مساعدة في بحث حول الشعر الاندلسي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > منتدى السنة الثانية ثانوي 2AS > قسم الاستفسارات و طلبات الأعضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مساعدة في بحث حول الشعر الاندلسي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-04-15, 15:58   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
hijazi1975
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










Hot News1 لم يتم ترشيح اجابة مفضلة مساعدة في بحث حول الشعر الاندلسي

ارجو المساعدة في اعداد بحث
حول موضوع الوصف في الشعر الاندلسي مراحل تطور موضوعاته وخصائصه









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-04-16, 06:07   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
NORA ZE
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية NORA ZE
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الموضوع : رثاء المـــــــــــــــــــــــــــــــــدن والممـــــــــــــــــــــــــــاليـــــــــــــــ ــــــــــــــك
مقدمة :
مما يلفت النظر شيوع الشعر في المجتمع الأندلسي ، إذ لم يكن الشعر وقفًا على الشعراء المحترفين ، وإنما شاركهم في ذلك الأمراء والوزراء والكتاب والفقهاء والفلاسفة والأطباء وأهل النحو واللغة وغيرهم ، فالمجتمع الأندلسي بسبب تكوينه الثقافي القائم على علوم العربية وآدابها ، ثم طبيعة الأندلس التي تستثير العواطف وتحرك الخيال ، كل ذلك جعل المجتمع يتنفس الشعر وكأنما تحول معظم أهله إلى شعراء. وقد عالج شعراء الأندلس مختلف أغراض الشعر وإن تميزت بعض الأغراض باهتمام أكبر من غيرها ، ويمثل الشعر أحد جوانب الحضارة العربية الأندلسية ، فقد عبر عن قوالب تلك الحضارة وعن مضمونها وطبيعة الصراعات السياسية والتغيّرات الاجتماعية في الأندلس. و يعنينا في هذا المجال شعر الرثاء في الأندلس ، فهو الغرض الأندلسي الذي نبعت سماته وأفكاره من طبيعة الاضطراب السياسي في الأندلس ، وكان مجال إبداعٍ في الشعر الأندلسي
معلومات عن الشعر في الأندلس
الشعر الأندلسي فله طابع خاص في الخصائص لاسيما في الفنون الشعرية الذي امتاز بالوصف ورثاء الممالك الزائلة والاستنجاد بالرسول وكبار الصحابة ونظم العلوم والفنون والشعر الفلسفي، كما امتاز معانيه وأفكاره بالوضوح والبساطة والبعد عن التعقيد والتلميح إلى الوقائع التاريخية ولاسيما في رثاء الممالك الزائلة، أما ألفاظه وعباراته فقد كانت واضحة وسهلة والرقة والعذوبة وتجنب الغريب من الألفاظ واهتم بالصنعة اللفظية، وقد انتزع تصويره وخياله من البيئة الأندلسية الغنية بمظاهر الجمال الطبيعية وتزاحم الصور، أمابالنسبة للأوزان والقوافي فقد التزموا بوحدة الأوزان والقوافي بدايةً، ثم ابتدعوا أوزانا جديدة لانتشار الغناء في مجالسهم ونوعوا في القوافي ومن ذلك الموشحات، من أشهر شعراء العصر الأندلسي هم أحمد عبد ربه، ابن برد، ابن هانئ الأندلسي وابن سهل الأندلسي الذي قال قصيدة المشهورة بالرداء الأخضر :
الأرض قد لبست رداءاًأخضـرا..... والطـل ينثر في رباها جـوهرا
هاجت فخلتُ الزهر كافـورا بها..... وحسبتُ فيها الترب مسكا أذفرا
1-1 تعريف شعر المراثي مع شعراءه
تعريف رثاء المدن :
عرف الأدب العربي رثاء المدن غرضًا أدبيا في شعره ونثره. وهو لون من التعبير يعكس طبيعة التقلبات السياسية التي تجتاج عصور الحكم في مراحل مختلفة.
وهذا النوع من الرثاء لا يقف في حدود عند رثاء المدن وحدها حين يصيبها الدمار والتخريب ولكنه يتجاوز ذلك إلى رثاء الممالك تارة والعصور تارة أخرى. بل قد يرثي الدولة بأسرها؛ كما حدث ذلك في الأندلس. وقد تميز هذا الغرض من رثاء المدن في الشعر أكثر من تميزه في النثر.
ويُعد رثاء المدن من الأغراض الأدبية المحدثة، ذلك أن الجاهلي لم تكن له مدنٌ يبكي على خرابها، فهو ينتقل في الصحراء الواسعة من مكان إلى آخر، وإذا ألم بمدن المناذرة والغساسنة فهو إلمام عابر. ولعل بكاء الجاهلي على الربع الدارس والطلل الماحل هو لون من هذه العاطفة المعبّرة عن درس المكان وخرابه.

رثاء المدن في المشرق.
عرف المشرق قدرا من هذا الرثاء شعرًا، عندما تعرضت عاصمة الخلافة العباسية للتدمير والخراب خلال الفتنة التي وقعت بين الأمين والمأمون. فنهبت بغداد وهتكت أعراض أهلها واقتحمت دورهم، ووجد السّفلة والأوباش مناخًا صالحا ليعيثوا فسادا ودمارا. وقد عبر الشاعر أبو يعقوب إسحاق الخريمي، وهو شاعر خامل الذكر، عن هذه النَّكبة في مرثيته لبغداد فقال:
يابؤس بغداد دار مملكة دارت على أهلها دوائرها
أمهلها الله ثم عاقبها حين أحاطت بها كبائرها
ولكن هذا اللون في المشرق لم يزدهر ازدهاره في الأندلس، ويعزى ذلك إلى أن طبيعة التقلبات السياسية في الأندلس كانت أشد حدة وأسرع إيقاعا، وأنها اتخذت شكل المواجهة بين النصارى والمسلمين حين تجمع الصليبيون عازمين على طرد المسلمين وإخراجهم من الأندلس
رثاء المدن في الأندلس.
كان هذا الغرض في الأندلس من أهم الأغراض الشعرية، إذ كان مواكبًا لحركة الإيقاع السياسي راصدًا لأحداثه مستبطنًا دواخله ومقومًا لاتجاهاته.
وكان محوره الأول يدور حول سلبيات المجتمع الأندلسي بسبب ما انغمس فيه الناس من حياة اللهو والترف والمجون وانصراف عن الجهاد. وأن الأمر لن يستقيم إلا برفع علم الجهاد تحت راية لا إله إلاالله. ومن هنا فالصوت الشعري لرثاء المدن في الأندلس يخالف الأصوات الشعرية الأندلسية الأخرى التي ألفها أهل الأندلس في الموشحات ووصف الطبيعة والغزل وبقية الأغراض الأخرى.
ويلفت النظر أن عددا من قصائد رثاء المدن في الأندلس لشعراء مجهولين؛ ويُفَسَّرُ ذلك إما بخشيتهم من السلطان القائم بسبب نقدهم للأوضاع السياسية وإما أن عنايتهم بالحس الجماعي واستثارته كانت أكثر من عنايتهم بذواتهم الشاعرة.
يقوم هذا الرثاء على مقارنة بين الماضي والحاضر؛ ماضي الإسلام في مجده وعزه، وحاضره في ذله وهوانه. فالمساجد غدت كنائس وبيعًا للنصارى وصوت النواقيس أضحى يجلجل بدلا من الأذان، والدويلات المسلمة تستعين بالنصارى في تدعيم حكمها. وتمتلئ كل هذه النصوص بشعور ديني عميق يطفح بالحسرة والندم.
كان سقوط مدينة طليطلة في أواخر القرن الخامس الهجري بداية المأساة؛ فهي أول بلد إسلامي يدخله الفرنجة وكان ذلك مصابا جللا هزّ النفوس هزًا عميقًا. يقول شاعر مجهول يرثي طليطلة في قصيدة مطلعها:
لثُكلكِ كيف تبتسم الثغور سرورًا بعدما سبيت ثغور
طليطلة أباح الكفر منها حماها إنّ ذا نبـــأ كبير
وفي هذه القصيدة التي بلغت سبعين بيتا تصوير لحال المسلمين عشية سقوطها وما أصابهم من ذل وصغار، كما تصور ماضيها المجيد وحاضرها المهين. وتنتهي بأمنية مشتهاة أن يخرج من أصلاب المسلمين بطلٌ كطارق بن زياد يعيد الأمر إلى نصابه:
ألم تك معقلا للدين صعـبا فذلّله كما شاء القديـر
وأخرج أهلها منها جميعــا فصاروا حيث شاء بهم مصير
• ومن مراثي المدن ما كتبه الشعراء في رثاء مدينة بلنسية، وهي من أجمل المدن الأندلسية وأرقاها، نبغ فيها عدد من الشعراء المرموقين أمثال: ابن خفاجة والرصافي والرفاء البلنسي. وقد سقطت مرتين: الأولى سنة (488هـ: 1095م) وظلّت محتلة سبعة أعوام إلى أن حررها يوسف بن تاشفين. والثانية، في فترة الانهيار الشامل في النّصف الأول من القرن السابع الهجري تقريباً.
لقد رثى الشعراء بلنسية وبكوها كما لو أنها إنسان مرموق فجع الناس بفقده، وهذا ابن خفاجة شاعر بلنسية الرّقيق الذي غنّى للطبيعة فيها طويلاً، لم يطق أن يرى مدينته الجميلة وقد أصبحت خراباً على يد جيوش الفرنجة الذين قتلوا أهلها وأحرقوا دورها. فرثاها بقصيدة دامعة
بالإضافة إلى بن الآبار و ابن عبدون و المعتمد و الشاعر المتأخر أبو البقاء الرندي

أسباب نشاة هذا الشعر : (بيئته )
و لقد نشا هذا الشعر-الرثاء- في الأندلس بين الأحداث المتلاحقة ومن الصراع المستمر بين الأحزاب المختلفة التي قامت على انقاض الخلافة المنهارة و بين الأندلسيين و غزاتهم من إفريقيا و مهد له التغني بحب الوطن قرية ,أو ضيعة , أو مدينة , أو عاصمة , فإذا فقدت أو ذهبت بها الحرب بكاها الشعراء ومن هنا أصبح بكاء الممالك المنهارة و المدن الذاهبة فن أندلسي أصيل و جدت دوافعه في المشرق و المغرب على السواء و خص الأندلس ببعضها و تفرد بأنه جرى مع هذه الدوافع الى غايتها فكان له معها قصائد رائعة .
أبرز مميزاته
ويمتاز هذا النوع من الشعر بصدق العاطفة وعمق الشعور بالأسى والحزن ، والتصوير الواقعي لحال المسلمين وما صاروا عليه من تناحر وإقتتال

الوصف
يعد من أفضل أغراض الشعر العربي,وأقربها إلى النفوس،ومن طبيعة الشاعر لا يقول الوصف الا وهو واسع الخيال لديه القدرة على والاستطاعة على تصوير المحسوس, إلى صوراً حية,للسامع وكأنه يراه إمامه،ولابد من وجود الحوافز,والمواقف التي تثير مشاعر الشاعر وتجعله يبدع في الوصف...فلذالك عرف الوصف عند الأندلسيين بكثرة الحوافز الطبيعية والأحداث المتتالية.
تعريفه:هو إظهار أو استحضار شئ , أومكان,أوحيوان, أو إنسان, لا يقع تحت نظر القارئ عبر التصوير اللغوي إما بأسلوب نقلي يكون فيه التصوير معادلا للموضوع الموصوف, وإما بأسلوب ملون بالعاطفة والخيال,ما يجعل التعبير يتجاوز
الموضوع الموصوف,إذ يعاد خلقه وفقا لرؤية الذات المعاينة. ويعد الوصف من الأغراض الأصيلة في الشعر العربي ولعل مايهمنا في هذا المقام هو الحديث عن
وصف الطبيعة المزوج بــ الرثاء :
وتعتبر هذه قفزه جريئة تحتاج لعبقرية وإبداع كي تؤدى بأكمل وجه , وذلك لأنهم مزجوا الرثاء بوصف الطبيعة, حيث البسوا الطبيعة حلل همومهم , وآلامهم الدفينة , وعلى رأس من قاموا بهذه التجربة " ابن خفاجة " حين رثى الوزيرأبا عبد الله بن ربيعه حيث يقول في مطلعها :
في كل ناد منك روض ثناء وبكل
خد فيجدول مــاءِ
ولكل شخص هزة الغصن الندي وتحت البكاء ورنه المـكـَّـاءِ
جالت بطرفي للصبابة عبرة كالغيم
رق فجال دون سماءِ
وبسطت في الغبراء خدي ذلة
أستنزلالرحمى من الغبراءِ .
لاهزني أمل وقد حل الردى بأبي
محمد المحل النائي .
غيران ابن خفاجة يقفز هذه المرة قفزة جريئة حين يمزج الغزل والخمر والطبيعة بالرثاء وذلك في ميميته حيث بدأها بالغزل وذكر أيام لهوه ومجونه على طريقه القدامى
فيقول :
ورب ليال بالغميم أرقتها *** لمرضى جفون بالفرات نيام
يطول عليا لليل يا أم مالك ***
وكل الليالي الصب ليل تمام
ويستمر في ذلك حتى يصل إلى الرثاء ويخلص إليه تخلص حسن
تلذذ بدار القصف عني ساعة *** وابلغ ندامتها اعز سلام
وقفت وقوف الثكل بين قبورهم
*** أعظمها من أعظم ورجام .
أهم شعراء الطبيعة الأندلسيين :
ابن رشيق، ابن خفاجة ، ابن
الشهيد، ابن الزقاق، وابن زيدونوالرصافي الرفاء
، وابن زمرك.
وبعد أن جلنـا هذه الجولات مع شعر الطبيعة نحب أن نضيف ، أن الشاعر الأندلسي برغم من حبه الجم للطبيعة إلا
انه لم يحاول في أحيان كثيرة أن ينفح فيها شيء من روحه ويمزج بهـا أحاسيسه ومشاعره مزجاً تـاماً، بل اكتفى بتصويرها معتمداً على الحواس الخمس وأبرزهـا حاسة البصر،
ويبرزه معتمداً في ذلك على خياله وصوره الخلابة
ولكن وجد هناك شعراء امتزجوا بالطبيعة وتجانسوا معها كابن خفاجة.
ونخلص إلى أن شعراء الطبيعة الأندلسية فاقوا إخوانهم
المشارقه، بغزارة المادة ودقة التصوير وابتكار
الفنون ، ونجاحهم في التعبير عن حبهم لبلادهم وتفضيلها على جميع البلدان. .
خاتمة
و خلاصة القول في آخر هذا العمل نقول : إن القيام بدراسة وافية حول تاريخ الرثاء وتعيين أول من رثى هو أمر صعب جداً.. فإذن لا نستطيع أن نحدّد زماناً خاصاً لبدء الرثاء في تاريخ البشر. لأنّ الإنسان قد عاش من بداية حياته على الكرة الأرضية مع الكوارث والنوائب والحوادث المؤلمة التي تهز القلب هزاً شديداً وكان لتلك الحوادث تأثيرها العظيم في النفوس. والإنسان في الشوط الأول من تاريخه كان يعبّر عن نفسه الحزينة بألوان شتى وبألفاظ مختلفة. نظن أنّ هذا التعبير في بدايته كان أصواتاً أو ألفاظاً قريبة الوزن دون أن تكون لوناً من ألوان الأدب ومع مرور الزمن تحولت إلى العبارات الموزونة و صار الرثاء غرض قائم بذاته و فننا من الفنون الأدبية و له شعراءه و رواده في أدبنا العربي وعلى اختلاف العصور اختلفت أنواع الرثاء و ألوانه .
أما في الأدب الأندلسي فقد ولد هذا الفن بين الأحداث المتلاحقة ومن الصراع المستمر بين الأحزاب المختلفة التي قامت على انقاض الخلافة المنهارة و بين الأندلسيين و غزاتهم من إفريقيا و بينهم و بين النصارى في شمال وطنهم و مهد له التغني بحب الوطن قرية ,أو ضيعة , أو مدينة , أو عاصمة , فإذا فقدت أو ذهبت بها الحرب بكاها الشعراء ومن هنا أصبح بكاء الممالك المنهارة و المدن الذاهبة فن أندلسي أصيل و جدت دوافعه في المشرق و المغرب على السواء و خص الأندلس ببعضها و تفرد بأنه جرى مع هذه الدوافع الى غايتها فكان له معها قصيد رائع و دون الجيد أحيانا أخرى تبعا لثقافة الشاعر و طاقاته النفسية و حظه من تجارب عصره عمقا و اتساعا و كان وراء ذلك كله ما سمي بالوجدان الأندلسي .و تبقى نونية الشاعر المتأخر أبو البقاء الرندي من أروع ما قيل في رثاء الأندلس.
والى هنا نرجوا أن و نكون قد وفينا الموضوع حقه بقدر المستطاع و في حدود المتاح لنا من المصادر و أن تكون معلومات هذا العرض كافية و شافية , فإن كان توفيق فمن الله و إن كان نقص فمن أنفسنا ولله الكمال و به التوفيق وعليه التكلان .










