خيركم من تعلم القرآن وعلمه - الصفحة 9 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

خيركم من تعلم القرآن وعلمه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-01-26, 16:16   رقم المشاركة : 121
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى إحصاء أسماء الله تعالى الحسنى

السؤال

ما معنى من أحصاها دخل الجنة ؟

الجواب

الحمد لله

روى البخاري (2736) ومسلم (2677) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) .

والإحصاء المذكور في الحديث يتضمّن ما يلي :

1- حفظها .

2- معرفة معناها .

3- العمل بمقتضاها : فإذا علم أنّه الأحد فلا يُشرك معه غيره ، وإذا علم أنّه الرزّاق فلا يطلب الرّزق من غيره ، وإذا علم أنّه الرحيم ، فإنه يفعل من الطاعات ما هو سبب لهذه الرحمة ... وهكذا .

4- دعاؤه بها ، كما قال عزّ وجلّ : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) الأعراف/180 . وذلك كأن يقول : يا رحمن ، ارحمني ، يا غفور ، اغفر لي ، يا توّاب ، تُبْ عليّ ونحو ذلك .

قال الشيح محمد بن صالح العثيمين :

" وليس معنى إحصائها أن تكتب في رقاع ثم تكرر حتى تحفظ ولكن معنى ذلك :

أولاً : الإحاطة بها لفظاً .

ثانياً : فهمها معنى .

ثالثاً : التعبد لله بمقتضاها ولذلك وجهان :

الوجه الأول : أن تدعو الله بها ؛ لقوله تعالى : ( فادعوه بها ) الأعراف/180 ، بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك

فتختار الاسم المناسب لمطلوبك ، فعند سؤال المغفرة تقول : يا غفور ، اغفر لي ، وليس من المناسب أن تقول : يا شديد العقاب ، اغفر لي ، بل هذا يشبه الاستهزاء ، بل تقول : أجرني من عقابك .

الوجه الثاني : أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء ، فمقتضى الرحيم الرحمة ، فاعمل العمل الصالح الذي يكون جالباً لرحمة الله

هذا هو معنى إحصائها ، فإذا كان كذلك فهو جدير لأن يكون ثمناً لدخول الجنة " انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (1/74) .

والله أعلم








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-01-26, 16:20   رقم المشاركة : 122
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أوجه الاستعاذة والبسملة عند الانتقال بين أواسط السور

السؤال

ما هي أوجه قراءة البسملة بين أواسط السور : كالانتقال من وسط سورة البقرة ، ثم البسملة والانتقال إلى وسط سورة الحشر .

هل هناك وجه وصل البسملة بالمقطع الأول بالبسملة مع المقطع الثالث ، ما يسمى وصل الجميع ، وما هي الأوجه الأخرى ؟

الجواب

الحمد لله

لم نقف – بعد البحث والتفتيش – على كلام لعلماء التجويد والقراءات في هذه المسألة الدقيقة

في شروح الشاطبية ، والجزرية ، والدرر اللوامع وغيرها ، وهي مسألة أوجه الاستعاذة والبسملة عند الانتقال بين أواسط السور ، وحينئذ فلا يمكننا إجابة السائل بأسماء المصادر والمراجع

غير أن الذي وجدناه لدى بعض المعاصرين المتخصصين في التجويد ، هو النص على الانتقال بين أواسط السور من غير استعاذة ولا بسملة ، وإنما بسكتة يسيرة .

يقول الشيخ حسام الكيلاني :

" ولا حاجة إلى الاستعاذة والبسملة عند الانتقال من سورة إلى بعض آيات من سورة أخرى ليس من أولها " انتهى .
" البيان في أحكام تجويد القرآن " (ص/27) .

ويمكن الاستئناس بخطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بها ويعملها أصحابه لذلك القول

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها مجموعة من الآيات الواردة في سور عدة ، ولم يرد فيها ذكر الاستعاذة والبسملة .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ :

( عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ : إَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، نَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) ) رواه أبو داود (رقم/2118) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-26, 16:23   رقم المشاركة : 123
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)

السؤال


ما تفسير قول الله تبارك وتعالى في سورة الرعد : (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) ؟


الجواب

الحمد لله

"الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وكمال حكمته لا يُغير ما بقوم من خير إلى شر ، ومن شر إلى خير ، ومن رخاء إلى شدة

ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فإذا كانوا في صلاح واستقامةَ وغَيّروا غَيَّر الله عليهم بالعقوبات والنكبات والشدائد والجدب والقحط

والتفرق وغير هذا من أنواع العقوبات جزاء وفاقا ، قال سبحانه : (وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) .

وقد يمهلهم سبحانه ويملي لهم ويستدرجهم لعلهم يرجعون ، ثم يؤخذون على غرة

كما قال سبحانه : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) يعني آيسون من كل خير ، نعوذ بالله من عذاب الله ونقمته

وقد يؤجلون إلى يوم القيامة فيكون عذابهم أشد ، كما قال سبحانه : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) والمعنى : أنهم يؤجلون ويمهلون إلى ما بعد الموت

فيكون ذلك أعظم في العقوبة وأشد نقمة .

وقد يكونون في شر وبلاء ومعاصٍ ثم يتوبون إلى الله ويرجعون إليه ويندمون ويستقيمون على الطاعة فيغير الله ما بهم من بؤس وفرقة

ومن شدة وفقر إلى رخاء ونعمة واجتماع كلمة وصلاح حال بأسباب أعمالهم الطيبة وتوبتهم إلى الله سبحانه وتعالى ، وقد جاء في الآية الأخرى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا

عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فهذه الآية تبين لنا أنهم إذا كانوا في نعمة ورخاء وخير ثم غيروا بالمعاصي غير عليهم - ولا حول ولا قوة إلا بالله - وقد يمهلون كما تقدم

والعكس كذلك : إذا كانوا في سوء ومعاص ، أو كفر وضلال ثم تابوا وندموا واستقاموا على طاعة الله غيَّر الله حالهم من الحالة السيئة إلى الحالة الحسنة

غَيَّر تفرقهم إلى اجتماع ووئام ، وغَيَّر شدتهم إلى نعمة وعافية ورخاء ، وغَيَّر حالهم من جدب وقحط وقلة مياه ونحو ذلك إلى إنزال الغيث ونبات الأرض وغير ذلك من أنواع الخير" انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (24/249-251) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-26, 16:27   رقم المشاركة : 124
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)

السؤال


قال الله تعالى : (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) وهذا يعني أنه سبحانه ألزم نفسه بنفسه إطعام كل ما يدب على هذه الأرض من إنسان أو حيوان أو حشرات إلخ

فبماذا نفسر المجاعة التي تجتاح بعض بلدان قارة أفريقيا وغيرها؟


الجواب


الحمد لله


"الآية على ظاهرها ، وما يُقَدِّر الله سبحانه من الكوارث والمجاعات لا تضر إلا من تم أجله

وانقطع رزقه ، أما من كان قد بقي له حياة أو رزق فإن الله يسوق له رزقه من طرق كثيرة ، قد يعلمها وقد لا يعلمها ، لقوله سبحانه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)

وقوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها) .

وقد يعاقب الإنسان بالفقر وحرمان الرزق لأسباب فعلها من كسل وتعطيل للأسباب التي يقدر عليها ، أو لفعله المعاصي التي نهاه الله عنها ، كما قال الله سبحانه : (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ).

وقال عز وجل : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) ، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة بإسناد جيد .

وقد يبتلى العبد بالفقر والمرض وغيرهما من المصائب لاختبار شكره وصبره

لقول الله سبحانه : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)

وقوله عز وجل : (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) والمراد بالحسنات في هذه الآية : النعم

وبالسيئات : المصائب . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له

وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .

والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة . وبالله التوفيق" انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (24/241) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-26, 16:32   رقم المشاركة : 125
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم الرجوع إلى سورة الفاتحة وأوائل البقرة بعد ختم القرآن

السؤال

هناك بعض النساء يجتمعن لتدارس تفسير القرآن ، وعندما ينتهين من قراءة المصحف فإنهن يبدأن بالفاتحة ، وبداية سورة البقرة ، من أجل تبيين أن القراءة متواصلة ، وأن القرآن لا ينتهي ، فما رأيكم ؟

الجواب

الحمد لله


اختلف العلماء في حكم ما يعتاده كثير من القراء عند ختم المصحف من الشروع في ختمة جديدة ، وذلك بالرجوع إلى سورة الفاتحة وقراءتها مع الآيات الخمس الأول من سورة البقرة فقط ، فكان خلافهم على قولين اثنين :

القول الأول : مشروعية ذلك العمل، واستحبابه . وهو ما ذهب إليه القراء ونص عليه بعض العلماء ،

واستُدِل لهذا القول بأدلة ، منها :

الدليل الأول : حديث عن عبد الله بن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم :

أنه كان إذا قرأ : ( قل أعوذ برب الناس ) افتتح من الحمد ، ثم قرأ من البقرة إلى : ( وأولئك هم المفلحون ) ، ثم دعاء بدعاء الختمة ، ثم قام .

رواه الدارمي – كما عزاه إليه السيوطي في " الإتقان " (1/295) وقال بسند حسن -

والحافظ أبو عمرو الداني ، والحافظ أبو العلاء الهمذاني – كما نقل عنهما ابن الجزري في " النشر " (688-694) ، والحسن بن علي الجوهري في " فوائد منتقاة " (2/29) ، جميعهم من طريق :

العباس بن أحمد البرتي ، ثنا عبد الوهاب بن فليح المكي ، ثنا عبد الملك بن عبد الله بن شعوة

عن خاله وهب بن زمعة بن صالح ، عن زمعة بن صالح ، عن عبد الله بن كثير ، عن درباس مولى ابن عباس وعن مجاهد ، عن عبد الله بن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به .

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

" هذا إسناد ضعيف ؛ وله علتان :

الأولى : أن مداره على زمعة بن صالح ، قال الذهبي في " الكاشف " : " ضعفه أحمد ، قرنه مسلم بآخر ". وقال الحافظ في "التقريب" : " ضعيف ، وحديثه عند مسلم مقرون " .

والأخرى : الاضطراب في إسناده عليه على وجهين : الأول : هذا : عن درباس وعن مجاهد ؛ قرنه معه.

الثاني : عن درباس وحده ؛ لم يذكر مجاهداً معه . وقد ساق ابن الجزري في "النشر" (2/ 420 - 425) الأسانيد بذلك .

وفي رواية له عن وهب بن زمعة بن صالح عن عبدالله بن كثير عن درباس عن عبدالله بن عباس ... به مرفوعاً ؛ لم يذكر في إسناده زمعة .

وقال عَقِبَه : "حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وإسناده حسن ؛ إلا أن الحافظ أبا الشيخ الأصبهاني وأبا بكر الزينبي روياه عن وهب عن أبيه زمعة ... ، وهو الصواب " .

فأقول : هذا التصويب صواب ؛ لأنه عليه أكثر الروايات ، وعليه فلا وجه لتحسين إسناده ؛ لأن مداره على - زمعة بن صالح الضعيف - كما تقدم - .

وكيف يكون حسناً وفيه درباس مولى ابن عباس ، وَهُوَ مَجْهُولٌ - كما قال أبو حاتم ، وتبعه الذهبي والعسقلاني - ؟!

نعم قد قُرِنَ به مجاهد في بعض الروايات - كما في رواية الجوهري وغيره - ، فإن كان محفوظاً ؛ فالعلة واحدة وهي زمعة . والله أعلم " انتهى.

" السلسلة الضعيفة " (رقم/6134)

الدليل الثاني : حديث مرفوع جاء فيه :

( قال رجل : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ . قَالَ : وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ ؟ قَالَ : الَّذِي يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ )

وقد روي هذا الحديث على وجهين :

1- مسندا متصلا : من طريق صالح المري ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن ابن عباس به. رواه عن صالح المري على هذا الوجه الهيثم بن الربيع – كما عند الترمذي (رقم/2948) -

وعمرو بن عاصم – كما عند البزار (2/213)-، وعاصم الكلابي ، وعمرو بن مرزوق ، وزيد بن الحباب في " المستدرك " (1/757)، وإبراهيم بن أبي سويد الذارع –

كما في " معجم الطبراني " (12/168)-

2- مرسلا من طريق صالح المري ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من غير ذكر ابن عباس . رواه عن صالح المري على هذا الوجه مسلم بن إبراهيم

كما عند الترمذي (رقم/2948). وإسحاق بن عيسى –

كما عند الدارمي (2/560) - ، وعبد الله بن معاوية الجمحي – كما في " النشر " لابن الجزري (ص/699)-، وقد رجح الترمذي رواية من أرسله فقال

: " هذا حديث غريب ، لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه وإسناده ليس بالقوي...وهذا – يعني المرسل - عندي أصح من حديث نصر بن علي عن الهيثم بن الربيع " انتهى.

وله شاهد مرفوع من حديث أبي هريرة يرويه الحاكم في " المستدرك " (1/758)

وفيه مقدام بن داود ضعيف الحديث، انظر: " لسان الميزان " (6/84)، وله شاهد آخر من رواية زيد بن أسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، أسنده أبو عمرو الداني – كما في " النشر " (ص/700) -.

وقد ضعف هذا الحديث جمع من أهل العلم ، منهم : راويه الإمام الترمذي ، والحافظ ابن حجر – كما في " الفتوحات الربانية " (3/248) - ، وكذا الشيخ الألباني في "

السلسلة الضعفة " (رقم/1834) .

الدليل الثالث : عمل السلف الصالحين ، ونقل هذه السنة من عادتهم .

قالابن الجزري رحمه الله :

" روى الحافظ أبو عمرو أيضا بإسناد صحيح عن الأعمش ، عن إبراهيم قال : كانوا يستحبون إذا ختموا القرآن أن يقرؤوا من أوله آيات . وهذا صريح في صحة ما اختاره القراء وذهب إليه السلف " انتهى.

" النشر " (2/449) (ص/703)

وقال الحافظ أبو عمرو الداني :

" لابن كثير – يعني المقرئ المشهور - في فعله هذا دلائل من آثار مروية ورد التوقيف فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبار مشهورة مستفيضة جاءت عن الصحابة والتابعين والخالفين " انتهى.

نقلا عن " النشر في القراءات العشر " لابن الجزري (ص/688)

الدليل الرابع : عمل المسلمين بهذه السنة في الأمصار عامة.

قال ابن الجزري رحمه الله :

" وصار العمل على هذا في أمصار المسلمين في قراءة ابن كثير وغيرها ، وقراءة العرض وغيرها ، حتى لا يكاد أحد يختم ختمة إلا ويشرع في الأخرى ، سواء ختم ما شرع فيه أو لم يختمه ، نوى ختمها أو لم ينوه

بل جعل ذلك عندهم من سنة الختم ، ويسمون من يفعل هذا " الحال المرتحل "، أي الذي حل في قراءته آخر الختمة ، وارتحل إلى ختمة أخرى " انتهى.

" النشر " (ص/694) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-26, 16:33   رقم المشاركة : 126
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




وقال النووي رحمه الله :

" يستحب إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقيب الختمة ؛ فقد استحبه السلف والخلف ، واحتجوا فيه بحديث أنس رضي الله عنه ... " انتهى .

"التبيان في آداب حملة القرآن" (ص/110) .

وقال السيوطي رحمه الله :

" يسن إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقب الختم لحديث الترمذي وغيره ... " انتهى.

" الإتقان " (1/295)

وانظر: " سنن القراء ومناهج المجودين " (ص/227)

القول الثاني : المنع وعدم الاستحباب ، نص عليه الإمام أحمد رحمه الله .

ووجه ذلك القول عدم ورود ذلك الفعل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة

وعرضه مرتين في العام الذي توفي فيه ، ولم ينقل لنا أحد شيئا عن هذه السنة المتبعة اليوم .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" قال أبو طالب : سألت أحمد إذا قرأ : ( قل أعوذ برب الناس ) يقرأ من البقرة شيئا ؟ قال : لا . فلم يستحب أن يصل ختمته بقراءة شيء ، ولعله لم يثبت فيه عنده أثر صحيح يصير إليه " انتهى.

" المغني " (1/838)

وجاء في " الفروع " (1/554) :

" ولا يقرأ الفاتحة وخمسا من البقرة نص عليه ، قال الآمدي : يعني قبل الدعاء ، وقيل يستحب " انتهى.

وقال ابن مفلح في " الآداب الشرعية " (2/316) :

" إذا فرغ من قراءة الناس لم يزد الفاتحة وخمسا من البقرة ، نص عليه ، وذلك إلى قوله : ( وأولئك هم المفلحون ) قال في الشرح : ولعله لم يثبت فيه عنده أثر صحيح ، وقيل : يجوز بعد الدعاء ، وقيل : يستحب .

قال القاضي بعد ذكره لمعنى هذا الخبر من حديث أنس رواه ابن أبي داود – يعني حديث الحال المرتحل - قال : وظاهر هذا أنه يستحب ذلك

والجواب أن المراد به الحث على تكرار الختم ختمة بعد ختمة ، وليس في هذا ما يدل على أن الدعاء لا يتعقب الختمة " انتهى.

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله :

" وفَهِمَ بعضهم من هذا : أنه كلما فرغ من ختم القرآن ؛ قرأ فاتحة الكتاب ، وثلاث آيات من سورة البقرة ؛ لأنه حل بالفراغ ، وارتحل بالشروع !

وهذا لم يفعله أحد من الصحابة ، ولا التابعين ، ولا استحبه أحد من الأئمة ...

وقد جاء تفسير الحديث متصلا به : أن يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل . وهذا له معنيان : أحدهما : أنه كلما حل من سورة أو جزء ارتحل في غيره . والثاني : أنه كلما حل من ختمة ارتحل في أخرى " انتهى.

" إعلام الموقعين " (4/306)

والقول الثاني أظهر من حيث الأدلة ، إن شاء الله ، لعدم ثبوت دليل على استحباب مثل ذلك ، بل ظاهر السنة خلافه ، كما تقدم بيانه

وقد سبق اختيار هذا القول في جواب السؤال القادم

على أننا ننبه ـ هنا ـ إلى أن المسألة ، رغم ما رجحناه ، هي مسألة اجتهادية ، وليست من المسائل القطعية ؛ فمن صح عنده أن السلف كانوا يفعلون ذلك

أو اعتقد صحة الحديث الوارد فيه : فإنه لا يبدع ولا يضلل ؛ بل لا ينكر عليه .

وهكذا من ترجح عند القول الذي اخترناه ، فإنه لا ينكر عليه ؛ بل إن الإمام ابن الجزري ، رحمه الله ، وهو من القائلين بمشروعية ذلك ، يقول :

" وعلى كل تقدير فلا نقول : إن ذلك لازم كل قارئ ، بل نقول كما قال أئمتنا فارس بن أحمد وغيره : من فعله فحسن ، ومن لم يفعله فلا حرج عليه " انتهى.

" النشر " (ص/704)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-26, 16:38   رقم المشاركة : 127
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

الاحتفال بختم القرآن

السؤال

بعض النساء بعد ختمها لحفظ القرآن على شيختها تقوم بعمل احتفال بسيط وتقرأ فيه من نهاية المصحف ثم تصل ببدايته ( الفاتحة وخمس آيات من البقرة ) بغرض عدم قطع القراءة . فما حكم ذلك ؟.


الجواب

الحمد لله

والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ....

فإن الاحتفال بمناسبة إتمام حفظ القرآن ليس بسنة ، فإنه لم يرد في ذلك شيء عن النبي عليه الصلاة والسلام ولاعن أحدٍ من أصحابه ، ففعل ذلك على أنه من الدين بدعة

ولكن الناس يفعلونه على أنه عادة تعبيرا ً عن الفرح بنعمة حفظ القرآن ، كالاحتفال بقدوم الغائب ، أو الحصول على وظيفة ، أو مسكن . فإذا كان الاحتفال لإتمام حفظ القرآن على هذا الوجه فلا بأس به

وإذا تُلي شيءٌ من القرآن من أوله أو آخره دون تقيدٍ بسورةٍ معينة ولا صفةٍ معينة ، كوصل آخره بأوله كان ذلك حسناً . فإن تلاوة القرآن خير ما تعمر به المجالس

ويُذكر به المجتمعون . وأما الدعاء عند ختم تلاوة القرآن فقد صحَّ عن أنس رضي الله عنه أنه كان يجمع أهله عند ختم القرآن ويدعو بهم . فإذا دعا القارئ عند ختمه لتلاوة القرآن ، وأمَّن الحاضرون على دعائه كان حسناً .

وأمَّا تسمية المعلمة بشيخة فلا بأس به ، ولذلك تعلمين أيتها السائلة بارك الله فيك أن ما ذكرتِ من الاحتفال لا مانع فيه ، وأنه لا داعي إلى القراءة من نهاية المصحف

ثم وصله بأوله ، فإن التقيد بهذه الصفة يحتاج إلى دليل ، لأن تلاوة القرآن عبادة

والعبادة يجب التقيد فيها وفي صفتها بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا).

كتبه فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك

وأما حديث الحال المرتحل الذي رواه الترمذي رحمه الله عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ قَالَ وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ قَالَ الَّذِي يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ

ولكن هذا الحديث ضعيف كما بيّن ذلك الترمذي رحمه الله بقوله بعدما ساقه : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ .

ولذلك قال ابن القيم رحمه الله : فِي الإِعْلامِ " ص 289 ج 2 " بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَفْظُهُ :

فَهِمَ مِنْ هَذَا بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ خَتْمِ الْقُرْآنِ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَثَلاثَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لأَنَّهُ حَلَّ بِالْفَرَاغِ وَارْتَحَلَ بِالشُّرُوعِ ,

وَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلا التَّابِعِينَ وَلا اِسْتَحَبَّهُ أَحَدٌ مِنْ الأَئِمَّةِ ,

وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي كُلَّمَا حَلَّ مِنْ غَزَاةٍ اِرْتَحَلَ فِي أُخْرَى , أَوْ كُلَّمَا حَلَّ مِنْ عَمَلٍ اِرْتَحَلَ إِلَى غَيْرِهِ تَكَمُّلا لَهُ كَمَا كَمَّلَ الأَوَّلَ , وَأَمَّا هَذَا الَّذِي يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْقُرَّاءِ فَلَيْسَ مُرَادَ الْحَدِيثِ قَطْعًا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-29, 15:47   رقم المشاركة : 128
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



أفضل العلوم وبيان شروط المفسر لكتاب الله .

السؤال

ماهي أفضل مراتب العلماء هل هو المفسر أم الفقيه وغيرهما؟ وماهي شروط المفسر؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

أفضل العلوم: العلم بالله تعالى وبأسمائه وصفاته، وهو المسمى بأصول الدين، أو العقيدة، أو الفقه الأكبر؛ لأن شرف العلم بشرف المعلوم، ولأنه يتعلق بتصحيح الأصل الذي ينبني عليه ما عداه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" العلم الأعلى هو العلم بالله نفسه؛ الذي هو في نفسه أعلى

الموجودات، والعلم به أعلى العلوم، وإرادة وجهه أعلى الإرادات، وذكره أعلى الأذكار، واسمه أعلى الأسماء؛ قال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى • الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى •

وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى • وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى • فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى [الأعلى: 1 - 5] "

انتهى، من "شرح الأصفهانية" (109) .

وقال ابن رجب رحمه الله: " فأفضل العِلْم العِلْم بالله، وهو العِلْم بأسمائه وصفاته، وأفعاله التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته، والتبتل إِلَيْهِ والتوكل عليه، والرضا عنه، والاشتغال به دون خلقه.

ويتبع ذلك العِلْم بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتفاصيل ذلك، والعلم بأوامر الله ونواهيه وشرائعه وأحكامه

وما يحبه من عباده من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وما يكرهه من عباده من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.

ومن جمع هذه العلوم فهو من العلماء الربانيين، العلماء بالله، العلماء بأمر الله.

وهم أكمل ممن قصر علمه على العِلْم بالله دون العِلْم بأمره وبالعكس .

وشاهدُ هذا : النظر في حال الحسن وابن المسيب والثوري وأحمد وغيرهم من العلماء الربانيين، وحال مالك بن دينار والفضيل بن عياض ومعروف وبشر وغيرهم من العارفين.

فمن قايس بين الحالين ، عرف فضل العلماء بالله وبأمره ، على العلماء بالله فقط.

فما الظن بتفضيل العلماء بالله وبأمره ، على العلماء بأمره فقط، فإن هذا واضح لا خفاء به .

وإنما يظن بعض من لا علم له : تفضيل العُبّاد على العلماء؛ لأنهم تخيلوا أن العلماء هم العلماء بأمر الله فقط، وأن العباد هم العلماء بالله وحده، فرجحوا العالم بالله

على العالم بأمره، وهذا حق"

انتهى من "مجموع رسائل ابن رجب" (1/ 41).

وليس المراد بذلك العلم الفاضل : أن يتعلمه على طريقة المتكلمين ، وأوضاعهم ، والرد على من ضل أو أخطأ منهم ؛ فإن هذا لا يطلب من كل أحد ، بل هذا لا يتصدى له الخاصة ، ممن تأهل له .

وإنما المراد بذلك : العناية بعلم ما في كتاب الله وسنة رسوله من ذلك ، وتدبره ، وإحصائه ، والقيام الله به .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" العلم بالله ، وما يستحقه من الأسماء والصفات : لا ريب أنه مما يفضل الله به بعض الناس على بعض، أعظم مما يفضلهم بغير ذلك من أنواع العلم.

ولا ريب أن ذلك يتضمن من الحمد لله، والثناء عليه، وتعظيمه وتقديسه، وتسبيحه وتكبيره - ما يعلم به أن ذلك مما يحبه الله ورسوله."

انتهى، من "درء التعارض" (7/129) .

وقال أيضا :

" الآيات الخبرية تتضمن عملاً محبة لله وخوفاً منه وتوكلا عليه ورجاء رحمته وخوفاً من عذابه واعتباراً بما مضى وغير ذلك من أنواع العمل "

انتهى، من "بيان تلبيس الجهمية" (8/109) .

وقال رحمه الله أيضا :

" كما أن العلم بالله مقصود فمحبة الله أيضًا مقصودة فلا يكفي النفس مجرد أن تعرف الله دون أن تحبه وتعبده

وهذا أصل ملة إبراهيم الخليل إمام الحنفاء الذي اتخذه الله خليلاً وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنَّ الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً

وقد قال تعالى وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) [الذاريات 56] والعبادةُ تتضمَّن كمالَ المحبة له وكمال الذل له.

فلو قُدِّر أن الإنسان عَلِم كلَّ عِلْم ولم يكن مُحِبًّا لله عابدًا له كان شقيًّا معذَّبًا ولم يكن سعيدًا في الآخرة ولا ناجيًا من عذاب الله . "

انتهى، من " الرد على الشاذلي" (205) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-29, 15:48   رقم المشاركة : 129
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا :

من نظر إلى التفسير، وأنه يتعلق ببيان معاني كلام الله تعالى، وكلامه يشتمل على بيان العقائد والأحكام : جزم بأن التفسير أشرف العلوم على الإطلاق، فهو جامع للعلم بالله، والعلم بأمره

ولهذا قال الواحدي رحمه الله: " .. أم العلوم الشرعية، ومجمع الأحكام الدينية، كتاب الله المودع نصوص الأحكام وبيان الحلال والحرام، والمواعظ النافعة، والعبر الشافية، والحجج البالغة .

والعلم به : أشرف العلوم وأعزها، وأجلها وأمزها، لأن شرف العلوم بشرف المعلوم.

ولما كان كلام الله تعالى أشرف المعلومات، كان العلم بتفسيره وأسباب تنزيله ومعانيه وتأويله، أشرف العلوم.

ومن شرف هذا العلم وعزته في نفسه : أنه لا يجوز القول فيه بالعقل والتدبر، والرأي والتفكر، دون السماع والأخذ عمن شاهدوا التنزيل بالرواية والنقل.

والنبي صلى الله عليه وسلم ، فمن بعده من الصحابة والتابعين : قد شددوا في هذا ، حتى جعلوا المصيب فيه برأيه مخطئا"

انتهى من التفسير الوسيط (1/ 47).

ثالثا :

لا يخفى على البصير الموفق : فضل الفقه في دين الله جل جلاله ، ومعرفة أحكامه ، وحلاله وحرامه ، والرسوخ في ذلك كله ، وضبطه ، وتعليمه للعباد .

وقد الله تعالى : ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة/122

قال الخطيب البغدادي رحمه الله :

" فَجَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ أَوْجَبَ عَلَى إِحْدَاهُمَا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِهِ، وَعَلَى الْأُخْرَى التَّفَقُّهَ فِي دِينِهِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ جَمِيعُهُمْ إِلَى الْجِهَادِ فَتَنْدَرِسَ الشَّرِيعَةُ وَلَا يَتَوَفَّرُوا عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ فَيَغْلِبَ

الْكُفَّارُ عَلَى الْمِلَّةِ، فَحَرَسَ بَيْضَةَ الْإِسْلَامِ بْالْمُجَاهِدِينَ وَحَفَظَ شَرِيعَةَ الْإِيمَانِ بْالْمُتَعَلِّمِينَ وَأمَرَ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِمْ فِي النَّوَازِلِ وَمَسْأَلَتِهِمْ عَنِ الْحَوَادِثِ "

انتهى ، من "الفقيه والمتفقه" (1/69) .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ ) .

رواه البخاري (71) ومسلم (1037) .

ومنزلة الفقه في دين الله ليست بالمحل الذي يخفى على منصف عاقل .

وينظر للفائدة في ذلك ، كتاب : "الفقيه والمتفقه"

للخطيب البغدادي

وكتاب " مفتاح دار السعادة" لابن القيم .

على أننا نبه إلى أنه : ليس المعارضة بين شيء من ذلك ، من شأن البصير الموفق ، بل ولا المفاضلة إذا زهدته فيما يحتاج إليه من علم ذلك ؛ إنما عليه أن يطلب أول ما يطلب

ما يحتاج إليه من علم ذلك كله ، وما يصح به دينه ، وعبادته ، وعقيدته ، ويستقيم به هديه ، وخلقه .

ثم النفل والزيادة من ذلك ، على حسب ما يسره الله له ، وأهله لبلوغه ، وسهل عليه سبيله ، وفتح أبوابه له شيوخه وأساتذته .

قال إسحاق بن راهويه ، رحمه الله :

" ( طلب العلم واجب ) : لم يصح الخبر فيه . إلا أن معناه قائم ؛ يلزمه علم ما يحتاج إليه ، من وضوئه وصلاته وزكاته ، إن كان له مال، وكذلك الحج وغيره .

إنما يعني ( الواجب ) : أنها إذا وقعت ، فلا طاعة للأبوين في ذلك .

وأما من خرج يبتغي علماً : فلا بد له من الخروج بإذن الأبوين ، لأنه فضيلة ، ما لم تحل به البلية. والنوافل لا تُبتغَى إلا بإذن الآباء " انتهى

من "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه"

لإسحاق بن منصور الكوسج (9/4654) .

رابعا :

المفسّر لكتاب الله تعالى يلزم أن تتحقق فيه جملة من الشروط بينها أهل العلم، وقد جمعها الأستاذ أحمد محمد معبد رحمه الله في كتابه "نفحات من علوم القراآن".

قال في ص125 : " شروط المفسر لكتاب الله تعالى ، قد ذكرها العلماء في عدة شروط ، نختصرها لك فيما يأتي:-

أولا: صحة العقيدة- لأن صحة العقيدة لها أثر كبير في نفس صاحبها، وما يتأثر به الإنسان يظهر في كلامه منطوقا ومكتوبا.

ثانيا: التجرد عن الهوى، فالأهواء تدفع أصحابها إلى نصرة مذاهبهم ، ولو كانت على غير حق.

ثالثا: أن يطلب تفسير القرآن بالقرآن، فإن بعض القرآن يفسر بعضه، فما أُجمل منه في موضع، فإنه قد فُصّل في موضع آخر، وما اختُصر منه في مكان ، فإنه قد بسط في مكان آخر .. وهكذا.

رابعا: أن يُطلب تفسير القرآن بالسنة النبوية، وذلك لأن السنة شارحة للقرآن وموضحة له، وقد ذكر القرآن الكريم أن أحكام الرسول صلّى الله عليه وسلم التي كان يحكم بها ، هي وحي من الوحي .

وقد بيّن ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ ) الآية.

ولهذا قال الرسول صلّى الله عليه وسلم ألا إنّي أوتيت القرآن ومثله معه أي السنة.

خامسا: أقوال الصحابة، لأنهم أدرى بذلك ، من مشاهدتهم للعديد من القرائن والأحوال والحوادث عند نزول القرآن الكريم، ولما لهم من خصوصية الفهم التام ، والعلم الصحيح ، والعمل الصالح ، مع الإخلاص الكامل لله ولرسوله.

وقد روى الحاكم في المستدرك : أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم له حكم المرفوع .

ولأنهم هم الأمناء الأول على الرسالة الإسلامية ، وكان الواحد منهم إذا تعلم من النبي صلّى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزها ، حتى يعلم ما فيها من العلم والعمل.

وكما ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما (أقام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين) أخرجه في الموطأ. وذلك لفهم أمر الله تعالى في قوله جل وعلا: ( كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ ) .

سادسا: أقوال التابعين، فإذا لم يجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة. فإنه يرجع إلى أقوال التابعين .

وقد رجع كثير من الأئمة إلى أقوال التابعين كمجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، والحسن البصري وغيرهم، ومن التابعين من تلقّى التفسير عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

سابعا: أن يكون عالما باللغة العربية وفروعها، لأن القرآن نزل بلغة العرب، ولا بدّ للمفسر من معرفة مفردات الألفاظ عند الشرح ، حتى لا يقول في كلام الله تعالى ما لا يجوز ولا يليق.

وقد قيل في هذا "لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب".

ثامنا: أن يكون عالما بأصول العلوم المتصلة بالقرآن وعلم التوحيد، حتى لا يؤول آيات الكتاب العزيز التي في حق الله تعالى وصفاته ، تأويلا يتجاوز به الحق والصواب .

كما يجب عليه أن يكون عالما بعلم الأصول، وأصول التفسير ، خاصة والناسخ والمنسوخ ، ونحو ذلك من العلوم التي تتعلق بالقرآن الكريم.

تاسعا: دقة الفهم- أو علم الموهبة- كما قال السيوطي في كتاب الإتقان، وهو الذي به يتمكن المفسر من ترجيح معنى على معنى آخر... " انتهى.

ونسأل الله أن يمن علينا وعليك بالعلم النافع والعمل الصالح.

والله أعلم.









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-01-29 في 15:52.
رد مع اقتباس
قديم 2019-01-29, 16:07   رقم المشاركة : 130
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يسأل عما أسماه "تعديل تفسير القرآن"

السؤال

ما حكم تعديل تفسير القرآن. وما ضوابط هذا التعديل؟

الجواب

الحمد لله

لم يتبين لنا تحديد معنى "تعديل التفسير" الذي تقصده في سؤالك، فإن كنت تريد به تحقيق تفسير كلام الله بما لم يُسبق إليه المفسر

أو الاجتهاد في بيان كلام الله على الوجه المشتمل على إضافة جديدة

فهذا مبحث مناطه العلماء والمفسرون المتقنون، فكتاب الله لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، وما زال أهل العلم يستخرجون ما فيه من العلوم والفوائد على مر التاريخ.

يقول العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله – بعد أن قرر قولا معاصرا في تفسير إحدى الآيات -:

"فالآية الكريمة يفهم منها ما ذكرنا، ومعلوم أنها لم يفسرها بذلك أحد من العلماء، بل عبارات المفسرين تدور

على أن الجند المذكور : الكفار الذين كذبوه صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم سوف يهزمهم، وأن ذلك تحقق يوم بدر أو يوم فتح مكة.

ولكن كتاب الله لا تزال تظهر غرائبه ، وعجائبه متجددة على مر الليالي والأيام، ففي كل حين تفهم منه أشياء لم تكن مفهومة من قبل .

ويدل لذلك حديث أبي جحيفة الثابت في الصحيح أنه لما سأل عليا رضي الله عنه: (هل خصَّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ قال له علي رضي الله عنه: لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة

إلا فهما يعطيه الله رجلا في كتاب الله، وما في هذه الصحيفة) الحديث.

فقوله رضي الله عنه: إلا فهما يعطيه الله رجلا في كتاب الله، يدل على أن فهم كتاب الله تتجدد به العلوم والمعارف التي لم تكن عند عامة الناس، ولا مانع من حمل الآية على ما حملها عليه المفسرون

وما ذكرنا أيضا أنه يفهم منها ؛ لما تقرر عند العلماء من أن الآية إن كانت تحتمل معاني كلها صحيحة، تعين حملها على الجميع، كما حققه بأدلته الشيخ تقي الدين أبو العباس بن تيمية في رسالته في علوم القرآن"

انتهى من "أضواء البيان" (2/258) .

غير أن ثمة مجموعة من القواعد والضوابط المهمة التي يجب على كل مشتغل بالتفسير مراعاتها، سواء كان عمله التفسيري اجتهادا جديدا، أم نقلا لما تقرر من قبل.

ومن تلك الضوابط:

أولا:

التزام ما أجمع عليه الصحابة والتابعون وأئمة التفسير في بيان كلام الله تعالى، فإجماعهم حجة في فهم آيات الكتاب الحكيم، ولا يجوز للباحث عن "التعديل" أو "التجديد" في علوم التفسير

أن ينقض موارد الإجماع، أو يخالف الاتفاق، فقد قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء: 115]. والمقصود بهذا الضابط:

عدم وقوع التناقض بين "التعديل"، وبين محل الإجماع، أما إذا لم يكن ثمة تناقض، وإنما أضاف التفسير الجديد بعدا آخر، أو احتمالا مكملا ومتمما لتفسير الآية ومعناها، فهذا لا بأس فيه، كما سيأتي مثاله.

ثانيا:

اقتفاء قواعد الدلالة اللغوية السليمة، بعيدا عن التكلف والتمحل في فهم النصوص، وبعيدا عن استعمال

مناهج البحث الطارئة على لغتنا العربية الأصيلة، التي يراد من ورائها هدم قوانين اللغة، وطمس جميع الخطوط التي تنظم قواعد الفهم فيها وعلوم الدلالات.









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-29, 16:07   رقم المشاركة : 131
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا:

مراعاة الأدلة الشرعية الأخرى التي تضبط علومنا وأعمالنا، كي لا تخرج المحاولات "التجديدية" – التعديلية- عن المدارك الشرعية، والمعارف الإسلامية، فضلا عن الثوابت والمحكمات.

يقول الدكتور مساعد الطيار حفظه الله:

"كتاب الله تعالى نزل بلسان عربي مبين، وعَلِمَهُ جيل السلف مجتمعين، فلا يمكن أن يقال: إن آية منه لم يقع لهم فيها الفهم الصحيح، ومن قال: إن آية لم يفهمها هؤلاء

فإنه قد زعم النقص في البيان الرباني والنبوي على حدٍّ سواء، فالله سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف: 2]

ويقول: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الزخرف: 3]، ويقول: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [البقرة: 242]، ويقول: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الحديد: 17]،

ويقول: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) [النساء: 82]

ويقول: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24]، ويقول: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَاتِ آبَاءَهُمْ الأَوَّلِينَ) [المؤمنون: 68]

ويقول: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) [ص: 29]، وغيرها من الآيات التي تدل على أن الله قد بيَّن كلامه بياناً واضحاً لا لبس فيه ولا إلغاز،

وأنه يسَّر للناس فهمَه كما قال تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: 22]، وهذا التيسير لا يمكن أن يكون لجيل متأخر دون الجيل المتقدم من السلف.

إن معرفة تفسير السلف أصل أصيل من أصول التفسير، ومن ترك أقوالهم، أو ضعف نظره فيها، فإنه سيصاب بنقص في العلم، وقصور في الوصول إلى الحق في كثير من آيات القرآن.

وإن من استقرأ تاريخ السلف مع كتاب الله؛ وجد تمام عنايتهم بكتاب الله حفظاً وتفسيراً وتدبراً واستنباطاً، كيف لا؟!

وكتاب الله هو العصمة والنجاة، لذا لا تراه خفي على الصحابة شيء من معانيه، ولم يستفصلوا من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فبقي عليهم منه شيء غامضٌ لا يعرفونه.

وكذا الحال بالتابعين، الذين هم أكثر طبقات السلف في التفسير، وعددهم فيه كثير، لقد سألوا عن التفسير، واستفصلوا فيما غمُض عليهم، ولهم في ذلك أقوال، ومن أشهرها ما رواه الطبري بسنده عن الشعبي

قال: والله ما من آية إلا سألت عنها، لكنها الرواية عن الله تعالى.

وروى بسنده عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية وأسأله عنها.

وبقي الحال كذلك في أتباع التابعين الذين كانوا أكثر طبقات السلف تدويناً للتفسير، وجمعاً لما روي عن الصحابة والتابعين، وفي عصرهم ظهر أول مدوَّن كاملٍ في التفسير

وكان لهم أقوال في التفسير، كما كان لهم اختيارات من أقوال من سبقهم، وهذا يعني أن من استقرأ تفسير السلف وجد أنهم قلَّما يتركون آية لا يتكلمون عنها، ويبينون ما فيها من المعاني

سواءٌ اتفقوا في تفسيرهم، أم كان اختلافهم فيه اختلاف تنوع، أو اختلاف تضادٍّ، والتضاد في تفسيرهم قليل.

لكن مما يحسن ذكره هنا أن يعرف المفسر المعاصر أن اجتهاده في التفسير سيكون في أمرين:

الأمر الأول: الاختيار من أقوال المفسرين السابقين.

الأمر الثاني: الإضافة على ما قاله السلف، ولكن يحرص على أن يكون مضيفاً لا ناقضاً ومبطلاً لأقوالهم.

ومثال هذه المسألة في جملة: (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ)

من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) [الحج: 73]

فهذه الجملة واضحة المعنى من حيث التفسير، لكن المراد بيانه : هو ذلك المسلوب، ما هو؟

والمتقدمون يقولون: وإن يسلب الذباب الآلهة والأوثان شيئاً مما عليها من طيب أو طعام وما أشبهه، لا تقدر الآلهة أن تستنقذ ذلك منه، وقد ورد هذا المعنى

عن جماعة من السلف؛ منهم: عبد الله بن عباس، والسدي الكبير، وابن جريج، وعلى هذا المعنى سار المفسرون خلفاً.

وفي هذا العصر ظهر اكتشاف غريب في الذباب، وهو أنه إذا ابتلع شيئاً من الطعام، فإنه يتحول في جوفه إلى مواد أخرى لا يمكن استرجاعها إلى مادتها الأولية.

وهذا المعنى المذكور ينطبق على الوصف المذكور في الآية، وهو قوله تعالى: (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) [الحج: 73]

لكن من الذي لا يستطيع استنقاذه عند من يذهب إلى هذا التفسير؟

سواء أقال: لا تستطيع الآلهة، أو قال: لا يستطيع الناس، فإن الوصف صحيح منطبق على معنى الجملة، لكن السياق في الآلهة وليس في الناس كما ترى.

وهذا القول - إذا قيل به على أنه احتمال ثانٍ - مما تحتمله الآية، فإنه يصح تفسير الآية به على أنه مثال آخر من أمثلة ما لا يستطيعون استنقاذه ، مما يأخذه الذباب، وليس بمبطل لقول السلف.

وتفسير السلف أولى ؛ لأن ما قالوه ظاهر لجميع الناس يدركونه بلا حاجة إلى مختبرات، بخلاف

القول المعاصر الذي لم يره إلا النادر من الناس، ولا يدركه تمام الإدراك إلا القلة منهم، فليس كل الناس عندهم مختبرات يمكنهم أن يروا تحوُّل مادة الطعام التي يأكلها الذباب.

ومع هذا الترجيح يبقى ما قاله المعاصرون قولاً صحيحاً محتملاً يمكن القول به .

لكن القاعدة السليمة في ذلك: أن تثق بمعرفة السلف وتفسيرهم لجميع القرآن، وأنهم لم يخرجوا عن الفهم الصحيح في تفسيرهم، ثم تعرف ما يمكن لمن جاء بعدهم عمله من الاختيار أو الزيادة المقبولة.

وهذا المثال التطبيقي هو المنهج لمن أراد أن يزيد على تفسير السلف، وأن يأتي بجديد من المعاني أو الاستنباطات، فهو لا يترك ما قالوه، ولا يجمد عنده فلا يأتي بجديد.

فإن كل من يقول بقول جديد في تفسير الآية عموماً، وفي التفسير العلمي (أو الإعجاز العلمي) خصوصاً،

فإنه يدخل من هذا الباب، وعليه أن يتبع الضوابط العلمية الصحيحة لمعرفة القول الصحيح من غيره، وستأتي هذه الضوابط.

الضابط الأول: أن يكون القول المفسَّر به صحيحاً في ذاته:

إن كل قول يقال في التفسير يمكن أن يُعلم صحيحه من خطئه، والقول الصحيح تُعلم صحتُه من وجوه:

1 - أن تدلَّ عليه لغة العرب، وذلك في تفسير الألفاظ أو الصيغ أو الأساليب.

وهذا يعني أن تفسير ألفاظ القرآن بمصطلحات علمية سابقة له، أو مصطلحات لاحقة ، لا يصحُّ البتة؛ لأن ألفاظه عربية، وتفسيرها يؤخذ من لسان العرب، ولغة القرآن

لا من هذه المصطلحات، كمن يفسر لفظ الأقطار في قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لاَ تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ) [الرحمن: 33]

بأنه القطر الهندسي، وهو الخط الهندسي المنصِّف للدائرة أو الشكل البيضاوي. والأقطار في اللغة جمع القُطْرُ بالضم، وهو الناحية والجانب، وهو المراد بآية سورة الرحمن.

2 - ألا يخالف مقطوعاً به في الشريعة.

فإن ما لا يوافق الشريعة ، لا يمكن أن تدل عليه آيات القرآن بحال، كمن يفسر العرش أو الكرسي بأحد الكواكب السيارة، وهذا مخالف لما ثبت في الشريعة من كون هذه المخلوقات [

أي : العرش والكرسي ] فوق السموات، وأنها أكبر منها بكثير.









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-29, 16:08   رقم المشاركة : 132
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الضابط الثاني: أن تحتمل الآية هذا القول الحادث:

ويمكن معرفة ذلك بطرق، منها أن تدلَّ عليه بأي وجهٍ من وجوه الدلالة: مطابقةً أو تضمُّناً أو لزوماً

أو مثالاً لمعنى لفظ عام في الآية، أو جزءاً من معنى لفظ من الألفاظ، أو غير ذلك من الدلالات التي يذكرها العلماء من أصوليين وبلاغيين ولغويين ومفسرين.

وهذا الضابط مهمٌّ للغاية، إذ قد يصحُّ القول من جهة وجوده في الخارج، لكن يقع الخلل في صحة ربطه بالآية

وهذا مجال كبير للاختلاف، بل هو مجال تحقيق المناط في كثير من القضايا التي ثبتت صحتها من جهة الواقع، لكن يقع التنازع في كونها مُرادة في الآية، وهذا الاختلاف لا يصلح أن يكون محطّاً للانتقاص من الأطراف المختلفة.

الضابط الثالث: ألا يبطل قول السلف:

والمراد أن القول المعاصر المبني على العلوم الكونية أو التجريبية ، يُسقطُ قول السلف بالكلية، وقد سبقت الإشارة إلى هذا الموضوع، وذكرت لك الأصل الأصيل في هذا، وهو مبني على أمور:

الأول: أن تعلم أن تفسير السلف شامل للقرآن كله، ولا يمكن أن يخرج الحق عنهم، أو يخفى عليهم فلا يدركونه، ويدركه المتأخرون.

والمعنى أن كل القرآن كان معلوماً لهم بوجه من الوجوه الصحيحة، وأن ما زاده المتأخرون من الوجوه لا يعني نقص علمهم بالقرآن؛ لأن موجب ذلك القول الذي ظهر للمتأخرين لم يكن موجوداً في عصرهم كي يقال بجهلهم به
.
وعلى هذا فإنه لا يوجد في القرآن ما لم يعلم السلف معناه، ولا يمتنع أن يظهر للمتأخرين وجوه صحيحة من التفسير؛ يجوز القول بها واعتمادها ، ما دامت لا تناقض قول السلف.

الثاني: أن العصمة لمجموعهم، وليست لفرد منهم، لذا يقع الاستدراك في التفسير فيما بينهم

فترى بعضهم يخطِّئ فهم الآخر، ويرد عليه، ولو كان لقول الواحد منهم عصمة ، لما قُبِل تخطيء من خطَّأ منهم، والعصمة للواحد منهم لم يَدَّعها أحد منهم.

الثالث: أن إضافة الأقوال الجديدة الصحيحة التي تحتملها الآية ممكن.

لكن المشكلة هنا إذا كان القول المعاصر مسقطاً لقول السلف بالكلية؛ لأنه يلزم منه أن آية من الآيات لم يُفهم معناها على مرِّ القرون ، حتى ظهر هذا المكتشَف العلمي المعاصر، وهذا اللازم ظاهر البطلان.

الضابط الرابع: ألا يقصر معنى الآية على ما ظهر له من التفسير الحادث:

وهذا الضابط يشير إلى الأسلوب التفسيري الذي يحسن بمن يريد بيان معنى جديد أن يسلكه

لأن الاقتصار على القول الجديد ، اقتصاراً يشعر بصحته وسقوط ما سبقه من الأقوال : يعتبر خطأ في طريقة التفسير.

وبعض هؤلاء لا يحرص على تفسير السلف، ولا على تفهُّمه ودرايته، بل أحسنهم حالاً من يرجع إلى تفاسير المتأخرين وينقل أقوالهم، حتى إنه ينقل أقوال المعاصرين من المفسرين على أنها أقوال المفسرين.

ولا شكَّ أن من يدرس التفسير على أصوله يعلم أن هذا الأسلوب فيه تقصير، لعدم الرجوع إلى تفسير الصحابة والتابعين وأتباعهم أولاً، ثم النظر فيمن وافقهم من المفسرين المتأخرين.

وإن التقصير في معرفة علومهم وأحوالهم كائن فينا نحن المسلمين ، في مجالات متعددة؛ كالتعبد والزهد والمتابعة وغيرها.

فإن قلت: لِمَ تُلزم بذكر أقوال السلف من المفسرين، وعمل الباحث المعاصر يقوم على إثبات ارتباط ذلك المكتشَف المعاصر بالآية؟

فالجواب: أني أطالب بأكثر من ذكر أقوالهم، وذلك بأن يتعرَّف المعاصر على أقوالهم ويفهمها على وجهها؛ لتتحصل له المعرفة بمرتبة القول الحادث على النحو الآتي:

الأول: أن يكون قوله المعاصر مناقضاً لما اتفقوا عليه، فيتوقف في ربطه بين قوله والآية، ولا يتعجل حتى يسأل أ

هل العلم ، ليبينوا له صواب قوله من خطئه، فلا يجترئ على مخالفة الإجماع الذي هو أصل من أصول الدين، فالأمة لا يمكن أن تجمع منذ سالف دهرها على خطأ، ثم يظهر الصواب لشخص في الزمان المتأخر.

الثاني: أن يعرف أقوالهم المختلفة، ويتأمل قوله بينها، هل يدخل في أحد الأقوال، فإن وجد قوله يندرج تحت قول من الأقوال أدرجه تحته، وبيَّن ما زاد على ذلك القول من تفاصيل عنده.

الثالث: أن يكون قوله ـ مع اختلافهم ـ قولاً جديداً، لا يدخل في أحد هذه الأقوال، فينظر إلى صحته في الواقع، ومدى احتمال الآية له، فيقول به على سبيل الإضافة.

وههنا ملحظ مهم قد أشرت إليه، وهو أنه قد يكون القول الذي يقوله صحيحا في ذاته، لكن الخطأ الذي يقع : في صحة دلالة الآية عليه، فتراه يتعسَّف في حمل الآية عليه، ويجعله تفسيراً لها، وهو ليس كذلك،

إذ لا يلزم أن يكون كل قول صحيح في هذه المكتشفات المعاصرة ، أن يوجد ما يشهد لها من الآية، فتفسَّر به، وهذا أمر مهم للغاية"

انتهى باختصار من "الإعجاز العلمي إلى أين" (ص109-159) .

والخلاصة : أن مراد السائل من "تعديل التفسير" إن كان هو التحرير والإضافة والتحقيق فهذا جهد كبير ومأجور، ولكن بشرط القيام به بحقه الذي هو الالتزام بقواعد التفسير وضوابطه المؤسسة لهذا العلم الكبير ،

ثم أن يكون القائم به من أهل العلم المؤهلين لذلك المقام ، والذين استكملوا أدواته ، لا الأدعياء الجهال ؛ فما أحراهم بالخطأ والزلل ، وما أحراهم بالوعيد فيمن فسر القرآن برأيه المجرد ، وأتبعه هواه .

ينظر للفائدة هذا الرابط


https://almunajjid.com/295

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-29, 16:14   رقم المشاركة : 133
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التعريف بكتاب زاد المسير في علم التفسير .

السؤال

لو سمحت نريد نبذة عن تفسير ابن الجوزي " زاد المسير في علم التفسير " ومكانته بين كتب التفاسير ، وهل صحيح أن فيه بعض الوهم في نسبة الأقوال ؟

الجواب


الحمد لله


أولًا: التعريف بالكتاب ومؤلفه

كتاب "زاد المسير في علم التفسير" للإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ، المتوفى (597ه)

يعد اختصارًا من كتاب آخر له ، أسماه "المغني في التفسير" انظر : زاد المسير: (4/ 511).

وكان الإمام ابن الجوزي علمًا في التفسير كما قال الموفق عبد اللطيف: "كان ابن الجوزي ... في التفسير من الأعيان" . انتهى ، من طبقات المفسرين، للداودي: (1/ 280).

وقد دفعه إلى تأليف هذا الكتاب ما ذكره هو عن نفسه في المقدمة قائلًا: "لمّا كان القرآن العزيز أشرف العلوم

كان الفهم لمعانيه أوفى الفهوم، لأن شرف العلم بشرف المعلوم، وإني نظرت في جملة من كتب التفسير

فوجدتها بين كبير قد يئس الحافظ منه، وصغير لا يستفاد كل المقصود منه، والمتوسّط منها قليل الفوائد

عديم الترتيب، وربما أهمل فيه المشكل، وشرح غير الغريب، فأتيتك بهذا المختصر اليسير، منطويا على العلم الغزير، ووسمته بـ "زاد المسير في علم التفسير".

وقد بالغت في اختصار لفظه، فاجتهد - وفّقك الله- في حفظه، والله المعين على تحقيقه، فما زال جائدا بتوفيقه"، (1/ 11).

ثانيًا: مميزات الكتاب، وقيمته بين الكتب

وقد أراد الإمام ابن الجوزي تحقيق عدة أمور بتأليف هذا الكتاب، من أهمها:

1- الوفاء بتفسير الآية، بحيث لا يحتاج الناظر في كتابه إلى مطالعة كتب أخرى .

2- ذكر أمور متعلقة بعلوم القرآن، كالناسخ والمنسوخ، والمكي والمدني، وغير ذلك .

3- انتقاء أحسن التفاسير، وأخذ الأصح والأحسن ، ونظمه في عبارة مختصرة .

4- الاعتناء بالقراءات وتوجيهها .

5- ترك الأسانيد .

وهو في هذا يتوافق مع كتاب آخر لإمام آخر، وهو كتاب: "النكت والعيون" للإمام الماوردي رحمه الله، غير أن كتاب ابن الجوزي أصح نقلًا، وأكثر تحريرًا .

وقد نبه الإمام ابن الجوزي في مقدمة كتابه على ما قد يقع للناظر في كتابه من وجود كلمة أو آية لم تفسر

فقال: "فإذا رأيت في فرش الآيات ما لم يذكر تفسيره، فهو لا يخلو من أمرين: إِما أن يكون قد سبق، وإِما أن يكون ظاهرا لا يحتاج إلى تفسير" (1/14).

وللكتاب قيمة علمية بين المشتغلين بعلم التفسير، وهو أحد الكتب التي كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يعتمد عليها في استظهار أقوال الناس في التفسير .

والكتاب قد جمع ما يحتاج إليه طالب العلم من معرفة الأقوال في الآية، ومعرفة الناسخ والمنسوخ فيها، ومعرفة جملة من الأحكام، مع مراعاة قول الحنابلة في ذلك، ومعرفة ما في الآية من قصص

... مما لا يخلو منه تفسير، ومن كانت له عناية بمعرفة أقوال السلف في التفسير على وجه الإيجاز والسرعة، فإنه يمكنه الاعتماد على هذا التفسير .

يقول الدكتور عبدالله الجديع: "هذا الكتاب يعتمد على الأثر واللّغة وبعض الرّأي، ويسوق الأقوال في ذلك بأحسن سياقة وأخصرها، كما يعتني باختلاف القراءات وتوجيهها، حتّى الشّاذّة منها

كذلك يذكر أسباب النّزول والمكّيّ والمدنيّ، والنّسخ، وتوضيح المشكل، جميع ذلك بعبارة سهلة وعرض ممتع، ويقلّ جدّا أن يذكر شيئا غير معزوّ لأحد،

وإذا علّق بشيء من قبل نفسه أتى بأتمّ معنى وأخصر عبارة، غير أنّه لما قصد إليه من الاختصار فإنّه لا يذكر الأسانيد"، المقدمات الأساسية في علوم القرآن: (330).

ويقول الدكتور محمد بن عبد الرحمن عبد الله في مقدمة تحقيقه للكتاب: "زاد المسير في علم التفسير أحد أهم الكتب التي صنفها ابن الجوزي وقد نيفت على الثلاثمائة مصنف

بل هو من أهم كتب التفسير للقرآن الكريم، فقد عمد ابن الجوزي حين عقد النية على تأليفه إلى كتب الذين سبقوه في التفسير فقرأها وأشبعها دراسة، وإلى العلوم المساعدة للمفسر ، ليلم بموضوعه تمام الإلمام

ورأى من خلال هذه الدراسة لمؤلفات السلف أن المفسرين قبله قد وقعوا في كثير التطويل تارة،

والتقصير طورا، فاستفاد من الثغرات التي كانت في تفاسيرهم وألف تفسيره هذا مخلّصًا إياه من التطويل الممل، ومن الاختصار المخل".

ثالثًا: ما يؤخذ على الكتاب

ومع ذلك فإن الكتاب لا يخلو - كما هو حال البشر - من النقص والمؤاخذات، ومما يمكن أن نذكره في هذا المقام:
1- أن الإمام رحمه الله قد اضطرب في باب الأسماء والصفات

كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية قائلًا: " ... أن أبا الفرج نفسه متناقض في هذا الباب: لم يثبت على قدم النفي ولا على قدم الإثبات؛ بل له من الكلام في الإثبات نظمًا ونثرًا ما أثبت به كثيرًا من الصفات التي أنكرها ..

.. فهو في هذا الباب مثل كثير من الخائضين في هذا الباب من أنواع الناس ؛ يثبتون تارة ، وينفون أخرى ، في مواضع كثيرة من الصفات، كما هو حال أبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد الغزالي"

مجموع الفتاوى: (4/ 169).

2- ذكره لبعض الأحاديث المنكرة دون تنبيه .

3- اقتصاره - غالبًا - على حكاية الأقوال دون ترجيح .

وهذه المؤاخذات لا تقلل من قيمة الكتاب، ولا تقلل من أهميته بين كتب التفسير .

بقي لنا أن نشير إلى أن الكتاب قد نشر عدة نشرات، من أهمها:

1- نشرة المكتب الإسلامي بتحقيق الأستاذ زهير الشاويش رحمه الله، وتعد من أهم نشرات الكتاب .

2- نشرة دار الفكر، وهي في ثمان مجلدات، وتتميز عن طبعة المكتب الإسلامي برجوعها إلى نسخة محفوظة في الأزهرية، وفيها زيادات على نسخة المكتب الإسلامي .

3- نشرة دار الكتاب العربي بتحقيق عبد الرزاق المهدي .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-29, 16:16   رقم المشاركة : 134
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يترك قراءة القرآن اكتفاءاً بقراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات؟

السؤال

إذا كانت قراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات تعادل ثواب قراءة القرآن فهل على المسلم إثم إذا ترك تلاوة القرآن اكتفاء بقراءة هذه السورة؟

الجواب

الحمد لله


"ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدين النصيحة) ثلاثا، فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) .

والنصيحة لكتاب الله تعالى تكون بتلاوته ، وتدبر آياته ، والاتعاظ بمواعظه

والوقوف عند حدوده ، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ولا شك أن الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص دون سائر كتاب الله لا يتفق مع النصيحة لكتاب الله

ولا يتأتى لمن يكتفي بذلك النصح لنفسه بما يحصل له من تلاوة كتاب الله من الأجر والمثوبة، وزيادة الإيمان، ومعرفة الأحكام من الحلال والحرام، والواجب والمسنون والمكروه، والتأدب بآداب القرآن

والتخلق بأخلاقه، وكفى بانتقاص العبد هذه الأمور زاجرا عن ترك تلاوة كتاب الله، والرسول صلى الله عليه وسلم مع علمه بفضل هذه السورة

وإخباره بأنها تعدل ثلث القرآن ، وزيادة حرصه على عظم الأجر والثواب، لم يقتصر على تلاوة هذه السورة، بل كان يداوم على تلاوة سائر كتاب الله

وقد قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب/21 .

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (4/29-30) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-29, 16:19   رقم المشاركة : 135
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عقيدة السلف في القرآن الكريم

السؤال

نود أن نعرف عقيدة السلف في القرآن الكريم؟

الجواب

الحمد لله

" عقيدة السلف في القرآن الكريم كعقيدتهم في سائر أسماء الله وصفاته ، وهي عقيدة مبنية على ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

وكلنا يعلم أن الله سبحانه وتعالى وصف القرآن الكريم بأنه كلامه ، وأنه منزل من عنده

قال تعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) التوبة/6

والمراد بلا ريب بكلام الله هنا القرآن الكريم ، وقال تعالى: ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) النمل/76 ، فالقرآن كلام الله تعالى لفظاً ومعنىً

تكلم الله به حقيقة ، وألقاه إلى جبريل الأمين ، ثم نزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين ، بلسان عربي مبين .

ويعتقد السلف أن القرآن منزل ، نزله الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم منجماً ، أي : مفرقاً ، في ثلاث وعشرين سنة حسب ما تقتضيه حكمة الله عز وجل .

ثم إن النزول يكون ابتدائياً ، ويكون سببياً ، بمعنى : أن بعضه ينزل لسبب معين اقتضى نزوله

وبعضه ينزل بغير سبب ، وبعضه ينزل في حكاية حال مضت للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وبعضه ينزل في أحكام شرعية ابتدائية على حسب ما ذكره أهل العلم في هذا الباب .

ثم إن السلف يقولون : إن القرآن من عند الله ابتداءً وإليه يعود في آخر الزمان ، هذا قول السلف في القرآن الكريم .
ولا يخفى علينا أن الله تعالى وصف القرآن الكريم بأوصاف عظيمة ، وصفه بأنه حكيم

وبأنه كريم ، وبأنه عظيم ، وبأنه مجيد ، وهذه الأوصاف التي وصف الله بها كلامه تكون لمن تمسك بهذا الكتاب ، وعمل به ظاهراً وباطناً ، فإن الله تعالى يجعل له من المجد ، والعظمة ، والحكمة

والعزة ، والسلطان ، ما لا يكون لمن لم يتمسك بكتاب الله عز وجل ، ولهذا أدعو من هذا المنبر جميع المسلمين حكاما ًومحكومين ، علماء وعامة إلى التمسك بكتاب الله عز وجل ظاهراً وباطناً

حتى تكون لهم العزة ، والسعادة ، والمجد ، والظهور في مشارق الأرض ومغاربها " انتهى .

فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .

"فتاوى كبار علماء الأمة" ص (45) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعه القرآن وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc