، وتبين للمحكمة أن هيئة التحكيم فصلت فيما لم يكن مطروحا عليها أو تجاوزت حدود الاتفاق، فإن المحكمة لا تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها، لأن المسألة لا تتعلق بالنظام العام، وإنما يجب أن يتمسك أحد الأطراف بطلب البطلان تأسيسا على تجاوز الهيئة للحدود الواردة في اتفاق التحكيـم.([15]) 6- وقوع بطلان في حكم التحكيم أو في إجراءات التحكيم على نحو أثر في الحكم: لقد رأينا فيما سبق الشروط التي يجب توافرها في حكم التحكيم، والتي يتحقق بطلان الحكم إذا لم تتوافر مثلا صدور الحكم شفاهة، أو دون توقيعه من الأغلبية، ولكن لا يعتبر سببا للبطلان إذا وقع خطأ مادي في أسماء المحكمين أو الأطراف أو عناوينهم، أما خلو الحكم أصلا من أي بيان من هذه البيانات السابق تفصيلها فمن شأنه تعريض الحكم للبطلان. فلا يقتصر الأمر على وقوع بطلان في الحكم، و إنما يتعرض حكم التحكيم لدعوى البطلان، إذا لحق الإجراءات بطلان أثر في الحكم، فيلزم أن يكون ما شاب الإجراء من بطلان قد انعكس على الحكم[16]. فالعبرة بالنسبة لبطلان الإجراء وتأثيره في الحكم، هي في تحقق أو عدم تحقق الغاية منه وذلك إعمالا للقواعد العامة في قانون و فقه المرافعات. 7- مخالفة حكم التحكيم للنظام العام المصري: يجب أولا التفرقة بين بطلان حكم التحكيم لتضمنه ما يخالف النظام العام المصري وبطلان اتفاق التحكيم لوروده على مسألة لا تقبل التسوية بطريق التحكيم. فبطلان الاتفاق يعد سببا من أسباب رفع دعوى بطلان الحكم كما رأينا، ولكن يجب أن ننتبه إلى أن العلاقة ليست طردية على نحو حتمي، فقد يكون الاتفاق باطلا ويصدر حكم التحكيم صحيحا إذا قضى ببطلان هذا الاتفاق لمخالفته للنظام العام، أو لوروده على مسألة لا تقبل التسوية بطريق التحكيم. والعكس صحيح، فقد يكون اتفاق التحكيم صحيحا ويصدر الحكم متضمنا لما يخالف النظام العام المصري، أما الغرض الذي نواجهه، فهو صدور الحكم متضمنا لما يخالف النظام العام المصري، فالعبرة في هذا المقام ليست بتعلق الحكم بمسألة تمس النظام العام، وإنما بتضمن الحكم فعلا ما يخالف النظام العام المصري. و لا تحتاج المحكمة لتمسك أحد الأطراف بمخالفة الحكم للنظام العام المصري كما هو الحال في الأسباب الأخرى و إنما عليها أن تقضى بالبطلان من تلقاء نفسها، حتى لو كانت دعوى البطلان مؤسسة على سبب آخر[17]. من خلال ما سبق نلاحظ وجود تشابه وتطابق إلى حد كبير في الأسباب التي يجب توافرها لرفع دعوى بطلان حكم التحكيم في القانون الجزائري والفرنسي والمصري، مع وجود فرق في الحالة التي تستدعي تسبيب أحكام التحكيم، فالقانون الجزائري والفرنسي يستلزمان تسبيب أحكام التحكيم كما رأينا مسبقا، وفي حالة عدم تسبيب الحكم، يمكن رفع دعـوى البطـلان. أما القانون المصري فيسمح بإمكانية اتفاق الأطراف على عدم التسبيب، أو إذا كان القانون المطبق لا يستلزم ذلك. وفي الاخير نستنتج من خلال هذا الفصل ان هناك طابع حصري لأسباب البطلان سواء في كل من التشريع الجزائري والمصري وكذلك الفرنسي، حيث لم يتطرق المشرع الجزائري في أي نص من نصوص مواد قانون الإجراءات المدنية والإدارية إلى تحديد الحالات بصفة عامة، والتي على أساسها ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم، لهذا قمنا بحصر الحالات من خلال النصوص العامة لأحكام التحكيم، مما يعني عدم جواز الطعن لأي سبب آخر سوى الأسباب أنفة الذكر. فمثلا لا يمكن الطعن بالبطلان إذا كان هناك خطأ في تفسير شروط العقد من قبل المحكمين أو وجود خطأ مادي في أسماء المحكمين والأطراف. أما التحكيم الدولي فقد حصرت أسبابه المادة 1058 إذ تنص على أن حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر يمكن أن يكون موضوع طعن بالبطلان في الحالات المنصوص عليها في المادة 1056، أما أحكام التحكيم الدولي الصادرة خارج الجزائر، فقد عالج المشرع الجزائري كيفية مواجهتها من خلال القواعد المنظمة للاعتراف بهذه الأحكام وتنفيذها. و فيما يخص رفع دعوى البطلان، فيحق لصاحب المصلحة الذي كان طرفا في خصومة التحكيم رفع دعوى البطلان إذا توافر أحد الأسباب السابقة الذكر، ولا يعترضه أي مانع للقيام بذلك إلا إذا تنازل هو عن حقه، وهذا التنازل يقتصر عليه وحده، وبالتالي يمكن لسواه رفع الدعوى إذا توافر له سبب من أسباب البطلان.و يلاحظ من هذا أنه يحق لأي طرف له صفة رفع دعوى البطلان إذا تأسست على مخالفة الحكم للنظام العام، أما إذا كان السبب خاص بأحد الأطراف فلهذا الطرف وحده الحق في رفع دعـوى البطـلان. - و وفقا لنص المادتان 1033 و1034 من قانون الإجراءات المدنية، فإن دعوى بطلان حكم التحكيم ترفع أمام المجلس القضائي الذي صدر في دائرة اختصاصه حكـم التحكيم. و بالتالي فالحكم الذي يصدره المجلس يمكن استئنافه ثم الطعن في حكم الاستئناف بالنقض أما ميعاد رفع الاستئناف فهو شهر واحد يبدأ سريانه من تاريخ النطق بحكم التحكيم، وهذا إذا كان التحكيم داخليا. - أما في حالة التحكيم الدولي فيرفع الطعن بالبطلان في حكم التحكيم أمام المجلس القضائي الذي صدر حكم التحكيم في دائرة اختصاصه، ويقبل الطعن ابتداء من تاريخ النطق بحكم التحكيم، ولا يقبل هذا الطعن بعد أجل شهر واحد من تاريخ التبليغ الرسمي للأمر القاضي بالتنفيذ، نص المادة 1059. ونفس الامر بالنسبة للمشرع الفرنسي فلا يمكن الطعن بالبطلان لأي سبب خارج عن الأسباب التي شملها المشرع الفرنسي، كما أن البطلان لا يمتد لكل ما تضمنه الحكم إذا أمكن تجزئته([18])، على عكس المشرع المصري حسب نص المادة 1485.[19] وهذا يعني إمكانية أن يتفق الأطراف على التمسك بالتحكيم و استمرار اتفاقهم على استبعاد تصدي القضاء للفصل في الموضوع، فيكون الأمر مماثلا لما هو عليه في القانون المصري، أما إذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق فالمحكمة تفصل في الموضوع، فتخويل المحكمة سلطة الفصل في الموضوع من شأنه توفير الوقت، فضلا عن منع دعاوى البطلان التي تستهدف تعطيل الفصل و إنهاء النزاع، إذ سيتردد كل طرف في دفع دعوى البطلان، مع علمه بأن المحكمة إذا قضت بالبطلان ستتولى الفصل في الموضوع، و هي تقضي وفقا كما كان يتمتع به المحكم من سلطات فإذا كان مفوضا فهي تحكم وفقا لقواعد العدالة و الإنصاف دون تقيد بنصوص القانـون. إن نص المادة 1507 لا تسري أحكامه المنظمة لاستئناف أحكام التحكيم الداخلي أو لدفع دعوى البطلان، على أحكام التحكيم التي تصدر خارج فرنسا أو التي تصدر في مجال التحكيم الدولي، وعالج المشرع كيفية مواجهة أحكام التحكيم التي تصدر خارج فرنسا فهذه الأحكام لا تخضع لدعاوى البطلان، والمشرع الفرنسي لغاية ما منع امتداد آثارها داخل فرنسا، فلا يعترف بها و لا ينفذها إذا أصدر القضاء أمره برفض طلب تنفيذها، فإن الأمر في الحالتين يخضع للاستئناف و في جميع الأحوال لا يمكن رفع دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر في الخارج، أما الأحكام التي تصدر في فرنسا متعلقة بتحكيم دولي، و على هذا فتح المشرع باب رفع الدعوى بطلب بطلانها في حالات: 1- صدور الحكم دون وجود اتفاق تحكيم أو بناء على اتفاق باطل أو انقضى. 2- عدم نظامية تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءات تعين المحكم الوحيد. 3- إذا لم يلتزم المحكم في حكمه حدود المهمة المناطة به. 4- إذا تم هدر مبدأ المواجهة. 