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-16, 12:55   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
khado586
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية khado586
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شعر الطبيعة في الأدب الأندلسي
توطئة
:

ما لبث العرب إن استقروا في الأندلس، ورحل إليها شعراؤهم، حتى بدأ الشعر الأندلسي يشق طريقه إلى الوجود، ويقوى، وتتنوع فنونه، و لم ينقض وقت طويل، حتى نظم الأندلسيون أشعارهم...
ومما يلفت النظر شيوع الشعر في المجتمع الأندلسي، إذ لم يكن الشعر وقفًا على الشعراء المحترفين وإنما شاركهم في ذلك الأمراء والوزراء والكتاب والفقهاء والفلاسفة والأطباء وأهل النحو واللغة وغيرهم. فالمجتمع الأندلسي بسبب تكوينه الثقافي القائم على علوم العربية وآدابها، ثم طبيعة الأندلس التي تستثير العواطف وتحرك الخيال، كل ذلك جعل المجتمع يتنفس الشعر طبعًا وسليقة وكأنما تحول معظم أهله إلى شعراء.)
الشعر في الأندلس:

والشعر في الأندلس امتداد للشعر العربي في المشرق؛ فقد كإن الأندلسيون متعلقين بالمشرق، ومتأثرين بكل جديد فيه عن طريق الكتب التي تصل إليهم منه، أو العلماء الذين يرحلون من الشرق أو الأندلسيين الذين يفدون إلى الشرق للحج أو لطلب العمل؛ وكانوا في غالب أمرهم مقلدين للمشارقة، ويبدو ذلك واضحاً في ألقاب الشعراء وفي معارضاتهم لشعراء المشرق. ولكن هذا التقليد لم يمنعهم من الإِبداع والابتكار، والتميز بميزات تخصهم نتيجة لعوامل كثيرة،. ويمثل الشعر خاصة أحد جوانب الحضارة العربية الأندلسية، حيث عبر عن قوالب تلك الحضارة وعن مضمونها
من الموضوعات التي شاعت في الأندلس وازدهرت كثيراً شعرالطبيعة
فقد وهب الله الأندلس طبيعة ساحرة ووافرة جمالاً.. جبالها الخضراء وسهولها الجميلة، وتغريد طيورها على أفنان أشجارها... كل ذلك له أثره في جمال الأندلس التي تنعم بيئتها بالجمال , وتصطبغ بظلال, وارفة, و ألوان ساحرة, تتنفس بجو عبق عطر يضاعف من روعته وبهائه ما يتخلل جنباتها من مواطن السحر,ومظاهر الفتنة التي تبعث الانبهار والدهشة في النفوس. وقد أنعكس ذلك في شعر الأندلسيين بشكل عام, حيث ازدحم بصور متنوعة ملونة تمثل البيئة الطبيعية في هذه الرقعة المسماة بالأندلس. ومن هنا تشكلت صورة الأندلس في الأذهان متقاربة في أوصافها وألوانها وقسماتها...
هذه الصورة على العموم تأخذ عطرها وعبقها وملامحها وألوانها من الطبيعة, فهي أقرب إلى لوحة فنية ناطقة, إنها بستان زاهٍ أو حديقة غناء أو واحة خضراء.
وهذا ولا شك ما جعل وصف الطبيعة من ابرز أغراض الشعر عند شعراء الأندلس،حيث تهيائت لهم أسباب الشعر ودواعيه فشغفت بها القلوب وهامت بها النفوس.
ومن هنا نجد تَعَلُّق الأندلسيين بها، يسرحون النظر في خمائلها، وأخذ الشعراء والكتاب ينظمون درراً في وصف رياضها ومباهج جنانها.
يقول ابن خفاجة:
يا أهل الأندلس لله دركم ماء وظل وأنهار وأشجار
ماجنة الخلد إلا في دياركم ولو تخيرت هذا كنت اختار
و قال آخر:
حـبذا أنـدلسٍ من بـلدٍ لم تـزل تنتج لـي كل سـرورْ
طـائرٌ شادٍ وظـلٌ وارفٌ ومـياهٌ سائحـاتٌ وقـصــور


ولم يكن جمال الطبيعة في الأندلس هو وحده الذي ساعد على ازدهار شعر الطبيعة هذا، بل أن حياة المجتمع الأندلسي أثرت أيضاً في هذا الشعر، الذي يمثل تعلق الشعراء الأندلسيين ببيئتهم وتفضيلها على غيرها من البيئات، ولكون الشعر عندهم يصف طبيعة الأندلس سواء الطبيعية أو الصناعية، فهم يصورونها عن طريق الطبيعة كما أبدعها الله في الحقول والرياض والأنهار والجبال والسماء والنجوم، ويصفونها كما صورها الفن لديهم في القصور والمساجد والبرك والأحواض وغيرها
و قد كان وصف الطبيعة في الشعر العربي منذ العصر الجاهلي إذ وصف الشعراء صحراءهم وتفننوا في وصفها لكن هذا الوصف لم يتعد الجانب المادي وفي العصر الأموي والعباسي عندما انتقل العرب المسلمون إلى البلدان المفتوحة وارتقت حياتهم الاجتماعية أضافت على وصف الطبيعة وصف المظاهر المدنيَّة والحضارة وتفننوا , فمن ذلك فقد وصف الطبيعة عند الشعراء العباسيين أمثال النجدي والصنوبري وأبي تمام وأبي بكر النجدي الذي عاش في بيئة حلب ولكن ما الجديد الذي جاء به الأندلسيون بحيث أن هذا الموضوع أصبح من الأغراض والموضوعات التي عرف بها أصل الأندلس.
عوامل ازدهار شعر الطبيعة في الشعر الأندلسي:

• ازدهار الحضارة العربية في الأندلس ازدهارا كبيرا وهذا الازدهار الذي شمل جميع جوانب الحياة الأندلسية .
• جمال الطبيعة الأندلسية التي افتتن بها شعراء الأندلس وتعلقوا بها وفصَّلوا في وصفها والتغني بمفاتنها .
• ازدهار مجالس الأنس والبهجة واللهو حيث كانت هذه المجالس تُعقدُ في أحضان الطبيعة .
خصائص شعر الطبيعة
• أفرد شعراء الطبيعة في الأندلس قصائد مستقلة ومقطوعات شعرية خاصة في هذا الغرض بحيث تستطيع هذه القصائد باستيعاب طاقة الشاعر التصويرية وخياله التصوري , غير الالتزام الذي تسير عليه القصيدة العربية فلم يترك الشاعر زاوية من زوايا الطبيعة إلا وطرقها .
• يعتبر شعر الطبيعة في الأندلس صورة دقيقة لبيئة الأندلس ومرآة صادقة لطبيعتها وسحرها وجمالها فقد وصفوا طبيعة الأندلس الطبيعية والصناعية مُمَثَّلة في الحقول والرياض والأنهار والجبال وفي القصور والبرك والأحواض .
• تُعد قصائد الطبيعة في الأندلس لوحات بارعة الرسم أنيقة الألوان محكمة الظلال تشد انتباه القارئ وتثير اهتمامه .
• أصبح شعراء الطبيعة نظراً للاهتمام به يحل محل أبيات النسيب في قصائد المديح , بل إن قصيدة الرثاء لا تخلو من جانب من وصف الطبيعة .
• أصبحت الطبيعة بالنسبة لشعراء الأندلس ملاذاً وملجأ لهم يبثونها همومهم وأحزانهم وأفراحهم وأتراحهم إلا أن جانب الفرح والطرب غلب على وصف الطبيعة فتفرح كما يفرحون وتحزن كما يحزنون .
• وصف الطبيعة عند شعراء الأندلس مرتبطاً ومتصلاً بالغزل والخمر ارتباطاً وثيقاً فوصف الطبيعة هو الطريق إليها فكانت مجالس الغزل والخمر لا تعقد إلا في أحضان الطبيعة .
• المرأة في الأندلس صورة من محاسن الطبيعة , والطبيعة ترى في المرأة ظلها وجمالها فقد وصفوا المرأة بالجنة والشمس , بل إنهم إذا تغزلوا صاغوا من الورد خدوداً ومن النرجس عيوناً ومن السفرجل نهوداً ومن قصب السكر قدوداً ومن ابنة العنب ( الخمر ) رضابا
.
أصناف من الوصف في شعر الطبيعة
:
هنا سنعرض بض الاصناف التي امتاز الشعراء في وصفها وتصويرها حتى ان قارئ القصيدة يسلتهم جمالها وكانه يراها امامه, وقد استقراء الشعراء مجال البئة وتضاريسها ومعطيات الحيات الكونية فيها.
وسنستهل تلك الاصناف بمايلى:-

ــ الروضيات:
وهو الشعر المختص في الرياض وما يتصل بها.
سنستهل الكلام عن الروّضِيات بهذه الأبيات الرائعة للقاضي أبو الحسن بن زنباع التي يصف قصة الطبيعة وفعل السحاب والأمطار في الأرض التي تتسربل بعدهما بحلتها الجميلة فتتفتح أزهارها وتنضج ثمارها حيث قال(2)

أبدت لنا الأيامُ زهرة طيبها وتسربلت بنضيرها وقشيبها
واهتزعِطف الأرض بعد خشوعها وبدت بها النعماء بعد شحوبها
وتطلعت في عنفوان شبابها من بعد ما بلغت عتيَّ مشيبها
وقفت عليها السحبُ وقفة راحم فبكت لها بعيونها وقلوبها
فعجبتُ للأزهار كيف تضاحكت ببكائها وتبشرت بقطوبها
وتسربلت حللاً تجر ذيولها من لدمها فيها وشق جيوبها
فلقد أجاد المزن في إنجادها وأجاد حرُّ الشمس في تربيبها
وهذه أبيات جميلة للشاعر الوزير عبدا لله بن سماك والذي يقول فيها:
الروض مخضرٌ الربى متجملٌ للناظرين بأجمل الألوانِ
وكأنما بسطت هناك شوارها خودٌ زهت بقلائد العقيانِ
والطير تسجع في الغصون كأنما نقرُالقِيان حنت على العيدانِ
والماء مطَّردٌ يسيل لعابه كسلاسلٍ من فضةٍ وجمانِ
بهجات حسنٍ أُكملت فكأنها حسن اليقين وبهجة الإيمانِ

ــ الزهريات : الشعر المختص بالأزاهير .

وقد وصف الأندلسيون الأزهار وأكثروا في هذا النوع من الوصف فوصفوا الورد والنرجس والشقائق والنيلوفر والياسمين والقرنفل واللوز وغير ذلك مما وقعت عليه عيونهم في تلك الطبيعة الخلابة من زهريات وسنستعرض بعض
الأمثلة الجميلة التي قيلت في بعض منها,فهذا ابن حمديس يرثي باقة ورد أصابها الذبول فتحرق حزناً وأسى عليها فقال هذين البيتين
يا باقة في يميني بالردى ذبلت أذاب قلبي عليها الحزن والأسفُ
ألم تكوني لتاج الحسن جوهرةً لما غرقتِ،فهلاَّ صانك الصدفُ
وهذه أبيات في زهرة الياسمين للمعتضد بالله عباد بن محمد بن عباد يصفها مشبهاً إياها بكواكب مبيضة في السماء ويشبه الشعيرات الحمراء التي تنسرح في صفحتها بخد حسناء بدا ما بدا فيه من آثار فيقول:
أنما ياسـميننا الغضُّ كواكبٌ في السماء تبيضُّ
والطرق الحمر في جوانبه كخد حسناء مسه عضُّ
ويقول ابن حمديس في وصف النيلوفر:
ونيلوفرٍ أوراقه مستديرةٌ تفتَّح فيما بينهن له زهرُ
كما اعترضت خُضر التراس وبينها عواملُ أرماحٍ أسنَّتُها حُمرُ
هو ابن بلادي كاغترابي اغترابه كلانا عن الأوطان أزعجه الدهرُ
وهذه أبيات رقيقة جداً ومن أروع ما قيل في وصف الشقائق لابن الزقاق:
ورياض من الشقائق أضحى يتهادى بها نسيم الرياحِ
زرتها والغمام يجلد منها زهرات تروق لون الراح
قلت ما ذنبها ؟ فقال مجيباً سرقت حُمرةَ الخدودِ الملاح
وهذا أيضاً وصف بديع لشجرة لوز قاله أبو بكر بن بقي:
سطرٌ من اللوز في البستان قابل نيما زاد شيءٌ على شيءٍ ولا نقصا
كأنما كل غصنٍ كُمُّ جاريةٍ إذا النسيم ثنى أعطافه رقصا
وهذا وصف جذاب لزهرة ألأقاح للأسعد ابن إبراهيم بن بليطة ويقول:
أحبب بنور الأقاح نوَّاراعسجـــده في لجينــه حارا
أي عيون صُوِّرْنَ من ذهبرُكِّبَ فيها اللجينُ أشفارا
إذا رأى الناظرون بهجتها قالوا نجومٌ تحـــفُّ أقمارا
كأن ما اصفرَّ من مُوسِّطه عليلُ قومٍ أتوه زوارا

ــ الثمريات:-
الشعر المختص بالأثمار,والبقول,وما يتصل بها.
وصف الأندلسيين للثمرة نفسها فقد وصفوا التفاحة والسفرجل والرمانة والعنب وحتى الباذنجان !! وأبدعوا في ذلك كثيرا فقال أبو عثمان ألمصحفي وقد تأمل ثمرة السفرجل الأبيات التالية الرائعة المحبوكة في نسيج رائع, ولفظ رقيق ومعنى أنيق موشى بلوعة حب وشكوى صب رغم إنه شطح في آخرها قليلاً ( وزودها ) حتى نسي إن ما بين يديه ما هو إلا حبة من السفرجل!!ويقول:

ومصفرَّةٍ تختال في ثوب نرجس وتــعبق عن مسك زكيِّ التنفس
لها ريح محبوبٍ وقسوة قلــــــبه ولونُ محبٍ حُلَّةَ السُــقم مـكتسي
فصفرتها من صفرتي مستعارةٌ وأنفاسها في الطيب أنفاسُ مؤنسي
فلما استتمت في القضيب شبابها وحاكت لها الأنواء أبراد سندس
مددت يدي باللطف أبغي قطافها لأجعلها ريحانتي وسـط مجلسي
وكان لها ثوبٌ من الزغب أغبرٌ يرف على جسم من التـبر أملسِ
فلما تعرَّت في يدي من لباسها ولـــم تبق إلا في غلالة نرجسِ
ذكرتُ بها من لا أبوح بذكره فأذبلـــها في الكف حرّ تنفس

وهذا أحمد بن محمد بن فرح يقدم صورة بهية لثمرة الرمان فيقول:

ولابسة صدفاً أحمرا أتتك وقد ملئت جوهرا .
كأنك فاتح حُقٍّ لطيفٍت ضمَّن مرجانَه الأحمرا

وكذلك كأن للعنب نصيب عند شعراء الأندلس فقال فيه الشاعر أحمد بن الشقاق ما يلي:
عنب تطلَّع من حشى ورق لنا صُبغت غلائل جلده بالإثْمدِ
فكأنه من بينهن كواكبٌ كُسفت فلاحت في سماء زبرجدِ

ــ المائيات
:
الشعر المختص بوصف الأنهار,والبرك, والسواقي.
كانت الأنهار الكثيرة الوفيرة المياه،وما يتشعب عنها من برك،وخلجان,وغدران،وما ينبت على شواطئها,من حدائق،ورياض،وما يصاحبها من ظواهر طبيعية كمد,وجزر,وفجر,ونهار,وليل,وشمس,وأصيل من مظاهر الطبيعة الخلابة في بلاد الأندلس؛وكانت أكبر المدن مثل قرطبة وأشبيلية وغرناطة تقع على تلك الأنهار,التي كانت ترفد الأرض بالخصب,والعطاء فاتخذ الأندلسيون من ضفافها مراتع للمتعة,واللهو,ومن صفحاتها ساحات تمرح عليها زوارقهم,وأشرعتهم,وهم في هذه وتلك يعزفون أعذب الألحان,ويتغنون باعذب الشعر وأرقه....
وهذه الأبيات الرائعة لابن حمديس في وصف بركة من الماء في أحد القصور وقد احتوت على تماثيل لأسود تقذف الماء من أفواهها...
ولعل لفن النقش والنحت والزخرفة الذي كأن سائداً آنذاك أثر كبير في جمال هذه الصورة التي رسمها الشاعر بكل براعة:
وضراغمٍ سكنت عرين رياسة ٍتركت خرير الماء فيه زئيرا
فكأنما غشَّى النُّضارُ جسومَها وأذاب في أفواهها البلورا
أُسْدٌ كأن سكونها متحركٌ في النفس،لووجدت هناك مثيرا
وتذكَّرت فتكاتِها فكأنما أقْعت على أدبارها لتثورا
وتخالها والشمس تجلولونها ناراً ،وألسنَها اللواحسَ نورا
فكأنما سَلَّت سيوفَ جداولٍ ذابت بلا نارٍ فعدُنَ خريرا
وكأنما نسج النسيمُ لمائهِ درعاً، فقدَّر سردَها تقديرا
وبديعة الثمرات تعبر نحوها عيناي بحرَ عجائبٍ مسجورا
شجريةٍ ذهبيةٍ نزعت إلى سحرٍ يؤثر في النُّهى تأثيرا
قد سَرَّحت أغصانَها فكأنما قبضت بهن من الفضاء طيورا

الأمثلة على وصف المائيات كثيرة جداً .
وتبقى الطبيعة وحدة متكاملة من الصعب تجزيئها والدارس لشعر الطبيعة عند الأندلسيين لا بد وإن يستغرب من هذا الكم الهائل من الأشعار التي قيلت في هذا المجال ولا أظن إن أمة من الأمم قد برعت في تصوير الطبيعة بمظاهرها وظواهرها المختلفة كما برع الأندلسيون.
الثلجيات:-
الشعر المختص في الثلج والبرد...
ننتقل الآن إلى الثلج الجميل الذي يكسو الأرض والسطوح والسفوح والأغصان العارية,بغلالة بيضاء نظيفة ناصعة وطاهرة,وكإنه قطن مندوف فيبعث في النفس بهجة ما لها مثيل, وعلى كل حال يبقى ما قيل في الثلجيات أقل مما قيل في الروضيات والمائيات حيث بدأ هذا النوع من الوصف متأخراً في بلاد الأندلس كمثيله في الشرق ومن الأبيات الرائعة التي قيلت في الثلج تلك التي قالها أبو جعفر بن سلام المعا فري المتوفى عام 550م وقال فيها:
ولم أر مثل الثلج في حسن منظر تقر به عينٌ وتشْنَؤه نفسُ
فنارٌ بلا نور يضيء له سناً وقطرٌ بلا ماءٍ يقلِّبه اللمسُ
وأصبح ثغر الأرض يفترُّ ضاحكا فقد ذاب خوفاً أن تقبِّله الشمس
وهذه أبيات للشاعر الرقيق ابن زمرك يمدح فيها السلطان ويصف الثلج في نفس الوقت فيقول:
يا من به رتب الإمارة تُعتلى ومعالمُ الفخر المشيدةُ تَبتنِي
ازجر بهذا الثلج حالاً إنه ثلج اليقين بنصر مولانا الغني
بسط البياض كرامة لقدومه وافترَّ ثغراً عن كرامة مُعتني
فالأرض جوهرةٌ تلوح لمعتلٍ والدوح مُزهِرةٌ تفوح لمجتني
سبحان من أعطى الوجود وجوده ليدل منه على الجواد المحسن
وبدائع الأكوان في إتقانها أثرٌ يشير إلى البديع المتقن

وهذه أبيات جميلة لابن خفاجة في وصف الثلج يقول فيها:
ألا فَضَلتْ ذيلَها ليلةٌ تجرُّ الربابَ بها هيدبا
وقد برقع الثلجُ وجهَ الثرى وألحف غصنَ النقا فاختبى
فشابت وراء قناع الظلام نواصي الغصون وهامُ الربى
وما دمنا نتحدث عن الثلج فلا بد من الإشارة إلى البَرَد أيضاً والذي كأن له نصيب في شعر الأندلسيين ومنهم عبد الجبار بن حمديس الصقلي الذي كتب قصيدة تزيد عن العشرين بيتاً وصف فيها السيول والغدران والبرق والروض وخصص بعض أبياتها للبرد فشبهه بدرر على نحور فتيات حسان أو بلؤلؤ أصدافه سحاب أو بدموع تتساقط من السحاب وغير ذلك من الصور المألوفة وغير المألوفة ويقول فيها:
نثر الجوُّ على الأرض بَرَدْ أي درٍ لنحورٍ لو جمدْ
لؤلؤٌ أصدافه السحْب التي أنجز البارق منها ما وعدْ
ذوَّبتْهُ من سماء أدمعٌ فوق أرض تتلقَّاه نَجَدْ

وهذان بيتان جميلان في وصف البرد وهو يتساقط من السماء والريح تعبث به فتبعثره قالها أبو بكر عبد المعطي بن محمد بن المعين:
كأن الهواء غديرٌ جَــمَد بحيث البرود تذيب البَرَدْ
خيوطٌ وقد عُقدت في الهوا وراحةُ ريحٍ تحل العُقد
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وهذه الأصناف التي صنفها علما الأدب ,لتمثيل وليست للحصر وإنما لوضع منهج لشعر الطبيعة وتقسيمات يمكن من خلالها تسهيل دراسة الشعر
رواد شعر الطبيعة في الأندلس:

إن "شعر الطبيعة" كمصطلح تعبير جديد في أدبنا، لكن "شعر الطبيعة" كظاهرة وغرض وفن، موجود في الشعر العربي من قديم، لكن الجديد الذي أدخله الغربيون هو المصطلح فقط؛ فـ"شعر الطبيعة" تعبير جديد في أدبنا، أطلقه الغربيون على الشعر الذي كان من أهم مظاهر الحركة الإبداعية الرومانسية في أواخر القرن الثامن عشر، وقد وجد الشعراء في الطبيعة تربةً خصبةً لنمو العواطف الإنسانية، وواحة للنفوس المتعبة القلقة، وشعر الطبيعة في فجره عند العرب كان صورةً لما تراه العين، أكثر من كونه مشاركةً للعواطف التي توحي بها الطبيعة، وانفعالًا ذاتيًّا للشعور.

وفي ظلال العباسيين استطاع بعض فحول الشعر أن يضيفوا إلى الأوصاف المادية للطبيعة حسًّا وذوقًا؛ فائتلفوا معها -أي: مع الطبيعة- واستغرقوا في نشوة جمالها، وبادلوها عاطفةً بعاطفة وحبًّا بحب، ومن هؤلاء الشعراء العباسيين، الذين أضافوا إلى الأوصاف المادية حسًّا وذوقًا: "أبو تمام" و"البحتري" و"ابن الرومي" و"ابن المعتز" و"الصنوبري
و من رواد شعر الطبيعة في الأندلس الشاعر (ابن خفاجة), و قد قال في الجبل حين راح يتأمله و يفضي اليه:


وأرعن طماح الذؤابة بازخ يطاول أعنان السماء بغارب
وقور على ظهر الفلاة كأنه طوال الليالي مفكر في العواقب
أصغت إليه وهو أخرس صامتٌ فحدثني ليل الثرى بالعجائب
وقال: ألا كم كنت ملجأ قاتلٍ وموطن أواهٍ تبتل تائب
وقال بظلي..... وكم مر بي من مدلج ومأوب

"قال" هنا من القيلولة وليست من القول. "قال بظلي": أي من القيلولة، وقت الظهيرة، النوم وقت الظهيرة، أو الاستراحة وقت الظهيرة.
وكم مر بي من مدلج ومأوب وقال بظلي من مطي وراكب
فأسمعني من وعظه كل عبرةٍ يتجرمها عنه لسان التجارب
فسلى بما أبكى وسر بما شجى وكان على ليل الثرى خير صاحب
قد كان "ابن خفاجة" بارعًا في تصوير هذا الجبل الأخرس، ومزج مشاعره به، مما جعل الصور التي عرضها له نابضةً حية، تثير فينا شتى الخواطر والتأولات، بيد أن مجنون ليلى "قيسًا العامري" قد سبق "ابن خفاجة" بالحديث إلى جبل التوباد، يقول:
وأجهشت للتوباد حين رأيته وكبر للرحمن حين رآني
فقلت له أين الذين عهدتهم حواليك في خصب وطيب زمان
فقال مضوا واستودعوني بلادهم ومن ذا الذي يبقى على الحدثان

ولو قارنا بين ما قال "قيس العامري" وما قال "ابن خفاجة الأندلسي" لوجدنا "ابن خفاجة" في هذه القصيدة قد استكمل جوانب الصورة العامة للجبل، وافتن في تشخيصه، وجعله ينفعل بمختلف الأحاسيس والخواطر والأفكار، إلى جانب ما في تصوير "ابن خفاجة" من تحليل واستقصاء، وإكثارٍ من الصور الخيالية، هذا ما تعهده حين تتأمل قول "ابن خفاجة" تجد الصورة العامة للجبل مستكملة الجوانب؛ لقد افتن الرجل في تشخيص الجبل وتصويره، وجعله كذلك ولذلك ينفعل بمختلف الأحاسيس والخواطر والأفكار، ووجدنا ما في تصوير "ابن خفاجة" من التحليل والاستقصاء، وإكثار الرجل من الصور الخيالية، بينما وجدنا قول "العامري" مجرد خطرة عابرة، لو وقف عندها "ابن خفاجة" ما بلغ هذا النفاذ، وما جاءت قصيدة الجبل عند "ابن خفاجة" نسقًا شعريًّا متكاملًا ذا شعابٍ وأفانين، لقد تألق الأندلسيون في هذا الروض الإبداعي -وهذا شيء يذكر لهم- حين رأيناهم يمزجون في شعر الطبيعة بين الطبيعة والحب، ورأوا في مظاهر الطبيعة صفات من يحبون، واتخذوا من مباهج الطبيعة أداة للتذكر، على غرار ما جاء في قول "المالقي" في جارية تدعى "حسن الورد":
تذكرت بالورد حسن الورد منبته حسنً وطيبًا وعهدًا غير مضمون
هيفاء لو بعت أيامي لرؤيتها بساعة لم أكن فيها بمغبون
كالبدر ركبه في الغصن خالقه فما ترى حين تبدو غير مفتون

"ابن هزي الأندلسي" يقول مصورًا مشاعره الإنسانية في حضن الطبيعة، التي حركتها في نفسه الولهة، في نغمة موحية بالانفعال والتفاعل والحيوية:
هبت لنا ريح الصبا فتعانقت فذكرت جيدك في العناق وجيد
وإذا تألف في أعاليها الندى مالت بأعناق ولطف قدود
وإذا التقت بالريح لم تبصر بها إلا خدودًا تلتقي بخدود
فكأن عذرة بينها تحكي لنا صفة الخلود وحالة المعمود
تيجانها طلٌّ وفي أعناقها منه نظام قلائدٍ وعقود
أما ابن زيدون فهو أهم شاعر وجداني في الأندلس
وهو أول من اعتصر فؤاده شعرًا فيه جوًى وحرقة وهوى ولوعة، وتلوح لأولي البصر عبقريته الفذة ونضجه الشعري بعد أن صهرته محنة السجن، وعذاب الصدود والهجر، فكانت تجربته الشعرية عصارة نفس متألمة أو صرخة إنسانية لهيفة ارتفعت بتجربة الشعر على جناح الطبيعة إلى مستوًى فنيًّ رفيع، وقد عرفنا إن مجال إبداع الأندلسيين في هذا المجال أنهم مزجوا بين الطبيعة والحب، هذه الصرخة الإنسانية اللهيفة عند "ابن زيدون" ارتفعت بتجربة الحب على جناح الطبيعة إلى مستوًى فني رفيع، لم نعهده في أدب المشرق وقتذاك، فتجربة ابن زيدون تجربة نفسية وجدانية متكاملة، تكاد ترى نفس "ابن زيدون" ذائبة في حواشيها حسرة وشوقًا، على أنه من أروع ما وفق إليه شاعر الأندلس الملهم براعته الفائقة في تشخيص مظاهر الطبيعة، وتحولها على يديه إلى أحياء ينفعلون ويتحركون على مسرح الفن الشعري، فهي -أي الطبيعة- في خياله وحضوره العاطفي المتوهج تنبض بالحياة، وتفيض بالمشاعر، بل وتشاركه آلامه وآماله في مشاركة وجدانية رائعة، وتلاحم عاطفي أكثر روعة ندر في شعر المشارقة وقلّ في شعر الأندلسيين، وقصيدته القافية تؤكد هذا الجانب الإبداعي عند "ابن زيدون" والتي منها:
إني ذكرتك بالزهراء مشتاق والأُفق طلقٌ ووجه الأرض قد راق
وللنسيم اعتلال في أصائله كأنه رقّ لي فاعتل إشفاق
والروض عن مائه الفضي مبتسم كما شققت عن اللبات أطواق

إنها رسالة أو صرخة إنسانية لهيفة، بعث بها على جناح الطبيعة إلى "ولادة بنت المستكفي":
والروض عن مائه الفضي مبتسم كما شققت عن اللبات أطواق
يوم كأيام لذات لنا انصرمت بتنا لها حين نام الدهر سُراق
نلهو بما يستميل العين من زهر جال الندى فيه حتى مال أعناق
كأن أعينه إذ عاينت أرقي بكت لما بي فجال الدمع رقراق
ورد تألق في ضاحي منابته فازداد منه الضحى في العين إشراق
سرى ينافحه نيلوفر عبق وسنان نبه منه الصبح أحداق
كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا إليك لم يعد عنه الصبر أن ضاق
لا سكن الله قلبًا عنّ ذكركم فلم يطر بجناح الشوق خفاق
لو شاء حملي نسيم الصبح حين سرى وافاكم بفتى أضناه ما لاق

لقد كان "ابن زيدون" بهذه الخاصية الإبداعية رائدًا إلى الشعر الرومانسي في القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي، والذي عرفته الآداب الأوربية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، فابن زيدون بوصف الطبيعة من خلال نوازعه العاطفية وأشجان حبه الذاتية يمثل خطوة رائدة في أدب الطبيعة عند العرب، ويعد مظهرًا من أبرز مظاهر التجديد في شعر الطبيعة الأندلسي، بل يمكننا أن نعتبر ابن زيدون مصدرًا عربيًّا عريقًا للأدب العالمي في الاتجاه نحو الطبيعة، وتوظيفها في الفن الشعري بعامة والنسيب منه بخاصة، ولا نقول ذلك رجمًا بالغيب، أو تعصبًا لأبناء جلدتنا من العرب، أو حميةً لأبناء عقيدتنا من المسلمين، بل هو استنتاج ورأي نشفعه بالدليل، أليس تمثل الطبيعة والاندماج فيها وتقمصها تقمصًا وجدانيًّا في الشعر الغنائي، الذي رأينا أنموذجه عند "ابن زيدون" في القرن الحادي عشر الميلادي هو ما أراده النقد الأدبي الرومانسي في أوربا بعد ذلك في القرن التاسع عشر عند حديثه عن أثر الطبيعة ودورها الفاعل في الأدب والإبداع الفني؟


لمعرفة المزيد https://www.liilas.com/vb3/t72149.html#ixzz1sCgbceV5










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-16, 12:57   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
khado586
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية khado586
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خصائص الشعر الأندلسي:كان الشعر في الأندلس الأكثر ذيوعًا من أي جنس أدبي آخر؛ لأنَّه كان يمثل أهم مظاهر الحياة العقليَّة العربيَّة في الأندلس، وساعدت الطبيعة الفاتنة كما أسلفنا علىوكان الحنين إلى المشرق يُمثِّل جانبًا كبيرًا من أماني شُعَراء الأندلس وأحلامِهِم، فهذا عبدالرَّحمن الدَّاخل، يتذكَّر أرض آبائِه وأجداده فيقول:

تَبَدَّتْ لَنَا وَسْطَ الرَّصَافَةِ نَخْلَةٌ تَنَاءَتْ بِأَرْضِ الغَرْبِ عَنْ بَلَدِ النَّخْلِ
فَقُلْتُ: شَبِيهِي فِي التَّغَرُّبِ وَالنَّوَى وَطُولِ التَّنَائِي عَنْ بَنِيَّ وَعَنْ أَهْلِي
نَشَأْتِ بِأَرْضٍ أَنْتِ فِيهَا غَرِيبَةٌ فَمِثْلُكِ فِي الإِقْصَاءِ وَالمُنْتَأَى مِثْلِي[1]
نضوج الشِّعْر وإخصاب الصُّور الشعرية، كما كان لمجالس الأنس والبهجة الأثر الكبير في تنوُّع أغراض الشعر[2].









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-16, 16:26   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جزائرية اصيلة
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

عرف الأدب العربي رثاء المدن غرضًا أدبيا في شعره ونثره. وهو لون من التعبير يعكس طبيعة التقلبات السياسية التي تجتاج عصور الحكم في مراحلمختلفة.

وهذا النوع من الرثاء لا يقف في حدود عند رثاء المدن وحدها حينيصيبها الدمار والتخريب ولكنه يتجاوز ذلك إلى رثاء الممالك تارة والعصور تارة أخرى. بل قد يرثي الدولة بأسرها؛ كما حدث ذلك في الأندلس. وقد تميز هذا الغرض من رثاءالمدن في الشعر أكثر من تميزه في النثر.

ويُعد رثاء المدن من الأغراضالأدبية المحدثة، ذلك أن الجاهلي لم تكن له مدنٌ يبكي على خرابها، فهو ينتقل فيالصحراء الواسعة من مكان إلى آخر، وإذا ألم بمدن المناذرة والغساسنة فهو إلمامعابر. ولعل بكاء الجاهلي على الربع الدارس والطلل الماحل هو لون من هذه العاطفةالمعبّرة عن درس المكان وخرابه.
رثاء المدن في المشرق. عرف المشرق قدرا منهذا الرثاء شعرًا، عندما تعرضت عاصمة الخلافة العباسية للتدمير والخراب خلال الفتنةالتي وقعت بين الأمين والمأمون. فنهبت بغداد وهتكت أعراض أهلها واقتحمت دورهم، ووجدالسّفلة والأوباش مناخًا صالحا ليعيثوا فسادا ودمارا. وقد عبر الشاعر أبو يعقوبإسحاق الخريمي، وهو شاعر خامل الذكر، عن هذه النَّكبة في مرثيته لبغداد فقال:
يابؤس بغداد دار مملكة دارت على أهلها دوائرها
أمهلها الله ثم عاقبها حينأحاطت بها كبائرها
بالخسف والقذف والحريق وبالحرب التي أضحت تساورها
حلّتببغداد وهي آمـنة داهية لم تكن تحاذرهـا
ثم كان خراب البصرة على يدالزنج في ثورتها المشهورة. فأشعلوا فيها الحرائق وحولوها إلى أنقاض ودمار، فوقفالشاعر ابن الرومي مذهولا بما حدث فقال:
كم أخ قد رأى أخاه صريعا تَرِبَ الخدبين صرعى كرام
كم مفدّى في أهله أسلموه حين لم يحْمه هنالك حامي
كم رضيعهناك قد فطموه بشبا السيف قبل حدّ الفطام
وبالإضافة إلى هاتينالمرثيتين، حفل ديوان رثاء المدن في المشرق، بطائفة من القصائد تتحدث عن تلك المدنالتي اسقطها هولاكو وتيمور لنك.
وكذلك استثارت نكبة بغداد على يد هولاكوعاطفة عدد من الشعراء مثل شمس الدين الكوفي، ومن أبياته قوله:

إن لم تقرّحأدمعي أجفاني من بَعْدِ بُعْدِكُمُ فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم ماراقـه نظــــر إلى إنســان
مالي وللأيام شتت خطبها شملي وخــلاني بلا خلان
ما للمنازل أصبحت لا أهلها أهلي ولا جيرانهــا جيـراني
وتعدمرثبة الشيخ تقي الدين إسماعيل بن إبراهيم التنوخي في القرن السابع الهجري أشهرمراثي بغداد حين خربها هولاكو. يقول في آخر القصيدة:
إن القيامة في بغداد قدوجدت وحدّها حين للإقبال إدبار
آل النبي وأهل العلم قد سُبيوا فمن ترى بعدهمتحويه أمصار
ماكنت آمل أن أبقى وقد ذهبوا لكن أتى دون ما أختار أقدار
وكذلك كان رثاء دمشق عندما سقطت في أيدي التتار فتعاقب على رثائهاكثير من الشعراء مسجلين ذلك الحدث ومنهم الشاعر علاء الدين العزولي في قوله:
أجريت جمر الدمع من أجفاني حزنا على الشقراء والميـدان
لهفي على وادي دمشقولطفه وتبدل الغزلان بالثيــــــران
واحسرتاه علي دمشق و قولها سبحان من بالغلقد أبلاني
لهفي عليك محاسنا لهفي عليـ ك عرائسا لهفي عليك مغانـي
ولكن هذا اللون في المشرق لم يزدهر ازدهاره في الأندلس، ويعزى ذلكإلى أن طبيعة التقلبات السياسية في الأندلس كانت أشد حدة وأسرع إيقاعا، وأنها اتخذتشكل المواجهة بين النصارى والمسلمين حين تجمع الصليبيون عازمين على طرد المسلمينوإخراجهم من الأندلس.

رثاء المدن في الأندلس. كان هذا الغرض في الأندلس منأهم الأغراض الشعرية، إذ كان مواكبًا لحركة الإيقاع السياسي راصدًا لأحداثهمستبطنًا دواخله ومقومًا لاتجاهاته.
وكان محوره الأول يدور حول سلبياتالمجتمع الأندلسي بسبب ما انغمس فيه الناس من حياة اللهو والترف والمجون وانصراف عنالجهاد. وأن الأمر لن يستقيم إلا برفع علم الجهاد تحت راية لا إله إلاالله. ومن هنافالصوت الشعري لرثاء المدن في الأندلس يخالف الأصوات الشعرية الأندلسية الأخرى التيألفها أهل الأندلس في الموشحات ووصف الطبيعة والغزل وبقية الأغراضالأخرى.

ويلفت النظر أن عددا من قصائد رثاء المدن في الأندلس لشعراءمجهولين؛ ويُفَسَّرُ ذلك إما بخشيتهم من السلطان القائم بسبب نقدهم للأوضاعالسياسية وإما أن عنايتهم بالحس الجماعي واستثارته كانت أكثر من عنايتهم بذواتهمالشاعرة.
يقوم هذا الرثاء على مقارنة بين الماضي والحاضر؛ ماضي الإسلام فيمجده وعزه، وحاضره في ذله وهوانه. فالمساجد غدت كنائس وبيعًا للنصارى وصوت النواقيسأضحى يجلجل بدلا من الأذان، والفتيات المسلمات انتهكت أعراضهن، والدويلات المسلمةتستعين بالنصارى في تدعيم حكمها. وتمتلئ كل هذه النصوص بشعور ديني عميق يطفحبالحسرة والندم.

كان سقوط مدينة طليطلة في أواخر القرن الخامس الهجري بدايةالمأساة؛ فهي أول بلد إسلامي يدخله الفرنجة وكان ذلك مصابا جللا هزّ النفوس هزًاعميقًا. يقول شاعر مجهول يرثي طليطلة في قصيدة مطلعها:
لثُكلكِ كيف تبتسمالثغور سرورًا بعدما سبيت ثغور
طليطلة أباح الكفر منها حماها إنّ ذا نبــأكبـــير
وفي هذه القصيدة التي بلغت سبعين بيتا تصوير لحال المسلمينعشية سقوطها وما أصابهم من ذل وصغار، كما تصور ماضيها المجيد وحاضرها المهين. وتنتهي بأمنية مشتهاة أن يخرج من أصلاب المسلمين بطلٌ كطارق بن زياد يعيد الأمر إلىنصابه:
ألم تك معقلا للدين صعـبا فذلّله كما شاء القديـــر
وأخرج أهلهامنها جميعــا فصاروا حيث شاء بهم مصير
وكانت دار إيمان وعلـم معالمها التي طمستتنــير
مساجدها كنائس، أي قلب على هذا يقر ولا يطـير
فيا أسفاه يا أسفاهحزنــا يكرر ما تكررت الدهـور
ثم تختم المرثية بهذه الأمنية:
الاّ رجل له رأي أصيــــل به مِمّا نحاذر نستجـــــــــير
يكُرّ إذا السيوفتناولــته وأين بنا إذا ولت كــــــــرور
ويطعن بالقنا الخطار حتى يقول الرمحمن هذا الخطــير ؟
وتعد مرثية الشاعر ابن الأبار لمدينة بلنسية منالمراثي المشهورة في الأندلس، فقد أرسل بها على لسان أميره إلى أبي زكريا بن حفصسلطان تونس مستنجدا به لنصرة الأندلس ومطلعها:

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا إنالسبيل إلى منجاتها درســـا
وهب لها من عزيز النصر ما التمست فلم يزل منك عزّالنصر ملتمسا

ويحكي هذا النص يأس أهل الأندلس من حكامهم المسلمينومن ثم توجهوا لطلب النصرة من خارج الأندلس كما تصور حال بلنسية وقد تحولت المساجدإلى كنائس وفرض الكُفر سلطانه على الجزيرة وأن الذي أصاب بلنسية يوشك أن يصيب باقيالمدن الأندلسية:
مدائن حلها الإشراك مبتسما جذلان، وارتحل الإيمان مبتئسا
ياللمساجد عادت للعدا بيعا وللنداء غدا أثناءها جرسـا
ثم يلتفتإلى أبي زكريا سلطان تونس قائلا:
طهّر بلادك منهم إنهم نجس ولا طهارة ما لمتغسل النجسا
وأوطئ الفيلق الجرار أرضهم حتى يطأطئ رأسا كل من رأسا
وأملأهنيئًا لك التأييد ساحتها جرُدًا سلاهب أو خطية دُعُســا
وأمامراثي الممالك فمن أشهرها مرثية أبي محمد، عبد المجيد بن عبدون التي رثى بها قتلىبني الأفطس أصحاب بطليوس ومطلعها:
الدهر يفجع بعد العين بالأثر فما البكاء علىالأشباح والصور؟
وفيها يقول:

أنهاك أنهاك لا آلوك موعظة عننومة بين ناب الليث والظفر
وفي هذه المرثية، يحشد ابن عبدون الكثيرمن أحداث التاريخ وتقلباته ويحكي ما أصاب الدول والممالك من مآسٍ ومحن متخذا من ذلكسبيلا للعظة والتأسي. وتمتاز القصيدة على طولها بحاسة شعرية قوية وعاطفة جياشةتزاوج بين مأساة بني الأفطس الذاتية والسياسية.

ومن أهم المراثي التي ربطتبين المأساة الذاتية والسياسية قصيدة أبي بكر بن عبد الصمد في رثاء مملكة إشبيلياوأميرها الشاعر المعتمد بن عباد:
ملك الملوك أسامع فأنادي أم قد عدتك عن السماععوادي
لما خلت منك القصور ولم تكن فيها كما قد كنت في الأعــياد
قد كنتأحسب أن تبدد أدمعي نيران حزن أضرمت بفــــؤادي
وتعد أيضا داليةابن اللبانة في رثاء بني عبَّاد ومملكتهم من تلك المراثي التي ربطت بين مأساةالمعتمد وضياع ملكه ومأساة الشاعر حين هوى عن عرش الشعر ومملكته:
تبكي السماءبدمع رائح غاد على البهاليل من أبناء عـــــــبَّاد
على الجبال التي هُدّتقواعدها وكانت الأرض منهم ذات أوتاد
نسيت إلا غداة النهر كونهم في المنشآتكأموات بألحـــــاد
تفرقوا جيرة من بعد ما نشأوا أهـلا بأهـل وأولادًا بأولاد
جامع قرطبة الكبير

وأما نونية أبي البقاء الرندي فهي واسطةالعقد في شعر رثاء المدن وأكثر نصوصه شهرة وأشدها تعبيرا عن الواقع. فهي ترثيالأندلس في مجموعها مدنا وممالك. فتصور ما حلّ بالأندلس من خطوب جليلة لا عزاء فيهاولا تأسٍ دونها وكيف ضاعت قرطبة دار العلوم، وإشبيليا مهد الفن، وحمص مهبط الجمال،وكيف سقطت أركان الأندلس واحدة تلو الأخرى، وكيف أَقفرت الديار من الإسلام فصارتالمساجد كنائس وغدا صوت الأذان صوت ناقوس؟!، ثم يهيب أبو البقاء الرندي بفرسانالمسلمين عبر عدوة البحر إلى المسارعة لنجدة الأندلس والمسلمين. يقول في أولالقصيدة:
لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يُغَرُّ بطيب العيش إنسان
هي الأموركما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمــان
وللحوادث سلوان يسهلها وما لما حلّبالإسلام سلوان
إلى أن يقول:

فاسأل بلنسية ما شأن مرسية وأين شاطــبة أم أيـن جيَّــان؟
وأين قرطبة دار العلوم، فكم من عالم قد سما فيها لهشان
وأين حمص وما تحويه من نزه ونهرها العذبُ فياض وملآن
قواعد كن أركانالبلاد فما عسى البقاء إذا لم تبق أركان
حيث المساجد قد صارت كنائس ما فيهن إلانواقيـــس وصلبــان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة حتى المنابر ترثي وهي عيدان
وتختتم القصيدة بنغمة حزينة شجية تسفر عن الأسى العميق والتماسالعظة والعبرة فيما حل بالأندلس:

لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ إن كان في القلبإسلام وإيمان!
وأهمية رثاء المدن أنه يكشف عن جوانب ثرية منالتاريخ السياسي بين المسلمين والنصارى في الأندلس. كما يكشف جانبا من النقد الذاتيالذي واجه به الأندلسيون أنفسهم حين أَدركوا أن الانغماس في حياة اللهو والترف أدىإلى سقوط راية الجهاد، وأن ملوك الطوائف حين حرصوا على ملكهم الفردي أضاعوا ملكًاأعظم. وما أصدق سخرية الشاعر المصحفي حين قال:

مما يزهدني في أرض أندلس أسمــاءمعتضــدٍ فيــها ومعتمـــد










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-06, 14:00   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
غـاني
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية غـاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

.دعاء ترفض جهنم صـآحبه يوم القيـامه ؟؟
**
**
**
**
... ... ... ... ... **

[ آللهم آجرني من النــار ]

[آللهم آجرنـآ من آلنـآر وجميع المسلميين وآلمسلمـآت آلآحيآء منهم وآلآموآت]

[اللـَّــهم حرم لحمي وجلدي وعظمي وشعري من نـآر جهنم]
[ آللهم آنك تحب آلعفو فآعف عنآ ]

مستحيل تقرآه بدون مآتنشره يآرب أجعل آيدي من ينشرهــــآ مآتمسهـا النار.










رد مع اقتباس
قديم 2015-07-26, 12:50   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
علاء الدين 2015
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.ddd

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.










رد مع اقتباس
قديم 2016-11-25, 14:27   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
alisoso
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

يااخي انا عندي نفس بحث ولكن اين مراجع وكتب انها ضرورية اريد اساماء مراجع الكتب ماخوده منها هادي معلومات










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مساعدة, الاندلسي, الشعر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc