الاجابة في الاختصاص كالتالي :
مـقـــدمـــــــة
لقد منح المشرع الجزائري لكل من المكلفين بالضريبة والإدارة الجبائية حقوق وواجبات من أجل حماية الحقوق العامة والخاصة ، ولذلك أوجب على المكلفين إعطاء تصريحات صحيحة ودقيقة وتامة ، بحيث تختلف هذه التصريحات باختلاف الأنظمة التي يخضع لها هؤلاء المكلفين .
إلا أن بعض المكلفين يرون أن الضريبة مجرد قيد من نفوذهم المالي وحريتهم الاقتصادية مما يجعلهم يفكرون في مختلف الوسائل التي تمكنهم من تفادي الضريبة مما يؤثر مباشرة على مصالح الخزينة العمومية . مما جعل المشرع يثبت حقا أساسيا من حقوق الدولة في المحافظة على مصادر التمويل للخزينة العمومية وهي الرقابة والتحقيق الجبائي . وهي من أهم الإجراءات التي خولت للإدارة الجبائية من أجل التأكد من صحة التصريحات والتطبيق الميداني للقوانين والتشريعات الجبائية فللرقابة الجبائية دور في تمكين الإدارة من تأدية المكلفين بالضريبة لمستحقاتها وبالتالي تصحيح الأخطاء والمخالفات والتجاوزات التي يتوصلون إليها من خلال التحقيق الجبائي كما نجد أن هناك نوعين من التحقيق الجبائي يتمثل الأول في التحقيق لمجمل الوضعية الجبائية وهو مجموع العمليات التي ترمي إلى الكشف عن كل فارق بين الدخل الحقيقي للمكلف بالضريبة والدخل المصرح به . أما الثاني فيتمثل في التحقيق المحاسبي الذي تختص به المديرية الفرعية للرقابة الجبائية . حيث ينتقل المحققون من الرقابة السطحية للملفات والوثائق الجبائية إلى مراجعة كل الدفاتر المحاسبية والوثائق التبريرية التي ألزم المشرع الجبائي المكلفين بالضريبة على مسكها وذلك بهدف التأكد من صحة وقانونية الكتابات المحاسبية والتصريحات الجبائية وتوضيح إطارها التنظيمي والقانوني ثم تحديد أشكالها وسنتعرض أيضا إلى مسار التحقيق المحاسبي باعتباره أهم شكل من أشكال الرقابة الجبائية لنتطرق في الأخير إلى إجراءات ما بعد التحقيق المحاسبي .
واجبات المكلف بالضريبة : لتفادي العقوبات الجبائية على المكلفين بالضريبة احترام الالتزامات سواء ذات الطابع المحاسبي أو الجبائي .
1- واجبات ذات طابع محاسبي : حددت هذه الالتزامات في القانون التجاري بالمواد 09 – 10 – 11 وتتمثل في :
1-1 : مسك دفتر اليومية : إن مسك دفتر اليومية محدد في القانون التجاري الذي نص على ما يلي :
" كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة التاجر ملزم بمسك دفتر اليومية يقيد فيه يوميا العمليات المقومة ... شرط أن يحفظ هذا الدفتر وكل المستندات التي تسمح بالتحقيق في هذه العمليات يوما بيوم [ ]."
ويكون هذا الدفتر مرقم وموقع من طرف القاضي التجاري وفيما يحقق الذين يقومون بأرباح غير تجارية فدفترهم يكون من طرف رئيس مصلحة الضرائب الموجودة في مقر نشاطهم[ ]
فيجب أن يقدم هذا الدفتر كلما طلبته المصلحة الجبائية ويكون مبني على تسجيل العمليات المادية للمؤسسة بتواريخ متابعة يوما بعد يوم مع إجمالي نتائج العمليات شهريا على الأقل .
1-2 : مسك دفتر الجرد : إن إلزامية مسك دفتر الجرد محددة أيضا في القانون التجاري والذي ينص على ما يلي : " يمسك دفتر الجرد ودفتر اليومية حسب التاريخ بدون ترك بياض أو تغيير من أي نوع كان أو نقل على الهامش . " كما يجب أن يكون مؤشر من طرف المحكمة ويجب أن يخلو من كل فراغ أو بياض ويمنع الكتابة في الهوامش ومنع الشغب والتزوير ، ولا بد الاحتفاظ بالدفتر لمدة 10 سنوات من إقفال السنة المالية .
1- 3 :حفظ دفاتر المحاسبة وسندات المراسلة : لقد نص المشرع الجزائري على ضرورة ما يلي : دفاتر المحاسبة وسندات المؤشر ، في المادة 09 – 10 من القانون التجاري يلوم أن يحفظ لمدة 10 سنوات زهي تشمل المراسلات القابلة والصور المطابقة للرسائل[ ].
2- واجبات ذات طابع جبائي :وهي الواجبات التي فرضها المشرع الجبائي قصد تنظيم العلاقة بين الإدارة ومن عليهم المستحقات الضريبية .
2- 1 : تقديم التصريحات :يفرض المشرع الجبائي على المكلفين بالضريبة عدد من التصريحات وتتمثل في :
أ – التصريح بالوجود : يجب على المكلف الخاضع للضريبة أن يقدم التصريح إلى الإدارة الجبائية وذلك في الثلاثين يوما من بداية النشاط ، حيث يحتوي هذا الأخير على الاسم اللقب النشاط الاجتماعي العنوان طبيعة النشاط رقم التعريف الإحصائي .
ب- التصريح السنوي : يجب على كل شخص خاضع للضرائب المباشرة والرسوم المماثلة التصريح بمداخيله وذلك كل سنة من خلال النموذج الموضوع تحت تصرفه من المصالح الجبائية وحتى في فترة راحته أو توقفه المؤقت فإن الإدارة لم تعفيه من هذا الالتزام .
جـ- التصريح الشهري للرسم على القيمة المضافة : على المكلف بالضريبة أن يقدم قبل ال20 يوم الأول من كل شهر إلى قباضة الضرائب المختصة إقليميا ويحتوي هذا التصريح على كشف بمبلغ العمليات المنجزة خلال الشهر السابق[ ].
د- التصريح بالتنازل أو التوقف[ ] : في حالة التنازل أو التوقف الكلي أو الجزئي مكلف عن النشاط لتجاري أو غير التجاري وجب عليه في أجل شهر على الأكثر اكتتاب تصريح بذلك يعلم فيه المفتش عن تاريخ توقفها وكذا أسماء وألقاب وعناوين المتنازلين .
هـ- وضع رقم التعريف الإحصائي : " يجب على كل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين المزاولين نشاط صناعي أو تجاريا أو حرا أو تقليديا أن يشير على رقم التعريف الإحصائي على كل الوثائق المتعلقة بنشاطهم .[ ]"
حيث أن رقم التعريف الإحصائي قد استبدل رقم التعريف الجبائي ورقم بطاقة التعريف الجبائي وفق نص قانون المالية لسنة 2002 وهذا قصد دعم إجراءات محاربو الغش والتهرب الجبائيين .
تعريف الرقابة الجبائية:
أن الرقابة الجبائية تعد وسيلة الإدارة التي منحها القانون حقوق و صلاحيات تسمح لها التأكد من صدق التصريحات لتقويم و تصحيح الأخطاء المرتكبة بالاطلاع على كل المعلومات المقدمة للإدارة الجبائية.
- و قد عرفها " فايول " بأنها:» التحقق مما إذا كان كل شيء يسير وفقا للخطة المرسومة و التعليمات الصادرة, أما موضوعها فهو تبيان نواحي الضعف أو الخطأ من أجل تقويمها و منع تكرارها «.
- حيث أن مفهوم الرقابة الجبائية يعتمد أساسا على المكلفين بالضريبة إلى المصالح الجبائية حيث تحتوي هذه التصريحات المعلومات اللازمة التي تحدد أسس الأوعية الضريبية.
أشكال الرقابة الجبائية و مجالات تطبيقها:
حدد التشريع الضريبي طريقة تسديد الضرائب و الرسوم،التي تكون بالتصريحات أو بالإقرارات التي يقدمها المكلف لمصلحة الضرائب هذا ما جعل هناك ثغرات، تسهل للمكلف من خلالها التهرب من الضريبة ،مما ألزم على الإدارة الجبائية البحث عن الوسائل تساعدها في الحد من الظاهرة ،وصولا إلى فكرة المراقبة التي تجعلها تتأكد من صحة الإقرارات المقدمة من طرف المكلف ومقارنتها بالعناصر والمعطيات الخارجية، والرقابة نوعين عامة و معمقة،أما العامة فهي عبارة عن ثلاثة صور أو مراحل متتابعة ومتكاملة هي:
1/الرقابة العامة:
*الرقابة الشكلية:تعتبر الرقابة الشكلية أول عملية رقابية تخضع لها التصريحات المقدمة من طرف المكلف إلى مكتب الرقابة، وتتم الرقابةفي مكاتب المفتشيات ووفق الملفات الممسوكة من قبلها دون الخروج إلى الميدان ،والتي تشمل مختلف التدخلات التي تهدف إلى تصحيح الأخطاء المادية المرتكبة أثناء تقديم المكلفين للتصريحات إلى المراقبين الجبائيين،أي التأكد من كيفية تقديم المعطيات والمعلومات التي تحملها التصريحات من الناحية الشكلية دون إجراء أية مقارنة بين ما تضمنه من معلومات وتلك التي تتوفر عليها الإدارة، فهذا النوع لا يأخذ بعين الاعتبار مدى صحة المعلومات التي تحملها التصريحات بل تهتم بالشكل الذي قدمت به هذه المعلومات و تعتبر مرحلة تحضيرية للرقابة على الوثائق.
*الرقابة على الوثائق:تتمثل المرحلة الموالية للرقابة الشكلية في الرقابة على الوثائق على مستوى مصلحة التحقيق، والتي تقوم بإجراء فحص شامل للتصريحات الضريبية المكتتبة التي أدلى بها ومقارنتها بمختلف المعلومات والوثائق التي هي بحوزة الإدارة الضريبية ، انطلاقا من ملفاتهم الخاصة ،وكذا مجمل المعلومات التي يمكن الحصول عليها من بعض الإدارات والمتعلقة بمعاملات تمت بين المكلف وهذه الإدارات بالاعتماد على أدلة وإثباتات تتحصل عليها من المصادر المختلفة التي تتعامل مباشرة مع المكلف ( البنوك ، الموردون ، الجمارك ، الضمان الاجتماعي ...) وهذا بمقتضى حق الاطلاع المخول لها من طرف المشرع الجبائي وذلك بغية إجراء مقارنة للوثائق المصرح بها وما ورد فيها من معلومات مع ما هو مدون لدى الإدارة الجبائية من أدلة عن تطور الذمة المالية والعناصر المكونة للدخل ووعائه الضريبي التي تخص المكلف بالضريبة .
*الرقابة عند مقر المكلف:تتم هذه الرقابة خارج مراكز الإدارة الضريبية ،وذلك من خلال التدخلات التي يقوم بها المراقبون للأمكنة التي يزاول فيها المكلفون بالضريبة نشاطهم ،وتهدف هذه التدخلات إلى التأكد من صحة الإقرارات المصرح بها من خلال الفحص الميداني للدفاتر والوثائق المحاسبية ،كما يمكن للأعوان المحققين إجراء معاينة ميدانية للعناصر المادية للاستغلال داخل مقرات العمل ،قصد مقارنة العناصر والمعطيات المصرح بها والمسجلة في الوثائق المحاسبية مع تلك الموجودة في الميدان
وتعتبر هذه الطريقة أكثر فعالية من غيرها بحيث تسمح بمراقبة دقيقة لحقيقة النشاط الممارس من طرف المؤسسة التي تكون محل المراقبة و التحقيق وذالك بفحص والتعرف على مختلف وسائل الإنتاج وطرائق استعمالها ،ودرجة تأهيل العمال والمستخدمين لهذه الوسائل، كما تستعمل هذه الطريقة لمراقبة بعض الإيرادات التي ليس بالإمكان التعرف عليها من خلال أشكال الرقابة الأخرى ، كمتابعة استعمال المخلفات الصناعي. في حالة نقص المعلومات المقدمة من طرف المكلفين أو ظهور معطيات تثير الشك في مصداقية التصريحات يقوم المراقبون بطلب المزيد من المعلومات وذلك بالاتصال المباشر مع المكلف للإدلاء بالمعلومات لدى الإدارة . إلا أن للمكلف حق الرفض عن الاتصال المباشر وفي هذه الحالة يقوم المحققون بتوجيه طلب رسمي إلى المكلف بالضريبة يتضمن قصة تقديم التوضيحات والتبريرات التي بها التباس أو غموض ." يجب أن تبين بوضوح الطلبات المكتوبة المسائل التي يرى المفتش أنه من الضروري الحصول على توضيحات أو تبريرات بشأنها كما يجب أن يحدد للمكلف بالضريبة أجلا لا يقل عن 30 يوم لتقديم رده فالرقابة السطحية تقدم فكرة أولية عن الملف الجبائي للمكلف بالضريبة يتم من خلاله إعطاء قرار ابتدائي عن مصداقية وشرعية التصريحات سواء بقبوله على ماهو عليه أو بتحويله إلى الرقابة المعمقة للتفصيل فيه أكثر .
الرقابة المعمقة :كما يدل عليها العنوان فإن هذا النوع من الرقابة يتناول مجمل الوضعية الجبائية والمالية للمكلف بالإضافة إلى الوضعية المادية حيث تغوص في الفحص والتحقيق في كل المعطيات والمعلومات التي لها صلة بنشاط المكلفين بالضريبة وخاصة في الوثائق المحاسبية والوضعية الجبائية وقد عرفها دانيال ريشتر :" بأنها مجموع العمليات التي لها غرض الفحص في عين المكان لمحاسبة مؤسسة ما أو شخص معين ومقارنة النتائج مع بعض المعطيات المادية بهدف مراقبة مدى سلامة ودقة التصريحات المكتتبة وعند اقتضاء الحال يمكن الالتجاء إلى الإجراءات الضرورية لتحقيق التعديلات اللازمة ."
كما عرفها جان بركسير :" أنها مجموعة العمليات التي تهدف إلى التحقق من صحة ودقة التصريحات على مجمل المداخل التي لها علاقة بالضريبة على الدخل الإجمالي " .