5- إذا كان الحكم مخالفا للنظام العالم الدولي. من الواضح أن هناك تطابق في هذه الحالات و الحالات التي سبق ذكرها والخاصة بالتحكيم الداخلي للقانون الفرنسي. والامر نفسه فيما يخص القانون المصري - إن صياغة نص المادة 53 كانت قاطعة في طابعها الحصري، مما يعني عدم جواز الطعن بالبطلان لأي سبب آخر سوى الأسباب التي شملتها المادة 53[20] كسوء تحصيل الوقائع، ولكن يرى البعض([21]) إلى أن تشويه و مسخ القانون واجب التطبيق يساوي استبعاده ويصلح أساسا لرفع دعوى البطلان، و رغم ما يتضمنه هذا الرأي من تخويل المحكمة سلطة مراجعة الحكم من الناحية الموضوعية، وهو ما لا يتسنى إلا في حالة تخويل المحكمة صفة المحكمة الاستثنائية، رغم كل ذلك فإننا نرجحه أخذا بالتفسير الواسع لأسباب البطلان بعد أن أغلق المشرع كـل الأبواب و جعل أحكام التحكيم تسمو على أحكام القضاء. بطبيعة الحال يكون لذي المصلحة الذي كان طرفا في خصومة التحكيم الحق في رفع دعوى البطلان إذا توافر أحد الأسباب آنفة الذكر، ولا يعوقه عن رفع الدعوى سبق الاتفاق على نزوله عن الحق في رفعها قبل صدور الحكم.([22]) أما بعد صدور الحكم فيجوز له النزول عن حقه، مع اقتصار أثر هذا التنازل عليه وحده فلا يحجب سواه عن إمكانية رفع الدعوى إذا توفرت فيه الصفة وتوافر له سبب من أسباب البطلان، و يلاحظ في هذا المقام أن لأي طرف صفة في رفع دعوى البطلان إذا تأسست على مخالفة الحكم للنظام العام، أما إذا كان السبب مبنيا على اعتبار خاص بأحد الأطراف، فلهذا الطرف وحده الصفة في رفع دعوى البطلان. ويجب رفع دعوى البطلان خلال التسعين يوما التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم ضده، وذلك دون تفرقة بين حالة صدور الحكم في حضوره أو غيبته. وكانت المادة 513 من قانون المرافعات تنص على أن ترفع دعوى بطلان حكم المحكمين أمام المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، وقد عدل المشرع في القانون الجديد عن هذا النهج، فجعل الاختصاص بنظر الدعوى لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع إذا كان التحكيم داخليا، أما في حالة التحكيم الدولي فينعقد الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة أو لمحكمة الاستئناف المتفق عليها، ومؤدى هذا أن الحكم في دعوى البطلان يصدر دوما من محكمة استئنافية. و تجدر الإشارة في النهاية إلى أن كافة الأحكام السابقة الخاصة بدعوى البطلان من حيث الأسباب و ميعاد الدعوى و تحديد المحكمة المختصة لا تسري إلا بالنسبة لأحكام التحكيم الخاضعة للقانون المصري، سواء التي تصدر في داخل مصر أو التي تصدر خارجها و يقتصر دور المحكمة التي تنظر دعوى البطلان على الحكم برفض الدعوى أو الحكـم بالبطـلان. ([1]) القانون الجديد استلزم " الكتابة كشرط صحة لا شرط إثبات "، كما كان الأمر في ظل نصوص قانون المرافعات الملغاة. ([2]) قانون المرافعات القديم تطرق في نصوصه إلى البطلان النسبي " إذا ثبت نقص أهلية أحد الأطراف، فإن الاتفاق يكون قابلا للإبطال لصالح ناقص الأصلية الذي يمكنه إجازة الاتفاق بعد بلوغه سن الرشد ". ([3]) حالة عدم تحقق التراضي أشير لها في البند (أ) " عدم وجود تلاقي إرادتين كما لو صدر الإيجاب وقوبل بالرفض أو بالصمت غير الملابس، أو تضمين تعديل لم يحظ بقبول ". ([4]) " لا يمكن التمسك بهذه المشارطة بعد انقضاء مدتها لمنع القضاء من نظر النزاع إلا باتفاق الأطراف على مد مدة المشارطة قبل انقضائها أو الاتفاق على مشارطة جديدة ". ([5]) نص الفقرة ج " إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته ". د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، 125.[6] د. محسن شفيق، المرجع السابق، ص 165.[7] ([8]) " لأطراف اتفاق التحكيم حرية اختيار القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم، والقانون الذي يحكم موضوع النزاع ". ([9]) لم يعتبره الأستاذ الدكتور أكثم الخولي سببا من أسباب البطلان " لأن الأطراف لم يتفقوا صراحة على اختيار قانـون معيـن ". د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 142.[10] د. معوض عبد التواب، المرجع السابق، ص 152.[11] د. ناريمان عبد القادر، المرجع السابق، ص 140.[12] ([13]) " هيئة التحكيم ملزمة بوقف الإجراءات إذا عرضت عليها مسألة أولية يتوقف عليها الفصل في النزاع، لحين تولي الجهة القضائية المختصة أمر الفصل في هذه المسائل الأولية ". د. كمال ابراهيم ، المرجع السابق، ص 120.[14] ([15]) نص المادة 30/1 " يجب أن يتضمن بيان الدعوى تحديد المسائل محل النزاع وطلباته ". د. نبيل اسماعيل عمر، المرجع السابق، ص 123.[16] د. محمود مختار بريري، المرجع السابق، ص 165.[17] ([18]) روبرت جين ص 217 . [19] نص المادة 1485 " إذا قضت المحكمة بالبطلان، فعليها الفصل في الموضوع في الحدود التي كانت متاحة للمحكم إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك". المادة 53 " لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآنية:..." [20] ([21])الأستاذ أكتم الخولي. يرى أن الخطأ الجسيم في تطبيق القانون المختار يعتبر استبعاد غير مباشر. ([22]) نص المادة 54 ."..لا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعى البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم". |
|||
2011-06-15, 18:36 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
الفصل الرابع تنفيذ حكم التحكيم المبحث الأول حجية حكم التحكيم المطلب الأول حجية حكم التحكيم و نطاقها و يجب الإشارة هنا إلى أن المشرع الجزائري رغم أنه فرق بين التحكيم الداخلي و التحكيم الدولي في النصوص المنظمة لأحكام التحكمين، إلا أنه بصدد حجية التحكيم أحال النصوص المنظمة للتحكيم الدولي إلى نص المادة 1031([1]) و المخصصة للتحكيم الداخلي، و هذه المادة تضفي الحجية على حكم التحكيم منذ لحظة صدوره إذ تنص على أن: "أحكام التحكيم يجب أن تحوز حجية الشيء المقضي فيه بمجرد صدورها فيما يخص النزاع المفصول فيه". فحجية حكم التحكيم تحدد بالموضوع الذي فصل فيه، أي محل النزاع والأساس الذي قام عليه، كما تتحدد هذه الحجية من ناحية الأشخاص، و عليه فحكم التحكيم لا يتمتع بحجية مطلقة. و يرتبط تحديد نطاق حجية حكم التحكيم من ناحية الموضوع أي محل النزاع وسببه، ارتباطا وثيقا بتحديد نطاق اتفاق التحكيم، فحكم التحكيم لا يتمتع بالحجية إلا في حدود ما فصل فيه من خلاف تضمنه اتفاق التحكيم، و قد رأينا هذا فيما سبق بحيث يلتزم المدعي بأن يوضح في بيان دعواه المعلن لخصمه و لأعضاء هيئة التحكيم، المسائل محل النزاع و كل بيان آخر يوجب اتفاق الطرفين ذكره في هذا البيان. فالحكم يبطل كما رأينا إذا تضمن الفصل في مسألة لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق ففصل فيما لم يعرضه عليه الأطراف، أو كان الاتفاق باطلا أو قابلا للإبطال. و تقتصر هذه الحجية على – منطوق الحكم – فالمنطوق و ما يرتبط به من أسباب هما مناط تحديد نطاق الحجية، بحيث يظل كل ما لا يدخل في هذا النطاق أمرا من الممكن طرحه أمام القضاء دون إمكان التمسك بحجية التحكيم. فمثلا إذا صدر حكم التحكيم بتحديد المقابل و التعويضات المستحقة لناقل التقنية قبل الطرف المتلقي لها و كان هذا الأمر هو سبب الخلاف و موضوع اتفاق التحكيم، فإن الحكم إذا تعرض للفصل في صحة أو بطلان براءة، تكون جزء من التقنية محل العقد فإن حكمه في هذه الجزئية لا يحوز الحجية، لأنه فصل فيما لم يكن معروضا عليه، و يلاحظ أن الحجية تقتصر على ما فصل فيه الحكم. فإذا أغفل حكم التحكيم الفصل في طلب كان معروضا عليه، فإن الحكم لا يكتسب حجية فيما أغفله، لذلك يسمح للأطراف تقديم طلبات لإصدار أحكام إضافية تتناول ما تم إغفاله، أي تصحيح الإغفالات التي كانت تشوبه ليصدر الحكم الإضافي فيصبح هذا الحكم جزء من الحكم الأصلي، و بالتالي تمتد الحجية لكليهما و هذا وفقا لنص المادة 1030([2]) من قانون الإجراءات. فالنص يربط هذه الحجية و يخصصها بما صدر من أحكام بخصوص النزاع المطروح، كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري بالنسبة للتحكيم الداخلي يسمح برفع دعوى البطلان لعدم مراعاة المحكم حدود المهمة المنوطة به، و لقد رأينا في معالجة طرق الطعن في الحكم أن المشرع يسمح باستئناف حكم التحكيم([3]) سواء لمراجعة الحكم أو لطلب بطلانه، إذا لم يتنازل الأطراف عن حق الاستئناف. كما أن حكم التحكيم لا يكون حجة إلا على أطرافه، فأطرف الدعوى التي صدر فيها الحكم و الذين أعلنوا بها و تمكنوا بناء على ذلك من إبداء أوجه دفاعهم، هم وحدهم الذين يحتج عليهم بالحكم. فالاتفاق قد يتعدد أطرافه، فتمتد قوته الإلزامية إلى الجميع، و مع ذلك لا يكون للحكم الصادر حجية، إذا لم يتم إعلان الجميع بالحضور أمام هيئة التحكيم، و اقتصرت خصومة التحكيم على بعض أطراف الاتفاق، فرغم التزام الجميع باتفاق التحكيم، فالحكم لا يحتج به على أطراف الاتفاق الذين لم يثر بينهم نزاع و لم يشاركوا في خصومة التحكيم([4]). فالحكم حجة في مواجهة من أعلن بطلب التحكيم دون سواه ممن لم توجه إليهم الإجراءات و لم يشاركوا في إجراءات التحكيم. و من الطبيعي لا تسري الحجية في مواجهة ممثلي الخصوم و إنما الخصوم أنفسهم. و يترتب على ما سبق عدم إمكان الاحتجاج بحكم التحكيم اتجاه الغير وفقا لنص المادة 1038([5])، حتى لو امتدت إليه آثار الحكم و ألحقت به ضررا فإنه لا يستطيع توقي هذا الضرر بالتدخل في خصومة التحكيم و إبداء أوجه دفاعه، لذلك نجد المشرع الجزائري سمح باعتراض الغير الخارج عن الخصومة([6]) في الحالات التي يتوفر فيها ضرر نتج عن الحكم، و تختص بنظر اعتراض الخارج عن الخصومة المحكمة المختصة في حالة عدم وجود التحكيم وفقا لنص المادة 1032. لقد سوى المشرع بين حكم التحكيم الدولي و حكم التحكيم الداخلي بخصوص اكتساب الحجية منذ لحظة صدور الحكم حيث يتم الاعتراف بأحكام التحكيم الدولي في الجزائر إذا أثبت التمسك بها و بوجودها نص المادة 1051. و لكن هناك اختلاف في أحكام التحكمين، لأن أحكام التحكيم الدولية تصدر أيضا متمتعة بقوة الشيء المقضي به، فهي لا تخضع لطرق الطعن التي يخضع لها حكم التحكيم الداخلي و هذا ما نصت عليه المادة 1058([7]) "لا يقبل أي طعن الأمر الذي يقضي بتنفيذ حكم التحكيم الدولي...". و عليه فالتمسك بحجية حكم التحكيم أمر لا يتعلق بالنظام العام سواء في التحكيم الداخلي أو التحكيم الدولي. المطلب الثاني حجية حكم التحكيم و وجوب نفاذه (القانون المصري) والفرنسي الفرع الاول: حجية حكم التحكيم ووجوب نفاذه في القانون المصري و حسب نص المادة 101 من قانون الإثبات الحالي فإن الأحكام التي تحوز قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق([9]). فإذا صدر حكم التحكيم فإنه يصدر حائز للحجية حماية لمصالح الأطراف الخاصة، لذلك فإن الأطراف إذا اتفقا على رفض ما قضى به حكم التحكيم و قرروا اللجوء إلى إجراءات تحكيم جديد و أمام هيئة تحكيم جديدة، فهذه الهيئة لا تملك من تلقاء نفسها الحكم بعدم قبول طلب التحكيم استنادا لحجية حكم التحكيم السابق صدوره، و لا يتسنى لها ذلك إلا إذا تمسك أحد الأطراف بهذه الحجية. فحكم التحكيم في ظل القانون المصري يصدر متمتعا بالحجية و قوة الأمر المقضي و يكون واجب النفاذ، عكس القانون الجزائري فحكم التحكيم لا يتمتع بقوة الأمر المقضي إلا إذا تنازل الأطراف مسبقا عن الطعن بالاستئناف[10]. و تجدر الإشارة إلى أن المشرع المصري هو الآخر حدد نطاق حجية حكم التحكيم بتحديد الموضوع محل النزاع و جعلهما مرتبطان ارتباطا وثيقا، فحكم التحكيم لا يتمتع بالحجية إلا في حدود ما فصل فيه من خلاف تضمنه اتفاق التحكيم شرطا كان أو مشارطة[11]. و تقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم، أي ما انتهى إليه الحكم من إدانة أو إبراء لذمة طرف في مواجهة طرف آخر. و حكم التحكيم شأنه شأن حكم القضاء لا يكون حجة إلا على أطرافه بمبدأ نسبية الأحكام، فأطراف الدعوى التي صدر فيها الحكم هم وحدهم الذين يحتج عليهم بالحكم، و لا يصح في هذا المقام الخلط بين القوة الملزمة لاتفاق التحكيم و حجية حكم التحكيم الذي يصدر بناء على هذا الاتفاق. فالاتفاق قد يتعدد أطرافه فتمتد قوته الإلزامية إلى الجميع و مع ذلك لا يكون للحكم الصادر حجية إذا لم يتم إعلان الجميع بالحضور أمام هيئة التحكيم، و اقتصرت خصومة التحكيم على بعض أطراف الاتفاق. فالحجية مرتبطة بنزاع بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم([12]). و لكن يجب دوما التفرقة بين تحديد القوة الملزمة لاتفاق التحكيم من جهة، و حجية حكم التحكيم من جهة أخرى، خاصة و إن تم اتجاها للتوسع في مد نطاق القوة الملزمة لاتفاق التحكيم في علاقات التجارة الدولية إلى حد إمكانية إلزام طرف بالاتفاق دون توقيعه على اتفاق التحكيم، فهذا التوسع لا يمس حجية الحكم الذي تظل مقصورة على الأطراف الذين مثلوا بأشخاصهم أمام هيئة التحكيم و تمكنوا من إبداء أوجه دفاعهم[13]. الفرع الثاني: حجية حكم التحكيم و نطاقها في ظل القانون الفرنسي - يسري في هذا المقام ما سبق أن تعرضنا له في تحديد نطاق حجية حكم التحكيم في ظل القانون الجزائري حيث أن منهج المشرع الفرنسي هو الآخر رغم تفرقته بين التحكيم الداخلي و الدولي إلا أنه بصدد حجية حكم التحكيم أحال في النصوص المنظمة للتحكيم الدولي إلى نص المادة 1486 الخاصة بالتحكيم الداخلي، و هذه المادة تضفي الحجية على حكم التحكيم منذ لحظة صدوره.([14]) كما حرص المشرع الفرنسي على إبراز نطاق هذه الحجية من حيث الموضوع إذ أن النص يربط هذه الحجية و يخصهها بما صدر من أحكام بخصوص النزاع المطروح. فالمشرع الفرنسي في التحكيم الداخلي سمح برفع دعوى البطلان لعدم مراعاة المحكم حدود المهمة المسندة إليه. و يلاحظ أن قاعدة تمتع حكم التحكيم بالحجية لا تتعلق بالنظام العام، و هذا يعني عدم إمكان الحكم بمقتضاها إلا في حالة تمسك أحد الأطراف، و لا تقضي به الهيئة أو المحكمة من تلقاء نفسها و ذلك سواء في مجال التحكيم الداخلي أو الدولي([15]). و كما هو الحال في ظل القانون الجزائري لا يلزم الاتفاق و لا يمتد الحكم الذي يترتب عليه سوى أطراف الاتفاق الذين حضروا أو مثلوا في إجراءات التحكيم، و يمتد أثر الاتفاق و الحكم في حالة التضامن لقيام النيابة التبادلية و ذلك في الحدود التي ينظم القانون قيام النيابة فيها([16]). و يترتب على ما سبق عدم إمكان الاحتجاج بحكم التحكيم على الغير، و على هذا سمح المشرع باعتراض الخارج عن الخصومة في كل الحالات التي يتوفر فيها ضرر نتج عن الحكم الذي يعد بالنسبة له واقعة مادية يتحتم عليه احترامها و عدم إمكان جحدها أو إنكارها. و هناك طائفة و هي تمثل الغير ذوي المصالح المرتبطة بمصالح أحد الأطراف في اتفاق و خصومة التحكيم، لهذا اتجهت بعض الأحكام إلى نفي صفة الغير عنهم و الاحتجاج عليهم بحكم التحكيم رغم أنهم لم يمثلوا و لم يشاركوا في خصومة التحكيم، لذلك يفتح باب اعتراض الخارج عن الخصومة لهؤلاء[17]. و يختلف حكم التحكيم الأجنبي أي الصادر خارج فرنسا أو الصادر في منازعة تتعلق بالتجارة الدولية، فرغم التسوية بينهما و بين حكم التحكيم الداخلي بخصوص اكتساب الحجية منذ لحظة صدور الحكم، إلا أن أحكام التحكيم غير الداخلية تصدر أيضا متمتعة بقوة الشيء المقضي لأنها لا تخضع لطرق الطعن التي يخضع لها حكم التحكيم الداخلي. ([1])المادة 1031 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الخاصة بأحكام التحكيم الداخلية. ([2]) المادة 1030 "المحكم ملزم بتفسير الحكم، أو تصحيح الأخطاء المادية و الإغفالات التي تشوبه". ([3]) استئناف حكم التحكيم طبقا لنص المادة 1033. ([4]) نص المادة 1022 "الأطراف ملزمون بتقديم دفاعهم و مستنداتهم ... و إلا فصل المحكم بناء على ما قدم إليه". ([5]) المادة 1038 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية. ([6]) نص المادة 1032 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية. ([7]) المادتان 1051، 1058 خاصة بأحكام التحكيم الدولي و تنفيذها الجبري. ([8]) لقد تطرق فتحي والي إلى ضرورة التفرقة بين الحجية و قوة الشيء المقضي به، حيث يشير إلى أن التفرقة ليست تفرقة درجة و إنما تفرقة تتعلق بفكرتين مختلفتين، فالحجية تنصرف إلى المستقبل و خارج الخصومة التي صدر فيها الحكم، أما القوة فأهميتها تكون داخل الخصومة للدلالة على ما يتمتع به القرار من قابلية أو عدم قابيلة بطريق معين. ([9]) تنص المادة 101 على أن "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، و لا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، و لكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم و تتعلق بذات الحق محلا و سببا". د. محمد شكري سرور، المرجع السابق، ص 125.[10] د. محسن شفيق، المرجع السابق، ص 184.[11] ([12]) على حد تعبير نص المادة 101 من قانون الإثبات الحالي. د. أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص 196.[13] ([14]) المادة 1486 تنص على أن :"تكون لحكم التحكيم منذ صدوره حجية الشيء المقضي فيه يتعلق بالخلاف الذي يحسمه". ([15]) استئناف باريس 09/06/1983، مجلة التحكيم. ص 497. ([16]) نقض تجاري 13/11/1967، مجلة التحكيم، التقرير النهائي بخصوص التحكيم متعدد الأطراف. ص 116. د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 198.[17] |
|||
2011-06-15, 18:37 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
المبحث الثاني إجراءات تنفيذ حكم التحكيم المطلب الأول تنفيذ حكم التحكيم يمكن للخصوم استئناف الأمر القاضي برفض التنفيذ في أجل لا يتعدى خمسة عشر يوما من تاريخ الرفض أمام المجلس القضائي.([2]) - أما فيما يخص تنفيذ أحكام التحكيم الدولي فيجب إثبات صدور حكم التحكيم بتقديم الأصل مرفقا باتفاقية التحكيم أو بنسخ عنهما تستوفي شروط صحتها([3]). و تودع هذه الوثائق بأمانة ضبط الجهة القضائية المختصة من الطرف المعني بالتعجيل حسب نص المادة 1053 و تطبق عليه نفس أحكام المواد التي تتعلق بتنفيذ التحكيم الداخلي وفقا لنص المادة 1054، حيث يختص بإصدار أمر تنفيذ حكم التحكيم الدولي رئيس المحكمة التي صدر في دائرة اختصاصها الحكم، توضع على الحكم الصيغة التنفيذية ويسلمها رئيس أمناء الضبط إلى الأطراف عند طلبها، و تطبق قواعد النفاذ المعجل على أحكام التحكيم الدولي. كما يمكن استئناف الأمر الصادر برفض طلب التنفيذ في أجل خمسة عشر يوما من تاريخ الرفض أمام المجلس القضائي. أما الأمر الذي يقضي بتنفيذ حكم التحكيم الدولي فلا يقبل أي طعن و إنما يترتب بقوة القانون الطعن في أمر التنفيذ أو تخلي المحكمة عن الفصل في طلب التنفيذ إذا لم يتم الفصل فيه([4]). و يوقف تنفيذ حكم التحكيم تقديم الطعون و أجل ممارستها التي تتعلق باستئناف الأمر القاضي برفض الاعتراف أو رفض التنفيذ أو الطعن بالبطلان للتحكيم الدولي الصادر في الجزائر([5]). و يختص بنظر الاستئناف المجلس القضائي و يجب رفع الاستئناف خلال شهر ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي لأمر رئيس المحكمة. المطلب الثاني تنفيذ حكم التحكيم الخاضع للقانون المصري والفرنسي الفرع الاول: تنفيذ حكم التحكيم وفقا القانون المصري و يتقدم المحكوم لصالحه بطلب تنفيذ الحكم مرفقا بأصل الحكم أو صورة موقعة منه، صورة من اتفاق التحكيم، ترجمة مصدق عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية لحكم التحكيم إذا لم يكن صادرا بها، صورة من المحضر الدال على إيداع الحكم. و لا يمكن قبول طلب التنفيذ إلا بعد انقضاء ميعاد رفع دعوى بطلان حكم المحكمين. أما إذا كان المحكوم عليه قد رفع دعوى البطلان خلال الميعاد، فيصبح ممكنا قبول طلب تنفيذ الحكم. أما إذا قرن طالب البطلان طلبه في صحيفة دعوى البطلان بطلب وقف التنفيذ ورأت المحكمة استناد الطلب على أسباب جدية فلها أن تأمر بوقف التنفيذ خلال ستين يوما من تاريخ أول جلسة محددة لنظر طلب الوقف. في هذه الحالة على المحكمة الفصل في دعوى البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور أمرها بوقف التنفيذ، و للمحكمة في حالة الأمر بوقف التنفيذ أن تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مالي. كما نجد المادة 58/2 تلزم القاضي بالامتناع عن إصدار أمر التنفيذ إذا تحقق من وجود إحدى الحالات: 1) تعارض حكم التحكيم مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع. 2) تضمن الحكم ما يخالف النظام العام المصري. 3) عدم إعلان المحكوم عليه إعلانا صحيحا. الفرع الثاني: تنفيذ حكم التحكيم في ظل القانون الفرنسي يختص بإصدار أمر التنفيذ في أحكام التحكيم الوطني قاضي التنفيذ بالمحكمة الابتدائية التي صدر حكم التحكيم في دائرتها([7]). و العبرة بالمكان الموضح في حكم التحكيم([8])، و يصدر الأمر دون مواجهة بين الخصوم. و يجب على طالب التنفيذ أن يودع بقلم كتاب المحكمة حكم التحكيم و نسخة من اتفاق التحكيم، توضع الصيغة التنفيذية على الحكم مع وجوب تسبيب الأمر الصادر برفض طلب التنفيذ وفقا لنص المادة 1478. و إذا أصدر القاضي أمره بالتنفيذ رغم الطعن بالاستئناف أو البطلان فإن هذا يعتبر موجها بقوة القانون للأمر الصادر بالتنفيذ، و رفض الطعن يضفي القوة التنفيذية على حكم التحكيم. أما إذا أصدر القاضي أمره بالتنفيذ بعد الطعن فإن هذا يعتبر مجرد من أي أثر ويظل متاحا الحصول على آمر التنفيذ المؤقت. و فيما يخص أحكام التحكيم الدولي فيجب إثبات صدور الحكم أي تقديم أصل الحكم، و يجب ألا يتضمن الحكم ما يخالف النظام العلم الدولي حتى يحظى بالاعتراف وإمكانية تنفيذه في فرنسا، و أن يكون الحكم مرفوقا باتفاق التحكيم، كما يمكن الاكتفاء بنسخة من الحكم و الاتفاق، مع وجوب ترجمتها إلى الفرنسية. يختص بطلب التنفيذ قاضي التنفيذ الذي يقع في دائرته موطن المحكوم ضده إذا تعلق الأمر بحكم تحكيم صادر في الخارج. و يمكن استئناف الأمر الصادر برفض طلب التنفيذ، أما الأمر الصادر بالتنفيذ فلا يمكن استئنافه إلا في حالات. ميعاد الاستئناف يوقف التنفيذ، كم أن رفع الاستئناف يوقفه، و تختص بنظر الاستئناف محكمة الاستئناف التي صدر الأمر في دائرتها، و يجب رفع الاستئناف خلال شهر يحسب من تاريخ إعلان قرار القاضي. ([1]) المادة 1037 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية. ([2]) المادة 1035 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية. ([3]) المادة 1052 الخاصة بالاعتراف بأحكام التحكيم الدولي من نفس القانون. ([4]) المادة 1058 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية. ([5]) المادة 1060 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية. ([6]) المادة 56 من قانون التحكيم. ([7]) نص المادة 1477/1 من قانون المرافعات الفرنسي. ([8]) المادة 1472 تستلزم تحديد مكان صدور الحكم كبيان من البيانات اللازم توضيحها في الحكم. |
|||
2011-06-15, 18:38 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
لا تنسونا من صالح دعائكم لي ولوالدي الكريمين رحمة الله على ابي |
|||
2011-06-21, 17:16 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
hالله ياعطيك ما تتمني |
|||
2011-07-02, 13:24 | رقم المشاركة : 14 | |||
|
بارك الله فيك أخي و جعله الله في ميزان حسناتك. |
|||
2011-12-20, 11:00 | رقم المشاركة : 15 | |||
|
lمشكور اخي على الموضوع و الله يرحم والدينا ولديك وربي ينجك في حياتك |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
التجاري, التحكيم |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc